بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد/ المجلد الثامن/ القسم العاشر: عمومیة السؤال و الحساب، السؤال من الانبیاء و الائمة، عدم الحساب و السؤال ل...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الروايات‌ الواردة‌ في‌ عموميّة‌ السؤال‌ والحساب‌

 أمّا الروايات‌ الواردة‌ في‌ هذا الباب‌ فكثيرة‌ وذات‌ مضامين‌ مختلفة‌، ويمكن‌ تقسيمها بلحاظ‌ المضمون‌ إلی‌ عدّة‌ طوائف‌:

 الاُولي‌: الروايات‌ الدالّة‌ علی‌ شمول‌ الحساب‌ والسؤال‌ لجميع‌ الناس‌.

 يروي‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ كتابه‌ «الامإلی‌» عن‌ جماعة‌، عن‌ أبي‌ المفضّل‌ عن‌ محمّدبن‌ الحسن‌ بن‌ حفص‌، عن‌ هشام‌ النهشلي‌ّ، عن‌ عمربن‌ هاشم‌ عن‌ معروف‌بن‌ خرّبوذ، عن‌ عامر بن‌ واثلة‌، عن‌ أبي‌ بردة‌ الاسلمي‌ّ قال‌:

 سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ يَقُولُ: لاَ يَزُولُ قَدَمُ عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّي‌ يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ؟ وَعَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ حُبِّنَا أَهْلَ البَيْتِ. [1]

 وقد أورد الصدوق‌ رواية‌ بهذا المضمون‌ في‌ كتابيه‌ «الخصال‌» و «الامإلی‌» عن‌ محمّد بن‌ أحمد الاسديّ البردعيّ، عن‌ رقيّة‌ بنت‌ إسحاق‌بن‌ موسي‌بن‌ جعفر، عن‌ أبيه‌، عن‌ آبائه‌، عن‌ رسول‌ الله‌. كما وردت‌ رواية‌ مشابهة‌ لها في‌ «تفسير علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌» عن‌ ابن‌ محبوب‌، عن‌ الثمإلی‌ّ، عن‌ الإمام الباقر علیه‌ السلام‌، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌.

 وروي‌ في‌ «الامإلی‌» للطوسيّ عن‌ الشيخ‌ المفيد، عن‌ أحمدبن‌ محمّد ابن‌الوليد، عن‌ أبيه‌، عن‌ محمّد بن‌ الحسن‌ الصفّار، عن‌ علی‌ّبن‌ محمّد القاساني‌ّ، عن‌ القاسم‌ بن‌ محمّد الإصفهانيّ، عن‌ سليمان‌ بن‌ داود المنقري‌ّ، عن‌ سُفيان‌ بن‌ عُيَينة‌، قال‌:

 سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ إلاَّ وَلِلَّهِ علیهِ حُجَّةٌ إمَّا فِي‌ ذَنْبٍ اقْتَرَفَهُ وَإمَّا فِي‌ نِعْمَةٍ قَصَّرَ عَنْ شُكْرِهِا. [2]

 وروي‌ الطوسي‌ّ في‌ «الامإلی‌» بنفس‌ السند السابق‌ عن‌ ابن‌ عُيينة‌، عن‌ حميدبن‌ زياد، عن‌ عطاء بن‌ يسار:

 عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ قَالَ: يُوقَفُ العَبْدُ بَيْنَ يَدَي‌ِ اللَهِ؛ فَيَقُولُ: قِيسُوا بَيْنَ نِعَمِي‌ علیهِ وَبَيْنَ عَمَلِهِ!

 فَتَسْتَغْرِقُ النِّعَمُ العَمَلَ. فَيَقُولُونَ: قَدِ اسْتَغْرَقَ النِّعَمُ العَمَلَ؛ فَيَقُولُ: هَبُوا لَهُ نِعَمِي‌ وَقِيُسوا بَيْنَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ مِنْهُ!

 فَإنِ اسْتَوَي‌ العَمَلاَنِ أَذْهَبَ اللَهُ الشَّرَّ بِالخَيْرِ وَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ؛ وَإنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ أَعْطَاهُ اللَهُ بِفَضْلِهِ؛ وَإنْ كَانَ علیهِ فَضْلٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَي‌ لَمْيُشْرِكْ بِاللَهِ تَعَإلی‌ وَاتَّقَي‌ الشِّرْكَ بِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ المَغْفِرَةِ، يَغْفِرُ اللَهُ لَهُ بِرَحْمَتِهِ إنْ شَاءَ وَيَتَفَضَّلُ علیهِ بِعَفْوِهِ. [3]

 وفي‌ «عدّة‌ الداعي‌»: وفي‌ الخبر النبوي‌ّ: أ نّه‌ يُفتح‌ للعبد يوم‌ القيامة‌ علی‌ كلّ يومٍ من‌ أيّام‌ عمره‌ أربع‌ وعشرين‌ خزانة‌ عدد ساعات‌ الليل‌ والنهار؛ فخزانة‌ تجدها مملوّةً نوراً وسروراً، فيناله‌ عند مشاهدتها من‌ الفرح‌ والسرور ما لو وزّع‌ علی‌ أهل‌ النار لادهشهم‌ عن‌ الإحساس‌ بألم‌ النار، وهي‌ الساعة‌ التي‌ أطاع‌ فيها ربّه‌؛ ثمّ يفتح‌ له‌ خزانة‌ أُخري‌ فيراها مظلمة‌ منتنة‌ مفزعة‌، فيناله‌ منها عند مشاهدتها من‌ الفزع‌ والجزع‌ ما لو قسّم‌ علی‌ أهل‌ الجنّة‌ لنغّص‌ علیهم‌ نعيمها، وهي‌ الساعة‌ التي‌ عصي‌ فيها ربّه‌؛ ثمّ يفتح‌ له‌ خزانة‌ أُخري‌ فيراها خإلیة‌ ليس‌ فيها ما يسرّه‌ ولايسوؤُه‌، وهي‌ الساعة‌ التي‌ نام‌ فيها أو اشتغل‌ فيها بشي‌ءٍ من‌ مباحات‌ الدنيا، فيناله‌ من‌ الغبن‌ والاسف‌ علی‌ فواتها حيث‌ كان‌ متمكّناً من‌ أن‌ يملاها حسنات‌ ما لايوصف‌، ومن‌ هذا قوله‌ تعإلی‌: ذَ ' لِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ. [4]

 وروي‌ أيضاً في‌ «عدّة‌ الداعي‌»:

 إنَّ اللَهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَإلی‌ يَجْمَعُ الخَلاَئِقَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلِبَعْضِهِمْ علی‌ بَعْضٍ حُقُوقٌ، وَلَهُ تَعَإلی‌ قِبَلَهُمْ تَبِعَاتٌ. فَيَقُولُ: عِبَادِي‌! مَا كَانَ لِي‌ قِبَلَكُمْ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكُمْ، فَهَبُوا بَعْضَكُمْ تَبِعَاتِ بَعْضٍ، وَادْخُلُوا الجَنَّةَ جَمِيعاً بِرَحْمَتِي‌. [5]

 وروي‌ الصدوق‌ في‌ «التوحيد» عن‌ ابن‌ الوليد، عن‌ الصفّار، عن‌ ابن‌ هاشم‌، عن‌ ابن‌ معبد، عن‌ دُرُست‌، عن‌ ابن‌ أُذَيْنة‌، عن‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌، قال‌:

 قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! مَا تَقُولُ فِي‌ القَضَاءِ وَالقَدَرِ؟

 قَالَ: أَقُولُ: إنَّ اللَهَ تَعَإلی‌ إذَا جَمَعَ العِبَادَ يَوْمَ القِيَامَةِ سَأَلَهُمْ عَمَّا عَهِدَ إلیهِمْ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَمَّا قَضَي‌ علیهِمْ. [6]

 وروي‌ العيّاشي‌ّ في‌ تفسيره‌، ذيل‌ الآية‌ الكريمة‌: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـ'´نءِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُولاً. [7] عن‌ الحسين‌بن‌ هارون‌ عن‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قال‌: يُسْأَلُ السَّمْعُ عَمَّا يَسْمَعُ! وَالبَصَرُ عَمَّا يَطْرِفُ! وَالفُؤَادُ عَمَّا يَعْقِدُ علیهِ. [8]

 وروي‌ أيضاً في‌ «تفسير العيّاشيّ» عن‌ الحسن‌، قَالَ:

 كُنْتُ أُطِيلُ القُعُودَ فِي‌ المَخْرَجِ لاَسْمَعَ غِنَاءَ بَعْضِ الجِيرَانِ؛ قَالَ: فَدَخَلْتُ علی‌ أَبِي‌ عَبْدِ اللَهِ، فَقَالَ لِي‌: يَا حَسَنُ! «إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـ'´نءِكَ كَانَ عَنْهُ مَسـُولاً». السَّمْعُ وَمَا وَعَي‌، وَالبَصَرُ وَمَا رَأَي‌، وَالفُؤَادُ وَمَا عَقَدَ علیهِ. [9]

 وروي‌ أيضاً في‌ «تفسير العيّاشي‌ّ» عن‌ أبي‌ جعفر، [10]قال‌:

 كُنْتُ عِنْدَ أَبِي‌ عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بِأَبِي‌ أَنْتَ وَأُمِّي‌! أَدْخُلُ كَنِيفاً لِي‌، وَلِي‌ جِيرَانٌ وَعِنْدَهُمْ جَوَارِي‌ يَتَغَنَّيْنَ وَيَضْرِبْنَ بِالعُودِ؛ فَرُبَّمَا أَطَلْتُ الجُلُوسَ اسْتِمَاعاً مِنِّي‌ لَهُنَّ.

 فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ!

 فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَهِ مَا أَتَيْتُهُنَّ؛ إنَّمَا هُوَ اسْتِمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذُنِي‌.

 فَقَالَ لَهُ: أَمَا سَمِعْتَ اللَهَ يَقُولُ: «إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـ'´نءِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُولاً»؟!

 قَالَ: بَلَي‌ وَاللَهِ فَكَأَ نِّي‌ لَمْ أَسْمَعْ هَذِهِ الآيَةَ قَطُّ مِنْ كِتَابِ اللَهِ مِنْ عَجَمَي‌ٍّ وَلاَ مِنْ عَرَبِي‌ٍّ؛ لاَ جَـرَمَ أَ نِّي‌ لاَ أَعُودُ إنْ شَـاءَ اللَهُ؛ وَإنِّي‌ أَسْتَغْفِرُ اللَهَ.

 فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَاغْتَسِلْ وَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ! فَإِنَّكَ كُنْتَ مُقِيماً علی‌ أَمْرٍ عَظِيمٍ. مَا كَانَ أَسْوَأَ حَالَكَ لَوْ مِتَّ علی‌ ذَلِكَ! احْمَدِ اللَهَ وَاسْأَلْهُ التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا يَكْـرَهُ، فَإنَّهُ لاَ يَكْـرَهُ إلاَّ كُلَّ القَبِيـحِ؛ وَالقَبِيـحَ دَعْهُ لاِهْلِهِ، فَإنَّ لِكُلٍّ أَهْلاً. [11]

 وقد روي‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ مدّ ظلّه‌ العإلی‌ هذه‌ الرواية‌ عن‌ «تفسير العيّاشي‌ّ» بإسناده‌ عن‌ أبي‌ جعفر ضمن‌ حديث‌ مفصّل‌. [12]

 وروي‌ كذلك‌ في‌ «تفسير العيّاشي‌ّ» عن‌ أبي‌ عمرو الزبيري‌ّ، عن‌ الإمام أبي‌ عبدالله‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، قال‌:

 إنّ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ فرض‌ الإيمان‌ علی‌ جوارح‌ بني‌ آدم‌، وقسّمه‌ علیها، فليس‌ من‌ جوارحه‌ جارحة‌ إلاّ وقد وكّلت‌ به‌ من‌ الإيمان‌ بغير ما وكّلت‌ به‌ أُختها؛ ومنها عيناه‌ اللتان‌ ينظر بهما، ورجلاه‌ اللتان‌ يمشي‌ ] بهما [؛ ففرض‌ علی‌ العين‌ أن‌ لا تنظر إلی‌ ما حرّم‌ الله‌ علیه‌، وأن‌ تغضّ عمّا نهاه‌ الله‌ عنه‌ ممّا لا يحلّ له‌، وهو عمله‌، وهو من‌ الإيمان‌، قال‌ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌:

 وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعُ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـ'´نءِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُولاً. [13]

 فهذا ما فرض‌ الله‌ من‌ غضّ البصر عمّا حرّم‌ الله‌ وهو عملها وهو من‌ الإيمان‌؛ وفرض‌ اللهُ علی‌ الرِّجلينِ أن‌ لا يمشي‌ بها إلی‌ شي‌ء من‌ معاصي‌ الله‌، وفرض‌ علیهما المشي‌ فيما فرض‌ الله‌، فقال‌:

 وَلاَ تَمْشِ فِي‌ الاْرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن‌ تَخْرِقَ الاْرْضَ وَلَن‌ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً. [14]

 وقال‌: وَاقْصِدْ فِي‌ مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن‌ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَصْوَ ' تِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ. [15]

 وروي‌ المرحوم‌ الكليني‌ّ في‌ «الكافي‌» عن‌ عدّة‌ من‌ الاصحاب‌، عن‌ البرقي‌ّ، عن‌ الحسن‌ بن‌ علی بن‌ يقطين‌، عن‌ محمّدبن‌ سنان‌، عن‌ أبي‌ الجارود، عن‌ الإمام أبي‌ جعفر الباقر علیه‌ السلام‌، قَالَ:

 إنَّمَا يُدَاقُّ اللَهُ العِبَادَ فِي‌ الحِسَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ علی‌ قَدْرِ مَا آتَاهُمْ مِنَ العُقُولِ فِي‌ الدُّنْيَا. [16]

 كما روي‌ الكليني‌ّ في‌ «الكافي‌» عن‌ علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، والعدّة‌، عن‌ أحمدبن‌ محمّد وسهل‌ جميعاً، عن‌ ابن‌ محبوب‌، عن‌ مالك‌بن‌ عطية‌، عن‌ يونس‌بن‌ عمّار، قال‌: قال‌ أبو عبد الله‌ ( الصادق‌ ) علیه‌ السلام‌:

 إنّ الدواوين‌ يوم‌ القيامة‌ ثلاثة‌، ديوان‌ فيه‌ النعم‌، وديوان‌ فيه‌ الحسنات‌، وديوان‌ فيه‌ السيّئات‌، فيقابل‌ بين‌ ديوان‌ النعم‌ وديوان‌الحسنات‌، فتستغرق‌ النعمُ ديوانَ الحسنات‌، ويبقي‌ ديوانُ السيّئات‌، فيُدعي‌ ابن‌ آدم‌ المؤمن‌ للحساب‌، فيتقدّم‌ القرآنُ أمامه‌ في‌ أحسن‌ صورةٍ فيقول‌: ياربِّ! أنا القرآنُ، وهذا عبدُك‌ المؤمن‌، قد كان‌ يُتعب‌ نفسَه‌ بتلاوتي‌، ويُطيل‌ ليلَه‌ بترتيلي‌، وتفيض‌ عيناه‌ إذا تهجّد، فأرْضِهِ كما أرضاني‌.

 قال‌: فيقول‌ العزيزُ الجبّار: ابسطْ يَمينَك‌، فيملاها من‌ رضوان‌ الله‌ العزيز الجبّار، ويملا شماله‌ من‌ رحمة‌ الله‌، ثُمّ يُقال‌: هذه‌ الجنّة‌ مُباحة‌ لك‌ فاقرأْ واصعد؛ فإذا قرأَ أيةً صعدَ درجةً. [17]

 وقد أورد الحسين‌ بن‌ سعيد في‌ كتابَيْهِ صدر هذه‌ الرواية‌ فقط‌ الذي‌ يتعلّق‌ بالدواوين‌ الثلاثة‌ واستغراق‌ النعم‌ ديوانَ الحسنات‌. [18]

 وجاء في‌ «نهج‌ البلاغة‌»:

 أَلاَ وَإنَّ الظُّلْمَ ثَلاَثَةٌ فَظُلْمٌ لاَ يُغْفَرُ، وَظُلْمٌ لاَ يُتْرَكُ، وَظُلْمٌ مَغْفُورٌ لاَيُطْلَبُ؛ فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي‌ لاَ يُغْفَرُ فَالشِّرْكُ بِاللَهِ. قَالَ اللَهُ تَعَإلی‌: «إِنَّ اللَهَ لاَيَغْفِرُ أَن‌ يُشْرَكَ بِهِ»؛ وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي‌ يُغْفَرُ فَظُلْمُ العَبْدِ نَفْسَهُ عِنْدَ بَعْضِ الهَنَاتِ؛ وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي‌ لاَ يُتْرَكُ، فَظُلْمُ العِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً. القِصَاصُ هُنَاكَ شَدِيدٌ؛ لَيْسَ هُوَ جَرْحَاً بِالمُدِي‌ وَلاَ ضَرْبَاً بِالسِّيَاطِ؛ وَلَكِنَّهُ مَا يُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَهُ. [19]

 الرجوع الي الفهرس

السؤال‌ والحساب‌ في‌ عقبة‌ المحشر

القصاص‌ في‌ يوم‌ الحشر

 وروي‌ الكليني‌ّ في‌ «روضة‌ الكافي‌» عن‌ عدّة‌ من‌ أصحابنا، عن‌ سهل‌ ابن‌زياد، عن‌ الحسن‌ بن‌ محبوب‌، عن‌ علی‌ّ بن‌ رئاب‌، عن‌ أبي‌ عُبيدة‌ الحذّاء، عن‌ ثوير بن‌ أبي‌ فاختة‌، قال‌:

 سمعتُ علی‌ّ بن‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ يحدّث‌ في‌ مسجد رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، فقال‌: حدّثني‌ أبي‌ أ نّه‌ سمع‌ أباه‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ يحدّث‌ الناس‌، قال‌: إذا كان‌ يومُ القيامة‌ بعثَ اللهُ تبارك‌ وتعإلی‌ الناسَ من‌ حفرهم‌ عُزلاً بهماً جُرداً مُرداً ( أي‌ ليس‌ لهم‌ من‌ اللباس‌ الدنيوي‌ّ ما يسترهم‌ ) في‌ صعيد واحد، يسوقهم‌ النور وتجمعهم‌ الظلمة‌، حتّي‌ يقفوا علی‌ عقبة‌ المحشر، فيركب‌ بعضُهم‌ بعضاً ويزدحمون‌ دونها، فيُمنعون‌ من‌ المضي‌ّ، فتشتدّ أنفاسُهم‌ ويكثر عرقُهم‌، وتضيقُ بهم‌ أُمورهم‌، ويشتدّ ضجيجهم‌، وترتفعُ أصواتهم‌. قال‌: وهو أوّلُ هوْلٍ من‌ أهوال‌ يومِ القيامةِ.

