بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد السادس / القسم الثانی :حجة الوداع

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

كيفيّة‌ حجّ رسول‌ الله‌ قبل‌ الهجرة‌ ودعوة‌ رسول‌ الله‌ إلی‌ حجّة‌ الوداع‌

 وروي‌ الصدوق‌ في‌ « علل‌ الشرائع‌ » بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌السلام‌ أنّ سليمان‌ بن‌ مهران‌ قال‌: قلت‌ لجعفر بن‌ محمّد عليهما السلام‌: كم‌ حجّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌؟

 فقال‌: عشرين‌ مستتراً في‌ حجّه‌ يمرّ بالمِأزَمَينْ،[1] فينزل‌ فيبول‌.

 قال‌: ولِمَ كان‌ ينزل‌ هناك‌ فيبول‌؟!

 قال‌: لانـّه‌ أوّل‌ موضع‌ عبد فيه‌ الاصنام‌، ومنه‌ أُخذ الحجر الذي‌ نُحت‌ منه‌ هُبَلُ الذي‌ رمي‌ به‌ علی ] بن‌ أبي‌ طالب‌ [ من‌ ظهر الكعبة‌ لمّا علا ظهر رسول‌الله‌. فأمر ] رسول‌ الله‌ [ بدفنه‌ عند باب‌ بني‌ شيبة‌، فصار الدخول‌ إلی‌ المسجد من‌ باب‌ بني‌ شيبة‌ سنّة‌ لاجل‌ ذلك‌... [2]

 طبيعيّاً أنّ الإشكال‌ الذي‌ يبدو في‌ حجّات‌ رسول‌ الله‌ قبل‌ الهجرة‌ يتمثّل‌ في‌ شيئين‌:

 الاوّل‌:

من‌ حيث‌ المكان‌، وهو أنّ قريشاً كانوا لا يخرجون‌ من‌ الحرم‌ في‌ موسم‌ الحجّ، ولا يذهبون‌ من‌ المُزدَلَفة‌ إلی‌ عرفات‌ ضمن‌ أداء المناسك‌. ويقولون‌: إنّ قريشاً وهم‌ من‌ أعاظم‌ الناس‌ ينبغي‌ أن‌ لايخرجوا من‌ الحرم‌. ونحن‌ نعلم‌ أنّ الوقوف‌ في‌ عرفات‌ هو أحد أعمال‌ الحجّ.

 تفيدنا الروايات‌ هنا أنّ رسول‌ الله‌ كان‌ يذهب‌ إلی‌ عرفات‌ ضمن‌ حجّه‌؛ ويقف‌ مع‌ سائر الناس‌ الذين‌ يقفون‌ في‌ عرفات‌ من‌ غير قريش‌، ثمّ يأتي‌ المشعر الحرام‌ والمُزْدَلَفة‌.

 الثاني‌: من‌ حيث‌ الزمان‌، كان‌ العرب‌ في‌ الجاهليّة‌ يؤخّرون‌ زمن‌ الحجّ أيّاماً من‌ حساب‌ الشهور القمريّة‌ التي‌ عليها الاعمال‌، وذلك‌ ليقع‌ الحجّ في‌ جوّ معتدل‌ لطيف‌ دائماً. وقد عبّر القرآن‌ عن‌ هذا العمل‌ بالنَّسِي‌ء وذكر أنـّه‌ زيادة‌ في‌ الكفر. وفي‌ ضوء ذلك‌ فقد كان‌ الحجّ في‌ جميع‌ السنين‌ يقع‌ دائماً في‌ غير وقته‌ المحدّد له‌. ولم‌ يقع‌ في‌ وقته‌ المعيّن‌ إلاّ مرّة‌ واحدة‌ كلّ ثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌، إذ يطابق‌ زمان‌ الشهر الهلإلی‌ّ ووقته‌ المعيّن‌ في‌ النصف‌ الاوّل‌ من‌ شهر ذي‌ الحِجّة‌ الحرام‌. وهذه‌ المطابقة‌ كانت‌ فقط‌ في‌ السنة‌ التي‌ أدّي‌ فيها رسول‌ الله‌ حجّة‌ الوداع‌. وكما سنري‌، فإنّ رسول‌الله‌ أعاد الحجّ إلی‌ مجاريه‌ الطبيعيّة‌ وأعلن‌ وقته‌ المحدّد في‌ خطبته‌ بترك‌ النسي‌ء في‌ النصف‌ الاوّل‌ من‌ شهر ذي‌ الحِجَّة‌.

 من‌ هذا المنطلق‌، فلو كان‌ رسول‌ الله‌ قد أراد الحجّ مع‌ الناس‌ قبل‌ سنة‌ حِجَّة‌ الوَدَاع‌ بثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌، أي‌: قبل‌ نبوّته‌ بعشر سنين‌، فإنّه‌ يكون‌ قد أدّاه‌ في‌ غير وقته‌ المعيّن‌، وشمله‌ حكم‌ التأخير والنسي‌ء. وهو ممّا لايصدر عن‌ رسول‌ الله‌، لاسيّما وأنّ القرآن‌ يعتبر ذلك‌ كفراً. إذاً ينبغي‌ أن‌ نقول‌: إنّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يؤدّي‌ مناسك‌ الحجّ في‌ وقتها المقرّر.

 وفي‌ ضوء ذلك‌، مضافاً إلی‌ الرواية‌ التي‌ نقلناها عن‌ « علل‌ الشرائع‌ » فإنّ ثمّة‌ روايات‌ أُخري‌ تنصّ علی أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يحجّ خفية‌. وجاء ذلك‌ في‌ « الكافي‌ » عن‌ سَهْل‌، عن‌ ابن‌ فضّال‌، عن‌ عيسي‌ الفرّاء، عن‌ ابن‌ أبي‌ يعفور عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: حَجَّ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ حَجَّةً مُسْتَتِرَّةً كُلَّهَا، يَمُرُّ بِالْمِأْزَمَيْنِ فَيَنْزِلُ فَيَبُولُ. [3] وعلی هذا لا يبقي‌ إشكال‌ في‌ اختلاف‌ الموقف‌ أيضاً.

 ] قال‌ علی بن‌ برهان‌ الدين‌ الحلبي‌ّ [: الجمهور: فَرْضُ الحجّ كان‌ سنة‌ ستّ من‌ الهجرة‌. وصحّحه‌ الرافعي‌ّ في‌ باب‌ السِّيَر؛ وتبعه‌ النووي‌. [4] قيل‌ فُرض‌ سنة‌ تسع‌؛ وقيل‌ سنة‌ عشرـ انتهي‌. وبه‌ قال‌ أبو حنيفة‌ ومن‌ ثمّ إنّه‌ قال‌ بوجوبه‌ علی الفور؛ وقيل‌ فُرض‌ قبل‌ الهجرة‌ واستُغرب‌.[5]

 وأمّا ما نستنتجه‌ من‌ بعض‌ روايات‌ الخاصّة‌ التي‌ تدلّ علی أنّ رسول‌الله‌ علّم‌ المسلمين‌ أحكام‌ الدين‌ كلّها من‌ صلاة‌، وصيام‌، وزكاة‌. ولم‌يبق‌ منها إلاّ الحجّ والولاية‌ حيث‌ علّمهم‌ إيّاهما في‌ سفره‌ هذا؛ فشرح‌ لهم‌ مناسك‌ الحجّ كلّها وكرّر عليهم‌ ذلك‌. وعرّف‌ لهم‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ خطبه‌ بمكّة‌، وعرفات‌، ومني‌ بشكل‌ عامّ عن‌ طريق‌ وصيّته‌ بأهل‌ البيت‌؛ ونصبه‌ في‌ مقام‌ الولاية‌ والإمامة‌ بإذن‌ الله‌، وذلك‌ في‌ خطبة‌ غدير خمّ بشكل‌ خاصّ عن‌ طريق‌ التعريف‌ الشخصي‌ّ والشهودي‌ّ والوجداني‌ّ. وبذلك‌ أكمل‌ دين‌ الله‌ وأتمّ نعمته‌؛ لتنيد من‌ ذلك‌ أنّ وجوب‌ الحجّ كان‌ في‌ السنة‌ العاشرة‌ للهجرة‌.

