بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد التاسع / القسم الحادی عشر: اللباس الاسلامی، تعمیم رسول الله صلی الله علیه و آله أمیر المؤمنین ع...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

ضروب‌ الثواب‌ والجزاء كلّها تفضّل‌ وإحسان‌

 قال‌ الفخر الرازي‌ّ في‌ ذيل‌ الآيات‌: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي‌ مَقَامٍ أَمِينٍ* فِي‌ جَنَّـ'تٍ وَعُيُونٍ* يَلْبَسُونَ مِن‌ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَـ'بِلِينَ* كَذَ ' لِكَ وَزَوَّجْنَـ'هُم‌ بِحُورٍ عِينٍ* يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَـ'كِهَةٍ ءَامِنِينَ* لاَيَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الاْولَي‌' وَوَقَـ'هُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ* فَضْلاً مِّن‌ رَّبِّكَ ذَ ' لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. [1]

 واحتجّ أصحابنا بهذه‌ الآية‌ علی‌ أنّ الثواب‌ يحصل‌ تفضّلاً من‌الله‌ تعإلی‌ لابطريق‌ الاستحقاق‌. لا نّه‌ تعإلی‌ لمّا عدّد أقسام‌ ثواب‌ المتّقين‌، بيّن‌ أ نّها بأسرها إنّما حصلت‌ علی‌ سبيل‌ الفضل‌ والاءحسان‌ من‌ الله‌ تعإلی‌. وقال‌ بعد ذلك‌: ذلك‌ هو الفوز العظيم‌. واحتجّ أصحابنا بهذه‌ الآية‌ علی‌ أنّ التفضيل‌ أ علی‌ درجة‌ من‌ الثواب‌ المستحقّ، فإنّه‌ تعإلی‌ وصفه‌ بكونه‌ فضلاً من‌الله‌، ثمّ وصف‌ الفضل‌ من‌الله‌ بكونه‌ فوزاً عظيماً.

 ويدلّ علیه‌ أيضاً أنّ الملك‌ العظيم‌ إذا أعطي‌ الاجير أُجرته‌، ثمّ خلع‌ علی‌ إنسان‌ آخر، فإنّ تلك‌ الخلعة‌ أ علی‌ حالاً من‌ إعطاء تلك‌ الاُجرة‌. [2]

 وقال‌ ابن‌ كثير نفسه‌ في‌ تفسير هذه‌ الآية‌ الكريمة‌: ثبت‌ في‌ الصحيح‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ أنّه‌ قال‌: اعْمَلُوا وَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أنَّ أحَدَاً لَنْ يُدْخِلَهُ عَمَلُهُ الجَنَّةَ! قَالُوا: وَلاَأَنْتَ يَارَسُولَاللَهِ؟! قَالَ: وَلاَأَنَا إلاَّ أنْ يَتَغَمَّدَنِي‌ اللَهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ. [3]

 ومن‌ هنا نقف‌ علی‌ أنّ الثواب‌ الاءلهي‌ّ بمقدار انكشاف‌ العمل‌ عن‌ حقيقة‌ الاءيمان‌. وكلّما كان‌ الاءيمان‌ والخلوص‌ أكثر، كانت‌ المثوبة‌ أكثر. ومعلوم‌ أنّ الاءيمان‌ والاءخلاص‌ اللذين‌ هما من‌ الصفات‌ النفسيّة‌ أدقّ وألطف‌ وأظرف‌ من‌ الاعمال‌ البدنيّة‌ والخارجيّة‌ المشهودة‌ من‌ واجبات‌ ومحرّمات‌ ومستحبّات‌ ومكروهات‌، إذ تكشف‌ العبد في‌ مقام‌ الامتثال‌، وتبيّن‌ مقدار حبّه‌ وحقيقته‌. وهذه‌ هي‌ الاعمال‌ المستحبّة‌ والنوافل‌ التي‌ يؤدّيها العبد طائعاً راغباً بلاإلزام‌ وإيجاب‌، وتدنيه‌ من‌ مقام‌ القرب‌، وتجعل‌ له‌ موضعاً في‌ حرم‌ الامن‌ والامان‌ الاءلهي‌ّ، وتصيّره‌ جليساً وأنيساً وكليماً وحبيباً للّه‌. وحينئذٍ لايكون‌ الثواب‌ ثواب‌ صيام‌ ستّين‌ شهراً، بل‌ ستّين‌ عاماً، أو بحجم‌ عمر الدهر، كما جاء في‌ بعض‌ الروايات‌ الاُخري‌، وبصورة‌ عامّة‌، عندما يخرج‌ العبد في‌ عمله‌ ونيّته‌ من‌ الحدود والتعيّن‌ إلی‌ اللاتَعَيُّن‌، فليس‌ هناك‌ إلاّ الله‌ وجماله‌ وجلاله‌ وبحر عظمته‌ الذي‌ لاحدّ له‌، ومحيط‌ علمه‌ وحياته‌ وقدرته‌ الذي‌ لا أمد له‌. وليس‌ هناك‌ حدّ ومقدار وحجم‌ وكمّ وكيف‌ وأين‌ ومتي‌ وجِدَة‌ وفعل‌ وانفعال‌. وهناك‌ عالم‌ التوحيد الذي‌ لم‌يزل‌ ولايزال‌. وهناك‌ بحر الاءيقان‌ والاءيمان‌ العميق‌، والانصهار في‌ القبسات‌ الربّانيّة‌ والنفحات‌ السبحانيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الحديث‌ القدسي‌ّ في‌ آثار النوافل‌

 روي‌ البخاري‌ّ في‌ صحيحه‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌ أنّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌:

 إنَّ اللَهَ قَالَ: مَن‌ عَادَي‌ لِي‌ وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ. وَمَا تَقَرَّبَ إلی‌َّ عَبْدِي‌ بِشَي‌ءٍ أحَبَّ إلی‌َّ افْتَرَضْتُ علیهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي‌ يَتَقَرَّبُ إلی‌َّ بِالنَّوافِلِ حَتَّي‌ أُحِبَّهُ، فَإذَا أحْبَبتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي‌ يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي‌ يَبْصُرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتي‌ يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتي‌ يَمْشِي‌ بِهَا. وَإنْ سَأَلَني‌ لاَعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي‌ لاَعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَي‌ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي‌ عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. [4]

 وجاء في‌ الروايات‌ جزاء كثير للاعمال‌ المستحبّة‌، كالصوم‌ في‌ عشرة‌ ذي‌الحجّة‌، إذ يعدل‌ ثوابه‌ ثواب‌ صيام‌ سنة‌، وليلة‌ فيها بليلة‌ القدر. [5]

 وكرواية‌ عبدالله‌بن‌ عمر إذ قال‌: كنّا ونحن‌ مع‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ نعدل‌ صوم‌ يوم‌ عرفة‌ بسنتين‌. [6]

 وورد في‌ صوم‌ إلیوم‌ السابع‌ والعشرين‌ من‌ شهر رجب‌ أنّه‌ يعدل‌ صيام‌ ستّين‌ شهراً. [7] وأمثال‌ هذه‌ الروايات‌ التي‌ تزخر بها كتب‌ العامّة‌.

 و علی‌ ابن‌ كثير وأمثاله‌ أن‌ يعلموا أنّ الذنب‌ ليس‌ ذنب‌ الرواية‌، بل‌ هو ذنب‌ لفظة‌ الغدير، ويوم‌ العيد، ونزول‌ آية‌ الاءكمال‌، وكلمة‌ علی‌ّ والمولي‌ وأمثالها الواردة‌ في‌ هذه‌ الرواية‌. وهذه‌ الالفاظ‌ لاذنب‌ لها أيضاً إلاّ أ نّها تدعو البشريّة‌ إلی‌ السعادة‌ المطلقة‌ والتوحيد والكمال‌ النفساني‌ّ والابتعاد عن‌ البهيميّة‌ والشيطنة‌.

وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلآ أَن‌ يُؤْمِنُوا بِاللَهِ الْعَزِيزِالْحَمِيدِ. [8]

 وَمَا نَقَمُو´ا إِلآ أَنْ أَغْنَـ'هُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و مِن‌ فَضْلِهِ. [9]

 سَوَّدْتُ صِحيفَةَ أعْمَإلی‌ وَوَكَلْتُ الاَمْرَ إلی‌ حَيْدَرْ

 هُوَ كَهْفِي‌َ مِنْ نُوَبِ الدُّنْيَا وَشِفِيعِي‌ فِي‌ يَوْمِ المَحْشَرْ

 قَدْ تَمَّتْ لِي‌ بِوَلاَيَتِهِ نِعَمٌ جَمَّتْ عَنْ أنْ تُشْكُرْ

 لاِصِيبَ بِهَا الحَظَّ الاَوْفَي‌ وَأُخَصَّصَ بِالسَّهمِ الاَوْفَرْ [10]

 الرجوع الي الفهرس

الدرس‌ الخامس‌ والثلاثون‌ بعد المائة‌

 تعميم‌ رسولُ الله‌ أميرَ المؤمنين‌ علیهما السلام‌ في‌ يوم‌ عيد الغدير

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی‌ محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ ال علی‌ّ العظيم‌

أفضل‌ اللباس‌ ما لا يشغل‌ الإنسان‌ عن‌ الله‌ بغير الله

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ إِنَّا لاَنُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً* أُولَـ'´نءِكَ لَهُمْ جَنَّـ'تُ عَدْنٍ تَجْرِي‌ مِن‌ تَحْتِهِمُ الاْنَهَـ'رُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن‌ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن‌ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِنءِينَ فِيهَا علی‌ الاْرَانءِكَ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا. [11]

نلحظ‌ في‌ هذه‌ الآية‌ المباركة‌ أ نّها جعلت‌ لباس‌ أهل‌ الجنّة‌ من‌ اللون‌ الاخضر، ومن‌ السندس‌ والاءستبرق‌ اللذين‌ هما من‌ أحسن‌ أنواع‌ الحرير.

