بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب معرفة الله/ المجلد الاول/ القسم الاول:المقدمة الاولی و الثانیة، تفسیر آیة النور و بحث روائی للعلامة الطباطبائی فیها

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

المقدمة الاولی:

 

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 الحمد للّه‌ حمداً لا حدّ له‌، وشكراً لا عادَّ له‌، كما تستحقّه‌ ذاته‌ المُقدّسة‌ جلّ وعلا، الذي‌ خلق‌ الوجود وعالَم‌ الخلق‌ سبباً لتكامل‌ وجود الإنسان‌، وخلق‌ الإنسان‌ لعبادة‌ ذاته‌ المقدّسة‌. [1]

 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ.[2]

 ولا يمكن‌ معرفة‌ حقيقة‌ العبادة‌ دون‌ معرفة‌ حقيقة‌ العبوديّة‌. لذا فإنّ معرفة‌ ذاته‌ سبحانه‌ وتعإلی‌ وأسمائه‌ الحسني‌ وصفاته‌ العليا هي‌ من‌ جملة‌ العلل‌ الغائيّة‌ والنهائيّة‌ لوجود عالم‌ التكوين‌.

 وأمّا الغاية‌ القصوي‌ والهدف‌ الاعلی‌ من‌ تلك‌ المعرفة‌، فهي‌ الخضوع‌ والخشوع‌ للحي‌ّ القيّوم‌ والاصطباغ‌ بصبغة‌ العبوديّة‌، وارتداء لباس‌ الذلّ والمسكنة‌ في‌ مقابل‌ عِزّ كبريائه‌، ورؤية‌ جميع‌ عوالم‌ الوجود كآية‌ ومرآة‌ لذات‌ الحقّ، والخروج‌ من‌ قيود الغرور، والوصول‌ إلی‌ ذروة‌ الإقرار والاعتراف‌ بالفَناء والزوال‌ والاندكاك‌ في‌ ذات‌ الحقّ المقدّسة‌:

 وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا. [3]

 والتحيّات‌ الزاكيات‌ والصلوات‌ المباركات‌ علی‌ الانبياء العظام‌ وملائكة‌ الملا الاعلی‌، الذين‌ أنقذوا بني‌ البشر من‌ سجن‌ السبُعيّة‌ والبهيميّة‌ والشيطنة‌، وذلك‌ من‌ خلال‌ المساهمة‌ في‌ إيصال‌ الوحي‌ إليهم‌، والذين‌ عرّفوهم‌ سُبل‌ معرفة‌ العبوديّة‌، وجعلوهم‌ قابلين‌ ومستعدّين‌ للاستفادة‌ من‌ جميع‌ المواهب‌ الربّانيّة‌ والمُتَع‌ السبحانيّة‌. وبالخصوص‌ علی‌ سيّد الرسل‌ وهادي‌ السبل‌ وعقل‌ الكلّ، بداية‌ البدايات‌ ونهاية‌ النهايات‌، سيّدنا محمّد ابن‌ عبد الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، وعلی‌ صنوه‌ وشقيقه‌ ووصيّه‌ ووزيره‌ وصهره‌ ووليّه‌ وأخيه‌ وخليفته‌، علی‌ بن‌ أبي‌ طالب‌ أمير المؤمنين‌ السابق‌ في‌ إيمانه‌، والمتربّع‌ علی‌ كرسي‌ّ مقام‌ عزّ ذي‌ الجلال‌، وناشر لواء الحمد بيده‌، ونائل‌ المقام‌ المحمود للشفاعة‌ الكبري‌.

 وعلی‌ ذرّيّتهم‌ الطاهرة‌، الائمّة‌ المعصومين‌ سلام‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌، لا سيّما مولانا بقيّة‌ الله‌ في‌ الارضين‌ الحجّة‌ ابن‌ الحسن‌ العسكري‌ّ أرواحنا فداه‌، الإمام‌ الحي‌ّ، والواسطة‌ للفيض‌ الإلهي‌ّ، ومُفيض‌ الرحمة‌ والوجود من‌ العالَم‌ الاعلی‌ وناشرها علی‌ الماهيّات‌ الإمكانيّة‌، وباسط‌ نور الرحمة‌ الإلهيّة‌ من‌ مقام‌ غيب‌ الغيوب‌ والكنز المخفي‌ّ، علی‌ النفوس‌ العالميّة‌، كلٌّ حسب‌ قابليّته‌ واستعداده‌.

 وَإِن‌ مِّن‌ شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَآنءِنُهُ و وَمَا نُنَزِّلُهُ و´ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ. [4]

 ومنزل‌ خزائن‌ الجود والرحمة‌ حسب‌ إرادة‌ الحقّ تبارك‌ وتعإلی‌ ومشيئته‌ علی‌ كلّ ذرّة‌ من‌ ذرّات‌ ماهيّات‌ عالَم‌ الوجود، وموزِّع‌ ذلك‌ عليها كلّ حسب‌ قوّته‌ وما قُدّرَ له‌ منها.

 مَثَلُ نُورِهِ  كَمِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي‌ زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَ  نَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ. [5]

 نعم‌، فمنذ عودة‌ هذا الحقير المسكين‌ من‌ النجف‌ الاشرف‌ في‌ شهر شوّال‌ المكرّم‌ سنة‌ 1376 ه[6]  وحتّي‌ هذا التأريخ‌، وهو شهر ربيع‌ الاوّل‌ من‌ عام‌ 1400 ه، كان‌ محور البحث‌ الذي‌ دار بيني‌ وبين‌ الاشقّاء والروحانيّين‌ الاعزّاء وسادة‌ الإيمان‌، علی‌ أساس‌ تفسير آي‌ القرآن‌ والبحث‌ والتنقيب‌ في‌ الروايات‌ الواردة‌ عن‌ المعصومين‌ صلوات‌ الله‌ وسلامه‌ عليهم‌ أجمعين‌، وكانت‌ في‌ أحايين‌ كثيرة‌ تتّضح‌ مسألة‌ تطابق‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ والاخبار النبويّة‌ مع‌ الحقائق‌، سواءٌ من‌ ناحية‌ الاستدلال‌ الفكري‌ّ والذهني‌ّ، أم‌ من‌ الناحية‌ الوجدانيّة‌ ومشاهدة‌ الضمير، وذلك‌ باستخدام‌ البحوث‌ الفلسفيّة‌ والعلميّة‌ من‌ جهة‌، والمحاورات‌ الذوقيّة‌ والعرفانيّة‌ من‌ جهة‌ أُخري‌.

 ولقد كانت‌ لنا في‌ مرّات‌ عديدة‌ وأوقات‌ مختلفة‌ بحوث‌ خاصّة‌ بمسألة‌ التوحيد والولاية‌ والمعاد، وتفسير الكثير من‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ والعديد من‌ المسائل‌ الفقهيّة‌ والعلميّة‌.

 ومع‌ وجود التفاسير الكثيرة‌ والبالغة‌ أكثر من‌ ثلاثين‌ نوعاً، فقد اعتمدنا أكثر ما اعتمدنا علی‌ تفسير «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» تأليف‌ سماحة‌ الاُستاذ آية‌ الله‌ العظمي‌ ال علامه السيّد محمّد حسين‌ الطباطبائي‌ّ التبريزي‌ّ أمدّ الله‌ في‌ ظلاله‌ السامية‌، وكان‌ ملاذنا في‌ البحث‌ والتدقيق‌.

 وللتفسير المذكور مكانة‌ سامية‌ ومَعَزَّة‌ غالية‌ في‌ نفس‌ الحقير، وإنّه‌ لذو مَعلَم‌ خاصّ وفريد بين‌ التفاسير الاُخري‌.

 ولذا، فقد استقرّ رأينا علی‌ تهيئة‌ سلسلة‌ كاملة‌ من‌ التفسير المشار إليه‌ وذلك‌ باللغة‌ الفارسيّة‌ وبإنشاء سهل‌ وتحرير مُدرَك‌ وسلس‌، يحوي‌ جميع‌ المواضيع‌ المذكورة‌ فيه‌، حتّي‌ يتسنّي‌ للإخوة‌ الناطقين‌ باللغة‌ الفارسيّة‌ الاستفادة‌ كما يجب‌ وبأقصي‌ ما يمكن‌ من‌ ينابيع‌ «تفسير الميزان‌».

 ثمّ رسا بنا المقام‌، ولاسباب‌ معيّنة‌، إلی‌ تأليف‌ رسالة‌ مستقلّة‌ عن‌ كلّ من‌ المواضيع‌ المتعلّقة‌ بالابحاث‌ العقائديّة‌ والاحكام‌ التعبديّة‌ والمسائل‌ الاخلاقيّة‌ والاجتماعيّة‌، حتّي‌ يتمّ بحث‌ كلّ موضوع‌ من‌ تلك‌ المواضيع‌ بتفصيل‌ أكثر وإطناب‌ أوسع‌، تُستَوفي‌ فيه‌ متعلّقات‌ ذلك‌ الموضوع‌ كافّة‌، فتزول‌ بذلك‌ كلّ الإشكالات‌ والشبهات‌ والاسئلة‌، وتتّضح‌ جميع‌ جوانب‌ ذلك‌ الموضوع‌ بشكل‌ كامل‌ ووافٍ.

