بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة حول مسألة روية الهلال / القسم السادس: الدلیل علی اشتراط اتحاد الآفاق، الدلیل علی عدم لزوم اتحاد الآفاق

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الرؤية‌ جزء الموضوع‌؛ و الجزء الآخر هو وجود الهلال‌

 الثاني‌: أنّ الرؤية‌ جزء الموضوع‌ لدخول‌ الشهر، والجزء الآخر هو وجود الهلال‌ الثابت‌ بنفس‌ هذه‌ الرؤية‌، وإلاّ لتحقّق‌ الدخول‌ ولو بعد إحراز الخلاف‌ وتبيّن‌ الخطاء؛ وهذا ممّا لاسبيل‌ إليه‌.

 الثالث‌: لايمكن‌ جعل‌ الرؤية‌ كاشفةً صرفةً وطريقاً محضاً إلي‌ خروج‌ القمر عن‌ تحت‌ الشعاع‌، كما لا يمكن‌ أن‌ يكون‌ طريقاً محضاً إلي‌ كون‌ الهلال‌ فوق‌ الاُفق‌؛ لعدم‌ مساعدة‌ الادلّة‌.

 فلذلك‌ لايمكن‌ نيابة‌ العيون‌ المسلّحة‌ والآلات‌ الرصديّة‌ وحساب‌ المنجّمين‌ الخبراء بالزيجات‌ المستخرجة‌، عن‌ الرؤية‌؛ ولا تكفي‌ هذه‌ للحكم‌ بدخول‌ الشهر، وإن‌ ثبت‌ بها كون‌ القمر خارجاً عن‌ تحت‌ الشعاع‌ أو موجوداً فوق‌ الاُفق‌ يقيناً.

 الرابع‌: أنّ ما جعل‌ بدلاً للرؤية‌ هو إتمام‌ ثلاثين‌ لاغير. فلذا لا يمكن‌ الحكم‌ بعدم‌ دخول‌ الشهر في‌ ليلة‌ الثلاثين‌، برؤية‌ الهلال‌ في‌ اليوم‌ الثامن‌ والعشرين‌؛ أو الحكم‌ بدخوله‌ في‌ ليلة‌ الثلاثين‌، برؤيته‌ في‌ الليلة‌ القادمة‌ مرتفعاً عن‌ الاُفق‌ بمقدار أزيد من‌ غاية‌ الارتفاع‌ الممكن‌ في‌ الليلة‌ الاُولي‌ من‌ الشهر بجعل‌ الرصد والحساب‌. وغير هذه‌ من‌ الفروع‌ المتصوّرة‌.

 كلّ ذلك‌، لدخالة‌ الرؤية‌ علي‌ وجه‌ الموضوعيّة‌، الظاهرة‌ من‌ قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ؛ ومن‌ الروايات‌ الواردة‌ عن‌ أئمّة‌ أهل‌ البيت‌ سلام‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌.

 هذا مع‌ ما نري‌ من‌ التزام‌ الاصحاب‌ والتابعين‌ والائمّة‌ عليهم‌ السلام‌، بنفس‌ الرؤية‌ بلا تعدٍّ عنها.

 الخامس‌: الشهر الشرعيّ هو المبدوّ برؤية‌ الهلال‌ فوق‌ الاُفق‌ المحلّيّ أو ما يقاربه‌؛ فلا يفيدنا الشهر القمريّ الحسابيّ، ولا الشهر القمريّ الوسطيّ، ولا الشهر القمريّ الهلاليّ الفلكيّ.

الرجوع الی الفهرس

وجه‌ انصراف‌ الروايات‌ إلي‌ الآفاق‌ القريبة‌

 أمّا الانصراف‌ إلي‌ الآفاق‌ القريبة‌ فممّا لابدّ منه‌: لا لوجود القدر المتيقّن‌ في‌ مقام‌ التخاطب‌، كما شرط‌ عدمَه‌ صاحب‌ «الكفاية‌» قدّس‌ سرّه‌في‌ باب‌ الاخذ بالاءطلاق‌، وجعَله‌ إحدي‌ مقدّمات‌ الحكمة‌؛[86] حتّي‌ يقال‌: إنّ الاءطلاقات‌ شاملة‌ للقدر المتيقّن‌ في‌ مقام‌ التخاطب‌ وغيره‌، ونحن‌ نأخذ بها في‌ جميع‌ فنون‌ الفقه‌، مع‌ أنّ في‌ كلّ منها قدراً متيقّناً بلا إشكال‌، وإلاّ يلزم‌ فقه‌ جديد.

 و لا للاءغراء بالجهل‌ والاءلقاء في‌ الخطر والمفسدة‌، لو كان‌ المراد الواقعيّ للمتكلّم‌ خلاف‌ ما يفيده‌ بظاهر كلامه‌ من‌ الاءطلاق‌، بدون‌ نصب‌ قرينة‌ علي‌ التقييد؛ حتّي‌ يقال‌: إنّ هذا كلام‌ خال‌ عن‌ السداد، للقاعدة‌ الدارجة‌ بين‌ الموالي‌ والعبيد في‌ الاخذ بالاءطلاق‌ بدون‌ انتظار مدّة‌ لمجي‌ء القرينة‌ علي‌ التقييد.

 و لا لاءجل‌ الشكّ في‌ سعة‌ المفهوم‌ وضيقه‌ لغةً أو عرفاً، كما في‌ لفظ‌ الماءِ المشكوك‌ صدقه‌ علي‌ ماءِ الزاج‌ والكبريت‌، مع‌ أنـّه‌ من‌ أظهر المفاهيم‌ العرفيّة‌، كما صرّح‌ به‌ الشيخ‌ الانصاريّ قدّس‌ سرّه‌ حتّي‌ يقال‌: إنّ ما نحن‌ فيه‌ ليس‌ من‌ هذا القبيل‌.

 بل‌ لاجل‌ صدق‌ المطلق‌ علي‌ صنفه‌ الخاصّ بحسب‌ الفهم‌ العرفيّ، في‌ ظرف‌ خاصّ بالشرائط‌ المخصوصة‌ والكيفيّات‌ والقرائن‌ المحفوفة‌ التي‌ اختصّت‌ بهذا المورد، وإن‌ لم‌ تكن‌ في‌ موارد أُخر.

 بيان‌ ذلك‌:

 أنّ أسماء الاجناس‌ موضوعة‌ لنفس‌ الطبائع‌ بنحو اللابشرط‌ المقسميّ، المعبّر عنه‌ في‌ لسان‌ المشهور بالطبيعة‌ المهملة‌؛ فلا يتكفّل‌ اللفظ‌ إلاّ هذا المعني‌.

 فإن‌ أراد المتكلّم‌ نفس‌ هذا المعني‌ فهو، وإن‌ أراد الطبيعة‌ المطلقة‌ أو المقيّدة‌ فلابدّ وأن‌ ينصب‌ قرينةً علي‌ مراده‌.

 والغالب‌ أنّ قرينة‌ التقييد تكون‌ بإيراد شي‌ء في‌ الكلام‌؛ بخلاف‌ قرينة‌ الاءطلاق‌، فإنّها تكون‌ بالسكوت‌ وعدم‌ إيراد شي‌ء في‌ الكلام‌ دالّ علي‌ خصوصيّة‌ من‌ خصوصيّاته‌.

