بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد التاسع / القسم العاشر: العبادة فی عید الغدیر

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

ثواب‌ عمل‌ الخير في‌ يوم‌ الغدير يعادل‌ ثواب‌ ثمانين‌ شهراً

 قال‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ بعد ذكر هاتين‌ الروايتين‌ اللتين‌ نقلناهما عن‌ «الكافي‌»:

 ومن‌ أُولئك‌ الذين‌ رووا في‌ فضل‌ الغدير: الشُّيُوخُ المُعَظَّمُونَ: أَبُو جَعْفَر مُحَمَدُبْنُ بَابَوَيْه‌، وَالمُفِيدُ مُحَمَّدُبنُْ مُحَمَّدُبنْ النُّعْمَان‌، وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّدُبْنُ الحَسَن‌ الطُّوسي‌ّ بإسنادهم‌ جميعاً عن‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌: إنَّ العَمَلَ فِي‌ يَوْمِ الغَدِيرِ: ثَامِنَ عَشَرَ ذِي‌ الحَجَّةِ يَعْدِلُ العَمَلَ فِي‌ ثَمَانِينَ شَهْرَاً.[1]

 وفي‌ حديث‌ آخر بإسنادهم‌ جميعاً عن‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قال‌: صَوْمُ يَومِ غَدِيرِ خُمٍّ كَفَّارَةُ سِتِّينَ سَنَةً. [2]

 ومن‌ الرواة‌ في‌ فضيلة‌ الغدير، مصنّف‌ كتاب‌ «النشر والطي‌ّ» بإسناده‌ عن‌ الحسن‌بن‌ محمّدبن‌ سعيد الهاشمي‌ّ الكوفي‌ّ، عن‌ فرات‌بن‌ إبراهيم‌ الكوفي‌ّ، عن‌ محمّدبن‌ ظهير، عن‌ عبدالله‌ بن‌ فضل‌ الهاشمي‌ّ، عن‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، عن‌ آبائه‌ علیهم‌ السلام‌، قَالَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ أفْضَلُ أعْيَادِ أُمَّتِي‌، هُوَ إلیوْمُ الَّذي‌ أَمَرَنِي‌ فِيهِ بِنَصْبِ أخِي‌ علی‌ِّبْنِ أبي‌ طَالِبٍ فِيهِ عَلَمًا لاِمَّتِي‌ يَهْتَدُونَ بِهِ بَعْدِي‌. وَهُوَ إلیوْمُ الَّذِي‌ أكْمَلَ اللَهُ فِيهِ الدِّينَ وَأتَمَّ علی‌ أُمَّتِي‌ فِيه‌ النِّعْمَةَ ورَضِي‌َ لَهُمُ الإسلام دِيناً.

 ثمّ قال‌: مَعَاشِرَ النَّاسِ! إنَّ علیاً مِنِّي‌ وَأنَا مِنْ علی‌ٍّ خُلِقَ مِنْ طِينَتي‌ وَهُوَ بَعْدي‌ يُبَيِّنُ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ سُنَّتِي‌. وَهُوَ أميرُالمُؤْمِنِينَ وَقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ وَيَعْسُوبُ المُؤْمِنِينَ وَخَيْرُ الوَصِيِّينَ وَزَوْجُ سَيِّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ وَأبُو الاَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ. [3]

 ومن‌ أُولئك‌: محمّد بن‌ علی‌ّ بن‌ محمّد الطرازي‌ّ في‌ كتابه‌ بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ المُفَضَّل‌بن‌ عُمَر قال‌: قال‌ لي‌ أبو عبدالله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌: إذا كان‌ يوم‌ القيامة‌، زُفّت‌ أربعة‌ أيّام‌ إلی‌ الله‌ عزّ وجلّ كما تزفّ العروس‌ إلی‌ خِدرِها. يوم‌ الفطر، ويوم‌ الاضحي‌، ويوم‌ الجمعة‌، ويوم‌ غدير خمّ. ويوم‌ غدير خمّ بين‌ الفطر والاضحي‌، ويوم‌ الجمعة‌ كالقمر بين‌ الكواكب‌.

 وإنّ الله‌ ليوكل‌ بغدير خمّ ملائكته‌ المقرّبين‌، وسيّدهم‌ يومئذٍ جبرائيل‌ علیه‌ السلام‌. وأنبياء الله‌ المرسلين‌ وسيّدهم‌ يومئذٍ محمّد صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌. وأوصياء الله‌ المنتجبين‌ وسيّدهم‌ يومئذٍ أميرالمؤمنين‌. وأولياءالله‌ وساداتهم‌ يومئذٍ سلمان‌، وأبو ذرّ، والمقداد، وعمّار.

 حتّي‌ يورده‌ الجنان‌ كما يورد الراعي‌ بغنمه‌ الماء والكلا.

 قال‌ المفضلّ: قلتُ: سيّدي‌ّ! تأمرني‌ بصيامه‌؟ قال‌ لي‌: إي‌ وَاللَهِ! إي‌ وَاللَهِ! إي‌ وَاللَهِ!

 الرجوع الي الفهرس

عيد الغدير يوم‌ نزول‌ جميع‌ الخيرات‌ والبركات‌

 إنّه‌ ] عيد الغدير هو [ إلیوم‌ الذي‌ تاب‌ الله‌ فيه‌ علی‌ آدم‌ علیه‌ السلام‌، فصامه‌ شكراً للّه‌ علی‌ ذلك‌ إلیوم‌. وإنّه‌ إلیوم‌ الذي‌ نجّي‌ الله‌ تعإلی‌ فيه‌ إبراهيم‌ علیه‌ السلام‌ من‌ النار فصام‌ شُكْراً للّه‌ تعإلی‌. وإنّه‌ إلیوم‌ الذي‌ أقام‌ موسي‌ علیه‌ السلام‌ هارون‌ علیه‌ السلام‌ عَلَماً، فصام‌ شكراً للّه‌ تعإلی‌ ذلك‌ إلیوم‌. وإنّه‌ إلیوم‌ الذي‌ أظهر عيسي‌ علیه‌ السلام‌ وصيّه‌ شمعون‌ الصفا، فصام‌ شكراً للّه‌ عزّ وجلّ ذلك‌ إلیوم‌. وإنّه‌ إلیوم‌ الذي‌ أقام‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ علیاً علیه‌ السلام‌ للناس‌ عَلَماً، وأبان‌ فيه‌ فضله‌ ووصيّه‌، فصام‌ شكراً للّه‌ تعإلی‌ ذلك‌ إلیوم‌. وإنّه‌ ليوم‌ صيام‌، وقيام‌، وإطعام‌، وصلة‌ الاءخوان‌، وفيه‌ مرضاة‌ الرحمن‌، ومرغمة‌ الشيطان‌. [4]

 وذكر السيّد ابن‌ طاووس‌ بعد عرض‌ هذه‌ الروايات‌ فصلاً في‌ عِلَل‌ وموجبات‌ فضل‌ عيد الغدير، وقال‌: فَصْلٌ في‌ جواب‌ من‌ سأل‌ عمّا في‌ يوم‌ الغدير من‌ الفضل‌، وقصر فهمه‌ عمّا ذكرناه‌ من‌ ذلك‌ النقل‌.

 اعلم‌ أنّ من‌ التنبيه‌ علی‌ أنّ فضل‌ يوم‌ الغدير ما عرف‌ مثله‌ بعده‌ ولاقبله‌ لاحد من‌ الاوصياء والاعيان‌ فيما مضي‌ من‌ الازمان‌، وجوه‌ منها:

 إنّ الله‌ جلّ جلاله‌ جعل‌ نفس‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ نفس‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ آية‌ المباهلة‌، فقال‌ تعإلی‌:

 فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ.[5]

 وقد ذكرنا في‌ كتاب‌ «الطرائف‌» عن‌ المخالفين‌ ] من‌ أهل‌ السنّة‌ [ أنّ الابناء: الحَسَن‌، والحسين‌، والنساء: فاطمة‌، وأنفُسَنا: علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌، علیهم‌ السلام‌.

 ومنها: جري‌ من‌ التعظيم‌ لنفس‌ رسول‌ الله‌. فمولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ داخل‌ فيما يكن‌ دخوله‌ فيه‌ من‌ ذلك‌ المقام‌. ولو اقتصرنا علی‌ هذا الوجه‌ الكبير لكفي‌ في‌ تعظيم‌ يوم‌ الغدير.

 ومنها: أ نّنا روينا في‌ «الطرائف‌» عن‌ المخالف‌ أنّ نور علی‌ّ علیه‌ السلام‌ من‌ نور النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ أصل‌ خلقتهما، وأنّ ذلك‌ بيّنة‌ علی‌ تعظيم‌ منزلتهما.