 وكان‌ مجموع‌ ما بلغ‌ من‌ تلك‌ الرسائل‌ حتّي‌ الآن‌ حوإلی‌ مائة‌ رسالة‌، كرسالة‌ إعجاز القرآن‌، وإعجاز الانبياء، ورسالة‌ الشفاعة‌، ورسالة‌ الولاية‌، ورسالة‌ الإمامة‌ والزعامة‌، ورسالة‌ النبوّة‌، ورسائل‌ متفرّقة‌ في‌ أحوال‌ وسيرة‌ الائمّة‌ المعصومين‌ سلام‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌، ورسالة‌ في‌ البرزخ‌، ورسالة‌ في‌ القيامة‌، ورسالة‌ في‌ الحشر وقيام‌ الإنسان‌ عند الله‌، ورسالة‌ الميزان‌، ورسالة‌ الصراط‌، ورسالة‌ العبوديّة‌ في‌ الإسلام‌، ورسالة‌ الصلاة‌، ورسالة‌ الوجوبَينِ العَيني‌ّ والتعييني‌ّ لصلاة‌ الجمعة‌ في‌ جميع‌ الازمنة‌، ورسالة‌ الصيام‌، ورسالة‌ الحجّ، ورسالة‌ الجهاد والحكومة‌، ورسالة‌ القرض‌ الحَسن‌ والربا، ورسالة‌ الملكيّة‌ وطرقها المشروعة‌ وغير المشروعة‌، ورسالة‌ الحقوق‌ العامّة‌، ورسالة‌ حقوق‌ المرأة‌، وغير ذلك‌ من‌ البحوث‌ الدينيّة‌ والعلميّة‌، والتي‌ هي‌ صُلب‌ ما يحتاج‌ إليها شبابنا في‌ العصر الحاضر وأجيالنا في‌ المستقبل‌.

 لكن‌، وممّا يُؤسَف‌ له‌، لم‌ يُنجَز من‌ تلك‌ الرسائل‌ إلاّ النزر اليسير وذلك‌ لكثرة‌ الشواغل‌ العلميّة‌ والاُمور الاجتماعيّة‌ التي‌ كانت‌ تحيط‌ بي‌، والتي‌ حالت‌ دون‌ وصولي‌ إلی‌ الهدف‌ المنشود.

 إلاّ أنّ العناية‌ الإلهيّة‌ شملتني‌، فتمكّنتُ من‌ جمع‌ المواضيع‌ القرآنيّة‌ والتفاسير الروائيّة‌ والعلميّة‌ والاجتماعيّة‌ والتأريخيّة‌ والاخلاقيّة‌ علی‌ شكل‌ سلسلة‌ علميّة‌ سمّيتها «دورة‌ علوم‌ ومعارف‌ اسلام‌» (سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌) بحثتُ فيها تلك‌ المواضيع‌ ووضعتها بين‌ يدي‌ الإخوة‌ الاعزّاء، فلم‌ تَقلّ أهمّيّة‌ عن‌ ذلك‌ الهدف‌ المنشود.

 وهذه‌ السلسلة‌ من‌ العلوم‌، هي‌ من‌ قسم‌ العقائد وتنقسم‌ إلی‌ ثلاثة‌ محاور رئيسة‌ هي‌: معرفة‌ الله‌ ، و معرفة‌ الإمام‌ ، و معرفة‌ المعاد ، وتعالج‌ ثلاثة‌ مواضيع‌ مهمّة‌: مسألة‌ التوحيد و الولاية‌ و المعاد .

 وأمّا في‌ أقسام‌ الاحكام‌ والمسائل‌ فتشمل‌ أبحاثاً حول‌ القرآن‌ والصلاة‌ والصوم‌ والحجّ والمسجد والدعاء والربا ورؤية‌ الهلال‌ في‌ شهر رمضان‌ ولزوم‌ اشتراك‌ الآفاق‌ بالنسبة‌ إلی‌ الدخول‌ في‌ الشهر الجديد، وحول‌ جهاد وقضاء وحكومة‌ المرأة‌، وتفسير الآية‌ الكريمة‌ الرِّجَالُ قَوَّ  مُونَ عَلَی‌ النِّسَآءِ وبعضاً من‌ الاحكام‌ الاُخري‌ والتي‌ تمّ تأليف‌ معظمها، وسيتمّ وضعها بين‌ يدي‌ القرّاء لدراستها ومطالعتها إن‌ شاء الله‌ تعإلی‌. وهذا هو القسم‌ الاوّل‌ من‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌ «معرفة‌ الله‌» .

 وأصل‌ هذه‌ الابحاث‌ مأخوذ من‌ تفسير الآية‌ المباركة‌ اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ  تِ وَالاْرْضِ ، حتّي‌ آخر الآية‌ الكريمة‌ وَاللَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .

 وقد تمّ فيها معالجة‌ مسألة‌ التوحيد الذاتي‌ّ والاسمائي‌ّ والافعإلی‌ لذات‌ الحقّ المقدّسة‌، وكيفيّة‌ وجود عالَم‌ الخَلق‌، والربط‌ بين‌ الحادث‌ والقديم‌، ونزول‌ نور الوجود في‌ ظواهر الإمكان‌، وحقيقة‌ الولاية‌ وربط‌ الموجودات‌ بذات‌ الباري‌ تعالي‌'، ولقاء الله‌ والوصول‌ إلی‌ ذاته‌ المقدّسة‌ بالفَناء وباندكاك‌ الكينونة‌ المجازيّة‌ المُعارة‌ في‌ الوجود المطلق‌ والكينونة‌ الاصيلة‌ الحقيقيّة‌.

 نسأل‌ الله‌ الربّ الودود والمنّان‌ أن‌ يوفّقنا في‌ إنجاز هذه‌ المهمّة‌ التي‌ نسعي‌ جاهدين‌ في‌ إتمامها، دون‌ أن‌ ندّخر أي‌ّ جهد ووسع‌ في‌ سبيل‌ ذلك‌، وأن‌ يتقبّل‌ منّا هذا العمل‌ البسيط‌ بكرمه‌ وفضله‌، وأن‌ يسدّد خطانا بجوده‌ ومَنّه‌.

 إلَهِي‌... وَأَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الَّذِينَ هُمْ بِالبِدَارِ إلَيْكَ يُسَارِعُونَ، وَبَابَكَ عَلَی‌ الدَّوَامِ يَطْرُقُونَ، وَإيَّاكَ فِي‌ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَعْبُدُونَ، وَهُمْ مِنْ هَيْبَتِكَ مُشْفِقُونَ؛ الَّذِينَ صَفَّيْتَ لَهُمُ المَشَارِبَ، وَبَلَّغْتَهُمُ الرَّغَائِبَ، وَ أَنْجَحْتَ لَهُمُ المَطَالِبَ، وَقَضَيْتَ لَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ المَآرِبَ، وَمَلاَتَ لَهُمْ ضَمَائِرَهُمْ مِنْ حُبِّكَ، وَرَوَّيْتَهُمْ مِنْ صَافِي‌ شِرْبِكَ؛ فَبِكَ إلَی‌ لَذِيذِ مُنَاجَاتِكَ وَصَلُوا، وَمِنْكَ أَقْصَي‌ مَقَاصِدِهِمْ حَصَّلُوا.[7]

 إلهي‌! سهّل‌ لنا سبلك‌ حتّي‌ لا نري‌ غيرك‌ ولا نعرف‌ أحداً سواك‌. وأوصِل‌ ذاتنا وكياننا إلی‌ مقام‌ الفَناء، حتّي‌ تنعدم‌ كلّ ذرّة‌ من‌ الانانيّة‌ والعجب‌ في‌ وجودنا، فنكون‌ عبيداً خالصين‌ مخلصين‌ لك‌ العبوديّة‌، بمحمّد وآله‌ الطاهرين‌ صلواتك‌ وتسليماتك‌ عليهم‌ أجمعين‌، والسلام‌ علينا وعلی‌ عباد الله‌ الصالحين‌، والحمد للّه‌ ربّ العالمين‌.

                                في‌ تأريخ‌ ربيع‌ المولود سنة‌ 1400 هجريّة‌

 السيّد محمّد الحسين‌ الحسيني‌ّ الطهراني‌ّ

الرجوع الی الفهرس

المقدمة الثانیة:

 

 بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 الصلاة‌ والسلام‌ علی‌ الرسول‌ الامين‌ خاتم‌ الانبياء والمرسلين‌ محمّد، وعلی‌ الوصي‌ّ غُرّة‌ الدين‌، وعلی‌ أولاده‌ الاماجد الامجاد الطاهرين‌، واللعنة‌ والخزي‌ من‌ ربّ العالمين‌ علی‌ أعدائهم‌ ومعانديهم‌ وغاصبي‌ حقّهم‌ من‌ الآن‌ إلی‌ يوم‌ الدين‌.