 فإذاً لابدّ وأن‌ ننظر إلي‌ جميع‌ خصوصيّات‌ المقامات‌، وحال‌ المتكلّم‌ الآمر، وحال‌ المخاطب‌، وكيفيّة‌ الحكم‌ والظروف‌ التي‌ أُلقي‌ فيها الحكم‌، والظروف‌ التي‌ قابلة‌ لاءتيان‌ المأمور به‌ فيها، وسائر القرائن‌ المحفوفة‌؛ حتّي‌ يتبيّن‌ مقدار سعة‌ دائرة‌ دلالة‌ هذا السكوت‌ علي‌ ما ينطبق‌ عليه‌ المفهوم‌.

 وهذا أمر عرفيّ وجدانيّ، يكون‌ تحت‌ إدراك‌ الاءنسان‌ بما أنّه‌ مدرك‌ للحقائق‌ العرفيّة‌ وجداناً، بالذوق‌ الدقيق‌ الذي‌ لا يمكن‌ أن‌ يعارضه‌ أو يزاحمه‌ أي‌ّ شي‌ء.

 ويختلف‌ بحسب‌ المقامات‌ والاحوال‌، كالقرائن‌ الدالّة‌ علي‌ المجازات‌؛ لا يكاد ينحصر تحت‌ عدّ ولا ينضبط‌ تحت‌ ضابطة‌.

الرجوع الی الفهرس

توسيع‌ دائرة‌ الحكومة‌ إلي‌ الآفاق‌ البعيدة‌ مساوق‌ لاءنكار الرؤية‌

 إذا عرفت‌ هذا فنقول‌: بعد ملاحظة‌ تسجيل‌ أذهان‌ المجتمع‌ الاءسلاميّ علي‌ لزوم‌ الرؤية‌ في‌ دخول‌ شهر رمضان‌ أو إتمام‌ ثلاثين‌، تبعاً لسنّة‌ الرسول‌ الاعظم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، والبناء عليها بلا نكير بين‌ الفريقين‌؛ وبعد ملاحظة‌ تباعد البلاد بعضها عن‌ بعض‌ زماناً، خصوصاً في‌ تلك‌ الازمنة‌، وعدم‌ وصول‌ الاخبار إلي‌ الاقطار بتّاً، أو وصولها بعد نصب‌ وتعب‌ ومضيّ زمان‌ بعيد؛ إذا ألقي‌ الاءمام‌ عليه‌ السلام‌ بأنّه‌ إذَا شَهِدَ أَهْلُ بَلَدٍ ءَاخَرَ أَنـَّهُمْ رَأَوْهُ فَاقْضِهِ، لا يفهم‌ العرف‌ إلاّ البلد القريب‌، الذي‌ يمكن‌ جعل‌ الرؤية‌ فيه‌ رؤيةً في‌ بلده‌ بالحكومة‌ وتوسيع‌ دائرة‌ الرؤية‌ بالنسبة‌ إليه‌ بمناط‌ اتّحاد المكان‌ من‌ حيث‌ وجود الهلال‌ فوق‌ الاُفق‌، وأنّ المانع‌ من‌ الرؤية‌ شي‌ء عارضيّ؛ كما أنّه‌ في‌ البلدة‌ الواحدة‌ إذا اتّسعت‌ شرقاً وغرباً: تحقّق‌ الرؤية‌ في‌ نقطة‌ منها كاف‌ للحكم‌ بالرؤية‌ في‌ حقّ الجميع‌، وذلك‌ لمناط‌ وحدة‌ المكان‌ خارجاً عند العرف‌.

 فالاءمام‌ عليه‌ السلام‌ يريد أن‌ يوسّع‌ دائرة‌ اتّحاد المكان‌ في‌ الرؤية‌ بنحو الحكومة‌ والاعتبار التشريعيّ، ولا يريد نقض‌ قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: صُوموا لرُؤيَتِهِ وأفطِروا لرُؤيَتِهِ.

 وهذا الاعتبار بالنسبة‌ إلي‌ البلاد القريبة‌ التي‌ يكون‌ القمر فيها فوق‌ الاُفق‌، له‌ مجال‌ صحيح‌ عند العرف‌؛ وأمّا بالنسبة‌ إلي‌ البلاد البعيدة‌ التي‌ لم‌ يكن‌ القمر فيها فوق‌ الاُفق‌، فهو بمنزلة‌ هدم‌ أساس‌ الرؤية‌ وإنكارها من‌ رأس‌، فلا يكاد يفهمه‌ العرف‌.

 مثلاً إذا قال‌ الطبيب‌ للمريض‌: اشرب‌ دواءً فلانيّاً ولا تجاوز عنه‌، فهل‌ يمكن‌ له‌ أن‌ يقول‌ ثانياً: اشرب‌ أيّ دواء شئت‌ وخذ من‌ الصيدليّ أيّة‌ حبّة‌ تريد ؟ فلا يستحسنه‌ الذوق‌ السليم‌.

 فإذاً كلّ ما أجاز الطبيب‌ من‌ دواء ظاهره‌ الاءطلاق‌، يحمله‌ العرف‌ علي‌ الادوية‌ المتقاربة‌ للدواء المعيّن‌ مزاجاً وخاصّيّةً.

 و كما إذا قال‌ المولي‌ لعبده‌: ائتني‌ بماعون‌ من‌ ماء السكّر، ثمّ قال‌ له‌: لا بأس‌ بأن‌ تصبّ عليه‌ شيئاً من‌ الماء القراح‌. فيفهم‌ العبد بالذوق‌ الوجدانيّ أنّ ما يجوز له‌ أن‌ يصبّ عليه‌ هو شي‌ء قليل‌ ممّا صدق‌ عليه‌ الماء القراح‌، لا كلّ ما يصدق‌ عليه‌ «شي‌ء من‌ الماء القراح‌» وإن‌ كان‌ من‌ الكثرة‌ بمثابة‌ لايبقي‌ معه‌ مفهوم‌ ماء السكّر في‌ الماعون‌.

 و الاءطلاقات‌ الواردة‌ في‌ المقام‌ من‌ هذا القبيل‌؛ وتوسعة‌ دائرة‌ الامكنة‌ التي‌ يمكن‌ أن‌ تستفاد من‌ الاءطلاق‌، هي‌ إلي‌ الامكنة‌ التي‌ يقبل‌ العرف‌ بالحكومة‌ والاعتبار التشريعيّ صدق‌ الرؤية‌ فيها.

 وهي‌ الآفاق‌ القريبة‌ المتّحدة‌ مع‌ بلد الرؤية‌ في‌ كون‌ القمر فوق‌ الاُفق‌، والمانع‌ من‌ الرؤية‌ وجود جبل‌ أو غيم‌ أو ما شابههما؛ بعين‌ ما يراه‌ من‌ اتّحاد البلدة‌ الواحدة‌ في‌ نقاطها المختلفة‌، بتحقّق‌ رؤية‌ في‌ نقطة‌ منها ووجود جبل‌ أو غيم‌ في‌ سائر نقاطها.

