بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب نورملكوت القرآن/ المجلد الاول / القسم الثانی عشر: معنی خلق الله الانسان علی صورته، معنی ظهر القرآن و بطنه و حده و مطل...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

 الروایات الواردة فی تجلی الله فی صور مختلفة

وروي‌ في‌ هذه‌ الرسالة‌ أيضاً، عن‌ عبدالرحمن‌ بن‌ عوف‌، عن‌ عائشة‌ أنـّها قالت‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌: رَأَيْتُ رَبِّي‌ تَبَارَكَ وَتَعَالَی‌ لَيْلَةَ المِعْرَاجِ فِي‌ أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: بِمَ يَخْتَصِمُ المَلاَ الاْعلی‌ يَا مُحَمَّدُ ؟!

 قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ، أَي‌ رَبِّ ! مَرَّتَيْنِ.

 قَالَ: فَوَضَعَ اللَهُ تَعَالَی‌ كَفَّهُ بَيْنَ كِتْفِي‌؛ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَي‌، فَعَلمتُ مَا فِي‌ السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي‌ الاْرْضِ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الا´يَةَ: وَكَذِلِكَ نُرِي‌ إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ.[300]

 ومن‌ المناسب‌ أن‌ نورد هنا مطالب‌ من‌ كتاب‌ المحقّق‌ الفيض‌ القاسانيّ « كلمات‌ مكنونة‌ »:

 روي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ أنـّهُ قال‌: نَزَّلُونَا عَنِ الرُّبُوبِيَّةِ ثُمَّ قُولُوا فِي‌ فَضْلِنَا مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإنَّ البَحْرَ لاَ يُنْزَفُ، وَسِرُّ الغَيْبِ لاَ يُعْرَفُ، وَكَلِمَةُ اللَهِ لاَ تُوصَفُ.

 وروي‌ كذلك‌ من‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ قوله‌: نَحْنُ أَسْرَارُ اللَهِ المُودَعَةُ فِي‌ هَيَاكِلِ البَشَرِيَّةِ.

 وورد عن‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قوله‌: اجْعَلُوا لَنَا رَبَّاً نَوْبُ إلَیهِ؛ ثُمَّ قُولُوا فِي‌ فَضْلِنَا مَا شِئْتُمْ !

 وورد عن‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ أيضاً قوله‌:

 إنَّ الصُّورَةَ الإنسَانِيَّةَ أَكْبَرُ حُجَّةِ اللَهِ علی‌ خَلْقِهِ. وَهِيَ الكِتَابُ الَّذِي‌ كَتَبَهُ بِيَدِهِ. وَهِيَ الهَيْكَلُ الَّذِي‌ بَنَاهُ بِحِكْمَتِهِ. وَهِيَ مَجْمُوعُ صُوَرِ العَالَمِينَ. وَهِيَ المُخْتَصَرُ مِنْ اللَّوْحِ المَحْفوظِ. وَهِيَ الشَّاهِدُ علی‌ كُلِّ غَائِبٍ. وَهِيَ الحُجَّةُ علی‌ كُلِّ جَاحِدٍ. وَهِيَ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ إلَی‌ كُلِّ خَيْرٍ. وَهِيَ الصِّرَاطُ المَمْدُودُ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ. [301]

 وفي‌ الحديث‌ النبويّ المشهور: إِنَّ اللَهَ خَلَقَ آدَمَ علی‌ صُورَتِهِ.[302] وفي‌ رواية‌ علی‌ صُورَةِ الرَّحْمَنِ.

 أي‌ أنـّه‌ خلق‌ آدم‌ علی‌ صفته‌ هو: حيٌّ، عالمٌ، مريدٌ، قادرٌ، سميعٌ، بصيرٌ ومتكلّم‌.

 ولانّ حقيقة‌ كلّ شي‌ء تتحقّق‌ في‌ الخارج‌ مع‌ صورته‌، فإنّ لفظ‌ الصورة‌ يُطلق‌ مجازاً علی‌ الاسماء والصفات‌، لانّ الحقّ سبحانه‌ بها يظهر ويتجلّي‌ في‌ الخارج‌، ومثل‌ هذا التعبير المجازيّ متداول‌ معهود عند أهل‌ الظاهر.

 الرجوع الي الفهرس

معنی ان الله خلق الانسان علی صورته عند المحققین

 أمّا عند المحقّقين‌ فَالصُّورَةُ عِبَارَةٌ عَمَّا لاَ يُعْقَلُ مِنَ الحَقَائِقِ المُجَرَّدَةِ الغَيْبِيَّةِ، وَلاَ تَظْهَرُ إلاَّ بِهَا.

 وَالصُّورَةُ الإلَهِيَّةُ هُوَ الوُجُودُ المُتَعَيَّنُ بِسَايِرِ التَّعَيُّنَاتِ الَّتِي‌ بِهَا يَكُونُ مَصْدَرَاً لِجَمِيعِ الاَفْعَالِ الكَمَإلیةِ وَالا´ثَارِ الفِعلیةِ.

 فإن‌ سأل‌ سائل‌: كيف‌ أمكن‌ إطلاق‌ لفظ‌ الصورة‌ علی‌ الله‌ تعإلی‌ ؟

 نجيب‌: حسب‌ قول‌ أهل‌ الظاهر كان‌ ذلك‌ مجازاً لاحقيقة‌، فإنّ إطلاق‌ اسم‌ الصورة‌ عندهم‌ علی‌ المحسوسات‌ حقيقة‌ وعلی‌ المعقولات‌ مجاز.

 أمّا عند هذه‌ الطائفة‌، فلانّ العالم‌ بكلّ أجزائه‌ الروحانيّة‌ والجسمانيّة‌ والجوهريّة‌ والعرضيّة‌ هو الصورة‌ التفصيليّة‌ للحضرد الإلهيّة‌، والإنسان‌ الكامل‌ صورته‌ جمعاً، فإنّ إضافة‌ الصورة‌ إلی‌ الحقّ تعإلی‌ حقيقة‌؛ ولسواه‌ مجاز، إذ لاَ وُجُودَ عِنْدَهُمْ لِلسِّوي‌؛ كما قال‌ قائلهم‌:

ياري‌دارم‌كه‌ جسم‌ و جان‌ صورت‌ اوست‌                     چه‌ جسم‌وچه‌ جان‌،هردو جهان‌صورت‌اوست‌

هر معني‌ خوب‌ و صورت‌ پاكيزه‌                                 كاندر نظر تو آيد، آن‌ صورت‌ اوست‌[303]

وكم‌ كان‌ بيان‌ المولي‌ الروميّ لهذه‌ الحقيقة‌ جميلاً في‌ عدّة‌ أبيات‌ في‌ « المثنوي‌ »:

گر تو آدم‌ زاده‌اي‌، چون‌ او نشين‌                   جملة‌ ذرّات‌ را در خود ببين‌

چيست‌ اندر خم‌ كه‌ اندر نهر نيست‌              چيست‌ اندر خانه‌، كاندر شهر نيست‌

اين‌ جهان‌ خُمّ است‌، ودل‌ چون‌ جوي‌ آب‌                    اين‌ جهان‌ خانه‌ است‌، و دل‌ شهر عُجاب‌ [304]

 وعلی‌ كلّ حال‌ فقد كان‌ الكلام‌ في‌ أنّ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قد تلقّي‌ القرآن‌ من‌ لدن‌ حكيم‌ علیم‌ ذي‌ جناب‌ ومقام‌ عزيز، كما قال‌ تعإلی‌ في‌ سورة‌ غافر: حَم‌´ * تَنزِيلُ الْكِتَـ'بِ مِنَ اللَهِ الْعَزِيزِ الْعلیمِ.[305]

 ومن‌ المعلوم‌ أنّ كتاباً مثله‌ نزل‌ من‌ جانب‌ العلم‌ المطلق‌ والحكمة‌ المطلقة‌ والعزّة‌ المطلقة‌ هو عين‌ الحقّ والاصالة‌ والواقعيّة‌، ولا يمكن‌ أن‌ يكون‌ غير ذلك‌ والحال‌ أنـّه‌ نزل‌ من‌ جانب‌ الخالق‌ الحقّ من‌ جميع‌ جهاته‌، ذاتاً وصفّةً واسماً وفعلاً؛ كما يقول‌ تعإلی‌:

 إِنَّهُ و لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ. [306]

 وقال‌ تعإلی‌: ال´م‌´ * ذَ لِكَ الْكِتَـ'بُ لاَ رَيْبَ فِيهِ.[307]

 ذَ لِكَ بِأَنَّ اللَهَ نَزَّلَ الْكِتَـ'تبَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي‌ الْكِتَـ'بِ لَفِي‌ شِقَاقٍ بَعِيدٍ. [308]

 نَزَّلَ علیكَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَبـ'ةَ وَالإنْجِيلَ. [309]

 إِنَّآ أَنزَلْنَآ إلَیكَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَآ أَرَب'كَ اللَهُ. [310]

 وَأَنزَلَ علیكَ الْكِتَـ'بَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن‌ تَعْلَمُ. [311]

 وكما هو مشهود في‌ هذه‌ الا´ية‌، فإنّ نزول‌ الكتاب‌ قُرن‌ بنزول‌ الحكمة‌، أي‌ أنّ كتاب‌ الله‌ لا ينفصل‌ عن‌ الحكمة‌ ولا ينفكّ أبداً، فالحكمة‌ هي‌ العلم‌ بالحقائق‌ والواقعيّات‌ علی‌ ما هي‌ علیه‌، ولهذا فقد كان‌ نزول‌ القرآن‌ مقارناً للإتقان‌ والإحكام‌ والحقّانيّة‌، لا يعتريه‌ بطلان‌ ولا يتطرّق‌ إلیه‌ الخلل‌.

