بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد العاشر/ القسم الرابع: حقد عائشة علی علیّ اميرالمومنين علیه السلام، استشهاد علی علیه السلام بحدی...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

علماء الشيعة‌ يروون‌ حديث‌ المنزلة‌ من‌ لسان‌ رسول‌ الله‌

ورواه‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ أمإلیه‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ محمّدبن‌ عمّاربن‌ ياسر، عن‌ أبي‌ ذرّ الغفاري‌ّ جُنْدب‌ بن‌ جُنَادة‌، قال‌: رأيت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قد أخذ بيد علی‌ّ وقال‌:

 يَا علی‌ُّ! أَنْتَ أَخِي‌، وَصَفِيِّي‌، وَوَصِيِّي‌، وَوَزِيرِي‌، وَأَمِينِي‌! مَكَانُكَ فِي‌ حَيَاتِي‌ وَبَعْدَ مَوْتِي‌ كَمَكَانِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَنَبِي‌َّ مَعِي‌! مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّكَ خَتَمَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالاَمْنِ وَالإيمَانِ! وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُبْغِضُكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي‌ الإسلام نَصِيبٌ.[1]

 الرجوع الي الفهرس

 خطبة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بعد معركة‌ الجمل‌

وذكر الشيخ‌ الطبرسي‌ّ في‌ « الاحتجاج‌ » أنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ لمّا دخل‌ البصرة‌، وفرغ‌ من‌ معركة‌ الجمل‌، قال‌ بعض‌ أصحابه‌: إنّ علیاً لايقسّم‌ الفي‌ء فينا بالسويّة‌، ولا يعدل‌ في‌ الرعيّة‌، وغير ذلك‌ من‌ المسائل‌ التي‌ أجاب‌ عنها أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ خطبة‌ خطبها؛ وهذه‌ الخطبة‌ مرويّة‌ عن‌ يَحْيي‌بن‌ عبد الله‌ بن‌ الحسن‌، عن‌ أبيه‌: عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ قال‌: لمّا دخل‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ البصرة‌، خطب‌ هذه‌ الخطبة‌ بعد دخوله‌ بأيّام‌. فقام‌ إلیه‌ رجل‌ وقال‌: يا أمير المؤمنين‌! أخبرني‌ مَنْ أهل‌ الجماعة‌ ؟! ومَنْ أهل‌ الفرقة‌ ؟ ومَنْ أهل‌ البدعة‌ ؟ ومَنْ أهل‌ السُّنّة‌ ؟

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ جوابه‌: ويْحَكَ! أما إذا سألتني‌، فافهم‌ عني‌ّ؛ ولا علیك‌ أن‌ تسال‌ عنها أحداً بعدي‌!

 أمّا أهل‌ الجماعة‌، فأنا ومن‌ اتّبعني‌، وإن‌ قلّوا. وذلك‌ الحقّ عن‌ أمر الله‌ تعإلی‌، وعن‌ أمر رسوله‌! وأمّا أهل‌ الفرقة‌، فهم‌ المخالفون‌ لي‌ ولمن‌ اتّبعني‌، وإن‌ كثروا. أمّا أهل‌ السنّة‌، فهم‌ المتمسّكون‌ بما سنّه‌الله‌ لهم‌ ورسوله‌، وإن‌ قلّوا. وأمّا أهل‌ البدعة‌ فالمخالفون‌ لامر الله‌ ولكتابه‌ ولرسوله‌، العاملون‌ برأيهم‌ وأهوائهم‌، وإن‌ كثروا. وقد مضي‌ منهم‌ الفوج‌ الاوّل‌ وبقيت‌ أفواج‌؛ وعلی‌ الله‌ قبضها، واستيصالها عن‌ جُدَدِ الارض‌.

 فقام‌ إلیه‌ عمّاربن‌ ياسر، فقال‌: يا أمير المؤمنين‌! إنّ الناس‌ يذكرون‌ الفي‌ء، ويزعمون‌ أنّ من‌ قاتلنا ( أصحاب‌ الجمل‌ ) فهو وماله‌ وولده‌ في‌ء لنا.

 فقام‌ إلیه‌ رجل‌ من‌ بكر بن‌ وائل‌، ويدعي‌ عبَّاد بن‌ قيس‌، وكان‌ ذا عارضة‌ ولسان‌ شديد، فقال‌: يا أمير المؤمنين‌! والله‌ ما قسمتَ بالسويّة‌! ولاعدلتَ في‌ الرعيّة‌!

 قال‌ أمير المؤمنين‌: لِمَ؛ ويحك‌ ؟!

 قال‌ الرجل‌: لا نّك‌ قسمتَ ما في‌ العسكر! وتركت‌ الاموال‌ والنساء والذرّيّة‌!

قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: أيُّها الناس‌! من‌ كانت‌ به‌ جراحة‌ فليداوها بالسمن‌!

 فقال‌ عبّاد بن‌ قَيْس‌: جئنا نطلب‌ غنائمنا، فجاءنا بالتُّرَّهَات‌[2] ( الهراء الذي‌ ليس‌ له‌ معني‌ ).

 فقال‌ له‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: إن‌ كنت‌ كاذباً فلا أماتك‌ الله‌ حتّي‌ يدركك‌ غلام‌ ثقيف‌![3] قيل‌: ومن‌ غلام‌ ثقيف‌ ؟! قال‌: رجل‌ لايدع‌ للّه‌ حرمة‌ إلاّ انتهكها.

 فقيل‌ له‌: أفيموت‌ أو يقتل‌ ؟

 فقال‌ الإمام‌: يقصمه‌ قَاصِمُ الجَبَّارِينَ بموت‌ فاحش‌ يحترق‌ منه‌ دبره‌ لكثرة‌ ما يجري‌ من‌ بطنه‌.

 ثمّ قال‌ علیه‌ السلام‌: يا أخا بكر! أنت‌ امرؤ ضعيف‌ الرأي‌! أَوَ ما علمتَ أ نّا لانأخذ الصغير بذنب‌ الكبير ؟! وأنّ الاموال‌ كانت‌ لهم‌ قبل‌ الفرقة‌؛ وتزوّجوا علی‌ رشدة‌، وولدوا علی‌ فطرة‌! وإنّما لكم‌ ما حوي‌ عسكركم‌، وما كان‌ في‌ دورهم‌ فهو ميراث‌. فإن‌ عدا أحد منهم‌ أخذناه‌ بذنبه‌؛ وإن‌ كفّ عنّا لم‌ نحمل‌ علیه‌ ذنب‌ غيره‌.

 يا أخا بكر! لقد حكمت‌ فيهم‌ بحكم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ أهل‌ مكّة‌، فقسّم‌ ما حوي‌ العسكر، ولم‌ يتعرّض‌ لما سوي‌ ذلك‌. وإنّما اتّبعت‌ أثره‌ حَذْو النَّعْلِ بِالنَّعْلِ.[4]

 يا أخا بكر! أما علمت‌ أنّ دارَ الحَرْبِ يحلّ ما فيها ؟! وأنّ دَارَ الهِجْرةِ يحرّم‌ ما فيها إلاّ بالحقّ!

 فَمَهْلاً مَهْلاً رَحِمَكُمْ اللَهُ! فإن‌ لم‌ تصدّقوني‌، وأكثرتم‌ علی‌َّ -وذلك‌ أ نّه‌ تكلمّ في‌ هذا غير واحد- فأيّكم‌ يأخذ عائشة‌ بسهمه‌ ؟! ولمّا بلغ‌ كلامه‌ هذه‌ النقطة‌، قالوا أجمعهم‌: يا أميرالمؤمنين‌! أصبتَ وأخطأنا! وعلمتَ وجهلنا! فنحن‌ نستغفر الله‌ تعإلی‌! ونادي‌ الناس‌ من‌ كلّ جانب‌: أصبتَ يا أميرالمؤمنين‌! أصاب‌ الله‌ بك‌ الرشاد والسداد!

 فقام‌ عبّاد، فقال‌: أيّها النَّاسُ! إنّكم‌ والله‌ لو اتّبعتموه‌ وأطعتموه‌ لن‌يضلّ بكم‌ عن‌ منهل‌ نبيّكم‌ حتّي‌ قيد شعرة‌! وكيف‌ لايكون‌ ذلك‌، وقد استودعه‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ علم‌ المَنَايَا وَالقَضَايَا وَفَصْلَ الخِطَاب‌ علی‌ منهاج‌ هارون‌ وقال‌ له‌: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌، إلاَّ أَ نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌! فضلاً خصّه‌ الله‌ به‌، وإكراماً منه‌ لنبيّه‌ حيث‌ أعطاه‌ ما لم‌يعط‌ أحداً من‌ خلقه‌.