 وأمّا الآفاق‌ البعيدة‌، فالحكومة‌ فيها عند العرف‌ بمنزلة‌ إنكار أصل‌ الرؤية‌ وهدم‌ أساسها.

 فإذاً لا يكاد يفهم‌ العرف‌ من‌ ألفاظ‌ «مصر» و«البلد» و«البيّنة‌» و«جميع‌ أهل‌ الصلاة‌» الواردة‌ في‌ الاءطلاقات‌، بلدة‌ المدينة‌ المنوّرة‌ بالنسبة‌ إلي‌ خراسان‌، أو حبشة‌ بالنسبة‌ إلي‌ سمرقند، البعيدة‌ إحداها عن‌ الاُخري‌ بستّة‌ أشهر أو سنة‌ زماناً.

 ولا يمكن‌ حمل‌ قوله‌: قيام‌ البيّنة‌ علي‌ أهل‌ مصر، علي‌ قيام‌ البيّنة‌ من‌ أهل‌ مكّة‌ علي‌ أهل‌ بخارا، أو أهل‌ إسبانيا علي‌ أهل‌ نيسابور مثلاً.

 مع‌ ما رأينا في‌ عصرنا هذا في‌ أزمنة‌ قريبة‌ من‌ الحال‌، أنّ أخبار مدينة‌ قمّ في‌ الصيام‌ والفطر، لاتصل‌ إلي‌ مدينة‌ طهران‌ إلاّ بعد يوم‌ أو يومين‌. وكذلك‌ أخبار بغداد وسامرّاء لا تصل‌ إلي‌ النجف‌ إلاّ بعد يومين‌ أو أيّام‌.

 فكلامه‌ عليه‌ السلام‌ بالنسبة‌ إلي‌ تلك‌ الظروف‌، مع‌ المرتكز في‌ أذهان‌ المجتمع‌ من‌ دخالة‌ الرؤية‌ في‌ دخول‌ الشهر، لا يشمل‌ إلاّ البلاد القريبة‌ التي‌ تصل‌ الاخبار إليها في‌ أزمنة‌ قريبة‌، بعناية‌ وجود الهلال‌ في‌ آفاقهم‌، وأنّ جميع‌ هذه‌ النواحي‌ ناحية‌ واحدة‌ من‌ هذه‌ الجهة‌.

 فسعة‌ دائرة‌ نطاق‌ الاءطلاق‌ لا يتجاوز عن‌ هؤلاء. فهو عليه‌ السلام‌ كان‌ بصدد بيان‌ الحكم‌ لهؤلاء؛ وبمقدّمات‌ الحكمة‌ يستفاد الاءطلاق‌ لجميعهم‌، وهو المعبّر عنه‌ بالانصراف‌ في‌ هذا المقام‌.

والعجب‌ من‌ صاحب‌ «المستند» رحمة‌ الله‌ عليه‌، في‌ مقام‌ دفع‌ الانصراف‌، اعترف‌ بندرة‌ ثبوت‌ الهلال‌ لاحد البلدين‌ المتباعدين‌ إذا انحصر الامر في‌ الثبوت‌ في‌ الشهر الواحد، ولكنّه‌ انكر الندرة‌ في‌ ما تصل‌ الاخبار بعد الشهرين‌ وأكثر. وقال‌: » ثبوت‌ الرؤية‌ بمصرَ في‌ بغداد أو ببغداد لطوس‌ أو للشام‌ في‌ إصفهان‌ ونحو ذلك‌ بعد شهرين‌ أو أكثر ليس‌ بنادر، لتردّد القوافل‌ العظيمة‌ فيها كثيراً. « انتهي‌.

وذلك‌، لانّ ورود القوافل‌ الكثيرة‌ بعد شهرين‌، لا ينافي‌ الندرة‌، لانّ القوافل‌ لا ترد إلي‌ كلّ بلدة‌ بلدة‌ أوّلاً.

والامر لا ينحصر في‌ البلاد التي‌ تصل‌ الاخبار إليها بعد شهرين‌ أو أكثر ثانياً، لانّ الحكم‌ باتّحاد الآفاق‌ يوجب‌ أن‌ يكون‌ جميع‌ كرة‌ الارض‌ في‌ الحكم‌ مساوياً؛ فإذاً ربّما تبعد بلدة‌ عن‌ بلدة‌ بأكثر من‌ سنة‌ زماناً ولا تصل‌ الاخبار إليها بتّاً، فكيف‌ يمكن‌ إنكار الندرة‌ ؟

هذا مضافاً إلي‌ أنّ نفس‌ الندرة‌ فقط‌ ليست‌ موجبةً للانصراف‌، بل‌ بضميمة‌ سائر القرائن‌ المذكورة‌ التي‌ لا يمكن‌ إنكارها؛ وعمدتها ارتكاز أذهان‌ الناس‌ بلزوم‌ الرؤية‌، وعدم‌ مساعدة‌ تحكيم‌ أدلّة‌ القضاء لجميع‌ البلاد، والقرائن‌ العقليّة‌ التي‌ ذكرناها.

هذه‌ جملة‌ ما أردنا إيرادها في‌ مقام‌ المنع‌ عن‌ إمكان‌ العمل‌ بالاءطلاقات‌. و للمحقّق‌ البصير والناقد الخبير، غنيً وكفاية‌.

الرجوع الی الفهرس

الكلام‌ حول‌ ما استُشهد به‌ علي‌ عدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌

و أمّا الاستشهاد بما روي‌ في‌ عدّة‌ روايات‌، في‌ كيفيّة‌ صلاة‌ عيدَي‌ الفطر والاضحي‌، وما يقال‌ فيها من‌ التكبير من‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌ في‌ جملة‌ تلك‌ التكبيرات‌:

 أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا الْيَوْمِ، الَّذِي‌ جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً.

(حيث‌ إنّ الظاهر أنّ المشار إليه‌ في‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌: «هذا اليوم‌» هو يوم‌ معيّن‌ خاصّ، الذي‌ جعله‌ الله‌ تعالي‌ عيداً للمسلمين‌، لا أنّه‌ كلّ يوم‌ ينطبق‌ عليه‌ أنّه‌ يوم‌ فطر أو أضحي‌ علي‌ اختلاف‌ الامصار في‌ رؤية‌ الهلال‌ باختلاف‌ آفاقها؛ مضافاً إلي‌ أنّه‌ تعالي‌ جعل‌ هذا اليوم‌ عيداً للمسلمين‌ كلّهم‌، لا لخصوص‌ أهل‌ بلد تقام‌ فيه‌ صلاة‌ العيد، حتّي‌ ينتج‌ علي‌ ضوئهما أنّ يوم‌ العيد واحد لجميع‌ أهل‌ البقاع‌ والامصار علي‌ اختلافهما في‌ الآفاق‌ والمطالع‌)؛ فلا يجدي‌ شيئاً في‌ المقام‌.

 وذلك‌، لما بيّنّا أنّ لكلّ بقعة‌ بقعة‌ في‌ العالم‌، ليلةً مخصوصةً ونهاراً مخصوصاً.