 وقد وردت‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ نظير هذه‌ الا´ية‌ آيات‌ جمّة‌ قرنت‌ القرآن‌ بالحكمة‌، غير الا´يات‌ التي‌ نعتت‌ القرآن‌ صراحة‌ بصفة‌ الحكمة‌ مثل‌: الر´ تِلْكَ ءَايَـ'تُ الْكِتَـ'بِ الْحَكِيمِ.[312]

 و: ال´ر كِتَـ'بٌ أُحْكِمَتْ ءَايَـ'تُهُ و ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن‌ لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [313].

 وهناك‌ آيات‌ قرآنيّة‌ بهذا المفهوم‌ تصرّح‌ بأنّ القرآن‌ كتاب‌ علم‌، وضعت‌ آياته‌ وفصّلت‌ علی‌ أساس‌ العلم‌، ومثل‌ هذا الكتاب‌ لابدّ أن‌ يخلو من‌ الجهل‌ والشكّ والفرضيّات‌ غير القائمة‌ علی‌ محور العلم‌ والبرهان‌، والنظريّات‌ غير المستندة‌ إلی‌ الحقّ وإلیقين‌ والاصالة‌ الراسخة‌.

 يقول‌ في‌ سورة‌ الاعراف‌: وَلَقَدْ جِئْنَـ'هُمْ بِكِتَـ'بٍ فَصَّلْنَـ'هُ علی‌ عِلْمٍ هُدًي‌ وَرَحْمَةٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. [314]

 ويقول‌ في‌ سورة‌ الكهف‌: الْحَمُْ لِلَّهِ الَّذِي‌´ أَنزَلَ علی‌' عَبْدِهِ الْكِتَـ'بَ وَلَمْ يَجْعَل‌ لَّهُ و عِوَجًا * قَيِّمًا لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن‌ لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُوْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّـ'لِحَـ'تِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مُّـ'كِثِينَ فِيهِ أَبَدًا. [315]

 حتّي‌ أنـّه‌ يصل‌ بعد هذا إلی‌ إنذار أُولئك‌ الذين‌ يعتمدون‌ الظنّ والخيال‌ أساس‌ أُمورهم‌، ويتكلّمون‌ بما لم‌ يحرزوا علمه‌ ويقينه‌، ويرسّخون‌ علی‌ ذلك‌ عقائدهم‌، فيقول‌ في‌ ذلك‌:

 وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم‌ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لاِبَآنءِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أفْوَ هِهِمْ إن‌ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا. [316]

 والملاحظ‌ هنا أنّ القرآن‌ ينفدّ بشدّة‌ قولهم‌ باتّخاذ الله‌ ولداً، لانـّه‌ لايستند إلی‌ علم‌ ولا يعتمد علی‌ برهان‌، فيدعوه‌ لهذا السبب‌ وحده‌ بالكذب‌، وينسب‌ إلیهم‌ القول‌ السيّي‌ والقُبح‌ الكبير الذي‌ يخرج‌ من‌ أفواههم‌، وخاصّةً باستعماله‌ تعبير تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَ هِهِمْ بدل‌ تعبير يعلمون‌ ويعتقدون‌ وأمثالهما، فهو يدين‌ قبح‌ ورداءة‌ ودناءة‌ العقائد الظّنيّة‌ والوهميّة‌ الواهية‌، ويدين‌ بشكل‌ عامّ جميع‌ الاُمور غير إلیقينيّة‌.

 ومسألة‌ محاربة‌ القرآن‌ ليس‌ فقط‌ للجهل‌ والتخلّف‌، بل‌ لجيمع‌ المسائل‌ غير العلميئة‌، تعدّ مسألةً مهمّة‌ جدّاً، بل‌ من‌ أهم‌ المسائل‌، حيث‌ دحض‌ القرآن‌ بشدّة‌ آراء وأفكار الذين‌ يعتمدون‌ علی‌ الفرضيّات‌ غير العلميّة‌ وفندّها، فهو تارةً يقول‌:

 وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـ'´نِءَكَ كَانَ عَنْهُ مَسؤُلاً. [317]

 ويقول‌ تارةً في‌ سورة‌ النجم‌: إِنْ هِيَ إِلاَّ´ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم‌ مَّآ أَنزَلَ اللَهُ بِهَا مِن‌ سُلْطَـ'نٍ إِن‌ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَي‌ الاْنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مّـِن‌ رَّبِّهِمُ الْهُدَي‌'´. [318]

 ثمّ يقول‌ بعد آياتٍ ثلاث‌ من‌ نفس‌ السورة‌:

 إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَـ'´نءِكَةَ تَسْمِيَةَ الاْنثَي‌' * وَمَا لَهُم‌ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن‌ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي‌ مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا. [319]

 ثمّ يأمر الله‌ نبيّه‌ في‌ سياق‌ هذا الموضوع‌ أن‌ يُعرض‌ عمّن‌ تولّي‌ عن‌ ذكر الله‌ فانحصر هدفه‌ في‌ الحياة‌ المادّيّة‌ والحيوانيّة‌ والشهوات‌ الدنيويّة‌، فكان‌ هذا مبلغه‌ من‌ العلم‌ لم‌ يتعدّاه‌ إلی‌ سواه‌، فهؤلاء الافراد كانت‌ ثروتهم‌ العلميّة‌ محدودة‌ بالحياة‌ الدنيا مقصورةً علیها، لم‌ يسلكوا إلی‌ الباطن‌ والحياة‌ العلويّة‌ فبقوا جيسي‌ سجن‌ الطبيعة‌ وأسوارها:

 فَأَعْرِضْ عَن‌ مَّن‌ تَوَلَّي‌' عَن‌ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَو'ةَ الدُّنْيَا * ذَ لِكَ مَبْلَغُهُم‌ مِّنَ الْعِلْمِ. [320]

 الرجوع الي الفهرس

آیات القرآن تنهی بشدة عن اتباع الظن ، و العمل بلا عمل

 ومن‌ العجب‌ أنّ هذا القرآن‌ الذي‌ استُخلِص‌ من‌ العلم‌ يأمر في‌ تعإلیمه‌ بالعلم‌ أيضاً، ويذمّ أُولئك‌ الذين‌ يتّبعون‌ الظنّ، وبشكل‌ عامّ أُولئك‌ الذين‌ يتّبعون‌ الاُمور غير العلمّية‌، فيقول‌ في‌ مواضع‌ ثلاثة‌ من‌ القرآن‌ الكريم‌:

 إِن‌ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِن‌ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ. [321]

 إِن‌ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِن‌ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ.[322]

 وَمَا لَهُم‌ بِذَ لِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ. [323]

 وَمَا لَهُمْ بِهِ مِن‌ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعِ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. [324]

 وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ علی‌ اللَهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ. [325]

 يَـ'´أَيـَّهُا الَّذِينَ ءَامَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. [326]

 وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي‌ مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَهَ علیمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَمَا كَانَ هَـ'ذَا الْقُرْءَانُ أَن‌ يُفْتَرَي‌ مِن‌ دُونِ اللَهِ وَلَـ'كِن‌ تَصْدِيقَ الَّذِي‌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَـ'بِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن‌ رَّبِّ الْعَـ'لَمِينَ. [327]

 وَطَآنءِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَـ'هِلِيَّةِ. [328]

 لقد دعا القرآن‌ الكريم‌ علی‌ الدوام‌ ناظريه‌ إلی‌ موضوع‌ حقّانيّته‌، وأبان‌ في‌ الكثير من‌ الموارد عن‌ حقيقته‌ وواقعيّته‌، ودعا الناس‌ إلی‌ متابعة‌ نهجه‌ في‌ آرائهم‌ وأفكارهم‌ ومسائلهم‌، وأن‌ يلوموا أنفسهم‌ في‌ موارد الشكّ والشبهة‌، لانّ ما خطر بذهنهم‌ ممّا يخالف‌ حقيقة‌ القرآن‌ وحقّانيّة‌ وواقعيّته‌ ليس‌ إلاّ باطل‌ وهراء.

