بسم الله الرحمن الرحيم

الرسالة النکاحیة / القسم التاسع / الرد علی فلسفة مالتوس و من تبع نهجه / لیست المشکلة فی زیادة عدد السکان بل فی عدم التوزیع...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

 

المطلب‌ العاشر:

 الردّ علی فلسفة‌ مالتوس‌ و من‌ تبع‌ نهجه‌

 

فلسفة‌ مالتوس‌ و من‌ تبع‌ نهجه‌ هي‌ القضاء علی الجمعيّة‌ السكّانية‌

ولد توماس‌ روبرت‌ مالتوس‌ عالم‌ الاقتصاد الانجليزي‌ سنة‌ 1766 ميلادية‌ و توفّي‌ سنة‌ 1834. و قد كتب‌ «رسالة‌ في‌ الاصول‌ السكّانية‌» سنة‌ 1798 و عرض‌ فيها أمر زيادة‌ السكّان‌ بعنوان‌ خطر يتهدّد بقاء العالم‌ ، وأوصي‌ بالحدّ الإرادي‌ للنسل‌.[1]

 «يقول‌ توماس‌ مالتوس‌ الذي‌ كان‌ يعمل‌ في‌ القرن‌ الثامن‌ عشر في‌ شركة‌ الهند الشرقية‌ الانجليزية‌: «انّ العدد الفائض‌ من‌ جميع‌ الاطفال‌ الذين‌ ولدوا ، علی ما يلزم‌ لحفظ‌ عدد السكّان‌ في‌ مستوي‌ مطلوب‌ ، ينبغي‌ ضرورةً أن‌ يفني‌ الاّ اذا فُسح‌ لهم‌ المجال‌ بموت‌ الافراد الكبار في‌ السنّ... و عليه‌... فانّه‌ يجب‌ علينا ، بدلاً من‌ السعي‌ الاحمق‌ غير المثمر للوقوف‌ بوجه‌ عمليّات‌ الطبيعة‌ في‌ احداث‌ هذا الموت‌ و الفناء ، و بدلاً من‌ أن‌ نوصي‌ الفقراء برعاية‌ النظافة‌ و الطهارة‌ ، أن‌ نحثّهم‌ علی عاداتٍ معاكسة‌ لذلك‌.

 علينا أن‌ نجعل‌ الشوارع‌ في‌ مدننا أضيق‌ و أقلّ عرضاً ، و أن‌ نضع‌ عدداً أكبر من‌ السكّان‌ في‌ البيوت‌ ، و ندع‌ الطاعون‌ يعود من‌ جديد... بل‌ انّ علينا ـ فوق‌ هذا كلّه‌ ـ اظهار علاجات‌ معيّنة‌ لمداواة‌ الامراض‌ القاتلة‌ ، و أن‌ نقف‌ في‌ وجه‌ نشاط‌ هؤلاء الافراد الخيّرين‌ الذين‌ يرتكبون‌ خطأً فاحشاً ويَتخيّلون‌ انّهم‌ يقدّمون‌ خدمة‌ إلی البشريّة‌ بإيجاد خطط‌ لاستئصال‌ بعض‌ الامراض‌».

 كان‌ مالتوس‌ يعلم‌ ـ كما يعلم‌ أنصاره‌ اليوم‌ ـ أنّ تأمين‌ الرفاه‌ لجميع‌ ساكني‌ الكرة‌ الارضيّة‌ أمر ميسور ، فهناك‌ ابداعات‌ فنيّة‌ موجودة‌ للقضاء علی التلوّث‌ ، و لإشباع‌ الجياع‌ ، و لعلاج‌ المرضي‌ و تأمين‌ مستقبل‌ ايجابيّ لجميع‌ البشرية‌ ، سواءً في‌ الوقت‌ الحاضر أو في‌ المستقبل‌ ، لكنّهم‌ يلتزمون‌ بمنع‌ انتشار هذه‌ الإبداعات‌ الفنيّة‌ من‌ أجل‌ تحقيق‌ هدفهم‌ في‌ أمر تقليل‌ عدد السكّان‌.» [2]

 يقول‌ جان‌ ـ ايف‌ ـ كارفانتان‌ و شارل‌ كندامين‌:

 «... يكتب‌ مالتوس‌ في‌ الطبعة‌ الاولي‌ من‌ كتابه‌ الذي‌ نُشر دون‌ ذكر إسم‌ كاتبه‌ ، فيقول‌: انّ الانسان‌ الذي‌ يأتي‌ إلی عالمٍ صار من‌ قبل‌ ملكاً للآخرين‌ ، إن‌ لم‌ يتمكّن‌ من‌ ان‌ يحصل‌ من‌ والديه‌ علی المعاش‌ الذي‌ يمكن‌ ان‌ يطلبه‌ منهما حقّاً ، و إن‌ لم‌ يكن‌ للمجتمع‌ حاجة‌ إلی عمله‌ ، فانّه‌ لا يمتلك‌ أيّ حقّ في‌ طلب‌ لقمة‌ من‌ الخبز ، و في‌ الحقيقة‌ فانّه‌ سيكون‌ انساناً زائداً ليس‌ هناك‌ له‌ من‌ مكان‌ خالٍ في‌ الضيافة‌ الكبيرة‌ للطبيعة‌. فالطبيعة‌ تأمره‌ بالابتعاد ، و اذا لم‌ يحتمِ بترحّم‌ أحد الضيوف‌ ، فانّ الطبيعة‌ ستنفّذ أمرها فيه‌ سريعاً.

 و اذا ما أفسح‌ الضيوف‌ له‌ مجالاً بينهم‌ ، فانّ هناك‌ ضيوف‌ ءاخرين‌ غير مدعوّين‌ سرعان‌ ما يصلون‌ فيسألون‌ إحساناً مماثلاً. و هذا الخبر: انّ هناك‌ طعاماً لجميع‌ الذين‌ يصلون‌ من‌ الطريق‌ سيسبّب‌ اكتظاظ‌ قاعة‌ الطعام‌ بطالبي‌ الطعام‌. و هكذا فانّ نظام‌ الضيافة‌ و انسجامه‌ سيختلّ ، و ستترك‌ الوفرة‌ التي‌ كانت‌ موجودة‌ قبلاً مكانها للقحط‌. و سيمحو منظرُ الفقر والفاقة‌ الصارخ‌ في‌ جميع‌ أقسام‌ القاعة‌ ، و الصرخاتُ التي‌ تبعث‌ علی التضايق‌ ، حماسَ الضيوف‌ و سرورهم‌ ، صرخات‌ الذين‌ أغضبهم‌ حقّاً عدم‌ نيلهم‌ الطعام‌ الذي‌ و عدوا أنفسهم‌ بتناوله‌.» [3].

 لقد قيل‌ لهم‌ كراراً انّهم‌ قد سلكوا بهذا الترتيب‌ الطريق‌ المباشر للقحط‌ ، و لقد هتفنا في‌ بداية‌ كلّ معبر و طريق‌ بنبأ أن‌ ليس‌ هناك‌ من‌ طعامٍ كافٍ للجميع‌ ، و للاسف‌ فانّ ذلك‌ لم‌ يمنعهم‌ من‌ زيادة‌ عدد ضيوفهم‌ بلا تأمّل‌ أو تفكير.

... انّ هناك‌ شخصاً واحداً من‌ كلّ خمسة‌ أشخاص‌ فرنسيّين‌ يعتقد انّ زيادة‌ سكّان‌ العالم‌ الثالث‌ يشكّل‌ أحد أهم‌ التهديدات‌ التي‌ تُثقل‌ علی دولتنا. و هذا التهديد يلي‌ مباشرة‌ تهديد الشيوعيّة‌ ، لكنّه‌ يسبق‌ تهديد الروس‌ أو العرب‌ أو الصينيّين‌.

 و بهذه‌ الكيفيّة‌ ، فانّ ازدياد البطون‌ الغرثي‌ هو السبب‌ الاوّل‌ لجوعها ولفقداننا الامان‌. انّ تلك‌ الصورة‌ عن‌ العالم‌ الثالث‌ ، التي‌ تشكّل‌ اسلوب‌ تفكيرنا الجمعي‌ و توّجه‌ الكثير من‌ كتبنا الدراسيّة‌ و جرائدنا هي‌ بهذه‌ الكيفية‌.

 انّ هذا التبرير لاولئك‌ الذين‌ يقومون‌ بتقديم‌ العالم‌ الثالث‌ باللحاظ‌ السياسي‌ غير كافٍ علی الاقلّ ، إن‌ لم‌ نقل‌ بعدم‌ صوابه‌. و لقد كانوا مع‌ ممثّل‌ الجزائر في‌ مؤتمر بُخارست‌ (1974) يظهرون‌ ذلك‌ الوجه‌ الآخر للعُملة‌ ، أي‌ الوجه‌ الذي‌ لا نودّ النظر اليه‌: «ان‌ تغيير العلاقات‌ الاقتصادية‌ الدولية‌ هو الشي‌ الوحيد الذي‌ يمكّن‌ من‌ اتّخاذ استراتيجيّة‌ للتنمية‌ و الانسجام‌ الاكثر بين‌ الاقتصاد و العوامل‌ السكّانيّة‌.

 انّ الدول‌ الغنيّة‌ التي‌ تحثّ علی الحدّ من‌ زيادة‌ النسل‌ في‌ العالم‌ الثالث‌ تنتهج‌ في‌ الجانب‌ الآخر سياساتٍ في‌ التجارة‌ الخارجيّة‌ تتسبّب‌ في‌ عرقلة‌ التنمية‌ الاقتصاديّة‌ للدول‌ الفقيرة‌ ، و لذلك‌ فانّهم‌ يقومون‌ ـ بإرجاع‌ الامكانيات‌ الواقعيّة‌ إلی الوراء ـ بإبطاء سرعة‌ الزيادة‌ السكّانيّة‌.»

 و بين‌ هذه‌ الحقيقة‌ و بين‌ ادّعاء بُعد إمكان‌ الحدّ من‌ زيادة‌ السكّان‌؛ بين‌ هذه‌ الحقيقة‌ و بين‌ القبول‌ بأنّهم‌ اذا ما كانوا ينجبون‌ اولاداً كثيرين‌ ، فلانّهم‌ فقراء؛ بين‌ هذه‌ الحقيقة‌ و بين‌ هذا الاستنتاج‌ بأن‌ أنجع‌ علاج‌ هو التنمية‌ الاقتصادية‌ و الاجتماعية‌ ، هناك‌ قدمٌ واحد يفصل‌ بينها. أفعلينا أن‌ نخطو هذه‌ القدم‌ أم‌ لا؟!» [4].

