بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب رساله السير و السلوك/ القسم التاسع:شرائط الذکر، المناجاة، التفکر، آثار السلوک، طریقة ذکر المؤلف

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الذِّكران‌ الاكبر والاعظم‌

 ثمّ ينشغل‌ بعد ذلك‌ بالذكر الاكبر[1]، فيبدأ بالخفي‌ّ ثمّ بالسرّي‌ّ. والاولي‌ أن‌ يبدأ بحرف‌ النداء وينتهي‌ بدونه‌. ويستحسن‌ مدّ الله‌. ثمّ يشرع‌ بالذكر الاعظم[2]‌ وهو النفي‌ والإثبات‌ البسيط‌، وهو آخر درجات‌ الذكر.

 ويجب‌ أ لاّ يخلو في‌ جميع‌ هذه‌ الدرجات‌ من‌ الذكر الذاتي‌ّ، وَلَكِنَّ اللَهَ المَذْكُورَ غَرِيمٌ لاَ يُقْضَي‌ دَيْنُهُ، رَزَقَنَا اللَهُ الوُصُولَ إلی المَقْصَدِ.

 قال‌ أحد الاعلام‌:

 إذَا أَرَادَ اللَهُ أَنْ يُوَلِّي‌َ عَبْداً فَتَحَ عَلَيْهِ بَابَ الذِّكْرِ، ثُمَّ فَتَحَ عَلَيْهِ بَابَ القُرْبِ، ثُمَّ أَجْلَسَهُ عَلَی‌ كُرْسِي‌ِّ التَّوْحِيدِ، ثُمَّ رَفَعَ الحُجُبَ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ دَارَ الفَرْدَانِيَّةِ، ثُمَّ كَشَفَ عَنْهُ الكِبْرِيَاءَ، ثُمَّ صَارَ العَبْدُ فَانِياً وَبَرَاءً مِنْ دَعَاوَي‌ نَفْسِهِ.[3]

 الرجوع الي الفهرس

في‌ شرائط‌ الذِّكر

 أمّا وقد علمتَ مراتب‌ الذكر، فاعلَم‌ أنّ خمسة‌ أشياء تلزم‌ السالك‌ في‌ أوقات‌ الذكر وأزمنته‌:

التصوّر في‌ حال‌ الذِّكر خيال‌ اسم‌ الاُستاذ الخاصّ

الاوّل‌: أن‌ يتصوّر في‌ حال‌ الذكر خيال‌ اسم‌ الاُستاذ الخاصّ، الذي‌ هو ولي‌ّ الولاية‌ الكبري‌ بطريق‌ الذكر. [4]

 وليجعل‌ مقامه‌ في‌ (الذكر) الجمعي‌ّ في‌ القلب‌ أدني‌ من‌ مقام‌ الذكر، أو في‌ أسافل‌ الصدر أدني‌ من‌ محاذاة‌ الذكر، استشفاعاً للذاكر. [5]

 فإن‌ هو جعل‌ اسم‌ الرسول‌ في‌ المقام‌ الاوّل‌، والخليفة‌ في‌ المقام‌ الثاني‌، كان‌ أفضل‌ وأولي‌. [6]

 وليجعل‌ مقام‌ الاُستاذ في‌ (الذكر) البسطي‌ّ علی‌ يمين‌ الصدر بين‌ الثدي‌ الايمن‌ والعضد، فإن‌ هو تخطّي‌ الذكر القالبي‌ّ[7]، فإنّه‌ سيداوم‌ علی‌ جعل‌ الشبح‌ النوراني‌ّ للرسول‌ والولي‌ّ في‌ المقام‌ المذكور، (متواضعاً للمذكور مُستشفعاً للذاكر).[8]

 ولو تصوّر في‌ هذه‌ الحالات‌ الاُستاذ العامّ أيضاً خارج‌ الجسم‌ علی‌ جهة‌ اليسار بفاصلة‌ قليلة‌، مواجهاً إلی صورة‌ الذكر ملتفتاً إليها متواضعاً مستشفعاً للذاكر، كان‌ أولي‌ وأنسب‌. [9]

 وقد ذُكر هذان‌ التصويران‌[10] بصورة‌ مُجملة‌. [11]

 فإن‌ قصدوا التوجّه‌ إلی هذين‌ التصويرَين‌ حال‌ الذكر علی‌ جهة‌ اللزوم‌ أو الاولويّة‌، بحيث‌ يقترن‌ ذلك‌ بالذكر علی‌ الدوام‌، تنافي‌ مع‌ جمع‌ الخاطر وحفظه‌ عن‌ التفرقة‌، ومع‌ السعي‌ في‌ التوجّه‌ إلی الواحد، بل‌ يمنع‌ الذاكر عن‌ الذكر البتّة‌. ولهذا السبب‌ فقد كان‌ أُستاذي‌ ينهاني‌ عن‌ هذا الطريق‌ أشدّ المنع‌، ويقول‌: علی‌ الذاكر أن‌ يتصوّر هذا التصوير في‌ أوائل‌ الليل‌ والنهار وفي‌ بداية‌ الذكر ونهايته‌ فقط‌. أجل‌، لو اشتغل‌ ـ قبل‌ الشروع‌ في‌ طي‌ّ درجات‌ الذكر ببعض‌ درجات‌ الذكر[12] واشتغل‌ في‌ اسم‌ الولي‌ّ ومسمّاه‌، كان‌ ذلك‌ حسناً، وسبب‌ سريان‌ المحبّة‌.

 وستتّضـح‌ في‌ هذه‌ الاحـوال‌ حالة‌ هي‌ حقـيقة‌ الرسـول‌ والخليفة[الشرح]‌، ويمكن‌ اختبار الاُستاذ العامّ بمثلها، بَيدَ أنّ بيانها متعذّر، إذ ما أكثر أن‌ سبّبت‌ حرف‌ غير صاحـب‌ المرتبة‌ العظـيمة‌ في‌ الذكر عن‌ الجادّة‌، وأظهرت‌ الحقّ في‌ هيئة‌ الباطل‌ والعكـس‌ صحيح‌.

 الرجوع الي الفهرس

الذِّكر الكلامي‌ّ أو الوِرد

 الثاني‌: الذكر الكلامي‌ّ: وأهل‌ الفنّ لا يطلقون‌ عليه‌ اسم‌ الذكر، بل‌ يسمّونه‌ الوِرد، وهم‌ لا يعيرون‌ للذكر القالبي‌ّ أهمّيّة‌، بل‌ حيثما ذكروا الوِرد، قصدوا به‌ نوعه‌ النفسي‌ّ.

 والاوراد في‌ أوقات‌ الذكر كثيرة‌، ويكفي‌ الطالب‌ ما سأذكره‌ بطريقي‌. وأفضل‌ أوقاته‌ عند السَّـحَر، وبعد الفريضـتَين‌: الصـبح‌ والعشـاء، وفي‌ جمـيع‌ أوقات‌ الذكـر. وليكـرّر وِرد كلمة‌ النفـي‌ والإثبات‌ المركّب‌ والبسيط‌ واسم‌ «محيط‌» و «يا نور» و «يا قدّوس‌» بعد الفريضتَين‌، ألف‌ مرّة‌ لكلّ وِرد. وكذلك‌ وِرد «محمّد رسول‌ الله‌» و «يا علي‌ّ» مع‌ حرف‌ النـداء، ويجـوز ذكـره‌ في‌ الليإلی بدون‌ حرف‌ النـداء[14]. ووِرد ألف‌ مرّة‌ «التوحـيد» في‌ الليإلی نفيـس‌ ؛ ولا يغفلنّ عن‌ المداومة‌ علی‌ هذا الوِرد:

 بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَهُمَّ إنِّي‌ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المَكْنُونِ، المَخْزُونِ، السَّلاَمِ، المُنْزِلِ، المُقَدَّسِ، الطَّاهِرِ المُطَهَّرِ، يَا دَهْرُ، يَا دَيْهُورُ، يَا دَيْهَارُ[15]، يَا أَزَلُ، يَا هُو، يَا هُو، يَا هُو، يَا لاَ إلَهَ إلاَّ هُو، يَا مَنْ لاَ هُوَ إلاَّ هُو، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ إلاّ هُو، يا مَنْ لا يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ إلاَّ هُو، يَا كَائِنُ يَا كَيْنَانُ، يَا رُوحُ، يَا كَائِناً قَبْلَ كُلِّ كَوْنٍ، يَا كَائِناً بَعْدَ كُلِّ كَوْنٍ، يَا مُكَوِّناً لِكُلِّ كَوْنٍ، آهياً شراهيّاً[16]، يا مُجَلِّي‌َ عَظَائِمِ الاُمُورِ، سُبْحَانَكَ عَلَی‌ حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ، سُبْحَانَكَ عَلَی‌ عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ، «فَإِن‌ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَهُ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» ] الآية‌ 129، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌ [، «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» ] الآية‌ 11، من‌ السورة‌ 42: الشوري‌ [.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ كُلِّ شَيْءٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَی‌ إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 الرجوع الي الفهرس

المناجاة‌

 الثالث‌: المناجاة‌: وأفضلها العلويّة‌ والسجّاديّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

التفكّر

 الرابع‌: التفكّر: وهو من‌ الشرائط‌ العظيمة‌. وعلی‌ السالك‌ في‌ أوان‌ الخلوّ من‌ الذكر أن‌ لا يُخلي‌ نفسه‌ منه‌.

 وعليه‌ في‌ ابتداء الامر أن‌ يتفكّر في‌ آثار القدرة‌ الإلهيّة‌، ورأفة‌ الله‌، وعظمته‌، وفي‌ خاتمة‌ أمره‌، وأعماله‌، وفيما بعد الموت‌ وأمثال‌ ذلك‌ ممّا ورد في‌ كتب‌ الاخلاق‌، وليتفكّر في‌ دقائق‌ أحكام‌ الرسول‌، ورأفته‌، ورحمته‌، وخلفائه‌، وسعيهم‌ في‌ إصلاح‌ معاد الرعيّة‌ وأُمور معاشهم‌.