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي‌ مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي‌ جَنَّـ'تٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن‌ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَـ'بِلِينَ. [12]

فالناس‌ المتّقون‌ الذين‌ يخافون‌ الله‌ وهم‌ في‌ عصمته‌ وحفظه‌ في‌ مقامٍ أمين‌ ومحلّ ليس‌ فيه‌ أذي‌. وفي‌ جنّات‌ مغطّاة‌ بالاشجار إلی‌ جانب‌ العيون‌ والانهار وهم‌ يرتدون‌ السندس‌ والاءستبرق‌ ويجلسون‌ متقابلين‌.

إِنَّ اللَهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ جَنَّـ'تٍ تَجْرِي‌ مِن‌ تَحْتِهَا الاْنْهَـ'رُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن‌ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ* وَهُدُو´ا إلی‌ الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُو´ا إلی‌' صِرَ ' طِ الْحَمِيدِ. [13]

واعتبرت‌ هذه‌ الآيات‌ المباركة‌ أيضاً لباس‌ أهل‌ الجنّة‌ من‌ السندس‌ والاءستبرق‌ والحرير.

إنّ هذا الضرب‌ من‌ اللباس‌ جزاء أو تجسيد للباس‌ التقوي‌ والاثواب‌ البسيطة‌ غير الملوّثة‌ التي‌ كانت‌ لهم‌ في‌ الدنيا. ذلك‌ أنّ التزيّن‌ بالذهب‌ وارتداء الحرير الخالص‌ يحرمان‌ علی‌ الرجال‌ في‌ الشريعة‌ الإسلاميّة‌. فالرجال‌ والنساء المؤمنون‌ المتّقون‌ الذين‌ يتحرّكون‌ علی‌ نهج‌ الاصالة‌ والتحقيق‌ والولاية‌، ولباسهم‌ بسيط‌ واقتصادي‌ّ يرتدون‌ يوم‌ القيامة‌ لباس‌ الاءستبرق‌ والحرير.

 وقال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ أفضل‌ التحيّة‌ والسلام‌ في‌ لباس‌ المتّقين‌ عند حديثه‌ عن‌ صفاتهم‌ في‌ خطبة‌ همّام‌: وَمَلْبَسُهُمُ الاقْتِصادُ.[14] ويكتفون‌ في‌ إشباع‌ شهواتهم‌ وميولهم‌ النفسانيّة‌ بقدر الحاجة‌ في‌ ضرورة‌ الحياة‌ ومواصلتها.

 و علی‌ هذا فإنفاقهم‌ في‌ الشؤون‌ الخاصّة‌ يقتصر علی‌ أشياء بسيطة‌ كاللباس‌ الذي‌ يستر أجسامهم‌، بَيدَ أ نّهم‌ يتوسّعون‌ في‌ الخيرات‌ والمبرّات‌ والاءيثار فيشمل‌ توسّعهم‌ نطاقاً شاسعاً من‌ عمل‌ الصالحات‌.

 قال‌ في‌ «مصباح‌ الشريعة‌» قال‌ الصَّادق‌ علیه‌ السلام‌: أزين‌ اللباس‌ للمؤمن‌ لباس‌ التقوي‌. وأنعمه‌ الاءيمان‌. قال‌ الله‌ تعإلی‌: وَلِبَاسُ التَّقَوْي‌' ذَ ' لِكَ خَيْرٌ.[15]

 وأمّا اللباس‌ الظاهر فنعمة‌ من‌ الله‌ تعإلی‌ تستر بها عورات‌ بني‌ آدم‌. وهي‌ كرامة‌ أكرم‌الله‌ بها ذريّة‌ آدم‌ ما لم‌يكرم‌ بها غيرهم‌. وهي‌ للمؤمنين‌ آلة‌ لاداء ما افترض‌ الله‌ علیهم‌.

 ثُمَّ قَالَ: وَخَيْرُ لِبَاسِكَ مَا لاَيَشْغَلُكَ عَنِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ، بَلْ يُقَرِّبُكَ مِنْ ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَطَاعَتِهِ، وَلاَيَحْمِلُكَ علی‌ العُجْبِ وَالرِّيَاءِ وَالتَّزْيينِ وَالتَّفَاخُرِ وَالخُيَلاَءِ، فَإنَّهَا مِنْ آفَاتِ الدِّينِ وَمُورِثَةُ القَسْوَةِ فِي‌ القَلْبِ. [16]

 نلحظ‌ هنا أنّ الاءمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ يري‌ أنّ أفضل‌ لباس‌ هو اللباس‌ الذي‌ لايشغل‌ الإنسان‌ عن‌ الله‌ بغيره‌. وهذا كلام‌ جامع‌ وكامل‌ يمكن‌ أن‌ نفرّع‌ منه‌ فروعاً كثيرة‌.

 ذلك‌ أ نّه‌ جعل‌ المعيار الوحيد للباس‌ من‌ حيث‌ جنسه‌ ونوعه‌، وقدمه‌ وجدته‌، وقيمته‌ وتفاهته‌، وسائر الجهات‌ الاُخري‌ هو أ نّه‌ لايشغل‌ الإنسان‌ عن‌الله‌ بغيرالله‌. وهذا كلام‌ كلّي‌ّ وعامّ يشمل‌ ملابس‌ متنوعة‌ حسب‌ المصاديق‌ المختلفة‌.

 إذ إنّ البعض‌ عندما يرتدي‌ لباساً قشيباً، يغفل‌ عن‌ ذكر الله‌. فلاينبغي‌ له‌ أن‌ يرتديه‌. والبعض‌ الآخر عندما يرتدي‌ لباساً قديماً ومرقّعاً، فإنّه‌ يركّز نظره‌ وانتباهه‌ علی‌ قِدَمه‌ وترقيعه‌، فليس‌ له‌ أن‌ يلبسه‌، ذلك‌ أ نّه‌ عندما يشغل‌ باله‌ باللباس‌، سواء من‌ حيث‌ جماله‌، أم‌ من‌ حيث‌ قِدَمه‌، فإنّ هذا الانشغال‌ انشغال‌ بغير الله‌.

 ويجب‌ أن‌ يكون‌ اللباس‌ عاديّاً، ولا يثير اختلافاً عند لابسه‌، قديماً كان‌ أم‌ جديداً، ومرقّعاً كان‌ أم‌ سليماً، ويكون‌ عاديّاً تماماً، ولايجلب‌ انتباه‌ صاحبه‌، وإلاّ فإنّ جلب‌ الانتباه‌ هذا مذموم‌.

 وكذلك‌ يمكن‌ بتنقيح‌ المناط‌ القطعي‌ّ أن‌ نستنتج‌ من‌ هذه‌ العبارة‌ ما يأتي‌: خَيْرُ مَعَاشِكَ مَا لاَيَشْغَلُكَ عَنِ اللَهِ. وَخَيْرُ دَارِ سُكْنَاكَ مَا لاَيَشْغَلُكَ عَنِ اللَهِ، وَخَيْرُ رَفِيقِكَ مَنْ لاَيَشْغَلُكَ عَنِ اللَهِ، وَخَيْرُ زَوْجَتِكَ مَنْ لاَتَشْغَلُكَ عَنِ اللَهِ! وَخَيْرُ بَنِيكَ مَنْ لاَيَشْغَلُونَكَ عَنِ اللَهِ! وَخَيْرُ وَطَنِكِ! وَخَيْرُ عُمْرِكَ! وَخَيْرُ عِلْمِكَ! وَخَيْرُ عَمَلِكَ! وَهَلُمَّ جَرَّاً!

 ونقل‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ عن‌ الشيخ‌ إبراهيم‌ البيجوري‌ّ شارح‌ «الشمائل‌ المحمديّة‌» أ نّه‌ قال‌ في‌ لباس‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌: إنّ المصطفي‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ قد أثر رثاثة‌ الملبس‌، وكان‌ أكثر لبسه‌ الخشن‌ من‌ الثياب‌. وكان‌ يلبس‌ الثوب‌ ولم‌يقتصر من‌ اللباس‌ علی‌ صنف‌ بعينه‌، ولم‌تطلب‌ نفسه‌ التعإلی‌ فيه‌ بل‌ اقتصر علی‌ ما تدعو إلیه‌ ضرورته‌، لكنّه‌ كان‌ يلبس‌ الرفيع‌ منه‌ أحياناً. فقد أُهديت‌ له‌ حلّة‌ اشتريت‌ بثلاثة‌ وثلاثين‌ بعيراً أو ناقة‌ فلبسها مرّة‌.

