بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد السابع / القسم السابع :اعتراف ابی هریرة بحدیث الغدیر ، خصال الاسلام

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

المحدّثون‌ الذين‌ نقلوا واقعة‌ غدير خمّ

 وممّن‌ ذكر حديث‌ الغدير من‌ أئمّة‌ الحديث‌:

 1 ـ إمام‌ الشافعيّة‌ أبو عبدالله‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الشافعي‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ 204 كما في‌ نهاية‌ ابن‌ الاثير.

 2 ـ إمام‌ الحنابة‌ أحمد بن‌ حنبل‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 241 في‌ مسنده‌ ومناقبه‌.

 3 ـ ابن‌ مَاجَة‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 273 في‌ سننه‌.

 4 ـ التِرمذي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 279 في‌ صحيحه‌.

 5 ـ النسائي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 303 في‌ الخصائص‌.

 6 ـ أبو يَعلی الموصِلي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 307 في‌ مسنده‌.

 7 ـ البَغوي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 317 في‌ سُنَنه‌.

 8 ـ الدولابي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 302 في‌ « الكُني‌ والاسماء ».

 9 ـ الطَحَاوري‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 321 في‌ « مُشكل‌ الآثار ».

 10 ـ الحاكم‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 405 في‌ « المستدرك‌ ».

 11 ـ ابن‌ المغازلي‌ّ الشافعي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 483. في‌ « المناقب‌ ».

 12 ـ ابن‌ منده‌ الإصفهاني‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 512 بعدّة‌ طرق‌ في‌ تإلیفه‌.

 13 ـ الخطيب‌ الخوارزمي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 568 في‌ « المَنَاقب‌ » ومقتل‌ الإمام‌ السبط‌ سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ ».

 14 ـ الكَنجي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 658 في‌ « كفاية‌ الطالب‌ ».

 15 ـ محبّ الدين‌ الطَبَري‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 694 في‌ « الرياض‌ النضرة‌ » و « ذخائر العُقْبَي‌ ».

 16 ـ الحَمّوئي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 722 في‌ « فرائد السمطين‌ ».

 17 ـ الهيثمي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 807 في‌ « مجمع‌ الزوائد ».

 18 ـ الذَّهَبي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 748 في‌ « التخليص‌ ».

 19 ـ الجَزَري‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 830 في‌ « أسني‌ المطالب‌ ».

 20 ـ القَسْطَلاني‌ّ المتوفّي‌ ] 923 [ في‌ « المواهب‌ اللدنيَّة‌ ».

 21 ـ المتّقي‌ الهندي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 975 في‌ « كنز العمّال‌ ».

 22 ـ الهَرَوي‌ّ القاري‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1014 في‌ « المرقاة‌ في‌ شرح‌ المشكاة‌ ».

 23 ـ تاج‌ الدين‌ المَنَاوي‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1031 في‌ « كنوز الحقائق‌ في‌ حديث‌ خير الخلائق‌ »؛ وفي‌ « فيض‌ القدير ».

 24 ـ الشيخاني‌ّ القادري‌ّ في‌ كتاب‌ « الصراط‌ السوي‌ّ في‌ مناقب‌ آل‌ النبي‌ّ ».

 25 ـ بَاكَثير المكِّي‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1047 في‌ « وسيلة‌ الآمال‌ من‌ مناقب‌ الآل‌ ».

 26 ـ أبو عبدالله‌ الزرقاني‌ّ المالكي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1122 في‌ « شرح‌ المواهِب‌ ».

 27 ـ ابن‌ حمزة‌ الدمشقي‌ّ الحنفي‌ّ في‌ كتاب‌ « البيان‌ والتعريف‌ ». وغيرهم‌ ] من‌ المحدّثين‌ الآخرين‌ [.

 الرجوع الي الفهرس

المفسّرون‌ الذين‌ نقلوا واقعة‌ الغدير

 كما أنّ المفسّر نصب‌ عينيه‌ آي‌ٌ من‌ القرآن‌ الكريم‌ نازلة‌ في‌ هذه‌ المسألة‌، يري‌ من‌ واجبه‌ الإفاضة‌ بما جاء في‌ نزولها وتفسيرها. ولايرضي‌ لنفسه‌ أن‌ يكون‌ علمه‌ مبتوراً، وسعيه‌ مخدجاً. فذكرها من‌ أئمّة‌ التفسير:

 1 ـ الطبري‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 310 في‌ تفسيره‌.

 2 ـ الثعلبي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 427 / 437 في‌ تفسيره‌.

 3 ـ الواحدي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 468 في‌ « أسباب‌ النُّزول‌ ».

 4 ـ القرطبي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 567 في‌ تفسيره‌.

 5 ـ أبو السُّعود في‌ تفسيره‌.

 6 ـ الفخر الرازي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 606 في‌ تفسيره‌ الكبير.

 7 ـ ابن‌ كثير الشامي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 774 في‌ تفسيره‌.

 8 ـ النيسابوري‌ّ المتوفّي‌ في‌ القرن‌ الثامن‌ في‌ تفسيره‌.

 9 ـ جلال‌ الدين‌ السُيُوطي‌ّ في‌ تفسيره‌.

 10 ـ الخطيب‌ الشَّرَبيني‌ في‌ تفسيره‌.

 11 ـ الآلوسي‌ّ البغدادي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1270 في‌ تفسيره‌، وغيرهم‌ ] من‌ المفسّرين‌ [.

 الرجوع الي الفهرس

المتكلّمون‌ واللغويّون‌ الذين‌ نقلوا حديث‌ الغدير

 والمتكّلم‌ حين‌ يقيم‌ البراهين‌ في‌ كلّ مسألة‌ من‌ مسائل‌ علم‌ الكلام‌، إذا انتهي‌ به‌ السير إلی‌ مسألة‌ الإمامة‌، فلا مُنتدح‌ له‌ من‌ التعرّض‌ لحديث‌ الغدير، حجّة‌ علی المدّعي‌، أو نقلاً لحجّة‌ الخصم‌، وإن‌ أردفه‌ بالمناقشة‌ في‌ الحساب‌ عند الدلالة‌. مثل‌:

 1 ـ القاضي‌ أبوبكر الباقلاّني‌ّ البصري‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ 403 في‌ كتاب‌ « التهميد ».

 2 ـ القاضي‌ عبدالرحمن‌ الإيجي‌ّ الشافعي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 756 في‌ « المواقف‌ ».

 3 ـ السيّد الشريف‌ الجُرجاني‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 816 في‌ « شرح‌ المواقف‌ ».

 4 ـ البيضاوي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 685 في‌ « طوالع‌ الانوار ».

 5 ـ شمس‌ الدين‌ الإصفهاني‌ّ في‌ « مطالع‌ الانظار ».

 6 ـ التفتازاني‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ ] 792 [ في‌ « شرح‌ المقاصد ».

 7 ـ القوشجي‌ّ المولي‌ علاء الدين‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 879 في‌ « شرح‌ التجريد ».

 والعبارة‌ التي‌ أتي‌ بها هؤلاء المتكلّمون‌ جميعهم‌ هي‌: « أنّ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قد جمع‌ الناس‌ يوم‌ غدير خمّ موضع‌ بين‌ مكّة‌ والمدينة‌ بالجحفة‌؛ وذلك‌ بعد رجوعه‌ من‌ حجّة‌ الوداع‌، وكان‌ يوماً صائفاً حتّي‌ أنّ الرجل‌ ليضع‌ رداءه‌ تحت‌ قدميه‌ من‌ شدّة‌ الحرّ؛ وجمع‌ الرحال‌، وصعد عليها، وقال‌ مخاطباً ] الناس‌ [:

 مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ! أَلَسْتُ أَولَي‌ بِكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ؟! قَالُوا: اللَهُمَّ بَلَي‌! قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذلَهُ.

 لم‌ ينقل‌ المتكلّمون‌ هذه‌ الكلمات‌ من‌ مصدر ما، بل‌ ذكروها إرسال‌ المسلّم‌.

 ومن‌ المتكلّمين‌: القاضي‌ المنجّم‌ محمّد الشافعي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 876 في‌ « بديع‌ المعاني‌ »، وجلال‌ الدين‌ السيوطي‌ّ في‌ أربعينه‌؛ ومفتي‌ الشام‌ حامدبن‌ علی العمادي‌ّ في‌ « الصلاة‌ الفاخرة‌ بالاحاديث‌ المتواترة‌ »؛ والآلوسي‌ّ البغدادي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1324 في‌ « نَثْر اللئإلی‌ ». وغيرهم‌ ] من‌ المتكلّمين‌ [.

 واللغوي‌ّ لا يجد مُنتدحاً من‌ الإيعاز إلی‌ حديث‌ الغدير عند إفاضة‌ القول‌ في‌ معني‌ المَوْلَي‌، أو الخُمّ، أو الغدير، أو الولي‌ّ، كابن‌ دُرَيد محمّدبن‌ الحسن‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 321 في‌ جمهرته‌ ج‌ 1 ص‌ 71؛[1] وابن‌ الاثير في‌ « النهاية‌ » والحَمَوي‌ّ في‌ « معجم‌ البلدان‌ » في‌ خُمّ، والزَّبِيدي‌ّ الحنفي‌ّ في‌ « تاج‌ العروس‌ »، والنَّبَهاني‌ّ في‌ « المجموعة‌ النَّبَهانيّة‌ ». [2]

 وجاء في‌ « غاية‌ المرام‌ » تحت‌ عنوان‌: نصّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ علی أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ في‌ غدير خمّ بالولاية‌ المقتضية‌ للإمارة‌ والإمامة‌ في‌ قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ من‌ طريق‌ العامّة‌ تسعة‌ وثمانون‌ حديثاً، ومن‌ طريق‌ الخاصّة‌ ثلاثة‌ وأربعون‌ حديثاً. وفيما يلي‌ عدد من‌ الاحاديث‌ عن‌ الفريقين‌:

 قال‌ أحمد بن‌ حنبل‌: حدّثنا ابن‌ نُمَيْر، قال‌: حدّثنا عبدالملك‌بن‌ عطيّة‌ العوفي‌ّ، قال‌: أتيت‌ زيد بن‌ أرقم‌ فقلت‌ له‌: إنّ خإلی‌ حدّثني‌ عنك‌ بحديث‌ في‌ شأن‌ علی يوم‌ غدير خُمّ؛ فأنا أُحبّ أن‌ أسمعه‌ منك‌!

 فقال‌ ] زيد [: معشر أهل‌ العراق‌، فيكم‌ ما فيكم‌؛ فقلت‌: ليس‌ عليك‌ منّي‌ بأس‌! قال‌: نعم‌! كنّا بالجحفة‌، فخرج‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ظهراً وهو آخذ بِيَدِ علی عليه‌ السلام‌ فقال‌: أيّها الناس‌! ألستم‌ تعلمون‌ أنّي‌ أولي‌ بالمؤمنين‌ من‌ أنفسهم‌؟! قالوا: بلي‌. قال‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ.