 فكلّما يمكن‌ أن‌ تتصوّر في‌ العالم‌ آفاق‌ مختلفة‌ وبقاع‌ متفاوتة‌، يمكن‌ أن‌ تتصوّر دوائر أنصاف‌ نهر متفاوتة‌، فيمكن‌ تصوّر ليال‌ كثيرة‌ وأيّام‌ كثيرة‌ بعدد تلك‌ أنصاف‌ النهر.

 وذلك‌ لانّ الليل‌ عبارة‌ عن‌ الظلّ المخروطيّ في‌ الطرف‌ المقابل‌ لطلوع‌ الشمس‌ من‌ الارض‌، الحاصل‌ من‌ شعاع‌ الشمس‌ علي‌ سطح‌ الارض‌؛ وهذا المخروط‌ متحرّك‌ دائماً لايقف‌ في‌ لحظة‌ أبداً.

 فالليل‌ يتحرّك‌ دائماً في‌ جميع‌ الارض‌ بحسب‌ طول‌ البلاد، ولكلّ بقعة‌ منها ليل‌ خاصّ غيرما لبقعة‌ أُخري‌ من‌ الليل‌.

 ولا فرق‌ في‌ ما ذكرنا بين‌ ما إذا فرضنا حركة‌ الشمس‌ حول‌ الارض‌ كما في‌ فرضيّة‌ بطلميوس‌، وبين‌ ما بُيّن‌ في‌ محلّه‌ اليوم‌ من‌ حركة‌ الارض‌ حول‌ نفسها، من‌ دليل‌ «فاندولِ فوكو»، ولزوم‌ الحركة‌ الشديدة‌ بما يبلغ‌ مليار كيلومتر في‌ الثانية‌ لو كانت‌ الارض‌ ثابتةً والشمس‌ والنجوم‌ متحرّكات‌. (بخلاف‌ ما لو كانت‌ الارض‌ متحرّكةً، فتلزم‌ حركتها في‌ كلّ ثانية‌ خمسمائة‌ متر تقريباً؛ وهذه‌ في‌ النقاط‌ الاستوائيّة‌ التي‌ تكون‌ السرعة‌ فيها أكثر.)

 وعلي‌ كلا التقديرين‌ لابدّ من‌ الالتزام‌ بهذا المخروط‌ في‌ الفضاء حول‌ الارض‌.

 أمّا علي‌ الفرضيّة‌ القديمة‌ فظاهر بأنّ الشمس‌ لمّا كانت‌ غير ثابتة‌ في‌ لحظة‌ بل‌ متحرّكة‌ حول‌ الارض‌ دائماً، فبتبع‌ هذه‌ الحركة‌ يتحرّك‌ الظلّ المخروطيّ حول‌ الارض‌.

 وأمّا علي‌ فرضيّة‌ المتأخّرين‌ فلانّ الارض‌ غير ثابتة‌ في‌ لحظة‌ بل‌ متحرّكة‌ دائماً حول‌ نفسها، والظلّ المخروطيّ ثابت‌ والارض‌ تدور حول‌ نفسها في‌ هذا الظلّ؛ فتختلف‌ بسبب‌ هذه‌ الحركة‌ البقاع‌ التي‌ صارت‌مواجهةً لضوء الشمس‌ المسمّاة‌ بالبقاع‌ النهاريّة‌، فتتميّز عن‌ البقاع‌ التي‌ صارت‌ مواجهةً لخلاف‌ ضوء الشمس‌ المسمّاة‌ بالبقاع‌ الليليّة‌. فهذه‌ البقاع‌ تتبدّل‌ دائماً؛ ففي‌ كلّ آن‌ يكون‌ لبقعة‌ جديدة‌ ليل‌ جديد ونهار جديد.

 والنتيجة‌ واحدة‌ علي‌ كلا التقديرين‌ وكلتا الفرضيّتين‌ بالنسبة‌ إلي‌ حدوث‌ الظلّ المخروطيّ الموجد للّيل‌، فالليلة‌ في‌ طهران‌، غير الليلة‌ التي‌ فيما قبلها وما بعدها من‌ البلاد طولاً.

الرجوع الی الفهرس

كيفيّة‌ تصوير الايـّام‌ و الليالي‌ إمّا جزئيّات‌ أو كلّيّات‌

 فإذاً لابدّ إمّا أن‌ نلتزم‌ بأنّ ليلة‌ العيد مثلاً مجموع‌ تلك‌ الظلمة‌ في‌ دور كامل‌ أرضيّ يبلغ‌ أربعاً وعشرين‌[87] ساعةً، ولكلّ بقعة‌ حدّ خاصّ وتعيّن‌ مخصوص‌ من‌ تلك‌ الظلمة‌. فليلة‌ العيد في‌ طهران‌ قدر خاصّ من‌ جميع‌ الليل‌ الطويل‌، وكذا نهار العيد المتعقّب‌ بالليل‌ قدر خاصّ من‌ مجموع‌ نهار العيد البالغ‌ أيضاً أربعاً وعشرين‌ ساعةً.

 وإمّا أن‌ نلتزم‌ بأنّ ليلة‌ العيد ليست‌ أمراً جزئيّاً ومصداقاً خارجيّاً مشخّصاً، بل‌ أمر كلّيّ ينطبق‌ علي‌ مصاديق‌ عديدة‌؛ ولكلّ بقعة‌ يوجد فرد من‌ هذا الكلّيّ بمجرّد غروب‌ الشمس‌ فيها، إلي‌ أن‌ تطلع‌. كما أنّ النهار أمر كلّيّ يوجد لكلّ بقعة‌ فرد منه‌ بمجرّد طلوع‌ الشمس‌ فيها، إلي‌ أن‌ تغرب‌.

 فإذاً ليس‌ العيد يوماً خاصّاً محدوداً بين‌ النقطتين‌ المشخّصتين‌ حتّي‌ يمكن‌ الاستشهاد بها في‌ المقام‌؛ بل‌ علي‌ ضوءِ هذا البيان‌، يوم‌ طويل‌ جزئيّ له‌ تعيّنات‌ كثيرة‌ أو يوم‌ قصير كلّيّ له‌ أفراد عديدة‌ حسب‌ تعداد النواحي‌ والاصقاع‌ في‌ جميع‌ أقطار الارض‌.

 فعلي‌ هذا يكون‌ المراد من‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌: «هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي‌ جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً» هذا اليوم‌ الطويل‌ الذي‌ لكلّ بلد سهم‌ خاصّ منه‌، أو الكلّيّ الذي‌ لكلّ بلد فرد خاصّ منه‌.

 فكيف‌ يمكن‌ أن‌ يستشهد به‌ لتشخّص‌ اليوم‌ في‌ جميع‌ العالم‌ الملازم‌ لاتّحاد جميع‌ الآفاق‌ في‌ ذلك‌ ؟

 وعلي‌ هذا البيان‌ تبيّن‌ أيضاً أنّ الكريمة‌ الواردة‌ في‌ ليلة‌ القدر وأنّها خير من‌ ألف‌ شهر وأنّ فيها يفرق‌ كلّ أمر حكيم‌ وتكتب‌ فيها البلايا والمنايا والارزاق‌، أيضاً كذلك‌.

