بسم الله الرحمن الرحيم

نظرة علي مقاله بسط و قبض نظرية الشريعة / القسم السابع: الاشکال الرابع: اعراض دعاة الانفتاح عن الاسلام لتأثرهم بالثقافة غیر...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

 الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الإشکال الرابع

إعراض‌ دعاة‌ الانفتاح‌ عن‌ المباني‌ الاءسلاميّة‌ لتأثّرهم‌ بالثقافة‌ الاجنبيّة‌

 

الاءشكال‌ الرابع‌ لصاحب‌ مقالة‌ « بسط‌ وقبض‌ تئوريك‌ شريعت‌ »(=بسط‌ وقبض‌ نظريّة‌ الشريعة‌)، أي‌ نظريّة‌ تكامل‌ المعرفة‌ الدينيّة‌، هو أ نّه‌ قد اعتبر ضعف‌ اهتمام‌ الناس‌ بالدين‌ بعد النهضة‌ الدستوريّة‌ ناشي‌ من‌ ضعف‌ الاقتصاد المدوّن‌ والفقه‌ والحكمة‌، التي‌ تراجعت‌ أمام‌ هجوم‌ سيل‌ الثقافة‌ الغربيّة‌، ولم‌ يكن‌ لدي‌ العلماء والفلاسفة‌ وكتبهم‌ شيئاً مهمّاً يُعتني‌ به‌، لذا فقد دُهـش‌ الناس‌ لتلك‌ المدنيّة‌ وتبعـوها مبهـورين‌ مسـحورين‌؛ ويقول‌:

 إنّ علينا أن‌ لا نبتعد عن‌ الإنصاف‌ فنعترف‌ أنّ جمعاً من‌ المثقّفين‌ الجُدد من‌ دعاة‌ الانفتاح‌، الذين‌ كانت‌ لهم‌ في‌ تأريخنا المعاصر آراؤهم‌ القاسية‌ بالنسبة‌ للدين‌، لم‌ يكن‌ ذلك‌ عداءً منهم‌ له‌ وحقداً منهم‌ عليه‌؛ ولكنّ السبب‌ يكمن‌ في‌ صورة‌ الدين‌ التي‌ عُرضت‌ عليهم‌ والتي‌ افتقدت‌ الملاحة‌ والجمال‌ والجاذبيّة‌.

 ففي‌ أوان‌ النهضة‌ الدستوريّة‌ تدفّق‌ سيل‌ المعارف‌ الغربيّة‌ علي‌ ديارنا، وملات‌ فلسفتهم‌ وعلومهم‌ وحقوقهم‌ وسياستهم‌ أذهان‌ الشباب‌ والمتلهّفين‌، وكانت‌ الدهشة‌ المهيبة‌ والحيرة‌ تلفّ الجميع‌، والانهزام‌ النفسيّ والاستسلام‌ والخضوع‌ يلقّن‌ للنفوس‌؛ وكان‌ هيكل‌ الفكر الديني‌ّ في‌ ذلك‌ الوقت‌ مبتليً بالمحن‌ والامراض‌ الكثيرة‌، ولم‌ يكن‌ ليمتلك‌ إلاّ عدّة‌ آداب‌ فقهيّة‌، فبأيّ شي‌ء ـ يا تري‌ ـ كان‌ يمكنه‌ اجتذاب‌ قلوب‌ العقلاء والاذكياء نحوه‌؟ لا اقتصاد مدوّن‌ له‌، ولا سياسة‌ مدوّنة‌، ولا حكمة‌ بإمكانها وضع‌ الحلول‌ للمشاكل‌، ولا تحقيق‌ نافع‌ مُجدٍ.

 فكيف‌ نتوقّع‌ من‌ المشتغلين‌ بالحكمة‌ والآداب‌ أن‌ يعرضوا عن‌ الافكار المنمّقة‌ التي‌ خلط‌ فيها الإفرنج‌ حقّاً وباطلاً، وأن‌ يتمسّكوا بعدّة‌ من‌ الآراء المضطربة‌ غير المتّسقة‌، وبالادب‌ الصارم‌ الجاف‌؟

 لم‌ تكن‌ تلك‌ مؤامرة‌ تأريخيّة‌، ولا مقتضي‌ وجود موهوم‌ اسمه‌ الغرب‌، بل‌ كانت‌ نتيجة‌ حتميّة‌ لمواجهة‌ الاقوياء المقتدرين‌ مع‌ الضعفاء العاجزين‌. [1]

الرجوع الي الفهرس

جواب صاحب مقالة البسط و القبض، قول مؤلف کتاب «الطریق المطوی»

 والإجابة‌ علي‌ هذا القول‌ هي‌ عين‌ المطلب‌ الذي‌ أورده‌ المهندس‌ مهدي‌ بازركان‌ في‌ كتاب‌ « راه‌ طي‌ شده‌ »( = الطريق‌ المطوي‌ّ)، فقد قال‌:

 وهناك‌ مطلب‌ يرد في‌ هامش‌ البحث‌ الاصليّ ويشكّل‌ بنفسه‌ موضوعاً يستحقّ المطالعة‌ والتأمّل‌ علي‌ حدة‌؛ وهو تأثير خصائص‌ المذهب‌ المسيحي‌ّ في‌ أُسلوب‌ تفكير وطريقة‌ انتقاد المعاصرين‌ من‌ مخالفي‌ المذاهب‌.

 وبالطبع‌ فإنّ أغلب‌ ما يُنشر في‌ بلدنا ضدّ الفكر الديني‌ّ ممّا يمتلك‌ وجهة‌ علميّة‌، فإنّما هو ترجمة‌ مباشرة‌ أو اقتباس‌ غير مباشر من‌ كتابات‌ ومقالات‌ الاُوروبّيّين‌.

 فلو تأمّلتم‌ بعناية‌ في‌ هذه‌ الانتقادات‌ للاحظتم‌ أ نّها تهاجم‌ صراحةً أو تلميحاً الديانة‌ المسيحيّة‌ ورجال‌ الدين‌ المسيحيّين‌، وأ نّها لا تتعدّي‌ ذلك‌، فبعض‌ هؤلاء المنتقدين‌ لا يمتلك‌ أي‌ّ معلومات‌ عن‌ الإسلام‌، أو أ نّه‌ يتجنّب‌ إقحامه‌ في‌ هجومه‌ وانتقاده‌، والبعض‌ الآخر لم‌ يتناوله‌ بالنقد إلاّ قليلاً، بالشكل‌ الذي‌ تبقي‌ فيه‌ هذه‌ الانتقادات‌ والمطالعات‌ ناقصة‌ تماماً وغير مجدية‌ من‌ وجهة‌ نظر التحقيق‌ الكامل‌.

 ولكنّنا ـ بخلافهم‌ ـ نعتبر عيسي‌ عليه‌ السلام‌ وتعاليمه‌ مبعوثَين‌ من‌ جانب‌ الله‌ عزّ وجلّ، وأنّ رسولنا كان‌ مُصَدِّقَاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ؛[2] ولكن‌ باعتبار تدرّج‌ الاديان‌ وفق‌ السير التكامليّ للبشريّة‌، فإنّ علي‌ البشر كذلك‌ أن‌ يتابعوا السير التكامليّ للانبياء عليهم‌ السلام‌.

