بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب الشمس الساطعة / القسم الحادی عشر: اول ما خلق الله، تاثیر الدعاء، عالم البرزخ، الرویبضة، الدجال، یاجوج و ماجوج، الابجد...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

في‌:  أوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ

 التلميذ:  ورد في‌ لسان‌ الشرع‌ انّ هذه‌ الروح‌  أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ؛  فهل‌ تعني‌ الحجاب‌ الاقرب‌؟ و هل‌ تمثّل‌ في‌ الفلسفة‌ العقل‌ الاوّل‌؟

 العلاّمة‌:  ورد في‌ الروايات‌ التعبير ب « أَوَّلُ مَا خَلَق‌ اللَهُ » عن‌ عدّة‌ أشياء: أَوَّلُ مَا خَلَق‌ اللَهُ نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ؛  أو أوّل‌ ما خلق‌ العقل‌، أو الماء، أو اللوح‌، أو القلم‌. و أتصوّر أنّ الاقوي‌ و الاوضح‌ من‌ بين‌ هذه‌ الاحاديث‌ هو:  أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ.

 و ورد في‌ آخر سورة‌ الشوري‌ (ح´م´س´ق‌´):

 وَ كَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحًا مِّن‌ أمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي‌ مَا الْكِتَـ'بُ وَ لاَ الإيمَنُ وَلَـ'كِن‌ جَعَلْنَـ'هُ نُورًا نَّهْدِي‌ بِهِ مَن‌ نَّشَآءُ مِن‌ عِبَادِنَا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي‌´ الی صِرَاطٍ مُّستَقِيمٍ. [1]

 حيث‌ يتسنتج‌ منه‌ انّ دراية‌ الإيمان‌ و الكتاب‌ كانت‌ بواسطة‌ إيحاء الله‌ الروحَ لرسوله‌، و ذلك‌ بواسطة‌ اتّصال‌ روح‌ النبيّ بذلك‌ الخلق‌ الاعظم‌ (الروح‌)؛ و تبعاً لذلك‌ فانّ روح‌ رسول‌ الله‌ قد وُجدت‌ من‌ هناك‌، و هي‌ أوّل‌ ما خلق‌ الله‌ تعالي‌.

 و يمكن‌ في‌ لسان‌ الحكمة‌ اعتبار العقل‌ الاوّل‌ ممثّلاً للروح‌، ولكن‌ بشرط‌ عدم‌ مصادرة‌ خصائصه‌، أي‌ بشرط‌ بقائه‌ علی ذلك‌ التجرّد و الإطلاق‌، و الاّ لما كان‌ عقلاً أوّلاً. ثم‌ انّه‌ كلّما تنزّل‌ و وجد تعيّناً أكثر، كان‌ عقولاً أخري‌؛ و كلّما تنزّل‌ أكثر، زاد فقدانه‌ لسعته‌ و إطلاقه‌.

 و لقد وصلت‌ روح‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌ في‌ مرتبة‌ قوس‌ الصعود الی المكان‌ الذي‌ وُجدت‌ فيه‌ و هيبطت‌ منه‌، و هو الروح‌؛ لانّ اْئل‌ ما خلق‌ الله‌ نور رسول‌ الله‌، و هو نفسه‌ الروح‌. ثم‌ انّها طوت‌ العوالم‌ بعد ذلك‌ في‌ قوس‌ النزول‌، فوصلت‌ الی عالم‌ الطبع‌ و المادّة‌، ثم‌ انّها تصل‌ بعد ذلك‌ الی ذلك‌ الموضع‌ الاوّل‌ بواسطة‌ طيّ قوس‌ الصعود، فيتّحد الازل‌ و الابد.

 و هكذا تنزل‌ هذه‌ الروح‌ حتّي‌ تصل‌ الی عالم‌ المادّة‌، فتصبح‌ مادّة‌ جزئيّة‌؛ ثمّ تبدأ بالحركة‌ الجوهريّة‌ و الرقيّ! تدريجاً باتّجاه‌ كما لها، لتصل‌ شيئاً فشيئاً الی ذلك‌ المعني‌ في‌ قوله‌:  أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ.

 فلم‌ يحصل‌ شي‌ء جديد مُستحدث‌، بل‌ ان‌ ذلك‌ هو الموجود فعلاً، و كلّما حدث‌ انّه‌ كان‌ له‌ نزول‌ و صعود.

 و في‌ هذه‌ الحال‌ فانّ تدبير أوضاع‌ العالم‌ من‌ جهة‌، و تدبير الملائكة‌ من‌ جهة‌ أخري‌، و تدخّل‌ الروح‌ من‌ جهة‌ ثالثة‌ أمرٌ في‌ منتهي‌ العجب‌، لخلّو هذه‌ الاعمال‌ من‌ التضادّ و التناقض‌، كما انّ نتيجة‌ عملها في‌ نشوء الحوادث‌ في‌ عالما لطبع‌ ممّا يحيّر الالباب‌ و يدهش‌ العقول‌.

 و ما أكثر الملائكة‌ الذين‌ ينبغي‌ تشغيلهم‌ في‌ أمر جزئي‌! إذ لو أُريد صناعة‌ ذرّة‌ واحدة‌ في‌ بدن‌ الانسان‌ أو في‌ موضع‌ آخر، فاستوجب‌ ذلك‌ عمل‌ مَلَك‌ واحد، فقيسوا آنذاك‌ كم‌ يوجد من‌ الذرات‌ في‌ بدن‌ الانسان‌، فسينبغي‌ ان‌ يوجد ملائكة‌ بعددها؛ فأيّ! قيامة‌ ستكون‌ حينذاك‌!

 ثم‌ انّ الملائكة‌ بدورهم‌ مختلفون‌، إذ يوجد ملائكة‌ لمنح‌ القدرة‌، و آخرون‌ لمنح‌ العلم‌ و غيره‌، و طائفةٌ حرس‌ و محافظون‌، و طائفة‌ يصّدون‌ البلايا و المحن‌ و يمنعونها من‌ إصابة‌ الانسان‌ و إيذائه‌، كما تتواجد مجاميع‌ مختلفة‌ من‌ الملائكة‌ لكلّا مر من‌ الامور. و باعتبار تعدّد جوانب‌ الانسان‌ المختلفة‌، فان‌ ملائكة‌ كثيرين‌ يختصّون‌ بكلّ أمر من‌ تلك‌ الامور. و لو تخطيّنا بدن‌ الإنسان‌ الواحد، فكم‌ سيصبح‌ العدد ـ يا تري‌ ـ بالنسبة‌ لابدان‌ جميع‌ البشر؟ و بالنسبة‌ للحيوانات‌ النباتات‌ و الجمادات‌؟ نعوذ بالله‌، أيّ عالمٍ هذا؟

 التلميذ:  أهناك‌ شي‌ء جامع‌ بين‌ جبرئيل‌ و ميكائيل‌ وا سرافيل‌ و عزرائيل‌؟ أي‌ هل‌ هناك‌ ـ غير الروح‌ ـ رئيس‌ يقوم‌ بإلهامهم‌، و يخضعون‌ لاوامره‌ كلاّ علی انفراد؟

 العلاّمة‌: الظاهر انّه‌ لا يوجد جامع‌ و رئيس‌ بين‌ الملائكة‌ الاِّبعة‌ المعروفين‌؛ و قد نُقل‌ في‌ ذلك‌ قدرٌ مختصر عن‌ جبرئيل‌؛ إذ ورد بيان‌ في‌ سورة‌ «عمّ» بالنسبة‌ الی جبرئيل‌. [2]   لكنّ الامر ـ مع‌ ذلك‌ ـ ليس‌ بعنوان‌ جامع‌، و لا يمكن‌ تسميته‌ كذلك‌، فكيفيّة‌ إحاطة‌ جبرئيل‌ بالملائكة‌ المؤتمرين‌ بأمره‌ ليست‌ بعنوان‌ جامع‌ و أفراد. (والله‌ هوا لمرشد وا لهادي‌، إذ نحن‌ عاجزون‌. إذ في‌ أيّ شي‌ءٍ يخوض‌ المرء مع‌ هذه‌ الاوضاع‌ والاحوال‌، و هذا الارتفاع‌ وا لتسافل‌ و هذا الصعود و هذا النزول‌؟ و بأيّ شي‌ءٍ ينشغل‌ العقل‌؟ و كيف‌ و بأيّ نحوٍ سيكون‌ عمله‌ أساساً؟ لستُ ـ واللهِ ـ أعلم‌).

 الرجوع الي الفهرس

كيفيّة‌ تأثير الدعاء و عمل‌ سلسلة‌ الملائكة‌ الالهيّين‌ في‌ استجابة‌ الدعاء

 التلميذ:  يدعو الإنسان‌ أحياناً فيُستجاب‌ له‌، فيدعو ـ مثلاً ـ لتخضرّ هذه‌ الروضة‌ و تصبح‌ يانعة‌، أو لتنبع‌ المياه‌ في‌ بئر ناضبة‌، أو ليشفي‌ هذا المريض‌، و أمثال‌ ذلك‌ من‌ الادعية‌، فيُسخّر ـ بواسطة‌ هذا الدعاء ـ عدّة‌ آلاف‌ من‌ الملائكة‌ بإنشائه‌ و تنظيمه‌ و إجابته‌، و فيتحقّق‌ ذلك‌ الامر في‌ النهاية‌ بإذن‌ الله‌ تعالي‌. أي‌ انّ جميع‌ هذه‌ الاعمال‌ تخضع‌ لرقابة‌ طوائف‌ مختلفة‌ من‌ الملائكة‌ يقومون‌ بإنجازنها و منحها صورة‌ التحقّق‌ الخارجي‌ العيني‌ أفيمكن‌ القول‌ بأن‌ هؤلاء الملائكة‌ مؤتمورن‌ بأمر الإنسان‌، و مسخّرون‌ لامر الداعي‌؟

 العلاّمة‌:  التعبير الافضل‌ أن‌ نقول‌ بأنّهم‌ ليسوا مؤتمرين‌ بأمر الإنسان‌، بل‌ هم‌ مؤتمرون‌ بأمر الله‌ في‌ إجابة‌ الادعية‌ التي‌ يدعوها الإنسان‌.

 التلميذ:  حسب‌ بيانكم‌ الذي‌ تفضّلتم‌ به‌ سابقاً في‌ كيفيّة‌ نشوء الوحدة‌ في‌ الكثرة‌، و الذي‌ ضربتم‌ فيه‌ مثالاً بآية‌:  اللَهُ يَتَوَفَّي‌ الاْنفُسَ حِينَ مَوْتِهزا  و آية‌: يَتَوَفَّـ'كُم‌ مَّلَكَ الْمَوْتِ  و آية‌: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا  في‌ انّ الفعل‌ فعل‌ الله‌، و لكن‌ ـ و في‌ نفس‌ الوقت‌ ـ فإن‌ المحقّق‌ لذلك‌ العمل‌ هو ملك‌ الموت‌ ـ بإذن‌ الله‌ ـ و سائر الملائكة‌ ـ بإذن‌ ملك‌ الموت‌.

 أفيمكن‌ القول‌ ـ بهذا النظر للوحدة‌ في‌ الكثرة‌ ـ بشأن‌ اولئك‌ الملائكة‌ العاملين‌ اثر دعاء الإنسان‌ لتحقيق‌ ذلك‌، بأنّهم‌ مؤتمرون‌ للإنسان‌، و مؤتمرون‌ بأمر الداعي‌ و المتضرّع‌ الی الله‌؟

 العلاّمة‌:  بلي‌، هو أيضاً أحد التعابير، إن‌ اكتمل‌ فانّه‌ سيكون‌ كذلك‌؛ ذلك‌ لانه‌ في‌ نهاية‌ المطاف‌:  لَيْسَ فِي‌ الدَّارِ غَيْرَهُ دَيَّارُ.  و حين‌ يختصّ عالم‌ الوجود بشكل‌ مطلق‌ بالله‌ تعالي‌، و حين‌ لا يكون‌ موجود في‌ العالم‌ ذا اثر الاّ بإذن‌ الله‌ و إرادته‌؛ فكلُّ أثر نراه‌ من‌ الموجودات‌ المختلفة‌ آنذاك‌ هو في‌ النهاية‌ لله‌ و من‌ الله‌ تعالي‌.