 قال‌: فقلت‌: هل‌ قال‌ رسول‌ الله‌: اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَن‌ عَادَاهُ؟ قال‌ زيد: إنَّما أُخبرك‌ ما سَمِعْتُ! [3]

 قال‌ عبدالله‌ بن‌ أحمد بن‌ حنبل‌: قال‌ حدّثنا حمّاد، عن‌ علیبن‌ زيد، عن‌ عدي‌ّبن‌ ثابت‌، عن‌ البرّ، وهو ابن‌ عازب‌، قال‌: أقبلنا مع‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ حجّة‌ الوداع‌ حتّي‌ كنّا بغدير خمّ، فنودي‌ فينا إلی‌ الصلاة‌ جامعة‌. وكَسِحَ لرسول‌ الله‌ بين‌ شجرتين‌. فأخذ ] رسول‌ الله‌ [ بِيَدِ علی وقال‌: أَلَسْتُ أَوْلَي‌ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِم‌؟ قالوا: بَلي‌ يَا رَسُولَ اللَه‌.

 قال‌: أَلَسْتُ أَوْلَي‌ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟ قالوا: بَلي‌ يَا رَسُولَ اللَهِ!

 قال‌: هَذَا مَوْلَي‌ مَنْ أَنَا مَوْلاَهُ. اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ! وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ. فلقيه‌ عمر، فقال‌: هنيئاً لك‌ يا ابن‌ أبي‌ طالب‌ أصبحتَ وأمسيتَ مَولي‌ كلّ مؤمن‌ ومؤمنة‌. [4]

 قال‌ عبدالله‌ بن‌ أحمد بن‌ حنبل‌: حدّثنا عبدالله‌ بن‌ الصَقْر سنة‌ 299، قال‌: حدّثنا يعقوب‌ بن‌ حمدان‌ بن‌ كاسب‌، قال‌: حدّثنا سفيان‌، عن‌ ابن‌ أبي‌ نجيح‌، عن‌ أبيه‌، وربيعة‌ الخدسي‌ّ أنـّه‌ ذكر علی ] بن‌ أبي‌ طالب‌ [ عند رجل‌، وعنده‌ سَعْد بن‌ أبي‌ وقّاص‌؛ فقال‌ له‌ سعد: أتذكّر ذكراً أنّ له‌ مناقب‌ أربعاً، لان‌ يكون‌ لي‌ واحدة‌ منهنّ أحبّ إلی‌ّ من‌ كذا وكذا، وذكر حمر النعم‌، وقوله‌ ] أي‌ رسول‌ الله‌ [: لاَعْطينَّ الرَّاية‌، وقوله‌: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌، وقوله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ.

 ونسي‌ سفيان‌ واحدة‌. [5]

 من‌ « صحاح‌ مسلم‌ » أيضاً قال‌: حدّثنا ابن‌ بكّار بن‌ الريّان‌، ] قال‌ [: حدّثنا حسّان‌ يعني‌ ابن‌ إبراهيم‌، عن‌ سعيد وهو ابن‌ مسروق‌، عن‌ يزيدبن‌ حَيّان‌ عن‌ زيد بن‌ أرقم‌، قال‌: دخلنا عليه‌؛ فقلنا له‌: لقد صاحبت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌! وصلّيت‌ خلفه‌! ولقيت‌ خيراً كثيراً، حدّثنا ما سمعت‌ من‌ رسول‌ الله‌!

 قال‌ زيد: يا بن‌ أخي‌! والله‌ لقد كبرت‌ سنّي‌ وقدم‌ عهدي‌؛ ونسيت‌ بعض‌ الذي‌ كنت‌ أعي‌ من‌ رسول‌ الله‌؛ فما حدّثتكم‌، فاقبلوه‌! ومالا، فلاتكلّفونيه‌! ثمّ قال‌: قام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ يوماً فينا خطيباً بما يدعي‌ خُمّاً بين‌ مكّة‌ والمدينة‌؛ فحمد الله‌ وأثني‌ عليه‌، ووعظ‌ وذكّر، ثمّ ] قال‌ [: أمّا بَعْدُ؛

 أَيُّها النَّاسُ! إنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوشَكُ أنْ يَأتِينَي‌ رَسُولُ رَبِّي‌ فَأُجيبَ؛ أَلاَ وَإنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَهِ؛ وَهُوَ حَبْلُ اللَهِ؛ مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ علی الهُدَي‌، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ علی ضَلاَلَةٍ؛ فِيهِ الهُدَي‌ وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ. فَحَثَّ علی كِتَابِ اللَهِ وَرَغَّبَ فِيهِ؛ ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي‌، أُذَكِّرُكُمُ اللَهَ فِي‌ أَهْلِ بَيْتِي‌، أُذَكِّرُكُمُ اللَهَ فِي‌ أَهْلِ بَيْتِي‌، أُذَكِّرُكُمُ اللَهَ فِي‌ أَهْلِ بَيْتِي‌! قَالَ: فَقُلْنَا: وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ نِسَاؤُهُ؟!

 قَالَ: لاَ! أَيْمُ اللَهِ إنَّ المَرْأةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ العَصْرَ ثُمَّ الدَّهْرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إلی‌ أَهْلِهَا وَقَوْمِهَا. أَهْلُ بَيْتِهِ أَهْلُهُ وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ حُرِّمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. [6]

 ومن‌ « مناقب‌ ابن‌ المغازلي‌ّ » أبي‌ الحسن‌ علی بن‌ المغازلي‌ّ الواسطي‌ّ الشافعي‌ّ بسنده‌ عن‌ زيد بن‌ أرقم‌، ذكر قضيّة‌ الغدير ونقل‌ أنّ رسول‌ الله‌ قال‌ بعد حمد الله‌ والثناء عليه‌: أَمَّا بَعْدُ؛ أَيُّهَا النَّاسُ! فَإنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِبَنِي‌ٍّ مِنَ العُمْرِ إِلاَّ نَصْفُ مَا عُمِّرَ مَنْ قَبْلَهُ؛ وَإنَّ عِيْسَي‌ ابْنَ مَرْيَمَ لَبِثَ فِي‌ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَإِنِّي‌ قَدْ أُشْرِعْتُ [7] فِي‌ العِشْرِينَ، [8] أَلاَ وَإنِّي‌ يُوشَكُ أَن‌ أُفَارِقَكُمْ وَإنِّي‌ مَسْؤُولٌ وَأَنْتُمْ مَسْؤُولُونَ. وبعد حثّ الناس‌ وترغيبهم‌ في‌ التمسّك‌ بالثَّقَلَين‌، قال‌: فَإنِّي‌ قَدْ سَأَلْتُ لَهُمَا اللَِّطيفَ الخَبيرَ فَأعْطَانِي‌؛ نَاصِرُهُمَا لِي‌ نَاصِرٌ؛ وَخَاذِلُهُمَا لِي‌ خَاذِلٌ؛ وَوَلِيُّهُمَا لِي‌ وَلِي‌ٌّ؛ وَعَدُوُّهُمَا لِي‌ عَدُوٌّ؛ ألاَ فَإنَّهَا لَمْتَهْلِكْ أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ حَتَّي‌ تَدِينَ بَأَهْوَائِهَا، وَتَظَاهَرَ علی نُبُوَّتِهَا، وَتَقْتُلَ مَنْ قَامَ بِالقِسْطِ مِنْهَا. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ علی ابْنِ أَبي‌ طَالِبٍ فَرَفَعَهَا وَقَالَ: مَنْ كُنْتُ وَلِيُّهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ، اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، [9] قَالَهَا ثَلاَثاًـ آخِرُ الخُطْبَةِ. [10]

 وفي‌ « مناقب‌ ابن‌ المغازلي‌ّ » أيضاً بسنده‌ عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌ أنّ رسول‌الله‌ لمّا نزل‌ بخمّ، فتنحّي‌ الناس‌ عنه‌، ونزل‌ معه‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌، فشقّ علی النبي‌ّ تأخّر الناس‌، فأمر عليّاً فجمعهم‌؛ فلمّا اجتمعوا، قام‌ فيها وهو متوسّد يد علی بن‌ أبي‌ طالب‌، فحمد الله‌ وأثني‌ عليه‌، ثمّ قال‌: أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّهُ قَدْ كَرِهْتُ تَخَلُّفَكُمْ عَنِّي‌ حَتَّي‌ خُيِّلَ إلی‌َّ أَنـَّهُ لَيْسَ شَجَرَةٌ أَبْغَضَ إلیكُمْ مِنْ شَجَرَةٍ تَلِينِي‌؛ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ علی بْنُ أبي‌ طَالِبٍ أَنْزَلَهُ اللَهُ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَتِي‌ مِنْهُ؛ فَرَضِي‌َ اللَهُ عَنْهُ كَمَا أَنَا عَنْهُ رَاضٍ، فَإنَّهُ لاَيَخْتَارُ علی قُرْبِي‌ وَمَحَبَّتي‌ شَيئاً. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.

 قَالَ: فَابْتَدَرَ النَّاسُ إلی‌ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا تَنَحَّيْنَا عَنْكَ إلاَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ نَثْقُلَ عَلَيْكَ! فَنَعُوذُ بِاللَهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَخَطِ رَسُولِ اللَهِ. فَرَضِي‌َ رَسُولُ اللَهِ عَنْهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ. [11]

 الرجوع الي الفهرس

اعتراف‌ أبي‌ هريرة‌ بحديث‌ الغدير عند معاوية‌

 وقال‌ موفّق‌ بن‌ أحمد أخطب‌ خطباء خوارزم‌ بإسناده‌: قال‌ الاصْبَغُ بنُ نُبَاتَة‌: « دخلتُ علی مُعَاوِيَة‌ وهو جالس‌ علی نطع‌ من‌ الاُدم‌، متّكئاً علی وسادتين‌ خضراوتين‌، وعن‌ يمينه‌: عَمْرُو بنُ العَاص‌، و حَوْشَب‌، و ذُوالكَلاَعِ، وعن‌ شماله‌: أخوه‌ عُتْبَة‌، و ابنُ عَامِر بنُ كريز، و الوَلِيدُبنُ عُتْبَة‌، و عَبْدُالرَّحْمَن‌ بنُ خَالِد، و شَرْحَبِيلُ بنُ السِّمْط‌؛ وبين‌ يديه‌: أبُو هُرَيْرَة‌، و أبُو الدَّرْدَاء، و النُّعْمَانُ بنُ بَشِير، و أُمَامَة‌ البَاهِلِي‌ّ.

 فلمّا قرأ الكتاب‌ ] أي‌ كتاب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ [، قال‌: إنّ عليّاً لايدفع‌ إلینا قتلة‌ عثمان‌. فقلت‌ له‌: يا معاوية‌! تعتلّ بدم‌ عثمان‌! فإنّك‌ تطلب‌ الملك‌ والسلطان‌! ولو كنتَ أردت‌ نصره‌ حيّاً لنصرته‌! ولكنّك‌ تربّصت‌ به‌ لتجعل‌ ذلك‌ سبباً إلی‌ وصولك‌ إلی‌ الملك‌!

