بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب نورملكوت القرآن/ المجلد الاول / القسم الاول: وصف القرآن الکریم، بحث فی القصاص و الدیة و العفو

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

 بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

 وصلَّي‌ اللَهُ عَلَي‌ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

 ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَي‌ أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الا´نَ إلَي‌ قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِي‌ِّ العَظِيمِ

 

البحث الاول:

القرآن هو الدليل الي الدين و النظام الأقوم

 

القرآن کتاب هدایة و بشارة و انذار

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌ :

 إِنَّ هَـ'ذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي‌ لِلَّتِي‌ هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّـ'لِحَـ'تِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. [1]

 يمكن‌ بالتأمّل‌ في‌ مفهوم‌ هذه‌ الا´ية‌ الكريمة‌ استخلاص‌ مطالب‌ ثلاثة‌:

 الاوّل‌ : أنّ القرآن‌ الكريم‌ كتابٌ يهدي‌ المجتمع‌ البشريّ ويرشده‌ لامتن‌ وأتقن‌ الاديان‌ والاساليب‌ والمذاهب‌ والمسالك‌ وأرسخها، وهو معنيً يستحقّ التأمّل‌ والدقّة‌ لاهمّيّته‌ البالغة‌ ، إذ منذ زمن‌ أبي‌ البشر آدم‌ وإلي‌ يومنا هذا فما جاء به‌ الانبياء وما نطقوا به‌ عن‌ الله‌ الحيّ القيّوم‌ لاءرشاد البشر وهدايتهم‌، وما أنزل‌ معهم‌ من‌ كتب‌ في‌ الدعوة‌ للتوحيد وبيان‌ الحقائق‌ وإرشاد الناس‌ إلي‌ منزل‌ السعادة‌ عبوراً من‌ منزلقات‌ الهلاك‌ ومن‌ الامراض‌ الروحيّة‌ والخلقيّة‌ ، وكذا ما جاء به‌ الحكماء الاءلهيّون‌ الحقيقيّون‌ الذين‌ مجّدهم‌ الاءسلام‌ كلقمان‌ الحكيم‌ وسقراط‌ وإفلاطون‌ وآخرين‌ غيرهم‌، وما بحثه‌ هؤلاء وما سطّروه‌ من‌ كتب‌ أو أسّسوه‌ من‌ مكاتب‌ أو بنوه‌ من‌ مدارس‌، وما قدّموا للعالم‌ الاءنسانيّ من‌ تلامذة‌ قديرين‌ ، وكذلك‌ ما يقوم‌ به‌ العلماء والمفكّرون‌ المتأ  لّهون‌ وغير المتأ  لهين‌ اليوم‌ سعياً لتحقيق‌ سعادة‌ المجتمعات‌  وما وضعوه‌ من‌ العلوم‌ المستقلّة‌ باسم‌ علم‌ الاجتماع‌ وعلم‌ النفس‌ والفلسفة‌ والتحقيق‌ في‌ الاُسس‌ الاخلاقيّة‌ ودراسة‌ الاُسلوب‌ الصحيح‌ الواقعيّ لسعادة‌ البشر والحياة‌ في‌ ظلّ الهدوء والصلح‌ والمسالمة‌ والتمتّع‌ بجميع‌ مواهب‌ الاءنسانيّة‌ ، وما ملاوا به‌ الجامعات‌ والكلّيّات‌ من‌ البحث‌ والتمعّن‌ والتفحّص‌.

 يُضاف‌ إلي‌ ذلك‌ ما حُصل‌ عليه‌ بعد ذلك‌ نتيجة‌ التكامل‌ العلميّ والبحث‌ والتحقيق‌ وتأليف‌ الكتب‌ وتقديم‌ فلاسفة‌ جدد للعالم‌، ويجلسون‌ علي‌ طاولات‌ مستديرة‌، أو بيضاويّة‌ أو مستطيلة‌ أو مسدّسة‌ ، ومهما حلّقوا في‌ السماء صُعُداً وسخّروا كواكب‌ المرّيخ‌ والزهرة‌ وعطارد سعياً لتقديم‌ البرنامج‌ الاعلي‌ والامثل‌ للسعادة‌ والرقي‌ ، مع‌ كلّ هذا المرتكز الواسع‌ الممتدّ والنظر المتّسع‌ المستوعب‌ للمذاهب‌ السماويّة‌ والارضيّة‌، مع‌ هذا كلّه‌ فإنّ القرآن‌ الكريم‌ ، نعم‌ هذا القرآن‌ الذي‌ نضعه‌ في‌ جيوبنا ونقرأه‌ فهو أقوم‌ وأرسخ‌ وأكثر أصالةً وقبولاً من‌ كلّ هذه‌ الاديان‌ والقوانين‌ والخطط‌ والاساليب‌، فهو يهدي‌ المجتمع‌ البشري‌ ويقوده‌ للاءصلاح‌ الشامل‌ والسعادة‌ المطلقة‌ والحياة‌ النزيهة‌ المفيدة‌ والعيش‌ الممتع‌ الهاني‌.

 هناك‌ مسألة‌ مهمّة‌ جدّاً ، وهي‌ أنّ هذه‌ الا´ية‌ التي‌ تُذاع‌ اليوم‌ من‌ إذاعات‌ الدول‌ الاءسلاميّة‌ والكافرة‌ تُظهر علناً أنّ برنامج‌ القرآن‌ هو البرنامج‌ الامثل‌ وإرشاده‌ وهديه‌ ومنهجيّته‌ من‌ أمتن‌ المناهج‌ وأرسخها ، وأنّ سكّان‌ المعمورة‌ علي‌ اختلاف‌ ألوانهم‌ ومناطقهم‌ ومعايشهم‌ لو اجتمعوا وبحثوا في‌ آداب‌ وتقاليد وأهداف‌ وعقيدة‌ ونهج‌ الحياة‌ وأُسلوب‌ العيش‌ والاستفادة‌ من‌ أرقي‌ الطرق‌ والمذاهب‌ التي‌ وضعوها نصب‌ أعينهم‌ ثمّ قايسوها مع‌ ذلك‌ بأحكام‌ القرآن‌ من‌ الكسب‌ والتجارة‌ والنكاح‌ والعبادة‌ والصلاة‌ والصيام‌ والحجّ والجهاد والقوانين‌ التوحيديّة‌ والبيانات‌ العرفانيّة‌ والمواعظ‌ الاخلاقيّة‌ والتعاليم‌ العمليّة‌ لرأوا بأُمّ أعينهم‌ أنّ الاءسلام‌ أفضل‌ وأعلي‌ وأرقي‌ بكثير من‌ كلّ ذلك‌، فالقرآن‌ يوصل‌ البشر في‌ طريق‌ أسرع‌ وأيسر وأقرب‌ إلي‌ تكامله‌ الاءنساني‌ّ، كما أنّ خطواته‌ لتوظيف‌ قوي‌ الاءنسان‌ وطاقاته‌ واستعداداته‌ الكامنة‌ أمتن‌ وأكثر منهجيّة‌ وأصالة‌.

 الثاني‌ : أ  نّه‌ يبشّر المؤمنين‌ والمعتقدين‌ بالحضرة‌ الاءلهيّة‌ والمعترفين‌ بالرسالة‌ والمقرّين‌ بالولاية‌ أنّ في‌ جهدهم‌ المتواصل‌ وسعيهم‌ الجادّ وجهدهم‌ في‌ العمل‌ والسلوك‌ للوصول‌ إلي‌ النجاح‌ والنجاة‌ والخلاص‌ من‌ هواجس‌ النفس‌ ونيل‌ الدرجات‌ العالية‌ والمقامات‌ السامية‌ قد كتب‌ الخالقُ المنّان‌ لهم‌ الاجر والثواب‌ الجزيل‌. لذا يُعدّ القرآن‌ كتاب‌ بشارة‌ وأمل‌ وسرور وابتهاج‌.