 فيقول‌ بشأن‌ جماعة‌ المنافقين‌ الذين‌ يقرأون‌ القرآن‌ ويفتقدون‌ مع‌ ذلك‌ الإيمان‌ الحقيقيّ: وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَانءِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي‌ تَقُولُ وَاللَهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ علی‌ اللَهِ وَكَفَي‌' بِاللَهِ وَكِيلاً * أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَـ'فًا كَثيرًا. [329]

 إنّ هذا القرآن‌ بانسجام‌ مضامينه‌ وبيانه‌ وخلّوها من‌ الاختلاف‌ والتناقض‌ لم‌ يستطع‌ أحد رغم‌ كرّ الدهور ومرور الاجيال‌، وتعاقب‌ الطوائف‌ والاتّجاهات‌ من‌ عدو وصديق‌ أن‌ ينتقده‌ أدني‌ انتقاد، أو يجد فيه‌ أدني‌ اختلاف‌ وتناقض‌، أو يُظهر مغايرة‌ أُصوله‌ العامّة‌ ومعارفه‌ الحقّة‌ الإلهيّة‌، أو حكاياته‌ وقصصه‌ للتأريخ‌ القطعيّ الصحيح‌، أو أن‌ يطعن‌ بقوانينه‌ وأحكامها ويثبت‌ مخالفتها للعلم‌.

 كلّ هذه‌ دلائل‌ وآيات‌ علی‌ أنّ هذا الكتاب‌ قد أُخذ من‌ الحقّ، ونُقل‌ من‌ الحقّ، ونزل‌ بالحقّ، وفي‌ هذه‌ الحال‌ معلوم‌ أن‌:

 فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلَـ'لُ فَأَنَّي‌' تُصْرَفُونَ. [330]

 الرجوع الي الفهرس

عجز الاکتشافات العلمیة و الفلسفة عن الطعن باصالة القرآن و حقانیته

 ولدينا آية‌ قرآنيّة‌ كريمة‌ تظهر صراحةً أنّ جميع‌ العلوم‌ الحقّة‌ والمعارف‌ الصحيحة‌ في‌ أي‌ٍّ من‌ الفروع‌ والاختصاصات‌؛ من‌ تأريخ‌ وجغرافية‌ وطبّ، وعلوم‌ الفيزياء والكيمياء والرياضيّات‌، والهيئة‌ والنجوم‌، والجيولوجيا ( علم‌ طبقات‌ الارض‌ )، والعلوم‌ الاجتماعيّة‌ وعلم‌ الاجتماع‌، والفرضيّات‌ والنظريّات‌ العلميّة‌ الصحيحة‌، ونظائر هذه‌ العلوم‌ التي‌ تصعب‌ علی‌ الحصر؛ لا يمكن‌ لايّ منها أن‌ يقدح‌ في‌ أبسط‌ مورد من‌ بيانات‌ القرآن‌، أو أن‌ يورد نقضاً وردّاً علی‌ أصلٍ من‌ أُصوله‌ أو فرعٍ من‌ فروعه‌، أو أن‌ يورد خدشاً وتشكيكاً في‌ مسألة‌ حقّانيّته‌، وبعبارة‌ أُخري‌ فإنّ القرآن‌ كتابٌ لا يأتيه‌ الباطل‌ من‌ أيّ أمر وأيّ جهة‌.

 والقرآن‌ بالنسبة‌ للعلوم‌ المكتشفة‌ من‌ زمن‌ آدم‌ إلی‌ زمن‌ نزوله‌، ومن‌ زمن‌ نزوله‌ إي‌ يوم‌ القيامة‌، بشكلٍ لا يتغيّر ولا يتبدّل‌، هو القدوة‌ في‌ جميع‌ هذه‌ المراحل‌ باعتماده‌ علی‌ الحقائق‌ والواقعيّات‌، وهو المتفوّق‌ والحاكم‌ والمهمين‌ علی‌ جميع‌ الا´راء والافكار والثروات‌ العلميّة‌ والعلوم‌ التجربيّة‌ والعقليّة‌. وتلك‌ الا´ية‌ هي‌:

 وَإِنَّهُ و لَكِتَـ'بٌ عَزِيزٌ * لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـ'طِلُ مِن‌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ مِن‌ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّن‌ حَكِيمٌ حَمِيدٍ. [331]

 قال‌ الاُستاذ آية‌ الله‌ العظمي‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ قدّ سالله‌ تربته‌ المنيفة‌ في‌ بيانه‌ لتفسير هذه‌ الا´ية‌ المباركة‌:

 وقوله‌: وَإِنَّهُ و لَكِتَـ'بٌ عَزِيزٌ، الضمير للذكر وهو القرآن‌، والعزيز عديم‌ النظير أو المنيع‌ الممتنع‌ من‌ أن‌ يُغْلَب‌، والمعني‌ الثاني‌ أنسب‌ لما يتعقّبه‌ من‌ قوله‌: لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـ'طِلُ مِن‌ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِن‌ خَلْفِهِ؛ ومعني‌: لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـنطِلُ مِن‌ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِن‌ خَلْفِهِ، إيتان‌ الباطل‌ إلیه‌ ووروده‌ فيه‌ وصيرورة‌ بعض‌ أجزائه‌ أو جميعها باطلاً، بأن‌ يصير ما فيه‌ من‌ المعارف‌ الحقّة‌ أو بعضها غير حقّة‌، أو ما فيه‌ من‌ الاحكام‌ والشرائع‌ وما يلحقها من‌ الاخلاق‌ أو بعضها لغواً لا ينبغي‌ العمل‌ به‌.

 وعلیه‌ فالمراد بقوله‌: مِن‌ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ زمانا الحال‌ والاستقبال‌، أي‌ زمان‌ النزول‌ وما بعده‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌.

 وقيل‌: المراد بما بين‌ يديه‌ وما خلفه‌ جميع‌ الجهات‌، كالصباح‌ والمساء كناية‌ عن‌ الزمان‌ كلّه‌، فهو مصون‌ من‌ البطلان‌ من‌ جميع‌ الجهات‌، وهذا العموم‌ علی‌ الوجه‌ الاوّل‌ مستفاد من‌ إطلاق‌ النفي‌ في‌ قوله‌: لاَ يَأْتِيهِ.

 الثالث‌

 والمدلول‌ علی‌ أيّ حال‌ أنـّه‌ لا تناقض‌ في‌ بياناته‌، ولا كذب‌ في‌ أخباره‌، ولا بطلان‌ يتطرّق‌ إلی‌ معارفه‌ وحكمه‌ وشرائعه‌، ولا يعارض‌ ولا يغيّر ما ليس‌ منه‌ فيه‌، أو بتحريف‌ آية‌ من‌ وجه‌ إلی‌ وجه‌، فالا´ية‌ تجري‌ مجري‌ قوله‌: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ و لَحَـ'فِظُونَ. [332]

 وقوله‌: تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ مَّجِيدٍ. بمنزلة‌ التعلیل‌ لكونه‌ كتاباً عزيزاً لا يأتيه‌ الباطل‌... إلی‌ آخره‌، أي‌ كيف‌ لا يكون‌ كذلك‌ وهو منزل‌ من‌ حكيم‌ متقن‌ في‌ فعله‌ لا يشوب‌ فعله‌ وهن‌، وهو محمود علی‌ الإطلاق‌ ؟ [333]

 ويجب‌ البحث‌ والتفحّص‌ لمعرفة‌ سرّ أبديّة‌ أحكام‌ القرآن‌ المنطبقة‌ علی‌ الحقّ وخلود معارفه‌ وعقائده‌ وأخلاقيّاته‌ وشرائعه‌ وأحكامه‌.

 الرجوع الي الفهرس

احکام الاسلام علی اساس الفطرة ، المنحرفین عنه فی خسر

 إنّ من‌ بديهيّات‌ الدين‌ الإسلاميّ أنـّه‌ دين‌ ثابت‌ دائم‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌، وأنّ النبيّ الاكرم‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ خاتم‌ الانبياء والمرسلين‌، وأنّ الكتاب‌ السماويّ: القرآن‌ الكريم‌ هو برنامج‌ العمل‌ لجميع‌ المجتمعات‌ البشريّة‌ إلی‌ يوم‌ الجزاء.

 ولإيضاح‌ الامر نقول‌ إنّ الاحكام‌ والتعلیمات‌ بحدث‌ مرّةً أن‌ تكون‌ راجعة‌ لافراد خاصّين‌، وبشأن‌ موضوعات‌ مشخّصة‌ ومعيّنة‌، كأن‌ يصف‌ الطبيب‌ الفلانيّ للمريض‌ الفلانيّ دواءً فيأمره‌ أن‌ يتناول‌ منه‌ صبح‌ يومٍ معيّن‌ مقداراً محدّداً.

 وبالطبع‌ فإنّ هذا الدواء الخاصّ الوارد لموضوع‌ خاصّ لا يمكن‌ استعماله‌ لموارد أُخري‌ لها مغايرة‌ من‌ جهة‌ الموضوع‌.