 قالَ: فيُشرف‌ الجبّارُ تبارك‌ وتعإلی‌ علیهم‌ مِن‌ فوقِ عَرْشه‌ في‌ ظلال‌ من‌ الملائكة‌، فيأمر مَلَكاً من‌ الملائكة‌ فيُنادي‌ فيهم‌: يا معشر الخلق‌ أنصتوا واستمعوا منادي‌ الجبّار!

 قال‌: فيسمع‌ آخرُهم‌ كما يسمع‌ أوّلهم‌. قال‌: فتنكسر أصواتُهم‌ عند ذلك‌، وتخشع‌ أبصارهم‌، وتضطرب‌ فرائصهم‌، وتفزع‌ قلوبهم‌، ويرفعون‌ رؤوسهم‌ إلی‌ ناحية‌ الصوت‌ مهطعين‌ إلی‌ الداعي‌.

 قال‌: فعند ذلك‌ يقول‌ الكافر: هَـ'ذَا يَوْمٌ عَسِرٌ. [20]

 قال‌: فيُشرف‌ الجبّارُ عَزّ وجلّ الحكمُ العدل‌ علیهم‌ فيقول‌: أنا اللهُ لاإله‌ إلاّ أنا الحكمُ العدلُ الذي‌ لا يَجور؛ إلیوم‌ أحكمُ بَينكم‌ بعَدْلي‌ وقسطي‌، لايُظلَم‌ إلیومَ عندي‌ أحدٌ؛ إلیوم‌ آخذ للضعيفِ من‌ القوي‌ِّ حقَّه‌، ولصاحبِ المظلَمةِ بالمظلمةِ بالقصاص‌ من‌ الحسنات‌ والسيّئات‌، [21] وأُثيب‌ علی‌ الهبات‌، ولايجوز هذه‌ العقبة‌ إلیوم‌ عندي‌ ظالم‌ ولا أحد عنده‌ مظلَمة‌، إلاّ مظلمة‌ يهبها صاحبها وأُثيبه‌ علیها وآخذ له‌ بها عند الحساب‌، فتلازموا أيّها الخلائق‌ واطلبوا مظالمكم‌ عند مَن‌ ظلمكم‌ بها في‌ الدنيا، وأنا شاهدٌ لكم‌ علیهم‌ وكفي‌ بي‌ شهيداً.

 قال‌: فيتعارفون‌ ويتلازمون‌، فلا يبقي‌ أحدٌ له‌ عند أحد مظلمة‌ أو حقّ إلاّ لزمه‌ بها. قال‌: فيمكثون‌ ما شاء الله‌، فيشتدّ حالُهم‌ ويكثر عرقُهم‌ ويشتدّ غمُّهم‌ وترتفع‌ أصواتُهم‌ بضجيج‌ شديد، فيتمنّون‌ المخلص‌ منه‌ بترك‌ مظالمهم‌ لاهلها.

 قال‌: ويطّلع‌ الله‌ عزّ وجلّ علی‌ جهدهم‌، فينادي‌ منادٍ من‌ عند الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ ـيسمع‌ آخرهم‌ كما يسمع‌ أوّلهم‌ـ:

 يا معشر الخلائق‌! أنصتوا لداعي‌ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ واسمعوا. إنّ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ يقول‌ ] لكم‌ [: أنا الوهّاب‌، إن‌ أجبتُم‌ أَن‌ تواهبوا فتواهبوا، وإن‌ لم‌تواهبوا أخذتُ لكم‌ بمظالمكم‌.

 قال‌: فيفرحون‌ بذلك‌ لشدّة‌ جهدهم‌ وضيق‌ مسلكهم‌ وتزاحمهم‌.

 قال‌: فيهب‌ بعضُهم‌ مظالمهم‌ رجاء أن‌ يتخلّصوا ممّا هم‌ فيه‌ ويبقي‌ بعضُهم‌ فيقول‌: يا ربِّ! مظالمنا أعظم‌ من‌ أن‌ نهبها. قال‌: فيُنادي‌ منادٍ من‌ تلقاء العرش‌: أين‌ رضوان‌ خازن‌ الجنان‌، جنان‌ الفردوس‌؟

 قال‌: فيأمره‌ الله‌ عزّ وجلّ أن‌ يطلع‌ من‌ الفردوس‌ قصراً من‌ فضّة‌ بما فيه‌ من‌ الابنية‌ والخدم‌. قال‌: فيطلعه‌ علیهم‌ في‌ حفافة‌ القصر الوصائف‌ والخدم‌. قال‌: فينادي‌ مناد من‌ عند الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌: يامعشر الخلائق‌! ارفعوا رؤوسكم‌ فانظروا إلی‌ هذا القصر! قال‌: فيرفعون‌ رؤوسهم‌ فكلّهم‌ يتمنّاه‌.

 قال‌: فينادي‌ منادٍ من‌ عند الله‌ تعإلی‌: يا معشر الخلائق‌! هذا لكلِّ مَن‌ عفي‌ عن‌ مؤمن‌ قال‌: فيعفون‌ كلّهم‌ إلاّ القليل‌.

 قال‌: فيقول‌ الله‌ عزّ وجلّ: لا يجوز إلی‌ جنّتي‌ إلیوم‌ ظالم‌، ولايجوز إلی‌ ناري‌ إلیوم‌ ظالم‌ ولاحدٍ من‌ المسلمين‌ عنده‌ مظلمة‌ حتّي‌ يأخذها منه‌ عند الحساب‌؛ أيّها الخلائق‌! استعدّوا للحساب‌. قال‌: ثمّ يخلّي‌ سبيلهم‌ فينطلقون‌ إلی‌ العقبة‌ يكرد[22] بعضهم‌ بعضاً، حتّي‌ ينتهوا إلی‌ العرصة‌ والجبّار تبارك‌ وتعإلی‌ علی‌ العرش‌، قد نُشرت‌ الدواوين‌ ونُصبت‌ الموازين‌ وأُحضر النبيّون‌ والشهداء وهم‌ الائمّة‌، يشهد كلُّ إمامٍ علی‌ أهل‌ عالمه‌ بأ نّه‌ قد قام‌ فيهم‌ بأمر الله‌ عزّ وجلّ، ودعاهم‌ إلی‌ سبيل‌ الله‌.

 قال‌ ( ثوير بن‌ فاختة‌ راوي‌ الرواية‌ ): فقال‌ له‌ رجلٌ من‌ قُريش‌: يابن‌ رسول‌الله‌! إذا كان‌ للرجل‌ المؤمن‌ عند الرجل‌ الكافر مظلمة‌، أي‌ّ شي‌ء يأخذ من‌ الكافر وهو من‌ أهل‌ النار؟! قال‌: فقال‌ له‌ علی‌ُّبن‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌: يُطرح‌ عن‌ المسلم‌ من‌ سيّئاته‌ بقدر ما له‌ علی‌ الكافر فيعذّب‌ الكافر بها مع‌ عذابه‌ بكفره‌ عذاباً بقدر ما للمسلم‌ قِبلَه‌ من‌ مظلمة‌.

 قال‌: فقال‌ له‌ القرشي‌ُّ: فإذَا كانت‌ المظلمة‌ للمسلم‌ عند مسلم‌، كيف‌ تؤخذ مظلمته‌ من‌ المسلم‌؟ قال‌: يؤخذ للمظلوم‌ من‌ الظالم‌ من‌ حسناته‌ بقدر حقّ المظلوم‌، فتزاد علی‌ حسنات‌ المظلوم‌.

 قال‌: فقال‌ له‌ القرشي‌ّ: فإن‌ لم‌ يكن‌ للظالم‌ حسنات‌؟ قال‌: إن‌ لم‌يكن‌ للظالم‌ حسنات‌، فإنّ للمظلوم‌ سيّئات‌؛ يؤخذ من‌ سيّئات‌ المظلوم‌ فتزاد علی‌ سيّئات‌ الظالم‌. [23]

 وروي‌ الصدوق‌ في‌ «علل‌ الشرائع‌» عن‌ ابن‌ إدريس‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ يعقوب‌بن‌ يزيد مرفوعاً عن‌ أحدهم‌ علیهم‌ السلام‌، قال‌:

 يُؤْتَي‌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَشْكُو الوَحْشَةَ؛ فَإن‌ كَانَتْ لَهُ حَسَناتٌ أُخِذَتْ مِنْهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ. قَالَ: وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُلْقِيَ علیهِ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِ الدَّيْنِـ الحديث‌. [24]

 وقد وردت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «العلل‌» بهذه‌ الالفاظ‌ التي‌ ذكرناها، ونقلها المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ بهذا اللفظ‌، إلاّ أ نّه‌ قال‌ عن‌ لفظ‌ «الوحشة‌» الذي‌ لم‌يكن‌ له‌ معني‌ مناسب‌: ولعلّه‌ كان‌ مكانه‌ غريمه‌ أو نحوه‌. [25]

 أجل‌، فلهذه‌ الطائفة‌ من‌ الروايات‌ دلالة‌ علی‌ شمول‌ السؤال‌ والحساب‌ لجميع‌ الخلائق‌.