 الثالث‌ : أ  نّه‌ يُحذّر منكري‌ الخالق‌ والرسالة‌ والولاية‌ ، وبالتالي‌ منكري‌ الا´خرة‌ ويوم‌ الثواب‌ والجزاء ، ويخوّفهم‌ من‌ العذاب‌ الاليم‌ العسير جزاء كفرهم‌ وعقاب‌ عدم‌ إيمانهم‌ . لذا يُعدّ القرآن‌ كتاب‌ تحذيرٍ وإنذار وتنبيهٍ وإيقاظ‌. فالقرآن‌ كتاب‌ أمل‌ وبشارة‌ ، وهو كذلك‌ كتاب‌ إنذار وتخويف‌، في‌ نفس‌ الوقت‌ الذي‌ يُعدّ برنامجاً لحركة‌ البشر، برنامجاً هو أقوم‌ البرامج‌ للوصول‌ إلي‌ أكثر الاديان‌ والانظمة‌ واقعيّةً وصدقاً ولدرك‌ أنجح‌ المناهج‌ والغايات‌.

 ونجد لهذه‌ المطالب‌ الثلاثة‌ أمثلة‌ ونظائر في‌ موارد كثيرة‌ من‌ القرآن‌ الكريم‌، كما هو الامر في‌ أوائل‌ سورة‌ النمل‌ :  طس‌´ تِلْكَ ءَايَـ'تُ الْقُرْءَانِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًي‌ وَبُشْرَي‌' لِلْمُؤمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُم‌ بِالاْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَـ'لَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ. [2]

 وكذلك‌ في‌ أوائل‌ سورة‌ الكهف‌ حيث‌ يقول‌ :  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌´ أَنزَلَ عَلَي‌' عَبْدِهِ الْكِتَـ'بَ وَلَمْ يَجْعَل‌ لَّهُ و  عِوَجًا * قَيِّمًا لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن‌ لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّـ'لِحَـ'تِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا* مَّـ'كِثِينَ فِيهِ أَبَدًا* وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَهُ وَلَدًا  [3] * مَّا لَهُم‌ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَلاِبَآنءِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَ ' هِهِمِ إِن‌ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا. [4]

 أمّا بشأن‌ البشارة‌ للمؤمنين‌ والاءنذار والتحذير للكافرين‌ فآيات‌ القرآن‌ مليئة‌ بذلك‌ تتري‌ ، لانّ القرآن‌ أشمل‌ الكتب‌ وأجمعها، وأفضل‌ مناهج‌ للتربية‌ والتكامل‌ وأوضحها ، وهو يُحلّق‌ ـإذ يُحلّق‌ـ بجناحَي‌ الامل‌ والخوف‌، والرجاء والحذر كليهما . فالذين‌ مثّلوا وجسّدوا الامل‌ والرجاء المحض‌ كعيسي‌ ابن‌ مريم‌ ، أو الذين‌ مثّلوا الخوف‌ المحض‌ كيحيي‌بن‌ زكريّا، علي‌ نبيّنا وآله‌ وعليهما الصلاة‌ والسلام‌ ، لم‌يمتلكوا درجة‌ ومقام‌ وشمول‌ وجامعيّة‌ رسول‌الله‌، الذي‌ تمثّل‌ وتجسّد فيه‌ الرجاء والخوف‌ كلاهما، وأتبع‌ ذلك‌ أنّ تلاميذ هذه‌ المدرسة‌ ـمدرسة‌ الرجاء والخوف‌ـ كانوا أكثر شمولاً وسعة‌ وامتداداً.

 الرجوع الي الفهرس

خطبة «نهج البلاغة »فی وصف القرآن الکریم

 وقد اعتبر الاءمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ـبهذا النظرـ شخص‌ الفقيه‌ منحصراً بالشخص‌ الذي‌ يجمع‌ هاتينِ الصفتينِ معاً، كما جاء في‌ « نهج‌ البلاغة‌ » :  وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : الفَقِيهُ كُلُّ الفَقِيهِ مَنْ لَمْ يَقَنِّط‌ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِاللَهِ؛ وَلَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللَهِ ؛ وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِاللَهِ! [5]

 وكذلك‌ فقد عَدَّ فِي‌  « نهج‌ البلاغة‌ »  القرآنَ ربيعاً لقلوب‌ الفقهاء فقال‌ عليه‌ السلام‌:  وَرَبِيعاً لِقُلُوبِ الفُقَهَاءِ.  لذا فمن‌ الجلي‌ّ أنّ كتاباً كهذا من‌ شأنه‌ أن‌ يجلو ويصقل‌ قلوب‌ الفقهاء الحقيقيّين‌ والعارفين‌ بالله‌ الجامعين‌ صفتَي‌ الرجاء والخوف‌، وكالنسيم‌ الربيعيّ الهابّ علي‌ الورود يُحيي‌ قلوبهم‌ ويملؤها بالطراوة‌ والبهجة‌.

 وقد ورد هذا التعبير ضمن‌ خطبةٍ بدأت‌ بعنوان‌  يَعْلَمُ عَجِيجَ الوُحُوشِ فِي‌ الفَلَواتِ، وَمَعَاصِي‌ العِبَادِ فِي‌ الخَلَوَاتِ ، وَاخْتِلاَفِ النِّينَانِ فِي‌ البِحَارِ الغَامِرَاتِ ، وبعد بيانٍ وافٍ في‌ الموعظة‌ والامر بالتقوي‌ ، ومدح‌ وتمجيد وافرٍ للاءسلام‌، وتحميدٍ وتجليل‌ فيّاض‌ بالعظمة‌ والسموّ للنبيّ الاكرم‌ محمّد صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ، يصل‌ إلي‌ وصف‌ القرآن‌ : الكتاب‌ النازل‌ علي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ، فيقول‌ :

 ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ نُوراً لاَ تُطْفَأُ مَصَابِيحُهُ ؛ وَسِراجاً لاَيَخْبُو تَوَقُّدُهُ؛ وَبَحْرَاً لاَيُدْرَكُ قَعْرُهُ ؛ وَمِنْهَاجاً لاَ يُضَلُّ نَهْجُهُ؛ [6]  وَشُعَاعاً لاَيُظْلَمُ ضَوْؤُهُ؛ وَفُرْقَاناً لاَيُخْمَدُ بُرْهَانُهُ ؛ وَتِبْيَاناً لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ ؛ وَشِفَاءً لاَتُخْشَي‌ أَسْقَامُهُ؛ وَعِزَّاً لاَتُهْزَمُ أَنْصَارُهُ ؛ وَحَقَّاً لاَ تُخْذَلُ أَعْوَانُهُ.

 فَهُوَ مَعْدِنُ الاءيمَانِ وَبُحْبُوحَتُهُ ، وَيَنَابِيعُ العِلْمِ وَبُحُورُهُ، وَرِيَاضُ العَدْلِ وَغُدْرَانُهُ، وَأَثَافِي‌ُّ الاءسْلاَمِ وَبُنْيَانُهُ ، وَأَوْدِيَةُ الحَقِّ وَغِيطَانُهُ.

 وَبَحْرٌ لاَيَنْزِفُهُ المُسْتَنْزِفُونَ ، وَعُيُونٌ لاَ يُنْضِبُهَا المَاتِحُونَ ، وَمَنَاهِلُ لاَيُغْيضُها الوَارِدُونَ، وَمَنازِلُ لاَ يَضِلُّ نَهْجَهَا المُسافِرُونَ ، وَأَعْلاَمٌ لاَيَعْمَي‌ عَنْهَا السَّائِرُونَ، وَأَكَامٌ لاَ يَجُوزُ عَنْهَا القَاصِدُونَ.

