بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد السادس / القسم الثالث :اعتراض بعض الصحابة علی حج التمتع، کلام رسول الله صلی الله علیه وآله فی ص...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

 حكم‌ المرأة‌ الحائض‌ في‌ الحجّ

وعملاً بأمر النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ فقد استبدلت‌ فاطمة‌ الزهراء عليها السلام‌ والمؤمنات‌، وأزواج‌ النبي‌ّ التسع‌ نيّة‌ حجّ الإفراد بالعمرة‌، ولبّين‌ جميعهنّ بهذه‌ النيّة‌؛ ولبّت‌ عائشة‌ أيضاً بقصد العمرة‌، وحاضت‌ في‌ سَرِف‌؛ ومن‌ المعلوم‌ أنّ الحائض‌ لا تستطيع‌ أن‌ تدخل‌ المسجدالحرام‌، وتطوف‌، وتصلّي‌، بينما تستلزم‌ العمرة‌ طوافاً وصلاة‌ ودخولاً في‌ المسجد.

 تقول‌ عائشة‌: دخل‌ علی رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ وأنا أبكي‌، فقال‌: ما يبكيك‌ يا عائشة‌... لعلّك‌ نفستِ؟! أي‌ حضت‌، قلتُ: نعم‌! والله‌ لوددتُ أنـّي‌ لم‌ أخرج‌ معكم‌ عامي‌ هذا في‌ هذا السفر!

 قال‌: لا تقولنّ ذلك‌! فهذا شي‌ء كتبه‌ الله‌ علی بنات‌ آدم‌... إنّما أنتِ امرأة‌ من‌ بنات‌ آدم‌ كتب‌ الله‌ عليك‌ ما كتب‌ الله‌ عليهنّ! أهلّي‌ بالحجّ! وفي‌ رواية‌ ارفضي‌ عمرتك‌! أي‌ لا تشرعي‌ في‌ شي‌ء من‌ أعمالها وأحرمي‌ بالحجّ فإنّك‌ تقضين‌ كلّ ما يقضي‌ الحاجّ، أي‌ تفعلين‌ كلّ ما يفعل‌ الحاجّ وأنت‌ حائض‌ إلاّ أنـّك‌ لا تطوفين‌ بالبيت‌. [1]

 تقول‌ عائشة‌: ففعلت‌ ذلك‌؛ أي‌ أدخلتُ الحجّ علی العمرة‌ ووقفتُ المواقف‌ ودخلت‌ مكّة‌، لكنّي‌ لم‌ أدخل‌ المسجد الحرام‌.

 فوقفتْ بعرفة‌ وهي‌ حائض‌، حتّي‌ إذا طَهُرَتْ، وذلك‌ يوم‌ النحر، وقيل‌: عشيّة‌ عرفة‌، طافت‌ بالبيت‌ وبالصفا والمروة‌؛ فقال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ قد حللتِ من‌ حجّكِ[2] وعمرتك‌ جميعاً.

 هذا هو الحجّ الذي‌ أدّته‌ عائشة‌؛ حجّ إفراد ليس‌ معه‌ عمرة‌؛ بَيدَ أنّ الزهراء عليها السلام‌ وأزواج‌ النبي‌ّ الاُخريات‌، والمؤمنات‌ اعتمرن‌ عمرة‌ مفردة‌ فور دخولهنّ مكّة‌؛ ثمّ حللن‌ من‌ الإحرام‌، إلی‌ يوم‌ الثامن‌ من‌ ذي‌الحجّة‌، وهو يوم‌ التَّرْوية‌، حيث‌ أحرمن‌ للحجّ من‌ مكّة‌، ولبّين‌ بنيّة‌ حجّ الإفراد وجئن‌ إلی‌ عرفات‌؛ وأدّين‌ مناسك‌ الحجّ في‌ المشعر ومني‌، وطفن‌ وسعين‌ وصلّين‌ في‌ مكّة‌، وأتممن‌ حجّهن‌، ثمّ حللن‌؛ ولذلك‌ فقد أدّين‌ في‌ سفرهنّ هذا عمرة‌ كاملة‌ وحجّاً كاملاً يقال‌ له‌: حجّ التمتّع‌.

 وأتمّ رسول‌ الله‌ أيّام‌ الحجّ، وعاد إلی‌ مكّة‌ بعد أيّام‌ التشريق‌.

 ولمّا نزل‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ بالمُحَصَّب‌ [3] صلّي‌ به‌ الظهر والعصر والمغرب‌ والعشاء ورقد رقدة‌، ثمّ إنّ عائشة‌ قالت‌ له‌: يارسول‌الله‌؛ أرجعُ بحجّة‌ ليس‌ معها عمرة‌؟!

 فدعا عبد الرحمن‌ بن‌ أبي‌ بكر، فقال‌: اخرج‌ بأُختك‌ من‌ الحرم‌، ثمّ افرغا من‌ طوافكما حتّي‌ تأتياني‌ ها هنا بالمُحصّب‌! قالت‌: فقضي‌ الله‌ العمرة‌. وفي‌ لفظ‌: فاعتمرنا من‌ التنعيم‌ [4] مكان‌ عمرتي‌ التي‌ فاتتني‌، وفرغنا من‌ طوافها في‌ جوف‌ الليل‌. فأتيناه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ بالمحصّب‌. [5]

 فقال‌: فرغتما من‌ طوافكما؟! قلنا: نعم‌! [6]

 ثمّ نزل‌ بذي‌ طوي‌ فبات‌ بها تلك‌ الليلة‌ وصلّي‌ بها الصبح‌ أي‌ّ بعد أن‌ اغتسل‌ بها، ثمّ سار صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ ] يوم‌ الثلاثاء [ ونزل‌ بالمسلمين‌ ظاهر مكّة‌. ودخل‌ مكّة‌ نهاراً، أي‌ وقت‌ الضُحي‌ من‌ الثَّنِيَّة‌ العُلْيَا التي‌ هي‌ ثنيّة‌ كَدَاء ( بفتح‌ الكاف‌ والمدّ ) قال‌ أبو عبيدة‌: لاينصرفّ وهي‌ التي‌ ينزل‌ منه‌ إلی‌ المَعَلاة‌ مقبرة‌ مكّة‌، وهي‌ التي‌ يقال‌ لها الآن‌: الحُجون‌ التي‌ دخل‌ منها رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يوم‌ فتح‌ مكّة‌ كما تقدّم‌.

 الرجوع الي الفهرس

كبّر رسول‌ الله‌ عند رؤيته‌ بيت‌ الله‌

 ودخل‌ المسجد الحرام‌ صبحاً من‌ باب‌ عبد مناف‌، وهو باب‌ بني‌ شيبة‌ المعروف‌ الآن‌ بباب‌ السلام‌. وكان‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ إذا أبصر البيت‌ قال‌: رفع‌ يديه‌ وكبّر وقال‌: اللَهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، فَحِيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلاَمُ! اللَهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفاً وَتَعْظِيماً، وَمَهَابَةً وَبِرَّاً، وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَكَرَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوِ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفاً وَتَكْرِيماً وَتَعْظِيماً وَبِرَّاً!... وفي‌ رواية‌: كان‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ إذا دخل‌ مكّة‌ فرأي‌ البيت‌ رفع‌ يديه‌ [7] وكبّر وقال‌: اللَهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ فَحِيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلاَمِ... [8]

 الرجوع الي الفهرس

طريقة‌ طواف‌ وسعي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌

 فعن‌ جابر بن‌ عبد الله‌ ] الانصاري‌ّ [ رضي‌ الله‌ تعإلی‌ عنهما، قال‌: دخلنا مكّة‌ عند ارتفاع‌ الشمس‌، فأتي‌ النبي‌ُّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ باب‌ المسجد، فأناخ‌ راحلته‌، ثمّ دخل‌ المسجد، فبدأ بالحَجَر الاسْوَد، فاستلمه‌ وفاضت‌ عيناه‌ بالبكاء... فلمّا فرغ‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ قبّل‌ الحَجَرَ، ووضع‌ يديه‌ عليه‌، ومسح‌ بهما وجهه‌. [9]

 وعن‌ عكرمة‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ قال‌: رأيت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ سجد علی الحجر. [10]

 وروي‌ الشافعي‌ّ، قال‌: استقبلَ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ الحجر فاستلمه‌، ثمّ وضع‌ شفتيه‌ عليه‌ طويلاً. وكان‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ إذا استلمَ الحجر، قال‌:

 بِسْمِ اللَهِ وَاللَهُ أكْبَرُ... وَقالَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ لعمر: إنَّكَ رَجُلٌ قَوِي‌ٌّ لاَتُزَاحِمْ علی الْحَجَرِ (أَي‌ الاَسْوَدَ) تُؤذِي‌ الضَّعِيفَ، إن‌ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإلاَّ فَاسْتَقْبِلْهُ وَهَلِّلْ وَكَبِّرْ... [11]

 ثمّ بعد الطواف‌ صلّي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ ركعتين‌ عند مقام‌ سيّدنا إبراهيم‌ عليه‌ الصّلاة‌ والسلام‌... قرأ فيهما مع‌ أُمّ القرآن‌: قُلْ يَـ'´أَيـُّهَا الْكَـ'فِرُونَ، و قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَد. ودخل‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ زمزم‌، فنزع‌ له‌ دلو، فشرب‌ منه‌، ثمّ مجّ فيه‌، ثمّ أفرغها في‌ زمزم‌، ثمّ قال‌: لولا أنّ الناس‌ يتّخذونه‌ نسكاً لنزعتُ...

 ثمّ رجع‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، إلی‌ الْحَجَرِ الاَسْوَد فاستلمه‌، ثمّ خرج‌ إلی‌ الصَّفَا، وقرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن‌ شَعَآنءِرِ اللَهِ ] فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن‌ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن‌ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [. [12]

 ثمّ قال‌: أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَهُ. [13]

 ورقي‌ الصفا حتّي‌ بانت‌ الكعبة‌، واستقبل‌ الكعبة‌ وقال‌ ثلاثاً: اللَهُ أكْبَرُ اللَهُ أكْبَرُ اللَهُ أكْبَرُ، ثمّ هلّل‌، ثمّ قال‌: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي‌ وَيُمِيتُ، وَهُوَ علی كُلِّ شَي‌ءٍ قَدِيرٌ؛ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الاَحْزَابَ وَحْدَهُ. ثمّ دعا، وأعاد ما قاله‌ من‌ التكبير والتهليل‌ والدعاء حتّي‌ بلغ‌ ثلاثاً.

 ثمّ نزل‌ من‌ الصفا، وسار نحو الْمَرْوَة‌ إلی‌ أن‌ استقرّ به‌ المقام‌ في‌ بطن‌ مَسيل‌ [14] فبدأ يسير رَملاً[15] إلی‌ أن‌ رقي‌ من‌ بطن‌ مسيل‌، فسار ماشياً حتّي‌ بلغ‌ الْمَرْوَة‌.

 رقي‌ رسول‌ الله‌ من‌ المروة‌ حتّي‌ بانت‌ الكعبة‌ فاستقبلها وفعل‌ هناك‌ كما فعل‌ علی الصفا من‌ التكبير والتهليل‌ والدعاء؛ ثمّ سار نحو الصفا، فلمّا بلغ‌ مكانه‌ الاوّل‌ ـ بطن‌ مسيل‌ ـ هرول‌ حتّي‌ خرج‌ من‌ المسيل‌ ورقي‌ الصفا، وبعد استقبال‌ بيت‌ الله‌ والتكبير والتهليل‌ والدعاء كما في‌ المرّة‌ الاُولي‌، نزل‌ من‌ الصفا، ثمّ رقي‌ المروة‌ علی الكيفيّة‌ التي‌ كانت‌ في‌ المرّة‌ الاُولي‌ من‌ الهَرْوَلة‌ والمشي‌ في‌ المواضع‌ الخاصّة‌، واستقبل‌ ودعا وكبّر. واستمرّ هذا السعي‌ فبلغ‌ سبعاً، وانتهي‌ في‌ الشوط‌ السابع‌ علی جبل‌ المروة‌. [16]

 الرجوع الي الفهرس

انفصال‌ الحجّ عن‌ العمرة‌ قبل‌ حجّة‌ الوداع‌

 وينبغي‌ أن‌ يعلم‌ أنّ الحجّ والعمرة‌ كانا عملين‌ مستقلّين‌ حتّي‌ ذلك‌ الحين‌. فالحجّ هو عبارة‌ عن‌ الإحرام‌ من‌ الميقات‌، والوقوف‌ في‌ عرفات‌، والمشعر، ومناسك‌ مني‌، والطواف‌ حول‌ الكعبة‌، والسعي‌ بين‌ الصفا والمروة‌. وتجري‌ هذه‌ الاعمال‌ في‌ أشهر خاصّة‌. الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـ'تٌ. [17] ومن‌ أحرم‌ للحجّ في‌ غير هذه‌ الاشهر فحجّه‌ باطل‌.