 وأمّا عن‌ عموميّة‌ الحساب‌ والسؤال‌، بلحاظ‌ الجمع‌ بين‌ طائفتين‌ من‌ الآيات‌ القرآنيّة‌، فيطرأ سؤال‌ في‌ البَيْن‌؛ ذلك‌ أنّ طائفة‌ من‌ الآيات‌ تقول‌:

 فَلَنَسئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلیهِمْ وَلَنَسئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ* فَلَنَقُصَّنَّ علیهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآنءِبِينَ. [26]

 فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. [27]

 وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم‌ مَّسْـُولُونَ. [28]

 أمّا الطائفة‌ الاُخري‌ فتقول‌: وَلاَ يُسْـَلُ عَن‌ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. [29]

 فَيَوْمَنءِذٍ لاَّ يُسْـَلُ عَن‌ ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ. [30]

 وبينما تقول‌ الطائفة‌ الاُولي‌ بأنّ الجميع‌ سيُسألون‌ يوم‌ القيامة‌، تصرّح‌ الطائفة‌ الثانية‌ بأنـّهم‌ لن‌ يُسألون‌. فكيف‌ يمكن‌ الجمع‌ بين‌ مضمون‌ هاتين‌ الطائفتين‌ من‌ الآيات‌؟

 الرجوع الي الفهرس

سؤال‌ الله‌ تعإلی‌ ليس‌ استفهاماً

 قال‌ الشيخ‌ الطبرسي‌ّ: والجواب‌ عنه‌ من‌ وجوه‌؛ أحدها أ نّه‌ سبحانه‌ نفي‌ أن‌ يسألهم‌ سؤال‌ استرشاد واستعلام‌، وإنّما يسألهم‌ سؤال‌ تبكيت‌ وتقريع‌، ولذلك‌ قال‌ عقيبه‌: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَـ'هُمْ. [31]

 وثانيها: أ نّهم‌ إنّما يُسألون‌ يوم‌ القيامة‌، كما قال‌: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم‌ مَّسْـُولُونَ؛ [32] ثمّ تنقطع‌ مساءلتهم‌ بعد حصول‌ العقوبة‌ ودخولهم‌ النار.

 وثالثها: أنّ في‌ القيامة‌ مواقف‌، ففي‌ بعضها يُسأل‌، وفي‌ بعضها لايُسأل‌. فلاتضادّ بين‌ الآيات‌.

 وأمّا الجمع‌ بين‌ قوله‌: فَلآ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَنءِذٍ وَلاَيَتَسَآءَلُونَ، [33]

 وقوله‌: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ علی‌' بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ، [34] فمعني‌ الاوّل‌ أن‌ لايسأل‌ بعضهم‌ بعضاً سؤال‌ استخبار عن‌ الحال‌ التي‌ جهلها بعضهم‌ لتشاغلهم‌ عن‌ ذلك‌. والثاني‌: أن‌ يسأل‌ بعضهم‌ بعضاً سؤال‌ لوم‌ وتوبيخ‌ كما قال‌ في‌ موضع‌ آخر: يتلاومون‌. [35]

 وقال‌ أُستاذنا العلاّمة‌ الطباطبائيّ مدّ ظلّه‌ في‌ ذيل‌ الآية‌ الواقعة‌ في‌ سورة‌ القصص‌: وَلاَ يُسْئَلُ عَن‌ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ، باعتبار وقوع‌ هذه‌ الآية‌ عقب‌ الآيات‌ النازلة‌ في‌ شأن‌ فرعون‌ وعذابه‌:

 ظاهر السياق‌ أنّ المراد به‌ بيان‌ السنّة‌ الإلهيّة‌ في‌ تعذيب‌ المجرمين‌ وإهلاكهم‌ بذنوبهم‌، فيكون‌ كناية‌ عن‌ عدم‌ إمهالهم‌ والإصغاء إلی‌ ما لفّقوه‌ من‌ المعاذير أو هيّؤوه‌ من‌ التذلل‌ والإنابة‌ ليرجوا بذلك‌ النجاة‌، كما أنّ أُولي‌ الطول‌ والقوّة‌ من‌ البشر إذا أرادوا تعذيب‌ من‌ يتحكّمون‌ علیه‌ سألوه‌ عن‌ ذنبه‌ ليقضوا علیه‌ بالجرم‌ ثمّ العذاب‌، وربّما صرف‌ المجرم‌ عذابهم‌ عن‌ نفسه‌ بما لفّقه‌ من‌ المعاذير؛ لكنّ الله‌ سبحانه‌ لايسأل‌ المجرمين‌ عن‌ ذنوبهم‌ لعلمه‌ بحقيقة‌ الحال‌، وإنّما يقضي‌ علیهم‌ قضاءً فيأتيهم‌ عذاب‌ غير مردود. [36]

 وقال‌ في‌ ذيل‌ الآية‌ الواقعة‌ في‌ سورة‌ الرحمن‌: فَيَوْمَنءِذٍ لاِيُسْئَلُ عَن‌ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ:

 والسؤال‌ المنفي‌ هو النحو المألوف‌ من‌ السؤال‌؛ ولاينافي‌ نفي‌ السؤال‌ في‌ هذه‌ الآية‌ إثباته‌ في‌ قوله‌:

 وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم‌ مَّسْئُولُونَ، وقوله‌: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ؛ لانّ إلیوم‌ ذو مواقف‌ مختلفة‌ يُسأل‌ في‌ بعضها، ويختم‌ علی‌ الافواه‌ في‌ بعضها وتكلّم‌ الاعضاء، ويعرف‌ بالسيماء في‌ بعضها. [37]

 الرجوع الي الفهرس

السؤال‌ من‌ الانبياء والائمّة‌ علیهم‌ السلام‌

 وينبغي‌ أن‌ يُعلم‌ بأنّ عموميّة‌ السؤال‌ لجميع‌ الخلائق‌ تشمل‌ الانبياء والائمّة‌ بدورهم‌؛ منتهي‌ الامر أنّ الاُمم‌ تُسأَل‌ عن‌ كيفيّة‌ طاعتها للانبياء والائمّة‌، بينما يُسأل‌ الانبياء والائمّة‌ عن‌ كيفيّة‌ إبلاغهم‌ أُممهم‌، وعن‌ مدي‌ طاعة‌ أُممهم‌ لهم‌.

 روي‌ الكلينـي‌ّ في‌ «الكافي‌» عن‌ أبـي‌ علی‌ّ الاشـعري‌ّ، عن‌ ابن‌ عبدالجبّار، عن‌ ابن‌ أبي‌ نجران‌، عن‌ أبي‌ جميلة‌، عن‌ جابر، عن‌ الإمام أبي‌ جعفر الباقر علیه‌ السلام‌، قَالَ:

 قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: يَا مَعَاشِرَ قُرَّاءِ القُرْآنِ! اتَّقُوا اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا حَمَلَكُمْ مِن‌ كِتَابِهِ، فَإنِّي‌ مَسْؤُولٌ وَإنَّكُمْ مَسْؤُولُونَ! إنِّي‌ مَسْؤُولٌ عَنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَأَمَّا أَنتُمْ فَتُسْأَ لُونَ عَمَّا حُمِّلْتُمْ مِنْ كِتَابِ اللَهِ وَسُنَّتِي‌. [38] 

 سؤال‌ النبي‌ّ نوح‌ وإجابته‌ في‌ موقف‌ القيامة‌

 كما يروي‌ الكلينيّ في‌ «الكافي‌» عن‌ محمّد بن‌ يحيي‌، عن‌ أحمدبن‌ محمّد، عن‌ محمّد بن‌ خالد، عن‌ القاسم‌ بن‌ محمّد، عن‌ جميل‌بن‌ صالح‌، عن‌ يوسف‌بن‌ أبي‌ سعيد، قال‌:

 كنتُ عند أبي‌ عبد الله‌ علیه‌ السلام‌ ذات‌ يوم‌، فقال‌ لي‌: إذا كان‌ يوم‌ القيامة‌ وجمع‌ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ الخلائق‌، كان‌ نوح‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ أوّل‌ مَن‌ يدعي‌ به‌ فيقال‌ له‌: هل‌ بلّغتَ؟ فيقول‌: نعم‌. فيقال‌ له‌: مَن‌ يشهد لك‌؟ فيقول‌: محمّد بن‌ عبد الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌.

 قال‌: فيخرج‌ نوح‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ فيتخطّي‌ الناس‌ حتّي‌ يجي‌ء إلی‌ محمّد صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وهو علی‌ كثيب‌ المسك‌ ومعه‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، وهو قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِي´ـَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا؛ [39] فيقول‌ نوح‌ لِمُحَمَّدٍ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: يا محمّد! إنّ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ سألني‌: هل‌ بلّغت‌؟ فقلتُ: نعم‌، فقال‌: مَن‌ يشهد لك‌؟ فقلتُ: محمّد. فيقول‌: يا جعفر ويا حمزة‌! اذهبا واشهدا له‌ أ نّه‌ قد بلّغ‌. فقال‌ أبو عبدالله‌ علیه‌ السلام‌: فَجَعْفَر وحَمْزَة‌ هما الشاهدان‌ للانبياء علیهم‌ السلام‌ بما بلّغوا. فقلت‌: جُعلت‌ فداك‌ فعلی‌ٌّ علیه‌ السلام‌ أين‌ هو؟ فقال‌: هو أعظم‌ منزلةً من‌ ذلك‌. [40]

 كما روي‌ في‌ «الكافي‌» عن‌ علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌، عن‌ محمّدبن‌ عيسي‌، عن‌ يونس‌، عن‌ رجل‌، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ (الصادق) علیه‌ السلام‌، قَالَ:

 قَالَ الخِضْرُ لِمُوسَي‌ علیهِ السَّلاَمُ: يَا مُوسَي‌! إنَّ أَصْلَحَ يَوْمَيْكَ الَّذِي‌ هُوَ أَمَامَكَ! فَانْظُرْ أَي‌ُّ يَوْمٍ هُوَ، وَأَعِدَّ لَهُ الجَوَابَ، فَإنَّكَ مَوْقُوفٌ وَمَسْؤُولٌ! وَخُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ، فَإنَّ الدَّهْرَ طَوِيلٌ قَصِيرٌ. [41]

 فَاعْمَلْ كَأَ نَّكَ تَرَي‌ ثَوَابَ عَمَلِكَ لِيَكُونَ أَطْمَعَ لَكَ فِي‌ الآخِرَةِ، فَإنَّ مَا هُوَ آتٍ مِنَ الدُّنْيَا كَمَا قَدْ وَلَّي‌ مِنْهَا. [42]

 ويتّضح‌ ممّا قيل‌ أنّ الانبياء يُحاسبون‌ ويُسألون‌ بدورهم‌، منتهي‌ الامر أنّ حساب‌ كلّ امري‌ وسؤاله‌ يتناسبان‌ معه‌ ومع‌ شؤونه‌. فحساب‌ الانبياء في‌ منتهي‌ الدقّة‌ والعمق‌ والخطورة‌، إذ كلّما ارتفعت‌ الدرجة‌ والمقام‌ والمنزلة‌، زادت‌ معها أهمّيّة‌ التكإلیف‌ وخطورتها.