 جَعَلَهُ اللَهُ رَيَّاً لِعَطَشِ العُلَمَاءِ ، وَرَبِيعَاً لِقُلوبِ الفُقَهَاءِ، وَمَحَاجَّ لِطُرُقِ الصُّلَحاءِ، وَدَوَاءً لَيْسَ بَعْدَهُ دَاءٌ ، وَنُورَاً لَيْسَ مَعَهُ ظُلْمَةٌ، وَحَبْلاً وَثِيقاً عُرْوَتُهُ، وَمَعْقِلاً مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ ، وَعِزَّاً لِمَنْ تَوَلاَّهُ ، وَسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، وَهُديً لِمَنْ ائْتَمَّ بِهِ، وَعُذْرَاً لِمَنْ انْتَحَلَهُ ، وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ ، وَفَلْجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ ، وَحَامِلاً لِمَنْ حَمَلَهُ ، وَمَطِيَّةً لِمَنْ أَعْمَلَهُ، وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ ، وَجُنَّةً لِمَنْ اسْتَلاْمَ ، وَعِلْماً لِمَنْ وَعَي‌، وَحَدِيثَاً لِمَنْ رَوَي‌، وَحُكْماً لِمَنْ قَضَي‌. [7]

 نعم‌ ، إنّ البرنامج‌ القرآنيّ خير برنامج‌ للوصول‌ إلي‌ أفضل‌ الاديان‌ والانظمة‌ وأمثلها، ولابدّ لاءثبات‌ هذا المدّعي‌ أن‌ نأخذ قوانين‌ وأساليب‌ وآداب‌ وعادات‌ وأخلاق‌ المجتمعات‌ قديمها وحديثها ومتحضرّ الاُمم‌ ومتوحّشها، وما جاء به‌ أصحاب‌ المذاهب‌ الاءلهيّة‌ وأصحاب‌ المذاهب‌ المادّيّة‌ والطبيعيّة‌ كلاّ علي‌ انفراد ، ثمّ نقايس‌ ونقارن‌ ذلك‌ الادب‌ والقانون‌ والبرنامج‌ الخاصّ بموضوعٍ معيّن‌ مع‌ ما جاء في‌ القرآن‌ الكريم‌ لتتّضح‌ ميزة‌ وسمّو وتفوّق‌ الحكم‌ القرآنيّ في‌ ذلك‌ الموضوع‌.

 الرجوع الي الفهرس

 جزاء السب السب فقط او العفو عنه

وعلي‌ سبيل‌ المثال‌ ، فلو صدر من‌ أحد الرعايا ـولو كان‌ من‌ الرعاع‌ السوقة‌ـ جسارة‌ ووقاحة‌ تجاه‌ السلطان‌ والحاكم‌ المُطلق‌ في‌ ذلك‌ الوقت‌، كأن‌ يسبّه‌ ويشتمه‌ ويلعنه‌، فإنّ القوانين‌ المتداولة‌ ستعاقبه‌ عقاباً خاصّاً، من‌ حبسٍ وتعذيب‌ ونفي‌ٍ وجَلد وقتل‌ . لكنّ الاءمام‌ يقول‌: المسلمون‌ سواسيةٌ كأسنان‌ المشط‌، لافضل‌ للحاكم‌ علي‌ المحكوم‌ ، ولا للراعي‌ علي‌ الرعيّة‌، ولاللسطان‌ علي‌ من‌ انضوي‌ تحت‌ سلطانه‌ ؛ فلو صفع‌ أحدٌ ما الحاكمَ فللحاكم‌ أن‌ يقتصّ منه‌ صفعةً بصفعة‌ لا أكثر ، وله‌ كذلك‌ أن‌ يعفو عن‌ ذنبه‌ ويتجاوز عن‌ إساءته‌، فذاك‌ أولي‌ وأجمل‌.

 وَإِنْ عَاقَبَتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَنءِن‌ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّـِلصَّـ'بِرِينَ. [8]

 ولقد رأينا في‌ حكومة‌ الاءسلام‌ العادلة‌ أنّ هذا الامر كان‌ بهذه‌ الكيفيّة‌ حقّاً، ولقد كان‌ هذا الحكم‌ القرآنيّ الرفيع‌ يُطبّق‌ علي‌ الشريف‌ والوضيع‌، والغنيّ والفقير، والحاكم‌ والمحكوم‌ علي‌ حدٍّ سواء  فَحَبَّذَا بِهَذَا المِنْهَاج‌ .

 وقد ورد في‌  « نهج‌ البلاغة‌ »  أنّ أحد الخوارج‌ سبّ أميرَالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فوثب‌ أصحاب‌ الاءمام‌ ليقتلوه‌ ، فمنعهم‌ وبيّن‌ أنّ جزاءه‌ سبٌّ بسبّه‌ أو عفو وإغضاء عن‌ ذنبه‌.

 يقول‌  السيّد الرضي‌ّ  جامع‌  « نهج‌ البلاغة‌ »   وَرُوِي‌َ أَ  نَّهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ جَالِسَاً فِي‌ أَصْحَابِهِ، فَمَرَّتْ بِهِمُ امْرَأةٌ جَمِيلَةٌ فَرَهَقَهَا القَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إنَّ أبْصَارَ هَذِهِ الفُحُولِ طَوَامِحٌ ، وَإنَّ ذَلِكَ سَبَبُ هَبَابِهَا. فَإذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إلَي‌ امْرَأةٍ تُعْجِبُهُ فَلْيُلاَمِسُ أَهْلَهُ. فَإنَّمَا هِي‌َ امْرَأَةٌ كَامْرَأةٍ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الخَوَارِجِ:

 قَاتَلَهُ اللَهُ كَافِرَاً مَا أَفْقَهَهُ ! فَوَثَبَ القَوْمُ لِيَقْتُلُوُهُ ؛ فَقَالَ: رُوَيْدَاً؛ إنَّمَا سَبٌّ بِسَبٍّ، أَوْ عَفْوٌ عَنْ ذَنْبٍ.[9]

 ونلاحظ‌ في‌ هذا المورد أنّ الاءمام‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ في‌ زمن‌ خلافته‌ وفي‌ أوج‌ قدرته‌ الظاهريّة‌ ، لكنّه‌ لم‌ يتخطّ حين‌ سبَّه‌ رجلُ خارجيُّ القانونَ القرآني‌َّ قيد شعرة‌، وأوضح‌ أنّ جزاءه‌ السبّ بالمثل‌ لاغير، ثمّ جعل‌ العفو في‌ المرتبة‌ العليا والفضلي‌.

 وفي‌ واقعة‌ ضربة‌ ابن‌ ملجم‌ المراديّ علي‌ مفرق‌ رأسه‌ الشريف‌ التي‌ خُتمت‌ باستشهاده‌، فقد أجري‌ عليه‌ السلام‌ نفس‌ هذا الحكم‌ القرآني‌ّ، ففي‌ وصيّته‌ بعد الضربة‌، يقول‌ عليه‌ السلام‌:

 أَنَا بِالاَمْسِ صَاحِبُكُمْ ، وَاليَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ ، وَغَدَاً مُفَارِقُكُمْ، إنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِي‌ُّ دَمِي‌، وَإنْ أَفْنَ فَالفَنَاءُ مِيعَادِي‌ ، وَإنْ أَعْفُ فَالعَفْوُ لِي‌ قُرْبَةٌ، وَهُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَهُ لَكُمْ. [10]

 وَكذلك‌ يقول‌ : يَا بَنِي‌ عَبْدِ المُطَّلِب‌ ! لاَ أَلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ خَوْضَاً، تَقُولُونَ قُتِلَ أمِيرُ المُؤْمِنِينَ . ألاَ لاَتَقْتُلُنَّ إلاَّ قَاتِلِي‌! انْظُرُوا إذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هَذِهِ ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ؛ وَلاَيُمَثَّلُ بِالرَّجُلِ. فَإنِّي‌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ: إيَّاكُمْ وَالمُثْلَةَ وَلَوْ بِالكَلْبِ العَقُورِ.[11]

 وهذا من‌ أرقي‌ وأسمي‌ القوانين‌ القرآنيّة‌ لا  نّه‌ يعطي‌ لولي‌ّ الدم‌ حقّ القصاص‌ بالمثل‌ لا غير ، ثمّ يضع‌ العفو أمام‌ أنظاره‌ ويرغّبه‌ فيه‌، ولو قُدّر لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أن‌ يشفي‌ ويعافي‌ من‌ ضربته‌ لعفي‌ كما قال‌، إذ العفو خير؛  لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرينَ ؛ [12]  فحين‌ يكون‌ العفو المنبثق‌ والمنبعث‌ عن‌ أفضل‌ الصفات‌ النفسيّة‌ والكمالات‌ الروحيّة‌ أفضل‌ لعموم‌ المسلمين‌، فمن‌ المسلّم‌ أن‌ يكون‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ـالسابق‌ إلي‌ الاءيمان‌ـ أفضل‌ وأولي‌. لكنّ العفو كان‌ بِيَدِ الاءمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ وليّ دم‌ أبيه‌ بعد رحيله‌، ولو اقتضت‌ الظروف‌ لعمل‌ هو أيضاً برغبة‌ أبيه‌ وبالاولويّة‌ القرآنيّة‌ ولعفي‌، لكنّ أوضاع‌ ذلك‌ الوقت‌ ، من‌ خروج‌ الخوارج‌، وشقّ معاوية‌ وأعوانه‌ عصا الطاعة‌ علي‌ أميرالمؤمنين‌ ، كانت‌ ستجعل‌ عفو وصيّ الاب‌ عن‌ جانٍ خطر كهذا محمولاً علي‌ وهن‌ قدرته‌ وضعف‌ حكومته‌، لذا فقد رجّحُ الاءمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌ القصاص‌ ، وطبقاً لوصيّة‌ أبيه‌، فقد أنزل‌ به‌ ضربة‌ واحدة‌ فقط‌.