 ثمّ يجعل‌ تفكّره‌ في‌ أواسط‌ الامر في‌ ارتباطه‌ بالخالق‌، وفي‌ ملاحظة‌ أمر مخلوقيّته‌ وعبوديّته‌ وذلّه‌ أمام‌ خالقه‌، وفي‌ انتسابه‌ إلی الرسول‌ وخلفائه‌، وفي‌ ارتباط‌ كلّ مخلوق‌ بالخالق‌ الواحد، وانتهاء جميع‌ النسب‌ إلی منسوب‌ إليه‌ واحد، ليبعث‌ ذلك‌ علی‌ حصول‌ الشفقة‌ والعطف‌ علی‌ جميع‌ الاشياء. ويمكن‌ للبصير العالِم‌ تعيين‌ مجاري‌ فكره‌ في‌ جميع‌ الاحوال‌، والمقصود هو عدم‌ الخلوّ من‌ التفكّر، وَأَفْضَلُ العِبَادَةِ إدْمَانُ الفِكْرِ فِي‌ اللَهِ وَفِي‌ قُدْرَتِهِ، وقد أشار أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ إلی ذلك‌. [17]

 الرجوع الي الفهرس

المداومة‌ علی‌ جميع‌ الاذكار والاوراد

 الخامس‌: المداومة‌ علی‌ جميع‌ الاذكار والاوراد:

 من‌ أجل‌ أن‌ تظهر فعليّتها بأسرها. وأثرها في‌ أقلّ من‌ الاربعين‌ ضعيف‌ جدّاً، إلاّ الاوراد التي‌ وردت‌ بقدر معيّن‌. [18]

 وما أكثر ما يبقي‌ مشتغلاً في‌ مرتبة‌ الاربعينيّات‌، وهو ما يُصطلح‌ عليه‌ بـ «الإقامة‌».

 ومن‌ الاُمور المؤكّدة‌ في‌ جميع‌ الاحوال‌: تقليل‌ اللذائذ والاطعمة‌ الدسمة‌، سيّما اللحوم‌ والاغذية‌ اللذيذة‌.

 وهذا هو طريق‌ السلوك‌ وآدابه‌.

 الرجوع الي الفهرس

الفصل‌ الثالث

 آثار السلوك‌

 

وأمّا آثار السلوك‌ وفيوضاته‌، فممّا يراه‌ السالك‌ عياناً، ومن‌ جملة‌ آثاره‌ حصول‌ الانوار في‌ القلب‌. وتبدأ في‌ هيئة‌ مصباح‌، ثمّ تستحيل‌ شعلة‌، فكوكباً، فقمراً، فشمساً، ثمّ تأفل‌ وتتجرّد عن‌ اللون‌ والشكل‌. وكثيراً ما تكون‌ في‌ هيئة‌ برق‌ يومض‌، وتكون‌ أحياناً في‌ هيئة‌ مشكاة‌ وقنديل‌، وهذان‌ الاثنان‌ يحصلان‌ ـ أكثر ما يحصلان‌ علی‌ إثر الفعل[19]‌ والمعرفة‌ و سوابق‌ الذكر. ويشير إلی المرتبة‌ الاُولي‌ قول‌ الباقر عليه‌ السلام‌ الذي‌ رواه‌ ثقة‌ الإسلام‌ في‌ «الكافي‌»، حيث‌ قال‌ عليه‌ السلام‌ في‌ بيان‌ أنواع‌ القلوب‌:

 وَقَلْبٌ أَزْهَرُ أَجْرَدُ، فَقُلْتُ: وَمَا الاَزْهَرُ؟ فَقَالَ: فِيهِ كَهَيْئَةِ السِّرِاجِ... إلی أن‌ قال‌: وَأَمَّا القَلْبُ الاَزْهَرُ فَقَلْبُ المُؤْمِنِ. [الشرح]

 وأشار أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلی بعض‌ هذه‌ المراتب‌ في‌ قوله‌:

 قَدْ أَحْيَي‌ قَلْبَهُ وَأَمَاتَ نَفْسَهُ، حَتَّي‌ دَقَّ جَلِيلُهُ، وَلَطُفَ غَلِيظُهُ، وَبَرَقَ لَهُ لاَمِعٌ كَثِيرُ البَرْقِ. [21]

 وأحد بطون‌ الآية‌ الكريمة‌ اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ شرح‌ هذه‌ المراحل‌، إذ إنّ الشخص‌ الإنسانيّ يؤول‌ في‌ هذه‌ الاحوال‌ إلی مشكاة‌ فيها «زجاجة‌»، وهي‌ القلب‌ ؛ وفي‌ الزجاجة‌ «مصباح‌»، وهو النور المذكور ؛ يصبح‌ القلب‌ بعد انتشاره‌ كأ نّه‌ «كوكب‌ درّي‌ّ» ؛ يُوقَدُ نور الشجرة‌ المباركة‌ ذات‌ النفع‌ الكثير، وهي‌ نورانيّة‌ وروحانيّة‌ ذِكر الله‌، لم‌ يحصل‌ من‌ شرق‌ ولا غرب‌، بل‌ ظهر من‌ طريق‌ الباطن‌ الذي‌ لا شرق‌ فيه‌ ولا غرب‌، وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ[22]، يعني‌: إذا لم‌ يغفل‌ عن‌ ذِكر الله‌، إذ الغفلة‌ توجب‌ مقارنة‌ الشيطان‌ بنصّ: وَمَن‌ يَعْشُ عَن‌ ذِكْرِ الرَّحْمَـ'نِ نُقَيِّضْ لَهُ و شَيْطَـ'نًا فَهُوَ لَهُ و قَرِينٌ[23]، والشيطان‌ مخلوق‌ من‌ نار ؛ نورٌ علی‌ نورٍ، يزداد نورها حتّي‌ تغدو بأجمعها نوراً. [24]

 وَهَذِهِ الزُّجَاجَةُ (فِي‌ بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَن‌ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ). [25]

 ويقـول‌ تعإلی في‌ بيان‌ مَثَل‌ نـوره‌: يُسَـبِّحُ لَهُ و فِيهَا بِالْغُـدُوِّ وَالاْ´صَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـ'رَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن‌ ذِكْرِ اللَهِ. [26]

 ومن‌ جملة‌ الا´ثار، ظهور صوت‌ في‌ القلب‌. وهو نشيد يشبه‌ في‌ بداية‌ الامر صدح‌ طائر أو شدو قمريّة‌. ثمّ يكون‌ أشبه‌ برنّة‌ إلقاء أُسطوانة‌ صغيرة‌ في‌ طاس‌ نحاسي‌ّ، ثمّ تكون‌ همهمة‌ في‌ الباطن‌ تُدرك‌ أشبه‌ بصوت‌ ذبابة‌ تحطّ علی‌ خيط‌ من‌ الحرير.

 ثمّ يخمد لسان‌ القلب‌، ويوكل‌ القلبُ الذِّكرَ إلی الروح‌.

 الرجوع الي الفهرس

الفصل‌ الرابع‌

طريقة‌ ذِكر المؤلِّف‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌

وأختم‌ هذه‌ التُّحفة‌ بطريق‌ ذِكري‌ علی‌ نحو الإجمال‌:

 اعلم‌ أ نّي‌ لمّا أردتُ السلوك‌ عازماً علی‌ المجاهدة‌ الكبري‌ والعظمي‌، وقصدت‌ السير في‌ وادي‌ الذِّكر، فقد شمّرت‌ عن‌ همّتي‌ في‌ التوبة‌ ممّا كنت‌ أفعل‌، وهجرت‌ العادات‌ والتقاليد، ثمّ انهمكت‌ في‌ أربعينيّات‌ الاذكار، وجعلتُ في‌ الاربعين‌ أربعيناً.

 وقد علّمني‌ أُستاذي‌ في‌ الذكر الخيإلی اسم‌ «الحي‌ّ» الذي‌ تعلّمه‌ من‌ الآية‌ الكريمة‌: هُوَ الْحَيُّ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ.

 لانّ الله‌ جعله‌ مقدّمة‌ الإخلاص‌ ومنهجاً لحمده‌. [27]

 وهو ـ مع‌ وجود كلّ هذه‌ النورانيّة‌ والروحانيّة‌ يلائم‌ جميع‌ الامزجة‌، ويبعـث‌ القلوب‌ الميّـتة‌، بعـيداً عن‌ سائـر الاخطـار المختلفة‌. وأكثر الروايات‌ الواردة‌ في‌ الاسم‌ الاعظم‌ لا تخلو من‌ هذا الاسم‌ المكرّم‌، كما ورد في‌ كتاب‌ «مُهج‌ الدعوات‌»[الشرح]. فالظاهر أ نّه‌ هو الاسم‌ الاعظم‌.

 وهو ـ مع‌ ذلك‌ مكوّن‌ من‌ «حاء» و «ياء» ؛ فالحرف‌ الاوّل‌ يبعث‌ علی‌ الاُنس‌ والمواصلة‌، والثاني‌ علی‌ الصبر والاحتمال‌ والفتح‌ والنصرة‌.

 ووقوع‌ الاوّل‌ في‌ اسم‌ من‌ الاسماء الحسني‌ يدفع‌ تأثير ناريّة‌ الشيطان‌، لانّ ذلك‌ الحرف‌ دافع‌ للحرارة‌. واشتماله‌ علی‌ الثاني‌ سبب‌ للهداية‌ وكشف‌ الاسرار، كما هو مبيّن‌ في‌ فنّ الاعداد. [29]

 وزيادة‌ الالف‌ واللام‌ من‌ أجل‌ تأثّر القلب‌ في‌ التأسّي‌ بخصلة‌ الانبياء والاتّصاف‌ بصفة‌ الاصفياء، والتأ نّي‌ في‌ الثبوت‌ في‌ العمل‌ ؛ وذلك‌ الحرف‌ هو ذات‌ القلم‌ الرسّام‌ للاسرار. [30]

 فقد قضيتُ مدّة‌ في‌ الاربعينيّات‌ المتعدّدة‌ بطرق‌ متعددّة‌.

 ثمّ انشغلتُ بسائر الاذكار، واغتسلتُ في‌ كلّ أربعين‌ غُسل‌ التوبة‌، وتركتُ حظّاً ولذّة‌ من‌ حظوظ‌ النفس‌، وودّعتها الوداع‌ الاخير.