 فغضب‌ ] معاوية‌ من‌ هذا الكلام‌ [؛ فأردتُ أن‌ يزيد غضبه‌، فقلتُ لابي‌ّ هريرة‌: يا صاحب‌ رسول‌ الله‌! إنّي‌ أُحلّفك‌ بالله‌ الذي‌ لا إله‌ إلاّ هو عالم‌ الغيب‌ والشهادة‌، وبحقّ حبيبه‌ المصطفي‌ عليه‌ وآله‌ السلام‌، ألا أخبرتني‌ّ! أشهدتَ غدير خُمّ؟ قال‌ ] أبو هريرة‌ [: بلي‌ شهِدتُه‌! قلتُ: فما سمعته‌ ] يقول‌ [ في‌ علی؟!

 قال‌: سمعته‌ يقول‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.

 قلتُ: فإذاً أنت‌ وإلیتَ عدوّه‌! وعاديتَ وليّه‌! فتنفّس‌ أبوهريرة‌ الصعداء وقال‌: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلیهِ رَ ' جِعُونَ. [12]

 وروي‌ السمعاني‌ّ بإسناده‌ عن‌ سالم‌ بن‌ أبي‌ الجعد، قال‌: قيل‌ لعمر: إِنَّكَ تَصْنَعُ بِعلی مَا لاَ تَصْنَعُهُ بِأَحَدٍ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ! قَالَ: لاِنـَّهُ مَوْلاَي‌َ! [13]

 قال‌ إبراهيم‌ بن‌ محمّد الحمُّوئي‌ّ، ] وهو [ من‌ أعيان‌ علماء العامّة‌: قال‌ أخبرني‌ الشيخ‌ مجد الدين‌ عبدالله‌ بن‌ محمود بن‌ مودود الحنفي‌ّ، بقراءتي‌ عليه‌، ببغداد ثالث‌ رجب‌ سنة‌ اثنتين‌ وسبعين‌ وستمائةٍ، قال‌ الشيخ‌ أبوبكر المسماربن‌ عمربن‌ العويس‌ البغدادي‌ّ سماعاً عليه‌، قال‌: أنبأنا أبوالفتح‌ محمّد بن‌ عبدالباقي‌ّ المعروف‌ بابن‌ البطّي‌ّ سماعاً عليه‌. وأخبرنا الإمام‌ الفقيه‌ كمال‌ الدين‌ أبو غالب‌ هبة‌ الله‌ بن‌ أبي‌ القاسم‌ بن‌ أبي‌ غالب‌ السامري‌ّ بقراءتي‌ عليه‌ بمسجد القصر ببغداد ليلة‌ الاحد السابع‌ والعشرين‌ من‌ شهر رمضان‌ سنة‌ اثنتين‌ وثمانين‌ وستمائة‌، قال‌: أنبأنا الشيخ‌ محاسن‌بن‌ عُمَربن‌ رضوان‌ الحَرائني‌ّ سماعاً عليه‌ في‌ الحادي‌ والعشرين‌ من‌ المحرّم‌ سنة‌ اثنتين‌ وعشرين‌ وستمائة‌، قال‌: أنبأنا أبوبكر محمّد بن‌ عبدالله‌بن‌ نصربن‌ الزعفراني‌ّ سماعاً عليه‌ في‌ السادس‌ عشر من‌ شهر رجب‌ من‌ سنة‌ خمسين‌ وخمسمائة‌، قال‌: أنبأنا أبو عبدالله‌ مالك‌ بن‌ أحمد بن‌ علیبن‌ إبراهيم‌ الفرّاء البانياسي‌ّ سماعاً عليه‌، قال‌ ابن‌ الرغوني‌ّ في‌ شهر شعبان‌ سنة‌ ثلاث‌ وستّين‌ وأربعمائة‌، قال‌: أنبأنا أبو الحسن‌ أحمد بن‌ محمّدبن‌ موسي‌بن‌ قاسم‌بن‌ الصَّلْت‌ قراءةً عليه‌، وأنا أسمع‌ في‌ رجب‌ ثالث‌ عشر من‌ سنة‌ خمس‌ وأربعمائة‌، قال‌: أنبأنا إبراهيم‌ بن‌ عبد الصمد الهاشمي‌ّ المكنّي‌ بأبي‌ إسحاق‌، قال‌: أنبأنا أبو سعيد الاشجّ، قال‌: أنبأنا المُطَّلِب‌بن‌ زياد، عن‌ عبدالله‌بن‌ محمّد بن‌ عقيل‌، قال‌:

 كنت‌ عند جابر بن‌ عبدالله‌ في‌ بيته‌، وعلی بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ ومحمّدبن‌ الحنفيّة‌، وأبو جعفر ] الباقر [ عليه‌ السلام‌ ] عنده‌ [. فدخل‌ رجل‌ من‌ أهل‌ العراق‌، فقال‌: أنشدك‌ الله‌ إلاّ حدّثتني‌ بما رأيت‌ وما سمعت‌ من‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌!

 فقال‌ ] جابر [: كنّا بالجحفة‌ بغدير خمّ، وثَمَّ ناس‌ كثير من‌ جُهَيْنَة‌، وَمُزَيْنَةَ، وغِفَار؛ فخرج‌ علينا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ من‌ خِبَاء أو فُسْطَاط‌، [14] فأشار بِيَدِه‌ ثلاثاً، ثمّ أخذ بيد علی صلوات‌ الله‌ عليه‌ وقال‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. [15]

 الرجوع الي الفهرس

رسالة‌ عمرو بن‌ العاص‌ إلی‌ معاوية‌ تضمّ حديث‌ الغدير

 ويقول‌ موفّق‌ بن‌ أحمد] الخوارزمي‌ّ[ في‌ حديث‌ مكاتبة‌ معاوية‌ لعمروبن‌ العاص‌ أن‌ يستفزّه‌ في‌ محاربة‌ علی عليه‌ السلام‌ فأبي‌ عليه‌ عمروبن‌ العاص‌؛ فأجاب‌ معاوية‌ في‌ جواب‌ مكاتبته‌، فقال‌ عمرو وهو ] يعدّ [ فضائل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ] واحدة‌ بعد الاُخري‌ [: وَقَدْ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: هُوَ مِنِّي‌ وَأَنَا مِنْهُ؛ وَهُوَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أنـَّهُ لاَ نَبِي‌َّ بَعْدِي‌؛ وَقَدْ قَالَ فِيهِ يَومَ غَديرِ خُمٍّ: أَلاَ وَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. إلی‌ آخر الكتاب‌، وهو كتاب‌ مفصّل‌. [16]

 وينقل‌ ] إبراهيم‌ بن‌ محمّد [ الحمُّوئي‌ّ بسنده‌، عن‌ زيدبن‌ عمر بن‌ مورّق‌، قال‌: كنت‌ بالشام‌، وعمر بن‌ عبد العزيز يعطي‌ الناس‌، فتقدّمت‌ إلیه‌. فقال‌: ممّن‌ أنتَ؟

 فقال‌، قلتُ: من‌ قريش‌! قال‌: من‌ أي‌ّ قريش‌ أنت‌؟! قلت‌: من‌ بني‌ هاشم‌! قال‌: من‌ أي‌ بني‌ هاشم‌؟! فسكتُ! فوضع‌ يده‌ علی صدره‌ وقال‌: أنا والله‌ مولي‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌!

 ثمّ قال‌: حدّثني‌ عدّة‌ أنـّهم‌ سمعوا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يقول‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. ثمّ قال‌ ] لخازنه‌ [: يامُزَاحم‌! كم‌ تعطي‌ أمثاله‌؟! قال‌ ] مُزاحم‌ [: مائة‌ أو مائتي‌ درهم‌!

 قال‌ ] عمر بن‌ عبد العزيز [: أعطه‌ خمسين‌ ديناراً؛ لولاية‌ علیبن‌ أبي‌ طالب‌، ثمّ قال‌: إلحق‌ ببلدك‌ فسيأتيك‌ مثل‌ ما يأتي‌ نظراءك‌. [17]

 وروي‌ الحمُّوئي‌ّ بسنده‌ أيضاً عن‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ دعا الناس‌ إلی‌ علی عليه‌ السلام‌ في‌ غدير خمّ، وأمر بما تحت‌ الشجرة‌ من‌ الشوك‌ فقُمّ، وذلك‌ يوم‌ الخميس‌. [18] فدعا عليه‌ السلام‌ عليّاً عليه‌ السلام‌، فأخذ بضبعيه‌ فرفعهما حتّي‌ نظر الناس‌ إلی‌ بياض‌ إبطي‌ رسول‌الله‌؛ ثمّ لم‌ يفترقوا حتّي‌ نزلت‌ هذه‌ الآية‌: إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإْسْلَـ'مَ دِينًا.[19] فقال‌ رسول‌الله‌: اللَهُ أكْبَرُ علی إكْمَالِ الدِّينِ وَإتْمَامِ النِّعْمَةِ وِرِضَا الرَّبِّ بِرِسَالَتِي‌ وَالوَلاَيَةِ لِعلی مِنْ بَعْدِي‌.

 وقال‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. فقال‌ حسّان‌ بن‌ ثابت‌: إئْذن‌ لي‌ يا رسول‌الله‌، فأقول‌ في‌ علی أبياتاً تسمعها! فقال‌: قل‌ علی بركة‌ الله‌!

 الرجوع الي الفهرس

أشعار حسّان‌ بن‌ ثابت‌ بين‌ يدي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌

 فقام‌ حسّان‌، فقال‌: يا معشر مشيخة‌ قريش‌! اسمعوا قولي‌ شهادة‌ من‌ رسول‌الله‌ في‌ الولاية‌ الثابتة‌ لعلی! ثمّ أنشد هذه‌ الابيات‌:

 يُنَادِيهُمُ يَوْمَ الغَدِيرِ نَبِيُّهُمْ                        بِخُمٍّ وَأسْمِعْ بِالرَّسُولِ مُنَادِيَا

 يَقُولُ: فَمَنْ مَوْلاَكُمُ وَوَلِيُّكُمْ؟                   فَقَالُوا وَلَمْ يُبْدُوا هُنَاكَ التَّعامِيَا [20]

 اِلَهُكَ مَوْلاَنَا وأَنْتَ وَلِيُّنَا                ولَنْ تَجِدَنْ مِنَّا لَكَ إلیوْمَ عَاصِيَا

 هُنَاكَ دَعَا: اللَهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ                      وَكُنْ لِلَّذِي‌ عَادَي‌ عَلِيَّاً مُعَادِيَا

 فَقَالَ لَهُ: قُمْ يَا علی فَإنَّنِي                     ‌ رَضِيتُكَ مِنْ بَعْدِي‌ إمَاماً وهَادِيا [21]

 علماً أنّ الاعلام‌ والعلماء في‌ الحديث‌ والتأريخ‌ أجمعوا علی شعر حسّان‌بن‌ ثابت‌؛ وهذه‌ الابيات‌ نفسها مستمسك‌ حي‌ّ علی الولاية‌ في‌ يوم‌ الغدير؛ وتعتبر من‌ الوثائق‌ التأريخيّة‌ الهامّة‌ للغدير، إذ أُنشدت‌ بين‌ يدي‌ رسول‌الله‌، ووسِعت‌ مُفاد حديث‌ الولاية‌ في‌ يوم‌ الغدير.