 إنّ جميع‌ الكائنات‌ ـعدا الذات‌ القدسيّة‌ للحضرة‌ الاحديّة‌ سبحانه‌ وتعإلی‌ـ ممكنة‌ الوجود، والانبياء هم‌ بشر كالآخرين‌، إلاّ أ نّهم‌ نالوا هذه‌ المقامات‌ تبعاً للتكليف‌ ومجاهدة‌ النفس‌. وحيثما كان‌ هناك‌ تكليف‌، تبعه‌ السؤال‌ والحساب‌. وعصمتهم‌ لا تنافي‌ تكليفهم‌، لانّ العصمة‌ لاتسلب‌ منهم‌ إرادتهم‌ واختيارهم‌. ومادامت‌ الإرادة‌ والاختيار لدي‌ المرء، فسيوجد معهما التكليف‌ والمجاهدة‌، والسؤال‌ والحساب‌.

 وقد بحثنا بحمد الله‌ ومنّه‌ في‌ هذا الموضوع‌ بما تيسّر في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ كتاب‌ «معرفة‌ الإمام‌» وأوضحنا أنّ العصمة‌ لا تستدعي‌ سلب‌ الإرادة‌ من‌ المعصومين‌، ولاتجعل‌ أفعالهم‌ إجباريّة‌ واضطراريّة‌، بل‌ إنّ قدرهم‌ ومنزلتهم‌ مستمدّان‌ من‌ أ نّهم‌ ـفي‌ عين‌ اختيارهم‌ـ لايرتكبون‌ الذنوب‌ والاخطاء، ولولا ذلك‌ لما كان‌ للعمل‌ الاضطراري‌ّ من‌ فضيلة‌. قال‌ أُستاذنا العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ في‌ أمر عدم‌ منافاة‌ عصمة‌ الانبياء للتكإلیف‌ الإلهيّة‌:

 وأمّا كون‌ الانبياء معصومين‌ بعصمة‌ إلهيّة‌ يمتنع‌ معها صدور المعصية‌ عنهم‌، فلايوجب‌ ذلك‌ سقوط‌ التكليف‌ عنهم‌ وعدم‌ صحّة‌ توجّهه‌ إلیهم‌؛ ولو كان‌ ذلك‌ لم‌ تتصوّر في‌ حقّهم‌ معصية‌ كسائر من‌ لاتكليف‌ علیه‌، فلم‌يكن‌ معني‌ لعصمتهم‌. [43]

 سؤال‌ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ وإجابته‌ في‌ موقف‌ القيامة‌

 وقد وردت‌ آيات‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ تتحدّث‌ عن‌ السؤال‌ من‌ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ علی‌ نبيّنا وآله‌ وعلیه‌ السلام‌ وإجابته‌:

 وَإِذْ قَالَ اللَهُ يَـ'عِيسَي‌ ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي‌ وَأُمِّيَ إِلَـ'هَيْنِ مِن‌ دُونِ اللَهِ قَالَ سُبْحَـ'نَكَ مَا يَكُونُ لِي‌´ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي‌ بِحَقٍّ إِن‌ كُنتُ قُلْتُهُ و فَقَدْ عَلِمْتَهُ و تَعْلَمُ مَا فِي‌ نَفْسِي‌ وَلآ أَعْلَمُ مَا فِي‌ نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـ'مُ الْغُيُوبِ* مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي‌ بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَهَ رَبِّي‌ وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ علیهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي‌ كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ علیهِمْ وَأَنتَ علی‌' كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن‌ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن‌ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * قَالَ اللَهُ هَـ'ذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّـ'دِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّـ'تٌ تَجْرِي‌ مِن‌ تَحْتِهَا الاْنْهَـ'رُ خَـ'لِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَِ اللَهُ عَنهُمْ وَرَضُوا عَنهُ ذَ ' لِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. [44]

 الرجوع الي الفهرس

حضور رسول‌ الله‌ والائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ في‌ سؤال‌ عرصات‌ القيامة‌

 موقف‌ السؤال‌ من‌ النبي‌ّ والائمّة‌

 روي‌ علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌ القمّيّ في‌ تفسيره‌ ذيل‌ الآية‌ الاخيرة‌، عن‌ أبيه‌ إبراهيم‌، عن‌ الحسن‌ بن‌ محبوب‌، عن‌ محمّد بن‌ النعمان‌، عن‌ ضريس‌، عن‌ أبي‌ جعفر الباقر علیه‌ السلام‌ في‌ قوله‌ تعإلی‌: هَـ'ذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّـ'دِقِينَ صِدْقُهُمْ، قال‌:

 إذا كان‌ يوم‌ القيامة‌ وحُشر الناس‌ للحساب‌، فيمرّون‌ بأهوال‌ يوم‌ القيامة‌، فلاينتهون‌ إلی‌ العرصة‌ [45] حتّي‌ يجهدوا جهداً شديداً. قال‌: فيقفون‌ بفناء العرصة‌ ويشـرف‌ الجبّار علیهم‌ وهو علی‌ عرشـه‌؛ فأوّل‌ من‌ يُدعي‌ بنداءٍيسمع‌ الخلائق‌ أجمعون‌ أن‌ يهتف‌ باسم‌ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ النَّبِي‌ِّ القُرَشِي‌ِّ العَرَبِي‌ِّ. قال‌: فيتقدّم‌ حتّي‌ يقف‌ علی‌ يمين‌ العرش‌. قال‌: ثمّ يُدعي‌بصاحبكم‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، فيتقدّم‌ حتّي‌ يقف‌ علی‌ يسار رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌. ثمّ يدعي‌ بأُمّة‌ محمّد فيقفون‌ علی‌ يسار علی‌ّ علیه‌ السلام‌، ثمّ يدعي‌ بنبي‌ٍّ نبي‌ّ وأُمّته‌ معه‌ من‌ أوّل‌ النبيّين‌ إلی‌ آخرهم‌ وأُمتهم‌ معهم‌، فيقفون‌ علی‌ يسار العرش‌.

 الرجوع الي الفهرس

حضور القلم‌ واللوح‌ والملائكة‌ والانبياء والاُمم‌ في‌ عرصات‌ القيامة‌

 قال‌: ثمّ أوّل‌ من‌ يُدعي‌ للمساءلة‌ القلم‌.

 قال‌: فيتقدّم‌ فيقف‌ بين‌ يدي‌ الله‌ في‌ صورة‌ الآدميّين‌، فيقول‌ الله‌: هل‌ سطّرتَ في‌ اللوح‌ ما ألهمتُك‌ وأمرتُك‌ به‌ من‌ الوحي‌؟ فيقول‌ القلم‌: نعم‌ ياربّ؛ قد علمتَ أ نّي‌ قد سطّرتُ في‌ اللوح‌ ما أمرتني‌ وألهمتني‌ به‌ من‌ وحيك‌.

 فيقول‌ الله‌: فمن‌ يشهد لك‌ بذلك‌! فيقول‌: يا ربّ؛ وهل‌ اطّلع‌ علی‌ مكنون‌ سرّك‌ خلقٌ غيرك‌؟ قال‌: فيقول‌ له‌ الله‌: أفلحت‌ حجّتك‌.

 قال‌: ثمّ يُدعي‌ باللوح‌ فيتقدّم‌ في‌ صورة‌ الآدميّين‌ حتّي‌ يقف‌ مع‌ القلم‌، فيقول‌ له‌: هل‌ سطّر فيك‌ القلم‌ ما ألهمتُه‌ وأمرتُه‌ به‌ من‌ وحيي‌؟ فيقول‌ اللوح‌: نعم‌ يا ربّ، وبلّغتُه‌ إسرافيل‌. فيتقدّم‌ مع‌ القلم‌ واللوح‌ في‌ صورة‌ الآدميّين‌. فيقول‌ الله‌: هل‌ بلّغك‌ اللوح‌ ما سطّر فيه‌ القلم‌ من‌ وحيي‌؟ فيقول‌: نعم‌ يا ربّ، وبلّغتُه‌ جبرائيل‌.

