بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب ولایه الفقیه فی حکومه الاسلام / المجلد الاول/ القسم الاول: معنی الولایة، شرط حصول الولایة فی عباد الله

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی‌ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی‌ أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَي‌ قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

 ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِي‌ِّ العَظِيمِ

 

 شكراً لا حدّ له‌، وحمداً وثناءً لا أمد له‌، للّه‌ المستمكن‌ بولايته‌ الكلّيّة‌ المطلقة‌ والشاملة‌ العامّة‌ علي‌ عرش‌ الوجود وعالم‌ التكوين‌. هُنَالِكَ الْوَلَـ'يَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا.[1]

 والذي‌ رفع‌ ميزان‌ الولاية‌ للانام‌ بإنزال‌ نور الوجود في‌ طبقات‌ السماء العلويّة‌ ومظاهر الارض‌ المترامية‌ السفليّة‌، وسقَي‌ كلّ موجود من‌ هذا الشراب‌ الزلال‌ الهاني‌ بمقدار سعته‌ الوجوديّة‌ وظرفيّته‌ الماهويّة‌، لكي‌ يتمتّع‌ عباده‌ الذين‌ هم‌ أشرف‌ مخلوقاته‌ وأفضل‌ كائناته‌ بهذه‌ المائدة‌ علي‌ النحو الاتمّ والاكمل‌ ولا يتجاوزوا الحدّ في‌ أعمال‌ الولاية‌، ولا يطغوا أو يفرّطوا بالحجب‌ النفسيّة‌.

 ولذا نبّههم‌ بالعبارة‌ الرشيقة‌: وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي‌ الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزانَ* وَالاْرْضَ وَضَعَهَا لِلاْنَامِ *[2]  وذلك‌ بعد قوله‌ البليغ‌: بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ* الرّحْمَـ'نُ * عَلَّمَ الْقُرْءَانَ * خَلَقَ الاْءنْسَـ'نَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ* الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ. [3]

 إلي‌ أنّ عالم‌ الإيجاد ونشأة‌ الوجود كلّه‌ عظمة‌، وجمال‌ وكمال‌، ونور وبهاء، وحقّ وحقيقة‌، وواقعيّة‌ وأصالة‌، فيجب‌ أن‌ لا ينظر إليه‌ بعين‌ حول، ولا أن‌ يلاحظ‌ بتلك‌ العين‌ ذلك‌ الترابط‌ المنسجم‌ الذي‌ هو خير محض‌ ومحض‌ الخير. يقول‌ حافظ‌:

 پير ما گفت‌ خطا بر قلم‌ صنع‌ نرفت                           ‌ آفرين‌ بر نظر پاك‌ خطا پوشش‌ باد[4]

 أجل‌  !  فالقبائح‌  والسيّئات‌  والشرور  ناشئة‌  من‌  التعيّنات‌  وحدود  وقوالب‌ الماهيّات‌،  فهي‌  منّا  نحن‌  لا من‌  نوره‌  البحت‌  وخيره‌  المحض‌.  ويقول‌  حافظ‌:

 هر چه‌ هست‌ از قامت‌ ناساز بي‌ اندام‌ ماست‌                                   ور نه‌ تشريف‌ تو بر بالي‌ كس‌ كوتاه‌ نيست‌ [5]

 وهو القائم‌ بالقسط‌ علي‌ نظام‌ العدل‌ والإنصاف‌ والشاهد هو وملائكة‌ العالَم‌ العلوي‌ّ وأُولو العلم‌ والدراية‌ الذين‌ يحملون‌ البصيرة‌ والفطانة‌ بوحدانيّته‌ وبأنـّه‌: قائم‌ بالقسط‌ في‌ جميع‌ مراحل‌ التكوين‌ ونزول‌ نور الوجود إلي‌ هذا العالم‌ الارضي‌ّ الذي‌ هو أظلم‌ العوالم‌، وقد سار في‌ جميع‌ منازل‌ التشريع‌ ونشرِ الحكم‌ والقانون‌ علي‌ أساس‌ العدل‌ والإنصاف‌ وبسط‌ راية‌ القسط‌ والعدالة‌ شَهِدَ اللَهُ أَنـَّهُ و لآ إِلَـ'هَ إلاَّ هُوَ وَالْمَلَـ'´نءِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَآنءِمًا بِالْقِسْطِ. [6]

 فالجميع‌ مشمول‌ بالقسط‌، سواء في‌ السير النزولي‌ّ والهبوط‌ إلي‌ هذا العالم‌، إذ: وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَـ'بَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ.[7]

 أو في‌ السير الصعودي‌ّ والعروج‌ إلي‌ ذلك‌ العالم‌، حيث‌: وَنَضَعُ الْمَوَ ' زِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَـ'مَةِ. [8]

 فيا لروعة‌ هذه‌ الدورة‌ الكاملة‌ ! حيث‌ امتزجت‌ فيها جميع‌ حركة‌ أطوار الوجود بالقسط‌ امتزاجاً وتلاحماً لطيفاً ودقيقاً بحيث‌ صار الصفة‌ والموصوف‌ يتبادلون‌ مواضعهما أحيان، وكأنـّهما قد نسيا بعضهما البعض‌.

 فلسنا ندري‌: هل‌ أنّ هذا العالَم‌ متّصفٌ بالقسط‌، أم‌ أنّ القسط‌ قد ضمَّ إليه‌ هذا العالم‌ فوهبه‌ الحياة‌ ؟

 لقد كان‌ الانبياء ـ وهم‌ قادة‌ هذه‌ القافلة‌ إلي‌ الذروة‌ ـ في‌ الحركة‌ نحو معاده‌ إذ: وَأَنَّ إلَی‌' رَبِّكَ الْمُنتَهَي‌' [9]،  يمتلكون‌ الولاية‌ في‌ مرحلتي‌ التكوين‌ والتشريع‌، وولايتهم‌ هي‌ عين‌ الحقّ والقسط‌ والعدالة‌.

 كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَ ' حِدَةً فَبَعَثَ اللَهُ النَّبِيِّــنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن‌ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَـ'تُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَي‌ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ  وَالْلَهُ يَهْدِي‌ مَنْ يَشَآءُ إلَی‌' صِرَ ' طٍ مُّسْتَقِيمٍ.[10]

 وقد أنزل‌ الله‌ سبحانه‌ قرآنه‌ الكريم‌ علي‌ نبيّه‌ الاكرم‌ من‌ بين‌ الانبياء لكي‌ يحكم‌ بين‌ الناس‌ بالولاية‌ الكلّيّة‌، والرؤية‌ الباطنيّة‌، والإدراكات‌ العميقة‌، ونور الموهبة‌ الإلهيّة‌. وليقودهم‌ علي‌ الصراط‌ المستقيم‌ والطريق‌ السوي‌ّ إلي‌ منزل‌ السعادة‌ والفوز والنجاح‌ والنجاة‌،  إلي‌ حدّ التمتّع‌ والاستفادة‌ من‌ أقصي‌ درجات‌ الكمال‌ الإنساني‌ّ، والفناء في‌ الانوار القدسيّة‌ القاهرة‌ لنور التوحيد والتجلّيات‌ الذاتيّة‌ إِنَّآ أَنزَلْنَآ إلَیكَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَآ أَر'ب'كَ الْلَهُ.[11]

 وليأمر المؤمنين‌ من‌ خلال‌ خطابه‌ الملكوتي‌ بعدم‌ تجاوز الحدّ أو التقصير في‌ جميع‌ شؤونهم‌، وبالعمل‌ في‌ الميزان‌ بالقسطاس‌ والمعيار المستقيم‌.

 وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَ ' لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً. [12]

 وليتعامل‌ مع‌ الناس‌ بالعدل‌ والإنصاف‌ وجعل‌ حكمهم‌ باستمرار علي‌ أساس‌ هذا المعيار الصحيح‌ وَإذَا حَكَمْتُم‌ بَيْنَ النَّاسِ أَن‌ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.[13]

 والعجيب‌ أنـّه‌ قد مزج‌ الولإ التكويني‌ّ بالولاية‌ التشريعيّة‌، كما يُمزج‌ الحليب‌ والسكّر ببعضهما وطعّم‌ البرعم‌ اليافع‌ لهذه‌ الروضة‌ بهذا العقد، ينحوٍ كان‌ معه‌ فصلهما وعزلهما عن‌ بعضهما أمراً مشكلاً بل‌ ممتنعاً.