 التلميذ:  قد يتمنّي‌ الانبياء و الاولياء شيئاً في‌ أعماق‌ قلوبهم‌، دون‌ أن‌ يريدون‌ و يدعوا لاجله‌، و دون‌ أن‌ يلفظوا به‌؛ بل‌ بمجرّد تعلّق‌ رغبتهم‌ القلبيّة‌ وا لباطنية‌ بذلك‌ الشي‌؛ ثم‌ يُشاهد من‌ ثمّ انّ ذلك‌ الامر يتحقّق‌ في‌ا لخارج‌ تلقائيّاً. أي‌ انّ مجرّد إرادتهم‌ و رغبتهم‌ الباطنيّة‌ تلك‌ تسخّر في‌الخارج‌ تلك‌ السلسلة‌ من‌ جهاز الملائكة‌. بينما يُشاهد أحياناً أخري‌ انّ الرغبة‌ الباطنيّة‌ لا تؤثر حتّي‌ لو اقترفت‌ بالادعية‌ الخارجيّة‌، و انّ ما يتعلّق‌ بنيّتهم‌ ـ مع‌ خصوص‌ ذلك‌ الكيف‌ و الكم‌ ـ لا يتحقّق‌ في‌ الخارج‌.

 أفيمكن‌ القول‌ انّ دعاءهم‌ و رغبتهم‌ تتعارض‌ آنذاك‌ مع‌ دعاء نفس‌ أو نفسو أخري‌، بحيث‌ لا يدع‌ ذلك‌ التعارض‌ ـ بلحاظ‌ قوّة‌ تلك‌ النفس‌ أو بلحاظ‌ تعدا النفوس‌ ـ تلك‌ الرغبة‌ تتحقّق‌ في‌ عالم‌ المعني‌؟

 و قد شوهد كثيراً بطبيعة‌ الحال‌، بالنسبة‌ لغير الانبياء و الاولياء، انّهم‌ يريدون‌ تحقّق‌ أمرٍ ما، فيتعارض‌ ذلك‌ مع‌ إرادة‌ نفس‌ أقوي‌ تتعلّق‌ بعدم‌ وقوع‌ ذلك‌ العمل‌ خارجاً، و تبعاً لذلك‌ فإنّ هاتين‌ الإرادتين‌ المتضادّتين‌ تحرّكان‌ و تُثيران‌ مجموعتين‌ من‌ الملائكة‌ للقيام‌ بذلك‌ بإذن‌ الله‌ تعالي‌، ثم‌ يتقدّم‌ الا8قوي‌ و الانزه‌ منهما، فتتقدّم‌ بالنتيجة‌ تلك‌ الطائفة‌ من‌ ملائكة‌ في‌ العمل‌ علی الطائفة‌ الاخري‌، و يتحقّق‌ في‌ الخارج‌ ذلك‌ العمل‌ الذي‌ تعلّقت‌ به‌ نيّة‌ الإنسان‌.

 العلاّمة‌:  بلي‌، انّها ممكنة‌ بأجمعها، و لدينا آية‌ في‌ سورة‌ الرعد دالّة‌ علی هذا المعني‌. [3]

 التلميذ:  لقد كان‌ عشقكم‌ للفلسفة‌ أكثر في‌ السابق‌ منه‌ حاليّاً، أمّا الآن‌ فلكم‌ التفات‌ و عناية‌ زائدتان‌ بالقرآن‌ الكريم‌؛ و كنتم‌ لا. تشحّون‌ عن‌ إظهار بعض‌ الحالات‌ الشخصيّة‌ من‌ المكاشفات‌ و الواردات‌ القلبيّة‌، امّا الآن‌ فالوضع‌ في‌ غاية‌ الغرابة‌ و العجب‌، فقد أغلقتم‌ الابواب‌ بإحكام‌! فما الامر؟

 العلاّمة‌:  لقد انكسر ذلك‌ الإبريق‌، و انكفأت‌ تلك‌ الكأس‌؛ فالحال‌ المزاجيّة‌، و خاصّة‌ النسيان‌ الذي‌ غلب‌ عليّ، يمنعاني‌ من‌ القيام‌ بأعمالي‌، و لست‌ قادراً علی العمل‌ بعد.

 و لديّ ـ بحمد الله‌ ـ التفاتٌ الی القرآن‌ الكريم‌، إن‌ عدّه‌ اللهُ شيئاً:؛ امّا أمر النسيان‌ الكليّ العجيب‌ الذي‌ طرأ عليّ، فيُضايقني‌ بشدّة‌، فلقد كنت‌ مشغولاً في‌ المطالعة‌ و الكتابة‌ ليل‌ نهار تقريباً، الاّ ماشدّ و ندر؛ أمّا عدا ذلك‌ فكنت‌ مشغولاً نوعاً ما، أكتب‌ و أفكّر و أطالع‌؛ فسُلب‌ منّي‌ ذلك‌ كلّه‌ الآن‌، فليس‌ لديّ من‌ ثمّ مطالعة‌ و لا كتابة‌!

 التلميذ:  إنّه‌ كمالٌ آخر، لانّ التوغّل‌ في‌ الامور الكليّة‌ يوجب‌ الإنصراف‌ عن‌ الجزئيّات‌، مثل‌ عوالم‌ الخَلسة‌ والجذب‌ لتلك‌ الروح‌ الكليّة‌.

 العلاّمة‌:  أفهذا كمال‌؟! بنفسي‌ الكمال‌ الذي‌ يمنحه‌ الله‌! لا اعتراض‌ لدينا، و لكن‌ أهكذا كمال‌؟ بل‌ هو نسيان‌.

 انّ كلامكم‌ حقّ بأجمعه‌، لكنّ ما أفهمه‌ أنّ الامر لا يعدو النسيان‌، فهناك‌ غالباً حالة‌ نُعاس‌ في‌ أعيني‌، لكأنّ أعيني‌ مشحونة‌ بالنعاس‌ و الغُبار، لكنّي‌ ـ في‌ الوقت‌ نفسه‌ ـ أحاول‌ النوم‌ فلا أنام‌، فأنا باستمرار في‌ حالة‌ غريبة‌؛  الخَيْرُ فِيمَا وَقَعَ.

 انّ ما.قطع‌ به‌ هو انّ هذه‌ الحال‌ ليست‌ كأحوال‌ الخَلْسة‌، بل‌ هي‌ انقباض‌ معيّن‌ في‌ حالي‌؟، و خاصّة‌ حالة‌ النعاس‌ في‌ الاعين‌. و ينبغي‌ الدعاء إن‌ شاء الله‌، والله‌ هو المنّان‌، امّا نحن‌ فليس‌ في‌ أيدينا شي‌ء.

 الرجوع الي الفهرس

عالم‌ البرزخ‌ لجميع‌ الناس‌، و لا اختصاص‌ له‌ بمن‌ محضوا الإيمان‌ أو محضوا الكفر

 شخصٌ ثالث‌:  هل‌ عالم‌ البرزخ‌ لعموم‌ الناس‌، أم‌ هو لمن‌ محضوا الإيمان‌ و من‌ محضوا الكفر! ثمّ انّ احدي‌ الآيات‌ التي‌ يُستدلّ بها علی البرزخ‌ هذه‌ الآية‌: وَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. [4]

 فهل‌ يمكن‌ الإستفادة‌ من‌ هذه‌ الآية‌ التي‌ تجعل‌ رزق‌ أهل‌ البرزخ‌ للذين‌ قُتلوا في‌ سبيل‌ الله‌، في‌ أنّ البرزخ‌ ليس‌ لعموم‌ الناس‌؟

 العلاّمة‌:  هذا المعني‌ موجود في‌ بعض‌ الروايات‌، في‌ أنّ البرزخ‌ مختصٌ بالكاملين‌، و انّه‌ ـ باختصار ـ مختصّ بأكملهم‌، أو حسب‌ التعبير الخاصّ بمن‌ كمل‌ في‌ الإيمان‌ و بمن‌ كمل‌ في‌ الكفر. فالبرزخ‌ لهاتين‌ الطائفتين‌، امّا الطائفة‌ الثالثة‌ الذين‌ ليسوا ممّن‌  مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضَاً وَ مَحَضَ الإسلام مَحْضاً  فلا برزخ‌ لهم‌. و تبعاً لهذه‌ الروايات‌ فانّ البرزخ‌ مختصّ بالكاملين‌ من‌ أهل‌ الاسلام‌ و من‌ أهل‌ الكفر.

 كما انّ لدينا في‌ بعض‌ الروايات‌ الاخري‌ انّ البرزخ‌ ليس‌ مختصّاً بهؤلاء، بل‌ الجميع‌ شركاء في‌ البرزخ‌، و علی جميع‌ الافراد أن‌ يطووا عالم‌ البرزخ‌ بعد موتهم‌، ثم‌ يعبرونه‌ باتّجاه‌ القيامة‌. و آية‌  «وَ لاَ تَحْسَبَنَّ»  لا تمتلك‌ مفهوماً دالاً علی أنّ غير الشهداء في‌ سبيل‌ الله‌ لا يُرزقون‌ في‌ عالم‌ البرزخ‌.

 و ذلك‌ أوّلاً: لان‌ تتمّة‌ هذه‌ الآية‌ تقول‌:  فَرِحِينَ بِمَا ءَاتَـ'هُمُ اللَهُ مِن‌ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم‌ مِّن‌ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. [5]

 و هي‌ دالّة‌ علی أنّهم‌ يستبشرون‌ بالذين‌ لم‌ يلحقوا بهم‌؛ و معلوم‌ انّ  (الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ)  ليسوا خصوص‌ الشهداء، بل‌ الآية‌ مُطلقة‌ لجميع‌ المؤمنين‌ الذين‌ لا يزالون‌ أحياء.

 الرجوع الي الفهرس

عموميّة‌ البرزخ‌ لجميع‌ الافراد، و ظهوره‌ بعد الموت‌ مباشرة‌

  و ثانياً: لانّ لدينا آيتين‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ لهما دلالة‌ علی انّ البرزخ‌ للجميع‌، و انّ الناس‌ يردون‌ ذلك‌ العالم‌ بعد موتهم‌ مباشرة‌.

 الاولي‌: في‌ سورة‌ «يس‌»؛ حيث‌ أرسل‌ عيسي‌ علی نبيّنا و آله‌ و عليه‌ السلام‌ نفرين‌ من‌ الانبياء الی مدينة‌ أنطاكية‌ لدعوة‌ أهلها، فذهبا و دعواهم‌ فكذّبوهما، فجاء ـ اثر تكذيبهم‌ بالرسولين‌ ـ رجلٌ من‌ أقصي‌ المدينة‌ لمساعدة‌ ذينك‌ الرسولين‌:

 وَ جَاءَ مِن‌ أَقْصَي‌ الْمِدينَةِ رَجُلٌ يَسْعَي‌ قَالَ يَـ'قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. [6]

 فوعظ‌ الناس‌ و نصحهم‌، ثم‌ قال‌ أخيراً:  إِنِّي‌ ءَامَنّتُ بِرَبِّكُمْ فَأسْمَعُونِ. [7]

 فما كان‌ منهم‌ الاّ أن‌ قتلوا ذلك‌ الرجل‌ المؤمن‌ بالله‌. ثم‌ يقول‌ القرآن‌ في‌ هذا الموضع‌:  قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَـ'لَيْتَ قَوْمِي‌ يَعْلَمُونَ  بِمَا غَفَرَ لِي‌ رَبِّي‌ وَ جَعَلَني‌ مِنَ الْمُكْرَمِينَ. [8]

 حيث‌ قيل‌ له‌ هنا بمجرّد قتله‌: ادخل‌ الجنّة‌. فقال‌: يـ'لَيت‌ قومي‌ يعلمون‌ بما غفرلي‌ ربّي‌ و جعلني‌ من‌ المكرمين‌.