 ومنها: أنّ مولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ في‌ أُمّة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌. [6]

 ومنها: كلّما عصمت‌ حرمة‌ المنصوص‌ علیه‌ بالخلافة‌، كان‌ ذلك‌ تعظيماً لمن‌ كان‌ عنه‌. و مولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ نائب‌ عن‌ الله‌ ورسوله‌ في‌ كلّ رحمة‌ ورأفة‌. وأمان‌ من‌ كلّ آفة‌ ومخافة‌.

 ومنها: إنّ الله‌ جلّ جلاله‌ قال‌: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ. [7]

 فيكون‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ بمقتضي‌ هذا الوصف‌ المتمثّل‌ بالامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر، الذي‌ لا يجحد ولا ينكر، الرئيس‌ من‌ الله‌ ورسوله‌ علی‌ هذه‌ الاُمّة‌ التي‌ هي‌ خير الاُمم‌، أعظم‌ من‌ كلّ رئيس‌ في‌ شرف‌ القِدَم‌ وعلوّ الهِمَمم‌ وكمال‌ القسم‌.

 ومنها: أنّ الامتحان‌ بنصّ الله‌ جلّ جلاله‌ ورسوله‌ صلوات‌الله‌ علیه‌ علی‌ مولانا علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌، وجدناه‌ أعظم‌ من‌ كلّ امتحان‌ عرفناه‌ للاوصياء، لاجل‌ ما اتّفق‌ لمولانا علی‌ من‌ كثرة‌ الحاسدين‌ وأعداء الدين‌ الذين‌ عاداهم‌ وجاهدهم‌ في‌ الله‌ ربّ العالمين‌، وفي‌ نصرة‌ سيّد المرسلين‌؛ وقد شهدت‌ عدالة‌ الالباب‌ أنّ المنازل‌ في‌ الفضل‌ تزيد بزيادة‌ الامتحان‌ الوارد من‌ جانب‌ مالك‌ الاسباب‌.

 ومنها: أنّ مولانا علیاً علیه‌ السلام‌ وقي‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وحفظ‌ الإسلام‌ والمسلمين‌ في‌ عدّة‌ مقامات‌ عجز عنها كثير من‌ قوّة‌ العالمين‌.

 فجازاه‌ الله‌ جلّ جلاله‌، ورسوله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ شرف‌ ذلك‌ الفضل‌ المبين‌ بهذا المقام‌ المكين‌، مثل‌ أنّه‌ بات‌ علی‌ فراش‌ رسول‌الله‌ بمكّة‌، وقد عجز عنها كلّ من‌ قرب‌ منه‌، وكانوا بين‌ هارب‌ وعاجز عنه‌، ولهذا فكلّما جري‌ بالمهاجرة‌ من‌ الشهادة‌ في‌ الدنيا والآخرة‌، فمولانا حيث‌ فداه‌ بمهجته‌، أصل‌ الفوائد بنبوّته‌.

 ومنها: أنّ علیاً علیه‌ السلام‌ أدّي‌ سورة‌ براءة‌ ونبذ عهود المشركين‌ لمّا نزل‌ إلی‌ خاتم‌ النبيّين‌: إِنَّهُ لاَ يُؤَدِّيَها إلاَّ أنْتَ أوْ رَجُلٌ مِنْكَ. فكان‌ القائم‌ مقام‌ النبوّة‌ مَوْلاَنَا علی‌ّ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ.

 ومنها: مقامات‌ مولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ في‌ بَدْر، وخَيبر، وحُنَيْن‌، وأُحُد، وفي‌ كلّ موقف‌ كان‌ يمكن‌ أن‌ يخذل‌ الوالد ولده‌.

 ومنها: قتل‌ مولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ عَمْروبن‌ عَبْدودٍّ العظيم‌ الشأن‌. وقد روينا في‌ كتاب‌ «الطرائف‌» عن‌ المخالفين‌ من‌ العامّة‌ أنّ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ قال‌: لَضَرْبَةُ علی‌ٍّ لِعَمْرو بْنِ عَبْدوُدٍّ أفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أُمَّتِي‌ إلی‌ يَوْمِ القِيَامَةِ. وفي‌ حديث‌ آخر: لَضَرْبَةُ علی‌ٍّ يَوْمَ الخَنْدَقِ أفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ.

 الرجوع الي الفهرس

أمير المؤمنين‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ هو الإسلام‌ كلّه‌

 وكذلك‌ قال‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ لمّا برز مولانا علی‌ّ إلی‌ عمروبن‌ عبدودّ: بَرَزَ الإسلام كُلُّهُ إلی‌ الكُفْرِ كُلِّهِ.

 فما ظنّك‌ برجل‌ يري‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ أنّه‌ هو الإسلام‌ كلّه‌؟! وكيف‌ يدرك‌ بالبيان‌ والتبيان‌ فضله‌؟

 وللّه‌ درّ القائل‌:

 يَفْنَي‌ الكَلاَمُ وَلاَ يُحيطُ بِوَصْفِهِ أيُحيطُ مَا يَفْنَي‌ بِمَا لاَ يَنفَدُ

 ومنها: أنّ الله‌ جلّ جلاله‌ جعل‌ النصّ منه‌ جلّ جلاله‌، ومن‌ رسوله‌ صلوات‌الله‌ علیه‌ وآله‌ بالخلافة‌ ل علی‌ّ صلوات‌الله‌ علیه‌، يقوم‌ مقام‌ جميع‌ فضل‌ الرسالة‌ والنبوّة‌. وهذا مقام‌ لايبلغ‌ وصفي‌ حقيقته‌. فقال‌ جلّ جلاله‌: يَـ'´أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ وَإِن‌ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ و وَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. [8]

 وقد ذكرنا في‌ كتاب‌ «الطرائف‌» عن‌ المخالف‌، وفي‌ هذا الكتاب‌: ] «الاءقبال‌» [: أنّ المراد بهذه‌ الآية‌ ولاية‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ يوم‌ الغدير من‌ غيرارتياب‌.

 ومنها: أنّ عناية‌ الله‌ جلّ جلاله‌ بمولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ بلغت‌ بتكرار الآيات‌ والمعجزات‌ والكرامات‌ إلی‌ أن‌ ادّعي‌ فيه‌ خلق‌ عظيم‌ باقون‌ إلی‌ هذه‌ الاوقات‌ ما ادّعي‌ بعض‌ النصاري‌ في‌ عيسي‌ علیه‌ السلام‌، وأ نّه‌ ربّ العالمين‌ الذي‌ يجب‌ أن‌ توجّه‌ العبادات‌ إلیه‌.

 ومنها: أنّ مولانا علیاً علیه‌ السلام‌ عذّب‌ الذين‌ ادّعوا فيه‌ الاءلهيّة‌، كما أمره‌ صاحب‌ النبوّة‌ الربّانيّة‌، ولم‌ يزدهم‌ تعذيبه‌ لهم‌ إلاّ ملزماً بأ نّه‌ ربّ العالمين‌.

 وما عرفنا أنّ معبوداً عذّب‌ من‌ يعبده‌ بمثل‌ ذلك‌ العذاب‌، وهو مقيم‌ علی‌ عبادته‌ بالجدّ والاجتهاد. فكان‌ ذلك‌ تنبيهاً علی‌ أنّ ظهور فضله‌ خرق‌ العقول‌ والبصائر، حتّي‌ بلغ‌ إلی‌ هذا الامر الباهر.

 وما نقدر علی‌ شرح‌ فضائل‌ مولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ علی‌ التفصيل‌. وقد ذكرنا في‌ كتاب‌ «الطرائف‌» وجوهاً دالّة‌ علی‌ مقامه‌ الجليل‌. وقد نطق‌ القرآن‌ الشريف‌ بنعم‌ الله‌ علی‌ عباده‌ مطلقاً علی‌ التجميل‌، فقال‌:

 وَإن‌ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَهِ لاَ تُحْصُوهَا،[9] فهذا ] فنعمة‌ ولايته‌ وإمامته‌ [ يكون‌ من‌ تلك‌ النعم‌ التي‌ لاتحصي‌، لانّ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ رئيس‌ القوم‌ الذين‌ ظفروا بها وحصّلوها. [10]

 الرجوع الي الفهرس

عظمة‌ يوم‌ الغدير، وثواب‌ الصيام‌ في‌ ذلك‌ العيد

 وروي‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ «مصباح‌ المتهجّد» عن‌ داودبن‌ كثير الرِّقّي‌، عن‌ أبي‌ هارون‌: عمّاربن‌ حَريز العبدي‌ّ أنّه‌ قال‌: دخلت‌ علی‌ أبي‌ عبدالله‌ علیه‌ السلام‌ في‌ يوم‌ الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌ فوجدته‌ صائماً، فقال‌ لي‌: هَذَا يَوْمٌ عَظيمٌ، عَظَّمَ اللَهُ حُرْمَتَهُ علی‌ المُؤْمِنِينَ وَأكْمَلَ لَهُمْ فِيهِ الدِّينَ، وَتَمَّمَ علیهِمُ النِّعْمَةَ، وَجَدَّدَ لَهُمْ مَا أَخَذَ علیهِمْ مِنَ العَهْدِ وَالمِيثَاقِ.