 والعُمْرَة‌ عبارة‌ عن‌ الإحرام‌ من‌ الميقات‌، والطواف‌ حول‌ بيت‌الله‌ الحرام‌، والصلاة‌، والسعي‌ بين‌ الصفا والمروة‌، والحَلْق‌ أو التقصير. وليس‌لهذه‌ الاعمال‌ وقت‌ معيّن‌. بل‌ هي‌ في‌ كلّ وقت‌ من‌ السنة‌، وليس‌لها يوم‌ أو ليلة‌ معيّنة‌.

 ولمّا كان‌ الحجّ فريضة‌ أوجبها الله‌ علی المسلمين‌ لقوله‌: وَلِلَّهِ علی النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلیهِ سَبِيلاً. [18] لذلك‌ يجب‌ علی كلّ متمكّن‌ أن‌ يحرم‌ للحجّ في‌ أحد أشهره‌: شَوَّال‌، وذي‌ القعدة‌ حتّي‌ الثامن‌ من‌ ذي‌الحجّة‌. ويأتي‌ عَرَفات‌ ظهر يوم‌ التاسع‌، ويؤدّي‌ مناسك‌ الحجّ. وأن‌ يقوم‌ بهذا العمل‌.

 وعلی كلّ من‌ كان‌ متمكّنا من‌ العُمْرَة‌ ـطيلة‌ السنة‌ـ أن‌ يقوم‌ بها في‌ حينها، فيحرم‌ من‌ الميقات‌، ويأتي‌ مكّة‌، ويعتمر.

 ومن‌ الطبيعي‌ّ أنّ العمرة‌ عمل‌ يسير نوعاً ما نسبيّاً، لانّ الإحرام‌ من‌ الميقات‌، ودخول‌ مكّة‌، والبقاء بالإحرام‌ في‌ مكّة‌ لعدّة‌ ساعات‌ حتّي‌ تتمّ العمرة‌ ليس‌ عملاً عسيراً إلی‌ حدّ ما.

 إلاّ أنّ الحجّ عمل‌ عسير جدّاً، لانّ من‌ يحرم‌ للحجّ، ليس‌ له‌ أن‌ يحلّ من‌ إحرامه‌ إلاّ أن‌ ينحر في‌ مني‌ يوم‌ عيد الاضحي‌، ويحلق‌، ويطوف‌. وهذا يتطلّب‌ وقتاً، واستمراراً في‌ الإحرام‌ مدّة‌ مديدة‌. إذ كما نعلم‌ أنّ من‌ نوي‌ الحجّ، فله‌ أن‌ يحرم‌ من‌ الميقات‌ في‌ الاوّل‌ من‌ شوّال‌ وهو عيد الفطر، ويأتي‌ مكّة‌؛ وبعد دخوله‌ مكّة‌ وطوافه‌، وصلاته‌، وسعيه‌، فليس‌ له‌ أن‌ يحلق‌ ويقصر، بل‌ يبقي‌ في‌ لباس‌ الإحرام‌. مبتعداً عن‌ النساء، وعن‌ كلّ مُحَرَّم‌. ويصبر علی هذه‌ الحالة‌ حتّي‌ تمضي‌ عرفة‌ والمشعر، ويحلّ يوم‌ الاضحي‌؛ وله‌ عند ذلك‌ أن‌ يحلّ من‌ إحرامه‌، ويتمّ حلّه‌ بالطواف‌ في‌ مكّة‌ ولعلّه‌ يبقي‌ محرماً سبعين‌ يوماً. وهذا عمل‌ عسير جدّاً لا سيّما لمن‌ كان‌ مسافراً وفي‌ أجواء مكّة‌ الحارّة‌، وهي‌ حارّة‌ في‌ أغلب‌ الاوقات‌.

 إنّه‌ تكليف‌ شاقّ في‌ الدين‌ الإسلامي‌ّ المقدّس‌ الذي‌ لم‌ تشيّد الاعمال‌ والتكإلیف‌ فيه‌ علی أساس‌ صعب‌ وعسير. ومن‌ جهة‌ أُخري‌ فإنّ البقاء في‌ الإحرام‌ سبعين‌ يوماً عمل‌ شاق‌ ومحرج‌ ولا سيّما بالنسبة‌ إلی‌ الشباب‌ الذين‌ تتّقد عندهم‌ الغريزة‌ الجنسيّة‌ في‌ الجوّ الحارّ، فيشعرون‌ بالحاجة‌ إلی‌ المواقعة‌، ولعلّهم‌ لا يطيقون‌ ذلك‌ فينفد صبرهم‌. ولعلّ الذين‌ ذهبوا إلی‌ الحجّ مع‌ زوجاتهم‌، وكانوا محرمين‌ اضطرّوا إلی‌ المواقعة‌، فيبطل‌ حجّهم‌ وتجب‌ عليهم‌ الكفّارة‌. وربّما كانوا وحدهم‌ فالتجأوا إلی‌ الزنا لاسمح‌الله‌، وعندئذٍ ينقلب‌ هذا العمل‌ الروحي‌ّ وهذه‌ الفريضة‌ التي‌ تمتّع‌ الروح‌ وتفيض‌ بالنور إلی‌ عمل‌ شيطاني‌ّ، إذ يبتلي‌ الإنسان‌ بإبليس‌ الظلمة‌ الشهوانيّة‌، ممّا يدعو إلی‌ الكآبة‌ والبؤس‌ والظلمة‌.

 ولعلّ هناك‌ أسباباً خفيّة‌ علينا، لا نعلمها، الله‌ ورسوله‌ أعلم‌ بها، دعت‌ إلی‌ تكليف‌ رسول‌ الله‌ أن‌ يُدخل‌ الحجّ في‌ العمرة‌ لغير أهل‌ الحرم‌ والقري‌ القريبة‌ من‌ مكّة‌، ويجعلها عملاً واحداً، إذ إنّ الذين‌ يحرمون‌ من‌ الميقات‌ في‌ حجّهم‌ الواجب‌ لا يحرمون‌ بنيّة‌ الحجّ بل‌ بنيّة‌ العمرة‌، ويلبّون‌. ثمّ يأتون‌ مكّة‌، ويؤدّون‌ عمرتهم‌ التي‌ لا تستغرق‌ بضع‌ ساعات‌. ويبقون‌ بدون‌ إحرام‌ حتّي‌ إلیوم‌ الثامن‌ من‌ ذي‌ الحجّة‌، وهو يوم‌ التحرّك‌ إلی‌ مني‌ وعرفاتُ. وفي‌ هذه‌ الحالة‌ يحرمون‌ من‌ مكّة‌ بقصد الحجّ ويلبّون‌، ويذهبون‌ إلی‌ عرفات‌، والمشعر، ومني‌، ويؤدّون‌ مناسكهم‌، وحينئذ يعتمرون‌ ويحجّون‌ في‌ آن‌ واحد. وفي‌ الوقت‌ نفسه‌ فإنّ زمان‌ الإحرام‌، الذي‌ يسبّب‌ حرجاً، لا يستغرق‌ كثيراً. ذلك‌ لانّ العمرة‌ هي‌ السير من‌ الميقات‌ إلی‌ مكّة‌، ولا تستدعي‌ إلاّ وقتاً قليلاً. أمّا الحجّ فهو من‌ إلیوم‌ التاسع‌ إلی‌ إلیوم‌ الثاني‌ عشر الذي‌ تنتهي‌ فيه‌ المناسك‌. وليس‌ هذا وقتاً طويلاً، ويقال‌ له‌: حجّ التمتّع‌؛ لانّ الحاجّ يستطيع‌ بعد الفراغ‌ من‌ عمرته‌ وحال‌ إحرامه‌ أن‌ يلامس‌ النساء ويفعل‌ سائر المحرّمات‌ إلی‌ أن‌ يحين‌ وقت‌ الحجّ. علی عكس‌ الحجّ الذي‌ يحرم‌ فيه‌ من‌ الميقات‌ وتؤدّي‌ فيه‌ فريضة‌ الحجّ فقط‌. ويقال‌ لهذا الحجّ: حَجّ الإفراد إذا لم‌ يكن‌ فيه‌ هَدْي‌؛ وحَجّ القِرَان‌ إذا كان‌ مع‌ الحاجّ هَدْي‌ للنحر. أمّا العمرة‌ التي‌ تؤدّي‌ وحدها، ولايعقبها حجّ، فهي‌ عُمْرة‌ مُفرَدَةَ.

 لقد تحرّك‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ ذلك‌ السفر قاصداً الحجّ، وتحرّك‌ المؤمنون‌ والمؤمنات‌ معه‌ قاصدين‌ الحجّ. وكُتب‌ إلی‌ الامصار والولايات‌ بعزم‌ رسول‌ الله‌ علی الحجّ. وقد كَتب‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ إلی‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وكان‌ قد بعثه‌ بمهمّةٍ إلی‌ إلیمن‌، يخبره‌ بعزمه‌ علی الحجّ، وليس‌ هناك‌ حديث‌ عن‌ العمرة‌، ولم‌يخطر ذلك‌ ببال‌ أحد. فالكلّ تقاطروا علی مكّة‌ قاصدين‌ الحجّ وملبّين‌. [19]

 ولكن‌ كما رأينا فإنّ رسول‌ الله‌ أمر كلّ من‌ جاء بالهدي‌ أن‌ يبقي‌ بنيّة‌ الحجّ، ويلبّي‌. وكان‌ ذلك‌ في‌ « سَرِف‌ » علی بعد ستّة‌ أميال‌ عن‌ مكّة‌، وأمّا الذي‌ لم‌ يأت‌ بهدي‌ فإنّه‌ يلبّي‌ بقصد العُمْرَة‌ بدل‌ الحجّ.

 الرجوع الي الفهرس

تكليف‌ عمل‌ التمتّع‌ في‌ الحجّ

 وبقي‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بقصد الحجّ، لانـّه‌ جاء بهدي‌ معه‌. ولبّي‌ بتلك‌ النيّة‌، حتّي‌ إذا بلغ‌ مكّة‌، قطع‌ التلبية‌، لانـّه‌ جاء إلی‌ داخل‌ البيت‌، وبلغ‌ مقصوده‌. وقد أحيا السعي‌ بين‌ الصفا والمروة‌ بعد أن‌ استنكف‌ المسلمون‌ عنه‌، أحياه‌ بطوافه‌ وأدائه‌ صلاة‌ الطواف‌، وقد سعي‌ بنفسه‌، وكان‌ يأمر بالسعي‌ كثيراً. [20] والآن‌ قد فرغ‌ من‌ سعيه‌، ووقف‌ علی جبل‌ الْمَرْوَة‌، وقال‌: أيّها الناس‌، نزل‌ علی الساعة‌ جبرئيل‌، [21] وهو يأمر كلّ من‌ ليس‌معه‌ هَدْي‌ أن‌ يحلّ من‌ إحرامه‌. يقصد الذين‌ لم‌ يسمعوا كلامه‌ في‌ سرف‌ من‌ الذين‌ لم‌ يكن‌ معهم‌ هدي‌، فلهم‌ أن‌ يحرموا للعمرة‌ ويلبّوا بنيّتها. ويجعلوا أعمالهم‌ من‌ طواف‌ وسعي‌ وغيرهما من‌ أعمال‌ العمرة‌، ويقصّروا، ثمّ يحلّوا. أمّا الذين‌ كان‌ معهم‌ هَدْي‌، فعليهم‌ أن‌ يبقوا محرمين‌ حتّي‌ ينحروا هديهم‌ في‌ محلّه‌، وهو مني‌.[22]

وجاء في‌ « السيرة‌ الحلبيّة‌ »: قال‌ السُهَيلي‌ّ: ولم‌ يكن‌ ساق‌ الهدي‌ معه‌ من‌ أصحابه‌ إلاّ طلحة‌ بن‌ عبد الله‌، وكذا ] أمير المؤمنين‌ [ علی ] بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ [ جاء من‌ إلیمن‌ وقد ساق‌ الهدي‌ معه‌. [23]

 وقال صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، للذی لم یحمل الهدی معه، و أتم أعمال العمرة، بالإحلال‌ بعد الحلق‌ والتقصير، لانـّه‌ أتي‌ بعمل‌ العمرة‌، فحلّ له‌ كلّ ما حرم‌ علی المحرم‌ من‌ وط‌ء النساء والطيب‌ والمخيط‌، وأن‌ يبقي‌ كذلك‌ إلی‌ يوم‌ التروية‌ الذي‌ هو إلیوم‌ الثامن‌ من‌ ذي‌ الحجّة‌، فيهلّ، أي‌: يحرم‌ بالحجّ.