 كما أنّ كثيراً من‌ الانتقادات‌ التي‌ يوجّهها المنتقدون‌ إلي‌ الاديان‌ قد استندت‌ إلي‌ التحريفات‌ التي‌ تسرّبت‌ إلي‌ الديانة‌ المسيحيّة‌ بمرور الزمن‌، ولفقدان‌ النسخة‌ الاصليّة‌ للإنجيل‌، أو للثغرات‌ والنقائص‌ فيها والتي‌ عالجها الإسلام‌ بالنحو الافضل‌ والاكمل‌ ووضَع‌ لها الحلول‌ الناجعة‌.

 فلو امتلك‌ هؤلاء المخالفون‌ للدين‌ التعمّق‌ الكافي‌ في‌ الإسلام‌، والتحقيق‌ الصحيح‌ في‌ شؤونه‌؛ ولو انفكّ الاُوروبّيّون‌ عن‌ عبادة‌ القديم‌ وامتلكوا الانفتاح‌ والتبصّر في‌ الدين‌ كما امتلكوا الانفتاح‌ والتقدّم‌ في‌ باقي‌ شؤون‌ حياتهم‌، لصاروا مسلمين‌ مجدّدين‌، ولتحولّت‌ الانتقادات‌ حتماً إلي‌ شكل‌ آخر، ولصار للدنيا وجهاً غير ما هي‌ عليه‌ اليوم‌. [3]

 وهذا الكلام‌ متين‌ لا يرقي‌ إليه‌ الشكّ، فتأريخ‌ النهضة‌ الدستوريّة‌ والوقائع‌ التي‌ حصلت‌ بعدها إلي‌ بداية‌ الثورة‌ الإسلاميّة‌ وتشكيل‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌، مشهود أمامنا لا يلوح‌ فيه‌ إلاّ السيطرة‌ الثقافية‌ والعسكريّة‌ والسياسيّة‌ والاقتصاديّة‌ الفارغة‌ للغرب‌ علي‌ الإسلام‌. فلقد كان‌ دعاة‌ الثقافة‌ والانفتاح‌ المبهورون‌ بالغرب‌ هم‌ أُولئك‌ الذين‌ كانت‌ لهم‌ علاقات‌ مباشرة‌ بالغرب‌، وهم‌ الذين‌ كانوا يقدحون‌ زناد الإلحاد والابتعاد عن‌ الدين‌ وينفخون‌ في‌ ناره‌ لتستعر، ولقد سجّل‌ التأريخ‌ أسماء هؤلاء وأحوالهم‌ ونهجهم‌ واحداً بعد واحد.

 ولقد كانت‌ الثقافة‌ الغربيّة‌ تُنشر بين‌ الناس‌ بالقوّة‌، بالسياط‌ والحراب‌ والحبس‌ والتعذيب‌ والإعدام‌، لكنّ الشعب‌ بإسلامه‌ الفطريّ لم‌ يؤثر الغيّ علي‌ الهدي‌، فلم‌ تتعدّ هذه‌ الثقافة‌ عن‌ كونها ظواهر قشريّة‌ خارجيّة‌، ولقد حافظ‌ الشعب‌ المسلم‌ علي‌ ديانته‌ مع‌ تحمّله‌ لكلّ أنواع‌ الحرمان‌ الاجتماعي‌ّ، وكان‌ علي‌ وعي‌ كامل‌ بدسـائـس‌ وشيطـنة‌ وخيانة‌ دعاة‌ الانفـتاح‌ العـملاء هؤلاء، مدركاً لطرق‌ نفـوذ تلـك‌ الثـقافة‌ التي‌ لم‌ تكن‌ لتضـمّ غير الالفاظ‌ الفارغة‌ الخاوية‌؛ لم‌ تعقب‌ تلك‌ الحركات‌ والمشاريع‌ إلاّ الخُسران‌ والدمار، واتّضح‌ بحمد الله‌ قيام‌ أساس‌ السياسة‌ الاجنبيّة‌ علي‌ المكر والحيلة‌ والكذب‌ والبهتان‌، وعلي‌ استحلال‌ إتلاف‌ النفوس‌ البريئة‌ من‌ أجل‌ تحقيق‌ أهداف‌ الاجانب‌ ومنافعهم‌.

 ولقد كان‌ لدينا في‌ بداية‌ النهضة‌ الدستوريّة‌ اقتصاد متين‌ يستند إلي‌ فقه‌ ومكاسب‌ الشيخ‌ مرتضي‌ الانصاريّ بدورته‌ الكاملة‌ في‌ المعاملات‌ والشامل‌ لادقّ وأعمق‌ المسائل‌ الاقتصاديّة‌؛ وكان‌ لدينا فقه‌ متين‌ أيضاً، فقد تشكّلت‌ الحوزات‌ العلميّة‌ الدراسيّة‌ وانتشرت‌ الكتب‌ الفقهيّة‌ المؤلّفة‌ من‌ قبل‌ تلامذة‌ الشيخ‌ الانصاريّ في‌ النجف‌ وسامرّاء، من‌ أمثال‌ آية‌ الله‌ الحاجّ المـيرزا محـمّد حسـن‌ الشـيرازي‌ّ والآخـوند الملاّ محـمّد كاظم‌ الخـراسـاني‌ّ، والحاجّ الميـرزا محمّد حسـن‌ النائيـني‌ّ وغيـرهم‌، ولقد بلغ‌ تدريس‌ الحكمة‌ الحدّ الاعلي‌ علي‌ يد أساتذة‌ كالميرزا أبي‌ الحسن‌ جلوة‌ الإصفهاني‌ّ، والآقا ميرزا طاهر التنكابني‌ّ، والحاجّ الميرزا محمّد حسن‌ الاشتـياني‌ّ، حيـث‌ كان‌ كلّ واحد من‌ هؤلاء العلماء الذين‌ عاصـروا تلك‌ المرحلة‌ عالماً محقّقاً ولا زالت‌ آثار هؤلاء العظماء موجودة‌ الآن‌ بين‌ أيدينا، يعجز دعاة‌ التجديد الفعليّين‌ عن‌ فهمها وإدراك‌ مسائلها المطروحة‌.

 إنّ حقيقة‌ الامر هي‌ أنّ المتلاعبين‌ بالسـياسة‌ من‌ الاجانب‌ قد عملوا بمعـونة‌ وألاعيـب‌ ومعاضـدة‌ دعاة‌ التجـدّد والانفـتاح‌ مـن‌ المنبـوذين‌ والمتنكّرين‌ لوطنهم‌ وشعبهم‌، علي‌ فتح‌ أبواب‌ البلد أمام‌ رياح‌ الوباء الصفراء العفنة‌ الهابّة‌ من‌ الغرب‌، لتنشر عفونتها بين‌ الناس‌، فعمّ الوباء والخراب‌، وقضي‌ الجميع‌ عصراً قاتماً مظلماً.

