بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب نور ملکوت القرآن / المجلد الرابع / القسم الرابع: القرآن و اللسان العربی، عقیدة النصاری فی فداء المسیح لمعصیة البشر مخ...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

کثرة الآیات القرآنیة التی تتحدث عن نزول القرآن بلسان عربی

تفسیر آیة الله العلامة لایة: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ * عَلَي‌' قَلْبِكَ

 أجل‌، فقد ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ آيات‌ عديدة‌ تتحدّث‌ عن‌ نزوله‌ باللغة‌ العربيّة‌، منها الآيات‌ الواردة‌ في‌ سورة‌ الشعراء:

 وَإِنَّهُ و لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ * عَلَي‌' قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * وَإِنَّهُ و لَفِي‌ زُبُرِ الاْوَّلِينَ * أَوَ لَمْ يَكُن‌ لَّهُمْ ءَايَةً أَن‌ يَعْلَمَهُ و عُلَمَـ'´ؤُا بَنِي‌´ إِسْرَ ءِيلَ * وَلَوْ نَزَّلْنَـ'هُ عَلَي‌' بَعْضِ الاْعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ و عَلَيْهِم‌ مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ. [1]

 قال‌ سماحة‌ أُستاذنا الاعظم‌ آية‌ الله‌ العلاّمة‌ قدّس‌ الله‌ روحه‌ الزكيّة‌ في‌ تفسير هذه‌ الآيات‌:

 « التنزيل‌ والإنزال‌ بمعني‌ واحد، غير أنّ الغالب‌علی باب‌ الإفعال‌ الدفعة‌، وعلي‌ باب‌ التفعيل‌ التدريج‌؛ وأصـل‌ النـزول‌ في‌ الاجسـام‌ انتقال‌ الجسـم‌ من‌ مكانٍ عالٍ إلی‌ ما هو دونه‌، وفي‌ غير الاجسام‌ بما يُناسبه‌.

 وتنزيله‌ تعالی‌ إخراجه‌ الشي‌ء من‌ عنده‌ إلی‌ موطن‌ الخلق‌ والتقدير، وقد سمّي‌ نفسه‌ بالعَلِي‌ِّ العَظِيمِ وَالكَبِيرِ المُتَعَال‌ وَرَفِيعِ الدَّرَجَاتِ وَالقَاهِرِ فَوْقَ عِبَادِهِ؛ فيكون‌ خروج‌ الشي‌ء بإيجاده‌ من‌ عنده‌ إلی‌ عالم‌ الخلق‌ والتقدير ـ وإن‌ شئتَ فقل‌: إخراجه‌ من‌ عالم‌ الغيب‌ إلی‌ عالم‌ الشهادة‌ تنزيلاً منه‌ تعالی‌ له‌.

 وقد استعمل‌ الإنزال‌ والتنزيل‌ في‌ كلامه‌ تعالی‌ في‌ أشياء بهذه‌ العناية‌، كقوله‌ تعالی‌: يَـ'بَنِي‌´ ءَادَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَ رِي‌ سَوْءَ تِكُمْ؛[2] وقوله‌: وَأَنزَلَ لَكُم‌ مِّـنَ الاْنْعَـ'مِ ثَمَـ'نِيَةَ أَزْوَ جٍ؛ [3] وقوله‌: وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [4]؛ وقوله‌: مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَـ'بِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن‌ يُنَزَّلَ عَلَيْكُم‌ مِّنْ خَيْرٍ مِّن‌ رَّبِّكُمْ [5].

 وقد أطلق‌ القول‌ في‌ قوله‌: وَإِن‌ مِّن‌ شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَآنءِنُهُ و وَمَا نُنَزِّلُهُ و´ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ. [6]

 وقد أضيف‌ التنزيل‌ إلی‌ «رَبُّ الْعَـ'لَمِينَ» للدلالة‌علی توحيد الربّ تعالی‌، لما تكرّر مراراً أنّ المشركين‌ إنّما كانوا يعترفون‌ به‌ تعالی‌ بما أ نّه‌ رَبُّ الاَرْبَابِ ولا يرون‌ أ نّه‌ رَبُّ العَالَمِينَ. [7]

 قوله‌ تعالی‌: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ * عَلَي‌' قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ؛ المراد بالروح‌ الامين‌ هو جبريل‌ مَلَك‌ الوحي‌، بدليل‌ قوله‌: مَن‌ كَانَ عَدُوًّا لّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ و نَزَّلَهُ و عَلَي‌' قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَهِ. [8]

 وقد سمّاه‌ في‌ موضعٍ آخر بروح‌ القدس‌: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن‌ رَّبِّكَ بِالْحَقِّ. [9]

 وقد وصف‌ الروح‌ بالامين‌ للدلالة‌علی أ نّه‌ مأمون‌ في‌ رسالته‌ منه‌ تعالی‌ إلی‌ نبيّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لايغيّر شيئاً من‌ كلامه‌ تعالی‌ بتبديل‌ أو تحريف‌ بعمدٍ أو سهو أو نسيان‌، كما أنّ توصيفه‌ في‌ آيةٍ أُخري‌ بالقدس‌ يُشير إلی‌ ذلك‌.

 وقوله‌: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ، الباء للتعدية‌، أي‌ نزّله‌ الروح‌ الامين‌؛ وأمّا قول‌ مَن‌ قال‌: إنّ الباء للمصاحبة‌، والمعني‌: نزل‌ معه‌ الروح‌؛ فلا يُلتفت‌ إلیه‌، لانّ العناية‌ في‌ المقام‌ بنزول‌ القرآن‌ لا بنزول‌ الروح‌ مع‌ القرآن‌.

 والضمير في‌ نَزَلَ بِهِ للقرآن‌ بما أ نّه‌ كلام‌ مؤلّف‌ من‌ ألفاظٍ لها معانيها الحقّة‌، فإنّ ألفاظ‌ القرآن‌ نازلة‌ من‌ عنده‌ تعالی‌، كما أنّ معانيها نازلة‌ من‌ عنده‌علی ما هو ظاهر قوله‌: فَإِذَا قَرَأْنَـ'هُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ [10]، وقوله‌: تِلْكَ ءَايَـ'تُ اللَهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ[11]، إلی‌ غير ذلك‌.

 فلا يُعبأ بقول‌ من‌ قال‌: إنّ الذي‌ نزل‌ به‌ الروح‌ الامين‌ إنّما هو معاني‌ القرآن‌ الكريم‌، ثمّ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يعبّر عنها بما يطابقها ويحكيها من‌ الالفاظ‌ بلسانٍ عربي‌ّ.

 وأسخف‌ منه‌ قولُ مَن‌ قال‌: إنّ القرآن‌ بلفظه‌ ومعناه‌ من‌ منشآت‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ألقته‌ مرتبة‌ من‌ نفسه‌ الشريفة‌ تُسمّي‌ الروح‌ الامين‌ إلی‌ مرتبة‌ منها تُسمّي‌ القلب‌.

 والمراد بالقلب‌ المنسوب‌ إلی‌ الإدراك‌ والشعور في‌ كلامه‌ تعالی‌ هو النفس‌ الإنسانيّة‌ التي‌ لها الإدراك‌، وإلیها تنتهي‌ أنواع‌ الشعور والإرادة‌، دون‌ اللحم‌ الصنوبريّ المعلّق‌ عن‌ يسار الصدر، الذي‌ هو أحد الاعضاء الرئيسيّة‌، كما يستفاد من‌ مواضع‌ في‌ كلامه‌ تعالی‌، كقوله‌: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ [12]، أي‌: الارواح‌. وقوله‌: فَإِنَّهُ و´ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ[13]، أي‌: نفسه‌، إذ لا معني‌ لنسبة‌ الإثم‌ إلی‌ العضو الخاصّ.

 ولعلّ الوجه‌ في‌ قوله‌: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ عَلَي‌' قَلْبِكَ دون‌ أن‌ يقول‌ عَلَيْكَ، هو الإشارة‌ إلی‌ كيفيّة‌ تلقّيه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ القرآن‌ النازل‌ عليه‌، وأنّ الذي‌ كان‌ يتلقّاه‌ من‌ الروح‌ هو نفسه‌ الشريفة‌ من‌ غير مشاركة‌ الحواسّ الظاهرة‌، التي‌ هي‌ الادوات‌ المستعملة‌ في‌ إدراك‌ الاُمور الجزئيّة‌.

 فكان‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يَري‌ ويسمع‌ حينما كان‌ يُوحي‌ إلیه‌ من‌ غير أن‌ يستعمل‌ حاسّتي‌ البصر والسمع‌، كما روي‌ أ نّه‌ كان‌ يأخذه‌ شبه‌ إغماء يسمّي‌ بُرَحَاء الوحي‌ [14]. فكان‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يري‌ الشخص‌ ويسمع‌ الصوت‌ مثل‌ ما نري‌ الشخص‌ ونسمع‌ الصوت‌، غير أ نّه‌ ما كان‌ يستخدم‌ حاسّتَي‌ بصره‌ وسمعه‌ المادّيّتَين‌ في‌ ذلك‌ كما نستخدمهما.

 ولو كان‌ رؤيته‌ وسمعه‌ بالبصر والسمع‌ المادّيّين‌، لكان‌ ما يجده‌ مشتركاً بينه‌ وبين‌ غيره‌، فكان‌ سائر الناس‌ يرون‌ ما يراه‌ ويسمعون‌ ما سمعه‌. والنقل‌ القطعيّ يكذّب‌ ذلك‌، فكثيراً ما كان‌ يأخذه‌ بُرحاء الوحي‌ وهو بين‌ الناس‌، فيُوحي‌ إلیه‌ ومَن‌ حوله‌ لا يشعرون‌ بشي‌ء ولا يشاهدون‌ شخصاً يكلّمه‌ ولا كلاماً يُلقي‌ إلیه‌.

 والقول‌ بأنّ من‌ الجائز أن‌ يصرف‌ الله‌ تعالی‌ حواسّ غيره‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ من‌ الناس‌ عن‌ بعض‌ ما كانت‌ تناله‌ حواسّه‌ ـ وهي‌ الاُمور الغيبيّة‌ المستورة‌ عنّا هدمٌ لبنيان‌ التصديق‌ العلميّ، إذ لو جاز مثل‌ هذا الخطأ العظيم‌علی الحواسّ ـ وهي‌ مفتاح‌ العلوم‌ الضروريّة‌ والتصديقات‌ البديهيّة‌ وغيرها لم‌ يبقَ وثوقٌعلی شي‌ء من‌ العلوم‌ والتصديقات‌.

علی أنّ هذا الكلام‌ مبنيّعلی أصالة‌ الحسّ، وأن‌ لا وجود إلاّ لمحسوس‌، وهو من‌ أفحش‌ الخطأ، وقد تقدّم‌ في‌ سورة‌ مريم‌ كلامٌ في‌ معني‌ تمثّل‌ المَلَك‌ نافعٌ في‌ المقام‌ » [15].

 ومن‌ جملة‌ الآيات‌ الدالّة‌علی نزول‌ القرآن‌ باللغة‌ العربيّة‌، الآية‌ الواردة‌ في‌ سورة‌ النحل‌:

 قُلْ نَزَّلَهُ و رُوحُ الْقُدُسِ مِن‌ رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهُدًي‌ وَبُشْرَي‌' لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ و بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي‌ يُلْحِدُونَ إلیهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـ'ذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ.[16]

 وجاء في‌ التفاسير أنّ مشركي‌ مكّة‌ كانوا يقولون‌ بأنّ محمّداً تعلّم‌ القرآن‌ من‌ حدّاد روميّ نصرانيّ كان‌ يسكن‌ في‌ مكّة‌، أو أ نّه‌ تعلّمه‌ من‌ غلام‌ ابن‌ الحضرمي‌ّ، وهو أيضاً من‌ النصاري‌.