 ويحدث‌ مرّةً أن‌ تكون‌ الاحكام‌ والتعلیمات‌ غير راجعة‌ لافراد خاصّين‌، بل‌ يؤخذ بنظر الاعتبار الانواع‌ والاجناس‌ والاصناف‌ والطبائيع‌ الكلّيّة‌، كأن‌ يقول‌ الطبيب‌: إنّ من‌ لديه‌ مرض‌ الصفراء فعلیه‌ أن‌ يتناول‌ من‌ شراب‌ السكنجبين‌، [334] أو أن‌ يقول‌: إنّ شراب‌ السكنجبين‌ رافعٌ للصفراء؛ فالحكم‌ في‌ هذا المثال‌ كلّيّ ينطبق‌ علی‌ جميع‌ الافراد المنضوين‌ تحت‌ هذا العنوان‌، وأنّ علی‌ جميع‌ مرضي‌ الصفراء مهما اختلفت‌ خصائصهم‌؛ رجالاً ونساءً، بيضاً وسوداً، صغاراً وكباراً، أحراراً وعبيداً، مؤمنين‌ وكافرين‌، طوالاً وقصاراً، شرقيّين‌ وغربيّين‌؛ أن‌ يستعلموا هذا الدواء.

 ولا دخل‌ لخصائص‌ الافراد هنا في‌ تأثير الدواء، فإنّ فائدته‌ بالنسبة‌ لجميع‌ الافراد علی‌ حدٍّ سواء، لانّ العامل‌ التوحيد المؤثّر هو وجود مرض‌ الصفراء في‌ مزاج‌ الافراد بغضّ النظر عن‌ الشرائط‌ المحيطيّة‌ والزمانيّة‌ والمكانيّة‌.

 إنّ الإنسان‌ يمتلك‌ طبعاً وفطرةً مادّيّة‌ وجسمانيّة‌، ويمتلك‌ أيضاً فطرةً معنويّة‌ وروحانيّة‌، وينبغي‌ أن‌ تتصاعد قابليّة‌ الإنسان‌ إثر مرور السنين‌ وتدرّج‌ العمر بالحركة‌ الجوهريّة‌ إلی‌ مقام‌ الكمال‌، بل‌ إلی‌ مقامه‌ الاكمل‌، فيصير إنساناً كاملاً ويرقي‌ إلی‌ درجة‌ الفعلیة‌ المحضة‌، أي‌ أن‌ تصبح‌ جميع‌ جهات‌ استعداده‌ وقابليّاته‌ فعلیة‌.

 وهذا الامر يتحقّق‌ فقط‌ عندما تتساوق‌ مسيرة‌ الإنسان‌ وحركته‌ وتنجسم‌ مع‌ مسير الفطرة‌ وخطّها، وإلاّ فإنّ الانحراف‌ عن‌ مسار الفطرة‌ سيؤدّي‌ إلی‌ اهدار القابليّة‌ الذاتيّة‌ بنفس‌ نسمبة‌ الانحراف‌، وسيستحيل‌ لذلك‌ تحقّق‌ الفعلیة‌، وبتعبير القرآن‌ الكريم‌ فإنّ الضلال‌، أي‌ التيه‌ والضياع‌ والموت‌ والفناء في‌ المراتب‌ المتديّنة‌، سيعترضه‌ قبل‌ بلوغ‌ المقصد الاقصي‌ والاسمي‌:

 وَمَن‌ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإيمَـ'نِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ. [335]

 وَمَن‌ يُشْرِكْ بِاللَهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـ'لاً بَعِيدًا.[336]

 وَمَن‌ يَكْفُرْ بِاللَهِ وَمَلَـ'´نءِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَإلیوْمِ الاْخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـ'لاً بَعِيدًا. [337]

 وَمَن‌ يَعْصِ اللَهَ وِزَسُولَهُ و فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـ'لاً مُّبِينًا.[338]

 إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن‌ ضَلَّ عَن‌ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَي‌'. [339]

 فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِّنِّي‌ هُدًي‌ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْفَي‌'. [340]

 فإنّ الشرك‌ بالله‌، والكفر، وعدم‌ الإيمان‌ بملائكة‌ الملا الاعلی‌، ورسل‌ الله‌ وكتبه‌ السماويّة‌، وموقف‌ القيامة‌، وعصيان‌ الله‌ ورسوله‌، تمثّل‌ كلّها عن‌ خطّ الفطرة‌؛ وفي‌ المقابل‌ فإنّ الطاعة‌ وقبول‌ هذه‌ الحقائق‌ موافق‌ للفطرة‌ والغريزة‌ الاوّليّة‌ المودعة‌ من‌ قبل‌ الباري‌، والدين‌ الإسلاميّ يؤيّد ويسدّد هذا الامر الفطريّ الإلهيّ المودع‌، ويحصل‌ هذا الإمضا ودلالته‌ بالوعي‌ والإدراك‌ الباطنيّ ونور البصيرة‌ الخإلی‌ من‌ شوائب‌ الهواجس‌ النفسيّة‌ والا´راء والاهواء الشيطانيّة‌، الذي‌ أُودع‌ في‌ كيان‌ الإنسان‌ واختفي‌ فيه‌، واختمرت‌ به‌ النفس‌ الإنسانيّة‌ وامتزجت‌.

 وعموماً فإنّ جميع‌ أحكام‌ الإسلام‌ ـ التي‌ تشكلّ بمجموعها الدين‌ ـ قد صيغت‌ علی‌ أساس‌ الرغبات‌ الفطريّة‌ والاحتياجات‌ الخفيّة‌ المودعة‌ التي‌ يحتاجها الإنسان‌ ويتطلّبها في‌ مسيرته‌ نحم‌ الكمال‌، وقضاء العمر مع‌ حركة‌ الزمان‌ والمكان‌، والوصول‌ لاعلی‌ مدارج‌ ومعارج‌ البشر.

 ولقد جاء الدين‌ الإسلاميّ بتعإلیمه‌ وأحكامه‌ ومطالبه‌ ـ طبقاً لكتاب‌ القرآن‌ السماويّ ـ منتزعةً من‌ الفطرة‌، وشرّع‌ أحكامه‌ وقنّن‌ قوانينه‌ متماشية‌ ومنسجمة‌ مع‌ الاحتياجات‌ الباطنيّة‌ في‌ الخِلقة‌ التي‌ يجب‌ أن‌ يتمتّع‌ بها الإنسان‌ في‌ مسيرته‌.

 فأحكام‌ القرآن‌ منتزعة‌ من‌ الطبائع‌ الاوّليّة‌ للإنسان‌ والغرائز التي‌ خلقها الله‌ مع‌ البشر، ولان‌ الغرض‌ من‌ هذه‌ الاحكام‌ هو رُشد هذه‌ الغرائز وتكميلها، فقد كانت‌ علی‌ الدوام‌ ثابتة‌ لا تتغيّر، إلاّ إذا فقد الإنسان‌ غرائزه‌ فتحوّل‌ عندئذٍ عن‌ إنسانيّته‌ وبشريّته‌، وهو افتراض‌ تبدّل‌ الماهيّة‌ وتغيّرها، وهو محال‌.

 فهذه‌ الاحكام‌ سارية‌ ونافذة‌ مادام‌ الإنسان‌ إنساناً، كغذاء لا يتغيّر يجب‌ أن‌ يشبعه‌ أكلاً وشرباً، والإنسان‌ هو الإنسان‌ دوماً. والسبب‌ العامّ لهذه‌ الفلسفة‌ الكلّيّة‌ هو أنّ الخصائص‌ والميزات‌ الفرديّة‌ لا علاقة‌ لها ولا دخل‌ في‌ هذه‌ الاحكام‌، فكلّ حكم‌ قد جُعل‌ لموضوعٍ معيّن‌، كان‌ وجود ذلك‌ الموضوع‌ الكلّيّ العلّة‌ التامّة‌ لاستجلاب‌ ذلك‌ الحكم‌ بدون‌ تدخّل‌ الخصوصيّة‌ الفرديّة‌.

 فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَهِ الَّتِي‌ فَطَرَ النَّاسَ علیهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَهِ ذَ لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـ'كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إلَیهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَـ'وةَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. [341]

 هذه‌ الا´ية‌ تبيّن‌ أنّ أساس‌ الدين‌ قائم‌ علی‌ أساس‌ الفطرة‌ الإنسانيّة‌ التي‌ لا تتغيّر، وباعتبار انتفاء تغيير وتبدّل‌ في‌ خلقة‌ الإنسان‌ وبنائه‌ الروحيّ والنفسيّ والجسميّ، فإنّ هذا الدين‌ ثابتٌ وراسخ‌ لا يتغيّر.