 الرجوع الي الفهرس

حکم القصاص فی القرآن حکم حیویّ

 إنّ  القصاص‌  الذي‌ يطبّق‌ في‌ الجرائم‌ المتعمّدة‌ ، أي‌ قتل‌ القاتل‌ مقابل‌ القتل‌، وقطع‌ يد الضارب‌ مقابل‌ قطع‌ اليد ، وقطع‌ اللسان‌ باللسان‌، وفقأ العين‌ بالعين‌ يعدّ من‌ أرقي‌ القوانين‌ القرآنيّة‌.

 إذ  أوّلاً  في‌ الجناية‌ العمديّة‌ التي‌ يرتكبها الجاني‌ بحقّ المجني‌ عليه‌ ويهدّد حياته‌ الاءنسانيّة‌ وسلامته‌ ، ويسلبه‌ نعمة‌ عمره‌ أو كمال‌ أعضائه‌، فإنّ المجني‌ عليه‌ سيمتلك‌ الحقّ الفطريّ والعقليّ والشرعيّ أن‌ يُجازي‌ المعتدي‌ ويواجهه‌ بنفس‌ النهج‌ والاُسلوب‌.

 و ثانياً  فإنّ القصاص‌ يوجب‌ تجنّب‌ الجريمة‌ ويمنع‌ من‌ وقوعها، فلو يتّقن‌ الناس‌ أ  نّهم‌ سيُجزون‌ علي‌ جرائمهم‌ العمديّة‌ مِثلاً بمثل‌، أي‌ أنّ القاتل‌ سيُقتل‌، والصافع‌ سيُصفع‌، ومَن‌ كسر عظم‌ شخص‌ فسيُكسر منه‌ نفس‌ العظم‌، ومَن‌ صلم‌ أُذن‌ شخص‌ فإنّ أُذنه‌ ستُصلم‌ ، عند ذاك‌ لن‌يجرؤ أحد علي‌ الاءقدام‌ علي‌ الجريمة‌، وسيُحجم‌ الجميع‌ عنها.

 لكنّ حكم‌ القصاص‌ إن‌ لم‌ يُقنّن‌ ويُطبّق‌ ، واكتُفي‌ بجعل‌ عقاب‌ الجريمة‌ الحبس‌ أو التبعيد أو الدية‌ فسيفتح‌ ذلك‌ الطريقَ علي‌ مصراعيه‌ للناس‌ للاءقدام‌ علي‌ الجريمة‌ وإنزال‌ الاذي‌ بأعدائهم‌ قتلاً أو ضرباً، وخاصّةً الطبقات‌ الغنيّة‌ المرفّهة‌ التي‌ تمتلك‌ الكثير ولايضيرها دفع‌ الدية‌. حينذاك‌ سيذهب‌ دم‌ المظلوم‌ هدراً، وسيتأتّي‌ من‌ ذلك‌ خلخلة‌ أركان‌ الحياة‌ الاجتماعيّة‌ وأُسسها.

 لذا فقد ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ بهذا الخصوص‌ :

 وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ يَـ'´أُلِي‌ الاْلْبَـ'بِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.[13]

 وقد وردت‌ هذه‌ الا´ية‌ المباركة‌ بعد آية‌ تحدّثت‌ هي‌ أيضاً عن‌ القصاص‌، تقول‌:

 يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي‌ الْقَتْلَي‌ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالاْنثَي‌' بِالاْنثَي‌' فَمَنْ عُفِيَ لَهُ و  مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَـ'نٍ ذَ ' لِكَ تَخْفِيفٌ مِّن‌ رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَي‌' بَعْدَ ذَ ' لِكَ فَلَهُ و  عَذَابٌ أَلِيمٌ. [14]

 الرجوع الي الفهرس

حکم التوراة و الانجیل فی القصاص یطابق حکم القرآن

 ويجب‌ العلم‌ أنّ حكم‌ القصاص‌ ومدح‌ وتجليل‌ العفو الواردينِ في‌ القرآن‌ الكريم‌ هما بعينهما حكم‌ القصاص‌ والعفو اللذان‌ نزلا في‌ شريعة‌ موسي‌ في‌ التوراة‌ ثمّ في‌ شريعة‌ عيسي‌ في‌ الاءنجيل‌ علي‌ نبيّنا وآله‌ وعليهما الصلاة‌ والسلام‌، ثمّ أُحكما وأُقِرَّا في‌ القرآن‌ الكريم‌ أمّا في‌ التوراة‌، فلاِنّ الله‌ سبحانه‌ يقول‌:

 إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَي'ةَ فِيهَا هُدًي‌ وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّـ'نِيُّونَ وَالاْحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن‌ كِتَـ'بِ اللَهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَتَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِـَايَـ'تِي‌ ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن‌ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ فَأُولَـ'´نءِكَ هُمُ الْكَـ'فِرُونَ* وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالاْنفَ بِالاْنفِ وَالاْذُنَ بِالاْذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن‌ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ و  وَمَن‌ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ فَأُولَـ'´نءِكَ هُمُ الظَّـ'لِمُونَ. [15]

 ونري‌ في‌ هذه‌ الا´يات‌ فرض‌ حكم‌ القصاص‌ وجعله‌ حقّاً للمجني‌ عليه‌، ثمّ تخييره‌ بين‌ القصاص‌ والعفو ، وامتداح‌ الاخير واستحسانه‌، وقد ورد هذا المطلب‌ بعينه‌ في‌ التوراة‌ المتداولة‌ حاليّاً ، فقد جاء في‌ الاءصحاح‌ الحادي‌ والعشرين‌ من‌ سفر الخروج‌ من‌ التوراة‌ أ  نّه‌:

 ( 12 )  مَن‌ ضرب‌ إنساناً فمات‌ يُقتل‌ قتلاً.

 ( 13 )  ولكنّ الذي‌ لم‌ يتعمّد ، بل‌ أوقع‌ الله‌ في‌ يده‌ ، فأنا أجعل‌ له‌ مكاناً يهرب‌ إليه‌.

 ( 23 )  وإن‌ حصلت‌ أذية‌ تعطي‌ نفساً بنفس‌ ، وعيناً بعين‌ ، وسنّاً بسنّ، ويداً بيد، ورجلاً برجل‌ ، وكيّاً بكيّ ، وجرحاً بجرح‌ ، ورضّاً برضّ. [16]

 وجاء في‌ الاءصحاح‌ الرابع‌ والعشرين‌ من‌ سفر اللاويين‌ أ  نّه‌:

 وإذا أماتَ أحدٌ إنساناً فإنّه‌ يُقتل‌ ، ومَن‌ أمات‌ بهيمةً فإنّه‌ يعوّض‌ عنها نفساً بنفس‌، وإذا أحدث‌ إنسانٌ في‌ قرينه‌ عيباً ، فكما فعل‌ كذلك‌ يُفعل‌ به‌، كسرٌ بكسر، وعينٌ بعين‌ ، وسنٌّ بسنّ ، كما أحدث‌ عيباً في‌ الاءنسان‌ كذلك‌ يُحدث‌ فيه‌. [17]

 وأمّا في‌ الاءنجيل‌ فلانّ الله‌ عزّ وجلّ بعد الا´يات‌ السابقة‌ يقول‌:

 وَقَفَّيْنَا عَلَي‌'´ ءَاثَـ'رِهِم‌ بِعِيسَي‌ ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوَرَي'ةِ وَءَاتَيْنَـ'هُ الاْءنجِيلَ فِيهِ هُدًي‌ وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَي'ةِ وَهُدًي‌ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الاْءنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ فِيهِ وَمَن‌ لَّمْ يَحْكُم‌ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ فَأُولَـ'´نءِكَ هُمُ الْفَـ'سِقُونَ. [18]

 ونري‌ في‌ هذه‌ الا´ية‌ أنّ الله‌ سبحانه‌ جعل‌ عيسي‌ مصدّقاً للتوراة‌ وجعل‌ كتابه‌ الاءنجيل‌ أيضاً مصدّقاً لها ، ويلاحظ‌ أنّ جملة‌  مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَّ التَّوْرَي'ةِ  التي‌ تكرّرت‌ للمرّة‌ الثانية‌ لم‌ تكن‌ تأكيداً، بل‌ أفادت‌ تصديق‌ الاءنجيل‌ للتوراة‌ إضافة‌ إلي‌ تصديق‌ المسيح‌ لها.