 الرجوع الي الفهرس

اعتراض‌ بعض‌ الصحابة‌ علی حجّ التمتّع‌

 واعترض‌ بعض‌ الصحابة‌ قائلين‌: نَنْطَلِقُ إلی‌ مِنَي‌ وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ؟ وفي‌ لفظ‌: وَفَرجُهُ يَقْطُرُ مَنيَّاً؟ أي‌: قَدْ جَامَعَ النِّسَاءَ. [24]

 وعن‌ عائشة‌، قالت‌: دخل‌ علی رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ وهو غضبان‌. فقلت‌: من‌ أغضبك‌ يارسول‌ الله‌؟! أدخله‌ الله‌ النار!

 فَقَالَ: أَوَ مَا شَعُرْتِ أَنـِّي‌ أَمَرْتُ النَّاسَ بِأمْرٍ فَإذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ. [25]

 ويروي‌ أنـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ بلغه‌ تلك‌ المقالة‌، قام‌ خطيباً فَحَمِدَ اللَهَ تَعَإلی‌، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَتَعْلَمُونَ أَيُّهَا النَّاسُ؟! لاَنَا وَاللَهِ أَعْلَمُكُمْ بِاللَهِ وَأنْقَاكُمْ لَهُ؛ وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي‌ ما اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ هَدْيَاً وَلاَحَلَلْتُ. [26]

 وَفِي‌ رِوَايَةٍ قَالُوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ؟

 فَقَالَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَ ] آلِهِ [ وَسَلَّمَ: اقْبَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَاجْعَلُوا إهْلاَلَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً، فَلَولاَ أَنـِّي‌ سُقْتُ الْهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي‌ أَمَرْتُكُمْ بِهِ. فَفَعَلُوا وَأَهَلُّوا، فَفُسِخَ الْحَجُّ إلی‌ الْعُمْرَةِ. [27]

 وَسأله‌ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنُ جُعْشُمِ الْكِنَانِي‌ّ فقال‌: يَا رَسُولَاللَهِ! مَتَّعْتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلاَبَدِ؟! [28]

 فَشَبَّكَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ، فَقَالَ: بَلْ لِلاَبَدِ الاَبَدِ دَخَلَتِ العُمْرَةُ فِي‌ الحَجِّ هَكَذَا إلی‌ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وفِي‌ رواية‌: فَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَاحِدَةً فِي‌ أُخْرَي‌ وَقَالَ: دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي‌الْحَجِّ هَكَذَا ـمَرَّتَيْنِـ بَلْ لاِبَدِ الاَبَدِ. [29]

 وجاء في‌ « إعلام‌ الوري‌ »: قَامَ إلیهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي‌ عَدِي‌ٍّ، وَقَالَ: يَارَسُولَاللَهِ! أَنَخْرُجَنَّ إلی‌ مِنَي‌ وَرُؤوسُنَا تَقْطُرُ مِنَ النِّسَاءِ؟! فَقَالَ: إنَّكَ لَنْتُؤمِنَ بِهَا حَتّي‌ تَمُوتَ. [30]

 وجاء في‌ « الإرشاد » للشيخ‌ المفيد: ثمّ أمر مناديه‌ أن‌ ينادي‌: من‌ لم‌يسق‌ منكم‌ هدياً فليحلّ وليجعلها عمرة‌، ومن‌ ساق‌ منكم‌ هدياً فليقم‌ علی إحرامه‌، فأطاع‌ في‌ ذلك‌ بعض‌ الناس‌ وخالف‌ بعض‌، وجرت‌ خطوب‌ بينهم‌ فيه‌؛ وقال‌ منهم‌ قائلون‌:

 رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَشْعَتُ أغْبَرُ نَلْبَسُ الثِّيَابَ وَنَقْرُبُ النِّسَاءَ وَنُدَهِّنُ؟ وقال‌ بعضهم‌ أمَا تَسْتَحْيُونَ؟ تَخْرُجُونَ وَرُؤوسُكُمْ تَقْطُرُ مِنَ الْغُسْلِ وَرَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ علی إحْرَامِهِ؟!

 فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ علی مَنْ خَالَفَ فِي‌ ذَلِكَ؛ وَقَالَ: لَوْلاَ أَنـِّي‌ سُقْتُ الْهَدْيَ لاْحْلَلْتُ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ لَمْيَسُقْ هَدْيَاً فَلْيُحِلَّ. فَرَجَعَ قَوْمٌ وَأَقَامَ آخَرُونَ علی الخِلاَفِ؛ وَكَانَ فِيمَنْ أَقَامَ علی الخِلاَفِ لِلنَّبِي‌ِّ صلّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ. فَاسْتَدْعَاهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ: مَا لِي‌ أَرَاكَ يَاعُمَرُ مُحْرِماً؟ أَسُقْتَ هَدْيَاً؟! قَالَ: لَمْ أَسُقْ.

 قَالَ: فَلِمَ لاَ تُحِلُّ وَقَدْ أَمَرْتُ مَنْ لَمْ يَسُقْ بِالإحْلاَلِ؟!

 فَقَالَ: وَاللَهِ يَا رَسُولَ اللَهِ! لاَ أَحْلَلْتُ وَأَنْتُ مُحْرِمٌ! فَقَالَ لَهُ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إنَّكَ لَمْ تُؤْمِنْ بِهَا حَتَّي‌ تَمُوتَ. فَلِذَلِكَ أَقَامَ علی إنْكَارِ مُتْعَةِ الحَجِّ حَتَّي‌ رَقَا المِنبَرَ فِي‌ إمَارَتِهِ فَنَهي‌ عَنْهَا نَهْيَاً مُجَدَّداً وَتَوَعَّدَ عَلَيْهَا بِالعِقَابِ. [31]

 الرجوع الي الفهرس


 

 الدرس‌ التاسع‌ والسبعون‌ إلی‌ الثاني‌ والثمانين‌

حجّة‌ الوداع‌ ودعم‌ رسول‌ الله‌ لولاية‌ أمير المؤمنين‌

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيم‌

وصلَّي‌ اللهُ علی محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العلی العظيم‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلی‌ الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن‌ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـ'ثَةِ أَيَّامٍ فِي‌ الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَ ' لِكَ لِمَن‌ لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي‌ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَهَ وَاعْلَمُو´ا أَنَّ اللَهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. [32]

 تنصّ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ علی أنّ الذين‌ لم‌ يكونوا حاضري‌ المسجد الحرام‌ ـما عدا أهل‌ مكّة‌ والقري‌ والضواحي‌ القريبة‌ منهاـ عليهم‌ أن‌ يحجّوا حجّ التمتّع‌، ثمّ ينحروا ما استيسر من‌ الهدي‌، من‌ الإبل‌ والبقر والضأن‌ في‌ مِني‌. وأمّا من‌ كانوا قريبين‌ من‌ المسجد الحرام‌، فعليهم‌ أن‌ يحجّوا حجّ الإفراد، وحجّ القران‌ من‌ غير تمتّع‌.

 وقد علمنا فيما مضي‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ـعملاً بحكم‌ الله‌، ونتيجة‌ لنزول‌ جبرئيل‌ بهذه‌ الآية‌ المباركة‌ـ أعلن‌ في‌ منزل‌ سَرِف‌ أوّلاً، وبعد سعيه‌ علی المروة‌ ثانياً، أنّ علی من‌ جاء معه‌ إلی‌ الحجّ سواء كانوا من‌ أهل‌ المدينة‌ أو من‌ غيرها، أن‌ يغيّروا نيّتهم‌ من‌ الإحرام‌ بالحجّ إلی‌ الإحرام‌ بالعُمرة‌، ويحلّوا بعد التقصير، ويتمتّعوا حتّي‌ حلول‌ يوم‌ التروية‌ وهو يوم‌ الإحرام‌ بالحجّ. والتحرّك‌ نحو المشاعر: عَرَفات‌، والمشعر، ومِني‌. ولا تشمل‌ هذه‌ التعإلیم‌ من‌ ساقوا الهدي‌ معهم‌.

 وعلی النبي‌ّ نفسه‌ ومن‌ ساق‌ معه‌ هدياً من‌ أصحابه‌ أن‌ يظلّوا محرمين‌ للحجّ إلی‌ أن‌ ينحروا هديهم‌ في‌ مني‌. وقد أدّي‌ الإعلان‌ عن‌ هذا الحكم‌ الإلهي‌ّ إلی‌ اعتراض‌ البعض‌ ممّن‌ خالفوا هذا الحكم‌ بصراحة‌، إذ كانوا راغبين‌ في‌ البقاء محرمين‌ حتّي‌ وقت‌ الذهاب‌ إلی‌ عَرفات‌ والمَشعر.

 ينقل‌ ابن‌ كثير حديثين‌ عن‌ البخاري‌ّ ومسلم‌، عن‌ جابر أنّ بعض‌ الصحابة‌ كانوا يقولون‌: لِمَ نحلّ، ولم‌ يبق‌ علی الحجّ إلاّ أيّام‌ عدّة‌؟

 قال‌ ابن‌ كثير: قال‌ البخاري‌ّ: حدّثنا أبو النعمان‌، حدّثنا حَمَّادبن‌ زيد، عن‌ عبد الملك‌ بن‌ جريح‌، عن‌ عطاء، عن‌ جابر، وعن‌ طاووس‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌، قالا: قَدِمَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي‌ الحِجَّةِ يُهِلُّونَ بِالحَجِّ لاَ يَخْلُطُهُ شَي‌ءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً، وَأَنْ نُحِلَّ إلی‌ نِسَائِنَا، فَفَشَتْ تِلْكَ المَقَالَةُ... [33] إلی‌ آخر هذا الحديث‌ وما تضمّنه‌ من‌ مخالفة‌ الصحابة‌.

 وقال‌: قالَ مُسْلِم‌: حدّثنا قُتيْبة‌، حدّثنا الليث‌ ـهو ابن‌ سعدـ عن‌ أبي‌ الزبير، عن‌ جابر... إلی‌ أن‌ بلغ‌ قوله‌: وَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ أَنْ يُحِلَّ مِنَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْي‌ُّ؛ قَالَ: فَقُلْنَا: حَلَّ مَاذَا؟! قَالَ: الْحَلُّ كُلُّهُ.

 فَوَاقَعْنَا النِّسَاءَ وَتَطَيَّبْنَا بِالطِّيبِ وَلَبِسْنَا ثِيَاباً وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إلاَّ أَرْبَعَ لَيَالٍ. [34]

 فهذان‌ الحديثان‌ ينصّان‌ علی أنّ رسول‌ الله‌ دخل‌ مكّة‌ في‌ إلیوم‌ الرابع‌، ولمّا كان‌ يوم‌ عرفة‌ في‌ الخميس‌، فإنّ يوم‌ دخوله‌ كان‌ في‌ يوم‌ الاحد. وهذا يتضارب‌ مع‌ ما نقلناه‌ عن‌ « الغدير »، عن‌ « الإمتاع‌ » للمقريزي‌ّ إذ جاء فيه‌ أنّ دخوله‌ كان‌ في‌ يوم‌ الثلاثاء.