 لقد أعلن‌ جميع‌ الباحثين‌ و العلماء المسلمين‌ في‌ هذه‌ القطر قبل‌ الثورة‌ الاسلاميّة‌ في‌ ايران‌ ، فيما يتعلّق‌ بالمشكلة‌ الاقتصاديّة‌ للمجتمعات‌ البشريّة‌؛ اعلنوا بشكل‌ استدلإلی و صريح‌ انّ المشكلة‌ الاساسيّة‌ في‌ التوزيع‌ الخاطي‌ء للثروة‌ ، لا في‌ الاحتكار الطبيعي‌ و الجغرافي‌ للارض‌ و من‌ هنا فانّهم‌ كانوا يرفضون‌ نظريّة‌ أتباع‌ مالتوس‌ القائلة‌ ضرورة‌ محاربة‌ زيادة‌ السكّان‌.

 و يمكن‌ القول‌ تقريباً بأنّ نظريّة‌ مالتوس‌ كانت‌ قد لاقت‌ قبولاً من‌ قِبل‌ النظام‌ الرأسمإلی ، و لذلك‌ فقد كانت‌ وجهة‌ الاعلام‌ من‌ هؤلاء المتكلّمين‌ و الباحثين‌ من‌ القطر الايراني‌ في‌ تعارض‌ مع‌ الرأسماليّة‌ في‌ هذا الخصوص‌. و ما يستنتج‌ من‌ ملاحظة‌ الوضع‌ الراهن‌ ، انّ مشكلة‌ زيادة‌ السكّان‌ قد وجدت‌ في‌ طول‌ اتّخاذ سياسات‌ اقتصاديّة‌ و زراعيّة‌ خاطئة‌ وتوزيع‌ خاطي‌ء للثروة‌ ، لا أن‌ تكون‌ زيادة‌ السكّان‌ قد أدّت‌ إلی فشل‌ السياسات‌ المذكورة‌.

 و لقد خضعت‌ هذه‌ المسألة‌ لبحث‌ و نقاش‌ فنّي‌ من‌ العلماء في‌ المجامع‌ العلمية‌ الاوربيّة‌ و الامريكية‌ لتحديد ماهيّة‌ العامل‌ الاساس‌ الحقيقي‌ لتخلّف‌ دول‌ العالم‌ الثالث‌ في‌ الابعاد الاقتصاديّة‌ و الصناعية‌ والانتاجية‌.

 الرجوع الي الفهرس

«دوكاسترو» البروفسور البرازيلي‌ يفنّد فلسفة‌ مالتوس‌

 و قد كانت‌ النظرية‌ السابقة‌ للمجامع‌ العلمية‌ هي‌ قبول‌ مسألة‌ زيادة‌ السكّان‌ بعنوان‌ عامل‌ تخلّف‌ العالم‌ الثالث‌ ، إلاّ انّ هذه‌ النظريّة‌ خضعت‌ قبل‌ حدود ثلاثين‌ سنة‌ إلی أسئلة‌ دقيقة‌ و مناقشات‌ مكرّرة‌ عميقة‌ ، و قد صار تفكير هذه‌ المجامع‌ يميل‌ إلی انّ المشكلة‌ ليست‌ بأي‌ّ وجه‌ مشكلة‌ زيادة‌ عدد السكّان‌ ، بل‌ انّ المشكلة‌ موجودة‌ في‌ مجموع‌ عوامل‌ في‌ أنظمة‌ قيادة‌ هذه‌ الدول‌.

 و كان‌ زعيم‌ هذه‌ النظرية‌ بروفسور برازيلي‌ ألّف‌ كتابه‌ المعروف‌ «إنسان‌ جائع‌ ، او الارضيّة‌ السياسيّة‌ للمجاعة‌» ، فأبطل‌ به‌ النظريّات‌ السابقة‌. و قد تُرجم‌ كتابه‌ إلی عشرات‌ اللغات‌ فأوجد تغييراً واسعاً لدي‌ العلماء والخبراء. و قد استمرّ هذا النهج‌ و لايزال‌ بعنوان‌ نظريّة‌ قوّية‌ استدلاليّة‌ احتلّت‌ مكانها الراسخ‌ في‌ المجامع‌ العلميّة‌ الاوربية‌ و الامريكية‌. و قد استمرّ الكثير من‌ العماء بعده‌ علی هذا النهج‌ بتأليف‌ كتبهم‌ المتعدّدة‌ ومقالاتهم‌ الشاملة‌.

 و قد لاقت‌ نظريات‌ البروفسور البرازيلي‌ «خوزوئه‌ دوكاسترو» قبولاً بمتانة‌ و صلابة‌ كاملة‌ في‌ المجامع‌ العلميّة‌ ، و كانت‌ هذه‌ النظريّة‌ تنشر في‌ البلد بحريّة‌ حتّي‌ في‌ عصر و أيّام‌ النظام‌ البهلوي‌ ، و كانت‌ دار نشر كبيرة‌ مثل‌ «أميركبير» تطبع‌ أمثال‌ هذه‌ الكتب‌ و تنشرها ، امّا الآن‌ فلم‌ يبقَ في‌ ايران‌ أثر من‌ أمثال‌ هذه‌ الكتب‌ ، حتّي‌ انّ كتاباً لم‌ يُطبع‌ في‌ هذا المجال‌ بعد الثورة‌ ، وهي‌ مسألة‌ تبعث‌ علی التساؤل‌ و الاستغراب‌ ، كما إنّ أمثال‌ هذه‌ الكتب‌ لا توجد في‌ المكتبات‌ ، لكأننا صرنا الآن‌ تحت‌ أشدّ قصف‌ اعلامي‌ّ للمنتمين‌ إلی مالتوس‌ من‌ الاسلاميين‌.

 لقد ألّف‌ الحقير قبل‌ حدود أربع‌ سنوات‌ ، المجلّد الاوّل‌ لكتاب‌ «نور ملكوت‌ القرءان‌» من‌ سلسلة‌ «أنوار الملكوت‌» وردت‌ فيه‌ مطالب‌ دقيقة‌ ، ومن‌ جملتها باب‌ الزواج‌ و قطع‌ النسل‌ الذي‌ جاء مفصّلاً بشرح‌ وافر (اي‌ انّه‌ كان‌ من‌ جملته‌ «الرسالة‌ النكاحيّة‌» التي‌ طالعتموها في‌ هذا الكتاب‌).

 و قد قال‌ لي‌ يوماً الناشر المحترم‌ للكتاب‌ ، المهندس‌ الحاج‌ عباس‌ هادي‌زاده‌ الاصفهاني‌ صاحب‌ «دارنشر العلاّمة‌ الطباطبائي‌»: انّهم‌ يتعمّدون‌ان‌ لا يُقرأ هذا الكتاب‌. و قد أرسلتُ مائة‌ نسخة‌ منه‌ إلی (دارنشر...) في‌ قم‌ ، و حين‌ استفسرتُ منهم‌ بعد شهر قالوا: انّ هذا الكتاب‌ يخالف‌ نهج‌ الدولة‌ و مسلكها ، لذا فانّنا لم‌ نعرضه‌ للبيع‌ أصلاً!

و لحسن‌ الحظّ فانّ جميع‌ علماء أهل‌ السنّة‌ أنكروا علی أتباع‌ مالتوس‌ طريقتهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

 مجلّة‌ «رابطة‌ العالم‌ الاسلامي‌» قامت‌ بردّ مقالة‌ متابعي‌ نهج‌ مالتوس‌ مفصّلاً

و قد قامت‌ مجلّة‌ «رابطة‌ العالم‌ الاسلامي‌» و هي‌ مجلّة‌ ذات‌ منحيً وهّابي‌ ، في‌ الكثير من‌ أعدادها بالنقد و المناقشة‌ المفصّلة‌ لمسألة‌ الحدّ من‌ السكّان‌ ، و هكذا حصل‌ في‌ الباكستان‌ و سائر البلاد الاسلاميّة‌ ، وهو مؤشرّ علی انّ الاستعمار لم‌ يتمكّن‌ من‌ الدخول‌ في‌ مواجهة‌ المرتكزات‌ المذهبيّة‌ و العقائد الدينيّة‌ العميقة‌ لاهل‌ السنّة‌ في‌ أمر رجحان‌ زيادة‌ النسل‌.

 و ربّما كان‌ أحد أسباب‌ ذلك‌ سدّ باب‌ التأويل‌ بين‌ أهل‌ السنّة‌ ، لانّهم‌ ملزمون‌ باتّباع‌ فتاوي‌ أحد أئمتهم‌ الاربعة‌. لذا فليس‌ هناك‌ من‌ طريق‌ لعلماء أهل‌ السنّة‌ لتأويل‌ و توجيه‌ قتل‌ النسل‌ هذا. و ذلك‌ لانّهم‌ يستخدمون‌ القياس‌ و المصالح‌ المرسلة‌ في‌ الحدّ الذي‌ كان‌ أئمتهم‌ الاربعة‌ يقومون‌ بإعماله‌ و تطبيقه‌.

 ولكن‌ ـ و للاسف‌ ـ فانّ فتح‌ باب‌ الاجتهاد لدي‌ الشيعة‌ قد أهدي‌ لنا هذا البلاء و النكبة‌ ، فصرنا نقوم‌ الآن‌ في‌ مقابل‌ تلك‌ الاجتهادات‌ النفيسة‌ القيمّة‌ النيّرة‌ الاصيلة‌؛ و بتهّور بتأويل‌ و توجيه‌ الآيات‌ القطعية‌ و الروايات‌ والمسلّمات‌ بين‌ الفريقين‌ ، و صرنا نستسلم‌ دون‌ قيد أو شرط‌ لمدرسة‌ الإلحاد. عصَمنا اللهُ من‌ تسويلاتِ الشّيطان‌!

 بلي‌ ، سنُثبت‌ هنا بحول‌ الله‌ و قوّته‌ انّ العلّة‌ الوحيدة‌ لضعف‌ و عجز العالم‌ الثالث‌ هو تسلّط‌ المستعمرين‌ الذين‌ ينصبون‌ عليهم‌ حاكماً من‌ قبلهم‌ من‌ أجل‌ أن‌ يقطع‌ شريانهم‌ الحياتي‌ و يمنعهم‌ من‌ أيّة‌ حريّة‌ اقتصادية‌ ، وتجاريّة‌ و زراعيّة‌ ، و صناعيّة‌ و فكريّة‌؛ و من‌ أجل‌ أن‌ يرسل‌ انتاجهم‌ الخام‌ جميعاً إلی الخارج‌ بثمن‌ بخس‌ ، و يجعل‌ انتاجهم‌ انتاجاً أُحادّياً ، و ليقترضوا الديون‌ الكثيرة‌ بفوائد ثقلية‌ من‌ الصندوق‌ العالمي‌ ، و ليقوم‌ من‌ جملة‌ ذلك‌ بالقضاء علی النسل‌ هناك‌ ، كي‌ تجفّ جذور ثروة‌ قوّة‌ الناس‌ و قدرتهم‌ المتمثّلة‌ في‌ «الفرد» ، (سواءً للزراعة‌ او للصناعات‌ الثقيلة‌ و الخفيفة‌) ، وليقوم‌ بإهدار منابع‌ الانتاج‌ و الدخل‌.

