بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الثانی عشر / القسم السابع: علم علی علیه السلام، الامام و القرآن

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

تقدّم‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌

ثمّ عرض‌ ابن‌ أبي‌ الحديد شرحاً لفضائل‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌، إلی أن‌ قال‌:

 وأمّا الفصاحة‌، فهو عليه‌ السلام‌ إمام‌ الفصحاء وسيّد البلغاء. وفي‌ كلامه‌ قيل‌: دُونَ كَلاَمِ الخَالِقِ وَفَوْقَ كَلاَمِ المَخْلُوقِ. ومنه‌ تعلّم‌ الناس‌ الخطابة‌ والكتابة‌. قال‌ عبد الحميد بن‌ يحيي‌: حَفِظْتُ سَبْعِينَ خُطْبَةً مِنْ خُطَبِ الاَصْلَعِ، فَفَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ.

 وقال‌ ابن‌ نُباتة‌: حَفِظْتُ مِنَ الخِطَابَةِ كَنْزَاً لاَ يَزِيدُهُ الإنْفَاقُ إلاَّ سَعَةً وَكَثْرَةً، حَفِظْتُ مِائَةَ فَصْلٍ مِنْ مَوَاعِظِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ.

 ولمّا قال‌ مِحْفَن‌ بنُ أبي‌ مِحْفَن‌ لمعاوية‌: جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَعْيَا النَّاسِ، قال‌ له‌: وَيْحَكَ كَيْفَ يَكُونُ أَعْيَا النَّاسِ؟ فَوَاللَهِ مَا سَنَّ الفَصَاحَةَ لِقُرَيْش‌ غَيْرُهُ.

 ويكفي‌ هذا الكتاب‌ « نهج‌ البلاغة‌ » الذي‌ نحن‌ شارحوه‌ دلالة‌ علی أ نّه‌ لايُجَارَي‌ في‌ الفصاحة‌، ولا يبارَي‌ في‌ البلاغة‌. وحسبك‌ أ نّه‌ لم‌يدوّن‌ لاحد من‌ فصحاء الصحابة‌ العُشر، ولا نصف‌ العُشر ممّا دُوِّن‌ له‌. وكفاك‌ في‌ هذا الباب‌ ما يقوله‌ أبو عثمان‌ الجاحظ‌ في‌ مدحه‌ في‌ كتاب‌ « البيان‌ والتبيين‌ » وفي‌ غيره‌من‌كتبه‌.[1]

 ثمّ قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد بعد شرح‌ مشبع‌ تناول‌ فيه‌ سماحة‌ أخلاق‌ الإمام‌، وزهده‌، وعبادته‌:

 وأمّا قراءة‌ علی القرآن‌ واشتغاله‌ به‌، فهو المنظور إليه‌ في‌ هذا الباب‌. اتّفق‌ جميع‌ العلماء والفقهاء من‌ العامّة‌ والخاصّة‌ علی أ نّه‌ كان‌ يحفظ‌ القرآن‌ علی عهد رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، ولم‌ يكن‌ غيره‌ يحفظه‌. ثمّ هو أوّل‌ من‌ جمعه‌.

 نقلوا كلّهم‌ أ نّه‌ تأخّر عن‌ بيعة‌ أبي‌ بكر. فأهل‌ الحديث‌ لا يقولون‌ ما تقوله‌ الشيعة‌ من‌ أ نّه‌ تأخّر مخالفة‌ للبيعة‌، بل‌ يقولون‌: تشاغل‌ بجمع‌ القرآن‌. فهذا يدلّ علی أ نّه‌ أوّل‌ من‌ جمع‌ القرآن‌، لا نّه‌ لو كان‌ مجموعاً في‌ حياة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، لما احتاج‌ إلی أن‌ يتشاغل‌ بجمعه‌ بعد وفاته‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌.

 وإذا رجعتَ إلی كتب‌ القراءات‌، وجدتَ أئمّة‌ القرّاء كلّهم‌ يرجعون‌ إليه‌، كأبي‌عمروبن‌ العلاء، وعاصم‌ بن‌ أبي‌ النَّجود، وغيرهما. لا نّهم‌ يرجعون‌ إلی أبي‌ عبدالرحمن‌ السُّلَمِيّ القاري‌. وأبوعبدالرحمن‌ كان‌ تلميذه‌، وعنه‌ أخذ القرآن‌. فقد صار هذا الفن‌ من‌ الفنون‌ التي‌ تنتهي‌ إليه‌ أيضاً، مثل‌ كثير ممّا سبق‌. [2]

 هذه‌ مطالب‌ ذكرها ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ مقدّمة‌ شرحه‌ علی « نهج‌ البلاغة‌ » في‌ سياق‌ عدّه‌ سائرَ فضائل‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌.

 وأمّا ابن‌ شهرآشوب‌: فقد عقد فصلاً في‌ كتابه‌ « مناقب‌ آل‌ أبي‌ طالب‌ » تحت‌ عنـوان‌: في‌ المسـابقة‌ بالعلـم‌. وأحصـي‌ فيه‌ العلـوم‌ التـي‌ كان‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ سبّاقاً فيها. قال‌: أفلا يكون‌ ( علی عليه‌ السلام‌ ) أعلم‌ الناس‌، وكان‌ مع‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ البيت‌ والمسجد، يكتب‌ وحيه‌ ومسائله‌، ويسمع‌ فتاواه‌، ويسأله‌؟

 وروي‌ أ نّه‌ كان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ إذا نزل‌ عليه‌ الوحي‌ ليلاً لم‌يصبح‌ حتّي‌ يخبر به‌ عليّاً عليه‌ السلام‌. وإذا نزل‌ عليه‌ الوحي‌ نهاراً لم‌يُمسِ حتّي‌ يخبر به‌ عليّاً. ومن‌ المشهور إنفاقه‌ الدينار قبل‌ مناجاة‌ الرسول‌، وسأله‌ عن‌ عشر مسائل‌، فتح‌ له‌ منها ألف‌ باب‌، فتح‌ كلّ باب‌ ألف‌ باب‌. وفي‌ ذلك‌ قال‌ الشريف‌ الرضي‌ّ: [3]

يَا بَنِي‌ أَحْمَـدَ أُنَادِيكُـمُ اليَـوْمَ                    وَأَنْـتُــمْ غَـدَاً لِـرَدِّ جَـــوَابِـي‌

أَلْـفَ بَابٍ أُعطِيتُـمُ ثُـمَّ أَفْضَي‌                  كُلُّ بَابٍ مِنْهَـا إلی أَلْـفِ بَابِ

لَـكُـمُ الاَمْــرُ كُـلُّـهُ وَإلَـيْـكُـمْ                     وَلَدَيْكُمْ يُؤُولُ فَصْلُ الخِطَابِ[4]

 ومن‌ عجيب‌ أمره‌ عليه‌ السلام‌ في‌ هذا الباب‌ أ نّه‌ لا شي‌ء من‌ العلوم‌ إلاّ وأهلة‌ يجعلون‌ عليّاً عليه‌ السلام‌ قدوة‌، فصار قوله‌ قبلة‌ في‌ الشريعة‌ يتوجّه‌ إليها كلّ الناس‌.

 الرجوع الي الفهرس

جَمْعُ القرآن‌ من‌ قِبَل‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌

 كان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ جامع‌ القرآن‌

 سُمع‌ القرآن‌ من‌ عليّ عليه‌ السلام‌. ذكر الشيرازيّ في‌ « نزول‌ القرآن‌ »، وأبويوسف‌ يعقوب‌ في‌ تفسيره‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ في‌ قوله‌ تعالي‌: لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ أنّ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ كان‌ يحرّك‌ شفتيه‌ عند الوحي‌ ليحفظه‌، وقيل‌ له‌: «لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ» يَعْنِي‌ بِالقُرْآنِ «لِتَعْجَلَ بِهِ» مِنْ قَبْلِ أَنْ يُفْرَغَ بِهِ مِنْ قَرَاءَتِهِ عَلَيْكَ «إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ و وَقُرْءَانَهُ». [5]

 قال‌ ] ابن‌ عبّاس‌ [: ضمن‌ الله‌ محمّداً صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أن‌ يجمع‌ القرآن‌ بعد رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌. قال‌ ابن‌عبّاس‌: فجمع‌ الله‌ القرآن‌ في‌ قلب‌ علی عليه‌ السلام‌. وجمعه‌ علی عليه‌ السلام‌ بعد موت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بستّة‌ أشهر.

 وفي‌ أخبار أبي‌ رافع‌: إنَّ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ فِي‌ مَرَضِهِ الَّذِي‌ تُوُفِّي‌ فِيهِ لِعَلِي‌ٍّ: يَا علی! هَذَا كِتَابُ اللَهِ، خُذْهُ إلَيْكَ. فَجَمَعَهُ علی فِي‌ ثَوْبٍ فَمَضَي‌ إلی مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ جَلَسَ علی فَأَ لَّفَهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَهُ وَكَانَ بِهِ عَالِماً.

 وحدّثني‌ أبو العلاء العطّار، والموفّق‌ خطيب‌ خوارزم‌ في‌ كتابيهما بالإسناد عن‌ عُلي‌ّبن‌ رباح‌ [6] أَنَّ النَّبِي‌َّ أَمَرَ عَلِيَّاً بِتَأْلِيفِ القُرْآنَ، فَأَلَّفَهُ وَكَتَبَهُ.

 وروي‌ جَبَلة‌ بن‌ سُحَيم‌ [7] عن‌ أبيه‌، عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: لَوْ ثُنِيَتْ لِي‌َ الوَسَادَةُ وَعُرِفَ لِي‌ حَقِّي‌ لاَخْرَجْتُ لَهُمْ مُصْحَفَاً كَتَبتُهُ وَأَمْلاَهُ علی رَسُولُ اللَهِ.

 ورويتم‌ أيضاً ( أنتم‌ العامّة‌ ) أَ نَّهُ إنَّمَا أَبْطَأَ عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلاَمُ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي‌بَكْرٍ لِتَأْلِيفِ القُرْآنِ.

 وروي‌ أبو نُعَيم‌ في‌ « حلية‌ الاولياء »، والخطيب‌ في‌ « الاربعين‌ » بالإسناد عن‌ السُّـدّي‌ّ، عن‌ عبد خير، عن‌ علی عليه‌ السـلام‌ أ نّه‌ قال‌: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَهِ أَقْسَمْتُ ـأَوْ حَلَفْتُـ أَنْ لاَ أَضَعَ رِدَاي‌َ عَنْ ظَهْرِي‌ حَتَّي‌ أَجْمَعَ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ. فَمَا وَضَعْتُ رِدَاي‌َ حَتَّي‌ جَمَعْتُ القُرْآنَ.

 وفي‌ أخبار أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ أَ نَّهُ إلی أَنْ لاَ يَضَعَ رِدَاءَهُ علی عَاتِقِهِ إلاَّ لِلصَّلاَةِ حَتَّي‌ يُؤَلِّفَ القُرْآنَ وَيَجْمَعَهُ. فَانْقَطَعَ عَنْهُمْ مُدَّةً إلی أَنْ جَمَعَهُ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْهِمْ بِهِ فِي‌ إزَارٍ يَحْمِلُهُ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي‌ المَسْجِدِ، فَأَنْكَرُوا مَصِيرَهُ بَعْدَ انْقِطَاعٍ مَعَ أُلبَتِهِ، [8] فَقَالُوا: الاَمْرُ مَا [9] جَاءَ بِهِ أَبُوالحَسَنِ.

 فَلَمَّا تَوَسَّطَهُمْ، وَضَعَ الكِتَابَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَهِ قَالَ: إنِّي‌ مُخَلِّفٌ فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ، وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌، وَهَذَا الكِتَابُ وَأَنَا العِتْرَةُ.

 فَقَامَ إلَيْهِ الثَّانِي‌ فَقَالَ لَهُ: إن‌ يَكُنْ عِنْدَكَ قُرْآنٌ، فَعِنْدَنَا مِثْلُهُ، فَلاَحَاجَةَ لَنَا فِيكُمَا، فَحَمَلَ عَلَيهِ السَّلاَمُ الكِتَابَ وَعَادَ بِهِ بَعْدَ أَنْ أَلْزَمَهُمُ الحُجَّةَ.

 وفي‌ خبر طويل‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أَ نَّهُ حَمَلَهُ وَوَلَّي‌ رَاجِعَاً نَحْوُ حُجْرَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ». [10] وَلِهَذَا قَرَأَ ابْنَ مَسْعُودٍ: إنَّ عَلِيَّاً جَمَعَهُ وَقَرَأَ بِهِ فَإذَا قَرَأَهُ فَاتَّبِعُوا قِرَاءَتَهُ.