 وفي‌ تلك‌ السنة‌، بدأ رسول‌ الله‌ نشاطاً خاصّاً متميّزاً منذ الاوّل‌ من‌ ذي‌ القعدة‌، فكتب‌ إلی‌ شتّي‌ الاطراف‌ والاعلام‌ من‌ المسلمين‌ يعلمهم‌ بعزمه‌ علی الحجّ والتحرّك‌ نحو بيت‌ الله‌ الحرام‌. [6] قال‌ الله‌ تعإلی‌:

 وَأَذِّن‌ فِي‌ النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعلی' كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن‌ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَـ'فِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَهِ فِي‌´ أيَّامٍ مَّعْلُومَـ'تٍ علی' مَا رَزَقَهُم‌ مِّن‌ بَهِيمَةِ الاْنْعَـ'مِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَآنءِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ. [7]

 وقال‌ الحسن‌، والجبائي‌ّ: إنّ هذه‌ الآية‌ خطاب‌ للنبي‌ّ؛ وجاء عن‌ أميرالمؤمنين‌، وابن‌ عبّاس‌، أنّ الخطاب‌ فيها لإبراهيم‌، وبه‌ قال‌ جمهور المفسّرين‌ واختاره‌ أبو مسلم‌. [8]

 ولمّا جاء في‌ الآية‌ التي‌ سبقت‌ الآيات‌ المذكورة‌ قوله‌: وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَ ' هِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن‌ لاَّ تُشْرِكْ بِي‌ شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي‌ لِلطَّآنءِفِينَ وَالْقَآنءِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود. وهذه‌ الآية‌ معطوفة‌ علی قوله‌: طَهِّرْ بَيْتِي‌، لذلك‌ نقول‌ إنّ المخاطب‌ هنا إبراهيم‌، وما قيل‌ إنّ المخاطب‌ هو رسول‌ الله‌ بعيد من‌ السياق‌. [9]

 وطبيعيّاً فإنّ رسول‌ الله‌ كان‌ يدعو الناس‌ إلی‌ الحجّ علی سبيل‌ الإعلان‌ علی هذا النداء، وكان‌ يقرع‌ أسماع‌ الناس‌ بأذان‌ الله‌ الصادر علی لسان‌ إبراهيم‌، فيبلغ‌ أمر الله‌ بهذه‌ الآية‌.

 تقاطر الناس‌ من‌ كلّ حدب‌ وصوب‌ تلقاء المدينة‌ المُنَوَّرة‌ ليحجّوا مع‌ رسول‌الله‌ ويتعلّموا منه‌ مناسك‌ الحجّ بلا فرق‌ بين‌ شيخهم‌ وشابّهم‌، ورجلهم‌ وامرأتهم‌، وغنيّهم‌ وفقيرهم‌. بل‌ كان‌ علی كلّ من‌ استطاع‌ سبيلاً أن‌ يبادر إلی‌ هذا السفر وليؤدّي‌ فريضة‌ الحجّ متشرّفاً برفقة‌ رسول‌ الله‌، وواجباً عليه‌ أن‌ يتأهّب‌ لذلك‌ بأي‌ّ نحو كان‌، وهكذا خرج‌ مع‌ رسول‌ الله‌ كلّ من‌ كان‌ مستطيعاً من‌ أهل‌ المدينة‌، إلاّ العجزة‌ والمرضي‌ ومن‌ جاء من‌ خارج‌ المدينة‌ مسافراً إلیها.

 يقول‌ صاحب‌ « السيرة‌ الحلبيّة‌ »: وعند خروجه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ للحجّ، أصاب‌ الناس‌ بالمدينة‌ الجُدَري‌ ( بضم‌ الجيم‌ وفتح‌ الدال‌ وبفتحهما ) أو حصبة‌ منعت‌ كثيراً من‌ الناس‌ من‌ الحجّ معه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌. [10] ومع‌ ذلك‌ كان‌ معه‌ جموع‌ لا يعلمها إلاّ الله‌ تعإلی‌. قيل‌: كانوا أربعين‌ ألفاً. وقيل‌: كانوا سبعين‌ ألفاً. وقيل‌: كانوا تسعين‌ ألفاً. وقيل‌: كانوا مائة‌ ألف‌ وأربعة‌ عشر ألفاً. وقيل‌: وعشرين‌ ألفاً. وقيل‌: كانوا أكثر من‌ ذلك‌. [11]

 يقول‌ ميرخواند البَلْخِي‌ّ: ساق‌ رسول‌ الله‌ ما يقارب‌ مائة‌ بَدَنةَ هديه‌ الخاصّ به‌، وأشعر إحداها وقلّدها بيده‌ المباركة‌، وجعل‌ عليها نَاجِيَةَ [12] بْنَ جُنْدُبْ، قال‌ ناجية‌: سألت‌ النبي‌ّ عن‌ إحدي‌ الإبل‌ إذا شارفت‌ الموت‌؟!

 قال‌: انحرها! ولطّخ‌ قلاّدتها بالدم‌، وأشعرها في‌ صفحة‌ سنامها الايمن‌. وليس‌ لك‌ ولاي‌ّ من‌ رفقائك‌ أن‌ تأكلوا منها. وكان‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قد أجلس‌ فَاطِمَة‌ عليها السلام‌ وجميع‌ أُمّهات‌ المؤمنين‌ في‌ الهوادج‌، وقد خصّص‌ بشرف‌ المرافقة‌. وفي‌ رواية‌ كان‌ في‌ ركابه‌ السماوي‌ّ مائة‌ ألف‌ وأربعة‌ عشر ألفاً. [13]

 ويقول‌ المؤرّخ‌ الشهير خواند مير غياث‌ الدين‌ الحسيني‌ّ: كان‌ معه‌ في‌ ذلك‌ السفر سَيِّدَةُ النِّساء فاطمة‌ الزهراء وأُمَّهات‌ المؤمنين‌، كلّهن‌ في‌ الهوادج‌، وسعد بالتلبية‌ معه‌ مائة‌ ألف‌ وأربعة‌ عشر ألفاً في‌ رواية‌، وفي‌ قول‌: مائة‌ وأربعة‌ وعشرون‌ ألفاً. [14]

 الرجوع الي الفهرس

أسماء آخر حجّة‌ رسول‌ الله‌

 وقيل‌ لهذه‌ الحجّة‌: حِجَّةُ البَلاَغ‌، وَحِجَّةُ الإسلام، وَحِجَّةُ الوَدَاعِ، [15]وحِجَّةُ التَّمامِ، وَحِجَّةُ الكَمَالِ. [16]

 أمّا حِجَّة‌ البَلاَغ‌ فلانـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يقول‌ في‌ خطبه‌ التي‌ كان‌ يلقيها علی المسلمين‌ ويستشهد الله‌ عليها. اللَهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟! [17]

 وأمّا حِجَّةُ الإسلام‌ فلانـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بيّن‌ للمسلمين‌ فيها أحكام‌ الحجّ وفقاً للتعإلیم‌ الإسلاميّة‌، عيّن‌ حدود عَرَفات‌ والمَشعر، ومِني‌، وبيّن‌ وجوب‌ الإفاضة‌ والتحرّك‌ من‌ عرفات‌ ليلة‌ عيد الاضحي‌، بعدما كان‌ المشركون‌ قد نسخوه‌ لقريش‌؛ وأعاد الحجّ إلی‌ وقته‌ الحقيقي‌ّ؛ وتطرّق‌ إلی‌ التأخير، وهو النسي‌ء المفضي‌ إلی‌ زيادة‌ في‌ الكفر، وتحدّث‌ عنه‌ بالتفصيل‌ مستدّلاً بالآية‌ الكريمة‌؛ واعتبر السعي‌ بين‌ الصفا والمروة‌ من‌ شعائر الله‌؛ وقد سعي‌ هو نفسه‌. ووضّح‌ الآداب‌ الاُخري‌ للحجّ كالطواف‌ والصلاة‌، ووجوب‌ حجّ التمتّع‌ لمن‌ كانت‌ بيوتهم‌ بعيدة‌ عن‌ مكّة‌، ووضّحه‌ بشكل‌ خاصّ، مع‌ التأكيد علی بقاء ذلك‌ الوجوب‌ حتّي‌ يوم‌ القيامة‌. وتحدّث‌ عن‌ كلّ ذلك‌ علی جبل‌ المروة‌ مفصّلاً بعد نزول‌ جبرائيل‌ بالوحي‌ الإلهي‌.