 كان‌ حسّان‌ شاعر النبي‌ّ، وتبوّأ في‌ الشعر مقاماً منيعاً. ونقل‌ المؤرّخون‌ مدائحة‌ في‌ رسول‌ الله‌ وأمير المؤمنين‌ عليهما الصلاة‌ والسلام‌ في‌ كتبهم‌ خلال‌ مناسبات‌ مختلفة‌. والذين‌ ذكروا شعره‌ في‌ الغدير يختلفون‌ في‌ عدد الابيات‌، فمنهم‌ من‌ قال‌: ثلاثة‌، ومنهم‌: أربعة‌، ومنهم‌: خمسة‌، والاغلب‌: ستّة‌، وثمّة‌ من‌ قال‌: عشرة‌، وهناك‌ من‌ قال‌: أكثر من‌ ذلك‌؛ وفيما يلي‌ هذه‌ الابيات‌ نقلاً عن‌ كتاب‌ « الغدير »، تعقبها أسماء الكبار من‌ العامّة‌ والشيعة‌ الذين‌ ذكروا تلك‌ الغديريّة‌ في‌ كتبهم‌:

 يُنَادِيهُمُ يَوْمَ الغَدِيرِ نَبِيُّهُمْ                        بِخُمٍّ وَأسْمِعْ بِالرَّسُولِ مُنَادِيَا

 فَقَالَ: فَمَنْ مَوْلاَكُمُ ونَبِيُّكُمْ؟                   فَقَالُوا ولَمْ يُبْدُوا هُنَاكَ التَّعَامِيَا

 إِلَهُكَ مَوْلاَنَا وأَنْتَ نَبِيُّنَا                ولَمْ تَلْقَ مِنَّا فِي‌ الوَلاَيَةِ عَاصِيَا

 فَقَالَ لَهُ: قُمْ يَا علی فَإنَّني                     ‌ رَضِيتُكَ مِنْ بَعْدِي‌ إمَاماً وهَادِيَا

 فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ                     فَكُونُوا لَهُ أتْبَاعَ صِدْقٍ مُوَإلیا

 هُنَاكَ دَعَا اللَهُمَّ: وَالِ وَلِيَّهُ                      وَكُنْ لِلَّذِي‌ عَادَي‌ عَلِيَّاً مُعَادِيَا

 الرجوع الي الفهرس

العلماء الذين‌ ذكروا شعر حسّان‌ بن‌ ثابت‌ في‌ غدير خمّ

 ومن‌ مشاهير علماء العامّة‌ الذين‌ ذكروا أبيات‌ حسّان‌ في‌ كتبهم‌:

 1 ـ الحافظ‌ أبو عبد الله‌ المَرْزَباني‌ّ محمّد بن‌ عمران‌ الخراساني‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ سنة‌ [ 378 في‌ ] كتاب‌ [ « مِرْقاة‌ الشعر ».

 2 ـ الحافظ‌ ] أبوسعيد [ الخركوشي‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ سنة‌ [ 406 في‌ كتابه‌ « شرف‌ المصطفي‌ ».

 3 ـ الحافظ‌ ابن‌ مردويه‌ الإصفهاني‌ّ المتوفيّ ] في‌ سنة‌ [ 410 أخرجه‌ في‌ كتابه‌.

 4 ـ الحافظ‌ أبو نُعَيْم‌ الإصفهاني‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ سنة‌ [ 430 في‌ كتابه‌: «مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ فِي‌ علی».

 5 ـ الحافظ‌ أبو سعيد السِّجسْتَاني‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ سنة‌ [ 447 في‌ كتاب‌ « الوَلاَيَة‌ ».

 6 ـ أخطب‌ الخطباء، الخوارزمي‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ سنة‌ [ 568 في‌ كتاب‌ « المناقب‌ »، وكتاب‌ « مقتل‌ الإمام‌ السّبط‌ الشَّهيد ».

 7 ـ الحافظ‌ أبو الفتح‌ النطنزي‌ّ في‌ كتاب‌ « خصائص‌ العلويّة‌ علی سائر البريّة‌ ».

 8 ـ أبو المظفّر سبط‌ ابن‌ الجوزي‌ّ الحنفي‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ سنة‌ [ 654 في‌ كتاب‌ « تذكرة‌ خواصّ الاُمَّة‌ ».

 9 ـ صدر الحُفَّاظ‌ الكَنْجي‌ّ الشافعي‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ [ 658، في‌ كتاب‌ « كِفاية‌ الطَّالِب‌ ».

 10 ـ شيخ‌ الإسلام صدر الدين‌ الحَمُّوئي‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ [ 722 في‌ كتاب‌ « فَرائد السِّمطَين‌ ».

 11 ـ الحافظ‌ جمال‌ الدِّين‌ محمّد بن‌ يوسف‌ الزَرَندي‌ّ المتوفّي‌ بضع‌ و750، في‌ « نظم‌ دُرَر السِّمْطَين‌ ».

 12 ـ الحافظ‌ جلال‌ الدين‌ السيوطي‌ّ المتوفّي‌ ] في‌ سنة‌ [ 911 في‌ كتاب‌ « الازْدِهَارُ فِيمَا عَقَدَهُ الشُّعَرَاءُ مِنَ الاشعَار ».

 ومن‌ مشاهير علماء الشيعه‌ الذين‌ ذكروا أبيات‌ حسّان‌:

 1 ـ أبو عبد الله‌ المُفَجِّع‌ محمّد بن‌ أحمد المتوفّي‌ ] في‌ [ 227.

 2 ـ أبو جعفر محمّد بن‌ جرير بن‌ رستم‌ بن‌ يزيد الطبري‌ّفي‌«المُسْتَرْشِد».

 3 ـ أبو جعفر الصدوق‌، محمّد بن‌ بَابَوَيْه‌ المتوفّي‌ ] في‌ [ 381 في‌ كتاب‌ « الامإلی‌ ».

 4 ـ الشريف‌ الرضي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 406.

 5 ـ مُعَلِّم‌ الاُمَّة‌ شيخنا المفيد المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 413 في‌ كتاب‌ « الْفُصُولُ المُخْتَارَة‌ »، وكذلك‌ في‌ رسالته‌ في‌ معني‌ المَوْلي‌، وذكره‌ أيضاً في‌ كتابه‌ الآخر: «النُّصْرَةُ لِسَيِّدِ العِتْرَةِ فِي‌ حَرْبِ البَصَرَةِ»؛ وفي‌ كتاب‌ « الإرشاد » أيضاً.

 6 ـ الشريف‌ المرتضي‌ عَلَم‌ الهُدَي‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 436 في‌ شرح‌ بائيّة‌ السيّد الحِمْيَرِي‌ّ.

 7 ـ أبو الفتح‌ الكَراجُكي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 449 في‌ « كَنْزُ الْفَوَائِد ».

 8 ـ الشيخ‌ عبيد الله‌ بن‌ عبد الله‌ السَّدآبادي‌ّ في‌ ] كتاب‌ [ « المُقْنِع‌ » في‌ الإمامة‌.

 9 ـ شيخ‌ الطائفة‌ أبو جعفر الطوسي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 460 في‌ كتاب‌ « تَلْخيص‌ الشَّافِي‌ ».

 10 ـ المفسّر الكبير الشيخ‌ أبو الفتوح‌ الخزاعي‌ّ الرازي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 558 في‌ تفسيره‌.

 11 ـ الشيخ‌ الفتّال‌ في‌ « روضة‌ الواعظين‌ ».

 12 ـ أبوعلی الفضل‌ بن‌ الحسن‌ الطَّبْرَسي‌ّ في‌ « إعلامُ الوَرَي‌ ».

 13 ـ ابن‌ شهرآشوب‌ السَّرَوي‌ّ المازندراني‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 588 في‌ « المناقب‌ ».

 14 ـ أبو زكريّا يحيي‌ بن‌ الحسن‌ الحِلِّي‌ الشهير بابن‌ بِطْريق‌ في‌ كتاب‌ « الخصائص‌ ».

 15 ـ السيّد هبة‌ الدين‌ في‌ كتاب‌ « الْمَجْمُوع‌ الرَّائق‌ ».

 16 ـ رضي‌ّ الدين‌ علی بن‌ طاووس‌ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 664 في‌ « الطرائف‌ ».

 17 ـ بهاء الدين‌ أبو الحسن‌ الإربلي‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ 692 أو 693 في‌ « كشف‌ الغمّة‌ ».

 18 ـ عماد الدين‌ الحسن‌ الطَّبَري‌ّ في‌ ] كتاب‌ [ « كامل‌ بهائي‌ ».

 19 ـ الشيخ‌ يوسف‌ بن‌ أبي‌ حاتم‌ الشامي‌ّ في‌ موضعين‌ من‌ كتابه‌ « الدرُّ النَّظيم‌ ».

 20 ـ الشيخ‌ علی البياضي‌ّ العاملي‌ّ ] المتوفّي‌ سنة‌ 877 [ في‌ كتاب‌ « الصِّراط‌ المُسْتَقِيم‌ ».

 21 ـ القاضي‌ّ نور الله‌ المَرعشي‌ّ الشوشتري‌ّ الشهيد المتوفّي‌ سنة‌ 1091 في‌ « مجالس‌ المؤمنين‌ ».

 22 ـ المولي‌ محسن‌ الفيض‌ الكاشاني‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ 1091 في‌ ] كتاب‌ [ علم‌ إلیقين‌.

 23 ـ الشيخ‌ إبراهيم‌ القَطْيفي‌ّ في‌ ] كتاب‌ [ « الفِرْقَة‌ النَّاجِيَة‌ ».

 24 ـ السيّد هاشم‌ البحراني‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1107 في‌ « غاية‌ المرام‌».

 25 ـ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ المتوفّي‌ ] سنة‌ [ 1111 في‌ « بحار الانوار ».

 26 ـ شيخنا البَحْراني‌ّ صاحب‌ « الحدائق‌ » المتوفّي‌ 1186 في‌ كتابه‌: « الكشكول‌ ». وهناك‌ جمع‌ آخرون‌ من‌ العلماء رووا هذا الحديث‌ من‌ شعر حَسَّان‌. [22] ولمّا كان‌ بحثنا يحوم‌ حول‌ سند حديث‌ الغدير والولاية‌، لهذا ذكرنا أسماء هؤلاء الاعلام‌ وكتبهم‌.