 فكان‌ القرآن‌ يفنّد هذا الكلام‌ الواهي‌ متسَائلاً: كيف‌ يُتصوّر أن‌ يقوم‌ هذان‌ الاعجميّان‌ اللذان‌ قَدِمَا من‌ خارج‌ الجزيرة‌ العربيّة‌، واللذان‌ يجهلان‌ العربيّة‌، بتلقين‌ هذه‌ المطالب‌ للنبي‌ّ بلغة‌ عربيّة‌ فصيحة‌ في‌ القمّة‌ من‌ الإعجاز؟! [17].

 أجل‌، فهو دليل‌ واضح‌ وقاطع‌علی أنّ كفّار مكّة‌ ومعاندي‌ الإسلام‌ لم‌ يشاهدوا النبيّ ـ ولو لحظة‌ واحدة‌ يتردّد مدّة‌ عمره‌علی أحد علماء إلیهود أو النصاري‌، وإلاّ لقالوا بسهولة‌ إنّه‌ تلقّي‌ العلم‌ عن‌ ذلك‌ العالم‌ إلیهوديّ أو النصرانيّ الذي‌ كان‌ يعاشره‌ ويتردّد عليه‌؛ ولانتفت‌ الحاجة‌ لديهم‌ إلی‌ التشبّث‌ بغلام‌ ابن‌ الحضرميّ والحدّاد الروميّ وهما من‌ الاعاجم‌ الذين‌ يجهلون‌ العربيّة‌، ومن‌ الذين‌ وردواعلی بلاد الحجاز من‌ خارجها.

 ومن‌ جملة‌ الآيات‌، الآية‌ الواقعة‌ في‌ سورة‌ فصّلت‌:

 وَلَوْ جَعَلْنَـ'هُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّا ( سواء بلغة‌ أعجميّة‌ أم‌ بلغة‌ عربيّة‌ غير فصيحة‌ ) لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ ءَايَـ'تُهُ و´ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا هُدًي‌ وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي‌´ ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَميً أُولَـ'´نءِكَ يُنَادَوْنَ مِن‌ مَّكَانٍ بَعِيدٍ. [18] ( فلا يسمعون‌ منه‌ إلاّ رنين‌ صوتٍ وهمهمة‌، ولا يدركون‌ معارفه‌ وحقائقه‌ وأصالته‌، ولا يفهمون‌ منه‌ إلاّ جماله‌ الظاهريّ وتنسيق‌ آياته‌ ).

 كما أ نّه‌ ذكر في‌ صدر نفس‌ السورة‌ ـ بعد بيان‌ تفصيل‌ القرآن‌ وكونه‌ عربيّاً حقيقة‌ عدم‌ إدراكهم‌ للقرآن‌علی لسانهم‌ وبإقرارهم‌ واعترافهم‌، فقال‌:

 حم‌´ * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ * كِتَـ'بٌ فُصِّلَتْ ءَايَـ'تُهُ و قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي‌´ أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَآ إلیهِ وَفِي‌´ ءَاذَانِنَا وَقْرٌ ( لا يدعنا نفهم‌ أو ندرك‌ أو نسمعِ ) وَمِن‌ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ( لا يدعنا نراك‌ ونستمع‌ كلامك‌ لنؤمن‌ بك‌) فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَـ'مِلُونَ.[19]

 الرجوع الي الفهرس

الآیات الدالة علی نزول القرآن بلسان عربی فی سور الشوری والأحقاف و طه

 ومن‌ جملة‌ الآيات‌، الآية‌ الواردة‌ في‌ سورة‌ الشوري‌:

 وَكَذَ لِـكَ أَوْحَيْنَآ إلیـكَ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِّتُنـذِرَ ( مـن‌ العـواقب‌ الوخيمة‌ لشرور النفس‌ الامّارة‌ ) أُمَّ الْقُرَي‌' وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي‌ الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي‌ السَّعِيرِ. [20]

 ومنها، الآية‌ الواردة‌ في‌ سورة‌ الاحقاف‌:

 وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَآ إلیهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـ'ذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ * وَمِن‌ قَبْلِهِ كِتَـ'بُ مُوسَي‌'´ إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَـ'ذَا كِتَـ'بٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَـانًا عَرَبِيًّا لِّيُنـذِرَ الَّذِيـنَ ظَلَمُوا وَبُشْـرَي‌' لِلْمُحْسِنِينَ [21].

 ومنها الآية‌ المباركة‌ في‌ سورة‌ طه‌:

 وَكَذَ لِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا. [22]

 وثمّة‌ آيات‌ أُخري‌ تدلّعلی كون‌ هذا الكتاب‌ السماويّ عربيّاً، إلاّ أ نّنا اكتفينا من‌ هذه‌ الآيات‌ بالقدر الذي‌ رأيناه‌ ضروريّاً.

 وعلينا أن‌ نري‌ الآن‌ ما هي‌ مزيّة‌ اللغة‌ العربيّة‌؟ ولايّ سبب‌ اختار الله‌ تعالی‌ نبيّه‌ خاتم‌ النبيّين‌ والقرآن‌ كتابه‌ الخالد إلی‌ يوم‌ القيامة‌ وحكمه‌ وقانونه‌ الثابت‌ من‌ العرب‌؟ ولايّ علّة‌ أنزل‌ قرآنه‌ باللغة‌ العربيّة‌؟ وما هي‌ الفوائد المترتّبة‌علی ذلك‌؟ وما هو السبب‌ في‌ سرعة‌ انتشار الدين‌ الإسلاميّ في‌ العالم‌ وإيمان‌ الاُمم‌ والاقوام‌ المختلفة‌ به‌ من‌ أعماق‌ قلوبها وأرواحها، وفي‌ بقاء إيمان‌ المسلمين‌ بالدين‌ الإسلاميّ وبالقرآن‌ إلی‌ يومنا هذا، وفي‌ انكشاف‌ عظمة‌ جديدة‌ له‌ كلّ يوم‌، وفي‌ إبلاغ‌ القرآن‌ أصالته‌ بهذا اللسان‌ العربي‌ّ المبيّن‌ إلی‌ جميع‌ العلماء ودعاة‌ الحقّ؟

 الرجوع الي الفهرس

مطالب عن غوستاف لوبون فی عظمة الإسلام والعرب

 نجد من‌ المناسب‌ في‌ هذا المجال‌ ـ تمهيداً للاذهان‌ ودعماً لكلامنا أن‌ نورد مطـالب‌ عـن‌ المحقِّـق‌ الكبيـر والعالِـم‌ المنصـف‌، والمفكّـر الاجتماعي‌ّ! المنفتـح‌: الدكتـور غوستاف‌ لوبـون‌ الفرنسـي‌ّ في‌ كتابه‌ القيّم‌ النفيس‌: « تمدّن‌ اسلام‌ وعرب‌ » ( = حضارة‌ الإسلام‌ والعرب‌ ) تنويراً لاذهان‌ من‌ أحسّوا بالضياع‌ والضَّعة‌ بسبب‌ انغمارهم‌ في‌ صخب‌ عالَم‌ الغرب‌.

 يقول‌ غوستاف‌ لوبون‌ في‌ مقدّمة‌ كتابه‌:

 « وكلّما أمعنّا في‌ درس‌ حضارة‌ الإسلام‌ والعرب‌ وكتبهم‌ العلميّة‌ واختراعاتهم‌ وفنونهم‌، ظهرت‌ لنا حقائق‌ جديدة‌ وآفاق‌ واسعة‌، ولسرعان‌ ما رأينا أنّ المسلمين‌ أصحاب‌ الفضل‌ في‌ معرفة‌ القرون‌ الوسطي‌[23] لعلوم‌ الاقدمين‌، وأنّ جامعات‌ الغرب‌ لم‌ تعرف‌ لها مدّة‌ خمسة‌ قرون‌ مورداً علميّاً سوي‌ مؤلّفاتهم‌، وأ نّهم‌ هم‌ الذين‌ مدّوا أُوروبّا مادّةً وعقلاً وأخلاقاً، وأنّ التأريخ‌ لم‌ يعرف‌ أُمّة‌ أنتجت‌ ما أنتجوه‌ في‌ وقتٍ قصير، وأ نّه‌ لم‌ يَفُقْهم‌ قومٌ في‌ الإبداع‌ الفنّي‌ّ. وتأثير هذه‌ الحضارة‌ عظيم‌ في‌ الغرب‌، وهي‌ في‌ الشرق‌ أشدّ وأقوي‌، ولم‌ يتّفق‌ لاُمّة‌ أُخري‌ أن‌ تخلِّف‌ مثل‌ هذه‌ الآثار العظيمة‌ الشأن‌؛ والاُمم‌ التي‌ كانت‌ لها سيادة‌ العالم‌، كالآشوريّين‌[24]  و الفرس‌ و المصريّين‌ وإلیونان‌ و الرومان‌ توارت‌ تحت‌ أعفار الدهر ولم‌ تترك‌ لنا غير أطلال‌ دارسة‌، وعادت‌ أديانها ولغاتها وفنونها لا تكون‌ سوي‌ ذكريات‌؛ والعرب‌ وإن‌ تواروا أيضاً، لم‌ تزل‌ عناصر حضارتهم‌، وإن‌ شئت‌ فقُلْ ديانتهم‌ ولغتهم‌ وفنونهم‌ حيّةً، وينقاد أكثر من‌ مائة‌ مليون‌ شخص‌ مقيمين‌ فيما بين‌ مَرَّاكُش‌ والهند لشريعة‌ الرسول‌.[25]

 وثبتت‌ أُصول‌ شريعة‌ الرسول‌ وفنون‌ العرب‌ ولغتهم‌ أينما حلّت‌، ولم‌ يدر في‌ خَلَد أحد من‌ الفاتحين‌ الكثيرين‌ الذين‌ قهروا العرب‌ إقامة‌ حضارة‌ مقام‌ حضارة‌ العرب‌، وانتحلوا كلّهم‌ دين‌ العرب‌ وفنونهم‌، واتّخذ أكثرهم‌ العربيّة‌ لغةً له‌، وتقهقرت‌ أمام‌ الإسلام‌ في‌ الهند دياناتٌ قديمة‌، وجعل‌ الإسلام‌ مصرَ الفراعنة‌ القديمة‌، التي‌ لم‌ يكن‌ للفرس‌ وإلیونان‌ والرومان‌ فيها سوي‌ نفوذ قليل‌، عربيّة‌ تامّة‌ العروبة‌، وعرفت‌ أقوام‌ الهند والفرس‌ ومصر وإفرِيقيَّة‌ لهم‌ سادةً غير أتباع‌ محمّد فيما مضي‌، ولم‌ يعرفوا لهم‌ سادةً غيرَ مسلمين‌ بعد أن‌ رضوا بالإسلام‌ ديناً.

 حقّاً أنّ من‌ أعاجيب‌ التأريخ‌ أن‌ يُلبّي‌ نداءَ ذلك‌ الشهير المُلْهَم‌ ( يقصد النبيّ الاكرم‌ ) شعبٌ جامحٌ شديد الشكيمة‌ لم‌ يقدرعلی قهره‌ فاتحٌ، وأن‌ تنهار أمام‌ اسمه‌ أقوي‌ الدول‌، وألاّ يزال‌ يُمسك‌، وهو في‌ جدثه‌، ملايينَ من‌ الناس‌ تحت‌ شرعه‌ ».