 وأمّا حِجَّةُ الوَدَاع‌ فلانـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ودّع‌ المسلمين‌ ضمن‌ الخطب‌ التي‌ كان‌ يلقيها عليهم‌؛ وقد تحقّق‌ هذا التوديع‌ بوفاته‌ بعد برهة‌ وجيزة‌، كانت‌ سبعين‌ يوماً بعد غدير خمّ، وثمانين‌ يوماً بعد خطبته‌ في‌ عرفات‌ ومِني‌؛ ودّع‌ الناس‌ وأوصاهم‌ بكتاب‌ الله‌: القرآن‌ الكريم‌، وعترته‌: أهل‌ بيته‌، وأنـّهما لا يفترقان‌، وهما ثقلان‌ لا يضلّ مَن‌ تمسّك‌ بهما.

 وأمّا حِجَّة‌[18] التَّمام‌ والإكمال‌ فلنزول‌ الآية‌ التي‌ تصرّح‌ بإكمال‌ الدين‌ وإتمام‌ النعمة‌ بعد خطبته‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ التي‌ أتحف‌ بها الناس‌ يوم‌ غدير خمّ، وللّه‌ الحمد حيث‌ كمل‌ الدين‌ وتمّت‌ نعمة‌ الله‌ علی عباده‌.

 الرجوع الي الفهرس

خروج‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ إلیمن‌ إلی‌ مكّة‌ للحجّ

 ومن‌ الطبيعي‌ّ أنـّه‌ لابدّ أن‌ يُعلم‌ بأنّ الحشد الغفير الذي‌ تحرّك‌ مع‌ رسول‌الله‌ من‌ مكّة‌ كان‌ مركّباً من‌ أهل‌ المدينة‌ خاصّة‌ والقري‌ المجاورة‌ لها؛ وازداد عددهم‌ بمن‌ جاء من‌ سائر الامكن‌ كإلیمن‌. وجاء أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ أبي‌ موسي‌ الاشعري‌ّ [19] من‌ إلیمن‌، والتحقا برسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ مكّة‌.

 وتوضيح‌ ذلك‌: أنّ رسول‌ الله‌ بعث‌ خالد بن‌ الوليد إلی‌ أهل‌ إلیمن‌، يدعوهم‌ إلی‌ الإسلام‌. فأقام‌ خالد مع‌ جيشه‌ ستّة‌ أشهر يدعوهم‌ إلی‌ الإسلام‌ فلم‌يجيبوه‌.[20]

 إلی‌ أن‌ بعث‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلیهم‌ مع‌ ثلاثمائة‌ نفر، وعقد له‌ لواءً، وعمّمه‌ بعمامة‌ لها ثلاث‌ ذوائب‌ معلّقة‌ من‌ طرفين‌، من‌ الامام‌ بمقدار ذراع‌، ومن‌ الخلف‌ بمقدار شبر؛ [21] وقال‌ له‌: إذا بلغت‌ ذلك‌ المكان‌ فاعقل‌ خالداً! فإن‌ أراد أحد ممّن‌ كان‌ مع‌ خالد أن‌ يعقب‌ معه‌ فاتركه‌. ولا تبدأ أهل‌ إلیمن‌ بقتال‌ إلاّإذابدأوك‌ به‌!

 وكان‌ هذا أوّل‌ جيش‌ يدخل‌ بلاد مَذْحِجْ علی هذا النسق‌ من‌ ناحية‌ نَجْرَان‌. [22] وفرّق‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الجيش‌ لاخذ الخمس‌ والغنائم‌، وجمع‌ مقداراً من‌ الغنائم‌، واستخلف‌ علی الغنائم‌ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْب‌ الاسْلَمِي‌ّ؛ [23] ثمّ دعاهم‌ إلی‌ الإسلام‌؛ فأبوا، وبدأوا بالرمي‌ وقذف‌ الحجارة‌.

 فنظّم‌ الإمام‌ جيشه‌، وسلّم‌ مَسْعُود بن‌ سَنَان‌ السُلَّمِي‌ّ لواءه‌؛ وحمل‌ عليهم‌ فقتل‌ منهم‌ عشريناً وهزم‌ الباقين‌.

 ولم‌ يلاحق‌ الفارّين‌، بل‌ دعاهم‌ إلی‌ الإسلام‌، فأجابوا مسرعين‌ وبايعوه‌. وأسلمت‌ قبيلة‌ هَمْدان‌ بدون‌ قتال‌، واستجابت‌ كلّها بمجرّد أن‌ قرأ عليهم‌ أميرالمؤمنين‌ كتاب‌ رسول‌ الله‌.

 وكتب‌ الإمام‌ إلی‌ رسول‌ الله‌ في‌ إسلام‌ هَمْدان‌. فلمّا بلغه‌ ذلك‌ سجد للّه‌ شكراً وقال‌ ثلاثاً: السَّلاَمُ علی هَمْدان‌؛ ثمّ تتابع‌ أهل‌ إلیمن‌ علی الإسلام‌ عقيب‌ إسلام‌ قبيلة‌ هَمْدان‌. [24]

 ثمّ أقرع‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لاخذ الخمس‌ من‌ الغنائم‌؛ وهكذا قسّمت‌ الغنائم‌ إلی‌ خمسة‌ أقسام‌. وكتب‌ علی سهم‌ أنـّه‌ سَهْم‌ الله‌. ولمّا أقرع‌، كان‌ سهم‌ الخمس‌ أوّل‌ ماخرج‌ من‌ السهام‌، فختمه‌ الإمام‌ ليوصله‌ إلی‌ النبي‌ّ؛ ثمّ وزّع‌ بقيّة‌ الغنائم‌ وهي‌ أربعة‌ أخماس‌ بين‌ أصحابه‌ وجنوده‌.

 وجاء في‌ « الإرشاد » للمفيد، و « علل‌ الشرائع‌ » للصدوق‌ أو « التفسير المنسوب‌ إلی‌ الإمام‌ العسكري‌ّ »: كاتب‌ ] رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ [ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالتوجّه‌ إلی‌ الحجّ من‌ إلیمن‌. ولم‌ يذكر له‌ نوع‌ الحجّ الذي‌ قد عزم‌ عليه‌... [25]

 وقسّم‌ علی ] عليه‌ السلام‌ [ علی أصحابه‌ بقيّة‌ المغنم‌، ثمّ قفل‌ ] راجعاً من‌ إلیمن‌ مع‌ عسكره‌ وسهم‌ الخُمس‌ من‌ الغنيمة‌ قاصدين‌ مكّة‌، فأحرموا في‌ الطريق‌ [ فوافي‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ بمكّة‌. [26]