 فقيل‌ له‌: ما ثواب‌ صوم‌ هذا إلیوم‌؟!

 قال‌: إنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ وَفَرَحٍ وَسُرُورٍ، وَيَوْمُ صَوْمٍ شُكْراً لِلَّهِ. وإنّ صومه‌ يعدل‌ ستّين‌ شهراً من‌ أشهر الحُرُم‌.

 ومن‌ صلّي‌ فيه‌ ركعتين‌ أي‌ّ وقت‌ شاء، وأفضله‌ قرب‌ الزوال‌، وهي‌ الساعة‌ التي‌ أُقيم‌ فيها أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بغدير خُمّ عَلَماً للناس‌، وذلك‌ أ نّهُم‌ كانوا قربوا من‌ المنزل‌ في‌ ذلك‌ الوقت‌. فمن‌ صلّي‌ في‌ ذلك‌ الوقت‌ ركعتين‌ ثمّ سجد وقال‌: شُكْراً لِلَّهِ مائة‌ مرّة‌، ودعا بعقب‌ الصلاة‌ بالدعاء الذي‌ سيأتي‌،[11] ورفع‌ رأسه‌ من‌ السجود، ثمّ سجد وحمد الله‌ وشكره‌ مائة‌ مرّة‌، وهو ساجد، كان‌ كمن‌ حضر يوم‌ الغدير وبايع‌ رسول‌الله‌ علی‌ ولاية‌ أميرالمؤمنين‌. وكانت‌ درجته‌ مع‌ درجة‌ الصادقين‌ الذين‌ صدقوا الله‌ ورسوله‌ في‌ موالاة‌ مولاهم‌ ذلك‌ إلیوم‌، وكان‌ كمن‌ استشهد مع‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، ومع‌ أميرالمؤمنين‌ صلّي‌الله‌ علیه‌، ومع‌ الحسن‌ والحسين‌ علیهما السلام‌. وكان‌ كمن‌ يكون‌ تحت‌ راية‌ القائم‌ علیه‌ السلام‌ في‌ فسطاطه‌ من‌ النجباء والنقباء. [12]

 وروي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ بسنده‌ عن‌ الحسن‌ بن‌ راشد، عن‌ المفَضَّل‌بن‌ عُمَر قال‌: قلتُ لابي‌ عبدالله‌ علیه‌ السلام‌: كم‌ للمسلمين‌ من‌ عيد؟! قال‌: أربعة‌ أعياد.

 قال‌: قلتُ: قد عرفت‌ العيدين‌ (الفطر والاضحي‌) والجمعة‌.

 فقال‌ لي‌: أعظمها وأشرفها يوم‌ الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌، وهو إلیوم‌ الذي‌ أقام‌ فيه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ ونصبه‌ للناس‌ عَلَماً. قال‌: قلتُ: ما يجب‌ علینا في‌ ذلك‌ إلیوم‌؟ قال‌: يجب‌ علیكم‌ صيامه‌ شُكْراً لِلَّهِ وحَمْداً لَهُ ومَع‌ أنّه‌ أهل‌ أن‌ يشكر كلّ ساعة‌. وكذلك‌ أمرت‌ الانبياء أوصياءها أن‌ يصوموا إلیوم‌ الذي‌ يقام‌ فيه‌ الوصي‌ّ يتّخذونه‌ عيداً. ومن‌ صامه‌، فهو أفضل‌ من‌ عمل‌ ستّين‌ سنة‌. [13]

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌ الحِميَري‌ّ في‌ عظمة‌ عيد الغدير، والصلاة‌ الواردة‌ فيه‌

 وقال‌ السيّد في‌ «الاءقبال‌» عن‌ محمّد بن‌ علی‌ّ الطرازي‌ّ في‌ كتابه‌ بإسناده‌ إلی‌ عبدالله‌بن‌ جعفر الحميري‌ّ، قال‌: حدّثنا هارون‌بن‌ مسلم‌، عن‌ أبي‌ الحسن‌ الليثي‌ّ، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ جعفر بن‌ محمّد علیهما السلام‌، أنّه‌ قال‌ لمن‌ حضره‌ من‌ موإلیه‌ وشيعته‌: أتعرفون‌ يوماً شيّد الله‌ به‌ الإسلام‌، وأظهر به‌ منار الدين‌، وجعله‌ عيداً لنا ولموإلینا وشيعتنا؟!

 فقالوا: الله‌ ورسوله‌ وابن‌ رسوله‌ أعلم‌، أيوم‌ الفطر هو ياسيّدنا؟! قال‌: لا.

 قالوا: أفيوم‌ الاضحي‌؟!

 قال‌: لا! وهذان‌ يومان‌ جليلان‌ شريفان‌. ويوم‌ أُمناء الدين‌ أشرف‌ منهما. وهو إلیوم‌ الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌. وإنّ رسول‌الله‌ لمّا انصرف‌ من‌ حجّة‌ الوداع‌، وصار بغدير خمّ، أمر الله‌ عزّ وجلّ جبرائيل‌ أن‌ يهبط‌ علی‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وقت‌ قيام‌ الظهر من‌ ذلك‌ إلیوم‌. وأمره‌ أن‌ يقوم‌ بولاية‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وأن‌ ينصبه‌ عَلَماً للناس‌ بعده‌، وأن‌ يستخلفه‌ في‌ أُمّته‌.

 فهبط‌ إلیه‌ جبرائيل‌ وقال‌ له‌: ياحبيبي‌! إنّ الله‌ يقرئك‌ السلام‌، ويقول‌ لك‌: قم‌ في‌ هذا إلیوم‌ بولاية‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ ليكون‌ عَلَماً لاُمّتك‌ بعدك‌ يرجعون‌ إلیه‌ ويكون‌ لهم‌ كأنت‌.

 فقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: يا حبيبي‌ جَبْرَئيل‌! إنّي‌ أخاف‌ تغيّر أصحابي‌ لما قد وتروه‌، وأن‌ يبدوا ما يضمرون‌ فيه‌!

 فعرج‌ جبرائيل‌، وما لبث‌ أن‌ هبط‌ بأمر الله‌، فقال‌:

 يَـ'´أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ و وَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ!

 فقام‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ ذَعِراً مرعوباً خائفاً من‌ شدّة‌ الرمضاء، وقدماه‌ تشويان‌، وأمر بأن‌ ينظّف‌ الموضع‌، ويُقَمَّ ما تحت‌ الدوح‌ من‌ الشوك‌. ففعل‌ ذلك‌.

 ثمّ نادي‌: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، فاجتمع‌ المسلمون‌، وفيهم‌ أبوبكر، وعمر، وعثمان‌، وسائر المهاجرين‌ والانصار، ثمّ قام‌ خطيباً، وذكر بعد الولاية‌، فألزمها المسلمين‌ جميعاً، فأعلمهم‌ أمر الله‌ بذلك‌.

 فقال‌ قوم‌ ما قالوا، وتناجوا، بما أسرّوا.

 الرجوع الي الفهرس

الدعاء والصيام‌ وزيارة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ عيد الغدير

فإذا كان‌ صبيحة‌ يوم‌ عيد الغدير، وجب‌ الغسل‌ في‌ صدر نهاره‌، وأن‌ يلبس‌ المؤمن‌ أنظف‌ ثيابه‌ وأفخرها، ويتطيّب‌، ويرفع‌ يده‌ بالدعاء ويقول‌: اللَهُمَّ إنَّ هَذَا إلیوْمَ الَّذِي‌ شَرَّفْتَنَا فِيهِ بِوَلاَيَةِ وَلِيِّكَ علی‌ِّ صَلَواتُ اللَهِ علیهِ وَجَعَلْتَهُ أميرَالمُؤْمِنِينَ وَأَمَرْتَنَا بِمُوالاَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَأنْ نَتَمَسَّكَ بِمَا يُقَرِّبُنَا إلیكَ وَيُزْلِفُنَا لَدَيْكَ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ!

 اللَهُمَّ قَدْ قَبِلْنَا أمْرَكَ وَنَهْيَكَ وَأطَعْنَا لِنَبِيِّكَ وَسَلَّمْنَا وَرَضِينَا فَنَحْنُ مَوَإلی‌َ علی‌ٍّ علیهِ السَّلاَمُ وَأوْلِيَائِهِ كَمَا أَمَرْتَ نُوَإلیهِ، وَنُعَادِي‌ مَنْ يُعَادِيهِ، وَنَبْرَأُ مِمَّنْ يَبْرَأُ مِنْهُ وَنُبْغِضُ مَنْ أبْغَضَهُ، وَنُحِبُّ مَنْ أحَبَّهُ، وَ علی‌ٌّ علیهِ السَّلاَمُ مَوْلاَنَا كَمَا قُلْتَ وَإمَامُنَا بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ كَمَا أَمَرْتَ.

