بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد / المجلد الاول / القسم السادس : انواع قبض الروح، علة حجاب الموجودات المادیة، اختلاف الدنیا و الآخرة

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

لَيْسَ كُلُّ الْعِلْمِ يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الْعِلْمِ أَنْ يُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النّاسِ

 ثمّ قال‌: وَ لَيْسَ كُلُّ الْعِلْمِ يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الْعِلْمِ أَنْ يُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النَّاسِ، لاِنَّ مِنْهُمُ الْقَوِي‌ُّ وَ الضَّعِيفُ، وَ لاِنَّ مِنْهُ مَا يُطَاقُ حَمْلُهُ وَ مِنْهُ مَا
 لاَ يُطَاقُ حَمْلُهُ اِلاَّ مَنْ يُسَهِّلُ اللَهُ لَهُ حَمْلَهُ وَ أَعَانَهُ عَلَيْهِ مِنْ خَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ.

 وَ إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَهَ هُوَ الْمُحْيِي‌ الْمُمِيتُ، وَ أَنَّهُ يَتَوَفَّي‌ الاْنْفُسَ علی يَدَي‌ْ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ وَ غَيْرِهِمْ.

 قَالَ: فَرَّجْتَ عَنِّي‌ فَرَّجَ اللَهُ عَنْكَ يَا أَمِيرَالْمُؤمِنينَ وَ نَفَعَ اللَهُ الْمُسْلِمِينَ بِكَ [1]. و كما هو مُلاحظ‌ فقد قام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ هنا بإضافة‌ تعبير «وَ غَيْرِهِمْ»، اي‌ انّ الارواح‌ تُقبض‌ أيضاً علی يد غير الملائكة‌. و علينا أن‌ نري‌ ما الذي‌ يعنيه‌ هذا التعبير؟ فليس‌ بإمكاننا غضّ الطرف‌ عن‌ هذه‌ الجملة‌، لانّ الامام‌ ـ ولي‌ّ مصدر الفعل‌ الالهي‌ّ ـ قد تلفّظ‌ بها، و هو الذي‌ أخبر بأن‌ قبض‌ الروح‌ يتمّ أحياناً بدون‌ مباشرة‌ الملائكة‌.

 و لهذه‌ الجملة‌ احتمالان‌:

 الاوّل‌: أن‌ يكون‌ لفظ‌ (غَيْرِهِمْ) معطوفاً علی الملائكة‌، و هو ما يقتضيه‌ ظاهر الكلام‌ أيضاً، أي‌ أنّ اللَه‌ سبحانه‌ يقبض‌ الارواح‌ أحياناً علی يد بعض‌ مخلوقاته‌ من‌ غير صنف‌ الملائكة‌، و تلك‌ المخلوقات‌ موجودات‌ أعلي‌ من‌ الملائكة‌، بل‌ هي‌ أشرف‌ و أجلّ من‌ ملك‌ الموت‌، و هم‌ ما يعبّر عنهم‌ في‌ منطق‌ القرآن‌ و تعبيره‌ بـ«العالين‌».

 فحين‌ خلق‌ اللَه‌ تبارك‌ و تعالي‌ آدم‌، أمر الشيطان‌ بالسجود له‌ فيمن‌ أمر، فلم‌ يمتثل‌ الشيطان‌ الامر، فوبّخه‌ اللَه‌ سبحانه‌ بقوله‌:

 أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ؟

 و باعتبار انّ الامر بالسجود قد عمّ جميع‌ الملائكة‌، فيتّضح‌ أنّ العالين‌ لم‌ يكونوا من‌ الملائكة‌ ليؤمروا بالسجود، بل‌ انّهم‌ ـ كما يبدو من‌ اسمهم‌ ـ كانوا موجودات‌ ذات‌ رتبة‌ رفيعة‌ جليلة‌ القدر و المنزلة‌. فمن‌ هم‌ اولئك‌ الذين‌ لم‌ يؤمروا بالسجود لآدم‌ لجلالة‌ قدرهم‌ و سموّ مقامهم‌؟ لو شئنا الخوض‌ في‌ هذا الموضوع‌ بالتفصيل‌ لجرّنا ذلك‌ الی الخروج‌ عن‌ بحث‌ المعاد الذي‌ يمثّل‌ محور بحثنا، لكنّ ما يمكن‌ بيانه‌ هنا إجمالاً وفقاً لآيات‌ القرآن‌ انّ اولئك‌ هم‌ من‌ المخلَصين‌ الذين‌ لا سبيل‌ للشيطان‌ الی التعرّض‌ لساحة‌ قُدسهم‌.

