بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الروح المجرد/ القسم الخامس عشر: الخوارج هم المقصودن بالروافض في كلام محي‌الدين، أهل التوحید فی حال الفناء هی کلام الل...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الخوارج‌ هم‌ المقصودون‌ بالروافض‌ في‌ المكاشفة‌ المنقولة‌ عن‌ «المسامرات‌»

 وها قد حانت‌ النوبة‌ لاصل‌ مكاشفة‌ ذلك‌ الرجل‌ الرجبي‌ّ الذي‌ رأي‌ الرافضة‌ مرّة‌ واحدة‌ في‌ صورة‌ الكلاب‌، فتلك‌ المكاشفة‌ صحيحة‌ وليست‌ مخطئة‌، بَيدَ أنّ المراد من‌ الروافض‌ كان‌ الخوارج‌ لا طائفة‌ الإماميّة‌.

 ومن‌ المعلوم‌ أنّ الخوارج‌ يمتلكون‌ ـ كالكلب‌ صفة‌ السبُعيّة‌ والوحشيّة‌ فظهروا لذلك‌ الرجل‌ في‌ المكاشفة‌ المعنويّة‌ علي‌ هيئتهم‌ الحقيقيّة‌.

 ودليلنا علي‌ أنّ المراد بالروافض‌ في‌ هذه‌ العبارة‌ هم‌ الخوارج‌، ثلاثة‌ أُمور:

 الاوّل‌: أ نّه‌ يشاهد في‌ الكثير من‌ عبارات‌ العامّة‌ استخدامهم‌ عبارة‌ الروافض‌ في‌ خصوص‌ الخوارج‌، لا في‌ خصوص‌ الشيعة‌؛ وهي‌ حقيقة‌ مشهودة‌ لكلّ من‌ يمتلك‌ اطّلاعاً علي‌ كتبهم‌ في‌ التأريخ‌ والسير.

 الثاني‌: أنّ محيي‌ الدين‌ كان‌ من‌ أهل‌ المغرب‌، فقد كانت‌ ولادته‌ في‌ إشبيلية‌ والاندلس‌، أي‌ في‌ أسبانيا، وهناك‌ جماعة‌ من‌ الخوارج‌، بل‌ الكثير منهم‌ يتركّزون‌ في‌ الجزائر ومراكش‌ بواسطة‌ السفر والإقامة‌ هناك‌، وكذلك‌ علي‌ أثر دعوة‌ عِكْرَمَة‌ مولي‌ عبد الله‌ بن‌ عبّاس‌، الذي‌ كان‌ ينسب‌ عبد الله‌ ابن‌ عبّاس‌ وعبد الله‌ بن‌ مسعود إلي‌ الكذب‌ علي‌ رسول‌ الله‌، وكان‌ رجلاً كاذباً ومتباهياً يمتلك‌ ممارسة‌ واطّلاعاً وإلماماً كافياً في‌ التأريخ‌ والحديث‌ وكان‌ متضلّعاً في‌ التفسير كذلك‌، لكنّه‌ كان‌ من‌ الخصوم‌ الالدّاء لامير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وكانت‌ له‌ يد كبيرة‌ في‌ حرف‌ الناس‌ عن‌ مقام‌ الولاية‌ وفي‌ تبديل‌ الولاية‌ الحقّة‌ إلي‌ الشجرة‌ الملعونة‌، وكان‌ يسوق‌ ـ بتحريف‌ الروايات‌ والتحريف‌ في‌ تفسير الآيات‌ جمعاً كثيراً من‌ أهل‌ المغرب‌ إلي‌ عقيدة‌ الخوارج‌، بحيث‌ صار الخوارج‌ المتواجدون‌ اليوم‌ في‌ تلك‌ النواحي‌ يعدّون‌ من‌ الآثار المشؤومة‌ المنحوسة‌ والقبيحة‌ لتربية‌ عِكْرَمَة‌.[301]

 أمّا التشيّع‌ فلم‌ يكن‌ قد وضع‌ قدمه‌ أوّل‌ الامر في‌ تلك‌ النواحي‌، مضافاً إلي‌ ذلك‌ أنّ فتح‌ الاندلس‌ كان‌ علي‌ يد بني‌ أُميّة‌، وكان‌ الحفاظ‌ عليه‌ علي‌ يد آخر أُسرهم‌، كما استمرّ أعقاب‌ مروان‌ الحمار في‌ الحكم‌ هناك‌ أعواماً متمادية‌

 ولقد كان‌ أهل‌ المغرب‌ من‌ أتباع‌ المذهب‌ المالكي‌ّ وكان‌ الشيخ‌ محيي‌ الدين‌ مالكيّاً أيضاً، وولد وترعرع‌ في‌ عائلة‌ مالكيّة‌، لذا فإنّ التعبير عن‌ الخوارج‌ بلفظ‌ الروافض‌ في‌ تلك‌ البلاد غير الشيعيّة‌ أمرٌ قريب‌ من‌ الواقع‌، بل‌ إنّه‌ أمر متعيّن‌ من‌ هذه‌ القرائن‌.

 الرجوع الي الفهرس

المطالب‌ الواردة‌ في‌ «المحاضرات‌» والدالّة‌ علي‌ خلوص‌ محيي‌ الدين‌

 الثالث‌: أ نّنا لو غضضنا الطرف‌ عن‌ جميع‌ كتب‌ محيي‌ الدين‌، فإنّ في‌ نفس‌ كتاب‌ « المحاضرات‌ » الذي‌ نقل‌ عنه‌ المحدِّث‌ النوري‌ّ هذه‌ القصّة‌، الكثير من‌ الروايات‌ والحكايات‌ والشواهد التأريخيّة‌ للقدر الذي‌ يستحيل‌ به‌ معها احتمال‌ حمل‌ لفظ‌ الروافض‌ علي‌ الشيعة‌.

 أي‌ أنّ من‌ يطالع‌ « المسامرات‌ » يصل‌ إلي‌ هذا الموضع‌ فيدور في‌ خياله‌ تصوّر معني‌ الروافض‌ لطائفة‌ الشيعة‌ فإنّه‌ سيتسمّر في‌ مكانه‌ مذهولاً. فما الذي‌ يعني‌ هذا؟ لقد قال‌ بنفسه‌ قبل‌ عدّة‌ أوراق‌ فقط‌:

 وَلاَ كَرِيمَ أَكْرَمُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ؛ كُلُّهُمْ كَبِيرٌ لَيْسَ فِيهِمْ صَغِيرٌ.

 وقد ذكر محيي‌ الدين‌ نفسه‌ هذه‌ العبارة‌ ضمن‌ قصّة‌ بهذا النحو:

 خَلِيفَةُ عَدْلٍ، قَضَاءُ وَاجِبٍ حَقٍّ وَفَصْلٍ:

 كان‌ هناك‌ قبل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ نبيّ يقال‌ له‌ خالد بن‌ سنان[302]‌، جاءت‌ ابنته‌ إلي‌ رسول‌ الله‌ فانتسبت‌ له‌، فقال‌ لها: مَرْحَباً بِابْنَةِ نَبِي‌ٍّ أَضَاعَهُ قَوْمُهُ. ثمّ قام‌ نبيّنا ببيان‌ قصّة‌ ذلك‌ النبي‌ّ.

 وكان‌ من‌ عادة‌ رسول‌ الله‌ أن‌ يقول‌: إذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ.[303] وَلاَ كَرِيمَ أَكْرَمُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ؛ كُلُّهُمْ كَبِيرٌ لَيْسَ فِيهِمْ صَغِيرٌ.

 رُوي‌ لنا عن‌ عمران‌ قال‌: حدّثنا عيسي‌ عن‌ ضُمَرة‌ أ نّه‌ قال‌:

 قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ لِبَعْضِ وُلْدِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ: لاَ تَقِفْ عَلَي‌ بَابِي‌ سَاعَةً وَاحِدَةً إلاَّ سَاعَةً تَعْلَمُ أَ نِّي‌ فِيهَا جَالِسٌ فَيُؤْذَنُ لَكَ عَلَي‌َّ وَقْتٌ تَأْتِي‌ فَافْعَلْ، فَإنِّي‌ أَسْتَحِي‌ مِنَ اللَهِ أَنْ تَقِفَ عَلَي‌ بَابِي‌ فَلاَ يُؤْذَنُ لَكَ! [304]

 وسؤال‌ معاوية‌ ضراراً كي‌ يصف‌ له‌ عليّاً عليه‌ السلام‌، قال‌: أوَ تعفيني‌؟ قال‌: لا أُعفيك‌!

 قال‌: أَمَّا إذْ لاَبُدَّ، إنَّهُ وَاللَهِ كَانَ بَعِيدَ المَدَي‌، شَدِيدَ القُوَي‌... ثمّ يسرد قدر صفحة‌ من‌ حالات‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ ويقول‌ في‌ آخرها: آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَبُعْدِ السَّفَرِ وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ. فذرفت‌ دموع‌ معاوية‌، فما ملكها وهو ينشّـفها بكمّه‌، وقد اختنق‌ القـوم‌ بالبكاءِ ـ إلي‌ آخـر القصّـة‌ التي‌ يذكرها. [305]

وبيانه‌ الانتقاد لمعاوية‌ علي‌ لسان‌ الواردين‌ عليه‌، فيروي‌ مثلاً بسنده‌ عن‌ أبي‌ بكرة‌ أ نّه‌ ورد عليه‌ فقال‌ له‌:

 اتَّقِ اللَهَ يَا مُعَاوِيَةُ! وَاعْلَمْ! أَ نَّكَ فِي‌ كُلِّ يَوْمٍ يَخْرُجُ عَنْكَ وَفِي‌ كُلِّ لَيْلَةٍ تَأْتِي‌ عَلَیكَ، لاَ تَزْدَادُ مِنَ الدُّنْيَا إلاَّ بُعْداً وَمِنَ الآخِرَةِ إلاَّ قُرْباً، وَإنَّ عَلَي‌ أَثَرِكَ طَالِباً لاَ تَفُوتُهُ، وَقَدْ نَصَبَ لَكَ عَلَماً لاَ تَجُوزُهُ. فَمَا أَسْرَعَ مَا تَبْلُغُ وَمَا أَوْشَكَ أَنْ يَلْحَقَكَ الطَّالِبُ! وَأَنَا وَمَنْ نَحْنُ فِيهِ وَأَنْتَ زَائِلٌ؛ وَالَّذِي‌ نَحْنُ إلَيْهِ صَائِرُونَ بَاقٍ. إنْ خَيْراً فَخَيْرٌ وَإنْ شَرَّاً فَشَرٌّ![306]

 الرجوع الي الفهرس

محيي‌ الدين‌ يروي‌ في‌ «المحاضرات‌» عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌

 كما يروي‌ محيي‌ الدين‌ في‌ « المحاضرات‌ » عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ فيقول‌ تحت‌ عنوان‌:

 مَنْ عَمِلَ عَلَي‌ قَوْلِهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: كُلُّ أَمْرٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَهِ فَهُوَ أَجْذَمُ:

 روينا من‌ حديث‌ الدينوري‌ّ أ نّه‌ قال‌: أخبرنا محمّد بن‌ موسي‌ عن‌ أبيه‌ أ نّه‌ قال‌: سَمِعْتُ الاَصْمَعِي‌َّ يَقُولُ: قال‌ حميد الطويل‌: ما صحبت‌ ثابت‌ البناني‌ّ في‌ حاجة‌ إلاّ وابتدأ بقول‌: سُبْحَانَ اللَهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَاللَهُ أَكْبَرُ، ثمّ يذكر حاجته‌.

 وروينا من‌ حديثه‌ أيضاً، عن‌ يزيد بن‌ إسماعيل‌، عن‌ قبيصة‌، عن‌ سفيان‌ الثوري‌ّ:

 إنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ لَهُ:إذَا جَاءَكَ مَا تُحِبُّ فَأَكْثِرْ مِنَ الحَمْدِ لِلَّهِ، وَإذَا جَاءَكَ مَا تَكْرَهُ فَأَكْثِرْ مِنْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ، وَإذَا اسْتَبْطَأْتَ الرِّزْقَ فَأَكْثِرْ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ!

 قَالَ سُفْيَانُ: فَانْتَفَعْتُ بِهَذِهِ المَوَاعِظِ.

 وأما مُسلم‌ بن‌ الحجّاج‌ فقد أورد في‌ صحيحه‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ كَاَنَ يَقُولُ فِي‌ السَّرَّاءِ: الحَمْدُ لِلَّهِ المُنْعِمِ المُتَفَضِّلِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي‌ الضَّرَّاءِ: الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَي‌ كُلِّ حَالٍ. [307]

 وبصورة‌ عامّة‌ فإنّ علينا الابتعاد عن‌ التعصّب‌ في‌ غير محلّه‌ في‌ القول‌ والعمل‌؛ فقد عبّر القرآن‌ عنه‌ بـ « الحميّة‌ الجاهليّة‌ »[308]. وكما أنّ الشيعة‌ يبرمون‌ ويسأمون‌ من‌ تهم‌ العامّة‌ وبهتانهم‌ لهم‌ الذي‌ يفتعلونه‌ بلا دليل‌، فإنّ السنّة‌ يبرمون‌ ـ بدورهم‌ ويسأمون‌ من‌ افتعال‌ الخصومة‌ ومن‌ إلصاق‌ التهم‌ المستهجنة‌ بهم‌.