 قال‌ الناشي‌:

جَامِـعُ [11] وَحْـي‌ اللَهِ إذْ فَـرَّقَـهُ                مَنْ رَامَ جَمْـعَ آيَـةٍ فَمَـا ضَبَطْ

أَشْـكَلَـهُ لِشَـكْـلِـهِ بِـجَـهْـلِـهِ                    فَاسْتُعْجِبَتْ [12] أَحْرُفُهُ حِينَ نَقَطْ

 وقال‌ العوني‌ّ:

لَمَّا رَأَي‌ الاَمْرَ قَبِيحَ المَدْخَلِ                     حَرَّدَ فِي‌ جَمْعِ الكِتَابِ المُنْزَلِ

 وقال‌ الصاحب‌:

هَلْ مِثْلَ جَمْعِكَ لِلْقُرْآنِ تَعْرِفُهُ                 لَفْظـاً وَمَعْنَي‌ وَتَأْوِيـلاً وَتَبْيينا[13]

 وقال‌ الخطيب‌ منيح‌:

عَلِي‌ٌّ جَامِعُ القُرْآنَ جَمْعَاً                         يُقَصِّرُ عَنْهُ جَمْعُ الجَامِعِينَا

 فأمّا ما روي‌ أ نّه‌ جمعه‌ أبو بكر، وعمر، وعثمان‌، فإنّ أبابكر قال‌ لمّا التمسـوا منه‌ جمع‌ القرآن‌: كَيْفَ أَفْعَلُ شَـيْئاً لَمْ يَفْعَلُهُ رَسُـولُ اللَهِ وَلاَ أَمَرَنِي‌ بِهِ؟ ذكره‌ البخاريّ في‌ صحيحه‌.

 وادّعي‌ علی أنّ النبي‌ّ أمره‌ بالتأليف‌. ثمّ إنّهم‌ أمروا زيدبن‌ ثابت‌، وسعيدبن‌ العاص‌، وعبدالرحمن‌بن‌ الحارث‌ بن‌ هشام‌، وعبدالله‌بن‌ الزبير بجمعه‌. فالقرآن‌ يكون‌ جمع‌ هؤلاء جميعهم‌. [14]

 * * *

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ القراءات‌

 ومن‌ العلوم‌ التي‌ تقدّم‌ فيها علی علي‌ الجميع‌: علم‌ القراءات‌. وظهر علماء القراءات‌ في‌ هذا المجال‌. روي‌ أحمد بن‌ حنبل‌، وابن‌ بطّة‌، وأبويَعْلي‌ في‌ مصنّفاتهم‌ عن‌ الاعمش‌، عن‌ أبي‌ بكر بن‌ عيّاش‌ في‌ خبر طويل‌ أ نّه‌ قرأ رجلان‌ ثلاثين‌ آية‌ من‌ سورة‌ الاحقاف‌، فاختلفا في‌ قراءتهما، فقال‌ ابن‌ مسعود: هذا الخلاف‌ ما أقرأه‌. فذهب‌ بهما إلی النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌. فغضب‌ وعلي‌ّ عليه‌ السلام‌ عنده‌. فقال‌ علی عليه‌ السلام‌: رَسُولُ اللَهِ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقْرَأُوا كَمَا عُلِّمْتُمْ. وهذا دليل‌ علی علم‌ علی عليه‌ السلام‌ بوجوه‌ القراءات‌ المختلفة‌. وروي‌ أنّ زيداً لمّا قرأ: التابوة‌، قال‌ علی عليه‌ السلام‌: اكتبه‌ التابوت‌، فكتبه‌ كذلك‌.

 والقرّاء السبعة‌ إلی قراءته‌ عليه‌ السلام‌ يرجعون‌. فأمّا حمزة‌، والكسائي‌ّ فيعوّلان‌ علی قراءة‌ علی عليه‌ السلام‌ وابن‌ مسعود. وليس‌ مصحفهما مصحف‌ ابن‌ مسعود. فهما إنّما يرجعان‌ إلی علی عليه‌ السلام‌ ويوافقان‌ ابن‌ مسعود فيما يجري‌ مجري‌ الإعراب‌. وقد قال‌ ابن‌مسعود: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْ علی بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ لِلقُرْآنِ.

 وأمّا نافع‌، وابن‌ كثير، وأبو عمرو، فمعظم‌ قراءاتهم‌ ترجع‌ إلی ابن‌ عبّاس‌، وابن‌ عبّاس‌ قرأ علی أُبي‌ّ بن‌ كعب‌، وعلي‌ّ. والذي‌ قرأه‌ هؤلاء القرّاء يخالف‌ قراءة‌ أُبي‌ّ، فهو إذاً مأخوذ عن‌ علی عليه‌ السلام‌.

 وأمّا عاصـم‌، فقـرأ علی أبي‌ عبد الرحمـن‌ السُّـلَمـي‌ّ. وقـال‌ أبوعبدالرحمن‌: قرأت‌ القرآن‌ كلّه‌ علی علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌. فقالوا: أفصح‌ القراءات‌ قراءة‌ عاصم‌ لا نّه‌ أتي‌ بالاصل‌، وذلك‌ أ نّه‌ يُظهر ما أدغمه‌ غيره‌، ويحقّق‌ من‌ الهمز ما ليّنه‌ غيره‌، ويفتح‌ من‌ الالفات‌ ما أماله‌ غيره‌.

 والعدد الكوفي‌ّ في‌ القرآن‌ منسوب‌ إلی علی عليه‌ السلام‌. وليس‌ في‌ الصحابة‌ من‌ يُنسب‌ إليه‌ العدد غيره‌ عليه‌ السلام‌. وإنّما كتب‌ عدد ذلك‌ كلّ مِصر عن‌ بعض‌ التابعين‌.

 الرجوع الي الفهرس

تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ التفسير

 ومنهم‌: المفسّرون‌ كعبد الله‌ بن‌ عبّاس‌، وعبد الله‌ بن‌ مسعود، وأُبي‌ّ ابن‌كعب‌، وزيدبن‌ ثابت‌. وهم‌ معترفون‌ له‌ عليه‌ السلام‌ بالتقدّم‌. [15]

 وورد في‌ تفسير النقّاش‌ أنّ ابن‌ عبّاس‌ قال‌: جُلُّ مَا تَعَلَّمْتُ مِنَ التَّفْسِيرِ مِنْ علی بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ. إنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ علی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، مَا مِنْهَا إلاَّ وَلَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ. وَإنَّ عَلِي‌َّبْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلِمَ الظَّاهِرَ وَالبَاطِنَ.

 وجـاء في‌ « الفضـائل‌ » للعكبريّ أنّ الشـعبيّ قال‌: مَا أَحَـدٌ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَهِ بَعْدَ نَبِي‌ِّ اللَهِ مِنْ عَلِي‌ِّبْنِ أَبِي‌طَالِبٍ.

 وفي‌ « تاريخ‌ البلاذري‌ّ »، و « حِلْيَة‌ الاولياء »: قال‌ علی عليه‌ السلام‌: وَاللَهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إلاَّ وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَا نَزَلَتْ وَأَيْنَ نَزَلَتْ، أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَوْ بِنَهَارٍ نَزَلَتْ، فِي‌ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ؟ إنَّ رَبِّي‌ وَهَبَ لِي‌ قَلْبَاً عَقُولاً وَلِسَانَاً سَؤُولاً. [16]

 وورد في‌ « قوت‌ القلوب‌ »: قال‌ علی عليه‌ السلام‌: لَوْ شِئْتُ لاَوْقَرْتُ سَبْعِينَ بَعِيرَاً فِي‌ تَفْسِيرِ فَاتِحَةِ الكِتَابِ. [17]

 ولمّا وجد المفسّرون‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌، لم‌ يرجعوا إلی قول‌ غيره‌ في‌ التفسير. وسأله‌ ابن‌ الكوّاء، وهو علی المنبر: مَا «الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا»؟ فقال‌: الرِّيَاحُ. فقال‌: وَمَا «الْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا»؟ فقال‌: السَّحَابُ. فقال‌: وَمَا «الْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا»؟ فقال‌: الفُلْكُ. فقال‌: مَا «الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا»؟ فقال‌: المَلاَئِكَةُ. فالمفسّرون‌ كلّهم‌ علی قوله‌ عليه‌ السلام‌. [18]

 هذه‌ الآيات‌ في‌ أوّل‌ سورة‌ الذاريات‌: بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ* وَالَّذَ ' رِيـ'تِ ذَرْوًا * فَالْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا * فَالْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَ ' قِعٌ. [19]

 قال‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ قدّس‌ الله‌ نفسه‌ الزكيّة‌ في‌ التفسير: الذَّارِيَاتُ جمع‌ الذَّارِيَة‌ من‌ قولهم‌: ذَرَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ تَذْرُوهُ ذَرْوَاً إذا أطارته‌. و الوِقْرُ بالكسر فالسكون‌ ثقل‌ الحمل‌ في‌ الظهر أو في‌ البطن‌. وفي‌ الآيات‌ إقسام‌ بعد إقسام‌ يفيد التأكيد بعد التأكيد للمقسم‌ عليه‌ وهو الجزاء علی الاعمال‌. فقوله‌: وَالذَّ ' رِيـ'تٍ ذَرْوًا إقسام‌ بالرياح‌ المثيرة‌ للتراب‌.

 وقوله‌: فَالحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا بالفاء المفيدة‌ للتأخير والترتيب‌ معطوف‌ علی الذَّ ' رِيَـ'تِ وإقسام‌ بالسحب‌ الحاملة‌ لثقل‌ الماء، وقوله‌: فَالجَـ'رِيـ'تِ يُسْرًا عطف‌ عليه‌ وإقسام‌ بالسفن‌ الجارية‌ في‌ البحار بيُسر وسهولة‌. وقوله‌: فَالْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا عطف‌ علی ما سبقه‌ وإقسام‌ بالملائكة‌ الذين‌ يعملون‌ بأمره‌ فيقسمونه‌ باختلاف‌ مقاماتهم‌. فإنّ أمر ذي‌ العرش‌ بالخلق‌ والتدبير واحد. فإذا حمله‌ طائفة‌ من‌ الملائكة‌ علی اختلاف‌ أعمالهم‌، انشعب‌ الامر وتقسّم‌ بتقسّمهم‌. ثمّ إذا حمله‌ طائفة‌ هي‌ دون‌ الطائفة‌ الاُولي‌، تقسّم‌ ثانياً بتقسّمهم‌، وهكذا حتّي‌ ينتهي‌ إلی الملائكة‌ المباشرين‌ للحوادث‌ الكونيّة‌ الجزئيّة‌ فينقسم‌ بانقسامها ويتكثّر بتكثّرها.

 والآيات‌ الاربع‌ ـ كما تري‌ ـ تشير إلی عامّة‌ التدبير حيث‌ ذكرت‌ أُنموذجاً ممّا يدبّر به‌ الامر في‌ البرّ، وهو الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا. وأُنموذجاً ممّا يدبّر به‌ الامر في‌ البحر، وهو الجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا. وأُنموذجاً ممّا يدبّر به‌ الامر في‌ الجوّ، وهو الْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا. وتمّم‌ الجميع‌ بالملائكة‌ الذين‌ هم‌ وسائط‌ التدبير، وهم‌ الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا.

 فالآيات‌ في‌ معني‌ أن‌ يقال‌: أُقسم‌ بعامّة‌ الاسباب‌ التي‌ يتمّم‌ بها أمر التدبير في‌ العالم‌ إنّ كذا كذا، وقد ورد من‌ طرق‌ الخاصّة‌ والعامّة‌ عن‌ علی عليه‌ أفضل‌ السلام‌ تفسير الآيات‌ الاربع‌ بما تقدّم‌. [20]

 وروي‌ ابن‌ كثير الدمشقيّ في‌ تفسيره‌ عن‌ شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌، عن‌ السمّاك‌، عن‌ خالد بن‌ عرعرة‌، وكذلك‌ روي‌ بسند آخر عن‌ شعبة‌، عن‌ القاسم‌بن‌ أبي‌بزة‌، عن‌ أبي‌ الطفيل‌ أ نّهم‌ سمعوا علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌، وثبت‌ أيضاً من‌ طرق‌ أُخري‌ غير هذين‌ السندين‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ أ نّه‌ صعد منبر الكوفة‌ فقال‌: لاَ تَسْأَ لُونِي‌ عَنْ آيَةٍ فِي‌ كِتَابِ اللَهِ تَعَالَي‌ وَلاَ عَنْ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إلاَّ أَنْبَأْتُكُمْ بِذَلِكَ.