 وكانت‌ حركة‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ من‌ المدينة‌ بعد صلاة‌ الظهر يوم‌ السبت‌ الخامس‌ والعشرين‌ من‌ ذي‌ القعدة‌؛ لانـّه‌ ـوفقاً للروايات‌ الكثيرة‌ـ تحرّك‌ لِخَمْسٍ بَقينَ مِنْ ذِي‌ الْقَعْدَةِ. [27] هذا أوّلاً، وثانياً: من‌ الثابت‌ أنّ إلیوم‌ الاوّل‌ من‌ شهر ذي‌ الحجّة‌ كان‌ يوم‌ الخميس‌، لإجماعهم‌ علی أنّ يوم‌ عرفة‌ الذي‌ خطب‌ فيه‌ رسول‌ الله‌ علی جبل‌ عرفات‌ كان‌ يوم‌ الجمعة‌ علی نحو إلیقين‌؛ لذلك‌ فإنّ الايّام‌ الخمسة‌ الباقية‌ ليوم‌ الخميس‌ وهو الاوّل‌ من‌ ذي‌ الحجّة‌ تدلّ علی أنـّه‌ سيكون‌ يوم‌ السبت‌. وغاية‌ الامر أنـّه‌ لايمكن‌ أن‌ يكون‌ شهر ذي‌ القعدة‌ ثلاثين‌ يوماً وذلك‌ أنّ يوم‌ السبت‌ سيكون‌ إلیوم‌ السادس‌ والعشرين‌، وفي‌ روايات‌ أنـّه‌ إلیوم‌ الخامس‌ والعشرون‌. ولايمكن‌ أن‌ نقول‌ إنّ خروج‌ رسول‌ الله‌ من‌ المدينة‌ كان‌ يوم‌ الجمعة‌. لانّ الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌ تفيد أنـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ صلّي‌ الظهر بالمدينة‌ أربعاً. [28]ولمّا كانت‌ صلاة‌ الظهر يوم‌ الجمعة‌ تقام‌ مع‌ الخطبتين‌، لذلك‌ لا يمكن‌ أن‌ تكون‌ أربع‌ ركعات‌؛ ومن‌ جهة‌ أُخري‌، لايمكن‌ أن‌ يكون‌ خروج‌ رسول‌ الله‌ في‌ يوم‌ الخميس‌، لانـّه‌ في‌ مثل‌ هذه‌ الحالة‌ ستبقي‌ ستّ ليال‌ من‌ شهر ذي‌ القعدة‌، لا خمس‌؛ وأمّا يوم‌ السبت‌ فقط‌ فإنـّه‌ يدلّ علی أنّ خمسة‌ أيّام‌ بقيت‌ لآخر الشهر.

 الرجوع الي الفهرس

كيفيّة‌ إحرام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌

 واغتسل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، ومشّط‌ شعره‌، وادّهن‌ ولبس‌ إزاره‌ ورداءه‌. وتحرّك‌ بعد صلاة‌ الظهر نحو ( ذي‌ الحُلَيفة‌ ) علی بعد فرسخ‌ واحد عن‌ المدينة‌، وصلّي‌ العصر هناك‌ قصراً، واستخلف‌ علی المدينة‌ أبَا دُجَانة‌ سِماك‌ بن‌ خَرَشَة‌ الساعِدِي‌ّ أو سِبَاع‌ بن‌ عُرفُطَة‌ الغِفَارِي‌ّ. [29]

 وأحرمت‌ فاطمة‌ الزهراء عليها السلام‌ مع‌ نساء النبي‌ّ في‌ ذي‌ الحُلَيفة‌؛ ولبّين‌ من‌ هناك‌؛ ولمّا كان‌ هذا الحجّ حجّ إفراد، ولم‌ يجلبن‌ معهنّ الهَدْي‌ ( بعيراً، أو بقرة‌ أو شاة‌ ) لذلك‌ كان‌ عقد إحرامهن‌ بالتلبية‌، ثمّ جلسن‌ في‌ الهوادج‌، وعزمن‌ علی الرحيل‌. وكانت‌ نساء النبي‌ّ التسع‌ كلهنّ حاضرات‌ في‌ ذلك‌ السفر.

 غير أنّ رسول‌ الله‌ جلب‌ معه‌ الهَدْي‌ وهو عبارة‌ عن‌ مائة‌ من‌ الإبل‌، أو ستّ وستّين‌، أو أربع‌ وستّين‌، أو ثلاث‌ وستّين‌. فيكون‌ المجموع‌ مائة‌ مع‌ الهدي‌ الذي‌ جلبه‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ إلیمن‌، ومقداره‌ ثلاثون‌ ونيف‌.

 وقد أشعر رسول‌ الله‌ إحدي‌ هذه‌ الإبل‌ التي‌ جلبها معه‌ وقلّدها بيده‌ الكريمة‌ في‌ ذي‌ الحُلَيفة‌. [30] وتولّي‌ إشعار بقيّة‌ الهدي‌ وتقليده‌ غيره‌. وصار عقد حجّه‌، وهو حجّ القران‌، بالإشعار والتقليد. ثمّ ركب‌ راحلته‌ القصواء وانطلق‌ فلمّا استوت‌علی البيداء، أهلّ:[31] لَبَّيْكَ! اَللَهُمَّ لَبَّيْك‌! لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك‌! إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْك‌! لاَ شَرِيكَ لَكَ! [32]

 وفي‌ ذي‌ الحُلَيْفة‌ ولدت‌ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْس‌[33] محمّداً من‌ زوجها أبي‌ بكر. [34] وأرسلت‌ إلی‌ رسول‌ الله‌ تطلب‌ منه‌ أن‌ يخبرها ماذا تفعل‌. فأمر رسول‌الله‌ أن‌ تحرم‌ وتلبّي‌! بعدما تحشو بنحو قطن‌ وتربط‌ طرفي‌ تلك‌ الخرقة‌ بشي‌ء تشدّه‌ في‌ وسطها، وتحرم‌. [35]

 قال‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: وكان‌ في‌ ولادتها البركة‌ للنساء لمن‌ ولدت‌ منهنّ أو طمثت‌...، يعملن‌ بما أمر به‌ رسول‌ الله‌ ويحرمن‌ من‌ غيرقدح‌ في‌ حجّهن‌.[36]

 دخلت‌ أسماء مكّة‌ علی تلك‌ الحالة‌. ولمّا انقضي‌ نفاسها والدم‌ لم‌ينقطع‌ بعد،... « فأَمرها رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أن‌ تطوف‌ بالبيت‌ وتصلّي‌ ولم‌ ينقطع‌ عنها الدَّم‌، ففعلت‌ ذلك‌ ». [37]

 الرجوع الي الفهرس

كيفيّة‌ حركة‌ رسول‌ الله‌ في‌ سفر حجّة‌ الوداع‌

 أجل‌، لقد توقّف‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ تلك‌ الليلة‌ في‌ ذي‌ الحليفة‌ لاجل‌ أسماء. [38] وتحرّك‌ في‌ صباحها ومعه‌ المسلمون‌. وما أروعه‌ من‌ منظر! جميع‌ المسلمين‌ يحيطون‌ بنبيّهم‌ العظيم‌ من‌ كلّ جهة‌ مغتسلين‌ محرمين‌، وهم‌ ما بين‌ فارس‌ وراجل‌، تراهم‌ علی امتداد البصر في‌ تلك‌ البيداء الشاسعة‌، ويصل‌ نداء التلبية‌ إلی‌ الاسماع‌ من‌ كلّ جهة‌. والقلوب‌ تعرج‌ هائمة‌ والهة‌ عشقاً لجذبات‌ ذلك‌ الاسم‌ الإلهي‌ّ الاعظم‌. وها هو رسول‌الله‌ يبعث‌ الحياة‌ في‌ أُمّته‌ وينفخ‌ فيها الروح‌ بجذبة‌ إلهيّة‌ مغناطيسيّة‌، وعبّأ تلك‌ الجموع‌ حفاة‌ مكشوفي‌ الرأس‌ في‌ ذلك‌ الوادي‌ الفسيح‌، ودفعها لتذوب‌ في‌ حبّ محبوبها الازلي‌ّ وبارئها السرمدي‌ّ، والكلّ يردّد بخشوع‌: لَبَّيْكَ اللَهُمَّ لَبَّيْك‌! لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك‌.

 يقول‌ أبو الفرج‌ بن‌ الجوزي‌ّ، عن‌ جعفر بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌ ] عليهما السلام‌ [ قال‌: قلت‌ لجَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ ] الاَنْصَارِي‌ّ [: أخبرني‌ عن‌ حجّة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌.

 فقال‌: إنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ مكث‌ تسع‌ سنين‌ لم‌يحجّ، ثمّ أُذِّنَ في‌ السنة‌ العاشرة‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ حاجّ. فقدم‌ المدينة‌ بشر كثيرون‌، وكلّ يريد أن‌ يأتمّ برسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، ويعمل‌ مثل‌ عمله‌.