 الثانية‌: في‌ سورة‌ نوح‌، و هي‌ نظير هذه‌ الآية‌ الاولي‌ التي‌ ذكرناها و لكن‌ في‌ الجهة‌ المعاكسة‌. فقد كانت‌ تلك‌ في‌ شأن‌ رجل‌ مؤمن‌، امّا هذه‌ ففي‌ الكفّار و المترّدين‌. فقد ورد في‌ سورة‌ نوح‌:

 مِمَّا خَطِي´ئَ'تِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا. [9]

 لقد هلك‌ قوم‌ نوح‌ اثر معاصيهم‌ و فسقهم‌ و فجورهم‌ و غرقوا، فدخلوا النار بعد غرقهم‌ مباشرة‌. يقول‌ هنا:  فأُدْخِلُوا نَارًا، أي‌ بلا مهلة‌ و لا تأخير.

 و يستفاد من‌ معظم‌ الروايات‌ المستفيضة‌ و المشهورة‌ انّ البرزخ‌ لجميع‌ أقسام‌ الكفّار و المسلمين‌، سواءً لاهل‌ الكمال‌ منا لسعادة‌ و الشقاء، أو للمتوسّطين‌ فيهما.

 و لدينا بعض‌ الروايات‌ تخالفها، بيد انّه‌ غير معتمدة‌. هذا و قد قال‌ الشيخ‌ المفيد بهذا القول‌:  لاَ يُسْئَلُ فِي‌ القَبْرِ إِلاَّ مَن‌ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أَوْ مَن‌ مَحَضَ الكُفْرَ مَحْضًا وَ الآخَرُونَ يُلْهَي‌ عَنْهُمْ. [10]

 التلميذ:  أيستفاد من‌ لفظ‌  أُعِدَّت‌  في‌ الآية‌ المباركة‌:

 وَ سَارِعُوا الی مَغْفِرَةٍ مِّن‌ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَواتُ وَ الاْرْضُ أُعِدَّتْ لِلّمُتَّقِينَ. [11]

 انّ الجنّة‌ موجودة‌ الآن‌؟

 العلاّمة‌:  الآية‌ لا تخلو من‌ هذه‌ الدلالة‌.

 التلميذ:  فكيف‌ تنسجم‌ مع‌ تجسّد الاعمال‌ حينذاك‌؟ إذ يجب‌ أن‌ يذنجز العمل‌ لتوجد ـ من‌ ثمّ ـ جنّةٌ و نار؟

 العلاّمة‌:  و لكنّ لدينا أمراً آخر أيضاً فقد جاء في‌ القرآن‌ الكريم‌:

 لَقَدْ كُنتَ فِي‌ غَفْلَةٍ مِّن‌ هَـ'ذَا فَكَشْفنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ. [12]

 و هذه‌ الآية‌ تُثبت‌ انّ ما سيُشاهد يوم‌ القيامة‌ كان‌ موجوداً في‌ الدنيا و مشهوداً أيضاً؛ غاية‌ الامر أنّه‌ كان‌ مغفولاً عنه‌. لذا فانّ ما لدينا بإسم‌ الجنّة‌ أو النار قد تحقّق‌ في‌ الدنيا، و كان‌ الإنسان‌ يشاهده‌، لكنّه‌ كان‌ غافلاً في‌ مشاهدته‌، و كان‌ غافلاً عن‌ الحقيقة‌ و الامر الواقع‌ في‌ الخارج‌.

 و بناءً علی هذا فانّ هناك‌ جنّةً و جهنّماً في‌ الدنيا أيضاً، غاية‌ الامر انّ الناس‌ غافلون‌ عنهما. فهما ـ إذاً ـ ثابتان‌، الجنّة‌ و جهنّم‌ كلاهما، و قد قيل‌ في‌ قصّة‌ مؤمن‌ آل‌ ياسين‌ انّه‌ دخل‌ الجنّة‌ بمجرّد قتله‌، و انّ قوم‌ نوح‌ دخلوا النار بمجرّد غرقهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

حول‌ تكلّم‌ الرويبضة‌، و ظهور الدجّال‌، و ظهور يأجوج‌ و مأجوج‌

 التلميذ:  ورد في‌ علامات‌ آخر الزمن‌:  وَ عِندَ ذَلِكَ يَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ؛ [13] فما المقصود بالرويبضة‌؟ و ما المقصود بالدجّال‌؟ و ما هي‌ كيفيّة‌ أحوال‌ يأجوج‌ و مأجوج‌ المذكورين‌؟

 العلاّمة‌:  ورد في‌ أشراط‌ الساعة‌، أي‌ علامات‌ القيامة‌، انّ الرويبضة‌ يتكلّم‌ عند ذلك‌؛ و الظاهر انّ المقصود بالوريبضة‌ اولئك‌ الذين‌ ليس‌ لهم‌ منزلة‌ و قُرب‌ في‌ المجتمع‌، و الذين‌ لايؤبه‌ بهم‌. و تكلّمهم‌ كناية‌ عن‌ إمساكهم‌ زمام‌ اُمور الناس‌ الاجتماعية‌ بأيديهم‌، و عن‌ رئاستهم‌ للناس‌.

 امّا بشأن‌ الدجّال‌ و هو الشخص‌ الكذّاب‌ المفتري‌، فهناك‌ روايات‌ كثيرة‌ تذكر انّه‌ يخرج‌ قبل‌ ظهور الهدي‌ أرواحنا فداه‌ فيضلّ الناس‌.

 أمّا عن‌ خصائصه‌ فقد وردت‌ روايات‌ لا يُعتدّ بها، مثل‌ انّ الدجال‌ شخص‌ يمتطي‌ حماراً و يسير فتسير معه‌ الجنّة‌ و النار الی يمينه‌ و يساره‌.

 و قد ورد  الدجّال‌  في‌ روايات‌ العامّة‌ أيضاً، كما رويت‌ ولادته‌ أيضاً، حتّي‌ انّه‌ روي‌ أنّ رسول‌ الله‌ قد أُخبر بذلك‌ فذهب‌ اليه‌، أو انّه‌ جاء بنفسه‌ الی الرسول‌، و ذكروا في‌ ذلك‌ كلاماً لا يُعتدّ به‌ بطبيعة‌ الحال‌، فقد قيل‌ ـ مثلاً ـ انّ طول‌ حماره‌ فرسخ‌ واحد؛ حمارٌ طوله‌ فرسخ‌!!

 امّا بشأن‌  يأجوج‌ و مأجوج‌، فالظاهر انّهم‌ طائفتان‌ من‌ الناس‌ يعيشون‌ عند سدّ جبل‌ القفقاز، و قد حال‌ بينهم‌ و بين‌ الهجوم‌ علی تلك‌ الاراضي‌، ذلك‌ السدُّ الذي‌ تدلّ الشواهد انّ ذا القرنين‌ قد بناه‌؛ و يقول‌ البعض‌ بأنّهم‌ طائفتان‌ من‌ المغول‌. و في‌ القرآن‌ الكريم‌ آية‌ في‌ أصل‌ يأجوج‌ و مأجوج‌، حتّي‌ انّها ذكرت‌ أنّهم‌ ينحدرون‌ من‌ كلّ حدب‌ و مرتفع‌:

 حَتَّي‌ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأجُوجُ وَ هُم‌ مِّن‌ كُلِّ حَدْبٍ يَنسِلُونَ.[14]

 أمّا الروايات‌ التي‌ وردت‌ في‌ خصائص‌ خلقتهم‌، مثل‌ انّ آذانهم‌ كبيرة‌ بحيث‌ يفترشون‌ احدهما فينامون‌ عليها و يلتحفون‌ بالاخري‌ فوقهم‌ دثاراً، فهي‌ روايات‌ العامّة‌، و جليّْ أنّها مختلفة‌ علی الظاهر و غير مقبولة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ نبيّاً لطائفة‌ الجنّ أيضاً

 التلميذ:  كيف‌ يكون‌ نبيّ طوائف‌ الجنّ بشراً؟ و ذلك‌ أوّلاً: لانّه‌ تبعاً لآيات‌ القرآن‌ الكريم‌، فانّ نبيّ كلّ فرقة‌ وطائفة‌ و سنخ‌ من‌ المخلوقات‌ يجب‌ أن‌ يكون‌ من‌ سنخ‌ تلك‌   الطائفة‌. و تبعاً لهذا الاساس‌ فانّ الله‌ سبحانه‌ يلزم‌ المشركين‌ في‌ القرآن‌ باتّباع‌ رسول‌ الله‌ لانّه‌ بشر؛ و يقول‌ القرآن‌ الكريم‌ في‌ الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌ في‌ جواب‌ المشركين‌ الذين‌ قالوا: لماذا لم‌ يختر الله‌ لرسالته‌ ملائكة‌ يبعثم‌ الی الناس‌:

 وَ لَوْ جَعَلْنَـ'هُ مَلَكًا لَجَعَلْنَـ'هُ رَجُلاً وَ لَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَّا يَلْبِسُونَ.

 و ثانياً: لانّ في‌ القرآن‌ آيات‌ صرحية‌ في‌ إيمان‌ الجنّ بالنبيّ الاكرم‌ و بالقرآن‌؛ كالآية‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 72: الجنّ.

 قُلْ أُحِيَ الی أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا  يَهْدِي‌´ الی الرُّشْدِ فَـَامَنَّا بِهِ  وَ لَن‌ نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا.

 و الآية‌ 13، من‌ نفس‌ السورة‌:

 وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَي‌ ءَامَنَّا بِهِ فَمَن‌ يُؤْمِن‌ بِرَبِّهِ  فَلاَ يَخَافُ بَخْسًا وَ لاَ رَهْقًا.

 و الآية‌ 29، من‌ السورة‌ 46: الاحقاف‌.

 وَ إِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُو´ا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوا الی قَوْمِهِم‌ مُّنذِرينَ  قَالُوا يَـ'قَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـ'بًا أُنزِلَ مِن‌ بَعْدِ مُوسَي‌' مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي‌´ الی الْحَقِّ وَ الی طِريقٍ مُّسْتَقِيمٍ  يَـ'قَوْمَنَآ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَهِ وَ ءَامِنُوا بِهِ يَغوفِرْ لَكُمْ مِّن‌ ذُنُوبِكُمْ وَ يَجِرْكُمْ مِّن‌ عَذَابٍ أَلِيمٍ  وَ مَن‌ لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ اللَهِ فَلَيْسَ بِمعْجِزٍ فِي‌ الاْرْضِ وَ لَيْسَ لَهُ مِن‌ دُونِهِ   أَوْلِيَآءُ أُولَـ'ئِكَ فِي‌ ضَلَـ'لٍ مُّبِينٍ.

 و أوضح‌ منها و أجلي‌، الآية‌ 33، من‌ السورة‌ 55: الرحمن‌:

 يَـ'مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الإنْسِ إِن‌ اسْتَطَعْتُمْ أَن‌ تَنفُذُوا مِن‌ أَقْطَارِ السزمَواتِ وَ الاْرْضِ فَأنفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَـ'نٍ.

 فقد خوطب‌ الجنّ و الإنس‌ في‌ هذه‌ الآية‌ القرآنيّة‌، و عُرّضوا للسؤال‌ و اللوم‌، و لو لم‌ يكن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ نبيّاً لطائفة‌ الجنّ، لما صحّ معاتبتهم‌ بكلام‌ القرآن‌ الكريم‌ الجاري‌ علی لسان‌ رسول‌ الله‌!

 العلاّمة‌:  بلي‌! الظاهر انّ نبيّ الجنّ من‌ الإنس‌. و قد صادف‌ إحضار جماعة‌ من‌ نفس‌ طائفة‌ الجنّ، فسُئلوا عن‌ هذا الامر، فقالوا: ليس‌ لنا نبيّ نحن‌ الجنّ، بل‌ ان‌ نبيّنا محمّد بن‌ عبدالله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌.