 فقام‌ إليه‌ ابن‌ الكوّاء، وقال‌: يا أمير المؤمنين‌! ما معني‌ قوله‌ تعالي‌: وَالذَّ ' رِيـ'تِ ذَرْوًا؟ فقال‌ علی رضي‌ الله‌ عنه‌: الرِّيحُ. فقال‌: ما معني‌ فَالْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا؟ فقال‌ علی رضي‌ الله‌ عنه‌: السَّحَابُ. قال‌: فما معني‌ فَالْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا؟ قال‌ علی رضي‌ الله‌ عنه‌: السُّفن‌. قال‌: فما معني‌ فَالْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا؟ قال‌ علی رضي‌ الله‌ عنه‌: المَلاَئِكَةُ. [21]

 وأخرج‌ السيوطيّ في‌ تفسير « الدرّ المنثور » تفسير هذه‌ المعاني‌ الاربعة‌ في‌ الآيات‌ الاربع‌ عن‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ أفضل‌ الصلاة‌ والسلام‌ عن‌ عبدالرزّاق‌، والفريابيّ، وسعيد بن‌ منصور، والحارث‌ بن‌ أبي‌أُسامة‌، وابن‌جرير، وابن‌ المنذر، وابن‌ أبي‌ حاتم‌، وابن‌ الانباريّ في‌ « المصاحف‌ » والحاكم‌ وصحّحه‌، والبيهقيّ في‌ « شعب‌ الإيمان‌ » من‌ طرق‌ مختلفة‌. [22]

 الرجوع الي الفهرس

قصّة‌ جَلد صُبَيْغ‌ بن‌ عَسَل‌ ومنعع مر إیّاه من‌ السؤال‌ عن‌ القرآن‌

منع‌ عمر المسلمين‌ من‌ البحث‌ في‌ الآيات‌ القرآنيّة‌

 وأخرج‌ السيوطيّ، وابن‌ كثير، عن‌ البزّاز، والدارقطنيّ في‌ « الافراد »، وابن‌ مردويه‌، وابن‌ عساكر عن‌ سعيد بن‌ المسيّب‌ قال‌: جاء صُبَيْغ‌ التميميّ إلی عمربن‌ الخطّاب‌ فقال‌: أخبرني‌ عن‌ الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا. قال‌: هي‌ الرياح‌، ولولا أ نّي‌ سمعت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يقوله‌ ما قلتُه‌. قال‌: فأخبرني‌ عن‌ الْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا. قال‌: هي‌ الرياح‌: ولولا أ نّي‌ سمعت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يقوله‌ ما قلتُه‌. قال‌: فأخبرني‌ عن‌ الْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا. قال‌: هي‌ السفن‌، ولولا أ نّي‌ سمعت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يقول‌ ما قلتُه‌. قال‌: فأخبرني‌ عن‌ الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا. قال‌: الملائكة‌، ولولا أ نّي‌ سمعت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يقوله‌ ما قلتُه‌.

 ثمّ أمر به‌، فضُرب‌ مائة‌، وجُعل‌ في‌ بيت‌. فلمّا برأ، دعاه‌ فضربه‌ مائة‌ أُخري‌ وحمله‌ علی قتب‌، ونفاه‌ إلی البصرة‌، وكتب‌ إلی أبي‌ موسي‌ الاشعري‌ّ: امنع‌ الناس‌ من‌ مجالسته‌، فلم‌ يزالوا كذلك‌ حتّي‌ أتي‌ أباموسي‌ فحلف‌ له‌ بالايمان‌ المغلّظة‌ ما يجد في‌ نفسه‌ ممّا كان‌ يجد شيئاً. فكتب‌ ( أبوموسي‌ ) في‌ ذلك‌ إلی عمر، فكتب‌ عمر: ما أخاله‌ إلاّ قد صدق‌. فخلِّ بينه‌ وبين‌ مجالسة‌ الناس‌. [23]

 وأخرج‌ السيوطيّ عن‌ الفريابيّ، عن‌ الحسن‌ قال‌: سأل‌ صُبَيْغ‌بن‌ عسل‌ التميميّ عمربن‌ الخطّاب‌ عن‌ الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا، و وَالمُرْسَلَـ'تِ عُرْفًا، و وَالنَّـ'زِعَـ'تِ غَرْقًا. فقال‌ له‌ عمر: اكشف‌ رأسك‌. فإذا له‌ ضفيرتان‌. فقال‌ عمر: والله‌ لو وجدتُك‌ محلوقاً، لضربتُ عنقك‌. ثمّ كتب‌ إلی أبي‌موسي‌ الاشعري‌ّ أن‌ لا يجالسه‌ مسلم‌ ولايكلّمه‌. [24]

 إنّ سؤال‌ صُبَيْغ‌ عمر، وضربه‌ بجريد النخل‌ وعراجينه‌ حتّي‌ جرح‌ بدنه‌ وورم‌ كالدُّمَّل‌، ثمّ حبسه‌ حتّي‌ برأ، وضربه‌ مرّة‌ أُخري‌ بعراجين‌ النخل‌، وسائر جزئيّات‌ القضيّة‌ من‌ المسلّمات‌ في‌ التأريخ‌. وقال‌ ابن‌ كثير في‌ ذيل‌ هذه‌ الرواية‌ التي‌ نقلناه‌ أخيراً عنه‌: ذكر الحافظ‌ ابن‌عساكر هذه‌ القضيّة‌ في‌ ترجمة‌ صُبَيْغ‌ مفصّلاً.

 ونقل‌ العلاّمة‌ الامينيّ هذه‌ القضيّة‌ في‌ باب‌ نوادر الاثر في‌ علم‌ عمر تحت‌ عنوان‌: اجتهاد الخليفة‌ في‌ السؤال‌ عن‌ مشكلات‌ القرآن‌، وذلك‌ بعبارات‌ ومضامين‌ مختلفة‌ تتحدّث‌ كلّها عن‌ قضيّة‌ واحدة‌. ورواها الامينيّ عن‌ « سنن‌ الدارمي‌ّ »، و « تاريخ‌ ابن‌ عساكر »، و « سيرة‌ عمر » لابن‌الجوزي‌ّ، و « تفسير ابن‌كثير »، و « الإتقان‌ » للسيوطي‌ّ، و « كنز العمّال‌ » نقلاً عن‌ الدارمي‌ّ، ونصر المقدسي‌ّ، والإصفهانيّ، وابن‌ الانباريّ، والكاني‌ّ، وابن‌عساكر. ورواها أيضاً عن‌ تفسير « الدرّ المنثور »، و « فتح‌ الباري‌ »، و « الفتوحات‌ المكّيّة‌ »، وفيها أنّ سليمان‌ بن‌ يسار روي‌ أنّ رجلاً يقال‌ له‌: صبيغ‌، قدم‌ المدينة‌ فجعل‌ يسأل‌ عن‌ متشابه‌ القرآن‌. فأرسل‌ إليه‌ عمر، وقد أعدّ له‌ عراجين‌[25] النخل‌، فقال‌: مَن‌ أنت‌؟ قال‌: أنا عبدالله‌ صُبَيغ‌. فأخذ عمر عرجوناً من‌ تلك‌ العراجين‌ فضربه‌ وقال‌: أنا عبد الله‌ عمر. فجعل‌ يضربه‌ ضرباً حتّي‌ دمي‌َ رأسه‌. فقال‌ صُبَيغ‌: يا أمير المؤمنين‌! حسبك‌، قد ذهب‌ الذي‌ كنتُ أجد في‌ رأسي‌.

 وعن‌ نافع‌ مولي‌ عبد الله‌ أنّ صُبَيْغ‌ العراقيّ جعل‌ يسأل‌ عن‌ أشياء من‌ القرآن‌ في‌ أجناد المسلمين‌، حتّي‌ قدم‌ مصر. فبعث‌ به‌ عمروبن‌ العاص‌ إلی عمربن‌ الخطّاب‌. فلمّا أتاه‌ الرسول‌ بالكتاب‌ فقرأه‌، فقال‌: أين‌ الرجل‌؟ فقال‌ الرسول‌: في‌ الرحل‌. قال‌ عمر: أبصر أن‌ يكون‌ ذهب‌ فتصيبك‌ منّي‌ العقوبة‌ الموجعة‌. فأتاه‌ به‌.

 فقال‌ عمر: تسأل‌ محدثة‌! فأرسل‌ عمر إلی رطائب‌ من‌ جريد فضربه‌ بها حتّي‌ ترك‌ ظهره‌ دبـرة‌، ثمّ تـركه‌ حتّي‌ برأ. ثمّ عاد له‌، ثمّ تركه‌ حتّي‌ برأ. فدعا به‌ ليعـود له‌، قال‌ صُـبَيْغ‌: إن‌ كنت‌ تريـد قتلـي‌، فاقتلني‌ قتلاً جميلاً. وإن‌ كنت‌ تريد أن‌ تداويني‌، فقد والله‌ برئت‌.

 فأذِنَ له‌ عمر إلی أرضه‌، وكتب‌ إلی أبي‌ موسي‌ الاشعريّ أن‌ لايجالسه‌ أحد من‌ المسلمين‌. فاشتدّ ذلك‌ علی الرجل‌، فكتب‌ أبوموسي‌ إلی عمر: أن‌ قد حسنت‌ توبته‌. فكتب‌ عمر أن‌ يأذن‌ الناس‌ بمجالسته‌.

 وعن‌ السائب‌ بن‌ يزيد قال‌: أُتي‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ فقيل‌: يا أميرالمؤمنين‌! إنّا لقِينا رجلاً يسأل‌ عن‌ تأويل‌ مشكل‌ القرآن‌، فقال‌ عمر: اللَهُمَّ مَكِّنِّي‌ مِنْهُ. فبينما عمر ذات‌ يوم‌ جالساً يُغدي‌ الناس‌، إذ جاء ( الرجل‌ ) وعليه‌ ثياب‌ وعمامة‌ صفدي‌ حتّي‌ إذا فرغ‌، قال‌: يا أميرالمؤمنين‌! وَالذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا* فَالْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا؟

 فقال‌ عمر: أنت‌ هو؟ فقام‌ إليه‌ وحسر عن‌ ذراعيه‌، فلم‌يزل‌ يجلده‌ حتّي‌ سقطت‌ عمامته‌.

 فقال‌: والذي‌ نفس‌ عمر بيده‌ لو وجدتك‌ محلوقاً لضربت‌ رأسك‌. ألبسوه‌ ثياباً واحملوه‌ علی قتب‌ وأخرجوه‌ حتّي‌ تقدموا به‌ بلاده‌. ثمّ ليقم‌ خطيب‌، ثمّ يقول‌: إنّ صبيغاً ابتغي‌ العلم‌ فأخطأه‌. فلم‌يزل‌ صُبيغ‌ وضيعاً في‌ قومه‌ حتّي‌ هلك‌، وكان‌ سيّد قومه‌. [26]

 وعن‌ أنس‌: أنّ عمر بن‌ الخطّاب‌ جلد صُبيغاً الكوفيّ في‌ مسألة‌ عن‌ حرف‌ من‌ القرآن‌ حتّي‌ اضطربت‌ الدماء في‌ ظهره‌.

 وعن‌ الزُّهْريّ: أنّ عمر جلد صُبيغاً لكثرة‌ مساءلته‌ عن‌ حروف‌ القرآن‌ حتّي‌ اضطربت‌ الدماء في‌ ظهره‌.

 قال‌ الغزّاليّ في‌ « إحياء العلوم‌ » ج‌ 1، ص‌ 30: و ] عمر [ هو الذي‌ سدّ باب‌ الكلام‌ والجدل‌، وضرب‌ صبيغاً بالدرّة‌ لما أورد عليه‌ سؤالاً في‌ تعارض‌ آيتين‌ في‌ كتاب‌ الله‌ وهجره‌، وأمر الناس‌ بهجره‌ـانتهي‌.