 الرجوع الي الفهرس

حكم‌ التمتّع‌ في‌ الحجّ مستمَدٌّ من‌ تعإلیم‌ السماء

 إنّ مخالفة‌ بعض‌ الصحابة‌، الذين‌ أرادوا البقاء في‌ إحرامهم‌ ونسكهم‌ وعبادتهم‌ شعث‌ الشعور مغبرّين‌ كرسول‌ الله‌، أزعجت‌ النبي‌ّ وأغضبته‌ كثيراً حتّي‌ بان‌ الغضب‌ علی وجهه‌. إذ لم‌ يتوقّع‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ من‌ ذوي‌ السابقة‌ في‌ الصحبة‌ أن‌ يخالفوه‌، ولا سيّما في‌ أمر عبادي‌ّ بعد ثلاث‌ وعشرين‌ سنة‌ من‌ العناء والمشقّة‌، والتشريد والمكابدة‌، وتجرّع‌ الغصص‌ والمرارات‌ والمصائب‌؛ وهل‌ العبادة‌ أمر شخصي‌ّ اجتهادي‌ّ حتّي‌ يحلو للإنسان‌ أن‌ يزيد فيه‌ أو ينقص‌ منه‌ كما يهوي‌، أو يبدّل‌ شاكلته‌ كما يشتهي‌؟ إنّ تشريع‌ العبادة‌ يجانب‌ الصواب‌، ولا يحمد ما لم‌ يكن‌ متّصلاً بالمبدأ الاعلی؛ لا سيّما إذا كان‌ اجتهاداً في‌ مقابل‌ القرآن‌، والنصّ النبوي‌ّ الصريح‌ الذي‌ تجسّد في‌ خطبتيه‌ اللتين‌ تكفّلتا بتبيان‌ الموضوع‌، وتصريحه‌ عليه‌ وعلی آله‌ الصلاة‌ والسلام‌ أنـّه‌ لم‌ يستبدل‌ العمرة‌ بالإحرام‌ للهدي‌، وإلاّ لاحلّ من‌ إحرامه‌ مماشاة‌ لهم‌، ونظراً لافضليّة‌ المتعة‌.

 وتحرّك‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، بعد سعيه‌، ونزل‌ الابْطَح‌ وهي‌ أرض‌ رمليّة‌ في‌ شرق‌ مكّة‌، ولم‌ ينزل‌ في‌ منازل‌ مكّة‌. وكانت‌ إقامته‌ في‌ الابطح‌ قبل‌ أن‌ يتحرّك‌ إلی‌ عرفات‌، بقيّة‌ يوم‌ الاحد، والاثنين‌، والثلاثاء، والاربعاء.

 حتّي‌ أنـّه‌ صلّي‌ صلاة‌ الصبح‌ مع‌ أصحابه‌ في‌ الابطح‌ يوم‌ الخميس‌ الثامن‌ من‌ ذي‌ الحجّة‌ وهو يوم‌ التَرْوِيَة‌؛ ولم‌ ينزل‌ في‌ مكّة‌ طيلة‌ تلك‌ الايّام‌ قطّ، ولم‌ يرجع‌ من‌ مكانه‌ إلی‌ بيت‌ الله‌. [35]

 وذكرنا في‌ الدرس‌ السادس‌ والسبعين‌ إلی‌ الدرس‌ الثامن‌ والسبعين‌ من‌ دروس‌ هذا الكتاب‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ غير موجود في‌ المدينة‌ عندما قصد رسول‌ الله‌ حجّ بيت‌ الله‌ الحرام‌، وذلك‌ أنـّه‌ كان‌ مبعوثاً من‌ قبل‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لدعوة‌ أهل‌ إلیمن‌ إلی‌ الإسلام‌، وعزل‌ خالد بن‌ الوليد، وأخذ خمس‌ الغنائم‌ التي‌ كانت‌ بيد خالد، وكذلك‌ الغنائم‌ والاخماس‌ الاُخري‌. وكان‌ قد أُشخص‌ إلی‌ هناك‌ علی رأس‌ جيش‌ يضمّ ثلاثمائة‌ من‌ المسلمين‌. وبعد أداء مهمّته‌ في‌ إلیمن‌ تلقّي‌ كتاباً من‌ رسول‌الله‌ يخبره‌ فيه‌ بعزمه‌ علی الحجّ، [36] ويطلب‌ منه‌ التوجّه‌ إلی‌ مكّة‌ لاداء فريضة‌ الحجّ.

 فتحرّك‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بنحو مكّة‌ مع‌ جيشه‌ ومن‌ التحق‌ به‌ من‌ أهل‌ إلیمن‌، وكان‌ معه‌ خمس‌ الغنائم‌ الخاصّ برسول‌ الله‌؛ إلاّ أنـّه‌ أحرم‌ قبل‌ الجيش‌ بقليل‌، وعجّل‌ في‌ قدومه‌ إلی‌ مكّة‌ فرأي‌ فيها السيّدة‌ المخدّرة‌ الصدّيقة‌ الطاهرة‌ فاطمة‌ الزهراء سيّدة‌ نساء العالمين‌ عليها السلام‌ عقيلته‌ وكريمة‌ الرسول‌ العظيم‌، فوجد فاطمة‌ ممّن‌ أحلّ ولبست‌ ثياباً صبيغاً واكتحلت‌، فأنكر ذلك‌ عليها، فقالت‌: أبي‌ أمرني‌ بهذا. فتشرّف‌ بالمثول‌ عند رسول‌ الله‌، وذكر له‌ إحلال‌ الزهراء وطيبها وكحلها، فقال‌ له‌: كما أخبرتك‌ فاطمة‌. [37]

 ثمّ بيّن‌ له‌ قصّة‌ نزول‌ الوحي‌، وتبديل‌ حكم‌ الحجّ من‌ حجّ الإفراد إلی‌ العمرة‌ وحجّ التمتّع‌ لمن‌ ليس‌ معه‌ هدي‌. وسأله‌ قائلاً: بِمَ أهْلَلْتَ يا علی؟ قال‌: بما أهلّ به‌ النبي‌ُّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌. [38]

 فقال‌ رسول‌ الله‌: فَهل‌ معك‌ من‌ هدي‌؟! قال‌: لا.

 الرجوع الي الفهرس

مشاركة‌ أمير المؤمنين‌ رسول‌ الله‌ في‌ الحجّ والهدي‌

 فأشركه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ في‌ هديه‌، وثبت‌ علی إحرامه‌ مع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ حتّي‌ فرغا من‌ الحجّ، ونحر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ الهدي‌ عنهما. [39]

 وينبغي‌ أن‌ يعلم‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لم‌ يسق‌ معه‌ هَدْياً، ولكنّه‌ أحرم‌ ـ بنيّته‌ ـ كإحرام‌ رسول‌ الله‌، ولذلك‌ كان‌ شريكه‌ في‌ الحجّ والهدي‌.

 وأمّا ما ذكرته‌ بعض‌ السير والتواريخ‌ أنّ أمير المؤمنين‌ أتي‌ بالإبل‌ من‌ إلیمن‌، فإنّ هذه‌ الإبل‌ لرسول‌ الله‌ وليست‌ لامير المؤمنين‌، إذ كانت‌ خمس‌ النبي‌ّ من‌ الغنائم‌. ولذلك‌ قال‌ في‌ « البداية‌ والنهاية‌ »: كان‌ جماعة‌ الهدي‌ الذي‌ جاء به‌ علی من‌ إلیمن‌، والذي‌ أتي‌ به‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ من‌ المدينة‌، واشتراه‌ في‌ الطريق‌ مائة‌ من‌ الإبل‌. [40]

 فالمائة‌ من‌ الإبل‌ كانت‌ لرسول‌ الله‌ كما جاء في‌ كثير من‌ الروايات‌ التي‌ تنصّ علی أنّ مع‌ رسول‌ الله‌ مائة‌ من‌ الإبل‌. وأصبح‌ أميرالمؤمنين‌ شريكاً لرسول‌ الله‌ في‌ هذه‌ الإبل‌. وهذه‌ منقبة‌ عظيمة‌ جدّاً. ودرجة‌ رفيعة‌ لاتسامي‌ إذ يشارك‌ الإمام‌ رسول‌ الله‌ في‌ حجّه‌ وهديه‌.

 ومن‌ هنا يمكن‌ أن‌ نفهم‌ عدم‌ وجود اختلاف‌ بين‌ الروايات‌ التي‌ تنصّ علی أنـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ساق‌ مائة‌ من‌ الهدي‌، [41] والروايات‌ التي‌ تنصّ علی أنـّه‌ ساق‌ ثلاثاً وستّين‌ بدنة‌، وأمير المؤمنين‌ سبعاً وثلاثين‌ بدنة‌، [42] أو أنـّه‌ ساق‌ أربعاً وستّين‌، وأمير المؤمنين‌ ستّاً وثلاثين‌، [43] أو أنـّه‌ ساق‌ ستّاً وستّين‌، وأمير المؤمنين‌ أربعاً وثلاثين‌. [44] فالمجموع‌ الكلّي‌ّ مائة‌ في‌ كلّ الاحوال‌، وقد نُحرت‌ كلّها بمني‌. فما جاء به‌ أميرالمؤمنين‌ من‌ الهدي‌ كان‌ لرسول‌ الله‌، ولذلك‌ فالمائة‌ من‌ الهدي‌ كانت‌ كلّها لرسول‌الله‌. والعجيب‌ هو اتّفاق‌ الهدي‌ الذي‌ أتي‌ به‌ رسول‌ الله‌ مع‌ الهدي‌ الذي‌ أتي‌ به‌ أميرالمؤمنين‌، ومجموعه‌ مائة‌ بدنة‌. يقول‌ ابن‌ الجوزي‌ّ: قال‌ رسول‌الله‌ لعلی: فَإنَّ مَعِي‌َ الْهَدْي‌َ فَلاَ تُحِلَّ. وَكَانَ الَّذِي‌ قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ إلیمَنِ وَالَّذِي‌ أَتَي‌ بِهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ مِائَةً.

 ونحر رسول‌ الله‌ ] بيده‌ المباركة‌ [ نيّفاً وستّين‌ منها. ثمّ أعطي‌ عليّاً نيّفاً وثلاثين‌. [45] وفهم‌ البعض‌ من‌ هذا النحر أنّ الهدي‌ كان‌ لاميرالمؤمنين‌. وهذا فهم‌ غير صحيح‌، لانّ النحر أعمّ من‌ الملكيّة‌، مضافاً إلی‌ ذلك‌، لو كان‌ الهدي‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، فما معني‌ المشاركة‌ في‌ الهدي‌ والحجّ؟

 لقد ساق‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الهَدْي‌َ معه‌ وحجّه‌ حجّ القران‌، إذ ليس‌له‌ حقّ النحر، وليس‌ له‌ أن‌ يحلّ حَتَّي‌' يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، كسائر من‌ ساقوا معهم‌ هدياً.

 والشي‌ء اللطيف‌ هنا هو أنّ أمير المؤمنين‌ شريك‌ رسول‌ الله‌ في‌ حجّه‌ وهديه‌، لانـّه‌ أحرم‌ كإحرام‌ رسول‌ الله‌ وقال‌: اللَهُمَّ إنِّي‌ أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ نَبِيُّكَ وَعَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ. [46]

 فأمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بقي‌ علی إحرامه‌ وشارك‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ حجّه‌ مع‌ أنـّه‌ لم‌ يسق‌ معه‌ هدياً. ولعلّ في‌ هذه‌ المشاركة‌ استجابة‌ لدعاء رسول‌ الله‌ بحقّ سيّد عالم‌ الولاية‌: وَأشْرِكْهُ فِي‌ أمْرِي‌. [47] كدعاء موسي‌ عليه‌ السلام‌ بحقّ أخيه‌ هارون‌ عليه‌ السلام‌، إذ قال‌: وَأَشْرِكْهُ فِي‌ أمْرِي‌.

