بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد / المجلد الثانی / القسم السادس: مثال الجنة و الجحیم فی البرزخ، السؤال فی البرزخ

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الورود في‌البرزخ‌ يحصل‌ بعد العبور من‌ الدنيا مباشرةً

 إنّ الإنسان‌ ما أنْ يرجع‌ إلی‌ ربّه‌ ـ و رجوعُه‌ موتُه‌ ـ فإنـّه‌ يرد فوراً في‌ زمرة‌ أولياء الله‌ و عباده‌ الخاصّين‌ و يدخل‌ جنّته‌.

 كمايقول‌ أيضاً في‌ الآيات‌ 88 ـ 94 من‌ سورة‌ الواقعة‌:

 فَأَمَّآ إن‌ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحَانٌ وَ جَنَّتُ نَعِيمٍ وَ أَمَّآ إِن‌ كَانَ مِنْ أَصحَـ'بِ الْيَمِينِ فَسَلَـ'مٌ لَكَ مِنْ أَصْحَـ'بِ الْيَمِينِ وَ أَمَّآ إن‌ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّآلِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ.

 حيث‌ يبيّن‌ الخالق‌ العظيم‌ في‌ هذه‌ السورة‌ واقعة‌ سكرات‌ الموت‌ وقُربَه‌ من‌ الإنسان‌ عند تلك‌ السكرات‌. ثمّ يقول‌: إنّ مَن‌ كان‌ من‌ المقرّبين‌ فإنّ الرَوح‌ و الريحان‌ و جنّة‌ نعيم‌ الله‌ سيصلهم‌ بعد سكرات‌ الموت‌ مباشرة‌، أي‌ أنـّهم‌ سيردون‌ في‌ هذه‌ النعم‌ بعد موتهم‌ مباشرة‌؛ و أمـّا أصحاب‌ اليمين‌ فإنّ الثواب‌ و السلام‌ من‌ الله‌ سيلحقهم‌ فوراً؛ و أمّا المكذِّبين‌ الضالّين‌ فإنّ طعامهم‌ طعام‌ الجحيم‌ الذي‌ يُعَدّ لضيوف‌ النار، و سيصبّ الحميم‌ الشبيه‌ بالمعادن‌ المصهورة‌ في‌ حلقومهم‌، ثمّ يصلون‌ نار جهنّم‌. و هذا هو العذاب‌ البرزخيّ قبل‌ عذاب‌ القيامة‌.

 و هذه‌ الآية‌ صريحة‌ أيضاً في‌ أنّ الثواب‌ و العقاب‌ يلحقان‌ الإنسان‌ بعد موته‌ مباشرة‌، و هما الثواب‌ و العقاب‌ البرزخيّ بالطبع‌ لا ثواب‌ و عقاب‌ القيامة‌، فتلك‌ مرحلة‌ أُخري‌ سيأتي‌ البحث‌ في‌ كيفيّتها مفصّلاً.

 روي‌ المرحوم‌ المجلسيّ في‌ «بحار الانوار»:

 رُوي‌َ عَنِ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ وَقَفَ علی' قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ لَلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قُتِلُوا يَؤمَئذٍ وَ قَدْ أُلْقُوا فِي‌ الْقَلْيِبِ؛ لَقَدْ كُنْتُمْ جِيرَانَ سُوءٍ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَه‌ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَخْرَجْتُمُوهُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَ طَرَدْتُمُوهُ، ثُمَّ اجْتَمَعتُمْ عَلَيْهِ فَحَارَبْتُمُوهُ. فَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي‌ رَبِّي‌ حَقَّاً.

 فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا خِطَابُكَ لِهَامٍ قَدْ صَدِيَت‌؟

 فَقَالَ لَهُ: مَهْ يَابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَهِ مَا أَنْتَ بِأسْمَعَ مِنْهُمْ، وَ مَا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَنْ تَأخُذَهُمُ الْمَلَئِكَةُ بِمَقَامِعِ الْحَدِيدِ إلاَّ أَنْ أَعْرِضَ بِوَجْهِي‌ هَكَذَا عَنْهُم‌.[1]

 و روي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ صلوات‌ الله‌ عليه‌ أنـّه‌ ركب‌ بعد انفصال‌ الامر من‌ حرب‌ البصرة‌ فصار يتخلّل‌ بين‌ الصفوف‌ حتّي‌ مرّ علی كعب‌ بن‌ سورة‌ ـ و كان‌ هذا قاضي‌ البصرة‌، ولاّه‌ إيّاها عمرُ بن‌ الخطّاب‌، فأقام‌ بها قاضياً بين‌ أهلها زمن‌ عمر و عثمان‌، فلمّا وقعت‌ الفتنة‌ بالبصرة‌ علّق‌ في‌ عنقه‌ مصحفاً و خرج‌ بأهله‌ و ولده‌ يقاتل‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فقُتلوا بأجمعهم‌ ـ فوقف‌ عليه‌ أميرالمؤمنين‌ و هو صريع‌ بين‌ القتلي‌، فقال‌: أجلسوا كعب‌ بن‌ سورة‌، فأُجلس‌ بين‌ نفسين‌، فقال‌: يَا كَعْبَ بن‌ سورة‌! قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي‌ رَبِّي‌ حَقَّاً، فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقَّاً؟ ثمّ قال‌: أضجعوا كعباً؛ و سار قليلاً فمرّ بطلحة‌ بن‌ عبيد الله‌ صريعاً فقال‌: أجلسوا طلحة‌، فأجلسوه‌. فقال‌ له‌ كما قال‌ لصاحبه‌ ثمّ قال‌: أضجعوا طلحة‌. فقال‌ له‌ رجل‌ من‌ أصحابه‌: يا أميرالمؤمنين‌! ما كلامك‌ لقتيلين‌ لا يسمعان‌ منك‌؟ فقال‌: يا رجل‌! فوالله‌ لقد سمعا كلامي‌ كما سمع‌ أهل‌ القليب‌ كلام‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌.[2]

 و لهذا الدليل‌ فقد وردت‌ زيارة‌ أهل‌ القبور في‌ روايات‌ الشيعة‌ و السنّة‌. بألفاظ‌: السَّلامُ عَلَيْكَ وَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَالسَّلاَمُ علی' أَهْلِ لاَ إلَهَ إلاَّاللَهُ.

 الرجوع الي الفهرس

كلمات‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ علی الحياة‌ البرزخيّة‌

 و من‌ جملة‌ الادلّة‌ علی الحياة‌ في‌ البرزخ‌ قول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ و آله‌:

 اَلْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ. [3]

 كما روي‌ مضمون‌ هذا الحديث‌ عن‌ الإمام‌ سيّد الساجدين‌ عليه‌ السلام‌ أيضاً.[4]

 و مع‌ أنّ الإنسان‌ لم‌ يصل‌ بعد موته‌ إلی‌ تلك‌ الجنّة‌ أو النار اللتين‌ يراهما يوم‌ القيامة‌، إلاّ أنّ مثالاً و أُنموذجاً سيظهر له‌ منها، وهو تلك‌ الروضة‌ من‌ رياض‌ الجنّة‌ أو الحفرة‌ من‌ حفر النيران‌.

 و الدليل‌ الآخر علی الحياة‌ البرزخيّة‌ قول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌: مَنْ مَاتَ قَامَتْ قِيَامَتُهُ. [5]

 و الدليل‌ الآخر قول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌:

 إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَهِ لاَ يَمُوتُونَ وَلَـ'كِنْ يُنْقَلُونَ مِنْ دَارٍ إلَي‌' دَارٍ.

 و قد بيّن‌ الإمام‌ الفخر الرازيّ في‌ تفسيره‌ جميع‌ هذه‌ الوجوه، ذيل‌ تفسير هذه‌ الآية‌ المباركة‌ من‌ سورة‌ آل‌ عمران‌: بَلْ أَحْيَآءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.

 كما قال‌ الشيخ‌ الطبرسيّ في‌ تفسير «مجمع‌ البيان‌» ذيل‌ هذه‌ الآية‌:

 و روي‌ عنه‌ ] عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ [ انّه‌ قال‌ لجعفر بن‌ أبي‌ طالب‌ و قد استشهد في‌ غزاة‌ مؤتة‌:

 رَأيْتُهُ وَ لَهُ جَنَاحَانِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلائِكَةِ فِي‌ الْجَنَّةِ.

 فإن‌ كانت‌ الروح‌ البرزخيّة‌ و الصورة‌ تموتان‌ بمجرّد موت‌ الإنسان‌، فإنّ امتلاك‌ الجناحين‌ و الطيران‌ في‌ الجنة‌ سيكونان‌ أمراً لا معني‌ له‌.

 و علاوة‌ علی ما ذُكر، فإنـّنا سنورد أيضاً في‌ المباحث‌ التالية‌ آيات‌ وروايات‌ لها دلالة‌ علی الثواب‌ و العذاب‌ البرزخيّ لئلاّ يبقي‌ هناك‌ محلّ للشبهة‌.