 كما لاحظتم‌ في‌ المقدّمة‌ الاُولي‌، فقد صمّم‌ الحقير في‌ شهر ربيع‌ الاوّل‌ من‌ سنة‌ 1400 ه علی‌ تأليف‌ وكتابة‌ القسم‌ الاوّل‌ من‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌، وهو «معرفة‌ الله‌» ، ونشر أجزائه‌ بالتتابع‌ بحول‌ الله‌ وقوّته‌، والشروع‌ في‌ بقيّة‌ أقسام‌ العلوم‌ والمعارف‌ التي‌ ذُكِرت‌ آنفاً، لكنّ الله‌ سبحانه‌ لم‌ يشأ لذلك‌ أن‌ يتمّ.

 فوُفِّقْتُ بعد ذلك‌ بشهرين‌ من‌ نفس‌ السنة‌، أي‌ في‌ يوم‌ السادس‌ والعشرين‌ من‌ شهر جمادي‌ الاُولي‌، بالسفر إلی‌ مدينة‌ مشهد المقدّسة‌، وتشرّفتُ بتقبيل‌ عتبة‌ الإمام‌ الهُمام‌، واكتحَلت‌ عيناي‌ بتراب‌ أقدام‌ زائري‌ ثامن‌ الائمّة‌ علی‌ بن‌ موسي‌ الرضا عليهما السلام‌ وعلی‌ آبائهما وأولادهما جميع‌ صلوات‌ الله‌ وملائكته‌ المقرّبين‌ وأنبيائه‌ المرسلين‌ وعباده‌ الصالحين‌، من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌، وألقيتُ رحال‌ الفاقة‌ علی‌ أعتابه‌ المحروسة‌ بالملائكة‌، متوسّلاً بساحة‌ قدسه‌ وطهارته‌ وعلوّ درجاته‌، معترفاً مذعناً بفقري‌ وعجزي‌ وعدم‌ قدرتي‌ علی‌ تحديد صلاحي‌ وفسادي‌، وعدم‌ معرفتي‌ طريق‌ الحقّ من‌ الباطل‌، طالباً الشفاعة‌ والعون‌ منه‌، في‌ أن‌ يأخذ الله‌ جلّت‌ عظمته‌ وعلت‌ آلاؤه‌ بيدي‌، وأن‌ يُنجّيني‌ من‌ هزائز آخر الزمان‌ وفتنه‌، ولا يَكلَني‌ إلی‌ نفسي‌ طرفة‌ عين‌ أبداً، والله‌ المستعان‌.

 فتقبّل‌ مولاي‌ روحي‌ فداه‌ ذلك‌ منّي‌، وسكبَ لي‌ بعظمته‌ وكرامته‌ كأس‌ رحمته‌ برعايته‌ الدائمة‌ لي‌ علی‌ أتمّ وجه‌ وأكمل‌ نحو، وليس‌ بمقدار استجدائي‌ منه‌.

 ومن‌ جملة‌ ما قُدّر بالقلم‌ أمر تأخير خروج‌ سلسلة‌ «معرفة‌ الله‌» خمس‌ عشرة‌ سنة‌، وها هو ذا غرّة‌ شهر ربيع‌ المولود من‌ سنة‌ ألف‌ وأربعمائة‌ وخمسة‌ عشر للهجرة‌ قد طلعت‌، حيث‌ وُفّقتُ للبدء بذلك‌، ولا عِلم‌ لي‌ في‌ مقدار ما قدّرته‌ لي‌ روحي‌ من‌ العون‌ وقلمي‌ من‌ القدرة‌، الله‌ وحده‌ أعلَم‌!

 يقول‌ مَولي‌ الموحّدين‌ وسيّد قلوب‌ العاشقين‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌:

 عَرَفْتُ اللَهَ سُبْحَانَهُ بِفَسْخِ العَزَائِمِ وَحَلِّ العُقُودِ وَنَقْضِ الهِمَمِ.[8]

 خاطب‌ الحقير يوماً أُستاذنا سماحة‌ ال علامه الطباطبائي‌ّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ الزكي‌ّ: كثيراً ما يصمّم‌ علی‌ فعل‌ الخير، وتتوفّر له‌ الظروف‌ والمسبّبات‌ لإنجاز ذلك‌، فلا يملك‌ أدني‌ شكّ في‌ حُسن‌ وخلوص‌ ذلك‌ العمل‌، فيجدّ في‌ تنفيذ ذلك‌ الفعل‌، حتّي‌ يصل‌ إلی‌ مرحلة‌ الجزم‌ والإرادة‌ القطعيّة‌، ثمّ وبدون‌ أيّة‌ علّة‌ ولا سبب‌، يُثني‌ ذلك‌ الإنسان‌ نفسه‌ عن‌ تنفيذ ذلك‌ العمل‌ وينصرف‌ عن‌ إنجازه‌! وبعد ذلك‌ يعتريه‌ العَجب‌ وتنتابه‌ الدهشة‌ في‌ حصول‌ كلّ ذلك‌ ؟! ويتساءل‌ عن‌ منشأ المانع‌ الذي‌ تسبّب‌ في‌ عدوله‌ عن‌ نيّته‌ ؟! فلا يصل‌ إلی‌ حلّ ولا يقترب‌ من‌ شاطي‌ الامان‌.

 فأجاب‌ الاُستاذ علی‌ ذلك‌ بجملة‌ واحدة‌ فقط‌ قائلاً: « نعم‌، هو ما تقول‌!».

 ورُمتُ أنا الحقير في‌ البدء علی‌ تأليف‌ سلسلة‌ «معرفة‌ الله‌» وتقديمها علی‌ جميع‌ البحوث‌ العقائديّة‌، من‌ مبحث‌ «معرفة‌ الإمام‌» ومبحث‌ «معرفة‌ المعاد» وسائر الابحاث‌ الفلسفيّة‌ والعرفانيّة‌ والاخلاقيّة‌ والعلوم‌ والفقه‌ والتأريخ‌ والتفسير، ذلك‌ بأنّ الله‌ هو الاوّل‌، وهو المُقدَّم‌ علی‌ عالَم‌ الوجود بالتقدّم‌ التكويني‌ّ، فاستوجب‌ الامر أن‌ يكون‌ مُقدَّماً كذلك‌ في‌ التأليف‌. إلاّ أنّ الله‌ لم‌ يشأ ولم‌ يرغب‌، فقد تمّ خلال‌ مدّة‌ الخمس‌ عشرة‌ سنة‌ هذه‌ بحمده‌ ومَنّه‌ تأليف‌ القسم‌ الخاصّ بـ «معرفة‌ الإمام‌» في‌ ثمانية‌ عشر جزءاً، والقسم‌ الخاصّ بـ «معرفة‌ المعاد» في‌ عشرة‌ أجزاء، هذا ما يخصّ سلسلة‌ المعارف‌ . وأمّا ما يخصّ  سلسلة‌  العلوم‌  في‌  قسم‌  الاخلاق‌  والحِكمة‌  والعرفان‌ ، فقد تمّ تأليف‌: «رسالة‌ السير والسلوك‌ المنسوبة‌ إلی‌ بحر العلوم‌» مع‌ مقدّمة‌ وتعليق‌ من‌ قِبَل‌ الحقير، و «رسالة‌ لُبّ اللُّباب‌ في‌ سير وسلوك‌ أُولي‌ الالباب‌» ، وكتاب‌ «التوحيد العلمي‌ّ والعَيني‌ّ» ، و« الشمس‌ الساطعة‌ »، و «الروح‌ المجرّد» ، وما يخصّ قسم‌ البحوث‌ التفسيريّة‌: «رسالةٌ بديعةٌ» ترجمة‌ «رسالة‌ جديدة‌»؛ وما يخصّ قسم‌ البحوث‌ العلميّة‌ والفقهية‌: «رسالةٌ حولَ مَسألة‌ رُؤية‌ الهِلال‌» ، وكتاب‌ «وظيفة‌ الفرد المُسلم‌ في‌ إحياء حكومة‌ الإسلام‌» ، وكتاب‌ «ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام‌» في‌ أربعة‌ أجزاء، وكتاب‌ «نور ملكوت‌ القرآن‌» في‌ أربعة‌ أجزاء من‌ سلسلة‌ أنوار الملكوت‌ ، و «رسالة‌ مسوّدة‌ القانون‌ الاساسي‌ّ» ، وكتاب‌ «نظرة‌ علی‌ مقالة‌ بسط‌ وقبض‌ نظريّة‌ الشريعة‌ للدكتور عبد الكريم‌ سروش‌ » ، و «الرسالة‌ النكاحيّة‌: تحديد النسل‌ ضربة‌ قاصمة‌ لكيان‌ المسلمين‌»؛ وفي‌ قسم‌ الابحاث‌ التأريخيّة‌: «لمعاتُ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ » ، و «الهديّة‌ الغديريّة‌: رسالتان‌ قاتمة‌ ومشرقة‌» . وقد تمّ طبع‌ ونشر أغلب‌ هذه‌ المؤلَّفات‌.