 ويستمرّ غوستاف‌ لوبون‌ في‌ كلامه‌ إلی‌ أن‌ يقول‌:

 « وحقيقة‌ الامر هي‌ أنّ الغرب‌ وليد الشرق‌، ولا يزال‌ مِفتاح‌ ماضي‌ الحوادث‌ في‌ الشرق‌، وتبدو الفنون‌ واللغات‌ وأكثر الديانات‌ العظمي‌ بارزةً في‌ الشرق‌، ويختلف‌ سكّان‌ الشرق‌ الآن‌ عن‌ سكّان‌ البلدان‌ الاُخري‌ في‌ المبادي‌ والآراء والمشاعر.[26]

 الرجوع الي الفهرس

کلام غوستاف لوبون فی عظمة القرآن ومعنی التوحید فی الإسلام

 ويقول‌ غوستاف‌ لوبون‌ في‌ الفصل‌ الاوّل‌ من‌ الباب‌ الثاني‌ الخاصّ بالقرآن‌: « القرآن‌ هو كتاب‌ المسلمين‌ المقدّس‌، وهو أيضاً دستورهم‌ الدينيّ والمدنيّ والسياسيّ الناظم‌ لسيرهم‌ »... إلی‌ أن‌ يصل‌ إلی‌ قوله‌:

 « ولا يمكن‌ تسمية‌ محمّد فيلسوفاً كبيراً، أي‌ من‌ المفكّرين‌ المتبحّرين‌ الذين‌ يُقاسون‌ بمؤسّسي‌ البرهميّة‌ والبُدَّهيّة‌ ( أتباع‌ بودا )، فهو لم‌ ينكر سببَ الاسباب‌ كما أنكره‌ البُدّهيّون‌، ولم‌ يقل‌ مثلهم‌ بأنّ الكون‌ موجود بالضرورة‌ ذو انحلالٍ وتركيبٍ دائميين‌، ولم‌ يتّصف‌ بنصف‌ ما عند مؤلّفي‌ كتب‌ البراهمة‌ المقدّسة‌ من‌ الشكّ[27]، ولم‌ يُدْخِل‌ إلی‌ القرآن‌ مثلَ التأمّلات‌ الآتية‌ التي‌ تجدها في‌ كتب‌ الويدا:[28] « من‌ أين‌ أتي‌ هذا الكون‌؟ أهو من‌ صنع‌ خالق‌ أم‌ لا؟ يعلم‌ ذلك‌ من‌ ينظر من‌ فوق‌ الفلك‌، وقد لا يعلم‌ ». ولكنّ أقوالاً مجرّدة‌ مثل‌ هذه‌ لا تنفع‌ غير الفلاسفة‌ ».

 إلی‌ أن‌ يصل‌ إلی‌ قوله‌:

 « والدين‌ الذي‌ دعا النبي‌ُّ إلیه‌ الناس‌ سهلٌ جدّاً... ويلخّص‌ المسلمُ الإسلامَ في‌ هاتين‌ الكلمتين‌ اللتين‌ لا يُنكر إيجازهما، وهما: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَهِ » [29].

 ثمّ يقول‌ غوستاف‌ لوبون‌ في‌ الفصل‌ الثاني‌ من‌ هذا الباب‌ « فلسفة‌ القرآن‌ انتشاره‌ في‌ العالم‌ »:

 « إذا راجعنا الإسلام‌ إلی‌ عقائده‌ الرئيسيّة‌، أمكننا عدّ الإسلام‌ صورةً مبسّطة‌ عن‌ النصرانيّة‌، ومع‌ ذلك‌ فإنّ الإسلام‌ يختلف‌ عن‌ النصرانيّة‌ في‌ كثيرٍ من‌ الاُصول‌، ولا سيّما في‌ التوحيد المطلق‌ الذي‌ هو أصلٌ أساسيّ، وذلك‌ أنّ الإله‌ الواحد الذي‌ دعا إلیه‌ الإسلام‌ مهمينٌعلی كلّ شي‌ء ولا تحفّ به‌ الملائكة‌ والقدّيسون‌ وغيرهم‌ ممّن‌ يُفرَض‌ تقديسهم‌. وللإسلام‌ وحدَه‌ أن‌ يُباهي‌ بأ نّه‌ أوّل‌ دينٍ أدخل‌ التوحيدَ إلی‌ العالمَ.

 و تشتقّ سهولة‌ الإسلام‌ العظيمة‌ من‌ التوحيد المحض‌، وفي‌ هذه‌ السهولة‌ قوّة‌ الإسلام‌. والإسلام‌ وإدراكه‌ سهلٌ خالٍ ممّا نراه‌ في‌ الاديان‌ الاُخري‌ ويأباه‌ الذوق‌ السليم‌ غالباً من‌ المتناقضات‌ والغوامض‌، ولا شي‌ء أكثر وضوحاً وأقلّ غموضاً من‌ أُصول‌ الإسلام‌ القائلة‌ بوجود إله‌ واحد وبمساواة‌ جميع‌ الناس‌ أمام‌ الله‌ وببضعة‌ فروض‌ يَدخل‌ الجنّة‌ مَن‌ يقوم‌ بها، ويدخل‌ النار مَن‌ يعرض‌ عنها. وأنّك‌ إذا ما اجتمعتَ بأيّ مسلم‌ من‌ أيّة‌ طبقة‌، رأيته‌ يعرف‌ ما يجب‌ عليه‌ أن‌ يعتقد، ويسرد لك‌ أُصول‌ الإسلام‌ في‌ بضع‌ كلمات‌ بسهولة‌.

 وهو بذلك‌علی عكس‌ النصرانيّ الذي‌ لا يستطيع‌ حديثاً عن‌ التثليث‌ والاستحالة‌ وما ماثلهما من‌ الغوامض‌ من‌ غير أن‌ يكون‌ من‌ علماء اللاهوت‌ الواقفين‌علی دقائق‌ الجَدَل‌ ».

 الرجوع الي الفهرس

غوستاف لوبون: التقاء المسلمین فی أمرین: اللغة العربیة والحج

 ويستمرّ لوبون‌ في‌ كلامه‌ إلی‌ أن‌ يقول‌:

 « ولا ريب‌ في‌ أنّ نفوذ الإسلام‌ السياسيّ والمدنيّ كان‌ عظيماً إلی‌ الغاية‌، فقد كانت‌ بلاد العرب‌ قبل‌ محمّد مؤلّفة‌ من‌ إمارات‌ مستقلّة‌ وقبائل‌ متقاتلة‌ دائماً، فلمّا ظهر محمّد ومضي‌علی ظهوره‌ قرن‌ واحد، كانت‌ دولة‌ العرب‌ ممتدّة‌ من‌ بحر السند إلی‌ إسبانيا، وكانت‌ الحضارة‌ تسطع‌ بنورها الوهّاج‌ في‌ جميع‌ المدن‌ التي‌ خفقت‌ راية‌ النبيّ فوقها.

 والإسلام‌ من‌ أكثر الديانات‌ ملائمة‌ لاكتشافات‌ العلم‌، ومن‌ أعظمها تهذيباً للنفوس‌، وحملاًعلی العدل‌ والإحسان‌ والتسامح‌.

 و البُدّهيّه‌ وإن‌ فاقت‌ جميع‌ الاديان‌ الساميّة‌ فلسفةً، تراها مضطرّة‌ أن‌ تتحوّل‌ تحوّلاً تامّاً لتستمرئها الجموع‌، وهي‌ لاشكَّ دون‌ الإسلام‌ في‌ شكلها المعدّل‌ هذا.

 وجرت‌ الحضـارة‌ التي‌ أوجـدها أتـباع‌ محمّدعلی سُـنّة‌ جميـع‌ الحضارات‌ التي‌ ظهرت‌ في‌ الدنيا، نشوءٌ فاعتلاءٌ فهبوطٌ فموت‌. ومع‌ ما أصاب‌ حضارة‌ العرب‌ من‌ الدثور كالحضارات‌ التي‌ ظهرت‌ قبلها، لم‌ يمسّ الزمنُ دينَ النبيّ الذي‌ له‌ من‌ النفوذ ما له‌ في‌ الماضي‌، والذي‌ لا يزال‌ ذا سلطان‌ كبيرعلی النفوذ، مع‌ أنّ الاديان‌ التي‌ هي‌ أقدم‌ منه‌ تخسر كلّ يوم‌ شيئاً من‌ قوّتها.

 ويدين‌ بالإسلام‌ في‌ الوقت‌ الحاضر أكثر من‌ مائة‌ مليون‌ شخص‌، واعتنقته‌ جزيرة‌ العرب‌ ومصر وسورية‌ وفلسطين‌ وآسيا الصغري‌ وجزء كبير من‌ الهند وروسية‌ والصين‌، ثمّ إفريقيّة‌ إلی‌ ما تحت‌ خطّ الاستواء تقريباً.

 وتجمع‌ بين‌ مختلف‌ الشعوب‌ التي‌ اتّخذت‌ القرآن‌ دستوراً لها وحدة‌ اللغة‌ العربيّة‌ والصِّلات‌ التي‌ يُسفر عنها مجي‌ء الحجّاج‌ إلی‌ مكّة‌ من‌ جميع‌ بلاد العالم‌ الإسلامي‌ّ لحجّ بيت‌ الله‌ الحرام‌.

 وتجب‌علی جميع‌ أتباع‌ محمّد تلاوة‌ القرآن‌ باللغة‌ العربيّة‌ بقدر الإمكان‌؛ واللغة‌ العربيّة‌ هي‌ لذلك‌ أكثر لغات‌ العالم‌ انتشاراً علی ما يُحتمل‌؛ وعلي‌ ما بين‌ الشعوب‌ الإسلاميّة‌ من‌ الفروق‌ العنصريّة‌، تري‌ بينها من‌ التضامن‌ الكبير ما يُمكن‌ جمعها به‌ تحت‌ عَلَمٍ واحد في‌ أحد الايّام‌ ».

 ثمّ يستمرّ لوبون‌ في‌ بيان‌ هذا المطلب‌ حتّي‌ يصل‌ إلی‌ حيث‌ يقول‌:

 « وحين‌ نبحث‌ في‌ فتوحات‌ المسلمين‌ وأسباب‌ انتصاراتهم‌، فإنّنا سنري‌ أنّ القوّة‌ لم‌ تكن‌ عاملاً في‌ انتشار القرآن‌، فقد ترك‌ المسلمون‌ المغلوبين‌ أحراراً في‌ أديانهم‌[30]، فإذا حدث‌ أن‌ اعتنق‌ بعضُ الاقوام‌ النصرانيّة‌ الإسلامَ واتّخذوا العربيّةَ لُغةً لهم‌، فذلك‌ لِما رأوا من‌ عدل‌ المسلمين‌ الغالبين‌ ما لم‌ يروا مثله‌ من‌ سادتهم‌ السابقين‌، ولما كان‌ عليه‌ الإسلام‌ من‌ السهولة‌ التي‌ لم‌ يعرفوها من‌ قبل‌.

 وقد أثبت‌ التأريخ‌ أنّ الاديان‌ لا تُفرض‌ بالقوّة‌، فلمّا قهر النصاري‌ عربَ الاندلس‌ فضّل‌ هؤلاء القتلَ والطرد عن‌ آخرهم‌علی ترك‌ الإسلام‌.

 ولم‌ ينتشر القرآن‌ بالسيف‌ إذاً، بل‌ انتشر بالدعوة‌ وحدَها، وبالدعوة‌ وحدها اعتنقته‌ الشعوبُ التي‌ قهرت‌ العرب‌ مؤخّراً، كالترك‌ والمغول‌؛ وبلغ‌ القرآن‌ من‌ الانتشار في‌ الهند التي‌ لم‌ يكن‌ العربُ فيها غيرَ عابري‌ سبيل‌، مازاد معه‌ عدد المسلمين‌علی خمسين‌ مليون‌ نفس‌ فيها. ويزيد عدد مسلمي‌ الهند يوماً فيوماً مع‌ أنّ الإنجليز الذين‌ هم‌ سادة‌ الهند في‌ الوقت‌ الحاضر، يجهّزون‌ البعثات‌ التبشيريّة‌ ويرسلونها تِباعاً إلی‌ الهند لتنصير مسلميهاعلی غير جدوي‌.