 ] يقول‌ جابر [: فخرجنا معه‌ حتّي‌ أتينا ذا الحُلَيْفَة‌، فصلّي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ في‌ المسجد، ثمّ ركب‌ القصواء. حتّي‌ استوت‌ به‌ ناقته‌ علی البيداء، نظرتُ إلی‌ مدّ بصري‌ بين‌ يديه‌، بين‌ راكب‌ وماشٍ، وعن‌ يمينه‌ مثل‌ ذلك‌، وعن‌ يساره‌ مثل‌ ذلك‌، ومن‌ خلفه‌ مثل‌ ذلك‌.

 فأهلّ بالتوحيد «لَبَّيْكَ اَللَهُمَّ لَبَّيْك‌، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك‌، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْك‌ لاَ شَرِيكَ لَك‌». [39]

 ونجد ذلك‌ الرجل‌ العظيم‌ الحاكم‌ علی القلوب‌، والمسيطر علی الافئدة‌ والمهيمن‌ علی الارواح‌ قد جمع‌ تلك‌ الكتل‌ البشريّة‌ حوله‌ كالفراش‌ المبثوث‌، وجعلها تحترق‌ كالشمع‌ هائمة‌ في‌ عشق‌ الجمال‌ الازلي‌، وهو صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ علی ناقة‌ قصواء ليس‌ عليها إلاّ رحل‌ رثّ بالٍ ومعه‌ قطيفة‌ قد بليت‌ إلیافها لقدمها، ولا أدري‌ هل‌ تساوي‌ أربعة‌ دراهم‌ أو لا؟

 ونقل‌ ابن‌ كثير الدمشقي‌ّ، عن‌ الحافظ‌ أبي‌ بكر البزّار بسنده‌ عن‌ أنس‌ قال‌: إنَّ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِه‌ [ وَسَلَّمَ حَجَّ علی رَحْلٍ رَثٍّ وَتَحْتَهُ قَطيفَةٌ، وَقَالَ: حِجَّةٌ لاَ رِيَاءَ فِيهَا وَلاَ سُمْعَةُ. [40]

 وذكر الحافظ‌ أبو يعلی الموصلي‌ّ، في‌ مسنده‌ من‌ وجه‌ آخر عن‌ أنس‌ ] بن‌ مالك‌ [ قال‌: حَجَّ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ علی رَحْلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةٍ تُسَاوي‌ ـأَو لاَ تُسَاوِي‌ـ أرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: «اللَهُمَّ حِجَّةٌ لاَ رِيَاءَ فِيهَا». [41]

 وينبغي‌ أن‌ يعلم‌ أنّ رسول‌ الله‌ الذي‌ يحجّ علی رحل‌ رثّ وقطيفة‌ لاقيمة‌ لها يسوق‌ معه‌ مائة‌ من‌ الإبل‌ للهَدي‌ في‌ سبيل‌ الله‌ وإطعام‌ المساكين‌ والمعوزين‌، وينحرها كلّها، ويقسّمها علی الفقراء والمحتاجين‌؛ ويأمر أميرالمؤمنين‌ أن‌ لا يهب‌ جلودها وجلالها القصّاب‌! وأن‌ ينفقها جميعها في‌ سبيل‌ الله‌! فهو قدوتنا وأُسوتنا.

 لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي‌ رَسُولِ اللَهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن‌ كَانَ يَرْجُوا اللَهَ وَإلیوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللَهَ كَثيِرًا.[42]

 وأمّا أهل‌ الثراء الذين‌ يحجّون‌ منّا فإنّهم‌ لا ينحرون‌ أكثر من‌ شاة‌ واحدة‌ في‌ مِني‌؛ ولا أتذكّر أنّ أحداً منّا قد نحر بعيراً هناك‌، ولم‌أسمع‌ بذلك‌؛ مع‌ أنّ مصاريف‌ الذهاب‌ والإياب‌ باهظة‌، والثروة‌ طائلة‌ أيضاً.

 الرجوع الي الفهرس

 اعتراض‌ عائشة‌ علی رسول‌ الله‌

 جاء في‌ « السيرة‌ الحلبيّة‌ » عن‌ بعضهم‌ أنّ في‌ هذه‌ الحجّة‌ كان‌ جمل‌ عائشة‌ رضي‌ الله‌ عنها سريع‌ المشي‌ مع‌ خفّة‌ حمل‌ عائشة‌. وكان‌ جمل‌ صفيّة‌ ] إحدي‌ زوجات‌ النبي‌ّ [ بطي‌ء المشي‌ مع‌ ثقل‌ حملها، فصار يتأخّر الركب‌ بسبب‌ ذلك‌.

 فأمر صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ أن‌ يجعل‌ حمل‌ صفيّة‌ علی جمل‌ عائشة‌، وأن‌ يجعل‌ حمل‌ عائشة‌ علی جمل‌ صفيّة‌. فجاء صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ لعائشة‌ رضي‌ الله‌ عنها يستعطف‌ خاطرها، فقال‌ لها: يَا أُمَّ عَبْدِاللَهِ! حملك‌ خفيف‌ وجملك‌ سريع‌ المشي‌، وحمل‌ صفيّة‌ ثقيل‌ وجملها بطي‌ء فأبطأ ذلك‌ بالركب‌، فنقلنا حملك‌ علی جملها وحملها علی جملك‌ ليسير الركب‌!

 فقالت‌ له‌: إنّك‌ تزعم‌ أنـّك‌ رسول‌ الله‌؟!

 فقال‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌: أفي‌ شكّ أنـّي‌ رسول‌ الله‌ أنتِ يَا أُمَّ عَبْدِاللَهِ؟!

 قالت‌: فما لك‌ لا تعدل‌؟!

 قالت‌: فكان‌ أبو بكر عنه‌ فيه‌ حدّة‌، فلطمني‌ علی وجهي‌، فلامه‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌!

 فقال‌: أما سمعت‌ ما قالت‌؟!

 فقال‌: دَعْهَا فَإنَّ المَرْأةَ الغَيْرَاءَ لاَ تَعْرِف‌ أعلی الوَادِي‌ مِنْ أَسْفَلِهِ. [43]

 وعن‌ أحمد بن‌ حنبل‌ بإسناده‌ أنّ أسْمَاء بِنْتِ أِبي‌ بَكْرِ قالت‌: خرجنا مع‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ حجّاجاً حتّي‌ أدركنا بالعرج‌، نزل‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ فجلست‌ عائشة‌ إلی‌ جنب‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ وجلست‌ إلی‌ جنب‌ أبي‌، وكانت‌ زمالة‌[44] رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ وزمالة‌ أبي‌ بكر واحدة‌ مع‌ غلام‌ أبي‌بكر، فجلس‌ أبو بكر ينتظر أن‌ يطلع‌ عليه‌ فطلع‌ عليه‌ وليس‌ معه‌ بعيره‌ فقال‌: أين‌ بعيرك‌؟ فقال‌: أضللته‌ البارحة‌: فقال‌ أبو بكر: بعير واحد تضلّه‌؟ فطفق‌ يضربه‌ ورسول‌ الله‌ صلّي‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يبتسم‌ ويقول‌: « انظروا إلی‌ هذا المحرم‌ وما يصنع‌!». [45]

 فلمّا بلغ‌ بعض‌ الصحابة‌ أنّ زاملة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ ضلّت‌، جاء بحيْس‌ ] طعام‌ يعدّونه‌ من‌ الدقيق‌ والدهن‌ والتمر [ ووضعه‌ بين‌ يديه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ فقال‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ لابي‌ بكر وهو يغتاظ‌ علی الغلام‌: هوّن‌ عليك‌ يا أبا بكر! فإنّ الامر ليس‌ لك‌ ولاإلینا. وقد كان‌ الغلام‌ حريصاً علی أن‌ لا يضلّ بعيره‌، وهذا غذاء طيّب‌ قد جاء الله‌ به‌ وهو خلف‌ عمّا كان‌ معه‌.