 و قد أورد الشيخ‌ الطبرسيّ في‌ «الاحتجاج‌» ضمن‌ حديث‌ طويل‌ يطرح‌ فيه‌ أحدُ الزنادقة‌ أسئلة‌ علی الإمام‌ الصادق‌ عليه‌السلام‌، جاء فيه‌ أنّ ذلك‌ الزنديق‌ قال‌ للاءمام‌: أخبرني‌ عن‌ السِّراج‌ اذا انطفأ أين‌ يذهب‌ نوره‌؟

 قال‌: يذهب‌ فلا يعود.

 قال‌: فما أنكرتَ أن‌ يكون‌ الإنسان‌ مثل‌ ذلك‌، إذا مات‌ و فارقت‌ الروح‌ البدن‌ لم‌ ترجع‌ إليه‌ أبداً كما لا يرجع‌ ضوء السِّراج‌ إليه‌ إذا انطفأ؟

 قال‌: لم‌ تُصِب‌ القياس‌. إنّ النار في‌ الاجسام‌ كامنة‌ و الاجسام‌ قائمة‌ بأعيانها كالحجر و الحديد، فإذا ضرب‌ أحدهما بالآخر سطعت‌ من‌ بينهما نار تقتبس‌ منها سراج‌ له‌ الضوء. فالنار ثابتة‌ في‌ أجسامها و الضوء ذاهب‌، والروح‌ جسم‌ رقيق‌ قد ألبس‌ قالباً كثيفاً ليس‌ بمنزلة‌ السِّراج‌ الذي‌ ذكرت‌.

 إنّ الذي‌ خلق‌ في‌ الرحم‌ جنيناً من‌ ماءٍ صافٍ، و ركّب‌ فيه‌ ضروباً مختلفة‌ من‌ عروق‌ و عصب‌ و أسنان‌ و شعر و عظام‌ و غير ذلك‌ هو يُحييه‌ بعد موته‌ و يُعيده‌ بعد فنائه‌.

 قال‌: فأين‌ الروح‌؟

 قال‌: في‌ بطن‌ الارض‌ حيث‌ مصرح‌ البدن‌ إلی‌ وقت‌ البعث‌.

 قال‌: فمن‌ صُلِبَ أين‌ روحه‌؟

 قال‌: في‌ كفّ المَلَك‌ الذي‌ قبضها حتّي‌ يودعها الارض‌.

 قال‌: أفيتلاشي‌ الروح‌ بعد خروجه‌ عن‌ قالبه‌ أم‌ هو باقٍ؟

 قال‌: بل‌ هو باقٍ إلی‌ وقت‌ يُنفَخُ في‌ الصُّور، فعند ذلك‌ تبطل‌ الاشياء وتفني‌، فلا حسّ و لا محسوس‌، ثمّ أُعيدت‌ الاشياء كما بدأها مدبِّرُها، وذلك‌ أربعمائة‌ سنة‌ تسبت‌ فيها الخلق‌، و ذلك‌ بين‌ النفختين‌.[6]

 الرجوع الي الفهرس

تشييع‌ رسول‌ الله‌ لسعد بن‌ معاذ، و كلامه‌ مع‌ أُمُّ سعد

 و قد روي‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ «الامالي‌» بسنده‌ عن‌ الشيخ‌ أبي‌ عبدالله‌ الغضائريّ، عن‌ الشيخ‌ الصدوق‌؛ و روي‌ المرحوم‌ الصدوق‌ في‌ كتاب‌ «علل‌ الشرايع‌» عن‌ أبي‌ الحسن‌ بن‌ إبراهيم‌ الهمدانيّ، عن‌ جعفر بن‌ يوسف‌ الازديّ، عن‌ علی بن‌ نوح‌ الحنّاط‌، عن‌ عمرو بن‌ اليَسع‌، عن‌ عبدالله‌ بن‌ سنان‌، عن‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌السلام‌ قال‌: أتي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ فقيل‌ إنّ سعد بن‌ معاذ قد مات‌. فقام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و قام‌ أصحابه‌ فحمل‌ فأمر فَغُسِّل‌ علی عضادة‌ الباب‌، فلمّا أن‌ حُنِّط‌ وكُفِّن‌ و حُمِل‌ علی سريره‌ تبعه‌ رسول‌ الله‌، ثمّ كان‌ يأخذ يمنة‌ السرير مرّةً ويسرة‌ السرير مرّة‌ حتّي‌ انتهي‌ به‌ إلی‌ القبر فنزل‌ به‌ رسولُ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ حتّي‌ لحّده‌ و سوّي‌ عليه‌ اللَبِنَ وجعل‌ يقول‌: ناولني‌ حجراً ناولني‌ تُراباً رطباً يسدّ به‌ ما بين‌ اللبن‌؛ فلمّا أن‌ فرغ‌ وحثا التراب‌ عليه‌ و سوّي‌ قبره‌ قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ و آله‌: إِنِّي‌ لاَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَبْلِي‌ إلَيؤهِ وَ يَصِلِ الْبلَي‌ إلَيْهِ وَلَكِنَّ اللَهَ تَعَالَي‌' يُحِبُّ عَبْدَاً إذَا عَمِلَ عَمَلاً أَحْكَمَهُ، فلمّا أن‌ سوّي‌ التربة‌ عليه‌ قالت‌ أُمُّ سعد من‌ جانب‌: هنيئاً لك‌ الجنّة‌.

 فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌: يا أُمَّ سعد مه‌ لا تجزمي‌ علی ربِّك‌ فإنّ سعداً قد أصابته‌ ضمّةٌ.

 قال‌: و رجع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و رجع‌ الناس‌، فقالوا: يارسول‌ الله‌ لقد رأيناك‌ صنعتَ علی سعد ما لم‌ تصنعه‌ علی أحد، إنـّك‌ تبعتَ جنازتَه‌ بلا رداء و لا حذاء!

 فقال‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌: إنّ الملائكة‌ كانت‌ بلا حذاء ولارداء فتأسّيتُ بهما.

 قالوا: و كنتَ تأخذ يمنة‌ السرير مرّةً و يسرة‌ السرير مرّةً.

 قال‌: كانت‌ يدي‌ في‌ يد جبرئيل‌ آخذُ حيث‌ ما أخذ.

 فقالوا: أمرتَ بغسله‌ و صلّيتَ علی جنازته‌ و لحّدته‌ ثمّ قلتَ: إنّ سعداً قد أصابته‌ ضمّة‌!

 قال‌: فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌: نعم‌، إنّه‌ كان‌ في‌ خُلقه‌ مع‌ أهله‌ سوء. [7]

 و قد أورد المرحوم‌ الصدوق‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ كتاب‌ «الامالي‌» أيضاً.[8]

 الرجوع الي الفهرس

مكاشفة‌ للمرحوم‌ النراقيّ و كلامه‌ مع‌ ميّت‌ دُفن‌ حديثاً في‌ وادي‌السلام‌

 و لقد وقعت‌ قصّة‌ عجيبة‌ في‌ هذه‌ الدنيا لسماحة‌ آية‌ الله‌، رئيس‌ الملّة‌ والدين‌، شيخ‌ الفقهاء و المجتهدين‌، المرحوم‌ الآخوند المولي‌ محمد مهدي‌ النِّراقيّ [9] أعلی الله‌ مقامه‌ الشريف‌.

 و كان‌ المرحوم‌ النراقيّ من‌ كبار العلماء، و كان‌ جامعاً للعلوم‌ العقليّة‌ والنقليّة‌ و حائزاً لمرتبة‌ العلم‌ و العمل‌ و العرفان‌ الإلـ'هي‌ّ، وكان‌ في‌الفقه‌ والاُصول‌ و الحكمة‌ و الرياضيّات‌ و العلوم‌ الغريبة‌ و الاخلاق‌ و العرفان‌ من‌ علماء الإسلام‌ الذين‌ عزّ نظيرهم‌. والمرحوم‌ النراقيّ جدّنا الاكبر لاُمـّنا، أي أنـّه‌ كان‌ أباً لجدّة‌ جدّة‌ الحقير لامّة‌. و كان‌ ولده‌ الكريم‌ الحاج‌ المولي‌ أحمد النراقيّ ـ خالُنا ـ أُستاذاً للمرحوم‌ الشيخ‌ الانصاريّ، و كان‌ من‌ العلماء البارزين‌ و له‌ تصانيف‌ عديدة‌ و كان‌ الشيخ‌ الانصاريّ قد جاء من‌ العتبات‌ المقدّسة‌ إلی‌ إيران‌ أوان‌ دراسته‌، فذهب‌ إلی‌ أصفهان‌، ثمّ قدم‌ إلی‌ قاسان‌ (كاشان‌) فأفاد من‌ محضر و درس‌ الآخوند المولي‌ أحمد النراقيّ أربع‌ سنوات‌ كاملة‌، عاد بعدها إلی‌ النجف‌ الاشرف‌.

 و هذه‌ القصّة‌ مشهورة‌ بين‌ علماء و طلاّب‌ النجف‌ الاشرف‌، كما أنـّها تُعدّ بين‌ أرحامنا و أقاربنا من‌ جهة‌ الاُمّ من‌ الاُمور المسلّمة‌ لاحوال‌ المرحوم‌ النراقيّ.