 من‌ هنا صار يسوق‌ هذه‌ القافلة‌ بمقولة‌ واحدة‌ وأُسلوب‌ واحد، بسياط‌: وَاللَهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ.[14]

 من‌ جهة‌، ومن‌ جهة‌ أُخري‌ فإنّه‌ جعلها تترنّم‌ بنغم‌: وَاللَهُ يُؤْتِي‌ مُلْكَهُ و مَن‌ يَشَآءُ وَاللَهُ وَ ' سِعٌ عَلِيمٌ. [15]

 أجل‌، فحيث‌ إنّه‌ قد كانت‌ لنا أبحاث‌ حول‌ لزوم‌ تأسيس‌ حكومة‌ الإسلام‌ مع‌ إخواننا من‌ الطلاب‌ وأخلاّء الإيمان‌ من‌ سكّان‌ مدينة‌ مشهد المقدسة‌، علي‌ شاهدها آلاف‌ التحيّة‌ والسلام‌. وقد حرّرت‌ وطبعت‌ تحت‌ عنوان‌ « وظيفة‌ فرد مسلمان‌ در احياي‌ حكومت‌ اسلام‌ » [16]  فقد رأينا من‌ المناسب‌ الشروع‌ في‌ بحث‌ حول‌ « ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام‌ » بشكل‌ موسّع‌، لإيضاح‌ حدود الولاية‌ ومشخّصاته، وآثارها ومسائله، ولإزالة‌ النقاب‌ عنها بنحو أفضل‌ وأكثر تفصيل، ولكي‌ تتبيّن‌ مقدّماتها ومعدّاتها وشرائطها وموانعه، فتّتضح‌ بذلك‌ حقيقة‌ ولاية‌ الإمام‌ والفقيه‌ العادل‌ الجامع‌ للشرائط‌، ومفادها ومحتواها وحدودها وأنحائها. وعند ذلك‌ تكون‌ قد اتّضحت‌ ولاية‌ الفقيه‌ بنظر الإسلام‌ ومداركها الفقهيّة‌ بكل‌ ما للكلمة‌ من‌ معني‌. لذا شرعنا ببحث‌ ليس‌ من‌ الاختصار بحيث‌ يقتصر علي‌ رؤوس‌ المطالب‌ فحسب‌، ولا من‌ التفصيل‌ بحيث‌ يستغرق‌ بيان‌ جميع‌ الشقوق‌ والشعب‌ بنحو موسّع‌، واتّبعنا الطريق‌ الوسط‌ والحدّ المتوسّط‌ من‌ ناحية‌ الادلّة‌ الفقهيّة‌، ليكون‌ ذلك‌ فاتحاً للطريق‌ للطلاب‌ ذوي‌ العزّة‌ والاحترام‌ ليقوموا ببيان‌ تفرّعاته‌ وتفصيلاته‌، وليتمكّنوا في‌ الوقوف‌ علي‌ جزئيّات‌ المسائل‌ بأنفسهم‌.

 وقد بدأت‌ هذه‌ الابحاث‌ بشكل‌ متسلسل‌ بعد شهر رمضان‌ المبارك‌ سنة‌ 1410 ه. ق‌.

 منذ الثامن‌ من‌ شهر شوّال‌ المكرّم‌، واستمرّت‌ بشكل‌ منتظم‌ مع‌ ضمّ أيّام‌ الخميس‌ إلي‌ أيّام‌ التدريس‌، إلي‌ أن‌ وصلت‌ إلي‌ ثمانية‌ وأربعين‌ درساً وكانت‌ نهايتها في‌ اليوم‌ الحادي‌ والعشرين‌ في‌ شهر ذي‌ الحجّة‌ الحرام‌.

 ولقد استغرق‌ كلّ درس‌ ساعةً كاملة‌، تليها أوقات‌ الاسئلة‌ والاجوبة‌، وكان‌ من‌ المناسب‌ أن‌ تقرّر هذه‌ الدروس‌ وتطبع‌ بالعربيّة‌ لكي‌ لانتجاوز بركات‌ اللغة‌ العربيّة‌، لغة‌ القرآن‌ الكريم‌ والنبي‌ّ الاكرم‌ والمعصومين‌ ذوي‌ الولاية‌ التامّة‌ الكلّيّة‌ صلوات‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌ والمنهج‌ الفقهي‌ّ لكتب‌ فقهائنا الاعلام‌ أوّلاً. ولتكون‌ في‌ معرض‌ استفادة‌ جميع‌ مسلمي‌ العالم‌، الذين‌ يجب‌ أن‌ تكون‌ اللغة‌ العربيّة‌ لغتهم‌ المشركة‌ ثانيّاً.[17]  إلي‌ أن‌ يجري‌ ترجمتها فيها بعد اللغة‌ الفارسيّة‌ لكي‌ يستفيد منها إخواننا الناطقين‌ بالفارسيّة‌.

 لكن‌ وبسبب‌ الاستعجال‌ في‌ تحرير هذه‌ الآثار وطباعتها وإيصالها إلي‌ متناول‌ الاحبّة‌ والاعِزّة‌ من‌ الاصدقاء والراغبين‌ في‌ مطالعته، فقد نسخت‌ وحرّرت‌ بالنحو الذي‌ سجّلت‌ فيه‌ علي‌ أشرطة‌ التستجيل‌، وقام‌ جمع‌ من‌ الفضلإ العظام‌ بتنقيحه، كما تولّي‌ صاحب‌ الفضيلة‌ حجّة‌ الإسلام‌ الحاجّ الشيخ‌ محسن‌ سعيديان‌ والشيخ‌ محمّد حسين‌ راجي‌ دامت‌ معاليهما أمر تنظيمها وترتيبها. ومن‌ ثمّ قام‌ العبد الفقير إلي‌ رحمة‌ ربّه‌ ـ ولمزيد من‌ الإتقان‌ـ بمطالعة‌ كلّ بحث‌ علي‌ حدة‌، والنظر فيه‌ والتعليق‌ عليه‌، لكي‌ يكون‌ قد تمّ إعمال‌ غاية‌ الدقّة‌ في‌ نسبة‌ هذه‌ البحوث‌ وكيفيّة‌ أدلّتها وأسانيدها للعبد الفقير.

 وها هي‌ هذه‌ الدورس‌ تقدّم‌ للقرّاء الكرام‌ ضمن‌ أربعة‌ أجزاء.

 وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَلَهُ الْمِنَّةُ عَلَی‌ إنْعامِهِ وَإتْمَامِهِ، وَالسَّلاَمُ عَلَینَا وَعلَي‌ جَمِيعِ إخْوَانِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَسَائِرِ شِيْعَةِ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 الخامس‌ عشر من‌ محرّم‌ الحرام‌ سنة‌ 1411 ه، مشهد المقدسّة‌

             السيّد محمّد الحسين‌ الحسيني‌ّ الطهّراني‌ّ.

 الرجوع الي الفهرس

 

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

و صلَّي‌ اللهُ علي‌ محمد و ءاله‌ الطَّاهرين‌

و لعنة‌ اللَه‌ علي‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلي‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوة‌ الا باللَه‌ العلي‌ العظيم‌

 

 قالَ اللَهُ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 هُنَالِكَ الْوِلَـ'يَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَ خَيْرٌ عُقْبًا. [18]

 يدور بحثنا هذه‌ الايام‌ ـ انشاالله‌ ـ حول‌ مسألة‌ «الولاية‌» من‌ وجهة‌: حقيقة‌ الولاية‌، و معناها و أنواعها و شؤونها. و ولاية‌ الانبياء و الائمّة‌ عليهم‌ السّلام‌، و ولاية‌ الفقيه‌، و حدودها و اطرافها و شرائطها و آثاره، و أخيراً فإن‌ مصبّ البحث‌ و مداره‌ حول‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌ و حدودها و ملامحها حيث‌ سينختم‌ البحث‌ هناك‌ انشاءالله‌ تعالي‌. و بالطبع‌ فستكون‌ هذه‌ المجموعة‌ هي‌ الدور، التانية‌ من‌ بحث‌ «وظيفة‌ الانسان‌ المسلم‌ في‌ إحياء حكومة‌ الإسلام‌».

 ذلك‌ لانه‌ قد تمّ في‌ العالم‌ الماضي‌ في‌ نفس‌ هذه‌ الايام‌ (بعد رحيل‌ القائد الكبير آية‌ الله‌ الخميني‌ قدس‌ الله‌ نفسه‌) تشكيل‌ بعضي‌ اللقاءات‌ في‌ نفس‌ هذا المكان‌ و صير إلي‌ تحديد وظيفة‌ الفرد المسلم‌. و ها نحن‌ نقوم‌، و نحن‌ علي‌' مشارف‌ تلك‌ الايّام‌، ببيان‌ بعض‌ المطالب‌ تتمة‌ لذلك‌ البحث‌. و بالطبع‌ فقد كانت‌ المطالب‌ التي‌ أوردت‌ العام‌ المنصرم‌ أبسط‌ و أقلّ عمقاً إلي‌ حدٍ ما أمّا في‌ هذا العام‌ فانّنا ستقوم‌ انشاءالله‌ ببيان‌ أمور اكثر عمقاً و استدلالا. نعم‌ سوف‌ لن‌ تكون‌ عميقة‌ و استدلالية‌ الي‌ الحدّ الذي‌ يعسر معه‌ استيعابها من‌ قبل‌ الغالبية‌، و إنما بالقدر الذين‌ تكون‌ فيه‌ كافية‌ و وافية‌ بالنسبة‌ بحث‌ الفقهي‌. و عليه‌ فانّنا لن‌ نقوم‌ ببسط‌ البحث‌ إلي‌ الحدّ الذي‌ يتناول‌ جميع‌ أطراف‌ المسائل‌ و التفاصيل‌، لان‌ ذلك‌ يحتاج‌ الي‌ جلسات‌ عديدة‌ يجب‌ أن‌ يبحث‌ ضمنها ـ علي‌ التحقيق‌ ـ دورة‌ في‌ الجتهاد و التقليد بنحو تفصيلي‌ و مبسوط‌ مما يستمر أكثر من‌ سنة‌ واحدة‌ علي‌ الاقل‌. الاّ انّنا شامل‌ ـ انشاءالله‌ ـ ان‌ نبحث‌ في‌ هذين‌ الشهرين‌ او الثلاثة‌ و بعناية‌ الله‌ ذلك‌ المقدار الذي‌ يكون‌ لازما للموضوع‌ و محقّقاً للمطلوب‌.