 ولم‌ يكن‌ القرآن‌ أقلّ انتشاراً في‌ الصين‌ التي‌ لم‌ يفتح‌ العرب‌ أيَّ جزء منها قطّ، وسنري‌ في‌ فصلٍ آخر سرعةَ الدعوة‌ الإسلاميّة‌ فيها، ويزيد عدد مسلميهاعلی عشرين‌ مليوناً في‌ الوقت‌ الحاضر » [31].

 والخلاصة‌، فقد شاهدنا أنّ غوستاف‌ لوبون‌ يعتبر انتشار الإسلام‌ عائداً إلی‌ التوحيد المحض‌، خلافاً للنصاري‌ القائلين‌ بالتثليث‌، فقد تعذّرعلی الناس‌ الإيمان‌ بالمسيحيّة‌، لانّ أيّ عقل‌ لا يمكنه‌ التصديق‌ بأنّ ثلاثة‌ أشياء هي‌ شي‌ء واحد.

 الرجوع الي الفهرس

أمر المعصیة والعقاب أحد أهم موارد الإختلاف بین المسلمین والمسیحیین

عقیدة النصاری فی معصیة البشر وفداء المسیح مخالفة صریح العقل

علی أنّ من‌ موارد اختلاف‌ المسلمين‌ مع‌ المسيحيين‌ في‌ أُصول‌ العقائد ـ وهو اختلاف‌ مهم‌ لا يمكن‌ تجاهله‌، إلاّ أنّ غوستاف‌ لوبون‌ لم‌ يُشِرْ إلیه‌ أمر الذنب‌ والعقاب‌ والاجر ويوم‌ القيامة‌، حيث‌ تتقابل‌ وجهة‌ نظر الفلسفة‌ الإسلاميّة‌ مع‌ الفلسفة‌ المسيحيّة‌ في‌ قُطبين‌ متقابلين‌، إذ إنّ منطق‌ المسيحيّين‌ في‌ هذا الامر لاينسجم‌ أبداً مع‌ العقل‌ السليم‌، ولا يمكن‌ للمنصف‌ أن‌ يقبل‌ به‌. وللمسلمين‌ معهم‌ جدل‌ مستمرّ حول‌ هذه‌ القضيّة‌، ولهم‌ كلام‌ فيه‌ لم‌ يُقنع‌ أحداً من‌ المسلمين‌. وقد فرضوا هذه‌ العقيدة‌علی أنفسهم‌ اتّباعاً لتعالیم‌ الكنيسة‌.

 إنّ أي‌ّ مسلم‌ يقول‌: إنّ إله‌ العالم‌ اصطفي‌ أنبياءً ليُبَلِّغوا البشر أحكامه‌ وأوامره‌، فأرسل‌ أولئك‌ الانبياء وأجري‌ المعجزات‌علی أيديهم‌ من‌ أجل‌ أن‌ يشخّص‌ الناس‌ سبيل‌ الخير عن‌ سبيل‌ الشرّ والغيّ. فمَن‌ أطاع‌ وأحسن‌ وعمل‌ صالحاً فاز ونجي‌، ومن‌ أساء وخالف‌ الرُّسل‌ تعس‌ وعوقب‌.

 أمّا المسيحيّون‌ فلا يقولون‌ بهذا القول‌، بل‌ يعتقدون‌ بأنّ آدم‌ أبا البشر قد أذنب‌، وأنّ ذنبه‌ وخطيئته‌ قد انتقلا بالإرث‌ إلی‌ أولاده‌ وذرّيّته‌. وأنّ الله‌ تعالی‌ بعث‌ الانبياء بالشرائع‌ ليأمروا الناس‌؛ وأنّ الناس‌ يعصون‌ ليعلموا أنّهم‌ مذنبون‌. وأنّ أحداً لا يعمل‌ بأحكام‌ الشريعة‌، بل‌ إنّ الانبياء أنفسهم‌ لم‌ يعملوا بها فكانوا من‌ المذنبين‌، وإنّهم‌ زادواعلی ذنبهم‌ بمخالفتهم‌؛ ذلك‌ أنّ المعصية‌ والخطيئة‌ إرث‌ وجبلّة‌، والامر الوراثيّ الجبلّي‌ لا يمكن‌ رفعه‌.

 ويعتقدون‌ بأن‌ عمل‌ جميع‌ الناس‌ بشريعة‌ الانبياء ـعلی فرض‌ إمكانه‌ لا يمحو الخطيئة‌ الجبلّيّة‌ عن‌ الإنسان‌، لانّ الخطيئة‌ ممّا ورثه‌ عن‌ أبيه‌ فصارت‌ في‌ ذاته‌ وسرّه‌.

 ثمّ إنّ الله‌ تعالی‌ يتجلّي‌ في‌ صورة‌ المسيح‌ لتطهير الناس‌ من‌ الخطيئة‌، فيقدّر إذلاله‌ وقتله‌علی أيدي‌ إلیهود، ثمّ يحيي‌ من‌ جديد ليرفع‌ بقتله‌ الخطيئة‌ عن‌ البشر.

 هذه‌ هي‌ عقيدة‌ النصاري‌ التي‌ يتمسّكون‌ بها والمسطورة‌ في‌ كتبهم‌؛ ولو سألتم‌ أيّ داعية‌ مسيحيّ متنوّر عن‌ أُصول‌ دينه‌، لذكر ما ذكرناه‌ من‌ الخرافات‌ المخالفة‌ لصريح‌ العقل‌.

 إنّ الله‌ تعالی‌ عادل‌ رحيم‌، بل‌ هو أرحم‌ الراحمين‌، ولا يؤاخذ الابناء أبداً بخطيئة‌ أبيهم‌، ولا يعذّب‌ مَن‌ لم‌ يعصه‌. ولو تاب‌ مُذنبٌ إلیه‌ لعفا عنه‌، لا نّه‌ أرحم‌ من‌ الاب‌ والاُمّ اللذين‌ لو أبق‌ ولدهما ثمّ ندم‌ وعاد إلیهما لاستقبلاه‌ وضمّاه‌ في‌ حنوٍّ وشفقة‌. فلا يستلزم‌ الامر من‌ أجل‌ غفران‌ الخطيئة‌ أن‌ يذلّ نفسه‌ ويقتلها بأيدي‌ إلیهود.

 وما الارتباط‌ والعلاقة‌ بين‌ قتله‌ وبين‌ غفران‌ خطيئة‌ البشر؟! إنّ الله‌ تبارك‌ وتعالی‌ منزّه‌ مبرّأ من‌ التجسّم‌ والحلول‌ ولوازمهما؛ ولو اقتضت‌ رحمته‌ أن‌ يعفو عن‌ جميع‌ الخاطئين‌، عفي‌ عنهم‌؛ ولو اقتضي‌ عدله‌ أن‌ يعذّب‌ مستحقّي‌ العذاب‌، عذّبهم‌.

 هذه‌ الاُسس‌ الواهية‌ المتداعية‌ لعقيدة‌ النصاري‌، والله‌ سبحانه‌ وعيسي‌ ابن‌ مريم‌ منها براء. وهذا الامر يكفي‌ لوحده‌ في‌ بطلان‌ مذهبهم‌. ومَن‌ تأمّل‌ في‌ ذلك‌ تحيّر فيه‌، لا نّه‌ مخالف‌ للعقل‌. ومع‌ أ نّهم‌ يعترفون‌ بمخالفة‌ ذلك‌ للعقل‌، إلاّ أ نّهم‌ يقولون‌: لا مفرّ من‌ الاعتقاد بذلك‌، فقد ورد في‌ الكتب‌ المقدّسة‌ بهذه‌ الكيفيّة‌. ولو اعترضتم‌ عليهم‌ بالاُمور التإلیة‌ وسألتموهم‌ عنها، فماذا سيجيبون‌ يا تري‌؟

 1 ـ بأي‌ّ دليل‌ صار الكتاب‌ المقدّس‌ حجّة‌، ولِمَ تَقولون‌ إنّ مطالبه‌ من‌ قبل‌ الله‌، مع‌ أ نّكم‌ تقولون‌ بأنّ الانبياء السابقين‌ كانوا خاطئين‌؟ إنّ المذنب‌ الخاطي‌ قد يكذب‌ فيمزج‌ كذبه‌ بالوحي‌ ويتلوه‌علی الناس‌.

 2 ـ كيف‌ تبيّن‌ بأنّ حواريي‌ المسيح‌ لم‌ يكذبوا فيُدخلوا في‌ الإنجيل‌ ما ليس‌ فيه‌ ثمّ ينسبونه‌ إلی‌ المسيح‌؟ ذلك‌ أنّ الله‌ الذي‌ يعذّب‌ الابن‌ ـ خلافاً للعدل‌ بذنب‌ أبيه‌، دون‌ أن‌ يخشي‌ قُبح‌ عمله‌، قد يجري‌ المعجزة‌علی يد كذّاب‌ يدّعي‌ الربوبيّة‌. فكان‌ عيسي‌ ـ والعياذ بالله‌ ـ كاذباً ادّعي‌ الربوبيّة‌، فأحيا الله‌علی يده‌ الموتي‌ وأجري‌ المعجزة‌علی يده‌ دون‌ أن‌ يخشي‌ قبح‌ هذا العمل‌. ذلك‌ أنّ الله‌ سبحانه‌ ليس‌ عادلاً حسب‌ عقيدتكم‌.

 3 ـ إن‌ قلتم‌ بأنّ الله‌ عادل‌ لا يفعل‌ القبيح‌؛ قُلنا: فهو ـ إذاً لا يعذّب‌ بني‌ آدم‌ بذنب‌ أبيهم‌؛ وهو لذلك‌ غير محتاج‌ للهبوط‌ إلی‌ الارض‌ وللتعرّض‌ للقتل‌ والصلب‌.

 وقد ذكر العلماء المسـلمون‌ هذا الإشـكال‌علی النصـاري‌، وذكره‌ آية‌ الله‌ الشعرانيّ في‌ كتاب‌ « راه‌ سعادت‌ ». [32]

 أجل‌، فإنّ غوستاف‌ لوبون‌ يقول‌ في‌ الفصل‌ الخامس‌ من‌ كتاب‌ « تمدّن‌ »، ( = الحضارة‌ )، الباب‌ الاوّل‌ الذي‌ يدور عن‌ المناهج‌ العلميّة‌ وأُسلوب‌ التعليم‌ والتحقيق‌:

 « ولم‌ تقتصر خدمات‌ المسلمين‌علی ترقية‌ العلوم‌ بما اكتشفوه‌، بل‌ إنّهم‌ نشروها كذلك‌ بما أقاموا من‌ الجامعات‌ وما ألّفوا من‌ الكتب‌، فكان‌ لهم‌ الاثر البالغ‌ في‌ أُوروبّا من‌ هذه‌ الناحية‌، وستري‌ في‌ الفصل‌ الذي‌ ندرس‌ فيه‌ هذا التأثير أنّ المسلمين‌ وحدهم‌ كانوا أساتذة‌ الاُمم‌ النصرانيّة‌ عدّة‌ قرون‌، وأ نّنا لم‌ نطّلع‌علی علوم‌ قدماء إلیونان‌ والرومان‌ إلاّ بفضل‌ المسلمين‌، وأنّ التعليم‌ في‌ جامعاتنا لم‌ يستغنِ عمّا نُقل‌ إلی‌ لغاتنا من‌ مؤلّفات‌ المسلمين‌ إلاّ في‌ الازمنة‌ الحاضرة‌ » [33].