 لذا فإنّ الاءنجيل‌ يُعدّ كتاباً تابعاً لشريعة‌ التوراة‌ ، ولقد أفضي‌ الاءنجيل‌ كلّ حكم‌ ورد في‌ التوراة‌ ودعا الناس‌ إليه‌ عدا بعض‌ محرّمات‌ التوراة‌ التي‌ أحلّها المسيح‌ ، كما نطق‌ الحقّ بلسانه‌:

 وَلاِحِلَّ لَكُم‌ بَعْضَ الَّذِي‌ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ.[19]

 وعلي‌ هذا فإنّ حكم‌ القصاص‌ والعفو من‌ وجهة‌ نظر السيّد المسيح‌ ومن‌ وجهة‌ نظر تعاليم‌ الاءنجيل‌ هو نفسه‌ من‌ وجهة‌ نظر موسي‌ وكتاب‌ شريعته‌: التوراة‌.

 وأمّا في‌ القرآن‌ الكريم‌ ، فلانّ الله‌ سبحانه‌ يقول‌ بعد هذه‌ الا´ية‌:

 وَأنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ مُصدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَـ'بِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم‌ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ وَلاَتَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَآءَ اللَهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَ ' حِدَةً وَلَـ'كِن‌ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي‌ مَا ءَاتَي'كُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَ ' تِ إِلَي‌ اللَهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئَكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُم‌ بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ وَلاَتَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن‌ يَفْتِنُوكَ عَن‌ بَعْضِ مَآ أَنزَلَ اللَهُ إِلَيْكَ فَإن‌ تَوَلَّوا فَاعْلَمْ أَ  نَّمَا يُرِيدُ اللَهُ أَن‌ يُصِيبَهُم‌ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَـ'سِقُونَ. [20]

 وما بحثناه‌ هنا في‌ حكم‌ القصاص‌ والعفو ، طبقاً لدلالة‌ هذه‌ الا´يات‌ المباركة‌، فإنّ شرائع‌ النبي‌ّ محمّد والمسيح‌ وموسي‌ عليهم‌ الصلاة‌ والسلام‌ تتطابق‌ وتتّفق‌ بشأنه‌، وأنّ ما يُشاهد في‌ الاءنجيل‌ المتداول‌ حاليّاً أن‌  « إذا صفعك‌ أحد علي‌ خدّك‌ الايمن‌ فأدر له‌ الايسر ، وإذا أرادوا انتزاع‌ عباءتك‌ فهَبْ لهم‌ معها ثوبك‌ »  !

 إمّا أن‌ تكون‌ عبارات‌ مُختلقة‌ نُسبت‌ للمسيح‌ عليه‌ السلام‌، أو أ  نّه‌، بعد فرض‌ قانون‌ القصاص‌ وصيرورته‌ بين‌ الناس‌ في‌ حكم‌ المسلّم‌، أراد أن‌ يمتدح‌ العفو والمسامحة‌ ويثني‌ عليهما، وأن‌ يؤكّد علي‌ إعمال‌ صفة‌ الاءغضاء وكرم‌ الاخلاق‌، وأن‌ يُثير في‌ الناس‌ بشكلٍ مبالغٍ فيه‌ مشاعر العفو والمسامحة‌، وإلاّ فإنّ إجبار الناس‌ علي‌ هذا الاُسلوب‌ من‌ العفو عند افتراض‌ عدم‌تطبيق‌ قانون‌ القصاص‌ سيؤدي‌ّ ليس‌ فقط‌ إلي‌ عدم‌ ثبات‌ ودوام‌ أمر العفو هذا وعدم‌ انصياع‌ أحدٍ له‌ ، بل‌ إنّ رغبة‌ المسيحيّين‌ في‌ الانتقام‌ وإذلال‌ الا´خرين‌ بقسوة‌ وعدوانيّتهم‌ وتعطّشهم‌ لسفك‌ الدماء سيصل‌ إلي‌ الحدّ الذي‌ برزت‌ نماذجه‌ في‌ الحروب‌ الصليبيّة‌ وفي‌ الحروب‌ العالميّة‌، حيث‌ سوّدت‌ فظائعهم‌ وقسوتهم‌ وعنفهم‌ صفحات‌ تأريخ‌ المسيحيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

انتقاد ول دیورانت لقانون الانجیل لعدم فرض القصاص

 يقول‌ وِل‌ ديورانت‌ : لم‌ يدعُ الاءسلام‌ إلي‌ مقابلة‌ الاءساءة‌ بالاءحسان‌، فَمَنِ اعْتَدَي‌' عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَي‌' عَلَيْكُمْ، [21]

 وَلِمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـ'´نءِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِن‌ سَبِيلٍ، [22]  تلك‌ أخلاق‌ تليق‌ بالرجال‌، شبيهة‌ بما جاء في‌ العهد القديم‌ ، فهي‌ تؤكّد فضائل‌ الرجولة‌ كما تؤكّد المسيحيّة‌ فضائل‌ الاُنوثة‌ ، وليس‌ في‌ التأريخ‌ دين‌ غيردين‌ الاءسلام‌ يدعو أتباعه‌ علي‌ الدوام‌ إلي‌ أن‌ يكونوا أقوياء، ولم‌يُفلح‌ في‌ هذه‌ الدعوة‌ دين‌ آخر بقدر ما أفلح‌ فيها الاءسلام‌.

 ويُستَشَمّ من‌ تعبير ديورانت‌ بأُنوثة‌ أخلاقيّة‌ تعاليم‌ الاءنجيل‌ رائحة‌ انتقاده‌ لها، وعزي‌ ذلك‌ إلي‌ الضعف‌ والقوي‌ الانفعاليّة‌، علي‌ العكس‌ من‌ الاءسلام‌ الذي‌ تصدر قوانينه‌ من‌ القوّة‌ والموضع‌ المتين‌ وقوي‌ الفعل‌.

 إنّ عدم‌ تطبيق‌ الحدود وفقدان‌ قانون‌ القصاص‌ في‌ شريعد الاءنجيل‌ الفعليّة‌ ومن‌ قبل‌ أتباع‌ الكنيسة‌ قد أدّي‌ إلي‌ رواج‌ الفحشاء والمنكرات‌ والعلاقات‌ المنحرفة‌ اللا  مشروعة‌ وشيوعها بينهم‌ أكثر من‌ غيرهم‌ من‌ باقي‌ الاُمم‌، ولقد كشف‌ شاعر ظريف‌ عن‌ معنيً عميق‌ في‌ هذا الشأن‌ وفي‌ أمثاله‌ بأبياتٍ أنشدها بأُسلوب‌ المُلحة‌ والطريفة‌ ، قال‌:

 كشيشي‌ را شنيدم‌ در كليسا               سخن‌ مي‌گفت‌ از أحكام‌ عيسي‌

 كسي‌ تان‌ گر زند سيلي‌ به‌ رخسار                    مياشوبيد بر وي‌ هيچ‌ ، زنهار[23]

 اگر بر راست‌ زد چپ‌ پيش‌ داريد              وگر چپ‌ ، راست‌ را نزديكش‌ آريد

 زجا برخاست‌ ماهي‌ عنبرين‌ موي‌                       گشود از يكدگر لعل‌ سخنگوي‌

 كه‌ بهر سيلي‌ اين‌ حكم‌ مبين‌ است‌ ؟                 ويا   در   بوسه‌   هم‌   حكم‌   اين‌   چنين‌   است‌؟[24]

أجل ، فإنّ تماسك‌ المجتمع‌ الاءنسانيّ وقوام‌ الحضارة‌ البشريّة‌ والوصول‌ إلي‌ معارج‌ الحياة‌ وامتلاك‌ مفاتيح‌ تقدّمها ورقيّها يتوقّف‌ علي‌ فرض‌ حكم‌ القصاص‌ الذي‌ يدفع‌ الناس‌ خوفاً وحذراً إلي‌ الانزجار عن‌ الجريمة‌، وهذا يستتبع‌ بدوره‌ امتناع‌ تحقّق‌ هذا الحكم‌ عمليّاً في‌ الخارج‌، أمّا إذا ما ارتُكبت‌ جناية‌ ما ، ووجد لهذا الحكم‌ مصداق‌ يجعله‌ يتحقّق‌ فعلاً، فإنّ حكم‌ القصاص‌ سيمنح‌ ـعلي‌ أيّة‌ حال‌ـ المجتمع‌ حياةً وقدرة‌ ويهبه‌ عزّة‌ واستقلالاً سهل‌ المنال‌.