 فجميع‌ الايّام‌ والليالي‌ في‌ السنة‌، كيوم‌ عاشوراء وعيد الاضحي‌ والنصف‌ من‌ رجب‌ وشعبان‌ وعيد الغدير: الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌، ولياليها من‌ هذا القبيل‌.

 فإذا ثبت‌ أنّ الايّام‌ ولياليها جزئيّات‌ طويلة‌ الامد، أو كلّيّات‌ منطبقة‌ علي‌ مصاديقها الخاصّة‌ المعيّنة‌، وأقدار خاصّة‌ في‌ الكثير كصاع‌ من‌ الصبرة‌؛ فأيّ مانع‌ من‌ الالتزام‌ بها في‌ كلّ ناحية‌ بحسبها علي‌ ميزان‌ رؤية‌ الهلال‌ ؟ غاية‌ الامر يصير امتداد دائرة‌ هذا الليل‌ والنهار أوسع‌، وأيّ ضير فيه‌ ؟

 وممّا ذكرنا ظهر أنّ ذهاب‌ المشهور إلي‌ الحكم‌ بلزوم‌ اشتراك‌ البلدان‌ في‌ الآفاق‌ في‌ رؤية‌ الهلال‌، ليس‌ إلاّ من‌ جهة‌ الموازين‌ العلميّة‌ والروايات‌ الواردة‌ في‌ المقام‌ الدالّة‌ بالحكومة‌ علي‌ دخول‌ الشهر في‌ كلّ بلدة‌ بمجرّد رؤية‌ الهلال‌ في‌ بلدة‌، الكاشفة‌ عن‌ وجود الهلال‌ في‌ جميع‌ هذه‌ البلاد.

 وأنّ لمطالع‌ القمر في‌ الآفاق‌ المختلفة‌ دخلاً في‌ مسألة‌ الحكم‌ بدخول‌ الشهر، بعين‌ مدخليّة‌ مطالع‌ الشمس‌ في‌ طلوعها بما له‌ من‌ الاحكام‌.

 فليس‌ هذا مجرّد قياس‌ هذه‌ المسألة‌ بتلك‌، بل‌ لانّ لكلّ واحد منهما حكماً مستقلاّ مشابهاً للآخر.

الرجوع الی الفهرس

ختام‌ الموسوعة‌ الاُولي‌

 هذا آخر ما جري‌ علي‌ قلمي‌ في‌ هذا المقام‌.

 وما كنتُ نويت‌ في‌ ابتداء البحث‌ أن‌ أُطيل‌ الكلام‌ علي‌ هذا النهج‌، ولكن‌ في‌ الاثناء قضي‌ الله‌ ما قضي‌ علي‌ هذا الاُسلوب‌ البديع‌.

 وكان‌ تبديل‌ فتياك‌ في‌ هذه‌ المسألة‌ هو الباعث‌ لهذه‌ الاءطالة‌، حتّي‌ تتّضح‌ جوانب‌ المسألة‌ ويتبيّن‌ المرام‌ من‌ جميع‌ الجهات‌.

 وما أردتُ إلاّ ابتغاء وجه‌ الربّ الكريم‌.

 فإن‌ وقعَت‌ مورد القبول‌ فهو، وإلاّ فالرجاء الواثق‌ أن‌ تتفضّل‌ علَيّ بالجواب‌، ولك‌ مزيد الشكر والامتنان‌.

 وغير خفيّ أنّ هذه‌ وما شابهها من‌ الرسائل‌ التي‌ كتبتُها من‌ العلوم‌ التي‌ دخلتُها، قطرة‌ من‌ فيضان‌ بحرك‌، ورشحة‌ من‌ سحاب‌ علمك‌، وبضاعتك‌ التي‌ ردّت‌ إليك‌، صدرَت‌ فوردَت‌، منك‌ وإليك‌.

 وله‌ الحمد في‌ الاُولي‌ والآخرة‌، وآخر دعوانا أن‌ الحمد للّه‌ ربّ العالمين‌.

 رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.[88] ربّنا لا تجعل‌ الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ‌ علمنا، لئلاّ نقرأ فـي‌ صحيفتنا يوم‌ القيامة‌: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـ'تِكُمْ فِي‌ حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم‌ بِها.[89]

 ربّنا أدخلنا في‌ كلّ خيرٍ أدخلت‌ فيه‌ محمّداً وآل‌ محمّد، وأخرجنا من‌ كلّ سوءٍ أخرجت‌ منه‌ محمّداً وآل‌ محمّدٍ، صلواتك‌ عليه‌ وعليهم‌ أجمعين‌.

 وفي‌ الختام‌ نشكر مساعيكم‌ الجميلة‌ في‌ إحياء التراث‌ الاءسلاميّ وحمل‌ أثقال‌ الزعامة‌ للاُمّة‌ المحمّديّة‌، جزاكم‌ الله‌ خير جزاء المحسنين‌.

 فَقُمتَ مَقاماً حُطَّ قَدرُكَ دونَهُ                                      عَلَي‌ قَدَم‌ عن‌ حَظِّها ما تَخَطَّتِ

 وَرُمتَ مَراماً دُونَه‌ كَم‌ تَطاوَلَت                                              ‌ بِأعناقِها قَومٌ إلَيهِ فَجُذَّتِ

 أتَيتَ بُيوتاً لم‌ تَنَل‌ مِن‌ ظُهورها                                  وَأبْوابُها عَن‌ قَرعِ مِثلِكَ سُدَّتِ[90]

 نسأل‌ الله‌ تعالي‌ أن‌ يُديم‌ أظلالكم‌ السامية‌، وأن‌ يجعل‌ أيّامكم‌ خيراً من‌ الماضية‌، وأن‌ يوفّقكم‌ وإيّانا لما يحبّ ويرضي‌. والسلام‌ عليكم‌ ورحمة‌ الله‌ وبركاته‌.

 مـحمّـد حـسـيـن‌

 الحسينيّ الطهرانيّ

 خُتمت‌ هذه‌ الرسالة‌، بحمد الله‌ ومنّه‌، في‌ الساعة‌ الخامسة‌ من‌ الليل‌، ليلة‌ شهادة‌ مولانا وإمامنا، محيي‌ مذهب‌ الاءماميّة‌، حامل‌ لواء الولاية‌ المحمّديّة‌: جعفر بن‌ محمّد الصادق‌ عليه‌ السلام‌؛ في‌ سنة‌ ألف‌ وثلثمائة‌ وستّ وتسعين‌ بعد الهجرة‌ النبويّة‌، علي‌ هاجرها سلام‌ الله‌ الملِك‌ العلاّم‌. وأنا الراجي‌ عفو ربّه‌: محمّد الحسين‌ بن‌ محمّد الصادق‌ الحسينيّ الطهرانيّ، ببلدة‌ طهران‌.