 ثمّ قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: انظروا رحمكم‌ الله‌ ماتؤمرون‌، فامضوا له‌!

 فإنّ العالم‌ أعلم‌ بما يأتي‌ به‌ من‌ الجاهل‌ الخسيس‌ الاخس‌. فإنّي‌ حاملكم‌ إنّ شاء الله‌ إن‌ أطعتموني‌ علی‌ سبيل‌ النجاة‌، وإن‌ كانت‌ فيه‌ مشقّة‌ شديدة‌، ومرارة‌ عديدة‌. والدنيا حلوة‌ الحلاوة‌ لمن‌ اغترّ بها من‌ الشقاوة‌ والندامة‌ عمّا قليل‌!

 الرجوع الي الفهرس

 حقد عائشة‌ علی‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌

ثمّ إنّي‌ أخبركم‌ أنّ جيلاً من‌ بني‌ إسرائيل‌ أمرهم‌ نبيّهم‌ أن‌ لايشربوا من‌ النهر، فلجّوا في‌ ترك‌ أمره‌ فشربوا منه‌ إلاّ قليل‌ منهم‌. فكونوا رحمكم‌ الله‌! من‌ أُولئك‌ الذين‌ أطاعوا نبيّهم‌، ولم‌ يعصوا ربّهم‌. وَأَمَّا عَائَشَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْي‌ُ النِّسَاءِ؛ وَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حُرْمَتُهَا الاُولَي‌؛ وَالحِسَابُ علی‌ اللَهِ؛ يَعْفُو عَمَّنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ.[5]

 ونقل‌ الملا علی‌ّ المتّقي‌ هذه‌ الخطبة‌ كلّها في‌ « كنز العمّال‌ »، لكنّه‌ ذكر أنّ ذلك‌ الرجل‌ الذي‌ قام‌ وقال‌: أَيُّهَا النَّاسُ! إنّكم‌ والله‌ لو اتّبعتموه‌ وأطعتموه‌، لن‌يضلّ بكم‌ عن‌ منهل‌ نبيّكم‌ حتّي‌ قيد شعرة‌! ذلك‌ أ نّه‌ أُودع‌ علم‌ المَنَايَا وَالقَضَايَا وَفَصْلَ الخِطَابِ، وأنّ النبي‌ّ قال‌ له‌: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَ نَبِي‌َّ بَعْدِي‌ هو عمّاربن‌ ياسر.

 وقال‌: فَقَامَ عَمَّارٌ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! وأنا أري‌ أنّ هذا هو الصحيح‌ لسببين‌: الاوّل‌: أنّ تعريف‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بهذا النحو من‌ قبل‌ عمّاربن‌ ياسر ذي‌ السوابق‌ الحسنة‌ أقرب‌ إلی‌ الصواب‌ من‌ تعريف‌ رجل‌ مجهول‌ من‌ قبيلة‌ بكر اسمه‌ عبّاد، بخاصّة‌ أ نّه‌ قام‌ في‌ البداية‌ واعترض‌ علی‌ الإمام‌ بلسان‌ سليط‌ ونبرة‌ حادّة‌. الثاني‌: أنّ لفظ‌ عمَّار يشبه‌ لفظ‌ عبَّاد في‌ الكتابة‌ كثيراً، وأغلب‌ الظنّ أنّ الناسخ‌ قرأ ( عبّاد ) مكان‌ ( عمّار ) في‌ الكتابة‌. وكذا كتب‌ في‌ « الاحتجاج‌ »، و « غاية‌ المرام».

 وورد في‌ « كنز العمّال‌ » حول‌ عائشة‌ قوله‌:

 وَأَمَّا عَائِشَةُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا رَأْي‌ُ النِّسَاءِ؛ وَشَي‌ءٌ كَانَ فِي‌ نَفْسِهَا علی‌َّ يَغْلِي‌ فِي‌ جَوْفِهَا كَالمِرْجَلِ؛ وَلَوْ دُعِيَتْ لِتَنَالَ مِنْ غَيْرِي‌ مَا أَتَتْ بِهِ إلی‌َّ لَمْتَفْعَلْ؛ وَلَهَا بَعْدَ ذَلكَ حُرْمَتهَا الاُولَي‌؛ وَالحِسَابُ علی‌ اللَهِ؛ يَعْفُو عَمَّن‌ يَشَاءُ؛ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ.[6]

 وذكر الشريف‌ الرضي‌ رحمة‌ الله‌ علیه‌ هذه‌ الفقرة‌ من‌ الخطبة‌ بالنحو الآتي‌: وَأَمَّا فُلاَنَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْي‌ُ النِّسَاءِ، وَضِغْنٌ غَلاَ فِي‌ صَدْرِهَا كَمِرْجَلِ القَيْنِ؛ وَلَوْ دُعِيَتْ لِتَنالَ مِنْ غَيْرِي‌ مَا أَتَتْ إلی‌َّ لَمْ تَفْعَلْ؛ وَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حُرْمَتُهَا الاُولَي‌ وَالحِسَابُ علی‌ اللَهِ تَعَإلی‌. [7]

أي‌: أنّ الحقد والشنآن‌ الذي‌ وقر في‌ صدرها علی‌َّ، وكان‌ دائم‌ الغليان‌ كالحديد المنصهر في‌ أَتُّون‌ الحِدادة‌ هو الذي‌ دفعها إلی‌ ذلك‌ العمل‌، إذ ركبت‌ جَمَلها وتحرّكت‌ تلقاء البصرة‌ علی‌ رأس‌ جيش‌ قوامه‌ اثنا عشر ألفاً؛ ورفعت‌ لواء المعارضة‌، وتأمّرت‌ علی‌ الجيش‌. ولولا ضغنها علی‌َّ خاصّة‌، لما قامت‌ بهذا العمل‌ مع‌ شخص‌ آخر علی‌ وجه‌ البسيطة‌.

 الرجوع الي الفهرس

تعلیمات‌ أمير المؤمنين‌ حول‌ كيفيّة‌ تقسيم‌ الغنائم‌ في‌ معركة‌ الجمل‌

 ولمّا انتهت‌ معركة‌ الجمل‌، نادي‌ منادي‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: أَلاَ لاَيُجْهَزْ علی‌ جَرِيحٍ، وَلاَ يُتْبَعْ مُوَلٍّ؛ وَلاَ يُطْعَنْ فِي‌ وَجْهِ مُدْبِرٍ؛ وَمَنْ أَلْقَي‌ السِّلاَحَ فَهُوَ آمِنٌ؛ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ. ثُمَّ آمَنَ الاَسْوَدَ وَالاَحْمَرَ.[8]

 وجاء في‌ « كنز العمّال‌ » بعد هذه‌ الفقرات‌: وَلاَ يُسْتَحَلَّنَّ فَرْجٌ وَلاَمَالٌ. وَانْظُرُوا مَا حَضَرَ بِهِ الحَرْبُ مِنْ آنِيَةٍ فَاقْبِضُوهُ! وَمَا كَانَ سِوَي‌ ذَلِكَ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ؛ وَلاَتَطْلُبُنَّ عَبْدَاً خَارِجَاً مِنَ العَسْكَرِ! وَمَا كَانَ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ سِلاَحٍ فَهُوَ لَكُمْ! وَلَيْسَ لَكُمْ أُمُّ وَلَدٍ؛ وَالمَوَاريثُ علی‌ فَرِيضَةِ اللَهِ؛ وَأَي‌ُّ امْرَأةٍ قُتِلَ زَوْجُهَا فَلْتَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَاً.

 قَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! تُحِلَّ لَنَا دِمَاءَهُم‌؛ وَلاَتُحِلَّ لَنَا نِسَاءَهُمْ؟!

 فَقَالَ: كَذَلِكَ السِّيَرَةُ فِي‌ أَهْلِ القِبْلَةِ! فَخَاصَمُوهُ.