 إلی‌ أن‌ قال‌: وقد تبع‌ السلف‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ رثاثة‌ الملبس‌ إظهاراً لحقارة‌ ما حقّره‌ الله‌ لمّا رأوا تفاخر أهل‌ اللهو بالزينة‌ والملبس‌. والآن‌ قست‌ القلوب‌ ونسي‌ ذلك‌ المعني‌، فاتّخذ الغافلون‌ الرثاثة‌ شبكة‌ يصيدون‌ بها الدنيا فانعكس‌ الحال‌.

 وقد أنكر شخص‌ ذو أسمال‌ علی‌ الشاذلي‌ّ. جمال‌ هيئته‌، فقال‌: ياهذا! هيئتي‌ تقول‌: الحمدللّه‌، وهيئتك‌ تقول‌: اعطوني‌!

 وفي‌ «نهج‌ البلاغة‌» لمّا رؤي‌ علی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ إزار خلق‌ مرقوع‌، فقيل‌ له‌ في‌ ذلك‌. فقال‌: يخشع‌ له‌ القلب‌، وتذلّ به‌ النفس‌، ويقتدي‌ به‌ المؤمنون‌.

 الرجوع الي الفهرس

التأسّي‌ برسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ يوجب‌ النجاة

 وجاء في‌ رواية‌ عن‌ الاءمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ أنّ لباس‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ القميص‌ إلی‌ فوق‌ الكعب‌، والاءزار إلی‌ نصف‌ الساق‌، والرداء من‌ بين‌ يديه‌ إلی‌ ثدييه‌، ومن‌ خلفه‌ إلی‌ إلیته‌، اشتري‌ كلّها بدينار، ولمّا لبسه‌، رفع‌ يده‌ إلی‌ السماء فلم‌يزل‌ يحمدالله‌ علی‌ ما أكساه‌! حتّي‌ دخل‌ منزله‌، ثمّ قال‌: هذا اللباس‌ الذي‌ ينبغي‌ للمسلمين‌ أن‌ يلبسوه‌. [17]

 ومعلوم‌ أنّ التأسّي‌ بهؤلاء العظماء، والاقتداء بسنّة‌ هؤلاء الكبار من‌ أولياءالله‌ تعإلی‌، كم‌ هو مفيد لسعادة‌ الدنيا والآخرة‌. وكم‌ يؤدّي‌ الابتعاد عن‌ هذا النهج‌ القويم‌ إلی‌ سقوط‌ البشر في‌ مستنقع‌ الآراء والاهواء الآسن‌، وإغراقهم‌ فيه‌، حتّي‌ يبدو الامل‌ بعيداً في‌ التخلّص‌ منه‌.

 ونقرأ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» أنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ تحدّث‌ عن‌ عدد من‌ الانبياء كموسي‌، وداود، وعيسي‌ علیهم‌ السلام‌، ثمّ دعا إلی‌ التأسّي‌ برسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، وكرّر دعوته‌ إلی‌ ذلك‌.

 قال‌ في‌ البداية‌: وَلَقَدْ كَانَ في‌ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ كَافٍ لَكَ في‌ الاُسْوَةِ، وَدَلِيلٌ لَكَ علی‌ ذَمِّ الدُّنْيَا وَعَيْبِهَا وَكَثْرَةِ مَخَازِيها وَمَساوِيهَا.

 وقال‌ بعد شرح‌ شي‌ء من‌ منهاج‌ رسول‌ الله‌:

 فَتَأسَّ بِنَبِيِّكَ الاَطْيَبِ الاَطْهَرِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ، فَإنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّي‌ وَعَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّي‌، وَأحَبُّ العِبَادِ إلی‌ اللَهِ المُتأَسِّي‌ بِنَبِيِّهِ وَالمُقْتَصُّ لاِثَرَهِ.

 وبعد أن‌ تحدّث‌ عن‌ أحوال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ ونهجه‌ في‌ الخضوع‌ والخشوع‌ والتواضع‌ والاءعراض‌ عن‌ الدنيا وزينتها التي‌ أبعدها حتّي‌ عن‌ قلبه‌ وعينه‌، ولم‌يجب‌ أن‌ يذكرها، قال‌:

 وَلَقَدْ كَانَ في‌ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ مَا يَدُلُّكَ علی‌ مَسَاوِي‌ الدُّنْيَا وَعُيُوبِهَا، إذْ جَاعَ مَعَ خَاصَّتِهِ وَزُوِيَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ، فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ أَأَكْرَمَ اللَهُ بِذَلِكَ مُحَمَّدَاً أمْ أهَانَهُ؟!

 فَإنْ قَالَ: أهَانَهُ، فَقَدْ كَذَبَ وَالعَظِيمِ، وَإنْ قَالَ: أكْرَمُهُ، فَلْيَعْلَمْ أنَّ اللَهَ قَدْ أهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ، وَزَوَاهَا عَنْ أقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ.

 فَتَأَسَّي‌ مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّهِ، وَاقْتَصَّ أثَرَهُ، وَوَلَجَ مَوْلِجَهُ، وَإلاَّ فَلاَيَأمَنِ الهَلَكَةَ، فَإنَّ اللَهَ جَعَلَ مُحَمَّدَاً صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ عَلَمَاً لِلسَّاعَةِ، وَمُبَشِّرَاً بِالجَنَّةِ وَمُنْذِرَاً بِالعُقُوبَةِ.[18]

 ونَقرأ في‌ القرآن‌ الكريم‌ قوله‌ تعإلی‌: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي‌ رَسُولِاللَهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن‌ كَانَ يَرْجُوا اللَهَ وَإلیوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللَهَ كَثِيرًا. [19]

 الرجوع الي الفهرس

قبّعة‌ المسلمين‌ ولباسهم‌ ينبغي‌ أن‌ يكونا مثل‌ ما كان‌ لرسول‌ الله‌ منهما

 ونستخلص‌ ممّا قيل‌ أنّ رسول‌ الله‌ كان‌ أُسوة‌ بارزة‌ وماثلة‌ وقابلة‌ للتأسّي‌ الصالح‌، سواء في‌ الاُمور الدنيويّة‌ أم‌ الاُخرويّة‌، والظاهريّة‌ أم‌ الباطنيّة‌، والفرديّة‌ أم‌ الاجتماعيّة‌، واللباس‌ والمسكن‌، والغذاء، والنكاح‌، والحرب‌ والسلم‌.

 ومادام‌ المسلمون‌ يتّبعون‌ ذلك‌ المَعْلَم‌[20] الحقّ المتحقّق‌ بالحقيقة‌ في‌ هذه‌ الامُور، وكانت‌ قبّعتهم‌ بسيطة‌، وعمامتهم‌ علی‌ رأسهم‌، ولباسهم‌ واسعاً، ولم‌يكن‌ قصيراً، وفراشهم‌ بسيطاً بلاتجملّ، وبيوتهم‌ وعوائلهم‌ علی‌ ذلك‌ المنهاج‌، فإنّ حياتهم‌ طيّبة‌ مقرونة‌ بالعيش‌ الهاني‌، وهدوء البال‌، وسكينة‌ الخاطر. ويقضون‌ أعمارهم‌ بالصحّة‌ وسلامة‌ الروح‌ والعزّة‌ واطمئنان‌ الفكر والاءيقان‌ والاءيمان‌.

 وعندما ترك‌ المسلمون‌ تلك‌ التقإلید والآداب‌ بسبب‌ سيطرة‌ الغرب‌، وغلبة‌ الكفّار علیهم‌، لبسوا القبّعات‌، ووضعوا الرباط‌ والزنّار الذي‌ هو الصليب‌ الخاصّ بالنصاري‌، وضيّقوا لباسهم‌ وقصّروه‌، حتّي‌ بلغ‌ تحت‌ الظهر، بحيث‌ إنّهم‌ إذا انحنوا، فإنّ أجسامهم‌ تظهر من‌ تحت‌ اللباس‌، ولبسوا السترة‌ والبنطلون‌ بدل‌ الاءزار والجبّة‌.[21] وحلقوا لحاهم‌. وبصورة‌ عامّة‌، أنّ رجالهم‌ ونساءهم‌ علی‌ السواء قلّدوا آداب‌ الكفر، وخاطوا ملابسهم‌ محاكاة‌ لازيائهم‌، وعيّنوا نوعها وموضتها وفقاً ذلك‌، وتختّموا بحلقة‌ أو خاتم‌ من‌ الذهب‌ في‌ يدهم‌ إلیسري‌، بدل‌ التختّم‌ بخاتم‌ فضّة‌ أو الفيروزج‌ أو العقيق‌ بيدهم‌ إلیمني‌، وارتدوا لباس‌ الذلّة‌ والاسر، واستُرقّوا خاضعين‌ للسيطرة‌ الفكريّة‌ التي‌ تفرضها حكومة‌ الكفر علیهم‌، ففقدوا بذلك‌ السعادة‌ بكلّ ضروبها، وضيّعوها مجّاناً، ونشروا علی‌ رؤوسهم‌ تراب‌ الذلّة‌ والمسكنة‌ وعسر المعيشة‌ والحياة‌ الضنكي‌ والذليلة‌ بأيديهم‌.