الرجوع الی الفهرس

 

القسم‌ الثاني‌:

جواب‌ العلاّمة‌ الخوئيّ عن‌ الموسوعة‌ الاُولي‌

المدخل‌

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 هذه‌ صورة‌ ما تفضّل‌ به‌ سيّدنا العلاّمة‌ الخوئيّ

 مدّ ظلّه‌ السامي‌ جواباً عن‌ الرسالة‌ التي‌ أرسلتُها إلي‌ حضرته‌ دامت‌ بركاته‌

 نقلته‌ هاهنا ليكون‌ تبصرةً لي‌ وتذكرةً لغيري‌ وله‌ الحمد في‌ الاُولي‌

و الآخرة‌، والصلاة‌ والسلام‌ علي‌ سـيّدنا محـمّد وآلـه‌ الطـاهـرين‌

 و إليك‌ نصّ عبارته‌ دام‌ ظلّه‌:

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي‌ كِتَـ'بِ اللَهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَـ'وَ تِ وَ الاْرْضَ.[91] صدق‌ الله‌ العليّ العظيم‌.

 بعد السلام‌ والتحيّة‌، وصلتنا موسوعتك‌ الرائعة‌، الناتجة‌ عن‌ قريحة‌ نجلاء، وجهود ثمينة‌؛ فشكرنا سعيك‌، وسبرناها عابرين‌ علي‌ ما أبديت‌ من‌ النقود علي‌ المختار، وما أسديت‌ للمشهور من‌ وجوه‌ واستظهار.

 فوجدنا أنّ المراد من‌ قولنا، كأنّه‌ لم‌ يتّضح‌ ممّا حرّرنا في‌ الرسالة‌ حتّي‌ حُمل‌ علي‌ ما لا ينبغي‌.

 و كان‌ التفصيل‌ المبيد للريب‌ يتطلّب‌ فراغاً واسعاً من‌ الوقت‌، لا تساعده‌ واجباتنا المحيطة‌ بنا الآن‌؛ فاخترنا وجيزاً من‌ الوصف‌ لتوضيح‌ ما اخترناه‌ بما يسع‌ المجال‌، أداءً لما رغبتم‌ إليه‌ في‌ خاتمة‌ المقال‌، عسي‌ أن‌ يتّضح‌ به‌ المراد ويندفع‌ ما زعمتَ عليه‌ من‌ وجوه‌ الاءيراد.

الرجوع الی الفهرس

تبيين‌ المراد من‌ بداية‌ الشهر و بداية‌ الحساب‌

 فليُعلم‌ أنّ قولنا: بداية‌ الشهر، ببداية‌ خروج‌ القمر عن‌ المحاق‌، لم‌ نقصد منه‌ أنّ تلك‌ اللحظة‌ مهما كانت‌ فهي‌ بداية‌ حساب‌ الايّام‌ أو مدار نصّ الفروض‌ والاحكام‌، كي‌ يرد عليه‌ ما توهّم‌.

 وإنّما أردنا بذلك‌ دفع‌ ما توهّم‌ أنّ بدوّ الهلال‌ كبزوغ‌ الشمس‌ للنهار، ظاهرة‌ أُفقيّة‌ لسكّان‌ الارض‌؛ فيهلّ الهلال‌ في‌ أُفق‌ لاُناس‌ ليلةً ثمّ في‌ آخر لآخرين‌ ليلةً أُخري‌، كما تشرق‌ الشمس‌ في‌ أُفق‌ ساعةً لقوم‌ ثمّ لآخرين‌ ساعةً أُخري‌، وهكذا.

 فدفعنا الوهم‌ بأنّ بداية‌ النهار غير بداية‌ الشهر.

 إذ الطلوع‌ ظاهرة‌ أُفقيّة‌ تحدث‌ من‌ حركة‌ الارض‌ الوضعيّة‌، فتجدّد لها آفاق‌ تجاه‌ الشمس‌، فيتعدّد لا محالة‌ نهار لكلّ أُفق‌، فلا يكون‌ نهار قوم‌ نهاراً لمن‌ لم‌ يخرج‌ بعد من‌ ظلام‌ الليل‌؛ وليس‌ هكذا الهلال‌.

 فإنّه‌ حادث‌ سماوي‌ّ، يحدث‌ من‌ ابتعاد القمر عن‌ تحت‌ الشعاع‌ عدّة‌ درجات‌ بالقياس‌ إلي‌ سكّان‌ الارض‌، يبدو لهم‌ منه‌ قوس‌ الهلال‌.

 حتّي‌ ولو قدّر أن‌ لم‌ تكن‌ الارض‌ بآفاقها، وكان‌ الناظرون‌ في‌ الفضاءِ كما هم‌ علي‌ الارض‌، يحجبهم‌ كوكب‌ عن‌ الشمس‌ فيبدو عليهم‌ الليل‌؛ يرون‌ الهلال‌.

 ولذا تري‌ في‌ واقعنا الذي‌ نعيش‌ فيه‌، لو رئي‌ الهلال‌ في‌ أُفق‌ من‌ الارض‌ كإسبانيا علي‌ ما مثّلت‌ ولم‌ ير في‌ طهران‌، لا يصحّ أن‌ يقال‌: صار القمر هلالاً في‌ إسبانيا ولم‌ يصر بعد هلالاً في‌ طهران‌؛ حين‌ يصحّ أن‌ يقال‌: صار الوقت‌ نهاراً هنا ولم‌ يَصر بعد نهاراً هناك‌.

 و ذلك‌ لارتباط‌ النهار بهما، وعدم‌ ارتباط‌ الهلال‌ بأيّ منهما إلاّ في‌ الرؤية‌ لا الهلاليّة‌.

 فالقمر حينئذٍ هلال‌ لاءسبانيا ولطهران‌ ولايّ أُفق‌ خيّمت‌ عليه‌ ليلة‌ الرؤية‌.

 هذا ما أردنا من‌ حديث‌ بداية‌ الخروج‌ لبداية‌ الشهر.

 أمّا بداية‌ الحساب‌ فلابدّ أن‌ تكون‌ من‌ أوّل‌ الليل‌ ليلة‌ الرؤية‌، مهما تحقّق‌ الخروج‌، حتّي‌ يعلم‌ بوجوده‌ في‌ السماء بالرؤية‌ التي‌ هي‌ الطريق‌ العامّ الوحيد في‌ سهولة‌ التناول‌ لكلّ أحد.

 ولا تكون‌ غالباً إلاّ في‌ أوّل‌ الليل‌، أو قريباً منه‌. فيتّخذونه‌ بدايةً لاوقات‌ شهورهم‌. يَسْـَلُونَكَ عَنِ الاْهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَ قِيتُ لِلنَّاسِ.[92] فمواقيت‌ الناس‌ من‌ الشهر تبدأ عندهم‌ من‌ أوّل‌ ليل‌ يري‌ فيه‌ الهلال‌.

 والشارع‌ قرّرهم‌ عليه‌ في‌ أحكامه‌ أيضاً؛ يشهد له‌ قول‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ صحيح‌ حمّاد: إذا رَأَوُا الْهِلاَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإذَا رَأَوْا بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبِلَةِ[93] و نحوه‌ غيره‌؛ حيث‌ أضاف‌ الهلال‌ إلي‌ الليل‌، وإن‌ اتّفقت‌ الرؤية‌ نادرةً في‌ اليوم‌.