 الرجوع الي الفهرس

بحث غوستاف لوبون حول اللغة العربیة

 ويقول‌ في‌ الباب‌ الثاني‌ ( اللغة‌، الفلسفة‌، الادب‌، التأريخ‌ )، في‌ الفصل‌ الاوّل‌ منه‌ الخاصّ باللغة‌ العربيّة‌:

 « تعدّ اللغة‌ العربيّة‌ من‌ اللغات‌ الساميّة‌، وتشبه‌ اللغة‌ العبريّة‌ كثيراً، وتختلف‌ في‌ مخارجها عن‌ أكثر اللغات‌ الاُوروبّيّة‌، فيجد الاجانب‌ صعوبةً كبيرة‌ في‌ النطق‌ بها.

 ونجهل‌ تأريخ‌ نشوء اللغة‌ العربيّة‌ كما نعرفها الآن‌، ولكنّنا نعلم‌ من‌ الشعر العربيّ ـ الذي‌ قيل‌ قبل‌ ظهور محمّد بقرنٍ واحد أنّ اللغة‌ العربيّة‌ كانت‌ قد وصلت‌ إلی‌ درجة‌ كمالها الحاضر.

 حقّاً، تشتمل‌ اللغة‌ العربيّة‌علی لهجات‌ كثيرة‌، ولكنّ كتّاب‌ المسلمين‌ أجمعواعلی أنّ لهجة‌ قبيلة‌ محمّد تمتاز بأ نّها أفصح‌ لهجات‌ العرب‌، وكان‌ من‌ تأثير القرآن‌ أن‌ جعل‌ من‌ اللهجة‌ التي‌ كُتِب‌ بها لغةً عامّة‌.

 واللغة‌ العربيّة‌ من‌ أكثر اللغات‌ انسجاماً، وهي‌ ـ لا ريبَ مختلفة‌ اللهجات‌ في‌ سوريّة‌ وجزيرة‌ العرب‌ ومصر والجزائر و غيرها. ولم‌ يكن‌ هذا الاختلاف‌ في‌ غير الاشكال‌، فتري‌ المراكشي‌َّ يفهم‌ بسهولة‌ لَهجة‌ المصريّين‌ أو لهجةَ سكّان‌ جزيرة‌ العرب‌ مثلاً، مع‌ أنّ سكّان‌ القري‌ الشمإلیة‌ الفرنسيّة‌ لا يفهمون‌ كلمةً من‌ لهجات‌ سكّان‌ القري‌ الجنوبيّة‌ في‌ فرنسا. واسمع‌ ما قاله‌ الرحّالة‌ بوركْهارْد[34] الذي‌ يُعدّ حجّة‌ في‌ هذا الموضوع‌:

 « تجد اختلافاً كبيراً، لا ريبَ، في‌ لهجات‌ اللغة‌ العربيّة‌ العامّيّة‌ أكثر ممّا في‌ أيّة‌ لغة‌ أُخري‌علی ما يُحتمل‌، ولكنّه‌ لا يَصْعُب‌ عليك‌ أن‌ تفهمها جميعها إذا ما تعلّمتَ إحداها. وذلك‌علی الرغم‌ من‌ اتّساع‌ البلدان‌ التي‌ يتكلّم‌ أهلوها بها، وهي‌ الواقعة‌ بين‌ مدينة‌ مُغَادر[35]  ومدينة‌ مَسْقط‌، وقد يكون‌ لاختلاف‌ طبيعة‌ البلدان‌ تأثيرٌ في‌ اختلاف‌ تلك‌ اللهجات‌ التي‌ هي‌ عَذْبةٌ في‌ أودية‌ مصر والعراق‌ الدنيا، وجافّةٌ في‌ سوريّة‌ وجبال‌ بلاد البربر؛ وأعظمُ فَرْق‌ ـ كما أعلم‌ هو ما بين‌ لهجة‌ المغاربة‌ في‌ مراكش‌ ولهجة‌ الاعراب‌ بالقرب‌ من‌ مكّة‌ في‌ الحجاز، ولكنّ هذا الفرق‌ بين‌ تينك‌ اللهجتَين‌ لا يزيدعلی اختلاف‌ لهجة‌ فلاّحي‌ سواب‌ ( جنوب‌ ألمانيا) عن‌ لهجة‌ فلاّحي‌ سكسونية‌ ( شمال‌ ألمانيا )... ».

 وما قلناه‌ عن‌ نجاح‌ المسلمين‌ في‌ نشر دينهم‌، نقول‌ مثله‌ عن‌ اللغة‌ العربيّة‌؛ فمع‌ أنّ الفاتحين‌ الذين‌ ظهروا قبل‌ العرب‌ لم‌ يستطيعوا أن‌ يفرضواعلی الاُمم‌ المغلوبة‌ لغاتهم‌، قَدَرَ المسلمون‌ ـ بالعكس‌ ـعلی فرض‌ لغتهم‌ عليهم‌. ولمّا صارت‌ اللغة‌ العربيّة‌ عامّة‌ في‌ جميع‌ البلاد التي‌ استولوا عليها، حلّت‌ محلّ ما كان‌ فيها من‌ اللغات‌، كالسريانيّة‌، وإلیونانيّة‌ والقبطيّة‌ والبربريّة‌ إلی‌ آخره‌.

 وكان‌ للّغة‌ العربيّة‌ مثل‌ ذلك‌ الحظّ زمناً طويلاً، حتّي‌ في‌ بلاد فارس‌علی الرغم‌ من‌ يقظة‌ الفرس‌، أي‌ ظلّت‌ اللغة‌ العربيّة‌ في‌ بلاد فارس‌ لغة‌ أهل‌ الادب‌ والعلم‌.

 وانتحل‌ الترك‌ أنفسهم‌، وهم‌ الذين‌ احتلّوا البلاد الإسلاميّة‌، الخطّ العربي‌ّ، ولا تجد في‌ تركيا إنساناًعلی شي‌ءٍ من‌ التعليم‌ لا يستطيع‌ أن‌ يفهم‌ لغةَ القرآن‌ بسهولة‌.

 ولم‌ يشذّ عن‌ ذلك‌ سوي‌ الاُمم‌ اللاتينيّة‌ الاُوروبّيّة‌ التي‌ لم‌ تقم‌ اللغةُ العربيّة‌ مقامَ لغاتها القديمة‌، ومع‌ ذلك‌ فإنّ اللغة‌ العربيّة‌ ذاتُ أثر عميق‌ في‌ اللغات‌ اللاتينيّة‌. وقد ألّف‌ دوزي[36]و أنجلمن[37]معجماً في‌الكلمات‌ الإسبانيّة‌ والبرتغإلیة‌ المشتقّة‌ من‌ اللغة‌ العربيّة‌.

 وتركت‌ لغة‌ العرب‌ أثراً مهمّاً في‌ فرنسا نفسها، وذكر سِيديّو والحقُّ ما ذكر « أنّ اللهجات‌ السائدة‌ لولاية‌ أوفِرْن‌ وولاية‌ ليموزان‌ الفرنسيّتَين‌ محشوّة‌ بالكلمات‌ العربيّة‌، وأنّ أسماء الاعلام‌ فيهما ذات‌ مسحة‌ عربيّة‌ ».

 قال‌ هذا المؤلف‌: « ومن‌ الطبيعيّ أن‌ تقتبس‌ فرنسا وإيطإلیا من‌ العرب‌، الذين‌ كانوا سادة‌ البحر المتوسّط‌ منذ القرن‌ الثامن‌ من‌ الميلاد، أكثر الاصطلاحات‌ البحريّة‌ مثل‌: أميرال‌، اسكادر، فلوت‌، فرگات‌، كارافِل‌، شالوپ‌، سلوپ‌، بارك‌، شيورم‌، دارس‌، كالفات‌، استاكاد [38] وغيرها، ولا سيّما بوسول‌[39] ( البوصلة‌ ) التي‌ عُزي‌ أمرها إلی‌ أهل‌ الصين‌علی غير حقّ.

 وأن‌ تقتبس‌ جيوشهما ألقاب‌ ضبّاط‌ جيوش‌ المسلمين‌ وتعابير وَغَي‌ الحرب‌، واستعمالَ بارود المدافع‌، و القنابل‌، و الحرّاقات‌، و القذائف‌؛ وأن‌ تأخذ عن‌ حكومة‌ بغداد وحكومة‌ قرطبة‌ التعابير الإداريّة‌ مثل‌: معاون‌، گابل‌، تاي‌، تاريف‌، دوآن[40]‌، بازار وغيرها، وأن‌ يقلّد ملوك‌ الاسرة‌ الثالثة‌ الفرنسيّة‌ المسلمين‌، فيأخذوا عنهم‌ معظم‌ اصطلاحات‌ الصيد، حتّي‌ لفظ‌ تورنامنت‌ التي‌ عدّها علماء اللغة‌ المعاصرون‌ خطأً مشتقّة‌ من‌ اللاتينيّة‌، والتي‌ تعود إلی‌ الكلمة‌ العربيّة‌ دَوَران‌ التي‌ تعني‌ الحركة‌ الدائريّة‌. وأهمّ من‌ ذلك‌ كلّه‌ اصطلاحات‌ العلوم‌ التي‌ اقتبسناها من‌ العرب‌، ففي‌ علوم‌ الرياضيّات‌، الكيمياء، علم‌ الحيوان‌، الطبّ، أسماء الادوية‌، هناك‌ ألفاظ‌ كثيرة‌ ترجع‌ إلی‌ أصل‌ عربيّ. وعلم‌ الفلك‌علی الخصوص‌ مملوء بالتعابير العربيّة‌، حتّي‌ أنّ أسماء أكثر النجوم‌ مقتبسة‌ من‌ العربيّة‌، كما أنّ كلمة‌ « أساسن‌ »[41] التي‌ تطلق‌ في‌ عصرناعلی القاتل‌ الذي‌ يقتل‌ الناس‌ خُفية‌، مشتقّة‌ من‌ كلمة‌ « الحشّاش‌ » العربيّة‌ ».

 وزعم‌ مؤلّف‌ أحد المعجمات‌ الاشتقاقيّة‌ الفرنسيّة‌ الذي‌ أُ لِّف‌ حديثاً أنّ إقامة‌ العرب‌ بجنوب‌ فرنسا لم‌ تُسفر عن‌ شي‌ء، لا في‌ اللهجات‌، ولا في‌ اللغة‌؛ فقلّة‌ قيمة‌ هذا الرأي‌ تبدو ممّا قُلناه‌ آنفاً. ومن‌ العجيب‌ أن‌ يكرّر بعض‌ المثقّفين‌ مثلَ هذا الزعم‌.

 واللغة‌ العربيّة‌ غنيّة‌ جدّاً، وزاد غِناها بما أُضيف‌ إلیها دائماً من‌ التعابير الجديدة‌ التي‌ تسرّبت‌ فيها من‌ اللهجات‌ التي‌ اتّصلت‌ بها، وانظر إلی‌ المعجم‌ الذي‌ ألّفه‌ ابن‌ سيده‌ المتوفّي‌ سنة‌ 1065 م‌ تجده‌ مشتملاًعلی عشرين‌ جزءاً » [42].