 ومن‌ لوازم وضروريات‌ الإشراك‌ في‌ الامر هو المشاركة‌ في‌ الحجّ والهدي‌ وميزاتهما المعنويّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

عدم‌ مشاركة‌ أبو موسي‌ الاشعري‌ّ رسول‌ الله‌ في‌ الهدي‌

وكان‌ من‌ جملة‌ من‌ لم‌ يسق‌ الهدي‌ أبو موسي‌ الاشعري‌ّ، فإنـّه‌ لمّا قدم‌ من‌ إلیمن‌ قال‌ له‌: بِمَ أهْلَلْتَ؟ قال‌: أهْلَلْتُ كَإهْلاَلِ النَّبِي‌ِّ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌! قال‌ له‌: هل‌ معك‌ من‌ هدي‌ٍ؟ قال‌: قلت‌: لا. فأمرني‌ فطفت‌ بالبيت‌ والصفا والمروة‌... وأحلّ، أي‌ بعد الحلق‌ والتقصير. [48] فَلِمَ لَمْ يشركه‌ رسول‌الله‌ في‌ حجّه‌ وهديه‌؟ وأمره‌ بالإحلال‌؟

 إنّها ميزة‌ وفضيلة‌ اختصّ بها ليث‌ الإيمان‌ ومحور الولاية‌ والإيقان‌، أعني‌: علی بن‌ أبي‌ طالب‌، وَأَنـَّي‌ لَهُمْ ذَلِكَ؟

 لقد قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: الحقّ بجيشك‌، وائت‌ بهم‌ معك‌! لنجتمع‌ كلّنا في‌ مكّة‌ إن‌شاءالله‌.

 فودّع‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ رسول‌ الله‌، وعاد إلی‌ جيشه‌، فالتقاه‌ قرب‌ مكّة‌، فرأي‌ أفراده‌ قد كسوا الحلل‌ إلیمانيّة‌ التي‌ كانت‌ معهم‌، وهي‌ من‌ حقّ رسول‌ الله‌ في‌ الخمس‌ والصدقات‌، فعزّ عليه‌ ما رأي‌ من‌ التصرّف‌ ببيت‌ المال‌ وحقوق‌ المسلمين‌؛ وانتقد هذا العمل‌ وقال‌ لمن‌ استخلفه‌ عليهم‌: ما الذي‌ حملك‌ علی أن‌ تقسّم‌ هذه‌ الحلل‌ بين‌ جنودك‌ قبل‌ أن‌ نأتي‌ بها إلی‌ رسول‌الله‌، وهي‌ حقّ الله‌ ورسوله‌ والمسلمين‌، ولم‌ أمرك‌ بهذا؟!

 فقال‌: طلبوا منّي‌ ذلك‌، ورغبوا أن‌ يتزيّنوا بارتدائها، ويُحرموا بها، ثمّ يرجعوها لي‌.

 فأمر أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بنزع‌ الحلل‌ وإرجاعها في‌ مكانها. فلمّا جاؤوا إلی‌ مكّة‌، وقد اضطغنت‌[49] قلوبهم‌ علی أمير المؤمنين‌، شكوه‌ إلی‌ رسول‌الله‌. [50]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ رسول‌ الله‌ حول‌ صلابة‌ أمير المؤمنين‌ في‌ الدين‌

 فَأَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيَاً فَنَادَي‌ فِي‌ النَّاسِ: ارْفَعُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْ علی بْنِ أبِي‌ طالِبٍ فَإنَّهُ خَشِنٌ فِي‌ ذَاتِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُمُدَاهِنٍ فِي‌ دِينِهِ. فَكَفَّ الْقَوْمُ عَنْ ذِكْرِهِ وَعَلِمُوا مَكَانَهُ مِنَ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَسَخَطَهُ علی مَنْ رَامَ الغُمْيَزَةَ فِيهِ. [51]

 وذكر أمين‌ الإسلام‌ الفضل‌ بن‌ الحسن‌ الطبرسي‌ّ هذه‌ الرواية‌ باللفظ‌ نفسه‌، وقال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: ارْفَعُوا ألْسِنَتَكُمْ مِنْ شِكَايَةِ علی فَإنَّهُ خَشِنٌ فِي‌ ذَاتِ اللَهِ. [52]

 وذكر ابن‌ هشام‌ قائلاً: فَقَامَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ فِينَا خَطِيباً؛ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ! لاَ تَشْكُوا عَلِيَّاً، فَوَاللَهِ إنَّهُ لاَخْشَنُ فِي‌ ذَات‌اللَهِ ـأوْ فِي‌ سَبِيلِ اللَهِـ مِنْ أَنْ يُشْكَي‌. [53]

 ونقل‌ ابن‌ الاثير هذه‌ العبارة‌ نفسها قائلاً: فَوَاللَهِ إنَّهُ لاَخْشَنُ فِي‌ ذَاتِ اللهِ ـأَو فِي‌ سَبِيلِ اللَهِـ! [54]

 ونقل‌ الطبري‌ّ عن‌ أبي‌ سعيد ] الخدري‌ّ [ قال‌: شَكَي‌ النَّاسُ علیبنَ أَبِي‌ طَالِبٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَهِ فِينَا خَطِيباً، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! لاَتَشْكُوا عَلِيَّاً، فَوَاللَهِ إنَّهُ لاَخْشَي‌ فِي‌ ذَاتِ اللَهِ ـأَوْ فِي‌ سَبِيلِ اللَهُ ] مِنْ أَنْ يُشْكَي‌ [. [55]

 وروي‌ الحافظ‌ أبو نُعَيم‌ الإصفهاني‌ّ، عن‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ، قال‌: شكي‌ الناس‌ عليّاً، فقام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ خطيباً فقال‌:

 يَاأيُّهَا النَّاسُ! لاَ تَشْكُوا عَلِيَّاً! فَوَاللَهِ إنَّهُ لاُخَيْشِنُ فِي‌ ذاتِاللَهِ عَزَّ وَجَلَّ. [56]

 وروي‌ أيضاً بإسناده‌ عن‌ إسحاق‌ بن‌ كعب‌ بن‌ عُجْرة‌، عن‌ أبيه‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌. لاَتَسُبُّوا عَلِيَّاً فَإنَّهُ مَمْسُوسٌ فِي‌ ذَاتِاللَهِ تَعَإلی‌. [57]

 ويقول‌ أبو الفتوح‌ الرازي‌ّ: لمّا صالح‌ رسول‌ الله‌ نصاري‌ نجران‌ علی ألفي‌ حلّة‌ من‌ حُلَل‌ الاواقي‌، وأشخص‌ عليّاً إلی‌ إلیمن‌ ليأتي‌ بها إلیه‌، هبط‌ عليه‌ جبرئيل‌ وأمره‌ بالحجّ. وعندما خرج‌ من‌ المدينة‌، كتب‌ إلی‌ أميرالمؤمنين‌ يخبره‌ بعزمه‌ علی الحجّ، ويطلب‌ منه‌ أن‌ يعود إلی‌ مكّة‌ إذا فرغ‌ من‌ مهمّته‌ ليلتقيه‌ هناك‌. ولمّا قرأ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ كتاب‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ عزم‌ علی الرحيل‌، وأخذ معه‌ الحلل‌، فجاء إلی‌ مكّة‌ مع‌ أربع‌ وأربعين‌ بدنة‌، وتعجّل‌ في‌ المثول‌ عند رسول‌ الله‌ قبل‌ أن‌ تصل‌ القافلة‌ إلی‌ مكّة‌. ثمّ عاد ليأتي‌ بالقافلة‌ فرآهم‌ قد لبسوا الحلل‌، فأمرهم‌ أن‌ يخلعوها ويعيدوها إلی‌ أعدالهم‌ وجوالقهم‌. ولمّا شقّ عليهم‌ ذلك‌، عابوه‌ وشكوه‌ إلی‌ رسول‌ الله‌. فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: قد أصاب‌ علی. ولمّا لم‌ يكفّوا عن‌ النيل‌ منه‌، رقي‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ المنبر وخطب‌ قائلاً:

 ارْفَعُوا ألْسِنَتَكُمْ عَنْ علی فَإنَّهُ خَشِنٌ فِي‌ ذَاتِ اللَهِ غَيْرُمُدَاهِنٍ فِي‌ دِينِهِ. [58]

 الرجوع الي الفهرس

الشكوي‌ ضدّ علی عليه‌ السلام‌ حول‌ إبل‌ الصدقة‌

 وذكر البيهقي‌ّ ـعلی ما نقل‌ منه‌ ابن‌ كثيرـ شكوي‌ الناس‌ من‌ علی بنمط‌ آخر. فقد نقل‌ بسنده‌ عن‌ سعد بن‌ إسحاق‌ بن‌ كعب‌ بن‌ عجرة‌، عن‌ عمّته‌ زينب‌ ـبنت‌ كعب‌ بن‌ عجرة‌ـ عن‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ، أنـّه‌ قال‌: بعث‌ رسولُالله‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ إلی‌ إلیمن‌. قال‌ أبو سعيد: فكنت‌ فيمن‌ خرج‌ معه‌. فلمّا أخذ من‌ إبل‌ الصدقة‌ سألناه‌ أن‌ نركب‌ منها ونريح‌ إبلنا، وكنّا قد رأينا في‌ إبلنا خللاً. فأبي‌ علينا وقال‌: إنّما لكم‌ فيها سهم‌ كما للمسلمين‌. قال‌: فلمّا فرغ‌ علی وانطفق‌ من‌ إلیمن‌ راجعاً، أمّر علينا إنساناً وأسرع‌ هو وأدرك‌ الحجّ. فلمّا قضي‌ حجّته‌، قال‌ له‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌: ارجع‌ إلی‌ أصحابك‌ حتّي‌ تقدم‌ عليهم‌.

 قال‌ أبو سعيد: وقد كنّا سألنا الذي‌ استخلفه‌ ما كان‌ علی منعنا إيّاه‌، ففعل‌. فلمّا عرف‌ في‌ إبل‌ الصدقة‌ أنـّها قد ركبت‌، ورأي‌ أثر الركب‌، قدّم‌ الذي‌ أمّره‌ ولامه‌. فقلتُ: أما إنّ للّه‌ علی لئن‌ قدمت‌ المدينة‌ لاذكرنّ لرسول‌الله‌ ولاخبرنّه‌ مالقينا من‌ الغلظة‌ والتضييق‌.

 قال‌: فلمّا قدمنا المدينة‌، غدوت‌ إلی‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ أُريد أن‌ أفعل‌ ما كنت‌ حلفت‌ عليه‌، فلقيتُ أبا بكر خارجاً من‌ عند رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، فلمّا رآني‌ وقف‌ معي‌ ورحّب‌ بي‌ وساءلني‌ و ساءلته‌، وقال‌: متي‌ قدمتَ؟

 فقلتُ: قدمت‌ البارحة‌! فرجع‌ معي‌ إلی‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ فدخل‌، وقال‌: هذا سَعْدُ بْنُ مَالِك‌ بْنُ الشَّهِيدِ؛ فقال‌: إئذن‌ له‌. فدخلتُ فحيّيت‌ رسول‌ الله‌ وحيّاني‌ وأقبل‌ علی وسألني‌ عن‌ نفسي‌ وأهلي‌ وأحفي‌ المسألة‌. فقلتُ: يا رسول‌ الله‌! ما لقينا من‌ علی من‌ الغلظة‌ وسوء الصحبة‌ والتضييق‌؟!

 فاتّئد رسول‌ الله‌ وجعلت‌ أنا أُعدّد ما لقينا منه‌ حتّي‌ إذا كنت‌ في‌ وسط‌ كلامي‌، ضرب‌ رسول‌ الله‌ علی فخذي‌، وكنت‌ منه‌ قريباً، وقال‌: يَا سَعْدَبْنَ مَالِك‌بْن‌ الشَّهِيدِ! مه‌ بعض‌ قولك‌ لاخيك‌ علی! فَوَاللَهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنـَّهُ أَخْشَنَ فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ!