 الرجوع الي الفهرس

تطبیق حکم القصاص یمنع ارتکاب الجریمة فی المجتمع

 وأهمّ من‌ هذا كلّه‌ فسيؤدّي‌ إلي‌ ترك‌ الجناية‌ والانزجار عنها، ويتبع‌ ذلك‌ عدم‌تحقّق‌ القصاص‌ في‌ الخارج‌ ، أي‌ أنّ هذا الحكم‌ في‌ عموميّته‌ وشموله‌ سيؤدّي‌ إلي‌ انتفاء تحقّق‌ مصاديق‌ له‌ في‌ الاُمور الجزئيّة‌، ويمتلك‌ كلّ واحد من‌ الاحكام‌ الجزائيّة‌ فائدة‌ في‌ عدم‌ تحقّق‌ الجناية‌ في‌ المجتمع‌ ممّا يعقب‌ عنه‌ عدم‌تحقّق‌ ذلك‌ الحكم‌ الجزائيّ نفسه‌.

 لقد قال‌ الاءسلام‌ إنّ يد السارق‌ يجب‌ ان‌ تُقطع‌ ، وذلك‌ من‌ أجل‌ أن‌ لايسرق‌ أحد، ومن‌ ثَمَّ فلن‌ تكون‌ هناك‌ يدٌ مقطوعة‌ ، وإذا ما تعذّر علينا خلال‌ سيرنا في‌ المجتمع‌ الاءسلاميّ أن‌ نجد أحداً بيدٍ مقطوعة‌ فلاينبغي‌ أن‌ نقول‌ إنّ حكم‌ قطع‌ يد السارق‌ منسوخٌ لا يجري‌ تطبيقه‌، بل‌ يجب‌ القول‌ إنّ إجراء الحكم‌ وتطبيقه‌ بالشكل‌ الكامل‌ والدقّة‌ المتناهية‌ قد وأد السرقةَ في‌ مهدها فانتفت‌، فتعذّر وجود يد مقطوعة‌ لاحد.

 وحين‌ قال‌ الاءسلام‌ إنّ وليّ دم‌ المقتول‌ يمكنه‌ أن‌ يقتصّ من‌ القاتل‌ فيقتله‌، كان‌ ذلك‌ من‌ أجل‌ أن‌ ينتفي‌ القتل‌ وينعدم‌ وجود قاتل‌ كي‌ يُقتل‌ قصاصاً، ولم‌يقل‌ الاءسلام‌ ذلك‌ لكي‌ يستمرّ حدوث‌ القتل‌ ويُعدم‌ القتلة‌ قصاصاً، فهذا الحكم‌ كان‌ الطريق‌ الافضل‌ والحلّ الامثل‌ لتجنّب‌ القتل‌.

 ونستنتج‌ من‌ ذلك‌ سخافة‌ وبطلان‌ تساؤل‌ البعض‌ : أي‌ّ جدويً تعود من‌ قطع‌ يد السارق‌ غير إضافة‌ رجلٍ أجذم‌ إلي‌ المجتمع‌ ؟

 لقد قَتَلَ القاتلُ أحد أفراد المجتمع‌ وألحق‌ بالمجتمع‌ خسارة‌ بهذه‌ الجسامة‌، فإذا ما قتلنا القاتل‌ نكون‌ قد أعدمنا فرداً آخر من‌ المجتمع‌ وخسرنا في‌ النتيجة‌ فردينِ من‌ أفراده‌.

 نحن‌ لا نقول‌ هنا : إنّ قطع‌ يد الساق‌ أمام‌ مرأي‌ الناس‌ سيجعل‌ الا´خرين‌ يرتدعون‌، بل‌ نقول‌ : إذا ما تقرّر قطع‌ يد السارق‌ فإنّ أحداً لن‌يُقدم‌ علي‌ السرقة‌، ولذا فإنّ العلاج‌ الوحيد لمنع‌ ارتكاب‌ السرقة‌ وسلب‌ الامان‌ الاجتماعي‌ّ، والطريق‌ السالكة‌ لرفع‌ القلق‌ والخوف‌، وطمأنة‌ هواجس‌ الاُمّهات‌ النائمات‌ في‌ ظلمة‌ الليل‌ البهيم‌ عند أطفالهن‌ الرضّع‌، هو أن‌ يكتسب‌ هذا الحكم‌ فعليّته‌ وصرامته‌ ، وإلاّ فإنّ التوقيف‌ والسجن‌ والغرامة‌ والنفي‌ لاجدوي‌ لها هنا ، إذ إنّ السجون‌ لاتقف‌ حائلاً أمام‌ حدوث‌ السرقة‌، بل‌ إنّها نفسها تُصبح‌ مراكز تنشأة‌ اللصوص‌ وتدريبهم‌.

 أمّا حين‌ يتقرّر إجراء حكم‌ القصاص‌ بالقاتل‌ فسوف‌ لن‌يُقتل‌ أحد ليُقتصّ من‌ قاتله‌، ولن‌نفقد عندئذٍ الفرد الاوّل‌ ولا الفرد الثاني‌، بل‌ سيعيش‌ الاثنان‌ سالمينِ عمراً طويلاً يتمتّعان‌ فيه‌ بمواهب‌ الحياة‌ وإمكاناتها، لكنّ عدم‌إجراء حكم‌ القصاص‌ سيجعل‌ القتل‌ الاوّل‌ يحدث‌ بالتأكيد، وسيرتكب‌ هذا القاتل‌ المتجرّي‌ أعمال‌ قتل‌ عديدة‌ أُخري‌ ، كما قد أظهرت‌ التجربة‌، وعلاوة‌ علي‌ ذلك‌ فإنّ سائر أفراد المجتمع‌ وهم‌ يشاهدون‌ القاتل‌ يرتكب‌ الجناية‌ في‌ مأمن‌ من‌ القصاص‌ ، سيتجرّؤون‌ هم‌ أيضاً علي‌ ارتكاب‌ القتل‌ وانتهاج‌ طريق‌ الجريمة‌ ، وسنري‌ في‌ هذه‌ الحالة‌ أنّ عدم‌القصاص‌ من‌ القاتل‌ ـالذي‌ يمثّل‌ فرداً واحداًـ سيجعلنا نشاهد قتل‌ عدّة‌ من‌ الافراد، وبدلاً من‌ فردٍ واحد فإنّ الكثيرين‌ سيموتون‌ ويرحلون‌ عن‌ عالم‌ الوجود بلاذنب‌ أو جرم‌.

 هنا ، تتجلّي‌ متلالاةً عبارة‌ القرآن‌ الكريم‌ المدهشة‌ العميقة‌ أن‌: وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ يَـ'´أُولِي‌ الاْلْبَـ'بِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. [25]

 الرجوع الي الفهرس

الرد علی الاطباّء الذین ترددوا فی قطع ید السارق

 زارني‌ يوماً في‌ البيت‌ مجموعة‌ من‌ أطبّاء مستشفي‌ القائم‌ في‌ مدينة‌ مشهد المقدّسة‌، حيث‌ قضي‌ هذا الحقير مدّةً هناك‌ للعلاج‌ نشأت‌ فيها بيننا علاقات‌ تعارف‌ ومودّة‌، وخلال‌ المباحثة‌ قال‌ أحدهم‌: لقد جاءوا يوماً بسارقٍ إلي‌ المستشفي‌ ليقطعوا يده‌ ، فقلنا إنّنا ارتدينا لباس‌ الطبابة‌ الابيض‌ لنعالج‌ الاصابع‌ المقطوعة‌ فنخيطها ونصلها بيدها التي‌ قُطعت‌ منها لاأن‌ نعمد إلي‌ أصابع‌ سالمة‌ فنقطعها ونفصلها بالسكّين‌ والساطور؛ ثمّ تساءل‌: أكان‌ كلامنا صائباً أم‌ لا ؟

 فأجبت‌ : لقد كان‌ خاطئاً بالتأكيد ، فقولكم‌ إنّما هو مغالطةٌ وكلامٌ شاعري‌ّ ينبع‌ من‌ أوهام‌ وتخيّلات‌ واهية‌ ولا يرتكز علي‌ أساس‌ من‌ البرهان‌ والتعقّل‌.