 وروي‌ الحَمُّوئي‌ّ أيضاً بسنده‌ عن‌ الاصبَغ‌ ] بن‌ نُباتة‌ [ قَالَ: سُئِلَ سَلْمَانُ الفَارْسِي‌ُّ رَضِي‌َ اللَهُ عَنْهُ عَنْ علی بْنِ أَبي‌ طَالِبٍ وَفَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَهِ عَلَيْهِمَا وَآلِهِمَا، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِعلی بْنِ أبي‌ طَالِبٍ؛ فَإنَّهُ مَوْلاَكُمْ فَأَحِبُّوهُ! وَكَبِيرُكُمْ فَاتَّبِعُوهُ! وَعَالِمُكُمْ فَأكْرِمُوهُ! وَقائِدُكُمْ إلی‌ الجَنَّةِ فَعَزِّرُوهُ! فَإذَا دَعَاكُمْ فَأجِيبُوهُ! وَإذَا أَمَركُمْ فَأطِيعُوهُ! أحِبُّوهُ بِحُبِّي‌! وَأَكْرِمُوهُ بِكَرَامَتِي‌! مَا قُلْتُ لَكُمْ فِي‌ علی إلاَّ مَا أَمَرَنِي‌ بِهِ رَبِّي‌ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ. [23]

 وروي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » عن‌ سفيان‌ الثوري‌ّ، عن‌ عبدالرحمن‌بن‌ قاسم‌، عن‌ عمرو بن‌ عَبْدِ الغَفَّارِ أنّ أبا هُرَيْرةَ لمّا قدم‌ الكوفة‌ مع‌ معاوية‌؛ وكان‌ يجلس‌ بالعشيّات‌ بباب‌ كِنْدَه‌، ويجلس‌ الناس‌ إلیه‌، فجاء شابٌّ من‌ الكوفة‌، فجلس‌ إلیه‌، فقال‌: يا أبا هُرَيْرَةَ أُنشدك‌ الله‌، هل‌ سمعت‌ رسول‌الله‌ يقول‌ في‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌: اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ؟!

 قال‌ أبو هُرَيْرَة‌: اللَهُمَّ نَعَمْ! فقال‌ الشابّ: فَأَشْهَدُ بِاللَهِ لَقَدْ وَإلیتَ عَدُوَّهُ، وَعَادَيْتَ وَلِيَّهُ، ثُمَّ قَامَ عَنْهُ. [24]

 الرجوع الي الفهرس

استدلال‌ أهل‌ صفّين‌ علی أحقّيّة‌ أمير المؤمنين‌ بعد مقتل‌ عمّار بن‌ ياسر

 وذكر ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ شرحه‌ أيضاً أنّ ابن‌ نوح‌ قال‌: وَاعَجَبَا مِنْ قَوْمٍ ـ يَعْنِي‌ مِنْ أَصْحَابِ صِفِّينٍ ـ يَعْتَرِيهِمُ الشَّكُّ فِي‌ أَمْرِهِمْ فِي‌ مَكَانِ عَمَّارٍ؛ وَلاَيَعْتَرِيهِمُ الشَّكُّ فِي‌ مَكَانِ علی عَلَيهِ السَّلاَمُ وَيَسْتَدِلُّونَ علی أنَّ الحَقَّ مَع‌ أَهْلِ العِرَاقِ يَكُونُ عَمَّارٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ؛ وَلاَ يَعْنُونَ بِمَكَانِ علی؛ وَيَحْذَرُونَ مِنْ قَوْلِ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ؛ وَيَرْتَاعُونَ لِذَلِكَ؛ وَلاَ يَرتَاعُونَ لِقَوْلِهِ فِي‌ علی عَلَيهِ السَّلاَمُ: اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ؛ وَلاَ لِقَوْلِهِ: لاَ يُحِبُّكَ إلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَيُبْغِضُكَ إلاَّ مُنَافِقٌ. [25]

 ونقل‌ أبن‌ أبي‌ الحديد في‌ شرحه‌ أيضاً أنّ عمّار بن‌ يَاسِر كان‌ يتحدّث‌ مع‌ عَمروبن‌ العاص‌ في‌ يوم‌ صِفِّين‌.

 قال‌ له‌ عمّار ] بن‌ يَاسِر [: سأُخْبِرك‌ علی ما أُقاتلك‌ عليه‌ وأصحابك‌. إنّ رسول‌ الله‌ أمرني‌ أن‌ أُقاتل‌ الناكثين‌، وقد فعلتُ. وأمرني‌ أن‌ أُقاتل‌ القاسطين‌، وأنتم‌ هم‌! وأمّا المَارِقُون‌، فلا أدري‌ أدركهم‌ أم‌ لا؟!

 أَيُّهَا الاَبْتَرُ! أَلَسْتَ تَعْلَمُ أنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ، اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ؟ وَأَنَا مَوْلَي‌ اللَهِ وَرَسُولِهِ؛ وَعلی مَوْلاَي‌َ بَعْدَهُمَا. [26]

 إنّ العلاّمة‌ الكبير والمُحَدِّث‌ العظيم‌: السيّد هاشم‌ البَحْراني‌ّ، وهو من‌ علماء الإسلام ومدرسة‌ التشيّع‌، ومن‌ الشخصيّات‌ القيّمة‌. وهو صاحب‌ « تفسير البرهان‌ »، و « مدينة‌ المعاجز » و « غاية‌ المرام‌ »، وكتب‌ أُخري‌؛ يقول‌ في‌ « غاية‌ المرام‌ » بعد نقله‌ تسعة‌ وثمانين‌ حديثاً عن‌ العامّة‌ ذكرنا عدداً قليلاً منها هنا: خبر غدير خمّ قد بلغ‌ حدّ التواتر من‌ طريق‌ العامّة‌ والخاصّة‌، حتّي‌ أنّ محمّدبن‌ جرير الطبري‌ّ صاحب‌ التأريخ‌ أخرجه‌ وطرقه‌ من‌ خمسة‌ وسبعين‌ طريقاً، وأفرد له‌ كتاباً سمّاه‌: كتاب‌ «الوَلاَيَة‌»؛ وهذا الرجل‌ عامّي‌ّ المذهب‌.

 وأفرد له‌ أبو العبّاس‌ محمّد بن‌ سعيد بن‌ عُقدَة‌ كتاباً؛ واستخرج‌ طرق‌ حديث‌ الغدير من‌ مائة‌ وخمسة‌ طرق‌؛ وهذا قد تجاوز حدّ التواتر؛ فلايوجد خبر قطّ نقل‌ من‌ طرق‌ بقدر هذه‌ الطرق‌. فيجب‌ أن‌ يكون‌ أصلاً متّبعاً وطريقاً واضحاً. وبعد نقله‌ عن‌ ابن‌ طاووس‌ قصّة‌ أبي‌ المعإلی‌ الجُوَيني‌ّ في‌ بغداد ومشاهدته‌ الجزء الثامن‌ والعشرين‌ من‌ « الغدير » عند الصحّاف‌، يقول‌:

 الرجوع الي الفهرس

قصّة‌ ابن‌ غإلیة‌ والفقيه‌ الحنبلي‌ّ حول‌ زيارة‌ يوم‌ الغدير

 حِكَايَةٌ لَطِيفَةٌ: ذكر ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » قال‌: حدّثني‌ يحيي‌بن‌ سعيد بن‌ علی الحنبلي‌ّ المعروف‌ بابنِ غَإلیة‌ من‌ ساكني‌ قطيفا بالجانب‌ الغربي‌ّ ببغداد؛ وأحد الشهود المعدّلين‌ بها قال‌: كنت‌ حاضراً عند الفخر إسماعيل‌ بن‌ علی الحنبلي‌ّ الفقيه‌ المعروف‌ بغُلام‌ ابن‌ المُثَنَّي‌. وكان‌ الفخر إسماعيل‌ هذا من‌ مقدّم‌ الحنابلة‌ ببغداد في‌ الفقه‌ والخلاف‌، ويشتغل‌ بشي‌ء في‌ علم‌ المنطق‌، وكان‌ حلو العبارة‌. وقد رأيتُه‌ أنا وحضرت‌ عنده‌ وسمعت‌ كلامه‌، وتوفّي‌ سنة‌ ستمائة‌ وعشر.

 قال‌ ابن‌ غإلیة‌: ونحن‌ عنده‌ نتحدّث‌ إذ دخل‌ شخص‌ من‌ الحنابلة‌ قد كان‌ له‌ دَين‌ علی بعض‌ أهل‌ الكوفة‌، فانحدر إلیه‌ يطالبه‌ به‌؛ فاتّفق‌ أن‌ حضرت‌ زيارة‌ يوم‌ الغدير؛ والحنبلي‌ّ المذكور في‌ الكوفة‌. وهذه‌ الزيارة‌ هي‌ إلیوم‌ الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌، ويجتمع‌ بمشهد أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ الخلائق‌ جموع‌ عظيمة‌ تتجاوز حدّ الإحصاء.

 قال‌ ابن‌ غإلیة‌: فجعل‌ الشيخ‌ الفَخْر يسأل‌ ذلك‌ الشخص‌، ما رأيت‌ هل‌ وصل‌ مَالَكَ إلیك‌؟! هل‌ بقي‌ لك‌ منه‌ بقيّة‌ عند غريمك‌؟! وذلك‌ الشخص‌ يجاوبه‌، حتّي‌ قال‌: يا سيّدي‌، لو شاهدت‌ يوم‌ الزيارة‌ يوم‌ الغدير، لرأيت‌ ما يجري‌ عند قبر علی بن‌ أبي‌ طالب‌ من‌ الفضائح‌ والاقوال‌ الشنيعة‌ وسبّ الصحابة‌ جهاراً بأصوات‌ مرتفعة‌ من‌ غير مراقبة‌ ولا خيفة‌!

 فقال‌ ] الفَخْر [ إسماعيل‌: أي‌ّ ذنب‌ لهم‌؟ والله‌ ماجرّأهم‌ علی ذلك‌ ولافتح‌ لهم‌ هذا الباب‌ إلاّ صاحب‌ هذا القبر.

 فقال‌ ذلك‌ الشخص‌؛ ومن‌ هو صاحب‌ القبر؟!

 قال‌ ] الفخر [: علی بن‌ أبي‌ طالب‌.

 فقال‌ ] ذلك‌ الشخص‌ [: يا سَيِّدي‌! هو الذي‌ سنّ لهم‌ ذلك‌ وعلّمهم‌ إيّاه‌ وطرّقهم‌ إلیه‌؟! قال‌ ] الفخر [: نعم‌!

 فقال‌ ] ذلك‌ الشخص‌ [: يا سَيِّدي‌! فإن‌ كان‌ ] علی [ محقّاً، فما لنا نتولّي‌ فلاناً وفلاناً؟ وإن‌ كان‌ مبطلاً، فما لنا نتولاّه‌؟! ينبغي‌ أن‌ نبرأ منه‌ أو منهما.

 قال‌ ابن‌ غإلیة‌: ] لم‌ يجد ذلك‌ الفقيه‌ الحَنْبلي‌ّ جواباً [ فقام‌ إسماعيل‌ مسرعاً فلبس‌ نعله‌ وقال‌: لعن‌ الله‌ إسماعيل‌ ( الفاعل‌ بن‌ الفاعل‌ ) إن‌ كان‌ يعرف‌ جواب‌ هذه‌ المسألة‌؛ ودخل‌ دار حرمه‌ وقمنا نحن‌ وانصرفنا.[27]

 الرجوع الي الفهرس

أحاديث‌ الشيعة‌ في‌ الغدير

 و أمّا الروايات‌ والاحاديث‌ المأثورة‌ عن‌ الخاصّة‌:

 روي‌ المرحوم‌ الصدوق‌ عن‌ أبيه‌ قال‌: حدّثنا أحمد بن‌ إدريس‌، قال‌: حدّثنا يعقوب‌ بن‌ يزيد، عن‌ محمّد بن‌ أبي‌ عمير، عن‌ محمّد القبطي‌ّ، قال‌: قال‌ ] الإمام‌ [ الصادق‌ جعفر بن‌ محمّد عليه‌ السلام‌: أغفل‌ الناس‌ قول‌ رسول‌الله‌ في‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ في‌ مَشْربة‌ أُمِّ إبراهيم‌ كما أغفلوا قوله‌ يوم‌ غدير خمّ.

 إنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ كان‌ في‌ مَشْرَبَة‌ أُمِّ إبراهيم‌، وعنده‌ أصحابه‌ إذ جاء علی بن‌ أبي‌ طالب‌، فلم‌ يفرحوا له‌. فلمّا رآهم‌ رسول‌الله‌ لايفرحون‌ له‌، قال‌: مَعَاشِرَ النَّاس‌! هذا أهل‌ بيتي‌ تَستخفّون‌ بهم‌، وأنا حي‌ّ بين‌ أظهركم‌!

 أمّا والله‌ لئن‌ غبت‌ عنكم‌، إنّ الله‌ لا يغيب‌ عنكم‌. إنّ الرَّوح‌، والراحة‌، والبِشر، والبشارة‌ لمن‌ ائتمّ بعلی، وتولاّه‌، وسلّم‌ له‌، وللاوصياء من‌ ولده‌. حقّاً علی أن‌ أدخلهم‌ في‌ شفاعتي‌، لانـّهم‌ أتباعي‌. ومَن‌ تبعني‌، فإنّه‌ منّي‌. سُنّةً جرت‌ فِي‌َّ من‌ إبراهيم‌ ] الخليل‌ [؛ لانـّي‌ من‌ إبراهيم‌، وإبراهيم‌ منّي‌. وفضلي‌ له‌ فضل‌، وفضله‌ فضلي‌. وأنا أفضل‌ منه‌، تصديق‌ قول‌ ربّي‌: ذُرِّيَّةً بِعْضُهَا مِن‌ بَعْضٍ وَاللَهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. [28]

 وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وثبت‌ له‌ رجله‌ في‌ مَشْرَبة‌ أُمِّ إبراهيم‌، حتّي‌ عاده‌ الناسُ ] أمر علی بن‌ أبي‌ طالب‌ [. [29]

 وروي‌ الصدوق‌ أيضاً بسنده‌ عن‌ وَكيع‌ المَسْعودي‌ّ، رفعه‌ عن‌ سلمان‌ الفارسي‌ّ رحمه‌ الله‌ قال‌: مرّ إبليس‌ لعنه‌ الله‌ بنفر يتسابّون‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فوقف‌ أمامهم‌. فقال‌ القوم‌: من‌ الذي‌ وقف‌ أمامنا؟! فقال‌ ] إبليس‌ [: أنا أُبو مُرَّة‌ ( وأبُو مُرَّة‌ لقبه‌ ). فقالوا: يا أبا مُرَّة‌! أما تسمع‌ كلامنا؟! فقال‌ ] إبليس‌ [: سوأةً لكم‌! تسبّون‌ مولاكم‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌! فقالوا له‌: من‌ أين‌ علمت‌ أنـّه‌ مولانا؟ فقال‌ ] إبليس‌ [: من‌ قول‌ نبيّكم‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. فقالوا له‌: أنت‌ من‌ موإلیه‌ وشيعته‌؟ فقال‌: ما أنا من‌ موإلیه‌ وشيعته‌، ولكني‌ّ أُحبّه‌. وما يبغضه‌ أحد إلاّ شاركته‌ في‌ المال‌ والولد.

 فقالوا له‌: يَا أبا مُرَّة‌! فنقول‌ في‌ علی شيئاً؟! فقال‌ ] إبليس‌ [: اسمعوا منّي‌ معاشر النَّاكِثين‌ وَالقَاسِطين‌ وَالمَارِقين‌! عبدتُ الله‌ عزّ وجلّ في‌ الجانّ اثني‌ عشر ألف‌ سنة‌. فلمّا أهلك‌ الله‌ الجانّ، شكوت‌ إلی‌ الله‌ عزّ وجلّ الوحدة‌. فعرج‌ بي‌ إلی‌ السماء الدنيا، فعبدت‌ الله‌ عزّ وجلّ في‌ السماء الدنيا اثني‌ عشر ألف‌ سنة‌ في‌ جملة‌ الملائكة‌. فبينا نحن‌ نسبّح‌ الله‌ عزّ وجلّ ونقدّسه‌، إذ مرّ بنا نور شعشعاني‌ّ، فخرّت‌ الملائكة‌ لذلك‌ سجّداً فقالوا: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ. نور ملك‌ مقرّب‌ أو نبي‌ّ مُرسَل‌؟ فإذا النداء من‌ قبل‌ الله‌ عزّ وجلّ: لاَنُورُ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلاَ نَبِي‌ٍّ مُرْسَلٍ، هَذَا نُورُ طِينَةِ علیبْنِ أبي‌ طَالِبٍ. [30]

 وروي‌ علی بن‌ إبراهيم‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ ابن‌ أبي‌ عمير، عن‌ ابن‌ سنان‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: لمّا أمر الله‌ نبيّه‌ أن‌ ينصب‌ أميرالمؤمنين‌ للناس‌ في‌ قوله‌: يَـ'´أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مآ أُنزِلَ إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ «في‌ علی» بِغَدِيرِ خُمٍّ؛ فقال‌ ] النبي‌ّ [: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ، فجاءت‌ الابالسة‌ إلی‌ إبليس‌ الاكبر وحثوا التراب‌ علی وجوههم‌.

 فقال‌ لهم‌ إبليس‌ ] الاكبر [: ما لكم‌؟! قالوا: إنّ هذا الرجل‌ (النبي‌ّ) قد عقد إلیوم‌ عقدة‌ لا يحلّها شي‌ء إلی‌ يوم‌ القيامة‌. فقال‌ لهم‌ إبليس‌: كلاّ، إنّ الذين‌ حوله‌ قد وعدوني‌ فيه‌ عدّة‌ لن‌ يخلفوني‌ّ! فأنزل‌ الله‌ علی رسوله‌: وَلَقَدْصَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُو فَاتَّبَعُوهُ إلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ.[31]و [32]

 وروي‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ « التهذيب‌ » بإسناده‌ عن‌ حَسَّان‌ الجمَّال‌، قال‌: حملتُ أبا عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ من‌ المدينة‌ إلی‌ مكّة‌؛ فلمّا انتهينا إلی‌ مسجد الغدير، نظر في‌ ميسرة‌ الجبل‌، فقال‌: ذاك‌ موضع‌ قدم‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ حيث‌ قال‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ. ثمّ نظر في‌ الجانب‌ الآخر، قال‌: ذاك‌ موضع‌ أبي‌ فلان‌، وفلان‌، وسالم‌ مولي‌ أبي‌ حُذَيفة‌، وأبي‌ عُبَيْدَة‌ الجَرّاح‌، لمّا رأوه‌ رافعاً يده‌، قال‌ بعضهم‌: انظروا إلی‌ عينيه‌ تدوران‌ كأنـّهما عينا مجنون‌! فنزل‌ جبرئيل‌ بهذه‌ الآية‌: وَإن‌ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَـ'رِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إنَّهُ و لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَـ'لَمِينَ.[33] ثمّ قال‌: ياحَسَّان‌! لولا أنـّك‌ جمّإلی‌، ما حدّثتك‌ بهذا الحديث‌. [34]

 وروي‌ محمّد بن‌ علی بن‌ شهرآشوب‌، عن‌ معاوية‌ بن‌ عمّار، عن‌ ]الإمام‌[ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، قال‌: لمّا قال‌ النبي‌ّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. قال‌ العَدْوي‌ّ: لا، والله‌، ما أمره‌ الله‌ بهذا، وما هو إلاّ شي‌ء يتقوّله‌، فأنزل‌ الله‌ تعإلی‌:

 وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الاْقَاوِيلِ * لاَخَذْنَا مِنْهُ بِإلیمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم‌ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَـ'جِزِينَ * وَإِنَّهُ و لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ* وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم‌ مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ و لَحَسْرَةٌ علی الْكَـ'فِرِينَ * وَإِنَّهُ و لَحَقُّ إلیقِينِ. [35] ] والمراد من‌ قوله‌ [: وَإِنَّهُ و لَحَسْرَةٌ علی الْكَـ'فِرِينَ يعني‌ محمّد، ] والمراد من‌ قوله‌ [: وَإِنَّهُ و لَحَقُّ إلیقِينِ: يعني‌ به‌ علی.[36]

 وروي‌ محمّد بن‌ العبّاس‌ ] بن‌ مَاهْيار [ بسنده‌ عن‌ فضيل‌بن‌ عبدالملك‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: لمّا أوقف‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أميرالمؤمنين‌ ] عليه‌ السلام‌ [ يوم‌ الغدير، افترق‌ الناس‌ ثلاث‌ فرق‌. فقالت‌ فرقة‌: ضلّ محمّد. وفرقة‌ قالت‌: غوي‌. وفرقة‌ قالت‌: يهواه‌، ويقوله‌ في‌ أهل‌ بيته‌ وابن‌ عمّه‌. فأنزل‌ الله‌ سبحانه‌ ] هذه‌ الآيات‌ [:

 وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَي‌' * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَي‌' * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَي‌'´* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَي‌'. [37] و [38]

 وروي‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ أمإلیه‌ قال‌ أخبرنا محمّد بن‌ محمّد يعني‌ ] الشيخ‌ [ المفيد، بسنده‌ عن‌ زيد بن‌ أرقم‌، قال‌: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ بِغَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ: إنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لِي‌ وَلاَ لاِهْلِ بَيْتِي‌. لَعَنَاللَهُ مَنِ ادَّعَي‌ إلی‌ غَيْرِ أَبيهِ؛ لَعَنَ اللَهُ مَنْ تَوَلَّي‌ غَيْرَ مَوَإلیهِ. الوَلَدُ لِصَاحِبِ الفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ. وَلَيْسَ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ. أَلاَ وَقَدْ سَمِعْتُمْ مِنِّي‌ وَرَأَيْتُمُونِي‌. أَلاَ مَنْ كَذَبَ علی مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. أَلاَ وَإِنِّي‌ فَرَطٌ لَكُمْ علی الحَوْضِ، وَمُكَاثِرٌ بِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلاَ تُسَوِّدُوا وَجْهِي‌. أَلاَ لاَسْتَنْقِذَنَّ رِجَالاً مِنَ النَّارِ وَلَيُسْتَنْقَذَنَّ مِنْ يَدَي‌َّ أَقْوَامٌ. إنَّ اللَهَ مَوْلاَي‌َ، وَأَنَا مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. أَلاَ فَمَنْ كُنْت مَوْلاَهُ، فَهَذَا علی مَوْلاَهُ. [39]

 وروي‌ الشيخ‌ في‌ أمإلیه‌ ] أيضاً [ بإسناده‌ عن‌ سَهْم‌ بن‌ حَصِين‌ الاسدي‌ّ، قال‌: قدمت‌ إلی‌ مكّة‌ أنا وعبدالله‌ بن‌ عَلْقَمَة‌؛ وكان‌ عبدالله‌ بن‌ علقمة‌ سبّابة‌ لعلیبن‌ أبي‌ طالب‌ دهراً.