 إنّ الشيعة‌ سيقتربون‌ من‌ نهج‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ومدرسته‌ بالقدر الذي‌ يبتعدون‌ فيه‌ عن‌ العصبيّة‌ الجاهليّة‌، فذلك‌ النهج‌ هو نهج‌ الحقّ وبعيدٌ عن‌ الإفراط‌ والتفريط‌ كليهما. فإن‌ قبلنا لا سمح‌ الله‌ أن‌ نكيل‌ التهم‌ والشتم‌ لهم‌ بقدر معيّن‌ من‌ أجل‌ إثبات‌ حقّانيّة‌ نهجنا ومذهبنا، فإنّنا سنكون‌ قد صرنا من‌ السنّة‌ بنفس‌ ذلك‌ القدر؛ ولو أ نّهم‌ كفّوا عن‌ بُهتانهم‌ لنا فصرّحوا بعين‌ الحقّ وأثبتوه‌ في‌ كتبهم‌ بقدر معيّن‌، لصاروا من‌ الشيعة‌ بنفس‌ ذلك‌ القدر أيضاً.

 ولو شئنا ـ من‌ أجل‌ صاحب‌ الولاية‌ ـ أن‌ نفتري‌ شيئاً ونُلصقه‌ بهم‌، فإنّ صاحب‌ الولاية‌ بنفسه‌ سيستوقفنا في‌ أوّل‌ مواقف‌ عرصة‌ القيامة‌ فيؤاخذنا؛ ناهيك‌ عن‌ ذلك‌ الشخص‌ الذي‌ نسبنا إليه‌ تلك‌ الفرية‌.

 نعم‌، لقد طال‌ بنا الكلام‌ حول‌ هويّة‌ محيي‌ الدين‌ وشخصيّته‌، لكنّها كانت‌ إطالة‌ ممتدحة‌ ومقبولة‌؛ وذلك‌ لانّ هذا الرجل‌ صاحب‌ الفضيلة‌ قد ظُلمِ فيما بيننا، وستصبح‌ هذه‌ المطالب‌ مفاتح‌ لما استغلق‌ علي‌ المطالعين‌ الكرام‌ الاجلاّء وخاصّة‌ الطلبة‌ ذوي‌ العزّة‌ والاحترام‌، أرجو أن‌ ينظروا إليها بعين‌ الرضا والإكرام‌ وأن‌ لا ينتقدوا الحقير في‌ شأنها:

 وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ وَلَكِنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي‌ المَسَاوِيَا

 الرجوع الي الفهرس

تفسير سماحة‌ الحدّاد لعبارة‌ محيي‌ الدين‌: «وَلِكُلِّ عَصْرٍ وَاحِدٌ يَسْمُو بِهِ»

أقوال‌ أهل‌ التوحيد في‌ حال‌ الفَناء هي‌ كلام‌ الله‌

 لقد تكرّر الحديث‌ عن‌ محيي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ كثيراً في‌ السفر الذي‌ لازمت‌ فيه‌ محضر الحاجّ السيّد هاشم‌ الحدّاد أعلي‌ الله‌ درجته‌، وقد توسّع‌ الحقير لهذا السبب‌ في‌ الكلام‌ هنا عن‌ شخصيّة‌ محيي‌ الدين‌. وصادف‌ يوماً أن‌ عاد أحد الزوّار الهمدانيّين‌ وهو المغفور له‌ المرحوم‌ الحاجّ غلام‌ حسين‌ السبزواري‌ّ ـ وكان‌ من‌ مريدي‌ السيّد الحدّاد ومن‌ أسبق‌ تلامذة‌ المرحوم‌ آية‌ الله‌ الانصاري‌ّ من‌ زيارة‌ الحرم‌ المطهّر، فجلس‌ وقال‌: لقد عدتُ من‌ زيارة‌ أبي‌ الفضل‌ عليه‌ السلام‌ فخطر ببالي‌ في‌ شارع‌ العبّاسيّة‌ البيت‌ الذي‌ كُتب‌ علي‌ باب‌ مدخل‌ سرداب‌ قبر محيي‌ الدين‌، وهو من‌ أبيات‌ محيي‌ الدين‌ نفسه‌:

 وَلِكُلِّ عَصْرٍ واحِدٌ يَسْمُو بِهِ وَأَنَا لِبَاقِي‌ العَصْرِ ذَاكَ الوَاحِدُ

 وكان‌ يقول‌: لقد قرأتُ هذا البيت‌ هناك‌، فما أعظمه‌ من‌ ادّعاء ادّعاه‌ محيي‌ الدين‌!

 قال‌ سماحة‌ السيّد: لا عجب‌ في‌ الامر مطلقاً، فقوله‌ هذا قول‌ عادي‌ّ ومعهود ولا اختصاص‌ له‌ بمحيي‌ الدين‌ وحده‌؛ بل‌ إنّ كلّ من‌ وصل‌ إلي‌ عرفان‌ الله‌ وفَنِي‌ فيه‌ صارت‌ هذه‌ نغمته‌. ذلك‌ لا نّه‌ لا وجود لمحيي‌ الدين‌ في‌ عالم‌ الفناء بل‌ الله‌ هو الذي‌ يتكلّم‌، وجليّ أنّ الله‌ سـبحانه‌ لا اختصاص‌ له‌ بزمن‌ دون‌ زمن‌، فقد كان‌ موجوداً دوماً وسيبقي‌ دوماً انتهي‌ كلامه‌.

 ونظير هذا المعني‌، معني‌ بيت‌ ابن‌ الفارض‌ وهو آخر بيت‌ من‌ تائيّته‌ الكبري‌، لكنّ محيي‌ الدين‌ يعد نفسه‌ الفارس‌ الاوحد في‌ ميدان‌ التوحيد لجميع‌ العصور اللاحقة‌، في‌ حين‌ أنّ تلميذه‌ ابن‌ الفارض‌ يعد نفسه‌ كذلك‌ لجميع‌ العصور السابقة‌؛ فيقول‌:

 وَمِنْ فَضْلِ مَا أَسْأَرْتُ شُرْبُ مُعَاصِرِي‌             وَمَنْ كَـانَ قَبْلِـي‌ فَالفَضَـائِلُ فَضْـلَتِي[309]

 وأقول‌: ويحمل‌ علي‌ هذا الاساس‌ كلام‌ الكثيرين‌ الذين‌ صدرت‌ منهم‌ وعبارات‌ كمثل‌ أَنَا الحَقُّ، أو لَيْسَ فِي‌ جُبَّتِي‌ سِوَي‌ اللَهِ، أو ما جاء في‌ خطبة‌ البيان‌ و التُّتُنْجِيَّة‌ عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌؛ علي‌ افتراض‌ صحّة‌ الخطبة‌ وصحّة‌ أسانيدها وإسنادها إلي‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، ومع‌ أنّ التفوّه‌ بهذا الكلام‌ يمثّل‌ قول‌ الحقّ، ولكن‌ لم‌ يُعهد من‌ الذين‌ رقوا إلي‌ الكمال‌ تعبيرات‌ كهذه‌ تُدعي‌ بالشطحات‌ والطامّات‌.

 ولقد كان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ العارف‌ الاكبر، لكنّه‌ لم‌ يتفوّه‌ بمثل‌ هذه‌ التعبيرات‌، وإلاّ لقال‌ عبارة‌ قُلْ أَنَا اللَهُ أَحَدٌ بدلاً من‌ قول‌ قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ.

 كما كان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ تلميذه‌ الاوّل‌ في‌ نهجه‌ ومدرسته‌، فلا يصحّ أن‌ يتفوّه‌ بكذا وكذا في‌ خطبة‌ عامّة‌ أمام‌ الناس‌؛ ومن‌ هنا فإنّ سند هذا النحو من‌ الروايات‌ مخدوش‌ ومرفوض‌ لهذا الدليل‌.

 أجل‌، لا إشكال‌ في‌ هذا النحو من‌ التعبيرات‌ في‌ المجالس‌ الخاصّة‌ مع‌ بعض‌ الاحبّة‌ والاعزّة‌ من‌ الاولاد أو الاصحاب‌ لتعريف‌ ذات‌ الحقّ ووصول‌ عبد الله‌ إلي‌ مقام‌ الفناء في‌ الله‌؛ بالرغم‌ من‌ أنّ أسانيد الخطبة‌ يجب‌ أن‌ تصحّ وإسنادها يجب‌ أن‌ يثبت‌، لانّ مجرّد الإمكان‌ لا يصحّ دليلاً علي‌ الوقوع‌ والتحقّق‌. كما أنّ المطالب‌ التي‌ وردت‌ بهذا الشأن‌ عن‌ بايزيد البسطامي‌ّ ومنصور الحلاّج‌ دليل‌ علي‌ عدم‌ كمالهما.

 إنّ أعلي‌ ثمرات‌ الاُستاذ هي‌ أن‌ لا يدع‌ تلميذه‌ متهوّراً مطلق‌ العنان‌، كما أنّ من‌ المحال‌ أن‌ تبدر من‌ التلميذ مثل‌ هذه‌ الكلمات‌ مع‌ تحقّق‌ المعاني‌ العرفانيّة‌ السامية‌ فيه‌. ولم‌ يكن‌ الحسين‌ بن‌ منصور الحلاّج‌ يمتلك‌ أُستاذاً، وكان‌ ذلك‌ باعثاً علي‌ تعرّضه‌ للاخطار. وكان‌ بابا طاهر العريان‌ يقول‌ بنظير هذا المعني‌:

 به‌ هر ألْفي‌ ألِفْ قَدّي‌ بر آيُو                   ألِف‌ قَدُّم‌ كه‌ در ألْف‌ آمَدُسْتُمْ [310]

 كما يقول‌ سعدي‌ الشيرازي‌ّ، ليس‌ عن‌ طريق‌ التوحيد والعرفان‌ بل‌ من‌ جهة‌ ادِّعاء الرفعة‌ في‌ الادب‌ والبلاغة‌:

 هر كس‌ به‌ زمانِ خويشتن‌ بود                           من‌ سعدي‌ آخر الزمانم‌ [311]

 الرجوع الي الفهرس

كان‌ ذنب‌ الحسين‌ بن‌ منصور الحلاّج‌ وجُرمه‌ كشف‌ الاسرار

 وكان‌ سماحة‌ الحاجّ السيّد هاشم‌ يرفض‌ طريقة‌ الحلاّج‌ ويقول‌: إنّ هناك‌ مطالب‌ فيما نقل‌ عنه‌ تدلّ علي‌ نقصانه‌؛ ولم‌ يرد من‌ صدر الإسلام‌ إلي‌ الآن‌ شخص‌ له‌ جامعيّة‌ وشمول‌ المرحوم‌ السيّد (القاضي‌)، ولم‌ يعهد عنه‌ أبداً أو عن‌ أحد من‌ تلاميذه‌ مثل‌ هذه‌ الاُمور.

 ولقد قال‌ المرحوم‌ السيّد (القاضي‌) لي‌ يوماً: أيّها السيّد هاشم‌! لا تُفش‌ السرَّ فتُبتلي‌! سيأتي‌ يوم‌ يقصدونك‌ فيه‌ من‌ الاطراف‌ والاكناف‌ فيقبّلونَ عتبة‌ بابك‌. وكان‌ يقول‌: لقد قمتُ خلال‌ عمري‌ كلّه‌ بإفشاء سرّ ما لمرة‌ واحدة‌ فقط‌، وكان‌ ذلك‌ في‌ الحقيقة‌ نابعاً من‌ الحياء، ولا أزال‌ حتّي‌ الآن‌ أعاني‌ من‌ ذلك‌ بعد مرور عشرات‌ السنين‌.

 إنّ أساس‌ مطالب‌ منصور الحلاّج‌ هي‌ نفس‌ مطالب‌ سائر العرفاء، وليس‌ لديه‌ شي‌ء آخر دونهم‌، لكنّه‌ كان‌ مفشياً للاسرار الإلهيّة‌، فأوقع‌ جمعاً من‌ الناس‌ في‌ الفتنة‌ والفساد، فرُقي‌ برأسه‌ إلي‌ المِشنقة‌.