 فيُدعي‌ بجبرائيل‌ فيتقدّم‌ حتّي‌ يقف‌ مع‌ إسرافيل‌، فيقول‌ الله‌: هل‌ بلّغك‌ إسرافيل‌ ما بلّغ‌؟

 فيقول‌: نعم‌ يا ربّ، وبلّغتُه‌ جميع‌ أنبيائك‌، وأنفذتُ إلیهم‌ جميع‌ ما انتهي‌ إلی‌ّ من‌ أمرك‌، وأدّيت‌ رسالتك‌ إلی‌ نبيّ نبيّ ورسولٍ رسول‌، وبلّغتهُم‌ كلّ وحيك‌ وحكمتك‌ وكتبك‌، وإنّ آخر من‌ بلّغتُه‌ رسالاتك‌ ووحيك‌ وحكمتك‌ وعلمك‌ وكتابك‌ وكلامك‌ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَهِ العَرَبِي‌ُّ القَرَشِي‌ُّ الحَرَمِي‌ُّ حبيبك‌.

 قال‌ أبو جعفر علیه‌ السلام‌: فإنّ أوّل‌ مَن‌ يُدعي‌ من‌ ولد آدم‌ للمساءلة‌ محُمَّدُبْنُ عَبْدِ اللَهِ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌، فيُدنيه‌ الله‌ حتّي‌ لايكون‌ خلقٌ أقرب‌ إلی‌ الله‌ يومئذٍ منه‌، فيقول‌ الله‌: يا محمّد! هل‌ بلّغك‌ جبرائيل‌ ما أوحيتُ إلیك‌ وأرسلُته‌ به‌ إلیك‌ من‌ كتابي‌ وحكمتي‌ وعلمي‌، وهل‌ أوحي‌ ذلك‌ إلیك‌؟ فيقول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: نعم‌ يا ربّ، قد بلّغني‌ جبرائيل‌ جميع‌ ما أوحيتَه‌ إلیه‌ وأرسلته‌ من‌ كتابك‌ وحكمتك‌ وعلمك‌ وأوحاه‌ إلی‌ّ.

 فيقول‌ الله‌ لمحمّد: هل‌ بلّغتَ أُمّتك‌ ما بلّغك‌ جبرائيل‌ من‌ كتابي‌ وحكمتي‌ وعلمي‌؟ فيقول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: نعم‌ يا ربّ، قد بلّغتُ أُمّتي‌ ما أُوحي‌ إلی‌ّ من‌ كتابك‌ وحكمتك‌ وعلمك‌، وجاهدتُ في‌ سبيلك‌.

 فيقول‌ الله‌ لمحمّد: فمن‌ يشهد لك‌ بذلك‌؟ فيقول‌ محمّد صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌: أنت‌ الشاهد لي‌ بتبليغ‌ الرسالة‌ وملائكتك‌ والابرار من‌ أُمّتي‌، وكفي‌ بك‌ شهيداً؛ فيُدعي‌ الملائكة‌ فيشهدون‌ لمحمّد بتبليغ‌ الرسالة‌.

 ثمّ يدعي‌ بأُمّة‌ محمّد فيُسألون‌: هل‌ بلّغكم‌ محمّد رسالتي‌ وكتابي‌ وحكمتي‌ وعلمي‌ وعلّمكم‌ ذلك‌؟ فيشهدون‌ لمحمّد بتبليغ‌ الرسالة‌ والحكمة‌ والعلم‌.

 فيقول‌ الله‌ لمحمّد: فهل‌ استخلفتَ في‌ أُمّتك‌ مِن‌ بعدك‌ مَن‌ يقوم‌ فيهم‌ بحكمتي‌ وعلمي‌، ويفسّر لهم‌ كتابي‌، ويبيّن‌ لهم‌ ما يختلفون‌ فيه‌ من‌ بعدك‌ حجّة‌ لي‌ وخليفة‌ في‌ الارض‌؟

 فيقول‌ محمّد: نعم‌ يا ربّ، قد خلّفت‌ فيهم‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ أخي‌ ووزيري‌ وخير أُمّتي‌، ونصبتُه‌ لهم‌ علماً في‌ حياتي‌ ودعوتُهم‌ إلی‌ طاعته‌، وجعلته‌ خليفتي‌ في‌ أُمّتي‌ وإماماً يقتدي‌ به‌ الائمـّة‌ من‌ بعدي‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌.

 فيُدعي‌ بعلی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ فيُقال‌ له‌: هل‌ أوصي‌ إلیك‌ محمّد واستخلفك‌ في‌ أُمّته‌ ونصبك‌ علماً لاُمّته‌ في‌ حياته‌، وهل‌ قمتَ فيهم‌ من‌ بعده‌ مقامه‌؟

 فيقول‌ له‌ علی‌ّ: نعم‌ يا ربّ، قد أوصي‌ إلی محمّد وخلّفني‌ في‌ أُمّته‌، ونصبني‌ لهم‌ علماً في‌ حياته‌، فلمّا قبضتَ محمّداً إلیك‌ جحدتني‌ أُمّته‌ ومكروا بي‌ واستضعفوني‌ وكادوا يقتلونني‌ وقدّموا قدّامي‌ من‌ أخّرتَ، وأخّروا من‌ قدّمت‌، ولم‌ يسمعوا منّي‌، ولم‌ يطيعوا أمري‌، فقاتلتُهم‌ في‌ سبيلك‌ حتّي‌ قتلوني‌.

 فيقال‌ لعلی‌ّ: فهل‌ خلّفتَ مِن‌ بعدك‌ في‌ أُمّة‌ محمّد حجّة‌ وخليفة‌ في‌ الارض‌ يدعو عبادي‌ إلی‌ ديني‌ وإلی‌ سبيلي‌؟ فيقول‌ علی‌ّ: نعم‌ ياربِّ، قد خلّفتُ فيهم‌ الحسن‌ ابني‌ وابن‌ بنت‌ نبيّك‌.

 فيُدعي‌ بالحسن‌ بن‌ علی‌ّ علیهما السلام‌ فيسأل‌ عمّا سُئل‌ عنه‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌. قال‌: ثمّ يُدعي‌ بإمامٍ إمام‌ وأهل‌ عالمه‌ فيحتجّون‌ بحجّتهم‌ فيقبل‌ الله‌ عذرهم‌ ويُجيز حجّتهم‌.

 قال‌: ثمّ يقول‌ الله‌: هَـ'ذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّـ'دِقِينَ صِدْقُهُمْ. قال‌ ( ضريس‌ راوي‌ الحديث‌ ): ثمّ انقطع‌ حديث‌ أبي‌ جعفر علیه‌ وعلی‌ آبائه‌ السلام‌. [46]

 الرجوع الي الفهرس

احتجاج‌ الله‌ علی‌ الاُمم‌ في‌ موقف‌ العرصات‌

يروي‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ عن‌ كتابَي‌ الحسين‌ بن‌ سعيد، عن‌ أبي‌ الحسن‌بن‌ عبدالله‌، عن‌ ابن‌ أبي‌ يعفور قال‌:

 دخلتُ علی‌ أبي‌ عبد الله‌ ( الصادق‌ ) علیه‌ السلام‌ وعنده‌ نفر من‌ أصحابه‌، فقال‌: يابن‌ أبي‌ يعفور هل‌ قرأتَ القرآن‌؟

 قال‌، قلت‌: نعم‌ هذه‌ القراءة‌. [47]

 قال‌: عنها سألتُك‌ ليس‌ عن‌ غيرها.

 قال‌، فقلتُ: نعم‌ جُعِلتُ فداك‌ ولِمَ؟

 قال‌: لانّ موسي‌ علیه‌ السلام‌ حدّث‌ قومه‌ بحديث‌ لم‌ يحتملوه‌ عنه‌، فخرجوا علیه‌ بمصر فقاتلوه‌، فقاتلهم‌ فقتلهم‌؛ ولانّ عيسي‌ علیه‌ السلام‌ حدّث‌ قومه‌ بحديث‌ فلم‌ يحتملوه‌ عنه‌ فخرجوا علیه‌ بـ تكريت‌ [48] فقاتلوه‌، فقاتلهم‌ فقتلهم‌. وهو قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: فَـَامَنَت‌ طَانءِفَةٌ مِّن‌ بَنِي‌´ إِسْرَ ' ءِيلَ وَكَفَرَت‌ طَّآنءِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا علی‌' عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَـ'هِرِينَ. [49] وأ نّه‌ أوّل‌ قائم‌ يقوم‌ منّا أهل‌ البيت‌ يحدّثكم‌ بحديث‌ لا تحتملونه‌ فتخرجون‌ علیه‌ برميلة‌ الدسكرة‌ [50] فتقاتلونه‌ فيقتلكم‌، وهي‌ آخر خارجة‌ تكون‌؛ ثمّ يجمع‌ الله‌ ـيابن‌ أبي‌ يعفورـ الاوّلين‌ والآخرين‌، ثمّ يُجاء بمحمّد صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ أهل‌ زمانه‌، فيقال‌ له‌: يا محمّد! بلّغت‌ رسالتي‌ واحتججت‌ علی‌ القوم‌ بما أمرتُك‌ أن‌ تحدّثهم‌ به‌؟ فيقول‌: نعم‌ يا ربّ ـوقد عَلِمَ اللهُ تبارك‌ وتعإلی‌ أ نّه‌ قد فعل‌ ذلك‌ـ يُعيد ثلاث‌ مرّات‌ فيصّدق‌ محمّداً ويكذّب‌ القوم‌، ثمّ يُساقون‌ إلی‌ نار جهنّم‌، ثُمّ يُجاء بعلی‌ّ في‌ أهل‌ زمانه‌ فيقال‌ له‌ كما قيل‌ لمحمّد صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ ويكذّبه‌ قومه‌، ويصدّقه‌ الله‌ ويكذّبهم‌، يعيد ذلك‌ ثلاث‌ مرّات‌، ثمّ الحسن‌ ثمّ الحسين‌ ثمّ علی‌ّبن‌ الحسين‌ ـوهو أقلّهم‌ أصحاباً، كان‌ أصحابه‌ أبو خالد الكابلي‌ّ، ويحيي‌ بن‌ أُمّ الطويل‌، وسعيدبن‌ المسيِّب‌، وعامربن‌ واثلة‌، وجابر بن‌ عبد الله‌ الانصاري‌ّ، وهؤلاء شهود له‌ علی‌ ما احتجّ به‌ ـثمّ يؤتي‌ بأبي‌ـ يعني‌ محمّد بن‌ علی‌ّـ علی‌ مثل‌ ذلك‌، ثمّ يؤتي‌ بي‌ وبكم‌ فأُسأل‌ وتُسألون‌، فانظروا ما أنتم‌ صانعون‌.