 والآن‌ نشرع‌، بحول‌ الله‌ وقوّته‌، في‌ كتاب‌ «معرفة‌ الله‌»؛ وَمَا تَوْفِيقِي‌´ إِلاَّ بِاللَهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.

الرجوع الی الفهرس

البحثان‌ الاوّل‌ والثاني‌:

تفسير آية‌ النور

تفسير العلامة الطباطبائي‌ّ لآية‌ النور

أَعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمَ

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحيم‌

وَصَلَّي‌ اللَهُ عَلَی‌ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ

وَلَعْنَةُ اللَهِ عَلَی‌ أعْدَائِهِمْ أجْمَعينَ مِنَ الآنَ إلَی‌ قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی‌ العَظِيمِ

قَالَ اللَهُ الحَكِيمُ فِي‌ كِتَابِهِ الكَرِيمِ:

 اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي‌ زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَ نَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن‌ شَجَرَةٍ مُّبَـ'رَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ(بل‌ هي‌ في‌ وسط‌ الصحراء تظلّها السماء، تكتسب‌ من‌ الشمس‌ والهواء والارض‌) يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‌´ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَی‌ نُورٍ يَهْدِي‌ اللَهُ لِنُورِهِ(إلی‌ منزل‌ قُربه‌) مَن‌ يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللَهُ الاْمْثَـ'لَ لِلنَّاسِ وَاللَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *(وتلك‌ المشكاة‌ ـ أو المؤمنون‌ الذين‌ اهتدوا بنور الله‌ تعالي‌) * فِي‌ بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَن‌ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ و يُسَبِّحُ لَهُ و فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـ'رَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن‌ ذِكْرِ اللَهِ وَإِقَامِ الصَّلَو'ةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَو'ةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاْبْصَـ'رُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم‌ مِّن‌ فَضْلِهِ وَاللَهُ يَرْزُقُ مَن‌ يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.[9]

تفسير العلامه الطباطبائي‌ّ لـ: «اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ'تِ وَالاْرْضِ»

قال‌ أُستاذنا الاعظم‌ ال علامه آية‌ الله‌ الطباطبائي‌ّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ في‌ تفسير هذه‌ الآيات‌ والآيات‌ التي‌ تليها والخاصّة‌ بوصف‌ الكافرين‌:

«تتضمّن‌ الآيات‌ مقايسة‌ بين‌ المؤمنين‌ بحقيقة‌ الإيمان‌ والكفّار، تميّز المؤمنين‌ منهم‌ بأنّ المؤمنين‌ مهديّون‌ بأعمالهم‌ الصالحة‌ إلی‌ نور من‌ ربّهم‌ يفيدهم‌ معرفة‌ الله‌ سبحانه‌ ويسلك‌ بهم‌ إلی‌ أحسن‌ الجزاء والفضل‌ من‌ الله‌ تعإلی‌ يوم‌ ينكشف‌ عن‌ قلوبهم‌ وأبصارهم‌ الغطاء، والكفّار لا تسلك‌ بهم‌ أعمالهم‌ إلاّ إلی‌ سراب‌ لا حقيقة‌ له‌، وهم‌ في‌ ظلمات‌ بعضهافوق‌ بعض‌ ولم‌ يجعل‌ الله‌ لهم‌ نوراً فما لهم‌ من‌ نور.

 وقد بيّن‌ سبحانه‌ هذه‌ الحقيقة‌ بأنّ له‌ تعإلی‌ نوراً عامّاً تستنير به‌ السماوات‌ والارض‌ فتظهر به‌ في‌ الوجود بعدما لم‌ تكن‌ ظاهرة‌ فيه‌، فمن‌ البيّن‌ أنّ ظهور شي‌ء بشي‌ء يستدعي‌ كون‌ المُظْهِر ظاهراً بنفسه‌ و(الظَّاهِرُ بِذاتِهِ المُظْهِرُ لِغَيْرِهِ هُوَ النُّورُ)، فهو تعإلی‌ نور يظهر السماوات‌ والارض‌ بإشراقه‌ عليها، كما أنّ الانوار الحسّيّة‌ تُظْهِر الاجسام‌ الكثيفة‌ للحسّ بإشراقها عليها غير أنّ ظهور الاشياء بالنور الإلهي‌ّ عين‌ وجودها وظهور الاجسام‌ الكثيفة‌ بالانوار الحسّيّة‌ غير أصل‌ وجودها.

 ونوراً خاصّاً يستنير به‌ المؤمنون‌ ويهتدون‌ إليه‌ بأعمالهم‌ الصالحة‌ وهو نور المعرفة‌ الذي‌ سيستنير به‌ قلوبهم‌ وأبصارهم‌ يوم‌ تتقلّب‌ فيه‌ القلوب‌ والابصار فيهتدون‌ به‌ إلی‌ سعادتهم‌ الخالدة‌ فيشاهدون‌ فيه‌ شهود عيان‌ ما كان‌ في‌ غيب‌ عنهم‌ في‌ الدنيا، ومثّل‌ تعإلی‌ هذا النور بمصباح‌ في‌ زجاجة‌ في‌ مشكاة‌ يشتعل‌ من‌ زيت‌ في‌ نهاية‌ الصفاء فتلالا الزجاجة‌ كأ نّها كوكب‌ درّي‌ّ فتزيد نوراً علی‌ نور، والمصباح‌ موضوع‌ في‌ بيوت‌ العبادة‌ التي‌ يسبّح‌ الله‌ فيها رجال‌ من‌ المؤمنين‌ لا تلهيهم‌ عن‌ ذكر ربّهم‌ وعبادته‌ تجارة‌ ولا بيع‌.

 فهذه‌ صفة‌ ما أكرم‌ الله‌ به‌ المؤمنين‌ من‌ نور معرفته‌ المتعقّب‌ للسعادة‌ الخالدة‌، وحرّمه‌ علی‌ الكافرين‌ وتركهم‌ في‌ ظلمات‌ لا يُبصرون‌، فخصّ من‌ اشتغل‌ بربّه‌ وأعرض‌ عن‌ عرض‌ الحياة‌ الدنيا بنور من‌ عنده‌، وَاللَهُ يَفْعَلُ مَا يَشاءُ لَهُ المُلْكُ وَإلَيْهِ المَصيرُ.

 وقوله‌ تعالي‌: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ إلی‌ آخر الآية‌.

 المشكاة‌ علی‌ ما ذكره‌ الراغب‌ وغيره‌: كُوَّةٌ غَيْرُ نافِذَةٍ وهي‌ ما يتّخذ في‌ جدار البيت‌ من‌ الكوّة‌ لوضع‌ بعض‌ الاثاث‌ كالمصباح‌ وغيره‌ عليه‌ وهو غير الفانوس‌.

 و الدرّي‌ّ: من‌ الكواكب‌ العظيم‌ الكثير النور، وهو معدود في‌ السماء. و الإيقاد: الإشعال‌، و الزيت‌: الدهن‌ المتّخذ من‌ الزيتون‌.

 وقوله‌: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ: النور معروف‌ وهو الذي‌ يظهر به‌ الاجسام‌ الكثيفة‌ لابصارنا، فالاشياء ظاهرة‌ به‌ وهو ظاهر مكشوف‌ لنا بنفس‌ ذاته‌، فهو الظاهر بذاته‌ المظهر لغيره‌ من‌ المحسوسات‌ للبصر. هذا أوّل‌ ما وضع‌ عليه‌ لفظ‌ النور، ثمّ عمّم‌ لكلّ ماينكشف‌ به‌ شي‌ء من‌ المحسوسات‌ علی‌ نحو الاستعارة‌ أو الحقيقة‌ الثانية‌ فعدّ كلّ من‌ الحواسّ نوراً أو ذا نور يظهر به‌ محسوساته‌ كالسمع‌ أو الشمّ والذوق‌ واللمس‌، ثمّ عمّم‌ لغير المحسوس‌ فعدّ العقل‌ نوراً يظهر به‌ المعقولات‌، كلّ ذلك‌ بتحليل‌ معني‌ النور المبصر إلی‌ الظاهر بذاته‌ المُظْهِر لغيره‌.

 وإذ كان‌ وجود الشي‌ء هو الذي‌ يظهر به‌ نفسه‌ لغيره‌ من‌ الاشياء كان‌ مصداقاً تامّاً للنور، ثمّ لمّا كانت‌ الاشياء الممكنة‌ الوجود إنّما هي‌ موجودة‌ بإيجاد الله‌ تعإلی‌ كان‌ هو المصداق‌ الاتمّ للنور فهناك‌ وجود ونور يتّصف‌ به‌ الاشياء وهو وجودها ونورها المستعار المأخوذ منه‌ تعإلی‌ ووجود ونور قائم‌ بذاته‌ يوجد ويستنير به‌ الاشياء.