 وتوجّهتُ في‌ كلّ يوم‌ إلی سيّد من‌ ساداتي‌، فزرتُه‌ بالزيارة‌ التي‌ اخترتُها بنفسي‌. وشرعتُ في‌ ذلك‌ يوم‌ السبت‌، لحديث‌ شاهدته‌ في‌ هذا الباب[31]‌. وكنت‌ أُصلّي‌ ركعتَين‌ أهديهما لروحه‌ المقدّسة‌ وأتوسّل‌ به‌.

 وتعلّقت‌ في‌ كلّ جمعة‌ بأذيال‌ ولي‌ّ العصر متوسّلاً به‌، وقرأت‌ الزيارة‌ والادعية‌ التي‌ وردت‌ في‌ التوسّل‌ به‌ في‌ ذلك‌ اليوم‌.

 وكنت‌ أُصلّي‌ علی‌ النبي‌ّ وآله‌ كلّ جمعة‌ ألف‌ مرّة‌ كما هو المأثور.

 وكانت‌ أورادي‌ في‌ هذه‌ الايّام‌ علی‌ نوعَين‌:

 الاوّل‌: ما كان‌ علی‌ القيام‌ به‌ كلّ يوم‌، وهو علی‌ النحو التإلی: الحَقّ، في‌ الاسحار مائة‌ مرتبة‌ بعد صلاة‌ ركعتَين‌، مع‌ رفع‌ الايدي‌ إلی السماء ؛ يَا حَي‌ُّ يَا قَيُّومُ يَا مَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ما بين‌ السُّنّة‌ والفرض‌ أربعين‌ مرّة[32]‌ ؛ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ بعد الفرائض‌ الخمسة‌ بالعدد المجمل‌ 169 مرّة‌ أو المفصّل‌ 619 مرّة‌ ؛ «يا علي‌ّ» بقصد الولي‌ّ في‌ الاسحار وبعد فريضة‌ الصبح‌[33] بالعدد المجمل‌ 121 مرّة‌ ؛ «يا قريب‌» كلّ يوم‌ بالعدد المجمل‌ 323 مرّة‌ ؛ آية‌ «المُلك‌» بعد فريضة‌ الصبح‌ 22 مرّة[34]‌ ؛ «الله‌» في‌ الاسحار بالعدد الكبير مع‌ الإمكان‌ ؛ «يا نور يا قدّوس‌» في‌ الاسحار بالعدد المجمل‌ 448 مرّة‌.

 الثاني‌: ما أتممته‌ خلال‌ هذه‌ المدّة‌، ابتداء من‌ ذكر رَبِّ إنِّي‌ مَسَّنِي‌َ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ[35] أربعيناً بالعدد المجمل‌ 2500 مرّة‌ يَا لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ´ أَنتَ سُبْحَـ'نَكَ إِنِّي‌ كُنتُ مِنَ الظَّـ'لِمِينَ [36] أربعيناً بالعدد المجمل‌ 2386 مرّة‌ ؛ «يا هادي‌» أربعيناً في‌ كلّ يوم‌ 5000 مرّة‌ ؛ وفي‌ اليوم‌ الاخير «يَا هَادِي‌َ المُضِلِّينَ» مائة‌ مرّة‌ ؛ «يَا فَتَّاحُ» ثمانية‌ عشرة‌ يوماً، في‌ كلّ يوم‌ 8799 مرّة‌ ؛ «يا بَصير» أربعيناً، في‌ كلّ يوم‌ بعد كلّ فريضة‌ 1330 مرّة‌ ؛ والغُسل‌ كلّ يوم‌ مع‌ الإمكان‌ ؛ آية‌ الكرسي‌ بعد كلّ فريضة‌ ؛ النفي‌ والإثبات‌ المركّب‌ والبسيط‌ و «الله‌» و «هو» وسورة‌ التوحيد والاعلي‌، كلّ واحد منها ألف‌ مرّة‌، وأربعينَين‌ اثنين‌ في‌ الاسحار[37] ؛ يَا سُبُّوحُ يَا قُدُّوسُ ستّة‌ أربعينات‌، في‌ كلّ يوم‌ 2670 مرّة‌ (الشرائط‌: الغُسل‌ كلّ يوم‌ مع‌ الإمكان‌ والصَّمْت‌ والجوع‌) ؛ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ لمدّة‌ مائة‌ وثمانية‌ أيّام‌، في‌ كلّ يوم‌ 1200 مرّة‌ (الشرط‌: ترك‌ الطعام‌ الحيواني‌ّ، بل‌ تركه‌ قبل‌ ذلك‌ بأربعين‌ يوماً) ؛ يَا دَيَّانُ لمدّة‌ سبعين‌ يوماً، في‌ كلّ يوم‌ 5000 مرّة‌ ؛ يَا كَبِيرُ ثلاثة‌ أربعينات‌، في‌ كلّ يوم‌ وليلة‌ 1466 مرّة‌ ؛ وفي‌ الاربعين‌ الاخيرة‌ ترك‌ الطعام‌ الحيواني‌ّ، وتكراره‌ كلّ يوم‌ ما أمكن[38]‌ ؛ ولو أمكن‌ تكراره‌ 70000 مرّة‌ كان‌ أفضل‌ ؛ يَا نُورُ بالعدد الكبير[39]، وفي‌ الليإلی أيضاً بهذا العدد من‌ دون‌ سورة‌، ابتداء من‌ يوم‌ السبت‌ ؛ يَا حَي‌ُّ يَا قَيُّومُ لمدّة‌ مائة‌ وثمانين‌ يوماً من‌ السحر إلی الطلوع‌، أو من‌ الطلوع‌ إلی الاستواء، في‌ كلّ يوم‌ 3716 مرّة‌ ؛ يَا مُهَيْمِنُ لمدّة‌ أربعين‌ واحدة‌ أو أربعينَين‌ اثنين‌، في‌ كلّ يوم‌ 1040 مرّة‌ علی‌ غُسل‌ وقبل‌ التكلّم‌ ؛ الله‌ أربعيناً واحدة‌، في‌ كلّ يوم‌ بقدر الإمكان[40]‌ مع‌ السعة‌ (بشرط‌ الصوم‌ وترك‌ النوم‌ إلاّ مع‌ عدم‌ الاختيار) ويجب‌ إظهار الهمزة‌ وإسكان‌ الهاء[41] ثمّ يداوم‌ بعد ذلك‌ علی‌ هذا الذكر.

 ولقد أتممت‌ العمل‌ علی‌ هذه‌ الكيفيّة‌. أمّا جمع‌ بعض‌ الاوراد مع‌ بعضها الا´خر في‌ أيّام‌ الاربعين‌ فجائز، وأمّا مضاعفة‌ المدّة‌ في‌ أحدها فمرخّص‌ فيها. ويلزم‌ في‌ جميع‌ هذه‌ الاوراد الاربعينيّة‌ الخلوة‌ والتعطير واجتناب‌ البُقول‌ ذات‌ الرائحة‌ الكريهة‌، والافتتاح‌ والاختتام‌ بهذه‌ الصلوات‌:

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی‌ المُصْطَفَي‌ مُحَمَّدٍ وَالمُرْتَضَي‌ علی‌ وَالبَتُولِ فَاطِمَةَ وَالسِّبْطَيْنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَصَلِّ عَلَی‌ زَيْنِ العِبَادِ علی‌ وَالباقِرِ مُحَمَّدٍ وَالصَّادِقِ جَعْفَرٍ وَالكَاظِمِ مُوسَي‌ وَالرِّضَا علی‌ وَالتَّقِي‌ِّ مُحَمَّدٍ وَالنَّقِي‌ِّ علی‌ وَالزَّكِي‌ِّ العَسْكَرِي‌ِّ الحَسَنِ وَصَلِّ عَلَی‌ المَهْدِي‌ِّ الهَادِي‌ صَاحِبِ العَصْرِ وَالزَّمَانِ وَخَلِيفَةِ الرَّحْمَنِ وَقَاطِعِ البُرْهَانِ وَسَيِّدِ الإنْسِ وَالجَانِ صَلَواتُ اللَهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

 واعلم‌ أنّ أصل‌ عمل‌ المراتب‌ هي‌ الاذكار، وأنّ الاوراد من‌ أعوانها ومتمّماتها، فيحظر ترك‌ بعض‌ منها.

 وقد اشتغلتُ في‌ هذه‌ الايّام‌ عند الفراغ‌ بالمناجاة‌ العلويّة‌ والسجّاديّة‌، وتبرّكتُ بالاسماء المباركة‌ للا´ل‌ الاطهار والصحابة‌ الكبار للرسول‌ المختار والاركان‌ الاربعة‌ للملائكة‌ الكرام‌ والانبياء العظام‌ ومشايخ‌ الشريعة‌ وأساتذة‌ الطريقة‌، وسلّمت‌ وترحّمت‌ عليهم‌ مفصّلاً في‌ أكثر الايّام‌، وسألتُ من‌ بواطنهم‌ الهمّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 إدامة‌ الرسالة‌ من‌ قبل‌ الناسخ‌

يقول‌ الناسخ‌[الشرح]: لقد أنهيت‌ مرّة‌ الاربعينات‌ بالطريق‌ المذكور بقدر الإمكان‌، وشرعت‌ في‌ المرّة‌ الثانية‌، وجعلتُ أوراد الاربعينات‌ كلمات‌ إدريس‌ عليه‌ السلام[الشرح]‌ حسب‌ الترتيب‌ والشرائط‌ ومقدار الاوقات‌ الواردة‌ في‌ رسالة‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ رحمه‌ الله‌[44] التي‌ أ لّفها في‌ هذا الخصوص‌.

 واشـتغلت‌ في‌ مبادي‌ الاربعينـيّات‌ أوّلاً بذكـر وَإِلَـ'هُكُمْ إِلَـ'هٌ وَ حِدٌ لاَّ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَـ'نُ الرَّحِيمُ ] الآية‌ 163، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌ [ 1080 مرّة‌ في‌ مجلس‌ واحد، وفعلت‌ ذلك‌ عدّة‌ مرّات‌.

 وقرأتُ في‌ مدّة‌ ثلاثة‌ أربعينات‌ سورة‌ «والعاديات‌» المباركة‌ 40000 مرّة‌.

 وقرأتُ في‌ هذه‌ الاربعينات‌ الثلاث‌ عقب‌ كلّ فريضة‌ سورة‌ «الفاتحة‌» عشر مرّات‌. وجميع‌ هذه‌ الاذكار الثلاثة‌ تنفع‌ لدفع‌ العوائق‌ الدنيويّة‌.