 التلميذ:  أيمكن‌ القول‌ انّ لكلا الإنسان‌ و الجنّ حكماً واحداً باعتبار انّهما كلاهما موجودان‌ ماديّان‌؛ غاية‌ الامر انّ الإنسان‌ من‌ التراب‌، و الجنّ من‌ الدخان‌ و النار، فهو غير محسوس‌ بالعين‌ العاديّة‌ من‌ شدّة‌ لطافته‌، و انّهما كلاهما من‌ سنخ‌ واحد، الاّ انّ الجنّ أضعف‌ من‌ الإنسان‌.

 العلاّمة‌:  لا يمكن‌ قول‌ شي‌ء آخر غير هذا لحلّ هذها لمسألة‌، لانّ نحو وجود الجنّ متطفّل‌ علی الإنسان‌، و من‌ أجل‌ الإنسان‌. و لذلك‌ فانّ لكليهما نبيّاً واحداً، حيث‌ شخصيّت‌ واجبات‌ كلام‌ الصنفين‌ تبعاً لقوّة‌ و ضعف‌ الإنسان‌ و الجنّ.

 يشهد علی هذا المطلب‌ ما ورد في‌ الآية‌ 130، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌:

 يَـ'مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الإنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُم‌ ءَايَـ'تِي‌ وَ يُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـ'ذَا.

 فقد توجّه‌ الخطاب‌ في‌ هذه‌ الآية‌ للإنس‌ و الجنّ كليهما، فقيل‌ لهما معاً (أَلَم‌ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُم‌؟) و لانّنا نعلم‌ أنّ الجنّ ليس‌ لهم‌ نبيّ منهم‌، و أنّ نبيّهم‌ من‌ الإنس‌؛ فيتضّح‌ انّ المراد ب  رُسُلٌ مِّنكُمْ  ليس‌ جنس‌ التراب‌ أو خصوص‌ النار، بل‌ انّ الجنّ و الإنس‌ كلاهما من‌ جنس‌ واحد، و لكليهما مادّة‌ و طبيعة‌ واحدة‌، و قد أُرسل‌ لكليهما نبيُّ واحد؛ غاية‌ الامر انّ الإنسان‌ أقوي‌ من‌ الجنّ، و أنّ الجنّ أضعف‌ من‌ الإنسان‌.

 الرجوع الي الفهرس

حروف‌ الابجد و أقسامها

   التلميذ:  أرجو أن‌ تتكلّموا حول‌ حروف‌ الابجد و استنتاجاته و استخراجاته‌ و آثاره‌ تبعاً للمطالب‌ الواردة‌ في‌ الكتب‌؛ و كذلك‌ حول‌ أقسام‌ الابجد الكبير و الصغير و الوسيط‌، و مقدار أهميّة‌ كلّ واحد منها و حسابه‌ بطريقة‌ المجمل‌ و المفصّل‌.

 الرجوع الي الفهرس

في‌ الابجد الكبير و الابجد الوسيط‌ و الابجد الصغير وا لمجمل‌ و المفصّل‌

 العلاّمة‌:  الظاهر انّ الابجد الكبير من‌ المسلّمات‌، و هو من‌ عدد واحد الی ألف‌ مقسّمة‌ علی ثمانٍ و عشرين‌ حرفاً من‌ حروف‌ اللغة‌ العربيّة‌، و هو أمر لا يطرأ عليه‌ السكّ لدي‌ المسلمين‌ من‌ الشيعة‌ و السنّة‌، و قد بسط‌ علماء الفريقين‌ مثل‌ الشيخ‌ بهاء الدين‌ العاملي‌ و الشيخ‌ محيي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ القول‌ في‌ هذا الموضوع‌.

 كما انّ الابجد الكبير معروف‌ لدي‌ غير المسلمين‌ أيضاً، و كان‌ رائجاً لدي‌ طائفة‌ اليهود قبل‌ الإسلام‌، ثمّ وردت‌ الی المسلمين‌ من‌ اللغة‌ العبريّة‌ اليهوديّة‌؛ و مع‌ انّ العبريّة‌ لا تمتلك‌ أكثر من‌ اثنين‌ و عشرين‌ حرفاً، إذ ليس‌ فيها حروف‌ (ت‌ خ‌ ذ ض‌ ظ‌ غ‌)؛ و حروف‌ التهجي‌ لديهم‌ تنتهي‌ الی قَرِشَتْ، الاّ انّهم‌ مع‌ ذلك‌ لا يعتقدون‌ بالابجد الكبير، و يقسمون‌ عدد الالف‌ علی حروفهم‌. كنّا يوماً في‌ مجلسٍ ما، فدار الحديث‌ عن‌ وضع‌ الاعداد من‌ الواحد الی الالف‌ في‌ الحروف‌ الابجديّة‌ العبريّة‌ (و هي‌ 22 حرفاً)، و كان‌ بعض‌ المطّلعين‌ و أهل‌ الفنّ حاضراً، فاعترضتُ بأنّ حروف‌ العبريّة‌ تنتهي‌ الی قَرِشَتْ فقط‌، و انّ عدد التاء أربعمائة‌، فكيف‌ يمكنهم‌ الإعتراف‌ بالابجد؟

 قالوا: بطريقةٍ خاصّة‌، حيث‌ يوردون‌ عند الحساب‌ تلك‌ الاعداد الستّة‌ في‌ حروفهم‌ الابجديّة‌، لتبدأ حساباتهم‌ من‌ الواحد و تنتهي‌ بالالف‌.

 و كان‌ في‌ ذلك‌ المجلس‌ أحد الفلاسفة‌ اليابانيّين‌؛ و مع‌ انّ العقائد اليابانيّة‌ تعود في‌ أساسها الی الصينيّن‌ و الوثنيّين‌، الاّ انّي‌ سألته‌؛ هل‌ تعتقدون‌ بالحروف‌ و تأثيراته‌؟ أجاب‌: بلي‌، نحن‌ نعتقد بحروف‌ الابجد الكبير؛ و لدينا في‌ هذا المجال‌ كتب‌ من‌ العصور القديمة‌ جديرة‌ بالتأمّل‌ و الملاحظة‌.

 و العجيب‌ انّهم‌ يقولون‌ باأنّ الحروف‌ الابجديّة‌ لليابانيّين‌ و الصينيّين‌ ثلاثمائة‌ حرف‌، فهم‌ يقسمون‌ الاعداد «1» الی «1000» (و هي‌ ثمانية‌ و عشرون‌ عدداً) علی جميع‌ حروفهم‌ الابجديّة‌.

 و لابدّ انّهم‌ يعمدون‌ عند الحساب‌ ـ كما في‌ الفارسيّة‌ التي‌ يحتسب‌ فيها الحرف‌ «ج‌» معادلاً للحرف‌ «ج‌» و الحرف‌ «ژ» معادلاً للحرف‌ «ز»، و الحرف‌ «گ‌» معادلاً للحرف‌ «ك‌» ـ الی احتساب‌ كثير من‌ حروفهم‌ التربية‌ المخرج‌ حرفاً واحداً. و علی هذا، و كما نُقل‌، فإنّ حساب‌ الابجد عسير جداً في‌ اللغة‌ الصينيّة‌، و يحتاج‌ الی تخصّص‌ و فنّ لتشخيص‌ أعداد الحروف‌ و تعيينها، حيث‌ انّ بعض‌ علمائهم‌ المتبحرّين‌ فقط‌ يمكنهم‌ القصدّي‌ لامر الحساب‌ بجدارة‌.

 انّ تقسيم‌ الآية‌ المباركة‌  بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ  في‌ مربّع‌ الی حروف‌ الابجد مفيد لدفع‌ الجنّ، و للافراد المتبلين‌ بالجنّ و تسخير الجانّ.

و كيفيّة‌  الابجد الكبير  هو انّ كلّ حرف‌ من‌ الحروف‌ العربيّة‌ الثمانية‌ و العشرين‌ له‌ عدد خاصّ من‌ الواحد الی الالف‌، بهذا الترتيب‌:

 أَبْجَدْ، هَوَّزْ، حُطِّي‌، كَلِمَن‌، سَعْفَص‌، قَرِشَتْ، ثَخِّذ، ضظِغْ؛ لاَ

 1 ـ 2 ـ 3 ـ 4 ـ 5 ـ 6 ـ 7 ـ 8 ـ 9 ـ 10 ـ 20 ـ 30 ـ 40 ـ 50 ـ 60 ـ 70 أ ـ ب‌ ـ ج‌ ـ د ـ ه ـ و ـ ز ـ ح‌ ـ ط‌ ـ ي‌ ـ ك‌ ـ ل‌ ـ م‌ ـ ن‌ ـ س‌ ـ ع‌ ـ

 80 ـ 90 ـ 100 ـ 200 ـ 300 ـ 400 ـ 500 ـ 600 ـ 700 ـ 800 ـ

 ف‌ ـ ص‌ ـ ق‌ ـ ر ـ ش‌ ـ ت‌ ـ ث‌ ـ خ‌ ـ ذ ـ ض‌

 900 ـ 1000 ـ 1

 ظ‌ ـ غ‌ ـ ا

 و بالطبع‌ فانّ الهمزة‌ (أ) و الالف‌ (ا) يُحتسبان‌ كلاهما بعدد واحد «ا»، كما تحتسب‌ الحروف‌ المكرّرة‌ بالتشديد حرفاً واحداً. فلفظ‌ «عليّ» مثلاً يُحتسب‌ 110؛ لانّ العين‌ 70، و اللام‌ 30، و الياء 60، و مجموعها 110.

 و كلمة‌ «قدّوس‌» تحتسب‌ 170؛ لان‌ القاف‌ 100، و الدال‌ 4، و الواو 6، و السين‌ 60، و الدال‌ المكرّرة‌ في‌ التلفّظ‌ لا تُحتسب‌.

 أمّا كلمة‌ الجلالة‌ «الله‌»، فمع‌ انّ اللام‌ مشدّدة‌ فيها، الاّ انّها تُحتسب‌ حرفان‌ استثناءً، و ألف‌ الله‌ لا تُحتسب‌. لذا فانّ كلمة‌ «الله‌» تصبح‌ 66؛ لان‌ الالف‌ 1، و اللام‌ 30، و اللام‌ 30، و الهاء 5. و لهذا السبب‌ فهم‌ يكتبون‌ كلمة‌ «الله‌» بدون‌ تشديد، اذ يكرّرون‌ لفظ‌ اللام‌، فليس‌ فيها تشديد من‌ ثَمّ. كما لا تكتب‌ الالف‌ أيضاً، فهم‌ يكتبون‌ لامين‌ مكرّين‌ دونما ألف‌ بهذه‌ الصورة‌ «الله‌»، بينما كان‌ ينبغي‌ كتابتها وفق‌ قواعد رسم‌ الخطّ العادية‌ بهذه‌ الهيئة‌ «ألاّه‌». و لكن‌ باعتبار انّ الخطّ العربي‌ طبق‌ حساب‌ الابجد، لذا يجب‌ كتابة‌ «ألاّه‌» في‌ هيئة‌ «الله‌».

 و علی هذا الاساس‌، فلان‌ الحروف‌ المشدّدة‌ تكتب‌ حرفاً واحداً، فانّها تحتسب‌ حرفاً واحداً كذلك‌. و بنفس‌ القاعدة‌ فباعتبار أنّ ألف‌  «إلاه‌»  لا تُحتسب‌، فانّها في‌ الكتابة‌ تكتب‌  إله‌  (بدون‌ ألف‌)، و هي‌ لذلك‌ تعادل‌ 36.

 كما انّهم‌ لا يحتسبون‌ ألف‌  رحمان‌، لانّها تكتب‌  رحمن‌  دونما ألف‌، و ستكون‌ لذلك‌ 298. هذا في‌ شأن‌ الابجد الكبير.

 أمّا  الابجد الصغير  فيُطلق‌ علی عدد الحروف‌ الابجديّة‌ عند طرح‌ 9، 9 منها؛ فحرف‌  ي‌  مثلاً عدده‌ واحد، لانّه‌ في‌ الابجد الكبير يعادل‌ 10 4 فعند طرح‌ 9 منها سيبقي‌ واحد.