 الرجوع الي الفهرس

لاتوجد فی جمیع العالم لغة تماثل العربیة جلالة ورفعة

 وتعود لغات‌ العالَم‌ الحيّة‌ إلی‌ أصلَين‌: الاصل‌ الساميّ، و الاصل‌ الهنديّ والاُوروبّيّ؛ وأفضل‌ اللغات‌ الاُوروبّيّة‌ وأتقنها هي‌ اللغة‌ الفرنسيّة‌ التي‌ تمتلك‌ قواعد وأدبيات‌ متينة‌، أمّا اللغة‌ الالمانيّة‌ فهي‌علی الرغم‌ من‌ صعوبة‌ تعلّمها وامتلاكها قواعد لغويّة‌، لا تقف‌ في‌ مصاف‌ اللغة‌ الفرنسيّة‌. والحال‌ كذلك‌ بالنسبة‌ إلی‌ اللغات‌ الإيطإلیة‌ والإسبانيّة‌ والروسيّة‌. وقد تفوّقت‌ اللغة‌ الإنجليزيّة‌ في‌ عصرنا الحإلی‌ ـ مع‌ الاسف‌ نتيجة‌ غلبة‌ الاستعمار في‌ العالم‌، بَيدَ أ نّها لغة‌ ضحلة‌ تفتقر إلی‌ القواعد والنكات‌ الادبيّة‌؛ وتمتاز الإنجليزيّة‌ بالبساطة‌، وقواعدها وقراءتها في‌ منتهي‌ السهولة‌، وهي‌ دون‌ الفرنسيّة‌ في‌ القياس‌، بل‌ لا يمكن‌ مقايستهما ببعضهما، ولذلك‌ فإنّ تلاميذ المدارس‌ كانوا يُخيّرون‌ في‌ بداية‌ التجديد بين‌ اللغة‌ الفرنسيّة‌ واللغة‌ الإنجليزيّة‌، فكان‌ التلاميذ الاذكياء الذوّاقون‌ يختارون‌ الفرنسيّة‌ لرغبتهم‌ في‌ دراسة‌ العلوم‌ الفرنسيّة‌ والادب‌ الفرنسيّ. ثمّ إنّ الإنجليزيّة‌ تفوّقت‌ تدريجيّاً نتيجة‌ تسلّط‌ إنجلترا وأمريكا، فتوقّف‌ تدريس‌ اللغة‌ الفرنسيّة‌، وصارت‌ الإنجليزيّة‌ تُدرّس‌ في‌ جميع‌ المدارس‌ عدا الفروع‌ الفنّيّة‌ والصناعيّة‌ التي‌ كانت‌ مدارسها تدرّس‌ الالمانيّة‌ لتقدّم‌ الالمان‌ في‌ هذا الفنّ.

 أمّا اللغات‌ الساميّة‌، فإنّ اللغة‌ العربيّة‌ أفضلها دون‌ مُنازع‌ في‌ الادب‌ والقواعد النحويّة‌ والصرف‌ والمحسّنات‌ البديعيّة‌ والبيانيّة‌، وفي‌ كثرة‌ المفردات‌ والاشتقاقات‌ والفصاحة‌ والبلاغة‌، وفي‌ القدرة‌علی الفهم‌ والتفهيم‌ وإيراد المطالب‌ المهمّة‌ والعلوم‌ المعقّدة‌ والمسائل‌ المفصّلة‌ بأوجز عبارة‌، مع‌ بيان‌ أصل‌ المرادعلی أكمل‌ نحوٍ وأتمّه‌، حتّي‌ أنّ اللغة‌ العبريّة‌ ـ التي‌ هي‌ من‌ اللغات‌ الساميّة‌ أيضاً لا تدانيها رفعةً وسموّاً. وتشهدعلی صدق‌ دعوانا الاشعار والقصائد العربيّة‌ من‌ زمن‌ الجاهليّة‌ إلی‌ عصرنا الحاضر، والخُطب‌ والكتب‌ المدوّنة‌ في‌ الادب‌ العربيّ الموجودة‌ في‌ أيدينا.

 ولو شئنا مقارنة‌ اللغة‌ العربيّة‌ في‌ شرق‌ الارض‌ مع‌ اللغة‌ الفرنسيّة‌ في‌ غربها، لشاهدنا أنّ العربيّة‌ أوسع‌ بكرّات‌ وأفصح‌ من‌ الفرنسيّة‌ وأكثر أصالةً، وأنّ القواعد والصرف‌ والنحو والاشتقاق‌ والمفردات‌ والمعاني‌ والبيان‌ أدقّ في‌ العربيّة‌ وأعمق‌ وأظرف‌.

 ومن‌ هنا، فإنّ أيّة‌ لغة‌ في‌ جميع‌ العالم‌ لا توازي‌ اللغة‌ العربيّة‌ في‌ علوّ مقامها وجلالها. وهناك‌ جهة‌ مهمّة‌ تضاف‌ إلی‌ ذلك‌، وهي‌ أنّ الله‌ تعالی‌ أنزل‌ قرآنه‌ الكريم‌ باللغة‌ العربيّة‌، واختار نبيّه‌ خاتم‌ الانبياء، الذي‌ جعل‌ دينه‌ وحكمه‌ في‌ العالم‌ قائماً إلی‌ يوم‌ القيامة‌، من‌ العرب‌ ومن‌ نسل‌ إسماعيل‌ ابن‌ النبيّ إبراهيم‌ عليهما سلام‌ الله‌.

 ولو لم‌ تُعزل‌ الحكومة‌ والولاية‌ عن‌ أهل‌ بيت‌ النبيّ. وكان‌ زمام‌ أمر الدعوة‌ إلی‌ الدين‌ وترويجه‌ ونشره‌ في‌ إلید المباركة‌ لامير المؤمنين‌علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ أفضل‌ صلوات‌ المصلّين‌، لاعتنق‌ العالَمُ الدينَ الإسلاميّ في‌ سنوات‌ صدر الإسلام‌، ولاختار بترحاب‌ صدر اللغة‌ العربيّة‌، لغة‌ القرآن‌ المبين‌ والنبيّ الخاتم‌. لكنّ انحراف‌ التأريخ‌ سبّب‌ انحراف‌ منهج‌ التعليم‌ والتربية‌، وأزال‌ الرحي‌ الدائرة‌ عن‌ قُطبها ومحورها، فأوكل‌ تلك‌ الدعوة‌ العامّة‌ والإسلام‌ العالميّ والقرآن‌ العالميّ والتحدّث‌ بلغة‌ رسول‌ الله‌ البيلغة‌ الفُصحي‌ إلی‌ زمان‌ ظهور قائم‌ آل‌ محمّد روحي‌ وأرواح‌ العالمين‌ له‌ الفِداء.

 إنّ الادب‌ العربيّ وبلاغة‌ اللغة‌ العربيّة‌ وأصالتها لها ـ دون‌ ريب‌ تأثير عميق‌ في‌ أخلاقهم‌ وصفاتهم‌ الذاتيّة‌ ومَلَكاتهم‌، أي‌ أ نّها تمتلك‌ ـ بتعبيرٍ آخر تأثيراً بالغاً في‌ ثقافتهم‌ وآرائهم‌ وأُسلوب‌ تفكيرهم‌ وأفكارهم‌ الخاصّة‌.

 ونحن‌ نشاهد في‌ العرب‌ صفاتاً ليس‌ لها شبيه‌ ولا نظير في‌ جميع‌ أُمم‌ العالم‌، منها الشجاعة‌، والسخاء والإيثار، والوفاء بالعهد والميثاق‌، والغيرة‌ والدفاع‌ عن‌ الشرف‌ والعشيرة‌، وإيواء اللاجي‌ إلیهم‌ والدفاع‌ عنه‌ إلی‌ حدّ الاستماتة‌، والضيافة‌ وحبّ الضيف‌، والصدق‌ وعدم‌ النفاق‌، وعلوّ الهمّة‌ وثبات‌ العزيمة‌، وغير ذلك‌ من‌ الصفات‌ التي‌ تشرّبت‌ بها هذه‌ الاُمّة‌، وتفرّعت‌ من‌ هذه‌ الدوحة‌. [43]

 وهذه‌ الصفات‌ بأجمعها تدلّعلی عظمة‌ أُصولهم‌، وأصالة‌ بُنيتهم‌ وكيانهم‌ الروحي‌ّ والبدني‌ّ. والقصص‌ التأريخيّة‌ التي‌ تفوق‌ الحصر في‌ كلّ واحد من‌ الموارد المذكورة‌ خير دليلٍعلی كلامنا.

 وستمكّن‌ نظرة‌ أجمإلیة‌علی دورات‌ كتب‌ « صبح‌ الاعشي‌ » تإلیف‌ الشيخ‌ أبي‌ العبّاس‌ أحمد القلقشندي‌ّ، و « نهاية‌ الارب‌ في‌ فنون‌ الادب‌ » تإلیف‌ شهاب‌ الدين‌ أحمد بن‌ عبد الوهّاب‌ النويريّ، و « الاغاني‌ » تإلیف‌ أبي‌ الفرج‌ الإصفهانيّ، من‌ كتب‌ المتقدّمين‌؛ ودورة‌ كتاب‌ « قصص‌ العرب‌ » تإلیف‌ محمّد أحمد جاد المولي‌، وعلي‌ محمد بَجاوي‌، ومحمّد أبي‌ الفضل‌ إبراهيم‌ الذي‌ ألّف‌ مؤخّراً؛ ستمكّن‌ الشخص‌ الخبير الباحث‌علی التعرّف‌علی كثير من‌ حالات‌ العرب‌ الاصيلة‌ والعريقة‌.

 وهناك‌ جدل‌ دائر بين‌ علماء الاجتماع‌ حول‌ الامر التإلی‌: هل‌ نشأت‌ هذه‌ الصفات‌ من‌ اللغة‌ وسعة‌ الكلام‌ والادب‌، أم‌ أنّ هذه‌ الصفات‌ والملكات‌ هي‌ التي‌ سبّبت‌ اتّساع‌ الثقافة‌ واللغة‌ والادب‌؟ وعلي‌ أ يـّة‌ حال‌، فإنّ التلازم‌ والتقارن‌ الوجوديّ بينهما ممّا لا يمكن‌ إنكاره‌، وهو أمر كافٍ ليضع‌ العنصر العربيّ، وهو عنصر رسول‌ الله‌ وهُداة‌ الدين‌: الائمّة‌ الطاهرين‌، في‌ الذروة‌ من‌ الرقيّ والكمال‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

إرجاعات


[1] ـ الآيات‌ 192 إلي‌ 199، من‌ السورة‌ 26: الشعراء.

 يقول‌ الدكتور علي‌ أكبر الشهابيّ في‌ كتاب‌ «رَه‌ آورد يا سه‌ گفتار» ص‌ 108: «وكيف‌ نوي‌ ابن‌ المُقفَّع‌ الكاتب‌ الاءيرانيّ المبرّز الذي‌ عزّ له‌ مثيل‌ يُدانيه‌ في‌ عصره‌ في‌ فصاحته‌ وبلاغته‌ العربيّة‌، أن‌ يقوم‌ بمعارضة‌ القرآن‌ الكريم‌ مع‌ عدّة‌ نفر من‌ أصحابه‌، فتصفّحوا آيات‌ القرآن‌، فلمّا بلغوا قوله‌ تعالي‌: وَقِيلَ يَـ'´أَرْضُ ابْلَعِي‌ مَآءَكِ وَيَـ'سَمَآءُ أَقْلِعِي‌ وَغِيضَ الْمَآءُ وَقُضِيَ الاْمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَي‌ الْجُودِيِّ، قالوا: ما هذا بكلام‌ بشر! وعادوا عمّا نووه‌؟».

[2] ـ صدر الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[3] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 6، من‌ السورة‌ 39: الزمر.

[4] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 25، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[5] ـ صدر الآية‌ 105، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[6] ـ الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 15: الحجر.

[7] ـ كان‌ مشركو العرب‌ يعتقدون‌ انّ لكلّ طائفة‌ من‌ الموجودات‌ والمخلوقات‌ ربّاً خاصّاً يعدّونه‌ مستقل‌ التأثير في‌ الاءيجاد، وكان‌ يعتقدون‌ بأنّ الله‌ تعالي‌ هو ربّ الارباب‌، فجاء القرآن‌ فحذف‌ عنوان‌ الاءستقلال‌، واعتبر انّ الله‌ تعالي‌ هو وحده‌ ربّ العالمين‌ المؤثّر المستقلّ.