 وكنت‌ أتوسّل‌ أحياناً بروحانيّة‌ عطارد، واستعين‌ بها للهمّة‌. [الشرح]

 ذلك‌ أنّ أصحاب‌ الاسرار يستعينون‌ بروحانيّته‌. فإذا نظر إليه‌ المرء بعد غروب‌ الشمس‌ أو قبل‌ طلوعها ـ حينما يمكن‌ رؤيته‌ فليسلّم‌ عليه‌، وليخطُ تجاهه‌ وليقل‌:

 عَطَارُدُ أَيْمُ اللَهِ طَالَ تَرَقُّبِي‌                    صَبَاحاً مَسَاءً كَي‌ أَرَاكَ فَأَغْنَمَا

 ثمّ يخطو خطوة‌ أُخري‌ ويقول‌:

 وَهَا أَنَا فَامْنَحْنِي‌ قُوَيً أُدْرِكُ المُنَي‌                     بِهَا وَالعُلُومَ الغَامِضَاتِ تَكَرُّمَا

 ثمّ يخطو أُخري‌ ويقول‌:

 وَهَا أَنَا جُدْ لِي‌ الخَـيْرَ وَالسَّعْدَ كُلَّهُ                       بِأَمْرِ مَلِيـكٍ خَالِقِ الاَرْضِ وَالسَّـمَا

 وتكرار هذا العمل‌ في‌ المبادي‌ أمر مطلوب‌. [46]

 وللامكنة‌ الشريفة‌ والمساجد الكريمة‌ والمشاهد المشرّفة‌ في‌ القابليّة‌ للفيوضات‌ الدخل‌ الكبير، وأكثر أصحاب‌ الحال‌ قد فُتح‌ لهم‌ باب‌ الفيض‌ في‌ أحد هذه‌ الاماكن‌ المكرّمة‌.

 ويقول‌ السيّد الجليل‌: «لقد انتابتني‌ حال‌ تفوق‌ الوصف‌ في‌ «سُرَّ مَنْ رَأَي‌» من‌ فيض‌ ذلك‌ المكان‌». وكان‌ أكثر استقراره‌ في‌ أيوان‌ يحاذي‌ السرداب‌ المقدّس‌. وقد قام‌ السيّد بنفسه‌ ببناء معبد عظيم‌ في‌ ذلك‌ الموضع‌ يُعرف‌ بمسجد السيّد ابن‌ طاووس‌، بَيدَ أنّ آثاره‌ انطمست‌، فلم‌ يبق‌ له‌ في‌ زمننا هذا من‌ أثر.

 تمّت‌ هذه‌ الرسالة‌ الشريفة‌ المنسوبة‌ إلی بحر العلوم‌، بِيَدِ العبد محمّد حسين‌ الطباطبائي‌ّ ليلة‌ الاحد، العاشر من‌ شوّال‌، سنة‌ ألف‌ وثلاثمائة‌ وأربع‌ وخمسين‌ للهجرة‌.

 تمّ استنساخ‌ هذه‌ النسخة‌، علی‌ نسخة‌ الاُستاذ الوحيد: سيّدنا الاعظم‌ الحاجّ السيّد محمّد حسين‌ الطباطبائي‌ّ أدام‌ الله‌ ظلّه‌ الوارف‌، بِيَدِ هذا الحقير الفقير محمّد الحسين‌ الحسيني‌ّ الطهراني‌ّ في‌ يوم‌ الاربعين‌: العشرين‌ من‌ شهر صفر الخير، سنة‌ ألف‌ وثلاثمائة‌ وسبع‌ وسبعين‌ للهجرة‌، والحمد للّه‌ ربّ العالمين‌.

 الرجوع الي الفهرس

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ يعني‌ الله‌.

[2] ـ مراده‌ لا إلهَ إلاّ هو، أو لا هو إلاّ هو.

[3] ـ هذه‌ العبارة‌ لابي‌ سعيد أحمد بن‌ عيسي‌ الخرّاز الذي‌ أدرك‌ مصاحبة‌ ذي‌ النون‌ المصري‌ّ وسَرِي‌ّ السَّقَطي‌ّ وبِشر الحافي‌.

 ويقول‌ الشعراني‌ّ في‌ ج‌ 1، ص‌ 92 من‌ «الطبقات‌»:

 وكان‌ يقول‌ (أي‌ الخرّاز): إذَا أَرَادَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُوَإلی عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ، فَتَحَ لَهُ بَابَ ذِكْرِهِ، فَإذَا اسْتَلَذَّ بِالذِّكْرِ فَتَحَ عَلَيْهِ بَابَ القُرْبِ، ثُمَّ رَفَعَهُ إلی مَجْلِسِ الاُنْسِ، ثُمَّ أَجْلَسَهُ عَلَی‌ كُرْسِي‌ِّ التَّوْحِيدِ، ثُمَّ رَفَعَ عَنْهُ الحُجُبَ فَأَدْخَلَهُ دَارَ الفَرْدَانِيَّةِ، وَكَشَفَ لَهُ عَنِ الجَلاَلِ وَالعَظَمَةِ. فَإذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَی‌ الجَلاَلِ وَالعَظَمَةِ بَقِي‌َ بِلاَ هُوَ، فَحِينَئِذٍ صَارَ العَبْدُ فَانِياً، فَوَقَعَ فِي‌ حِفْظِ اللَهِ وَبَرِي‌َ مِنْ دَعَاوَي‌ نَفْسِهِ.

[4] ـ يعني‌ بطريق‌ الذكر: المرآتي‌ّ والا´لي‌ّ، لا الاستقلإلی، لانّ اسم‌ الاُستاذ الخاصّ هو مرآة‌ الحقّ، لذا فإنّ ذلك‌ الاسم‌ أو اسم‌ الاُستاذ العامّ، وبصورة‌ عامّة‌: كلّ نوع‌ من‌ أنواع‌ تصوّر الولي‌ّ يجب‌ أن‌ يكون‌ مرآتيّاً.

 إذَا تَجَـلَّي‌ حَبِيبِي‌ فِي‌ حَبِيبِي‌ فَبِعَـيْنِـهِ أَنْظُـرْ إلَيْـهِ لاَ بِعَـيْنِي‌

[5] ـ يعني‌ أن‌ عليه‌ جعل‌ مقام‌ الاُستاذ الخاصّ أوطأ من‌ مقام‌ الذكر الذي‌ يجريه‌ في‌ أي‌ّ موضع‌ من‌ قلبه‌. أو أن‌ يجعل‌ الذكر في‌ القلب‌، ويجعل‌ مقام‌ الاُستاذ الخاصّ في‌ أسفل‌ الصدر، بحيث‌ ينخفض‌ مستواه‌ عن‌ مستوي‌ محاذاة‌ الذكر.

[6] ـ يعني‌ أمّا الاسم‌ العنواني‌ّ للرسول‌ (وهو نفس‌ الرسول‌)، والاسم‌ العنواني‌ّ للخليفة‌ (وهو الخليفة‌)، أو الاسم‌ الحقيقي‌ّ للرسول‌ (أي‌ محمّد) والاسم‌ الحقيقي‌ّ للخليفة‌ (أي‌ علي‌ّ).

 والمراد من‌ اسم‌ الاُسـتاذ الخاصّ والولي‌ّ أيضاً إمّا الاسـم‌ العنـواني‌ّ، مثل‌ صاحب‌ الامر وصاحب‌ الزمان‌ والولي‌ّ، وإمّا الاسـم‌ الحقيقي‌ّ، وهو محمّد.

[7] ـ ذلك‌ أنّ الذكر القالبي‌ّ هو أحد نوعَي‌ الذكر الخيإلی. ولذلك‌ فلا يمكنه‌ في‌ حال‌ الذكر الخيإلی الجمعي‌ّ أو البسطي‌ّ ـ الذي‌ عُيّن‌ فيه‌ مقامٌ خاص‌ لتصوّر الاُستاذ الخاصّ في‌ القلب‌ أو في‌ أسفل‌ الصدر أدني‌ من‌ مقام‌ الذكر أن‌ يجعل‌ الشبح‌ النوراني‌ّ للرسول‌ والولي‌ّ في‌ المقام‌ المذكور.

 ولذلك‌، وبقرينة‌ قوله‌ «فإن‌ هو تخطّي‌ الذكر القالبي‌ّ، فإنّه‌ سيداوم‌ علی‌ جعل‌ الشبح‌ النوراني‌ّ للرسول‌ والولي‌ّ في‌ المقام‌ المذكور» يتّضح‌ أنّ مراده‌ من‌ الذكر الخيإلی الجمعي‌ّ أو البسطي‌ّ الذي‌ يجب‌ فيه‌ تصوّر اسم‌ الاُستاذ الخاصّ، إنّما هو خصوص‌ نوعه‌ القالبي‌ّ.

 أمّا في‌ نوعه‌ النفسي‌ّ، وكذلك‌ في‌ الذكر الخفي‌ّ والسرّي‌ّ والذاتي‌ّ، فإنّ عليه‌ أن‌ يداوم‌ ـ حال‌ الذكر وغيره‌ علی‌ جعل‌ الشبح‌ النوراني‌ّ للرسول‌ والولي‌ّ في‌ ذلك‌ المقام‌.

[8] ـ يعني‌ أنّ عليه‌ أن‌ يتصوّر الشبح‌ النوراني‌ّ للرسول‌ والولي‌ّ في‌ المقام‌ المذكور في‌ حال‌ من‌ التواضع‌ مقابل‌ المذكور (وهو الله‌)، واستشفاع‌ للذاكر السالك‌.

[9] ـ يعني‌ أن‌ يتصوّر السالكُ الاُستاذ العامّ خارج‌ الجسم‌ في‌ الجهة‌ اليسري‌، متّجهاً بوجهه‌ إلی صورة‌ الذكر، وفي‌ حال‌ تواضع‌ تجاه‌ صورة‌ الذكر، بخلاف‌ تصوّر الاُستاذ الخاصّ الذي‌ يكون‌ في‌ حال‌ تواضع‌ تجاه‌ المذكور.