 وتُظهر هذه‌ الا´ية‌ جهل‌ أكثر الناس‌ بهذه‌ الحقيقة‌، وتبيّن‌ أنّ عموميّة‌ الاحكام‌ تستند علی‌ الإنابة‌ والرجوع‌ إلیه‌ والتقوي‌ وإقامة‌ الصلاة‌ ونفي‌ الشرك‌، وتظهر أنّ السير الحقيقيّ والتكامليّ للبشر ينبغي‌ أن‌ يرتكز علی‌ طهارة‌ النفس‌ والانقطاع‌ للربّ الودود، فالمال‌ والولد والتجارة‌ والزراعة‌ والصناعة‌ تعدّ كلّها أُموراً ثانويّة‌ ومقدّمة‌ لحصول‌ الكمال‌ الروحيّ والصلاح‌ الحقيقيّ للإنسان‌، فينبغي‌ النظر لها علی‌ أنـّها توابع‌ ولواحق‌ لا أُصول‌ ومبادي‌، وأن‌ تقيمّم‌ باعبتارها مقدّمة‌ ليس‌ إلاّ، وقد دوّن‌ الإسلام‌ القوانين‌ وأحكام‌ المعاملات‌ والمكاسب‌ علی‌ هذا الاساس‌. فإيلاء العلوم‌ الاقتصاديّة‌ أهمّيّةً بالغة‌ بالشكل‌ الذي‌ يعيق‌ الإنسان‌ عن‌ الاعمال‌ الروحيّة‌ والكمال‌ المعنويّ ستكون‌ عاقبته‌ الإضرار بالمجتمع‌ والفرد، ومعاكسة‌ للاتّجاه‌ الواقعيّ للمسيرة‌ الإنسانيّة‌ علی‌ طريق‌ الفطرة‌ بحثاً عن‌ الجوهرة‌ المفقودة‌ المنشودة‌.

 الرجوع الي الفهرس

طریق التکامل هو الایمان بالله و الخشیة من الرجوع الیه

 وكم‌ هو جميلٌ ذلك‌ التعلیم‌ الخالد للقرآن‌ الكريم‌ حين‌ يبيّن‌ لنا هذا المعني‌:

 أَيَحْسَبُونَ أَنـَّمَّا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن‌ مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي‌ الْخَيْرَ تِ بَل‌ لاَّ يَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ هُم‌ مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم‌ بِـَايـ'تِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم‌ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنـَّهُمْ إلَی‌' رَبِّهِمْ رَ جِعُونَ * أُولَـ'´نءِكَ يُسَـ'رِعُونَ فِي‌ الْخَيْرَ تِ وَهُمْ لَهَا سَـ'بِقُونَ. [342]

تعالیم القرآن هی الصراط المستقیم ، و هی قائمة علی نهج العقل و الفطرة

 إنّ طريق‌ الفطرة‌ ومسيرتها هو الصراط‌ المستقيم‌ الذي‌ جري‌ البحث‌ عنه‌ مفصّلاً فيما مضي‌، وقد وضع‌ الشارع‌ المقدّس‌ تعإلیمه‌ وفق‌ هذا الاُسلوب‌ أيضاً، ومن‌ الواضح‌ أن‌ لا منافاة‌ بين‌ حكم‌ العقل‌ وحكم‌ الفطرة‌، كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ العَقْلُ حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ، وَكُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ حَكَمَ بِهِ العَقْلُ. صادق‌ لكلا الطرفين‌.

 لاحظوا كيف‌ أبان‌ القرآن‌ الكريم‌ في‌ الا´يات‌ اللاحقة‌ عن‌ أحكامه‌ الواضحة‌ البيّنة‌ التي‌ يقرّها العقل‌ وتختارها وتحكم‌ بها الفطرة‌ السليمة‌ والعقل‌ القويم‌، ثمّ يقول‌ في‌ آخرها: إنّ هذا هو الصراط‌ المستقيم‌ الذي‌ ينبغي‌ أن‌ تتّبعوه‌ ولا تتّبعوا السبل‌ الاُخري‌ فتفرّق‌ بكم‌ عن‌ طريق‌ الله‌ وسبيله‌، لانّ نهجها وأُسلوبها لا ينسجم‌ مع‌ حكم‌ الفطرة‌، بل‌ يعاكسه‌ ويعارضه‌.

 قُلْ تَعَالَوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ علیكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَ لِدَيْنِ إِحْسَـ'نًا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلَـ'دَكُم‌ مِّنْ إِمْلَـ'قٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَ حِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي‌ حَرَّمَ اللَهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَ لِكُمْ وَصَّيـ'كُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ إلیتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي‌ هِيَ أَحْسَنُ حَتَّي‌' يَبْلُغَ أَشُدَّهُ و وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَي‌' وَبِعَهْدِ اللَهِ أُوْفُوا ذَ لِكُمْ وَصَّيـ'كُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَـ'ذَا صِرَ طِي‌ مُسْتَقِيمًا فَاتَّبَعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن‌ سَبِيلِهِ ذَ لِكُمْ وَصَّـ'كُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. [343]

 لاحظوا في‌ هذه‌ الا´يات‌ القرآن‌ تعإلیمه‌ وأوامره‌ علی‌ أساس‌ الوعظ‌ وبيان‌ العلّة‌ والهدف‌ منها ! وكيف‌ يذكر بصراحة‌ ووضوح‌ هذه‌ التعإلیم‌ التي‌ يقرّها العقل‌ القويم‌ والفطرد السليمة‌ بعنوان‌ ثلاوة‌ وتوصية‌ الخالق‌ المربّي‌، ثمّ يعلن‌ أنّ هذا هو صراطه‌ المستقيم‌، وما عداه‌ غشّ وكدورة‌ ولوث‌ وانحراف‌ رشح‌ من‌ النفوس‌ الخبيثة‌ والكيانات‌ الدنسة‌ توطئة‌ للظلم‌ والعدوان‌، وحركة‌ نشأت‌ علی‌ أساس‌ الاعتداء والتفرقة‌ ونجمت‌ من‌ القبائح‌ والمنكرات‌ الظاهريّة‌ والباطنيّة‌.

 وكأنّ لهذه‌ الا´يات‌ محاورة‌ وكلام‌ مع‌ باطن‌ الإنسان‌ وأعماقه‌، وهذا هو معني‌ خلود الا´يات‌ المستند علی‌ أساس‌ راسخ‌ وقاعدة‌ أصيلة‌، وهذا هو البرنامج‌ العمليّ الذي‌ لا يتغيّر إلی‌ يوم‌ القيامة‌ لكلّ فرد، وفي‌ أيّ مجتمع‌، وفي‌ أيّ زمان‌ ومكان‌، بلا استثناء ولا حدود، والذي‌ يحدّثنا به‌ النبيّ العظيم‌ الشأن‌، تلاوةً وقراءة‌، عن‌ الله‌ الربّ الرحيم‌.

 فذلك‌ النبيّ الذي‌ كان‌ أحد جنبيه‌ تجاه‌ عالم‌ الغيب‌، وجنبه‌ الا´خر نحو عالم‌ الشهادة‌، كان‌ يتلّقي‌ من‌ هناك‌، فينقله‌ ويعكسه‌ هنا، يتلّقي‌ من‌ هناك‌: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّي‌ الْقُرْءَانَ مِن‌ لَّدُنْ حَكِيمٍ علیمٍ، [344] وهو هنا أشبه‌ بأمواج‌ النور المعنويّ والملكوتيّ يسدّ أُفق‌ المُلك‌، وتنبثق‌ نبراته‌ من‌ حنجرته‌ المباركة‌ فتصل‌ إلی‌ القطبين‌، وتسخّر الخافقين‌، وتترك‌ أرواح‌ العشّاق‌ والوالهين‌ للوصول‌ ولقاء جمال‌ الحقّ مترنّمة‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌ بهذه‌ الاُنشودة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 معنی ظهر القرآن و بطنه ، وحدّه و مطّلعه ، و جریانه مجری الشمس و القمر

يروي‌ العيّاشيّ في‌ تفسيره‌، بإسناده‌، عن‌ فضيل‌ بن‌ يسار أنـّه‌ قال‌: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیهِ السَّلاَمُ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: مَا مِنْ القُرْءَانِ آيةٌ إلاَّ وَلَهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ؛ وَمَا فِيهِ حَرْفٌ إلاَّ وَلَهُ حَدٌّ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مُطَّلَعٌ؛[345] مَا يَعْنِي‌ بِقَوْلِهِ: لَهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ؟

 قَالَ علیهِ السَّلاَمُ: ظَهْرُهُ تَنْزِيلُهُ؛ وَبَطْنُهُ تَأْوِيلُهُ؛ وَمِنْهُ مَالَمْ يَكُنْ بَعْدُ. يَجْرِي‌ كَمَا يَجْرِي‌ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ. كُلَّمَا جَاءَ شَيٌْ وَقَعَ. قَالَ اللَهُ تَعَالَی‌: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ و ´ إِلاَّ اللَهُ وَالرَّ سِخُونَ فِي‌ الْعِلْمِ». [346] نَحْنُ نَعْلَمُهُ. [347]

سبب قراءة قصص القرآن هو وجود اشباهها فی نفوس الناس جمیعاً

 ويستفاد من‌ هذه‌ الروايات‌ أنّ الا´يات‌ تمتلك‌ معانٍ عامة‌ وكلّيّة‌، وأنّ آيات‌ القرآن‌ شاملة‌ لكلّ الطوائف‌، ما كان‌ منها وما سيأتي‌، شأنها في‌ ذلك‌ شأن‌ الشمس‌ والقمر في‌ حركتها الدائمة‌ الدائبة‌ في‌ السماء ينيران‌ كلّ نقطة‌ يصلانها، ولا اختصاص‌ لهما بمكان‌ دون‌ مكان‌، كذلك‌ القرآن‌، فهو كالشمس‌ والقمر كلّما واجه‌ أحداً، في‌ أيّ زمان‌ ومكان‌ ( من‌ زمن‌ القرآن‌ أو قبله‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌، ولكلّ نقطة‌ من‌ الكرة‌ الارضيّة‌: شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً أو استواءً، قديم‌ القارّات‌ وجديدها؛ رجالاً ونساءً، بيضاً وسوداً... ) أعطاه‌ حكماً ونوراً، ثمّ يتعدّاه‌ إلی‌ الا´خرين‌ الذين‌ يأتون‌ فيما بعد فيعطيهم‌ حكمه‌ ونوره‌، وهكذا.