 وكان‌ (السيّد الحدّاد) يقول‌: لقد نقل‌ العطّار مطالب‌ عن‌ الحلاّج‌ لو رآها أي‌ّ عارف‌ أو سمعها فلن‌ يمتدح‌ أُسلوبه‌ ونهجه‌ فيها، فهو يقول‌ في‌ جملتها: أنكر أغلب‌ المشايخ‌ الكبار طريقته‌ وقالوا: لا قدمَ له‌ في‌ التصوّف‌؛ عدا عبد الله‌ الخفيف‌ والشبلي‌ّ وأبو القاسم‌ القُشَيري‌ّ وجملة‌ المتأخّرين‌ الذين‌ قبلوه‌ إلاّ ما شاء الله‌ منهم‌. وكان‌ لابي‌ سـعيد أبي‌ الخير قدّس‌ الله‌ روحه‌ العزيزة‌، والشيخ‌ أبي‌ القاسم‌ الجرجاني‌ّ، والشيخ‌ أبي‌ علي‌ الفارمدي‌ّ، والإمام‌ يوسف‌ الهمداني‌ّ رحمة‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌؛ سيرٌ في‌ طريقته‌ ونهجه‌، إلاّ أنّ البعض‌ توقّف‌ في‌ أمره‌ وطريقته‌.

 ويقول‌ من‌ جملتها: وقال‌ الشبلي‌ّ: أنا والحلاّج‌ شي‌ء واحد، لكنّهم‌ نسبوني‌ إلي‌ الجنون‌ فنجوتُ، ونسبوا الحسين‌ (الحلاّج‌) إلي‌ العقل‌ فهلك‌.[312]

 ويقول‌ من‌ جملتها: وكان‌ دوماً مشغولاً في‌ الرياضة‌ والعبادة‌، وفي‌ بيان‌ المعرفة‌ والتوحيد، وكان‌ في‌ زيّ أهل‌ الصلاح‌، وفي‌ الشرع‌ والسنّة‌ حين‌ ظهر منه‌ هذا القول‌. لكنّ بعض‌ المشايخ‌ هجروه‌ وقاطعوه‌، لا من‌ جهة‌ المذهب‌ والدين‌، بل‌ لامتعاض‌ الشيوخ‌ من‌ غطرسته‌ وغروره‌.

 فقد جاء أوّلاً إلي‌ تُسْتَر، فكان‌ في‌ صحبة‌ الشيخ‌ سهل‌ بن‌ عبد الله‌ لمدّة‌ سنتين‌، ثمّ سافر إلي‌ بغداد، وكان‌ عمره‌ في‌ أوّل‌ أسفاره‌ ثمانية‌ عشر عاماً. ثمّ ذهب‌ إلي‌ البصرة‌ والتحق‌ بعمرو بن‌ عثمان‌ وصحبه‌ ثمانية‌ عشر شهراً، وزوّجه‌ يعقوب‌ الاقطع‌ ابنته‌. ثمّ تأذّي‌ منه‌ عمرو بن‌ عثمان‌ فجاء من‌ هناك‌ إلي‌ بغداد عند الجنيد، فدعاه‌ الجنيد إلي‌ السكوت‌ والعُزلة‌، فصبر معه‌ مدّة‌، ثمّ قصد الحجاز وقضي‌ هناك‌ سنة‌. ثمّ عاد إلي‌ بغداد وقصد الجُنيد مع‌ عدّة‌ من‌ الصوفيّين‌ وسأله‌ عن‌ عدّة‌ مسائل‌، فلم‌ يجبه‌ الجنيد، وقال‌ له‌: سرعان‌ ما ستخضّب‌ قمّة‌ خشبة‌ الإعدام‌!

 فقال‌: سترتدي‌ لباس‌ أهل‌ الهيئة‌ في‌ ذلك‌ اليوم‌ الذي‌ سأخضّب‌ فيه‌ قمّة‌ خشبة‌ الإعدام‌!

 وهكذا كان‌، فارتدي‌ الجنيد لباس‌ التصوّف‌ في‌ اليوم‌ الذي‌ أصدر فيه‌ الائمّة‌ الفتوي‌ بوجوب‌ قتل‌ الحلاّج‌ فلم‌ يكتب‌ شيئاً. فقال‌ الخليفة‌: لابدّ من‌ خطّ الجنيد! فلبس‌ الجنيد الشال‌ والدرّاعة‌ وذهب‌ إلي‌ المدرسة‌ وكتب‌ في‌ جواب‌ الفتوي‌: نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِر. أي‌ أ نّه‌ ينبغي‌ قتله‌ حسب‌ ظاهر الحال‌، وأنّ الفتوي‌ علي‌ الظاهر، أمّا الباطن‌ فالله‌ أعلم‌ به‌.

 ولمّا لم‌ يجد الحسين‌ (الحلاّج‌) جواب‌ المسائل‌ عند الجنيد تغيّر وذهب‌ إلي‌ تُسْتَر بلا استئذان‌ وبقي‌ هناك‌ سنة‌ فنال‌ هناك‌ قبولاً عظيماً، لكنّه‌ لم‌ يلقِ بالاً ولا احتراماً إلي‌ كلام‌ أهل‌ زمانه‌ حتّي‌ أصبحوا يحسدونه‌، وكتب‌ عمرو بن‌ عثمان‌ في‌ شأنه‌ رسائل‌ إلي‌ خوزستان‌ فقبّح‌ أحواله‌ وشأنه‌ في‌ أعين‌ أهلها.[313]

 ويقول‌ في‌ جملتها: وبقي‌ سنتين‌ مجاوراً للحرم‌، وحين‌ عاد تغيّرت‌ أحواله‌ وتبدّل‌ حاله‌ إلي‌ لون‌ آخر، فصار يعدّ الخلق‌ معني‌ لا يقف‌ عليه‌ أحد، حتّي‌ نُقل‌ أ نّه‌ طُرِدَ من‌ خمسين‌ مدينة‌.[314]

 ويقول‌ في‌ جملتها: ونُقل‌ أ نّه‌ حين‌ تبرّأ الحسين‌ بن‌ منصور الحلاّج‌ في‌ غلبة‌ الحال‌، من‌ عمرو بن‌ عثمان‌ المكّي‌ّ، جاء إلي‌ الجُنيد، فقال‌ له‌ الجُنيد:

 بماذا جئت‌؟ لا تكرّر ما فعلته‌ مع‌ سهل‌ التستري‌ّ وعمرو بن‌ عثمان‌ المكّي‌ّ.

 فقال‌ الحسين‌: إنّ الصحو والسكر صفتان‌ للعبد، فهو محجوب‌ عن‌ ربّه‌ دوماً حتّي‌ تفني‌ صفاته‌.

 قال‌ الجُنيد: يابن‌ منصور! أخطأتَ في‌ الصحو والسكر. فلا خلاف‌ في‌ أنّ الصحو عبارة‌ عن‌ صلاح‌ الحال‌ مع‌ الحقّ، وهذا لا يندرج‌ تحت‌ صفة‌ واكتساب‌ الخلق‌؛ وإنّي‌ لاري‌ ـ يا بن‌ منصور في‌ كلامك‌ فضولاً زائداً وعبارات‌ بلا معني‌! [315]

 ولقد قال‌ سماحة‌ السيّد: إنّ الجنيد من‌ أساتذة‌ العرفان‌، لذا فحين‌ قام‌ بتخطئة‌ الحسين‌ (الحلاّج‌) اتّضح‌ أنّ هناك‌ خللاً في‌ عمل‌ الحلاّج‌.

 الرجوع الي الفهرس

الجنيد يقول‌: شيخنا في‌ الاُصول‌ والفروع‌ وتحمّل‌ البلوي‌ علي‌ّ المرتضي‌

 يقول‌ الجُنيد: إن‌ شيخنا في‌ الاُصول‌ والفروع‌ وتحمّل‌ البلوي‌، عَلِي‌ُّ المُرْتَضَي‌ رضي‌ الله‌ عنه‌؛ فقد حكوا عن‌ المرتضي‌ في‌ مباشرته‌ الحروب‌ أشياء لا طاقة‌ لاحد علي‌ سماعها، لذا فقد أكرمه‌ الله‌ تعالي‌ بالعلم‌ والحكمة‌.

 وقال‌: لو لم‌ يتكرّم‌ المرتضي‌ فيفوّه‌ بهذا الكلام‌، فما كان‌ سيعمل‌ أصحاب‌ الطريقة‌؟!

 وذلك‌ الكلام‌ هو: سئل‌ المرتضي‌: بم‌ عرفت‌ ربّك‌؟

 فقال‌: بما عرّفني‌ نفسه‌. ] قيل‌: وكيف‌ عرّفك‌ نفسه‌؟ فقال‌: [

 لا تشبهه‌ صورة‌، ولا يحسّ بالحواسّ، ولا يقاس‌ بالناس‌، قريب‌ في‌ بُعده‌، بَعيد في‌ قُربه‌، فوق‌ كلِّ شي‌ء ولا يقال‌ شي‌ء فوقه‌ ] أمام‌ كلِّ شي‌ءٍ ولا يقال‌ له‌ أمام‌ [، داخل‌ في‌ الاشياء لا كشي‌ء في‌ شي‌ء داخل‌، وخارج‌ من‌ الاشياء لا كشي‌ء من‌ شي‌ء خارج‌، سبحان‌ من‌ هو هكذا ولا هكذا غيره‌.[316]

 ولو شاء أحد شرح‌ هذا الكلام‌ وبيانه‌ لصار مجلّداً. فَهِمَ مَن‌ فَهِم‌.[317]

 نعم‌، لكأنّ الجميع‌ يتّفقون‌ علي‌ أنّ جرم‌ الحسين‌ بن‌ منصور الحلاّج‌ كان‌ كشف‌ الاسرار الإلهيّة‌، وهو جرم‌ عظيم‌، وكما يقول‌ حافظ‌:

 گفت‌: آن‌ يار كزو گشت‌ سرِ دار بلند                    جرمش‌ آن‌ بود كه‌ أسرار هويدا ميكرد[318]

 الرجوع الي الفهرس

الشطحات‌ كلمات‌ تبدر من‌ السالك‌ المجذوب‌ فيها رائحة‌ رعونة‌

 وقد فسّر الملاّ صالح‌ الموسوي‌ّ الخلخالي‌ في‌ مقدِّمة‌ كتاب‌ « شرح‌ مناقب‌ محيي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ » الشطحات‌ بهذه‌ الكيفيّة‌: أنّ كلاّ من‌ محقّقي‌ الطريقة‌ قد فسّر كلمة‌ الشطح‌ وبيّنها.

 فالمحقّق‌ الجُرجاني‌ّ يقول‌: الشَّطْحُ [319] عِبَارَةٌ عَنْ كَلِمَةٍ عَلَیهَا رَائِحَةٍ رُعُونَةٍ[320] وَدَعْوَيً، وَهُوَ مِنْ زَلاَّتِ المُحَقِّقِينَ؛ فَإنَّهُ دَعْوَيً بِحَقٍّ يُفْصِحُ بِهَا العَارِفُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ إلَهيٍّ، بِطَرِيقٍ يُشْعِرُ بِالنَّبَاهَةِ. [321]

 والشيخ‌ محيي‌ الدين‌ نفسه‌ يقول‌: الشَّطْحُ عِبارَةٌ عَنْ كَلِمَةٍ عَلَیهَا رَائِحَةُ رُعُونَةٍ وَدَعْوَيً؛ وَهَي‌َ نَادِرَةٌ أَنْ تُوجَدَ مِنَ المُحَقِّقِينَ.

 ويُقال‌ في‌ اصطلاح‌ متأخّري‌ هذه‌ الجماعة‌ أنّ الشطحات‌ هي‌ كلمات‌ تصدر من‌ السالك‌ المجذوب‌ حال‌ استغراقه‌ في‌ السُّكر والوجد وغلبة‌ الشوق‌ لا طاقة‌ للا´خرين‌ علي‌ سماعها؛ كما أ نّه‌ نفسه‌ لو صحا من‌ حالة‌ المحو هذه‌ فإنّه‌ سيُظهِر كراهته‌ وإنكاره‌ لمثل‌ هذه‌ الاقوال‌ المستهجنة‌.