 ومن‌ هنا فإنّ تصـوّر الاُسـتاذ الخاصّ والاُسـتاذ العامّ يخـتلف‌ من‌ جهتَين‌: الاُولي‌: أنّ مقام‌ الاُستاذ الخاصّ في‌ الداخل‌ وليس‌ في‌ الخارج‌. الثانية‌: بلحاظ‌ حال‌ تواضعهما.

[10] ـ يعني‌ تصوير الاُستاذ الخاصّ والاُستاذ العامّ.

[11] ـ بل‌ مراد القوم‌ هو أن‌ يتصوّر الاُستاذ العامّ والاُستاذ الخاصّ حال‌ الذكر بالكيفيّة‌ المذكورة‌. وهذا المعني‌ في‌ منتهي‌ الصعوبة‌، وخاصّةً في‌ بداية‌ الامر، بلحاظ‌ التوجّه‌ إلی الواحد والسعي‌ في‌ عدم‌ التفرقة‌. إلاّ أنّ هذه‌ المنافاة‌ ستزول‌ تدريجيّاً وتسهل‌ علی‌ إثر ازدياد قوّة‌ الذاكر، فيمكنه‌ ـ من‌ ثمّ أن‌ يتصوّر في‌ وقت‌ واحد الاُستاذ ويشتغل‌ بالذكر علی‌ نحو جيّد. وهذا النحو له‌ الاثر البالغ‌ علی‌ تقدّم‌ السالك‌ الذي‌ يزيد علی‌ تصوّر الاُستاذ في‌ أوائل‌ الليل‌ والنهار، وفي‌ بداية‌ الاشتغال‌ بالذكر والفراغ‌ منه‌ كما قاله‌ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌.

[12] ـ المراد ببعض‌ درجات‌ الذكر، أن‌ يتصوّر الذاكرُ الاُستاذ علی‌ نحو الذكر الخيإلی النفسي‌ّ، أو علی‌ نحو الذكر الخفي‌ّ القالبي‌ّ، أو الخفي‌ّ النفسي‌ّ ؛ بمعني‌ أنّ من‌ المستحسن‌ أن‌ يتصوّر الاُستاذ الخاصّ أو العامّ مدّة‌، قبل‌ أن‌ يرد في‌ درجات‌ الذكر، مع‌ توجّهه‌ إلی الاسم‌ والمسمّي‌، ومع‌ إعراضه‌ عن‌ المعني‌ والحقيقة‌. أو إمرار ذلك‌ في‌ القلب‌ مع‌ ـ أو بدون‌ التوجّه‌ إلی المعني‌، وهو ممّا يوجب‌ سريان‌ المحبّة‌.

التعـرّف‌ علی‌ الاشـخاص‌ مـن‌ خـلال‌ الالتفات‌ إلی حقائقـهم‌ غيـر ميسَّـر إلا الاشخاص‌ الكاملين‌ أو الذين‌ شارفوا حدّ الكمال‌

[13] ـ يعني‌ أنّ حقيقة‌ الرسول‌ والخليفة‌ ستطلع‌ علی‌ الذاكر بالنورانيّة‌ علی‌ إثر التوجّه‌ لهما وبسبب‌ كثرة‌ الممارسة‌ في‌ هذا المعني‌، وهذا هو المطلب‌ الذي‌ ذكره‌ المصنّف‌ سابقاً من‌ أنّ الاُستاذ الخاصّ سيعرّف‌ نفسه‌ في‌ نهاية‌ المطاف‌.

 أمّا إذا بلغ‌ الذاكر إلی مقام‌ الطـهارة‌، وأضحي‌ ضمـيره‌ مجلوّاً عن‌ الاكدار، وصارت‌ له‌ مرتبة‌ عظيمة‌ في‌ الذكر، فإنّ بإمكانه‌ ـ من‌ خلال‌ التوجّه‌ التامّ إلی حقيقة‌ شخص‌ ما أن‌ يعرف‌ ما إذا كان‌ أُستاذاً عامّاً يمكنه‌ إعانة‌ غيره‌ أم‌ لا، ولذا ستتّضح‌ درجة‌ وميزان‌ حقيقة‌ ذلك‌ الشخص‌ من‌ خلال‌ التوجّه‌ إليها.

 وأمّا إذا لم‌ يبلغ‌ الذاكر مرتبة‌ الطهارة‌ ولم‌ يصبح‌ ذا مرتبة‌ عظيمة‌ في‌ الذكر، فإنّه‌ إذا نظر بنظره‌ الملوّث‌ وتوجّه‌ إليه‌، فإنّ صورة‌ ذلك‌ الشخص‌ ستنطبع‌ علی‌ إثر التكرار والممارسة‌ في‌ ذهن‌ الذاكر، فيخال‌ للذاكربسبب‌ انطباع‌ صورة‌ ذلك‌ الشخص‌ ومحبّته‌ أ نّه‌ من‌ الكاملين‌، مع‌ أ نّه‌ قد يكون‌ غير كامل‌، بل‌ قد يكون‌ من‌ الابالسة‌ وقطّاع‌ طريق‌ الله‌.

 أو أن‌ ينظر هذا الذاكر مثلاً ذو الذهن‌ الملوّث‌ إلی أحد أولياء الله‌ الحقيقيّـين‌ ويتوجّـه‌ إليه‌، فيلفـيه‌ في‌ قلـبه‌ الملوّث‌ ملوّثاً، ويحسـبه‌ مبطلاً.

 ويستنتج‌ ممّا ذُكر أنّ من‌ غير الممكن‌ إدراك‌ نورانيّة‌ الاشخاص‌ أو اختبار الاُستاذ العامّ عن‌ طريق‌ التوجّه‌ إلی الحقيقة‌ والمعني‌ من‌ قِبل‌ الاشخاص‌ غير الكاملين‌.

 الرجوع الي الفهرس

[14] ـ أي‌ أنّ هذيـن‌ الوِرديـن‌ جـديـران‌ بالذكـر، إلاّ أنّ المصـنّف‌ رحمه‌ الله‌ لم‌ يعـيّن‌ لهما عدداً. ومن‌ الممـكن‌ أن‌ يؤدّي‌ وِرد «محمّد رسول‌ الله‌» بالعدد الكبير، وهو «245»، و«يا علي‌ّ» مع‌ حرف‌ النداء وبدونه‌، أي‌ بعدد «121» و«110». والمراد بالتوحيد: سورة‌ التوحيد المباركة‌.

[15] ـ و الدَّيْهَارُ و الدَّيْهُورُ صيغة‌ مبالغة‌ من‌ الدهر، والمراد بالدهر: الله‌ تعإلی، وقد ورد في‌ الحديث‌: لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَهُ.

[16] ـ قال‌ سماحة‌ الاُستاذ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ مُدّ ظلّه‌: كان‌ المرحوم‌ آية‌ الحقّ الحاجّ الميرزا علی‌ القاضي‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ يقول‌: يجب‌ أن‌ تُلفظ‌ هاتان‌ الكلمتان‌ علی‌ هذا النحو،: أَهْيَأً شَرْأَهْيَأً، وقال‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ: هما كلمتان‌ عبريّتان‌، ومعناهما بالعربيّة‌: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ.

[17] ـ روي‌ الكليني‌ّ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 55، بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: أَفْضَلُ العِبَادَةِ إدْمَانُ التَّفَكُّرِ فِي‌ اللَهِ وَفِي‌ قُدْرَتِهِ. ورواه‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 15 (كتاب‌ الاخلاق‌)، ص‌ 194، عن‌ «الكافي‌».

 كما روي‌ في‌ «الكافي‌» ص‌ 54 من‌ الجزء المذكور (ورواه‌ عنه‌ المجلسي‌ّ في‌ نفس‌ الجزء من‌ «البحار» ص‌ 193) أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: نَبِّهْ بِالتَّفَكُّرِ قَلْبَكَ، وَجَافِ عَنِ اللَّيْلِ جَنْبَكَ، وَاتَّقِ اللَهَ رَبَّكَ.

 وروي‌ المجلسـي‌ّ هذه‌ الروايـة‌ في‌ ص‌ 195 (من‌ نفـس‌ الجـزء) عن‌ «جامع‌ الاخبار» بلفظ‌ «جَافِ عَنِ النَّوْمِ» بدلاً من‌ «جَافِ عَنِ اللَّيْلِ». وروي‌ في‌ «الكافي‌» ص‌ 55 ؛ و«البحار» ص‌ 194 (عن‌ «الكافي‌») عن‌ معمّر بن‌ خلاّد قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ:

 لَيْـسَ العِبَادَةُ كَثْـرَةَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، إنَّمَا العِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي‌ أَمْرِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ.

[18] ـ مثل‌ إِنَّآ أَنزَلْنَـ'هُ التـي‌ ورد قراءتـها ألـف‌ مرّة‌ في‌ كلّ ليلة‌ مـن‌ ليإلی شهر رمضان‌، وكمثل‌ سورة‌ الدخان‌ التي‌ ورد قراءتـها مائة‌ مرّة‌ في‌ كلّ ليلة‌ من‌ ليإلی شهر رمضان‌، وأمثال‌ ذلك‌.

[19] ـ لا يظهر المشكاة‌ والقنديل‌ ـ غالباً مع‌ وجود سوابق‌ الذكر، بل‌ يظهران‌ حال‌ الفعل‌، كالصلاة‌ والوِرد.

ذكر الروايات‌ الواردة‌ في‌ بيان‌ أنواع‌ القلوب

[20] ـ روي‌ الكليني‌ّ هذه‌ الرواية‌ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 422، بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ سعد، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ بهذه‌ الكيفيّة‌، قال‌ عليه‌ السلام‌:

 إنَّ القُلُوبَ أَرْبَعَةٌ: قَلْبٌ فِيهِ نِفَاقٌ وَإيمَانٌ، وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ، وَقَلْبٌ مَطْبُوعٌ، وَقَلْبٌ أَزْهَرُ أَجْرَدُ، فَقُلْتُ: وَمَا الاَزهَرُ؟ قَالَ: فِيهِ كَهَيْئَةِ السِّرَاجِ. فَأَمَّا المَطْبُوعُ فَقَلْبُ المُنَافِقِ، وَأَمَّا الاَزهَرُ فَقَلْبُ المُؤْمِنِ، إنْ أَعْطَاهُ شَكَرَ، وَإنِ ابْتَلاَهُ صَبَرَ. وَأَمَّا المَنْكُوسُ فَقَلْبُ المُشْرِكِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الا´يَةَ: «أَفَمَن‌ يَمْشِي‌ مُكِبًّا عَلَی‌' وَجْهِهِ أَهْدَي‌'´ أَمَّن‌ يَمْشِي‌ سَوِيًّا عَلَی‌' صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ». فَأَمَّا القَلْبُ الَّذِي‌ فِيهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ، فَهُمْ قَوْمٌ كَانُوا بِالطَّائِفِ، فَإنْ أَدْرَكَ أَحَدَهُمْ أَجَلُهُ عَلَی‌ نِفَاقِهِ هَلَكَ، وَإنْ أَدْرَكَهُ عَلَی‌ إيمَانِهِ نَجَا.