 وصبيغ‌ هذا هو صُبَيْغ‌ بن‌ عَسَل‌. ويقال‌: ابن‌ عَسيل‌. ويقال‌: صبيغ‌ ابن‌شريك‌ من‌ بني‌ عسيل‌. [27]

 إنّ العامّة‌ يسوّغون‌ فعل‌ عمر بقولهم‌: إنّ صبيغاً سأل‌ عن‌ متشابه‌ القرآن‌، وقد ورد النهي‌ عن‌ هذا السؤال‌. فلهذا أدّبه‌ عمر بالضرب‌، والحبس‌، والتعذيب‌، والنفي‌، ونهي‌ الناس‌ عن‌ مجالسته‌.

 وذكر السيوطيّ في‌ « الإتقان‌ » روايتين‌ في‌ هذا الموضوع‌ عن‌ صُبيغ‌ ضمن‌ الباب‌ المتعلّق‌ بعدم‌ جواز العمل‌ بمتشابهات‌ القرآن‌: الاُولي‌: رواية‌ الدارميّ عن‌ سليمان‌بن‌ يسار وقد ذكرناها في‌ هذا البحث‌. الثانية‌: رواية‌ نافع‌ مولي‌ عبدالله‌، وقد أوردناها بعد الرواية‌ الاُولي‌، وعرضها السيوطيّ بقوله‌: وَفِي‌ رِوَايةٍ. [28]

 وقال‌ ابن‌ كثير بعد رواية‌ سعيد بن‌ المسيِّب‌ التي‌ ننقلها عنه‌: قصّة‌ صُبَيغ‌بن‌ عَسَل‌ مشهورة‌ مع‌ عمر، وَإنَّمَا ضَرَبَهُ لاِ نَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ فِيمَا يَسْأَلُ تَعَنُّتَاً وَعِنَادَاً. وَاللَهُ أَعْلَمُ. [29]

 لقد منع‌ عمر الناس‌ من‌ السؤال‌ عن‌ معاني‌ القرآن‌ ومفاهيمه‌، وكان‌ يقول‌: علی الناس‌ أن‌ يقرأوا ظاهر القرآن‌. وكذلك‌ حظر عليهم‌ ذكر الاحاديث‌ وسنّة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسيرته‌. وأمر ولاته‌ وعمّاله‌ في‌ الامصار أن‌ ينهوا الناس‌ عن‌ الخوض‌ في‌ الاحاديث‌ النبويّة‌. وكلّ من‌ كان‌ ينقل‌ حديثاً عن‌ رسول‌ الله‌، لم‌ يسلم‌ منه‌. وكانت‌ درّته‌ قويّة‌، وسريعة‌ في‌ ضربتها بحيث‌ لم‌ تدع‌ لاحد مجالاً للسؤال‌، ذلك‌ أ نّها لم‌تعرف‌ من‌ تقع‌ عليه‌، ولاتشخّص‌ الرأس‌، والوجه‌، والعنق‌، والجذع‌. ومسكين‌ هو السائل‌، فما إن‌ يسأل‌ عن‌ مسألة‌، حتّي‌ يضرب‌ بالدرّة‌ فيَرِمَ رأسُه‌، وينزف‌ الدم‌ من‌ أنفه‌ وفمه‌.

 وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ »: دِرَّةُ عُمَرَ أَهْيَبُ مِنْ سَيْفِ الحَجَّاجِ. [30]

 وقد علمنا أنّ عبد الله‌ بن‌ عبّاس‌ كان‌ يريد سؤال‌ عمر عن‌ معني‌ الآية‌ الآتية‌ ومصداقها: إِن‌ تَتُوبَا إلی اللَهِ فَقَد صَغَتْ قُلُوبُكُمَا، ولم‌يزل‌ حريصاً علی ذلك‌، بَيدَ أ نّه‌ لم‌ يجرأ حتّي‌ رافقه‌ في‌ سفر. فأخذ منه‌ الإبريق‌ في‌ الطريق‌ ليسـكب‌ علی يده‌ الماء فيتوضّـأ. فاسـتثمر الفرصـة‌، فقال‌: ياأميرالمؤمنين‌! من‌ هما المرأتان‌ المقصودتان‌ في‌ هذه‌ الآية‌: إِن‌ تَتُوبَآ إلی اللَهِ؟ قال‌ ابن‌ عبّاس‌: فتأمّل‌ عمر ـكأ نّه‌ كره‌ ما سألته‌ عنه‌ـ ثمّ رفع‌ رأسه‌ وقال‌: حفصة‌ وعائشة‌. [31]

 وكذلك‌ علمنا في‌ مسألة‌ العول‌ أنّ ابن‌ عبّاس‌ لمّا بيّن‌ هذه‌ المسألة‌ لزُفَر وأوضح‌ له‌ أنّ العول‌ باطل‌ وخطأ، قال‌ له‌ زُفر: هلاّ قلتَ هذا وعمر حي‌ّ؟ قال‌: إنَّما كُنْتُ أَهِيبُهُ. [32]

 واستغرق‌ منع‌ بيان‌ الاحاديث‌ النبويّة‌ قرناً من‌ الزمان‌. وكان‌ نقلها محظوراً يومئذٍ. لماذا...؟ وما أعظم‌ المصيبة‌ التي‌ ألمّت‌ بالاُ مّة‌ الإسلاميّة‌ من‌ جرّاء ذلك‌!

 إنّ كتاب‌ الله‌ ( القرآن‌ الكريم‌ ) نزل‌ للتلاوة‌ والتدبّر وفهم‌ معانيه‌ ومفاهيمه‌. وما أكثر الآيات‌ التي‌ أمرتنا بالتدبّر في‌ القرآن‌، وحذّرتنا بشدّة‌ من‌ عدم‌ فهمه‌! فإذا فقد الإنسان‌ الحقّ في‌ فهم‌ القرآن‌ وحُظر عليه‌ السؤال‌ عن‌ مدلوله‌ ومراده‌، فماذا يغنيه‌ هذا الكتاب‌؟ وهذا الكتاب‌ كتاب‌ عمل‌، والعمل‌ بدون‌ علم‌ محال‌، فكيف‌ يتيسّر العمل‌ بالقرآن‌ والتصرّف‌ في‌ ضوء تعاليمه‌ بدون‌ فهمه‌ واستيعابه‌؟

 إنّ الآيات‌ المتشابهات‌ جمّة‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌، ولكنّها للناس‌ أيضاً. ولم‌يرد في‌ القرآن‌ لغو وعبث‌ وخطأ. وكلّ ما في‌ الامر أ نّنا ينبغي‌ أن‌ نُرجع‌ الآيات‌ المتشابهة‌ إلی الآيات‌ المحكمة‌. وعندئذٍ نظفر بمعناها ومفهومها منها. ونُصب‌ الراسخون‌ في‌ العلم‌ من‌ قبل‌ الشارع‌ الاقدس‌ لهذا الامر. وهم‌ يعرفون‌ معاني‌ المتشابهات‌، ويبيّنون‌ للناس‌ الحقيقة‌ من‌ خلال‌ إرجاعها إلی المحكمات‌.

 ولو قدّر أنّ الآيات‌ المتشابهات‌ لا يفهمها أحد إلاّ الله‌، وأنّ أهل‌ العلم‌ والراسخين‌ في‌ المعارف‌ قد حُرموا فهمها، فإنّ جميع‌ محتوي‌ القرآن‌ سيصبح‌ خالياً من‌ هذه‌ الآيات‌ المتشابهة‌ حقّاً، بينما نحن‌ نعلم‌ أنّ القرآن‌ هو مجموعة‌ الآيات‌ المحكمة‌ والآيات‌ المتشابهة‌.

 ومن‌ الطبيعي‌ّ أنّ عمر لم‌ يفهم‌ معاني‌ الآيات‌ المتشابهة‌، بل‌ لم‌يفهم‌ بعض‌ الآيات‌ المحكمة‌، ولا ينتظر أحد منه‌ أن‌ يفهم‌ ذلك‌. وكلّ امري‌ٍ له‌ شاكلته‌. وله‌ استيعابه‌ وقابليّته‌ الخاصّة‌. ولكن‌ يا حسرتا هنا علی جلوس‌ هذا الشخص‌ في‌ مجلس‌ النبيّ الاعظم‌ وتربّعه‌ علی أريكة‌ الوحي‌ والإلهام‌ والولاية‌ والكتاب‌ وهذه‌ الاُمور الباطنيّة‌؟ وهو الذي‌ لاعلم‌ له‌ بظواهر القرآن‌، ولاجواب‌ عنده‌ يجيب‌ به‌ مراجعيه‌، وقد جلس‌ مكان‌ اللسان‌ المعبّر الفصيح‌ البليغ‌، أعني‌ صاحب‌ الولاية‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الذي‌ هو أهل‌ هذا المنصب‌، والمتربّي‌ في‌ هذه‌ المدرسة‌، والراضع‌ من‌ ثدي‌ الوحي‌ والفهم‌ والدراية‌ والعلم‌، والقائل‌: سَلُونِي‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي‌، والمترنّم‌ بكلامه‌: لَوْ ثُنِيَت‌ لِي‌َ الوِسَادَةُ. وكان‌ جواب‌ عمر للناس‌ إسكاتهم‌ وإخراسهم‌ بدرّته‌، ونهرهم‌ عن‌ السؤال‌ والكلام‌ والبحث‌ والرواية‌.

 وكان‌ لا يعرف‌ معني‌ قوله‌ تعالي‌: وَالذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا* فَالْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا، فعجز عن‌ جواب‌ صُبَيغ‌ وخجل‌ وافتضح‌، فلهذا انهال‌ عليه‌ بدرّته‌. ولم‌يرد في‌ الروايات‌ المأثورة‌ في‌ هذا المجال‌ أنّ عمر قال‌ إنّ معني‌ الذاريات‌ الرياح‌، ومعني‌ الحاملات‌ السُّحُب‌، أو أ نّه‌ قال‌: لو لم‌يقله‌ رسول‌الله‌ ما قلته‌. وما جاء من‌ عبارات‌ ـفي‌ حديث‌ السيوطيّ وابن‌ كثير منقولاً عن‌ سعيدبن‌ المسيّب‌ـ موضوعٌ من‌ قبل‌ الراوي‌ الذي‌ أراد أن‌ يغطّي‌ علی جهل‌ الخليفة‌ وينتحل‌ له‌ عذراً يسوّغ‌ فيه‌ ضربات‌ درّته‌ المنهالة‌ علی صبيغ‌.

 ونصّ ابن‌ كثير في‌ بيان‌ هذا الحديث‌ علی أ نّه‌ حديث‌ مرفوع‌. ثمّ قال‌: قال‌ أبابكر البزّاز: فأبوبكر بن‌ أبي‌ سُبَرَة‌ ليّن‌، وسعيدبن‌ سلام‌ ليس‌من‌ أصحاب‌ الحديث‌ ثمّ قال‌: قلتُ: فهذا الحديث‌ ضعيف‌ رفعه‌. [33]

 ولا يعرف‌ كتاب‌ الله‌ إلاّ من‌ جاء به‌ وخليفته‌ الذي‌ حمله‌ إلی المسجد ملفوفاً بقطعة‌ من‌ القماش‌، وقال‌ لتلك‌ الجماعة‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسـلّم‌:

 إنّي‌ مخلّف‌ فيكم‌ الثقلين‌: كتاب‌ الله‌، وعترتي‌. فهذا كتاب‌الله‌، وأنا عترة‌ رسول‌الله‌.

 فقام‌ عمر وقال‌: إذا كان‌ عندك‌ كتاب‌ الله‌، فعندنا مثله‌، فلهـذا لا حاجة‌ بنا إليكما ( الكتاب‌ والعترة‌ ). فأرجع‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الكتاب‌ معه‌ وقال‌: سوف‌ لن‌ تراه‌ إلی يوم‌ القيامة‌. [34]

 الرجوع الي الفهرس

حديث‌ الثقلين‌ وعدم‌ افتراق‌ الإمام‌ عن‌ القرآن‌

 ولا يُعقل‌ وجود كتاب‌ الله‌ علی الارض‌، وتكليف‌ الناس‌ بالعمل‌ به‌ ما لم‌يكن‌ هناك‌ مدرّس‌ ومعلّم‌ يعلم‌ ظاهره‌ وباطنه‌ ومحكمه‌ ومتشابهه‌. ومن‌ الضروريّ وجود الثَّقَلَينِ متلازِمَينِ: الكتاب‌ والعترة‌، الكتاب‌ والإمام‌ البرّ العالم‌ به‌.