 وقد دهش‌ الجميع‌ لقولي‌ ـوكانوا بحدود خمسة‌ عشر طبيباًـ بينهم‌ عدّة‌ جرّاحين‌ ورئيس‌ ونائب‌ رئيس‌ المستشفي‌ وتأهبّوا للدفاع‌ عن‌ مقولتهم‌.

 فقلت‌ : أسألكم‌ أوّلاً ، ألا تقطعون‌ إصبعاً أو أصابع‌ سالمة‌ بأي‌ّ وجهٍ من‌ الوجوه‌ ؟  لو أصيبت‌ ـمثلاًـ أصابع‌ مريض‌ ما بالجدري‌ أو بالتعفّن‌ والتلف‌ أفلاتقطعونها ؟  أم‌ أنّ واجبكم‌ الطبّي‌ّ يحتمّ عليكم‌ عدم‌قطعها في‌ هذه‌ الحالة‌ ؟!

 قالوا : عند إصابة‌ الاصابع‌ بأي‌ّ مرض‌ معدٍ بسبب‌ انتشار العدوي‌ وسريانها إلي‌ باقي‌ الاعضاء ويهدّد حياة‌ المريض‌ وسلامته‌ يتوجّب‌ قطع‌ الاصابع‌ واستئصالها.

 فقلتُ : إنّ جوابكم‌ عين‌ ما تفضّلتم‌ به‌ ، فالشرع‌ الاءسلامي‌ّ يقطع‌ أصابع‌ السارق‌ لاأصابع‌ الشخص‌ الامين‌ ، فإنّ أصابع‌ السارق‌ إنّ لم‌تُقطع‌ فإنّ مرض‌ السرقة‌ سيسري‌ إلي‌ أيدي‌ وأكتاف‌ وجميع‌ بدن‌ المجتمع‌، وسيؤدّي‌ إلي‌ مرض‌ وفساد المجتمع‌ بأسره‌ ، وسيجعل‌ السرقة‌ تبدو أمراً هيّناً سهلاً، وعلاوةً علي‌ تمهيده‌ لظهور سارقين‌ آخرين‌ فإنّه‌ سيهدّد راحة‌ وأمن‌ الرجال‌ والنساء ويعرّض‌ أموالهم‌ ومكاسبهم‌ وثمرة‌ أتعابهم‌ للسلب‌ والمصادر سرّاً وبلاحقّ في‌ منتهي‌ التعدّي‌ والوقاحة‌.

 فهو أوّلاً يمثّل‌ تضييعاً وهدراً بلا داعٍ أو بلاحقّ لرصيد عمر الافراد بالقهر والاعتداء، وهو ثانياً سيدعهم‌ يتجرّعون‌ الحسرة‌ والغصّة‌ ويغرقون‌ في‌ اليأس‌ من‌ العيش‌ والحياة‌ المعتدلة‌ التي‌ كانوا يعيشوها أشبه‌ بعريسينِ أثّثا حديثاً غرفةً وفرشاها وشرعا حياتهما الجديدة‌ ، وهو ثالثاً يسلب‌ اطمئنان‌ البال‌ وراحة‌ النوم‌ والامان‌ الاجتماعيّ من‌ أفراد المجتمع‌، ورابعاً فإنّ السارق‌ الذي‌ كان‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ فرداً مؤمناً ملتزماً قد آل‌ مصيره‌ إلي‌ شخص‌ جانٍ مجرم‌ أصبح‌ عضواً فاسداً زائداً ، وتحوّل‌ بدلاً من‌ مساهمته‌ في‌ خدمة‌ المجتمع‌ إلي‌ عالةٍ عليه‌ ، فهو يتلف‌ ثرواتهم‌ غصباً وعدواناً، ويلوّث‌ نفسه‌ ويُسقطها من‌ حدّ الاءنسانيّة‌ إلي‌ مستوي‌ البهيميّة‌ والسبُعيّة‌ التي‌ لاتفقه‌ إلاّ الافتراس‌ ولاتعرف‌ إلاّ النهب‌ والاءتلاف‌.

 أفلا تعدّ هذه‌ المفاسد بحكم‌ الجدري‌ الذي‌ يُبادر لمنع‌ انتشاره‌ إلي‌ استئصال‌ الاصابع‌ وقطعها ؟

 إنّ واجب‌ الطبيب‌ والجرّاح‌ قطع‌ الجزء الفاسد والجرح‌ المهلك‌، واستئصال‌ غدد المخّ والغدد السرطانيّة‌ ، فإذا كانت‌ أصابع‌ السارق‌ في‌ نظر الشارع‌ الحكيم‌ بمثابة‌ الغدّة‌ الملكة‌ ، فعلي‌ كلّ طبيب‌ ملتزم‌ أن‌ يُبادر لاستئصالها إبقاءً علي‌ كيان‌ المجتمع‌ من‌ التلف‌.

 ومن‌ وجهة‌ نظر فلسفة‌ وحكمة‌ تشريع‌ قطع‌ يد السارق‌ يقول‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌:

 وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُو´ا أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَـ'لاً [26]  مِّنَ اللَهِ وَاللَهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَمَن‌ تَابَ مِن‌ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. [27]

 أي‌ أنّ هذه‌ العقوبة‌ المعيّنة‌ إنّما كانت‌ لاتّعاظه‌ واعتباره‌، فإذا ندم‌ السارق‌ وتاب‌ من‌ جرمه‌ ، فإنّ الربّ العطوف‌ سيتجاوز عن‌ ذنبه‌ يوم‌ القيامة‌ ويتغمّده‌ بعفوه‌، والله‌ غفور رحيم‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1]  ـ الا´يتان ‌9  إلي‌ 10، من‌ السورة‌  17: الاءسراء .

 [2]  ـ الا´يات‌ 1  إلي‌4 ، من‌ السورة‌  27: النمل‌ .

 [3]  ـ كاليهود الذين‌ يدعون‌ عزير ابناً للّه‌ والنصاري‌ الذين‌ يدعون‌ عيسي‌ ابناً للّه‌ والمشركين‌ الذين‌ يسمّون‌ الملائكة‌ بنات‌ الله‌ .

 [4]  ـ الا´يات 1  إلي‌5، من‌ السورة‌  18: الكهف‌ .

 [5]  ـ «نهج‌ البلاغة‌» الحكمة‌ رقم‌  90، وفي‌ طبعة‌ مصر بتعليق‌ محمّد عبده‌: ج‌ 2 ، ص‌ 156 . 

[6]  ـ في‌ نسخة‌ محمّد عبده‌ وردت‌ يُضِلُّ وَيُظْلِمُ بصيغة‌ المعلوم‌ من‌ باب‌ الافعال‌، ولكن‌ نظراً لورودها في‌ نسخة‌ الملاّ فتح‌ الله‌ الكاشيّ ، ص‌  336، بصيغة‌ المجهول‌، وكانت‌ في‌ معناها أنسب‌ ، لذا فقد أُخِذَ بذلك‌ في‌ هذا الكتاب‌.

 [7]  ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌  196، وفي‌ طبعة‌ مصر بتعليق‌ محمّد عبده‌ ، ج‌ 1 ، ص‌ 412 و 413 . 

[8]  ـ الا´ية‌  126، من‌ السورة‌  16: النحل‌ . 

[9]  ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌   2 ،   ص‌   235 ،   الحكمة‌ رقم‌   420 ، طبعة‌ مصر بتعليق‌ محمّد عبده‌.

 [10]  ـ «نهج‌ البلاغة‌» مقطع‌ من‌ الرسالة‌ رقم‌  23، وفي‌ طبعة‌ مصر بتعليقة‌ محمّد عبده‌، ج‌ 2 ، ص‌ 21 .