 وروي‌ المجلسي‌ّ نفس‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 15، (الجزء الثاني‌) ص‌ 37، عن‌ «معاني‌ الاخبار» بلفظ‌ «أزهر أنور» بدلاً من‌ «أزهر أجرد».

 كما روي‌ الكليني‌ّ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 423 ؛ ورواها المجلسي‌ّ في‌ «البحار» ص‌ 37 من‌ نفس‌ الجزء، نقلاً عن‌ «معاني‌ الاخبار»، عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثمإلی، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ قال‌:

 القُلُوبُ ثَلاَثَةٌ: قَلْبٌ مَنْكُوسٌ لاَ يَعِي‌ شَيْئاً مِنَ الخَيْرِ، وَهُوَ قَلْبُ الكَافِرِ ؛ وَقَلْبٌ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَالخَيْرُ وَالشَّرُّ فِيهِ يَعْتَلِجَانِ، فَأَيُّهُمَا كَانَتْ مِنْهُ غَلَبَ عَلَيْهِ ؛ وَقَلْبٌ مَفْتُوحٌ فِيهِ مَصَابِيحُ تَزْهَرُ، وَلاَ يُطْفَأُ نُورُهُ إلی يَوْمِ القِيَامَةِ، وَهُوَ قَلْبُ المُؤْمِنِ.

 وروي‌ الكليني‌ّ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 422، عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: تَجِدُ الرَّجُلَ لاَ يُخْطِي‌ُ بِلاَمٍ وَلاَ وَاوٍ خَطِيباً مِصْقَعاً، وَلَقَلْبُهُ أَشَدُّ ظُلْمَةً مِنَ اللَّيْلِ المُظْلِمِ ؛ وَتَجِدُ الرَّجُلَ لاَ يَسْتَطِيعُ يُعَبِّرُ عَمَّا فِي‌ قَلْبِهِ بِلِسَانِهِ، وَقَلْبُهُ يَزْهَرُ كَمَا يَزْهَرُ المِصْبَاحُ.

 وأورد المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 15، (الجزء الثاني‌) ص‌ 35، عن‌ «أسرار الصلاة‌»، قال‌ النبي‌ُّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: قَلْبُ المُؤْمِنِ أَجْرَدُ وَفِيهِ سِرَاجٌ يَزْهَرُ....

 الرجوع الي الفهرس

[21] ـ وردت‌ خطبة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ «شرح‌ النهج‌» للمولي‌ فتح‌ الله‌، ص‌ 356 ؛ وفي‌ «شرح‌ النهج‌» لمحمّد عبده‌، ص‌ 349:

 قَدْ أَحْيَي‌ عَقْلَهُ وَأَمَاتَ نَفْسَهُ، حَتَّي‌ دَقَّ جَلِيلُهُ، وَلَطُفَ غَلِيظُهُ، وَبَرَقَ لَهُ لاَمِعٌ كَثِيرُ البَرْقِ، فَأَبَانَ لَهُ الطَّرِيقَ، وَسَلَكَ بِهِ السَّبِيلَ، وَتَدافَعَتْهُ الاَبْوَابُ إلی بَابِ السَّلاَمَةِ وَدَارِ الاءقَامَةِ، وَثَبَتَتْ رِجْلاَهُ بِطُمَأْنِينَةِ بَدَنِهِ فِي‌ قَرَارِ الاَمْنِ وَالرَّاحَةِ، بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ وَأَرْضَي‌ رَبَّهُ.

[22] ـ الآية‌ 35، من‌ السورة‌ 24: النور.

[23] ـ الآية‌ 36، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[24] ـ فسّر المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ هذه‌ الآية‌ علی‌ هذا النحو: أ نّها شجرة‌ مباركة‌ كثيرة‌ النفع‌، لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌، دائمة‌ الفيض‌ إذا لم‌ تمسسها (أي‌ لم‌ تمسّ الشجرة‌) نار الغفلة‌، ولم‌ يقترن‌ بها الشيطان‌ المخلوق‌ من‌ النار.

 وسيكون‌ هذا التفسير تامّاً لو انعدمت‌ «الواو». بل‌ المراد أ نّها ذلك‌ الزيت‌ يُنير دائماً وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ النَّارُ (التي‌ تُفيض‌ النور)، إذ إنّه‌ يتشعشع‌ بذاته‌ ومن‌ تلقاء نفسه‌.

[25] ـ باعتبار أنّ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ قد فرض‌ المشكاة‌ شخص‌ الإنسان‌، وفرض‌ الزجاجة‌ قلبه‌، فإنّ شخص‌ الإنسان‌ النوراني‌ّ القلب‌ لمّا كان‌ في‌ مقام‌ الخلوة‌ والذِّكر، فإنّنا إذا اعتبرنا «هذه‌ الزجاجة‌» المبتدأ المحذوف‌ الذي‌ خبره‌ «في‌ بيوت‌»، فيكون‌ المراد من‌ البيوت‌ بدن‌ الإنسان‌. لانّ ذلك‌ القلب‌ النوراني‌ّ ـ الذي‌ هو عالَم‌ المثال‌ في‌ بيت‌ البدن‌. وإذا اعتـبرنا «هـذه‌ المشكاة‌» هي‌ المبـتدأ المحـذوف‌، فيكـون‌ المراد بالبيوت‌: مقام‌ الخلوة‌ والذكر. يعني‌ أنّ الإنسان‌ النـوراني‌ّ القلب‌ في‌ بيت‌ الخلوة‌ والذكر.

 لكنّنا إذا اعتبرنا أنّ المبتدأ المحذوف‌ هو «هذه‌ الزجاجة‌»، فإنّ من‌ الممكن‌ أن‌ يكون‌ المراد من‌ البيوت‌، مقام‌ الخلوة‌. يعني‌ أنّ ذلك‌ القلب‌ النوراني‌ّ الذي‌ يتشعشع‌ النور من‌ باطنه‌، هو مقام‌ الذِّكر والخلوة‌. وهذا المعني‌ أنسب‌ من‌ أن‌ يُراد بالبيوت‌ في‌ هذا الفرض‌ بيت‌ البدن‌، كما لا يخفي‌ علی‌ المتأمِّل‌.

[26] ـ يعني‌ أ نّه‌ يقول‌ في‌ بيان‌ تحقّق‌ هذا النور ومصداقه‌: إنّ في‌ تلك‌ البيوت‌ رجالاً يُسبّحون‌ للّه‌ كلّ صباحٍ ومساء.

[27] ـ التعبير بتقديم‌ «الحي‌ّ» للاءخلاص‌ غير تامّ، بل‌ تحقّق‌ وثبوت‌ الحياة‌ الانحصاريّة‌ للّه‌ هي‌ التي‌ عُدّت‌ سبباً للاءخلاص‌. ولمّا كانت‌ الحياة‌ منحصرة‌ في‌ الله‌، فإنّ مظاهر الجمال‌ في‌ جميع‌ الموجودات‌ منحصرة‌ فيه‌ أيضاً. ولذلك‌ تكون‌ جميع‌ مراتب‌ الحمد والشكر مختصّة‌ بذاته‌ المقدّسة‌. ومن‌ هنا فإنّ انحصار الحياة‌ في‌ الله‌، الذي‌ عُبّر عنه‌ باسم‌ «الحي‌ّ» هو منهج‌ انحصار الحمد في‌ ذاته‌ المقدّسة‌.

روايات‌ «مهج‌ الدعوات‌» في‌ تعيين‌ الاسم‌ الاعظم‌ الإلهي‌ّ

[28] ـ أورد ابن‌ طاووس‌ في‌ «مهج‌ الدعوات‌»، من‌ ص‌ 432 إلی 439، روايات‌ في‌ تعيين‌ الاسم‌ الاعظم‌، يستفاد منها أنّ اسم‌ «الحي‌ّ» هو الاسم‌ الاعظم‌. كقوله‌ في‌ ص‌ 432 أ نّه‌ رُوي‌ عن‌ الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌ أنّ الاسم‌ الاعظم‌ هو «يا حي‌ّ ويا قيّوم‌». وقال‌ في‌ ص‌ 434 بأنّ البعض‌ روي‌ عن‌ النبي‌ّ أنّ الاسم‌ الاعظم‌ الذي‌ يستجاب‌ به‌ الدعاء في‌ ثلاث‌ سور: في‌ سورة‌ البقرة‌: «آية‌ الكرسي‌ّ»: اللَهُ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وفي‌ سورة‌ آل‌ عمران‌: ال´م‌´ اللَهُ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وفي‌ سورة‌ طه‌: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ. وقال‌ في‌ ص‌ 439 بأ نّه‌ روي‌ عن‌ سكّين‌ بن‌ عمّار، أنّ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليهما السلام‌ كان‌ يقرأ الاسم‌ الاعظم‌ في‌ سجوده‌ تحت‌ الميزاب‌، وهو:

 يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ، يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ، يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ، يَا حَي‌ُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَي‌ُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَي‌ُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَي‌ُّ لاَ يَمُوتُ، يَا حَي‌ُّ لاَ يَمُوتُ، يَا حَي‌ُّ لاَ يَمُوتُ، يَا حَي‌ُّ حِينَ لاَ حَي‌َّ، يَا حَي‌ُّ حِينَ لاَ حَي‌َّ، يَا حَي‌ُّ حِينَ لاَ حَي‌َّ، يَا حَي‌ُّ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ (ثلاث‌ مرّات‌) أَسْأَلُكَ بِلاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ (ثلاث‌ مرّات‌)، أَسْأَلُكَ يَا لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ (ثلاث‌ مرّات‌)، وَأَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ العَزِيزِ المُبِينِ (ثلاث‌ مرّات‌).