 وروي‌ الشيعة‌ والعامّة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بسند متواتر، بل‌ يفوق‌ التواتر أ نّه‌ قال‌: إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ ـأَوْ أَهْلَ بَيْتِي‌ـ وَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الحَوْضَ. [35]

 وخصّص‌ آية‌ الله‌ العلاّمة‌: مير حامد حسين‌ اللكهنويّ الهنديّ النيسابوريّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ الجزء الثاني‌ عشر من‌ كتابه‌ الشريف‌ والبديع‌: « عبقات‌ الانوار » للبحث‌ حول‌ هذا الحديث‌ المبارك‌، وقسمه‌ إلی قسمين‌: جعل‌ الاوّل‌ للبحث‌ في‌ سنده‌، والثاني‌ للبحث‌ في‌ دلالته‌.

 ولا ريب‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ هو حامي‌ القرآن‌ وحافظ‌ المحكمات‌ والمتشابهات‌، والعالم‌ بالمطلق‌ والمقيّد، والناسخ‌ والمنسوخ‌. وهو الذي‌ أجاب‌ ابن‌ الكوّاء علی المنبر أمام‌ آلاف‌ الناس‌ بلاوجل‌. وهو الذي‌ فتح‌ باب‌ الجدل‌ والكلام‌، ودعا الملاحدة‌ والزنادقة‌ إلی النقاش‌، وناظر علماء اليهود والنصاري‌ والجثالقة‌ من‌ الذين‌ كانوا في‌ الطراز الاوّل‌ منهم‌، وألزمهم‌ وعطفهم‌ إلی الإسلام‌. ودِرّته‌ لسانه‌، ومنطقه‌. تلك‌ الدرّة‌ التي‌ تبتسم‌، وتتفتّح‌ كالزهرة‌، وتُدخل‌ الناس‌ الملحدين‌ في‌ الدين‌، لا الدرّة‌ التي‌ تنفّر المتديّنين‌ من‌ الدين‌ وتكرههم‌ علی الفرار.

 وينبغي‌ للناس‌ أن‌ يرجعوا إليه‌، ويلوذوا بجنبه‌، ويعرضوا عليه‌ مشاكلهم‌ وأسئلتهم‌ بلا خوف‌ ولا رعب‌ ولا تحفّظ‌. وكان‌ علی صُبَيغ‌ أن‌ يكون‌ كأصحاب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وأتباعه‌ وشيعته‌، فيقصده‌ لرفع‌ مشاكله‌ العلميّة‌، ويأخذ منه‌ الجواب‌ التامّ الوافي‌ الشافي‌، ويروي‌ غليله‌ من‌ معدن‌ الولاية‌، ومنهل‌ العلم‌ والمعرفة‌. ولقد أخطأ إذ يمّم‌ مائدة‌ غيره‌ وصَبوحَه‌،[36] وشبع‌ منها. فلهذا كانت‌ تلك‌ الصفعات‌ المتوالية‌ الماحقة‌ الساحقة‌ علی رأسه‌ ذي‌ الضفائر من‌ اللوازم‌ لاتبارح‌ تلك‌ المائدة‌. وقد أشفق‌ الله‌ عليه‌ إذ كان‌ رأسه‌ غير محلوق‌، وإلاّ لقطع‌، وأُشخص‌ إلی ديار العدم‌.

 إنّ ما كتبه‌ عمر إلی أبي‌ موسي‌ الاشعريّ حقّ، إذ قال‌ له‌: إنَّ صُبَيْغَاً قَدِ ابْتَغَي‌ العِلْمَ وَأَخْطَأَهُ. إنّه‌ ابتغي‌ العلم‌ بَيدَ أ نّه‌ لم‌يعرف‌ كيف‌ يحصل‌ عليه‌، ومن‌ أين‌ يأخذه‌، وأي‌ّ معلّم‌ وأميرٍ للمؤمنين‌ ييمّم‌؟ هل‌ ييمّم‌ شخصاً لقّبه‌ المغيرة‌بن‌ شعبة‌: أميرالمؤمنين‌، وأمر الناس‌ مجازاً واعتباراً أن‌ ينادوه‌ بهذا اللقب‌ ويخاطبوه‌ به‌؟ أو ييمّم‌ أميرالمؤمنين‌ الحقيقي‌ّ الذي‌ لقّبه‌ الرسول‌الاكرم‌ به‌ من‌ الله‌، ووضعه‌ وساماً لاسد الولاية‌، وأمر المسلمين‌ والمسلمات‌ كافّة‌ يوم‌ غدير خُمّ أن‌ يخاطبوه‌ بـ: أميرالمؤمنين‌، ويسلّموا عليه‌ بهذا اللقب‌ قائلين‌: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَميرَ المُؤْمِنِينَ.

 وأنّ عمر وأبا بكر أنفسهما قالا له‌: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، بَخٍبَخٍ لَكَ يَا عَلِي‌ُّ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.

 وتستبين‌ لنا جيّداً هنا ـلا مفهوماً وعلي‌ حمل‌ الاوّلي‌ الذاتيّ بل‌ مصداقاً وعلي‌ حمل‌ الشايع‌ الصناعي‌ّـ صيحات‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ أفضل‌ صلوات‌ المصلّين‌ واستغاثاته‌ في‌ خطبه‌ ومواعظه‌ بخاصّة‌ في‌ خطب‌ « نهج‌ البلاغة‌ » ولسان‌ حاله‌ يقول‌: أيّها الناس‌ هلمّوا إلينا، وخذوا منّا، فإنّ العلم‌ والمعرفة‌ والنور والسرور والحبور والحياة‌ الابديّة‌ السرمديّة‌ عندنا. لاتيمّموا غيرنا فتبوءُوا صفر اليدين‌ خائبين‌ خاسرين‌، مُرهَقين‌ مُنهكين‌، أخلِياء الوفاض‌، فاقدين‌ رصيد أعماركم‌، وتصلون‌ إلی السراب‌ بدل‌ أن‌ تصلوا إلی تلالؤ الماء. وفي‌ نهاية‌ المطاف‌ تضيّعون‌ أعماركم‌ وما وهبكم‌ الله‌ حيث‌ ينبغي‌ عليكم‌ الرحيل‌ من‌ هنا العالم‌ بعد أن‌ هِمتُم‌ بموجود مظلم‌ قبيح‌ عفن‌.

 ونعود إلی كلام‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ بيان‌ سبق‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ كافّة‌ الناس‌ في‌ جميع‌ العلوم‌. يقول‌: وجهلوا تفسير قوله‌ تعالي‌: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، [37] فقال‌ له‌ رجل‌: هو أوّل‌ بيتٍ، قَالَ: لاَ، قَدْ كَانَ قَبْلَهُ بُيُوتٌ وَلَكِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ مُبَارَكاً فِيهِ الهُدَي‌ وَالرَّحْمَةُ وَالبَرَكَةُ. وَأَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ إبْرَاهِيمُ، ثُمَّ بَنَاهُ قَوْمٌ مِنَ العَرَبِ مِنْ جُرْهُمَ، ثُمَّ هُدِمَ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ. [38]

 وإنّما استُحسن‌ قول‌ ابن‌ عبّاس‌ فيه‌ لا نّه‌ أخذ منه‌ عليه‌السلام‌.[39] وقال‌ أحمد في‌ مسنده‌: لمّا تُوفّي‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، كان‌ ابن‌ عبّاس‌ ابن‌ عشر سنين‌، وكان‌ قرأ المُحكَم‌ يعني‌ المفصّل‌. [40] وقال‌ الصاحب‌ بن‌ عبّاد:

هَلْ مِثلُ عِلْمِكَ لَوْ زَلُّوا وَإنْ وَهَنُوا             وَقَدْ هُدِيتَ كَمَا أَصْبَحْتَ تَهْدِينَا؟

 الرجوع الي الفهرس

تقدّم‌ الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفقه‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌: علـم‌ الفقه‌. وظهـر فقهـاء في‌ الإسلام‌ كان‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أفقههم‌. فإنّه‌ ما ظهر عن‌ جميعهم‌ ما ظهر منه‌. ثمّ إنّ جميع‌ فقهاء الامصار إليه‌ يرجعون‌ ومن‌ بحر فقهه‌ يغترفون‌. أمّا أهل‌ الكوفة‌ وفقهاؤهم‌ سفيان‌ الثوري‌، والحسن‌ بن‌ صالح‌ بن‌ حي‌ّ، وشريك‌بن‌ عبدالله‌، وابن‌ أبي‌ ليلي‌. وهؤلاء يفرّعون‌ المسائل‌ من‌ الاُصول‌ ويقولون‌: هذا القياس‌ قول‌ علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌. ويترجمون‌ الابواب‌ ( الفقهيّة‌ ) بذلك‌.

 وأمّا أهل‌ البصرة‌ وفقهاؤهم‌ الحسن‌ وابن‌ سيرين‌، وكلاهما كانا يأخذان‌ عمّن‌ أخذ عن‌ علی عليه‌ السلام‌. وابن‌ سيرين‌ يفصح‌ بأ نّه‌ أخذ عن‌ الكوفيّين‌، وعن‌ عُبيدة‌ السمعاني‌ّ، وهو أخصّ الناس‌ بعلي‌ّ عليه‌ السلام‌.

 وأمّا أهل‌ مكّة‌، فإنّهم‌ أخذوا فقههم‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌، وعن‌ علی عليه‌ السلام‌. وقد أخذ ابن‌ عبّاس‌ معظم‌ علمه‌ عنه‌ عليه‌ السلام‌.

 وأمّا أهل‌ المدينة‌ فعنه‌ عليه‌ السلام‌ أخذوا. وقد صنّف‌ الشافعي‌ّ كتاباً مفرداً في‌ الدلالة‌ علی اتّبـاع‌ أهل‌ المدينة‌ لعلي‌ّ عليه‌ السـلام‌، وعبدالله‌. وقال‌ محمّدبن‌ الحسن‌ الفقيه‌: لَوْلاَ علی بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ مَا عَلِمْنَا حُكْمَ أَهْلِ البَغي‌ ( إذ لاينبغي‌ أسرهم‌، والإجهاز علی جريحهم‌، وابتزاز أموالهم‌ ). ولمحمّدبن‌ الحسن‌ كتاب‌ في‌ الفقه‌ يشتمل‌ علی ثلاثمائة‌ مسألة‌ في‌ قتال‌ أهل‌ البغي‌ بناءً علی فعله‌ عليه‌ السلام‌.

 وورد في‌ مسند أبي‌ حنيفة‌ أنّ هشام‌ بن‌ الحكم‌ قال‌: قال‌ الصادق‌ عليه‌ السـلام‌ لابي‌حنيفة‌: من‌ أين‌ أخـذتَ القياس‌؟ قال‌: من‌ قـول‌ علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌، وزيدبن‌ ثابت‌. حين‌ شاهدهما عمر في‌ الجدّ مع‌ الإخوة‌ ( في‌ باب‌ الإرث‌ ) فقال‌ له‌ علی عليه‌ السلام‌:

 لَوْ أَنَّ شَجَرَةً انْشَعَبَ مِنْهَا غُصْنٌ وَانْشَعَبَ مِنَ الغُصْنِ غُصْنَانِ، أَيُّمَا أَقْرَبُ إلی أَحَدِ الغُصْنَيْنِ: أَصَاحِبُهُ الَّذِي‌ يَخْرُجُ مَعَهُ أَمِ الشَّجَرَةُ؟

 فقال‌ زيد ( بن‌ ثابت‌ ): لَوْ أَنَّ جَدْوَلاً انْبَعَثَ فِيهِ سَاقِيَةٌ، فَانْبَعَثَ مِنَ السَّاقِيَةِ سَاقِيَتَانِ، أَيُّمَا أَقْرَبُ: أَحَدُ السَّاقِيَتَيْنِ إلی صَاحِبِهِمَا أَمِ الجَدْوَلُ؟[41] نري‌ هنّا أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وزيد بن‌ ثابت‌ أرادا أن‌ يقيما له‌ برهاناً يتلخّص‌ في‌ أ نّه‌ لمّا كان‌ تقسيم‌ الميراث‌ بين‌ أرحام‌ الميّت‌ وأقربائه‌ علی أساس‌ قرابتهم‌ منه‌، فإنّ من‌ مات‌ وليس‌ له‌ أولاد وأب‌ وأُمّ، ولكن‌ له‌ جدّ وأخ‌، فلا يُعطي‌ الجدُّ الميراثَ كلّه‌، إذ إنّ للاخ‌ أن‌ يرث‌ أيضاً، وهو أقرب‌ إلی المتوفّي‌ من‌ الجدّ. وإذا أعطينا جدّه‌ نصيبه‌ من‌ الإرث‌، فلابدّ أن‌ نعطي‌ أخاه‌ نصيبه‌ أيضاً. وحينئذٍ يصل‌ الميراث‌ إلی الجدّ والإخوة‌، لا إلی الجدّ وحده‌. وقبل‌ عمر كلامهما، وعندما راجعوه‌ في‌ إرث‌ المتوفّي‌ الذي‌ ترك‌ جدّاً وأخاً، أفتي‌ بأ نّهما يرثان‌ معاً، وذلك‌ علی خلاف‌ رأي‌ أبي‌بكر الذي‌ كان‌ يقول‌: الجدّ يرث‌ فحسب‌.