 و حرف‌  ن‌  عدده‌ خمسة‌، لانه‌ عند طرح‌ خمس‌ تسعات‌ من‌ الخمسين‌ يتبقّي‌ خمسة‌؛ و لذا فانّ حرف‌  ط‌  و حرف‌  ص‌  و حرف‌  ظ‌  لاتمتلك‌ عدداً أصلاً، إذ حينما يطرح‌ منها تسعة‌ تسعة‌ فانّه‌ لا يبقي‌ منها شي‌ء.

 أمّا  الابجد الوسيط‌  فيُطلق‌ علی حروف‌ الابجد الكبير بعد طرح‌ 12، 12 منها بنفس‌ الطريق‌ التي‌ ذُكرت‌ في‌ا لابجد الصغير.

 و أمّا  الابجد الكبير  فيطلق‌ علی الحروف‌ الابجديّة‌ بمضاعفتها عشرة‌ أضعاف‌؛ فحرف‌ الياء ـ مثلاً ـ سيكون‌ عدده‌ في‌ الابجد الكبير مائة‌؛ و حرف‌ الغين‌ سيكون‌ عدده‌ 10000 (عشرة‌ آلاف‌)، و علی هذا المنوال‌ في‌ سائر الحروف‌.

 و ينبغي‌ العلم‌ بعد بيان‌ هذه‌ المطالب‌ انّ كلّ كلمة‌ تُحتسب‌ بحساب‌ الابجد، فانّها تحتسب‌ امّا بالحساب‌ المجمل‌ أو بالحساب‌ المفصّل‌.

 فالمجمل‌  هو أن‌ عدد حروف‌ الكلمة‌ يجب‌ احتسابها كما تكبت‌؛؛ فكلمة‌ «قدّوس‌» مثلاً لها أربعة‌ حروف‌؛ القاف‌ ق‌ 100، الدال‌ د 4، الواو و 6، و السين‌ س‌ 60؛ و كلمة‌ «فعّال‌» لها أربعة‌ حروف‌: ف‌، 80، ع‌ 70، ا 1، ل‌ 30.

 و  يا أحد يا صمد  لها عشرة‌ حرف‌: ي‌ 10، أ 1، أ 1، ح‌ 8، د 4، ي‌ 10، ا 1، ص‌ 90، م‌ 40، د 4، و تبعاً لذلك‌ فستكون‌ كلمة‌ «قدّوس‌» 170؛ و كلمة‌ «فعّال‌» 181؛ و  يا أحد و يا صمد  169.

 امّا  المفصّل‌  فهو انّ تعداد حروف‌ الكمة‌ يجب‌ احتسابها كما نُلفظ‌. و باعتبار انّ كلّ حرف‌ يُلفظ‌ بعدّة‌ حروف‌، فانّه‌ يجب‌ احتساب‌ جميع‌ الحروف‌.

 فكلمة‌  قدّوس‌  مثلاً لها أربعة‌ حروف‌:  ق‌ د و س‌؛  فخرق‌  ق‌  يلفظ‌  قاف‌، لذا يجب‌ احتسابه‌ ثلاثة‌ حروف‌ ق‌ 100، ا 1، ف‌ 80، و سيكون‌ عدد  قاف‌  تبعاً لذلك‌ 181.

 و حرف‌  د  يلفظ‌  دال‌؛ لذا يجب‌ احتسابه‌ ثلاثة‌ حروف‌  د 400، ا 1، ل‌ 30؛  فيكون‌ عدد دال‌ تبعاً لذلك‌ 35.

 و حرف‌  و  يلفظ‌  واو؛ لذا يجب‌ احتسابه‌ ثلاثة‌ حروف‌  و 6، ا 1، و 6.

 و حرف‌  س‌  بلفظ‌  سين‌؛  و يجب‌ احتسابه‌ ثلاثة‌ حروف‌ كذلك‌  س‌ 60، ي‌ 10، ن‌ 50؛  و هكذا ستكون‌ كلمة‌  قدوّس‌  بالحساب‌ المفصّل‌ 349، بينما احتُسبت‌ في‌ الحساب‌ المجمل‌ 170.

 مثال‌ آخر:  يا أحد يا صمد  تلفظ‌ هكذا:  ي‌ 10، ا 1، أ 1، ح‌ 8، د 4، ي‌ 10، ا 1، ص‌ 90، م‌ 40، د ع‌ 4؛  و حين‌ نبسطه‌ فانه‌ يلفظ‌ هكذا: يا، ألف‌، ألف‌، حا، دال‌، يا، ألف‌، صاد، ميم‌، دال‌.

 لذا يجب‌ احتساب‌ كلّ واحد من‌ هذه‌ الحروف‌ مفصّلاً، بهذه‌ الكيفيّة‌:

 ي‌ 10، ا 1، أ 1، ل‌ 30، ف‌ 80، أ 1، ل‌ 30، ف‌ 80، ح‌ 8، ا 1، د 4، ا 1، ل‌ 30، ي‌ 10، ا 1، أ 1، ل‌ 30، ف‌ 80، ص‌ 90، ا 1، د 4، م‌ 40، ي‌ 10، م‌ 40، د 4، ا 1، ل‌ 30؛

 و سيكون‌ مجموعاً 619؛ [15]  بينما كانت‌ نفس‌ هذه‌ الكلمة‌ المباركة‌ بالحساب‌ المجمل‌ 169.

 الرجوع الي الفهرس

في‌ طيّ الارض‌ و الآيات‌ الواردة‌ في‌ بداية‌ سورة‌ طه‌

   التلميذ:  ما حقيقة‌ طي‌ّ الارض‌؟ و وفق‌ أي‌ ميزان‌ من‌ الموازين‌ الفلسفيّة‌ يحصل‌ هذا الامر؟

 العلاّمة‌:  حقيقته طيّ الارض‌ تحت‌ أقدام‌ الماشي‌.

 الرجوع الي الفهرس

المرحوم‌ القاضي‌ و السؤال‌ عن‌ كيفيّة‌ سير النبيّ سليمان‌ في‌ الفضاء

 و كان‌ أخي‌ المرحوم‌ امّا السيّد محمد حسن‌ الهي‌ القاضي‌ قد استفسر من‌ روح‌ المرحوم‌ الحاج‌ الميرزا علی أقاي‌ القاضي‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ عن‌ طيّ الارض‌، و ذلك‌ بواسطة‌ تلميذ له‌ كان‌ يحضر الارواح‌ (ليس‌ بواسطة‌ المرآة‌، و لا بالمنضدة‌ المتلّثة‌، بل‌ كان‌ يمسح‌ بيده‌ علی أعينه‌ فيُحضر الروح‌ فوراً) فأجاب‌ المرحوم‌ القاضي‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ بأنّ طيّ الارض‌ الآيات‌ الستّ من‌ اوّل‌ سورة‌ طه‌:

 طه‌  مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرءَانَ لِتَشْقَي‌'´  إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن‌ يَخشَي‌'  تَنزِيلاً مِّمَّن‌ خَلَقَ الاْرْضَ وَالسَّمَواتِ الْعُلْيَ  الرَّحْمَنُ علی الْعَرْشِ اسْتَوَي‌  لَهُ مَا فِي‌ السَّمَواتِ وَ مَا فِي‌ الاْرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ الثَّرَي‌  وَ إِن‌ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ و   يَعْلَمُ السّـِرَّ وَ أَخْفَي‌  اللَهُ لآ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الاْسَْمَآءُ الْحُسْنَي‌. [16]

 التلميذ:  ما المراد من‌ هذه‌ الآيات‌؟ هل‌ أراد المرحوم‌ القاضي‌ الكلام‌ رمزاً؛ كأن‌ يقول‌ مثلاً بأن‌ طيّ الارض‌ يحصل‌ بالاتّصاف‌ بالصفات‌ الإلهيّة‌؟

 العلاّمة‌:  كلاّ، لقد كان‌ أخي‌ رجلاً ذكيّاً فاهماً؛ فكان‌ يذكر الامر بحيث‌ كأنّه‌ فهم‌ بنفسه‌ من‌ هذه‌ الآيات‌ تعليمات‌ لطيّ الارض‌.

 و هذه‌ الآيات‌ في‌ غاية‌ العجب‌، و خاصّة‌ آية‌:  اللَهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الاْسْمَآءُ الْحُسْنَي‌، لانّها تجمع‌ جميع‌ الاسماء في‌ الوجود المقدّس‌ للحقّ تعالي‌، و ليس‌ لدينا آية‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ تضاهي‌ هذه‌ الآية‌ في‌ شمولها.

 لقد كان‌ المرحوم‌ القاضي‌ يتشرّف‌ بالذهاب‌ الی كربلاء أيّام‌ الزيارة‌؛ و لم‌ يره‌ أحد يركب‌ السيارة‌ أبداً، و لم‌ يطلّع‌ أحد علی هذا السرّ الاّت‌ أحد الكسبة‌ في‌ سوق‌ الساعة‌ (السوق‌ الكبير) حيث‌ تشرّف‌ بالذهاب‌ الی مدينة‌ مشهد المقدّسة‌، فشاهد المرحوم‌ القاضي‌ في‌ مشهد و طلب‌ منه‌ إصلاح‌ جواز سفره‌، فقام‌ المرحوم‌ القاضي‌ بذلك‌. ثم‌ عاد ذلك‌ الرجل‌ الی النجف‌ فباح‌ بأمر رؤيته‌ للسيّد القاضي‌، فغضب‌ المرحوم‌ القاضي‌ بشدّة‌ و قال‌: انّ الجميع‌ يعلمون‌ أنّني‌ كنت‌ في‌ النجف‌ و لم‌ أسافر. [17]

 و كان‌ أخي‌ قد سأل‌ (بواسطة‌ تلميذه‌) سماحَد القاضي‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ عن‌ سجّادة‌ النبي‌ سليمان‌ التي‌ كان‌ يجلس‌ عليها فيذهب‌ الی شرق‌ العالم‌ و غربه‌، أكانت‌ شيئاً مصنوعاً قائماً علی الاسباب‌ الظاهريّة‌؟ أم‌ انّها كانت‌ مبد المُبدعات‌ الإلهيّة‌ و لا علاقة‌ لها أبداً بالاسباب‌ الظاهريّة‌؟

 فلمّا سأل‌ التلميذ ذلك‌ من‌ المرحوم‌ القاضي‌ أجابه‌: لا يخطر في‌ بالي‌ شي‌ء الآن‌، لكنّ موجوداً من‌ الموجودات‌ كان‌ متصدّياً لهذا الامر في‌ زمن‌ النبيّ سليمان‌، و هو حيّ الآن‌، و سأذهب‌ و استفسر منه‌. ثم‌ انّ المرحوم‌ الاقضي‌ سار حينذاك‌ قدراً حتّي‌ لاح‌ جبل‌، فلمّا وصل‌ الی سفحه‌ شوهد هناك‌ وسط‌ الجيل‌ شبح‌ شبيه‌ بالإنسان‌، فسأل‌ المرحوم‌ القاضي‌ ذلك‌ الشبح‌، و تحدّنا سويّاً حديثاً لم‌ يفهم‌ التلميذ منه‌ شيئاً، ثمّ عاد المرحوم‌ القاضي‌ فقال‌: انّه‌ يقول‌ بأنّه‌ كان‌ من‌ المبدعات‌ الإلهيّة‌، و لم‌ يكن‌ لايٍّ من‌ الاسباب‌ الظاهريّة‌ دخلاً فيه‌.

 التلميذ:  لقد بقي‌ أمر طيّ الارض‌ في‌ نهاية‌ الامر عويصاً و مجهولا، لانّ الإنسان‌ السائر في‌ طيّ الارض‌ لا يقوم‌ بطيّها كأن‌ يزيد من‌ سرعته‌ مثلاً، فيصل‌ مباشرةً أو بفاصلة‌ قليلة‌ الی مقصده‌، كما انّه‌ لا يعدم‌ مادّته‌ في‌ المبدأ و يخلقها في‌ المقصد؛ بل‌ انّ الارض‌ تطوي‌ تحت‌ أقدامه‌، فيصل‌ الی مقصده‌ بهذا الطيّ! خلال‌ زمن‌ قصير جداً، و هذا ما يتضمّن‌ اشكالاً واضحاً.