 الرجوع الي الفهرس

ليست‌ المشكلة‌ في‌ زيادة‌ عدد السكّان‌ ، بل‌ في‌ عدم‌التوزيع‌ الصحيح‌ لهم‌

 ان‌ التحقيق‌ في‌ العلاقات‌ الظالمة‌ بين‌ الدول‌ الاستعمارية‌ و دول‌ العالم‌ الثالث‌ مؤشرّ واضح‌ علی انّ المستعمرين‌ لن‌ يكفّوا أيديهم‌ مطلقاً عن‌ منافعهم‌ الحياتية‌ في‌ الدول‌ التي‌ أُبقيت‌ متخلّفة‌.

 و تشير الاحصائيّات‌ و الارقام‌ التالية‌ بوضوح‌ إلی الحقيقة‌ سالفة‌ الذكر، و نشير هنا إلی زاوية‌ بسيطة‌ منها [5]:

 يكتب‌ م‌. براگينسكي‌ في‌ كتاب‌ «بيداري‌ ءافريقا» (= صحوة‌ أفريقيا) ، ص‌ 7 و 8 في‌ الاحصائيات‌ المرتبطة‌ بسنوات‌ 52 إلی 57 ميلاديّة‌:

 «ازداد الدخل‌ السنوي‌ في‌ انجلترا من‌ 252 پاونداً و ستّة‌ شيلنات‌ وثمانية‌ دوكات‌ ، إلی 322 پاونداً و شيلنين‌ اثنين‌؛ وازداد في‌ تانگانيا من‌ 16 پاونداً و أربعة‌ شيلنات‌ إلی 16 پاونداً و 10 شيلنات‌.»

 

الاقليّة‌ المستعمرة‌

الدخل‌ الوطني‌

پرتوريكا

10%

40%

السنغال‌ (الاوربية‌)

2%

34%

الكامرون‌

5%

23%

الغابون‌

1%

56%

  ويكتب‌ في‌ كتاب‌ «غارت‌ جهان‌ سوّم‌» (= نهب‌ العالم‌ الثالث‌) ص‌12:

 «انّ 4% من‌ سكّان‌ امريكا اللاتينيّة‌ ينهبون‌ حاليّاً 50% من‌ الدخل‌ القومي‌.»

 و يكتب‌ في‌ كتاب‌ «بيداري‌ ءافريقا» (= صحوة‌ أفريقيا) ص‌ 8 و 9:

 «حسب‌ احصائيات‌ سنة‌ 1954 ، فانّ 25 ألف‌ شخص‌ فرنسي‌ في‌ الجزائر كانوا يمتلكون‌ مليونين‌ و سبعمائة‌ ألف‌ هكتار من‌ أكثر الاراضي‌ خصوبة‌ ، و من‌ بينهم‌ 900 شخص‌ يمتلكون‌ مليون‌ هكتار تحت‌ تصرّفهم‌. وبشكل‌ متوسّط‌ فانّ كلّ شخص‌ فرنسي‌ كان‌ يمتلك‌ مائة‌ هكتار من‌ الارض‌ ، بينما لم‌ يكن‌ أيّ واحد من‌ الثلاثة‌ ملايين‌ جزائري‌ يمتلك‌ أرضاً ، بل‌ كانوا يعملون‌ كأُجراء في‌ المزارع‌ أو كفلاّحين‌ مستأجرين‌.»

 و يكتب‌ في‌ ص‌ 10: «تظهر الإحصائيّات‌ لسنة‌ 1955 جليّاً انّ المزارع‌ الاورُبي‌ كان‌ يمتلك‌ بشكل‌ متوسّط‌ 816 هكتاراً ، بينما امتلك‌ كلّ افريقي‌ 2/2 هكتاراً فقط‌ من‌ الارض‌؛

 و في‌ تونس‌ كان‌ السكّان‌ الاوربيين‌ و الشركات‌ المساهمة‌ للمستغلاّت‌ سنة‌ 1950 يمتلكون‌ 760 ألف‌ هكتار من‌ افضل‌ الاراضي‌ ، وكان‌ ما يقرب‌ من‌ 15 المناطق‌ مستغلاّ في‌ الزراعة‌. بينما كان‌ أكثر من‌ نصف‌ عدد السكّان‌ المحليّين‌ امّا عمّالاً زراعيّين‌ أو مزارعين‌ مستأجرين‌ يدفعون‌ 75 إلی 80 في‌ المائة‌ من‌ المحصول‌ إلی المالكين‌.

 و في‌ مراكش‌ (المغرب‌) كان‌ خمسة‌ الآف‌ و خمسمائة‌ نفر من‌ السكنة‌ الاوربيين‌ قد استولوا علی اكثر من‌ مليون‌ هكتار من‌ الاراضي‌ ، بحيث‌ يصبح‌ معدّل‌ حصّة‌ كلّ منهم‌ 180 هكتاراً ، بينما كان‌ 700 ألف‌ مزارع‌ مستأجر محلّي‌ مجازين‌ فقط‌ في‌ أخذ 120 من‌ المحصول‌.

 يكتب‌ دوكاسترو في‌ كتاب‌ «انسان‌ گرسنه‌» (= الانسان‌ الجائع‌) ، ص‌132: «انّ مجموع‌ الدخل‌ السنوي‌ لامريكا اللاتينيّة‌ يقترب‌ بالكاد من‌ 10 إلی 15 مليار دولار ، في‌ حين‌ يصل‌ الدخل‌ في‌ الولايات‌ المتّحدة‌ الامريكية‌ إلی أكثر من‌ 150 مليار دولار ، أي‌ في‌ حدود عشرة‌ أضعاف‌ الرقم‌ الاوّل‌.»

 و يكتب‌ في‌ ص‌ 250: «لقد وفّق‌ الاتحاد السوفيتي‌ ، في‌ ظلّ استخدام‌ طرق‌ الرّي‌ الحديثة‌ و تنظيم‌ النواحي‌ الجافّة‌ ، إلی تبديل‌ الصحراء الواسعة‌ الواقعة‌ في‌ مركز ءاسيا و في‌ الشرق‌ من‌ بحيرة‌ «بالخاش‌» إلی احدي‌ أكثر نواحي‌ الاتحاد السوفيتي‌ خصوبةً ، و هي‌ المراتع‌ التي‌ عرفت‌ منذ زمن‌ القياصرة‌ بـ (مراتع‌ الجوع‌).»

 و يكتب‌ في‌ ص‌ 251: «و في‌ رأينا انّ ادّعاء انّ المجاعة‌ في‌ الصين‌ هي‌ نتيجة‌ لزيادة‌ سكّانها ، كان‌ رأياً متطرّفاً إلی حدٍّ ما ، و ذلك‌ لانّ أخصّائيّي‌ علم‌ السكّان‌ لم‌ ينجحوا بعدُ حقّاً في‌ تعيين‌ ماهيّة‌ علّة‌ زيادة‌ السكّان‌.

 و اذا ما أخذنا مجموع‌ مساحة‌ البلد بنظر الاعتبار ، فانّ العدد النسبي‌ لسكّانه‌ في‌ حدود 40 نفر في‌ الكيلومتر المربّع‌ ، في‌ حين‌ انّ الدول‌ الاوربية‌ مثل‌ هولندا ، و بلجيكا و... تمتلك‌ عدداً سكّانياً نسبيّاً في‌ حدود 284 و 269 نفراً في‌ الكيلومتر المربع‌ علی الترتيب‌.

 و الامر الذي‌ يُثير القلق‌ في‌ الصين‌ ، ليس‌ مسألة‌ تراكم‌ السكّان‌ ، بل‌ الاسلوب‌ المحيّر لتوزيع‌ هؤلاء السكّان‌ ، بالشكل‌ الذي‌ ترك‌ مساحة‌ كبيرة‌ منها خالية‌ بلا سكنة‌ ، خلافاً لسائر المناطق‌.»

 و يكتب‌ في‌ ص‌ 252: «ان‌ التوزيع‌ غير العادي‌ للسكّان‌ الذي‌ يوجب‌ توهّم‌ تراكمهم‌ الشديد و زيادتهم‌ ، هو نتيجة‌ مباشرة‌ للنظام‌ الاقتصادي‌ في‌ البلد ، الذي‌ لايزال‌ بدويّاً و في‌ مراحلة‌ الاوليّة‌ ، و معتمداً علی أساس‌ نوع‌ واحد من‌ الاستغلال‌ الاقتصادي‌ الزراعي‌ ، و في‌ مساحة‌ محدودة‌ و صغيرة‌ ، و بوسائل‌ قديمة‌ جداً... ففي‌ مقالة‌ كتبها الدكتور «او. ا. بيكر» الملحق‌ بوزارة‌ الزراعة‌ الامريكية‌ سنة‌ 1928 في‌ شأن‌ الصين‌ ، أظهر أنّ البلد يمتلك‌ حدود 350 مليون‌ هكتاراً من‌ الاراضي‌ الصالحة‌ للزراعة‌ ، لكنّ الاراضي‌ التي‌ يتمّ الاستفادة‌ منها 90 مليون‌ هكتاراً فقط‌.»

 الرجوع الي الفهرس

الإمكانات‌ المالية‌ و شبكات‌ الإعلام‌ الواسعة‌ تحت‌ تصرّف‌ مبلّغي‌ نهج‌ مالتوس‌

 و يكتب‌ في‌ ص‌ 31 من‌ مقدّمة‌ ذلك‌ الكتاب‌: « و لسوء الحظّ فانّ دعاة‌ نهج‌ مالتوس‌ يمتلكون‌ امكانيات‌ ماليّة‌ كبيرة‌ (إمكانات‌ و ضعتها الشركات‌ الإحتكاريّة‌ العالميّة‌ تحت‌ تصرّفهم‌) ، كما يستفيدون‌ من‌ شبكة‌ إعلاميّة‌ واسعة‌ و متنوّعة‌ لنشر استدلالاتهم‌ الخاطئة‌ لصالح‌ إلزاميّة‌ التحديد الإجباري‌ لمواليد العناصر الملّونة‌ ، و ذلك‌ لانّ زيادة‌ سكّان‌ الشعوب‌ الافريقيّة‌ ، الاسيويّة‌ ، و شعوب‌ امريكا اللاتينية‌ يعدّ خطراً انفجاريّاً علی النظر العالمي‌ الراهن‌.»

 و يقول‌ في‌ كتاب‌ «چين‌ پس‌ از 20 سال‌» (= الصين‌ بعد 20 سنة‌) ص‌33: «انّ طفلاً واحداً يموت‌ من‌ الجوع‌ كلّ 42 ثانية‌ ، بينما يسيطر 16% من‌ سكّان‌ العالم‌ علی 70% من‌ ثروة‌ العالم‌.»