 فهو سبحانه‌ نور يظهر به‌ السماوات‌ والارض‌، وهذا هو المراد بقوله‌: اللَهُ نُورُ السَّمَـاواتِ  وَالاْرْضِ، حيث‌ أُضيف‌ النور إلی‌ السماوات‌ والارض‌ ثمّ حمل‌ علی‌ اسم‌ الجلالة‌، وعلی‌ هذا ينبغي‌ أن‌ يحمل‌ قول‌ من‌ قال‌: إنّ المعني‌ اللَهُ مُنَوِّرُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ، وعمدة‌ الغرض‌ منه‌ أن‌ ليس‌ المراد بالنور النور المستعار القائم‌ بها وهو الوجود الذي‌ يحمل‌ عليها تَعإلَی‌ اللَهُ عَنْ ذَلِك‌ وَتَقَدَّسَ.

 ومن‌ ذلك‌ يستفاد أ نّه‌ تعالی‌ غير مجهول‌ لشي‌ء من‌ الاشياء، إذ ظهور كلّ شي‌ء لنفسه‌ أو لغيره‌ إنّما هو عن‌ إظهاره‌ تَعإلی‌ فهو الظاهر بذاته‌ له‌ قبله‌، وإلی‌ هذه‌ الحقيقة‌ يشير قوله‌ تعإلی‌ بعد آيتين‌: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَهَ يُسَبِّحُ لَهُ و مَن‌ فِي‌ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ وَالطَّيْرُ صَـ'´فَّـ'تٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ و وَتَسْبِيحَهُ، إذ لا معني‌ للتسبيح‌ والعلم‌ به‌ وبالصلاة‌ مع‌ الجهل‌ بمن‌ يصلّون‌ له‌ وتسبيحه‌ فهو نظير قوله‌:

 وَإِن‌ مِّن‌ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـ'كِن‌ لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ(الآية‌ 44، من‌ السورة‌ 17: الإسراء)، وسيوافيك‌ البحث‌ عنه‌ إن‌ شاء الله‌.

 فقد تحصّل‌ أنّ المراد بالنور في‌ قوله‌: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ نوره‌ تعإلی‌ من‌ حيث‌ يشرق‌ منه‌ النور العامّ الذي‌ يستنير به‌ كلّ شي‌ء وهو مساوٍ لوجود كلّ شي‌ء وظهوره‌ في‌ نفسه‌ ولغيره‌ وهي‌ الرحمة‌ العامّة‌.

 وقوله‌: مَثَلُ نُورِهِ يصف‌ تعإلی‌ نوره‌، وإضافة‌ النور إلی‌ الضمير الراجع‌ إليه‌ تعإلی‌ ـ وظاهره‌ الإضافة‌ اللاميّة‌ دليل‌ علی‌ أن‌ المراد ليس‌ هو وصف‌ النور الذي‌ هو الله‌، بل‌ النور المستعار الذي‌ يفيضه‌، وليس‌ هو النور العامّ المستعار الذي‌ يظهر به‌ كلّ شي‌ء وهو الوجود الذي‌ يستفيضه‌ منه‌ الاشياء وتتّصف‌ به‌، والدليل‌ علی‌ قوله‌ بعد تتميم‌ المثل‌: يَهْدِي‌ اللَهُ لِنُورِهِ مَن‌ يَشَآءُ، إذ لو كان‌ هو النور العامّ لم‌ يختصّ به‌ شي‌ء دون‌ شي‌ء، بل‌ هو نوره‌ الخاصّ بالمؤمنين‌ بحقيقة‌ الإيمان‌ علی‌ ما يفيده‌ الكلام‌.

 وقد نسب‌ تعإلی‌ في‌ سائر كلامه‌ إلی‌ نفسه‌ نوراً كما في‌ قوله‌:

 يُرِيدُونَ لِيُطْفِـُوا نُورَ اللَهِ بِأَفْوَ هِهِمْ وَاللَهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَـ'فِرُونَ.(الآية‌ 8، من‌ السورة‌ 61: الصفّ)

 وقوله‌: أَوَ مَن‌ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـ'هُ وَجَعَلْنَا لَهُ و نُورًا يَمْشِي‌ بِهِ فِي‌ النَّاسِ كَمَن‌ مَّثَلُهُ و فِي‌ الظُّلُمَـ'تِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّـِنْهَا. الآية‌ 122، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌)

 وقوله‌: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن‌ رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل‌ لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ. الآية‌ 28، من‌ السورة‌ 57: الحديد)

 وقوله‌: أَفَمَن‌ شَرَحَ اللَهُ صَدْرَهُ و لِلإسْلَـ'مِ فَهُوَ عَلَی‌ نُورٍ مِّن‌ رَّبّـِهِ. الآية‌ 22،من‌ السورة‌ 39: الزمر)

 وهذا هو النور الذي‌ يجعله‌ الله‌ لعباده‌ المؤمنين‌ يستضيئون‌ به‌ في‌ طريقهم‌ إلی‌ ربّهم‌ وهو نور الإيمان‌ والمعرفة‌.

 وليس‌ المراد به‌ القرآن‌ كما قاله‌ بعضهم‌ فإنّ الآية‌ تصف‌ حال‌ عامّة‌ المؤمنين‌ قبل‌ نزول‌ القرآن‌ وبعده‌. علی‌ أنّ هذا النور وصف‌ لهم‌ يتّصفون‌ به‌ كما يشير إليه‌ قوله‌: لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ.(الآية‌ 19، من‌ السورة‌ 57: الحديد)

 وقوله‌: يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا.(الآية‌ 8، من‌ السورة‌ 66: التحريم‌)

 والقرآن‌ ليس‌ وصفاً لهم‌ وإن‌ لوحظ‌ باعتبار ما يكشف‌ عنه‌ من‌ المعارف‌ رجع‌ إلی‌ ما قلناه‌.

الرجوع الی الفهرس

تفسير العلامه الطباطبائي‌ّ لقوله‌ تعالي‌: كَمِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ

وقوله‌: كَمِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي‌ زُجَاجَةٍ المُشَبَّه‌ به‌ مجموع‌ ما ذكر من‌ قوله‌ مِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ إلی‌ آخره‌، لا مجرد المِشْكَاة‌ وإلاّ فسد المعني‌، وهذا كثير في‌ تمثيلات‌ القرآن‌.

 وقوله‌: الزُّجَاجَةُ كَأَ نَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ تشبيه‌ الزجاجة‌ بالكوكب‌ الدرّي‌ّ من‌ جهة‌ ازدياد لمعان‌ نور المصباح‌ وشروقه‌ بتركيب‌ الزجاجة‌ علی‌ المصباح‌ فتزيد الشعلة‌ بذلك‌ سكوناً من‌ غير اضطراب‌ بتموّج‌ الاهوية‌ وضرب‌ الرياح‌، فهي‌ كالكوكب‌ الدرّي‌ّ في‌ تلالؤ نورها وثبات‌ شروقها.

 وقوله‌: يُوقَدُ مِن‌ شَجَرَةٍ مُّبَـ'رَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‌´ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ خبر بعد خبر للمصباح‌، أي‌ المصباح‌ يشتعل‌ آخذاً اشتعاله‌ من‌ شجرة‌ مباركة‌ زيتونة‌، أي‌ أ نّه‌ يشتعل‌ من‌ دهن‌ زيت‌ مأخوذ منها، والمراد بكون‌ الشجرة‌ لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌ أ نّها ليست‌ نابتة‌ في‌ الجانب‌ الشرقي‌ّ ولا في‌ الجانب‌ الغربي‌ّ حتّي‌ تقع‌ الشمس‌ عليها في‌ أحد طرفي‌ النهار ويفي‌ء الظلّ عليها في‌ الطرف‌ الآخر فلا تنضج‌ ثمرتها فلا يصفو الدهن‌ المأخوذ منها فلا تجود الإضاءة‌، بل‌ هي‌ ضاحية‌ تأخذ من‌ الشمس‌ حظّها طول‌ النهار فيجود دهنها لكمال‌ نضج‌ ثمرتها.

 والدليل‌ علی‌ هذا المعني‌ قوله‌: يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‌´ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ، فإنّ ظاهر السياق‌ أنّ المراد به‌ صفاء الدهن‌ وكمال‌ استعداده‌ للاشتعال‌ وأنّ ذلك‌ متفرِّع‌ علی‌ الوصفين‌: لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌.

 وأمّا قول‌ بعضهم‌: من‌ أنّ المراد بقوله‌:«لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌» إنّها ليست‌ من‌ شجر الدنيا حتّي‌ تنبت‌ إمّا في‌ شرق‌ أو في‌ غرب‌، وكذا قول‌ آخرين‌: إنّ المراد أ نّها ليست‌ من‌ شجر شرق‌ المعمورة‌ ولا من‌ شجر غربها، بل‌ من‌ شجر الشام‌ الواقع‌ بين‌ الشرق‌ والغرب‌ وزيته‌ أفضل‌ الزيت‌، فغير مفهوم‌ من‌ السياق‌.