 قَالَ: فَهَاتُوا سِهَامَكُمْ؛ وَاقْرَعُوا علی‌ عَائِشَةَ، فَهِي‌َ رَأْسُ الامْرِ وَقَائِدُهُمْ! فَعَرَفُوا وَقَالُوا: نَسْتَغْفِرُ اللَهَ؛ فَحَمَهُمْ علی‌ٌّ.

 وَقَالَ علی‌ٌّ يَوْمَ الجَمَلِ: نَمُنُّ علیهِمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ؛ وَنُوَرِّثُ الاَبْنَاءَ مِنَ الآبَاءِ.[9]

 أجل‌، إنّ السبب‌ الذي‌ دعا أصحاب‌ الإمام‌ الذين‌ كانوا معه‌ في‌ ساحة‌ القتال‌ إلی‌ المطالبة‌ بأسر نساء أصحاب‌ الجمل‌ جميعهنّ، وأخذ أموالهم‌ كلّها بوصفها غنائم‌ حربيّة‌ وذلك‌ بعد انتهاء الحرب‌ وإخماد الفتنة‌، هو ما شاهدوه‌ -خطأً- من‌ سيرة‌ أبي‌ بكر الذي‌ كان‌ أوّل‌ من‌ جلس‌ مجلس‌ رسول‌الله‌ كخليفة‌ له‌. إذ كانت‌ سيرته‌ قتال‌ كلّ من‌ امتنع‌ عن‌ دفع‌ الزكاة‌ من‌ المسلمين‌، ولم‌يفرّق‌ بين‌ هؤلاء وبين‌ المرتدّين‌ في‌ شبه‌ الجزيرة‌ العربيّة‌، وكان‌ يعاملهم‌ وسائر المشركين‌ بأُسلوب‌ واحد بعد رسول‌الله‌.

 وأمّا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، فإنّ له‌ مقام‌ النبوّة‌ لو قدّرت‌ نبوّة‌ بعد رسول‌الله‌، وقد طبّق‌ حكم‌ رسول‌ الله‌ عملاً بالحكم‌ الإلهي‌ّ وبمقتضي‌ وزارته‌ وولايته‌ الإلهيّة‌. أي‌: أ نّه‌ تعامل‌ مع‌ الاشخاص‌ الذين‌ كانوا مسلمين‌ وفقاً لحكم‌ الإسلام‌، وبوصفهم‌ كانوا من‌ أهل‌ القبلة‌، وإن‌ بغوا علی‌ إمام‌ زمانهم‌. وحكم‌ في‌ أموالهم‌ ونسائهم‌ وذراريهم‌ بحكم‌ الإسلام‌. فلم‌يؤسر نساءهم‌، ولم‌ينظر إلیهنّ كغنائم‌، فيقسّمهنّ علی‌ المسلمين‌ المقاتلين‌، بل‌ كان‌ لسان‌ حاله‌ أن‌ يُنْظَر إلیهنّ كمسلمات‌ مات‌ عنهنّ أزواجهنّ، فيلزمن‌ العدّة‌، ثمّ يتزوّجن‌؛ ولم‌ يؤسر أولادهنّ. وكان‌ العبيد والإماء وسائر أموال‌ المقتولين‌ لورثتهم‌. وكانت‌ الاشياء الموجودة‌ في‌ المعركة‌ لاغير من‌ الغنائم‌.

 وأمّا قتال‌ المشركين‌ والمرتدّين‌، فلمّا كان‌ حكم‌ دار الحرب‌ سارياً علیهم‌، فإنّ جميع‌ أموالهم‌ ونسائهم‌ وذراريهم‌ غنائم‌ ينبغي‌ تقسيمها بين‌ المسلمين‌. ولمّا كان‌ عمل‌ الإمام‌ علیه‌ السلام‌ جديداً علی‌ الجند، واعتُبِرَ بدعة‌ بسبب‌ سيرة‌ الخليفة‌ الاوّل‌، لذلك‌ بيّن‌ لهم‌ سلام‌ الله‌ علیه‌ أنّ تلك‌ السيرة‌ كانت‌ خاطئة‌. وأ نّها كانت‌ بدعة‌ في‌ دين‌ الله‌. وأنّ رسول‌ الله‌ تعامل‌ مع‌ أهل‌ مكّة‌ الذين‌ كانوا من‌ أهل‌ القبلة‌ بمثل‌ هذا التعامل‌. وهذه‌ هي‌ السنّة‌؛ وهذا هو الحكم‌. وأنّ الصغار لا يزرون‌ وزر الكبار، كما لا يمكن‌ تحميلهم‌ ذنب‌ الكبار. وأنّ ما كان‌ في‌ ساحة‌ الحرب‌ من‌ سلاح‌ وماشية‌ وسائر الاشياء والآنية‌، فإنّها من‌ غنائم‌ الحرب‌ فحسب‌. وأمّا النساء فإنّهنّ حُرّات‌. والاموال‌ مصونة‌، والذراري‌ محترمون‌. ولا يحقّ لاحد التعرّض‌ لهم‌.

 وأنّ اقتراح‌ القرعة‌ باسم‌ عائشة‌ -في‌ مقابل‌ لجّهم‌ في‌ مخالفة‌ هذا الحكم‌- أثبت‌ أنّ كلامهم‌ كان‌ خاطئاً، وإلاّ كيف‌ يجوز لهم‌ أخذ عائشة‌ إلی‌ بيوتهم‌ بوصفها أسيرة‌ حرب‌ ؟ وكيف‌ يجوز لهم‌ مواقعتها ؟ وكيف‌ يسوغ‌ لهم‌ عرضها في‌ السوق‌ للبيع‌ ؟

 من‌ هنا ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ الاَمويّين‌ لمّا قتلوا سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌، فإنّهم‌ تعاملوا مع‌ ذويه‌ علی‌ أساس‌ تلك‌ السيرة‌ الخاطئة‌ والاحكام‌ الجائرة‌ الظالمة‌ للخليفة‌ الاوّل‌ أبي‌بكر، فسلبوا جميع‌ أموالهم‌ بما فيها الاموال‌ التي‌ كانت‌ في‌ الخيام‌، وأخذوا ذراري‌ أهل‌ البيت‌ ونساءهم‌ بوصفها غنائم‌ حربيّة‌، وسبوا زينب‌، وأُمّ كلثوم‌، وسائر المخدّرات‌ الطاهرات‌، وأنزلوا بذلك‌ البيت‌ الكريم‌ ما لا يخطر في‌ مخيّلة‌ أي‌ّ شريف‌.

 ومن‌ هنا، اعلم‌ أ نّه‌ لو قيل‌: إنّ السهم‌ الذي‌ وقع‌ في‌ نحر علی‌ّ الاصغر يوم‌ عاشوراء قد خرج‌ من‌ سقيفة‌ بني‌ سَاعِدَة‌، وأصاب‌ نحره‌، فقد صدق‌ القائلون‌ وأصابوا. ومن‌ يري‌ نفسه‌ خليفة‌ في‌ مقابل‌ أميرالمؤمنين‌ ووزارته‌ وولايته‌، ويصدر مثل‌ هذه‌ الاحكام‌ الجائرة‌، فإنّه‌ يحمل‌ وزر جميع‌ الانحرافات‌ والجنايات‌ الناتجة‌ عن‌ غصبه‌ الخلافة‌.

 خشت‌ أوّل‌ چون‌ نهد معمار كج‌                                تا ثريّا مي‌ رود ديوار كج‌ [10]

 أَلاَ لَعْنَةُ اللَهِ علی‌ القَوْمِ الظَّالِمِينَ[11]، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَي‌َّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ.[12]

 الرجوع الي الفهرس

 رسالة‌ الإمام‌ الهادي‌ّ إلی‌ أهل‌ الاهواز وبيان‌ حديث‌ المنزلة‌

ومن‌ المواطن‌ التي‌ استُشهد فيها علی‌ حديث‌ المنزلة‌ استشهاد الإمام‌ أبي‌ الحسن‌ علی‌ّبن‌ محمّد العسكري‌ّ [13]المشهور بالإمام‌ علی‌ّ النقي‌ّ علیه‌ السلام‌ في‌ كتاب‌ بعثه‌ إلی‌ أهل‌ الاهواز جواباً عن‌ كتاب‌ لهم‌ كانوا قد أرسلوه‌ إلی‌ الإمام‌، وسألوه‌ فيه‌ عن‌ الجبر والتفويض‌.