 وبهذا المعني‌ جاءت‌ قصص‌ القرآن‌ الكريم‌، فهو حين‌ يحكي‌ حال‌ نبيّ أو حال‌ أُمّته‌ فلا اختصاص‌ في‌ ذلك‌ بهم‌، بل‌ يتعدّاهم‌ ويشمل‌ من‌ كان‌ قبل‌ ذلك‌ النبيّ ومن‌ جاء بعده‌.[348]

 ونحن‌ مجبرون‌ ـ لإيضاح‌ المطلب‌ ـ لبيان‌ أمر مهم‌ ينبغي‌ التذكير به‌، وهو أنـّنا نعلم‌ أنّ الكثير من‌ القصص‌ قد وردت‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌: كقصّة‌ آدم‌ وحوّاء والشيطان‌، والخروج‌ من‌ الجنّة‌، وتوبة‌ آدم‌، ووعظ‌ الله‌ آدم‌، وسجود الملائكة‌ وتمرّد الشيطان‌، وقصّة‌ نوح‌ ونصحه‌ قومه‌ ومخالفتهم‌ إيّاه‌، ونصحه‌ ولده‌ وعصيان‌ ولده‌، والطوفان‌، وغرق‌ الجميع‌ إلاّ نوحاً ومن‌ تبعه‌، وقصّة‌ لوط‌ ومعصية‌ قومه‌، وقصّة‌ شعيب‌، وصالح‌، وقصّة‌ موسي‌ وعيسي‌ وإبراهيم‌، وكذلك‌ القصص‌ المختلفة‌ الاُخري‌، كقصّة‌ أبرهة‌ والابابيل‌، وذي‌ القرنين‌، وسليمان‌ وبلقيس‌، وداود والتحاكم‌ عنده‌، وقصّة‌ يوسف‌ وزليخا ويعقوب‌ ومملكة‌ مصر وسجود إخوته‌، وقصّة‌ إسماعيل‌ والإقامة‌ في‌ مكّة‌ بعد الهجرة‌ من‌ الارض‌ المقدّسة‌، وكثيرٌ آخر من‌ القصص‌ التي‌ يطول‌ الامر بذكرها جميعاً.

 ونحن‌ مأمورون‌ بقراءة‌ هذه‌ الا´يات‌ والقصص‌ والحكايات‌ وتلاوتها، ونقرأها في‌ الصلاة‌ فلا تُقبل‌ صلاتنا إلاّ بقراءة‌ قدرٍ من‌ القرآن‌ من‌ جملته‌ هذه‌ القصص‌.

 ونجد علاوةً علی‌ ذلك‌ أنّ الله‌ تعإلی‌ ينبّهنا دوماً بذكر: إِذْ قَالَ، إِذْ قَالَ، إذ قال‌ عيسي‌ كذا، وإذ قال‌ موسي‌ كذا، أو بعبارة‌ اذْكُرْ، كقوله‌ تعإلی‌:

 وَاذْكُرْ فِي‌ الْكِتَـ'تِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. [349]

 وَاذْكُرْ فِي‌ الْكِتَـ'بِ إِبْرَ هِيمَ إِنَّهُ و كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا. [350]

 وَاذْكُرْ فِي‌ الْكِتَـ'بِ مُوسَي‌'´ إِنَّهُ و كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا. [351]

 وَاذْكُرْ فِي‌ الْكِتَـ'بِ إسْمَـ'عِيلَ إِنَّهُ و كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ. [352]

 وَاذْكُرْ فِي‌ الْكِتَـ'بِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ و كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا. [353]

 وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَي‌' رَبَّهُ و إِنِّي‌ مَسَّنِيَ الشَّيْطَـ'نُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ.[354]

 وَاذْكُرْ عِبَـ'دَنَآ إِبْرَ هِيمَ وَإِسْحَـ'قَ وَيَعْقُوبَ أُولِي‌ الاْيْدِي‌ وَالاْبْصَـ'رِ.[355]

 وَاذْكُرْ إِسْمَـ'عِيلَ وَإلیسَعَ وَذَاالْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الاْخْيَارِ.[356]

 وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ و بِالاْحْقَافِ. [357]

 فَلِمَ نزلتْ هذه‌ الا´يات‌ التي‌ ورد الكثير منها في‌ سورة‌ مريم‌، وسورة‌ ص‌، وورد بعضها في‌ سورة‌ الاحقاف‌، والتي‌ نقرأها بعنوان‌ التعبّد، بل‌ لانّ تلاوة‌ كلام‌ الخالق‌ أفضل‌ العبادات‌ ؟

 أفكان‌ القصد من‌ ذلك‌ العلم‌ بسيرة‌ الاوّلين‌ ؟ وعلی‌ فرض‌ هذا فإنّ الامر سوف‌ لن‌ يتخلف‌ عن‌ سماع‌ القصّاصين‌، فالقصّاصون‌ يروون‌ حكايات‌ يسمعها الناس‌ بدون‌ أن‌ يترتّب‌ علی‌ ذلك‌ أثر ونتيجة‌.

 كلاّ، فالامر مختلف‌ عن‌ ذلك‌، بل‌ إنّ القصد والهدف‌ أكبر من‌ مجرّد بيان‌ أحوال‌ وسيرة‌ الاُمم‌ السالفة‌ كما يفعل‌ علم‌ التأريخ‌ وعلم‌ الرجال‌ والتراجم‌، وهو أن‌ نقرأ هذه‌ القصص‌ بعنوان‌ التقرّب‌ إلی‌ الله‌، الذي‌ هو مخّ وأساس‌ العبادة‌، نقرأها صباحاً ومساءً في‌ البيوت‌ علاوة‌ علی‌ أوقات‌ الصلاة‌، لا يوماً أو يومين‌ بل‌ ما بقي‌ الدهر، ونتلوها ونتدبئر في‌ معاينها ومغزاها ونتائجها.

 الرجوع الي الفهرس

قصص القرآن الخاصة عبرة لجمیع الناس

 والسبب‌ في‌ ذلك‌ أنّ هذه‌ القصص‌ في‌ الحقيقة‌ منتزعة‌ من‌ أعمالنا نحن‌، وصفاتنا، وعقائدنا، كلّ ما في‌ الامر أنـّها حكاية‌ عن‌ أُناس‌ جاءوا وذهبوا كانوا يشبهوننا في‌ جميع‌ الجوانب‌، وعلینا أن‌ نقرأ هذه‌ القصص‌ للتدبّر والاعتبار والاتّعاظ‌، فنلحظ‌ نقاط‌ الضعف‌ والقبح‌ في‌ نفوسهم‌ ونبحث‌ عن‌ أشباهها في‌ نفوسنا فنصلحها ونقوّمها، ونلحظ‌ نقاط‌ القوّة‌ والفضل‌ فيهم‌ فنقوّيها أو نوجدها في‌ نفوسنا.

 وبعبارة‌ أُخري‌ فإنّ في‌ نفوسنا فرعون‌ وموسي‌، وحواريو ابن‌ مريم‌، والاقباط‌ وبني‌ إسرائيل‌ الاسباط‌، وإلیهود وعيسي‌ ابن‌ مريم‌، وفي‌ نفوسنا نمرود وإبراهيم‌، آدم‌ وحوّاء، هابيل‌ وقابيل‌، قوم‌ عاد وهود، قوم‌ ثمود وصالح‌، أبرهة‌ وأفياله‌ الحربيّة‌ وعبد المطّلب‌، وأخيراً محمّد وعلی والمنافقون‌ والمشركون‌ والكافرون‌ الذين‌ نقرأ سيرتهم‌ وحياتهم‌ في‌ السور القرآنيّة‌ الكريمة‌.