 وقوله‌: نُورٌ عَلَي‌' نُورٍ خبر لمبتدأ محذوف‌ وهو ضمير راجع‌ إلی‌ نور الزجاجة‌ المفهوم‌ من‌ السياق‌، والمعني‌ نور الزجاجة‌ المذكور نور عظيم‌ علی‌ نور كذلك‌، أي‌ في‌ كمال‌ التلمّع‌.

 والمراد من‌ كون‌ النور علی‌ النور قيل‌: هو تضاعف‌ النور لا تعدّده‌ فليس‌ المراد به‌ أ نّه‌ نور معيّن‌ أو غير معيّن‌ فوق‌ نور آخر مثله‌، ولا أ نّه‌ مجموع‌ نورين‌ اثنين‌ فقط‌، بل‌ إنّه‌ نور متضاعف‌ من‌ غير تحديد لتضاعفه‌، وهذا التعبير شائع‌ في‌ الكلام‌.

 وهذا معني‌ لا يخلو من‌ جودة‌، وإن‌ كان‌ إرادة‌ التعدّد أيضاً لا تخلو من‌ لطف‌ ودقّة‌، فإنّ للنور الشارق‌ من‌ المصباح‌ نسبة‌ إليه‌ بالاصالة‌ والحقيقة‌ ونسبة‌ إلی‌ الزجاجة‌ التي‌ عليه‌ بالاستعارة‌ والمجاز، ويتغاير النور بتغاير النسبتين‌ ويتعدّد بتعدّدهما وإن‌ لم‌ يكن‌ بحسب‌ الحقيقة‌ إلا للمصباح‌ والزجاجة‌ صفر الكفّ منه‌، فللزجاجة‌ بالنظر إلی‌ تعدّد النسب‌ نور غير نور المصباح‌، وهو قائم‌ به‌ ومُستَمَدّ منه‌.

 وهذا الاعتبار جار بعينه‌ في‌ الممثَّل‌ له‌، فإنّ نور الإيمان‌ والمعرفة‌ نور مستعار مُشرِق‌ علی‌ قلوب‌ المؤمنين‌ مقتبس‌ من‌ نوره‌ تعإلی‌ قائم‌ به‌ ومستمدّ منه‌.

 فقد تحصّل‌ أنّ الممثّل‌ له‌ هو نور الله‌ المشرق‌ علی‌ قلوب‌ المؤمنين‌، والمثل‌ هو المشبّه‌ به‌ النور المشرق‌ من‌ زجاجة‌ علی‌ مصباح‌ موقد من‌ زيت‌ جيّد صاف‌ وهو موضوع‌ في‌ مشكاة‌، فإنّ نور المصباح‌ المشرق‌ من‌ الزجاجة‌ والمشكاة‌ تجمعه‌ وتعكسه‌ علی‌ المستنيرين‌ به‌ يشرق‌ عليهم‌ في‌ نهاية‌ القوّة‌ والجودة‌.

 فأخذ المشكاة‌ للدلالة‌ علی‌ اجتماع‌ النور في‌ بطن‌ المشكاة‌ وانعكاسه‌ إلی‌ جوّ البيت‌، واعتبار كون‌ الدهن‌ من‌ شجرة‌ زيتونة‌ لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌ للدلالة‌ علی‌ صفاء الدهن‌ وجودته‌ المؤثّر في‌ صفاء النور المُشرِق‌ عن‌ اشتعاله‌ وجودة‌ الضياء علی‌ ما يدلّ عليه‌ كون‌ زيته‌ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‌´ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ، واعتبار كون‌ النور علی‌ النور للدلالة‌ علی‌ تضاعف‌ النور أو كون‌ الزجاجة‌ مستمدّة‌ من‌ نور المصباح‌ في‌ إنارتها.

 وقوله‌: يَهْدِي‌ اللَهُ لِنُورِهِ مَن‌ يَشَآءُ استئناف‌ يعلّل‌ به‌ اختصاص‌ المؤمنين‌ بنور الإيمان‌ والمعرفة‌ وحرمان‌ غيرهم‌.

 فمن‌ المعلوم‌ من‌ السياق‌ أنّ المراد بقوله‌: مَن‌ يَشَآءُ القوم‌ الذين‌ ذكرهم‌ بقوله‌ بعد: رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـ'رَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن‌ ذِكْرِ اللَهِ ـ إلی‌ آخره‌، فالمراد بـ مَن‌ يَشَآءُ المؤمنون‌ بوصف‌ كمال‌ إيمانهم[10].

الرجوع الی الفهرس

تفسير العلامه الطباطبائي‌ّ لقوله‌ تعالي‌: وَيَزِيدَهُم‌ مِّن‌ فَضْلِهِ

 وفي‌ تفسيره‌ لـ وَيَزِيدَهُمْ مِّن‌ فَضْلِهِ، قال‌:

 وقوله‌: وَيَزِيدَهُمْ مِّن‌ فَضْلِهِ الفضل‌ العطاء، وهذا نصّ في‌ أ نّه‌ تعإلی‌ يعطيهم‌ من‌ فضله‌ ما ليس‌ بإزاء أعمالهم‌ الصالحة‌، وأوضح‌ منه‌ قوله‌ تعإلی‌ في‌ موضع‌ آخر: لَهُم‌ مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ(الآية‌ 35، من‌ السورة‌ 50: ق‌)، حيث‌ إنّ ظاهره‌ أنّ هذا المزيد الموعود أمر وراء ما تتعلّق‌ به‌ مشيّتهم‌.

 وقد دلّ كلامه‌ سبحانه‌ أنّ أجرهم‌ أنّ لهم‌ ما يشاؤون‌ قال‌ تعالي‌: أُولَـ'´نءِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم‌ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَ لِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ.(الآية‌ 34، من‌ السورة‌ 39:الزمر)

 وقال‌: أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي‌ وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيرًا * لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَـ'لِدِينَ.(الآيتان‌ 15 و16، من‌ السورة‌ 25: الفرقان‌)

 وقال‌: لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ كَذَ لِكَ يَجْزِي‌ اللَهُ الْمُتَّقِينَ.(الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 16: النحل‌)

(وعليه‌، فإنّ المؤمنين‌ وحدهم‌ الذين‌ يُثابون‌ علی‌ أعمالهم‌ الصالحة‌ التي‌ تقع‌ تحت‌ إرادتهم‌ وفي‌ قبضة‌ مشيّتهم‌.) فهذا المزيد الذي‌ هو وراء جزاء الاعمال‌ أمر أعلی‌ وأعظم‌ من‌ أن‌ تتعلّق‌ به‌ مشيّة‌ الإنسان‌ أو يوصل‌ إليه‌ سعيه‌، وهذا أعجب‌ ما يعده‌ القرآن‌ المؤمنين‌ ويبشّرهم‌ به‌ فأجد التدبّر فيه‌».[11]

 ويستطرد الاُستاذ ال علامه قدّس‌ الله‌ سرّه‌ في‌ بحث‌ فلسفي‌ّ مستقلّ كاشفاً الحقيقة‌ المطلقة‌ لمشيّة‌ الباري‌ والمتمثّلة‌ بالآية‌ 45، من‌ هذه‌ السورة‌: يَخْلُقُ اللَهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ اللَهَ عَلَي‌' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، حيث‌ يقول‌:

 «إنّا لا نشكّ في‌ أنّ ما نجده‌ من‌ الموجودات‌ الممكنة‌ معلولة‌ منتهية‌ إلی‌ الواجب‌ تعإلی‌ وأنّ كثيراً منها ـ وخاصّة‌ في‌ المادّيّات‌ تتوقّف‌ في‌ وجودها علی‌ شروط‌ لا تحقّق‌ لها بدونها كالإنسان‌ الذي‌ هو ابن‌، فإنّ لوجوده‌ توقّفاً علی‌ وجود الوالدين‌ وعلی‌ شرائط‌ أُخري‌ كثيرة‌ زمانيّة‌ ومكانيّة‌، وإذ كان‌ من‌ الضروري‌ّ كون‌ كلّ ممّا يتوقّف‌ عليه‌ جزء من‌ علّته‌ التامّة‌ كان‌ الواجب‌ تعإلی‌ علی‌ هذا جزء علّته‌ التامّة‌ لا علّة‌ تامّة‌ وحدها.

 نعم‌، هو بالنسبة‌ إلی‌ مجموع‌ العالم‌ علّة‌ تامّة‌، إذ لا يتوقّف‌ علی‌ شي‌ء غيره‌، وكذا الصادر الاوّل‌ الذي‌ تتبعه‌ بقيّة‌ أجزاء المجموع‌، وأمّا سائر أجزاء العالم‌ فإنّه‌ تعإلی‌ جزء علّته‌ التامّة‌ ضرورة‌ توقّفه‌ علی‌ ما هو قبله‌ من‌ العلل‌ وما هو معه‌ من‌ الشرائط‌ والمعدّات‌.

 هذا إذا اعتبرنا كلّ واحد من‌ الاجزاء بحياله‌، ثمّ نسبنا وحده‌ إلی‌ الواجب‌ تعالي‌.