 و ينقل‌ في‌ كتاب‌ «استعمار فرهنگي‌ در جهان‌ سوّم‌» (= الاستعمار الثقافي‌ في‌العالم‌ الثالث‌) ، ص‌ 4 ، حديثاً لاحد أعضاء حكومة‌ بومبي‌ سنة‌ 1838 يقول‌ فيه‌:

 «علی المواطنين‌ الهنود المحليّين‌ امّا أن‌ يُدركوا قدرة‌ جيشنا ، او أن‌ نقنعهم‌ بالاستعمار الثقافي‌ بأننا أعقل‌ ، و أدقّ ، و أكثر إنسانيّة‌ ، و بأننا نرغب‌ ـ أكثر من‌ أيّ حاكم‌ سابق‌ ـ في‌ تحسين‌ وضعهم‌! و اذا ما جري‌ توجيه‌ تقدّم‌ التربيه‌ و التعليم‌ بصورة‌ صحيحة‌ ، اي‌ أن‌ يُصبحوامعتمدين‌ علينا في‌ الجانب‌ الثقافي‌ ، فانّ تسلّطنا عليهم‌ سيكون‌ بلاشكّ قد ثُبّت‌ من‌ الناحية‌ النفسيّة‌ ، وسيصبح‌ الموقع‌ الاستعماري‌ مشروعاً؛ امّا اذا حصل‌ السكّان‌ المحليّون‌ بواسطة‌ التعليم‌ الصحيح‌ علی مقدرتهم‌ و قوّتهم‌ الذاتيّة‌ ، فانّ من‌ المسلّم‌ ان‌ طرق‌ إعمال‌ القوّة‌ التي‌ نستعملها في‌ إخماد شرارات‌ نزعتهم‌ التحرريّة‌ لن‌ تكون‌ كافية‌ عندئذٍ.»

 و جاء في‌ ص‌ 6 و 7 من‌ نفس‌ الكتاب‌: «ما لم‌ يكن‌ العملاء الداخلين‌ في‌ بلدٍ ما تحت‌ تصرّف‌ و توجيه‌ المستعمرين‌ ، فانّ عمل‌ هؤلاء لن‌ يتقدّم‌ ، لان‌ المستعمرين‌ يعتمدون‌ دائماً علی المجاميع‌ الموجودة‌ في‌ الدول‌ ذات‌ التنمية‌ القليلة‌ و الراغبة‌ في‌ التعاون‌ مع‌ الاقتصاد الاستعماري‌ المتقدّم‌ ، وسيقوم‌ هؤلاء بتحطيم‌ و سحق‌ كلّ حركة‌ تثير العراقيل‌ و المشاكل‌ بوجه‌ تلك‌ العلاقات‌[6].

 و قد استخدمت‌ امريكا و انجلترا كلاهما هذا الاُسلوب‌ في‌ الدول‌ الخاضعة‌ لنفوذهما ـ و حينما جري‌ استخدام‌ النظام‌ الاقتصادي‌ علی أساس‌ علاقات‌ بهذه‌ الكيفيّة‌ ، فقد انتفي‌ أيّ داعٍ هناك‌ إلی التواجد المباشر للقوات‌ الاستعماريّة‌.»

 الرجوع الي الفهرس

لاحلّ للمشكلة‌ الاقتصادية‌ في‌رأي‌ العلماء المتأثرين‌ بالغرب‌ الاّ بايديولوجيّة‌ غربية‌

 انّ المفكّرين‌ و العلماء المتأثّرين‌ بالإستعمار يسعون‌ من‌ خلال‌ تحقيقاتهم‌ الاستعماريّة‌ لتثبيت‌ أهداف‌ المستعمرين‌ في‌ قالب‌ الايديولوجيّات‌ الاستعمارية‌ ، لذا فانّهم‌ يعتبرون‌ انّ سبيل‌ الحلّ الوحيد يتلخّص‌ في‌ امتلاك‌ ايديولوجيّة‌ غربيّة‌

 جاء في‌ كتاب‌ «جامعه‌ شناسي‌ معاصر» (= علم‌ الاجتماع‌ المعاصر) للدكتور صالحي‌ ، ص‌ 136: «انّ الحركات‌ التي‌ أعلنت‌ اتّخاذها مثل‌ هذه‌ الايديولوجيّات‌ بعنوان‌ نهج‌ و هدف‌ لها في‌ المجتمعات‌ المصطلح‌ عليها بالمنتمية‌ إلی العالم‌ الثالث‌ ، و التي‌ نجحت‌ في‌ ايجاد تغييرات‌ جذرية‌ في‌ جميع‌ زوايا الحياة‌ الاجتماعيّة‌؛ و مثال‌ ذلك‌: النهضة‌ الاقتصاديّة‌ و الصناعيّة‌ لروسيا الاتحاد السوفيتي‌ ، الصين‌ ، مصر و المجتمعات‌ الاخري‌؛ يمكن‌ اعتبار نجاحها مرهوناً إلی حدود كبيرة‌ بإعلانها اتّخاذ ايديولوجيّة‌ خاصّة‌ وباتّباعها لتلك‌ الايديولوجيّة‌.»

 و يقصد الكاتب‌ بالايديولوجيّة‌: الوطنيّة‌ ، الشيوعيّة‌ ، الفوضويّة‌ ، والديمقراطيّة‌. كما يشرح‌ في‌ نفس‌ الكتاب‌ ص‌ 136 و 137 احد الآثار المهمّة‌ لدور الايديولوجيّة‌ في‌ المجتمع‌ بهذه‌ الكيفيّة‌:

 «يمكن‌ ، عن‌ طريق‌ معرفة‌ الايديولوجيّات‌ المقبولة‌ في‌ مجتمعٍ ما ، التعرّف‌ بشكل‌ أفضل‌ علی العلل‌ السلوكيّة‌ للاتّجاهات‌ المستقبليّة‌ ، واحتمالاً علی مسار التغييرات‌ الإجتماعيّة‌؛ فمثلاً يمكن‌ عقد المزيد من‌ الامل‌ علی ايجاد و تقوية‌ روح‌ الوحدة‌ القوميّة‌ حيثما توجد نزعات‌ وطنيّة‌.»

 و جاء في‌ ص‌ 137: «و ما أكثر ما يجري‌ تطبيق‌ صور مجتمعات‌ متقدّمة‌ ، مثل‌ أمريكا ، روسيا ، الصين‌ ، اسرائيل‌ و غيرها في‌ قالب‌ ايديولوجيّة‌ جديدة‌ ، ثم‌ توضع‌ هدفاً لمجتمعات‌ تخلّفت‌ عن‌ ركب‌ التقدّم‌ الاقتصادي‌ و الاجتماعي‌.»

 الرجوع الي الفهرس

 أمور يمكن‌ أن‌ تعدّ من‌ جملة‌ شواخص‌ و مؤشرات‌ الفقر الاقتصادي‌

و باعتقاد أصحاب‌ النظر ، فإنّ الامور التالية‌ يمكن‌ أن‌ تُعدّ من‌ جملة‌ شواخص‌ و مؤشرات‌ الفقر الإقتصادي‌:

 1 ـ البطالة‌ المتفشيّة‌

 2 ـ قلّة‌ صرف‌ الطاقة‌ (المقصود بالطاقة‌: المحروقات‌ السائلة‌ والجامدة‌ و الغاز الطبيعي‌ و الطاقة‌ الهيدرو كهربائية‌) ، و هو مؤشّر علی ضعف‌ الصناعة‌ ، لان‌ المجتمع‌ الصناعي‌ المتقدّم‌ يحتاج‌ إلی صرف‌ طاقة‌ أكثر.

 

الطاقة

التجمّع‌ السكّاني

 الدول‌ الصناعية‌ الرأسماليّة

5/57

7/19

 الدول‌ الصناعية‌ الاشتراكيّة

‌4/21

4/10

 العالم‌ الثالث

4/21

4/71

 3 ـ انخفاض‌ الموازنة‌ و الدخل‌ الوطني‌ و الدخل‌ الفردي‌

 4 ـ الصناعات‌ محدودة‌ بالصناعات‌ الخفيفة‌ لا الثقيلة‌ ، و العامل‌ الصناعي‌ في‌ العالم‌ الثالث‌ اقلّ عدداً و مهارةً من‌ نظيره‌ في‌ الدول‌ الصناعيّة‌ المتقدّمة‌.

 جاء في‌ كتاب‌ «جامعه‌ شناسي‌ عقب‌ ماندگي‌» (= علم‌ اجتماع‌ التخلف‌) ترجمة‌ الدكتور أحمد زرفروشان‌ ص‌ 169: «اذا ما غضضنا النظر عن‌ العمال‌ العاملين‌ في‌ المناجم‌ ، فانّ نسبة‌ الافراد الذين‌ يعملون‌ في‌ القسم‌ الصناعي‌ إلی العدد الكلّي‌ للسكّان‌ العاملين‌ سيكون‌ في‌ أفريقيا 11% ، و في‌ ءاسيا 10% ، و في‌ دول‌ امريكا اللاتينيّة‌ 17%؛ بينما تبلغ‌ هذه‌ النسبة‌ في‌ أمريكا الشمالية‌ 37% ، و في‌ دول‌ اوربا الغربيّة‌ 42%.»

 نسبة‌ الصناعات‌ الثقيلة‌ في‌ العالم‌ الثالث‌ إلی الغرب‌ 119 ، و نسبة‌ الصناعات‌ غير الثقيلة‌ 113.

 5 ـ المحاصيل‌ الاحاديّة‌ و الصادرات‌ الاحاديّة‌. فمثلاً كانت‌ نسبة‌ صادرات‌ الدول‌ التالية‌ سنة‌ 1957 كالآتي‌:

البرازيل‌

القهوة‌

60%

بيرماني

الرز

76%

سيلان‌

الشاي‌

64%

شيلي‌

النحاس‌

74%

كوبا

السكّر

81%

تايلندا

الرز

5/69%

كولومبيا

القهوة‌

80%

بورما

الرز

76%

 و في‌ سنة‌ 1955:

العراق‌

النفط‌

86%     

مصر

القطن

79%

اثيوبيا

القهوة‌

68%

نيجيريا

الفستق

90%

السلفادور

القهوة‌

82%

السنغال‌

الفستق

90%

تشاد

القطن

90%

فنزويلا

 النفط‌

 92%

العربيه‌السعوديّة

النفط‌

98%

باربار

البنجرالسكّري

91%

الهندوراس‌

الموز

85%

ايران‌

النفط

75%

  و يكتب‌ في‌ كتاب‌ «بيداري‌ ءافريقا» (= صحوة‌ أفريقيا) ص‌ 10:

 «لقد صار اقتصاد افريقيا تدريجاً معتمداً علی محصول‌ واحد ، فصارت‌ دولها تزرع‌ و تصدّر المحاصيل‌ الآتية‌: غانا: الكاكاو بشكل‌ رئيسي‌ ، السنغال‌: الفستق‌؛ السودان‌ و اوغندا: القطن‌؛ و انغولا: القهوة‌ وصار توسيع‌ المساحات‌ المزروعة‌ بمحاصيل‌ التصدير ينتهي‌ إلی تقليل‌ انتاج‌ المواد الغذائيّة‌ ، و لهذا الجانب‌ فقد جعلوا الدول‌ الافريقيّة‌ مرتبطة‌ أكثر بواردات‌ المواد الغذائيّة‌.» و يكتب‌ في‌ ص‌ 11:

 «كان‌ هناك‌ سنة‌ (1952) 826 ألف‌ مزارع‌ في‌ الكونغو ينتجون‌ (158300) طناً من‌ القطن‌ ، و يستلمون‌ أزاء كلّ كيلو منه‌ مبلغ‌ أربع‌ فرنكات‌، بينما كانت‌ قيمته‌ في‌ الاسواق‌ العالميّة‌ 15 فرنكاً.»