 انّ «الولاية‌» أمر في‌ غاية‌ الاهمية‌، ترتبط‌ به‌ حقيقة‌ ديني‌ الإنسان‌ و دنيه‌، لانّ من‌ شؤون‌ به‌ جميع‌ مصاديق‌ السعادة‌ و الشقاوة‌، و الخير و الشرّ، و النفع‌ و الضرر، و الجنة‌ و النار، و أخيراً أمر نجاة‌ الناس‌. فكل‌ كمال‌ وصلت‌ اليه‌ أمة‌ من‌ الامم‌ فإنما نالته‌ بسبب‌ ولاية‌ وليّه، و كل‌ أمة‌ سارت‌ نحو الشقاوة‌ و الضلالة‌ فقد كان‌ ذلك‌ بسبب‌ ولاية‌ وليِّها الذي‌ جرّها باتجاه‌ ءارائه‌ و أهوائه‌ الشخصيّة‌، و صدّها عن‌ المنهاج‌ القويم‌ و الصراط‌ المستقيم‌.

 و لقد جري‌ البحث‌ كثيرا في‌ الاخبار عن‌ موضوع‌ الولاية‌، بل‌ يجب‌ القول‌ أساساً أن‌ الولاية‌ هي‌ المؤسس‌ لمذهب‌ التشيع‌، و أنّ اصل‌ مذهب‌ التشيع‌ يقوم‌ علي‌ هذا الاساس‌ كما انّ الآيات‌ القرآنية‌ و الاخبار التي‌ تتناول‌ هذه‌ المسألة‌ كثيرة‌ جدا.

 و يدور بحثنا اليوم‌ ـ انشاءالله‌ ـ حول‌ المعني‌' اللغوي‌ للوَلاية‌ فحسب‌. أي‌ الولاية‌ في‌ أي‌ّ معني‌ وردت‌ في‌ اللغة‌ ؟ و ما هو المقصود من‌ الولاية‌ في‌ الآيات‌ الشريفة‌ ؟ و ما معني‌' الي‌ و ايات‌ التي‌ ورد فيها لفظ‌ الولاية‌ أو مشتقّاته‌ ؟ تم‌ نقوم‌ بتحليل‌ و مصاديق‌ الولاية‌ واحداً بعد واحد و استعمالها في‌ المجتمعات‌ الإسلاميّة‌ من‌ زمان‌ نزول‌ القرآن‌ الي‌' اليوم‌.

 الرجوع الي الفهرس

 الولاية‌ معني‌ واحد لا غير وسوي‌ ذلك‌ كلّه‌ مصاديق‌ وموارد له‌

لقد تصوّر البعض‌ أنّ «الوَلاَية‌» لها معان‌ مختلفة‌ فقالوا مثلاً: أن‌ أحد معاينها النصرة‌: إِنَّمَا وَلِيٌّكُمُ اللَهُ وَ رَسُولُهُ [19] اي‌ انّما ناصركم‌ الله‌ و رسوله‌. أو قالوا انه‌ بمعني‌ المحبّ، أو بمعني‌ المُعتِق‌، او المُفتف‌، أو الاشخاص‌ الذين‌ يمتّون‌ بصلة‌ قرب‌ الي‌ الشخص‌ (سواء كانت‌ قرابة‌ نسبة‌ او زمانية‌ او مكانية‌)، او ان‌ الشخصين‌ اللذين‌ يشاركات‌ بعضهما البعض‌. يُسمّي‌ كلّ منها «ولي‌» الآخر. و الخلاصة‌ أنهم‌ ذكروا للولاية‌ في‌ كتب‌ اللغة‌ معانٍ مختلفةً إلي‌ درجة‌ أن‌ كتاب‌ «تاج‌ العروس‌» يعرض‌ لها واحدًا و عشرين‌ معني‌' مع‌ ذكره‌ لشواهدها. فلتأمّل‌ هل‌ أن‌ الامر كذلك‌ واقعًا ؟ و هذ أن‌ هذه‌ المعاني‌ هي‌ معان‌ مختلفة‌ للولاية‌؛ علي‌ نحو الاشتراك‌ اللفظي‌ ؟ أم‌ أنّ اوامر ليس‌ كذلك‌ و انّ مَعي‌ الولاية‌ هو معنيً واحدٌ استُعمل‌ في‌ جميع‌ هذه‌ الموارد بعناية‌ و قرينة‌ ؟ و بعارة‌ أخري‌ فانّ استعماله‌ في‌ المصاديق‌ المختلفة‌ غير الموضوع‌ لها كان‌ استعمالاً مجازيا ؟ أم‌ أن‌ الامر ليس‌ علي‌ هذا النحو أصلا أيض، و انما الولاية‌ لها معني‌ واحد، و ان‌ المراد في‌ جميع‌ هذه‌ المصاديق‌ و المعاني‌ و الموارد هو نفس‌ المعني‌ الذي‌ لا خطه‌ الواضع‌، غاية‌ الامر انّ مصاديق‌ مختلفة‌ حصلت‌ له‌ لخصوصية‌ المورد، و انّ محط‌ النظر في‌ الاستعمال‌ انّما هو نفس‌ المعني‌ الوضعي‌ الاولي‌، فيكون‌ هذا المعني‌ مشتركا معنويا ! و بناء علي‌ هذا فانّ الولاية‌ لا تمتلك‌ الاّ معنيً واحد لااكثر، و قد لو خط‌ و قصد نفس‌ معناها الاول‌ هذا في‌ جميع‌ المصاديق‌ التي‌ ذكرها كبار أهل‌ اللغة‌. و لم‌ يكن‌ في‌ الامر ثمّة‌ خروج‌ عن‌ المعني‌ اللغوي‌ و الوضعي‌، و لا تعدد وضع‌، و لا اشتراك‌ و كثرة‌ استعمال‌.

 الرجوع الي الفهرس

 تمسّك‌ أهل‌ اللغة‌ بموارد الاستعمال‌ واستشهادهم‌ بها

لقد وردت‌ في‌ كتب‌ اللغة‌ أبحاث‌ تفصيلية‌ حول‌ معني‌ «الولاية‌» لكني‌ ما نحن‌ في‌ صدر بيانه‌ اليوم‌ لن‌ يتجاوز عدة‌ كتب‌ هي‌: «المصباح‌ المنير»، «صحاح‌ اللغة‌»، «تاج‌ العروس‌» و «لسان‌ العرب‌» التي‌ تُعدٌّ من‌ كتب‌ اللغة‌ القيّمه‌، و خاصة‌ الكتب‌ الثلاثة‌ «الصحا» و «اللسان‌» التي‌ كانت‌ المرحوم‌ «ءاية‌ الله‌ البروجردي‌» يعتمد عليه، و كانت‌ في‌ متناول‌ يده‌ دائما و كان‌ يديم‌ مطالعتها باستمرار. نعم‌ سنذكر ـ ان‌ شاءالله‌ تعالي‌ ـ بعض‌ المطالب‌ أيضا في‌ بعض‌ كتب‌ اللغة‌ الاخري‌ ك «نهاية‌» ابن‌ الاثير، و «مجمع‌ البحرين‌»، و «مفردات‌» الراغب‌.

 لقد وردت‌ كلمة‌ «الولاية‌» و هي‌ مصدر أو اسم‌ مصدر في‌ القرءان‌ الكريم‌ مع‌ كثير من‌ اشتقاقاتها مثل‌: وَلِيٌّ، وَ مَوْلَيً، وَ وَالِيَّ، وَ أَوْلِيَاءً، و مَوَالِي‌، وَ أَوْلَيً، و تَوَلَّي‌، وَ وِلاَية‌.