 وحين‌ نقارن‌ الآن‌ الفقه‌ والاقتصاد والحكمة‌ والادب‌ الإسلاميّ مع‌ القوانين‌ المنتزعة‌ من‌ فلسفتهم‌ وأدبهم‌، نشاهد ضحالة‌ وتفاهة‌ مدرستهم‌ جليّة‌ لكلّ ذي‌ عينين‌.

الرجوع الي الفهرس

 الإشکال الخامس

 المجاز و الاستعارة فی القرآن، عین الصدق و البلاغة

 

 الإشكال‌ الخامس‌: هو أ نّه‌ لم‌ يفرّق‌ بين‌ الكلام‌ المجازي‌ّ والكلام‌ الكاذب‌، فتخيّل‌ الكلام‌ المجازيّ الذي‌ ورد كثيراً في‌ القرآن‌ الكريم‌ من‌ جنس‌ الكذب‌، ثمّ استعصي‌ عليه‌ درك‌ بعض‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ ومفاهيمها الصحيحة‌ المتسامية‌؛ فقال‌: ينبغي‌ إمّا أن‌ لا نقبل‌ بمجازات‌ القرآن‌، أو أن‌ نوسّع‌ من‌ معني‌ عدم‌ ورود الباطل‌ في‌ القرآن‌ وكونه‌ فصلاً ليس‌ بالهزل‌ إلي‌ الحدّ الذي‌ لا يتنافي‌ فيه‌ مع‌ هذه‌ المجازات‌، ليمكن‌ الإيمان‌ بقرآن‌ يحوي‌ مجازاً ـوكذباً في‌ الحقيقة‌ـ كهذا.

 وتثير هذه‌ العبارات‌ العجب‌ والاستغراب‌، لإنبائها بالعجز عن‌ إدراك‌ مطالب‌ بسيطة‌ وأوّليّة‌ دارجة‌ بين‌ الطلبة‌.

 ونجد من‌ الافضل‌ أن‌ نورد نصّ عباراته‌ لبيان‌ نقاط‌ ضعفها وتزييفها، ثمّ نشرع‌ بالاءجابة‌ عليها؛ يقول‌:

 ويكفي‌ لمن‌ يعتبر في‌ علم‌ الكلام‌ أنّ المجاز والكناية‌ غير جائزة‌ في‌ كلام‌ الباري‌، أن‌ يري‌ الآخرة‌ مليئة‌ بالولدان‌ الهرمين‌: يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَ ' نَ شِيبًا ـ المزّمّل‌؛ ويشاهد الدنيا مليئة‌ بالجدران‌ ذات‌ الاءرادة‌: فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن‌ يَنقَضَّ ـ الكهف‌؛ ويكفي‌ لمن‌ يعتبره‌ جائزاً أن‌ لايعدّ وجودها في‌ القرآن‌ باطلاً ولا هزلاً ولا لغواً، وهي‌ منطقاً من‌ جنس‌ الكذب‌، وأن‌ يؤمن‌ في‌ الوقت‌ نفسه‌ بمقولة‌: لاَ يَأْتِيهِ الْبَـ'طِلُ مِن‌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِنَّهُ و لَقُولٌ فَصْلٌ* وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ. [4]

الرجوع الي الفهرس

بجث بشأن المعنیین الحقیقی و المجازی، و الصدق و الکذب

 والاءجابة‌ علي‌ ذلك‌: أنّ الكذب‌ عبارة‌ عن‌ الاءخبار عن‌ شي‌ء يخالف‌ الواقع‌ من‌ دون‌ نصـب‌ قرينة‌ علي‌ مخالفة‌ هذا الخـبر للواقـع‌؛ كأن‌ يقول‌ شخص‌ مثلاً: جاء زيد، ولم‌ يكن‌ قد جاء بعد، أو: لم‌ يأتِ زيد، وكان‌ قد أتي‌ فعلاً.

 والمجاز عبارة‌ عن‌ استعمال‌ لفظ‌ في‌ خلاف‌ المعني‌ المفهوم‌ والمعهود عرفاً، مع‌ نصب‌ قرينة‌ علي‌ أنّ هذا الاستعمال‌ غير المعهود كان‌ لجهة‌ من‌ الجهات‌؛ كأن‌ يقول‌ شخص‌ مثلاً: رأيتُ أسداً منهمكاً برمي‌ السـهام‌، ومقصوده‌ من‌ لفظ‌ الاسد ليـس‌ الاسد المفترس‌ والحيوان‌ الصحراوي‌ّ، بل‌ الرجل‌ الشجاع‌ الذي‌ عبّر عنه‌ لشجاعته‌ بالاسد، وذكر قرينة‌ في‌ كلامه‌ لهذا الاستعمال‌، وهي‌ عنوان‌ الرمي‌، فمعلوم‌ أنّ الاسد الصحراويّ لايرمي‌ السهام‌، بل‌ الرجل‌ الشجاع‌ هو الذي‌ يفعل‌ ذلك‌.

 ومثل‌ هذه‌ الاستعمالات‌ صحيحة‌ جدّاً، بل‌ هي‌ أبلغ‌ وأفضل‌ في‌ إيصال‌ مراد المتكلّم‌ بواسطة‌ استعمال‌ اللفظ‌ في‌ معناه‌ الثانوي‌ّ، للعلاقة‌ الموجودة‌ بين‌ المعني‌ المتعارف‌ والمعني‌ الفعلي‌ّ الاستعمالي‌ّ؛ ويقال‌ لمثل‌ هذا الاستعـمال‌: الاستعـمال‌ المجـازي‌ّ؛ والعلاقة‌ ووجه‌ الارتـباط‌ بين‌ المعنيينِ كثيرة‌ ومتعدّدة‌، كعلاقة‌ الاءشراف‌، والتشبيه‌، والاستلزام‌، وسائر الانواع‌ والعلاقات‌ والروابط‌ التي‌ أوصلوها في‌ بعض‌ كتب‌ البيان‌ إلي‌ خمس‌ وعشرين‌ علاقة‌،[5] في‌ حين‌ يعتقد البعض‌ أنّ هذه‌ العلاقات‌ غير محدودة‌، وأنّ ملاكها انتخاب‌ واختيار المتكلّم‌ الذي‌ استعمل‌ علي‌ أساس‌ ذوقه‌ العرفي‌ّ لفظاً له‌ معنيً خاصّ من‌ جهة‌ الوضع‌ اللغوي‌ّ أو الوضع‌ النَّقْلي‌ّ، في‌ معني‌ مغاير مع‌ حفظ‌ هذه‌ الرابطة‌، أو مع‌ نصب‌ قرينة‌ علي‌ هذا الاستعمال‌.

 ولا يختصّ استعمال‌ اللفظ‌ المجازيّ بالعربيّة‌ دون‌ غيرها، لكنّه‌ أكثر انتشاراً في‌ اللغات‌ التي‌ تكون‌ دائرة‌ معاني‌ مفرداتها واشتقاقاتها أكبر، وفصاحتها وبلاغتها أقوي‌، كما هو في‌ العربيّة‌.