 في‌ أي‌ّ ملّة‌ ومذهب‌، وأي‌ّ طريقة‌ ودين‌، وأي‌ّ عقل‌ وضمير طاهر، يسمح‌ الإنسان‌ لنفسه‌ أن‌ يحلق‌ لحيته‌ في‌ كلّ يوم‌؟! هل‌ وردت‌ فيه‌ مصلحة‌ في‌ كتب‌ الطبّ؟ أو أنّ له‌ علامة‌ وأمارة‌ في‌ كتب‌ الآداب‌؟ أو جاء في‌ كتب‌ الاقتصاد شرح‌ لثمراته‌ ومعطياته‌؟ وفي‌ أي‌ّ منطق‌ وحكم‌ يجيز المرء لنفسه‌ أن‌ يرتدي‌ لباساً ضيّقاً، ويُمني‌ بأنواع‌ المرض‌؟ هل‌ الرباط‌ والزُّنَّار والصليب‌ منطقي‌ّ وبرهاني‌ّ، وهو الذي‌ كان‌ يشدّه‌ النصاري‌ علی‌ بطونهم‌ قبل‌ الحروب‌ الصليبيّة‌، ثمّ شدّه‌ علی‌ أعناقهم‌ بعدها، وت علیقه‌ في‌ العنق‌ من‌ المحرّمات‌، وهو من‌ الملابس‌ المختصّة‌ بالكافرين‌، كما أ نّه‌ يبطل‌ الصلاة‌؟

 وهل‌ لخاتم‌ الذهب‌ من‌ دليل‌ وبرهان‌؟ وهو الذي‌ لاشكّ في‌ حرمته‌ للرجال‌، ولاريب‌ في‌ إبطاله‌ الصلاة‌؟ إلیست‌ هذه‌ الفصوص‌ الجميلة‌ والقيّمة‌ التي‌ أجازها الإسلام‌ كالفيروزج‌، وإلیاقوت‌، والعقيق‌، والدُّرّ، والزبرجد، واللؤلو، والزمرّد أجمل‌ من‌ لبس‌ خاتم‌ الذهب‌ لو نقشت‌ في‌ الفضّة‌ جيّداً؟ في‌ أي‌ّ حساب‌ أعمي‌ يجيز المسلم‌ لنفسه‌ أن‌ يقوم‌ بهذه‌ الاعمال‌ والتصرّفات‌، ويقلّد تقليداً بحتاً أشخاصاً لاثقافة‌ لهم‌، ولادين‌، ولاشرف‌، ولافضيلة‌، ولاعلم‌ ولاتقوي‌، ولاإيثار ولاحميّة‌، ولاناموس‌ ولاغَيْرَة‌؟!

 ألم‌ تكن‌ الآية‌ الكريمة‌: وَلَكُمْ فِي‌ رَسُولِ اللَهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن‌ كَانَ يَرْجُوا اللَهَ وَإلیوْمَ الاْخِرَ كافية‌ لان‌ توقظ‌ هؤلاء وتنّبههم‌؟ نعم‌، إنّها كافية‌ بحمدالله‌. ونري‌ إلیوم‌ شباباً أذكياء من‌ شباب‌ الاُمّة‌ الإسلاميّة‌ قد طرحوا جميع‌ تلك‌ الآداب‌ والتقإلید التي‌ كان‌ يعمل‌ بها الشيوخ‌ الطاعنون‌ في‌ السنّ المصابون‌ بمرض‌ الاستعمار، واتّخذوا ذلك‌ المنهاج‌ هزواً، وقد أقبلوا علی‌ الثقافة‌ الإسلاميّة‌ الاصيلة‌ ببصر ثاقب‌، وبصيرة‌ حادّة‌، وذهن‌ وقّاد، وتفحّص‌ وتحسّس‌ جدير بالثناء، ولم‌يجدوا في‌ طريقهم‌ عقبة‌ إلاّ وحطّموها بزحفهم‌ القوي‌ّ المتواصل‌... وهم‌ يقتربون‌ أكثر من‌ هدف‌ النبي‌ّ الكريم‌ ومناره‌، ويشربون‌ من‌ كأس‌ الجنّة‌، وينشدّون‌ إلی‌ ذلك‌ المنهاج‌ القويم‌ وبرنامج‌ الحياة‌ الاساس‌، ويعون‌ تلك‌ الحقيقة‌، وبلوغ‌ الحقائق‌ الاصيلة‌، ومحو الاعتبارات‌ الزائفة‌، والافكار والاوهام‌ الواهية‌ علی‌ كرور الايّام‌.

 شَكَرَ اللَهُ مَسَاعِيَهُمُ الجَمِيلَةَ وَبَلَّغَهُمْ غَايَةَ مُنَاهُمْ علی‌ النَّهْجَةِ المَرْضِيَةِ.

 الرجوع الي الفهرس

عمائم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌

العمامة‌ تاج‌ العزّة‌

 وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يضع‌ العمامة‌ علی‌ رأسه‌، وأحياناً يضع‌ القَلَنْسُوة[22]أو البُرْطُلَة‌. [23] وأفضل‌ ما يضع‌ علی‌ رأسه‌ هو العمامة‌ التي‌ كان‌ يثني‌ علیها ويسمّيها تاج‌ الملائكة‌ وتاج‌ العرب‌.

 قال‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار»: وكان‌ يلبس‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ القلانس‌ تحت‌ العمامة‌، ويلبس‌ القلانس‌ بغير العمامة‌، والعمامة‌ بغير القلانس‌. وكان‌ يلبس‌ البرطلة‌. وكان‌ يلبس‌ من‌ القلانس‌ التيهيّة‌ إلیمنيّة‌، ومن‌ البيض‌ المصريّة‌ (المضرّبة‌ في‌ نسخة‌ البدل‌) ويلبس‌ القلانس‌ ذوات‌ الآذان‌ في‌ الحرب‌. منها ما يكون‌ من‌ السياجان[24] الخضر.

 وكان‌ ] رسول‌الله‌ [ ربما نزع‌ قلنسوته‌ فجعلها سترة‌ بين‌ يديه‌ يصلّي‌ إلیها. [25]

 وكان‌ كثيراً ما يتعمّم‌ العمائم‌ الخزّ السود في‌ أسفاره‌ وغيرها، ويعتجر اعتجاراً. وربما لم‌يكن‌ له‌ العمامة‌ فيشدّ العصابة‌ علی‌ رأسه‌ أو علی‌ جبهته‌. وكثيراً ما كان‌ يُري‌ قد شدّ العصابة‌ علی‌ رأسه‌ أو علی‌ جبهته‌.

 وكانت‌ له‌ عمامة‌ يعتمّ بها يقال‌ لها: السحاب‌. فكساها علیاً. وكان‌ ربما طلع‌ علی‌ّ فيها. فيقول‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌: أَتَاكُمْ علی‌ٌّ فِي‌ السَّحَابِ!

 وقالت‌ عائشة‌: ولقد لبس‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ جبّة‌ صوف‌ وعمامة‌ صوف‌، ثمّ خرج‌ فخطب‌ الناس‌ علی‌ المنبر. فما رأيتُ شيئاً ممّا خلق‌ الله‌ تعإلی‌ أحسن‌ منه‌ فيها. [26]

 في‌ يوم‌ عيد الغدير شدّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ العمامة‌ علی‌ رأس‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وكان‌ ذلك‌ بسبب‌ انتصابه‌ في‌ مقام‌ الخلافة‌ والاءمامة‌ والولاية‌، لانّ صاحب‌ الخلافة‌ قد تعيّن‌ وتحدّد لرسول‌الله‌ في‌ هذا إلیوم‌، وأُضفي‌ علیه‌ عنوان‌ الاءمارة‌ والحكومة‌ وخلافة‌ مقام‌ النبوّة‌ وحمل‌ أعباء الولاية‌، ولابدّ من‌ التتويج‌ طبعاً يومئذٍ، ولكن‌ ليس‌كتتويج‌ الملوك‌ الجائرين‌ والسلاطين‌ الجبّارين‌ الذين‌ صنعوا العقيق‌ وإلیاقوت‌ والدرّ من‌ دموع‌ الارامل‌ والايتام‌، وأنّات‌ الايتام‌ والمحرومين‌، ووضعوه‌ علی‌ قبّعاتهم‌ الذهبيّة‌.