 وقد نظم‌ جلال‌ الدين‌ محمّد الرومي‌ّ في‌ كتاب‌ « المثنوي‌ّ » أبياتاً فيها شمّة‌ من‌ تمثيل‌ هذه‌ الحال‌ في‌ شرح‌ حال‌ طيفور بن‌ عيسي‌ بن‌ آدم‌ المعروف‌ بأبي‌ يزيد البسطامي‌ّ الذي‌ كان‌ من‌ فرائد عصره‌، فيقول‌ في‌ تغيّر حالاته‌:

 با مريدان‌ آن‌ فقير محتشم            ‌ بايزيد آمد كه‌ يزدان‌ نك‌ منم‌

 چون‌ گذشت‌ آن‌ حال‌ گفتندش‌ صباح            ‌ تو چنين‌ گفتي‌ و اين‌ نبود صلاح‌[322]

 فيظهر ـ بدوره‌ ندمه‌ واستغفاره‌ من‌ ذلك‌ النحو من‌ التصرّف‌، فيقول‌: حقّ منزه‌ از تن‌ و من‌ با تنم‌ چون‌ چنين‌ گويم‌ ببايد كشتنم‌ [323]

 ثمّ انتابه‌ مجدّداً تغيّر الحالات‌ الثانويّة‌، فيقول‌:

 مست‌ گشت‌ او باز از آن‌ سغراق‌ رفت‌                  آن‌ وصيّتهاش‌ از خاطر برفت‌

 عشق‌ آمد عقل‌ او آواره‌ شد                  صبح‌ آمد شمع‌ او بيچاره‌ شد

 چون‌ هماي‌ بيخودي‌ پرواز كرد    آن‌ سخن‌ را بايزيد آغار كرد

 عقل‌ را سيل‌ تحيّر در ربود                     زان‌ قوي‌تر گفت‌ كاوّل‌ گفته‌ بود[324]

 ويُقال‌: إنّ صدور مثل‌ هذا الكلام‌ باعتباره‌ غير ناشي‌ عن‌ عقيدة‌ راسخة‌ بل‌ عن‌ التغيّر في‌ الحالات‌ الذي‌ لا يد للسالك‌ فيه‌، فإنّه‌ لا يستوجب‌ قدحاً أو طعناً؛ وذلك‌ لانّ مثل‌ هذه‌ الواردات‌ من‌ عوارض‌ الحالات‌ التي‌ تخرج‌ عن‌ حدود وقيد الإرادة‌ وحكم‌ الاختيار. نعم‌، عند استمرار تلك‌ الحال‌ الذي‌ يُنبي‌ عن‌ عقيدة‌ راسخة‌ فإنّه‌ سيوجب‌ الكفر واستحقاق‌ القتل‌؛ نَعُوذُ بِاللَهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَنَسْتَجِيرُ إلَيْهِ.

 إجمالاً، فعلي‌ الرغم‌ من‌ عدم‌ وجود أمثال‌ هذه‌ الشطحات‌ في‌ كلمات‌ محيي‌ الدين‌، لكنّ هناك‌ كلمات‌ كثيرة‌ أُخري‌ مخالفة‌ لظواهر الشريعة‌، وهي‌ بأجمعها تدعي‌ بالشطحات‌؛ كما يقول‌ القاضي‌ شمس‌ الدين‌ بن‌ خلّكان‌ في‌ خاتمة‌ ترجمته‌: وَلَوْلاَ شَطَحِيَّاتٌ فِي‌ كَلاَمِهِ لَكَانَ كُلُّهُ إجْمَاعاً.

 وقد نقل‌ القاضي‌ التستري‌ّ تفصيل‌ هذه‌ الشطحات‌ وشرح‌ هذه‌ الكلمات‌ بشكل‌ مختصر، وقام‌ بتأويل‌ كلّ منها علي‌ سبيل‌ الإجمال‌ بما يناسب‌ المقام‌.[325]

 الرجوع الي الفهرس

 

القسم‌ السابع‌:

 السفر الخامس‌ للحقير إلي‌ العتبات‌ المقدّسة‌ سنة‌ 1389 هجريّة‌ قمريّة

 

مَنّ الباري‌ تعالي‌ عَلَيّ بالتشرّف‌ بزيارة‌ الإمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ العشر الاوائل‌ من‌ محرّم‌ الحرام‌ حتّي‌ يوم‌ الاربعين‌، وبزيارة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ السابع‌ عشر من‌ ربيع‌ الاوّل‌، حيث‌ دام‌ هذا السفر ثمانين‌ يوماً.

 ولقد كنت‌ أرسل‌ للسيّد الكثير من‌ الرسائل‌، لكنّه‌ ـ مع‌ ذلك‌ كان‌ يؤكّد باستمرار أنِ ابعَثْ الرسائل‌ ولا تقطعها بالرغم‌ من‌ أنّ وضعي‌ وحالي‌ لا يسمحان‌ لي‌ بالإجابة‌، ومن‌ ثمّ فلا تنتظر منّي‌ جواباً.

 الرجوع الي الفهرس

بعضٌ من‌ رسائل‌ الحاجّ السيّد هاشم‌ للحقير بخطّ يده‌

 وكانت‌ رسائله‌ الجوابيّة‌ غالباً بإملائه‌ وخطّ يد بعض‌ الرفقاء، وكان‌ يندر أن‌ يقوم‌ بكتابتها بخطّ يده‌ أو أن‌ يرسل‌ بنفسه‌ رسالة‌ مستقلّة‌، ولربّما لم‌ يزد عدد الرسائل‌ التي‌ أرسلها لي‌ طيلة‌ السنين‌ الثمان‌ والعشرين‌ من‌ محبّة‌ وإخلاص‌ الحقير حتّي‌ رحيله‌ علي‌ عشرين‌ رسالة‌، ومع‌ ذلك‌ فهي‌ محفوظة‌ بأجمعها، كما أنّ جميع‌ الرسائل‌ والردود التي‌ كانت‌ بخطّ يد الرفقاء محفوظة‌ هي‌ الاُخري‌. علي‌ أنّ رسائله‌ كانت‌ موجزة‌ ومختصرة‌ جدّاً، ونورد هنا بعض‌ الرسائل‌ التي‌ تفضّل‌ بإرسالها قبل‌ هذا السفر:

 1 ـ                                                                                     بسمه‌ تعالي‌

 إلی جَنَابِ سَيِّدِي‌ المُحْتَرَم‌ السَّيِّد مُحَمَّد حُسَيْن‌ العَالِمِ الرَّبَّانِي‌ِّ، أَسْأَلُ اللَهَ أَنْ يَزِيدَ فِي‌ دَرَجَاتِكَ. السَّلاَمُ عَلَیكَ وَعَلَي‌ أَهْلِ بَيْتِكَ جَمِيعاً وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ ثُمَّ عَلَي‌ جَمِيعِ الرُّفَقَاءِ فَرْداً فَرْداً.

 من‌ به‌ هر جمعيّتي‌ نالان‌ شدم‌              جفت‌ بد حالان‌ و خوش‌ حالان‌ شدم‌

 هر كسي‌ از ظنّ خود شد يار من‌           وز درون‌ من‌ نجست‌ أسرار من‌ [326]

 إِنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ. مَا شَاءَ اللَهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. العِزَّةُ لِلَّهِ جَمِيعاً. قُلِ اللَهَ ثُمَّ ذَرْهُمْ. فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ.

 أخيك‌ المخلص‌ سيّد هاشم‌[327]

 2 ـ                                                                                 بسمه‌ تعالي‌

 إلي‌ جناب‌ أخي‌ وروحي‌ ومولاي‌، السيّد محمّد حسـين‌ سـلام‌ الله‌ عليك‌!

 خَيَالُكَ فِي‌ عَيْنِي‌ وَاسْمُكَ فِي‌ فَمِي‌ وَذِكْرُكَ فِي‌ قَلْبِي‌ فَأَيْنَ تَغِيبُ

 نوشته‌ بوديد كه‌: دستور. گفت‌: اي‌ دستور! دستور خواهي‌. اي‌ قيامت‌ تا قيامت‌ راه‌ چند؟ از پيغمبر مي‌پرسيدند: تا قيامت‌؟ هر جا كه‌ باشي‌ و در هر حال‌ كه‌ باشي‌ جَهد كن‌ تا محبّ باشي‌ و عاشق‌ باشي‌؛ و چون‌ ملكه‌ شود هميشه‌ محبّ باشي‌ در هر زمان‌. وَسَلاَمٌ عَلَي‌ جَمِيعِ الرُّفَقَاءِ فَرْداً فَرْداً بَعْدُ، وَنَحْنُ همي‌ نَدْعُو لَكُمْ تَحْتَ القُبَّةِ. يك‌ قدري‌ قرض‌ پيدا شده‌ از براي‌ بنده‌ خداوند تبارك‌ وتعالي‌ فعّال‌ است‌. [328]

 أخيك‌ سيّد هاشم‌

 عَالِي‌ عَدَدَ الحَسَنَاتِ. يَمْحُو مَا يَشَاءُ مِنْ شَوَاهِدِ العُبُودِيَّةِ، وَيُثْبِتُ مِنْ شَوَاهِدِ الرُّبُوبِيَّة‌.

 3 ـ كتب‌ يقول‌ في‌ ذيل‌ رسالة‌ صدَّرها بخطِّ شخص‌ آخر:

 وَقَضَي‌ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا´ إلاَّ إيَّاهُ

 المَعْبودُ اسْمٌ مِن‌ أَسْمَائِهِ. حَقِيقَةُ العُبُودِيَّةِ كَوْنُ العَبْدِ بِتَمَامِ لَوَاحِقِهِ مِلْكاً خَالِصاً لِلَّهِ تَعَالَي‌؛ بِاعْتِبَارِ أَنَّ جَمِيعَ المَوْجُودَاتِ مَمْلُوكَاتُهُ بِالاِسْتِحْقَاقِ لاَ بِالإنْفَاقِ.

 فَحَقِيقَةُ العِبَادَةِ انْتِبَاهُ النَّفْسِ وَتَذَكُّرُهَا لِهَذَا العَمَلِ. وَالمَعْنَي‌ أَنَّ الإنْسَانَ لاَ يَمْلِكُ حَالاً، وَلاَ مَالاً، وَلاَ مَوْتاً، وَلاَ حَيَاةً، وَلاَ، وَلاَ، وَلاَ؛ وَالسَّلاَمُ عَلَیكُمْ.

 أخيك‌ المخلص‌ سيّد هاشم‌

 4 ـ وكتب‌ أيضاً في‌ ذيل‌ رسالة‌ صدَّرها بخطِّ شخص‌ آخر:

 غم‌ مخور جانم‌ كه‌ غمخوارت‌ منم‌. [329]

 وَتَحَقَّقْتُكَ فِي‌ سِرِّي‌ فَنَاجَاكَ لِسَانِي‌ فَاجْتَمَعْنَا لِمَعَانِي‌ وَافْتَرَقْنَا لِمَعَانِي‌

 إنْ يَكُنْ غَيَّبَكَ التَّعْظِيمُ عَنْ لَحْظِ عَيَانِي‌ فَلَقَدْ صَيَّرَكَ الوَجْدُ مِنَ الاَحْشَاءِ دَانِي‌

 سيّد هاشم‌ حدّاد

 5 ـ                                                                                      بسمه‌ تعالي‌

 السَّلاَمُ عَلَیكَ يَا سَيِّدِي‌ وَسَنَدِي‌ السَّيِّد مُحَمَّد حُسَيْن‌ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 مي‌ در بر و گل‌ در كف‌ و معشوقه‌ به‌ كام‌ است[330]‌ إلي‌ آخره‌.

 بيا كه‌ كرده‌ام‌ از غير آينه‌ پاك[331]‌ إلي‌ آخره‌.

 إذَا تَجَـلَّــي‌ لَـهُــمُ الحَــقُّ تَـلاشَـــوْا وَإذَا سَتَرَ عَلَیهِمْ رُدُّوا إلی الحَضْرِ فَعَاشَوْا

 الآن‌ يك‌ قدري‌ به‌ خود آمديم‌. فرصت‌ نيست‌. و گر نسيت[332]‌. تَوَكَّلْتُ عَلَي‌ اللَهِ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي‌ إلی اللَهِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.

 أمر به‌ شريعت‌، وأمر به‌ حقيقت‌.[333]

 الشَّرِيعَةُ مِنْ غَيْرِ حَقِيقَةٍ فَغَيْرُ مَقْبُولٍ وَالحَقِيقَةُ مِنْ غَيْرِ شَرِيعَةٍ فَغَيْرُ مَحْصُولٍ

 يعني‌ اي‌ مطرب‌ شده‌ با خاصّ و عام‌                   مرده‌ شو چون‌ من‌ كه‌ تا يابي‌ أمان‌ [334]

 6 ـ                                                                                 بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 اي‌ غائب‌ از نظر به‌ خدا مي‌سپارمت‌                   جانم‌ بسوختي‌ و به‌ دل‌ دوست‌ دارمت‌

 تا دامن‌ كفن‌ نكشم‌ زير خاك‌             پاك‌ باور مدار كه‌ دست‌ ز دامن‌ بدارمت‌[335]

 أَخَذْتُمْ فُؤادِي‌ وَهْوَ بَعْضِي‌ فَمَا الَّذِي‌ يَضُرُّكُمُ لَوْ كَانَ عِنْدَكُمُ الكُلُّ

 خداوند متعال‌ آن‌ وجود مبارك‌ را از جميع‌ بليّات‌ وبه‌ عين‌ عنايت‌ ملحوظ‌ بدارد. رقيمة‌ شريفه‌ رسيد از سلامتي‌ جنابعالي‌ با اطّلاع‌ وخوشوقت‌ گشتيم‌. گر چه‌ جواب‌ دير مي‌شود أما شما به‌ نامه‌ ما را خشنود بفرمائيد، چنانچه‌ شب‌ و روز در ياد شما هستيم‌.