 ولا ترقي‌ جميع‌ لغات‌ الدنيا إلي‌ العربيّة‌ في‌ اتّساع‌ اللغة‌ ومصادر الاشتقاق‌، وفي‌ لطف‌ قريحة‌ الكلام‌، والفصاحة‌ التامّة‌ والبلاغة‌ الكاملة‌، وقول‌ الشعر بداهة‌، وبيان‌ المعاني‌ الكثيرة‌ والمطالب‌ المحتشدة‌ والنكات‌ الدقيقة‌ بأوجز عبارة‌ وأقلّ بيان‌.

 ويرجـع‌ أصل‌ اللغات‌ السـائـدة‌ وجـذورها إلي‌ أصلـين‌: العربـيّة‌ واللاتينيّة‌، والعربيّة‌ أحكمهما وأمتنهما. كما أنّ بيان‌ المراد والمقصود بالرعاية‌ الدقيقة‌ للنكات‌ الادبيّة‌، من‌ الحقائق‌ والمجازات‌ والتمثيلات‌ والتشبيهات‌ والاستعارات‌ دليل‌ علي‌ كمال‌ تلك‌ اللغة‌ وقوّتها، وفي‌ مقولة‌: إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا إشارة‌ إلي‌ هذه‌ النكتة‌.

 ولقد نزل‌ القرآن‌ الكريم‌: الكلام‌ الاءلهي‌ّ المعجز، الذي‌ يمثّل‌ المعجزة‌ الباقية‌ لرسول‌ الله‌ إلي‌ يوم‌ القيامة‌، بلسان‌ العرب‌، أي‌ بأكمل‌ وأتمّ وأوسع‌ وأبلغ‌ الالسنة‌ واللغات‌، فهو قائد قافلة‌ البشريّة‌ بدقائقه‌ البليغة‌، ومجازاته‌ واستعاراته‌.

 علي‌ أنّ اتّساع‌ اللغة‌ وآدابها، واستعمال‌ المجازات‌ والاستعارات‌ المختلفة‌[6] توجب‌ اتّساع‌ الفهم‌ وحدّة‌ الذكاء ونموّ الذهن‌، فما يشاهد في‌ ذكاء وفراسة‌ وحضور البديهة‌ والخاطر في‌ عرب‌ الصحاري‌ والبوادي‌ الجافّة‌ اللاهبة‌، لا يشاهد مثله‌ في‌ أرقي‌ الاُمم‌ المتمدّنة‌، ولا في‌ سكنة‌ المدن‌ الآخرين‌، وتأريخ‌ العرب‌ شاهد علي‌ صدق‌ كلامنا.

 ولم‌ يحصل‌ هذا إلاّ بانتشار العربيّة‌ التي‌ يتقنها العرب‌ الاصليّين‌ من‌ سكنة‌ البوادي‌ الذين‌ هم‌ أفضل‌ من‌ سكنة‌ المدن‌ في‌ هذا المجال‌، لذا فقد خشي‌ علي‌ ضياع‌ أُصول‌ وجذور هذه‌ اللغة‌ بعد ظهور الاءسلام‌ والفتوحات‌ الاءسلامـيّة‌ التي‌ أدّت‌ إلي‌ اندمـاج‌ واختـلاط‌ أقوام‌ وشـعـوب‌ غير عربيّة‌، كالاعاجم‌ والنبط‌، مع‌ العرب‌، فأمر خلفاء بني‌ أُميّة‌ وبني‌ العبّاس‌ جماعات‌ بالتطـواف‌ الدائـم‌ علي‌ سـكنة‌ البـوادي‌ والصـحاري‌ وأخـذ أُصـول‌ اللـغـة‌ وعلامات‌ المجاز والكناية‌ والاستعارة‌ عنهم‌. وقد أُ لِّفَتْ الكتب‌ في‌ تدوين‌ علم‌ النحو؛ بعد بيان‌ أُصوله‌ من‌ قبل‌ مولي‌ الموحدّين‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لابي‌ الاسود الدؤلي‌ّ؛ من‌ قبل‌ أمثال‌ الخليل‌ و سيبويه‌ و يعقوب‌ ابن‌ السكِّيت‌.

 فكتاب‌ «العين‌» للخليل‌ هو من‌ أهمّ كتب‌ اللغة‌ المعتبرة‌ التي‌ يستفاد منها إلي‌ يومنا هذا.

 و «الكتاب‌» لسيبويه‌، من‌ أنفس‌ الكتب‌ التي‌ لم‌ يؤلّف‌ مثلها حتّي‌ الآن‌ في‌ نزاهتها وشمولها.

 ومع‌ أنّ كتباً كثيرة‌ قد أُ لّفت‌ ودوّنت‌ بعد ذلك‌، وكان‌ بعضها ـ إنصافاً ـ أكثر تحقيقاً وأقرب‌ للواقع‌ وأكثر بعثاً علي‌ الاطمئنان‌، كـ «المصباح‌ المنير» و «صحاح‌ اللغة‌» و «لسـان‌ العرب‌»، ولكنّ «الكتاب‌» لسيبويه‌(في‌ النحو) وكتاب‌ «العين‌» للخليل‌(في‌ اللغة‌) ظلاّ يتربّعان‌ علي‌ مقام‌ الصدارة‌ لكلّ الكتب‌.

 ويُعدّ المجي‌ء بالقصد والمرام‌ بلفظ‌ المجاز من‌ أفضل‌ أنواع‌ الكلام‌ والمحاورة‌، لذا فقد قالوا: كَلاَمُ البُلَغَاءِ مَشْحُونٌ بِالمُجَازَاتِ.

 وقد زاد استعمال‌ لفظ‌ المجاز لدرجة‌ قد ساوي‌ في‌ اتّساعه‌ استعمال‌ اللفظ‌ الحقيقيّ في‌ معناه‌؛ وقد كتب‌ الزَّمَخْشَرِي‌ُّ لهذا السبب‌ كتاباً في‌ اللغة‌ سمّاه‌ «أَسَاسُ البَلاَغَة‌»، يتكفّل‌ بتمييز وتشخيص‌ المعاني‌ الحقيقيّة‌ عن‌ المجازيّة‌، ونُظِّم‌ حسب‌ ترتيب‌ الحروف‌ الهجائيّة‌ لكلّ مادّة‌، فهو يشرع‌ بعدّ المعاني‌ الحقيقيّة‌ لها، ثمّ يعدّد تحت‌ عنوان‌: ومن‌ المجاز جميع‌ المعاني‌ المجازيّة‌ الواردة‌ في‌ كلام‌ العرب‌ والامثلة‌ والاشعار والقرآن‌ الكريم‌.

الرجوع الي الفهرس

کلمات أعلام المحققین حول مجازات القرآن

 وقد صرفت‌ هذه‌ اللطافة‌ والعظمة‌ لدقائق‌ الاستعارة‌ والمجاز عبد الله‌ ابن‌ المُقَفَّع‌ الاءيرانيّ ـالذي‌ تمرّس‌ في‌ العربيّة‌ وبرز حتّي‌ عُدّ في‌ سعة‌ علمه‌ واطّلاعه‌ علي‌ آداب‌ العربيّة‌ فرداً لا نظير له‌ـ عن‌ عزمه‌ علي‌ معارضة‌ القرآن‌، ومرّغت‌ أنفه‌ في‌ تراب‌ الذلّ والهوان‌.