 و يكتب‌ في‌ ص‌ 11 و 12:

 «يمتلك‌ الاوربيون‌ في‌ كينيا دخلاً سنويّاً متوسطاً مقداره‌ (1060) پونداً ، بينما يمتلك‌ السكّان‌ الآسيويّون‌ 456 پونداً ، و الافريقيّون‌ 56 پونداً.»

 و يكتب‌ في‌ ص‌ 12 فيما يتعلّق‌ بسنة‌ 1957:

 «كان‌ دخل‌ الكونغو البلجيكيّة‌ (000/000/530/49 فرنكاً) و قد صار 46 في‌ المائة‌ منه‌ حصّة‌ الاورُبيّين‌ الذين‌ يشكّلون‌ 4% من‌ عدد السكّان‌ الكلّي‌.»

 و جاء في‌ كتاب‌ «جهان‌ سوّم‌ و پديده‌ كم‌ رشدي‌» (= العالم‌ الثالث‌ وظاهرة‌ البط‌ء في‌ النموّ) ، تأليف‌ ايولكست‌ ، ص‌ 223:

 «انّ النظريّة‌ التي‌ تعزو منشأ قلّة‌ النمو إلی اضطراب‌ الرونق‌ الاقتصادي‌ تحت‌ ضغط‌ الثقل‌ السكّاني‌ الكبير ، يمكن‌ الاعتراض‌ عليها بدليل‌ ءاخر: و هو انّ الدول‌ المتقدّمة‌ حاليّاً قد واجهت‌ هي‌ الاخري‌ زيادةً سكّانيّة‌ مهمّة‌ في‌ عصر الثورة‌ الصناعية‌. فقد كان‌ ميزان‌ الزيادة‌ الطبيعيّة‌ في‌ انجلترا و ألمانيا طيّ القرن‌ التاسع‌ عشر يتراوح‌ بين‌ 11 ـ 14% ، و سرعة‌ الزيادة‌ هذه‌ تفوق‌ السرعة‌ الحاليّة‌ لبعض‌ الدول‌ ذات‌ التزايد الاقلّ ، و يمكن‌ مقارنتها بميزان‌ الزيادة‌ السكّانية‌ لدول‌ العالم‌ الثالث‌ في‌ فترات‌ 10 سنوات‌ السابقة‌.»

 الرجوع الي الفهرس

تناقص‌ الرشد السكّاني‌ في‌ الدول‌ الصناعيّة‌ ليس‌ علّة‌ للنمو الاقتصاديّ بل‌ معلولاً له‌

 و يقول‌ في‌ ص‌ 226 من‌ نفس‌ الكتاب‌: «انّ البط‌ء في‌ زيادة‌ السكّان‌ في‌ الدول‌ المتقدّمة‌ هو نتيجة‌ للتنمية‌ الاقتصادية‌ و الاجتماعيّة‌ قبل‌ أن‌ يكون‌ سبباً و علّةً لها ، لذا لايمكن‌ اعتبار زيادة‌ السكّان‌ في‌ دول‌ العالم‌ الثالث‌ السببَ الرئيسي‌ لقلّة‌ نموّها و تقدّمها.»

 و يقول‌ في‌ ص‌ 43:«بالرغم‌ من‌ شيوع‌ أسلوب‌ الزراعة‌ المكثّفة‌ (الزراعة‌ الكثيرة‌ في‌أرض‌ صغيرة‌) ، فانّه‌ يحصل‌ في‌ الشرق‌ الاقصي‌ من‌ كلّ هكتار علی 16 كنتالاً من‌ الرز ، و في‌الهند علی 8/11 كنتالاً ، بينما تحصل‌ أمريكامن‌ نفس‌ قطعة‌ الارض‌ علی 36 ، و أورُبا علی 45 كنتالاً.

 كما تحصل‌ الهند من‌ كلّ هكتار علی 7 كنتالات‌ من‌ الحنطة‌ كمعدّل‌ ، في‌ حين‌ تحصل‌ أوروبا الغربيه‌ علی 45 كنتالاً من‌ كلّ هكتار.

 امّا بخصوص‌ الحيوانات‌ الاهليّة‌ ، فانّ معدّل‌ الانتاج‌ التقريبي‌ للبقرة‌ في‌ السنة‌ 160 ليتراً في‌ بلاد الشرق‌ الاقصي‌ ، 240 ليتراً في‌ افريقيا ، 410 ليتراً في‌ أمريكا اللاتينيّة‌ ، بينما يبلغ‌ هذا الرقم‌ في‌ أمريكا الشمالية‌ 1320 وفي‌ اورُبا 1650 ليتراً.»

 و يقول‌ في‌ ص‌ 90: «نسبة‌ الدخل‌ الوطني‌ الواقع‌ تحت‌ تصرّف‌ 20% من‌ أغني‌ أفراد السكّان‌:

 في‌ سيلان‌ (سنة‌ 1950) 50%؛ في‌ الهند 55%؛ في‌ بورتوريكا (1948) 56%؛ بينما تبلغ‌ هذه‌ النسبة‌ في‌ أمريكا 44%.»

 كما أورد الدكتور أحمد زرفروشان‌ في‌ كتاب‌ «جامعه‌ شناسي‌ عقب‌ ماندگي‌» (= علم‌ اجتماع‌ التخلّف‌) ، ص‌ 5: «انّ محقّقي‌ و باحثي‌ التنّبؤات‌ الاجتماعيّة‌؛ من‌ الذين‌ تربّوا و تعلّموا في‌ مدارس‌ الرأسمالية‌ و حكومة‌ المال‌؛ يمكنهم‌ في‌ قالب‌ التحقيقات‌ التي‌ تمتلك‌ ظاهراً اجتماعياً و ثقافيّاً ، وبالإفادة‌ من‌ الاساليب‌ و الإمكانات‌ المختلفة‌ ، من‌ معرفة‌ حتّي‌ أعمق‌ رغبات‌ و حاجات‌ سكّان‌ الدول‌ غير النامية‌.

 و ما يبقي‌ لهم‌ بعد تشخيص‌ ذلك‌ هو ان‌ يقوموا بتغطية‌ ايّ سياسة‌ للتوسّع‌ و الاستغلال‌ بغطاء استجابة‌ تلك‌ الرغبات‌ و الحاجات‌.»

 و أورد في‌ كتاب‌ «جامعه‌ شناسي‌ فقر» (= علم‌ اجتماع‌ الفقر) ، ترجمة‌ أحمد كريمي‌ ، ص‌ 206:

 «وفقاً لما ذكره‌ مصدر ايطإلی ، فانّ 85% من‌ ثروة‌ العالم‌ تحت‌ تصرّف‌ 15% من‌ سكّان‌ العالم‌. و ما لم‌ يحدث‌ تغير ثوريّ في‌ الوضع‌ الحإلی، فانّ هناك‌ احتمالاً لتغيّر النسب‌ المذكورة‌ خلال‌ السنوات‌ العشرين‌ القادمة‌ إلی 90% و 10% علی الترتيب‌.»

 الرجوع الي الفهرس

مشكلة‌ العالم‌ الثالث‌ انعدام‌ الحكام‌ المتبصّرين‌ لازيادة‌ السكان‌ أو الشرائط‌ الاقليمية‌

 العالم‌ الثالث‌ محتاج‌ إلی الايديولوجية‌ الاسلاميّة‌

 و هكذا ندرك‌ من‌ مجموع‌ المناقشات‌ السالفة‌ التي‌ أوردناها في‌ هذا البحث‌ ، انّ كدح‌ و جهاد العالم‌ الثالث‌ مع‌ الدول‌ المتقدّمة‌ يجب‌ ان‌ يتّخذ القالب‌ الخاصّ للايديولوجيّة‌ الاسلاميّة‌ ، ليمكنه‌ أن‌ يحرّك‌ المجتمع‌ علی نحوٍ صائب‌ ، و ليقمع‌ أيدي‌ الظالمين‌ و المعتدين‌.

 و ليست‌ المشكلة‌ أبداً مشكلة‌ زيادة‌ السكّان‌ ، كما انّ الظروف‌ الاقليميّة‌ و المحليّة‌ لا تأثير لها في‌ الامر هي‌ الاخري‌؛ بل‌ هي‌ فقط‌ مسألة‌ عدم‌ وجود حكّام‌ بصيرين‌ و عادلين‌ و مخلصين‌؛ فقد قام‌ هؤلاء الحكّام‌ بالمصالحة‌ مع‌ الظالمين‌ ، و صاروا يذبحون‌ الشعب‌ ـ كالخراف‌ ـ بسيوف‌ الظالمين‌.

 يكتب‌ دوكاسترو في‌ كتاب‌ «انسان‌ گرسنه‌» (= الانسان‌ الجائع‌) ، ص‌ 353 تحت‌ عنوان‌:

 «الشرايط‌ الاقليميّة‌ حجّة‌ بلا أساس‌»:

 «انّ المسألة‌ منفصلة‌ عن‌ أمر الشرائط‌ الاقليمية‌ ، إلی الحدّ الذي‌ نواجه‌ فيه‌ في‌ المناطق‌ التي‌ تعلو المناطق‌ الحارّة‌ مجموعات‌ تعيش‌ في‌ ظروف‌ تغذية‌ أسوأ بمراتب‌ من‌ سكنة‌ أفريقيا الاستوائيّة‌ الحارّة‌. و يصدق‌ هذا الامر في‌ مورد اتّحاد جنوب‌ أفريقيا و الاراضي‌ الانجليزيّة‌ لافريقيا الجنوبيّة‌:

 بازوتولندا ، بجوانالندا ، و سوازيلندا.»

 ثم‌ يكتب‌ في‌ ص‌ 355: «لقد كانت‌ المجاعة‌ في‌ اتحاد جنوب‌ افريقيا إلی الحدّ الذي‌ كان‌ فيه‌ 84% من‌ التلاميذ الاحد عشر ألفاً الذين‌ خضعوا للفحص‌ ، يتناولون‌ وجبة‌ غذاء واحدة‌ فقط‌ يوميّاً ، و 9/14% منهم‌ يتناولون‌ و جبتين‌ ، و 6% منهم‌ فقط‌ يتناولون‌ الطعام‌ ثلاث‌ مرّات‌.»

 ثم‌ يشير في‌ ص‌ 355 إلی المجاعة‌ في‌ المستعمرات‌ الانجليزية‌ في‌ أقصي‌ الجنوب‌ فيكتب‌: «انّ سكنة‌ بازوتلندا يزدادون‌ بسرعة‌ لا مثيل‌ لها في‌ افريقيا ، فقد ازداد عدد هؤلاء السكّان‌ خلال‌ السنوات‌ الاربعين‌ الاخيرة‌ مائة‌ في‌ المائة‌. و هذه‌ حقيقة‌ تؤيّد مرّة‌ اخري‌ نظريّتنا في‌ انّ المجاعة‌ هي‌ أحد عوامل‌ تراكم‌ السكّان‌.»