 أهل‌ منزل‌ همگي‌ سلام‌ مي‌رسانند. رفقا يك‌ يك‌ عرض‌ سلام‌ دارند و از شما منفكّ نيستيم‌. اميد است‌ جنابعالي‌ نيز ما را فراموش‌ نفرمائيد در مواقع‌ دعا، سلام‌ به‌ رفقا برسانيد. مصدّع‌ اوقات‌ شريف‌ نشود. [336]

 سيّد هاشم‌ حدّاد

 7 ـ                                                                                 بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 التَّوْحِيدُ هُوَ الحَقُّ؛ وَإلَيْهِ المَلْجَأُ لاِهْلِهِ؛ وَبِهِ النَّجَاةُ، هُوَ السِّرُّ الخَفِي‌ُّ، بِهِ ظَهَرَتِ الاَشْيَاءُ، وَهُوَ الشَّمْسُ المُشْرِقَةُ؛ وَمِنْهُ يَنَابِيعُ الاَنْوَارِ. وَهُوَ قُطْبُ العَارِفِينَ، وَهُوَ الدَّلِيلُ، وَمُبْرِي‌ُ الاَسْقَامِ، وَشِفَاءُ كُلِّ عَلِيلٍ، هُوَ الظَّاهِرُ فَمَا سِوَاهُ حِجَابُهُ.

 فَمَنْ كَانَ ذَا بَصَرٍ جَاوَزَ أَبْوَابَهُ، كَشَفَ لَهُ عَنْ مُلْكِهِ، فَعَايَنَ سُلْطَانَهُ وَغَيَّبَهُ بِهِ عَنْهُ؛ فَعَظَّمَ شَأْنَهُ.

 فَبَيْنَ العَارِفِ وَبَيْنَ رَبِّهِ سِرٌّ وِقْرٌ فِي‌ صَدْرِهِ، وَحُكْمٌ يَمُدُّهُ بِمَيَامِنِ غَيْبِهِ. فَهِي‌َ غِذَاؤُهُ وَشَرَابُهُ؛ مُظْهِرٌ لَهُ حَقِيقَةَ التَّوْحِيدِ وَلُبَابَهُ؛ وَامْتَازَ بِهَا عَنْ سَائِرِ الخَلْقِ؛ فَوَاصَلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي‌ حَضْرَةِ الحَقِّ، وَاخْتَصَّهُ بِالعُلُومِ الاَزَلِيَّةِ العَجِيبَةِ.

 فَحَقِيقَتُهُ مِنَ الحَقِّ ذَاتِيَّةٌ قَرِيبَةٌ، بِلاَ حَرَكَةٍ مِنْ مَعْنيً إلی مَعْنيً وَلاَ انْتِقَالٍ، وَلاَ مَاضٍ وَلاَ مُسْتَقْبَلٍ وَلاَ حَالٍ. وَهُوَ بِسِرِّ العَارِفِ مَكْشوفٌ؛ أَمَدَّهُ بِهِ مِنْ خَفيِّ سِرِّهِ؛ فَسَتْرُهُ مِنْ سِرِّهِ؛ مَعْرُوفٌ.

 وجُمْلَةُ المَحْسُوسَاتِ عَدَمٌ وَهَبَاءٌ؛ فَحَقِّقْ بِبَصِيرَتِكَ، تَنْظُرْ عَجَباً! تَجِدِ القَائِمَ بِهِ فِي‌ كُلِّ الخَطَرَاتِ وَاللَحَظَاتِ مُشَاهِداً؛ إذْ هِيَ أَغْطِيَةٌ يَسْتُرُ بِهَا؛ إذْ هُوَ الوُجُودُ، وَالوُجُودُ وَاحِدٌ.

 فَالمَعْرِفَةُ فِي‌ حَقِّ كُلِّ مَصْنُوعٍ وَضْعُهُ. فَكُلُّ مُفْتَرِقٍ هُوَ أَصْلُهُ وجَمْعُهُ، بِذَلِكَ شَهِدَتِ الظَّوَاهِرُ عَلَي‌ غَيْبِهَا.

 فَهُوَ المُبْدِي‌ُ لِكُلِّ شَي‌ءٍ وَالمُعِيدُ، وَالفَعَّالُ فِي‌ مُلْكِهِ؛ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ؛ وَالفَعَّالُ لِمَا يَشَاءُ. عَرَفَهَا العَارِفُونَ.

 8 ـ                                                                         بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 التَّوْحِيدُ هُوَ الاَصْلُ وَإلَيْهِ الطَّرِيقُ؛ وَهُوَ القُطْبُ وَعَلَیهِ التَّحْلِيقُ، وَهُوَ تَاجُ العَارِفِينَ وَبِهِ سَادُوا؛ وَبِأَخْلاَقِهِ تَخَلَّقُوا وَلَهُ انْقَادُوا. هُوَ بِهِمْ بَرٌّ وَصُولٌ؛ مِنْهُ البِدَايَةُ وَإلَيْهِ الوُصُولُ.

 نَوَّرَ قُلُوبَهُمْ بِالحِكْمَةِ وَالإيمَانِ؛ وَشَرَحَ صُدورَهُمْ فَتَخَلَّقوا بِالقُرْآنِ. فَفَهِمُوا مَعَانِيَهُ وَبَانَ لَهُمُ المُرَادُ؛ فَدَامَتْ فِكْرَتُهُمْ فِيهِ فَمَنَحَهُمُ السُّهَادُ؛ وَمَا عَرَّجُوا عَلَي‌ أَهْلٍ وَلاَ أَوْلاَدٍ؛ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ أَحَداً.

 هُوَ الضِّيَاءُ بِمِشْكَاةِ قَلْبِ العَارِفِ؛ عَنْهُ يَنْطِقُ وَبِهِ يُكَاشِفُ. وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلی مَا هُوَ سِوَاهُ؛ وَلَمْ يَدَّخِرْ سِوَي‌ مَوْلاَهُ. وَهُوَ حَيَاتُهُ وَنُشُورُهُ؛ وَبِهِ أَشْرَقَتْ شَمْسُهُ وَنُورُهُ. يَمُدُّهُ بِدَقَائِقِ المَعَانِي‌؛ فَيُمَيِّزُ بَيْنَ البَاقِي‌ مِنْهُ وَالفَانِي‌.

 فَيُعَبِّرُ عَنْهُ بِمَعَانِي‌ رَوْحَانِيَّةٍ، تَقْصُرُ عَنْ إدَرَاكِهَا الصِّفَاتُ البَشَرِيَّةُ. وَيَعِيهَا مَنْ هُوَ بِالتَّوْحِيدِ حَيٌّ ذُو عِيَانٍ؛ وَيَعْجُزُ عَنْهَا مَنْ رَضِيَ بِنَعِيمِ الجِنَانِ. فَالعَارِفُ لَذَّتُهُ ذِكْرُهُ مَوْلاَهُ، وَهُوَ كُلِّيَّتُهُ، وَالظَّاهِرُ بِعِبَادَتِهِ. مُفْصِحُهُ بِالعِلْمِ، وَهَادِيهِ لِلْبَيَانِ. أُمِدَّ سِرُّهُ مِنْ سِرِّهِ.

 فَأَنْطَقَ لِسَانَهُ بِالحِكْمَةِ؛ فَجَذَبَ الخَلْقَ إلَيْهِ، وَهَدَي‌ بِهِ الاُمَّةَ. فَكَشَفَ لَهُ الغِطَاءَ عَنْ أَسْرَارِ التَّوْحِيدِ؛ وَتَجَلَّي‌ لِقَلْبِهِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ.

 فَتَأَ لَّفَتْ مُتَفَرِّقَاتُهُ، فَفَنِيَ عَنْ رُسُومِهِ؛ وَكَاشَفَ بِهِ وَشَرَّفَهُ بِعُلُومِهِ، فَاهْتَزَّتْ أَرْضُهُ وَنَبَعَ مَاؤُهُ؛ فَوَسَّعَ قَلْبَهُ، وَمَا وَسِعَهُ أَرْضُهُ وَلاَ سَمَاؤُهُ.

 السَّلاَمُ عَلَي‌ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا السَّيِّد مُحَمَّد حُسَيْن‌، وَعَلَي‌ السَّيِّد مُحَمَّد صَادِق‌، وَعَلَي‌ السَّيِّد مُحْسِن‌، وَعَلَي‌ السَّيِّدِ أَبِي‌ الحَسَنِ، وَعَلَي‌ السَّيِّدِ عَلِي‌ٍّ، وَفَاطِمَةَ وَالزَّهْرَاءِ وَالصِّدِّيقَةِ وَالبَتُولِ وَالعَلَوِيَّةِ، وَجَمِيعِ الرُّفَقَاءِ فَرْداً فَرْداً؛ ونَحْنُ لَكُمْ مِنَ الدَّاعِينَ تَحْتَ قُبَّةِ الحُسَيْنِ.

 * * *

 لقد كان‌ الجوّ حارّاً أيّام‌ العشرة‌ الاُولي‌ من‌ محرّم‌ الحرام‌ لهذه‌ السنة‌ أيضاً، وكان‌ البعض‌ يأتي‌ إلي‌ محضر السيّد من‌ النجف‌ الاشرف‌ ومن‌ الكاظميّة‌ كما كان‌ يحضر لديه‌ بعض‌ الاصدقاء من‌ الزوّار الإيرانيّين‌. وقد شـاهد أحد الرفقاء يوماً في‌ عالم‌ الرؤيا أ نّهم‌ كانـوا مجتمعين‌ في‌ منـزل‌ السيّد، وكان‌ الجوّ لاهباً من‌ شدّة‌ الحرارة‌ والجميع‌ عطاشي‌ يتلظّون‌ من‌ شدّة‌ العطش‌. وفي‌ هذه‌ الاثناء دخل‌ الحاجّ السيّد هاشم‌ (بدشداشته‌ العربيّة‌ الطويلة‌) حاسراً يحمل‌ بيديه‌ قالباً كاملاً من‌ الثلج‌ وينادي‌: تعالوا واشربوا من‌ هذا الماء العذب‌ البارد! بَيدَ أنّ أحداً لم‌ يصغ‌ إليه‌، كأ نّهم‌ لا يسمعون‌ نداءه‌ أبداً.

 الرجوع الي الفهرس

محالٌ سلوك‌ الطريق‌ بدون‌ الإنفاق‌ والإيثار وتجلّي‌ الجلال‌

 وكان‌ السيّد يقول‌ تكراراً: إنّ هذا النهج‌ والسبيل‌ يستلزم‌ الإيثار والتضحية‌، بينما البعـض‌ من‌ رفقائنا كسـالي‌ وغيـر مسـتعدّيـن‌ للإنفاق‌ والإيثار، لذا فهم‌ يتوقّفون‌ لا يريمون‌ حراكاً. وبالرغم‌ من‌ أ نّني‌ كثيراً ما أذهب‌ إلي‌ الكاظميّة‌ للقائهم‌ وأبقي‌ هناك‌ الايّام‌ والليالي‌ لكنّ ذلك‌ ليس‌ كافياً، لانّ مجالس‌ الاُنس‌ والمذاكرات‌ تتضمّن‌ دوماً ذكر الجمال‌، فيحصل‌ من‌ ذلك‌ الوجد والنشاط‌؛ ولكن‌ ما إن‌ أحاول‌ عرك‌ أُذن‌ أحدهم‌ فإنّ الجميع‌ يفرّون‌ فلا يبقي‌ منهم‌ أحد، وفي‌ النهاية‌ فإنّ الامر لن‌ يتمّ بدون‌ الجلال‌.

 وهكذا فإنّ الحيرة‌ تنتابني‌ في‌ عمل‌ الكثير منهم‌، وعَلَي‌َّ عند ذلك‌ أن‌ أقوم‌ أحياناً ـ بمختلف‌ لطائف‌ الحيل‌ والإيماءات‌ بإجبارهم‌ ودفعهم‌ إلي‌ القيام‌ بأمر مخالف‌ لطبيعتهم‌ ورغباتهم‌؛ تماماً كمن‌ يحمل‌ كأساً حارّاً جدّاً في‌ يده‌، فعليه‌ أن‌ لا يتركه‌ حتّي‌ لا يتحطّم‌ وأن‌ لا يسمح‌ ليده‌ أن‌ تحترق‌، لذلك‌ أتصرّف‌ بلباقة‌، إلي‌ حين‌ حصولهم‌ علي‌ التمكين‌ والثبات‌ في‌ النهج‌ والسبيل‌.

 ولقد كانت‌ رؤيا قالب‌ الثلج‌ صحيحة‌، لكنّ إحساس‌ العطش‌ من‌ قِبَل‌ الرفقاء يستلزم‌ الإعراض‌ عن‌ العلائق‌ الدنيويّة‌ وإنفاق‌ المال‌ والوقت‌ والعرض‌ والاعتبار في‌ سبيل‌ الله‌، وهو ما لم‌ يرضوا به‌، لذا فإنّهم‌ لم‌ يكونوا ليحسّوا بالعطش‌ مع‌ وجوده‌، كما لم‌ يدركوا ضرورة‌ شرب‌ الماء البارد والمعين‌ الهاني‌. وهذه‌ المسألة‌ من‌ الوضوح‌ والدقّة‌ في‌ جانبيها بحيث‌ تستدعي‌ عجب‌ المرء.