 فقد عزم‌ مع‌ جمع‌ من‌ أصحابه‌ علي‌ معارضة‌ القرآن‌، فراحوا يطالعون‌ آياته‌، فوقعت‌ أبصارهم‌ علي‌ هذه‌ الآيات‌:

 وَقِيلَ يَـ'أَرْضُ ابْلَعِي‌ مَآءَكِ وَيَـ'سَمَآءُ أَقْلِعِي‌ وَغِيضَ الْمَآءُ وَقُضِيَ الاْمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَی‌ الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّـ'لِمِينَ. [7]

 فقالوا لانفسهم‌: ليس‌ هذا بكلام‌ بشر؛ وانصرفوا عن‌ عزمهم‌.

 ومن‌ الواضح‌ البيّن‌ أنّ هذه‌ النكات‌ الدقيقة‌، واستعمال‌ ألفاظ‌ الكناية‌ والمجاز والاستعارة‌ هي‌ التي‌ سمت‌ بالقرآن‌ في‌ أُفق‌ متعالٍ تعجز الافهام‌ عن‌ السموّ إليه‌، وتتصاغر عن‌ مقابلته‌ ومعارضته‌.

 يقول‌ السكّاكيّ في‌ مقدّمة‌ كتاب‌ « مفتاح‌ العلوم‌ »: ثُمَّ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ علی‌ حِبيِبِهِ مُحَمَّدٍ البَشِيرِ النَّذِيرِ، بِالكِتَابِ العَرَبِي‌ِّ المُنِيرِ، الشَّاهِدِ لِصِدْقِ دَعْوَاهُ بِكَمَالِ بَلاَغَتِهِ، المُعْجِزِ لِدَهْمَاءِ المَصَاقِعِ عَنْ إيرَادِ مُعَارَضَتِهِ، إعْجَازاً أَخْرَسَ شِقْشِقَةَ كُلِّ مِنْطِيقٍ، وَأَظْلَمَ طُرُقَ المُعَارَضَةِ فَمَا وَضَحَ إلَيْهَا وَجْهُ طَرِيقٍ، حَتَّي‌ أَعْرَضُوا عَنِ المُعَارَضَةِ بِالحُرُوفِ، إلَي‌ المُقَارَعَةِ بِالسُّيُوفِ، وَعَنِ المُقَاوَلَةِ بِاللِّسَانِ، إلَي‌ المُقَاتَلَةِ بِالسِّنَانِ، بَغْياً مِنْهُمْ وَحَسَداً، وَعِنَاداً وَلَدَداً. [8]

 وهو كلام‌ صائب‌ في‌ معرفة‌ القرآن‌ من‌ هذا الرجل‌ العالم‌ بالادب‌ والعربيّة‌، فقد مرّ علي‌ مجي‌ء القرآن‌ حتّي‌ اليوم‌ ألف‌ وأربعمائة‌ سنة‌، وهذا الكتاب‌ بأيدي‌ البشر يصرخ‌ تحدّياً أن‌ يأتي‌ أحد بمثله‌؛ وكان‌ أيسر لاعداء الاءسلام‌ وأقلّ مؤونة‌ وجهداً لو جلسوا في‌ البيوت‌ الآمنة‌ والجامعات‌ التي‌ تناطح‌ السحاب‌، وقبعوا في‌ الكنائس‌ والصوامع‌ وغيرها من‌ المعابد المخالفة‌ للاءسلام‌، فدعـوا اليـهود من‌ حفظة‌ التلمود، والنصـاري‌ المدافعـين‌ عن‌ مذهب‌ المسيحيّة‌، فعملوا كتاباً يماثل‌ القرآن‌ أو حتّي‌ سورة‌ كسوره‌، ولو استغرق‌ ذلك‌ منهم‌ قرناً من‌ الزمن‌، أو قرنين‌، أو ألفاً من‌ السنين‌؛ لكنّهم‌ عدلوا عن‌ هذا الطريق‌ السهل‌ اليسير وتنكّبوا عنه‌، وتوسّلوا بالحرب‌ والقتل‌ والنهب‌ والاءغارة‌ علي‌ المسلمين‌.

 وليست‌ الحروب‌ الصليبيّة‌ إلاّ أُنموذج‌ لذلك‌، وكلّ هذا القتل‌ الفجيع‌ الذي‌ يمارسه‌ اليهود والمسيحيّون‌ اليوم‌ بحقّ المسلمين‌ إلاّ نماذج‌ أُخر.

 فلماذا تنكّبوا عن‌ الطريق‌ الاسهل‌؟ أي‌ المجي‌ء بمثل‌ للقرآن‌؟ من‌ هنا فقد كان‌ القرآن‌ معجزة‌، وهو اليوم‌ معجزة‌، وهو غداً معجزة‌ أيضاً.

 هذا القرآن‌ معجزة‌ لا نّه‌ يُوصف‌ بأ نّه‌ ملي‌ء بالمجازات‌ التي‌ انتظمت‌ بين‌ آياته‌ من‌ أوّله‌ إلي‌ آخره‌، إلي‌ الحدّ الذي‌ دفع‌ السيّد الرَّضي‌ّ رحمة‌الله‌ عليه‌ ـجامع‌ « نهج‌ البلاغة‌ » ـ لتأليف‌ كتاب‌ مستقلّ في‌ مَجَازَات‌ القرآن‌ جمع‌ فيه‌ كلّ الآيات‌ التي‌ استُعملت‌ في‌ المجاز، وأوضح‌ فيه‌ النكات‌ البديعة‌ في‌ استعمال‌ هذه‌ المجازات‌. وقد أ لّف‌ السيّد الرضي‌ّ كذلك‌ كتاباً مستقلاّ في‌ مجازات‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ دعاه‌ بـ «المجازات‌ النبويّة‌».