 يابن‌ أبي‌ يعفور! إنّ الله‌ عزّ وجلّ هو الآمر بطاعته‌ وطاعة‌ رسوله‌ وطاعة‌ أُولي‌ الامر الذين‌ هم‌ أوصياء رسوله‌.

 يا بن‌ أبي‌ يعفور! فنحن‌ حجج‌ الله‌ في‌ عباده‌، وشهداؤه‌ علی‌ خلقه‌، وأمناؤه‌ في‌ أرضه‌، وخزّانه‌ علی‌ علمه‌، والداعون‌ إلی‌ سبيله‌، والعاملون‌ بذلك‌، فمن‌ أطاعنا أطاع‌ الله‌، ومن‌ عصانا فقد عصي‌ الله‌. [51]

 أجل‌، كانت‌ هذه‌ نماذج‌ من‌ الروايات‌ الدالّة‌ علی‌ أنّ السؤال‌ يوم‌ القيامة‌ شامل‌ لجميع‌ العباد.

 الرجوع الي الفهرس

المخلَصون‌ والمنكرون‌ لا حساب‌ لهم‌ ولا سؤال‌

 المقرّبون‌ والمخلَصُون‌ لا يُسألون‌

 الطائفة‌ الثانية‌: الروايات‌ التي‌ لها دلالة‌ علی‌ أنّ مَن‌ مُحض‌ الإيمان‌ ( الذين‌ يُدعون‌ بالمقرّبين‌ ) يدخلون‌ الجنّة‌ بغير حساب‌، وأنّ المشركين‌ الذين‌ محضوا الشقاوة‌ والإنكار والجحود يدخلون‌ جهنّم‌ بلاحساب‌ وبلاسؤال‌. وكما ذُكر سابقاً، فالذين‌ خرج‌ تدبير أُمورهم‌ من‌ أيديهم‌ وأُوكل‌ إلی‌ الله‌ تعإلی‌، سوف‌ لن‌ يكون‌ لهم‌ من‌ ولي‌ّ ولامهيمن‌ متصرّف‌ إلاّ الله‌ تعإلی‌، لا نّهم‌ خرجوا من‌ الإرادة‌ والاختيار. ولكون‌ عدم‌إسناد أعمالهم‌ إلیهم‌، فلن‌يتعرّضوا إلی‌ حساب‌ أو سؤال‌. وأُولئكم‌ هم‌ المقرّبون‌ والمخلَصون‌ ( بفتح‌ اللام‌ ) الذين‌ اختاروا الإقامة‌ في‌ مقام‌ الفناء في‌ الله‌ عزّ وجلّ.

 يقول‌ تعإلی‌: فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ. [52]

 وفي‌ المقابل‌، فإنّ هناك‌ أفراداً انغمروا في‌ الكفر والشرك‌ والإنكار والاستكبار، وأخمدوا في‌ قلوبهم‌ تلك‌ اللطيفة‌ الإلهيّة‌ وأفسدوها وأضاعوها بالمرّة‌؛ فليس‌ لهم‌ ـ بعدُ ـ من‌ وليّ إلاّ الطاغوت‌، لانّ الله‌ لايتولاّهم‌.

 وَأَنَّ الْكَـ'فِرِينَ لاَ مَوْلَي‌' لَهُمْ. [53]

 وستحبط‌ أعمال‌ أمثال‌ هؤلاء، ولن‌ يُنصب‌ لهم‌ يوم‌ القيامة‌ ميزان‌، ولن‌يُعطوا كتاباً، ولن‌ يتعرّضوا للسؤال‌.

 وقد تكلّمنا بحول‌ الله‌ وقوّته‌ عنهم‌ وعن‌ خصائصهم‌ مفصّلاً في‌ بحث‌ صحيفة‌ الاعمال‌ وميزان‌ الاعمال‌ ( في‌ الجزء السابع‌، المجلس‌ الثاني‌ والاربعين‌؛ وفي‌ الجزء الثامن‌، المجلس‌ الرابع‌ والخمسين‌ ).

 يروي‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ «الامإلی‌» عن‌ الشيخ‌ المفيد، عن‌ أبي‌ غالب‌ أحمدبن‌ محمّد الزراري‌ّ، عن‌ عمّه‌ علی‌ّ بن‌ سليمان‌، عن‌ الطيالسي‌ّ، عن‌ علاء، عن‌ محمّد، قال‌:

 سألتُ أبا جعفر محمّد بن‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ عن‌ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: فَأُولَـ'´نءِكَ يُبَدِّلُ اللَهُ سَيِّـَاتِهِمْ حَسَنَـ'تٍ وَكَانَ اللَهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. [54] فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ: يُؤْتَي‌ بِالمُؤْمِنِ المُذْنِبِ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّي‌ يُقَامَ بِمَوْقِفِ الحِسَابِ، فَيَكُونُ اللَهُ تَعَإلی‌ هُوَ الَّذِي‌ يَتَوَلَّي‌ حِسَابَهَ، لاَ يُطْلِعُ علی‌ حِسَابِهِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ، فَيُعَرِّفُهُ ذُنُوبَهُ، حَتَّي‌ إذَا أَقَرَّ بِسَيِّئَاتِهِ قَالَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلاَئِكَتِهِ: بَدِّلُوهَا حَسَنَاتٍ! وَأَظْهِرُوهَا لِلنَّاسِ.

 فَيَقُولُ النَّاسُ حِينَئذٍ: مَا كَانَ لِهَذَا العَبْدِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَهُ بِهِ إلی‌ الجَنَّةِ؛ فَهَذَا تَأْوِيلُ الآيَةِ، وَهِيَ فِي‌ المُذْنِبِينَ مِنْ شِيعَتِنَا خَاصَّةً. [55]

 وحين‌ يكون‌ الامر بالنسبة‌ إلی‌ المؤمن‌ المذنب‌ بهذه‌ الكيفيّة‌، فكيف‌ به‌ بالنسبة‌ إلی‌ المقرّبين‌ والمخلَصين‌ الذين‌ وهبوا أرجاء وجودهم‌ إلی‌ الله‌ عزّ وجلّ، والذين‌ أخلصوا سلوكهم‌ وأفكارهم‌ ووجودهم‌ للّه‌ وفي‌ الله‌؟

 المشركون‌ يدخلون‌ النار بلا حساب‌

 يروي‌ الصدوق‌ في‌ «الامإلی‌» في‌ خبر سعيد بن‌ المسيِّب‌ ضمن‌ رواية‌ طويلة‌ عن‌ الإمام السجّاد علیه‌ السلام‌، قَالَ:

 ثُمَّ رَجَعَ القَوْلُ مِنَ اللَهِ فِي‌ الكِتَابِ علی‌ أَهْلِ المَعَاصِي‌ وَالذُّنُوبِ؛ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: «وَلَنءِن‌ مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَـ'وَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَـ'لِمِينَ». [56]

 فَإنْ قُلْتُمْ ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ إنَّ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا عَنَي‌ بِهَذَا أَهْلَ الشِّرْكِ، فَكَيْفَ ذَلِكَ وَهُوَ يَقُولُ: «وَنَضَعُ الْمَوَ ' زِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَـ'مَةِ فَلاَتُظْلَمُ نَفسٌ شَيْـًا وَإِن‌ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرَدلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَي‌' بِنَا حَـ'سِبِينَ». [57]

 اعْلَمُوا عِبَادَ اللَهِ أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ لاَ تُنْصَبُ لَهُمُ المَوَازِينُ وَلاَتُنْشَرُ لَهُمُ الدَّوَاوِينُ؛ وَإنَّمَا تُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ لاِهْلِ الإسْلاَمِـ الحديث‌. [58]

 كما روي‌ في‌ «عيون‌ أخبار الرضا» بأسانيده‌ الثلاثة‌ عن‌ الإمام الرضا علیه‌ السلام‌ عن‌ آبائه‌ علیهم‌ السلام‌، قَالَ:

 قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: إنَّ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحَاسِبُ كُلَّ خَلْقٍ إلاَّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَهِ، فَإنَّهُ لاَ يَحُاسَبُ وَيُؤْمَرُ بِهِ إلی‌ النَّارِ. [59]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

vارجاعات


[1] ـ «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 258 و 259 و 261، الطبعة‌ الحروفيّة‌؛ والروايات‌ الواردة‌ في‌ «الخصال‌» موجودة‌ في‌ ص‌ 253 من‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌؛ وقد أورد علیبن‌ إبراهيم‌ في‌ تفسيره‌ الرواية‌ ذيل‌ آية‌: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـ'´نءِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُولاً، في‌ ص‌ 382 من‌ الطبعة‌ الحجريّة‌. وذكر الطبرسي‌ّ الرواية‌ في‌ تفسير «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 416، طبعة‌ صيدا، ذيل‌ نفس‌ الآية‌ نقلاً عن‌ «تفسير علی بن‌ إبراهيم‌»؛ ويروي‌ الطبري‌ّ في‌ كتاب‌ «بشارة‌ المصطفي‌ لشيعة‌ المرتضي‌» ص‌ 124، عن‌ الحسن‌ بن‌ الحسين‌ بن‌ بابويه‌، عن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ، عن‌ الشيخ‌ المفيد، عن‌ جعفر بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌، عن‌ سعد بن‌ عبدالله‌، عن‌ أحمدبن‌ محمّدبن‌ عيسي‌، عن‌ الحسن‌ بن‌ محبوب‌، عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثمالي‌ّ، عن‌ أبي‌ جعفر الباقر عليه‌ السلام‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌: لا تزول‌ قدم‌ عبدٍ يوم‌ القيامة‌ بين‌ يدي‌ الله‌ عزّ وجلّ حتّي‌ يسأله‌ عن‌ أربع‌ خصال‌: عمرك‌ فيما أفنيته‌، وجسدك‌ فيما أبليته‌، ومالك‌ من‌ أين‌ ، ،اكتسبته‌ وأين‌ وضعته‌، وعن‌ حبّنا أهل‌ البيت‌. فقال‌ رجل‌ من‌ القوم‌: وما علامة‌ حبّكم‌ يارسول‌الله‌؟ فقال‌: محبّة‌ هذا، ووضع‌ يده‌ علی رأس‌ علیبن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌.