 العالون‌ عبارة‌ عن‌ أرواح‌ الطيّبين‌ و الطاهرين‌ من‌ الانبياء و الاولياء والائمة‌ المطهّرين‌ الذين‌ وردوا في‌ مقام‌ الامن‌ و الامان‌ الالهي‌ّ فِي‌ مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ، و الذين‌ فازوا بدرجات‌ الاخلاص‌ و القرب‌ الالهي‌.

 اولئك‌ هم‌ الافراد الذين‌ وصلوا في‌ سيرهم‌ التكاملي‌ نحو ذات‌ الخالق‌ المقدّسة‌ الی الاسماء الكليّة‌ الالهيّة‌، و اتّصفوا بالصفات‌ الكليّة‌ الالهيّة‌، وفازوا بالفناء المطلق‌ في‌ ذات‌ اللَه‌ عزّ و جل‌؛ و الذين‌ تخطّوا الاخلاص‌ فصاروا مخلَصين‌.

 الرجوع الي الفهرس

قبض‌ الروح‌ من‌ قبل‌ موجودات‌ أفضل‌ من‌ الملائكة‌ موسومة‌ بـ «العالين‌»

 و باعتبار فناء هؤلاء في‌ الاسماء و الصفات‌ الكليَّة‌ الالهيّة‌، و لان‌ هذه‌ الدرجة‌ من‌ الفناء تستلزم‌ ظهور و طلوع‌ تلك‌ الاسماء و الصفات‌ في‌ مرآة‌ وجودهم‌ الواسعة‌، فانّ بإمكانهم‌ ـ بإذن‌ اللَه‌ و أمره‌ ـ القيام‌ بإحياء الموتي‌ وإماتة‌ الاحياء و إيصال‌ الرزق‌، كما انّ سائر الافعال‌ التي‌ تصدر من‌ اللَه‌ سبحانه‌ ستظهر و تصدر من‌ وجودهم‌، و سيقومون‌ بفعلها بإذن ‌اللَه‌ و إرادته‌. اولئكم‌ هم‌ المظهر التام‌ و الكامل‌ للاسماء الالهيّة‌، فهم‌ يقومون‌ بإحياء الموتي‌ بواسطة‌ ظهور و تجلّي‌ اسم‌ المُحيي‌، و يُميتون‌ الاحياء بظهور وتجلّي‌ اسم‌ المُميت‌.

 كما انّ الآيات‌ القرآنية‌ صريحة‌ في‌ انّ عيسي‌ بن‌ مريم‌ علی نبيّنا و آله‌ و عليه‌ الصلاة‌ و السلام‌ كان‌ يُحيي‌ الموتي‌ و يشفي‌ الاعمي‌ و الابرص‌:

 وَ أُبْرِي‌ُ الاْكْمَهَ وَ الاْبْرَصَ وَ أُحْيِي‌ الْمَوْتَي‌ بِإِذْنِ اللَهِ[2]. لانّه‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ مظهراً لإسم‌ المُحيي‌ من‌ أسماء الخالق‌ تعالي‌، شأنه‌ في‌ ذلك‌ شأن‌ إسرافيل‌. كما انّ موسي‌ علی نبيّنا و آله‌ و عليه‌ الصلاة‌ و السلام‌ الذي‌ كان‌ يُلقي‌ عصاه‌ فتصير ثُعباناً كان‌ مظهراً لهذا الإسم‌؛ و قد وردت‌ في‌ الاخبار روايات‌ من‌ هذا القبيل‌ في‌ احياء الموتي‌ من‌ قبل‌ رسول‌ اللَه‌ و أميرالمؤمنين‌ و بعض‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌، كما انّ إحياء الطيور المقطّعة‌ علی قلل‌ الجبال‌ بدعاء ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ من‌ هذا القبيل‌ أيضاً.