 و اما معناها اللغوي‌ فيقول‌ في‌ «المصباح‌ المنير»: الوَلِيٌّ مِثْلُ فَلْسٍ

 ] بمعني‌ [ القرب‌ و ] و فيه‌ لغتان‌: [

 الاولي‌ [: «وَلِيَهُ، يَلِيهِ» بكسرتين‌ ] من‌ باب‌ حَسِبَ، يَحْسِبُ [  و الثانية‌ ] وَلاَهُ، يَلِيهِ [  من‌ باب‌ وَعَدَ، يَعِدُ. و هي‌ قليلة‌ الاستعمال‌... وَ وَلِيتُ عَلِي‌ الصَّبيِّ وَالمَرأَةِ ] أي‌ صارت‌ لي‌ عليها ولاية‌ [ و الفاعل‌ «وال‌» و الجمع‌ ولاة‌، ] ويقلا لكلٍّ من‌ [ المرأة‌ و الطفل‌ مُوَلِّي‌ عليه‌. و الوَلايَة‌ وَالوِلاية‌ بالفتح‌ و الكسر ] بمعني‌ [ النصرة‌. و أستولي‌ عليه‌. اي‌ تغلب‌ عليه‌ و تمكّن‌ منه‌.

 و يقول‌ في‌ «صحاح‌ اللغة‌»: الوَلِيُ بمعني‌ القرب‌ وا لدنو. يقال‌: تباعَدَ بَعْدَ وَلِيٍ (اي‌ تباعد بعد قرب‌) و وَ كُلْ مَمَا يَلِيكَ. أي‌ ممّا يقاربك‌.

 ثم‌ يتابع‌ المطلب‌ الي‌ ان‌ يصل‌ حيث‌ يقول‌: الوَلِيّ ضد العدد. يقال‌ منه‌: تَوَلاَّه‌ و الْمَولَي‌: الْمُعتِق‌، والمُعّتَق‌، و ابن‌ العم‌، و الناصر، الجار. و الوَلِيِّ: الصهر وَ كلٌّ من‌ وَلِي‌، أمر أحد فهو وليٌّهُ.

 ثم‌ يتابع‌ المطلب‌ أيضاً الي‌ أن‌ يقول‌: و الولاية‌ بالكسر: السلطان‌. والوَلاَية‌ و الوِلاَية‌، النصرة‌. و قال‌ سيبويه‌: الوَلاية‌ بالفتح‌ المصدر. و الوِلاَية‌ بالكسر: الاسم‌ مثل‌ الامارة‌ و الإمارة‌ و النَقابة‌ و النِقَابَة‌، لانه‌ اسم‌ لما توليته‌. و قمت‌ به‌. فاذا أرادوا المصدر فتحوا.

 وي‌ قول‌ الطُرَيجيّ في‌ «مجمع‌ البحرين‌»: إِنَّ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِإبْراهِيمَ [20]، يعني‌ أَحَقَّهُم‌ مِنه‌ بِهِ وَ أَقْرَبَهُمْ مِنه‌ مِن‌ «الوَلِي‌» و هُوَ القُرْبُ ] والوَلاَية‌ [ قوله‌ تعالي‌ هُنَالِكَ الوَلَـ'يَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ[21]،  هي‌ بالفتح‌: الربوبية‌ يعني‌ يومئذ يقولون‌ الله‌ و يؤمنون‌ به‌ و يتبرّأون‌ مما كانوا يعبدون‌.

 وَالوَلاَية‌ بالفتح‌: المحبة‌، و يا بالكسر، التولية‌ و السطلان‌. و مثله‌ الوِلإ بالكسر عن‌ ابن‌ السكيت‌. و الوليِّ: الوَالِي‌: وَ كل‌ من‌ ولي‌ امر احد فهو وليّه‌.

 و الوَلِيِّ هو الذي‌ له‌ النصرة‌ و المعونة‌. و الوَلِيِّ هو الذي‌ يدبر الامر، يقال‌: فلان‌ ولِيٌّ المرأة‌ اذا كان‌ يريد نكاحها.

 وَ وَلِيِّ الدَّم‌ من‌ كان‌ اليه‌ المطالبة‌ بالقود ] من‌ القاتل‌ او الجارح‌ [.

 و السطان‌ وَلِيٌّ أمر الرعية‌. و منه‌ قول‌ الكميّت‌ في‌ حق‌ الإمام‌ علي‌ بن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السّلام‌:

 وَ نِعْمَ وَلِيٌّ الامْرِ بَعْدَ وَلِيِّه‌                                  وَ مُنْتَجَعُ التَّقْوَي‌ وَ نِعْمَ الْمُقَرِّبُ [22]

 و يتابع‌ الطريحي‌ في‌ مجمع‌ البحرين‌ المطلب‌ إلي‌ أن‌ يصل‌ حبيب‌ يقول‌: قال‌ الشيخ‌ ابو علي‌ حول‌ الآية‌ إِنَّمَا وَلِيٌّكُمُ اللَهُ وَ رَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَ يُؤتُونَ الزَّكَـ'واةَ وَ هُمْ رَاكِعُون‌. [23] المعني‌: الذي‌ يتوّلي‌ تدبيركم‌ ولِيِّي‌ أموركم‌ الله‌ و رسوله‌ و الذين‌ ءامنوا الذين‌ هذه‌ صفاتهم‌، الذين‌ يقيمون‌ الصّلاة‌ و يؤتون‌ الزكاة‌ و هم‌ راكعون‌.

 ثم‌ يتابع‌ المطلب‌ الي‌ ان‌ يقول‌: و نقل‌ أنه‌ اجتمع‌ جماعة‌ من‌ اصحاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ في‌ مسجد المدينة‌ فقال‌ بعضهم‌ لبعض‌: إن‌ كفرنا بهذه‌ الآية‌ كفرنا بسائره، و ان‌ ءامنّا صارت‌ فيما يقول‌، وَلكنَّا نَتَوَلَّي‌ وَ لا َ نُطِيعُ عَلِيًّا فِيمَا أَمَرَ فَنَزلَنا «يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَهُ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا. [24]

 و قوله‌ تعالي‌: النَّبِيٌّ أَوْلَي‌ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِم‌» روي‌ عن‌ الباقر عليه‌ السّلام‌ «أنها نزلت‌ في‌ الامرة‌» يعني‌ في‌ الامارة‌. أي‌ هو أحقّ بهم‌ من‌ أنفسهم‌، حتي‌ لو احتاج‌ إلي‌ مملوك‌ لاحد هو محتاج‌ إليه‌ جاز ] له‌ [ أخذه‌ منه‌.

 و منه‌ الحديث‌: النَّبِيٌّ صَلَّي‌ اللَّهُ عَلَیهِ وَ ءَالِهِ وَ سَلَّمْ أَوْلَي‌ بِكُلِّ مُؤْليٍ مِنْ نَفْسِهِ وَ كَذَا عَلِيٌّ مِنْ بَعْدِهِ.

 و قول‌ الله‌ تعالي‌: وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذٌّلِّ [25]  الولّي‌ ما يقوم‌ مقامه‌ في‌ أمور تختصّ به‌ لعجزه‌، كولي‌ّ الطفل‌ و المجنون‌، فيلزم‌ أن‌ يكون‌ مُحتاجا الي‌ الولّي‌ و هو محال‌ لكونه‌ غنيًّا مطلقًا.

 و ايضًا إن‌ كان‌ الولي‌ّ محتاجا إليه‌ تعالي‌ لزم‌ الدور المحال‌ و الاّ كان‌ مشاركًا له‌. ] و كلتا الصورتين‌ ستحيلة‌ [.

 الرجوع الي الفهرس

من‌ جملة‌ أسماء الله‌ تعالي‌ الولي‌ّ أي‌ الناصر والمتولّي‌ لاُمور العالَم‌

 يقول‌ ابن‌ الاثير الجزري‌ في‌ «النهاية‌» من‌ اسماء الله‌ تعالي‌ الوَلِيّ هو الناصر و قبيل‌: المتولي‌ لامور العالم‌ و الخلائق‌ القائم‌ بها.

 و من‌ اسمائه‌ عزوجلّ الوالِي‌ و هو مالك‌ الاشياء جميعها وا لمتصرف‌ بها. و كأن‌ الوِلاية‌ تشعر بالتدبير و القدرة‌ و الفعل‌، و ما يجتمع‌ ذلك‌ فيها لم‌ يطلق‌ عليه‌ اسم‌ الوالي‌.

 و قد تكرر لفظ‌ المَوْلَي‌ في‌ الحديث‌ و هو اسم‌ يقع‌ علي‌ جماعة‌ كثيرة‌، فهو الرب‌، والمالك‌، والسيّد، والمنعم‌، والمعتق‌، والناصر، والمحبّ، والتابع‌، والجار، وابن‌ العم‌، والحليف‌، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتَق‌، والمنعم‌ عليه‌. و اكثرها قد جاءت‌ في‌ الحديث‌ فيضاف‌ كل‌ واحد الي‌ ما يقتضيهالحديث‌ الوارد فيه‌. و كل‌ من‌ وَلِيَ أمرًا أو قام‌ به‌ فهو مولاه‌ و وليه‌.