 لقد سكن‌ المرحوم‌ النراقيّ النجف‌ الاشرف‌ و توفّي‌ فيها، ومقبرته‌ في‌النجف‌ مُلحقة‌ بالصحن‌ المطهّر، و قد مرّ عليه‌ خلال‌ أيّام‌ إقامته‌ في‌ النجف‌ يومٌ من‌ أيّام‌ شهر رمضان‌ لم‌ يكن‌ لديه‌ شي‌ء في‌ منزله‌ للاءفطار، فقالت‌ له‌ زوجته‌: ليس‌ في‌ البيت‌ من‌ شي‌ء، فاخرج‌ و أحضر شيئاً!

 و يغادر المرحوم‌ النراقيّ البيت‌ و ليس‌ في‌ جيبه‌ فلس‌ واحد، فيتوجّه‌ مباشرةً إلی‌ وادي‌ السلام‌ في‌ النجف‌ لزيارة‌ أهل‌ القبور، ويجلس‌ مدّة‌ بين‌ القبور يقرأ الفاتحة‌، حتّي‌ مالت‌ الشمس‌ للغروب‌ و بدأ الظلام‌ ينتشر رويداً رويداً.

 ثمّ يري‌ المرحوم‌ في‌ تلك‌ الحال‌ جماعة‌ من‌ العرب‌ و قد جاءوا بجنازة‌ و حفروا لها قبراً، ثمّ إنـّهم‌ وضعوا الجنازة‌ في‌القبر والتفتوا إلی‌ المرحوم‌ النراقيّ فقالوا: إنّ لدينا عملاً و نحن‌ في‌ عجلة‌ من‌ أمرنا لنعود إلی‌ مكاننا، فقمْ أنت‌ بباقي‌ تجهيزات‌ هذه‌ الجنازة‌. ثمّ إنـّهم‌ تركوا الجنازة‌ وذهبوا.

 يقول‌ المرحوم‌ النراقيّ: دخلتُ القبر لافتح‌ الكفن‌ و أضع‌ خدّ الميّت‌ علی التراب‌ ثمّ أضع‌ فوقه‌ اللَبِنَ و أهيل‌ عليه‌ التراب‌، فشاهدتُ فجأة‌ نافذةً، ثمّ دخلتُ تلك‌ النافذة‌ لاُشاهد روضة‌ كبيرة‌ ذات‌ أشجار خضراء يانعة‌ متكاتفة‌ محمّلة‌ بالثمار المتنوّعة‌.

 و كان‌ هناك‌ طريقٌ من‌ باب‌ هذه‌ الروضة‌ إلی‌ قصرٍ مجلّل‌، وقد فُرش‌ هذا الطريق‌ بأجمعه‌ بحصي‌ صغار من‌ المجوهرات‌.

 وردتُ بلا إرادة‌ منّي‌، و توجّهتُ مباشرةً إلی‌ ذلك‌ القصر، فرأيت‌ أنـّه‌ قصر فخم‌ مبني‌ّ بطابوق‌ من‌ المجوهرات‌، ثمّ صعدتُ السلّم‌ و دخلتُ غرفةً كبيرة‌ فشاهدتُ شخصاً يتصدّر تلك‌ الغرفة‌ وأشخاصاً جالسين‌ في‌ أطراف‌ الغرفة‌ فسلّمت‌ عليهم‌ و جلستُ، فردّوا علی السلام‌.

 ثمّ شاهدتُ أنّ هؤلاء الجالسين‌ في‌ أطراف‌ الغرفة‌ كانوا يُديمون‌ السؤال‌ من‌ ذلك‌ الجالس‌ في‌ صدرها عن‌ أحواله‌، ويستفسرون‌ عن‌ أحوال‌ أقاربهم‌ و خاصّتهم‌، فكان‌ يجيب‌ علی أسئلتهم‌. كان‌ ذلك‌ الرجل‌ مبتهجاً مسروراً و هو يجيب‌ علی أسئلة‌ الجالسين‌ واحداً بعد الآخر.

 ثمّ انقضت‌ مدّة‌ فشاهدتُ فجأة‌ أنّ ثعباناً قد دخل‌ من‌ باب‌ الغرفة‌ وتوجّة‌ مباشرةً إلی‌ ذلك‌ الرجل‌ فلدغه‌ ثمّ خرج‌ من‌ الغرفة‌. و لقد امتقع‌ وجه‌ ذلك‌ الرجل‌ من‌ ألم‌ لدغة‌ الثعبان‌ و تورّم‌ بعض‌ الشي‌ء، ثمّ أنـّه‌ عاد إلی‌ حاله‌ الاُولي‌ تدريجاً، فشرعوا من‌ جديد بالحديث‌ مع‌ بعضهم‌ و بالاستفسار عن‌ الاحوال‌ و السؤال‌ عن‌ أخبار الدنيا من‌ ذلك‌ الرجل‌.

 ثمّ انقضت‌ ساعة‌ فشاهدتُ مرّة‌ أُخري‌ أنّ ذلك‌ الثعبان‌ دخل‌ من‌ الباب‌ من‌ جديد و لدغ‌ الرجل‌ بنفس‌ الطريقة‌ و عاد من‌ حيث‌ أتي‌. فاضطربت‌ حالُ الرجل‌ و امتقع‌ وجهه‌، ثمّ أنـّه‌ عاد إلی‌ حاله‌ الاُولي‌.

 فسألته‌ في‌ تلك‌ الحال‌: من‌ أنت‌ أيها السيّد؟ و أين‌ هذا المكان‌؟ ولمن‌ هذا القصر؟ و ما هذا الثعبان‌؟ و لماذا يقوم‌ بلدغك‌؟

 قال‌: أنا الميّت‌ الذي‌ وضعتَه‌ توّاً في‌ القبر، كما أنّ روضة‌ الجنّة‌ البرزخيّة‌ هذه‌ لي‌، أنعم‌ الله‌ علی بها فظهرتْ من‌ نافذة‌ فُتحت‌ من‌ قبري‌ إلی‌ عالم‌ البرزخ‌. هذا القصر لي‌، و هذه‌ الاشجار المجلّلة‌، و هذه‌ المجوهرات‌، و هذا المكان‌ الذي‌ تراه‌ جنّتي‌ البرزخيّة‌، و ها قد جئتُ إلی‌ هنا. كما أنّ هؤلاء الجالسين‌ في‌ أطراف‌ الغرفة‌ أقاربي‌ و أرحامي‌ الذين‌ توفّوا قبلي‌، وهاهم‌ قدموا لرؤيتي‌ و للسؤال‌ عن‌ أهليهم‌ و أرحامهم‌ و أقاربهم‌ في‌ الدنيا، فكنتُ أُحدّثهم‌ عن‌ أحوال‌ أُولئكم‌.

 قلتُ: فلماذا يلدغك‌ هذا الثعبان‌؟!

 قال‌: إليك‌ الامر: أنا رجلٌ مؤمن‌، من‌ أهل‌ الصلاة‌ و الصيام‌ والخُمس‌ و الزكاة‌، و مهما فكّرتُ فإنـّني‌ لا أجد أنّ خطأً قد بدر منّي‌ لاستحقّ عليه‌ عقوبةً كهذه‌. و هذه‌ الروضة‌ بهذه‌ المواصفات‌ هي‌ النتيجة‌ البرزخيّة‌ لاعمإلی‌ الصّالحة‌ تلك‌. اللّهمّ إلاّ أنـّي‌ كنتُ أسير في‌ الزقاق‌ يوماً في‌ حرّ الصيف‌، فرأيتُ صاحب‌ دكّان‌ ينازع‌ أحد الذين‌ يشترون‌ منه‌، فاقتربتُ منهما لاصلح‌ بينهما، فرأيت‌ صاحب‌ الدكّان‌ يقول‌: إنـّني‌ أطلبك‌ ثلاثمائة‌ دينار (ستّة‌ شاهيّات‌)، بينما المشتري‌ يقول‌: إنـّني‌ مدين‌ بخمسة‌ شاهيّات‌.

 فقلتُ لصاحب‌ الدكّان‌: تنازل‌ عن‌ نصف‌ شاهي‌. و قلتُ للمشتري‌:تنازل‌ أنت‌ أيضاً و ارفع‌ يدك‌ عن‌ نصف‌ شاهي‌، فأعطِ خمسة‌ شاهيّات‌ و نصف‌ لصاحب‌ الدكّان‌! فسكتَ صاحبُ الدكّان‌ و لم‌ يقلْ شيئاً.

 و لانّ الحقّ كان‌ لصاحب‌ الدكّان‌، و لانـّي‌ كنتُ بقضائي‌ الذي‌ لم‌ يرضه‌ صاحب‌ الدكّان‌ قد أضعتُ نصف‌ شاهي‌ من‌ حقّه‌، فإنّ الله‌ عزّوجل‌ ـجزاءً لهذا العمل‌ ـ قد عيّن‌ لي‌ هذ الثعبان‌ ليلدغني‌ بهذا المنوال‌ كلّ ساعة‌ إلی‌ يوم‌ يُنفخ‌ في‌الصّور فيحضر الخلائق‌ في‌ المحشر للحساب‌، و أنجو آنذاك‌ ببركة‌ شفاعة‌ محمّد و آل‌ محمّد عليهم‌ السلام‌.