 فاستعمال‌ الكلمة‌ المجازيّة‌ جائز في‌ اللغة‌، لا نّه‌ أبلغ‌ في‌ إيصال‌ المعني‌ من‌ استعمال‌ الكلمة‌ الحقيقيّة‌، ولذا فقد قيل‌: الكِنَايَةُ أَبْلَغُ مِنَ التَّصْرِيحِ، وَالمَجَازُ أَبْلَغُ مِنَ الحَقِيقَةِ، وَالاسْتِعَارَةُ أَبْلَغُ مِنَ التَّشْبِيهِ. [9]

 ويتّضح‌ ممّا قيل‌ أنّ الاستعارة‌ والمجاز ليسا كذباً، بل‌ عين‌ الحقيقة‌ والصدق‌ والصواب‌، فلا طريق‌ فيهما للكذب‌ والبطلان‌، ولا يمكن‌ لاحد توهّم‌ الكذب‌ والبطلان‌ فيهما. يقول‌ السكّاكي‌ّ إمام‌ المحقّقين‌ في‌ الادب‌ في‌ « مفتاح‌ العلوم‌ »:

 وَالاسْتِعَارَةُ لِبِنَاءِ الدَّعْوَي‌ فِيهَا عَلَی‌ التَّأْوِيلِ تُفَارِقُ الدَّعْوَي‌ البَاطِلَةَ، فَإنَّ صَاحِبَهَا يَتَبَرَّأُ عَنِ التَّأْوِيلِ. وَتُفَارِقُ الكِذْبَ بِنَصْبِ القَرِينَةِ المَانِعَةِ عَنْ إجْرَاءِ الكَلاَمِ عَلَی‌ ظَاهِرِهِ، فَإنَّ الكَذَّابَ لاَ يَنْصِبُ دَلِيلاً عَلَی‌ خِلاَفِ زَعْمِهِ؛ وَأَ نَّي‌ يَنْصِبُ وَهُوَ لِتَرْوِيجِ مَا يَقُولُ رَاكِبٌ كُلَّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ؟[10]

 وهو عائد للمعني‌ الكلّيّ للكذب‌ والمجاز بالتفصيل‌ الذي‌ ذكر، ممّا ينفي‌ أيّ مجال‌ لشبهة‌.

الرجوع الي الفهرس

نسبة الحقیقة و المجاز مع الصدق و الکذب: فی العموم و الخصوص من وجه واحد

 ويمكن‌ بعبارة‌ منطقيّة‌ القول‌ إنّ النسبة‌ بين‌ الحقيقة‌ والمجاز، وبين‌ الصدق‌ والكذب‌ هي‌ عموم‌ وخصوص‌ من‌ وجه‌، يعني‌:

 1 ـ يمكن‌ أن‌ يكون‌ الكلام‌ حقيقة‌ وصدقاً، كأن‌ تقول‌: جاء الامير، وتقصد بالامير نفس‌ الامير لا وزيره‌ أو وكيله‌، ويكون‌ الامير قد جاء حقّاً.

 2 ـ ويمكن‌ أن‌ يكون‌ الكلام‌ حقيقة‌ وكذباً، كأن‌ تقول‌: جاء الامير؛ ويكون‌ مرادك‌ بالامير نفس‌ الامير لا وزيره‌، لكنّ الامير لم‌ يكن‌ قد جاء بعد.

 3 ـ ويمكن‌ أن‌ يكون‌ الكلام‌ مجازاً وصدقاً، كقولك‌: جاء الامير؛ وقصدك‌ بالامير وزيره‌ لا نفسه‌، ويكون‌ الوزير قد جاء فعلاً.

 4 ـ ويمكن‌ أن‌ يكون‌ الكلام‌ مجازاً وكذباً، كقولك‌ جاء الامير، وقصدك‌ بالامير وزيره‌ لا نفسه‌، لكنّ الوزير لم‌ يكن‌ قد جاء بعد.

 وينبـغي‌ بالطـبع‌ نصب‌ قرينة‌ لفظـيّة‌ كلاميّة‌ في‌ الحالتَـين‌ الثالثة‌ والرابعة‌، أي‌ في‌ الاستعمال‌ المجازي‌ّ بصورتَيه‌ الصادقة‌ والكاذبة‌ علي‌ إرادتك‌ بلفظ‌ الامير وزيره‌، أي‌ علي‌ صرفك‌ اللفظ‌ عن‌ معناه‌ الظاهري‌ّ.

 لقد اتّضح‌ معني‌ المجاز جيّداً، وعلمنا أنّ القرآن‌ الكريم‌ ملي‌ء بالمجازات‌ والاستعارات‌ التي‌ هي‌ في‌ الحقيقة‌ مجازات‌ أيضاً؛ وأنّ آية‌: إِنَّهُ و لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ، [11] وآية‌: لاَ يَأْتِيهِ الْبَـ'طِلُ مِن‌ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِن‌ خَلْفِهِ[12] راسختان‌ رسوخ‌ الجبل‌ لا تتزعزعان‌؛ وأنّ مجي‌ء المجاز والاستعارة‌ في‌ القرآن‌ عين‌ الصواب‌ لا الباطل‌، وعين‌ الجدّ والاءحكام‌ لا الهزل‌؛ فلا حقّ للمتعلّم‌ في‌ علم‌ الكلام‌ أن‌ يتمرّد كما يشاء ويظهر النظر بلاتفكير أو ملاحظة‌ للغة‌ والمحاورة‌، وبلا حفظ‌ لظهورات‌ القرآن‌، وبلا أساس‌ ودليل‌ يستند عليه‌، فيُعلن‌ ـكما يحلو له‌ـ قبوله‌ لهذا القسم‌ ورفضه‌ لذاك‌، فالقرآن‌ ثابت‌ وراسخ‌ ومحكم‌، تترافق‌ معانية‌ الحقيقيّة‌ واستعاراته‌ وتتشاكل‌ وتتعاضد، وكلّها حقّ وصدق‌.

 وعلي‌ المرء أن‌ يتعرّف‌ علي‌ «معالم‌ الاُصول‌» و«المطوّل‌» للتفتازانيّ كحدّ أدني‌ ليفهم‌ معني‌ المجاز ولا يضعه‌ في‌ قالب‌ الكذب‌ وينسب‌ الكذب‌ إلي‌ الله‌ سبحانه‌.

 وأمّا آية‌: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن‌ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَ ' نَ شِيبًا. [13]

 فلا مجاز هناك‌ أبداً، بل‌ جعلُ الولدان‌ شيباً كناية‌ عن‌ شدّة‌ ذلك‌ اليوم‌. نعم‌، نسبة‌ الاتّقاء إلي‌ « يوم‌ » مجاز عقلي‌ّ، والمراد هو اتّقاء العذاب‌ الواقع‌ في‌ ذلك‌ اليوم‌، لا نفس‌ اليوم‌.

 وأمّا آية‌: فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن‌ يَقَضَّ فَأَقَامَهُ. [14]

 فنسبة‌ الاءرادة‌ إلي‌ الجدار مجاز، وقد ذكره‌ الزمخشريّ أيضاً في‌ « أساس‌ البلاغة‌ ».[15]

 وكما بيّنّا مفصّلاً فإنّ معني‌ المجاز خلاف‌ المعني‌ الحقيقيّ، فإرادة‌ الجدار هنا إرادة‌ لا كإرادة‌ الاءنسان‌، بل‌ جاءت‌ بمعني‌ إشرافه‌ علي‌ السقوط‌، وهذه‌ الكلمة‌ يُعَبَّر بها في‌ كثـير من‌ الموارد التي‌ يكـون‌ فيها الفعل‌ علي‌ وشك‌ التحقّق‌ والوقوع‌.