 الرجوع الي الفهرس

[29] ـ علم‌ الاعداد علم‌ مستقلّ، وقد ذكر قدر منه‌ في‌ علم‌ «الجفر»، وهو غير علم‌ «الحروف‌».

[30] ـ يعني‌ أنّ خصوص‌ حرف‌ «اللام‌» هو ذات‌ القلم‌ ؛ لانّ لفظ‌ القلم‌ مكوّن‌ من‌ ثلاثة‌ حروف‌: «القاف‌»، «اللام‌» و«الميم‌»، وأحد حروفه‌ الذاتيّة‌ حرف‌ «اللام‌». وباعتبار أنّ القلم‌ رسّام‌ الاسرار، لانّ كلّ مطلب‌ إمّا يرسم‌ بالقلم‌، فإنّ حرف‌ «ل‌» ـ وهو من‌ ذاتيّات‌ القلم‌ سيكون‌ موجباً لرسم‌ الاسرار في‌ القلب‌، وباعثاً علی‌ كشف‌ الحقائق‌ للذاكر.

[31] ـ نقل‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ هذا الحديث‌ في‌ «جمال‌ الاُسبوع‌» ص‌ 25، عن‌ ابن‌ بابويه‌، وهو عن‌ صَقْر بن‌ أبي‌ دُلَف‌، عن‌ الإمام‌ علی‌ النقي‌ّ عليه‌ السلام‌. وهو حديث‌ مفصّل‌، وإجماله‌ أنّ «صقر» يقول‌ إنّه‌ سأل‌ الإمام‌ عن‌ حديث‌ مروي‌ّ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: لاَ تُعَادُوا الاَيَّامَ فَتُعَادِيكُمْ، لم‌ يفهم‌ معناه‌. فقال‌ الاءمام‌: نعم‌، الايّام‌ نحن‌ ما قامت‌ السماوات‌ والارض‌ ؛ فالسبت‌ اسم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، والاحد اسم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، والاثنين‌ الحسن‌ والحسين‌ عليهما السلام‌، والثلاثاء علی‌ بن‌ الحسين‌ ومحمّد بن‌ علی‌ وجعفر بن‌ محمّد عليهم‌ السلام‌، والاربعاء موسي‌ بن‌ جعفر وعلی‌ بن‌ موسي‌ ومحمّد بن‌ علی‌ وعلی‌ بن‌ محمّد وأنا، والخميس‌ ابني‌ الحسن‌ بن‌ علی‌ عليه‌ السلام‌، والجمعة‌ ابن‌ ابني‌، وإليه‌ تجتمع‌ عصابة‌ الحقّ... ثمّ قال‌: ودِّع‌ واخرُجْ فلا آمنُ عليك‌.

 ثمّ نقل‌ المرحوم‌ السيّد ـ بعد هذا الحديث‌ حديثاً عن‌ «القطب‌ الراونـدي‌ّ»، روي‌ فيه‌ الادعـية‌ التي‌ يجـب‌ قراءتها للائـمّة‌ في‌ أيّام‌ الاُسبوع‌. فراجع‌ كتاب‌ «جمال‌ الاُسبوع‌».

[32] ـ المراد ما بين‌ صلاة‌ الفريضة‌ والنافلة‌.

[33] ـ المراد أن‌ يقول‌ «علي‌ّ»، لكنّ مقصوده‌ من‌ علی‌ ولي‌ّ الولاية‌ الكبري‌.

[34] ـ المـراد بآيـة‌ المُـلـك‌: الا´يـتـان‌ 26 و 27، مـن‌ الـســورة‌ 3: آل‌ عمران‌:

 قُلِ اللَهُمَّ مَـ'لِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي‌ الْمُلْكَ مَن‌ تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن‌ تَشَـآءُ وَتُعِـزُّ مَن‌ تَشَـآءُ وَتُذِلُّ مَن‌ تَشَـآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَی‌' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ الَّيْلَ... إلی بِغَيْرِ حِسَابٍ.

[35] ـ هذا الذكر منتزع‌ من‌ آية‌ قرآنيّة‌، وهي‌ دعاء النبي‌ّ أيّوب‌ في‌ قوله‌: أَ نِّي‌ مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّ حِمِينَ (الآية‌ 83، من‌ السورة‌ 21: الانبياء)، ولم‌ يرد في‌ الآية‌ لفظة‌ «رَبِّ».

[36] ـ هذا الذكر منتزع‌ من‌ دعاء يونس‌ الوارد في‌ القرآن‌ الكريم‌ (الآية‌ 87، من‌ السورة‌ 21: الانبياء): لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ´ أَنتَ سُبْحَـ'نَكَ إِنِّي‌ كُنتُ مِنَ الظَّـ'لِمِينَ، ولم‌ يرد في‌ الآية‌ حرف‌ النداء «يا».

[37] ـ المراد أ نّني‌ قمت‌ بكلّ واحد من‌ هذه‌ الاذكار ألف‌ مرّة‌ لمدّة‌ أربعينين‌ اثنين‌ في‌ الاسحار. يعني‌ أ نّني‌ أتممت‌ ذكر لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ ألف‌ مرّة‌ في‌ مدّة‌ أربعينين‌ اثنين‌، ثمّ قمت‌ بذكر لاَ إلَهَ إلاَّ هُو بنفس‌ هذه‌ الكيفيّة‌، ثمّ ذكر «الله‌»، ثمّ ذكر «هو»، ثمّ سورة‌ «التوحيد»، ثمّ سورة‌ «الاعلي‌» ألف‌ مرّة‌ ولمدّة‌ أربعين‌ لكلّ واحد منها بصورة‌ منفصلة‌. وقرأت‌ في‌ تمام‌ هذه‌ الاربعينات‌ بعد الفريضة‌ آية‌ الكرسي‌. فيكون‌ حرف‌ العطف‌ «الواو» في‌ قول‌ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ «وأربعينَين‌ اثنين‌» عطفاً علی‌ كلمة‌ «ألف‌»، يعني‌ أ نّني‌ فعلت‌ كلّ واحد منها ألف‌ مرّة‌، وفعلته‌ في‌ أربعينَين‌ اثنين‌، لانّ جمعها كلّها في‌ الاسحار غير ممكن‌، بل‌ إنّ قراءة‌ سورة‌ «الاعلي‌» لوحدها ألف‌ مرّة‌ في‌ الاسحار غير ممكن‌.

[38] ـ المراد أ نّني‌ في‌ الاربعين‌ الاخيرة‌ كنت‌ أُكرِّر الذكر ما أمكنني‌، مضافاً إلی 1466 في‌ كلّ يوم‌ وليلة‌، ولو كُرّر 70000 مرّة‌ كان‌ أفضل‌.

[39] ـ يعني‌ 256 مرّة‌.

[40] ـ المراد أنّ ذكر «الله‌» يجاء به‌ بلحاظ‌ العدد بقدر الاءمكان‌ مع‌ سعة‌ الوقت‌ وليس‌ مع‌ ضيق‌ الوقت‌ وعدم‌ المجال‌.

[41] ـ لانّ بعض‌ الفِرَق‌ يلفظون‌ لفظ‌ الجلالة‌ «الله‌» متّصلاً بـ «هُوْ» بطريقة‌ المدّ والجزر، فيرفعون‌ رؤوسهم‌ بقول‌ الله‌، ويجعلون‌ هاء الله‌ هاء هُو، ثمّ يخفضون‌ رؤوسهم‌ عند تلفّظها، فيكونوا قد تلفّظوا مع‌ كلمتي‌ «الله‌» كلمة‌ «هو» واحدة‌، ويكونون‌ قد قالوا اللهُو وهو خطأ واضح‌، لذا صرّح‌ المصنّف‌ رحمه‌ الله‌ بأنّ هاء لفظ‌ الجلالة‌ يجب‌ أن‌ تُسكّن‌.

 بَيدَ أنّ هذا التسكين‌ ينبغي‌ فعله‌ حينما يُقرأ لفظ‌ الجلالة‌ مع‌ كلمة‌ هُو المباركة‌، أمّا إذا قرأت‌ كلمة‌ «الله‌» لوحدها، فإنّ هذا الخطأ لن‌ يقع‌، بل‌ إنّنا إذا قرأنا «الهاء» مضمومة‌، فإن‌ همزة‌ الله‌ لمّا كانت‌ همزة‌ وصل‌ تسقط‌ عند درج‌ الكلام‌، فإنّ ماهـيّة‌ كلمة‌ الله‌ سـتبدو متغيّرة‌ عند التكرار والوصل‌، إذ سيسمع‌ آنذاك‌ لفظ‌ آخر. خلافاً لما إذا كنّا نسـكّن‌ الهاء، إذ سنجبر آنذاك‌ علی‌ المجي‌ء بهمزة‌ القطع‌، فيُسـمع‌ عندئذٍ لفظ‌ الجلالة‌ دونما تغيير.

بقيّة‌ الرسالة‌ ـ من‌ هذا الموضع‌ فصاعداً ـ لِناسِخ‌ مجهول‌ لا يعتني‌ بكلامه‌

[42] ـ لم‌ يُعرّف‌ الناسخ‌ نفسه‌، وقد كتب‌ علی‌ حواشي‌ بعض‌ النسخ‌: هو والد السيّد مصطفي‌ الخوانساري‌ّ. وعلی‌ أيّة‌ حال‌، فإنّ هذه‌ المطالب‌ التي‌ سيذكرها الناسخ‌ ليست‌ جزءاً من‌ الرسالة‌، ولا علاقة‌ بها مطلقاً، والافضل‌ حذفها لخلوّ الفائدة‌ منها.

 الرجوع الي الفهرس

المراد بكلمات‌ النبي‌ّ إدريس‌ عليه‌ السلام‌

[43] ـ المراد بكلمات‌ إدريس‌ عليه‌ السلام‌ أربعون‌ اسماً من‌ أسماء الله‌ تعإلی دعاه‌ إدريس‌ بها، وقد فرّع‌ بعد كلّ اسم‌ منها جملة‌ مثل‌:

 يَا دَيَّانَ العِبَادِ فَكُلٌّ يَقُومُ خَاضِعاً لِرَهْبَتِهِ، وَيَا خَالِقَ مَنْ فِي‌ السَّمَاوَاتِ وَالاَرَضِينَ فَكُلٌّ إلَيْهِ مَعَادُهُ.