 فأكل‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ وأبو بكر ومن‌ كان‌ يأكل‌ معهما حتّي‌ شبعوا. فأقبل‌ صَفْوَانُ بنُ الْمُعَطِّل‌ وكان‌ علی ساقة‌ القوم‌ والبعير معه‌ وعليه‌ الزاملة‌، حتّي‌ أناخه‌ علی باب‌ منزله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ فقال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ لابي‌ بكر: أنظر هل‌ تفقد شيئاً من‌ متاعك‌؟ فقال‌: ما فقدتُ شيئاً إلاّ قعْباً كنّا نشرب‌ فيه‌! فقال‌ الغلام‌: هذا القعْبُ معي‌.

 ولمّا بلغ‌ سعد بن‌ عُبادة‌ وابنه‌ قيس‌ أنّ زاملته‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ قد ضلّت‌، جاءا بزاملة‌ وقالا؛ أي‌ كلّ واحد منهما: يَا رَسُولَ اللَهِ؛ بلغنا أنّ زاملتك‌ ضلّت‌ الغداة‌، وهذه‌ زاملة‌ مكانها. فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌: قد جاء الله‌ بزاملتنا، فارجعا بزاملتكما بارك‌ الله‌ لكما. [46]

 الرجوع الي الفهرس

الاماكن‌ التي‌ قطعها رسول‌ الله‌ في‌ سفر الحجّ

 يقول‌ المقريزي‌ّ: أصبح‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يوم‌ الاحد بيَلَمْلَمْ، [47] ثمّ راح‌ فتعشّي‌ بشَرَف‌ السَّيَالَّةَ، وصلّي‌ هناك‌ المغرب‌ والعشاء. ثمّ صلّي‌ الصبح‌ بعِرْقَ الظبْيَة‌، ثمّ نزل‌ الرَّوْحَاء، ثمّ سار من‌ الرَّوْحاء فصلّي‌ العصر بالْمُنْصَرَف‌. وصلّي‌ المغرب‌ والعشاء بالمُتَعَشَّي‌، وتعشّي‌ به‌. وصلّي‌ الصبح‌ بالاثَايَة‌، وأصبح‌ يوم‌ الثلاثاء بالعَرْج‌، واحتجم‌ بلحي‌ جمل‌ [48] « و هو عقبة‌ الجُحْفَة‌ »، ونزل‌ السُقيَا يوم‌ الاربعاء. وأصبح‌ بالاَبْوَاء، وصلّي‌ هناك‌، ثمّ راح‌ من‌ الابواء ونزل‌ يوم‌ الجمعة‌ الْجُحْفَة‌، ومنها إلی‌ قُدَيْد وسبت‌ فيه‌، وكان‌ يوم‌ الاحد بُعسْفَان‌. ثمّ سار فلمّا كان‌ بالغَمِيمِ، اعترض‌ المشاة‌ فصفّوا صفوفاً، فشكوا إلیه‌ المشي‌، فقال‌: استعينوا بالنَّسَلان‌ ( مشي‌ سريع‌ دون‌ العدو ) ففعلوا، فوجدوا لذلك‌ راحة‌. وكان‌ يوم‌ الاثنين‌ بمَرّ الظَّهْران‌، فلم‌ يبرح‌ حتّي‌ أمسي‌ وغربت‌ له‌ الشمس‌ بسَرِف‌. فلم‌يصلّ المغرب‌ حتّي‌ دخل‌ مكّة‌، ولمّا انتهي‌ إلی‌ الثَّنِيَّتَيْن‌، بات‌ بينهما فدخل‌ مكّة‌ نهار الثلاثاء. [49]

 وجاء في‌ « الطبقات‌ » لابن‌ سعد أيضاً: وكان‌ يوم‌ الاثنين‌ بمَرّ الظَّهْران‌ فغربت‌ له‌ الشمس‌ بسِرف‌، ثمّ أصبح‌ فاغتسل‌، ودخل‌ مكّة‌ نهاراً.[50]

 ونحن‌ نعلم‌ طبعاً أنـّه‌ لمّا كان‌ يوم‌ الخميس‌ هو الاوّل‌ من‌ ذي‌ الحجّة‌، فإنّ دخوله‌ مكّة‌ سيكون‌ يوم‌ الثلاثاء السادس‌ من‌ ذي‌ الحجّة‌.

 فلمّا كان‌ ] رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ [ بِسَرِف‌ ] علی بعد ستّة‌ أميال‌ عن‌ مكّة‌ [ أمر الناس‌ أن‌ يحلّوا بعمرة‌ ] أن‌ يحوّلوا نيّتهم‌ عن‌ الحجّ إلی‌ العمرة‌ [ ويلبّوا بنيّة‌ العمرة‌؛ ويعتمروا إذا دخلوا مكّة‌ إلاّ من‌ ساق‌ الهدي‌ ] أضحية‌، سواء كانت‌ من‌ الإبل‌ أو من‌ البقر أو من‌ الضأن‌، فإنّهم‌ يظلّون‌ علی نيّة‌ الحجّ، ليوصلوا هَدْيهم‌ إلی‌ محلّه‌ بمِني‌. وينحرونه‌ هناك‌ [، وكان‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ وسلّم‌ [ قد ساق‌ الهدي‌ وناس‌ معه‌. [51]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ المِأزَم‌ هو المضيق‌ بين‌ جبلين‌، ولذلك‌ سمّي‌ الموضع‌ الذي‌ بين‌ عَرَفات‌ والمشعر، ويضيق‌ فيه‌ الطريق‌: المِأزَمَيْن‌.

 [2] ـ «علل‌ الشرائع‌» طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ في‌ النجف‌، ج‌ 2، ص‌ 450.

[3] ـ «فروع‌ الكافي‌» طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌، ج‌ 4، ص‌ 251، و ص‌ 252.

[4] ـ أيّد صاحب‌ «شذرات‌ الذهب‌» هذا القول‌ في‌ كتابه‌ المذكور، ج‌ 1، طبعة‌ مصر سنة‌ 1350، ص‌ 11 و 13.

[5] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ مصر سنة‌ 1353 ه، ج‌ 3، ص‌ 289. وذكره‌ ابن‌ كثير في‌ «البداية‌ والنهاية‌» الطبعة‌ الاُولي‌ بمصر ملخّصاً، ج‌ 5، ص‌ 109.

[6] ـ جاء في‌ «الكافي‌» الفروع‌، ج‌ 4 ص‌ 249 عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنـّه‌ قال‌: ذَكَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الحَجَّ، فَكَتَبَ إلي‌ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابُهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي‌ الاءسْلاَمِ أنَّ رَسُولَ اللَهِ يُريدُ الحَجَّ يُؤَذّنهم‌ بِذَلِكَ، لِيَحِجَّ مَنْ أَطَاقَ الحَجَّ.

[7] ـ الا´يات‌ 27 إلي‌ 29، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

 [8] ـ تفسير «مجمع‌ البيان‌» طبعة‌ صيدا، ج‌ 4، ص‌ 80.

[9] ـ «الميزان‌» ج‌ 14، ص‌ 404.

[10] ـ وقد قال‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ عند ذهابه‌: عُمْرَةٌ في‌ رَمَضَانَ تَعْدلُ حِجَّةً. أو قالَ: حِجَّةً مَعِي‌، أي‌ قال‌ ذلك‌ تطييباً لخواطر من‌ تخلّف‌، وصوّب‌ بعضهم‌ أنّ هذا إنّما قاله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ بعد رجوعه‌؛ أي‌ إلي‌ المدينة‌. قاله‌ لاُمّ سنان‌ الانصاريّة‌، لمّا قال‌ لها: ما منعك‌ أن‌ تكوني‌ حججت‌ معنا، وقالت‌: لنا ناضحان‌. حجّ أبو فلان‌، تعني‌ زوجها، وولدها علي‌ أحدهما، وكان‌ الا´خر نسقي‌ عليه‌ أرضاً لنا! وقال‌ ذلك‌ أيضاً لغيرها من‌ النسوة‌. قاله‌ لامِّ سليم‌، وأُمّ طَلْق‌ وأُمّ الهيثم‌. («السيرة‌ الحلبية‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1353، ج‌ 3، ص‌ 289.)

[11] ـ نفس‌ المصدر.