 وكان‌ الرفقاء من‌ بغداد والكاظميّة‌ يتشرّفون‌ بالقدوم‌ إلي‌ كربلاء أيّام‌ عاشوراء، وحصل‌ أن‌ قام‌ أحد الرفقاء واسمه‌ الحاجّ حسن‌ أبو الهوي‌ بجلب‌ صفيحة‌ من‌ السمن‌ كهديّة‌ إلي‌ السيّد، وحين‌ أراد تسليم‌ الصفيحة‌ عند دخوله‌ البيت‌ فقد امتنع‌ أحد أولاد السيّد عن‌ قبولها منه‌، ثمّ وصل‌ السيّد عائداً من‌ الزيارة‌ أثناء المجادلة‌ والنقاش‌ بينهما أمام‌ باب‌ البيت‌، وعند مشاهدته‌ إصرار الحاجّ أبي‌ الهوي‌ من‌ جهة‌ وامتناع‌ ولده‌ من‌ استلام‌ الصفيحة‌ من‌ جهة‌ أُخري‌ فأعطي‌ الإذن‌ بقبولها، وهكذا فقد سلّم‌ أبو الهوي‌ صفيحة‌ السمن‌.

 وكان‌ أحد الرفقاء قد شاهد في‌ عالم‌ الرؤيا في‌ الليلة‌ التي‌ سبقت‌ ذلك‌، مائدة‌ مبسوطة‌ في‌ منزل‌ السيّد عليها أنواع‌ الاطعمة‌ والاشربة‌ والفاكهة‌ اللذيذة‌، يتحلّق‌ حولها جميع‌ الرفقاء وهم‌ منهمكون‌ بالتناول‌ منها. وفي‌ هذه‌ الاثناء يصل‌ الحاجّ حسن‌ أبو الهوي‌ فيحاول‌ الجلوس‌ إلي‌ المائدة‌ والاكل‌ منها فلا يجد له‌ مكاناً، فيدور حولها ويشاهد أنّ الرفقاء جالسون‌ بشكل‌ متّصل‌ متراصّ، وأن‌ ليس‌ من‌ مكان‌ خالٍ ليجلس‌ فيه‌ ولا من‌ أحد يفسح‌ له‌ مجالاً ليجلس‌، وفي‌ هذه‌ الحال‌ يمسك‌ السيّد الحدّاد يد أبي‌ الهوي‌ فيحشره‌ في‌ زمرة‌ الجالسين‌ ليتناول‌ من‌ الطعام‌ بدوره‌.

 وتفسير هذه‌ الرؤيا واضح‌ جلي‌ّ، فجلوسه‌ علي‌ المائدة‌ بهذه‌ الصورة‌ يمثّل‌ قبول‌ صفيحة‌ السمن‌ ذلك‌، فقد قام‌ بالإيثار بهذا القدر فوجد مكاناً لتناول‌ الطعام‌ بنفس‌ القدر. وهكذا استلزم‌ تناول‌ الطعام‌ الملكوتي‌ّ استلزام‌ إهداء صفيحة‌ السمن‌، كما كانت‌ إجازة‌ السيّد الحدّاد في‌ ذلك‌ النقاش‌ بقبول‌ صفيحة‌ السمن‌ عبارة‌ عن‌ حشره‌ إيّاه‌ في‌ زمرة‌ الجالسين‌ علي‌ المائدة‌، فلو لم‌ يأذن‌ السيّد بقبولها لما استطاع‌ الحاجّ الجلوس‌ علي‌ المائدة‌، وكثيراً ما كانت‌ أمثال‌ هذه‌ الرؤيا مفتاح‌ درب‌ للسالكين‌.

 وبالطبع‌ فإن‌ هذا الظهور والرؤيا مثاليّان‌، أمّا في‌ العوالم‌ العليا فإنّ التعبير يكتسب‌ دقّة‌ أكثر ويتضمّن‌ تجرّداً أكثر، مع‌ أنّ هذا التعبير المثاليّ محفوظ‌ في‌ حدّ ذاته‌، وليس‌ هناك‌ من‌ يطّلع‌ علي‌ أسرار العوالم‌ العلويّة‌ إلاّ أُولئك‌ الذين‌ يجانسون‌ تلك‌ العوالم‌ ويُشاكلونها، وعلي‌ ضوء هذا المبدأ فإنّ تعبير الاحلام‌ وتفسيرها يماثل‌ تفسير القرآن‌ الكريم‌ في‌ أنّ له‌ ظاهراً وباطناً، وفي‌ أنّ ذلك‌ الباطن‌ له‌ مراتب‌ ودرجات‌ مختلفة‌ انتهي‌.

 وكشاهد علي‌ المطلب‌ فإنّ القصّة‌ التالية‌ شيّقة‌ للتأويل‌ والتفسير، وللعلاقة‌ مع‌ الارواح‌ وتجرّد العالم‌ العلوي‌ّ:

 الرجوع الي الفهرس

الحاجّ السيّد ضياء الدين‌ الدرّي‌ّ ورؤيا عجيبة‌ في‌ تفسير بيت‌ شِعر لحافظ‌

 لقد كان‌ المرحوم‌ السيّد ضياء الدين‌ الدُّرِّي‌ّ أحد الوعّاظ‌ وخطباء المنبر الطهرانيّين‌ من‌ الطراز الاوّل‌، وكان‌ أُستاذاً لعلوم‌ المعقول‌. حيث‌ مضي‌ علي‌ رحيله‌ حتّي‌ الآن‌ أكثر من‌ ثلاثين‌ سنة‌، وقد حضر الحقير مجالسه‌ تكراراً، فكان‌ يمتلك‌ نهجاً حكيماً وعرفانيّاً في‌ الخطابة‌، وكان‌ بيانه‌ شيّقاً وخطابته‌ موثّقة‌ محقّقة‌.

 وجاء أخو زوجة‌ الحقير: حجّة‌ الإسلام‌ الحاجّ السيّد حسن‌ معين‌ الشيرازي‌ّ دامت‌ معاليه‌ إلي‌ منزلي‌ في‌ مشهد المقدّسة‌ ليلة‌ الثالث‌ من‌ ربيع‌ الثاني‌ لسنة‌ ألف‌ وأربعمائة‌ واثني‌ عشر هجريّة‌ قمريّة‌ فنقل‌ رؤيا شيّقة‌ عنه‌ لا يخلو ذكرها من‌ اللطف‌:

 من‌ المتعارف‌ في‌ طهران‌ حين‌ يُدعي‌ واعظ‌ ما للخطابة‌ علي‌ المنبر في‌ مجلس‌ معيّن‌ للعزاء خلال‌ فترة‌ عشرة‌ أيّام‌، فإنّهم‌ يدعونه‌ أيضاً للخطابة‌ في‌ الليلة‌ الاخيرة‌ من‌ تلك‌ الايّام‌ العشرة‌ من‌ السنة‌ التالية‌.

 وحصل‌ في‌ السنوات‌ الاخيرة‌ التي‌ كان‌ المرحوم‌ الدرّيّ فيها علي‌ قيد الحياة‌ أن‌ سأله‌ شابّ في‌ إحدي‌ الليالي‌ (الليلة‌ الثامنة‌ أو التاسعة‌ من‌ المحرّم‌) قبل‌ صعوده‌ المنبر للوعظ‌، عن‌ المراد بهذا البيت‌ من‌ الشعر:

 مريد پير مغانم‌ زمن‌ مرنج‌ اي‌ شيخ‌             چرا كه‌ وعده‌ تو كردي‌ و او بجا آورد[337]

 فأجابه‌ المرحوم‌ الدرّي‌ّ: سأجيب‌ علي‌ هذا السؤال‌ علي‌ المنبر ليستفيد منه‌ الجميع‌. ثمّ يبيّن‌ علي‌ المنبر قضيّة‌ نهي‌ آدم‌ أبي‌ البشر عن‌ تناول‌ القمح‌، وقصّة‌ اكتفاء أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بخبز الشعير طيلة‌ حياته‌، حتّي‌ أ نّه‌ عليه‌ السلام‌ لم‌ يأكل‌ خبز القمح‌ طيلة‌ حياته‌ ولم‌ يشبع‌ حتّي‌ من‌ خبز الشعير[338]. ثمّ يقول‌:

 إنّ المراد بالشيخ‌ في‌ هذا البيت‌ هو آدم‌ علي‌ نبيّنا وآله‌ وعليه‌ السلام‌ الذي‌ وعد بعدم‌ الاكل‌ من‌ شجرة‌ القمح‌ في‌ الجنّة‌ فلم‌ يفِ بوعده‌، وعصي‌ أمر ربّه‌ وتناول‌ منها، والمراد من‌ « پير مغان‌ »[339] أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الذي‌ لم‌ يطعم‌ خبز البرّ طيلة‌ حياته‌، والذي‌ وفي‌ بشكل‌ كامل‌ بوعد عدم‌ التناول‌ من‌ شجرة‌ الحنطة‌.

 كان‌ هذا مجمل‌ تفسير هذا البيت‌ الذي‌ بيّنه‌ علي‌ المنبر وختم‌ به‌ موعظته‌.

 ثمّ توفّي‌ المرحوم‌ الدرّيّ قبل‌ نهاية‌ تلك‌ السنة‌، لذا فلم‌ يكن‌ لمدعوٍّ ما أن‌ يشارك‌ في‌ الحضور في‌ ذلك‌ المجلس‌ تلك‌ الليلة‌ من‌ السنة‌ المقبلة‌.

 وحصل‌ في‌ السنة‌ التالية‌، وفي‌ تلك‌ الليلة‌ من‌ ليالي‌ العشرة‌ الاُولي‌ من‌ محرّم‌ الحرام‌ التي‌ طرح‌ فيها ذلك‌ الشابّ سؤاله‌ علي‌ المرحوم‌ الدرّيّ أن‌ شاهد ذلك‌ الشابّ في‌ عالم‌ الرؤيا، أنّ المرحوم‌ الدرّيّ قد جاءه‌ فقال‌ له‌:

 أيّها الشابّ! لقد سألتني‌ السنة‌ الماضية‌ في‌ مثل‌ هذه‌ الليلة‌ عن‌ معني‌ هذا البيت‌ فأجبتك‌ هكذا، لكنّي‌ قَدِمْتُ إلي‌ هذا العالم‌ فانكشف‌ لي‌ معناه‌ بشكل‌ آخر: فالمراد من‌ الشيخ‌ هو إبراهيم‌ عليه‌ السلام‌، والمراد بالمرشد: سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌، والمراد بالوعد ذبح‌ ولده‌؛ فقد وفي‌ إبراهيم‌ عليه‌ السلام‌ بأمر الله‌ له‌ بالذبح‌، لكنّ حقيقة‌ الوفاء هي‌ التي‌ قام‌ بها أبو عبد الله‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ كربلاء حين‌ قدّم‌ للذبح‌ ولده‌ علي‌ّ الاكبر عليه‌ السلام‌.

 وهكذا يجي‌ء ذلك‌ الشابّ في‌ الليلة‌ التالية‌ إلي‌ ذلك‌ المجلس‌ الذي‌ اعتاد المرحوم‌ الدرّيّ علي‌ المشاركة‌ فيه‌ كلّ عام‌، فيشرح‌ رؤياه‌ هذه‌، ومن‌ الجلي‌ّ مدي‌ الهيجان‌ والتأثّر الذي‌ حصل‌ في‌ ذلك‌ المجلس‌ عند بيان‌ هذه‌ الرؤيا.

 الرجوع الي الفهرس

المعاني‌ المختلفة‌ للاشعار العرفانيّة‌ ليست‌ متضادّة‌ بل‌ متداخلة‌ في‌ بعضها عمقاً

 لقد كان‌ المعني‌ الاوّل‌ لشعر حافظ‌ معنيً عامّاً، أي‌ أنّ المراد من‌ الشيخ‌ هم‌ علماء الظاهر الذين‌ لا علم‌ لهم‌ بالباطن‌، ومعني‌ المرشد في‌ الشعر هو أُستاذ الاخلاق‌ والعرفان‌ الذي‌ يمسك‌ بيده‌ خيوط‌ التربية‌ النفسيّة‌. والمراد بعدم‌ إنجاز الشيخ‌ وعده‌ وبوفاء المرشد بوعده‌، عدم‌ التزام‌ بعض‌ الجماعة‌ الاُولي‌ بأُصول‌ الاعمال‌ وبالزهد في‌ الدنيا، والتزام‌ الجماعة‌ الثانية‌ بأُصول‌ تزكية‌ النفس‌ وبالإعراض‌ عن‌ الزخارف‌.

 أمّا المعني‌ الثاني‌ وهو الذي‌ بيّنه‌ المرحوم‌ الدرّيّ فهو لطيفة‌ استنباطيّة‌ وأدقّ من‌ المعني‌ الاوّل‌، ويمكنه‌ احتلال‌ موقعه‌ بجلاء مع‌ حفظ‌ المعني‌ الاوّل‌.