 فحين‌ نقرأ في‌ قصّة‌ موسي‌ وبني‌ إسرائيل‌ عن‌ تباطئهم‌ وفتورهم‌ واعتراضاتهم‌ وإشكالاتهم‌ التي‌ كانوا يبدونها بلاداع‌، انتهاءً بعبادة‌ العجل‌ وضياعهم‌ في‌ التَّيْه‌، فعلینا أن‌ نعي‌ جيّداً أنّ هذه‌ الاعتراضات‌ والاسئلة‌ والتباطؤ والفتور والاهتمام‌ بالاُمور النفسيّة‌ وعبادة‌ الا´ثار والميل‌ للشرك‌ موجودة‌ فينا نحن‌ أيضاً. وإذا ما غفلنا ـ نحن‌ المسلمون‌ ـ عن‌ أنفسنا لحظة‌ واتّجهنا نحو عبادة‌ المادّة‌ والزخارف‌ الدنيويّة‌، فإنّ تلك‌ الاخلاق‌ السيّئة‌ والصفات‌ الرذيلة‌ والاعمال‌ المنحطّة‌ ستنتقل‌ جميعها إلینا، فيصبح‌ موسي‌ في‌ وجودنا ضعيفاً وحيداً مخذولاً لا ناصر له‌ ولا معين‌.

 أمّا إذا كان‌ لدينا نحن‌ أيضا الإيمان‌ والثبات‌ وإلیقين‌ بالله‌ الذي‌ كان‌ يمتلكه‌ موسي‌، فسنكون‌ من‌ المُخلَصين‌ ومن‌ العبيد التامّين‌ في‌ عبادة‌ الله‌ المطيعين‌ له‌، ولن‌ يمكن‌ للنفس‌ الامّارة‌ أن‌ تُردينا في‌ الهلكات‌.

 نعم‌، حين‌ نقرأ في‌ القرآن‌: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـ'´نءِكَةِ إِنِّي‌ جَاعِلٌ فِي‌ الاْرْضِ خَلِيفَةً قَالُو´ا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن‌ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي‌´ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ. [358]

 إلی‌ آخر الا´ية‌ الثامنة‌ والثلاثين‌ لتلك‌ السورة‌، التي‌ تحدّثت‌ بأجمعها عن‌ آدم‌ وتعلیمه‌ الاسماء كلّها، ثمّ عرضه‌ علی‌ الملائكة‌ وإظهارهم‌ عجزهم‌ عن‌ العلم‌ بالاسماء، وسجود الملائكة‌ وتمرّد إبليس‌، وخطاب‌ الحقّ تعإلی‌ لا´دم‌ أن‌ يسكنا الجنّة‌ ولا يقربا هذه‌ الشجرة‌، ثمّ إغواء الشيطان‌ لهما وأمر الله‌ لهما بالهبوط‌ إلی‌ الارض‌، ثمّ تلقّي‌ آدم‌ كلماتٍ من‌ ربّه‌ وقبوله‌ توبته‌، ونصح‌ الله‌ ووعظه‌ لهما أن‌ لايخافا ولايحزنا إن‌ تبعا هدي‌ اله‌؛ فهي‌ كلّها ترجع‌ إينا جميعاً واحداً واحداً.

 فنحن‌ أيضاً كنّا في‌ أعماقنا مُخاطَبين‌ لامر الله‌ ونهيه‌، ومخلوقين‌ ومُعَلّمين‌ الاسماء ومأمورين‌ في‌ نفس‌ الوقت‌ بالسجود، وسيحلّ علینا عند تمرّدنا غضب‌ الله‌ ولعنته‌، وكنّا مأمورين‌ بالسكني‌ في‌ الجنّة‌ وعدم‌ الا´كل‌ من‌ الشجرة‌، ثمّ المخالفة‌ الناجمة‌ عن‌ الجهل‌ والغفلة‌، ثمّ الهبوط‌ إلی‌ عالم‌ الارض‌ وإلقاء التوبة‌ وقبولها عند المتابعة‌، وغير ذلك‌ من‌ الوقائع‌ حذو النعل‌ بالنعل‌.

 أي‌ أنّ في‌ نفوسنا آدم‌ وحوّاء، وشيطان‌ وملك‌، وكأنّ الله‌ حين‌ يقول‌: يَـ'´ادَمُ أَنبِئْهُم‌ بِأَسْمَآنءِهِمْ،[359] فقد كان‌ يخاطبنا نحن‌ ب: أَنبِئْهُم‌ بِأَسْمَآنءِهِمْ؛ فالامر والنهي‌، والتمرّد والطاعة‌، والتجرّي‌ والانقياد، والوصول‌ إلی‌ مقام‌ اللقاء والفناء والبقاء وأعلی‌ علیين‌ وسدرة‌ المنتهي‌ وغيرها، أو السقوط‌ في‌ حضيض‌ النكبات‌ ودركات‌ الجحيم‌ وغيرها، كلّها كانت‌ لنا نحن‌.

 ولا أريد القول‌ أنّ خطاب‌ القرآن‌ لا´دم‌ نوعيّ وراجع‌ إلی‌ الجنس‌ لا إلی‌ شخص‌ آدم‌، لانّ هذا القول‌ خلاف‌ الظهور، بل‌ خلاف‌ نصّ القرآن‌ الكريم‌ الذي‌ خاطب‌ شخص‌ آدم‌ وحوّاء؛ بل‌ إنّ ما أريد قوله‌ هو إنّ الخطاب‌ إلی‌ شخص‌ آدم‌ وحوّاء هو من‌ جهة‌ الملاك‌ بعينه‌ خطاب‌ لنا نحن‌، ولانّ الملاك‌ تامّ وكامل‌ فينا فليس‌ من‌ فارق‌ يفصلنا عن‌ آدم‌ من‌ جهة‌ النتيجة‌ والاثر والوصول‌ إلی‌ الجنّة‌ والنار، أو السعادة‌ والشقاء.

 وعلی‌ هذا فإنّ جميع‌ هذه‌ القصص‌ موجّهة‌ لنا نحن‌، تمثّل‌ برنامج‌ العمل‌ والموعظة‌ والنصيحة‌، ولهذا الامر فقد كان‌ الباريّ عزّ وجلّ ينبّه‌ في‌ خاتمه‌ هذه‌ القضايا؛ كقصّة‌ نوح‌ والطوفان‌ مثلاً، وقصّد صالح‌ وعقر الناقة‌ وقوم‌ ثمود، وقصّة‌ هود وقوم‌ عاد وعذابهم‌ في‌ سبع‌ ليال‌ وثمانية‌ أيّام‌ بريح‌ السموم‌ وغيرها؛ ويقول‌ إنّها تذكرة‌ وعبرة‌ للمتذكّرين‌ والمعتبرين‌.

 ففي‌ خاتمة‌ القصّة‌ الطويلة‌ المفصّلة‌ ليوسف‌ علی‌ نبيّنا وآله‌ وعلیه‌ السلام‌ يقول‌: لَقَدْ كَانَ فِي‌ قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاّولِي‌ الاْلْبـَبِ. [360]

 وحين‌ بذكر بَلْعَمْ بَاعُورَاء الذي‌ انحرف‌ بعد العبادات‌ الطويلة‌ فتبع‌ الشيطان‌ وهوي‌ نفسه‌ الامّارة‌ وانسلخ‌ عن‌ آيات‌ التي‌ وصلت‌ إلیه‌ مرة‌ قبل‌ وأخلد إلی‌ ركوب‌ الشهوات‌ الدنيويّة‌، يضرب‌ الله‌ مثله‌ بالكلب‌، ثمّ يقول‌:

 ذَّ لِكَ مَثَلُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. [361]

 وفي‌ سورة‌ غافر يقول‌:

 وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن‌ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَّن‌ قَصَصْنَا علیكَ وَمِنْهُمْ مَّن‌ لَّمْ نَقْصُصْ علیكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن‌ يَأْتِيَ بِـَايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَهِ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ اللَهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ. [362]

 ثمّ يقول‌ بعد آيات‌ ثلاث‌: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي‌ الاْرْضِ فَيَْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَـ'قِبَةُ الَّذِينَ مِن‌ قَبْلِهِمْ كَانُو´ا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءَاثَارًا فِي‌ الاْرْضِ فَمَآ أَغْنَي‌' عَنْهُم‌ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ. [363]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[300] «جامع‌ الاسرار» ص‌ 462 و 463.