[12] ـ في‌ المصدر «ناحية‌»، وقد صحّحه‌ المؤلّف‌ ـانظر «تنقيح‌ المقال‌» للمامقاني‌ّ، ج‌ 3، ص‌ 265. (م‌ )

[13] ـ «روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌ بالقطع‌ الرحلي‌ّ، ج‌ 2، في‌ أوّل‌ قصّة‌ حجّة‌ الوداع‌.

[14] ـ «حبيب‌ السِّيَر» طبعة‌ حيدري‌، ج‌ 1، ص‌ 409.

[15] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1353 ه، ج‌ 3، ص‌ 288.

[16] ـ «السيرة‌» للسيّد أحمد زَيْنِي‌ دَحْلان‌، ج‌ 3، ص‌ 1 في‌ هامش‌ «السيرة‌ الحلبيّة‌».

[17] ـ يقول‌ المرحوم‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ «الغدير» هامش‌ ص‌ 9: الذي‌ نظنّه‌ «و ظنّ الالمعي‌ّ يقين‌» أنّ الوجه‌ في‌ تسمية‌ حجّة‌ الوداع‌ بالبلاغ‌ هو نزول‌ قوله‌ تعالي‌: «يَـ'´ـأَيـُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن‌ رَّبِّكَ» ـ الا´ية‌، كما أنّ الوجه‌ في‌ تسميتها بالتمام‌ والكمال‌ هو نزول‌ قوله‌ سبحانه‌: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌» ـ الا´ية‌.

[18] ـ حِجَّة‌ الوداع‌ وحجّة‌ الاءسلام‌ ـ بكسر الحاء ـ تدّل‌ علي‌ الهيئة‌. وما هو مشهور علي‌ ألسنة‌ الناس‌ أنـّها بفتح‌ الحاء، فهي‌ تدلّ علي‌ المرّة‌، وأنـّها خطأ شائع‌.

[19] ـ «سيرة‌ زيني‌ دحلان‌» في‌ هامش‌ «السيرة‌ الحلبيّة‌»، ج‌ 3، ص‌ 4.

[20] ـ «البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر، مطبعة‌ السعادة‌، سنة‌ 1351 ه، ج‌ 5، ص‌ 105.

[21] ـ «روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌ ج‌ 2، وقائع‌ السنة‌ العاشرة‌ للهجرة‌، ذكر توجّه‌ أميرالمؤمنين‌ وترجمته‌؛ و «حبيب‌ السِّيَر» طبعة‌ الحيدري‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 408.

[22] ـ جاء في‌ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1383 ه، مطبعة‌ المدني‌، ج‌ 4، ص‌ 109 قوله‌: وَبَعَثَ عَلِي‌َّ بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ رضوان‌ الله‌ عليه‌ إلَي‌ أهْلِ نَجْرَانَ لِيَجْمَعَ صَدَقَتَهُمْ، وَيَقْدم‌ عَلَيهِ بِجِزْيَتِهِمْ. وذكر الطبري‌ّ هذه‌ العبارة‌ بتفاوت‌ يسير في‌ اللفظ‌ في‌ تأريخه‌، ج‌ 3، طبعة‌ دار المعارف‌ بمصر الطبعة‌ الثانية‌، ص‌ 147. و «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1353 ه، ج‌ 3، 232 و 233.

[23] ـ بُرَيْدَة‌ بن‌ حُصَيْب‌ الاسلمي‌ّ، رئيس‌ وفد طائفة‌ أسلم‌ الذين‌ وفدوا علي‌ النبي‌ّ. ï ï«تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» طبعة‌ بيروت‌، سنة‌ 1379 ه، ج‌ 2، 79.

[24] ـ «الكامل‌ في‌ التاريخ‌» طبعة‌ بيروت‌ سنة‌ 1385 ه، لابن‌ الاثير، ج‌ 2 ص‌ 300؛ و«الاءرشاد» للمفيد، الطبعة‌ الحجريّه‌، ص‌ 33؛ و «إعلام‌ الوري‌» طبعة‌ المطبعة‌ الحيدري‌ّ، طهران‌، ص‌ 137.

[25] ـ «بحار الانوار» طبعة‌ كمباني‌، ج‌ 6، ص‌ 663.

[26] ـ «الطبقات‌ الكبري‌» لابن‌ سعد، طبعة‌ دار بيروت‌ سنة‌ 1405 ه، ج‌ 2، ص‌ 169 و 170.

[27] ـ «تاريخ‌ الطبري‌ّ» طبعة‌ مصر، مطبعة‌ دار المعارف‌، ج‌ 3، ص‌ 148؛ و «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، 1383 ه، ج‌ 4، ص‌ 1020؛ و «الطبقات‌» لابن‌ سعد، طبعة‌ دار بيروت‌، ج‌ 2، ص‌ 173؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1353، ج‌ 3، ص‌ 289؛ و«البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر، مطبعة‌ السعادة‌، سنة‌ 1351 الطبعة‌ الاُولي‌، ج‌ 5، ص‌ 111.

[28] ـ «البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر الاُولي‌، سنة‌ 1351 ه، ج‌ 5، ص‌ 111. عن‌ البخاري‌ّ ومسلم‌ والنسائي‌ّ، عن‌ أبي‌ قلابة‌، عن‌ أنس‌؛ وعن‌ أحمد، عن‌ إبراهيم‌ بن‌ ميسرة‌، عن‌ أنس‌.

[29] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، 1383 ه، ج‌ 4، ص‌ 1020؛ و «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 110؛ و «سيرة‌ زيني‌ دحلان‌» طبعة‌ مصر، محمّد علي‌ صبيح‌، سنة‌ 1353 ه، ج‌ 3، ص‌ 3.

[30] ـ الاءشعار هو عبارة‌ عن‌ طعن‌ البدنة‌ في‌ سنامها الايمن‌ ويلطّخونها بالدم‌ بحيث‌ يجري‌ الدم‌ علي‌ جانب‌ السنام‌ ليعرف‌ أنـّها هدي‌ مسوق‌ إلي‌ مكّة‌. والتقليد هو أن‌ يجعل‌ في‌ عنق‌ البدنة‌ أو البقرة‌ أو الشاة‌ خَلق‌ نعل‌ صلّي‌ بها الاءنسان‌ فيُعلَم‌ أنـّها هدي‌.

[31] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 117 إلي‌ 120.

[32] ـ «فروع‌ الكافي‌» طبعة‌ الحيدري‌ ـ طهران‌، ج‌ 4، ص‌ 250؛ و «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ مصر، 1353 ه، ج‌ 3، ص‌ 292؛ و «روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌ في‌ ضمن‌ بيان‌ حجّة‌ الوداع‌، ج‌ 2.

[33] ـ أسماء بِنتُ عُمَيْس‌ الخُثعَميّة‌ من‌ النساء العظيمات‌ والمكرّمات‌ في‌ الاءسلام‌. وهي‌ أُخت‌ ميمونة‌ زوج‌ النبي‌ّ. تزوّجها جعفر بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ في‌ السنة‌ الثانية‌ للهجرة‌. وفي‌ هجرتها معه‌ إلي‌ الحبشة‌ ولدت‌ له‌ عبد الله‌، وعَوْناً، ومُحَمّداً. وفي‌ السنة‌ السابعة‌ رجعت‌ معه‌ إلي‌ المدينة‌. استشهد جعفر في‌ موقعة‌ مؤتة‌ سنة‌ 8 ه فتزوّجها أبو بكر وولدت‌ له‌ محمّداً. ثمّ مات‌ عنها، فتزوّجها أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فولدت‌ له‌ يحيي‌. (ابن‌ عَبْد البرّ في‌ «الاستيعاب‌» طبعة‌ مكتبة‌ النهضة‌ ـ مصر، ج‌ 4 ص‌ 1785 ). وفي‌ ج‌ 4 ص‌ 1897 منه‌ يقول‌ ضمن‌ ترجمة‌ فاطمة‌ بنت‌ رسول‌ الله‌ عليهما السلام‌: أوصت‌ فاطمة‌ عليها السلام‌ أسماء قائلة‌: إذا أنا متُّ فاغسليني‌ أنتِ وعَلِي‌ّ! ولا تُدخلي‌ عَلِي‌ّ أحداً. فلمّا توفّيت‌، جاءت‌ عائشة‌ تدخل‌، فقالت‌ أسماء: لا تدخلي‌. فشكت‌ إلي‌ أبي‌ بكر، فقالت‌: إنّ هذه‌ الخثعميّة‌ تحول‌ بيننا وبين‌ بنت‌ رسول‌ الله‌. فجاء أبو بكر فوقف‌ علي‌ الباب‌، فقال‌: يا أسماء، ما حملك‌ علي‌ أن‌ منعت‌ أزواج‌ النبي‌ّ أن‌ يدخلن‌ علي‌ بنت‌ رسول‌ الله‌؟! فقالت‌: أمرتني‌ أن‌ لا يدخل‌ عليها أحد. فقال‌ أبو بكر: اصنعي‌ ما أمرتك‌. ثمّ انصرف‌. فغسّلها علي‌ّ عليه‌ السلام‌ وأسماء.