 ثمّ إنـّي‌ حين‌ سمعت‌ بذلك‌ نهضتُ و قلتُ: إنّ أهلي‌ ينتظروني‌ في‌ البيت‌، و علی أن‌ أذهب‌ فآخذ لهم‌ إفطاراً.

 فنهض‌ ذلك‌ الرجل‌ الجالس‌ في‌ صدر الغرفة‌ فشايعني‌ إلی‌ الباب‌، وحين‌ أردت‌ الخروج‌ أعطاني‌ كيساً صغيراً من‌ الرزّ و قال‌: هذا رزّ جيّد، فخذه‌ لعيالك‌!

 فأخذتُ الرزّ و وودعته‌ و خرجتُ من‌ الروضة‌ من‌ النافذة‌ التي‌ كنتُ قد دخلتُها من‌ قبل‌، فرأيتني‌ داخل‌ ذلك‌ القبر، و كان‌ الميّت‌ راقداً علی الارض‌ و ليس‌ هناك‌ من‌ نافذة‌. ثمّ إنـّي‌ خرجتُ من‌ القبر و وضعتُ عليه‌ اللَبن‌ و أهلتُ التراب‌، و توجّهت‌ إلی‌ منزلي‌ و جلبتُ كيس‌ الرزّ فطبخنا منه‌.

 و انقضت‌ مدّة‌ و نحن‌ نطبخ‌ من‌ ذلك‌ الرزّ فلا ينفد، و كلّما طبخنا منه‌ شيئاً فاحت‌ منه‌ رائحة‌ طيبّة‌ فعطّرت‌ أرجاء المحلّة‌، وكان‌ الجيران‌ يتساءلون‌: من‌ أين‌ اشتريتم‌ هذا الرزّ؟

 و أخيراً حلّ يومٌ لم‌ أكن‌ فيه‌ في‌ المنزل‌، فقدم‌ إلينا أحد الضيوف‌، وقامت‌ زوجتي‌ بطبخ‌ شي‌ء من‌ ذلك‌ الرزّ و تركته‌ علی النار لينضج‌، و كان‌ العطر الفوّاح‌ يتصاعد منه‌ فيملا فضاء البيت‌. ويتساءل‌ ذلك‌ الضيف‌: من‌ أين‌ لكم‌ هذا الرزّ الذي‌ يفوق‌ في‌ عطره‌ جميع‌ أنواع‌ الرزّ العنبر؟

 فاستحيت‌ زوجتي‌ و شرحت‌ له‌ القصّة‌؛ ثمّ إنـّهم‌ طبخوا القدر الباقي‌ من‌ الرزّ بعد ذلك‌ فنفد جميعه‌ و لم‌ يبقَ منه‌ شي‌ء.

 بلي‌، هذه‌ هي‌ أطعمة‌ الجنّة‌ التي‌ يرزقها الله‌ سبحانه‌ للمقرّبين‌ من‌ حضرته‌.

 الرجوع الي الفهرس

مائدة‌ عالم‌ الملكوت‌ التي‌ هبطت‌ في‌ محراب‌ مريم‌ سلام‌ الله‌ عليها

 و قد ورد في‌القرآن‌ الكريم‌ في‌ أمر مريم‌ عليها السلام‌:

 كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَـ'مَرْيَمُ أَنَّي‌' لَكِ هَـ'ذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَهِ إِنَّ اللَهَ يَرْزُقُ مَن‌ يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.[10]

 لقد جاءوا بمريم‌ عليها السلام‌ إلی‌ بيت‌ المقدس‌ للعبادة‌، فَوضعت‌ تحت‌ كفالة‌ زكريّا علی نبيّنا و آله‌ و عليه‌ السلام‌ وانشغلت‌ بالعبادة‌. و لم‌ يكن‌ هناك‌ دجاج‌ أو حساء، بل‌ كان‌ الطعام‌ هناك‌ الجوع‌ و الصيام‌، لانـّها كانت‌ قد وضعت‌ تحت‌ التعليم‌ والتربيّة‌ الروحانيّة‌. بَيْدَ أنّ زكريّا كلّما دخل‌ علی مريم‌ سلام‌ الله‌ عليها المحراب‌ وجد عندها من‌ فواكه‌ الجنّة‌ و من‌ الارزاق‌ المعنويّة‌. فكان‌ يقول‌: يا مريم‌ أنـّي‌ لك‌ هذا؟ فتجيبه‌: هذا طعام‌ ملكوتيّ قدّره‌ الله‌ لي‌، إنـّه‌ يرزق‌ من‌ هذه‌ الارزاق‌ المعنويّة‌ مَن‌ يشاء بغير حساب‌.

 فإذا ما اجتنب‌ امرؤ المحرّمات‌، و تورّع‌ عن‌ الشبهات‌، فإنّ نصيبه‌ سيكون‌ من‌ أمثال‌ هذه‌ الارزاق‌ المباركة‌. أمّا اذا تناول‌ امرؤ طعاماً من‌ حرام‌، فإنّ دعاءه‌ لن‌ يُستجاب‌ لاربعين‌ يوماً، كما أنّ قلبه‌ سيسودّ و يتكدّر.

 الرجوع الي الفهرس

المائدة‌ السماوية‌ التي‌ نزلت‌ علی الزهراء سلام‌ الله‌ عليها

 روي‌ المجلسيّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ عن‌ كتاب‌ «الخرائج‌ والجرائح‌» للشيخ‌ سعيد بن‌ هبة‌ الله‌ القطب‌ الراونديّ: روي‌ أنّ عليّاً عليه‌ السلام‌ أصبح‌ يوماً فقال‌ لفاطمة‌ عليها السلام‌: عندكِ شي‌ء تغذّينيه‌؟ قالت‌: لا. فخرج‌ واستقرض‌ ديناراً ليبتاع‌ ما يُصلحهم‌، فإذا المقداد في‌ جهدٍ و عيالُه‌ جياع‌، فأعطاه‌ الدينار و دخل‌ المسجد و صلّي‌ الظهر و العصر مع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌. ثمّ أخذ النبي‌ّ بِيَدِ علی و انطلقا إلی‌ فاطمة‌ و هي‌ في‌ مصلاّها و خلفها جفنةٌ تفور.

 فلمّا سمعت‌ كلام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و اله‌ خرجت‌ فسلّمت‌ عليه‌ و كانت‌ أعزّ الناس‌ عليه‌، فردّ السلام‌ و مسح‌ بيده‌ علی رأسها ثمّ قال‌: عَشِّينا غفراللَهُ لَكِ و قد فعل‌! فأخذت‌ الجفنةَ فوضعتها بين‌ يدي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌.

 قال‌: يا فاطمة‌! أنـّي‌ لك‌ هذا الطعام‌ الذي‌ لم‌ أنظر إلی‌ مثل‌ لونه قطٌّ ولم‌ أشمَّ مثلَ رائحته‌ قطٌّ و لم‌ آكل‌ أطيبَ منه‌؟ و وضع‌ كفّه‌ بين‌ كتفي‌. [11] وقال‌: هذا بدلٌ عن‌ دينارك‌، إنّ الله‌ يرزق‌ من‌ يشاء بغير حساب‌. [12]

 و روي‌ المجلسيّ نظير هذه‌ الرواية‌ أيضاً عن‌ «تفسير العيّاشي‌ّ».[13]

 يقول‌ المجلسيّ ـ ذيل‌ الرواية‌ التي‌ أوردناها ـ: قال‌ الزمخشري‌ُّ في‌ «الكشّاف‌» عند ذكر قصّة‌ زكريّا و مريم‌ عليهماالسلام‌، و عن‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] و آله‌ [ و سلّم‌ أنـّه‌ جاع‌ في‌ زمن‌ قحط‌ فأهدت‌ له‌ فاطمة‌ رغيفين‌ وبضعة‌ لحم‌ آثرتهُ بها فرجع‌ به‌ إليها فقال‌: هلمّي‌ يا بنيّة‌! و كشفت‌ عن‌ الطبق‌ فإذا هو مملوء خبزاً و لحماً، فبهتت‌ و علمت‌ أنّها نزلت‌ من‌ الله‌، فقال‌ لها: أنـّي‌ لكِ هذا؟ قالت‌: هو من‌ عند الله‌ إنّ الله‌ يرزق‌ من‌ يشاء بغير حساب‌. فقال‌ عليه‌ السّلام‌: الحمد لله‌ الذي‌ جعلكِ شبيهةَ سيّدةِ نساء بني‌ إسرائيل‌،ثمّ جمع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] و آله‌ [ و سلّم‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ و الحسن‌ و الحسين‌ و جميع‌ أهل‌ بيته‌ عليهم‌السلام‌ شبعوا و بقي‌ الطعام‌ كما هو و أوسعت‌ فاطمة‌ عليهاالسلام‌ علی جيرانها.

 بلي‌! إنّ الصورة‌ الملكوتيّة‌ للجوع‌ و العطش‌ في‌ سبيل‌ الله‌ وتقرّباً إليه‌ عزَّ وجلَّ هي‌ المائدة‌ السماويّة‌ و الماء العذب‌ المعين‌ اللذان‌ سيكونان‌ من‌ نصيب‌ هذا السالك‌.