 فنحن‌ أيضاً لا نعدو عن‌ ذلك‌، ولا نختلف‌ مع‌ المشهور أو معك‌ فيه‌؛ و الوجه‌ ما مرّ آنفاً.

 فسقط‌ جملة‌ من‌ النقود التي‌ بيّنتها علي‌ توهّم‌ الخلاف‌ وجعلتها لازم‌ المختار.

 وأمّا النقد بأن‌ لو كان‌ ملاك‌ البداية‌ ما ذكر فلابدّ أن‌ يعمّ جميع‌ الآفاق‌ ولا يختصّ بالفوق‌ من‌ الارض‌ ولا مزيّة‌ توجب‌ هذا الاختصاص‌، علي‌ طول‌ مقالٍ لك‌ في‌ صحيفة‌ 41 [ 63 ] في‌ ذلك‌؛ فيدفعه‌ أنّ المزيّة‌ هي‌ ما قرّرنا من‌ أخذ البداية‌ من‌ الليل‌ ليل‌ الرؤية‌.

 و الليل‌ الذي‌ رئي‌ فيه‌ إنّما هو الظلّ الواحد للنصف‌ الجانبيّ المعاكس‌ لواجهة‌ الشمس‌، كما أنت‌ خبير به‌؛ وهذا ليس‌ لجميع‌ الآفاق‌ بل‌ للنصف‌ الفوق‌، والنصف‌ الآخر نهار في‌ أوقاته‌ غالباً، أعني‌ غير القطبيّة‌، والنهار دائماً تبع‌ ليله‌ السابق‌ في‌ العدّ، فلا يكون‌ بحساب‌ هذا الليل‌ بل‌ بحساب‌ الشهر الماضي‌، فإذا وصل‌ الظلّ إليه‌ في‌ دوره‌ لتلك‌ الآفاق‌ عدّت‌ فيها بالاوّليّة‌.

 وإن‌ شئتَ قلتَ: إنّ ليلة‌ الرؤية‌ ليلة‌ واحدة‌ بأربع‌ وعشرين‌ ساعةً يتبعها نهار واحد بأربع‌ وعشرين‌ ساعةً، يعدّان‌ أوّل‌ الشهر، ثمّ يتبعهما ليال‌ وأيّام‌ كذلك‌ حتّي‌ يتمّ ثلاثين‌ أو تسعةً وعشرين‌ فيكمل‌ شهر واحد، ويتبعه‌ شهور كذلك‌ حتّي‌ يتمّ اثنا عشر شهراً كما في‌ كتاب‌ الله‌ تعالي‌؛ وأمّا علي‌ المشهور الذي‌ أيّدته‌ فكاد أن‌ يتمّ أربعةً وعشرين‌ شهراً علي‌ أقلّ تقدير، ولا ينبّئك‌ مثل‌ خبير.

الرجوع الی الفهرس

الكلام‌ حول‌ القول‌ بجزئيّة‌ الرؤية‌ للموضوع‌ ، و القول‌ بانصراف‌ الاءطلاقات‌

 و أمّا ما سلكت‌ من‌ الطريق‌ إلي‌ المشهور، موجّهاً به‌ دعواهم‌ من‌ اعتبار الرؤية‌ في‌ النصوص‌ جزءاً للموضوع‌ علي‌ نحو الصفتيّة‌ ـ حذو تعبيرك‌ ـ تريد به‌ اختصاص‌ الموضوع‌ بما يكون‌ في‌ أُفق‌ كلّ مكلّف‌ لنفسه‌، حسب‌ موضوعيّة‌ رؤيته‌؛ غاية‌ الامر وسّع‌ الموضوع‌ بدليل‌ كفاية‌ رؤية‌ بلد آخر إلي‌ الآفاق‌ القريبة‌ بدعوي‌ الحكومة‌، فمن‌ جهة‌ موضوعيّة‌ الرؤية‌ لايتعدّي‌ إلي‌ الآفاق‌ البعيدة‌، وبذلك‌ حاولتَ منع‌ الاءطلاق‌ الذي‌ تمسّكنا به‌ دليلاً ثانياً للمختار، بعد أن‌ اعترفت‌ بعدم‌ قصور إطلاق‌ المقام‌ عن‌ سائر الاءطلاقات‌؛ فكلتا الدعويين‌ بمعزل‌ عن‌ التحقيق‌.

 أمـّا الاُولي‌ وهي‌ جزئيّة‌ الرؤية‌ للموضوع‌، يدفعها ظهور أخذها طريقاً إلي‌ ما هو تمام‌ الموضوع‌ أعني‌ دخول‌ الشهر؛ فإنّه‌ الذي‌ يستفاد من‌ الكتاب‌ العزيز وجوب‌ الصوم‌ به‌، حيث‌ قال‌: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ـ إلي‌ قوله‌: شَهْرُ رَمَضَانَ[94]؛ وكذلك‌ من‌ السنّة‌.

 وكان‌ الامر بالصوم‌ للرؤية‌ لاجل‌ لزوم‌ إحرازه‌ لخصوص‌ شهر الصيام‌، وعدم‌ الاكتفاء بالامتثال‌ الظنّيّ أو الاحتماليّ؛ كما يشهد للاوّل‌ ذيل‌ صحيحتي‌ ابن‌ مسلم‌ والخزّاز وموثّق‌ ابن‌ عمّار، وللثاني‌ رواية‌ القاسانيّ.[95]

 ويشهد لطريقيّة‌ الرؤية‌ أيضاً أُمور:

 الاوّل‌: اعتبار البيّنة‌ مقامها، فلو كانت‌ جزءاً بنحو الصفتيّة‌ لما استقام‌ قيام‌ البيّنة‌ مقامها.

 الثاني‌: عدّ الثلاثين‌ إذا لم‌ تتيسّر الرؤية‌ والبيّنة‌، حيث‌ إنّه‌ يوجب‌ العلم‌ بخروج‌ السابق‌ ودخول‌ اللاحق‌.

 الثالث‌: وجوب‌ قضاء صوم‌ يوم‌ الشكّ الذي‌ أُفطر لعدم‌ طريق‌ إلي‌ ثبوته‌، فتبيّن‌ بعد ذلك‌ بالبيّنة‌ أو بالرؤية‌ ليلة‌ التاسع‌ والعشرين‌ من‌ صومه‌ وجود الشهر في‌ يوم‌ إفطاره‌، ففات‌ عنه‌ الواجب‌ الواقعيّ؛ وهذا ثابت‌ بالنصّ والفتوي‌ ولا خلاف‌ فينا.

 الرابع‌: إجزاء صومه‌ إذا صامه‌ بنيّة‌ شعبان‌ أو صوم‌ آخر كان‌ عليه‌ فتبيّن‌ بعدُ أنّه‌ من‌ رمضان‌، معلّلاً في‌ النصوص‌ بأنّه‌ يَوْمٌ وُفِّقَ لَهُ[96]؛ ولا يخفي‌ أنّ الاءجزاء فرع‌ ثبوت‌ التكليف‌.

 وبالجملة‌ لامساغ‌ للقول‌ بأصل‌ الجزئيّة‌ فضلاً عن‌ الصفتيّة‌.