 و يكتب‌ دوكاسترو في‌ نفس‌ الكتاب‌ ، ص‌ 66 و 67 تحت‌ عنوان‌:

 «المجاعة‌ سبب‌ تراكم‌ السكّان‌» ، فيقول‌: «و يكفي‌ أن‌ نذكّر بأنّ الدول‌ الثلاث‌ في‌ العالم‌ التي‌ حدثت‌ فيها زيادة‌ سكّانيّة‌ (الصين‌ ، الهند ، واليابان‌) هي‌ ثلاثتها دول‌ تواجه‌ قحطاً ، و كلّما زادت‌ المجاعة‌ و القحط‌ من‌ مصائبها و دمرّتها ، زاد عدد سكّانها أكثر فأكثر...

 و نستنتج‌ من‌ هذا: إن‌ لم‌ يكن‌ بالإمكان‌ إزالة‌ المجاعة‌ من‌ العالم‌ عن‌ طريق‌ تقليل‌ السكّان‌ و منع‌ التناسل‌ ، الاّ انّه‌ يمكن‌ تقليل‌ زيادة‌ النفوس‌ بشكل‌ جيّد عن‌ طريق‌ محاربة‌ المجاعة‌.

 و في‌ نظرنا انّ تنظيم‌ المواليد و الحدّ من‌ السكّان‌ مع‌ وجود النظام‌ الاقتصادي‌ الراهن‌ في‌ العالم‌ ، هو عمل‌ سيسبّب‌ كذلك‌ انخفاض‌ المحاصيل‌ الغذائيّة‌ بصورة‌ أكبر ، و سيشدّد بالنتيجة‌ ظاهرة‌ المجاعة‌ ، في‌ حين‌ انّ الاقدام‌ المعاكس‌ ، اي‌ زيادة‌ عدد الناس‌ ، ـ و بالطبع‌ ليس‌ بزيادة‌ كميّة‌ بل‌ بزيادة‌ كيفيّة‌ و بايجاد قيمة‌ و اعتبار أكثر لوجود الإنسان‌ عن‌ طريق‌ رفع‌ مستوي‌ سلامته‌ ـ سيمكنه‌ ان‌ يزيد بشكل‌ جازم‌ من‌ ميزان‌ المحصول‌.»

 ثم‌ يشير دوكاسترو إلی الثلاثة‌ ملايين‌ انسان‌ المصابين‌ بمرض‌ الملاريا ، و الذين‌ هم‌ مستهلكون‌ فقط‌ بينما يعدّون‌ طاقات‌ إنسانيّة‌ قيمّة‌ للإنتاج‌.

 و الخلاصة‌ ، فلقد قدّمنا شرحاً مختصراً في‌ شأن‌ هذا المطلب‌ من‌ الرسالة‌ ، لإيضاح‌ جوانبه‌ المختلفة‌ ، و لو شئنا التفصيل‌ لجرّنا ذلك‌ إلی الإطالة‌ ، و لاوجب‌ الملل‌ ، و أخشي‌ أن‌ تنزعجوا ، و الاّ فالحديث‌ طويل‌!

 انّ إعمار بلدنا في‌ الوضع‌ الحإلی ، هو بزيادة‌ السكّان‌ لا بتقليلهم‌! انّنا نواجه‌ اليوم‌ نقصاً ، فلدينا نقص‌ في‌ الاطباء ، و في‌ الممرّضات‌ ، و في‌ العمّال‌، و في‌ المزارعين‌ ، و هم‌ يرفضون‌ قبول‌ المرضي‌ في‌ المستشفيات‌ لقلّة‌ الهيئة‌ الطبيّة‌ ، كما انّ ثمار بساتين‌ القري‌ و الارياف‌ تتساقط‌ علی الارض‌ و تتلف‌ لقلّة‌ العمّال‌ أو لعدم‌ وجودهم‌. و قد صار العمّال‌ الاجراء قليلين‌. و باعتبار قيامهم‌ بإخراج‌ الافاغنة‌ هذه‌ الايام‌ ، فقد وصل‌ الاجر اليومي‌ للعامل‌ الاجير الايراني‌ في‌ مشهد المقدّسة‌ إلی 9000 ريال‌.

 الرجوع الي الفهرس

 تشجيع‌ القروييّن‌ علی مسلك‌ الراحة‌ ادّي‌ إلی تخريب‌ الارياف‌

و علّة‌ هذا الامر هجوم‌ الناس‌ من‌ القري‌ علی المدن‌ ، و دخولهم‌ في‌ المدارس‌ إلی المستوي‌ الجامعي‌ ، و صار فلان‌ ، ابن‌ مشهدي‌ فلان‌ الفلاّح‌ يأبي‌ أن‌ يعمل‌ بالزراعة‌ ، و يرغب‌ بالمجي‌ء إلی المدينة‌ ليُشارك‌ في‌ سباقات‌ كرة‌ القدم‌ و الكرة‌ الطائرة‌!

 إنّ القري‌ و الارياف‌ تواجه‌ الخراب‌ لعدّة‌ أسباب‌:

 1 ـ حثّ القرويين‌ علی التمدّن‌ الحديث‌ ، و علی امتلاك‌ التلفزيون‌ والراديو ، و جعلهم‌ يعتادون‌ علی استخدام‌ الوقود الشتوي‌ من‌ الغاز او المدفأة‌ النفطيّة‌ ، مع‌ انعدام‌ الوقود الكافي‌؛ كما صار ينبغي‌ علی العمّال‌ المجدّين‌ القرويّين‌ صرف‌ أوقاتهم‌ في‌ التفرّج‌ علی التلفزيون‌.

 2 ـ الحياة‌ المريحة‌ في‌ المدن‌ ، و إمكان‌ مراجعة‌ الدكتور و الذهاب‌ إلی المدرسة‌ ، و الحصول‌ علی أدوات‌ الزينة‌ و التجمّل‌.

 3 ـ بيع‌ أراضي‌ الارياف‌ إلی المتموّلين‌ في‌ المدن‌ و بناء حدائق‌ ومساكن‌ صيفيّة‌ لهم‌ فيها ، و ضياع‌ محصول‌ البستان‌ و المزرعة‌ نتيجة‌ لذلك‌.

 4 ـ ابتلاء القرويين‌ بشراء أشياء مثل‌ المدفأة‌ النفطيّة‌ ، و حمل‌ و نقل‌ حديد السقوف‌ و لوازم‌ البناء المستعملة‌ في‌ المدينة‌ ، و في‌ النتيجة‌ ضياع‌ المحصول‌ و تربية‌ الدواجن‌؛ و عدم‌ قناعتهم‌ و اكتفائهم‌ بالاعمدة‌ الخشبية‌ للسقوف‌ ، و بمواد المحروقات‌ التي‌ يعدّونها في‌ نفس‌ القرية‌ من‌ قطع‌ الحطب‌ الصغيرة‌ و نفايات‌ الابقار و يقضون‌ شتاءهم‌ بطوله‌ ملتذّين‌ بدفئها وحرارتها. امّا الآن‌ ، و قد ابتلوا بالكهرباء و الغاز و النفط‌ التي‌ لا تصلهم‌ بشكل‌ مستمر ، فانّهم‌ صاروا يعيشون‌ في‌ الشتاء في‌ الظلام‌ و البرد ، و صاروا لذلك‌ يتركون‌ بيوتهم‌ و يقصدون‌ المدينة‌.

 لقد كان‌ الاطبّاء قد ألزموا الحقير قبل‌ سنتين‌ ، حين‌ أصبت‌ بمرض‌ قلبي‌ ، بقضاء فصل‌ الصيف‌ ـ و لو لعدّة‌ أسابيع‌ منه‌ ـ في‌ مكان‌ يتمتع‌ بهواء وماء جيّدين‌ ، فذهبتُ إلی احدي‌ نقاط‌ أطراف‌ مشهد المقدّسة‌ بإسم‌ «أخلمد» لمدّة‌ خمسة‌ عشر يوماً ، و هي‌ قرية‌ بقيت‌ بمعزل‌ عن‌ أيدي‌ سكنة‌ المدينة‌ لبعد طريقها نسبيّاً عن‌ المدينة‌ ، و لكون‌ طريقها ترابيّاً. الاّ انّها كانت‌ تحاكي‌ ، في‌ ملائمة‌ هوائها و لطافة‌ مائها ، قرية‌ قمصر الكاشانيّة‌ حقيقةً.

 و كان‌ وفور الماء و الارض‌ الصالحة‌ للإستثمار لانواع‌ الفواكه‌ والزراعة‌ هناك‌ بحيث‌ انّ شخصاً مخلصاً لو تصدّي‌ للامور هناك‌ لاستطاع‌ تأمين‌ الفاكهة‌ لجزء من‌ مدينة‌ مشهد ، و ذلك‌ بغرس‌ الاشجار الكثيرة‌ وفق‌ اسلوب‌ فنيّ صحيح‌ ، و بتوزيع‌ الماء علی نحو مطلوب‌.

 ولكن‌ ، و للامور التي‌ ذُكرت‌ ، فقد توجّه‌ سكّان‌ المنطقة‌ نحو المدينة‌، و بقيت‌ هناك‌ فعلاً أربعمائة‌ عائلة‌ من‌ مجموع‌ العوائل‌ السبعمائة‌ القاطنة‌ هناك‌ ، و صارت‌ بيوتها خرائب‌ يعلوها الغبار ، و صارت‌ سلالم‌ بيوتها متهرّئة‌ مُحطّمة‌ و مبعثرة‌ ، و محاصيلها علی و شك‌ التلف‌ لنقص‌ من‌ يتعاهدها ، و صارت‌ فاكهة‌ أشجار الجوز ، و الكرز الموقوفة‌ تُهدر و لا تستثمر ، و تبقي‌ للشباب‌ الذين‌ يذهبون‌ إلی هناك‌ من‌ المدينة‌ للتنزّه‌ وتسلّق‌ الاشجار.

 و كانت‌ تلك‌ القرية‌ تمتلك‌ مصابيح‌ كهربائيّة‌ للإضاءة‌ ، الاّ انّ من‌ يعطب‌ مصباح‌ بيته‌ يتوجّب‌ عليه‌ طيّ مسافة‌ مائة‌ و خمسين‌ كيلومتر تقريباً ، ليأتي‌ إلی المدينة‌ فيشتري‌ مصباحاً كهربائياً ، إذ لم‌ يكن‌ هناك‌ من‌ محلّ لبيع‌ هذه‌ الوسائل‌.

 و ماء أخلمد معروف‌ بعذوبته‌ و وفرته‌ ، و أرضها في‌ غاية‌ الخصوبة‌ ، الاّ انّ الارض‌ بقيت‌ بائرة‌ ، و الماء ظلّ مهدوراً.