[2] ـ «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 262، الطبعة‌ الحروفيّة‌، نقلاً عن‌ «أمالي‌ الطوسي‌ّ».

[3] ـ «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 262، الطبعة‌ الحروفيّة‌، نقلاً عن‌ «الامالي‌» للطوسي‌ّ؛ وقد وردت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «عدّة‌ الداعي‌» أيضاً، ص‌ 107.

[4] ـ «عدّة‌ الداعي‌» ص‌ 82، الطبعة‌ الحجريّة‌. والآية‌ هي‌: الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 64: التغابن‌.

[5] ـ «عدّة‌ الداعي‌» ص‌ 82.

[6] ـ «التوحيد» للصدوق‌ ص‌ 365، طبعة‌ الحيدري‌ّ، سنة‌ 1387.

[7] ـ الآية‌ 36، من‌ السورة‌ 17: الاءسراء.

[8] ـ «تفسير العيّاشيّ» ج‌ 2، ص‌ 292؛ ووردت‌ كذلك‌ في‌ «تفسير البرهان‌» ج‌ 2، ص‌ 421، الطبعة‌ الحروفيّة‌ ذات‌ الخمسة‌ أجزاء؛ وفي‌ «تفسير الصافي‌» ج‌ 1، ص‌ 969.

[9] ـ «تفسير العيّاشي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 292؛ وورد أيضاً في‌ «تفسير البرهان‌» و«تفسير الصافي‌» ذيل‌ الآية‌ المذكورة‌.

[10] ـ «أبو جعفر» كُنية‌ محمّد بن‌ علی بن‌ النعمان‌ الاحول‌ مؤمن‌ الطاق‌، وهي‌ كذلك‌ ، ،كُنية‌ محمّدبن‌ مسلم‌بن‌ رباح‌ الثقفيّ الطائفيّ، وكلاهما من‌ أعاظم‌ أصحاب‌ وتلامذة‌ الاءمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌؛ ويحتمل‌ قويّاً أن‌ يكون‌ المراد بأبي‌ جعفر في‌ هذه‌ الرواية‌ مؤمن‌ الطاق‌. وذكر هذه‌ الكُنية‌ لهذين‌ الرجلين‌ الجليلين‌ المامقانيّ في‌ «تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 3، ص‌ 8، باب‌ الكني‌.

[11] ـ «تفسير العيّاشي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 292 و 293؛ و «تفسير البرهان‌» ج‌ 2، ص‌ 421، الطبعة‌ الحروفيّة‌ ذات‌ الخمسة‌ أجزاء؛ وفي‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ ج‌ 1، ص‌ 605، حيث‌ روي‌ هذه‌ الرواية‌ بنفس‌ هذه‌ العبارات‌ عن‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكليني‌ّ، عن‌ علی بن‌ إبراهيم‌، عن‌هارون‌ ابن‌ مسلم‌، عن‌ مسعدة‌بن‌ زياد.

[12] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 13، ص‌ 107.

[13] ـ الآية‌ 36، من‌ السورة‌ 17: الاءسراء.

[14] ـ الآية‌ 37، من‌ السورة‌ 17: الاءسراء.

[15] ـ «تفسير العيّاشي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 293؛ و «تفسير البرهان‌» ج‌ 3، ص‌ 421، الطبعة‌ الحروفيّة‌. والآية‌ هي‌: الآية‌ 19، من‌ السورة‌ 31: لقمان‌.

[16] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 11.

[17] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 602.

[18] ـ «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 273.

[19] ـ «نهج‌ البلاغة‌»، الخطبة‌ 174.

[20] ـ الآية‌ 8، من‌ السورة‌ 54: القمر.

[21] ـ أي‌ أعطي‌ حسنات‌ الظالم‌ للمظلوم‌، وسيّئات‌ المظلوم‌ للظالم‌.

[22] ـ الكرد: الطرد والدمع‌.

[23] ـ «روضة‌ الكافي‌» ص‌ 104 إلي‌ 106؛ و «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 268 إلي‌ 270.

[24] ـ «علل‌ الشرائع‌» ج‌ 2، ص‌ 528؛ طبعة‌ النجف‌، سنة‌ 1385 هجريّة‌.

[25] ـ «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 274.

[26] ـ الآيتان‌ 6 و 7، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[27] ـ الآيتان‌ 92 و 93، من‌ السورة‌ 15: الحجر.

[28] ـ الآية‌ 24، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌.

[29] ـ الآية‌ 78، من‌ السورة‌ 28: القصص‌.

[30] ـ الآية‌ 39، من‌ السورة‌ 55: الرحمن‌.

[31] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 55: الرحمن‌.

[32] ـ الآية‌ 24، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌.

[33] ـ الآية‌ 101، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌.

[34] ـ الآية‌ 50، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌.

[35] ـ «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 2، ص‌ 398. والكلمة‌ الاخيرة‌ هي‌ من‌ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 68: القلم‌.

[36] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 16، ص‌ 79.

[37] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 19، ص‌ 121.

[38] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 606.

[39] ـ الآية‌ 27، من‌ السورة‌ 67: الملك‌.

[40] ـ «روضة‌ الكافي‌» ص‌ 267.

[41] ـ طويل‌ باعتبار أنّ آلاف‌ السنين‌ المتمادية‌ قد انقضت‌ من‌ الدهر ولم‌ ينتهِ بعد؛ ، ،وقصير باعتبار أنّ ما هو موجود في‌ هذا الدهر الطويل‌، موجود بلا زيادة‌ ولانقصان‌ في‌ أيّام‌ العمر القصير، فالعمر القصير ـ إذاً ـ مظهر للدهر الطويل‌.

[42] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 459.

[43] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 17، ص‌ 205.

[44] ـ الآيات‌ 116 إلي‌ 119، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[45] ـ العرصة‌ هي‌ الارض‌ المستوية‌ التي‌ لا بناء فيها. وجمعها العرصات‌. والمراد بها هنا الارض‌ الواسعة‌ لموقف‌ القيامة‌ التي‌ يحضر فيها الناس‌ عند الله‌ تعالي‌ للسؤال‌ والحساب‌.

[46] ـ «تفسير علی بن‌ إبراهيم‌» ص‌ 178 إلي‌ 180، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[47] ـ يقصد قراءة‌ عاصم‌، وهي‌ القراءة‌ المشهورة‌ للقرآن‌. ويروي‌ عاصم‌ هذه‌ القراءة‌ بواسطة‌ واحدة‌ عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. وتختلف‌ قراءة‌ عاصم‌ عن‌ قراءة‌ أُبي‌ّبن‌ كعب‌ وابن‌ مسعود وسائر القراءات‌ الاُخري‌.

[48] ـ يقول‌ في‌ «معجم‌ البلدان‌»: تكريت‌ بفتح‌ التاء مدينة‌ مشهورة‌ بين‌ بغداد والموصل‌، وهي‌ إلي‌ بغداد أقرب‌ منها إلي‌ الموصل‌، وتبعد عن‌ بغداد ثلاثة‌ فراسخ‌.

[49] ـ الآية‌ 14، من‌ السورة‌ 61: الصفّ.

[50] ـ الدسكرة‌ في‌ اللغة‌ الارض‌ المستوية‌. إلاّ أنّ في‌ «معجم‌ البلدان‌» أ نّها قرية‌ كبيرة‌ في‌ نواحي‌ نهر ملك‌ غرب‌ بغداد، وهي‌ أيضاً قرية‌ في‌ طريق‌ خراسان‌ قرب‌ مدينة‌ شهرآبان‌؛ وهي‌ أيضاً قرية‌ مقابل‌ الجبل‌، وقرية‌ في‌ خوزستان‌.

[51] ـ «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 284 و 285.

[52] ـ الآيتان‌ 127 و 128، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌.

[53] ـ الآية‌ 11، من‌ السورة‌ 47: محمّد.

[54] ـ الآية‌ 70، من‌ السورة‌ 25: الفرقان‌.

[55] ـ «الامالي‌» للطوسيّ، ص‌ 44 و 45، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[56] ـ الآية‌ 46، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[57] ـ الآية‌ 47، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[58] ـ «بحار الانوار»، ج‌ 7، ص‌ 258 و 259، عن‌ «أمالي‌ الصدوق‌».

[59] ـ «عيون‌ أخبار الرضا» ص‌ 232، الطبعة‌ الحجريّة‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com