 وقال‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ كتاب‌ « الخلاف‌ »: إذا كان‌ الورثة‌ هم‌ أُخت‌ لاب‌ وأُمّ، وأخ‌ لاب‌، وجدّ، فالمال‌ بين‌ الاخ‌ للاب‌ والاُمّ، والجدّ نصفان‌: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاْنْثَيَيْنِ. ويسقط‌ الاخ‌ من‌ جهة‌ الاب‌. واختلف‌ الصحابة‌ فيها، فذهب‌ أبوبكر ومن‌ تابعه‌ إلی أنّ المال‌ للجدّ، ويسقطان‌ معاً. وذهب‌ عمر وابن‌ مسعود إلی أنّ المال‌ بين‌ الاخ‌ للاب‌ والاُمّ، وبين‌ الجدّ نصفان‌ ويسقط‌ الاخ‌ للاب‌. [42]

 وقال‌ الشيخ‌ محمّد حسن‌ النجفيّ في‌ كتاب‌ « جواهر الكلام‌ »: لا خلاف‌ بيننا ] نحن‌ الشيعة‌ [ في‌ أنّ الجدّ، وإن‌ علا، يقاسم‌ الإخوة‌ لصدق‌ اسم‌ الجدّ، فضلاً عن‌ أولادهم‌. بل‌ عن‌ بعض‌ العامّة‌ سقوط‌ كلالة‌ الابوين‌ أو الاب‌ مع‌ الجدّ، وإن‌ تواترت‌ نصوصنا بخلافه‌ ـإلي‌ أن‌ قال‌ـ وعلي‌ كلّ حال‌، فلو اجتمعا، أي‌ الادني‌ وإن‌ بعد مع‌ الإخوة‌، شاركهم‌ الادني‌ وسقط‌ الابعد من‌ غير فرق‌ بين‌ اتّحاد الجهة‌ واختلافها. فلا يرث‌ ( الجدّ ) الاعلي‌ للاب‌ ولو كانَ ذَكَراً مع‌ ( الجدّ ) الادني‌ للاُمّ ولو كان‌ أُنثي‌، وكذا العكس‌. [43]

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌ التي‌ فاق‌ بها الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ غيره‌ علم‌ حساب‌ مقدار الميراث‌. ويسمّي‌ صاحب‌ هذا العلم‌ فرضيّاً، وجمعه‌ ( فرضيّون‌ ). وكان‌ الإمام‌ صلوات‌ الله‌ عليه‌ أشهر الفرضيّين‌ في‌ هذا العلم‌. فقد جاء في‌ فضائل‌ أحمدبن‌ حنبل‌ أنّ عبد الله‌ قال‌: إنَّ أعْلَمَ أَهْلِ المَدِينَةِ بِالفَرَائِضِ علی بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ.

 وقال‌ الشَّعْبي‌ّ: مَا رَأَيْتُ أَفْرَضَ مِنْ علی وَلاَ أَحْسَبَ مِنْهُ. ثمّ نقل‌ الشعبي‌ّ سؤال‌ الشخص‌ الذي‌ سأل‌ الإمام‌ وهو يخطب‌ علی المنبر، إذ سأله‌ عن‌ رجل‌ مات‌ وترك‌ امرأة‌ وأبوين‌ وابنتين‌، كم‌ نصيب‌ المرأة‌، فقال‌ عليه‌ السلام‌ بلاتوقّف‌: صَارَ ثُمْنُهَا تُسْعَاً. [44] وعرفت‌ هذه‌ المسألة‌ بالمسألة‌ المنبريّة‌.

 ومن‌ ذلك‌ المسألة‌ الديناريّة‌، وفيها أنّ الإمام‌ خرج‌ من‌ منزله‌ ووضع‌ قدمه‌ في‌ الركاب‌، فجاءته‌ امرأة‌ وقالت‌ له‌: مات‌ أخي‌ وترك‌ ستمائة‌ دينار، وأعطونيّ ديناراً واحداً من‌ هذا المبلغ‌ فأنصفني‌ وأعطني‌ حقّي‌. فعدّ الإمام‌ مقداراً من‌ الورثة‌ في‌ ذهنه‌ الوقّـاد علی الفـور، وأثبت‌ لها أنّ نصـيبها ليس‌أكثر من‌ دينار، ثمّ ركب‌ ومضي‌ عليه‌ السلام‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 24 و 25، طبعة‌ مصر، دار الإحياء.

[2] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 27 و 28، طبعة‌ مصر، دار الإحياء.

[3] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 262، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[4] ـ «المناقب‌»، ج‌ 1، ص‌ 263.

[5] ـ الآيات‌ 16 إلی 18، من‌ السورة‌ 75: القيامة‌.

[6] ـ ذكر ابن‌ حجر العسقلانيّ في‌ «تهذيب‌ التهذيب‌» ج‌ 7، ص‌ 539 و 540، تحت‌ الرقم‌ 540 قائلاً: علی بن‌ رَباح‌ (رباح‌ بفتح‌ الراء وتخفيف‌ الباء الموحّدة‌ والحاء المهملة‌)بن‌ قصير اللَّخمي‌ّ. ويقال‌ له‌: أبو موسي‌، والمشهور فيه‌ بضمّ العين‌. وهو ممّن‌ وفد علی معاوية‌. ذكره‌ ابن‌ سعد في‌ الطبقة‌ الثانية‌ من‌ أهل‌ مصر، وقال‌: كان‌ ثقة‌. وقال‌ الليث‌: قال‌ علي‌ّبن‌ رباح‌: لا أجعل‌ في‌ حلٍّ مَن‌ سمّاني‌ عليّاً، فإنّ اسمي‌ علی (بضمّ العين‌). وقال‌ المقري‌: كان‌ بنو أُميّة‌ إذا سمعوا بمولود اسمه‌ علی، قتلوه‌. فبلغ‌ ذلك‌ رباحاً، فقال‌: هو عُلَي‌ّ. وكان‌ يغضب‌ من‌ علی ويحرج‌ علی من‌ سمّاه‌ به‌. ولد سنة‌ 10 ومات‌ سنة‌ 114 أو 117. قال‌ ابن‌ سعد وابن‌ معين‌: إنّ أهل‌ مصر يقولونه‌ بفتح‌ العَين‌، وإنّ أهل‌ العراق‌ يقولونه‌ بالضمّ.

[7] ـ جاء في‌ «تهذيب‌ التهذيب‌» ج‌ 2، ص‌ 61 و 62 تحت‌ الرقم‌ 95: جَبَلة‌بن‌ سُحَيم‌ التيميّ الكوفي‌ّ. وثقّه‌ شعبة‌، والثوريّ، ويحيي‌ بن‌ معين‌، وابن‌ مريم‌، والعجليّ، والنسائي‌ّ، وأبوحاتم‌. قال‌ ابن‌ سعد: توفّي‌ في‌ فتنة‌ الوليد بن‌ يزيد. وقال‌ خليفة‌ بن‌ الخيّاط‌: مات‌ سنة‌ 125 ه في‌ ولاية‌ يوسف‌بن‌ عمر. وقال‌ القراب‌ في‌ تاريخه‌: مات‌ سنة‌ 126 ه.

[8] ـ جاء في‌ النسخة‌ الحجريّة‌ المطبوعة‌ من‌ «المناقب‌» هكذا كما ذكرناه‌. وقال‌ الجوهري‌ّ في‌ «صحاح‌ اللغة‌» ج‌ 1، ص‌ 31: ألب‌. الفرّاء: ألب‌ الابل‌ يألِبها ويألَبها ألباً: جمعها وساقها. وألبتُ الجيش‌ إذا جمعتُه‌. وتأ لّبوا: تجمّعوا. وهم‌ ألبُ وإلب‌ إذا كانوا مجتمعين‌. قال‌ رؤبة‌:

 قد أصـبـح‌ النـاس‌ علينـا ألبـا         فالناس‌ فـي‌ جـنـبٍ وكنّا جنبا

 وكذلك‌ الاُلبة‌ بالضمّ. والتأليب‌: التحريض‌، يقال‌: حسود مؤلّب‌، قال‌ ساعدة‌بن‌ جؤيه‌ الهذلي‌ّ: ضبر لباسهم‌ القتير المؤلّب‌. والتأ لّب‌ مثال‌ الثَّعْلَبِ: شجرٌ.

 ولكنّ المجلسي‌ّ ضبطها في‌ «بحار الانوار» في‌ باب‌ ما جاء في‌ كيفيّة‌ جمع‌ القرآن‌، ج‌ 19، ص‌ 14، طبعة‌ الكمبانيّ، وج‌ 92، ص‌ 52، في‌ الطبعة‌ الحديثة‌: مع‌ التَّيْه‌ نقلاً عن‌ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌». وقال‌ مصحّح‌ «البحار» في‌ هامش‌ ص‌ 52 من‌ ج‌ 92، الطبعة‌ الحديثة‌: هكذا في‌ الاصل‌، وفي‌ بعض‌ النسخ‌: الإلبة‌، بالكسر. أقول‌: الانسب‌ أُلْبَتِهِ بالضمّ، وإن‌ كان‌ لقوله‌: مع‌ التّيه‌ معني‌ مناسب‌.

[9] ـ هكذا ورد في‌ النسخة‌ المطبوعة‌ من‌ «المناقب‌»، وفي‌ «بحار الانوار» طبعة‌ الكمباني‌ّ الذي‌ رواه‌ عن‌ «المناقب‌»: الامر ما جاء به‌ أبو الحسن‌. بَيدَ أ نّه‌ ورد في‌ الطبعة‌ الحديثة‌ لـ«البحار» بنحو الاستفهام‌: لامر ما جاء أبو الحسن‌؟

[10] ـ الآية‌ 187، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[11] ـ قال‌ آية‌ الله‌ السيّد حسن‌ الصدر في‌ كتاب‌ «الشيعة‌ وفنون‌ الإسلام‌» ص‌ 49: وأوّل‌ مصحف‌ جمع‌ فيه‌ القرآن‌ علی ترتيب‌ النزول‌ بعد مـوت‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ هـو مصحف‌ أميرالمؤمنين‌ علی عليه‌ السلام‌. والروايات‌ في‌ ذلك‌ من‌ طريق‌ أهل‌ البيت‌ متواترة‌، ومن‌ طريق‌ أهل‌ السنّة‌ مستفيضة‌ أشرنا إلی بعضها في‌ الاصل‌ «تأسيس‌ الشيعة‌ لعلوم‌ الإسلام‌» وباحثنا فيه‌ ابن‌ حجر العسقلاني‌ّ.

[12] ـ في‌ الطبعة‌ الحديثة‌ لكتاب‌ «مناقب‌ آل‌ أبي‌ طالب‌»: فاستُعجمت‌ أي‌ فاستبهمت‌ ولم‌تصحّ.

[13] ـ هذا البيت‌ من‌ قصيدة‌ للصاحب‌ بن‌ عبّاد مطلعها:

حُبُّ النَّبِي‌ِّ وَأَهْلِ البَيْـتِ مُعْتَمَـدِي                          ‌ إذِ الخُطُـوبُ أَسَـاءَتْ رَأْيَـهَـا فِينَـا

 وذكرها سبط‌ بن‌ الجوزي‌ّ برمّتها في‌ «تذكرة‌ الخواصّ» ص‌ 88.