الرجوع الي الفهرس

شواهد السکاکی فی استعمال الأفعال فی المعانی المجازیة

 يقول‌ السكّاكي‌ّ: ومن‌ أمثلة‌ المجاز قوله‌ تعالي‌: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَهِ؛[16] استُعملت‌ قَرَأْتَ مكان‌ أَرَدْتَ القِرَاءَة‌، لكون‌ القراءة‌ مسبّبة‌ عن‌ إرادتها استعمالاً مجازيّاً بقرينة‌ الفاء في‌ فَاسْتَعِذْ، والسنّة‌ المستفيضة‌ بتقديم‌ الاستعاذة‌. ولا تلتفت‌ إلي‌ من‌ يؤخّر الاستعاذة‌ فذلك‌ لـ(ضِيق‌ العَطَن‌).

 وقوله‌: وَنَادَي‌' نُوحٌ رَّبَّهُ، [17] في‌ موضع‌ أَرَادَ نِدَاءَ رَبِّهِ، بقرينة‌: فَقَالَ رَبِّ.

 وقوله‌ تعالي‌: وَكَم‌ مِّن‌ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـ'هَا، في‌ موضع‌ أَرَدْنَا هَلاَكَهَا، [18]بقرينة‌ قوله‌ بعدها: فَجَآءَهَا بَأْسُنَا، والبأس‌ الاءهلاك‌.

 وكذلك‌ من‌ أمثلة‌ المجاز، قوله‌: وَحَرَ ' مٌ عَلَی‌' قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـ'هَا،[19] في‌ موضع‌ أَرَدْنَا هَلاَكَهَا، بقرينة‌ أَ نَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ، أي‌ عن‌ معاصيهم‌ للخذلان‌.

 ومنه‌: مَآ ءَامَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن‌ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـ'هَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ، [20] أي‌ أردنا إهلاكها، إذ معني‌ الآية‌: كلّ قرية‌ أردنا إهلاكها لم‌ يؤمن‌ أحد منهم‌، أفهؤلاء يؤمنون‌؟

 وما أدلّ نظم‌ الكلام‌ علي‌ الوعيد بالاءهلاك‌. أما تري‌ الاءنكار في‌ جملة‌ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ؟ لا يقع‌ في‌ المحز إلاّ بتقدير وَنَحْنُ عَلَی‌ أَنْ نُهْلِكَهُمْ؛ وإنّما حملت‌ الامتناع‌ من‌ أخذ قَرَأْتَ في‌ الآية‌ المباركة‌ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَهِ علي‌ المعني‌ الحقيقيّ علي‌ ضيق‌ العطن‌، لا نّه‌ متي‌ جري‌ فيما هو أبعد جرياً مستفيضاً يكاد يريك‌ من‌ إذا تكلّم‌ بخلافه‌ كمن‌ صلّي‌ لغير قبلة‌. أليس‌ كلّ أحد يقول‌ للحفّار: ضَيِّقْ فَمَ الرَّكِيَّةِ، وعليه‌ فقس‌.

 والتضييق‌ كما يشهد لك‌ عقلك‌ الراجح‌ هو التغيير من‌ السعة‌ إلي‌ الضيق‌، ولا سعة‌ هناك‌، إنّما الذي‌ هناك‌ هو مجرّد تجويز أن‌ يريد الحفّار التوسعة‌ فينزل‌ مجوّز مراده‌ منزلة‌ الواقع‌، ثمّ يأمره‌ بتغييره‌ إلي‌ الضيق‌، أما يجب‌ أن‌ يكون‌ في‌ الاقرب‌ أجري‌ وأجري‌، وأمثال‌ ذلك‌ ممّا تعدّي‌ الكلمة‌ بمعونة‌ القرينة‌ عن‌ معناها الاصليّ إلي‌ غيره‌ لتعلّق‌ بينهما. [21]

 لقد توسّعنا في‌ الاءجابة‌ عن‌ هذا الاءشكال‌ مع‌ إمكان‌ الردّ المختصر عليه‌، من‌ أجل‌ أن‌ يتّضح‌ الاساس‌ الفكري‌ّ والقيمة‌ العلميّة‌ لادعياء الفلسفة‌ في‌ جامعاتنا من‌ المتـربّين‌ في‌ أُوروبّا، الذين‌ يسـعون‌ بهذا المسـتوي‌ من‌ المعـلومات‌ السـير في‌ « بسـط‌ وقبض‌ نظـريّة‌ الشـريعة‌ » ويجـتهـدون‌ في‌ أحكامها، ويستبدلون‌ المعاني‌ القويمة‌ للقرآن‌ الكريم‌ بالمفاهيم‌ السطحيّة‌ والمبتذلة‌.

الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

 الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الارجاعات:


[1] ـ مقاله‌ «بسط‌ وقبض‌ تئوريك‌ شريعت‌»(= بسط‌ وقبض‌ نظريّة‌ الشريعة‌) العدد 50، أُرديبهشت‌ ماه‌(الشهر الثاني‌ من‌ الشهور الاءيرانيّة‌» 1367 ه ش‌. رقم‌ 2، ص‌ 17، العمود الثاني‌.

 [2] ـ الآيتان‌ 3 و 4، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌ بهذا الشكل‌: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَب'ةَ وَالاءنْجِيلَ * مِن‌ قَبلُ هُدًي‌ لِلنَّاسِ. وليس‌ لدينا في‌ القرآن‌ مطلقاً آية‌ حول‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ فيها عبارة‌: مُصَدِّقَاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالاءنجِيلِ.

 [3] ـ كتاب‌ «راه‌ طي‌ شده‌»(= الطريق‌ المطوي‌ّ) هامش‌ ص‌ 29 و 30، الطبعة‌ الاُولي‌، سنة‌ 1327 شمسيّة‌.

 [4] ـ مقالة‌ «بسط‌ وقبض‌ تئوريك‌ شريعت‌»(= بسط‌ وقبض‌ نظريّة‌ الشريعة‌) مجلّة‌ «كيهان‌ فرهنگي‌»، العدد 50، اُرديبهشت‌ ماه‌ 1367، رقم‌ 2، ص‌ 17، العمود الثالث‌. 

[5] ـ جري‌ بحث‌ الحقيقة‌ والمجاز بإسهاب‌ كافٍ في‌ حاشية‌ الشيخ‌ جواد الطارمي‌ّ علي‌ «قوانين‌ الاُصول‌». 

[6] ـ الاستعارة‌ هي‌ في‌ الحقيقة‌ مجاز، والفرق‌ بينها وبين‌ التشبيه‌، وجوب‌ ذكر أدوات‌ التشبيه‌ في‌ التشبيه‌، مثل‌: زيد كالاسد، وعدم‌ وجوب‌ ذكرها في‌ الاستعارة‌؛ والاستعارة‌ هي‌ ذكر أحد جانبي‌ التشبيه‌ بقصد الجانب‌ الآخر مع‌ ادّعاء دخول‌ المشبَّه‌ في‌ جنس‌ المشبَّه‌ به‌ بإثبات‌ بعض‌ مختصّات‌ المشبّه‌ به‌ للمشبَّه‌. وهي‌ علي‌ نوعين‌: استعارة‌ مصرّح‌ بها، واستعارة‌ بالكناية‌. فأُولاهما: هي‌ أن‌ يكون‌ الجانب‌ المذكور من‌ جانبَي‌ التشبيه‌ هو المُشَبَّه‌ به‌، كقولك‌: رَأَيْتُ أَسَداً فِي‌ الحَمَّامِ؛ فالمراد من‌ الاسد هو الرجل‌ الشجاع‌.