 فإذا كان‌ وقت‌ الزوال‌، أخذتَ مجلسك‌ بهدوء وسكون‌ ووقار وهيبة‌ وإخبات‌، وتقول‌:

 الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ كَمَا فَضَّلَنَا فِي‌ دِينِهِ علی‌ مَنْ جَحَدَ وَعَنَدَ وَفِي‌ نَعِيمِ الدُّنْيَا علی‌ كَثِيرٍ مِمَّنْ عَمَدَ. وهَدَانَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَشَرَّفَنَا بِوَصِيِّهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي‌ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ أميرِالمُؤمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ. اللَهُمَّ إنَّ مُحَمَّداً صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ نَبِيُّنَا كَمَا أمَرْتَ وَ علیاً علیهِ السَّلاَمُ مَوْلاَنَا كَمَا أقَمْتَ، وَنَحْنُ مَوَإلیهِ وَأوْلِيَاؤُهُ.

 ثمّ تقوم‌ وتصلّي‌ شكراً للّه‌ تعإلی‌ ركعتين‌ وتقرأ في‌ الاُولي‌ الحمد والقدر، وفي‌ الثانية‌ الحمد والتوحيد، وتقنت‌، وتركع‌، وتتمّ الصلاة‌، وتسلّم‌، وتخرّ ساجداً وتقول‌ في‌ سجودك‌:

 اللَهُمَّ إنَّا إلیكَ نُوَجِّهُ وُجُوهَنَا فِي‌ يَوْمِ عِيدِنَا الَّذي‌ شَرَّفْتَنَا فِيهِ بِوَلاَيَةِ مَوْلاَنَا أميرِالمُؤْمِنِينَ علی‌ِّبْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ؛ علیكَ نَتَوَكَّلُ، وَبِكَ نَسْتَعِينُ فِي‌ أُمُورِنَا.

 اللَهُمَّ لَكَ سَجَدَتْ وُجوهُنَا، وَأَشْعَارُنَا، وَأَبْشَارُهَا، وَجُلُودُنَا، وَعُرُوقُنَا، وَأعْظُمُنَا، وَأعْصَابُنَا، وَلُحُومُنَا، وَدِمَاؤُنَا.

 اللَهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نَخْضَعُ، وَلَكَ نَسْجُدُ علی‌ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ وَدِينِ مُحَمَّدٍ، وَوَلاَيَةِ علی‌ٍّ صَلَوَاتُكَ علیهِمْ أَجْمَعِينَ، حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ، وَمَا نَحْنُ مِنَ المُشْرِكِينَ وَلاَمِنَ الجَاحِدِينَ.

 اللَهُمَّ العَنِ الجَاحِدِينَ المُعَانِدِينَ المُخَالِفِينَ لاِمْرِكَ وَأَمْرِ رَسُولِكَ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ. اللَهُمَّ العَنِ المُبْغِضِينَ لَهُمْ لَعْنَاً كَثِيرَاً لاَيَنْقَطِعُ أوَّلُهُ وَلاَيَنْفَدُ آخِرُهُ.

 اللَهُمَّ صَلِّ علی‌ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَثَبِّتْنَا علی‌ مُوَالاَتِكَ، وَمُوَالاَةِ رَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ وَمُوَالاَةِ أميرِالمُؤْمِنِينَ صَلَواتُاللَهِ علیهِم‌.

 اللَهُمَّ آتِنَا فِي‌ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي‌ الآخِرَةِ حَسَنَةً وَأحْسِنْ مُنْقَلَبَنَا يَاسَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا.

 ثُمّ كُلْ واشرب‌، وأظهر السرور، وأطعم‌ إخوانك‌، وأكثر برّهم‌! واقض‌ حوائج‌ إخوانك‌ إعظاماً ليومك‌! وخلافاً علی‌ من‌ أظهر فيه‌ الاغتمام‌ والحزن‌، ضَاعَفَ اللَهُ حُزْنَهُمْ وَغَمَّهَمْ. والحق‌ بإخوانك‌، واسع‌ في‌ قضاء حوائجهم‌! [14]

 وذكر العلاّمة‌ الاميني‌ّ بإسناد الكليني‌ّ، عن‌ الحسين‌بن‌ الحسن‌ الحسيني‌ّ، عن‌ محمّدبن‌ موسي‌ الهَمْداني‌ّ، عن‌ علی‌ّبن‌ حسّان‌ الواسِطي‌ّ، عن‌ علی‌ّبن‌ الحسين‌ العَبْدي‌ّ قال‌: سمعت‌ أبا عبدالله‌ علیه‌ السلام‌ يقول‌:

 صِيَامُ يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ يَعْدِلُ عِنْدَ اللَهِ فِي‌ كُلِّ عَامٍ مِائَةَ حِجَّةٍ وَمائِة‌ عُمْرَةٍ مَبْرُورَاتٍ مُتَقَبَّلاَتٍ، وَهُوَ عِيدُ اللَهِ الاَكْبَرُ ـ الحديث‌. [15]

 وفي‌ «مختصر بصائر الدرجات‌» بإسناده‌ عن‌ محمّدبن‌ العَلاء الهَمْداني‌ّ الواسِطي‌ّ، ويحيي‌بن‌ جريح‌ البغدادي‌ّ، قالا في‌ حديث‌: قصدنا جميعاً أحمدبن‌ إسحاق‌ القمّي‌ّ، صاحب‌ الاءمام‌ أبي‌ محمّد العَسْكَري‌ّ، المتوفّي‌ بمدينة‌ قم‌ سنة‌ 260، وقرعنا علیه‌ الباب‌، فخرجت‌ إلینا من‌ داره‌ صبيّة‌ عراقيّة‌ فسألناها عنه‌! فقالت‌: هو مشغول‌ بعيده‌، فإنّه‌ يوم‌ عيد!

 فتعجّبنا وقلنا: سُبْحَانَ اللَهِ! أعياد الشيعة‌ أربعة‌: الاضحي‌، والفطر، والغدير، والجمعة‌ـ الحديث‌.[16]

 وجاء عن‌ كتاب‌ «النَّشْر والطي‌ّ»، عن‌ الرضا علیه‌ السلام‌، في‌ حديث‌ طويل‌: يوم‌ الغدير يوم‌ التهنئة‌، وإذا لقي‌ المؤمن‌ أخاه‌ يقول‌:

 الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ جَعَلَنَا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِوِلاَيَةِ أميرِالمُؤْمِنِينَ وَالاَئِمَّة‌ علیهِمُ السَّلاَمُ. [17]

  وورد في‌ كتاب‌ محمّد بن‌ علی‌ّ الطرازي‌ّ، عن‌ الاءمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ في‌ حديث‌: إذا لقيت‌ أخاك‌ المؤمن‌، فقل‌:

 الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ أكْرَمَنَا بِهَذَا إلیوْمِ، وَجَعَلَنَا مِنَ المُؤْمِنِينَ وَجَعَلَنَا مِنَ المُوفِينَ بِعَهْدِهِ الَّذِي‌ عَهِدَهُ إلینَا وَمِيثَاقِهِ الَّذِي‌ وَاثَقَنَا بِهِ مِنْ وِلاَيَةِ وُلاَةِ أمْرِهِ وَالقُوَّامِ بِقِسْطِهِ وَلَمْيَجْعَلْنَا مِنَ الجَاحِدِينَ وَالمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ. [18]

 ووردت‌ في‌ يوم‌ الغدير أدعية‌ مختصرة‌ ومطوَّلة‌. ونقل‌ المرحوم‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ أ علی‌الله‌ تعإلی‌ درجته‌ أدعية‌ مطوّلة‌ عن‌ الاءمام‌ الصادق‌، وعن‌ بعض‌ الكتب‌ القديمة‌، ورواية‌ الشيخ‌ المفيد. [19]

 ووردت‌ في‌ ذلك‌ إلیوم‌ زيارة‌ مخصوصة‌ لمولي‌ الموإلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ يزار بها من‌ قريب‌ أو بعيد. وثمّة‌ زيارة‌ أُثرت‌ عن‌ الاءمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ نقلها ابن‌ طاووس‌ عن‌ عدّة‌ من‌ مشايخ‌ الشيعة‌، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ محمّدبن‌ أحمد الصفواني‌ّ في‌ كتابه‌ بإسناده‌ إلی‌ الاءمام‌، قال‌: إذا كنت‌ في‌ يوم‌ الغدير في‌ مشهد مولانا أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، فادن‌ من‌ قبره‌ بعد الصلاة‌ والدعاء! وإن‌ كنت‌ في‌ بُعد، فأوم‌ إلیه‌ بعد الصلاة‌! واقرأ هذا الدعاء، اللَهُمَّ صَلِّ علی‌ وَلِيِّكَ وَأخِي‌ نَبِيِّكَ وَوَزِيرِهِ وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ وَمَوْضِعِ سِرِّهِ وَخِيَرَتِهِ مِنْ أُسْرَتِهِ وَوَصِيِّهِـ إلی‌ آخره‌. [20]

 ومن‌ الزيارات‌، زيارة‌ أمين‌الله‌ المعروفة‌، ذكرها ابن‌ طاووس‌ في‌ زيارة‌ الغدير. قال‌ السيّد: فصْلٌ فيما نذكره‌ من‌ تعيين‌ زيارة‌ لمولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ في‌ يوم‌ الغدير.