 ذلك‌ لاننا نري‌ انّ وضع‌ الارض‌ لا يتغيّر، فكلّ شي‌ء كان‌ و لا يزال‌ في‌ موضعه‌، و الناس‌ موجودن‌ أيضاً كلاّ في‌ موضعه‌ و محلّه‌، و انّ هذا الطيّ و المضيّ فقط‌ هو الذي‌ يحصل‌ للشخص‌ السائر. و مع‌ افتراض‌ انّه‌ أمر حقيقي‌ واقعي‌، لا وهميّ و خياليّ، فليس‌ معقولاً أن‌ يتحرّك‌ جسم‌ و مادّة‌ ما دون‌ أن‌ يُغيرّا نسبتهما و إضافتهما مع‌ جميع‌ الموجودات‌ التي‌ لها معهما نسبة‌ و إضافة‌. و علاوة‌ علی ذلك‌ فان‌ من‌ الممكن‌ أن‌ يحصل‌ طيّان‌ للارض‌ في‌ جهتين‌ متعاكستين‌، و هذا التصوّر يستلزم‌ ـ اذاً ـ أن‌ تكون‌ حركة‌ المادّة‌ في‌ جهتين‌ مختلفتين‌، و يستلزم‌ تغيير وضع‌ و نسب‌ جميع‌ الاجسام‌ ذوات‌ الإضافة‌ في‌ تغييرين‌ متعاكسين‌،  و هذه‌ من‌ المستحيلات‌ العقليّة‌.

 و ثانياً: انّ سماحتكم‌ تفضّلتم‌ في‌ مباحث‌ اعجاز الانبياء في‌ «تفسير الميزان‌» بأنّ الإعجاز أمرٌ غير مخالف‌ للطبيعة‌ و لقانون‌ المادّة‌، و انّه‌ لا يُبطل‌ السُنن‌ و العلل‌ و المعلولات‌، بل‌ انّه‌ يُسبّب‌ تسريع‌ ت‌.ثير العلل‌ في‌ نشوء المعلولات‌.

 فعصا النبيّ موسي‌ علی نبيّنا وآله‌ و عليه‌ السلام‌ ـ مثلاً ـ كان‌ ينبغي‌ ان‌ تنقضي‌ عليها آلاف‌ السنين‌ لتحيا و تصبح‌ تنيناً وفقاً لسلسلة‌ مراتب‌ العلل‌ الطبيعيّة‌، لكنّ سلسلة‌ العلل‌ هذه‌ تغفل‌ فعلها اثر الإعجاز بمجرّد إرادة‌ الله‌ إو إرادة‌ رسوله‌، فيتحقّق‌ المعلوم‌ و النتيجة‌ في‌ الخارج‌. أمّا في‌ طيّ الارض‌ فلا يمكن‌ تصوّر شي‌ء كهذا بحيث‌ يمكن‌ للموجودات‌ الاحتفاظ‌ بوضعها الاوّل‌ مع‌ الشخص‌ السائر. فأجاب‌ العلاّمة‌ (بعد مدّة‌ مديدة‌ أطرق‌ فيها برأسه‌ مفكّراً) بأنّ طيّ الارض‌ من‌ خوارق‌ العادات‌.

  التلميذ:  انّ خرق‌ العادة‌ في‌ طيّ الارض‌ مسلّم‌ و صحيح‌، الاّ انّ الإشكال‌ يتمثّل‌ في‌ الاستحالة‌ العقليّة‌. مثل‌ عبور إنسان‌ ببدنٍ ماديّ و جسد طبيعي‌ من‌ جدار أو سقف‌ غرفة‌ دون‌ أن‌ يكون‌ في‌ الجدار و السقف‌ شقّ أو تغرة‌، و دون‌ تحقّق‌ الخرق‌ و الالتئام‌؛ مع‌ انّ الاعلام‌ من‌ ذوي‌ المعرفة‌ يقولون‌ بأنه‌ يتحقّق‌ و انّ لا إشكال‌ فيه‌.

 فأجاب‌  العلاّمة‌:  بلي‌، لا إشكال‌ فيه‌. و الشاهد علی ذلك‌ ما حصل‌ في‌ مجلسٍ ما أرادوا فيه‌ إظهار انّ الجانّ يردون‌ من‌ الباب‌ المقفلة‌ و يُخرجون‌ مايشاءون‌ من‌ الاشياء؛ فأقفلوا باب‌ صندوق‌ فيه‌ صرر ملابس‌، و جلس‌ ـ علاوة‌ علی ذلك‌ ـ رجلٌ ضخم‌ الجثّد قويّ! الهيكل‌ علی الصندوق‌. فشاهدوا علی الفور أنّ صرر الملابس‌ صارت‌ خارج‌ الصندوق‌. ثم‌ فتحوا باب‌ الصندوق‌ فشاهدوه‌ خالياً، واتّضح‌ أنّ الجانّ قد أخرجوا الصرر بلحظة‌ واحدة‌. و لم‌ يكن‌ في‌ هذه‌ القضيّة‌ شعوذة‌.

 التلميذ:  لقد ظلّت‌ المسألة‌ في‌ نهاية‌ الامر في‌ موضعها مع‌ جميع‌ الإشكالات‌، و لم‌ يقدّم‌ لهاجوابٌ شافٍ.

 العلاّمة‌: هي‌ خرقٌ للعادة‌.

 التلميذ:  هل‌ قام‌ ابن‌ سينا بتحقيق‌ و تحليل‌ في‌ مسألة‌ طيّ الارض‌؟ لانّ ابن‌ سينا من‌ الحكماء الذين‌ يتابعون‌ علل‌ المسائل‌ الماديّة‌ كثيراً، و يحقّقون‌ فيها بمهارة‌.

 العلاّمة‌:  لم‌ أشاهد في‌ موضعٍ ما أنّ له‌ بحثاً في‌ طيّ الارض‌؛ لكنّه‌ يُقرّ بخوارق‌ العادات‌، و يصدّق‌ بمعجزات‌ الانبياء، فهو يقول‌ في‌ أمر عرش‌ بلقيس‌، في‌ الآية‌ 40، من‌ السورة‌ 27: النمل‌:

 قَالَ الَّذِي‌ عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَـ'بِ أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن‌ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ و  قَالَ هَـ'ذَا مِن‌ فَضْلِ رَبِّي‌.

 ليس‌ المراد بارتداد الطرف‌ هنا اطباق‌ جفني‌ العين‌ و فتهما، بل‌ أسرع‌ من‌ ذلك‌ ألف‌ مرّة‌، ااًذ ان‌ معني‌ الطرف‌ ليس‌ الجفن‌؛ ثم‌ انّه‌ كان‌ يجب‌ أن‌ يقول‌:  فَلَمَّا لَمْ يَرْتَدٍ إِلَيْهِ طَرْفُهُ رَءَاهُ مُستَقِرًّا عِندَهُ.

 بل‌ الطرف‌ بمعنيا لنظر بزاوية‌ العين‌، والمراد: قبل‌ أن‌ يرتدّ اليك‌ نظرك‌، أي‌ شعاع‌ بصرك‌ الخارج‌ من‌ العين‌ و الساقط‌ علی الاشياء[18]،   ثمّ يعود النور وفق‌ قاعدة‌ الإنعكاس‌ و الإنكسار، فيسقط‌ من‌ تلك‌ الاشياء علی العين‌ و يتحقّق‌ بذلك‌ الإبصار. أي‌ قبل‌ أن‌ تري‌ الشي‌ء الذي‌ تريد رؤيته‌، أي‌ اتيك‌ بعرش‌ بلقيس‌ في‌ فترة‌ أسرع‌ من‌ النور (الذي‌ سرعته‌ خمسون‌ ألف‌ فرسخ‌ في‌ الثانية‌ الواحدة‌). و لذلك‌ فانّ القرآن‌ لا يقول‌: جاء بالعرش‌؛ بل‌ يقول‌: فلمّا رءاه‌ مستقرًّا عنده‌؛ أي‌ انّه‌ رأي‌ العرش‌ مستقرّاً عنده‌ فجأة‌ نور كلامه‌ مع‌ الذي‌ عنده‌ علمٌ من‌ الكتاب‌، و هذا النوع‌ من‌ الإتیان‌ بالشي‌ء كان‌ بطيّ الارض‌.

 التلميذ:  هل‌ طيّ الارض‌ عبارة‌ عن‌ إعدام‌ الجسم‌ و البدن‌ في‌ المكان‌ الاوّل‌، و إحضاره‌ و ايجاده‌ في‌ المكان‌ المقصود؟ أليس‌ هذا طيّاً للارض‌؟ بحيث‌ أن‌ صاحب‌ طيّ الارض‌ يُحضر نفسه‌ و يوجدها في‌ المحلّ المقصود بالإرادة‌ الإلهيّة‌ و الملكوتيّة‌ التي‌ أُفيضت‌ عليه‌.

 العلاّمة‌:  يبدو أنّ الامر كذك‌!

 التلميذ:  كأنّه‌ كذلك‌، أو هو كذلك‌ حقيقة‌؟

 العلاّمة‌:  هو كذلك‌ حقيقة‌!

 الرجوع الي الفهرس

حقيقة‌ طيّ الارض‌ من‌ جهة‌ الكمال‌ و عدم‌ الكمال‌

  التلميذ:  و تبعاً لذلك‌ ينبغي‌ طرح‌ عدّة‌ أمور:

 1ً: انّ طيّ الارض‌ يجب‌ ان‌ يختصّ بالنفوس‌ القدسية‌ الالهيّة‌؛ و ما لم‌ يصل‌ الافراد الی معرفة‌ النفس‌ الملازمة‌ لمعرفة‌ الربّ، و ما لم‌ يتصرّفوا في‌ موادّ الكائنات‌، فانّهم‌ لن‌ يتمكّنوا من‌ طيّ الارض‌.

 العلاّمة‌:  لم‌ يُنقل‌ ذلك‌ عن‌ الافراد غير الكاملين‌. و المباشرون‌ لذلك‌ هم‌ حتماً من‌ الواصلين‌ و المتحرّرين‌ من‌ العلائق‌. [19]

 التلميذ:

 2 ـ لقد شوهد كثيراً (كما في‌ الروايات‌ و كما تحكيه‌ الشواهد التأريخيّة‌) انّ بعض‌ الواصلين‌ و المتحرّرين‌ من‌ العلائق‌ قد اصطحبوا معهم‌ الی مقصدهم‌ أشخاصاً آخرين‌ بواسطة‌ طيّ الارض‌. و يجب‌ القول‌ في‌ هذه‌ الحال‌ بأنّ نفوسهم‌ الملكوتيّة‌ الخلاّقة‌ قادرة‌ علی إيجاد أجسام‌ الآخرين‌ أيضاً في‌ المحلّ المقصود.

 العلاّمة‌:  الامر كذلك‌.

 التلميذ:

 3 ـ كيف‌ يحصل‌ طيّ الاِّض‌ للافراد الذين‌ يستغرق‌ لهم‌ طيّ الارض‌ قدراً، مثل‌ خمس‌ دقائق‌ أو عشر دقائق‌ أو أكثر؟

 العلاّمة‌:  باعتبار عدم‌ وصلهم‌ الی مقام‌ الكمال‌ بصورة‌ تامّة‌، فانّ طيّ الارض‌ ناقص‌ لديهم‌، فهم‌ بحاجة‌ الی صرف‌ الوقت‌ و الی إعمال‌ قوّة‌ أكثر لخلق‌ الابدان‌ في‌ المحلّ المقصود؛ مثل‌ طيّ الارض‌ من‌ قبل‌ الجانّ الذي‌ يستغرق‌ وقتاً عادةً؛ و قد ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ في‌ أمر إحضار عرش‌ بلقيس‌:

 قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن‌ تَقُومَ مِن‌ مَّقَامِكَ. [20]

 و هو بالطبع‌ يستلزم‌ زمناً، مهما كان‌ ذلك‌ الزمن‌ قصيراً.