 مثلما روي‌ المقرّم‌ عن‌ «مقتل‌ الخوارزميّ» ج‌ 2، ص‌ 31، وعن‌ «مقتل‌ العوالم‌»، ص‌ 95:

 ] و لمّا قَتل‌ علی الاكبر سلام‌ الله‌ عليه‌ في‌ الدفعة‌ الاُولي‌ مائة‌ وعشرين‌ فارساً عاد من‌ المعركة‌ [ وَ قَد اشْتَدَّ بِهِ الْعَطَشُ فَرَجَعَ إلَي‌' أَبِيهِ يَسْتَرِيحُ وَ يَذْكُرُ مَا أَجْهَدَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَبَكَي‌' الْحُسَيْنُ عليه‌ السلام‌ وَ قَالَ: وَاغَوْثَاهُ مَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَي‌ بِجَدِّكَ فَيَسْقِيكَ بِكَأْسِهِ شَرْبَةً لاَ تَظْمَأْ بَعْدَهَا، وَ أَخَذَ لِسَانَهُ فَمَصَّهُ وَ دَفَعَ إلَيْهِ خَاتَمَهُ لِيَضَعَهُ فِي‌ فِيهِ.[14]

 لكأنّ علی الاكبر أراد أن‌ يُعْلِمَ أباه‌ بأنّ رسول‌ الله‌ قد سقاه‌ في‌ الدفعة‌ الثانية‌ حين‌ حاربَ فقطّعوه‌ إرباً إرباً. لذا فقد:

 وَ نَادَي‌ رَافِعَاً صَوْتَهُ: عَلَيْكَ مِنِّي‌ السَّلاَمُ أَبَا عَبْدِاللَهِ، هَذَا جَدِّي‌ قَدْ سَقَانِي‌ بِكَأْسِهِ شَرْبَةً لاَ أَظْمَأُ بَعْدَهَا وَ هُوَ يَقُولُ إنَّ لَكَ كَأْسَاً مَذْخُورَةً.[15]

 لقد حقّ للابّ؛ من‌ أجل‌ شهادة‌ هكذا مظهر للقدس‌ والتقوي‌؛ أن‌ يرفع‌ أنينه‌ فيقول‌: علی الدنيا بعدك‌ العفا.

 حيث‌ يروي‌ الطبريّ بسنده‌ عن‌ حميد بن‌ مسلم‌ قال‌:

 سِماعُ أُذُنِي‌ يومئذٍ مِنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: قَتَلَ اللَهُ قَوْمَاً قَتَلُوكَ يَا بُنَيَّ! مَا أَجْرَأهُمْ علی' الرَّحْمَنِ، وَ علی' انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ! علی الدُّنْيَا بَعْدَكَ الْعَفَاءُ.

 قَالَ: وَ كَأنـِّي‌ أَنْظُرُ إلی‌ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مُسْرِعَةً كَأَنـَّهَا الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ تُنَادِي‌: يَا أُخَيَّاهُ؟ وَيَابْنَ أُخَيَّاهُ!

 قَالَ: فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ: هَذِهِ زَيْنَبُ ابْنَةُ فَاطِمَة‌ ابْنَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] و آله‌ [ وَ سَلَّمَ، فَجَاءَتْ حَتَّي‌' أَكَبَّتْ عَلَيْهِ، فَجَاءَهَا الْحُسَيْنُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا فَرَدَّهَا إلَي‌' الْفُسْطَاطِ.[16]

 الرجوع الي الفهرس

 

المجلس‌ الثالث‌ عشر:

مفترق‌ طريقي‌ السعادة‌ و الشقاء يصبح‌ في‌البرزخ‌ طريقاً واحداً

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

(مطالب‌ ألقيت‌ في‌ اليوم‌ الثالث‌ عشر من‌ شهر رمضان‌ المبارك‌)

الحمد لله‌ ربّ العالمين‌ و لاحول‌ و لاقوّة‌ إلاّ بالله‌ العليّ العظيم‌

و صلَّي‌ اللهُ علی محمّد و آله‌ الطاهرين‌

و لعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

 الرجوع الي الفهرس

 

الآيات‌ التي قرنت‌ الجزاء بالزمان‌ مختصّة‌ بعالم‌ البرزخ‌

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي‌ النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ [17] * خَـ'لِدِينَ فِيهَا مَادَامَتِ السَّمَـ'وَ ' تُ والاْرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُريدُ * وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي‌ الْجَنَّةِ خَـ'لِدِينَ فِيهَا مَادَامَتِ السَّمَـ'وَ ' تُ وَالاْرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ. [18]

 يقول‌ علی بن‌ إبراهيم‌ في‌ تفسيره‌: فهذا هو في‌ نار الدنيا قبل‌ القيامة‌ مادامت‌ السموات‌ و الارض‌. و قوله‌ «وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي‌ الْجَنَّةِ خَـ'لِدِينَ فِيهَا» يعني‌ في‌ جنّات‌ الدنيا التي‌ تُنقل‌ إليها أرواح‌ المؤمنين‌ «مَادَامَتِ السَّمَـ'وَ ' تُ وَالاْرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ» يعني‌ غير مقطوع‌ من‌ نعيم‌ الآخرة‌ في‌ الجنّة‌ بل‌ يكون‌ متّصلاً به‌، و هو ردُّ علی مَن‌ يُنكِر عذاب‌ القبر و الثواب‌ في‌ الدنيا، في‌ البرزخ‌ قبل‌ يوم‌ القيامة‌. [19]

 و كما يظهر من‌ كلام‌ هذا الرجل‌ الجليل‌، فإنّ المراد من‌ جنّة‌ و جهنّم‌ الدنيا، جنّة‌ و جهنّم‌ البرزخ‌. و قد عُبّر عن‌ عالم‌ البرزخ‌ بالدنيا باعتباره‌ تتمّةً لعالم‌ الدنيا، و لان‌ فيه‌ وجوداً من‌ الصورة‌ والكمّ و الكيف‌.

 كما يقول‌ علی بن‌ إبراهيم‌ في‌ مقدّمة‌ تفسيره‌:

و امّا الردّ علی من‌ أنكر الثواب‌ و العقاب‌، فقوله‌:

 يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي‌ النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ * خَـ'لِدِينَ فِيهَا مَادَامَتِ السَّمَـ'وَ'تُ والاْرْضُ.

 و أمّا قوله‌ «مَادَامَتُ السَّمَـ'وَ'تُ وَالاْرْضُ» إنـّما هو في‌ الدنيا، فإذا قامت‌ القيامة‌ تبدّل‌ السموات‌ و الارض‌، و قوله‌:

 النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَ عَشِيّاً.[20]

 فالغدوّ و العشي‌ّ إنـّما يكون‌ في‌ الدنيا في‌ دار المشركين‌، وأمّا في‌القيامة‌ فلا يكون‌ غدّواً و لا عشيّاً. و قوله‌:

 وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَ عَشِيّآ.[21]

 يعني‌ في‌ جنان‌ الدنيا التي‌ تنتقل‌ إليها أرواح‌ المؤمنين‌، فأمّا في‌ جنّات‌ الخلد فلا يكون‌ غدوّاً و لا عشيًّا. و قوله‌:

 وَ مِن‌ وَرَآبءِهِم‌ بَرْزَخٌ إِلَي‌' يَوْمِ يُبْعَثُونَ. [22]

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: البرزخ‌ القبر، و فيه‌ الثواب‌ والعقاب‌ بين‌ الدنيا و الآخرة‌. و الدليل‌ علی ذلك‌ أيضاً قول‌ العالِم‌ عليه‌ السلام‌:

 وَاللَهِ مَا نَخَافُ عَلَيْكُمْ إلاَّ الْبَرْزَخَ.

 (و أمّا في‌ القيامة‌ فالشفاعة‌ هناك‌ بأيدنيا فنحن‌ أولي‌ بالشفاعة‌ لكم‌).

 و قوله‌ تعالي‌:

 وَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ أَمْوَ ' تًا بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبـِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَي'هُمُ اللَهُ مِن‌ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم‌ مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَهُمْ يَحْزَنُونَ.[23]

 قال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌:

 يَسْتَبْشِرِونَ وَاللَهِ فِي‌ الْجَنَّةِ بِمَنْ لَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ مِنَ الْمُؤمِنِينَ فِي‌ الدُّنْيَا. (أي‌ أنّ الدنيا لا تزال‌ قائمة‌، فالقيامة‌ لم‌ تقم‌ بعدُ، و لم‌ يحن‌ حين‌ جنّة‌ القيامة‌ بعدُ؛ و عليه‌ فإنّ المراد بالجنّة‌ في‌ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ المباركة‌ الجنّة‌ البرزخيّة‌ التي‌ تتلائم‌ و بقاء الدنيا.)