 و هذه‌ المطالب‌ نقلناها عن‌ «النهاية‌» لابن‌ الاثير.

 و يقول‌ الزبيدي‌ في‌ تاج‌ العروس‌ * مراجعة‌ المصدر. والولي‌ له‌ معانيٍ كثيرة‌. فمنها المحبّ و هو ضدّ العدوّ. اسم‌ من‌ والاَهُ اذا احبه‌ و منها الصديق‌ و منها النصير و من‌ وآلاة‌  اذا نصره‌.

 و ولي‌ السّي‌ء و ولي‌ عليه‌ وِلاية‌ و وَلاية‌ بالكسر و الفتح‌، أو هي‌ اي‌ بالفتح‌ مصدر و بالكسر الاسم‌ مثل‌: الإمارة‌ و النِقابة‌، لانه‌ اسم‌ لما توليته‌ و قمت‌ به‌. فاذا ارادوا المصدر فتحوا هذا نص‌ سيبويه‌. و قيل‌: الوِلاَية‌ بالكسر الخطّة‌ و الامارة‌، و نص‌ المحكم‌ كالامارة‌. و قال‌ ابن‌ السكَّيت‌: الولاية‌ بالكسر بمعني‌ السلطان‌.

 و بعد أن‌ يذكر معاني‌ مختلفه‌ للمولي‌ ـ كما أوردناه‌ ـ يقول‌: و كمثل‌ المَولَي‌ ألوَلِيّ: الَّذِي‌ يَلِي‌ عَلَیكَ أَمْرَكَ ] أي‌ الذي‌ يتكفل‌ بأمورك‌ و يتولي‌ القيام‌ بها بنحو التسلط‌ و الاستعلإ [  و هما بمعني‌ واحد، و منه‌ الحديث‌ أيٌّهَا امْرَأَةٍ نَكَحزتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلاَهزا. و رواه‌ بعضهم‌ بغير اذن‌ وليها ] أَيٌّمهَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا (فيستفاد من‌ هذا انّ للمَوْلَي‌ وَ الْوَلِيِّ معنيً واحدا) [

 الي‌ ان‌ يصل‌ حببت‌ يقول‌: و مما يستدرك‌ عليه‌ «الوَلِيِّ» في‌ اسماء الله‌ تعالي‌ هو الناصر. و قيل‌: المتولي‌ لامور العالم‌ القائم‌ بها و ايضًا الوالي‌ و هو مالك‌ الاشياء جميعها المتصرف‌ فيها.

 ] ثم‌ يقول‌ [: قال‌ ابن‌ الاثير: و لان‌ الولاية‌ تشعر بالتدبير و القدرة‌ و الفعل‌ و ما يجتمع‌ ذلك‌ فيه‌ لم‌ يطلق‌ اسم‌ الوالي‌.

 هذا و قد أورد في‌ «لسان‌ العرب‌» عين‌ ما نقلناه‌ عن‌ «النهاية‌» و «تاج‌ العروس‌» فلا داعي‌ لتكراره‌.

 و يقول‌ الراغب‌ الاصفهاني‌ في‌ «المفردات‌»: الوَلإ وَالتَّوالِي‌ أَنْ يَحْصَلَ شَيْئانِ فَصَاعِدًا حُصُولاً لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا. و يستعار ذلك‌ للقرب‌ من‌ حيث‌ المكان‌ و من‌ حيث‌ النسبة‌، و من‌ حيث‌ الدين‌، و من‌ حيث‌ الصداقة‌، و النصرة‌، والاعتقاد.

 و الوِلايَة‌ (بالكسر) النصرة‌، و الوَلاية‌ (بالفتح‌) تولّي‌ الامر. و قيل‌ الوِلاَية‌ و الوَلاية‌ نحو الدِّلاله‌ و الدَّلاله‌، و حقيقة‌ تولّي‌ الامر.

 الرجوع الي الفهرس

 اللَهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ؛ نِعْمَ المَوْلَي‌؛ فَإِنَّ اللَهَ هُوَ مَوْلَب'هُ

و الوَلِيِّ وَالمَوْلَي‌ يستعملان‌ في‌ ذلك‌ كلٌّ واحد منهما يقال‌ في‌ معني‌ الفاعل‌ اي‌ المُوالِي‌، و في‌ معني‌ المفعول‌ اي‌ المُوالي‌.  ] و الولي‌ علي‌ زنة‌ القتيل‌ يأتي‌ تارة‌ بمعني‌ اسم‌ الفاعل‌ كالقابل‌ و اخري‌ باسم‌ المفعول‌ كالمقتول‌ [. يقال‌ للمؤمن‌ هو وَلِيٌّ اللَهَ عزوجل‌ و لم‌ يَرردّ مولاه‌، و قد يقال‌: اللَهُ تَعَالَ ولِيٌّ الْمُوْمِنِينَ وَ مَولاَهُهُمْ. فمن‌ الاول‌ ] و هو بمعني‌ الفاعل‌ [ و قال‌ الله‌ تعالي‌: اللَّهُ وَلِيٌّ الَّذِينَ ءَامَنُو´، [26]  إِنَّ وَلِيَّيَ اللَّهُ،[27] وَاللَّهُ وَلِيٌّ الْمُؤْمِنِينَ،[28]  ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَي‌ الَّذِينَ ءَامَنُو´،[29]  نِعْمَ الْمَوْلَي‌' وَ نِعْمَ النَّصِير،[30]  وَأعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَـ'كُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَي‌'،[31]  قال‌ عزوجل‌ قُلْ يَـ'أَيٌّهَا الَّذِينَ هَادُواْ إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّدِينْ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتْ،[32]  وَ إِنْ تَظَـ'هَرَا عَلَیهِ فَإنَّ اللَهَ هُوَ مَوْلَـ'هُ، [33]  ثُمَّ رُوُدُّوا إلَی‌ اللَهِ مَوْلَـ'هُمْ الْحَقِّ.[34]

 كانت‌ هذه‌ هي‌ الآيات‌ التي‌ أوردها الراغب‌ الاصفهاني‌ في‌ «المفردات‌» كشاهد علي‌ ان‌ «الوَلِيَّ» و «المَوْلَيٌ» فيها بمعني‌ اسم‌ الفاعل‌. ثم‌ قال‌: و الوالي‌ الذي‌ في‌ قوله‌ تعالي‌ وَ مَا لَهُمْ فِي‌ دُونِهِ مِنْ وَالٍ[35]  بمعني‌ الوَلِيِّ.

 ثم‌ يورد الراغب‌ الكثير من‌ ءايات‌ القرآن‌ التي‌ ذُكر فيها اسم‌ «الوَلِيّ»، التي‌ نفت‌ الولاية‌ عن‌ غير الله‌، و نهت‌ عن‌ تولّي‌ اليهود و النصاري‌ و اعداء الله‌. و الكثير في‌ الآيات‌ التي‌ ذكرت‌ فيها مشتقات‌ هذه‌ المادة‌، و يبيّن‌ معناها المناسب‌، متوسّعًا في‌ بيان‌ هذه‌ المعاني‌.

 اجل‌، لقد أوردناهنا ما يلزم‌ من‌ كتب‌ اللغة‌ في‌ معني‌ الولاية‌ و مشتقاتها لكي‌ يطّلع‌ الخبير البصير علي‌ خصوصيات‌ المعاني‌ و موارد استعمالاتها و يستنتج‌ بالتأمل‌ و التدبّر أن‌: جميع‌ هذه‌ المعاني‌ المختلفة‌ التي‌ ذكروها للوَلايَة‌ و الولي‌ و المولي‌ و غيرها و كما يقول‌ في‌ «تاج‌ العروس‌» ان‌ معاني‌ الوَلِيِّ فضل‌ الي‌ واحد و عشرين‌ معني‌ ـ ترجع‌ إلي‌ معني‌ واحد هو أصل‌ و منشأ معني‌ الولاية‌، و أن‌ بقية‌ المعاني‌ أيضا قد أخذت‌ مند علي‌ نحو الاستعارة‌.

 و بعبارة‌ أخري‌: فانّ أصل‌ معني‌ الولاية‌ محفوظ‌ في‌ جميع‌ موارد الاستعمال‌ هذه‌، غاية‌ الامر انه‌ قد لوحظ‌ ذلك‌ المعني‌ الاصلي‌ لجهة‌ من‌ الجهات‌ مع‌ ضمّ الخصوصية‌ التي‌ لو... في‌ مقام‌ الاستعمال‌. و ذلك‌ الاصل‌ هو نفسي‌ المعني‌ الذي‌ ذكره‌ الراغب‌ في‌ «المفردات‌» حين‌ يقول‌ حول‌ مادة‌ «وَليٌ»: الْوَلإ وَالتَّوَالِي‌ أَن‌ يَحْصَلَ شَيئَانِ فَصَاعِدًا حُصُوْلاً لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا». و هذا بمعني‌ ان‌ لا يكون‌ بينهما اي‌ حجاب‌ و مانع‌ و فصل‌ تميّز و افتراق‌ و غيريّة‌ و بينونة‌، بحيث‌ لو فرض‌ وجود سي‌ بينهما لكان‌ منهما لا من‌ غيرهما.