 قال‌ الإمام‌ الهادي‌ّ علیه‌ السلام‌ في‌ هذا الكتاب‌: اجتمعت‌ الاُمّة‌ قاطبة‌ لااختلاف‌ بينهم‌ في‌ ذلك‌ أنّ القرآن‌ حقّ لا ريب‌ فيه‌ عند جميع‌ فرقها. فهم‌ في‌ حالة‌ الإجماع‌ علیه‌ مصيبون‌؛ وعلی‌ تصديق‌ ما أنزل‌ الله‌ مهتدون‌.

 ولقول‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتي‌ علی‌ ضَلاَلَةٍ.

 فأخبر أنّ ما اجتمعت‌ علیه‌ الاُمّة‌ ولم‌ يخالف‌ بعضها بعضاً هو الحقّ ( ومعلوم‌ أنّ هذا الامر مرتكز علی‌ أصل‌ الاستناد إلی‌ القرآن‌ ).

 فهذا معني‌ الحديث‌؛ لا ما تأوّله‌ الجاهلون‌؛ ولا ما قاله‌ المعاندون‌.

 ومن‌ إبطال‌ حكم‌ الكتاب‌ واتّباع‌ حكم‌ الاحاديث‌ المزوّرة‌، والروايات‌ المزخرفة‌، اتّباع‌ الاهواء المرويّة‌ المهلكة‌ التي‌ تخالف‌ نصّ الكتاب‌، وتحقيق‌ الآيات‌ الواضحات‌ النيّرات‌. ونحن‌ نسأل‌ الله‌ أن‌ يوفّقنا للصواب‌، ويهدينا إلی‌ الرشاد.

 ثمّ قال‌ علیه‌ السلام‌: فإذا شهد الكتاب‌ بتصديق‌ خبر وتحقيقه‌، فأنكرته‌ طائفة‌ من‌ الاُمّة‌، وعارضته‌ بحديث‌ من‌ هذه‌ الاحاديث‌ المزوّرة‌، صارت‌ بإنكارها ودفعها الكتاب‌ كفّاراً ضلاّلاً.

 وأصحّ خبر ما عرف‌ تحقيقه‌ من‌ الكتاب‌ مثل‌ الخبر المجمع‌ علیه‌ من‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ حيث‌ قال‌:

 إنِّي‌ مُسْتَخْلِفٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌! مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْتَضِلُّوا بَعْدِي‌! وَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی‌َّ الحَوْضَ.

 وكذلك‌ قال‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ عبارة‌ أُخري‌:

 إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌؛ وَإنَّهُمَا لَنْيَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی‌َّ الحَوْضَ! مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْتَضِلُّوا!

 وهذان‌ الحديثان‌ يترجمان‌ لنا معني‌ واحداً، ويشعران‌ بموضوع‌ واحد.

 ولمّا وجدنا شواهد هذا الحديث‌ نصّاً في‌ كتاب‌ الله‌ مثل‌ قوله‌:

 إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ.[14]

 ثمّ اتّفقت‌ روايات‌ العلماء في‌ ذلك‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ أ نّه‌ تصدّق‌ بخاتمه‌ وهو راكع‌، فشكر الله‌ ذلك‌ له‌، وأنزل‌ الآية‌ فيه‌.

 ثمّ وجدنا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قد أبانه‌ من‌ أصحابه‌ بهذه‌ اللفظة‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی‌ٌّ مَوْلاَهُ! اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ!

 وقوله‌: علی‌ٌّ يَقْضِي‌ دَيْنِي‌ وَيُنْجِزُ مَوْعِدِي‌ وَهُوَ خَلِيفَتِي‌ علیكُمْ بَعْدِي‌

 وقوله‌ حين‌ استخلفه‌ علی‌ المدينة‌ فقال‌: يَا رَسُولَ اللَهِ أَتُخْلِفُنِي‌ علی‌ النِّساءِ وَالصِّبْيَانِ؟

 فقال‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ جوابه‌:

 أَمَا تَرْضَي‌ أَنْ تَكُونَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌!

 فعلمنا أنّ الكتاب‌ شهد بتصديق‌ هذه‌ الاخبار، وتحقيق‌ هذه‌ الشواهد؛ فلزم‌ الاُمّة‌ الإقرار بها إذا كانت‌ هذه‌ الإخبار وافقت‌ القرآن‌، ووافق‌ القرآن‌ هذه‌ الاخبار.

 فلمّا وجدنا هذه‌ الاخبار موافقة‌ لكتاب‌ الله‌، ووجدنا كتاب‌ الله‌ لهذه‌ الاخبار موافقاً، وعلیها دليلاً، كان‌ الاقتداء بهذه‌ الاخبار فرضاً لايتعدّاه‌ إلاّ أهل‌ العناد والفساد.[15]

 ثمّ شرع‌ الإمام‌ علیه‌ السلام‌ في‌ بيان‌ الجبر والتفويض‌، وقول‌ الحقّ المتمثّل‌ بالاَمْرِ بَيْنَ الاَمْرَيْنِ.

 الرجوع الي الفهرس

 استشهاد أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بحديث‌ المنزلة‌ عند أبي‌ بكر

ومن‌ موارد الاستشهاد بحديث‌ المنزلة‌ احتجاج‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌السلام‌ علی‌ أبي‌ بكر بعد بيعة‌ الناس‌ إيّاه‌. ونقل‌ الطبرسي‌ّ هذا الاحتجاج‌ في‌ كتاب‌ « الاحتجاج‌ » عن‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ علیه‌ السلام‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌، قال‌: لمّا كان‌ من‌ أمر أبي‌ بكر وبيعة‌ الناس‌ له‌، وفعلهم‌ بعلی‌ّ، لم‌يزل‌ أبو بكر يظهر له‌ الانبساط‌ ويري‌ منه‌ الانقباض‌. فكبر ذلك‌ علی‌ أبي‌ بكر، وأحبّ لقاءه‌، واستخراج‌ ما عنده‌، والمعذرة‌ إلیه‌ ممّا اجتمع‌ الناس‌ علیه‌، وتقليدهم‌ إيّاه‌ أمر الاُمَّةَ، وقلّة‌ رغبته‌ في‌ ذلك‌، وزهده‌ فيه‌. فلهذا أتاه‌ في‌ وقت‌ غفلة‌، وطلب‌ منه‌ الخلوة‌، فقال‌:

 يَا أَبَا الحَسَنِ! والله‌ ما كان‌ هذا الامر عن‌ مواطاة‌ منّي‌، ولارغبة‌ فيما وقعت‌ علیه‌ ولا حرص‌ علیه‌، ولا ثقة‌ بنفسي‌ فيما تحتاج‌ إلیه‌ الاُمَّة‌، ولاقوّة‌ لي‌ بمال‌؛ ولا كثرة‌ لعشيرة‌، ولا استيثار به‌ دون‌ غيري‌، فما لك‌ تضمر علی‌َّ ما لم‌أستحقّه‌ منك‌، وتظهر لي‌ الكراهة‌ لما صرت‌ فيه‌ وتنظر إلی‌ّ بعين‌ الشنآن‌ ؟!

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: فما حملك‌ علیه‌ إذ لم‌ ترغب‌ فيه‌، ولاحرصت‌ علیه‌، ولا وثقت‌ بنفسك‌ في‌ القيام‌ به‌ ؟

 قال‌ أبو بكر: حديث‌ سمعته‌ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌: إنَّ اللَهَ لاَيَجْمَعُ أُمَّتِي‌ علی‌ ضَلاَلٍ. ولمّا رأيت‌ إجماعهم‌، اتّبعت‌ حديث‌ النبي‌ّ ( وفي‌ نسخة‌: قول‌ النبي‌ّ )، وأحلت‌ أن‌ يكون‌ إجماعهم‌ علی‌ خلاف‌ الهدي‌ من‌ ضلال‌، فأعطيتهم‌ قود الإجابة‌، ولو علمت‌ أنّ أحداً يتخلّف‌، لامتنعتُ.

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: أما ما ذكرت‌ من‌ قول‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌: إنّ الله‌ لا يجمع‌ أُمّتي‌ علی‌ ضلال‌؛ فكنت‌ من‌ الاُمّة‌، أم‌ لم‌أكن‌ ؟!

 قال‌ أبو بكر: بلي‌، أنت‌ من‌ الاُمّة‌. وكذلك‌ العصابة‌ الممتنعة‌ عنك‌، من‌ سَلْمان‌، وعَمّار، والمقداد، وأبي‌ ذرّ، وابن‌ عُبَادَة‌، ومَن‌ معه‌ من‌ الانصار، كلّ من‌ أُمّة‌ رسول‌الله‌.