 الرجوع الي الفهرس

في‌ عالم‌ البرزخ‌ مثالٌ من‌ الجنة‌ و الجحيم‌ الموجودين‌ في‌ عالم‌ القيامة‌

 و مثله‌ كثير ممّا هو ردّ علی من‌ أنكر عذاب‌ القبر. [24]

 و قد روي‌ سماحة‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ مدّ ظلّه‌ [25] في‌ رسالة‌ المعاد «الإنسان‌ بعد الدنيا» نظير هذا الاستدلال‌ في‌ دلالة‌ الآيات‌ علی الجنّة‌ البرزخيّة‌ عن‌ تفسير النعمانيّ عن‌ الإمام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. [26]و[27]

 و الخلاصة‌، فإنّ الاستدلال‌ بهذه‌ الآيات‌ التي‌ فيها دلالة‌ علی عالم‌ البرزخ‌ و الثواب‌ و العقاب‌ البرزخيّ يعتمدُ و يستند إلی‌ آياتٍ أُخري‌ صُرّح‌ فيها بأنّ وجود السموات‌ و الارض‌ و النجوم‌ و الجبال‌ و غيرها سيضحملّ ويتلاشي‌ عند قيام‌ القيامة‌، فآنذاك‌ ستتناثر السموات‌ و تتفرّق‌ عن‌ بعضها، وستنشقّ الارض‌، و تنكسف‌ الشمس‌، و تتساقط‌ النجوم‌، و يستحيل‌ العالم‌ عالماً آخر.

 إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ * وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ.[28]

 اِءذَا السَّمآءُ انْفَطَرَتْ * وَ إَذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ. [29]

 إِذَا الشَمْسُ كُوِّرَتْ * وَ إذَا النُّجوُمُ انْكَدَرَتْ. [30]

 يَوْمَ تُبَدَّلُ الاْرْضُ غَيْرَ الاْرْضِ وَ السَّمَـ'وَ'تُ وَ بَرَزُوا لِلَهِ.[31]

 يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَ تَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنَ الْمَنْفُوشِ.[32]

 يَوْمَ تَكُونُ السَّمَآءُ كَالْمُهْلِ * وَ تَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنَ.[33]

 فهذه‌ الآيات‌ تبيّن‌ القيامة‌ الكبري‌ و مقام‌ تجلّي‌ النفس‌ هناك‌، و لانّ النفس‌ أعلی من‌ الصورة‌ و المثال‌، و لانّ حقيتها غير متعيّنة‌ أو محدّدة‌ بالكمّ و الكيف‌، فليس‌ هناك‌ من‌ سماء و لا أرض‌ ولانجم‌ و لا جبل‌، بل‌ ستكون‌ السماء و الارض‌ في‌ صورة‌ أُخري‌ غير السماء و الارض‌.

 و علی ذلك‌ فإنّ جميع‌ الآيات‌ التي‌ قدّرت‌ فيها نعم‌ الجنّة‌ أو نِقَمُ جهنّم‌ وحُدّدت‌ ببقاء و دوام‌ السموات‌ والارض‌، و اعتبرت‌ فيها دائمة‌ بدوام‌ وجودها؛ ستكون‌ عائدة‌ إلی‌ الجنّة‌ المثاليّة‌ والبرزخيّة‌ ] و إلی‌ جهنّم‌ المثالية‌ و البرزخيّة‌ [.

 و لانّ البرزخ‌ عالم‌ الصورة‌، فإنّ فيه‌ سماء و أرض‌، كما أنّ الموجودات‌ و النفوس‌ البرزخيّة‌ لها اطّلاع‌ علی الدنيا و علی السموات‌ والارض‌، و بالطبع‌ فإنّ حياة‌ أُولئكم‌ في‌ ملكوت‌ السموات‌ و الارض‌.

 و أمّا تلك‌ الآية‌ المباركة‌:

 النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَ عَشِيّاً وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُو´ا ءالَ فِرْعَونَ أَشَدَّ الْعَذَابِ. [34]

 فيمكن‌ الإفادة‌ منها من‌ جهات‌ عديدة‌ بأنـّها عائدة‌ إلی‌ عالم‌ البرزخ‌ لاإلی‌ عالم‌ القيامة‌ الكبري‌.

 الجهة‌ الاُولي‌: من‌ عنوان‌ «الغدوّ و العشي‌ّ»، لانـّه‌ ـ و لما ذُكر ـ ليس‌ هناك‌ ليل‌ أو نهار في‌ القيامة‌ الكبري‌.

 الرجوع الي الفهرس

يُفتح‌ في‌ عالم‌ البرزخ‌ بابٌ إلی‌ الجنّة‌ أو بابٌ إلی‌ جهنّم‌

 الثانية‌: من‌ عنوان‌ «يُعرضون‌ عليها»، لانّ معناه‌ أنّ المشركين‌ يعرضون‌ علی النار، و معني‌ العرض‌ ليس‌ الإبقاء في‌ النار، بل‌ المرور إلی‌ جانبها، و الوضع‌ في‌ جوارها، فتُعرض‌ عليهم‌ النار بحيث‌ لا يشملهم‌ لهبها وشعلتها، و لكنّ شيئاً من‌ حرارتها يصلهم‌ إجمالاً، فيتألّمون‌ و يتأثّرون‌ من‌ منظرها المُذهل‌ المحيّر. و كما قلنا سابقاً فليس‌ هناك‌ في‌ البرزخ‌ جنّة‌ ولاجهنّم‌ للقيامة‌، بل‌ إنّ البرزخ‌ ممرّ القيامة‌ و نافذة‌ عليها:

 يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَي‌' الْجَنَّةِ، أوَ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَي‌' النَّارِ.

 الثالثة‌: قوله‌ بعد الآية‌:

 وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُو´ا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ.

 فبعد أن‌ يُعرض‌ هؤلاء علی النار غدّواً و عشيّاً، يستمرّ هذا المعني‌ حتّي‌ تصل‌ ساعة‌ القيامة‌ فيأتي‌ الخطاب‌ إلی‌ ملائكة‌ العذاب‌ أن‌ أدخلوا آل‌فرعون‌ في‌ الحال‌ «في‌» أشدّ العذاب‌. فيتضّح‌ إذن‌ أنـّهم‌ كانوا في‌ العذاب‌ قبل‌ القيامة‌، إلاَّ أنّ ذلك‌ العذاب‌ لم‌ يكن‌ في‌ غايته‌ ودرجته‌ القصوي‌، و ها هو العذاب‌ الغائيّ و النهائيّ ينالهم‌؛ فذلك‌ المحلّ والعالم‌ الذي‌ كان‌ فيه‌ آل‌فرعون‌ معذّبون‌ بغير العذاب‌ النهائيّ، يُقال‌ له‌ عالم‌ البرزخ‌.

 أمّا علّة‌ اختصاص‌ آية‌ لَهُمْ فِيهَا رِزْقُهُمْ بُكْرَةً وَ عَشِيّاً [35] بالبرزخ‌، فهي‌ أنّ هناك‌ صباحاً و مساءً و تدريجاً زمانيّاً ينشأ من‌ حركة‌ الشمس‌ و القمر والارض‌، أو فلك‌ الافلاك‌ و النِسَب‌ الخاصّة‌ بينها، أو من‌ امتداد الحركة‌ الجوهريّة‌ التي‌ تظهر في‌ باطن‌ الموجودات‌ و ذواتها، بينما ليس‌ هناك‌ في‌ القيامة‌ أرض‌ ولاسماء، لذا فلا وجود بينها للنسبة‌ التي‌ يُنتزع‌ منها الزمان‌.

 مُتَّكِئِينَ فِيهَا علی الاْرَآبءِكِ لاَيَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَ لاَ زَمْهَرِيراً.[36]

 فليس‌ هناك‌ من‌ شمسٍ لتُشاهَد، و لا لزمهرير ليؤذي‌ برده‌ الابرار أو يزعجهم‌.

 إِذِ الاْغْلَـ'لُ فِي‌´ أَعْنَـ'قِهِمْ وَالسَّلَـ'سِلُ يُسْحَبُونَ * فِي‌ الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي‌ النَّارِ يُسْجَرُونَ. [37]

 إنّ أُولئك‌ الذين‌ يُجادلون‌ في‌ آيات‌ الله‌ و يكذّبون‌ بآياته‌ وبما أرسل‌ به‌ أنبياءَهُ، سرعان‌ ما يحصل‌ لهم‌ العلم‌، حين‌ تعلّق‌ السلاسل‌ و الاغلال‌ في‌ أعناقهم‌ فيجرّون‌ إلی‌ الحميم‌ ثمّ يُسجرون‌ و يُحرقون‌ في‌ النار.

 و الحميم‌ يُقال‌ للشي‌ الحارّ، كالماء الحارّ، و الهواء الحارّ وأمثال‌ ذلك‌؛ و السحب‌ بمعني‌ الجرّ؛ و السَجْر بمعني‌ الإحراق‌، سَجَر التنور: أشعله‌.

 كما أنّ «ثُمَّ» تفيد ـ كما ذكرنا سابقاً ـ التراخي‌ و الانفصال‌، أي‌ بعد مدّة‌ و زمن‌ ما. لذا فإنّ معني‌ هذه‌ الآية‌ سيكون‌:

 إنّ هؤلاء المجادلين‌ و المكذّبين‌ سيجرّون‌ أوّلاً في‌ الهواء الحارّ أو الماء الحارّ، ثمّ يُلْقَون‌ في‌ النار فيُسجرون‌ و يُحرقون‌.