[8] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 97، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[9] ـ صدر الآية‌ 102، من‌ السورة‌ 16: النحل‌.

[10] ـ الآية‌ 18، من‌ السورة‌ 75: القيامة‌.

[11] ـ صدر الآية‌ 108، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌؛ وصدر الآية‌ 6، من‌ السورة‌ 45: الجاثية‌.

[12] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 10، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

[13] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 283، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[14] ـ وهو شدّة‌ الكرب‌ من‌ ثقل‌ الوحي‌.

[15] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 15، ص‌ 344 إلي‌ 347.

[16] ـ الآيتان‌ 102 و 103، من‌ السورة‌ 16: النحل‌.

ترجمة أحوال مفسر الشیعة الکبیر:السید الرضی رحمه الله(ت)

[17] ـ أورد آية‌ الله‌ السيّد حسن‌ الصدر في‌ كتابه‌ «تأسيـس‌ الشـيعة‌ لعلوم‌ الاءسـلام‌» ص‌ 338 و 339، الفصل‌ 12، في‌ تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ العلوم‌ القرآنيّة‌، مطلباً في‌ ترجمة‌ المفسّر الشيعيّ الكبير؛ السيّد الرضيّ، دالّ علي‌ إعجاز القرآن‌، ونحن‌ نذكره‌ هنا للمناسبة‌؛ قال‌:

 «ومنهم‌ (أي‌: من‌ جملة‌ مفسّري‌ الشيعة‌) الشريف‌ الرضيّ ذو الحسبَين‌ أبوالحسن‌ محمّد بن‌ أبي‌ أحمد الحسينيّ بن‌ موسي‌ الابرش‌ بن‌ محمّد بن‌ موسي‌ أبي‌ سجة‌ بن‌ إبراهيم‌ الاصغر بن‌ الاءمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليهما السلام‌، كان‌ فصيح‌ قريش‌ وناطقة‌ الاُدباء ومقدام‌ العلماء والمبرّز علي‌ سائر الفضلاء والبلغاء، المتقدّم‌ ذكره‌ في‌ مشاهير الشعراء؛ صنّف‌ في‌ جميع‌ علوم‌ القرآن‌، منها كتابه‌ المترجم‌ ب «حقائق‌ التنزيل‌ ودقائق‌ التأويل‌» كشف‌ فيه‌ عن‌ غرائب‌ القرآن‌ وعجائبه‌ وخفاياه‌ وغوامضه‌، وأبان‌ غوامض‌ أسراره‌ ودقائق‌ أخباره‌، وتكلّم‌ في‌ تحقيق‌ حقائقه‌ وتدقيق‌ تأويله‌ بما لم‌ يسبقه‌ أحدٌ إليه‌، ولا حام‌ طائر فكر أحدٍ عليه‌، وهو مع‌ ذلك‌ في‌ كبر تفسير «التبيان‌»، والذي‌ رأيتُ منه‌ هو الجزء الخامس‌ من‌ أوّل‌ سورة‌ آل‌ عمران‌ إلي‌ أواسط‌ سورة‌ النساء، جاءنا به‌ ثقة‌ الاءسلام‌ العلاّمة‌ النوريّ قدّس‌ سرّه‌ من‌ خراسان‌، كتبه‌ من‌ النسخة‌ التي‌ في‌ خزانة‌ الكتب‌ في‌ المشهد المقدّس‌ الرضويّ علي‌ مشرّفه‌ السلام‌. وبالجملة‌ ليس‌ الرائيّ كمن‌ سمع‌، إن‌ كان‌ هذا هو التفسير فغيره‌ بالنسبة‌ إليه‌ قشر اللباب‌ بلا ارتياب‌، ولعمري‌ أ نّه‌ الذي‌ يبيّن‌ بالعيان‌ لا بالبرهان‌:

 أَنَّ القُرْءَانَ هُوَ الكَلاَمُ المُتَعَذّرُ المُعوزُ، وَالمُمْتَنِعُ المُعْجِزُ، بِعِبَارَاتٍ تَضَمَّنَتْ عَجَائِبَ الفَصَاحَةِ وَبَدَايِعِهَا، وَشَرَائِفَ الكَلاَمِ وَنَفَايِسِهَا، وَجَوَاهِرَ الاْلْفَاظِ وَفَرَائِدِهَا. يَعْجَزُ ـ وَاللَهِ فَمُ البَيَانِ عَنْ بَيَانِهَا، وَيَضِيقُ صَدْرُ القَوْلِ عَنْ قِيلِهَا، وَيَكِلُّ لِسَانُ اليَرَاعِ عَنْ تَحْرِيرِهَا.

 فليتني‌ بباقي‌ أجزائه‌ أحظي‌، وللتمتّع‌ بأنوارها أبقي‌، وعلي‌ الدنيا العفا بعد فقدها.

 ويا للّه‌ العجب‌ من‌ غزارة‌ علم‌ هذا السيّد الشريف‌ مع‌ قلّة‌ عمره‌ في‌ الدنيا ويأتي‌ بمثل‌ هذا التصنيف‌، ثمّ بـ «المجازات‌ القرآنيّة‌» ثمّ بكتاب‌ «المتشابه‌ في‌ القرآن‌» وكتاب‌ «المجازات‌ النبويّة‌» وكتاب‌ «تعليق‌ خلاف‌ الفقهاء» وكتاب‌ «تعليقة‌ الاءيضاح‌» لابي‌ عليّ، وكتاب‌ «خصائص‌ الائمّة‌» وكتاب‌ «نهج‌ البلاغة‌» وكتاب‌ «تلخيص‌ البيان‌ في‌ مجازات‌ القرآن‌» وكتاب‌ «الزيادات‌ في‌ شعر أبي‌ تمام‌» وكتاب‌ سيرة‌ والده‌ الطاهر، وكتاب‌ «انتخاب‌ شعر ابن‌ الحجّاج‌»، وكتاب‌ «مختار شعر أبي‌ إسحاق‌ الصابي‌ّ» وكتاب‌ ما دار بينه‌ وبين‌ أبي‌ إسحاق‌ من‌ الرسائل‌ ثلاث‌ أجزاء، وكتاب‌ ديوان‌ شعره‌، ولم‌ يزد عمره‌ علي‌ سبع‌ وأربعين‌ سنة‌. ولا عجب‌ فإنّه‌ هو القائل‌:

 إنِّي‌ لَمِن‌ مَعْشَرٍ إن‌ جُمِّعُوا لِعُلي‌ تَفَرَّقُوا عَنْ نَبِيٍّ أَوْ وَصِي‌ِّ نَبِي‌

 وقال‌ ثقة‌ الاءسلام‌ النوريّ: إنّ علوّ مقام‌ السيّد الرضيّ في‌ الدرجات‌ العلميّة‌ مع‌ قلّة‌ عمره‌، فإنّه‌ تُوفّي‌ في‌ سنّ سبعٍ وأربعين‌، قد خفي‌ علي‌ العلماء لعدم‌ انتشار كتبه‌ وقلّة‌ نسخها، وإنّما الشايع‌ منها «نهج‌ البلاغة‌» و«الخصائص‌» وهما مقصوران‌ علي‌ النقل‌، و«المجازات‌ النبويّة‌» حاكية‌ عن‌ علوّ مقامه‌ في‌ فنون‌ الادب‌. وأمّا التفسير المسمّي‌ بـ «حقائق‌ التنزيل‌ ودقائق‌ التأويل‌» فهو أكبر من‌ «التبيان‌» وأحسن‌ وأنفع‌ وأفيد من‌؛ إلي‌ آخر كلامه‌ في‌ فوائد «المستدرك‌» وهو علاّمة‌ زمانه‌ ووحيد دهره‌ وأوانه‌.

 قال‌ أبوالحسن‌ العُمريّ: رأيتُ تفسيره‌ في‌ القرآن‌، فرأيتُه‌ من‌ أحسن‌ التفاسير، يكون‌ في‌ كبر تفسير أبي‌جعفر الطوسيّ أو أكبر. وكانت‌ له‌ هيبة‌ وجلالة‌، وفيه‌ ورع‌ وعفّة‌ وتقشّف‌ ومراعاة‌ للاهل‌ والعشيرة‌. وقال‌ السيّد علي‌ خان‌ بن‌ صدر الدين‌ المدنيّ في‌ «الدرجات‌ الرفيعة‌ في‌ طبقات‌ الشيعة‌»: وكان‌ الرضيّ قد حفظ‌ القرآن‌ بعد أن‌ جاوز الثلاثين‌ سنة‌ في‌ مدّة‌ يسيرة‌. وكان‌ عارفاً بالفقه‌ والفرائض‌ معرفةً قويّة‌، وأمّا اللغة‌ والعربيّة‌ فكان‌ فيهما إماماً... إلي‌ آخره‌».

[18] ـ الآية‌ 44، من‌ السورة‌ 41: فصّلت‌.

[19] ـ الآيات‌ 1 إلي‌ 5، من‌ السورة‌ 41: فصّلت‌.

[20] ـ الآية‌ 7، من‌ السورة‌ 42: الشوري‌.

[21] ـ الآيتان‌ 11 و 12، من‌ السورة‌ 46: الاحقاف‌.

[22] ـ الآية‌ 113، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[23] ـ يقول‌ المعلّق‌ في‌ الهامش‌: القرون‌ الوسطي‌ أو الازمنة‌ المظلمة‌ في‌ تأريخ‌ أُوروبّا، هي‌ الازمنة‌ التي‌ غرقت‌ أُوروبّا خلالها في‌ الجهل‌ والوحشيّة‌، والتي‌ ساءت‌ فيها أوضاعها وحال‌ أهليها بسبب‌ العصبيّة‌ المذهبيّة‌ واعتداءات‌ الحكّام‌. وقد استمرّت‌ منذ سنة‌ 486 إلي‌ سنة‌ 1495 ميلاديّة‌، فبدأ بعد ذلك‌ تقدّم‌ أُوروبّا الذي‌ دُعي‌ بعصر تحديث‌ الحياة‌ العلميّة‌ والادبيّة‌.

[24] ـ آشور وبابل‌ من‌ الممالك‌ القديمة‌ ذات‌ التمدّن‌ والسلطان‌ العظيمَين‌، عدا عدّة‌ قرون‌ كانت‌ آشور فيها من‌ الولايات‌ التابعة‌ لبابل‌. وتقع‌ مدينة‌ بابل‌ قرب‌ نهرَي‌ دجلة‌ والفرات‌ في‌ العراق‌ الحاليّ. وكانت‌ تمتدّ إلي‌ مائة‌ ميل‌، وقد بني‌ سور يحيط‌ بها، يبلغ‌ ارتفاعه‌ ثلاثة‌ امتار، وعرضه‌ بنفس‌ المقدار، بحيث‌ كانت‌ عربة‌ تجرّها أربعة‌ خيول‌ تسير فوق‌ ذلك‌ السور. ويدعي‌ الملك‌ الذي‌ بني‌ هذه‌ المدينة‌ ب «نمرود»، وكان‌ عصره‌ قبل‌ ميلاد المسيح‌ بـ 2235 سنة‌. وتقع‌ عاصمة‌ بابل‌ في‌ نفسه‌ الموضع‌ الذي‌ تحتله‌ مدينة‌ الحِلّة‌ الحاليّة‌؛ (الهامش‌).