 وها هنا نظر آخر أدقّ وهو أنّ الارتباط‌ الوجودي‌ّ الذي‌ لا سبيل‌ إلی‌ إنكاره‌ بين‌ كلّ شي‌ء وبين‌ علله‌ الممكنة‌ وشروطه‌ ومعدّاته‌ يقضي‌ بنوع‌ من‌ الاتّحاد والاتّصال‌ بينها، فالواحد من‌ الاجزاء ليس‌ مطلقاً منفصلاً، بل‌ هو في‌ وجوده‌ المتعيّن‌ مقيّد بجميع‌ ما يرتبط‌ به‌ متّصل‌ الهويّة‌ بغيرها.

 فالإنسان‌ الابن‌ الذي‌ كنّا نعتبره‌ في‌ المثال‌ المتقدّم‌ بالنظر السابق‌ موجوداً مستقلاّ مطلقاً فنجده‌ متوقّفاً علی‌ علل‌ وشروط‌ كثيرة‌ والواجب‌ تعإلی‌ أحدها يعود بحسب‌ هذه‌ النظرة‌ هويّة‌ مقيّدة‌ بجميع‌ ما كان‌ يعتبر توقّفه‌ عليه‌ من‌ العلل‌ والشرائط‌ غير الواجب‌ تعالي‌، فحقيقة‌ زيد مثلاً هو الإنسان‌ ابن‌ فلان‌ وفلانة‌ المتولّد في‌ زمان‌ كذا ومكان‌ كذا المتقدّم‌ عليه‌ كذا وكذا المقارن‌ لوجوده‌ كذا وكذا من‌ الممكنات‌.

 فهذه‌ هي‌ حقيقة‌ زيد مثلاً ومن‌ الضروري‌ّ أنّ ما حقيقته‌ ذلك‌ لا تتوقّف‌ علی‌ شي‌ء غير الواجب‌، فالواجب‌ هو علّته‌ التامّة‌ التي‌ لا توقّف‌ له‌ علی‌ غيره‌، ولا حاجة‌ له‌ إلی‌ غير مشيّته‌، وقدرته‌ تعإلی‌ بالنسبة‌ إليه‌ مطلقة‌ غير مشروطة‌ ولا مقيّدة‌، وهو قوله‌ تعالي‌: يَخْلُقُ اللَهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ اللَهَ عَلَي‌' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. [12] 

الرجوع الی الفهرس

بحث‌ روائي‌ّ للعلامه الطباطبائي‌ّ في‌ تفسير آية‌ النور

 وقد ذكر الاُستاذ ال علامه قدّس‌ الله‌ ترابه‌ في‌ معرض‌ كلامه‌ عن‌ البحث‌ الروائي‌ّ:

«وفي‌ التوحيد وقد روي‌ عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ سُئل‌ عن‌ قول‌ الله‌ عزّوجلّ: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ؛ فقال‌: هو مثل‌ ضربه‌ الله‌ لنا؛ فَالنَّبِي‌ُّ وَالاَئِمَّةُ صَلَوَاتُ اللَهِ عَلَيْهِمْ مِنْ دِلاَلاَتِ اللَهِ، وَآيَاتِهِ الَّتِي‌ يُهْتَدَي‌ بِهَا إلَی‌ التَّوْحِيدِ وَمَصَالِحِ الدِّينِ وَشَرَائِعِ الإسْلاَمِ وَالسُّنَنِ وَالفَرَائِضِ. وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی‌ العَظِيمِ.

 ثمّ قال‌:

«أقول‌: الرواية‌ من‌ قبيل‌ الإشارة‌ إلی‌ بعض‌ المصاديق‌ وهو من‌ أفضل‌ المصاديق‌ وهو النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ والطاهرون‌ من‌ أهل‌ بيته‌ عليهم‌ السلام‌، وإلاّ فالآية‌ تعمّ بظاهرها غيرهم‌ من‌ الانبياء عليهم‌ السلام‌ والاوصياء والاولياء.

 نعم‌، ليست‌ الآية‌ بعامّة‌ لجميع‌ المؤمنين‌، لاخذها في‌ وصفهم‌ صفات‌ لا تعمّ الجميع‌ كقوله‌: رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـ'رَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن‌ ذِكْرِ اللَهِ إلی‌ آخره‌.

 وفي‌«الدرّ المنثور» أخرج‌ ابن‌ مردويه‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌ عن‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ قوله‌: زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ قال‌: قَلْبُ إبْرَاهِيمَ؛ لاَ يَهُودِي‌ٌّ وَلاَ نَصْرَانِي‌ٌّ.

 أقول‌: وهو من‌ قبيل‌ ذكر بعض‌ المصاديق‌، وقد ورد مثله‌ من‌ طرق‌ الشيعة‌ عن‌ بعض‌ أئمّة‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ كما تقدّم‌.

 وفيه‌ أخرج‌ ابن‌ مردويه‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌ وبريدة‌ قالا: قرأ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ هذه‌ الآية‌: فِي‌ بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَن‌ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، فقام‌ إليه‌ رجل‌ فقال‌: أي‌ّ بيوت‌ هذه‌ يا رسول‌ الله‌؟

 قال‌: بُيُوتُ الاَنْبِيَاءِ.

 فقام‌ إليه‌ أبو بكر فقال‌: يَا رَسُولَ اللَهِ! هَذَا البَيْتُ مِنْهَا، لَبَيْتُ علی‌ وَفَاطِمَةَ؟! قَالَ: نَعَمْ! مِنْ أَفَاضِلِهَا!.[13]

 نعم‌، كان‌ ذلك‌ جزءاً من‌ تفسير هذه‌ الآية‌ الشريفة‌ من‌ دُرر كلام‌ سيّدنا الاعظم‌ وسندنا الاقوم‌ سماحة‌ ال علامه الاكرم‌ حشره‌ الله‌ مع‌ المُقرّبين‌ والمخلَصين‌ من‌ أنبيائه‌ وأوليائه‌ المُعظَّمين‌، والذي‌ تبرّكنا به‌ في‌ هذا الكتاب‌.

 وأمّا تفصيل‌ وشرح‌ المواضيع‌ التي‌ ذكرها ال علامه، والمستفاد من‌ الآيات‌ المذكورة‌، فهو علی‌ النحو التالي‌:

«الله‌» اسم‌ جامع‌ للكمال‌ والجمال‌ والجلال‌ الربّاني‌ّ، وشامل‌ لجميع‌ الاسماء والصفات‌ الكلّيّة‌ والجزئيّة‌. ولانّ بحثنا يرتكز علی‌ معرفة‌ الله‌، لابدّ لنا من‌ البحث‌ والتمحيص‌ في‌ هذه‌ الكلمة‌ المباركة‌ من‌ جميع‌ جهاتها، حتّي‌ تنكشف‌ لنا كلّ الاُمور والجوانب‌ المتعلّقة‌ بهذه‌ المسألة‌: من‌ النور البحت‌ للذات‌ والوجود الصِّرف‌، حتّي‌ نور الاسماء والصفات‌ الكلّيّة‌، وعبر مراتب‌ ودرجات‌ متفاوتة‌ ومختلفة‌؛ ثمّ الوصول‌ إلی‌ نور الاسماء والصفات‌ الجزئيّة‌، حتّي‌ الهيولي‌ المبهمة‌، وهي‌ المادّة‌ الكثيفة‌ القابلة‌ لعُروض‌ الاجناس‌ والفصول‌ والانواع‌.

 وعلينا أن‌ نري‌ كيفيّة‌ نزول‌ القديم‌ في‌ الحادث‌، والكلّيّة‌ في‌ الجزئيّة‌، والانوار المحضة‌ في‌ الانوار المشوبة‌ بالظُّلمة‌، وعموماً، الله‌ في‌ اسم‌ الاحديّة‌ واسم‌ الوحدانيّة‌.

 وأن‌ نري‌ كيفيّة‌ نزول‌ النور المطلق‌ في‌ شبكات‌ التعيُّن‌، الواحدة‌ بعد الاُخري‌ ومعني‌ الولاية‌ الكلّيّة‌ والمطلقة‌ والذي‌ هو واحد ويُعتبر من‌ مختصّات‌ الله‌ سبحانه‌؟

 وللبحث‌ في‌ هذا المقام‌ لا غِني‌ لنا من‌ استمداد العَون‌ من‌ آية‌ النور المباركة‌.

 نحمد الله‌ عزّوجلّ علی‌ أ نّنا أكملنا بحث‌ موضوع‌ الولاية‌ حتّي‌ الجزء الخامس‌ من‌«معرفة‌ الإمام‌» من‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌ بجميع‌ تفاصيله‌، بِدءاً من‌ المعني‌ اللغوي‌ّ، وحتّي‌ مواطن‌ استخدام‌ هذه‌ الكلمة‌، وكذا كيفيّة‌ الولاية‌ ومفاد هذه‌ الكلمة‌ ومحتواها في‌ الوجود المقدّس‌ لسيّدنا خاتم‌ الرسل‌ والانبياء والمقام‌ المقدّس‌ لمولانا أمير المؤمنين‌ والائمّة‌ الطاهرين‌ عليهم‌ جميعاً صلوات‌ الله‌ وسلام‌ أنبيائه‌ المرسلين‌ وملائكته‌ المقرّبين‌ إلی‌ يوم‌ الدين‌، وقد تمّ بحث‌ كلّ ذلك‌ بالتمام‌ والكمال‌. فاتّضح‌ معني‌ الولاية‌ التكوينيّة‌ والولاية‌ التشريعيّة‌.