 وأمّا المعني‌ الثالث‌ الذي‌ رآه‌ في‌ عالم‌ الرؤيا فهو أدقّ من‌ الثاني‌، ويظهر معناه‌ بشكل‌ جميل‌ وشيّق‌ مع‌ حفظ‌ المعني‌ الاوّل‌ والثاني‌ اللذين‌ يصحّان‌ في‌ موضعهما.

 ومن‌ هنا فليس‌ في‌ الشعر معانٍ متضادّة‌، بل‌ إنّ هذه‌ المعاني‌ متداخلة‌ في‌ بعضها عمقاً، فهي‌ باطن‌ في‌ باطن‌؛ وجميع‌ أشعار حافظ‌ متشكّلة‌ من‌ رموز وإشارات‌ خاصّة‌ حاكية‌ عن‌ كنايات‌ بديعة‌ وأسرار خفيّة‌ ومعان‌ عميقة‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[301] ـ جاء تأريخ‌ وهويّة‌ عكرمة‌ بشكل‌ مختصر في‌ الدرس‌ 40 إلي‌ 45، في‌ الجزء الثالث‌ من‌ «معرفة‌ الاءمام‌»، دورة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الاءسلاميّة‌، ص‌ 210 إلي‌ ص‌ 214.

[302] ـ يعتقد محيي‌ الدين‌ أنّ خالد بن‌ سنان‌ العبسي‌ّ كان‌ من‌ الانبياء، وقال‌ عنه‌: كان‌ من‌ وُلد إسماعيل‌، وقد أدركت‌ ابنته‌ النبي‌ّ. وقد أورد محيي‌ الدين‌ قصّته‌ في‌ «محاضرة‌ الابرار ومسامرة‌ الاخيار»، ج‌ 1، ص‌ 77.

[303] ـ ورد في‌ «مستدرك‌ الحاكم‌» ] المستدرك‌ للصحيحين‌ [ ج‌ 4، ص‌ 291 و 292، طبعة‌ دائرة‌ المعارف‌ النظاميّة‌، حيدر آباد، سنة‌ 1342: روي‌ جابر قال‌:

 دخل‌ جرير علي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ وعنده‌ أصحابه‌، وضنّ كلّ رجل‌ بمجلسه‌، فأخذ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ رداءَه‌ فألقاه‌ إليه‌ فتلقّاه‌ بنحره‌ ووجهه‌ وقبّله‌ ووضعه‌ علي‌ عينيه‌ وقال‌: أَكْرَمَكَ اللَهُ كَمَا أَكْرَمْتَنِي‌! ثمّ وضعه‌ علي‌ ظهر رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌. فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَإذَا أَتَاهُ كَرِيمُ قَوْمٍ فَلْيُكْرِمْهُ. (هذا حديثٌ صحيح‌ الاءسناد ولم‌يُخرِجاه‌ بهذه‌ السياقة‌).

[304] ـ «المحاضرات‌» ج‌ 1، ص‌ 238.

[305] ـ «المحاضـرات‌» ج‌ 2، ص‌ 137؛ والذين‌ نقلـوا هذه‌ القصّة‌ عن‌ ضـرار وأثبتوها في‌ كتبهم‌ كثيرون‌، ومن‌ جملتهم‌ السيّد هاشم‌ البحراني‌ّ في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 673، الطبعة‌ الحجريّة‌، الباب‌ 131، الحديث‌ السادس‌، عن‌ «نهج‌ البلاغة‌» عن‌ ضرار بن‌ ضمرة‌ الضبابي‌ّ؛ وعن‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ «الشرح‌» عن‌ كتاب‌ عبد الله‌ بن‌ إسماعيل‌ في‌ التذييل‌ علي‌ «نهج‌ البلاغة‌» عن‌ ضرار؛ وكذلك‌ في‌ الحديث‌ السابع‌ عن‌ ابن‌ أبي‌ الحديد عن‌ ابن‌ عبد البرّ في‌ كتاب‌ «الاستيعاب‌» الباب‌ 132. وأوردها أيضاً في‌ ص‌ 674 عن‌ طريق‌ الخاصّة‌ عن‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ الحديث‌ الثاني‌. ونقلها كذلك‌ محمّد بن‌ طلحة‌ الشافعي‌ّ في‌ كتاب‌ «مطالب‌ السئول‌» ص‌ 33، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ والزرندي‌ّ في‌ كتاب‌ «نظم‌ درر السمطين‌» في‌ القسم‌ الاوّل‌ من‌ السمط‌ الاوّل‌ ص‌ 134 و 135 عن‌ أبي‌ صالح‌؛ وأبو نعيم‌ في‌ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 84، بإسناده‌ عن‌ محمّد بن‌ السائب‌ الكلبي‌ّ، عن‌ أبي‌ صالح‌؛ والشيخ‌ سليمان‌ القندوزي‌ّ الحنفي‌ّ في‌ كتاب‌ «ينابيع‌ المودّة‌» الباب‌ 50، ص‌ 114، طبعة‌ مطبعة‌ اختر، إسلامبول‌، سنة‌ 1301، وفي‌ الباب‌ 56، ص‌ 216؛ والشيخ‌ الصدوق‌ في‌كتاب‌ «الامالي‌» ص‌ 371، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ والمجلسي‌ّ في‌ «بحارالانوار» ج‌ 41، ص‌ 120 الطبعة‌ الحروفيّة‌ الحيدريّة‌، عن‌ «إرشاد القلوب‌» للديلمي‌ّ؛ وابن‌ حجر الهيتمي‌ّ في‌ كتاب‌ «الصواعق‌ المحرقة‌» طبعة‌ مكتبة‌ الهدي‌، النجف‌، ومكتبة‌ المرتضوي‌ّ، طهران‌، الفصل‌ 3، من‌ الباب‌ 9، ص‌ 78، وابن‌ عبد البرّ في‌ كتاب‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1107 و 1108 طبعة‌ مطبعة‌ ومكتبة‌ النهضة‌، مصر، في‌ ذكر أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، تحت‌ الرقم‌ 1855، يروون‌ جميعاً عن‌ ضرار.

 ولكنّ المحدِّث‌ القمّيّ تفرّد برواية‌ هذه‌ القصّة‌ في‌ «سفينة‌ البحار» ص‌ 170، الطبعة‌ الحجريّة‌، عن‌ كتاب‌ «المحاسن‌ والمساوي‌» لاءبراهيم‌ بن‌ محمّد البيهقي‌ّ، أحد أعلام‌ القرن‌ الثالث‌ ـ وهذا الكتاب‌ أُ لِّف‌ أيّام‌ المقتدر العبّاسي‌ّ وذلك‌ عن‌ عدي‌ بن‌ حاتم‌ الطائي‌ّ بهذا النحو:

 رُوِي‌َ أَنَّ عَدِي‌َّ بْنَ حَاتِـمٍ دَخَـلَ عَلَي‌ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي‌ سُـفْيَانَ. فَقَالَ: يَا عَدِي‌ُّ! أَيْنَ الطَّرَفَاتُ؟! ـ يَعْنِي‌ بَنِيهِ طَرِيفاً وَطَارِفاً وَطَرْفَةً قَالَ: قُتِلُوا يَوْمَ صِفِّينَ بَيْنَ يَدَي‌ْ عَلِي‌ِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلَیهِ السَّلاَمُ. فَقَالَ: مَا أَنْصَفَكَ ابْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ إذْ قَدَّمَ بَنِيكَ وَأَخَّرَ بَنِيهِ! قَالَ: بَلْ مَا نَصَفْتُ عَلِيَّاً إذْ قُتِلَ وَبَقِيتُ.

 دور از حريم‌ كوي‌ تو شرمنده‌ مانده‌ام‌             شرمنده‌ مانده‌ام‌ كه‌ چرا زنده‌ مانده‌ام‌

 يقول‌: «بقيتُ خَجِلاً بعيداً عن‌ حريم‌ حيّك‌، خجلاً إذ كيف‌ بقيتُ بعدك‌ حيّاً».

 قال‌: صِفْ لِي‌ عَلِيَّاً... حيث‌ نقل‌ الرواية‌ من‌ هذا الموضع‌ إلي‌ آخرها بنفس‌ العبارات‌ التي‌ نقلها الآخرون‌ عن‌ ضمرة‌.

 وقد أورد البيهقي‌ّ هذا الخبر بتمامه‌ كما حكاه‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ، وذلك‌ في‌ كتابه‌ «المحاسن‌ والمساوي‌» ج‌ 1، ص‌ 72 و 73: طبعة‌ مصر، مطبعة‌ النهضة‌. ويقول‌ محقّق‌ الكتاب‌ محمّد أبو الفضل‌ إبراهيم‌ في‌ تعليقته‌ عليه‌: أورد هذا الخبر في‌ كتاب‌ «الرياض‌ النضرة‌» ج‌ 2، ص‌ 212، وأورده‌ المسعودي‌ّ في‌ «مروج‌ الذهب‌» ج‌ 2، ص‌ 433.

 وقد نقل‌ في‌ نفس‌ الكتاب‌، ص‌ 70 و 71 هذا المضمون‌ بشكل‌ أكثر اختصاراً عن‌ ابن‌ عبّاس‌: أ نّه‌ دخل‌ علي‌ معاوية‌ إلي‌ آخره‌.

 وقد بيّن‌ الحقير ذلك‌ مفصّلاً في‌ مواعظ‌ اليوم‌ السادس‌ والعشرين‌ من‌ شهر رمضان‌ المبارك‌ لسنة‌ 1390 هجريّة‌ قمريّة‌، في‌ مسجد القائم‌ بطهران‌، ضمن‌ بحوث‌ قرآنيّة‌ جاءت‌ في‌ ص‌ 348 و 349 من‌ النسخة‌ الخطّيّة‌، ولكن‌ لم‌ نوفّق‌ لطباعتها حتّي‌ الآن‌؛ آمل‌ أن‌ تُذكر فيما بعد في‌ موضع‌ مناسب‌ إن‌ شاء الله‌ تعالي‌.

[306] ـ «المحاضرات‌» ج‌ 2، ص‌ 138.

[307] ـ «المحاضرات‌» ج‌ 2، ص‌ 280 و 281.

[308] ـ جاء في‌ صدر الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 48: الفتح‌: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي‌ قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَـ'هِلِيَّةِ.

[309] ـ «ديوان‌ ابن‌ الفارض‌» ص‌ 116، السطر 761، طبعة‌ بيروت‌، دار صادر، سنة‌ 1382، من‌ التائيّة‌ الكبري‌ المعروفة‌ بنظم‌ السلوك‌.

 ويقول‌ في‌ «أقرب‌ الموارد»: أسأرَ الشَّاربُ في‌ الاءناء إسئاراً: أبقي‌ فيه‌ بقيّةً مثل‌ سَأرَ. ومنه‌ أسأرتِ الاءبلُ في‌ الحوض‌؛ ويقال‌: إذا شَرِبْتَ فأسْئِرْ.

[310] ـ يقول‌: «يظهر في‌ كلّ ألف‌ عام‌ عارف‌ فريد، وأنا في‌ هذا الالف‌ ذلك‌ العارف‌!».

[311] ـ يقول‌: «لقد كان‌ لكلٍّ زمانه‌ وعصره‌، لكنّني‌ سعدي‌ّ آخر الزمان‌!».

[312] ـ «تذكرة‌ الاولياء» ج‌ 2، ص‌ 135 و 136،للشيخ‌ العطّار (بالفارسيّة‌)، طبعة‌ مطبعة‌ بريل‌ في‌ ليدن‌، سنة‌ 1322 ه. ق‌، في‌ ذكر الحسين‌ بن‌ منصور الحلاّج‌.

[313] ـ «تذكرة‌ الاولياء» ج‌ 2، ص‌ 136، في‌ ذكر الحسين‌ بن‌ منصور الحلاّج‌.

[314] ـ «تذكرة‌ الاولياء» ج‌ 2، ص‌ 137، في‌ ذكر الحسين‌ بن‌ منصور الحلاّج‌.

[315] ـ «تذكرة‌ الاولياء» ج‌ 2، ص‌ 12، في‌ ذكر الجنيد البغدادي‌ّ.

[316] ـ أوردنا أصل‌ كلام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ «التوحيد» للشيخ‌ الصدوق‌، ص‌ 285، ووضعنا الفقرات‌ التي‌ اختصرها الجنيد من‌ كلام‌ الاءمام‌ بين‌ الاقواس‌ المعقوفة‌. (م‌)

[317] ـ «تذكرة‌ الاولياء» ج‌ 2، ص‌ 12، في‌ ذكر الجنيد البغدادي‌ّ.