[25] ـ وهي‌ إحصائيّة‌ ما قبل‌ مائة‌ سنة‌، فقد ولد غوستاف‌ لوبون‌ سنة‌ 1841 وتوفّي‌ سنة‌ 1931 ميلاديّة‌، وينقضي‌ علي‌ متوسط‌ عمره‌ حتّي‌ الآن‌ مائة‌ سنة‌ تقريباً. ويقال‌ إنّ المسلمين‌ في‌ العالم‌ يبلغـون‌ حاليّاً ثمانمائة‌ مليون‌ نسـمة‌، ويشكّل‌ مسلمو إيران‌ لوحدهم‌ ـ وهم‌ غالبيّة‌ السكّان‌ ما يقرب‌ من‌ خمسين‌ مليون‌ نسمة‌.

[26] ـ «تمدّن‌ إسلام‌ وعرب‌» (= حضارة‌ الاءسلام‌ والعرب‌) ص‌ 12 إلي‌ 14، الطبعة‌ الثانية‌، مطبعة‌ المجلس‌.

 أقول‌: أصل‌ كتاب‌ غوستاف‌ لوبون‌ بالفرنسيّة‌، وقد تُرجم‌ إلي‌ العربيّة‌ والفارسيّة‌ والاُرديّة‌، وقد لفّقتُ بين‌ ماجاء في‌ الترجمة‌ العربيّة‌ والترجمة‌ الفارسيّة‌ بعد تعريب‌ الاخيرة‌. (م‌)

[27] ـ يقول‌ غوستاف‌ لوبون‌ في‌ الهامش‌: «أُحيل‌ القاري‌ الذي‌ يرغب‌ في‌ الوقوف‌ علي‌ فلسفة‌ بدّهة‌ وتأريخ‌ تطوّر الاديان‌ إلي‌ الجزء الثاني‌ من‌ كتابي‌ «الاءنسان‌ والمجتمعات‌» ففيه‌ يجد أنّ البدّهيّة‌ التي‌ لها من‌ الاتباع‌ ما للاديان‌ الاُخري‌ مجتمعة‌، قائمة‌ علي‌ إنكار كلّ أُلوهيّة‌ إنكاراً تامّاً، وأ نّها تدعو الناس‌ مع‌ ذلك‌ إلي‌ التحلّي‌ بأطيب‌ الاخلاق‌، كما اعترف‌ به‌ أحد علماء النصرانيّة‌ المتشدّدين‌ المشهورين‌ «مكس‌ موللر» الذي‌ قال‌: دعا إلي‌ الاخلاق‌ الفاضلة‌ قبل‌ ظهور المسيح‌ أناسٌ اعتقدوا أنّ الآلهة‌ أشباح‌ باطلة‌، فلم‌ يقيموا هيكلاً حتّي‌ للربّ غير المعروف‌».

[28] ـ « Veda » اسم‌ كتاب‌ دينيّ للهنود، ويقسّم‌ إلي‌ أربعة‌ أقسام‌، ولكلّ منها اسم‌ خاصّ، (الهامش‌).

[29] ـ «تمدّن‌ اسلام‌ وعرب‌» ص‌ 138 إلي‌ 140.

[30] ـ يقول‌ لوبون‌ في‌ الهامش‌: رأينا من‌ آي‌ القرآن‌ التي‌ ذكرناها آنفاً أنّ مسامحة‌ محمّد لليهود والنصاري‌ كانت‌ عظيمة‌ إلي‌ الغاية‌، وأ نّه‌ لم‌ يقل‌ بمثلها مؤسّسو الاديان‌ التي‌ ظهرت‌ قبله‌ كاليهوديّة‌ والنصرانيّة‌ علي‌ الخصوص‌. وسنري‌ كيف‌ سار خلفاؤه‌ علي‌ سُنّته‌. وقد اعترف‌ بذلك‌ التسامح‌ بعض‌ علماء أُوروبّا المرتابون‌ أو المؤمنون‌ القليلون‌ الذين‌ أمعنوا النظر في‌ التأريخ‌ الاءسلاميّ. والعبارات‌ الآتية‌ التي‌ أقتطفها من‌ كتب‌ الكثيرين‌ منهم‌ تثبت‌ أنّ رأينا في‌ هذه‌ المسألة‌ ليس‌ خاصّاً بنا.

قال‌ روبرتسون‌ ( Robertson ) في‌ كتابه‌ « Charles - Quint »(= تأريخ‌ شارل‌ الخامس‌): «إنّ المسلمين‌ وحدهم‌ هم‌ الذين‌ جمعوا بين‌ الغيرة‌ لدينهم‌ وروح‌ التسامح‌ نحو أتباع‌ الاديان‌ الاُخري‌، وإنّهم‌، مع‌ امتشاقهم‌ الحسام‌ نشراً لدينهم‌، تركوا مَن‌ لم‌ يرغبوا فيه‌ أحراراً في‌ التمسّك‌ بتعاليمهم‌ الدينيّة‌».

وقال‌ ميشود ( Michaud ) في‌ كتابه‌ «تأريخ‌ الحروب‌ الصليبيّة‌»: «إنّ القرآن‌ الذي‌ أمر بالجهاد متسامح‌ نحو أتباع‌ الاديان‌ الاُخري‌. وقد أعفي‌ البطاركة‌ والرهبان‌ وخدمهم‌ من‌ الضرائب‌ (الجزية‌)، وحرّم‌ محمّد قتل‌ الرهبان‌ لعكوفهم‌ علي‌ العبادات‌، ولم‌ يمسّ عُمر النصاري‌ بسوء حين‌ فتح‌ بيت‌ المقدس‌، فذبح‌ الصليبيّون‌ المسلمين‌ وحرقوا اليهود بلا رحمة‌ وقتما دخلوها».

وقال‌ الراهب‌ ميشود في‌ كتابه‌ «رحلة‌ دينيّة‌ في‌ الشرق‌»: «ومن‌ المؤسف‌ أن‌ تقتبس‌ الشعوب‌ النصرانيّة‌ من‌ المسلمين‌ التسامح‌ الذي‌ هو آية‌ الاءحسان‌ بين‌ الاُمم‌، واحترام‌ عقائد الآخرين‌ وعدم‌ فرض‌ أيّ مُعتقَد عليهم‌ بالقوّة‌».

[31] ـ «تمدّن‌ اسلام‌ وعرب‌» (= حضارة‌ الاءسلام‌ والعرب‌) ص‌ 152 إلي‌ 159، الطبعة‌ الثانية‌.

[32] ـ «راه‌ سعادت‌» (= نهج‌ السعادة‌) في‌ إثبات‌ النبوّة‌ وأدلّة‌ حقّانيّة‌ خاتم‌ الانبياء صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ والدين‌ الاءسلاميّ، وردّ شبهات‌ النصاري‌ والمعاندين‌، تأليف‌ آية‌ الله‌ الحاجّ الميرزا أبي‌ الحسن‌ الشعرانيّ رضوان‌ الله‌ عليه‌، ص‌ 4 و 5، الطبعة‌ الاُولي‌، رمضان‌ المبارك‌ 1369 ه. وهذا الكتاب‌ من‌ الكتب‌ المفيدة‌، وقد ألّفه‌ آية‌ الله‌ الشعرانيّ بالفارسيّة‌. ويتضمّن‌ مطالب‌ نفيسة‌ مسندة‌. ومطالعته‌ للناطقين‌ بالفارسيّة‌ ضروريّة‌. وعلي‌ العموم‌ فإنّ جميع‌ مؤلّفات‌ آية‌ الله‌ الشعرانيّ، سواء الكتب‌ المستقلّة‌ أم‌ التعليقات‌ والحواشي‌ تعدّ مطالب‌ تحقيقيّة‌ قيّمة‌ نافعة‌ للمحقّقين‌.

[33] ـ «تمدّن‌ اسلام‌ وعرب‌» (= حضارة‌ الاءسلام‌ والعرب‌) ص‌ 578.

[34] ـ (التعليقة‌) Burckhardt.

[35] ـ Mogador أحد مواني‌ بحر الاطلنطيك‌، وتقع‌ في‌ الساحل‌ الغربيّ لمراكش‌، وهي‌ أوّل‌ نقطة‌ من‌ مغرب‌ العالم‌ الاءسلاميّ. (التعليقة‌).

[36] ـ Dozy.

[37] ـ Angelman.

[38] ـ Amiral , Esccadre , Flotte , Fregate , Corvette , Caravelle , Flauque , Chaloupe, sloupe , Barque , Chiourme , Darse , Calfat , Estacade.

[39] Boussole

[40] ـ Aides , Gabell , Taille , Tarif , Douane.

[41] ـ كلمة‌ « Assassin » مشتقّة‌ من‌ كلمة‌ «الحشّاشين‌»، وهم‌ جماعة‌ من‌ القرامطة‌ جمعهم‌ حسن‌ الصبّاح‌ سنة‌ 1090 ميلاديّة‌ تحت‌ لوائه‌ في‌ قلعته‌ التي‌ دعاها بقلعة‌ «الموت‌»؛ ودُعي‌ لذلك‌ السبب‌ بـ «شيخ‌ الجبل‌». وقد سبّبت‌ هذه‌ الجماعة‌ ثورات‌ دمويّة‌ في‌ أماكن‌ كثيرة‌ إلي‌ ما يقرب‌ من‌ مائتي‌ سنة‌، وقد لقّبوا بالحشّاشين‌ لا نّهم‌ كانوا يستعملون‌ الحشيشة‌ قبل‌ هجومهم‌، ثمّ تغيّرت‌ تلك‌ اللفظة‌ بالاستعمال‌ إلي‌ لفظة‌ «أساسن‌» الموجودة‌ في‌ جميع‌ اللغات‌ الاُوروبّيّة‌. وكانت‌ تلك‌ الفرقة‌ تنتمي‌ إلي‌ الاءسماعيليّة‌. (التعليقة‌).

[42] ـ «تمدّن‌ اسلام‌ وعرب‌» (= حضارة‌ الاءسلام‌ والعرب‌) ص‌ 579 إلي‌ 583، الطبعة‌ الثانية‌.

[43] ـ نقل‌ في‌ كتاب‌ «خدمات‌ متقابل‌ اسلام‌ وايران‌» ص‌ 110، عن‌ «ادوارد براون‌» عن‌ «المستشرق‌ دوزي‌» قوله‌: «وقد ظهر قوم‌ جدد علي‌ ساحة‌ العالم‌؛ وهم‌ قبائل‌ لا تحصي‌ كانت‌ متفرّقة‌ ومتناحرة‌ في‌ أغلب‌ الاحيان‌ قبل‌ ذلك‌ التأريخ‌؛ وكانت‌ تلك‌ هي‌ المرّة‌ الاُولي‌ التي‌ اتّحدت‌ فيها تلك‌ الاقوام‌ فظهر من‌ اجتماعهم‌ قوم‌ جدد يحبّون‌ حرّيّتهم‌ حبّاً مُفرطاً؛ بُسطاء في‌ أكلهم‌ وملبسهم‌. قومٌ نجباء، مِضيافون‌ نشطون‌، يمتازون‌ بالفراسة‌ والمرح‌ والمزاح‌ في‌ الحديث‌، وكانوا في‌ الوقت‌ نفسه‌ سرعان‌ ما يستشيطون‌ غضباً. وما إن‌ تتأجّج‌ نيران‌ غضبهم‌، حتّي‌ يتميّزون‌ حقداً وظُلماً وعداءً. وهؤلاء القوم‌ هم‌ الذين‌ أطاحوا في‌ لحظة‌ واحدة‌ بدولة‌ إيران‌ القديمة‌ العزيزة‌، الفاسدة‌ المتهرّئة‌، وانتزعوا أحبّ الولايات‌ من‌ خلفاء قسطنطين‌ وسحقوا مملكة‌ ألمانيا الفتيّة‌، وهدّدوا ممالك‌ أُوروبّا الباقية‌، بينما كانت‌ جيوشهم‌ الظافرة‌ قد بلغت‌ جبال‌ هيمالايا واكتسحتها».

 الرجوع الي الفهرس

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com