 فالتتويج‌ ليس‌ من‌ هذا الضرب‌، بل‌ هو مَعْلَمُ فخرٍ وشرف‌ لفضيلة‌ الاءمامة‌ الاءلهيّة‌ الحقّة‌. والولاية‌ الربوبيّة‌ الحقيقيّة‌ الكبري‌، وأنّ الرسول‌ الاكرم‌ خاتم‌ السفراء المكرّمين‌، وأفضل‌ الانبياء والمرسلين‌ دعا خليفته‌ الوحيد الذي‌ هو كنفسه‌، ذو قيمة‌ ومقام‌ ومنصب‌، وعمّمه‌ بعمامته‌ المعروفة‌ بالسحاب‌ التي‌ لها طرفان‌، الاوّل‌ معلّق‌ من‌ الامام‌ وهو أقصر، والثاني‌ معلّق‌ من‌ الخلف‌، وهو أطول‌. ولُفّت‌ هذه‌ العمامة‌ علی‌ رأس‌ علی‌ّ عدّة‌ لفّات‌، وأصبح‌ بذلك‌ متوّجاً بتاج‌ الكرامة‌ وعلامة‌ الولاية‌. وتلك‌ العمامة‌ هي‌ عمامة‌ السحاب‌ التي‌ هي‌ من‌ مختصّات‌ عمائم‌ رسول‌الله‌ كفصّ الخاتم‌ الذي‌ ينزعه‌ السلطان‌ من‌ يده‌ ويضعه‌ في‌ يد خليفته‌، أو كالتاج‌ الذي‌ يرفعه‌ من‌ رأسه‌ ويضعه‌ علی‌ رأس‌ القائم‌ مقامه‌ من‌ بعده‌، أو كردائه‌ وعباءته‌ ولباسه‌ الخاصّ به‌ الذي‌ ينزعه‌ ويلبسه‌ إيّاه‌، وكلّ ذلك‌ مَعْلَم‌ علی‌ إعطاء المنصب‌.

 أجل‌، كانت‌ العمامة‌ عند العرب‌ لباساً محترماً ومعظّماً يلبسه‌ أشرافهم‌ وكبارهم‌، وهي‌ بمنزلة‌ التاج‌ الذي‌ كان‌ ملوك‌ الفرس‌ يضعونه‌ علی‌ رؤوسهم‌.

 أخرج‌ مجد الدين‌ بن‌ الاثير الجَزَري‌ّ في‌ حديث‌ قُتَادة‌ أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ قال‌: العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ.

 ثمّ قال‌ في‌ شرحها: التيجان‌ جمع‌ تاج‌، وهو ما يصاغ‌ للملوك‌ من‌ الذهب‌ والجواهر. ] ومعناه‌ أن‌ تقول‌ [: وَقَدْ تَوَّجْتُهُ إذا ألبَسْتَهُ التاج‌ أراد ] رسول‌الله‌ [ أنّ العمائم‌ للعرب‌ بمنزلة‌ التيجان‌ للملوك‌، لا نّهم‌ أكثر ما يكونون‌ في‌ البوادي‌ مكشوفي‌ الرؤوس‌ أو بالقلانس‌، والعمائم‌ فيهم‌ قليلة‌. [27]

 وذكر السيوطي‌ّ في‌ «الجامع‌ الصغير» أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ قال‌:

 العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ، فَإذَا وَضَعُوا العَمَائِمَ وَضَعُوا عِزَّهُمْ. [28] وروي‌ السيوطي‌ّ هذا الحديث‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وعدّه‌ حديثاً صحيحاً.

 وقال‌ عبد الرؤوف‌ المَنَاوي‌ّ في‌ حاشية‌ «الجامع‌ الصغير» إنّ رسول‌الله‌ قال‌: العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ، إذَا وَضَعُوهَا وَضَعَ اللَهُ عِزَّهُمْ. [29]

 وقال‌ الزبيدي‌ّ في‌ «تاج‌ العروس‌»: التاج‌: الاءكْليل‌، والفضّة‌، والعمامة‌، والاخير علی‌ التشبيه‌، وجمعه‌ تيجان‌ وأتواج‌. والعرب‌ تسمّي‌ العمامة‌: التاج‌. ثمّ ذكر حديث‌ رسول‌الله‌، ونقل‌ ما أوردناه‌ هنا عن‌ الجَزَري‌ّ في‌ «النهاية‌». ثمّ قال‌: وَتَوَّجَهُ، أيّ: سَوَّدَهُ وَعَمَّمَهُ. [30]

 وقال‌ الزبيدي‌ّ أيضاً في‌ مادّة‌ عَمَمَ: وَالعِمامة‌ بالكسر المغفر والبيضة‌،[31] يكنّي‌ بها عنهما. قال‌ شيخنا: وضبطه‌ بعض‌ شرّاح‌ كتاب‌ «الشمائل‌» بالفتح‌ أيضاً، وهو غلط‌. والاصل‌ فيها ما يلفّ علی‌ الرأس‌. والجمع‌ عَمَائم‌، وعِمام‌ بالكسر. إلی‌ أن‌ قال‌:

 ومن‌ المجاز عُمِّمَ بالضمّ، أي‌: سُوِّدَ، لانّ تيجان‌ العرب‌ العمائم‌. فكلمّا قيل‌ في‌ العجم‌: توّج‌ من‌ التاج‌، قيل‌ في‌ العرب‌: عُمِّمِ. قال‌ الشاعر: وَفِيهِمْ إذْ عَمَّمَ المُعَمِّم‌.

 وكانوا إذا سوّدوا رجلاً، عمّموه‌ عِمَامَة‌ حَمْرَاء، وكانت‌ الفُرس‌ تتوّج‌ ملوكها، فيقال‌ له‌: مُتَوَّج‌، كما قالت‌ العرب‌: مُعَمَّم‌. وعَمَّمَ رَأسَهُ: لُفَّت‌ علیه‌ العمامة‌ مثل‌ عُمَّ بالضمّ. [32]

 وقال‌ الشَّبْلَنجِي‌ّ: من‌ ألقاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: صاحب‌ التاج‌. والمراد من‌ التاج‌: العمامة‌، لا نّه‌ كما ورد في‌ الحديث‌: العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ. [33]

 الرجوع الي الفهرس

رسول‌ الله‌ يضع‌ العمامة‌ علی‌ رأس‌ أمير المؤمنين‌ في‌ يوم‌ عيد الغدير

 و علی‌ هذا الاساس‌ عمّم‌ رسول‌ الله‌ صليّ الله‌ علیه‌ وآله‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ بهيئة‌ خاصّة‌ تعرب‌ عن‌ الجلال‌ والعظمة‌، وتوَّجه‌ بهذا التاج‌، وكلّله‌ بهذا الاءكليل‌، ولفّ بيده‌ المباركة‌ عمامة‌ السحاب‌ علی‌ رأسه‌، وذلك‌ بعد أن‌ نصبه‌ في‌ الولاية‌، وقال‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی‌ٌّ مَوْلاَهُ. وسمّاه‌ أميرالمؤمنين‌ وعيّنه‌ أميراً علی‌ أُولئك‌ الاشخاص‌، وأمر أصحابه‌ ونساءه‌ أن‌ يهنّئوه‌ ويسلّموا علیه‌ بلفظ‌ الاءمارة‌ قائلين‌: السَّلاَمُ علیكَ يَاأَمِيرَالمُؤْمِنِينَ. ودلّ بعمله‌ هذا في‌ ذلك‌ المحتشد العظيم‌ علی‌ أنّ له‌. الاءمارة‌ والولاية‌ والحكومة‌ كالرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ مع‌ الفارق‌ المتمثّل‌ أنّ رسول‌الله‌ هو الاصل‌، و علیاً هو الفرع‌ والقائم‌ مقامه‌ من‌ بعده‌.

 الرجوع الي الفهرس

الروايات‌ الواردة‌ في‌ فضيلة‌ الاعتمام‌

 وروي‌ شيخ‌ الإسلام‌ الحَمّوئي‌ّ بعد عرض‌ روايتين‌ في‌ غدير خمّ، وذكر أشعار حسّان‌بن‌ ثابت‌، روي‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ راشد، عن‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ: إنَّ اللَهَ أَيَّدَنِي‌ يَوْمَ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ بِمَلاَئِكَةٍ مُعْتَمِّينَ هَذِهِ العِمَامَةَ. وَالعِمَامَةُ ] هِي‌َ [ الحَاجِزُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ.