 اعلم‌ أ نّنا ذكرنا في‌ كتاب‌ «مِصْبَاحِ الزَّائرِ وَجَنَاحَ المُسَافِر» عدّة‌ روايات‌ مطوّلات‌ يضيق‌ عن‌ مثلها مثل‌ هذا الميقات‌، لانّ يوم‌ الغدير يختصّ بيومه‌ زيارات‌ في‌ كتاب‌ المَسَرَّة‌ من‌ كتاب‌ «المَزَار» لابن‌ أبي‌ قُرَّة‌. وهي‌ زيارات‌ يوم‌ الغدير رويناها عن‌ جماعة‌ إلی‌ ابن‌ أبي‌ قرّة‌:

 منها، قال‌ ابن‌ أبي‌ قُرَّة‌: أخبرنا محمّد بن‌ عبدالله‌، قال‌: أخبرنا أبي‌، قال‌: أخبرنا الحسن‌بن‌ يوسف‌بن‌ عميرة‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جابربن‌ يزيد الجُعْفِي‌ّ، عن‌ أبي‌ جعفر محمّدبن‌ علی‌ّ علیهما السلام‌، قال‌: كان‌ أبي‌ علی‌ّبن‌ الحسين‌ علیهما السلام‌ قد اتّخذ منزله‌ من‌ بعد مقتل‌ أبيه‌ الحسين‌بن‌ علی‌ّ علیهما السلام‌ بيتاً من‌ شعر، وأقام‌ بالبادية‌، فلبث‌ بها عدّة‌ سنين‌، كراهيةً لمخالطته‌ الناس‌ وملابستهم‌.

 وكان‌ دأبه‌ أنّه‌ يسير من‌ البادية‌ بمقامه‌ بها إلی‌ العراق‌ زائراً لابيه‌ وجدّه‌ علیهما السلام‌، ولايشعر بذلك‌ من‌ فعله‌.

 قال‌ مُحَمَّدُ بْنُ علی‌ّ: فخرج‌ أبي‌ سلام‌ الله‌ علیه‌ متوجّهاً إلی‌ العراق‌ لزيارة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وأنا معه‌، وليس‌ معنا ذو روح‌ إلاّ الناقتين‌.

 فلمّا انتهي‌ إلی‌ النجف‌ من‌ بلاد الكوفة‌، وصار إلی‌ مكانه‌ منه‌، فبكي‌ حتّي‌ اخضلّت‌ لحيته‌ بدموعه‌، ثمّ قال‌: السَّلاَمُ علیكَ يَاأمِيرَالمُؤْمِنِينَ! وَرَحْمَةُاللَهِ وَبَرَكَاتُهُ. السَّلاَمُ علیكَ يَاأمِينَاللَهِ فِي‌ أرْضِهِ وَحُجَّتَهُ علی‌ عِبَادِهِ، إلی‌ أن‌ بلغ‌ قوله‌: مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيَا بِحَمْدِكَ وَثَنَائِكَ. ثمّ وضع‌ خدّه‌ علی‌ القبر، وقال‌: اللَهُمَّ إنَّ قُلُوبَ المُخْبِتِينَ إلیكَ وَالِهَةٌ، إلی‌ أن‌ قال‌: وَغَايَةُ رَجَائِي‌، فِي‌ مُنْقَلَبِي‌ وَمَثْوَاي‌َ.

 قال‌ جابر الجعفي‌ّ: قال‌ لي‌ الباقر علیه‌ السلام‌: ما قال‌ هذا الكلام‌، ولادعا به‌ أحد من‌ شيعتنا عند قبر أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، أو عند قبر أحد من‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ إلاّ وقّع‌ دعاؤه‌ في‌ دَرَج‌ من‌ نور، بطابع‌ محمّد صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، ] وكان‌ محفوظاً كذلك‌ [ حتّي‌ يسلّم‌ إلی‌ قائم‌ آل‌محمّد صلوات‌الله‌ علیه‌، فيلتقي‌ صاحبه‌ بالبشري‌ والتحيّة‌ والكرامة‌، إن‌ شاء الله‌. [21]

 قال‌ جابر: حدّثت‌ بهذا الحديث‌ أبا عبدالله‌ جعفربن‌ محمّد الصادق‌ علیه‌ السلام‌، فقال‌: زد فيه‌: إذا ودّعت‌ أحد الائمّة‌، فقل‌:

 السَّلاَمُ علیكَ أيُّهَا الاءمَامُ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ! أسْتَوْدِعُكَاللَهَ وَ علیكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُاللَهِ! آمَنَّا بِالرَّسُولِ وَبِمَا جِئتُمْ بِهِ وَبِمَا دَعَوْتُمْ إلیهِ! اللَهُمَّ لاَتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي‌ وَلِيَّكَ، اللَهُمَّ لاَتَحْرِمْنِي‌ ثَوَابَ مَزَارِهِ الَّذِي‌ أوْجَبْتَ لَهُ وَيَسِّرْ لَنَا العَوْدَ إلیهِ إنْ شَاءَاللَهُ!

 وقال‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ بعد نقل‌ هذه‌ الزيارة‌ المعتبرة‌ عن‌ كتاب‌ «المزار» لابن‌ أبي‌ قُرّة‌: أقول‌: وقد زار مولانا الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قبر أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بنحو هذه‌ الالفاظ‌ من‌ الزيارة‌، تركنا ذكرها خوف‌ الاءطالة‌.

 وروي‌ جدّي‌ أبو جعفر الطوسي‌ّ[22] هذه‌ الزيارة‌ ليوم‌ الغدير عن‌ جابر الجُعفي‌ّ، عن‌ الاءمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌ أنّ مولانا علی‌ّ بن‌ الحسين‌ علیهماالسلام‌ زار أميرالمؤمنين‌ بهذه‌ الزيارة‌ في‌ يوم‌ الغدير، وفي‌ ألفاظها خلاف‌، ولم‌ يذكر فيها وداع‌. [23]

 ومن‌ الاعمال‌ في‌ عيد الغدير: الصيام‌ إذ مرّت‌ في‌ تضاعيف‌ هذا البحث‌ كثير من‌ روايات‌ الخاصّة‌ والعامّة‌ في‌ فضيلة‌ صوم‌ هذا إلیوم‌. وذكر أنّ ثوابه‌ يعدل‌ ثواب‌ صيام‌ ستّين‌ شهراً، وثمانين‌ شهراً، وستّين‌ سنة‌، وستّين‌ شهراً في‌ الاشهر الحرم‌.

 وننقل‌ فيما يأتي‌ رواية‌ عن‌ ابن‌ طاووس‌، عن‌ كتاب‌ محمّدبن‌ علی‌ّ الطرازي‌ّ، عن‌ أبي‌ الحسن‌ عبدالقاهر بوّاب‌ الاءمام‌ موسي‌بن‌ جعفر، وأبي‌ جعفر محمّدبن‌ علی‌ّ الجواد علیهما السلام‌، قال‌: حدّثنا أبوالحسن‌ علی‌ّبن‌ حَسَّان‌ الواسطي‌ّ بواسط‌ في‌ سنة‌ ثلاثمائة‌، قال‌: حدّثني‌ علی‌ّبن‌ الحسن‌بن‌ علی‌ّ العبدي‌ّ، قال‌: سمعت‌ أبَا عَبْدِاللَهِ جَعْفَربن‌ مُحَمَّدٍ الصَّادِق‌ علیه‌ و علی‌ آبائه‌ وأبنائه‌ السلام‌ يقول‌:

 صَوْمُ يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ يَعْدِلُ صِيَامُ الدُّنْيَا لَوْ عَاشَ إنْسَانٌ عُمْرَ الدُّنْيَا ثُمَّ لَوْ صَامَ مَا عُمِّرَتِ الدُّنْيَا لَكَانَ لَهُ ثَوَابُ ذَلِكَ. وَصِيَامُهُ يَعْدِلُ عِنْدَاللَهِ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةَ حِجَّةٍ وَمِائَةَ عُمْرَةٍ وَهُوَ عِيدُاللَهِ الاَكْبَرُ.