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: فكيف‌ تحتجّ بحديث‌ النبي‌ّ: إنّ الله‌ لايجمع‌ أُمّتي‌ علی‌ ضلال‌، وأمثال‌ هؤلاء قد تخلّفوا عنك‌ ؟ وليس‌للاُمّة‌ فيهم‌ طعن‌، ولافي‌ صحبة‌ الرسول‌ لصحبته‌ منهم‌ تقصير ؟!

 قال‌ أبو بكر: ما علمت‌ بتخلّفهم‌ إلاّ بعد إبرام‌ الامر؛ وخفتُ إن‌ قعدت‌ عن‌ الامر أن‌ يرجع‌ الناس‌ مرتدّين‌ عن‌ الدين‌؛ وكان‌ ممارستهم‌ إن‌ أجبتَهم‌ أهون‌ مؤنة‌ علی‌ الدين‌ وإبقاء له‌ من‌ ضرب‌ الناس‌ بعضهم‌ ببعض‌، فيرجعون‌ كفّاراً؛ وعلمت‌ أ نّك‌ لست‌ بدوني‌ في‌ الإبقاء علیهم‌! وعلی‌ أديانهم‌!

 فقال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: أجل‌! ولكن‌ أخبرني‌ عن‌ الذي‌ يستحقّ هذا الامر بما يستحقّه‌ ؟!

 الرجوع الي الفهرس

 اعتراف‌ أبي‌ بكر بميزات‌ أمير المؤمنين‌ وحديث‌ المنزلة‌

قال‌ أبو بكر: بالنصيحة‌، والوفاء، ودفع‌ المداهنة‌، وحسن‌ السيرة‌، وإظهار العدل‌، والعلم‌ بالكتاب‌ والسنّة‌، وفصل‌ الخطاب‌، مع‌ الزهد في‌ الدنيا، وقلّة‌ الرغبة‌ فيها، وانتصاف‌ المظلوم‌ من‌ الظالم‌ للقريب‌ والبعيد! ثمّ سكت‌.

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: والسابقة‌ والقرابة‌ ؟!

 قال‌ أبو بكر: والسابقة‌ والقرابة‌.

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: أُنشدك‌ بالله‌ يا أبا بكر: أفي‌ نفسك‌ تجد هذه‌ الخصال‌ أو فِي‌َّ ؟!

 قال‌ أبو بكر: بل‌ فيك‌ يا أبا الحسن‌!

 وهنا يحاجّه‌ الإمام‌ ويناشده‌ بكثير من‌ السجايا والخصال‌ التي‌ يختصّ بها. منها قوله‌: أُنْشِدُكَ بِاللَهِ! إلی‌َ الوَزَارَةُ مَعَ رَسُولِاللَهِ؛ وَالمِثْلُ مِنْ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌؛ أَمْ لَكَ ؟! قَالَ: بَلْ لَكَ!

 ويُدان‌ أبو بكر في‌ هذا المجلس‌، ويفحَم‌، فيقول‌: ابسط‌ يدك‌ ياأباالحسن‌ أُبايعك‌، ولكن‌ تقرّر أن‌ تكون‌ البيعة‌ علناً في‌ المسجد بعد تلك‌ البيعة‌ في‌ المجلس‌ المذكور. وتمّر ليلة‌ علی‌ هذه‌ الحالة‌، ويطّلع‌ عمر علی‌ الامر، فيصرف‌ أبا بكر عن‌ عزمه‌ بأي‌ّ نحو كان‌. [16]

 الرجوع الي الفهرس

احتجاج‌ أمير المؤمنين‌ بحديث‌ المنزلة‌ في‌ الشوري‌

ومن‌ موارد الاستشهاد بحديث‌ المنزلة‌، احتجاج‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ مع‌ أصحاب‌ الشوري‌ في‌ مجلسهم‌ بعد موت‌ عمر. وهذا الاحتجاج‌ مفصّل‌؛ وفيه‌ مناقب‌ الإمام‌ وفضائله‌ الخاصّة‌ به‌ دون‌ غيره‌، التي‌ لايشترك‌ فيها أحد من‌ المهاجرين‌ والانصار؛ وهذا الاحتجاج‌ من‌ الاحتجاجات‌ المعروفة‌ والمشهورة‌. ونكتفي‌ هنا بذكر مورد الحاجة‌ إلیه‌ في‌ الاستشهاد بحديث‌ المنزلة‌، ووزارة‌ الإمام‌ علیه‌ السلام‌. قال‌ لهم‌ الإمام‌ بعد بيان‌ فضائله‌ واعتراف‌ المناوئين‌ وإقرارهم‌ بها:

 نَشَدْتُكُمْ بِاللَهِ! هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌؟! قَالُوا: لاَ!

 وقال‌: نَشَدْتُكُمْ بِاللَهِ! هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ أَخِي‌ وَوَزِيرِي‌ وَصَاحِبِي‌ مِنْ أَهْلِي‌! غَيْرِي‌؟! قَالُوا:لاَ!

 وواصل‌ الإمام‌ هذه‌ الاحتجاجات‌ إلی‌ أن‌ قال‌: أما إذا أقررتم‌ علی‌ أنفسكم‌، واستبان‌ لكم‌ ذلك‌ من‌ قول‌ نبيِّكم‌، فعلیكم‌ بتقوي‌ الله‌ وَحْدَهُ لاَشَرِيكَ لَهُ! وأنهاكم‌ عن‌ سخطه‌! ولا تعصوا أمره‌! وردّوا الحقّ إلی‌ أهله‌؛ واتّبعوا سنّة‌ نبيّكم‌؛ فإنّكم‌ إن‌ خالفتم‌، خالفتم‌ الله‌! فادفعوها إلی‌ من‌ هو أهلها! وهي‌ له‌!

 يقول‌ راوي‌ هذا الحديث‌ وهو الإمام‌ أبو جعفر محمّدبن‌ علی‌ّ الباقر علیه‌ السلام‌: لمّا انتهي‌ كلام‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، تغامز أصحاب‌ الشوري‌ فيما بينهم‌، وتشاوروا؛ وقالوا: قد عرفنا فضائل‌ علی‌ّ، وعلمنا أ نّه‌ أحقّ الناس‌ بها؛ ولكنّه‌ رجل‌ لا يفضّل‌ أحداً علی‌ أحد؛ فإن‌ ولّيتموها إيّاه‌، جعلكم‌ وجميع‌ الناس‌ فيها شرعاً سواء، ولكن‌ ولُّوها عثمان‌ فإنّه‌ يهوي‌ الذي‌ تهوون‌؛ فدفعوها إلیه‌.[17]

 ونقل‌ ابن‌ أبي‌ الحديد احتجاج‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ يوم‌ الشوري‌ في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ »، وبلغ‌ به‌ إلی‌ قوله‌: أَفِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌! غَيْرِي‌ ؟! قَالُوا: لا!.[18]

 وذكر ابن‌ أبي‌ الحديد أيضاً حديث‌ المنزلة‌، وآية‌ التطهير كمثإلین‌، عند شرح‌ كلام‌ الإمام‌ لمّا بلغه‌ اتّهام‌ بني‌ أُميّة‌ إيّاه‌ بالمشاركة‌ في‌ دم‌ عثمان‌.