[318] ـ «ديوان‌ حافظ‌» ص‌ 51، الغزل‌ رقم‌ 111، طبعة‌ پژمان‌، انتشارات‌ بروخيم‌، سنة‌ 1318، وتمام‌ الغزل‌:

 سالها دل‌ طلب‌ جام‌ جم‌ از ما مي‌كرد                   و آنچه‌ خود داشت‌ ز بيگانه‌ تمنّي‌' مي‌كرد

 گوهري‌ را كه‌ به‌ برداشت‌ صدف‌ در همه‌ عمر                        طلب‌ از گمشدگان‌ لب‌ دريا مي‌كرد

 مشكل‌ خويش‌ بر پير مغان‌ بردم‌ دوش                  ‌ كو به‌ تأييد نظر حلّ معمّا مي‌كرد

 ديدمش‌ خرم‌ وخندان‌ قدح‌ باده‌ به‌ دست               واندر آن‌ آينه‌ صد گونه‌ تماشا مي‌كرد

 گفت‌ آن‌ يار كزو گشت‌ سرِ دار بلند                       جرمش‌ آن‌ بود كه‌ اسرار هويدا مي‌كرد

 آن‌ كه‌ چون‌ غنچه‌ لبش‌ راز حقيقت‌ بنهفت‌             ورق‌ دفتر از آن‌ نسخه‌ محشّا مي‌كرد

 گفتم‌ اين‌ جام‌ جهان‌ بين‌ به‌ تو كي‌ داد حكيم‌         گفت‌ آن‌ روز كه‌ اين‌ گنبد مينا مي‌كرد

 آن‌ همه‌ شعبدة‌ عقل‌ كه‌ مي‌كرد آنجا                   سامري‌ پيش‌ عصا ويد بيضا مي‌كرد

 فيض‌ روح‌ القدس‌ ار باز مدد فرمايد                       ديگران‌ هم‌ بكنند آنچه‌ مسيحا مي‌كرد

 بيدلي‌ در همه‌ احوال‌ خدا با او بود                        و او نمي‌ديدش‌ واز درد خدايا مي‌كرد

 گفتمش‌ سلسلة‌ زلف‌ بتان‌ از پي‌ چيست                             ‌ گفت‌ حافظ‌ گلة‌ از دل‌ شيدا مي‌كرد

 يقول‌: «منذ سنوات‌ والقلب‌ يطلب‌ منّا كأس‌ جمشيد (أي‌ قلب‌ ذلك‌ العارف‌ الكامل‌ الملي‌ء بالمعرفة‌) ويتمنّي‌ من‌ الغرباء ما يمتلكه‌ بنفسه‌.

 وكثيراً ما طلب‌ الجوهرة‌ التي‌ لا يمكن‌ العثور عليها في‌ صدف‌ عالم‌ الكون‌ والمكان‌، من‌ الضالّين‌ الباحثين‌ عنها علي‌ شاطي‌ البحر.

 حملت‌ مشكلتي‌ إلي‌ المرشد العارف‌ (وهو الاءنسان‌ الكامل‌) البارحة‌، ليحلّ اللغز بالنظرة‌ الاءلهيّة‌.

 فرأيته‌ جذلان‌ باسماً في‌ يده‌ قدح‌ الشراب‌ (أي‌ الفيوضات‌)، وكان‌ يتفرّج‌ في‌ مرآتها علي‌ مئات‌ الاشكال‌ من‌ التجلّيات‌ الكامنة‌ فيها.

 قال‌: إنّ ذاك‌ الصديق‌ الذي‌ ارتفعت‌ به‌ قمّة‌ المشنقة‌، كان‌ جرمه‌ الوحيد أ نّه‌ أذاع‌ الاسرار.

 ذاك‌ الذي‌ كانت‌ شفاهه‌ تتكتّم‌ علي‌ الاسرار كالبُرعم‌ في‌ أكمامه‌، قد حشّي‌ ورق‌ الدفاتر من‌ نسخة‌ الحقيقة‌ والاسرار.

 فقلت‌ له‌: متي‌ أعطاك‌ الحكيم‌ هذه‌ الكأس‌ التي‌ تري‌ فيها الدنيا؟ فقال‌: يومَ صنع‌ القبّة‌ الزرقاء.

 وكلّ هذه‌ الشعوذة‌ التي‌ أحكمها العقل‌ هناك‌ قد عملها السامري‌ّ أمام‌ عصا موسي‌ عليه‌ السلام‌ ويده‌ البيضاء.

 وإذا أعانتْ روح‌ القدس‌ من‌ فيضها بالمدد مرّة‌ ثانية‌، فإنّ الآخرين‌ أيضاً يفعلون‌ ما فعله‌ المسيح‌ بإذن‌ الله‌.

 والله‌ مع‌ الموله‌ الواجد في‌ كلّ حالٍ من‌ الاحوال‌، ولكنّه‌ لم‌ يره‌ فظلّ يناديه‌ بفزع‌ وألم‌ من‌ البعيد بقوله‌ «يا الله‌».

 قلت‌ له‌: وما الفائدة‌ من‌ هذه‌ السلاسل‌ من‌ جدائل‌ الحسان‌؟ فأجاب‌: لانّ حافظاً يشكو من‌ قلبه‌ الولهان‌».

[319] ـ شَطَحَ ـَـ شَطْحاً في‌ السَّـير أو في‌ القَـول‌: تباعَـد واسـترسَـل‌ ] مَقلـوبُ شَحَطَ [ (لاروس‌).

[320] ـ رَعَنَ ـُـ رَعْناً ورَعِنَ ـَـ رَعَناً ورَعُنَ ـُـ رُعونَةً: حَمِقَ؛ استَرخَي‌، كان‌ أهْوجِ في‌ كَلامهِ فهو أرْعَن‌ (المنجد). هَوِجَ يَهْوَجُ هَوَجًا: كان‌ طويلاً في‌ حُمقٍ وطَيشٍ وتَسرُّعٍ، فهو أهْوَج‌ (المنجد).

[321] ـ نَبِهَ ـَـ نُبْهاً من‌ نَومِه‌: اسـتَيقَظ‌. نَبَهَ ـُـ ونَبِهَ ـَـ ونَبُهَ ـُـ نَبَـاهَةً: شَـرُف‌، اشتَهر وكان‌ ذا نَباهةٍ، وهي‌ ضِدُّ الخُمولِ؛ فهو نَابِهٌ ونَبَهٌ ونَبِهٌ ونَبِيهٌ.

[322] ـ يقول‌:«قال‌ ذلك‌ الفقير الحيي‌ّ بايزيد لمريديه‌ يوماً: إنّي‌ أنا الله‌!

 فلما أصبح‌ وانقضت‌ تلك‌ الحال‌ عاتبوه‌ وقالوا له‌: لقد قلتَ البارحة‌ كذا وكذا ولم‌ يكن‌ صلاحاً ما قلته‌!».

[323] ـ يقول‌: «إنّ الحقّ منزّه‌ عن‌ الجسم‌ والجسمانيّات‌ وأنا بشر ذو جسم‌، فإن‌ عدتُ لمثلها توجّب‌ قتلي‌».

[324] ـ يقول‌: «ثمّ ثمّل‌ مرّة‌ أُخري‌ بنفس‌ الكأس‌، فنسي‌ ما كان‌ قد أوصي‌ به‌.

 بلي‌! لقد جاء العشق‌ فتغرّب‌ العقل‌ وتشرّد كما يخبو الشمع‌ ويستكين‌ حين‌ يجي‌ء الصباح‌.

 حين‌ حلّقت‌ عنقاء التحيّر ونسيان‌ الذات‌، شرعَ بايزيد في‌ ذلك‌ الكلام‌.

 ولقد سلب‌ سيلُ التحيّر العقلَ، فقال‌ قولاً أعظم‌ من‌ قوله‌ الاوّل‌».

[325] ـ «شرح‌ مناقب‌ محيي‌ الدين‌» ص‌ 48 إلي‌ 52، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[326] ـ يقول‌:«كنتُ أئنّ مع‌ كلّ جماعة‌، واقترنتُ بالسعداء والتعساء معاً.

 فخُيّل‌ لكلٍّ منهم‌ أ نّه‌ صار رفيقي‌ وصاحبي‌، لكنّ أحداً لم‌ يطّلع‌ علي‌ سرّي‌ ومكنون‌ ضميري‌»

[327] ـ نقلنا الرسائل‌ دونما تصرّف‌.(م‌)

[328] ـ يقول‌: «كتبتَ تطلب‌ برنامجاً. قال‌: أيّها البرنامج‌! أتطلب‌ برنامجاً. أيّتها القيامة‌ متي‌ تحين‌ القيامة‌؟ يسألون‌ النبي‌ّ: أيّان‌ يوم‌ القيامة‌؟ اجْهَدْ أ نّي‌ كنتَ وفي‌ كلّ حال‌ أن‌ تكون‌ محبّاً وعاشقاً، وحين‌ يصبح‌ ذلك‌ ملكةً لك‌، فَستكون‌ محبّاً في‌ كلّ آن‌ وزمان‌. والسلام‌ علي‌ جميع‌ الرفقاء فرداً فرداً ونحن‌ دائماً ندعو لكم‌ تحت‌ القبّة‌. اتّفق‌ لي‌ مبلغ‌ من‌ الدَّين‌، والله‌ تبارك‌ وتعالي‌ فعّال‌».

[329] ـ يقول‌: «لا تغتمّ يا روحي‌، فأنا من‌ يحمل‌ الهمّ والغمّ عنك‌».

[330] ـ «الخمر عندي‌، والورد في‌ يدي‌ ونِلتُ مرادي‌ في‌ وصل‌ الحبيب‌».

[331] ـ «تعالَ فقد جلوتُ المرآة‌ عمّن‌ سواك‌».

[332] ـ «حصل‌ لدينا الآن‌ بعض‌ الانتباه‌ والالتفات‌. ليس‌ هناك‌ من‌ فرصة‌. وإلاّ نَسيتُ».

[333] ـ «الامر بالشريعة‌، والامر بالحقيقة‌».

[334] ـ يقول‌: «يا من‌ طرِب‌ مع‌ الخاصّ و العامّ، مُت‌ مثلي‌ لتلقي‌ الامان‌!».

[335] ـ يقول‌: «أودعتك‌ الله‌ يا حبيباً غائباً عن‌ ناظري‌، أحرقتني‌ بالهجر لكنّ القلب‌ يهواك‌».

 هيهات‌ أن‌ أتخلّي‌ عنك‌ حتّي‌ أجرّ أذيال‌ كفني‌ تحت‌ التراب‌ الطاهر!».

[336] ـ «رعي‌ الله‌ ذلك‌ الوجود المبارك‌ بعين‌ رعايته‌ من‌ جميع‌ البليّات‌.

 وصلت‌ رسالتكم‌ الشريفة‌ فاطّلعنا علي‌ سلامتكم‌ وسعدنا بذلك‌، ومع‌ أنّ الردّ يتأخّر عليكم‌ ولكن‌ تفضّلوا بإسعادنا برسالتكم‌ لا نّنا في‌ ذكراكم‌ ليلاً ونهاراً.

 العائلة‌ جميعاً يرسلون‌ سلامهم‌، والرفقاء يبعثون‌ سلامهم‌ واحداً واحداً. ولسنا منفكّين‌ ولا بعيدين‌ عنكم‌. والرجاء أن‌ لا تنسونا أنتم‌ كذلك‌ في‌ مواقع‌ الدعاء. بلِّغوا السلام‌ إلي‌ جميع‌ الرفقاء. وأرجو أن‌ لا نكون‌ قد سبَّبنا تصديع‌ أوقاتكم‌ الشريفة‌».

[337] ـ «ديوان‌ الخواجة‌ حافظ‌ الشيرازي‌ّ» عليه‌ الرحمة‌ والرضوان‌، ص‌ 73، الغزل‌ 160، طبعة‌ پژمان‌، انتشارات‌ بروخيم‌، سنة‌ 1318 ه، وفي‌ طبعة‌ محمّد قزويني‌ والدكتور قاسم‌ غني‌، طبعة‌ سينا، طهران‌: ص‌ 99، الغزل‌ 145.

 يقول‌: «أنا مريد المرشد فلا تنزعج‌ منّي‌ أيّها الشيخ‌، فقد اكتفيتَ بالوعد أمّا هو فقد نفّذ وعده‌».

[338] ـ رواية‌ عدم‌ الاكل‌ من‌ خبز البرّ طوال‌ العمر مختصّة‌ برسول‌ الله‌، فقد سُئل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ رواية‌ عائشة‌ أنّ رسول‌ الله‌ ما شبع‌ من‌ خبز البرّ حتّي‌ مات‌ فقال‌: كذبت‌ عائشة‌، ما أكل‌ رسول‌ الله‌ خبز بُرّ قطّ ولا شبع‌ من‌ خبز شعير قط‌ انتهي‌. وبطبيعة‌ الحال‌ فلا شكّ في‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ تأسّي‌ برسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ فما أكل‌ من‌ خبز البُرّ، كما يستفاد من‌ الاخبار، لكنّ ذلك‌ غير مضمون‌ الرواية‌ السابقة‌.

[339] ـ « المرشد ».

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com