 لعلّ من‌ أهمّ الابحاث‌ والمواضيع‌ ومسائل‌ الاُصول‌ العقائديّة‌ هو البحث‌ في‌ موضوع‌ الولاية‌. فمعرفة‌ الولي‌ّ(صاحب‌ الولاية‌) والآثار المترتّبة‌ علی‌ الولي‌ّ والولاية‌، ومعرفة‌ كيفيّة‌ موضوع‌ مقام‌ الرحمة‌، وإفاضة‌ الفيض‌ من‌ قِبَل‌ الربّ الفيّاض‌ في‌ الماهيّات‌ الإمكانيّة‌ بوساطة‌ نفس‌ الولي‌ّ، والآيات‌ الواردة‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ بهذا الصدد، والروايات‌ المُسَلَّم‌ بها والموثوقة‌ والصحيحة‌ المرويّة‌ عن‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، كلّ ذلك‌ يُعتَبر من‌ أعظم‌ وأكبر المسائل‌ الاُصوليّة‌.

 ولقد بحثنا تفسير ومعني‌ وشأن‌ نزول‌ الآية‌ الشريفة‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُوْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ.[14] والآثار المترتّبة‌ عليها.

 وبحثنا كذلك‌ معني‌ ومحتوي‌ قول‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌:

 يَا عَلِيُّ! أَنْتَ وَلِي‌ُّ كُلِّ مُوْمِنٍ وَمُوْمِنَةٍ مِنْ بَعْدِي‌.

الرجوع الی الفهرس

اعتقاد طوائف‌ المسلمين‌ المختلفة‌ في‌ أنّ الله‌ هو نور السماوات‌ والارض‌

ويا لها من‌ آية‌ مباركة‌ تلك‌ التي‌ ذُكرت‌ في‌ الجزء الثامن‌ عشر من‌ القرآن‌ الكريم‌: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ، فهي‌ آيةٌ تنشر النورَ في‌ القلوب‌ وتُضفي‌ علی‌ الفكر الصفاء والنقاء، وتمنح‌ الروح‌ قوّةً وقدرة‌.

 الله‌، اسمٌ جامعٌ لصفات‌ الكمال‌ ومُنزّهٌ عن‌ صفات‌ النقص‌ والعَيْب‌، ينطوي‌ علی‌ كلّ صفات‌ الجمال‌ والجلال‌، ويمتلك‌ صَرافةً ذاتيّة‌ محضة‌، وهو لا متناهٍ في‌ الحياة‌ والعلم‌ والقدرة‌. هو نور السماوات‌ والارض‌. ولكن‌، ما معني‌ كونه‌ نوراً للسماوات‌ والارض‌؟! هل‌ الله‌ سبحانه‌ نورٌ حسي‌ّ، والسماوات‌ والارض‌ شي‌ءٌ آخر؟! وهذا النور المحسوس‌ المُشاهَد في‌ السماوات‌ والارض‌ هو الله‌..؟؟ علی‌ هذا، ففي‌ غياب‌ السماوات‌ والارض‌ وانعدام‌ وجودهما لا وجود للّه‌ كذلك‌ ليكون‌ نوراً للسماوات‌ والارض‌. وعليه‌ فلا وجود للّه‌ إذاً. فما معني‌ ومُحَصّلة‌ هذا الافتراض‌ في‌ تلك‌ الآية‌؟!

 أو أنّ معني‌ اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ أنّ اللَهُ مُنَوِّرُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ، فلا هو ولا حقيقته‌ نور، بل‌ مُنَوِّر، أي‌ أنّ النور الموجود في‌ السماوات‌ والارض‌ إنّما هو نور الله‌، فهو مُنَوِّر.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ هناك‌ بعض‌ الا´يات‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ وردت‌ في‌ سياق‌ هذا المعني‌؛ مثل‌ الا´ية‌: أَلَمْ تَرَوا أَنَّ اللَهَ سَخَّرَ لَكُم‌ مَّا فِي‌ السَّمَـ'وَ تِ وَمَا فِي‌ الاْرْضِ..(صدر الآية‌ 20، من‌ سورة‌ لقمان‌) والا´ية‌: وَسَخَّرَ لَكُم‌ مَّا فِي‌ السَّمَـ'وَ تِ وَمَا فِي‌ الاْرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ.(صدر الآية‌ 13، من‌ سورة‌ الجاثية‌) والا´ية‌: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآنءِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ..(صدر الآية‌ 33، من‌ سورة‌ إبراهيم‌) والا´ية‌: هُوَ الَّذِي‌ خَلَقَ لَكُم‌ مَّا فِي‌ الاْرْضِ جَمِيعًا.. (صدر الآية‌ 29، من‌ سورة‌ البقرة‌). وقد جاء في‌ الحديث‌ القدسي‌ّ: عَبْدِي‌ ! خَلَقْتُ الاَشْيَاءَ لاِجْلِكَ؛ وَ خَلَقْتُكَ لاِجْلِي‌..(كلمة‌ الله‌، ص‌ 169، عن‌ «مشارق‌ أنوار اليقين‌» لحافظ‌ رجب‌ البرسي‌ّ).

[2] ـ الآية‌ 56، من‌ السورة‌ 51: الذاريات‌.

[3] ـ الآية‌ 111، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[4] ـ الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 15: الحجر.

[5] ـ جزء من‌ الآية‌ 35، من‌ السورة‌ 24: النور.

[6] ـ في‌ هذا التأريخ‌، قَدِمَ الحقير إلي‌ طهران‌ بنيّة‌ التوجُّه‌ منها للتشرّف‌ بزيارة‌ الضريح‌ الطاهر للاءمام‌ علي‌ّ بن‌ موسي‌ الرضا عليه‌ آلاف‌ التحيّة‌ والثناء، وبعد أداء الزيارة‌ واللقاء بالاساتذة‌ السابقين‌ للحوزة‌ العلميّة‌ في‌ قم‌ وزيارة‌ الاقرباء والارحام‌ ـ وكان‌ فصل‌ الصيف‌ علي‌ الابواب‌ فرجعتُ مرّة‌ أُخري‌ إلي‌ النجف‌ الاشرف‌، حيث‌ كنتُ قد خلّفتُ بيتي‌ مع‌ أثاثه‌ وباقي‌ المتعلّقات‌ الخاصّة‌ هناك‌. ولا نّي‌ كنتُ قد قرّرتُ الاءقامة‌ في‌ طهران‌، فقد جعلتُ عودتي‌ إليها في‌ التأريخ‌ المذكور، وأقمتُ فيها حتّي‌ انتهاء فصل‌ الصيف‌، ثمّ عدتُ ثانية‌ إلي‌ النجف‌، ومكثتُ فيها حتّي‌ بعتُ الدار، فكانت‌ عودتي‌ إلي‌ طهران‌ أواسط‌ شهر جمادي‌ الاُولي‌ سنة‌ 1377 هجريّة‌ قمريّة‌. ومنذ ذلك‌ الوقت‌، ذهبتُ إلي‌ المسجد، وتابعتُ من‌ هناك‌ الدرس‌ والبحث‌.

[7] ـ بعض‌ الفقرات‌ من‌ مناجاة‌ المريدين‌، وهي‌ من‌ جملة‌ المناجاة‌ الخمسة‌ عشرة‌ المنسوبة‌ إلي‌ الاءمام‌ السجّاد عليه‌ السلام‌، وقد ذكرها المرحوم‌ الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ّ في‌«الصحيفة‌ الثانية‌ السجّاديّة‌» ص‌ 30 و 31، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[8] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الحكمة‌ 250؛ وفي‌ طبعة‌ صبحي‌ الصالح‌ ـ بيروت‌، الطبعة‌ الثانية‌، سنة‌ 1387، الصفحة‌ 511؛ ويقول‌ في‌ ص‌ 721 ضمن‌ شرحه‌ لمعاني‌ «النهج‌»: العزائم‌: جمع‌ عزيمة‌، وهي‌ ما يصمّم‌ الاءنسان‌ علي‌ فعله‌؛ وفسخ‌ العزائم‌: نقضها. العقود: جمع‌ عقد بمعني‌ النيّة‌، تنعقد علي‌ فعل‌ أمرٍ.

[9] ـالا´يات‌ 35 إلي‌ 38، من‌ السورة‌ 24: النور.

[10] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 15، ص‌ 130 إلي‌ 135.

[11] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 15، ص‌ 140.

[12] ـ «الميزان‌» ج‌ 15، ص‌ 149 و 150؛ وهذه‌ الآية‌ هي‌ الآية‌ 45، من‌ السورة‌ 24: النور.

[13] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 15، ص‌ 152 و 153.

[14] ـ الآية‌ 55، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com