 وتوضيح‌ ذلك‌ أ نّه‌ ورد في‌ « نهج‌ البلاغة‌ » أنّ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ لمّا بلغه‌ اتّهام‌ بني‌ أُميّة‌ إيّاه‌ بالمشاركة‌ في‌ دم‌ عثمان‌، قال‌:

 أَوَ لَمْ يَنْهَ أُمَيَّةَ عِلْمُهَا بِي‌ عَنْ قَرْفِي‌ ؟ أَوَ مَا وَزَعَ الجُهَّالَ سَابِقَتِي‌ عَنْ تُهْمَتِي‌؟ وَلَمَا وَعَظَهُمُ اللَهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِي‌؛ أَنَا حَجِيجُ المَارِقِينَ، وَخَصِيمُ المُرْتَابِينَ، وَعلی‌ كِتَابِ اللَهِ تُعْرَضُ الاَمْثَالُ؛ وَبِمَا فِي‌ الصُّدُورِ تُجَازَي‌ العِبَادُ. [19]

قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ شرح‌ الفقرة‌ الاُولي‌: أَوَ لَمْ يَنْهُ أُمَيَّةَ عِلْمُهَا بِي‌ عَنْ قَرْفِي‌:

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: أما كان‌ في‌ علم‌ بني‌ أُميّة‌ بحإلی‌ ما ينهاهم‌ عن‌ ] قذفي‌و [ قرفي‌ بدم‌ عثمان‌ ؟ وحاله‌ التي‌ أشار إلیها وذكر أنّ علمهم‌ بها يقتضي‌ أن‌ لا يقرفوه‌ بذلك‌، هي‌ منزلته‌ في‌ الدين‌ التي‌ لامنزلة‌ أعلی‌ منها، وما نطق‌ به‌ الكتاب‌ الصادق‌ من‌ طهارته‌، وطهارة‌ بنيه‌ وزوجته‌ في‌ قوله‌ تعإلی‌: إِنَّمَا يُرِيْدُ اللَهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا.[20]

 وقول‌ البني‌ّ ] الاكرم‌ [ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌!

 وهذه‌ التعابير تقتضي‌ عصمته‌ عن‌ الدم‌ الحرام‌، كما أنّ هارون‌ معصوم‌ عن‌ مثل‌ ذلك‌؛ وترادف‌ الاقوال‌ والافعال‌ من‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ أمره‌ التي‌ يضطرّ معها الحاضرون‌ لها والمشاهدون‌ إيّاها إلی‌ أنّ مثله‌ لايجوز أن‌ يسعي‌ في‌ إراقة‌ دم‌ أمير مسلم‌.[21]

 الرجوع الي الفهرس

 خطبة‌ زياد في‌ فارس‌ ، والاستشهاد بحديث‌ المنزلة‌

ومن‌ موارد الاستشهاد بحديث‌ المنزلة‌ كلام‌ زياد بن‌ سُميَّة‌ في‌ خطبته‌ التي‌ ذكرها ابن‌ أبي‌ الحديد كالآتي‌: روي‌ علی‌ّ بن‌ محمّد المدائني‌ّ، قال‌: لمّا كان‌ زمن‌ ] أميرالمؤمنين‌ [ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ ولّي‌ زياداً فارسَ أو بعض‌ أعمال‌ فارس‌. فضبطها ضبطاً صالحاً، وجبي‌ خراجَها وحَماها؛ وعرف‌ ذلك‌ معاوية‌، فكتب‌ إلیه‌: أَمَّا بَعْدُ! فإنّه‌ غرّتك‌ قِلاعٌ تأوي‌ إلیها ليلاً، كما تأوي‌ الطير إلی‌ وكرها! وأيم‌ الله‌، لولا انتظاري‌ بك‌ ما الله‌ أعلم‌ به‌، لكان‌ لك‌ مني‌ّ ما قاله‌ العبد الصالح‌: فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم‌ مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَـ'غِرُونَ.[22]

 وكتب‌ في‌ أسفل‌ الكتاب‌ شعراً، من‌ جملته‌:

 تَنْسَي‌ أَبَاكَ وَقَدْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ إذْ يَخْطُبُ النَّاسَ وَالوَإلی‌ لَهُمْ عُمَرُ

 فلمّا ورد الكتاب‌ علی‌ زياد، قام‌ فخطب‌ الناس‌، وقال‌:

 العَجَبُ مِنِ ابْنِ آكِلَةِ الاَكْبَادِ؛ وَرَأْسِ النِّفَاقِ! يُهْدِّدُنِي‌ وَبَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ ابْنُ عَمِّ رَسُولِاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ؛ وَزَوْجُ سَيِّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ؛ وَأَبُو السِّبْطَيْنِ؛ وَصَاحِبُ الوَلاَيَةِ؛ وَالمَنْزِلَةِ؛ وَالإخَاءِ؛ فِي‌ مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالاَنْصَارِ؛ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ!

 أما والله‌ لو تخطّي‌ هؤلاء أجمعون‌ إلی‌َّ، لوجدني‌ أحمر مُخِشّاً [23]ضرّاباً بالسيف‌.

 ثمّ كتب‌ ] زياد بعد هذه‌ الخطبة‌ كتاباً [ إلی‌ أمير المؤمنين‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، وبعث‌ بكتاب‌ معاوية‌ في‌ كتابه‌. فكتب‌ إلیه‌ ] أميرالمؤمنين‌ [ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، وبعث‌ بكتابه‌: أَمَّا بَعْدُ؛ فَإنِّي‌ قَدْ وَلَّيْتُكَ مَا وَلَّيْتُكَ! وَأَنَا أَرَاكَ أهْلاً! وَإنَّهُ قَدْ كَانَتْ مِنْ أَبِي‌ سُفْيَانَ فَلْتَةٌ فِي‌ أَيَّامِ عُمَرَ مِنْ أَمَانِي‌ِّ التَّيْهِ وَكَذِبِ النَّفْسِ؛ لَمْتَسْتَوْجِبْ بِهَا مِيرَاثاً؛ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ بِهَا نَسَباً. وَإنَّ مُعَاوِيَةَ كَالشَّيْطانِ الرَّجِيمِ يَأْتِي‌ المَرْءَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ؛ فَاحْذَرْهُ، ثُمَّ احْذَرْهُ، ثُمَّ احْذَرْهُ؛ وَالسَّلاَمُ.[24]

 الرجوع الي الفهرس

قصّة‌ استلحاق‌ معاوية‌ زياداً بأبي‌ سفيان‌

 إنّ شرح‌ وبيان‌ جواب‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ لزيادبن‌ سميّة‌ يحتاج‌ إلی‌ سرد قصّة‌ تأريخيّة‌. فنقول‌: زياد وكنيته‌ أبو المغيرة‌، أُمّه‌ سميّة‌ كانت‌ أَمَة‌ لاحد دهاقين‌ الفرس[25]‌، وكان‌ يعيش‌ في‌ الطائف‌. فمرض‌ الدهقان‌، فدعا الحَرْثَبْنَ كَلْدَة‌ الثَّقَفِي‌ّ -وكان‌ طبيباً- ليعالجه‌، فعالجه‌، فبرأ، فوهبه‌ سُميّة‌ جزاءً له‌ علی‌ علاجه‌، فأولدها الحرث‌ نَفِيعَاً ونَافِعَاً. ثمّ زوّجها غلامه‌ الرومي‌ّ عُبَيْدَاً. وفي‌ تلك‌ الفترة‌ سافر أبو سفيان‌ إلی‌ الطائف‌. وطلب‌ من‌ الخمّار أَبِي‌ مَرْيَمَ السَّلُولِي‌ّ بغياً. فأخذ إلیه‌ أبو مريم‌ سميّة‌. وولدت‌ سميّة‌ زياداً في‌ السنة‌ الاُولي‌ من‌ الهجرة‌، في‌ وقت‌ كانت‌ زوجة‌ لعُبيد.

 ولمّا حاصر النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ الطائف‌، جاء نفيع‌ إلی‌ النبي‌ّ، فأعتقه‌، ولقّبه‌ أبا بَكْرَة‌. وحينئذٍ خاف‌ الحرث‌بن‌ كلدة‌ من‌ ذهاب‌ ابنه‌ الآخر نافع‌ إلی‌ النبي‌ّ، فقال‌ له‌: أَنْتَ وَلَدِي‌! ولهذا قيل‌ لنفيع‌ الملقّب‌ بأبي‌ بكرة‌: مَوْلَي‌ الرَّسُول‌، وقيل‌ لنافع‌: ابن‌ الحَرْث‌، وقيل‌ لزياد: ابن‌ عُبَيْد. وكان‌ هذا في‌ وقت‌ لم‌ ينسب‌ معاوية‌ زياداً إلی‌ أبي‌ سفيان‌ بعد. لكن‌ لمّا اعتبره‌ معاوية‌ ابنَ أبي‌ سفيان‌، وأخاه‌، لذا قيل‌ له‌: زيادبن‌ أبي‌ سفيان‌؛ ولمّا انقرضت‌ الدولة‌ الاموّية‌، قيل‌ لزياد: زيادبن‌ سميّة‌ أو زيادبن‌ أبيه‌.[26]

 وروي‌ ابن‌ عبد البرّ عن‌ هشام‌ بن‌ محمّد بن‌ السائب‌ الكلبي‌ّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ أبي‌ صالح‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌، أنّ عمر بعث‌ ] أيّام‌ حكومته‌ [ زياداً، ] وهو غلام‌ حَدَث‌ [ في‌ إصلاح‌ فساد واقع‌ بإلیمن‌.