[34] ـ ينقل‌ في‌ «بحار الانوار» طبعة‌ كمباني‌، ج‌ 6، ص‌ 662. روايتين‌ في‌ هذا الموضوع‌ عن‌ «الكافي‌». و في‌ ص‌ 665 من‌ «إعلام‌ الوري‌» أيضاً.

[35] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 292؛ و «حبيب‌ السِّيَر» ج‌ 1، ص‌ 409؛ و«روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌ ج‌ 2. ضمن‌ بيان‌ حجّة‌ الوداع‌.

[36] ـ «فروع‌ الكافي‌» طبعة‌ مطبعة‌ الحيدري‌ ـ طهران‌، ج‌ 4، ص‌ 444 عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌.

[37] ـ «فروع‌ الكافي‌» ج‌ 4، ص‌ 449، عن‌ الباقر عليه‌ السلام‌.

[38] ـ «إعلام‌ الوري‌» طبعة‌ مطبعة‌ الحيدري‌ ـ طهران‌. ص‌ 137.

[39] ـ «الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌» طبعة‌ مطبعة‌ الكيلاني‌ّ، مصر، ج‌ 2، ص‌ 209؛ و«الطبقات‌» لابن‌ سعد، طبعة‌ دار صادر، بيروت‌، ج‌ 2، ص‌ 177؛ و «الكافي‌» الفروع‌، مطبعة‌ الحيدري‌، طهران‌. ج‌ 4، ص‌ 250.

[40] ـ «البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر، مطبعة‌ السعادة‌، سنة‌ 1351 ه، ص‌ 112 و 113 وذكرهما علي‌ّ بن‌ برهان‌ الدين‌ الحلبي‌ّ؛ الشافعي‌ّ في‌ «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ محمّد علي‌ صبيح‌ بمصر، سنة‌ 1353 ه، ج‌ 3، ص‌ 290؛ وكذلك‌ ذكرهما ابن‌ سعد في‌ «الطبقات‌ الكبري‌» ج‌ 2، ص‌ 177.

[41] ـ «البداية‌ والنهاية‌» طبعة‌ مصر، مطبعة‌ السعادة‌، سنة‌ 1351 ه، ص‌ 112 و 113 وذكرهما علي‌ّ بن‌ برهان‌ الدين‌ الحلبي‌ّ؛ الشافعي‌ّ في‌ «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ محمّد علي‌ صبيح‌ بمصر، سنة‌ 1353 ه، ج‌ 3، ص‌ 290؛ وكذلك‌ ذكرهما ابن‌ سعد في‌ «الطبقات‌ الكبري‌» ج‌ 2، ص‌ 177.

[42] ـ الا´ية‌ 21، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

[43] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 293.

[44] -الدابة من الابل یحمل علیها( المنجد ).

[45] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 113.

[46] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» طبعة‌ محمّد علي‌ صبيح‌ بمصر، سنة‌ 1353 ه، ج‌ 3، ص‌ 293.

[47] ـ يَلَمْلَمْ خطأ والصحيح‌ يَلْيَل‌، وذلك‌ كما قال‌ صاحب‌ «معجم‌ البلدان‌» يَلَمْلَمْ موضع‌ علي‌ ليلتين‌ من‌ مكّة‌، وهو ميقات‌ أهل‌ اليمن‌، و يَلْيَل‌ اسم‌ قرية‌ قرب‌ وادي‌ الصفراء من‌ أعمال‌ المدينة‌. شَرَفُ السَيَّالَة‌ بين‌ مَلَلْ والرَوْحَاء. و عِرْقُ الظُّبَية‌ موضع‌ بين‌ مكّة‌ والمدينة‌. و مُنْصَرَف‌ موضع‌ بين‌ مكّة‌ وبَدْر بينهما أربعة‌ برد. و أثاية‌ موضع‌ في‌ طريق‌ الْجُحْفَةَ بينه‌ وبين‌ المدينة‌ خمسة‌ وعشرون‌ فرسخاً؛ و العَرْج‌ عقبة‌ بين‌ مكّة‌ والمدينة‌ علي‌ جادّة‌ الحاجّ، تذكر مع‌ السُقْيا. و الْجُحْفَة‌ قرية‌ كبيرة‌ ذات‌ منبر علي‌ طريق‌ المدينة‌ من‌ مكّة‌ علي‌ أربع‌ مراحل‌... وبينها وبين‌ المدينة‌ ستّ مراحل‌؛ وبينها وبين‌ غدير خمّ ميلان‌. والسُقيا قرية‌ من‌ أعمال‌ فُرْع‌ بينهما وبين‌ الجُحْفَة‌ تسَعة‌عشر ميلاً. و الاَبْوَاء قرية‌ من‌ أعمال‌ ألْفُرع‌ من‌ المدينة‌ بينها وبين‌ الجحفة‌ ممّا يلي‌ المدينة‌ ثلاثة‌ وعشرون‌ ميلاً. و قُدَيْد اسم‌ موضع‌ قرب‌ مكّة‌. و القُسْفَانْ علي‌ مرحلتين‌ من‌ مكّة‌ علي‌ طريق‌ المدينة‌ والجُحفة‌ علي‌ ثلاث‌ مراحل‌. و الغَمِيْمِ وكُراعُ الغُمَيم‌ موضع‌ بين‌ مكّة‌ والمدينة‌ يقع‌ بين‌ رابِغ‌. و الجُحفة‌؛ و الظَّهران‌ واد قرب‌ مكّة‌ وعنده‌ قرية‌ يقال‌ لها: مَرّ، تضاف‌ إلي‌ هذا الوادي‌ فيقال‌: مَرُّ الظَّهْرَان‌؛ و سَرِفْ موضع‌ علي‌ ستّة‌ أميال‌ من‌ مكّة‌. («معجم‌ البلدان‌» حسب‌ الترتيب‌ الهجائي‌ّ). والمُتَعَشَّي‌ ليس‌ موضعاً كما يبدو، بل‌ هو اسم‌ مكان‌ من‌ الفعل‌ تَعَشَّي‌، أي‌: المكان‌ الذي‌ يؤكل‌ فيه‌ العشاء.

[48] ـ الحِجَام‌: شي‌ء يوضع‌ علي‌ فم‌ الجمل‌ حتّي‌ لا يعضّ ولا يهيج‌.

[49] ـ «الغدير» الطبعة‌ الثانية‌، دار الكتب‌ الاءسلاميّة‌، سنة‌ 1372 ه، ج‌ 1، ص‌ 9 و 10 عن‌ امتاع‌ المقريزي‌ّ، ص‌ 513 إلي‌ 517.

[50] ـ «الطبقات‌» لابن‌ سعد، ج‌ 2، ص‌ 173؛ و «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» طبعة‌ مصر، سنة‌ 1383 ه، ج‌ 4، ص‌ 1020.

[51] ـ «الكامل‌ في‌ التاريخ‌» لابن‌ الاثير، ج‌ 2، ص‌ 302؛ و «سيرة‌ ابن‌ هشام‌»، ج‌ 4، ص‌ 1020. واللفظ‌ للاوّل‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com