 وَمَا بَعَثَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّاً إلاَّ وَتَعَيَّدَ فِي‌ هَذَا إلیوْمِ، وَعَرَفَ حُرْمَتَهُ. وَاسْمُهُ فِي‌ السَّمَاءِ يَوْمُ العَهْدِ المَعْهُودِ، وَفِي‌ الاَرْضِ يَوْمُ المِيثَاقِ المأْخُوذِ وَالجَمْعِ المَشْهُودِ ـ الحديث‌. [24]

 الرجوع الي الفهرس

ثواب‌ التفطير في‌ يوم‌ عيد الغدير

 ومن‌ المَثُوبات‌ والقُرُبات‌ في‌ يوم‌ الغدير تفطير المؤمنين‌ الذي‌ تمّ التأكيد علیه‌ في‌ ذلك‌ إلیوم‌.

 وذكر السيّد ابن‌ طاووس‌ رواية‌ مفصلّة‌ في‌ فضيلة‌ يوم‌ الغدير عن‌ كتاب‌ «النَّشر والطَّي‌ّ»، يقول‌ الاءمام‌ الرضا علیه‌ السلام‌ في‌ فقرات‌ منها: وَيَوْمُ تَفْطِيرِ الصَّائِمِينَ، فَمَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمَاً مُؤْمِنَاً كَانَ كَمَنْ أطْعَمَ فِئَامَاً [25] وَفِئامَاً إلی‌ أنْ عَدَّ عَشْرَاً، ثُمَّ قَالَ: أوَ تَدْرِي‌ مَا الفِئام‌؟! قَالَ: لاَ! قَالَ: مِائَةُ ألْفٍ، وَهُوَ يَوْمُ التَّهْنِئَةِ يُهَنِّي‌ءُ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً. [26]

 وفي‌ ضوء ما ذكرنا في‌ كتابنا «معاد شناسي‌» [27] (= معرفة‌ المعاد)، أنّ ثواب‌ العمل‌ يرتكز علی‌ حقيقة‌ العمل‌ وباطنه‌، و علی‌ النيّة‌ ودرجة‌ الخلوص‌ وارتباط‌ العمل‌ بالله‌، وأ نّه‌ يرفع‌ الحجاب‌، ويولّد التقرّب‌ الحقيقي‌ّ من‌ الله‌، يستبين‌ لنا كيف‌ تترتّب‌ هذه‌ المثوبات‌ العظيمة‌ والجزاءات‌ الوافية‌ علی‌ أعمال‌ يوم‌ الغدير، لانّ العمل‌ لاقيمة‌ له‌ ما لم‌ينبع‌ من‌ الاءخلاص‌، ولم‌تَشُبْهُ شائبة‌ الرياء والسمعة‌ وسائر الاغراض‌، فحقيقة‌ صحّة‌ الاعمال‌ منوطة‌ بعدم‌إنكار الله‌، ونبيّه‌، والولاية‌، وإذا انتهجت‌ النهج‌ الاءلهي‌ّ في‌ صراط‌ القرب‌ المستقيم‌، فإنّها تُقْبَل‌. وكلّما تشرّب‌ العمل‌ بطعم‌ المحبّة‌، والخلوص‌، والصفاء، والوفاء، والحقيقة‌، زادت‌ قيمته‌.

 إنّ يوم‌ الغدير الذي‌ هو يوم‌ تمييز الحقّ من‌ الباطل‌، ويوم‌ تشكيل‌ الصفوف‌ من‌ جنودالله‌ قبالة‌ تشكيل‌ جنود الشيطان‌، هو يوم‌ الامتحان‌ والبلاء العظيم‌، ويوم‌ افتراق‌ الظاهر والصورة‌ عن‌ الحقيقة‌ والواقع‌ والمعني‌ والباطن‌.

 إنّ يوم‌ الغدير هو يوم‌ محاربة‌ الشيطان‌ للّه‌، ويوم‌ تجلّي‌ الولاية‌، وكلّ من‌ كان‌ في‌ صفّ المؤمنين‌، وأقرّ بأمر رسول‌الله‌، وقبل‌ الآيات‌ النازلة‌ في‌ القرآن‌، وتقلّد ولاية‌ علی‌ّ طوعاً ورغبة‌ بلاإكراه‌ وإجبار، وفتح‌ صدره‌ وفرش‌ قلبه‌ للطاعة‌ والتبعيّة‌، فإنّه‌ يتبيّن‌ عظم‌ قدره‌ وقيمته‌. ولذلك‌ فإنّ يوم‌ الغدير هو يوم‌ الامتحان‌ النهائي‌ّ، وهو يوم‌ النجاح‌ والرسوب‌. والكلّ يعلمون‌ أنّ جهود سنة‌، أو مرحلة‌، أو عمر، يبذلها الطالب‌ تتجلّي‌ يوم‌ الامتحان‌. فكلّ ساعة‌ من‌ يوم‌ الامتحان‌ تعدل‌ ساعات‌ من‌ غيره‌. ولو غاب‌ طالب‌ المدرسة‌ في‌ الاوقات‌ العاديّة‌ أُسبوعاً أو أكثر، فإنّ غيابه‌ يمكن‌ تداركه‌ وتلافيه‌، أمّا لو غاب‌ ساعة‌ من‌ يوم‌ الامتحان‌، فإنّ غيابه‌ يساوي‌ إهدار جميع‌ أتعابه‌ ومساعيه‌، وتحمّله‌ المشاكل‌ المختلفة‌ طيلة‌ سنة‌ كاملة‌.

 وإذا احترم‌ أحد يوم‌ الغدير، فإنّه‌ احترم‌ كلام‌ الله‌ ورسوله‌ وخليفته‌. فيوم‌ الغدير يعادل‌ عمر الدهر، وساعة‌ من‌ ساعاته‌ تعدل‌ الايّام‌ والشهور، ودقيقة‌ من‌ دقائقه‌ ولحظة‌ من‌ لحظاته‌ تساوي‌ الايّام‌ الاُخري‌، وهَلُمَّ جَرَّا.

 و علی‌ هذا إذا صام‌ امرؤ في‌ يوم‌ الغدير طائعاً راغباً، حبّاً ل علی‌ّ والولاية‌، واستجابةً لنداء الحقّ، فإنّ كلّ لحظة‌ من‌ عطشه‌ وجوعه‌ مساوقة‌ للايّام‌ والشهور الاُخري‌. ولذا لاعجب‌، بل‌ طبقاً للموازين‌ العقليّة‌ والنظريّة‌، أنّ الجزاء العظيم‌ للعاملين‌ في‌ يوم‌ عيد الغدير، وهو ناتج‌ عن‌ قبول‌ الولاية‌ وربطها بالامام‌ بلاشكّ، صحيح‌ وثابت‌.

 وهذه‌ هي‌ مدرسة‌ الشيعة‌، وهذا هو الانفتاح‌ والحقيقة‌ وذروة‌ المحبّة‌ والمودّة‌ والاءيثار والحقيقة‌ التي‌ تتدفّق‌ منها كالنافورة‌. أمّا مدرسة‌ العامّة‌ الخائبة‌ المسكينة‌ فهي‌ جامدة‌ جافّة‌ جوفاء، إذ إنّ أتباعها عندما يصلون‌ إلی‌ رواية‌ صحيحة‌ مأثورة‌ عن‌ رسول‌الله‌ علی‌ أنّ الصوم‌ في‌ يوم‌ الغدير يعدل‌ صوم‌ ستّين‌ شهراً، ينسون‌ أنفسهم‌، ويقولون‌: كيف‌ يمكن‌ أن‌ يكون‌ صوم‌ يوم‌ واحد مستحبّ معادلاً لصوم‌ ستّين‌ شهراً؟!

 وأورد ابن‌ كثير الدمشقي‌ّ في‌ كتاب‌ «البداية‌ والنهاية‌» الرواية‌ التي‌ نقلناها سابقاً عن‌ «تاريخ‌ بغداد»، وذكرنا أنّ الخطيب‌ البغدادي‌ّ نصّ علی‌ عدالة‌ ووثوق‌ راويها حَبْشُون‌ الخلاّل‌، وأحمدبن‌ عبدالله‌بن‌ أحمد النيّري‌ّ. ولمّا ورد فيها أنّ رسول‌الله‌ عدّ صيام‌ يوم‌ الغدير معادلاً لصيام‌ ستّين‌ شهراً، أنكر ذلك‌. وفيما يأتي‌ عبارة‌ ابن‌ كثير:

 وأمّا الحديث‌ الذي‌ رواه‌ ضمرة‌ عن‌ ابن‌ شوذب‌، عن‌ مطر الورّاق‌، عن‌ شهربن‌ حوشب‌، عن‌ أبي‌ هريرة‌، ] وفيه‌ [:

 قَالَ: لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ بِيَدِ علی‌ٍّ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی‌ٌّ مَوْلاَهُ. فَأَنْزَلَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ: «إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ علیكُمْ نِعْمَتِي‌». قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: وَهُوَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ. مَن‌ صَامَ يَوْمَ ثَمَان‌ عَشْرَةَ مِنْ ذِي‌ الحِجَّةِ كُتِبَ لَهُ صِيَامُ سِتِّينَ شَهْرَاً.