 قال‌: فقلت‌ ] أي‌ لعبد الله‌ [: هل‌ لك‌ في‌ هذا ( يعني‌ أبا سعيد الخُدري‌ّ ) نحدث‌ به‌ عهداً؟!

 قال‌: نعم‌! فأتينا. فقال‌ ] له‌ عبدالله‌ [: هل‌ سمعت‌ لعلی منقبة‌؟!

 قال‌: نعم‌! إذا حدّثتك‌، تسأل‌ عنها المهاجرين‌ والانصار وقريشاً. ] اعلم‌ [ أنّ رسول‌ الله‌ قام‌ يوم‌ غدير خمّ فأبلغ‌، ثمّ قال‌: أيُّهَا النَّاسُ! أَلَسْتُ أَوْلَي‌ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ قالوا: بَلي‌، قالها ثلاث‌ مرّات‌. ثمّ قال‌: ادنُ ياعلی! فرفع‌ رسول‌ الله‌ يديه‌ حتّي‌ نظرتُ إلی‌ بياض‌ آباطهما، وقال‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ، ثلاث‌ مرّات‌.

 قال‌: فقال‌ عبد الله‌ بن‌ عَلْقمة‌ ] لابي‌ سعيد [: أنتَ سمعت‌ هذا من‌ رسول‌الله‌؟! قال‌ أبو سعيد: نعم‌، وأشار إلی‌ أُذنيه‌ وصدره‌ وقال‌: سمعته‌ أُذناي‌ ووعاه‌ قلبي‌.

 قال‌ عبد الله‌ بن‌ شَرِيك‌: فقدم‌ ] علينا [ عبد الله‌ بن‌ علقمة‌، وسهم‌بن‌ حصين‌، فلمّا صلّينا صلاة‌ الظهر، قام‌ عبد الله‌ بن‌ عَلْقَمة‌، فقال‌: إنِّي‌ أتُوبُ إلی‌ اللَهِ وَأسْتَغْفِرُهُ مِنْ سَبِّ علی.[40]

 وروي‌ الشيخ‌ في‌ أمإلیه‌ ] أيضاً [ بسنده‌ عن‌ عبد الله‌ بن‌ يزيد، عن‌ أبيه‌، قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: علیبْنُ أبِي‌ طَالِبٍ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي‌.[41]

 وروي‌ في‌ أمإلیه‌ ] أيضاً [ بسنده‌ عن‌ عُمَير بن‌ سعد أنـّه‌ سمع‌ عليّاً في‌ الرُّحْبَة‌ ينشد الناس‌، مَن‌ سمع‌ رسول‌ الله‌ يقول‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ] فليقم‌ ويشهد [. فقام‌ بضعة‌ عشر، فشهدوا. [42]

 وروي‌ في‌ أمإلیه‌ ] أيضاً [ بسنده‌ عن‌ عبد الرحمن‌ بن‌ أبي‌ لَيْلي‌ قال‌: قال‌ أبي‌: دفع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ الراية‌ يوم‌ خيبر إلی‌ علیبن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ ففتح‌ الله‌ عليه‌. وأوقفه‌ يوم‌ غدير خمّ فأعلم‌ الناس‌ أنـّه‌ مولي‌ كلّ مؤمن‌ ومؤمنة‌. وَقَالَ لَهُ: أنْتَ مِنِّي‌ وَأَنَا مِنْكَ. وقَالَ لَهُ: تُقَاتِلُ يَاعلی علی التَّأْويلِ كَمَا قَاتَلْتُ أَنَا علی التَّنْزِيلِ. وقَالَ: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَنـَّهُ لاَ نَبِي‌َّ بَعْدِي‌. وَقَالَ لَهُ: أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكَ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكَ. وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ العُرْوَةُ الوُثْقَي‌. وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تُبَيِّنُ لَهُمْ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِي‌. وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ إمَامُ كُلِّ مُؤمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ؛ وَوَلِي‌ُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ بَعْدِي‌. وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي‌ أنْزَلَ اللَهُ فِيهِ: وَأَذَانٌ مِنَ اللَهِ وَرَسُولِهِ إلی‌' النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الاْكْبَرِ. وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الآخِذُ بِسُنَّتِي‌ وَالذَّابُّ عَنْ مِلَّتي‌. وَقَالَ لَهُ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الاَرْضُ وَأَنْتَ مَعِي‌. وَقَالَ لَهُ: أَنَا عِنْدَ الحَوْضِ وَأَنْتَ مَعِي‌. وَقَالَ لَهُ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ وَأَنْتَ بَعْدِي‌، تَدْخُلُهَا وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ وَفَاطِمَةُ. وَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللَهَ أَوْحَي‌ إلی‌َّ بِأَنْ أَقُومَ بِفَضْلِكَ، فَقُمْتُ بِهِ فِي‌ النَّاسِ، وَبَلَّغْتُهُمْ مَا أَمَرَنِي‌ اللَهُ بِتَبلِيغِهِ. وَقَالَ لَهُ: اتَّقِ الضَّغَائِنَ الَّتِي‌ فِي‌ صُدُورِ مَن‌ لاَ يُظْهِرُهَا إلاَّ بَعْدَ مَوْتِي‌، أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ.

 ثُمَّ بَكَي‌ النَّبِي‌ُّ فَقِيلَ: مِمَّ بُكَاؤُكَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي‌ جَبْرَائِيلُ عَلَيهِ السَّلاَمُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّ ذَلِكَ يَزوُلُ إذَا قَامَ قَائِمُهُمْ، وَعَلَتْ كَلِمَتُهُمْ، وَاجْتَمَعْتِ الاُمَّةُ علی مَحَبَّتِهِمْ، وَكَانَ الشَّانِي‌ لَهُمْ قَلِيلاً، وَالكَارِهُ لَهُمْ ذَلِيلاً، وَكَثُرَ المَادِحُ لَهُمْ؛ وَذَلِكَ حِينَ تَغَيُّرِ البِلاَدِ، وَتَضَعُّفِ العِبَادِ، وَالإيَاسِ مِنَ الفَرَجِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ القَائِمُ فِيهِمْ ـ الحديث‌. [43]

 الرجوع الي الفهرس

خصال‌الإسلام‌ الخمس‌ المختومة‌ بالولاية‌

 وروي‌ الشيخ‌ في‌ أمإلیه‌ ] أيضاً [ بإسناده‌ عن‌ المُجَاشِعي‌ّ، بسندين‌: أحدهما عن‌ محمّد بن‌ جعفر بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، والثاني‌ عن‌ ] الإمام‌ [ الرضا ] عليه‌ السلام‌ [ عن‌ أبيه‌ موسي‌، عن‌ أبيه‌ جعفربن‌ محمّد ] عليه‌ السلام‌ [ قالا جميعاً عن‌ آبائه‌، عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: سمعت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ يقول‌: بُنِي‌َ الإسلام علی خَمْسِ خِصَالٍ: علی الشَّهَادَتَيْنِ، وَالقَرِينَتَيْنِ. قِيلَ لَهُ: أمَّا الشَّهَادَتَيْنِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُمَا، فَمَا القَرِينَتَانِ؟ قَالَ: الصَّلاَهُ وَالزَّكَاةُ، لاَيُقْبَلُ إحْدَاهُمَا إلاَّ بِالاُخْرَي‌، وَالصِّيَامِ وَحِجِّ بَيْتِ اللَهِ مَنِ اسْتَطَاعَ سَبِيلاً؛ وَخُتِمَ ذَلِكَ بِالوِلاَيَةِ. فَأَنْزَلَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ: «إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإْسْلَـ'مَ دِينًا». [44]

 وروي‌ الشيخ‌ في‌ مجالسه‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ ذرّ ] الغِفاري‌ّ [: جُنْدُبِبْنِ جُنَادَة‌ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ أَخَذَ بِيَدِ علیبْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلَيهِ السَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ: يَا علی! أَنْتَ أخِي‌، وَصَفِيَّي‌، وَوَصِيِّي‌، وَوَزِيري‌، وَأمِيني‌، مَكَانُكَ مِنِّي‌ فِي‌ حَيَاتِي‌ وَبَعْدَ مَوْتِي‌ كَمَكَانِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌، إلاَّ أَنـَّهُ لاَ نَبِي‌َّ مَعِي‌. مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّكَ خَتَمَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِالاَمْنِ وَالإيْمَانِ؛ وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُبْغِضُكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي‌ الإسلام نَصِيبٌ. [45]

 وروي‌ الشيخ‌ في‌ مجالسه‌ بسنده‌ عن‌ عمرو بن‌ ميمون‌ الاودي‌ّ أنـّه‌ ذكر عنده‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌، فقال‌: إنّ قوماً ينالون‌ منه‌ ] عليه‌السلام‌ [ أُولئك‌ هم‌ وقود النار. ولقد سمعت‌ هذه‌ الآية‌ من‌ أصحاب‌ محمّد صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، منهم‌: حُذَيْفَةُ بن‌ إلیمَان‌، وكعْبُبْنُ عُجْرَة‌، يقول‌ كلّ رجل‌ منهم‌: لقد أُعْطِي‌ علی ] عليه‌ السلام‌ [ ما لم‌ يعطه‌ بشر. هو زوج‌ فاطمة‌ سيّدة‌ نساء الاوّلين‌ والآخرين‌. فمن‌ رأي‌ مثلها أو سمع‌ أنـّه‌ تزوّج‌ بمثلها أحد في‌ الاوّلين‌ والآخرين‌؟ وهو أبو الحسن‌ والحسين‌ سيّدا شباب‌ أهل‌ الجنّة‌ من‌ الاوّلين‌ والآخرين‌. فمن‌ له‌ أيّها الناس‌ مثلمها؟ ورسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ حموه‌، وهو وصي‌ّ رسول‌ الله‌ في‌ أهله‌ وأزواجه‌.

 وسدّ ] رسول‌ الله‌ [ الابواب‌ التي‌ في‌ المسجد كلّها غير بابه‌. وهو صاحب‌ باب‌ خيبر، وهو صاحب‌ الراية‌ يوم‌ خيبر. وثفل‌ رسول‌الله‌ يومئذٍ في‌ عينيه‌ وهو أرمد، فما اشتكاهما بعد، ولا وجد حَرّاً ولا قرّاً بعد ذلك‌ إلیوم‌.