 قَالَهُ لِ علی‌ٍّ لَمَّا عَمَّمَهُ يَوْمَ غَديرِ خُمٍّ بِعِمَامَةٍ سَدَلَ طَرَفَهَا علی‌ مِنْكَبِهِ. [34]

 وأخرج‌ بسندٍ متّصل‌ آخر عن‌ أحمد بن‌ عيسي‌ بن‌ عبدالله‌ المعروف‌ بأبي‌ طاهر، وعن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌، عن‌ جَعفربن‌ محمّد علیهما السلام‌ قال‌: حَدَّثَنِي‌ أَبِي‌ عَنْ جَدِّي‌ أنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ عَمَّمَ علی‌َّبْنَ أَبِي‌طَالِبٍ علیهِ السَّلاَمُ عِمَامَتَهُ السَّحَابَ، فَأَرْخَاهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ، ثُمَّ قَالَ ] لَهُ [ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ، ] فَـ [ قَالَ: هَكَذَا جَاءَتَنِي‌ المَلاَئِكَةُ. [35]

 وكذلك‌ روي‌ الحمّوئي‌ّ بسند متّصل‌ آخر، عن‌ أبي‌ راشد الحَرَّاني‌ّ، عن‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: عَمَّمَني‌ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ يَوْمَ غَديرِ خُمٍّ بِعِمَامَةٍ فَسَدَلَ طَرَفَهَا علی‌ مِنْكَبي‌، وَقَالَ: إنَّ اللَهَ أيَّدَنِي‌ يَوْمَ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ بِمَلاَئِكَةٍ مُعْتَمِّينَ بِهَذِهِ العِمَامَةِ. [36]

 وقال‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ: روي‌ الحافظ‌ عبدالله‌بن‌ أبي‌ شيبة‌، وأبو داود الطيالسي‌ّ، وابن‌ منيع‌ البغوي‌ّ، وأبوبكر البيهقي‌ّ، كما في‌ «كنز العمّال‌» عن‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌:

 عَمَّمَني‌ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ بِعِمَامَةٍ فَسَدَلَهَا خَلْفي‌ (وفي‌ لَفْظٍ: فَسَدَلَ طَرَفَهَا علی‌ مِنْكَبي‌) ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَهَ أمَدَّنِي‌ يَوْمَ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ بِمَلاَئِكَةٍ يَعْتُمُّونَ هَذِهِ العِمَّةَ. وَقَالَ: إنَّ العِمَامَةَ حَاجِزَةٌ بَيْنَ الكُفْرِ وَالاءيمَانِ. [37]

 ثمّ قال‌ الاميني‌ّ: ورواه‌ من‌ طريق‌ السيوطي‌ّ عن‌ الاعلام‌ الاربعة‌ السيّد أحْمَد القشاشي‌ّ في‌ «السِّمْط‌ المجيد».

 وفي‌ «كنز العمّال‌» عن‌ مسند عبدالله‌بن‌ الشخير، عن‌ عبدالرحمن‌بن‌ عدي‌ّ البحراني‌ّ، عن‌ أخيه‌ عبدالا علی‌بن‌ عدي‌ّ: إنَّ رَسُولَاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِه‌ دَعَا علی‌َّبْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ فَعَمَّمَهُ وَأَرْخَي‌ عَذَبَةَ العِمَامَةِ مِنْ خَلْفِهِ. [38] (الديلمي‌ّ).

 وعن‌ الحافظ‌ الديلمي‌ّ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ قَالَ: لَمَّا عَمَّمَ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ علیاً بِالسَّحَابِ، قَالَ لَهُ: يَا علی‌ُّ! العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ.

 وعن‌ ابن‌ شاذان‌ في‌ مشيخته‌ عن‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌: إنَّ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ عَمَّمَهُ بِيَدِهِ فَذَنَّبَ العِمَامَةَ مِنْ وَرَائِهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: أَدْبِرْ فَأدْبَرَ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأقْبَلَ.

 وَأَقْبَلَ علی‌ أصْحَابِهِ فَقَالَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: هَكَذَا تَكُونُ تِيجَانُ المَلاَئِكَةِ.

 وأخرج‌ الحافظ‌ أبو نعيم‌ في‌ «معرفة‌ الصحابة‌»، ومحبّالدين‌ الطبري‌ّ في‌ «الرياض‌ النضرة‌» عن‌ عبدالا علی‌بن‌ عدي‌ّ النهرواني‌ّ: إنَّ رَسُولَاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دَعَا علیاً يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ فَعَمَّمَهُ وَأَرْخَي‌ عَذَبَةَ العِمَامَةِ مِنْ خَلْفِهِ.

 وذكر العلاّمة‌ الزرقاني‌ّ في‌ «شرح‌ المواهب‌». [39]

 ونقل‌ المولي‌ علی‌ّ المتّقي‌ الهندي‌ّ أحاديث‌ عن‌ رسول‌الله‌ في‌ فضيلة‌ العمامة‌. فيما يأتي‌ بعضها: أخرج‌ الباوردي‌ّ عن‌ ركانة‌، قال‌: العِمَامَةُ علی‌ القَلَنْسُوةِ فَصْلُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ المُشْرِكِينَ، وَيُعْطَي‌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِكُلِّ كَوْرَةٍ يَدُورُهَا علی‌ رَأسِهِ نُورَاً.

 وعن‌ «المعجم‌ الكبير» للطبراني‌ّ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌، وعن‌ الطبراني‌ّ أيضاً، عن‌ أُسامة‌: اعْتَمُّوا تَزْدَادُوا حِلْمَاً!

 وعن‌ البيهقي‌ّ في‌ «شعب‌ الاءيمان‌»، عن‌ خالدبن‌ معدان‌ مرسلاً: اعْتَمُّوا خَالِفُوا الاُمَمَ قَبْلَكُمْ!

 وعن‌ الديلمي‌ّ في‌ «مسند الفردوس‌» لجابر:

 رَكْعَتَانِ بِعِمَامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلاَعِمَامَةٍ.

 وعن‌ ابن‌ عساكر، عن‌ عبدالله‌بن‌ عمر: صَلاَةُ تَطَوَّعٍ أوْ فَرِيضَةٍ بِعِمَامَةٍ تَعْدِلُ خَمْساً وَعِشْرِينَ صَلاَةً بِلاَعِمَامَةٍ وَجُمْعَةٌ بِعِمَامَةٍ تَعْدِلُ سَبْعِينَ جُمْعَةً بِلاَعِمَامَةٍ.

 وعن‌ الطبراني‌، عن‌ ابن‌ عمر، وعن‌ البيهقي‌ّ في‌ «شعب‌ الاءيمان‌»، عن‌ عبادة‌:

 علیكُمْ بِالعَمَائِمِ، فَإنَّها سِيمَا المَلاَئِكَةِ، وَأَرْخُوا لَهَا خَلْفَ ظُهُورِكُمْ!

 إئْتُوا المَسَاجِدَ حَسِرَاً وَمُعَصَّبِينَ! فَإنَّ العَمَائِمَ تِيجَانُ المُسْلِمِينَ! [40]

 وعن‌ الديلمي‌ّ، عن‌ عمران‌ بن‌ حصين‌: العَمَائِمُ وَقَارٌ لِلمُؤمِنِ، وعِزٌّ لِلعَرَبِ، فَإذَا وَضَعَتِ العَرَبُ عَمَائِمَهَا وَضَعَتْ عِزَّهَا.

 وعن‌ الديلمي‌ّ أيضاً، عن‌ ركانة‌، لاَتَزَالُ أُمَّتي‌ علی‌ الفِطْرَةِ مَا لَبِسُوا العَمَائِمَ علی‌ القَلاَنِسْ. [41]

 أجل‌، كما رأينا في‌ أحاديث‌ كثيرة‌ أ نّها سنّة‌ أكيدة‌ علی‌ المسلمين‌ أن‌ يعتمّوا، وذلك‌ عزّ وشرف‌. ويوجب‌ قبول‌ الصلاة‌ والجزاء علیها أضعافاً مضاعفة‌، لانّ هذا اللباس‌ لباس‌ النبي‌ّ وأميرالمؤمنين‌. ولكن‌ ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ تلك‌ العمامة‌ الواردة‌ في‌ الشرع‌ المطهّر ليست‌ كالعمائم‌ المألوفة‌، لا نّها ليست‌ أكثر من‌ كَورتين‌ أو ثلاث‌ كورات‌ أوّلاً. وثانياً: ينبغي‌ أن‌ يُرْخَي‌ طرفاها من‌ الامام‌ ومن‌ الخلف‌، لاأن‌ يُدْخَلاَ في‌ طيّاتها.

 وكذلك‌ يستحبّ للاءنسان‌ مطلقاً، وبخاصّة‌ عند الصلاة‌، وخطبة‌ الجمعة‌، والعيدين‌. أن‌ يحمل‌ الرداء علی‌ منكبه‌. والرداء غيرالعباءة‌ المألوفة‌ هذا إلیوم‌، بل‌ هو حلّة‌ بهيئة‌ لباس‌ الاءحرام‌ يُلْقَي‌ علی‌ المنكب‌. ونأمل‌ أن‌ تعود الميول‌ والاتّجاهات‌ من‌ هذه‌ العادات‌ والتقإلید إلی‌ حقيقتها الاُولي‌ بعد الركون‌ إلی‌ حقائق‌ الإسلام‌.