[14] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 266 و 267، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[15] ـ روي‌ في‌ «غاية‌ المرام‌» القسم‌ الثاني‌، ص‌ 513، الحديث‌ 26، عن‌ السيّد ابن‌طاووس‌ في‌ كتاب‌ «سعد السعود» عن‌ طريق‌ العامّة‌، عن‌ أبي‌ حامد الغزّالي‌ّ، قال‌ علی عليه‌ السلام‌ لمّا حكي‌ عهد موسي‌: إنّ شرح‌ كتابه‌ كان‌ أربعين‌ حملاً، لو أذِنَ الله‌ ورسوله‌ لي‌، لاَشرع‌ في‌ شرح‌ معاني‌ ألف‌ الفاتحة‌ حتّي‌ يبلغ‌ مثل‌ ذلك‌، يعني‌ أربعين‌ وقراً أو جملاً. وهذه‌ الكثرة‌ في‌ السعة‌ والإفتاح‌ في‌ العلم‌ لا تكون‌ إلاّ لَدُنّيّاً سماويّاً إلهيّاً. هذا آخر لفظ‌ محمّدبن‌ محمّد الغزّالي‌ّ في‌ كتاب‌ بيان‌ العلم‌ اللدُنّي‌ّ في‌ وصف‌ مولانا علی بن‌ أبي‌ طالب‌ صلوات‌الله‌ عليه‌ وآله‌.

 وروي‌ في‌ الحديث‌ 27 أيضـاً عن‌ طـريق‌ العامّـة‌، عن‌ السـيّد ابن‌ طـاووس‌، عن‌ أبي‌عمرالزاهد، واسمه‌ محمّد بن‌ عبد الواحد في‌ كتابه‌ بإسناده‌ إلی علی بن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: يا ابن‌عبّاس‌! إذا صلّيت‌ عشاء الآخرة‌، فالحقني‌ إلی الجبّان‌. قال‌ ابن‌عبّاس‌: فصلّيتُ ولحقته‌، وكانت‌ ليلة‌ مقمرة‌. فقال‌ لي‌: ما تفسير الالف‌ من‌ الحمد؟ قلتُ: فما علمتُ حرفاً أُجيبه‌. فتكلّم‌ في‌ تفسيرها ساعة‌ واحدة‌ تامّة‌. قال‌: فما تفسير الحاء من‌ الحمد؟ فقلتُ: لا أعلم‌. فتكلّم‌ فيها ساعة‌ تامّة‌. ثمّ قال‌ عليه‌ السلام‌: فما تفسير الميم‌؟ قال‌: قلتُ: لا أدري‌. قال‌: فتكلّم‌ فيها ساعة‌ تامّة‌. ثمّ قال‌: فما تفسير الدال‌ من‌ الحمد؟ قال‌: قلتُ: لا أدري‌. فتكلّم‌ فيها إلی برق‌ عمود الفجر. ثمّ قال‌ لي‌: قُمْ يا ابن‌ عبّاس‌ إلی منزلك‌ وتأهّب‌ لفرضك‌. قال‌ أبوالعبّاس‌ عبدالله‌بن‌ عبّاس‌: فقمتُ وقد وعيتُ كلّما قال‌، ثمّ تفكّرتُ فإذا علمي‌ بالقرآن‌ في‌ علم‌ علی كالقرارة‌ في‌ الثَّعجَر (الغدير وبركة‌ الماء من‌ البحر).

[16] ـ روي‌ ابن‌ عبد البرّ في‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1107 عن‌ معمر، عن‌ وهب‌بن‌ عبدالله‌، عن‌ أبي‌ الطفيل‌ قال‌: شهدتُ عليّاً يخطب‌ وهو يقول‌: سَلُونِي‌، فَوَاللَهِ لاَتَسْأَلُونِي‌ عَنْ شَي‌ءٍ، إلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ. وَسَلُونِي‌ عَنْ كِتَابِ اللَهِ، فَوَاللَهِ مَا مِنْ آيَةٍ إلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهارٍِ، أَمْ فِي‌ سَهْلٍ أَمْ فِي‌ جَبَلٍ.

[17] ـ قال‌ السيّد حيدر الآملي‌ّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ في‌ كتاب‌ «جامع‌ الاسرار ومنبع‌ الانوار» ص‌ 690، وهو يشرح‌ الحقيقة‌ الكلّيّة‌: واعلم‌ أنّ هذه‌ الحقيقة‌ (الكلّيّة‌ المتعيّنة‌ بالتعيّن‌ الاوّل‌) عند التحقيق‌ ليس‌ لها اسم‌ ولا رسم‌ ولا وصف‌ ولا نعت‌، لانّ الحقّ التي‌ هي‌ صورته‌ كذلك‌... إلی أن‌ قال‌ في‌ ص‌ 694: و(تسمّي‌ هذه‌ الحقيقة‌ الكلّيّة‌ أيضاً) بالنقطة‌، لا نّها أوّل‌ نقطة‌ تعيّن‌ بها الوجود المطلق‌. وسمّي‌ بالوجود المضاف‌ (وذلك‌) كنقطة‌ الباء مثلاً فإنّها أوّل‌ نقطة‌ تعيّن‌ بها الالف‌ في‌ مظاهره‌ الحروفيّة‌، وصار باءً، ولهذا قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: «أنا النقطة‌ تحت‌ الباء». وقال‌: «لو شئت‌ لاوقرت‌ سبعين‌ بعيراً من‌ باء بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌). وقال‌: «العلم‌ نقطة‌ كثّرها جهلُ الجهلاء».

 وقال‌ بعض‌ العارفين‌: بالباء ظهر الوجود، وبالنقطة‌ تميّز العابد عن‌ المعبود. وقال‌ الآخر: ظهر الوجود من‌ باء بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌. وأمثال‌ ذلك‌ كثيرة‌ في‌ هذا الباب‌. وقد بسطنا الكلام‌ في‌ تفسيرها وتحقيقها في‌ رسالتنا المسمّاة‌ بـ«منتخب‌ التأويل‌ في‌ بيان‌ كتاب‌ الله‌ وحروفه‌ وكلماته‌ وآياته‌». ويواصل‌ حديثه‌ حتّي‌ ص‌ 700 فيقول‌: وسرّ قوله‌ عليه‌ السلام‌: «لو شئتُ لاوقرت‌ سبعين‌ بعيراً من‌ باء بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌» شاهد علی هذا المعني‌، لا نّه‌ لو شاء في‌ تفسير هذا الباء والنقطة‌ المذكورة‌ تحته‌ المتميّز بها عن‌ الالف‌ لم‌يكن‌ يحمله‌ سبعون‌ بعيراً ولا سبعون‌ ألف‌ بعير، وإلي‌ هذا أشار الشيخ‌ العارف‌ الكامل‌ ابن‌الفارض‌ المصري‌ّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ في‌ قصيدته‌ التائيّة‌ في‌ قوله‌ ـولو كنت‌ بي‌ من‌ نقطة‌ الباء خفضة‌ـ البيت‌، كما شرحه‌ الشيخ‌ العارف‌ عزّ الملّة‌ والدين‌ الكاشي‌ّ رحمة‌ الله‌ عليه‌. ونقل‌ هنا شرح‌ المولي‌ عبد الرزّاق‌ القاساني‌ّ كلّه‌. وكذلك‌ قال‌ في‌ ص‌ 563: وبالجملة‌ أسرار (البسملة‌) ليست‌ بقابلة‌ للتقرير والتحرير، ومن‌ هذا المقام‌ قيل‌: ظهر الوجود من‌ باء بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌. وقيل‌: بالباء ظهر الوجود، وبالنقطة‌ تميّز العابد عن‌ المعبود. وقال‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: والله‌ لو شئت‌ لاوقرتُ سبعين‌ بعيراً من‌ (شرح‌) باء بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌». وقال‌ أيضاً: «أنا النقطة‌ تحت‌ الباء» لا نّه‌ كنقطة‌ بالنسبة‌ إلی التعيّن‌ الاوّل‌ الذي‌ هو النور الحقيقي‌ّ المحمّدي‌ّ، لقوله‌: «أوّل‌ ما خلق‌ الله‌ نوري‌» المسمّي‌ بالرحيم‌. ولقوله‌: «أنا وعلي‌ٌّ من‌ نور واحد». إلی آخر ما ذكره‌ في‌ شرح‌ هذه‌ العبارة‌.

[18] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 267 و 268، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[19] ـ الآيات‌ 1 إلی 6، من‌ السورة‌ 51: الذاريات‌.

[20] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 18، ص‌ 395 و 396.

[21] ـ «تفسير ابن‌ كثير» ج‌ 6، ص‌ 413 و 414، طبعة‌ دار الفكر، بيروت‌.

[22] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 6، ص‌ 111.

[23] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 6، ص‌ 111؛ و«تفسير ابن‌ كثير» ج‌ 6، ص‌ 414.

[24] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 6، ص‌ 111.

[25] ـ العراجين‌ جمع‌ العرجون‌. وعرجون‌ النخلة‌ جريدها المتّصل‌ بجذعها، وتعلّق‌ به‌ أعذاق‌ التمر. ويعوّج‌ ويبقي‌ علی النخل‌ يابساً بعد قطع‌ الشماريخ‌ عنه‌، ثمّ يؤخذ ويستعمل‌.

[26] ـ وردت‌ هذه‌ القضيّة‌ في‌ كتاب‌ «النصّ والاجتهاد» ص‌ 271، الطبعة‌ الثانية‌، وقال‌ في‌ هامشها: أخرجها أهل‌ الاخبار، وأرسلها المتتبّع‌ الخبير ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ أحوال‌ عمر، في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 3، ص‌ 122، طبعة‌ مصر. وجاء اسم‌ الشخص‌ في‌ جميعها: ضُبَيع‌ بالضاد المعجمة‌ والعين‌ المهملة‌.

[27] ـ «الغدير»، ج‌ 6، ص‌ 290 إلی 292، تحت‌ الرقم‌ 90.

[28] ـ «الإتقان‌» ج‌ 12، ص‌ 4 (أقدم‌ طبعة‌) طبعة‌ المطبعة‌ الموسويّة‌ في‌ ديار مصر، سنة‌ 1278 ه.

[29] ـ «تفسير ابن‌ كثير» ج‌ 6، ص‌ 414، طبعة‌ بيروت‌.

[30] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 181، طبعة‌ مصر، دار الإحياء؛ قال‌: كان‌ يقال‌... وذكر ابن‌ أبي‌ الحديد هنا أيضاً أ نّه‌ روي‌ في‌ الصحيح‌ أنّ نسوة‌ كنّ عند رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قد كثر لغطهنّ، فجاء عمر فهربن‌ هيبة‌ له‌، فقال‌ لهنّ: يا عُدَيّات‌ أنفسهنّ! أتهبنني‌ ولاتهبن‌ رسول‌الله‌! قلن‌: نعم‌، أنت‌ أغلظ‌ وأفظّ.

[31] ـ تفسير «الكشّاف‌» للزمخشريّ، في‌ ذيل‌ البحث‌ حول‌ هذه‌ الآية‌ المباركة‌ من‌ سورة‌ التحريم‌.

[32] ـ «معرفة‌ الإمام‌» ج‌ 11، الدرس‌ 161 إلی 165. ونقلت‌ هـذه‌ العبـارة‌ هناك‌ عن‌ ابن‌ أبي‌ الحديد.

[33] ـ «تفسير ابن‌ كثير» ج‌ 6، ص‌ 414.

[34] ـ من‌ الجدير بالذكر أنّ هذا المصحف‌ الذي‌ بين‌ أيدينا لا يزيد ولا ينقص‌ آية‌ أو حرفاً واحداً عن‌ مصحف‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، كما لم‌ يُحرَّف‌ ولم‌ يُصَحَّف‌. وإنّما تميّز مصحفه‌ عليه‌ السلام‌ لاسباب‌ هي‌: 1 ـ أ نّه‌ جمعت‌ فيه‌ الآيات‌ والسور حسب‌ ترتيب‌ نزوله‌. 2 ـ ذكر فيه‌ شأن‌ النزول‌، وهذا أمر مهمّ وعظيم‌ جدّاً كان‌ القوم‌ يخشونه‌. 3 ـ كان‌ معجماً ولذلك‌ كان‌ يُتلي‌ دون‌ احتمال‌ معني‌ آخر، أمّا المصاحف‌ الاُخري‌ فكانت‌ غيرمعجمة‌، وإنّما أُعجمت‌ أيّام‌ الحجّاج‌بن‌ يوسف‌ الثقفي‌ّ.