 ولمّا رجع‌ زياد من‌ إلیمن‌، خطب‌ عند عمر خطبة‌ لم‌ يُسْمَع‌ مثلها، وعلی‌ّ علیه‌ السلام‌ حاضر، وأبو سفيان‌، وعمرو بن‌ العاص‌. فقال‌ عمروبن‌ العاص‌: للّه‌ أبو هذا الغلام‌، لو كان‌ قرشيّاً، لساق‌ العرب‌ بعصاه‌. فقال‌ أبو سفيان‌: إنّه‌ لقرشي‌ّ؛ وإنّي‌ لاعرف‌ الذي‌ وضعه‌ في‌ رَحِم‌ أُمّه‌! فقال‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌: ومن‌ هو ؟ قال‌ أبو سفيان‌: أنا! فقال‌ علی‌ّ: مَهْلاَ يَا أَبَا سُفْيَانَ!

 فخاطب‌ أبو سفيان‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بثلاثة‌ أبيات‌ من‌ الشعر مفادها أ نّه‌ لو لم‌ يخف‌ عمر، لبيّن‌ قصّة‌ تولّد هذا الفتي‌.[27]

 وروي‌ أحمد بن‌ يحيي‌ البَلاذُري‌ّ مثل‌ هذا المضمون‌، وقال‌ في‌ آخره‌: قال‌ عمرو بن‌ العاص‌ لابي‌ سفيان‌: فَهَلاَّ تَسْتَلْحِقُهُ ؟! قَالَ: أَخَافُ هَذَا العَيْرَ الجَالِسَ أَنْ يَخْرِقَ علی‌َّ إهَابِي‌.

 وروي‌ محمّد بن‌ الواقدي‌ّ مثله‌ أيضاً، وقال‌ في‌ آخر كلامه‌: قال‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌: مَهْ يَا أَبَا سُفْيَانَ! فَإنَّ عُمَرَ إلی‌ المَسَاءَةِ سَرِيعٌ.

 عرف‌ زياد ما دار بين‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، وبين‌ أبي‌سفيان‌ فكانت‌ في‌ نفسه‌.[28]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] - «غاية‌ المرام‌» ص‌ 131، الحديث‌ 25؛ وروي‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحارالانوار» ج‌ 9، ص‌ 237 في‌ باب‌ أخبار المنزلة‌ والاستدلال‌ بها علي‌ إمامته‌ صلوات‌ الله‌ عليه‌ ثماني‌ روايات‌ في‌ هذا الموضوع‌ عن‌ «الامالي‌» للشيخ‌ الطوسي‌ّ؛ عن‌ المفيد بإسناده‌ عن‌ عبدالله‌بن‌ عبّاس‌، عن‌ رسول‌الله‌، وعن‌ أبي‌ عمرو، عن‌ ابن‌ عقدة‌ بإسناده‌ عن‌ حبشي‌ بن‌ جنادة‌ السلولي‌ّ، عن‌ رسول‌الله‌، وبهذا السند عن‌ جابر بن‌ سمرة‌، عن‌ رسول‌ الله‌، وعن‌ أبي‌ عمرو، عن‌ ابن‌ عقدة‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ، عن‌ رسول‌ الله‌، وعن‌ محمّد بن‌ أحمد بن‌ أبي‌ الفوارس‌ بسنده‌ عن‌ عامربن‌ سعد، عن‌ أبيه‌، عن‌ رسول‌ الله‌. وعن‌ ابن‌ الصَّلْت‌، عن‌ ابن‌ عقدة‌ بسنده‌ عن‌ الاءمام‌ الرضا، عن‌ آبائه‌، عن‌ رسول‌ الله‌؛ وعن‌ المفيد بسنده‌ عن‌ سعيد بن‌ المسيّب‌ عن‌ سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌، عن‌ رسول‌الله‌، وعن‌ المجاشعي‌ّ؛ عن‌ الاءمام‌ الصادق‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ علي‌ّبن‌ الحسين‌ عليهم‌ السلام‌، عن‌ عُمَر؛ وسَلَمَة‌ ابني‌ أبي‌ سَلَمة‌، ربيبَي‌ رسول‌الله‌، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌.

[2] - التُّرَّهَات‌ جمع‌ تُرَّهَة‌ من‌ مادّة‌ تَرِهَ: الاباطيل‌ والدواهي‌.

[3] - المراد من‌ غلام‌ ثقيف‌ شابٌّ من‌ قبيلة‌ ثقيف‌ يقال‌ له‌: الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌ الثقفي‌ّ. قال‌ المامقاني‌ّ في‌ «تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 1، ص‌ 255: الحجّاج‌ وهو الظالم‌ السفّاك‌ الشقي‌ّ العنيد أعدي‌ عدوّ لاهل‌ بيت‌ الطهارة‌. وكانت‌ مدّة‌ حكومته‌ في‌ العراق‌ عشرين‌ سنةً. وكان‌ عدد من‌ قتله‌ بالظلم‌ والعدوان‌ مائة‌ وعشرين‌ ألفاً. وكان‌ في‌ حبسه‌ يوم‌ موته‌ خمسون‌ ألف‌ رجل‌ وثلاثون‌ ألف‌ امرأة‌. و كان‌ عمره‌ ثلاثاً وخمسين‌ سنةً. مات‌ في‌ الثاني‌ عشر من‌ شهر رمضان‌ سنة‌ 95 ه

 وذكر ابن‌ خلّكان‌ ترجمة‌ مفصّلة‌ للحجّاج‌ في‌ «وفيّات‌ الاعيان‌». وهي‌ مثبّتة‌ في‌ الجزء الثاني‌ من‌ الكتاب‌ المذكور، من‌ ص‌ 29 إلي‌ 54، في‌ الرقم‌ 149 من‌ طبعة‌ دار الثقافة‌ ببيروت‌. وقال‌ في‌ ص‌ 53 عن‌ سبب‌ موت‌ الحجّاج‌: مات‌ بمرض‌ الآكلة‌ (والآكلة‌ داء في‌ العضو يأتكل‌ منه‌ اللحم‌ وأجزاء الجسم‌) وقال‌: وقعت‌ في‌ بطنه‌ ودعا بالطبيب‌ لينظر إليها، فأخذ لحماً وعلّقه‌ في‌ خيط‌ وسرّحه‌ في‌ حلقه‌ وتركه‌ ساعة‌ ثمّ أخرجه‌، وقد لصق‌ به‌ دود كثير. وسلّط‌الله‌ عليه‌ الزمهرير، فكانت‌ الكوانين‌ تجعل‌ حوله‌ مملوءة‌ ناراً وتدني‌ منه‌ حتّي‌ تحرق‌ جلده‌ وهو لايحسّ بها-انتهي‌.

 أقول‌: هذا الداء هو الذي‌ أخبر به‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ قبل‌ إذ ذكر أ نّه‌ يموت‌ بمرض‌ قبيح‌ وأنّ كثيراً ممّا يخرج‌ من‌ بطنه‌ يحرق‌ دبره‌. قال‌ ابن‌ خلّكان‌: رحمه‌ الله‌ تعالي‌ وسامَحَه‌، ولكن‌ أقول‌: لعنه‌ الله‌ وأخزاه‌، وحشره‌ مع‌ مواليه‌: عبدالملك‌بن‌ مروان‌، ومن‌ يحذو حذوه‌؛ وأرانا الله‌ تعالي‌ محلّه‌ في‌ الجحيم‌ وشفي‌ الله‌ قلوبنا برؤية‌ عذابه‌ ونكاله‌. وأقام‌ الحجّاج‌ علي‌ هذه‌ الحالة‌ خمسة‌ عشر يوماً فشكي‌ ما يجده‌ إلي‌ الحسن‌ البصري‌ّ؛ فقال‌ له‌: قد كنت‌ نهيتك‌ ألاّ تتعرّض‌ للصالحين‌! فقال‌ الحجّاج‌: لا أسألك‌ أن‌ تسأل‌ الله‌ أن‌ يفرّج‌ عنّي‌! ولكنّي‌ أسألك‌ أن‌ تسأله‌ أن‌ يعجّل‌ قبض‌ روحي‌، ولا يطيل‌ عذابي‌! ولمّا جاء موت‌ الحجّاج‌ إلي‌ الحسن‌ البصري‌ّ سجد للّه‌ تعالي‌ شكراً وقال‌: اللهمّ إنّك‌ قد أمَتَّهُ فأمِتْ عنّا سنّته‌! («وفيّات‌ الاعيان‌»).