 كم‌ كان‌ الاستعمار الكافر يقظاً في‌ زحفه‌ علی‌ المسلمين‌، إذ خطّط‌ لمؤامرة‌ ثقافيّة‌ وأدبيّة‌ ملحّة‌، واستعمل‌ التعذيب‌ والسجن‌، فقام‌ أوّل‌ ما قام‌ بنزع‌ العمائم‌ من‌ الرؤوس‌. ولم‌تكن‌ العمامة‌ سابقاً لباساً خاصاً للفقهاء والعلماء، بل‌ كان‌ يلبسها جميع‌ الناس‌ بشتّي‌ طبقاتهم‌، إمّا بدون‌ طربوش‌ أو يشدّونها علیه‌.

 كان‌ الاستعمار يأخذ الناس‌ إلی‌ القوميسيريّة‌، وينزع‌ عمائمهم‌، ويشقّ جُبَبَهم‌، ويسلب‌ عباءاتهم‌، ويقول‌ لهم‌: من‌ الضروري‌ّ أن‌ تلبسو زيّاً موحّداً! وأي‌ّ زي‌ّ؟ إنّه‌ الزي‌ُّ الاُوروبّي‌ّ. ضعوا علی‌ رؤوسكم‌، والبسوا السترة‌ والبنطلون‌. وإنّ حلق‌ اللحي‌، وت علیق‌ الزنّار والرباط‌ من‌ الواجبات‌ في‌ الدوائر الحكوميّة‌.

 وكانوا يقولون‌: ليس‌ شرف‌ الإنسان‌ في‌ اللباس‌، بل‌ بالعلم‌، والعلم‌ حيثما كان‌، علم‌، والعالم‌ في‌ أي‌ّ لباس‌ كان‌، هو عالم‌.

 لقد كانوا يقولون‌ خطأً ويغالطون‌. فشرف‌ الإنسان‌ بلباس‌ النبي‌ّ، وبالهيئة‌ التي‌ علیها عمامة‌ المولي‌ أميرالمؤمنين‌. ولو كان‌ العالم‌ في‌ لباس‌ النبي‌ّ، فهو عالم‌ ديني‌ّ. ولباس‌ الكفر يمثّل‌ مدرسة‌ الكفر ويجسّد الاءلحاد والانحراف‌. وإنّ جنود كلّ مملكة‌ يعرفون‌ بلباسهم‌ ولونه‌ وشعاره‌.

 وفي‌ العصر البهلوي‌ّ عندما كانوا ينزعون‌ العمائم‌، ولم‌يسمحوا بالعِمَّة‌ قطّ، نُقل‌ عن‌ أحد علماء تبريز أ نّه‌ كان‌ يقول‌: جاء مدير الشرطة‌ ذات‌ يوم‌ إلی‌ بيتي‌ يبلّغني‌ أن‌ أخلع‌ العمامة‌، فرفضت‌، فقال‌ لي‌: يا سماحة‌ السيّد! إنّ العلم‌ ليس‌ بالعمامة‌ واللباس‌. ولاتختلف‌ شخصيّة‌ الإنسان‌ سواء كان‌ بالعمامة‌ أم‌ بغيرها، وما هو تأثير العمامة‌؟! فأجبته‌ قائلاً: كنّا نخال‌ إلی‌ الآن‌ أنّ العمامة‌ لاتأثير لها علی‌ الشخصيّة‌ والعلم‌، والعالم‌ يبقي‌ عالماً مهما كان‌ لباسه‌، بَيدَ أنّ إصرارك‌ وإلحاحك‌ علی‌ نزع‌ العمامة‌ أثار عندنا الشكّ وجعلنا نوقن‌ أنّ للعمامة‌ تأثيرها الملحوظ‌، فلهذا نحن‌ مجدّون‌ في‌ الاحتفاظ‌ بعمائمنا.

 للّه‌ الحمد وله‌ المنّة‌ إذ انكسر الكأس‌ هذا إلیوم‌ وأُريق‌ شرابه‌.

 أجل‌، لم‌ نقصّر إلی‌ الآن‌ في‌ شرح‌ الابحاث‌ المتعلّقة‌ بغدير خمّ ما استطعنا إلی‌ ذلك‌ سبيلاً، وله‌ الشكر إذ نختم‌ بهذا الشكل‌ النفيس‌ ما انساب‌ من‌ القلم‌. وسنواصل‌ حديثنا عن‌ الابحاث‌ الباقية‌ من‌ دروس‌ «معرفة‌ الاءمام‌»، وله‌ الحمد في‌ الاُولي‌ والآخرة‌، وآخر دعوانا أن‌ الحمد للّه‌ ربّالعالمين‌. تمّ في‌ عصر يوم‌ العشرين‌ من‌ شهر ربيع‌ المولود سنة‌ ستّ وأربعمائة‌ وألف‌ هجريّة‌ في‌ مدينة‌ مشهد المقدّسة‌ علی‌ شاهدها آلاف‌ التحيّة‌ والاءكرام‌. 

 الی المجلد العاشر

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآيات‌ 51 إلی‌ 59، من‌ السورة‌ 44: الدخان‌.

[2] ـ «تفسير الفخر الرازي‌ّ» ج‌ 7، ص‌ 477، طبعة‌ مطبعة‌ السعادة‌.

[3] ـ «تفسير القرآن‌»، لابن‌ كثير، ج‌ 6، ص‌ 262، طبعة‌ دار الفكر، وجاءت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «صحيح‌ البخاري‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 98 و 99، كتاب‌ الرقاق‌، طبعة‌ بولاق‌ سنة‌ 1312 ه عن‌ أبي‌ هريرة‌ وعائشة‌. وفي‌ رواية‌ أبي‌ هريرة‌ إضافة‌ هي‌: سَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا، وَرُوحُوا، وَشَي‌ء مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلِغُوا!

[4] ـ «صحيح‌ البخاري‌ّ» ج‌ 8، كتاب‌ الرقاق‌، ص‌ 105، طبعة‌ بولاق‌. وجاء صدر هذا الحديث‌ حتّي‌ قوله‌: وَإنْ سَألني‌ أعطيته‌ في‌ الصفحة‌ 68 من‌ كتاب‌ «كلمة‌ الله‌». وقال‌ في‌ الصفحة‌ 518 من‌ هذا الكتاب‌: أصل‌ هذا الحديث‌ أوّلاً في‌ «المحاسن‌» للبرقي‌ّ عن‌ عبدالرحمن‌بن‌ حمادة‌، عن‌ حنان‌بن‌ سدير، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌. والآخر في‌ كتاب‌ «الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 352 إذ ورد فيه‌ بثلاثة‌ أسناد: الاوّل‌: عن‌ أبي‌ علی‌ّ الاشعري‌ّ، عن‌ محمّدبن‌ عبدالجبّار، وعن‌ محمّدبن‌ يحيي‌، وعن‌ أحمدبن‌ محمّدبن‌ عيسي‌، وكلاهما رواه‌ عن‌ ابن‌ فضّال‌، عن‌ علی‌ّبن‌ عقبة‌، عن‌ حمّادبن‌ بشير، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌. الثاني‌: عن‌ جماعة‌ من‌ أصحابنا، عن‌ أحمدبن‌ محمّدبن‌ خالد البرقي‌ّ، عن‌ إسماعيل‌بن‌ مهران‌، عن‌ أبي‌ سعيد القمّاط‌، عن‌ أبان‌بن‌ تغلب‌، عن‌ الإمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌. الثالث‌: عن‌ عدّة‌ من‌ أصحابنا، عن‌ سهل‌بن‌ زياد، عن‌ الحسن‌بن‌ محبوب‌، عن‌ هشام‌بن‌ سالم‌، عن‌ الم علی‌بن‌ خنيس‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌. وورد هذا الحديث‌ في‌ كثير من‌ الكتب‌، وروته‌ العامّة‌ بألفاظ‌ مختلفة‌. وقال‌ آية‌الله‌ الميرزا جواد آقا الملكي‌ّ التبريزي‌ّ رضوان‌الله‌ علیه‌ في‌ كتاب‌ «لقاء الله‌»: هذا الحديث‌ القدسي‌ّ متّفق‌ علیه‌ بين‌ جميع‌ أهل‌ الإسلام‌. وذكره‌ الغزّإلی‌ّ في‌ «إحياء العلوم‌» في‌ كتاب‌ المحبّة‌ والشوق‌ إلی‌ الله‌، ج‌ 4، ص‌ 263. وعدّه‌ العراقي‌ّ في‌ ذيل‌ الصفحة‌ من‌ حديث‌ البخاري‌ّ، عن‌ أبي‌ هريرة‌. وأوردناه‌ نحن‌ في‌ المجلس‌ التاسع‌ من‌ دورة‌ «معاد شناسي‌» (=معرفة‌ المعاد). ونقل‌ ذيل‌ هذا الحديث‌، وهو قوله‌: مَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَي‌ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ، مع‌ اختلاف‌ الالفاظ‌ في‌ «الامإلی‌» للشيخ‌ الطوسي‌ّ؛ ج‌ 2، ص‌ 29، طبعة‌ النجف‌ سنة‌ 1384؛ وفي‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 152، الطبعة‌ الحديثة‌ عن‌ «الامإلی‌» للطوسي‌ّ؛ وكذلك‌ في‌ «المحاسن‌» للبرقي‌ّ بسندين‌ آخرين‌ أحدهما: عن‌ فضيل‌ عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثمإلی‌ّ، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌. الثاني‌: عن‌ ابن‌ فضّال‌، عن‌ أبي‌ جميلة‌، عن‌ محمّدبن‌ علی‌ّ الحلبي‌ّ، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌. («المحاسن‌» للبرقي‌ّ، كتاب‌ الصفوة‌ والنور والرحمة‌ من‌ المحاسن‌، باب‌ الانفراد، ص‌ 160) ونحن‌ ذكرناه‌ في‌ المجلس‌ الثامن‌ من‌ الجزء الاوّل‌ من‌ هذا الكتاب‌ «معرفة‌ الإمام‌».