 و من‌ المعلوم‌ أنّ المراد من‌ السحب‌ في‌ الحميم‌ هو عالم‌ البرزخ‌، حيث‌ يعانون‌ هناك‌ من‌ الحرارة‌؛ و المراد بالسَجْر: في‌ نار عالم‌ القيامة‌، حيث‌ يحترقون‌ هناك‌ بكلّ ما في‌ الكلمة‌ من‌ معني‌، ويرون‌ جزاءهم‌ الاخير.

 و يمكن‌ أيضاً الاستدلال‌ بهذه‌ الآية‌:

 حَتَّي‌'´ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَ هُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إلی‌ اللَهِ مَوْلَي'هُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحَـ'سِبِينَ.[38]

 فحين‌ يحين‌ زمن‌ موت‌ أحدكم‌ فإنّ ملائكتنا الموكّلين‌ بقبض‌ الارواح‌ سيقبضون‌ روحه‌ و لا يفرّطون‌ أو يقصرّون‌ في‌ عملهم‌ هذا، ثمّ إنـّهم‌ يردّون‌ إلی‌ الله‌ مولاهم‌ الحقّ.

 و «ثمّ» بمعني‌ الفاصلة‌، و هذه‌ الفاصلة‌ بمعني‌ البرزخ‌، وذلك‌ لان‌ قيام‌ الناس‌ للعرض‌ علی الله‌ سبحانه‌ ليس‌ في‌ عالم‌ البرزخ‌؛ لانّ البرزخ‌ كمثل‌ الدنيا إلاّ أنّ له‌ تجرّداً أكثر و هو التجرّد عن‌ المادّة‌. بل‌ إنّ قيامَ الإنسان‌ عند الحقّ تعإلی‌ و عالَم‌ السؤال‌ والميزان‌ و الحساب‌ و مقام‌ العرض‌ يحصل‌ في‌ عالم‌ القيامة‌ الذي‌هو مقام‌ قيام‌ حقيقة‌ النفس‌ بذاتها و واقعها، لابصورتها و مثالها فقط‌.

 لذا فقد عبّر بـ «ثُمَّ» فقال‌ «ثُمَّ رُدُّوا» و لم‌ يقل‌ «فَرُدُّوا»؛ أي‌ أنّ هناك‌ فاصلة‌ بين‌ قبض‌ الارواح‌ من‌ قبل‌ الملائكة‌ و بين‌ القيامة‌ الكبري‌، و ينبغي‌ بعد طي‌ّ هذه‌ الفاصلة‌ أن‌ يُردّوا إلی‌ الله‌ مولاهم‌ الحقّ.

 الرجوع الي الفهرس

سؤال‌ الملائكة‌ في‌ البرزخ‌ لباطن‌ الإنسان‌

 و الخلاصة‌، فإنّ الآية‌ التي‌ ذكرت‌ في‌ مطلع‌ الحديث‌:

 يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ.

 لها دلالة‌ علی أنّ أحداً لايمكنه‌ الكلام‌ في‌ عالم‌ البرزخ‌ إلاّ بإذن‌ الباري‌ عزّ وجلّ، و أنّ الاختيار يُسلب‌ من‌ الإنسان‌ من‌ بداية‌ شروع‌ عالم‌ البرزخ‌، و هو انتهاء عالم‌ الدنيا و نقطة‌ الموت‌ الحائل‌ والفاصل‌ بين‌ نشأتي‌الدنيا و البرزخ‌، فلا ينفعَنّ الإنسان بعد ذلك‌ اختلاقُ الاكاذيب‌ والافكار المصلحيّة‌ التي‌ كان‌ يتوسّل‌ بها في‌ هذه‌ الدنيا لنيل‌ المنافع‌ الوهميّة‌، لانّ ملائكة‌ قبض‌ الارواح‌ و الملائكة‌ الآخرين‌ الذين‌ سيلتقون‌ بالإنسان‌ بعد ذلك‌ و يصادفونه‌ سيتكلّمون‌ مع‌ باطنه‌ و حقيقته‌، و يتحدّثون‌ مع‌ روحه‌ الملكوتيّة‌ و صورته‌ المثاليّة، لا مع‌ لسانه‌ الظاهريّ أو أفكاره‌ المموّهة‌ المشوّهة‌.

 سيسلب‌ ملائكة‌ الموت‌ روحه‌، أمّا بدنه‌ فسيأخذه‌ أهله‌ الباقون‌ إلی‌ المكفن‌ و المغتسل‌ و المصلّي‌ و المدفن‌، و ستتحرّك‌ الروح‌ التي‌ له‌ في‌ الجملة‌ علاقة‌ و ارتباط‌ بالبدن‌ وراءه‌ و تُشرف‌ عليه‌.

 ثمّ تحلّ الليلة‌ الاُولي‌ للقبر، فيتكلّم‌ الملائكة‌ مع‌ القالب‌ المثإلی‌ والصورة‌ الملكوتي´ة‌، لا مع‌ البدن‌ المادّيّ.

 و علی كلّ حال‌، فإنّ الإنسان‌ يتكلّم‌ في‌ هذه‌ الدنيا و يسير و يتحرّك‌ ويقوم‌ بهذه‌ الاعمال‌ بهذه‌ الصورة‌ المثاليّة‌، غاية‌ الامر أنّ هناك‌ للبدن‌ نوعاً من‌ الاتّحاد مع‌ الصورة‌ المثاليّة‌، لذا يتصوّر الإنسان‌ أنّ الكلام‌ و السير و الحركة‌ كانت‌ بإرادة‌ البدن‌ و سيطرته‌.

 و بعد أن‌ يرحل‌ الإنسان‌ و يُهاجر من‌ هذا العالم‌ و يرد عالم‌ البرزخ‌، وبعد أن‌ تبتعد الصورة‌ المثاليّة‌ عن‌ البدن‌، فيري‌ الإنسان‌ حقيقته‌ و وجوده‌ في‌ القالب‌ المثاليّ و الصورة‌ المثاليّة‌، فإنـّه‌ سيفهم‌ آنذاك‌ أنّ كلّ ما قام‌ به‌ وأنجزه‌ في‌ عالم‌ الدنيا قد حصل‌ بالصورة‌ المثاليّة‌ و القالب‌ الملكوتي‌ّ.

 إنّ الملائكة‌ يتكلّمون‌ في‌ عالم‌ المثال‌ مع‌ تلك‌ الصورة‌ الملكوتيّة‌، فذلك‌ العالم‌ ليس‌ بعالم‌ الخيال‌ و التفكير المصلحيّ، وليس‌ بعالم‌ الاعتبار وترتيب‌ المقدّمات‌ التخيّليّة‌ لنيل‌ النتائج‌ الموهومة‌؛ ذلك‌ العالم‌ عالم‌ الحقيقة‌ و عالم‌ الحقّ.

 إنّ الكذب‌ يتعلّق‌ بعالم‌ الدنيا هذا، العالم‌ الذي‌ امتزج‌ فيه‌ الحقّ والباطل‌، و الشهوة‌ و الوهم‌، و الغضب‌ و العقل‌، و السعادة‌ والشقاء، بينما العالم‌ هناك‌ عالم‌ الحقّ، و الامر منجّز هناك‌ دفعة‌ واحدة‌؛ هذا من‌ جهة‌.

 و من‌ جهة‌ أُخري‌ فإنّ الملائكة‌ يتحدّثون‌ هناك‌ مع‌ باطن‌ الإنسان‌، فيجيبهم‌ الإنسان‌ بباطنه‌ و واقعه‌، و لذلك‌ فلا يمكنه‌ أن‌ يموّه‌ الامر علی الملائكة‌ باختلاق‌ الكذب‌ و الافتراء.

 و إذا ما كذب‌ أحد في‌ هذه‌ الدنيا، فإنّ واقعه‌ و وجدانه‌ سيحكي‌ شيئاً، بينما سيحكي‌ لسانه‌ شيئاً آخر، و الكذب‌ هو الوليد لهذا الاختلاف‌ في‌ الزاوية‌ بين‌ الحقيقة‌ و بين‌ القول‌ باللسان‌؛ الكذب‌ هو عدم‌ القلبيّ و بين‌ المقولة‌ اللسانيّة‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «بحار الانوار»، طبعة‌ الآخوند، ج‌ 6، ص‌ 254 و 255. و يقول‌ في‌ الهامش‌: في‌ «شرح‌ العقائد» بعد قول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ «فقد وجدتُ ما وعدني‌ ربّي‌ حقّاً» زيادة‌: فهل‌ وجدتهم‌ ما وعدكم‌ رَبُّكم‌ حقّاً؟ و أورد الغزإلی‌ نظير هذا الحديث‌ في‌ «إحياء العلوم‌» باب‌ ما يلقاه‌ الميّت‌ في‌القبر إلی‌ نفخة‌ الصّور (ج‌ 4، ص‌ 422 ـ 423 ):

 وَ لمّا قتل‌ صنا ديد قريش‌ يوم‌ بدر ناداهم‌ رسولُ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ و سلّم‌ فقال‌: يا فُلان‌ يا فُلان‌ يا فلان‌ قد وجدتُ ما وعدني‌ رَبِّي‌ حقّاً فهل‌ وجدتم‌ ما وَعَدَ رَبُّكُم‌ ï ïحقّاً. فقيل‌: يا رسول‌ الله‌ أتناديهم‌ و هم‌ أموات‌؟! فقال‌ صلي‌ الله‌ عليه‌ ] و آله‌ [ و سلّم‌: والذي‌ نفسي‌ بيده‌ إنـّهم‌ لاسمع‌ لهذا الكلام‌ منكم‌ إلاّ أنـّهم‌ لا يقدرون‌ علی' الجواب‌.