 قال‌: فقلت‌ في‌ نفسي‌: ثكلتك‌ أُمُّك‌ سَعْدَ بْنَ مَالِكِ! ألا أراني‌ كنت‌ فيما يكره‌ منذ إلیوم‌، ولا أدري‌ لا جرم‌ والله‌ لا أذكره‌ بسوء أبداً سرّاً وعلانية‌. [59]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ رسول‌ الله‌ حول‌ صلابة‌ أمير المؤمنين‌ في‌ الدين‌

 ونقل‌ ابن‌ عساكر هذه‌ القصّة‌ في‌ « تاريخ‌ دمشق‌ » الجزء الاوّل‌ من‌ ترجمة‌ الإمام‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ ص‌ 387 و 388 تحت‌ الحديث‌ المرقّم‌ 493، وذكر هذا الحديث‌ بعينه‌ نقلاً عن‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ ( سعدبن‌ مالك‌ ) وقال‌ في‌ آخر كلامه‌: قال‌ رسول‌ الله‌: يَا سَعْدَ بْنَ مَالِكِبْن‌ الشَّهِيدِ! مَهْ بَعْضَ قَوْلِكَ لاِخِيكَ علی، فَوَاللَهِ إنَّهُ أَخْشَنُ فِي‌ سَبِيلِاللَهِ!

 ونقل‌ الدهلوي‌ّ هذا الحديث‌ في‌ كتاب‌ « إزالة‌ الخفاء » بالتعبير الآتي‌: أخْرَجَ أَبُو عَمْرو، عَنْ إسحاقَ بنِ كَعبِ بنِ عُجْرَةَ، عَنْ أبيه‌، قَالَ: قَالَ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: علی مَخْشُوشٌ فِي‌ ذَاتِ اللَهِ.[60]

 وبعد أن‌ نقل‌ ابن‌ كثير هذه‌ القضيّة‌ عن‌ البيهقي‌ّ، وذكر تقسيم‌ الحلل‌ إلیمانيّة‌ عند غياب‌ أمير المؤمنين‌، قال‌: « هذا السياق‌ أقرب‌ من‌ سياق‌ البيهقي‌ّ، وذلك‌ أنّ عليّاً سبقهم‌ لاجل‌ الحجّ، وساق‌ معه‌ هدياً، وأهلّ بإهلال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، فأمره‌ أن‌ يمكث‌ محرماً. » [61]

 ولكن‌ ينبغي‌ العلم‌ أنّ ما ذكرناه‌ من‌ مجي‌ء أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلی‌ مكّة‌ ورؤيته‌ الزهراء عليها السلام‌ بلباس‌ صبيغ‌، وعطر، وكحل‌، وذهابه‌ إلی‌ رسول‌ الله‌ سائلاً عن‌ ذلك‌، كلّ أُولئك‌ يدلّ علی أنّ أوّل‌ لقاء بين‌ رسول‌الله‌ وأميرالمؤمنين‌ بعد سفرة‌ إلیمن‌ كان‌ في‌ مكّة‌. وهذا يغاير ما ذكره‌ الحافظ‌ أبو القاسم‌ الطبراني‌ّ من‌ حديث‌ عِكْرَمة‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ بقوله‌: إنَّ عَلِيَّاً تَلَقَّي‌ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وآلِهِ [ وَسَلَّمَ إلی‌ الْجُحْفَة‌. [62] وكذلك‌ ما ذكره‌ الشيخ‌ المفيد في‌ « الإرشاد »، قائلاً: فلمّا قارب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ إلی‌ مكّة‌ من‌ طريق‌ المدينة‌، قاربها أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ طريق‌ إلیمن‌، وتقدّم‌ الجيشَ للقاء النبي‌ّ، فلمّا رآه‌ قال‌ له‌: « أقم‌ علی إحرامك‌ و عُدْ إلی‌ جَيْشِكَ فَعَجِّلْ بِهِمْ حَتَّي‌ نَجْتَمِعَ بِمَكَّةَ إن‌ شَاءَ اللَهُ». [63]

 إنّ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ رجل‌ الحقّ والعدالة‌؛ لذلك‌ لم‌ يرق‌ له‌ أن‌ تهدر حقوق‌ الآخرين‌ ولو قيد أُنملة‌؛ وأمّا الناس‌ فهم‌ غافلون‌ عن‌ هذه‌ الالتفاتات‌ الدقيقة‌ والمركّزة‌، إذ لا يرون‌ التلاعب‌ ببيت‌ المال‌، والتصرّف‌ بالحلل‌ والإبل‌ انتهاكاً، ويحسبون‌ التزيّن‌ محموداً حتّي‌ لو كان‌ علی حساب‌ حقّالله‌ وحقوق‌ الضعفاء، ويرون‌ عكس‌ ذلك‌ مذموماً.

 وأمّا علی، فليس‌ من‌ شيمته‌ التنازل‌ عن‌ العدالة‌ المحضة‌، ومداهنة‌ جيشه‌ في‌ التصرّف‌ بالاموال‌، لانّ في‌ هذا النهج‌ ظلماً تسري‌ عدواه‌ تدريجيّاً فتتّسع‌ دائرته‌ ويسفر عن‌ ظلم‌ أكبر كظلم‌ الخلفاء الآخرين‌.

 ولو تقصّينا في‌ الامر مليّاً فسنجد أنّ شكوي‌ الناس‌ من‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ نابعة‌ من‌ قصورهم‌ الحضاري‌ّ وجدبهم‌ الفكري‌ّ. و دأب‌ الناس‌ علی الامتعاض‌ من‌ كلّ ما لا يتماشي‌ مع‌ أذواقهم‌ الشخصيّة‌ حتّي‌ لو ارتكز علی الواقع‌ وانسجم‌ مع‌ الحقيقة‌. وما وافق‌ طباعهم‌ واستجاب‌ لمشتهياتهم‌ النفسانيّة‌ ولذّاتهم‌ المادّيّة‌ فإنّهم‌ يرونه‌ حسناً حتّي‌ لو ارتكز علی البطلان‌ والإثم‌ ومنطق‌ القوّة‌، وعارض‌ الحقّ والحقيقة‌.

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ رسول‌ الله‌ لبريدة‌ حول‌ علی عليه‌ السلام‌

 ومن‌ الشكاوي‌ التي‌ أقاموها ضدّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ شكوي‌ بُرَيْدَة‌بن‌ حُصيْب‌ الاسْلَمِي‌ّ التي‌ جاء بها من‌ إلیمن‌ بتحريض‌ من‌ خالدبن‌ الوليد.

 وما جاء فيها أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أنفذ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلی‌ بني‌ زُبَيْدَة‌ وأمّره‌ علی المهاجرين‌، وذلك‌ بسبب‌ ارتداد عَمْرو بنِ مَعْدِي‌ كَرَب‌ [64] وغارته‌ علی قوم‌ بني‌ الحارِثِبنِ كَعْب‌، وفراره‌ إلی‌ إلیمن‌. وأرسل‌ خالد بن‌ الوليد في‌ طائفة‌ من‌ العرب‌، وأمره‌ أن‌ يقصد قوم‌ الجُعْفِي‌ّ، فإذا التقيا فأمير الناس‌ علی بنُ أبي‌ طالب‌.

 ولمّا ساروا بعض‌ المنازل‌، افترق‌ قوم‌ الجعفي‌ّ، الذين‌ قصدهم‌ خالد، فرقتين‌؛ فرقة‌ ذهبت‌ إلی‌ إلیمن‌، وفرقة‌ التحقت‌ ببني‌ زُبَيْد. وعندما عرف‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ هذا الامر، أشخص‌ رسولاً إلی‌ خالد، وأمره‌ أن‌ يتوقّف‌ عن‌ المسير حيثما كان‌ حتّي‌ يلحق‌ به‌، فلم‌ يلتفت‌ خالد، ومضي‌ في‌ طريقه‌. فأرسل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ خالد بن‌ سعيد بن‌ العاص‌ نائبه‌ علی الجيش‌ إلی‌ خالد بن‌ الوليد وأمره‌ أن‌ يعجّل‌ حتّي‌ يدركه‌، فيحول‌ بينه‌ وبين‌ المسير؛ ومضي‌ خالد بن‌ سعيد وأنجز مهمّته‌ وأوقف‌ خالداً مع‌ جيشه‌؛ ولمّا وصل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أغلظ‌ في‌ كلامه‌ مع‌ خالدبن‌ الوليد بسبب‌ مخالفته‌.

 وصل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلی‌ بني‌ زُبَيد، واستعدّ عمروبن‌ معدي‌كرب‌ للحرب‌، ثمّ انهزم‌ وأسلم‌ ثانية‌. وكانت‌ نساء تلك‌ القبيلة‌ وزوجته‌ قد أُسرن‌. ثمّ أُطلقن‌ بإسلامه‌؛ وكلّف‌ الإمام‌ خالد بن‌ سعيد لاخذ الزكاة‌ وجمع‌ الغنائم‌.

 قسّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الغنائم‌ خمسة‌ أقسام‌، ثمّ أقرع‌ ليفصل‌ سهم‌ الله‌ ويوزّع‌ الباقي‌. فكان‌ أوّل‌ سهم‌ وقعت‌ عليه‌ القرعة‌ هو سهم‌الله‌. وفيه‌ جارية‌ جميله‌ اصطفاها أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لنفسه‌. وشوهدت‌ آثار الغسل‌ علی رأسه‌ ووجهه‌. فلم‌ يطق‌ خالد بن‌ الوليد ذلك‌، وكتب‌ إلی‌ رسول‌ الله‌ كتاباً فصّل‌ فيه‌ ما شاهده‌ من‌ منغّصات‌ في‌ سفره‌ من‌ أميرالمؤمنين‌، وأرسله‌ مع‌ بُرَيْدَة‌ بن‌ حُصَيْب‌ الاَسْلَمِي‌ّ ليقرأه‌ علی رسول‌الله‌ ويؤيّد ما فيه‌ ويشهد عليه‌.

 فذهب‌ بُريدة‌ إلی‌ المدينة‌، وتشرّف‌ بحضوره‌ عند الرسول‌ الاكرم‌، وطفق‌ يعدّ ما شاهده‌ من‌ أعمال‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ كاصطفاء الجارية‌ من‌ سهم‌ الخمس‌ وغير ذلك‌.

 وقرأ عليه‌ كتاب‌ خالد مؤيّداً ما فيه‌، وقال‌: إن‌ رخّصت‌ يارسول‌الله‌ للناس‌ مثل‌ هذا، ذهب‌ فيئهم‌.

 فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ: يَا بُرَيْدَةُ! أَحْدَثْتَ نِفَاقاً! إنَّ علی بنَ أَبي‌ طَالِبٍ يَحِلُّ لَهُ مِنَ الفَي‌ء. مَا يَحِلُّ لِي‌؛ إنَّ علی بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ خَيْرُ النَّاسِ لَكَ وَلِقَومِكَ! وَخَيْرُ مَنْ أُخْلِفُ بَعْدِي‌ لِكَافَّةِ أُمَّتِي‌...! يَا بُرَيْدَةُ! اِحْذَرْ أَنْ تُبْغِضَ عَلِيَّاً فَيُبْغُضُكَ اللَهُ!

 قَالَ بُرَيْدَةُ: فَتَمنَّيْتُ أَنَّ الاَرْضَ انْشَقَّتْ لِي‌ فَسُخْتُ فِيهَا، وَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَهِ مِنْ سَخَطِ اللَهِ وَسَخَطِ رَسُولِهِ، يَا رَسُولَ اللَهِ! اسْتَغْفِرْ لِي‌ فَلَنْأُبْغِضَ عَلِيَّاً أَبَدَاً، وَلاَ أَقُولَ فِيهِ إلاَّ خَيْراً. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ النَّبِي‌ُّ. قَالَ بُرَيْدَةُ: فَصَارَ علی أَحَبَّ خَلْقِ اللَهِ بَعْدَ رَسُولِهِ إلی‌َّ. [65]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، محمّد علي‌ صبيح‌، ج‌ 4، ص‌ 1020؛ و«البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر سنة‌ 1351 ه، الطبعة‌ الاُولي‌، ج‌ 5، ص‌ 164؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ مصر، محمّد علي‌ صبيح‌، سنة‌ 1353 ه، واللفظ‌ للاخير.