 و لقد ذكّرني‌ هذا الوضع‌ و هذا المنظر بجديّة‌ و متابعة‌ اليابانييّن‌ واستثمارهم‌ الكبير للارض‌ الصغيرة‌ و تقييمهم‌ لها ، كما قرأته‌ في‌ كتاب‌ «سفرنامة‌ برادران‌ اميدوار» (= مذكرات‌ رحلة‌ الاخوة‌ اميدوار) ، حيث‌ يقولون‌:

 «يجب‌ الاّ يُفتّش‌ عن‌ اليابان‌ في‌ مدينة‌ طوكيو فقط‌ ، فهناك‌ مناطق‌ رائعة‌ لهذا البلد الاسطوري‌ متناثرة‌ هنا و هناك‌...

 نحو هيروشيما ، كعبة‌ السلام‌

 خرجنا من‌ طوكيو ممتطين‌ درّاجاتنا البخاريّة‌ ، فوصلنا بعد ساعة‌ أو ساعتين‌ إلی المناطق‌ الزراعية‌ ، و كان‌ المزارعون‌ اليابانيّون‌ قد لجأوا ـلفقدانهم‌ الارض‌ الكافية‌ ـ للإفادة‌ حتّي‌ من‌ قطعة‌ الارض‌ الواقعة‌ بين‌ خطوط‌ السلك‌ الحديدية‌ ، فقاموا بزراعتها بالارز.

 و تكثر زراعة‌ التوت‌ الاحمر في‌ هذه‌ المناطق‌ الجبليّة‌ ، و كان‌ هؤلاء قد زرعوا شجيرات‌ التوت‌ الاحمر (الفريز) علی السفوح‌ الجبليّة‌ الشديدة‌ الانحدار ، ليصيبها البُخار المتصاعد من‌ البحر. امّا و قد كان‌ الهواء بارداً بحيث‌ يمكن‌ ان‌ يلحق‌ الاذي‌ بالتوت‌ ، فقد شاهدنا أنّهم‌ قد وضعوا كلّ شجيرة‌ من‌ شجيرات‌ التوت‌ داخل‌ كيس‌ أغلقوا فتحته‌ العُليا ، كما انّهم‌ كانوا يقومون‌ ليلاً بتغطيتها بالقماش‌ و قطع‌ النايلون‌ ، و لقد عجبنا ـ أيّ عجب‌ ـ من‌ كلّ هذا الصبر و التحمّل‌.» [7]

 واعلم‌ انّه‌ يجب‌ الاّ يتصوّر انّ هذه‌ الاتعاب‌ كانت‌ من‌ أجل‌ التمتّع‌ بالمباهج‌ و المآكل‌ اللذيذة‌ و الإسراع‌ إلی المآدب‌ شأن‌ الفضوليّين‌ ، أبداً أبداً!

 فهؤلاء يقومون‌ بتصدير جميع‌ هذا التوت‌ الاحمر بالاضافة‌ إلی بعض‌ الفواكة‌ الاخري‌ كالخيار ، و لا يأكلون‌ منها شيئاً ، و ذلك‌ من‌ أجل‌ ان‌ يرتفع‌ رصيد دولتهم‌ من‌ العملة‌ الصعبة‌ ، و لتحصل‌ علی استقلالها الاقتصادي‌.

 لذا ترون‌ انّ أحداً لم‌ يكن‌ يتخيّل‌ بعد القنبلة‌ الامريكية‌ المهلكة‌ للحرث‌ و النسل‌ علی مدينة‌ هيروشيما ، و التي‌ أحرقت‌ و صهرت‌ مليوني‌ نفر و بدّلتهم‌ إلی رماد في‌ لحظة‌ واحدة‌ ، و بعد تلك‌ الواقعة‌ و شروط‌ الصلح‌ ، بأنّ اليابان‌ سيمكنها أن‌ ترفع‌ رأسها و تقف‌ علی قدميها إلی قرون‌. الاّ انّها صارت‌ اليوم‌ لا تتزاحم‌ مع‌ أمريكا فقط‌؛ بل‌ و تفوقها في‌ الكثير من‌ الصناعات‌ الالكترونيّة‌ ، كما صارت‌ بضائعها تلاقي‌ قبولاً في‌ الساحة‌ العالميّة‌ أكثر من‌ البضائع‌ الامريكيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الاستعمار يُشغل‌ الناس‌ بتشجيع‌ الرياضة‌ ، فيحرمهم‌ من‌ العلوم‌ الاصيلة‌

 انّ علی شبابنا المضحّي‌ المؤمن‌ الملتزم‌ المتربّي‌ ، الذي‌ تذوّق‌ الإسلام‌ و التشيّع‌ بعد الثورة‌ أن‌ يكونوا كذلك‌ ، من‌ اجل‌ ان‌ تظهر فيهم‌ ثمار الحق‌ والحقيقة‌ و الواقع‌ و الواقعيّة‌ إن‌ شاء الله‌ تعإلی. و ليخطوا كلّ لحظة‌ خطوةً في‌ الصبر و الاحتمال‌ و تحمّل‌ المشاقّ و لبس‌ الغليظ‌ من‌ الثياب‌ ، وتناول‌ الجشب‌ من‌ الطعام‌ ، لينالوا المقصد الاسني‌ و الذورة‌ العليا. و الاّ فانّ شيئاً لن‌ يمكن‌ عمله‌ بالمسابقات‌ الرياضيّة‌ ، و بالانشغال‌ بالمسائل‌ العرضية‌، والتفرّج‌ علی برامج‌ التلفزيون‌ ، و استماع‌ الاخبار المفصّلة‌ من‌ الراديو ، وقراءة‌ الصفحات‌ العريضة‌ المطوّلة‌ في‌ الجرائد و المجلاّت‌ في‌ شأن‌ الرياضة‌ و امتداحها و تمجيدها. و لن‌ يؤدّي‌ الاّ إلی عطف‌ الافكار عن‌ المحور الاساس‌ ، و عن‌ تركيزها علی مصدر المرض‌ و سبيل‌ العلاج‌ ، وصرفها إلی هذه‌ الامور الفرعية‌ التي‌ لا ثمرة‌ فيها الاّ التفرّج‌ ، و لا نتيجة‌ لها الاّ تضييع‌ ثمرة‌ الثورة‌ في‌ زيادة‌ القوّة‌ و الشجاعة‌.

 يُقال‌: انّ الاستعمار المتعمّق‌ في‌ نفوذه‌ ، يلجأ في‌ سعية‌ للقضاء علی القوي‌ الاصيلة‌ الفكريّة‌ و البدنيّة‌ ، النفسيّة‌ و الماديّة‌ لسكّان‌ العالم‌ الثالث‌ ، إلی التوسّل‌ بأنواع‌ وسائلة‌ الإعلاميّة‌ الواسعة‌ لسوقهم‌ إلی الامور الرياضيّة‌ ، وإبعادهم‌ بذلك‌ عن‌ الاشتغال‌ بالعلوم‌ الاصيلة‌ المختلفة‌ التي‌ تبعث‌ علی الاستقلال‌ و توجد المركزية‌. و ذلك‌ كي‌ يقوم‌؛ ضمن‌ شغل‌ أفكار العامة‌ بهذه‌ الامور ، الطفل‌ و الفتي‌ ، الشاب‌ و الشيخ‌ ، الرجل‌ و المرأة‌؛ بإبعادهم‌ عن‌ هدفهم‌ ، من‌ أجل‌ أن‌ يفعل‌ ما يشاء ، و ليصل‌ إلی تحقيق‌ أهدافه‌.

 الرجوع الي الفهرس

 ترويج‌ الرياضة‌ في‌ الارجنتين‌ والبرازيل‌ لإلهاء هذين‌ البلدين‌ المنهوبين‌ و اشغالهما

و يُقال‌: انّ هناك‌ مسابقات‌ كرة‌ القدم‌ و غيرها في‌ أرقي‌ مستوياتها في‌ الارجنتين‌ و البرازيل‌ ، حيث‌ يهتمّ بها الشباب‌ جماعات‌ جماعات‌ ، كما يلتذّ الكهول‌ و الشيوخ‌ بالتفرّج‌ علی لعب‌ شبابهم‌. و ذلك‌ من‌ أجل‌ ان‌ لا يُفيق‌ هذان‌ البلدان‌ الواقعان‌ في‌ أمريكا اللاتينيّة‌ و المنهوبان‌ من‌ قبل‌ الاستعمار لحظةً واحدة‌ ، و لئلاّ يأسفوا علی مافات‌ ، أو يتمكنّوا من‌ النهوض‌.

 لذا نشاهد ان‌ الرياضة‌ رائجة‌ و شائعة‌ في‌ هذين‌ البلدين‌ إلی الحدّ الذي‌ صار الفوز في‌ أغلب‌ المسابقات‌ من‌ نصيبهما ، لا من‌ نصيب‌ المستعمرين‌ نظير أمريكا و انجلترا.

 و ءانذاك‌ فان‌ المستعمرين‌ سيمنحونهم‌ بأنفسهم‌ أو سمة‌ الفخر ويقولون‌ لهم‌: لقد فزتم‌ في‌ المسابقة‌ ، و تفوّقتم‌ حتّي‌ علی أمريكا و أسبانيا و بلجيكا و أمثالها. الاّ انّهم‌ يضحكون‌ علی ذقونهم‌ في‌ أعماقهم‌ أنْ: لقد أخذنا بهذه‌ الوسائل‌ عملتكم‌ الصعبة‌ ، و نهبنا ثرواتكم‌ الوطنية‌ الخام‌ ، ثم‌ اننا حصلنا ـ باستقراضكم‌ منّا و حاجتكم‌ الماسّة‌ إلی مساعداتنا ـ علی مليارات‌ الدولارات‌ سنويّاً من‌ أرباح‌ و ربا أموالكم‌ الذي‌ يصل‌ إلی 20%!!!

 و قد حُصل‌ رسمياً في‌ سنتي‌ 1970 و 1971 من‌ توظيف‌ رساميل‌ القسم‌ الخصوصي‌ في‌ العالم‌ الثالث‌ ، علی أرباح‌ تقدّر بـ (8819 مليون‌ دولار).