 ثمّ يقول‌ العراقيّ مستخرج‌ أحاديث‌ «الإحياء» في‌ الهامش‌: و قد روي‌ مسلم‌ هذا الحديث‌ عن‌ عمر بن‌ الخطّاب‌.

[2] ـ «بحار الانوار»، طبعة‌ الآخوند، ج‌ 6، ص‌ 255.

[3] ـ «بحار الانوار»، ج‌ 6، ص‌ 205، نقلاً عن‌ الفخر الرازيّ في‌ تفسيره‌، ذيل‌ قوله‌ تعالي‌: بَلْ أَحْيَآءٌ وَلـ'َكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ. و أورده‌ في‌ «إحياء العلوم‌»، باب‌ ما يلقاه‌ الميّت‌ في‌ القبر، ج‌ 4، ص‌ 423، و يقول‌ العراقيّ في‌ الهامش‌: و قد روي‌ الترمذيّ هذا الحديث‌ عن‌ أبي‌ سعيد ] الخدريّ [.

[4] ـ «بحار الانوار»، ج‌ 6، ص‌ 214 و 215.

[5] ـ «إحياء العلوم‌»، ج‌ 4، ص‌ 423.

[6] ـ «الاحتجاج‌» للطبرسيّ، ج‌ 2، ص‌ 96 و 97 طبع‌ النجف‌، ذكره‌ ضمن‌ حديث‌ طويل‌.

[7] ـ «الامالي‌» للشيخ‌ الطوسيّ، طبع‌ النجف‌، الجلد الثاني‌، الجزء 15، ص‌ 40 ـ 42 و«علل‌ الشرائع‌» طبع‌ حيدري‌ ـ النجف‌، الباب‌ 262 ـ العلّة‌ التي‌ من‌ أجلها يكون‌ عذاب‌ القبر ص‌ 309، ج‌ 1.

[8] ـ «الامالي‌» الطبعة‌ الحجريّة‌، المجلس‌ 61، ص‌ 231.

[9] ـ نِراق‌ علی وزن‌ عِراق‌.

[10] ـ الآية‌ 37، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[11] ـ لم‌ يرد لفظ‌ «أميرالمؤمين‌» في‌ عبارة‌ المجلسي‌ّ التي‌ ينقلها عن‌ «الخرائج‌»؛ بَيد أنـّه‌ يتّضح‌ أنّ لفظ‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ قد سقط‌ من‌ قلم‌ النسّاخ‌ في‌ هذه‌ الرواية‌ التي‌ نقلناها، و ذلك‌ يُستفاد أوّلاً من‌ قرينة‌ أنّ مُخاطَبَ رسولِ الله‌ كان‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، و ثانياً من‌ قرينة‌ روايةٍ أُخري‌ يرويها المجلسيّ في‌ البحار، ج‌ 10، ص‌ 18 من‌ الطبعة‌ الكمباني‌، و في‌ ج‌ 43 ص‌ 59 طبعة‌ الآخوند. نقلاً عن‌ «تفسير فرات‌ بن‌ إبراهيم‌» ورد فيها لفظ‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌.

[12] ـ «بحار الانوار»، الطبعة‌ الكمباني‌، ج‌ 10، ص‌ 10؛ و طبعة‌ الآخوند، ج‌ 43، ص‌ 29.

[13] ـ «بحار الانوار»، الطبعة‌ الكمباني‌، ج‌ 10، ص‌ 11؛ و طبعة‌ الآخوند، ج‌ 43، ص‌ 29.

[14] ـ «مقتل‌ الحسين‌» للمقرّم‌، ص‌ 298؛ و نقلها في‌ كتاب‌ «علی الاكبر» للمقرّم‌، ص‌ 80 عن‌ «اللهوف‌» بهذه‌ العبارة‌: العطشُ قتلني‌ و ثقلُ الحديد أجهدني‌ فهل‌ إلی‌ شربةِ ماءٍ أتقوّي‌ بها علی الاعداء؟

[15] ـ «مقتل‌ المقرّم‌»، ص‌ 300.

[16] ـ «تاريخ‌ الطبريّ»، الطبعة‌ الثانية‌، دار المعارف‌، مصر، المجلّد الخامس‌، ص‌ 446.

[17] ـ يمكن‌ أن‌ يُقال‌ إنّ الزفير و الشهيق‌ عائد لجهنّم‌، أي‌ تلك‌ الشُعل‌ الملتهبة‌ و الالسنة‌ الناريّة‌ المتأجّجة‌، كما يمكن‌ أن‌ يقال‌ إنّ زفير و شهيق‌ جهنّم‌ من‌ نفس‌ الجهنميّين‌، كما يدلّ عليه‌ لفظ‌ «لهم‌».

[18] ـ الآيات‌ 105، إلی‌ 108، من‌ السورة‌ 11: هود.

[19] ـ «تفسير علی بن‌ إبراهيم‌»، الطبعة‌ الحجريّة‌، ص‌ 314 و 315.

[20] ـ الآية‌ 46، من‌ السورة‌ 40: غافر.

[21] ـ الآية‌ 62، من‌ السورة‌ 19: مريم‌

[22] ـ الآية‌ 100، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌.

[23] ـ الآيتان‌ 169 و 170، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[24] ـ «تفسير علی بن‌ إبراهيم‌» الطبعة‌ الحجريّة‌، ص‌ 18.

[25] ـ أُلـِّف‌ هذا الكتاب‌ في‌ حياته‌ (قدّه‌)، و آثرنا الإبقاء علی تعبير المصنّف‌. (م‌)

[26] ـ رسالة‌ «الإنسان‌ بعد الدنيا»، ص‌ 11.

[27] ـ و يقول‌ في‌ «تفسير علی بن‌ إبراهيم‌»، ص‌ 412، ذيل‌ الآية‌ الشريفة‌ «و لهم‌ رزقهم‌ فيها بكرةً و عشيًّا»: ï ïذلك‌ في‌ جنّات‌ الدنيا قبل‌ القيامة‌. و الدليل‌ علی ذلك‌ قوله‌ «بُكرةً و عشيّاً»، فالبكرة‌ والعشي‌ّ لا تكون‌ في‌ الآخرة‌ في‌ جنّات‌ الخلد، و إنـّما يكون‌ الغدوّ و العشي‌ّ في‌ جنّات‌ الدنيا التي‌ تنتقل‌ إليها أرواح‌ المؤمنين‌ و تطلع‌ فيها الشمس‌ و القمر.

 و يقول‌ أيضاً في‌ نفس‌ التفسير، ص‌ 586 ذيل‌ الآية‌ المباركة‌ «النار يُعرضون‌ عليها غدّواً و عشيّاً»:

 ذلك‌ في‌ الدنيا قبل‌ القيامة‌، و ذلك‌ أنّ في‌ القيامة‌ لا يكون‌ غدوّاً و لا عشيّاً، لان‌ الغدوّ والعشي‌ّ إنـّما يكون‌ في‌ الشمس‌ و القمر، ليس‌ في‌ جنان‌ الخلد و نيرانها شمس‌ و لا قمر.

 قال‌: و قال‌ رجل‌ لابي‌ عبدالله‌ ] الصادق‌ [ عليه‌ السلام‌: ما تقول‌ الناس‌ فيها؟ فقال‌: يقولون‌ إنّها في‌ نار الخلد و هم‌ لا يعذّبون‌ فيما بين‌ ذلك‌. فقال‌ عليه‌ السلام‌: فهم‌ من‌ السعداء؟ فقيل‌ له‌: جُعلتُ فداك‌ فكيف‌ هذا؟ فقال‌: إنـّما هذا في‌ الدنيا، و أمّا في‌ نار الخلد فهو قوله‌: «و يوم‌ تقوم‌ السّاعة‌ أدخلوا آل‌ فرعون‌ أشدّ العذاب‌».

[28] ـ الآيتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 84: الانشقاق‌.

[29] ـ الآيتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 82: الانفطار.

[30] ـ الآيتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 81: التكوير.

[31] ـ الآية‌ 48، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.

[32] ـ الآيتان‌ 4 و 5، من‌ السورة‌ 101: القارعة‌.

[33] ـ الآيتان‌ 8 و 9، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.

[34] ـ الآية‌ 46، من‌ السورة‌ 40: غافر.

[35] ـ الآية‌ 62، من‌ السورة‌ 19، مريم‌.

[36] ـ الآية‌ 13، من‌ السورة‌ 76: الإنسان‌ (الدهر).

[37] ـ الآيتان‌ 71 و 72، من‌ السورة‌ 40: غافر.

[38] ـ الآيتان‌ 61 و 62، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com