[301] ـ أورد جميع‌ هذه‌ الفقرات‌ العارف‌ الجليل‌ السيّد حيدر الامليّ في‌ «جامع‌ الاسرار» بهذه‌ العبارة‌: وإلي‌ مثل‌ هذا الإنسان‌ ومرتبته‌ أشار مولانا جعفر بن‌ محمّد الصادق‌ عليهما السلام‌ في‌ قوله‌: ثمّ يذكر الحديث‌ إلي‌ آخره‌. (ص‌ 383، رقم‌ 765

[302] ). ـ أورد الشيخ‌ نجم‌ الدين‌ الرازيّ في‌ كتاب‌ «مرصاد العباد» ص‌ 3 طبعة‌ (بنگاه‌ ترجمة‌ ونشر كتاب‌) هذه‌ الرواية‌ بهذا الترتيب‌: خلق‌ الله‌ آدم‌ علي‌ صورته‌؛ وفي‌ ص‌ 650 التي‌ ذكر فيها مصدرها قال‌ المعلّق‌: رواية‌ نُقلتُ صورها المختلفة‌ في‌ أحاديث‌ «مثنوي‌» ص‌ 114 و 213

[303] «كلمات‌ مكنونة‌» ص‌ 11 و 1212، ضمن‌ الكلمة‌ 59، الطبعة‌ الحجريّة‌: وترجمة‌ الشعر: «لي‌ حبيبٌ، الجسم‌ و الروح‌ صورته‌، كلا العالمين‌ جسمٌ و روح‌ صورته‌. كلّ معنيً بديع‌ و صورة‌ منزّهة‌، يلحظها بصرك‌ فهي‌ صورته‌». ـ

[304] يقول‌: «إن‌ كنتَ ابن‌ آدم‌ حقّاً فاجلس‌ كما فعل‌ وانظر إلي‌ الذّارت‌ في‌ نفسك‌ و وجودك‌ ـ أي‌ اعرف‌ العالم‌ الكبير في‌ العالم‌ الصغير و هو نفسك‌ ـ فما الشي‌ء الذي‌ حواه‌ الدنّ و لم‌ يحوه‌ النهر ؟ و ما الشي‌ الذي‌ حواه‌ البيت‌ و خلت‌ منه‌ المدينة‌ ؟ هذا العالم‌ كالدنّ و القلب‌ كساقية‌ ماء، و هذا العالم‌ كالبيت‌ و القلب‌ كالمدينة‌ العجيبة‌».

[305] ـ الا´يتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 40: غافر.

[306] ـ الا´يتان‌ 13 و 14، من‌ السورة‌ 86: الطارق‌. ـ

[307] الا´يتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌. ـ

[308] الا´ية‌ 176، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[309] ـ الا´ية‌ 3، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[310] ـ الا´ية‌ 105، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[311] ـ الا´ية‌ 113، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[312] ـ الا´ية‌ 1، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[313] ـ الا´ية‌ 1، من‌ السورة‌ 11: هود.

[314] ـ الا´ية‌ 52، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌. ـ

[315] الا´يات‌ 1 إلي‌ 3: من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[316] ـ الا´يتان‌ 4 و 5، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[317] ـ الا´ية‌ 36، من‌ السورة‌ 17: الإسراء.

[318] ـ الا´ية‌ 23، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[319] ـ الا´يتان‌ 27 و 28، من‌ السورة‌ 53: النجم‌. ـ

[320] الا´يتان‌ 29 و 30، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[321] ـ وردت‌ في‌ موضعين‌ من‌ القرآن‌، الاوّل‌: الا´ية‌ 116، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌، الثاني‌: الا´ية‌ 66، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[322] ـ الا´ية‌ 148: من‌ السورة‌ 6: الأنعام.

[323] ـ الا´ية‌ 24، من‌ السورة‌ 45: الجاثية‌.

[324] ـ الا´ية‌ 157، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[325] ـ الا´ية‌ 60، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[326] ـ الا´ية‌ 12، من‌ السورة‌ 49: الحجرات‌.

[327] ـ الا´يتان‌ 36 و 37، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[328] ـ مقطع‌ من‌ الا´ية‌ 154، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[329] ـ الا´يتان‌ 81 و 82، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[330] - الآیة 32، من السورة 10 : یونس.

یروی المجلسی فی « بحارالانوار » ج 92 ص26و 27 ، الطبعة الحرفیة ، طهران ، عن « تفسیر العیاشی»  عن الصادق علیه السلام انه قال : و ما عدل احد عن القرآن الا الی النار . ( « تفسیر العیاشی» ج1ص5) .

کما اورد عن المحاسن للبرقی ، ضمن حدیث عن الامام الباقر علیه السلام : فمن زعم ان کتاب الله مبهم فقد هلک و اهلک . ( « بحار الانوار ج 92 ص90 ؛و المحاسن ص 270 ) .

کما اورد عن المحاسن بسنده عن الامام الصادق علیه السلام ، قال : ما من امر یختلف فیه اثنان الا و له اصل فی کتاب الله ، لکن لا تبلغه عقول الرجال . (« بحار الانوار ج92،ص100 ؛  و المحاسن ص 267 ).

و قال امیر المؤمنین علیه السلام فی شأن القرآن : و اتهموا علیه آراءکم . ( نهج البلاغه الخطبة 174 و فی طبعة مصر ف تعلیق محمد عبده : ج 1ص237 ).

[331] ـ آخر الا´ية‌ 41 والا´ية‌ 42، من‌ السورة‌ 41: حم‌ السجدة‌.

[332] ـ الا´ية‌ 94، من‌ السورة‌ 15: الحجر.

[333] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 17، ص‌ 424 و 425.

[334] ـ وهو نوعٌ من‌ الشراب‌ يتّخذ من‌ الخلّ والسكر.

[335] ـ الا´ية‌ 108، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[336] ـ الا´ية‌ 116، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[337] ـ الا´ية‌ 136، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[338] ـ الا´ية‌ 36، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

[339] ـ الا´ية‌ 30، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[340] ـ الا´ية‌ 123، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[341] ـ الا´يات‌ 30 إلي‌ 32، من‌ السورة‌ 30: الروم‌.

[342] ـ الا´يات‌ 55 إلي‌ 61، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌.

[343] ـ الا´يات‌ 151 إلي‌ 153، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[344] ـ الا´ية‌ 6، من‌ السورة‌ 27: النمل‌، وهي‌ الا´ية‌ التي‌ أوردناها في‌ مطلع‌ البحث‌.

[345] ـ المطلع‌ أمّا بتشديد الطاء وفتح‌ اللام‌ بمعني‌ مكان‌ الاطّلاع‌ من‌ علوّ، أو علي‌ وزن‌ المَصْعَد وله‌ نفس‌ معني‌ المصعد، أي‌ المكان‌ الذي‌ يُذهب‌ إليه‌ لتحصيل‌ العلم‌ والاطّلاع‌، وحاصله‌ قريب‌ من‌ المعني‌ الاوّل‌؛ وهو معني‌ التأويل‌ والباطن‌ كما أنّ معني‌ الحدّ قريب‌ من‌ معني‌ الظاهر والتنزيل‌.

[346] ـ مقطع‌ من‌ الا´ية‌ 7، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[347] - تفسیر الصافی ج 1ص17و 18 ، الطبعة المصورة بالاوفیست . و یقول المستشار عبد الحلیم الجندی فی کتاب « الامام جعفر الصادق » ص 267 : یروی الشیعه عن النبی انه قال : ان للقرآن ظاهرا و باطنا ، و لبطنه بطن الی سبعة ابطن . و یروون عن علی انه قال : مامن آیة قرآنیة الا و لها و ظاهر و باطن و حد و مطلع . یروی هذا البیان عن سهل التستری من المفسرین الصوفین . و انه اضاف: فالظاهر التلاوة و الباطن الفهم و الحد حلالها و حرامها ، و المطلع اشراف القلب علی المراد به فقها عه الله عزوجل ...قیل له : ما الباطن ؟ قال : فهمه .

و یروون عن الامام الصادق انه قال : ان فی کتاب الله امورا اربعة : العبارات و الاشارات و الحقائق و اللطائف . فالعبارات للعوام و الاشارات للخواص و اللطائف للأو لیاء و الحقائق لأنبیاء الله .

[348] - یقول المستشار عبد الحلیم الجندی فی کتابه « الامام جعفر الصادق » ص173 ، فی ابدیة القرآن و خلوده ، عن الامام الصادق علیه السلام : و من تعبیره ( الامام الصادق علیه السلام ) عن حجیة القرآن ابدا ، یسأله السائل : لم صار الشعر و الخطب یمل ما اعید منها و القرآن لا یمل؟ فیجیب: لان القرآن حجة علی اهل العصر الثانی کما هو حجة علی اهل العصر الاول فکل طائفة تراه عصرا جدیدا و لان کل امری فی نفسه ، متی اعاده  و فکر فیه تلقی منه فیکل مدة  علوما غضة . و لیس هذا کله فی الشعر و الخطب .

[349] ـ الا´ية‌ 16، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[350] ـ الا´ية‌ 41، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[351] ـ الا´ية‌ 51، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[352] ـ الا´ية‌ 54، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[353] ـ الا´ية‌ 56، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[354] ـ الا´ية‌ 41، من‌ السورة‌ 38: ص‌.

[355] ـ الا´ية‌ 45، من‌ السورة‌ 38: ص‌.

[356] ـ الا´ية‌ 48، من‌ السورة‌ 38: ص‌.

[357] ـ الا´ية‌ 21، من‌ السورة‌ 46: الاحقاف‌.

[358] ـ الا´ية‌ 30، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[359] ـ مقطع‌ من‌ الا´ية‌ 33، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[360] ـ الا´ية‌ 111، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌.

[361] ـ الا´ية‌ 176، من‌ السورة‌ 7 الاعراف‌.

[362] ـ الا´ية‌ 78، من‌ السورة‌ 40: غافر.

[363] ـ الا´ية‌ 82، من‌ السورة‌ 40: غافر.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com