[2] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، محمّد علي‌ صبيح‌، ج‌ 4، ص‌ 1020؛ و«البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر سنة‌ 1351 ه، الطبعة‌ الاُولي‌، ج‌ 5، ص‌ 164؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ مصر، محمّد علي‌ صبيح‌، سنة‌ 1353 ه، واللفظ‌ للاخير.

[3] ـ المُحَصَّب‌ موضع‌ فيما بين‌ مكّة‌ ومني‌، وهو إلي‌ مني‌ أقرب‌. وهو بطحاء مكّة‌، وهو خيف‌ بني‌ كنانة‌. وحدّه‌ من‌ الحَجون‌ ذاهباً إلي‌ مني‌. («معجم‌ البلدان‌»، باب‌ الميم‌ والحاء ومايليهما).

[4] ـ التنعيم‌ موضع‌ بمكّة‌ في‌ الحلّ. وهو بين‌ مكّة‌ وسرِف‌ علي‌ فرسخين‌ من‌ مكّة‌. («معجم‌ البلدان‌» باب‌ التاء والنون‌ ومايليهما).

[5] ـ جاء في‌ «كامل‌ التواريخ‌» ج‌ 5، ص‌ 164: أعمرها تطييباً لقلبها كما جاء مصرّحاً به‌ في‌ الحديث‌.

[6] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌»؛ ج‌ 3، ص‌ 306؛ و «سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 5، ص‌ 95؛ و «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» ج‌ 4، ص‌ 1020؛ و «تاريخ‌ الطبري‌ّ» طبعة‌ دار المعارف‌، ج‌ 3، ص‌ 148؛ و «الطبقات‌» لابن‌ سعد، طبعة‌ دار صادر، بيروت‌، ج‌ 2، ص‌ 189، واللفظ‌ للاوّل‌.

[7] ـ جاء في‌ «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» طبعة‌ بيروت‌ 1379 ه، ج‌ 2، ص‌ 109؛ فلمّا رأي‌ البيت‌ رفع‌ يديه‌ فوق‌ زمام‌ ناقته‌ وبدأ بالطواف‌ قبل‌ الصلاة‌.

[8] ـ «سنن‌ البيهقي‌ّ» طبعة‌ حيدر آباد الدكن‌، سنة‌ 1352 ه، الطبعة‌ الاُولي‌، ج‌ 5، ص‌ 73؛ و«السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 294؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 152؛ و «الطبقات‌» لابن‌سعد، ج‌ 2، ص‌ 173؛ واللفظ‌ لـ «السيرة‌ الحلبيّة‌».

[9] ـ «سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 5، ص‌ 74؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 294؛ و«الكافي‌» ï ïالفروع‌، طبعة‌ الحيدري‌، طهران‌، ج‌ 4: ص‌ 250.

[10] ـ «سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 5، ص‌ 75؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 155.

[11] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 294؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 159 واللفظ‌ للاوّل‌ وجاء في‌ «البداية‌»: وإلاَّ فَكَبِّرْ وامْضِ.

[12] ـ الا´ية‌ 158، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[13] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 295؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 160؛ و «الكافي‌» طبعة‌ الحيدري‌، طهران‌، الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 249؛ واللفظ‌ للاوّل‌.

[14] ـ موضع‌ بين‌ الصفا والمروة‌ ويعرف‌ بالمَسْعَي‌. وكان‌ وادياً أيّام‌ النبيّ، وقسم‌ منه‌ مسيل‌ وسطحه‌ أعمق‌ من‌ المواضع‌ الاُخري‌ بين‌ الصفا والمروة‌. وكانت‌ هرولة‌ رسول‌ الله‌ ورَمَله‌ في‌ بطن‌ هذا المسيل‌.

[15] - هرولة.

[16] ـ «سنن‌ البيهقي‌ّ» طبعة‌ حيدر آباد الدكن‌، سنة‌ 1352 ه، الطبعة‌ الاُولي‌، ج‌ 5، ص‌ 93 و 94؛ و «السيرة‌ الحلبية‌» ج‌ 3، ص‌ 295؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 160؛ ï ïو«روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌، ج‌ 2 ضمن‌ ذكر حجّة‌ الوداع‌؛ و «الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌» مطبعة‌ الكيلاني‌ّ بالقاهرة‌، ج‌ 1، ص‌ 209 و 210.

[17] ـ الا´ية‌ 196، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[18] ـ الا´ية‌ 97، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[19] ـ جاء في‌ «فروعِ الكافي‌» ج‌ 4، ص‌ 248 و 249 عن‌ الحَلَبي‌ّ، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ ï ïعليه‌السلام‌: وَأَحْرَمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِالْحَجِّ لاَ يَنْوُونَ عُمْرَةً وَلاَ يَدْرُونَ مَا الْمُتْعَةُ ـ الحديث‌.

[20] ـ جاء في‌ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 295 عن‌ «صحيح‌ مسلم‌»: أنّ سبب‌ نزول‌ قوله‌ تعالي‌: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن‌ شَعَآنءِرِ اللَهَ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ أَن‌ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. هو أنّ المهاجرين‌ في‌ الجاهليّة‌ كانوا يهلّون‌ بصنمين‌ علي‌ شطّ البحر يقال‌ لهما: أساف‌ ونائلة‌. ثمّ يجيئون‌ فيطوفون‌ بين‌ الصفا والمروة‌، ثمّ يحلقون‌. فلمّا جاءهم‌ الاءسلام‌ كرهوا أن‌ يطّوّفوا بين‌ الصفا والمروة‌، يرون‌ أنّ ذلك‌ من‌ أمر الجاهليّة‌. فأنزل‌ الله‌ تعالي‌ هذه‌ الا´ية‌. وقيل‌ إنّ سبب‌ نزولها أنّ الانصار كانوا في‌ الجاهليّة‌ يهلّون‌ لمناة‌، وكان‌ من‌ أحرم‌ بمناة‌ لايطّوّف‌ بين‌ الصفا والمروة‌، وأنـّهم‌ سألوا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ عن‌ ذلك‌ حين‌ أسلموا، فأنزل‌ الله‌ تعالي‌: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن‌ شَعَآنءِرِ اللَهِ ـ الا´ية‌.

[21] ـ جاء في‌ «علل‌ الشرائع‌» طبعة‌ المكتبة‌ الحيدريّة‌، النجف‌، ص‌ 414 ضمن‌ رواية‌ فضيل‌بن‌ عيّاض‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌... فلمّا طاف‌ ] رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ [ بالبيت‌ وبالصفا والمروة‌، أمره‌ جبرئيل‌ عليه‌ السلام‌ أن‌ يجعلها عمرة‌ إلاّ من‌ كان‌ معه‌ هدي‌، فهو محبوس‌ علي‌ هديه‌ لا يحلّ لقوله‌ عزّ وجلّ: حَتَّي‌' يَبْلُغَ الْهَدي‌ُ مَحِلَّهُ. فجمعت‌ له‌ العمرة‌ والحجّ وكان‌ خرج‌ علي‌ خروج‌ العرب‌ الاُول‌ لانّ العرب‌ كانت‌ لا تعرف‌ إلاّ الحجّ وهو في‌ ذلك‌ ينتظر امر الله‌ تعالي‌ وهو يقول‌ عليه‌ السلام‌: الناس‌ علي‌ أمر جاهليّتهم‌ إلاّ ما غيّره‌ الاءسلام‌. وكانوا ] أي‌ العرب‌ في‌ الجاهليّة‌ [ لا يرون‌ العمرة‌ في‌ أشهر الحجّ، فشقّ علي‌ ï ïأصحابه‌حين‌ قال‌: «اجعلوها عمرة‌» لانـّهم‌ كانوا لا يعرفون‌ العمرة‌ في‌ أشهر الحجّ... قلت‌: أفيعتدّ بشي‌ء من‌ أمر الجاهليّة‌؟! فقال‌: إنّ أهل‌ الجاهليّة‌ ضيّعوا كلّ شي‌ء من‌ دين‌ إبراهيم‌ عليه‌ السلام‌ إلاّ الختان‌ والتزويج‌ والحجّ، فإنّهم‌ تمسّكوا بها ولم‌ يضيّعوها.

[22] ـ انظر: «حبيب‌ السير» مطبعة‌ الحيدري‌، طهران‌، ج‌ 1، ص‌ 409؛ و «روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌، ج‌ 2، حجّة‌ الوداع‌؛ وتفسير «الدرّ المنثور» طبعة‌ بيروت‌، دار المعرفة‌، ج‌ 1، ص‌ 216.

[23] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 295؛ و «سنن‌ البيهقي‌ّ»، طبعة‌ حيدر آباد الدكن‌، ج‌ 5، ص‌ 95، واللفظ‌ للاوّل‌.

[24] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 296؛ و «الطبقات‌» لابن‌ سعد، طبعة‌ دار صادر، بيروت‌ ج‌ 2، ص‌ 187 و 188؛ و«سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 5، ص‌ 95.

[25] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 296.

[26] ـ «الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌» ج‌ 1، ص‌ 210؛ وجاء في‌ كتاب‌ «حياة‌ محمّد» طبعة‌ مطبعة‌ مصر، سنة‌ 1354 ه، تأليف‌ محمّد حسنين‌ هيكل‌، ص‌ 460 و 461: ثمّ نادي‌ محمّد في‌ الناس‌ أن‌ لا يبق‌ علي‌ إحرامه‌ من‌ لا هدي‌ معه‌ ينحره‌. وتردّد بعضهم‌ فغضب‌ النّبي‌ّ لهذا التردّد أشدّ الغضب‌ وقال‌: ما آمركم‌ به‌ فافعلوه‌! ودخل‌ قُبَّته‌ مغضباً فسألته‌ عائشة‌: من‌ أغضبك‌؟ فقال‌: وما لي‌ لا أغضب‌ وأنا آمر أمراً فلا يتّبع‌! ودخل‌ أحد أصحابه‌ وما يزال‌ غضبان‌، فقال‌: من‌ أغضبك‌ يا رسول‌ الله‌، أدخله‌ الله‌ النار! فكان‌ جواب‌ الرسول‌: أو ما شعرت‌ أنّي‌ أمرت‌ الناس‌ بأمر فإذا هم‌ فيه‌ يتردّدون‌؟ ولو أنـّي‌ استقبلت‌ من‌ أمري‌ ما استدبرت‌، ما سقت‌ الهدي‌ معي‌ حتّي‌ أشتريه‌؛ ثمّ أُحلّ كما حلّوا؛ كذلك‌ روي‌ مسلم‌. فلمّا بلغ‌ المسلمين‌ غضب‌ رسول‌ الله‌ حلّ الاُلوف‌ من‌ الناس‌ إحرامهم‌ علي‌ أسفٍ منهم‌.

[27] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 296؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 166؛ واللفظ‌ للاوّل‌.

[28] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 297؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 166؛ و «الطبقات‌ الكبري‌» لابن‌ سعد، ج‌ 2، ص‌ 188؛ و «علل‌ الشرائع‌» ص‌ 414. وجاء في‌ هذا الكتاب‌ أنّ سراقة‌ قال‌: يَا رَسُولَ اللَهِ عَلِّمْنَا دِينَنَا فَكَأَنـَّا خُلِقْنَا الْيَوْمَ... إلي‌ آخره‌؛ و «الكافي‌» المطبعة‌ الحيدريّة‌، الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 249؛ و «سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 5، ص‌ 95.

[29] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 297؛ و «الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌» ج‌ 1، ص‌ 210.

[30] ـ «إعلام‌ الوري‌» مطبعة‌ الحيدري‌، طهران‌، ص‌ 138؛ و «علل‌ الشرائع‌» طبعة‌ النجف‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌، ص‌ 413؛ و «الكافي‌» مطبعة‌ الحيدري‌، طهران‌، الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 249، وكذلك‌ ص‌ 246.