والثاني‌: أن‌ يكون‌ المشبَّه‌ هو جانب‌ التشبيه‌ الذي‌ يجري‌ ذكره‌، مثل‌: وَإذَا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا؛ فقد شُبِّهت‌ المنيّة‌ بحيوان‌ مفترس‌، مع‌ ذكر المشبَّه‌ وهو المنيّة‌.

 يقول‌ السكّاكي‌ّ في‌ «مفتاح‌ العلوم‌» ص‌ 198 و 199 في‌ علم‌ البيان‌:

 تنقسم‌ الاستعارة‌ المصرّح‌ بها إلي‌ قسمين‌: تحقيقيّة‌ وتخييليّة‌، والمراد بالتحقيقيّة‌ أن‌ يكون‌ المشبّه‌ المتروك‌ شيئاً متحقّقاً أمّا حسّيّاً وأمّا عقليّاً، والمراد بالتخييليّة‌ أن‌ يكون‌ المشبّه‌ المتروك‌ شيئاً وهميّاً محضاً لا تحقّق‌ له‌ إلاّ في‌ مجرّد الوهم‌. ثمّ تقسم‌ كلّ واحدة‌ منهما إلي‌ قطعيّة‌: وهي‌ أن‌ يكون‌ المشبّه‌ المتروك‌ متعيّن‌ الحمل‌ علي‌ ما له‌ تحقّق‌ حسّيّ أو عقليّ أو علي‌ ما لا تحقّق‌ له‌ البتّة‌ إلاّ في‌ الوهم‌؛ وإلي‌ احتماليّة‌: وهي‌ أن‌ يكون‌ المشبّه‌ المتروك‌ صالح‌ الحمل‌ تارةً علي‌ ما له‌ تحقّق‌ وأُخري‌ علي‌ ما لا تحقّق‌ له‌، فإن‌ عددنا قسمي‌ الاحتماليّة‌ تحقيقيّة‌ وتخييليّة‌ قسماً واحداً فإنّ مجموع‌ أقسام‌ الاستعارة‌ ستكون‌ أربعة‌:

 1) الاستعارة‌ المصرّح‌ بها التحقيقيّة‌ القطعيّة‌.

 2) الاستعارة‌ المصرّح‌ بها التخييليّة‌ القطعيّة‌.

 3) الاستعارة‌ المصرّح‌ بها الاحتماليّة‌ مع‌ الاحتمال‌ للتحقيق‌ والتخييل‌.

 4) الاستعارة‌ بالكناية‌.

 ثمّ إنّ الاستعارة‌ ربّما قُسِّمت‌ إلي‌ أصليّة‌ وتبعيّة‌؛ والمراد بالاصليّة‌ أن‌ يكون‌ معني‌ التشبيه‌ داخلاً في‌ المستعار دخولاً أوّليّاً؛ والمراد بالتبعيّة‌ أن‌ لا يكون‌ داخلاً دخولاً أوّليّاً؛ وربّما لحقها التجريد فسمّيت‌ مجرّدة‌، أو الترشيح‌ فسمّيت‌ مرشّحة‌، وعلي‌ هذا فيصبح‌ مجموع‌ أقسام‌ الاستعارات‌ ثمانية‌.

 ثمّ يشرع‌ السكّاكي‌ّ في‌ الكلام‌ مفصّلاً في‌ كلٍّ من‌ هذه‌ الاقسام‌.

 [7] ـ الآية‌ 44، من‌ السـورة‌ 11: هود، التي‌ خصِّـصت‌ لتصـوير نهاية‌ طوفان‌ نوح‌ عليه‌ السلام‌.

 ولقد بحث‌ السكّاكيّ في‌ «مفتاح‌ العلوم‌» في‌ علم‌ البيان‌ عن‌ فصاحة‌ وبلاغة‌ هذه‌ الآية‌ فقط‌ من‌ ص‌ 221 إلي‌ 224.

 وأورد بالتفصيل‌ مطالب‌ نفيسة‌ من‌ جهات‌ أربع‌: من‌ جهتي‌ علم‌ البيان‌ وعلم‌ المعاني‌ وهذان‌ العلمان‌ مرجع‌ البلاغة‌، وكذلك‌ من‌ جهتي‌ الفصاحة‌ المعنوية‌ والفصاحة‌ اللفظيّة‌.

 [8] ـ «مفتاح‌ العلوم‌» ص‌ 2.

 [9] ـ جاء في‌ كتاب‌ «نِقَايَةُ القُرَّاء» للسيوطي‌ّ: وَهِيَ وَالمَجَازُ وَالاسْتِعَارَةُ أَبْلَغُ مِنَ الحَقِيِقَةِ وَالتَّصْرِيحُ وَالتَّشْبِيهُ. ثمّ يقول‌ في‌ شرحه‌ الذي‌ كتبه‌ عليها وسمّاه‌ بـ«إتمام‌ الدراية‌ لقرّاء النقاية‌»:

 وهذه‌ العبارة‌ لفّ ونشر مشوّش‌، أي‌ الكناية‌ أبلغ‌ من‌ التصريح‌، لانّ الانتقال‌ فيها من‌ الملزوم‌ إلي‌ اللازم‌ فهو كدعوي‌ الشي‌ء ببيّنة‌، والمجاز أبلغ‌ من‌ الحقيقة‌ لذلك‌، والاستعارة‌ أبلغ‌ من‌ التشبيه‌ لا نّها مجاز وهو حقيقة‌.(«كتاب‌ إتمام‌ الدراية‌ لقرّاء النقاية‌» بهامش‌ «مفتاح‌ العلوم‌» للسكّاكيّ ص‌ 161، الطبعة‌ الاُولي‌).

 [10] ـ «مفتاح‌ العلوم‌» ص‌ 198، الطبعة‌ الاُولي‌، المطبعة‌ الادبيّة‌، مصر.

 [11] ـ الآيتان‌ 13 و 14، من‌ السورة‌ 86: الطارق‌.

 [12] ـ الآية‌ 42، من‌ السورة‌ 41: فصّلت‌.

 [13] ـ الآية‌ 17، من‌ السورة‌ 73: المزّمّل‌.

 [14] ـ الآية‌ 77، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌. 

[15] ـ «أساس‌ البلاغة‌» ص‌ 184، مادّة‌ رَوَدَ، العمود الاوّل‌. 

[16] ـ صدر الآية‌ 98، من‌ السورة‌ 16: النحل‌.

 [17] ـ صدر الآية‌ 45، من‌ السورة‌ 11: هود.

 [18] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

 [19] ـ الآية‌ 95، من‌ السورة‌ 21: الانبياء. 

[20] ـ الآية‌ 6، من‌ السورة‌ 21: الانبياء. 

[21] ـ «مفتاح‌ العلوم‌» ص‌ 195، باب‌ المجـاز اللغـوي‌ّ في‌ مبحـث‌ علم‌ البيان‌. الطـبعة‌ الاُولي‌.

الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

 الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com