.... مقام‌ الواحدانية‌ و الواحدة‌ الحاصل‌ بين‌ العبد و ربه‌ بحيث‌ لا يبقي‌ هناك‌ تمة‌ حجاب‌ و ستار في‌ ءاية‌ مرحلة‌ في‌ مراحل‌: الطبع‌ و المثال‌ و النفس‌ و الروح‌ و السرّ يسمي‌ «وَلاية‌» و مقام‌ الوحده‌ الحاصل‌ بين‌ الحبيب‌ و المحبوب‌، والعاشق‌ وا لمعشوق‌، و الذاكر و المذكور، و المطالب‌ و المطلوب‌، بنحو لا يبقي‌ في‌ الامر أي‌ افتراق‌ بوجه‌ من‌ الوجوه‌ يسمّي‌ «ولاية‌»

 و علي‌ هذا الاساس‌ فانّ الله‌ تعالي‌ «وَلِيُّ» جميع‌ الموجودات‌ في‌ عالم‌ التكوين‌ بشكل‌ مطلق‌ كما جميع‌ الموجودات‌ أيضًا ـ بلااستثناء ـ أولياء لله‌ تكويناً. و ذلك‌ لانه‌ ليس‌ تمة‌ حجاب‌ أو فاصل‌ بين‌ الله‌ الذي‌ هو الرب‌ و بين‌ الموجودات‌ التي‌ هي‌ المربوبة‌، إلا أن‌ يكون‌ ذلك‌ الحجاب‌ في‌ نفس‌ تلك‌ الموجودات‌. و أما في‌ عالم‌ التشريع‌ و العرفان‌ فولاية‌ الحق‌ تخصت‌ بأولّك‌ الذين‌ تخطّوا مراحل‌ الشرك‌ الخفي‌ بشكل‌ مطلق‌، و تجاوزوا جميع‌ الحجب‌ النفسانية‌، واستقروا في‌النقطة‌ الاصلية‌ و حقيقة‌ العبودية‌.

 الرجوع الي الفهرس

 تحقّق‌ الولاية‌ في‌ عباد الله‌ بواسطة‌ الهو هويّة‌ التي‌ تحصل‌ نتيجة‌ الفناء في‌ الله‌

وفقاً لهذا الميزان‌ فانّ اسم‌ «الوَلِيّ» يُطلق‌ علي‌ كلٍّ من‌ طرفي‌ النسبة‌ و الاضافه‌،أی أن البینونه و الغیریه قد ارتفعت بشکل تام، و أن الهو هویه قد تحققت.

 فالله‌ ولي‌ المؤمن‌، و المؤمن‌ ولي‌ الله‌ ايضًا. و نسمّي‌ المؤمن‌ ولي‌ الله‌ و جمعه‌ أولياء الله‌ كمان‌ ان‌ الله‌ وليهم‌ أيضًا: أَليَهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنو´ا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَـ'تِ إلَی‌ النُّورِ. [36] و قد استعمل‌ لفظ‌ «الولي‌» هنا بين‌ المؤمن‌ و الله‌ بعناية‌ واحدة‌ بكلّ ماللكمة‌ في‌ معني‌. و هذا هو حقيقة‌ معني‌ «الْولاية‌».

 و نستنتج‌ من‌ هنا أوّلاً: أنّ تكون‌ جميع‌ آثار و خصوصيات‌ الولي‌ بمعني‌ الفاعل‌ مشهوده‌ في‌ الوليّ بمعني‌ المفعول‌ حيث‌ انّه‌ يعكس‌ في‌ نفسه‌ الصور، الكاملة‌ لصاحب‌ الصور، كما تفعل‌ المرءاة‌ دون‌ إظهار شي‌ء من‌ نفسه‌، أو كمثل‌ الماء الصافي‌، أو القدح‌ الزجاجي‌ دون‌ أدني‌ ظهور لذاته‌.

 و ثانياً: انّ جميع‌ المشتقات‌ التي‌ صدرت‌ من‌ «الوَلِيّ» و جميع‌ المعاني‌ التي‌ ذكرت‌ له‌ كلها علي‌ اساس‌ هذا الميزان‌ و طبعتاً له‌. إذ أن‌ لازم‌ الولاية‌ القرب‌، و القرب‌ يدوره‌ له‌ أنواع‌ و اشكال‌ مختلفه‌، حيث‌ لو حظت‌ حقيقة‌ الولاية‌ تلك‌ في‌ كلّ واحد من‌ مظاهر القرب‌ و الدنو ـ بكل‌ ما للكمة‌ من‌ معني‌ ـ مع‌ لحاظ‌ خصوصية‌ القرب‌ هذه‌. و عليه‌ فليس‌ صواباً أن‌ نقول‌ بأن‌: الوَلاَيَةَ وَالوَلِيّ وَالْمَوْلَيْ و سائر مشتقاتها المستعملة‌ في‌ المعاني‌ المختلفة‌ هي‌ علي‌ نحو الإشتراك‌ اللفظي‌. كلا فالامر ليس‌ كذلك‌، و انما هو علي‌ نحو الإشتراك‌ المعنوي‌، واستعمال‌ الفظ‌ في‌ ذلك‌ المعني‌ الوحد الذي‌ لو حظ‌ فيه‌ بواسطة‌ قرينة‌ مقاميّة‌ أو مقاليّة‌ نحوَ خصوصيّة‌ القرب‌ و الدنو من‌ ذلك‌ المعني‌ العام‌. و هذا النحو من‌ الاستعمال‌ استعمال‌ حقيقي‌ في‌ جميع‌ الموارد.

تحقّق‌ المعاني‌ المختلفة‌ للولاية‌ في‌ مصاديقها هو بنحو الاشتراك‌ المعنوي‌ّ لا اللفظي‌ّ

 و علي‌ هذا الاساس‌ فحيثما وجدنا لفظ‌ الوَلاَيَةِ او الْوَلِيّ او المَوْلَي‌ و لم‌ يكن‌ ثمة‌ قَرينة‌ خاصة‌ تدل‌ علي‌ احد المصاديق‌ بخصوصه، فيجب‌ أن‌ نستفيد ذلك‌ المعني‌ العام‌ و نعتره‌ مراد اللفظ‌ و معناه‌ دون‌ أي‌ قيلة‌. فلو قيل‌ مثلا: الْوَلاية‌ لله‌. فيجب‌ القول‌: أن‌ المراد هو معية‌ الله‌ لجميع‌ الموجودات‌. و لو قيل‌: لقد وصل‌ الشخص‌ الفلاني‌ الي‌ مقام‌ الولاية‌. فيجب‌ القول‌: ان‌ المراد هو انه‌ قد وصل‌ في‌ مراحل‌ السير و السلوك‌ و العرفان‌ و الشهود الالهي‌ الي‌ مرحلة‌ لايوجد فيها بينه‌ و بين‌ الله‌ أي‌ حجاب‌ نفساني‌، و الي‌ حيث‌ اضمحلّت‌ جميع‌ شوائب‌ الفرعونية‌ و الربوبية‌ من‌ وجوده‌، و أنّه‌ و وصل‌ الي‌ مقام‌ العبودية‌ المطلقة‌ المحضة‌ للحق‌ جل‌ و علا.

 فيعلم‌ من‌ هذا البيان‌ الذي‌ ذكرناه‌ أنه‌: حيث‌ استعملت‌ كلمة‌ «الوَلاَيَة‌» أو «الوَلِيّ» فهناك‌ نحو جهة‌ من‌ اتحاد و وحدة‌ بين‌ شيئين‌، و علي‌ هذا الاساس‌ جي‌ء باللفظ‌ و استعمل‌ في‌ المقام‌. مثلا النسبة‌ التي‌ بين‌ المالك‌ و المملوك‌ التي‌ ربطت‌ بينهما و وصلتها ببعضهما سبّبت‌ تسمية‌ كلٍّ منهما «بالوَلِيّ» و كذلك‌ الامم‌ في‌ النسبة‌ التي‌ بين‌ السيد و عبده‌ و النسبة‌ التي‌ بين‌ المُنْعِم‌ و المُنْعَم‌ عليه‌، التي‌ تضع‌ الشخصين‌ تحت‌ عنوان‌ خاص‌، و لذا يطلق‌ علي‌ كل‌ منهما «وَلِيّ». من‌ هذا القبيل‌ أيضًا النسبة‌ الموجودة‌ التي‌ بين‌ المعِتق‌ و المعتَق‌ التي‌ تستبع‌ هذا العنوان‌، والنسة‌ التي‌ بين‌ الحليفين‌ و المتعاقدين‌، و بين‌ المحب‌ و الحبيب‌. كما انْ الصِهر أيضًا يقال‌ له‌ وَلِيّ لانه‌ قد صار في‌ كثير من‌ الامور من‌ ضمن‌ العائلة‌ بواسطة‌ القراية‌ الحاصلة‌. و يُدعي‌ ابن‌ العم‌ بالوليّ لانه‌ من‌ أفراد العاقلة‌ و يتحمل‌ دية‌ الخط، كما انّ له‌ في‌ الكثير من‌ الموارد حكم‌ الاخ‌ و المعين‌ و المساعد.