 وإنّما أُخذت‌ طريقاً لانّها أتمّ وأسهل‌ وأعمّ وصولاً لكلّ أحد، إلي‌ إحراز الهلال‌ المولِّد للشهر الذي‌ هو تمام‌ الموضوع‌.

 نعم‌، لابدّ أن‌ يكون‌ وجود الهلال‌ علي‌ نحو يمكن‌ رؤيته‌ بطريق‌ عاديّ، فلا تكفي‌ الرؤية‌ بالعين‌ الحادّة‌ جدّاً أو بعين‌ مسلّحة‌ بالمكبّر أو العلم‌ بوجوده‌ بالمحاسبات‌ الرصديّة‌ علي‌ دون‌ تلك‌ المرتبة‌.

 لاستفادة‌ تلك‌ الصفة‌ له‌ من‌ النصوص‌ المعتبرة‌ الناطقة‌ بأن‌ لو رآه‌ واحد لرآه‌ خمسون‌ أو لرآه‌ مائة‌ أو لرآه‌ ألف‌[97]، تعبيراً عن‌ حدّ ما ينبغي‌ من‌ صفة‌ وجوده‌.

 فهذا أيضاً ممّا لا خلاف‌ بيننا فيه‌، فإن‌ كان‌ المراد من‌ الجزئيّة‌ هذا التقييد فحريّ بالتأييد؛ ولكنّه‌ خلاف‌ ظاهر المقال‌.

 وعليه‌ فيكفي‌ لثبوت‌ الموضوع‌ رؤية‌ ما، إمّا من‌ نفس‌ المكلّف‌ أو بالبيّنة‌ ولو من‌ بعيد.

 وأمّا الدعوي‌ الثانية‌، وهي‌ دعوي‌ انصراف‌ الاءطلاقات‌ المدّعاة‌ لنا، بتكلّف‌ أنّ ارتكاز لزوم‌ رؤية‌ المكلّف‌ المستفاد من‌ قوله‌: صُمْ لِلرُّؤْيَةِ، توجب‌ قصر اعتبار البيّنة‌ الحاكية‌ عن‌ بلد آخر أو مصرٍ ما في‌ رؤيته‌ بأُفق‌ قريب‌ للاُفق‌ الذي‌ لم‌ يُرَ فيه‌، حيث‌ اعتبرتَه‌ بعناية‌ الحكومة‌، فمفادها التعبّد بثبوت‌ الهلال‌ فيه‌ ولكن‌ لم‌ يُرَ لمانع‌ كما يتّفق‌ في‌ الاُفق‌ الواحد أيضاً أن‌ يُري‌ في‌ موضع‌ ولا يُري‌ في‌ موضع‌ آخر منه‌ لمانع‌ من‌ جدار أو جبل‌ ـ إلي‌ آخر ما أفدت‌؛ فيردّها:

 أوّلاً: أنّ هذه‌ عدول‌ عن‌ الموضوعيّة‌ إلي‌ طريقيّة‌ الرؤية‌، بدعوي‌ حكومة‌ البيّنة‌ بوجود المرئيّ في‌ الاُفق‌، أي‌ أُفق‌ المكلّف‌، وإن‌ لم‌ يره‌ كما في‌ النظير.

 وثانياً: أنّ الارتكاز الذي‌ استفيد من‌ دليل‌ لزوم‌ الرؤية‌ إنّما هو علي‌ الطريقيّة‌ كما بيّنّا، وكونها موضوعاً إنّما كان‌ بدعوي‌ منك‌ فقطّ، فأخذها في‌ المدّعي‌ لاءثبات‌ الانصراف‌ بها مصادرة‌ بيّنة‌ في‌ منع‌ أخبار البيّنة‌.

 فلا مناص‌ عن‌ القول‌ بكفاية‌ ثبوت‌ الهلال‌ في‌ أُفق‌ ما، الذي‌ هو ملاك‌ وجود الشهر ودخوله‌ ببيّنة‌ أيّ أُفق‌ كان‌؛ حسب‌ تلك‌ الاءطلاقات‌ عند جماعة‌، بل‌ المعترف‌ بها عندك‌، لولا الشبهة‌ التي‌ ذكرتَ.

الرجوع الی الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

پاورقي


[86] ـ «كفاية‌ الاُصول‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ مع‌ حواشي‌ المشكينيّ، ج‌ 1، ص‌ 384.

[87] ـ لا ريب‌ في‌ أنّ الظلّ المخروطيّ الذي‌ هو الليل‌، يدور بدوران‌ الارض‌ دوراً كاملاً حولها في‌ كلّ أربع‌ وعشرين‌ ساعةً، وتطوي‌ بذلك‌ كلّ نقطة‌ جميع‌ الظلّ المخروطيّ. و كذلك‌ لا شبهة‌ في‌ أنّ الاختلاف‌ في‌ أوّل‌ الشهر بين‌ جميع‌ نقاط‌ الارض‌ علي‌ مبني‌ المشهور، يكون‌ ليلتين‌ يبلغ‌ مجموعهما أربعاً وعشرين‌ ساعةً.

 ولكن‌ إذا أردنا أن‌ نحسب‌ المدّة‌ من‌ بداية‌ الليل‌ في‌ نقطة‌ من‌ نقاط‌ الارض‌ إلي‌ انتهاء ذلك‌ الليل‌ في‌ جميع‌ نقاط‌ الارض‌، فهذه‌ المدّة‌ (أي‌ أربع‌ وعشرون‌ ساعةً) ستمرّ من‌ بداية‌ دخول‌ تلك‌ النقطة‌ في‌ ذلك‌ الليل‌ لغاية‌ دخول‌ جميع‌ نقاط‌ الارض‌ واحدةً بعد أُخري‌ فيه‌، ثمّ سيستغرق‌ مدّة‌ 12 ساعةً أُخري‌ لتطوي‌ النقطة‌ الاخيرة‌ ذلك‌ الليل‌ وتخرج‌ منه‌؛ فيبلغ‌ مجموع‌ الليل‌ 36 ساعةً. وكذلك‌ الامر بالنسبة‌ إلي‌ النهار م‌.

[88] ـ الآية‌4، من‌ السورة‌ 60: الممتحنة‌.

[89] ـ الآية‌ 20، من‌ السورة‌ 46: الاحقاف‌.

[90] ـ «ديوان‌ ابن‌ الفارض‌» ص‌ 72.

[91] ـ الآية‌ 36، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.

[92] ـ الآية‌89، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[93] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 7، ص‌ 202، أبواب‌ أحكام‌ شهر رمضان‌، الباب‌ 8، ح‌ 6.

[94] ـ الآيات‌ 83 إلي‌ 185، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[95] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 7، ص‌ 182 و 184 و 185، أبواب‌ أحكام‌ شهر رمضان‌، الباب‌ 3، ح‌ 2 و 11 و 16 و 13.

[96] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 7، ص‌ 217، أبواب‌ أحكام‌ شهر رمضان‌، الباب‌ 16، ح‌ 9.

[97] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 7، ص‌ 209 و 210، أبواب‌ أحكام‌ شهر رمضان‌، الباب‌ 11، ح‌ 10 إلي‌ 12.

الرجوع الی الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com