[5] ـ «سنن‌ ابن‌ ماجه‌» ج‌ 1، ص‌ 551، باب‌ صيام‌ العشر؛ طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌، و«إحياء العلوم‌» ج‌ 1، ص‌ 213.

[6] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 407 عن‌ الطبراني‌ّ في‌ «الاوسط‌».

[7] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 1، ص‌ 272 عن‌ الدمياطي‌ّ في‌ سيرته‌.

[8] ـ الآية‌ 8، من‌ السورة‌ 85: البروج‌.

[9] ـ الآية‌ 74، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.

[10] ـ أبيات‌ من‌ القصيدة‌ الكوثريّة‌ للمرحوم‌ السيّد رضا الهندي‌ّ العربي‌ّ رحمه‌الله‌، وقد نقلناها تامّة‌ في‌ الدرس‌ 102 إلی‌ 107 من‌ الجزء السابع‌ من‌ كتابنا هذا «معرفة‌ الإمام‌».

[11] ـ الآيتان‌ 30 و 31، من‌ السورة‌: 18: الكهف‌.

[12] ـ الآيات‌ 51 إلی‌ 53، من‌ السورة‌ 44: الدخان‌.

[13] ـ الآيتان‌ 23 و 24، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

[14] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 191.

[15] ـ الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[16] ـ «مصباح‌ الشريعة‌»: الباب‌ السابع‌.

[17] ـ «سفينة‌ البحار» ج‌ 2، ص‌ 503 و 504.

[18] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 158. ذكر الشيخ‌ رضي‌ّ الدين‌ أبو نصر الحسن‌بن‌ فضل‌ الطبرسي‌ّ، أحد أعيان‌ علماء الشيعة‌ وعظمائهم‌ في‌ القرن‌ السادس‌، هذه‌ الخطبة‌ كلّها في‌ أوّل‌ كتابه‌: «مكارم‌ الاخلاق‌». ووضع‌ كتابه‌ المذكور علی‌ أساسها. ويعتبر كتاب‌ «مكارم‌ الاخلاق‌» من‌ الكتب‌ النفيسة‌ التي‌ تحوي‌ مطالب‌ مهمّة‌. وكان‌ العلماء الابرار السابقون‌ يحملونه‌ معهم‌ دائماً في‌ سفرهم‌ وحضرهم‌.

[19] ـ الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

[20] معلم: مفرد معالم: ما یستدل به علی الطریق (المنجد)

[21] ـ ذكر الطبري‌ّ، وابن‌ الاثير الجزري‌ّ في‌ تاريخهما، ونقل‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ عنهما أيضاً ما نصّه‌: وَلَمّا بقي‌ الحسين‌ في‌ ثلاثة‌ أو أربعةً، دَعَا بِسَرَاويل‌ مُحَقَّقَةَ يَلْمَعُ فِيهَا البَصَرُ، يماني‌ّ مُحَقَّق‌، ففزَّرَهُ وَنَكَثَهُ لِكَيْلاَ يُسْلَبَهُ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَوْ لَبستَ تَحتَهُ التُّبَّان‌! قَالَ: ذَلِكَ ثَوْبُ مَذَلَّةٍ وَلاَيَنْبَغِي‌ لِي‌ أَن‌ أَلَبسَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ سَلَبَهُ بَحْرُبْنُ كَعْبٍ فَتَرَكَهُ مُجَرَّدًا. (التُّبَّان‌ والتُّنبان‌ سروال‌ قصير يبلغ‌ طول‌ كلّ فردة‌ منه‌ شبراً) (تاريخ‌ الاُمم‌ والملوك‌ للطبري‌ّ، طبعة‌ مطبعة‌ الاستقامة‌ بالقاهرة‌ سنة‌ 1358، ج‌ 4، ص‌ 245، وطبعة‌ دار المعارف‌ بمصر، الطبعة‌ الثانية‌ ج‌ 5، ص‌ 451؛ و«الكامل‌ في‌ التاريخ‌» ج‌ 4، ص‌ 77، طبعة‌ بيروت‌ 1385،؛ و«نفس‌ المهموم‌» ص‌ 224 و 225). وذكر صاحب‌ هذا الكتاب‌: سراويل‌ مخفّفة‌ بالفاء، وهذا سهو منه‌، لانّ خفّتها لاتنسجم‌ مع‌ السياق‌ إلاّ قليلاً، علی‌ عكس‌: محقّقة‌ بالقاف‌، أي‌، قويّة‌ النسج‌. أجل‌، إنّ القصد من‌ بيان‌ هذا الحديث‌ هو أنّ الإمام‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ عدّ السروال‌ القصير من‌ لباس‌ الذلّة‌، وأبي‌ لبسه‌. و علی‌ أساس‌ هذه‌ السيرة‌ الإسلاميّة‌ تمتنع‌ الاُمّة‌ المسلمة‌ من‌ ارتداء اللباس‌ القصير مطلقاً، علی‌ عكس‌ الكفّار الذين‌ ينتشر بينهم‌ اللباس‌ القصير.

[22] ـ القَلَنْسُوة‌ والقُلَنْسِيَة‌ نوع‌ من‌ ملابس‌ الرأس‌، وهو علی‌ هيئات‌ متعدّدة‌. وجمعه‌ قَلاَنِس‌، وقَلانيس‌، وقَلاَس‌، وقَلاَسِي‌.

[23] ـ البُرطُل‌ علی‌ وزن‌ قُنفذ وأُرْدُن‌ نوع‌ من‌ القلنسوة‌، والبُرْطُلة‌ شي‌ء كانوا يضعونه‌ علی‌ الرأس‌ ويمنع‌ حرارة‌ الشمس‌.

[24] ـ الساج‌ شجرة‌ كبيرة‌. وخشبه‌ من‌ أصلب‌ أنواع‌ الخشب‌.

[25] ـ هذه‌ المطالب‌ مذكورة‌ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 7، ص‌ 72 و 73. من‌ الطبعة‌ الثانية‌، حيدر آباد، سنة‌ 1378 ه.

[26] ـ «بحار الانوار»، ج‌ 6، ص‌ 155، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و ج‌ 16، ص‌ 250 و 251 الطبعة‌ الحديثة‌، نقله‌ عن‌ كتاب‌ «النبوّة‌» الذي‌ رواه‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌.

[27] ـ «النهاية‌» مادّة‌ تَوَجَ، ج‌ 1، ص‌ 199.

[28] ـ «الجامع‌ الصغير» ج‌ 2، ص‌ 70، الطبعة‌ الرابعة‌؛ و«كنز العمّال‌» ج‌ 19، ص‌ 222.

[29] ـ «كنوز الحقايق‌ في‌ حديث‌ خير الخلائق‌» المطبوع‌ في‌ هامش‌ «الجامع‌ الصغير» للسيوطي‌ّ، الطبعة‌ الرابعة‌، حرف‌ العين‌، ص‌ 21.

[30] ـ «تاج‌ العروس‌»، مادّة‌ تَوَجَ، ج‌ 2، ص‌ 12.

[31] ـ المِغْفَر زرد منسوج‌ من‌ الحديد يلبسه‌ المحاربون‌ تحت‌ خوذتهم‌ وقلنسوتهم‌، والبيضة‌ بفتح‌ الباء خوذة‌ من‌ حديد.

[32] ـ «تاج‌ العروس‌» مادّة‌ عَمَمَ، ج‌ 8، ص‌ 410.

[33] ـ «نور الابصار»، ص‌ 25.

[34] ـ «فرائد السمطين‌»، ج‌ 1، الباب‌ 12، ص‌ 75، الحديث‌ رقم‌ 41.

[35] ـ «فرائد السمطين‌»، ج‌ 1، الباب‌ 12، ص‌ 76، الحديث‌ رقم‌ 42.

[36] ـ «فرائد السمطين‌»، ج‌ 1، الباب‌ 12، ص‌ 76، الحديث‌ 43.

[37] ـ «روي‌ هذا الحديث‌ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 19، ص‌ 222. الطبعة‌ الثانية‌، حيدر آباد، عن‌ الطيالسي‌ّ والبيهقي‌ّ: عن‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌.

[38] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 291.

[39] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 291.

[40] ـ «كنز العمّال‌» ج‌ 19، ص‌ 222 و 223، الطبعة‌ الثانية‌، حيدر آباد، سنة‌ 1391.

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com