 و حيثما وجدت‌ قرينة‌ حاصه‌ علي‌ إرادة‌ احدي‌ هذه‌ المعاني‌ فيجب‌ حمل‌ اللفظ‌ عليه، و الاّ تبادر نفس‌ معني‌ الولاية‌ العام‌ من‌ دون‌ قرينة‌، و كان‌ ذلك‌ المعني‌ هو مراد المتكلم‌.

 و من‌ الجلّي‌ أن‌ المالكية‌ في‌ التدبير، و تكفل‌ الامور، و تولي‌ احكام‌ و مسائل‌ المُوَلَّي‌ عليه‌ لازم‌ و نتاج‌ للولاية‌، لا أصل‌ حقيقتها و معناها المطابقي‌.

 و حيثما شوهد ان‌ الولاية‌ فُسِّرت‌ احياناً بالحكومة‌ و الامراة‌ و السلطان‌ و المراقبة‌ و الحراسة‌ و المحافظة‌، فانهم‌ سيكونون‌ قد فسّروها بلوازم‌ المعني‌، لاببيان‌ معناها الحقيقي‌ و الواقعي‌.

 و علي‌ هذا المنوال‌ فسئر استادنا الجليل‌: سماحة‌ ءاية‌ الحقّ و العرفان‌ و سند العلم‌ و الإيقان‌ المرحوم‌ ءاية‌ الله‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ ـ أفاض‌ الله‌ علينا من‌ بركات‌ تربته‌ و نفسه‌ كلمة‌ الولاية‌ في‌ رسالة‌ «الولاية‌» [37] و في‌ تفسير «الميزان‌».

 الرجوع الي الفهرس

الولاية‌ هي‌ الكمال‌ الاخير الحقيقي‌ّ للإنسان‌ وأنـّها الفرض‌ الاخير من‌ تشريع‌...

 لقد جعل‌ استادنا منهجة‌ في‌ رسالة‌ الولاية‌ و التي‌ هي‌ من‌ نفائس‌ كتبه‌ و من‌ الرسائل‌ القيمة‌ للغاية‌ و الغنية‌ في‌ مضمونها ـ علي‌ هذا الاساس‌ و قال‌: «الوَلاَيَةُ هِيَ الْكَمَالُ الاخِيرُ الْحَقِيقِيُّ لِلانسَانِ، وَ إِنَّهَا الْغَرَضُ الاخِيرُ مِنْ تَشْرِيعِ الشَّرِيعَةِ الْحَقَّيةِ الإلَهِّيَةِ ».[38]

 و قال‌ في‌ تفسير الميزان‌: «و ان‌ كانوا قد ذكروا للولاية‌ معاني‌ كثيرة‌، «و لكنّ الاصل‌ في‌ معناها ارتفاع‌ الواسطة‌ الحائلة‌ بين‌ السّيئي‌ بحيث‌ لايكون‌ بينهما ما ليس‌ منهما».[39]  و من‌ ثم‌ استعيدت‌ لقرب‌ شي‌ء من‌ شي‌ء ءاخر بأنحاء من‌ وجوه‌ القرب‌ و الدنوّ، كالقرب‌ النسبيّ و المكانيّ، وا لقرب‌ في‌ المنزلة‌ و الصداقة‌، و غير ذلك‌.

 و بهذه‌ المناسبة‌ يقال‌ لكل‌ من‌ طرفي‌ الولاية‌ «وَلِيُّ» و خاصئة‌ لامتلاك‌ كل‌ منهما حالة‌ من‌ القرب‌ بالنسبة‌ للآخر لايمتنلكها غيره‌. و بناء علي‌ هذا فالله‌ تعالي‌ «وَلِيُّ» عبده‌ المؤمن‌، لكون‌ أموره‌ تحت‌ نظره‌ فهو يقوم‌ بتدبير شؤونه‌، و يهديه‌ في‌ الصراط‌ المستقيم‌، و بأمره‌ بما يليق‌ من‌ الامور، و ينهاه‌ عمّالا يليق‌ به‌، و ينصره‌ في‌ الدنيا و الآخري‌. كما أن‌ المؤمن‌ الحقيقي‌ أيضًا «وَلِيُّ» لربِّه‌ لانه‌ قد أدخله‌ تحت‌ ولايته‌ في‌ أوامره‌ و نواهيه‌. و جميع‌ البركات‌ المعنوية‌ أيضاً من‌ الهداية‌ و التوفيق‌ و التأييد و التسديد، و ما يستبتعه‌ من‌ التكريم‌ بواسطة‌ رفي‌! المرتبة‌ إلي‌ الجنة‌ و مقام‌ رضوان‌ الله‌ إنما هو في‌ ظل‌ ولاية‌ إلهه‌ و قبوله‌ له‌.

 و بناء علي‌ هذا فأولياء الله‌ ـ هم‌ اولئك‌ الاشخاص‌ الواصلون‌ الي‌ هذه‌ الدرجة‌ من‌ مقام‌ القرب‌. أولياء الله‌ هم‌ خاصة‌ المؤمنين‌ الذين‌ يَعُدُّ الله‌ نفسه‌ ولِيّاً لهم‌ و مُتَوَلِّياً لامورهم‌ في‌ الحياة‌ المعنوية‌ الخالدة‌ فيقول‌: وَاللَهُ وَلِيُّ الْمُؤمِنِينَ. [40]

 كانت‌ هذه‌ المطالب‌ مما نقلناه‌ عن‌ تفسير «الميزان‌» و بشكل‌ اجمالي‌ عن‌ رسالة‌ «الولاية‌» حيث‌ يستفاد منها أن‌ العلامة‌ (ره‌) قد اختار «للولي‌» نفس‌ المعني‌ الواحد الذي‌ اختاره‌ الراغب‌ الاصفهاني‌ و هو: اتحاد سّيئين‌ مع‌ بعضهما بنحو ترتفع‌ معه‌ من‌ بينهما كل‌ الحجب‌ و لايكون‌ تمة‌ فاصلة‌ و بينونة‌ بينهما غير ذاتهما و وجودهم، بحيث‌ انّ كلّ ما وُجد بينهما فهو منهما.

 و بناء عليه‌ فانّ معاني‌ الولاية‌ الواردة‌ في‌ القرءان‌: من‌ النصرة‌ و الاعانه‌ و المحبة‌ و سائر المشتقات‌ ترجيع‌ جميعاً إلي‌ هذا الاصل‌. و كمال‌ الانسان‌ الحقيقي‌ انّما هو بالولاية‌: هُنَالِكَ الوَلَـ'يَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابَاً وَ خَيْرٌ عُقْباً [41]. حيث‌ يصل‌ المؤمن‌ الي‌ حيث‌ لايكون‌ بينه‌ و بين‌ ربّه‌ أي‌ فاصل‌ أو حجاب‌ ـ بأي‌ من‌ الوجوه‌ ـ سوي‌ ذات‌ الانسان‌ و ذات‌ الله‌، و تزول‌ جميع‌ الحجب‌ و كل‌ شوائب‌ الاثنينة‌ و الغيرية‌، و يبقي‌ الانسان‌ و الرب‌، و هناك‌ تتحقق‌ الهُوهُويّة‌ و يستجاب‌ هذا الدعاء:

 بَينِي‌ وَ بَيْنَكَ إِنَّنِي‌ يُنَازِعُنِي‌ فَارْفَعْ بِلُطْفِكَ إِنَّنِي‌ مِنَ الْبَي'ي‌ [42]

 و هذا مقام‌ سام‌ للغاية‌ و من‌ المحتمل‌ انْ.... انشاء الله‌ انّ جميع‌ الانبياء الذين‌ وصلوا الي‌ درجة‌ الاخلاص‌ العالية‌ انّما نالوها بواسطة‌ هذه‌ الولاية‌، و أنّ قيمة‌ الائمة‌ و علوّ شأنهم‌ أيضاً إنما هو بواسطة‌ مسألة‌ الولاية‌ هذه‌، و المؤمن‌ الخالص‌ أيضاً عندما يصبح‌ محلاً لنظرالله‌ فانما يكون‌ ذلك‌ بواسطة‌ وصوله‌ الي‌ مقام‌ الولاية‌ هذا.