 و قد أنتج‌ توظيف‌ الرساميل‌ الامريكيّة‌ في‌ الدول‌ التالية‌ سنة‌ 1970 أرباحاً (بملايين‌ الدولارات‌) كالآتي‌:

امريكا اللاتينيّة‌

1081

آسيا ـ الشرق‌ الاوسط‌

1206

افريقيا

602

باقي‌ الدول‌ الآسيوية‌ في‌ المحيط‌ الاطلسي‌

226

مجموع‌ العالم‌ الثالث‌

3115

و العجب‌ من‌ اعتبارنا أنفسنا مسلمين‌ تابعين‌ للنبيّ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ ، و شيعةً تابعين‌ للإمام‌ عليّ عليه‌ السلام‌ ، و متابعتنا لجميع‌ تلك‌ المحن‌ و المشاكل‌ ، و سقوطنا ـ من‌ ثمَّ ـ من‌ أجل‌ عناوين‌ خدّاعة‌ ماكرة‌ تخدع‌ الاطفال‌ ، كمثل‌ جمال‌ المدينة‌ و رفاهيّة‌ العيش‌ و أمثالها ، إلی الحدّ الذي‌ نصبح‌ فيه‌ مستعدّين‌ للقضاء علی النسل‌ ، و إلی حيث‌ يعمد مليون‌ امرأة‌ شابّة‌ قادرة‌ علی الإنجاب‌ و ثمانون‌ ألف‌ رجل‌ شابّ قادر علی الإنجاب‌ إلی عقم‌ أنفسهم‌ بأيدي‌ أعدائهم‌ ، فيمحوا عن‌ ساحة‌ الوجود و إلی يوم‌ القيامة‌ نسلَ المؤمنين‌ المسلمين‌ الشيعة‌ من‌ أنصار إمام‌ زمانهم‌!!

 و إلی حيث‌ يصل‌ أمرنا ، بشعاراتٍ تقصر عن‌ تفكير الطفل‌ و تعقلّه‌ ، كمثل‌: أولاد أقلّ ، حياة‌ أفضل‌ ، إلی حيث‌ صرنا نغبط‌ اليابانيّين‌ علی همّتهم‌ و صبرهم‌ و دأبهم‌ في‌ العمل‌ ، و نتمنّي‌ أن‌ نضعهم‌ انموذجاً نحتذي‌ بهم‌ في‌ عملنا في‌ تحمّل‌ المصائب‌ و المشكلات‌!

 الرجوع الي الفهرس

يمكن‌ إعمار جميع‌ الاراضي‌ الصالحة‌ في‌ البلد بالعمل‌ ، كما اليابان‌ و هولندا

 هذا و قد ذُكر في‌ «الرسالة‌ النكاحيّة‌» هذه‌ انّ عدد سكّان‌ اليابان‌ 130 مليون‌ نفر ، و انّ مساحتها خُمس‌ مساحة‌ ايران‌ ، و عليه‌ فانّ الكثافة‌ السكّانيّة‌ لديهم‌ 13 ضعف‌ الكثافة‌ السكّانية‌ في‌ ايران‌.

 كما انّ دولة‌ هولندا صغيرة‌ إلی الحدّ الذي‌ تعادل‌ فيه‌ محافظة‌ مازندران‌ (الطبرية‌) لدينا ، لكنّهم‌ قاموا ،بالعمل‌ و النشاط‌ و تحمّل‌ المحن‌ ، بتوسعة‌ تربية‌ الدواجن‌ بحيث‌ صارت‌ البواخر التي‌ تحمل‌ المواد الحيوانيّة‌ من‌ الجبن‌ و الزبدة‌ و الحليب‌ و غيرها تصطفّ في‌ سواحلها علی أهبة‌ الحركة‌ في‌ انتظار دورها لحمل‌ تلك‌ المنتجات‌ إلی العالم‌.

 فهم‌ يقومون‌ بكلّ هذه‌ الجهود و الاتعاب‌ علی الارض‌ الصناعية‌ والتربة‌ الصناعية‌ فما الذي‌ يعنيه‌ ذلك‌ ؟!

 انّ دولة‌ هولندا صغيرة‌ ، و قد أحاط‌ البحر قدراً كبيراً منها ، و صار يتغلغل‌ في‌ أراضي‌ تلك‌ الدولة‌ اثر طغيان‌ الماء و الطوفانات‌ و جزر البحر ومدّه‌ ، فصارت‌ سواحلها تنضمّ تدريجاً إلی البحر و تصبح‌ جزءاً منه‌. لذا فقد عمد الهولنديّون‌ إلی احداث‌ سدّ محكم‌ و ثابت‌ و متّسع‌ يشمل‌ جميع‌ اطراف‌ حدودها الساحليّة‌ ، ليس‌ فقط‌ من‌ أجل‌ حفظ‌ أراضيهم‌ الصالحة‌ ، بل‌ انّهم‌ فاقوا ذلك‌ و صاروا يوسّعون‌ سواحلهم‌ و يضمّون‌ قدراً من‌ البحر إلی أراضيهم‌. و هكذا فانّهم‌ لم‌ يرتاحوا فقط‌ من‌ أذي‌ الجزر و المدّ ، بل‌ قاموا بتكديس‌ التراب‌ علی ذلك‌ الجزء الذي‌ قاموا بإحاطته‌ بسدّ فبدّلوه‌ إلی أرضٍ أضافوها إلی مساحة‌ بلدهم‌. و يمكن‌ القول‌ ـ لذلك‌ ـ انّهم‌ أسّسوا تربية‌ الدواجن‌ لديهم‌ بذلك‌ النظام‌ و الترتيب‌ علی الارض‌ الكاذبة‌ و التربة‌ الصناعيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

إرجاعات


[1] ـ هامش‌ ص‌ 21 ، عن‌ كتاب‌ السيطرة‌ علي‌ الجوع‌ «چيرگي‌ بر گرسنگي‌» تأليف‌ جان‌ ـايف‌ ـ كارفانتان‌ و شارل‌ كندامين‌ ، ترجمة‌ الدكتور عبّاس‌ ءاگاهي‌

 [2] ـ جريدة‌ «جمهوري‌ اسلامي‌» 0 1 ربيع‌ الثاني‌ 1412 ( 27 مهر 0 137 هـ ش‌) ، العدد 3583 ، ص‌ 11؛ مقالة‌ تحت‌ عنوان‌ «النظام‌ الجديد لبوش‌ (القضاء علي‌ النسل‌ العالمي‌)»

[3] ـ نقلاً عن‌ «رسالة‌ در باب‌ اصول‌ جمعيّت‌» ص‌ 798 ، نقلاً عن‌ مقالة‌ ر. مورنيو في‌ (جون‌ ءافريك‌) باريس‌ 24 أغسطس‌ 1978

 [4] ـ كتاب‌ «چيرگي‌ بر گرسنگي‌» ترجمة‌ الدكتور عبّاس‌ ءاگاهي‌ ، ص‌ 21 ـ 23

 [5] ـ للتفصيل‌ و الشرح‌ الاكثر في‌ هذه‌ الموارد ، من‌ المناسب‌ مراجعة‌ الكتب‌ التالية‌:

 ـ «كشورهاي‌ توسعه‌ نيافته‌» (= الدول‌ غير الناميه‌) ، ترجمة‌ الدكتور هوشنگ‌ نهاوندي‌

 ـ «شناخت‌ ءاماري‌ جهان‌ سوّم‌» (= معرفة‌ إحصائيّة‌ للعالم‌ الثالث‌) ، ترجمة‌ الدكتور محمد رضا جليلي‌

 ـ «جغرافياي‌ صنعتي‌ جهان‌» (= الجغرافيا الصناعية‌ العالميّة‌) ، ترجمة‌ أحمد ءارام‌

 ـ «جهان‌ سوّم‌ در برابر كشورهاي‌ غنيّ» (= العالم‌ الثالث‌ مقابل‌ الدول‌ الغنيّة‌) ، تأليف‌ انجلو ، انجلو پولوس‌ ، تقديم‌ دوكاسترو

 ـ «انقلاب‌ ءافريقا» (= ثورة‌ افريقيا) ، تأليف‌ فرانتس‌ فانون‌

 ـ «گواتمالا ، ويتنام‌ ثاني‌» (= غواتيمالا ، فيتنام‌ الثانية‌) ، تأليف‌ ملويل‌

 ـ «انسانها و خرچنگها» (= البشر و السرطانات‌ البحريّة‌) ، تأليف‌ دوكاسترو

 [6] ـ ويشهد علي‌ كلامنا قول‌ «مايكل‌ شولنبرج‌» مسؤول‌ تنظيم‌ نشاطات‌ الخطّة‌ العمرانية‌ لمنظمة‌ الامم‌ المتحدة‌ في‌ ايران‌ ، حيث‌ يقول‌: «انّ المسألة‌ المهمة‌ لزيادة‌ السكّان‌ تتحطّي‌ حدود الدولة‌ فقد وجدت‌ هذه‌ المسألة‌ أبعاداً دوليّة‌ واسعة‌ ، و صارت‌ في‌ الحقيقة‌ احدي‌ أكبر معضلات‌ عصرنا. و قد كانت‌ زيادة‌ سكّان‌ العالم‌ طيلة‌ السنوات‌ العشرين‌ الاخيرة‌ ثابتة‌ في‌ حدود 7 / 1 في‌ المائة‌. و قد خُمّن‌ عدد سكّان‌ العالم‌ سنة‌ 1372 بحدود 57 / 5 مليار نفر سيزدادون‌ حتّي‌ سنة‌ 0 138 الي‌ 25 / 6 مليار ، و حتّي‌ سنة‌ 5 0 14 الي‌ 5 / 8 مليار ، و حتّي‌ سنة‌ 0 143 الي‌ 0 1 مليار نفر.

 و يشير المرور علي‌ اسلوب‌ زيادة‌ سكّان‌ العالم‌ الي‌ انّ حصّة‌ العالم‌ النامي‌ في‌ طريقها الي‌ الزيادة‌ و هذا بمعني‌ انّه‌ حتّي‌ نهاية‌ القرن‌ (الميلادي‌) الحالي‌ ، فانّ 95 في‌ المائة‌ من‌ سكّان‌ العالم‌ سيعيشون‌ في‌ الدول‌ النامية‌. و للاسف‌ فانّ التزايد السكّاني‌ السريع‌ يحصل‌ بشكل‌ رئيسي‌ في‌ تلك‌ المجموعة‌ من‌ الدول‌ النامية‌ التي‌ لا تمتلك‌ منابع‌ و أرضيّة‌ كافية‌ لتقبّل‌ مثل‌ هذا العدد السكّاني‌ المتزايد يوماً بعد ءاخر.

 و لذلك‌ فانّ زيادة‌ السكّان‌ لن‌ يكون‌ لها دور ـ في‌ كثير من‌ الموارد ـ الاّ في‌ خفض‌ مستوي‌ المعيشة‌ وزيادة‌ المشاكل‌ الفرديّة‌.

 (مجلّة‌ «دانشمند» العدد 6 ، بتاريخ‌ شهريور 1372 ، ص‌ 0 6 ، من‌ مقالة‌ بعنوان‌ «سيل‌ جمعيّت‌ هنوز در راه‌ است‌» (= السيل‌ السكّاني‌ في‌ الطريق‌).)

 [7] ـ «سفرنامة‌ برادران‌ اميدوار» = مذكرات‌ رحلة‌ الاخوة‌ اميدوار ، في‌ الطبعة‌ الاولي‌ 1341 شمسي‌ ، طبع‌ درخشان‌ ، ص‌ 218؛ و في‌ الطبعة‌ الثالثة‌ 1371 ، ص‌ 7 0 2؛ تأليف‌ عيسي‌ و عبدالله‌ اميدوار ، تنضيد الحروف‌: نشر ايران‌.

 الرجوع الي الفهرس

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com