 فإنّه‌ حديث‌ منكر جدّاً، بل‌ كذب‌ لمخالفته‌ لما ثبت‌ في‌ الصحيحين‌ عن‌ عمربن‌ الخطّاب‌ أنّ هذه‌ الآية‌ نزلت‌ في‌ يوم‌ الجمعة‌ يوم‌ عرفة‌، ورسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ واقف‌ بها كما قدّمنا. وكذا قوله‌ إنّ صيام‌ يوم‌ الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌، وهو يوم‌ غدير خمّ يعدل‌ صيام‌ ستّين‌ شهراً لايصحّ لا نّه‌ قد ثبت‌ ما معناه‌ في‌ الصحيح‌ أنّ صيام‌ شهر رمضان‌ بعشرة‌ أشهر، فكيف‌ يكون‌ صيام‌ يوم‌ واحد يعدل‌ ستّين‌ شهراً. هذا باطل‌.

 وقد قال‌ شيخنا الحافظ‌ أبو عبدالله‌ الذهبي‌ّ بعد إيراده‌ هذا الحديث‌: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدَّاً.

 ورواه‌ حبشون‌ الخلاّل‌، وأحمدبن‌ عبدالله‌بن‌ أحمد النيّري‌ّ ـوهما صدوقان‌ـ عن‌ علی‌ّبن‌ سعيد الرملي‌ّ، عن‌ ضمرة‌.

 قال‌ الذهبي‌ّ: ويروي‌ هذا الحديث‌ من‌ حديث‌ عمربن‌ الخطّاب‌ ومالك‌بن‌ الحُوَيْرِث‌، وأنس‌بن‌ مالك‌، وأبي‌ سعيد، وغيرهم‌ بأسانيد واهية‌. وقال‌ الذهبي‌ّ أيضاً:

 وصدر الحديث‌ متواتر، أتيقّن‌ أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ قاله‌. وأمّا اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ فزيادة‌ قويّة‌ الاءسناد. وأمّا هذا الصوم‌، فليس‌بصحيح‌، ولاوالله‌ ما نزلت‌ هذه‌ الآية‌ إلاّ يوم‌ عرفة‌ قبل‌ غدير خمّ بأيّام‌، والله‌ تعإلی‌ أعلم‌. [28]

 هذا هو كلام‌ ابن‌ كثير نصّاً، وقد نقلناه‌ هنا حرفيّاً رعاية‌ للامانة‌.

 ونقول‌ في‌ جواب‌ الذهبي‌ّ وتلميذه‌ الذيلي‌ّ: في‌ ضوء قاعدة‌ وقانون‌ باب‌ التعادل‌ والتراجيح‌ في‌ علم‌ الاُصول‌، إذا تعارضت‌ روايتان‌ صحيحتان‌ في‌ المتن‌، فإنّهما تسقطان‌ عند فقدان‌ المرجّحات‌ بسبب‌ التعارض‌، وينبغي‌ الرجوع‌ إلی‌ دليل‌ آخر.

 إنّ الرواية‌ الواردة‌ عن‌ عمربن‌ الخطّاب‌، المذكورة‌ في‌ الصحيحين‌، علی‌ فرض‌ صحّة‌ سندها، ينبغي‌ أن‌ تتعارض‌ مع‌ رواية‌ الخطيب‌ البغدادي‌ّ، لانّ تلك‌ الرواية‌ صحيحة‌ السند أيضاً. وما هو الدليل‌ والمرجّح‌ علی‌ أن‌ تعتبروا رواية‌ عمر هي‌ الاصل‌؟ وتسقطوا رواية‌ الخطيب‌ لاختلاف‌ متنها مع‌ متن‌ الرواية‌ المشار إلیها؟!

 إنّ رواة‌ رواية‌ الخطيب‌ هم‌: أبو هريرة‌، وشهربن‌ حوشب‌ الاشعري‌ّ، ومطربن‌ طهمان‌ الورّاق‌ أبو رجاء الخراساني‌ّ، وأبو عبدالرحمن‌ شوذب‌، وضمرة‌بن‌ ربيعة‌ القُرَشي‌ّ، وأبو نصر علی‌ّبن‌ سعيد الرملي‌ّ، وحبشون‌بن‌ موسي‌بن‌ أيّوب‌ الخلاّل‌، والحافظ‌ أبو الحسن‌ علی‌ّبن‌ عمر الدارقطني‌ّ. وهؤلاء كلّهم‌ عدول‌ ثقات‌ عند العامّة‌، وهم‌ حائزون‌ علی‌ أ علی‌ درجة‌ في‌ شروط‌ قبول‌ الخبر، والرواية‌ التي‌ أوردوها هي‌ رواية‌ صحيحة‌ كما يصطلح‌ علیها، ولايتسنّي‌ رفضها طاعةً للهوي‌، كما لايمكن‌ إهمالها والتغاضي‌ عنها لمخالفة‌ مضمونها مضمون‌ رواية‌ عمر بن‌ الخطّاب‌.

 ونستخلص‌ من‌ هنا أنّ مقياس‌ الصحّة‌ والوثاقة‌ والقبول‌ والردّ في‌ كتب‌ العامّة‌ قائم‌ علی‌ أساس‌ مذهبهم‌، لا علی‌ قاعدة‌ التراجيح‌، فلهذا لايبقي‌ لهذه‌ الروايات‌ شأن‌ بعامّة‌، لا نّه‌ بناءً علی‌ مقياس‌ المذهب‌ والانحياز إلی‌ الخلفاء، تطعن‌ وتقدح‌ الرواية‌ الواردة‌ عنهم‌، كالشخص‌ المدّعي‌ الذي‌ يجعل‌ نفسه‌ شاهداً علی‌ دعواه‌.

 وثانياً: إنّ نزول‌ الآية‌ إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ في‌ يوم‌ الغدير كما تحدّثنا عن‌ ذلك‌ بالتفصيل‌ سابقاً مدعوم‌ بروايات‌ أُخري‌ رواها ابن‌ مردويه‌، والطبري‌ّ، والخطيب‌، وأبو نُعيم‌، والسجستاني‌ّ، والحَسْكاني‌ّ، وابن‌ عساكر، وغيرهم‌ في‌ كتبهم‌، وهذه‌ الروايات‌ تؤيّد رواية‌ حبشون‌ وترجّحها في‌ مقابل‌ رواية‌ عمر.

 وثالثاً: يمكن‌ أن‌ تكون‌ الآية‌ قد نزلت‌ مرّتين‌، كما قلنا سابقاً، الاُولي‌ في‌ يوم‌ عرفة‌ بنحوٍ، والثانية‌ في‌ يوم‌ الغدير بنحوٍ آخر، ذلك‌ أنّ قضيّة‌ الولاية‌ قد طرحت‌ في‌ يوم‌ عرفة‌، وتمّ التأكيد علیها، كما تفيده‌ خطبة‌ رسول‌الله‌.

 يقول‌ ابن‌ كثير: لمّا جاء في‌ الرواية‌ أنّ صوم‌ عيد الغدير يعادل‌ صوم‌ ستّين‌ شهراً، وإنّ هذا الكلام‌ باطل‌، فإنّ هذا البطلان‌ يستلزم‌ ضعف‌ الرواية‌ من‌ أصلها.

 ينبغي‌ّ أن‌ نقول‌ له‌: ولم‌ لا يعادل‌ صوم‌ الغدير صوم‌ ستّين‌ شهراً؟ ويجيب‌ بأ نّه‌ صوم‌ مستحبّ، وأنّه‌ ليس‌ أهمّ من‌ صوم‌ شهر رمضان‌ الواجب‌، وأنّ ثواب‌ شهر رمضان‌ يعدل‌ ثواب‌ عشرة‌ أشهر. وعندما تشرّفت‌ بأداء فريضة‌ الحجّ هذا العام‌، جري‌ نقاش‌ ذات‌ ليلة‌ مع‌ أحد علماء الوهّابيّة‌ في‌ المسجد الحرام‌، وكان‌ قد حفظ‌ كلام‌ ابن‌ كثير حول‌ صوم‌ الغدير نصّاً، وقال‌: لمّا كانت‌ هذه‌ الرواية‌ تعتبر صوم‌ يوم‌ واحد معادلاً لصوم‌ ستّين‌ شهراً، وهذا لايعقل‌، لذلك‌ لاحجّيّة‌ لها.