 [11]  ـ «نهج‌ البلاغة‌» مقطع‌ من‌ الرسالة‌ رقم‌  47، أي‌ وصيّته‌ عليه‌ السلام‌، وفي‌ طبعة‌ مصر بتعليق‌ محمّد عبده‌ ، ج‌  2، ص‌  77  و  78.

 ورواه‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌  9، ص‌  663، الطبعة‌ القديمة‌ (الكمباني‌ّ) بنفس‌ هذه‌ العبارة‌ نقلاً عن‌ «نهج‌ البلاغة‌» ونقله‌ في‌ ص‌  660  عن‌ «المناقب‌» للخوارزميّ . يقول‌ الطبريّ في‌ تاريخه‌ المطبوع‌ بتحقيق‌ وتعليق‌ أبي‌ الفضل‌ إبراهيم‌ في‌ ج‌  5، ص‌  148: وقد كان‌ علي‌ٌّ نهي‌ الحسن‌ عن‌ المُثلة‌؛ وقال‌ : يا بني‌ عبد المطّلب‌ ! لا ألفينّكم‌ تخوضون‌ في‌ دماء المسلمين‌ تقولون‌: قُتل‌ أميرالمؤمنين‌؛ قُتل‌ أميرالمؤمنين‌ ! لا يُقتلن‌ إلاّ قاتلي‌. انظر يا حسن‌! إذا أنا متُّ من‌ ضربته‌ هذه‌، فاضربه‌ ضربةً بضربة‌ ! ولا تُمثّل‌ بالرجل‌ فإنّي‌ سمعتُ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌  ] وآله‌ [  وسلّم‌ يقول‌:

 إيّاكم‌ والمثلة‌ ولو أ  نّها بالكلب‌ العقور . وذكر ابنُ الاثير نفس‌ هذا الحديث‌ في‌ «الكامل‌» ج‌ 3 ، ص‌ 391 .

 [12]  ـ يقول‌ المستشار عبد الحليم‌ الجندي‌ّ ـوهو من‌ أعضاء المجلس‌ الاعلي‌ للشؤون‌ الاءسلاميّة‌ـ في‌ كتاب‌ «الاءمام‌ جعفر الصادق‌» ص‌ 45  و 46 :

 لقد طعنه‌ عبد الرحمن‌ بن‌ ملجم‌ في‌ السابع‌ عشر من‌ رمضان‌ سنة‌ 40 ، باتّفاق‌ بينه‌ وبين‌ زميلين‌ من‌ الخوارج‌، أن‌ يقتلوا عليّاً ومعاوية‌ وعمراً. فأُصيب‌ معاوية‌ في‌ عجزه‌. ولم‌يصب‌ عمرو إذ لم‌يخرج‌ للصلاة‌ وأناب‌ نائباً عنه‌ فقتل‌.

 أمر معاوية‌ بالرجل‌ فقتل‌ . وأمر عمرو برجله‌ فقتل‌ . لكنَّ أميرالمؤمنين‌ أمر باستبقاء قاتله‌ قائلاً ـوهو الطعين‌ المشرف‌ـ: إنّه‌ إذا عاش‌ فهو ولي‌ّ دمه‌. وإذا مات‌ فإنّه‌ ينهي‌ عن‌ المثلة‌. ليعلِّم‌ الناس‌ الدين‌، كمثل‌ ما علَّم‌ العالَم‌ جميعه‌ قوانين‌ الحرب‌ والسلام‌ في‌ حروبه‌، في‌ الجمل‌ سنة‌ 35 ، وصفّين‌ سنة‌ 36 ، والنهروان‌ سنة‌ 37 . فتداولتها المذاهب‌ الاربعة‌ لتقدّمها هديّة‌ من‌ فقه‌ الاءسلام‌ للقوانين‌ المعاصرة‌.

 ومات‌ أمير المؤمنين‌ بعد يومين‌ عن‌  65  أو  63  عاماً ، وأربعة‌ أعوام‌ وتسعة‌ أشهر يوم‌ واحد في‌ خلافة‌ كلّها معارك‌.

 ولمّا مات‌ لم‌ يوجد بخزائنه‌ إلاّ ستمائة‌ درهم‌ استبقاها ليشتري‌ بها خادماً. بل‌ ـوكما لخّص‌ حياته‌ سفيان‌ الثوري‌ّـ: «ما بني‌ لبنة‌ علي‌ لبنة‌ ولا قصبة‌ علي‌ قصبة‌ وإن‌ كان‌ ليؤتي‌ بحبوحته‌ في‌ جراب‌» . الحبوة‌ : الخراج‌ .

 وكما يقول‌ محمّد بن‌ كعب‌ القرظي‌ّ : «سمعت‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ يقول‌: لقد رأيتني‌ وأنا أربط‌ الحجر علي‌ بطني‌ من‌ الجوع‌ وإنّ صدقتي‌ لتبلغ‌ اليوم‌ أربعة‌ آلاف‌ دينار».

 [13]  ـ الا´ية‌  179، من‌ السورة‌  2: البقرة‌ . 

[14]  ـ الا´ية‌  178، من‌ السورة‌  2: البقرة‌ .

 [15]  ـ الا´يتان‌  44  و  45، من‌ السورة‌  5: المائدة‌ .

 [16] ـ طبقاً لنقل‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ «الميزان‌» ج‌ 5 ، ص‌ 391 و 392  عن‌ التوراة‌ باللغة‌ العربيّة‌ المطبوعة‌ في‌ كمروج‌ سنة‌ 1935 م‌.

[17] نفس المصدر

[18]  ـ الا´يتان‌  46  و  47، من‌ السورة‌  5: المائدة‌ .

[19]  ـ الا´ية‌  50: من‌ السورة‌  3  آل‌ عمران‌ .  وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَي'ةِ وَلاِحِلَّ لَكُم‌ بَعْضَ الَّذِي‌ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئتُكُم‌ بِـَايَةٍ مِّن‌ رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَهَ وَأَطِيعُونَ.

 [20]  ـ الا´يتان‌  48  و  49، من‌ السورة‌  5: المائدة‌ .

 [21]  ـ ذيل‌ الا´ية‌  194، من‌ السورة‌  2: البقرة‌.

 الشَّهْرُ الْحَرَامِ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَـ'تِ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَي‌' عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَي‌' عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ.

 [22]  ـ الا´يتان‌  40  و  41، من‌ السورة‌  42: الشوري‌ .

 وَجَزَآؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ و  عَلَي‌ اللَهِ إِنَّهُ و  لاَ يُحِبُّ الظَّـ'لِمِينَ.

 [23]  ـ للشاعر المحترم‌ أحمد الاشتريّ ، يقول‌ ما ترجمته‌:

 «سمعتُ في‌ الكنيسة‌ قسّيساً يتحدّث‌ عن‌ تعاليم‌ عيسي‌ عليه‌ السلام‌

 أنْ إذا صفعك‌ أحدٌ علي‌ وجهك‌ فلا تنزعج‌ منه‌ أبداً

 [24] یقول : وإذا ما صفعك‌ علي‌ الخدّ الايمن‌ فأدر الايسر ، أو الايسر فأدر الايمن‌

 انهض‌ إذ ذاك‌ بدرٌ بشعرٍ كالعنبر ، وافترّ عن‌ شفاهٍ كالعقيق‌ الاحمر

 وقال‌ : أمختصٌّ حُكمكم‌ بصفع‌ الخدود ؟ أم‌ يجري‌ كذاك‌ علي‌ تقبيلها؟».

 [25]  ـ الا´ية‌  179، من‌ السورة‌  2: البقرة‌ .

 [26]  ـ وقد بُيّنت‌ في‌ هذه‌ الكلمة‌ فائدة‌ حدّ السارق‌ أي‌ قطع‌ يده‌ ، لا  نّها جاءت‌ بلفظ‌ «نَكـ'لاً من‌ الله‌»، ونكال‌ اسم‌ للشي‌ء الذي‌ يُجعل‌ لاعتبار الا´خرين‌ ، من‌ مادّة‌ نكل‌ ينكل‌ بفلانٍ من‌ باب‌ نصر ينصر أي‌ صنع‌ به‌ صنيعاً يُحذّر غيره‌ إذا راه‌.

 [27]  ـ الا´يتان‌  38  و  39، من‌ السورة‌  5: المائدة‌ .

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com