 وهو صاحب‌ يوم‌ غدير خمّ إذ نوّه‌ رسول‌ الله‌ باسمه‌، وألزم‌ أُمّته‌ ولايته‌، وعرّفهم‌ بخطره‌، وبيّن‌ لهم‌ مكانه‌، فقال‌: أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ أَوْلَي‌ بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟ قَالُوا: اللَهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ: فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا علی مَوْلاَهُ. [46]

 الرجوع الي الفهرس

خطبة‌الإمام الحسن‌ المجتبي‌ عند معاوية‌ وإشارته‌ إلی‌ الغدير

 ونقل‌ الشيخ‌ في‌ مجالسه‌ ] أيضاً [ عن‌ أبي‌ زاذان‌، في‌ خطبة‌ خطبها ] الإمام‌ [ الحسن‌ بن‌ علی عليه‌ السلام‌ في‌ الناس‌ بحضور معاوية‌. وذكر فيها فضل‌ أبيه‌ وسوابقه‌ وما قال‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ من‌ النصّ، إلی‌ أن‌ قال‌: فَقَدْ تَرَكَتْ بَنُو إسْرَائيلَ هَارُونَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنـَّهُ خَلِيفَةُ مُوسَي‌ فِيهِمْ وَاتَّبَعُوا السَّامِرِي‌َّ، وَقَدْ تَرَكَتْ هَذِهِ الاُمَّةُ أبي‌ وَبَايَعُوا غَيْرَهُ وَقَدْ سَمِعُوا رَسُولَاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ يَقُولُ لَهُ: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ النُّبُوَّةَ. وَقَدْ رَأَوْا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ نَصَبَ أبي‌ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْهُمُ الغَائِبَ. [47]

 وروي‌ في‌ مجالسه‌ أيضاً هذا المضمون‌ من‌ خطبة‌ الإمام‌ الحَسَن‌ بألفاظ‌ أُخري‌، وبسند آخر عن‌ عبد الرحمن‌ بن‌ كَثير، عن‌ جعفربن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ علی بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌. [48]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ قال‌: غدير خمّ معروف‌، وهو الموضع‌ الذي‌ قام‌ فيه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ خطيباً بفضل‌ أميرالمؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌، كذا في‌ المطبوع‌ من‌ «الجمهرة‌». وقد حكي‌ عنه‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ العصور المتقدّمة‌ من‌ النسخ‌ المخطوطة‌ من‌ «الجمهرة‌» ما نصّه‌: هو الموضوع‌ الذي‌ نصّ النبي‌ّ فيه‌ علي‌ ] ولاية‌ [ علي‌ّ عليه‌ السلام‌. وقد حرّفته‌ يد أمين‌ الطبعة‌.

[2] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 5 إلي‌ 8.

[3] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 79 الباب‌ السادس‌ عشر، الحديث‌ الثامن‌، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[4] ـ نفسه‌ ص‌ 80، الحديث‌ الحادي‌ عشر.

[5] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 80، الحديث‌ السادس‌ عشر، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[6] ـ «غاية‌ المرام‌»، ص‌ 80، الحديث‌ التاسع‌ عشر، عطفاً علي‌ الحديث‌ السابع‌ عشر، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[7] ـ جاء في‌ «المناقب‌»: قَدْ أشْرَعْتُ بالسين‌ المهملة‌.

[8] ـ لا شكّ أنّ رسول‌ الله‌ عمّر ثلاثاً وستّين‌ سنة‌. وعندما يقول‌ هنا: وإنّي‌ قد أشرعت‌ في‌ العشرين‌، فإنّه‌ يريد عمر النبوّة‌، وقد بلغت‌ ثلاثاً وعشرين‌ سنة‌ منذ بدئها. وإذا ما طرحنا الاعوام‌ الثلاثة‌ الاُوَل‌ حيث‌ كانت‌ الدعوة‌ سرّيّة‌، وكانت‌ الا´ية‌: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمَشْرِكِينَ لم‌ تنزل‌ بعد، فالباقي‌ عشرون‌ سنة‌ كانت‌ فيها الدعوة‌ النبويّة‌ جهراً. وهذه‌ المدّة‌ تساوي‌ نصف‌ عمر عيسي‌ ابن‌ مريم‌ إذ كان‌ نبيّاً طيلة‌ أربعين‌ سنة‌ تامّة‌، حيث‌ جعل‌ نبيّاً منذ طفولته‌: قال‌: إِنِّي‌ عَبْدُ اللَهِ ءَاتَانِي‌ الْكِتَـ'بَ وَجَعَلَنِي‌ نَبِيًّا وَجَعَلَنِي‌ مُبَـ'رَكًا أَيْنَمَا كُنتُ وَأَوصَانِي‌ بِالصَّلَو'ةِ وَالزَّكَو'ةِ مَا دُمْتُ حَيّـًا.

[9] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 81 و 82، الحديث‌ السابع‌ والعشرون‌؛ و«مناقب‌ ابن‌ المغازلي‌ّ»، ص‌ 16 إلي‌ 18، الحديث‌ رقم‌ 23؛ وفي‌ «غاية‌ المرام‌» أيضاً، ص‌ 88، الحديث‌ 79 في‌ حديث‌ ينقله‌ عن‌ علي‌ّ بن‌ أحمد المالكي‌ّ، يذكر فيه‌ إشارة‌ رسول‌ الله‌ إلي‌ أنّ عُمْرَ كلُّ نبي‌ٍّ نصف‌ عمر النبي‌ّ الذي‌ خلا من‌ قبله‌.

[10] ـ وفي‌ «غاية‌ المرام‌» أيضاً، ص‌ 89، الحديث‌ الثامن‌ والثمانون‌ عن‌ ابن‌ المغازلي‌ّ، ذكر حديثاً بهذا المضمون‌ أنّ رسول‌ الله‌ قال‌: لم‌ يكن‌ لنبي‌ّ من‌ العمر إلاّ نصف‌ ما عمّر مَن‌ قبله‌. وإنّ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ عمّر أربعين‌ سنة‌، وإنّي‌ قد أُشرعتُ في‌ العشرين‌.

[11] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 82، الحديث‌ الثلاثون‌؛ الطبعة‌ الحجريّة‌ و«مناقب‌ ابن‌ المغازلي‌ّ»، ص‌ 25 و 26، الحديث‌ السابع‌ والثلاثون‌.

[12] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 86، الحديث‌ التاسع‌ والاربعون‌؛ الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«مناقب‌ الخوارزمي‌ّ» طبعة‌ النجف‌، ص‌ 134 و 135، وفي‌الطبعة‌ الحجريّة‌ ص‌ 130.

[13] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 84، الحديث‌ السادس‌ والخمسون‌.

[14] ـ الخباء: خيمة‌ يصنعونها من‌ الصوف‌ أو الوبر أو الشعر، ويسكنون‌ فيها. وجمعه‌: أخْبِيَة‌. والفُسطَاط‌، والفُسَّاط‌، والفِسْطَاط‌: خيمة‌ يصنعونها من‌ الشعر. وجمعه‌: فَسَاطيط‌.

[15] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 85، الحديث‌ الحادي‌ والستّون‌؛ و«فرائد السمطين‌» ج‌ 1، ص‌ 62 و 63، الحديث‌ 29.

[16] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 84، الحديث‌ الثامن‌ والاربعون‌؛ و«مناقب‌ الخوارزمي‌ّ» طبعة‌ النجف‌، ص‌ 130، والطبعة‌ الحجريّة‌ ص‌ 126.

[17] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 86، الحديث‌ الرابع‌ والستّون‌؛ و«فرائد السمطين‌» ج‌ 1 ص‌ 66، الحديث‌ رقم‌ 32. وجاء في‌ «الفرائد» أنّ عمر بن‌ عبد العزيز بعد أن‌ سأله‌: من‌ أي‌ بني‌ هاشم‌؟ قال‌: مَوْلَي‌ عَلِي‌ّ! قال‌: مَوْلَي‌ عَلِي‌ّ؟ فسكتُ.

[18] ـ ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنـّنا وفقاً لما ذكرناه‌ عن‌ تحرّك‌ رسول‌ الله‌ إلي‌ مكّة‌ في‌ حجّة‌ ï ïالوداع‌،فإنّ أوّل‌ ذي‌ الحجّة‌ كان‌ يوم‌ الخميس‌، وعرفة‌ كان‌ يوم‌ الجمعة‌، لذلك‌ فإنّ يوم‌ الغدير، وهو الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌ كان‌ يصادف‌ يوم‌ الاحد. لكنّ بعض‌ التواريخ‌ والروايات‌ نقلت‌ أنـّه‌ كان‌ في‌ يوم‌ الخميس‌.

[19] ـ الا´ية‌ 3، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[20] ـ جاء في‌ بعض‌ النسخ‌: تَعَارِيا، ولكن‌ الاظهر: تعاميا.

[21] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 87، الحديث‌ الثاني‌ والسبعون‌؛ و«فرائد السِّمطين‌»، ج‌ 1، ص‌ 74 و 75.

[22] ـ «الغدير» ج‌ 2، ص‌ 34 إلي‌ 39.

[23] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 88، الحديث‌ السابع‌ والسبعون‌.

[24] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 89، الحديث‌ الثالث‌ والثمانون‌.

[25] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 89، الحديث‌ الخامس‌ والثمانون‌.

[26] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 89، الحديث‌ السادس‌ والثمانون‌.

[27] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 90.

[28] ـ الا´ية‌ 34، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[29] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 90، الحديث‌ الثاني‌.

[30] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 91، الحديث‌ السادس‌.

[31] ـ الا´ية‌ 20، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[32] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 91، الحديث‌ 8؛ «تفسير علي‌ّ بن‌ إبراهيم‌ القمّي‌ّ» ص‌ 538.

[33] ـ الا´يتان‌ 51 و 52، من‌ السورة‌ 68: ن‌ والقلم‌.

[34] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 92، الحديث‌ السادس‌ عشر.

[35] ـ الا´يات‌ 44 إلي‌ 51، من‌ السورة‌ 69: الحاقّة‌.

[36] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 92، الحديث‌ السابع‌ عشر.

[37] ـ الا´يات‌ 1 إلي‌ 4، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[38] ـ «غاية‌ المرام‌»، ص‌ 92، الحديث‌ الثامن‌ عشر.

[39] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 94، الحديث‌ الثاني‌ والعشرون‌؛ و«أمالي‌ الشيخ‌» ص‌ 231، المجلس‌ الثامن‌، طبعة‌ النجف‌.

[40] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 94، الحديث‌ 23؛ و«أمالي‌ الشيخ‌»، ص‌ 252، طبعة‌ النجف‌.

[41] ـ «غاية‌ المرام‌» الحديث‌ 24؛ و«أمالي‌ الشيخ‌» ص‌ 253، المجلس‌ التاسع‌، طبعة‌ النجف‌.

[42] ـ «غاية‌ المرام‌» الحديث‌ 27؛ و«أمالي‌ الشيخ‌» ص‌ 343 و 344، المجلس‌ الثاني‌عشر.

[43] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 94 و 95، الحديث‌ الثلاثون‌؛ و «أمالي‌ الشيخ‌» القسم‌ الاوّل‌، الجزء 12، ص‌ 361 و 362.

[44] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 95، الحديث‌ الحادي‌ والثلاثون‌؛ و «أمالي‌ الشيخ‌» ج‌ 2، الجزء 18 ص‌ 131 و 132.

[45] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 95، الحديث‌ 32؛ و «أمالي‌ ابن‌ الشيخ‌» ج‌ 2، ص‌ 158 و 159 مجلس‌ الجمعة‌ الرابع‌ من‌ المحرّم‌ سنة‌ 457.

[46] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 95 و 96، الحديث‌ 34؛ و«أمالي‌ الشيخ‌» ج‌ 2 ص‌ 170 و 171.

[47] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 96، الحديث‌ 35؛ و«أمالي‌ الشيخ‌» ج‌ 2، ص‌ 172 و 173.

[48] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 96، الحديث‌ السادس‌ والثلاثون‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com