[31] ـ «الاءرشاد» للشيخ‌ المفيد، الطبعة‌ اللحجريّة‌، ص‌ 94 و 95؛ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 664، طبعة‌ كمباني‌، عن‌ «علل‌ الشرائع‌» و «تفسير الإمام‌» و «الاءرشاد».پ

[32] ـ النصف‌ الثاني‌ من‌ الا´ية‌ 196، من‌ سورة‌ 2: البقرة‌.

[33] ـ «البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر الاُولي‌، سنه‌ 1351 ه، مطبعة‌ السعادة‌، ج‌ 5، ص‌ 166.

[34] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 166. وجاء في‌ «الطبقات‌ الكبري‌» لابن‌ سعد، طبعة‌ دار صادر، بيروت‌، سنة‌ 1376 ه، ج‌ 2، ص‌ 175 قوله‌: فلبست‌ القمص‌ وسطعت‌ المجامر ونكحت‌ النساء.

[35] ـ روي‌ في‌ «عيون‌ أخبار الرضا» طبعة‌ انتشارات‌ جهان‌، ج‌ 2، ص‌ 84 الحديث‌ 24 بسنده‌ عن‌ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليهما السلام‌ قال‌: إنَّ عَليّاً عليه‌ السلام‌ لم‌ يبت‌ بمكّة‌ بعد إذ هاجر منها حتّي‌ قبضه‌ الله‌ عزّ وجلّ إليه‌. قال‌: قلت‌ له‌: ولم‌ ذاك‌؟ قال‌: كان‌ يكره‌ أن‌ يبيت‌ بأرض‌ قد هاجر منها: (و في‌ نسخة‌: قد هاجر منها رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌). وكان‌ يصلّي‌ العصر، ويخرج‌ منها ويبيت‌ بغيرها. وذكر هذه‌ الرواية‌ في‌ «علل‌ الشرائع‌» ص‌ 452 إلاّ أنـّه‌ أتي‌ بلفظ‌ قد هاجر منها رسول‌ الله‌. وجاء في‌ «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 112، طبعة‌ بيروت‌ سنة‌ 1379 ه ] فرغ‌ رسول‌ الله‌ من‌ حجّه‌ [ ولم‌ ينزل‌ مكّة‌. وقيل‌ له‌ في‌ ذلك‌: لو نزلت‌ يا رسول‌ الله‌ بعض‌ منازلك‌! فقال‌: ما كنت‌ لانزل‌ بلداً أُخرجت‌ منه‌.

[36] ـ جاء في‌ «الاءرشاد» للشيخ‌ المفيد، ص‌ 93، ] أنّ رسول‌ الله‌ قال‌ لامير المؤمنين‌ [: بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِي‌ّ؟! فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إنَّكَ لَمْ تَكْتُبْ لِي‌ ï ï إهلاَلك‌وَلاَعَرّفْتَنيه‌ فَعَقْدتُ نِيَّتِي‌ بِنيَّتِكَ فَقُلْتُ: اللَهُمَّ إهْلاَلاً كَإهْلاَلِ نَبِيِّكَ، ومن‌ هذا يستنتج‌ أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كتب‌ إلي‌ أمير المؤمنين‌ رسالة‌ إلاّ أنـّه‌ لم‌يذكر فيها كيفية‌ الاءهلال‌.

[37] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1383 ه، ج‌ 4، ص‌ 1021؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 297؛ و «البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1351 ه، ج‌ 5، ص‌ 167؛ و«تاريخ‌ الطبري‌ّ» طبعة‌ دار المعارف‌، ج‌ 3، ص‌ 148 و 149؛ و «الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌» مطبعة‌ الكيلاني‌، مصر، ج‌ 2، ص‌ 210؛ و «حبيب‌ السير» ج‌ 1، ص‌ 410؛ و «روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌، ج‌ 2، حجّة‌ الوداع‌؛ و «الكافي‌»، الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 249.

[38] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 297؛ و «الطبقات‌ الكبري‌» ج‌ 2 ص‌ 188؛ و«الكامل‌ في‌ التاريخ‌» ج‌ 2، ص‌ 302؛ و «مروج‌ الذهب‌» طبعة‌ دار الاندلس‌، ج‌ 2، ص‌ 290؛ واللفظ‌ للسيرة‌ الحلبيّة‌.

[39] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» ج‌ 4، ص‌ 1021؛ و «تاريخ‌ الطبري‌ّ» طبعة‌ دار المعارف‌ ج‌ 3، ص‌ 149، واللفظ‌ للاوّل‌.

[40] ـ «البداية‌ والنهاية‌» الطبعة‌ ج‌ 5، ص‌ 167 و 168؛ و «الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌» ج‌ 2، ص‌ 211؛ واللفظ‌ للاوّل‌.

[41] ـ «الكافي‌» الفروع‌، الطبعة‌ الحيدريّة‌، ج‌ 4، ص‌ 248؛ و «البداية‌ والنهاية‌» الطبعة‌ الاُولي‌، مطبعة‌ السعادة‌ بمصر. ج‌ 4، ص‌ 188؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ محمّد علي‌ ï ïصبيح‌ سنة‌ 1353 ه؛ ج‌ 3، ص‌ 303.

[42] ـ «علل‌ الشرائع‌» ص‌ 413؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 297؛ و «الكافي‌» الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 249.

[43] ـ «الكافي‌» الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 247.

[44] ـ «الاءرشاد» الطبعة‌ الحجريّة‌ ص‌ 93؛ و «الكافي‌» الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 247؛ و«بحار الانوار» طبعة‌ الكمباني‌، ج‌ 6، ص‌ 663؛ نقلاً عن‌ «علل‌ الشرائع‌» و «تفسير الإمام‌»، و«الاءرشاد».

[45] ـ «إعلام‌ الوري‌ بأعلام‌ الهدي‌» طبعة‌ مطبعة‌ الحيدري‌ ـ طهران‌. ص‌ 138؛ و«الكافي‌» الفروع‌، ج‌ 4، ص‌ 250؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 188؛ و «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» طبعة‌ دار صادر، بيروت‌، ج‌ 2، ص‌ 109؛ و «الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌» طبعة‌ مصر، مطبعة‌ الكيلاني‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 214.

[46] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» ج‌ 4، ص‌ 1021؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 296؛ و «إعلام‌ الوري‌» ص‌ 138؛ و «حبيب‌ السير» ج‌ 4، ص‌ 410؛ و «روضة‌ الصفا» ج‌ 2، حجة‌ الوداع‌. واللفظ‌ للاوّلين‌.

[47] ـ جاء في‌ «تذكرة‌ الخواصّ» الطبعة‌ الحجريّة‌، القطع‌ الرحلي‌ّ، لسبط‌ ابن‌ الجوزي‌ّ، ص‌ 14، عن‌ أحمد بن‌ حنبل‌ في‌ «الفضائل‌» بسنده‌ عن‌ أسماء بنت‌ عميس‌، تقول‌: سمعت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يقول‌: اللَهُمَّ إنِّي‌ أَقُولُ كَما قَالَ أخي‌ مُوسي‌: وَاجْعَلْ لِي‌ وَزِيراً مِنْ أَهْلِي‌ عَلِيَّاً أَشدُدْ بِه‌ أَزْرِي‌، وَأَشْرِكْهُ فِي‌ أَمْرِي‌ كَي‌ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً.

[48] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 5، ص‌ 297؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 168.

[49] انطوت علی الاحقاد.

[50] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 106، 208، 209؛ و «تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 3، ص‌ 149.

[51] ـ «الاءرشاد» للشيخ‌ المفيد، الطبعة‌ الحجريّة‌، ص‌ 94.

[52] ـ «إعلام‌ الوري‌» ص‌ 138.

[53] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، مطبعة‌ المدني‌ّ سنه‌ 1383 ه، ج‌ 4، ص‌ 1022؛ و«البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 209.

[54] ـ «الكامل‌ في‌ التاريخ‌» ج‌ 2، ص‌ 301؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 209؛ ونقل‌ في‌ «ينابيع‌ المودّة‌» طبعة‌ إسلامبول‌ سنة‌ 1301 ه، ص‌ 216 هذه‌ العبارة‌ بتخريج‌ أحمدبن‌ حنبل‌، وقال‌: وعن‌ كعب‌ بن‌ عُجْرة‌ مرفوعاً: إِنَّ عَلِيّاً مَخْشُونٌ فِي‌ ذَاتِ اللَهِ تَعالَي‌. أخرجه‌ أبوعمر، ثمّ قال‌: (شرح‌ لاخشن‌: أي‌: اشتدّت‌ خشونته‌).

[55] ـ «تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 3، ص‌ 149، عن‌ طبعة‌ دار المعارف‌ بمصر و «مجمع‌ الزوائد» طبعة‌ بيروت‌، دار الكتاب‌. الطبعة‌ الثانية‌، سنة‌ 1967 م‌، ج‌ 9، ص‌ 129.

[56] ـ «حلية‌ الاولياء» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1351 ه، الطعبة‌ الاُولي‌. ج‌ 1، ص‌ 68. ونقل‌ شاه‌ ولي‌ّ الله‌ الدهلوي‌ّ الحديث‌ الاوّل‌ في‌ «إزالة‌ الخفاء» ج‌ 2، ص‌ 265، عن‌ الحاكم‌. ونقله‌ الهيتمي‌ّ أيضاً في‌ «مجمع‌ الزوائد» ج‌ 9، ص‌ 130؛ و «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» ج‌ 4، ص‌ 1022.

[57] ـ نفس‌ المصادر السابقة‌.

[58] ـ «تفسير أبي‌ الفتوح‌» طبعة‌ مظفّري‌، ج‌ 2، ص‌ 190 و 191. (بالفارسيّة‌).

[59] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 105؛ الطبعة‌ الاُولي‌، مطبعة‌ السعادة‌.

[60] ـ «إزالة‌ الخفاء» ج‌ 2، ص‌ 265؛ طبعة‌ باكستان‌ سنة‌ 1396 ه.

[61] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 106.

[62] ـ «البداية‌ والنهاية‌» الطبعة‌ الاُولي‌ بمصر، سنة‌ 1351 ه، مطبعة‌ السعادة‌، ج‌ 5، ص‌ 168.

[63] ـ «الاءرشاد» للشيخ‌ المفيد، الطبعة‌ الحجريّة‌، ص‌ 93 و 94.

[64] ـ كان‌ سبب‌ ارتداد عمرو بن‌ مَعْدي‌ كرب‌ هو أنـّه‌: نظر إلي‌ أبي‌ عثعث‌ الخثعمي‌ّ فأخذ برقبته‌ وأدناه‌ إلي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، فقال‌: أعدني‌ علي‌ هذا الفاجر الذي‌ قتل‌ والدي‌. فقال‌: «أهْدَرَ الاءسلاَمُ مَا كَانَ فِي‌ الجَاهِلِيَّةِ». ] وكان‌ أبو عثعث‌ قد أسلم‌، لذلك‌ لايجوز الاقتصاص‌ منه‌ بسبب‌ دم‌ معدي‌ كرب‌ الذي‌ سفكه‌ في‌ الجاهليّة‌. [ فانصرف‌ عمرو مرتدّاً. («إعلام‌ الوري‌» ص‌ 134؛ و «حبيب‌ السير» ج‌ 1، ص‌ 403؛ و «روضة‌ الصفا» ج‌ 2، في‌ ذكر توجّه‌ أمير المؤمنين‌ علي‌ّ إلي‌ اليمن‌).

[65] ـ «إعلام‌ الوري‌» الطبعة‌ الحيدريّة‌، ص‌ 134 و 135؛ و «حبيب‌ السير» الطبعة‌ الحيدريّة‌، ج‌ 1، ص‌ 404؛ و «روضة‌ الصفا» ج‌ 2، ضمن‌ ذكر توجّه‌ أمير المؤمنين‌ علي‌ّ عليه‌ السلام‌ إلي‌ اليمن‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com