 وكان‌ شابٌّ من‌ شيعة‌ البحرين‌ جالساً إلی‌ جنبي‌، فقال‌ له‌: كم‌ يتقاضي‌ هؤلاء السقّاؤون‌ الذين‌ تراهم‌ يتجوّلون‌ في‌ المسجد الحرام‌، ويتحشّمون‌ العناء في‌ إيصال‌ آنية‌ الماء الثقيلة‌ إلی‌ نقاط‌ المسجد المختلفة‌؟! قال‌: خمسمائة‌ ريال‌ سعودي‌ّ كحّدٍ أ علی‌!

 قال‌ الشابّ: لو جاء الملك‌ السعودي‌ّ يوماً لزيارة‌ المسجد الحرام‌ والطواف‌ فيه‌، وبادر أحد السقّائين‌ فملا له‌ إنّاءً نظيفاً من‌ الماء عطّره‌ بشي‌ء من‌ ماء الورد، وقدّمه‌ إلیه‌ مع‌ باقة‌ ورد، أو ورقة‌ خضراء، مظهراً له‌ الاحترام‌ الكثير والادب‌. فكافأه‌ الملك‌ بهديّة‌ مقدارها ألف‌ ريال‌، فهل‌ أساء الملك‌ في‌ عمله‌ هذا؟ قال‌: لا!

 قال‌ الشابّ: إنّ الراتب‌ الشهري‌ّ الذي‌ يتقاضاه‌ السقّاء لو قسّم‌ علی‌ أيّام‌ الشهر، فإنّه‌ يأخذ في‌ كلّ يوم‌ ستّة‌ وعشرين‌ ريالاً وشيئاً قليلاً معها، والمبلغ‌ الذي‌ يستلمه‌ طيلة‌ الساعة‌ التي‌ يوجد فيها الملك‌ لاتعدو ريإلین‌ أو ثلاثة‌، وهذا المبلغ‌ يأخذه‌ مع‌ راتبه‌ الشهري‌ّ، فكيف‌ يصحّ إعطاؤه‌ ألف‌ ريال‌ بلاعوض‌ إزاء عمل‌ غير واجب‌، ويمدح‌ ذلك‌ العقلاء؟ فكذلك‌ صوم‌ الغدير الذي‌ هو موهبة‌ من‌ مالك‌ الملوك‌ وملكهم‌ وربّ الارباب‌ لعبد مخلص‌ ومؤمن‌ أراد التعبير عن‌ حبّه‌ وولائه‌ ل علی‌ّ علیه‌ السلام‌ من‌ خلال‌ صيام‌ يوم‌ واحد. فلم‌يحر الوهّابي‌ّ جواباً، وكُعم‌ واجماً. فَبُهِتَ الَّذِي‌ كَفَرَ. [29]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «الإقبال‌» ص‌ 465.

[2] ـ «الإقبال‌» ص‌ 466؛ ورواه‌ في‌ «مصباح‌ المتهجّد» ص‌ 512، عن‌ المفضّل‌بن‌ عمر، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌.

[3] ـ «الإقبال‌» ص‌ 466.

[4] ـ «الإقبال‌» ص‌ 466.

[5] ـ الآية‌ 61، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌: فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن‌ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل‌ لَّعْنَتَ اللَهِ علی‌ الْكَـ'ذِبِينَ. أي‌: كلّ من‌ جادلك‌ وحاجَّك‌ في‌ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ هل‌ هو الله‌ أو ابن‌ الله‌ بعدما عرفت‌ حقيقة‌ المطلب‌ من‌ الله‌ وعلمت‌ أنّه‌ مخلوق‌، فقل‌ تعالوا نحن‌ وإيّاكم‌ وأبناءنا ونساءنا وأنفسنا ونتباهل‌ وندعو بالهلاك‌ علی‌ الكاذب‌.

[6] ـ تحدّث‌ سماحة‌ أُستاذنا العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ «الميزان‌» ص‌ 322 إلی‌ 327 حديثاً جامعاً ومشبعاً عن‌ أنّ المراد بالاُمّة‌ الوسطي‌ في‌ الآية‌ الشريفة‌ 143، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌: وَكَذَ ' لِكَ جَعَلْنَـ'كُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَآءَ علی‌ النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ علیكُمْ شَهِيدًا، ليس‌ الاُمّة‌ كلّها، لانّ عنوان‌: شهداء علی‌ الناس‌ هو الاطّلاع‌ علی‌ أعمال‌ الدنيا وأسرارهم‌ فيها. وما لم‌ يكن‌ هذا العلم‌ لاحد، فلايمكن‌ أن‌ يكون‌ شاهداً وشهيداً علی‌ الناس‌ يوم‌ القيامة‌. ولامحالة‌ أنّ الاُمّة‌ الوسطي‌ أفراد مخصوصون‌ من‌ الاُمّة‌، مطّلعون‌ علی‌ أسرار الناس‌ ونيّاتهم‌ وبواطنهم‌. يتحمّلون‌ الشهادة‌ ويؤدّونها يوم‌ القيامة‌. وهذا يخُصّ الائمّة‌ الاطهار علیهم‌ السلام‌ وأولياء الله‌ الشاهدين‌ علی‌ أعمال‌ الناس‌، والنبي‌ّ شاهد علی‌ أعمالهم‌.

 ف علی‌ هذا، وفي‌ ضوء هذا البيان‌، أنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ من‌ أُمّة‌ رسول‌الله‌ حقّاً، وهو داخل‌ في‌ هذه‌ الجماعة‌ فحسب‌.

[7] ـ الآية‌ 110، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[8] ـ الآية‌ 67، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[9] ـ الآية‌ 34، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.

[10] ـ «الإقبال‌» ص 466 و 467.

[11] ـ الرواية‌ إلی‌ هنا مذكورة‌ في‌ «مصباح‌ المتهجّد» ص‌ 513.

[12] ـ هذه‌ التتمّة‌ في‌ «الإقبال‌» ص‌ 473 و 474.

[13] ـ «الخصال‌» ص‌ 264، باب‌ الاربعة‌، طبعة‌ مطبعة‌ الحيدري‌ّ.

[14] ـ «الإقبال‌» ص‌ 474 و 475.

[15] «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 286 و 287.

[16] «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 286 و 287.

[17] ـ «الإقبال‌»، ص‌ 464.

[18] ـ «الإقبال‌» ص‌ 476.

[19] ـ «الإقبال‌» ص‌ 476 إلی‌ 493.

[20] ـ «الإقبال‌» ص‌ 493 و 494.

[21] ـ روي‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ هذه‌ الزيارة‌ إلی‌ هنا في‌ «مصباح‌ المتهجّد» ص‌ 514 و 515 مرسلةً عن‌ جابر الجعفي‌ّ.

[22] ـ علی‌ّ بن‌ طاووس‌ من‌ جهة‌ الاب‌ من‌ أولاد طاووس‌، وطاووس‌ من‌ أولاد الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌، بهذه‌ السلالة‌: علی‌ّبن‌ موسي‌بن‌ جعفربن‌ أحمدبن‌ محمّدبن‌ أحمدبن‌ محمّد الطاووسي‌ّبن‌ إسحاق‌بن‌ الحسن‌بن‌ محمّدبن‌ سليمان‌بن‌ داودبن‌ الحسن‌ المثنّي‌بن‌ الإمام‌ المجتبي‌ الحسن‌بن‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیهما السلام‌.(«الكني‌ والالقاب‌» ج‌ 3، ص‌ 299؛ و«تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 2، ص‌ 311). ومن‌ جهة‌ الاُمّ حفيد ابن‌ إدريس‌، وابن‌ إدريس‌ ابن‌ حفيد الشيخ‌ الطوسي‌ّ. وأخوه‌ لاُمّه‌ وأبيه‌ السيّد أحمدبن‌ طاووس‌ («ريحانة‌ الادب‌» ج‌ 8، ص‌ 76).

[23] ـ «الإقبال‌» ص‌ 470 و 471.

[24] ـ «الإقبال‌» ص‌ 476؛ و «بحار الانوار» ج‌ 20، ص‌ 314، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[25] ـ الفئام‌ في‌ اللغة‌ الجماعة‌ من‌ الناس‌. ويقول‌ الإمام‌ هنا بخاصّة‌: المقصود من‌ هذه‌ الجماعة‌ التي‌ لها ثواب‌ الصيام‌ مائة‌ ألف‌ شخص‌.

[26] ـ «الإقبال‌» ص‌ 464.

[27] ـ في‌ المجلس‌ التاسع‌ والعاشر من‌ الجزء الاوّل‌، وفي‌ المجلس‌ الثالث‌ والستّين‌ من‌ الجزء التاسع‌.

[28] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 213 و 214.

[29] ـ الآية‌ 258، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com