[35] ـ رواه‌ أحمد بن‌ حنبل‌ بهذا اللفظ‌ في‌ مسنده‌ بطريقين‌: إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ، وَأَهْلَ بَيتِي‌، وَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الحَوْضَ. وكذلك‌ رواه‌ أحمد في‌ مسنده‌، والطبرانيّ في‌ معجمه‌ الكبير، وصاحب‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 1، ص‌ 47، 48، بهذا اللفظ‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالاَرْضِ، وَعِتْرَتِي‌ أَهل‌ بَيْتي‌، وَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الحَوْضَ. وروي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ القمّيّ بإسناده‌ عن‌ الحسين‌ بن‌ يزيد بن‌ عبدعلي‌ّ، عن‌ عبدالله‌بن‌ الحسن‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ الإمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: خطب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ يوماً فقال‌ بعد ما حمد الله‌ وأثني‌ عليه‌: معاشر الناس‌! كأ نّي‌ أُدعي‌ فأجيب‌، وَإنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْـنِ: كِتَابَ اللَهِ، وَعِتْـرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌، أَمَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْتَضِلُّوا، فَتَعَلَّمُوا مِنْهُمْ وَلاَتُعَلِّمُوهُمْ فَإنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ. لاَ تَخْلُو الاَرْض‌ مِنْهُمْ، وَلَوْ خَلَتْ لاَنْسَاخَتْ بِأَهْلِهَا ـالخطبة‌ («غاية‌ المرام‌» ص‌ 236، الحديث‌ الحادي‌ عشر؛ و«تفسير البرهان‌» ج‌ 1، ص‌ 517 و 518 ). ورواه‌ ما يزيد علی ثلاثين‌ من‌ الصحابة‌. وإذا عدونا علماء الشيعة‌ ومصنّفاتهم‌ الموثوقة‌، فقد رواه‌ ما يربو علی مائتين‌ من‌ علماء العامّة‌ الكبار بألفاظ‌ مختلفة‌. وورد في‌ ما ينيف‌ علی خمسمائة‌ كتاب‌ من‌ كتبهم‌ المعتبرة‌. («عبقات‌ الانوار» مقدّمة‌ الطبعة‌، الجزء الاوّل‌ من‌ المجلّد الثاني‌ عشر، القسم‌ الاوّل‌ مقابل‌ الصفحة‌ الاُولي‌؛ فهرس‌ مصادر سند حديث‌ الثقلين‌ من‌ ص‌ 1165 إلی 1188، من‌ ملحق‌ طبعة‌ الجزء الاخير من‌ المجلّد الثاني‌ عشر).

[36] -کل ما أکل أو شرب صبا حاً.(المنجد).

[37] ـ الآية‌ 96، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي‌ بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًي‌ لِّلْعَـ'لَمِينَ * فِيهِ ءَايَـ'تٌ بَيِّنَـ'تٌ مَّقَامُ إِبْرَ ' هِيمَ وَمَن‌ دَخَلَهُ و كَانَ ءَامِنًا وَلِلَّهِ علی النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن‌ كَفَرَ فَإنَّ اللَهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَـ'لَمِينَ.

[38] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 268، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[39] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 268، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[40] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 268، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[41] ـ ذكر السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ العامليّ في‌ كتاب‌ «النصّ والاجتهاد» ص‌ 217 إلی 219 الطبعة‌ الثانية‌، في‌ المورد الثلاثين‌ الخاصّ بميراث‌ الجدّ مع‌ الإخوة‌ أنّ البيهقي‌ّ أخرج‌ في‌ سننه‌، وفي‌ «شعب‌ الإيمان‌»، والشيخ‌ في‌ كتاب‌ «الفرائض‌»، ونقله‌ المتّقي‌ّالهنديّ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 15، أنّ عمر سأل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ عن‌ ميراث‌ الجدّ مع‌ الإخوة‌، فقال‌ له‌ رسول‌ الله‌: ما سؤالك‌ عن‌ هذا يا عمر؟ إنّي‌ أظنّك‌ تموت‌ قبل‌ أن‌ تعلمه‌. قال‌ راوي‌ هذا الحديث‌ سعيد بن‌ المسيِّب‌: فمات‌ عمر قبل‌ أن‌ يعلمه‌.

 قال‌ العامليّ رضوان‌ الله‌ عليه‌: وقد اضطرب‌ عمر في‌ هذه‌ المسألة‌ أيّام‌ خلافته‌ حتّي‌ قضي‌ فيها ـفيما قيل‌ عنه‌ـ بسبعين‌ حكماً. وأخرج‌ ابن‌ أبي‌ شيبة‌، والبيهقيّ في‌ سننهما، وابن‌سعد في‌ طبقاته‌، ونقله‌ صاحب‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 15 في‌ الفرائض‌، أنّ أباعُبيدة‌ السلمانيّ قال‌: لقد حفظتُ لعمر بن‌ الخطّاب‌ في‌ الجدّ مائة‌ قضيّة‌ مختلفة‌. وأخرج‌ البيهقيّ في‌ «شعب‌ الإيمان‌» كما في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 15: أنّ عمر قال‌: إنِّي‌ قضيتُ في‌ الجدّ قضيّات‌ لم‌آل‌ فيها عن‌ الحقّ. ورجع‌ أخيراً في‌ هذه‌ المعضلة‌ إلی زيد بن‌ ثابت‌. ونقل‌ الدميري‌ّ في‌ مادّة‌ حيّة‌ من‌ كتاب‌ «حياة‌ الحيوان‌» عن‌ طارق‌ بن‌ شهاب‌ الزهريّ أ نّه‌ قال‌: كان‌ عمربن‌ الخطّاب‌ قضي‌ في‌ ميراث‌ الجدّ مع‌ الإخوة‌ قضايا مختلفة‌، ثمّ إنّه‌ جمع‌ الصحابة‌، وأخذ كتفاً ليكتب‌ فيه‌ وهم‌ يرون‌ أ نّه‌ يجعله‌ أباً، فخرجت‌ حيّة‌ فتفرّقوا. فقال‌ عمر: لو أراد الله‌ تعالي‌ أن‌ يمضيه‌ لامضاه‌. ثمّ أتي‌ إلی منزل‌ زيد بن‌ ثابت‌، فقال‌ له‌: جئتك‌ في‌ أمر الجدّ، وأريد أن‌ أجعله‌ أباً. فقال‌ زيد: لا أُوافقك‌ علی أن‌ تجعله‌ أباً. فخرج‌ عمر مغضباً، ثمّ أرسل‌ إليه‌ في‌ وقت‌ آخر. فكتب‌ زيد مذهبه‌ فيه‌ في‌ قطعة‌ قتب‌. وبعثه‌ إليه‌. فلمّا قرأ عمر كتاب‌ زيد، خطب‌ الناس‌، ثمّ قرأ قطعة‌ القتب‌ عليهم‌. ثمّ قال‌: إنّ زيداً قد قال‌ في‌ الجدّ قولاً قد أمضيته‌.

 قال‌ آية‌ الله‌ العامليّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ الهامش‌: من‌ أراد الوقوف‌ علی ارتباك‌ عمر في‌ هذه‌ القضيّة‌، فعليه‌ بالوقوف‌ علی ما حولها من‌ صحاح‌ السنّة‌ ومسانيدها. وحسبك‌ ما في‌ الفرائض‌ من‌ «كنز العمّال‌»، ومن‌ «المستدرك‌» للحاكم‌.

 ولمّا بلغ‌ موضوعنا هذه‌ النقطة‌ من‌ البحث‌، يحسن‌ بنا أن‌ نذكر المورد الحادي‌ والثلاثين‌ من‌ الموارد التي‌ تأوّل‌ فيها عمر مقابل‌ السنّة‌ النبويّة‌، وقد أورده‌ آية‌الله‌ العامليّ في‌ الفريضة‌ المشتركة‌ التي‌ تُعرف‌ بالحماريّة‌. ومجمل‌ القضيّة‌ أنّ امرأة‌ ماتت‌ عن‌ زوج‌ وأُمّ، وأخوين‌ آخرين‌ لاُ مّها وأبيها معاً، وذلك‌ علی عهد الخليفة‌ الثاني‌ فرفعت‌ إليه‌ هذه‌ القضيّة‌ مرّتين‌. فقضي‌ في‌ المرّة‌ الاُولي‌ بإعطاء زوجها فرضه‌ وهو النصف‌، وإعطاء أُمّها فرضها وهو السدس‌، وإعطاء أخويها لاُ مّها خاصّة‌ الثلث‌ لكلّ منهما السدس‌، فتمّ المال‌، وأُسقط‌ أخواها الشقيقان‌. وفي‌ المرّة‌ الثانية‌ أراد أن‌ يحكم‌ بذلك‌ أيضاً، فقال‌ له‌ أحد الشقيقين‌: هب‌ أنّ أبانا كان‌ حماراً فأشركنا في‌ قرابة‌ أُمّنا. فأشرك‌ عمر بينهم‌ بتوزيع‌ الثلث‌ علی الإخوة‌ الاربعة‌ بالسواء. فقال‌ له‌ رجل‌: إنّك‌ لم‌ تشركهما عام‌ كذا؟ فقال‌ عمر: تلك‌ علی ما قضينا يومئذٍ، وهذه‌ علی ما قضينا الآن‌.

 قال‌ آية‌ الله‌ العامليّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ الهامش‌: أخرجه‌ البيهقيّ، وابن‌ أبي‌ شيبة‌ في‌ سننهما، وعبد الرزّاق‌ في‌ جامعه‌ كما في‌ أوّل‌ الصفحة‌ الثانية‌ من‌ فرائض‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 7، الحديث‌ 110. وذكر في‌ هذه‌ القضيّة‌ الفاضل‌ الشرقاويّ في‌ حاشيته‌ علی «التحرير» للشيخ‌ زكريّا الانصاري‌ّ، ونقل‌ صاحب‌ «مجمع‌ الانهر في‌ شرح‌ ملتقي‌ الابحر»: أنّ عمر كان‌ أوّلاً يقول‌ بعدم‌ التشريك‌ ثمّ رجع‌. وسبب‌ رجوعه‌ أ نّه‌ سئل‌ عن‌ هذه‌ المسألة‌ فأجاب‌ كما هو مذهبه‌. فقام‌ واحد من‌ الاولاد لابٍ وأُمّ وقال‌: يا أمير المؤمنين‌! لئن‌ سلّمنا أنّ أبانا كان‌ حماراً، ألسنا من‌ أُمّ واحدة‌؟ فأطرق‌ رأسه‌ مليّاً وقال‌: صدقتَ لا نّكم‌ بنو أُمّ واحدة‌، فشركهم‌ في‌ الثلث‌.

 وذكر أحمد أمين‌ هذه‌ القضيّة‌ بهذه‌ الكيفيّة‌ علی سبيل‌ الاختصار في‌ كتابه‌ «فجر الإسلام‌» ج‌ 1، ص‌ 285، المخصوص‌ بالحياة‌ العقليّة‌. وقال‌ آية‌ الله‌ العامليّ رضوان‌الله‌ عليه‌ في‌ المتن‌ أيضاً: وتعرف‌ هذه‌ المسألة‌ بالفريضة‌ الحماريّة‌ لقول‌ ذلك‌ الرجل‌: هَبْ أنّ أَبانا كان‌ حماراً. وربما سمّيّت‌ بالحجريّة‌ واليمّيّة‌. إذ روي‌ أنّ بعضهم‌ قال‌: هَبْ أنّ أبانا كان‌ حَجَراً ملقيً في‌ اليمّ. وقد تسمّي‌ العمريّة‌ لاختلاف‌ قولي‌ عمر فيها. ويقال‌ لها: المشتركة‌. وهي‌ من‌ المسائل‌ المعروفة‌ عند فقهاء المذاهب‌ الاربعة‌ وهم‌ مختلفون‌ فيها. فأبو حنيفة‌ وصاحباه‌، وأحمدبن‌ حنبل‌، وزفر، وابن‌ أبي‌ ليلي‌ يرون‌ حرمان‌ الاخوين‌ الشقيقين‌ علی ما قضي‌ به‌ عمر أوّلاً، بخلاف‌ مالك‌ والشافعيّ، فإنّهما يشركان‌ الشقيقين‌ مع‌ الاخوين‌ لاُمّ في‌ الثلث‌ علی ما قضي‌ به‌ أخيراً.

[42] ـ «الخلاف‌» ج‌ 2، ص‌ 72، المسألة‌ 109، الطبعة‌ الحديثة‌، سنة‌ 1382 ه.

[43] ـ «جواهر الكلام‌» ج‌ 39، ص‌ 162، الطبعة‌ الحديثة‌.

[44] ـ تحدّثنا عن‌ هاتين‌ المسألتين‌ مفصّلاً في‌ الجزء الحادي‌ عشر من‌ هذا الكتاب‌، الدرس‌ 161 إلی 165، فراجع‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com