 التلميذ:  و تبعاً لهذه‌ الفرضيّة‌ في‌ طيّ الارض‌، فلا حاجة‌ بعدُ للإلتزام‌ بترتيب‌ سلسلة‌ العلل‌ و المعلولات‌ الطبيعية‌، مثل‌ إعجاز الانبياء و خوارق‌ العادات‌. بل‌ يمكن‌ القول‌ انّه‌ متي‌ تحقّقت‌ إرادة‌ إلهيّة‌ واحدة‌ «كُن‌» فانّه‌ يَكُونُ، دون‌ أن‌ تطوي‌ ذرّات‌ الجسد بالحركة‌ الجوهرية‌ السريعة‌ سلسلة‌ مراتبها اللازمة‌، فيصبح‌ الجسد الاوّل‌ في‌ ذلك‌ الزمان‌ و ذلك‌ المكان‌ و تلك‌ الخصائص‌، جسداً ثانياً في‌ زمن‌ آخر و مكان‌ آخر و خائص‌ أخري‌. و هكذا الامر في‌ قصص‌ المعجزات‌ و خوارق‌ العادات‌.

 العلاّمة‌:  بلي‌، يمكن‌ القول‌ هكذا.

 الرجوع الي الفهرس

في‌ معني‌ الحديث‌ الشريف‌:  لِيُهِنئَنَّكُم‌ الإسْمُ: وَ إِنَّ مِن‌ شِيعَتِهِ لاِبْرَاهِيمَ

 التلميذ:  يروي‌ (المجلسي‌) في‌ «بحار الانوار» ج‌ 12، ص‌ 29، عن‌ «تفسير عليّ بن‌ ابراهيم‌» بسنده‌ عن‌ أبي‌ جعفر (الباقر) عليه‌ السلام‌ قال‌:

 لِيُهْنِئَنَّكُمُ الإسْمُ. قُلتُ: وَ مَا هُوَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ، قَوْلُهُ: وَ إِنَّ مِن‌ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ. و قوله‌: «فَاسْتَغَـثَهُ الَّذري‌ مِن‌ شِيعَتِهِ علی الَّذِي‌ مِن‌ عَدُوِّهِ.» فَلْيُهِنئَنَّكُمُ الإسْمُ.

 و باعتبار انّ المراد من‌  «شيعيتِهِ»  في‌ الآية‌ الاولي‌ شيعة‌ نوح‌؛ و المراد من‌ «شِيعَتِهِ»  في‌ الثانية‌ شيعة‌ موسي‌ علی نبيّنا و آله‌ و عليهما السلام‌؛ فما معني‌ هاتين‌ الروايتين‌؟

 العلاّمة‌:  الظاهر انّ المراد هو انّ لفظ‌ الشيعة‌ قد استعمل‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌، و ان‌ التشيّع‌ قد نُسب‌ لشيعة‌ نوح‌ و موسي‌. فانّ هذا الاسم‌ الذي‌ أُطلق‌ عليكم‌ أنتم‌ الشيعة‌ هو من‌ ثَمّ إسم‌ مبارك‌، و قد دُعيتم‌ شيعة‌ أنتم‌ أيضاً.

 لذا فانّه‌ بلحاظ‌ تشابه‌ إسمكم‌ يا شيعة‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ مع‌ شيعة‌ ذينك‌ النبيّين‌، و لبركة‌ هذا اللقب‌، فانّ الامل‌ في‌ الكرامة‌ و الفلاح‌ و الفوز من‌ نصبيكم‌، و هذا بلحاظ‌ التكريم‌ و التجليل‌.

 التلميذ:  يقول‌ الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ في‌ مقدّمة‌ كتاب‌ «إثبات‌ الهداة‌» ص‌ 23، السطر الرابع‌:  وَ أَيضَاً قَدْ تَوَاتَرَ أَنَّ عِلْمَ النَّبِيِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَ ءَالِهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْضَهُ أَو   أَكْثَرَهُ، وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الاَنبِيَاءِ وَ الاَوْصِيَاءِ السَّابِقِينَ.

 فهل‌ لهذا القول‌ وجهٌ ما؟ إذ انّ رسول‌ الله‌ لم‌ يستفد ـ علی الظاهر ـ من‌ أيٍّ من‌ الانبياء و الاوصياء السابقين‌ بواسطة‌ السؤال‌ منهم‌ و الحديث‌ معهم‌ و لقائهم‌ و الإتّصال‌ بهم‌.

 العلاّمة‌:  الظاهر أنّه‌ لا وجه‌ له‌؛ بسبب‌ عدم‌ إلتقاء رسول‌ الله‌ بهم‌؛ بلي‌ يُتصوّر في‌ عالم‌ الباطن‌ أنّه‌ كان‌ قد اكتسب‌ بعض‌ علومه‌ من‌ السابقين‌ بواسطة‌ السؤال‌ منهم‌ و المحادثة‌ معهم‌.

 و الشاهد علی هذا المعني‌، الآية‌ 45، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌:

 وَسْئَلْ مَن‌ أَرْسَلْنَا مِن‌ قَبْلِكَ مِن‌ رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن‌ دُونِ الرَّحْمَنِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ.

 حيث‌ يستفاد من‌ هذه‌ الآية‌ انّ السبيل‌ كان‌ ميسوراً لكلام‌ رسول‌ الله‌ مع‌ الانبياء عليهم‌ السلام‌ و سؤاله‌ ايّاهم‌ في‌ عالم‌ الملكوت‌.

 الرجوع الي الفهرس

عموميّة‌ دعوة‌ الانبياء أولي‌ العزم‌ لجميع‌ العالم‌

  التلميذ:  وردت‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ آيات‌ حول‌ عموميّة‌ دعوة‌ الرسول‌ الاكرم‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لجميع‌ الناس‌ الی يوم‌ القيامة‌: مثل‌:  وَ مَا أَرْسَلْنَـ'كَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَ نَذِيرًا وَلَـ'كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ. [21]

 و آية‌:  وَ مَا أَرْسَلْنَـ'كَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَـ'لَمِينَ. [22]

 و آية‌:  قُلْ يَـ'أَيُّهَا   النَّاسُ إِنِّي‌ رَسُولُ اللَهِ إِلَيْكُم‌ جَمِيعًا الَّذِي‌ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَ الاْرْضِ لآ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي‌ وَ يُمِيتُ فَـَامِنُوا بِاللَهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الاْمِّي‌ الَّذِي‌ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَ كَلِمَـ'تِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. [23]

 و آية‌:  فَكَيْفَ إِذَا جِئنَا مِن‌ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئنَا بِكَ علی هَـ'ؤُلاَءِ شَهِيدًا. [24]

 كما انّ وضوح‌ هذا المعني‌ من‌ خلال‌ سيرة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ و دعوته‌ جميع‌ أفراد البشر الی دين‌ الاسلام‌، و كتابة‌ رسائل‌ الی ملوك‌ الروم‌. و ايران‌ و الحبشة‌ و سائر النقاط‌ من‌ كلّ طائفة‌ و اُمّة‌، كالشمس‌ في‌ رائعة‌ النهار. و بالطبع‌ فانّ هناك‌ مقابل‌ هذه‌ الآيات‌، آيات‌ أخري‌ توهم‌ باختصاص‌ الدعوة‌، مثل‌:  هُوَ الَّذِي‌ بَعَثَ فِي‌ الاْمّـِينَ رَسُولاً مِّنهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَـ'تِهِ. [25]

 و آية‌:  وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذزا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. [26]

 و آية‌:  وَ مَا أَرْسَلْنَا مِن‌ رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَهُ مَن‌ يَشَآءُ وَ يَهْدِي‌ مَن‌ يَشَآءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. [27]

 لكنّ هذا الإيهام‌ من‌ هذه‌ الآيات‌ بكون‌ دعوة‌ رسول‌ الله‌ خاصّة‌، مرتفع‌ بنصوص‌ عموميّة‌ دعوته‌ في‌ الآيات‌ التي‌ سبقتها.

 امّا بشأن‌ موسي‌ و عيسي‌ علی نبيّنا و آله‌ و عليهما السلام‌، فقد وردت‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ آيات‌ ظاهرة‌ في‌ اختصاص‌ دعوتهما ببني‌ اسرائيل‌؛ كالآية‌ 5، من‌ السورة‌ 14: ابراهيم‌.

 وَ لَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَي‌ بِـَايَـ'تِنَا أَن‌ أَخْرج‌ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَـ'تِ الی النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّـ'مِ اللَهِ إِنَّ فِي‌ ذَلِكَ لاَيَـ'تٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ.

 و كالآيتين‌ 5 و 6، من‌ السورة‌ 61: الصفّ

 وَ إِذْ قَالَ مُوسَي‌ لِقَوْمِهِ يَـ'قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي‌ وَ قَدْ تَّعْلَمُونَ أَنِّي‌ رَسُولُ اللَهِ إِلَيْكُم‌ فَلَمَّا زَاغُو´ أَزَاغَ اللَهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَهُ لاَ يَهْدِي‌ الْقَوْمَ الْفَـ'سِقِينَ  وَ إِذْ قَالَ عِيسَي‌ ابْنُ مَرْيَمَ يَـ'بَنِي‌ إِسْرَائِيلَ إِنِّي‌ رَسُولُ اللَهِ إِلَيْكُمْ.

 و أشدّ منها صراحةً، كلام‌ أمّه‌ مريم‌ الذي‌ جاء في‌ الآيات‌ 47 ـ 49، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌:

 قَالَتْ رَبِّ أَنَّي‌' يَكُونُ لِي‌ وَلَدٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي‌ بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَي‌' أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ و  كُن‌ فَيَكُونُ  وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتَـ'بَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّورَيـ'ةَ وَ الإنْجِيلَ  وَ رَسُولاً الی بَنِي‌´ إِسْرَائِيلَ.

 كما انطّ خطابات‌ النبيّ موسي‌ في‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ موجّهة‌ الی بني‌ اسرائيل‌. يُضاف‌ الی ذلك‌ فانّ الحجّ لم‌ يُشرّع‌ في‌ شريعتي‌ موسي‌ و عيسي‌؛ و لو كانت‌ شريعتيهما عالمّيتين‌ لوجب‌ أن‌ تعقبا دعوة‌ و شريعة‌ ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ التي‌ كانت‌ عالميّة‌ و متضمّنة‌ لتشريع‌ الحجّ.

 و لو طالع‌ امرؤ شريعتي‌ ذينك‌ النبيّين‌ الجليلين‌، لوجد أنّهما ـ في‌ نفس‌ دعوتهما الی توحيد الله‌ سبحانه‌ و تعالي‌ ـ تتضمّنان‌ أحكاماً خاصّة‌ لاصلة‌ لها بشريعة‌ الإسلام‌ أو بشريعة‌ إبراهيم‌.

  العلاّمة‌:  انّ المطالب‌ و البيانات‌ التي‌ ذكرتموها صحيحة‌ بأجمعها في‌ مواضعها، الاّ انّ لدينا في‌ المقابل‌ آياتٍ و روايات‌ يظهر منها و من‌ سيرة‌ الرسول‌ الاكرم‌ و نهجه‌ انّ دعوة‌ ذينك‌ النبيّين‌ الجليلين‌ كانت‌ عامّة‌.

 منها انّ لدينا في‌ القرآن‌ الكريم‌ آية‌:  اذهَبَا الی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَي‌'. [28]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 52، من‌ السورة‌ 42: الشوري‌.

[2] ـ الآية‌ في‌ سورة‌ «عمّ» هي‌:  يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلَـ'ئِكَةُ صَفًّا لاَ يَتَكَلَمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـ'نُ وَ قَالَ صَوَابًا.  و ربما كان‌ قصد سماحة‌ العلاّمة‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ نوعاً من‌ سيطرة‌ الروح‌ علی الملائكة‌.

[3] ـ ربّما كانت‌ الآية‌ التي‌ يقصدها العلاّمة‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ هي‌ الآية‌ 11، من‌ السورة‌ 13: الرعد:  لَهُ مُعَقَّبَـ'تٌ مِّن‌ بَيْنَ يَدَيِهِ وَ مِن‌ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِن‌ أَمْرِ اللَهِ إِنَّ اللَهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي‌ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم وَ إِذَا أَرَادَ اللَهُ بِقَوْمٍ سُوءً فَلاَ مَرَدًّ لَهُ، وَ مَا لَهُم‌ مِّن‌ دُونِهِ   مِن‌ وَالٍ.