 أجل‌، فقد وردت‌ هذه‌ الاسماء والكلمات‌ في‌ هيئة‌ دعاء يستحبّ قراءته‌ في‌ أسحار شهر رمضان‌.

 وقد ذكرها الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ «مصباح‌ المتهجّد»، وذكرها السيّد ابن‌ طاووس‌ في‌ «الاءقبال‌» ص‌ 80 و 81.

 وأوردها المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 20، ص‌ 251، وأوّلها:

 سُبْحَانَكَ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْـتَ يَا رَبَّ كُلِّ شَـيْءٍ وَوَارِثَـهُ، يَا إلَهَ الا´لِهَةِ الرَّفِيعُ جَلاَلُهُ، يَا اللَهُ المَحْمُودُ فِي‌ كُلِّ أَفْعَالِهِ.

 وقال‌ المرحوم‌ السيّد بأ نّه‌ وجد في‌ سند هذا الدعاء أنّ هذه‌ هي‌ الكلمات‌ التي‌ دعا بها إدريس‌ ربّه‌، فرفعه‌ الله‌ إليه‌. وهذا الدعاء أفضل‌ الادعية‌ انتهي‌.

 أقول‌: وأصحاب‌ الدعوة‌ يقولون‌ لهذا الدعاء بخواصّ وعجائب‌ وغرائب‌، ولهم‌ في‌ قراءته‌ اهتمام‌ شديد وسعي‌ بليغ‌، وهم‌ يواظبون‌ علی‌ قراءتها لدفع‌ الامراض‌ وشرّ الظالم‌، وحُسن‌ عاقبة‌ الدارَين‌، وغفران‌ الذنوب‌، ونورانيّة‌ القلب‌، وكثير من‌ الاُمور الاُخري‌.

[44] ـ يعني‌ أنّ السيّد ابن‌ طاووس‌ قد كتب‌ في‌ هذا الباب‌ رسالة‌ عربيّة‌ ثمّ ترجمها إلی الفارسيّة‌. وذكر في‌ ترجمتها كيفيّة‌ الاربعينات‌ وفقاً لاربعين‌ اسماً من‌ أسماء الله‌ تعإلی، حسب‌ الشرائط‌ والترتيب‌ وسائر الا´داب‌ والخصوصيّات‌ المذكورة‌.

التوجّه‌ إلی الجمادات‌ وأرواح‌ الكواكب‌ وأمثالها لا ينسجم‌ مع‌ روح‌ الدين‌

[45] ـ التوجّه‌ إلی أي‌ّ موجود من‌ الموجودات‌ إذا حصل‌ بعنوان‌ الاستقلال‌، فهو ممنوع‌ ؛ وإذا حصل‌ بعنوان‌ المظهريّة‌ والمرآتيّة‌ للّه‌ تعإلی، وبعنوان‌ اسم‌ من‌ أسماء الله‌، فلا إشكال‌ فيه‌ عقلاً، سواء في‌ ذلك‌ كان‌ التوجّه‌ إلی عطارد أو إلی سائر الكواكب‌ أو النفوس‌ القدسيّة‌ والانبياء والائمّة‌ الطاهرين‌.

 إذَا تَجَلَّي‌ حَبِيبِي‌ فِي‌ حَبِيبِي                 ‌ فَبِعَيْنِهِ أَنْظُرْ إلَيْهِ لاَ بِعَيْنِي‌

 وفي‌ هذه‌ الحال‌ فإنّ الاستعانة‌ حتّي‌ بقطعة‌ من‌ التبن‌ غلط‌ ومُحرّم‌. أمّا الاستعانة‌ بالله‌ من‌ نافذة‌ هذا الاسم‌ والصفة‌، فممدوح‌ علی‌ الدوام‌.

 وقد رُغّب‌ في‌ الشرع‌ المقدّس‌ في‌ الاستعانة‌ بأرواح‌ أولياء الله‌ والانبياء والائمّة‌ والعلماء بالله‌ بعنوان‌ الا´ليّة‌ والمظهريّة‌ للّه‌ تعإلی. أمّا الاستعانة‌ بالارواح‌ والكواكب‌ والجانّ وسائر الجمادات‌، كالحجر والخشب‌ ـ ولو بعنوان‌ مظهريّة‌ الله‌ فأمر لم‌ يرد الترغيب‌ فيه‌، بل‌ هو غير منسجم‌ مع‌ روح‌ الدين‌. ولعلّ السرّ في‌ ذلك‌، هو أنّ الشرع‌ المقدّس‌ قد أراد لافراد البشر أن‌ يتعاملوا في‌ مسيرتهم‌ التكامليّة‌ مع‌ موجودات‌ حيّة‌ وروحانيّة‌، وليس‌ مع‌ موجودات‌ لا حياة‌ ولا روح‌ لها في‌ الظاهر، ولا مع‌ التي‌ لها أرواح‌ ضعيفة‌ وتافهة‌، مثل‌ الجانّ. وثانياً أنّ التوجّه‌ إلی الكوكب‌ والحجر قد يجرّهم‌ تدريجيّاً إلی الوثنيّة‌، ولذلك‌ فقد سدّ الشرع‌ هذا الطريق‌ من‌ أساسه‌.

 الرجوع الي الفهرس

[46] ـ يقول‌ المرحوم‌ الحاجّ المولي‌ أحمد النراقي‌ّ رحمه‌ الله‌ في‌ «الخزائن‌» ص‌ 114: فائدة‌: من‌ المشهور أنّ من‌ يري‌ عطارد فينشد هذه‌ الاشعار المنسوبة‌ إلی أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، فإنّه‌ سيحصل‌ علی‌ خير كثير وقدرة‌:

 عَطَارُدُ أَيْمُ اللَهِ طَالَ تَرَقُّبِي‌                    صَبَاحاً مَسَاءً كَي‌ أَرَاكَ فَأَغْنَمَا

 فَهَا أَنَا فَامْنَحْنِي‌ قُوَيً أَبْلُغَ المُنَي‌                       وَدَرْكَ العُلُومِ الغَامِضَاتِ تَكَرُّمَا

 وَإنْ تَكْفِنِي‌ المَحْذُورَ وَالشَّرَّ كُلَّهُ              بِأَمْرِ مَلِيكٍ خَالِقِ الاَرْضِ وَالسَّمَا

 ويقول‌ العالِم‌ المحترم‌ حسن‌ زاده‌ الا´ملي‌ّ في‌ التعليقة‌: لم‌ ترد هذه‌ الابيات‌ في‌ «الديوان‌ المنسوب‌ إلی أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌» ؛ ويقول‌ الميبدي‌ّ في‌ شرح‌ الديوان‌ ضمن‌ بيان‌ أشعار:

 خَوَّفَنِي‌ مُنَجِّمٌ أَخُو خَبَلْ                         تَرَاجُعَ المِرِّيخِ فِي‌ بَيْتِ الحَمَلْ

 يتّضح‌ من‌ هذه‌ القطعة‌ أنّ نسبة‌ هذه‌ الابيات‌

 *عطارد أيم‌ الله‌ طال‌ ترقّبي‌ *

 إلی آخره‌، إلی أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ خلاف‌ الواقع‌. وقد قال‌ المولي‌ المظفّر في‌ «التنبيهات‌»: ونسب‌ البعض‌ هذه‌ الاشعار إلی المولي‌ عليه‌ السلام‌. وقد ورد هذان‌ البيتان‌ في‌ النسخ‌ باختلاف‌ كبير. انتهي‌.

 وقد اتّضح‌ من‌ البيانات‌ التي‌ ذكرناها في‌ الهامش‌ السابق‌ أنّ من‌ المسلّم‌ أن‌ هذه‌ الاشعار ليست‌ لامير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وأنّ التوجّه‌ إلی الكواكب‌ والتوسّل‌ بها مخالف‌ لضرورة‌ الاءسلام‌.

 * * *

 للَّهِ الحمدُ وله‌ الشُّكر أن‌ مَنَّ الربّ المنّان‌ بتوفيق‌ كتابة‌ شرح‌ مختصر لهذه‌ الرسالة‌ النفيسة‌، يبيّن‌ مشكلاتها، ويعيّن‌ مصادر أحاديثها وأخبارها وأشعارها.

 وَمَا تَوْفِيقِي‌ إلاَّ بِاللَهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإلَيْهِ أُنِيبُ.

 اللهمّ نسألك‌ ونتضرّع‌ إلی ساحة‌ عظمتك‌ وجلالك‌: بحقّ السابقين‌ في‌ ساحة‌ العشق‌، والمتلهّفين‌ في‌ وادي‌ المحبّة‌، والوالهين‌ في‌ عالم‌ التحيّر، والمجذوبين‌ في‌ مقام‌ جذبة‌ حريم‌ قدسك‌، أن‌ تتقبّل‌ هذه‌ الخدمة‌ اليسيرة‌ من‌ هذا الحقير الفقير إلی عالَم‌ الاخلاق‌ والولاية‌ وعرفان‌ ذاتك‌ السبّوح‌ القدّوس‌، وأن‌ تجعلها مورد لطف‌ ورحمة‌ محور عالَم‌ القضاء والتقدير، وقطب‌ دائرة‌ النزول‌ والصعود: الإمام‌ الحجّة‌ ابن‌ الحسن‌ العسكري‌ّ أرواحنا له‌ الفداء، وَأَنْ تُدْخِلَنَا فِي‌ كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. اللَهُمَّ إنَّا نَسْأَ لُكَ خَيْرَ مَا سَأَ لَكَ بِهِ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ وَنَعُوذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ المُخْلَصُونَ.

 تَمَّ بالخير والسعادة‌ في‌ عيد الفطر لسنة‌ ألف‌ وثلاثمائة‌ وخمس‌ وثمانين‌ هجريّة‌، بِيَدِ الراجي‌ عفو ربِّه‌ الغني‌ّ السيّد محمّد الحسين‌ الحسيني‌ّ الطهراني‌ّ عفي‌ الله‌ عن‌ جرائمه‌. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com