[4] - أي‌ بلا فرق‌ يذكر. ويقال‌ أيضاً: طابق‌ النعل‌ بالنعل‌، لانّ فردة‌ الحذاء أشبه‌ بالفردة‌ الاُخري‌ من‌ غيرها. وأراد الاءمام‌ بهذا التشبيه‌ أن‌ يبيّن‌ أنّ عمله‌ أشبه‌ بعمل‌ رسول‌الله‌، بل‌ هو كعمل‌ رسول‌الله‌ تماماً.

[5] - «الاحتجاج‌» لابي‌ منصور أحمد بن‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ الطبرسي‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 246 إلي‌ 248، طبعة‌ النجف‌؛ و«غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاوّل‌، ص‌ 150 و 151، الحديث‌ 64 عن‌ «الاحتجاج‌».

[6] - «كنز العمّال‌» ج‌ 8، ص‌ 215 إلي‌ 217، الطبعة‌ الاُولي‌؛ و«منتخب‌ كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 315 إلي‌ 331.

[7] - «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 154.

[8] - «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 183، طبعة‌ بيروت‌ سنة‌ 1379 ه

[9] - «كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 83، الطبعة‌ الاُولي‌.

[10] - يقول‌: «إذا وضع‌ الباني‌ اللبنة‌ معوجّة‌ فإنّ الجدار يظلّ معوجّاً ما دامت‌ الثريّا تسير».

[11] - في‌ الآية‌ 18، من‌ السورة‌ 11: هود: أَلاَ لَعْنَةُ اللَهِ عَلَي‌ الظَّـ'لِمِينَ.

[12] - الآية‌ 227، من‌ السورة‌ 26: الشعراء.

[13] - لم‌ يلقّب‌ الاءمام‌ الحسن‌ العسكري‌ّ بلقب‌ العسكري‌ّ فحسب‌، بل‌ لقّب‌ غيره‌ ممّن‌ أُبعد إلي‌ سامراء أيضاً، وهو والده‌ الاءمام‌ علي‌ّ بن‌ محمّد الهادي‌ّ الذي‌ نلحظه‌ قد لقّب‌ بهذا اللقب‌ في‌ الحديث‌ المذكور. كما أنّ الاءمام‌ محمّد الجواد لم‌ يعرف‌ وحده‌ بابن‌ الرضا، بل‌ شاركه‌ في‌ ذلك‌ الاءمام‌ علي‌ّ النقي‌ّ الهادي‌ّ، والاءمام‌ الحسن‌ العسكري‌ّ.

[14] - الآية‌ 55، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[15] - «الاحتجاج‌» للشيخ‌ الطبرسي‌ّ، ج‌ 2، ص‌ 250 إلي‌ 253، طبعة‌ النجف‌؛ و«غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاءوّل‌، ص‌ 152، الحديث‌ 70، نقلاً عن‌ «الاحتجاج‌».

[16] - «الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 157 إلي‌ 185 طبعة‌ النجف‌؛ وكذا في‌ «غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاوّل‌، ص‌ 146 إلي‌ 148، الحديث‌ 62. وقال‌ المرحوم‌ البحراني‌ّ في‌ آخره‌: وهذا الحديث‌ أخرجته‌ مسنداً من‌ رواية‌ ابن‌ بابويه‌ في‌ كتاب‌ «البرهان‌» في‌ تفسير قوله‌ تعالي‌: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي‌ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً -الآية‌.

[17] - «الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 188 إلي‌ 210؛ و «غاية‌ المرام‌» ص‌ 148 إلي‌ 150، الحديث‌ 63، عن‌ «الاحتجاج‌».

[18] - «غاية‌ المرام‌» ص‌ 125، الحديث‌ 98.

[19] - «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 73.

[20] - الآية‌ 33، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

[21] - «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 6، ص‌ 169 و 170، طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌؛ و«غاية‌ المرام‌» ص‌ 125، الحديث‌ 98.

[22] - الآية‌ 37، من‌ السورة‌ 27: النمل‌. وهذا الكلام‌ رسالة‌ النبي‌ّ سليمان‌ إلي‌ بلقيس‌ وأعوانها، إننّا في‌ غني‌ عن‌ هديّتكم‌! وعليكم‌ أن‌ تسلموا، أو أُشخص‌ إليكم‌ جنوداً كثيرين‌ يخرجونكم‌ من‌ تلك‌ الديار بالذلّ والصغار!

[23] - جاء في‌ نسخة‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: أحمر مُخِشَّاً. والمُخِشّ بضمّ الميم‌ وكسر الخاء وتشديد الشين‌ هو الماضي‌ الجري‌ء. ولكن‌ ورد في‌ نسخة‌ «غاية‌ المرام‌» جَمْراً مُحْتاً بمعني‌ الجامع‌، والمجتمع‌، وألف‌ فارس‌.

[24] - «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 16، ص‌ 181 و 182، طبعة‌ دار الكتب‌ العربيّة‌؛ و«غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاوّل‌، ص‌ 125 و 126، الحديث‌ 100؛ و «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 525 و 526.

[25] - قال‌ في‌ «العقد الفريد» ج‌ 3، ص‌ 228: كانت‌ سُمَيّة‌ أُمُّ زياد قد وهبها أبو الخيربن‌ عمرو الكندي‌ّ للحارث‌بن‌ كلدة‌، وكان‌ طبيباً يعالجه‌، فولدت‌ له‌ علي‌ فراشه‌ نافعاً، ثمّ ولدت‌ أبا بكرة‌. ] ولمّا كان‌ لون‌ أبي‌ بكرة‌ لا يشبهه‌ [ أنكره‌. وقيل‌ له‌ ] أيضاً [: إنّ جاريتك‌ بغي‌ّ ] فلهذا [ انتفي‌ الحرث‌بن‌ كلدة‌ من‌ أبي‌ بكرة‌، ونافع‌، وزوّجها عُبيداً ] وكان‌ [ عبداً لابنته‌، فولدت‌ علي‌ فراشه‌ زياداً. فلمّا كان‌ يوم‌ الطائف‌، نادي‌ منادي‌ رسول‌ الله‌: أيّما عبد نزل‌ فهو حرّ، وولاؤه‌ للّه‌ ورسوله‌. فنزل‌ أبو بكرة‌ وأسلم‌، ولحق‌ بالنبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌. ] ولمّا انتفي‌ الحرث‌بن‌ كلدة‌ من‌ أبي‌ بكرة‌، واعتبره‌ ابن‌ غلامه‌، ممّا سببّ في‌ إسلامه‌ وعتقه‌ [، قال‌ لنافع‌ ] أخي‌ أبي‌ بكرة‌ [: أنت‌ ابني‌، فلا تفعل‌ كما فعل‌ أبو بكرة‌. فلهذا لحق‌ نافع‌ بالحرث‌بن‌ كلدة‌-انتهي‌. إذن‌ كان‌ كلّ واحد من‌ أبناء سميّة‌ الثلاثة‌ من‌ أبٍ. فزياد من‌ أبي‌ سفيان‌، ونافع‌ من‌ الحرث‌بن‌ كَلْدَة‌، ونُفَيْع‌ أخيه‌، وهو أبو بكرة‌، من‌ عُبَيْد. ولُقّب‌ نُفَيْع‌ بأبي‌بكرة‌ لا نّه‌ نزل‌ من‌ القلعة‌ بواسطة‌ بكرة‌ معلّقة‌ بحبل‌.

[26] - «الكامل‌» لابن‌ الاثير، ج‌ 3، ص‌ 443 في‌ ذكر حوادث‌ سنة‌ 44 ه؛ و«الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 523 إلي‌ 530؛ و«الاءصابة‌» ج‌ 1، ص‌ 563؛ و«فوات‌ وفيّات‌ الاعيان‌» ج‌ 2، ص‌ 31 إلي‌ 33.

[27] - «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 525.

[28] - «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 16، ص‌ 181، طبعة‌ دار المعارف‌ العربيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com