[4] ـ الآية‌ 169، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[5] ـ الآية‌ 170، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[6] ـ الآية‌ 20، من‌ السورة‌ 36: ي´س‌.

[7] ـ الآية‌ 25، من‌ السورة‌ 36: یس.

[8] ـ الآية‌ 26 و 27، من‌ السورة‌ 36: یس.

[9] ـ الآية‌ 25، من‌ السورة‌ 71: نوح‌.

[10] ـ ورد في‌ هذا الموضوع‌ أربع‌ روايات‌، و باعتبار تقارب‌ مضمونها، فنكتفي‌ بذكر المضمون‌ الذي‌ بيّنه‌ الاستاذ؛ و جاءت‌ تلك‌ الرواية‌ في‌ «فروع‌ الكافي‌» الطبعة‌ الحجريّة‌، ج‌ 1، ص‌ 64.

[11] ـ الآية‌ 133، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌. و نظير هذه‌ الآية‌، الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 57: الحديد:  وَ سَابِقُوا إلی مَغْفِرَةٍ مِّن‌ رَبِّكُم‌ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَّاءِ وَ الاْرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَهِ وَ رُسُلِهِ  ذَلِكَ فَضْلُ اللَهِ يُؤْتِيهِ مَن‌ يَشَآءُ وَاللَهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

[12] ـ الآية‌ 22، من‌ السورة‌ 50: ق‌.

[13] ـ حديث‌ الرويبضة‌ في‌ أشراط‌ الساعة‌، و ذلك‌ حديث‌ مفصّل‌ يسأل‌ فيه‌ سلمان‌ من‌ رسول‌ الله‌ مطالب‌ عن‌ علامات‌ القيامة‌، و ذلك‌ إلی جنب‌ بيت‌ الله‌ الحرام‌. و قد ورد أصل‌ هذا الحديث‌ في‌ «تفسير عليّ بن‌ ابراهيم‌» ص‌ 627 ـ 629؛ و نقله‌ العلاّمة‌ في‌ «تفسير الميزان‌» ج‌ 5، ص‌ 432 ـ 435 عن‌ «تفسير عليّ بن‌ إبراهيم‌».

[14] ـ الآية‌ 96، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[15] ـ الهمزة‌ و الواو التي‌ فوقها همزة‌ ساقطتان‌ في‌ الابجد و لا تُحتسبان‌. (م‌)

[16] ـ هذه‌ الآيات‌ هي‌ الآيات‌ الثمانيّة‌ الاولي‌ من‌ السورة‌: 20: طه‌.

[17] ـ هذه‌ القصّة‌ نقلها للحقير سابقاً الصديق‌ المعظّم‌ سماحة‌ حجّة‌ الاسلام‌ الحاج‌ السيّد محمّد رضا الخلخالي‌ دامت‌ بركاته‌، و هو من‌ علماء النجف‌ الاشرف‌ حالياً (و هل‌ نجل‌ المرحوم‌ المغفور له‌ حجّة‌ الاسلام‌ الحاج‌ السيد أمّا الخلخالي‌، نجل‌ المرحوم‌ المغفور له‌ حجّة‌ الاسلام‌ الحاج‌ السيد محمّد الخلخالي‌، و كان‌ مقيماً في‌ النجف‌ الاشرف‌ و من‌ الزّهاد و العبّاد و الاعلام‌ في‌ عصره‌)، و كان‌ في‌ نقل‌ أقاي‌ الخلخالي‌ هذه‌ التتمّة‌:

 حين‌ عاد ذلك‌ الكاسب‌ من‌ مشهد المقدّسة‌ إلی النجف‌ الاشرف‌ قال‌ لرفقائه‌: حصل‌ في‌ جواز سفري‌ إشكال‌، و تعذّر رفع‌ ذلك‌ الاءشكال‌ في‌ دائرة‌ الشرطة‌، فاستعنتُ بالسيّد القاضي‌ من‌  أجل‌ العودة‌، و أعطيتُه‌ جواز سفري‌ فقال‌: اذهب‌ غداً إلی دائرة‌ الشرطة‌ و استلم‌ جواز سفرك‌! ثمّ انّي‌ راجعت‌ دائرة‌ الشرطة‌ في‌ اليوم‌ التالي‌ فوجدتهم‌ قد أصلحوا جواز سفري‌ و أعدّوه‌، فاستلمتُه‌ و عُدت‌ إلی النجف‌.

 فقا رفقاء ذلك‌ الرجل‌ بأنّ السيّد القاضي‌ كان‌ في‌ النجف‌ و لم‌ يُسافر، فذهب‌ الرجل‌ بنفسه‌ إلی المرحوم‌ القاضي‌ و قصّ عليه‌ قصّته‌. قال‌: فأنكر المرحوم‌ القاضي‌ و قال‌: انّ جميع‌ أهل‌ النجف‌ يعلمون‌ أنّي‌ لم‌ أسافر.

 ثمّ انّ ذلك‌ الرجل‌ ذهب‌ إلی فضلاء النجف‌ الاشرف‌ حينذاك‌، من‌ أمثال‌ الحاج‌ الشيخ‌ محمد تقي‌ الآملي‌، و الحاج‌ الشيخ‌ علی محمد البروجردي‌، و الحاج‌ السيّد علی الخلخالي‌ و غيرهم‌، فقصّ عليهم‌ أمره‌، فذهبوا إلی المرحوم‌ القاضي‌ و تحدّثوا معه‌ في‌ الامر، فأنكر المرحوم‌ القاضي‌، ثمّ انّهم‌ ألحّوا علی المرحوم‌ القاضي‌ و أصّروا عليه‌ كثيراً حتّي‌ أجبروه‌ علی عقد جلسة‌ أخلاقيه‌ لهم‌ ليقوم‌ بتدريسهم‌ الاخلاف‌.

 و كان‌ المرحوم‌ القاضي‌ آنذاك‌ مجهولاً جداً، و لم‌ يكن‌ لاحد علماً بأحواله‌، فوعدهم‌ في‌ المرحلة‌ الاولي‌ هؤلاء الافراد اضافة‌ إلی الحاج‌ السيّد حسن‌ المسقطي‌ و آخرين‌.

 كما اشترك‌ في‌ المرحلة‌ الثانية‌ التي‌ أعقبتها سماحة‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ و الحاج‌ السيد أحمد الكشميري‌ وا لميرزا ابراهيم‌ السيستاني‌ و أخو العلاّمة‌ أقاي‌ الهي‌ و غيرهم‌.

 ثمّ حضر في‌ المرحلة‌ الثالثة‌ بعد ذلك‌، الحاج‌ الشيخ‌ عبّاس‌ القوچاني‌ و الحاج‌ الشيخ‌ محمد تقي‌ بهجت‌ الفوميني‌ الرشتي‌ و غيرهم‌ من‌ فضلاء النجف‌ الاشرف‌.

 و سماحة‌ آية‌ الله‌ الحاج‌ الشيخ‌ عبّاس‌ القوچاني‌ هو وصي‌ المرحوم‌ القاضي‌ في‌ المعارف‌ و الاخلاق‌، و هو مقيم‌ في‌ النجف‌ الاشرف‌ حاليّاً، حيث‌ يستفيد من‌ محضره‌ جماعة‌ من‌ الطلاّب‌ و الاهالي‌ و غيرهم‌.

 و هناك‌ شاهدان‌ آخران‌ علی امتلاك‌ المرحوم‌ القاضي‌ لطيّ الارض‌،  الاوّل‌: انّ سماحة‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ و أقاي‌ القوچاني‌ نقلا كلاهما ان‌ المرحوم‌ الاقضي‌ اعتاد أن‌ يستقبل‌ رفاءه‌ في‌ منزله‌ خلال‌ شهر رمضان‌ المبارك‌ بعد حلول‌ الليل‌ بأربع‌ ساعات‌، فيستمر مجلسه‌ في‌ الاخلاق‌ و الوعظ‌ ساعتين‌؛ و كان‌ الامر علی هذا المنوال‌ في‌ العشرة‌ الاولي‌ و الثانية‌ من‌ الشهر. لكنّه‌ كان‌ يعطئل‌ المجلس‌ في‌ العشرة‌ الثالثة‌ فلا يراه‌ أحد إلی آخر شهر رمضان‌. و لم‌ يكن‌ مكانه‌ معلوماً لاحد؛ و كان‌ له‌ أربع‌ زوجات‌، الاّ انّه‌ لم‌ يكن‌ يتواجد في‌ بيت‌ احداهنّ، كما لم‌ يكن‌ يتواجد في‌ مسجد الكوفة‌ أو مسجد السهلة‌ اللذين‌ كان‌ يُكثر المبيت‌ فيهما. و قد نقل‌ سماحة‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ أمر اختفاء المرحوم‌ القاضي‌ في‌ أوقات‌ أخري‌ علاوة‌ علی شهر رمضان‌.

 الثاني‌:  انّ أقاي‌ القوچاني‌ قال‌: كان‌ (المرحوم‌ القاضي‌) قد جاء إلی كربلاء في‌ سفر للزيارة‌، ثم‌ حان‌ وقت‌ العودة‌، فقدمنا سويّاً إلی موقف‌ السيّارات‌. و كان‌ ازدحام‌ الناس‌ لركوب‌ السيارات‌ الذاهبة‌ إلی النجف‌ شديداً، بحيث‌ كانوا يتسلّقون‌ علی رؤس‌ و مناكب‌ بعضهم‌ البعض‌ لركوب‌ السيّارة‌. فلمّا شاهد المرحوم‌ القاضي‌ الامر، توجّه‌ إلی جانب‌ الموقف‌ (الكراج‌) بمنتهي‌ البرود، و جلس‌ علی الارض‌ مُسنداً ظهره‌ إلی الجدار و انهمك‌ بتدخين‌ سيجارة‌. أمّا نحن‌ فصبرنا مدّة‌ جنب‌ السيّارات‌ التي‌ تأتي‌ فتحمل‌ المسافرين‌، حتي‌ حشرنا أنفسنا في‌ إحداها بمنتهي‌ المشقّة‌ و جئنا إلی النجف‌، و لم‌ يكن‌ لدينا علم‌ بالمرحوم‌ القاضي‌. و بالطبع‌ فانّ جميع‌ هذه‌ الامور احتمالات‌ لامتلاك‌ المرحوم‌ القاضي‌ طيّ الارض‌، الاّ انّ ذلك‌ لم‌ يُنقل‌ عنه‌ و لا عن‌ غيره‌ صراحةً.

[18] ـ كلام‌ ابن‌ سينا وفق‌ نظريّات‌ الفيزياء القديمة‌ طبعاً. (م‌)

[19] ـ يمكن‌ ـ كما تفضّل‌ العلاّمة‌ ـ أن‌ يحصل‌ طيّ الارض‌ لغير الكاملين‌ إثر متابعة‌ الكاملين‌؛ و ذلك‌ بأنّهم‌ حتي‌ شاءوا طيّ الارض‌ فانّهم‌ يفعلون‌ ذلك‌ تبعاً للاءذن‌ و الرخصة‌ المعطاة‌ لهم‌ من‌ ذلك‌ الشخص‌ الكامل‌، بحيث‌ يحضر ذلك‌ الشخص‌ الجليل‌ تلك‌ اللحظة‌ فيعطحبهم‌ معه‌؛ أو أنّه‌ يوصلهم‌ ـ دون‌ حضوره‌ ـ إلی المقصد بمجرّد إرادته‌ و مشيئة‌.

[20] ـ الآية‌ 39، من‌ السورة‌ 27: النمل‌.

[21] ـ الآية‌ 28، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[22] ـ الآية‌ 107، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[23] ـ الآية‌ 158، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[24] ـ الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[25] ـ الآية‌ 2، من‌ السورة‌ 62: الجمعة‌.

[26] ـ الآية‌ 47، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[27] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 14: ابراهيم‌.

[28] ـ الآية‌ 43، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com