 كان‌ هذا اجمال‌ للمسائل‌ التي‌ بحثناها اليوم‌ حول‌ المعني‌ اللغوي‌ للولاية‌[43]،  و سنشرع‌ انشاءالله‌ و بتوفيقه‌ و عونه‌ تعالي‌ في‌ الايام‌ المقبله‌ في‌ البحث‌ حول‌ مصاديقها من‌ ولاية‌ النبي‌ و الائمة‌ و الفقهاء الحائزين‌ لهذه‌ الصفة‌ في‌ عصر الغيبة‌.

 اللهُمَّ صلِّ علي‌ محمّدٍ و ءَالِ محمّد

 الرجوع الي الفهرس

 

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1]  ـ الآية‌  44  من‌ السورة‌  18: الكهف‌.

[2] ـ الآيات‌  7  إلي‌  10  من‌ السورة‌  55: الرحمن‌.

[3]    ـ الآيات‌  1  إلي‌  6: من‌ السورة‌  55: الرحمن‌.

[4]  ـ «ديوان‌ حافظ‌» البيت‌  167  من‌ طبعة‌ پژمان‌، ص‌  75.

وترجمته‌: قال‌ شيخنا: ما أصاب‌ قلم‌ التكوين‌ من‌ خط، فمرحي‌ لنظره‌ الطاهر الساتر للخط.

[5]  ـ «ديوان‌ حافظ‌» البيت‌  28  من‌ طبعة‌ پژمان‌، ص‌  6.

 وترجمته‌: كلّ ما كان‌ (من‌ عيب‌) فهو في‌ قامتنا المعوجّة‌ التي‌ لا تليق‌ وإل فإنّ خلعتك‌ الشريفة‌ لا تقصر عن‌ قامة‌ أحد.

[6]  ـ صدر الآية‌  18، من‌ السورة‌  3: آل‌ عمران‌.

[7]  ـ من‌ الآية‌  25، من‌ السورة‌  57: الحديد.

[8]  ـ صدر الآية‌  47، من‌ السورة‌  21: الانبياء.

[9]  ـ الآية‌  42، من‌ السورة‌  53: النجم‌.

[10]  ـ الآية‌  213، من‌ السورة‌  2: البقرة‌.

[11]  ـ من‌ الآية‌  105، من‌ السورة‌  4: النساء.

[12]  ـ الآية‌  35، من‌ السورة‌  17: الءسراء.

[13]  ـ من‌ الآية‌  58، من‌ السورة‌  4: النساء.

[14]  ـ من‌ الآية‌  41، من‌ السورة‌  13: الرعد.

[15]  ـ ذيل‌ الآية‌  247، من‌ السورة‌  2: البقرة‌.

[16]  ـ هذا عنوان‌ الكتاب‌ المطبوع‌ بالفارسيّة‌، وترجمته‌: «وظيفة‌ الفرد المسلم‌ في‌ إحياء حكومة‌ السلام‌».

[17]  ـ في‌ المجلّد الرابع‌ من‌ كتاب‌ «نور ملكوت‌ القرآن‌» من‌ سلسلة‌ مجلّدات‌ «أنوار الملكوت‌»، البحث‌ التاسع‌، وخلال‌ البحث‌ عن‌ عظمة‌ القرآن‌ قمت‌ ببحث‌ تفصيلي‌ّ حول‌ أهميّة‌ اللغة‌ العربيّة‌. ذكرت‌ هناك‌ أهميّة‌: أنّ اللغة‌ الاساسيّة‌ والاُمّ لكلّ مسلم‌ يجب‌ أن‌ تكون‌ العربيّة‌، وليس‌ اللغة‌ المشتركة‌ والمستعملة‌ فحسب‌. فعظمة‌ هذه‌ اللغة‌ كانت‌ هي‌ السبب‌ الذي‌ كان‌ وراء تقبّل‌ العالم‌ السلامي‌ّ للغة‌ العربيّة‌ بعد الفتح‌ السلامي‌ّ، وقد كانت‌ كتبنا العلميّة‌ طوال‌ أربعة‌ عشر قرناً ـ سواء في‌ التفسير والتأريخ‌ والحديث‌ والفقه‌ والحكمة‌ والعرفان‌،  ï ïوالعلوم‌ الطبيعيّة‌ من‌ هيئة‌ وطبّ وصيدلة‌ وكيميـاء وفيزيـاء، ورياضيّـات‌ وغيرها كلّها باللغة‌ العربيّة‌.

[18]  ـ الآية‌44. من‌ السورة‌18: الکهف

[19] ـ صدر الآية‌  55، من‌ السورة‌  5 : المآئدة‌

[20] ـ صدر الآية‌ 68، من‌ السورة‌ 3: ءال‌ عمران‌

[21] ـ صدر الآية‌  44، من‌ السورة‌  18 : الكهف‌

[22] ـ راجع‌ «امام‌ شناسي‌» ج‌  5، ص‌  208  الفارسية‌ للمؤلّف‌. نقلاً عن‌ «تفسير أبي‌ الفتوح‌ الرازي‌» طبع‌ مظفرّي‌ ج‌  2، ص‌  176 . و قد ذكر بدل‌ «المُقَرِّبُ، الْمُؤَدِّبُ

[23] ـ الآية‌  55، من‌ السورة‌  5   6  المائدة‌

[24] ـ صدر الآية‌  83، من‌ السورة‌  16 : النحل‌

[25] ـ من‌ الآية‌  111، من‌ السورة‌  17 : الإسراء

[26] ـ صدر الآية‌  257، من‌ السورة‌  2 : البقرة‌

[27] ـ صدر الآية‌  196، من‌ السورة‌  7 : الاعراف‌

[28] ـ ذيل‌ الآية‌  68، من‌ السورة‌  3 : ءَال‌ عمران‌

[29] ـ صدر الآية‌  11، من‌ السورة‌  47 : محمّد

[30] ـ ذيل‌ الآية‌  40، من‌ السورة‌  8 : الانفال‌

[31] ـ ذيل‌ الآية‌  78، من‌ السورة‌  22 : الحجّ

[32] ـ صدر الآية‌  6، من‌ السورة‌  62 : الجمعة‌

[33] ـ من‌ الآية‌  4، من‌ السورة‌  66 : التحريم‌

[34] ـ صدر الآية‌  62، من‌ السورة‌  6 : الانعام‌

[35] ـ ذيل‌ الآية‌  11، من‌ السورة‌  13 : الرعد

[36] ـ صدر الآية‌  257، من‌ السورة‌  2 : البقرة‌

[37] ـ رسالة‌ «الولاية‌» من‌ نفائس‌ الرسائل‌ المؤلّفة‌ للعلاّمة‌ و الّتي‌ أُلّفت‌ بشكل‌ مستقلّ. و قد قام‌ الحقير باستنساخها عن‌ خطّ المؤلّف‌ مع‌ رسالة‌ «النبوّة‌ و الإمامة‌» التي‌ أُلّفت‌ مستقلّة‌ هي‌ الاخري‌، مع‌ سبع‌ رسائل‌ اخري‌ مخطوطة‌ بأجمعها في‌ مجلّد واحد، و قمت‌ بتجليدها في‌ مجلّد واحد.

 و لم‌ تُطبع‌ هذه‌ الرسائل‌ في‌ حياد المرحوم‌ العلاّمة‌، لكنّ رسالة‌ «الولاية‌» بالخصوص‌ طُبعت‌ بعد وفاته‌ ضمن‌ كتاب‌ عن‌ حياته‌ بعنوان‌ «يادنامه‌ مفسّر كبير استاد علاّمه‌ سيد محمّد حسين‌ طباطبائي‌» من‌ الصفحة‌  251  الي‌  305 .

 نعم‌، لقد طبعت‌ تلك‌ الرسائل‌ السبع‌ و هي‌: «الإنسان‌ قبل‌ الدنيا و بعد الدنيا و في‌ الدنيا و رسالة‌ الله‌ و أسماء الله‌ و أفعال‌ الله‌ و رسالة‌ الوسائط‌» فيما بعد بشكل‌ سيّء للغاية‌، و فأمل‌ ان‌ تُطبع‌ إن‌ شاءالله‌ تعالي‌ بنحو جيّد و راق‌.

[38] ـ رسالة‌ الولاية‌. طباعة‌ مؤسسة‌ آل‌ البيت‌، ص‌  4

[39] ـ تفسير «الميزان‌»، ج‌  10، ص‌  89

[40] ـ ذيل‌ الآية‌  68، من‌ السورة‌  3 : ءال‌ عمران‌

[41] ـ الآية‌  44، من‌ السورة‌  18 : الكهف‌

[42] ـ رسالة‌ «سير و سلوك‌ منسوب‌ به‌ بحرالعلوم‌» ص‌  98

[43] ـ راجع‌ التحقيق‌ في‌ المعني‌ اللغوي‌ للولاية‌ في‌ كتاب‌ «امام‌ شناسي‌» = «معرفة‌ الإمام‌» من‌ دورذة‌ العلوم‌ و المعارف‌ الإسلامية‌. ج‌  5، من‌ ص‌  9  إلي‌ ص‌  33

 الرجوع الي الفهرس

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com