 و يمكن‌ القول‌ بانّ إشارة‌ الإمام‌ علی بن‌ موسي‌ الرضا عليه‌ السلام‌ الی صورة‌ الاسد المنقوشة‌ علی ستار مجلس‌ المأمون‌ و إحياءه‌ و قيام‌ ذلك‌ الاسد بتمزيق‌ و افتراس‌ ذلك‌ الرجل‌ الهازي‌ كان‌ من‌ قبيل‌ إسم‌ المُحيي‌ و المُميت‌ [3].

و هذه‌ الواقع‌ تستحقّ التأمّل‌ كثيراً؛ و قد ورد نظيرهذه ‌المعجزة‌ عن‌ الامام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليه‌ السلام‌.[4]

 الرجوع الي الفهرس

قصّة‌ المرحوم‌ القاضي‌ و مثال‌ لتجلّي‌ إسم‌ «المُميت‌» و إماتة‌ الحيّة‌

 نقل‌ بعض‌ رفقائنا و أصدقائنا النجفيّين‌ عن‌ أحد كبار رجال‌ العلم‌ والمدرّسين‌ في‌ النجف‌ الاشرف‌ أنّه‌ قال‌: كنتُ في‌ شكّ في‌ أمر المرحوم‌ استاذ العلماء العاملين‌ و قدوة‌ أهل‌ الحقّ و اليقين‌ و السيدّ الاعظم‌ و السند الافخم‌ و طود أسرار ربّ العالمين‌ الحاج‌ الميرزا علی آقا القاضي‌ الطباطبائي‌ رضوان‌ اللَه‌ عليه‌ و بشأن‌ أحواله‌ التي‌ تطرق‌ سمعي‌ و المطالب‌ التي‌ تنقل‌ عنه‌ أحياناً.

 و كنت‌ أتساءل‌: أصحيح‌ أنّه‌ يمتلك‌ هذه‌ الامور أم‌ لا؟ أو صحيح‌ انّ هؤلاء التلامذة‌ الذين‌ يقوم‌ بتربيتهم‌ يمتلكون‌ كذا و كذا من‌ الحالات‌ والملكات‌ و الكمالات‌ أم‌ أنّ ذلك‌ أمر و همي‌ّ؟

 ظلّ هذا الامر حديث‌ نفسي‌ لمدّة‌ من‌ الزمن‌، و لم‌ يكن‌ لاحد علم‌ بذلك‌، حتّي‌ ذهبتُ يوماً الی مسجد الكوفة‌ لاداء الصلاة‌ و العبادة‌ و لاداء بعض‌ الاعمال‌ التي‌ وردت‌ لذلك‌ المسجد. و كان‌ المرحوم‌ القاضي‌ (رضوان‌ اللَه‌ عليه‌) كثيراً ما يذهب‌ الی مسجد الكوفة‌، و كان‌ له‌ حجرة‌ خاصة‌ للعبادة‌ هناك‌، و كان‌ له‌ تعلّق‌ خاصّ بهذا المسجد و بمسجد السهلة‌، فكان‌ يقضي‌ فيهما الكثير من‌ الليالي‌ ساهراً في‌ العبادة‌ الی الصباح‌. يقول‌: التقيتُ بالمرحوم‌ القاضي‌ (رحمة‌ اللَه‌ عليه‌) خارج‌ المسجد فسلّمنا علی بعضنا و تبادلنا الاستفسار عن‌ الاحوال‌ و تحدّثنا مع‌ بعضنا مدّة‌ حتّي‌ وصلنا خلف‌ المسجد فجلسنا علی الارض‌ بجوار تلك‌ الجدران‌ العالية‌ التي‌ تشكّل‌ حيطان‌ المسجد من‌ جهة‌ القبلة‌ لنستريح‌ هنيئة‌ ثمّ نذهب‌ الی المسجد. و كنّا مشغولين‌ بالحديث‌، و كان‌ المرحوم‌ القاضي‌ (رحمة‌ اللَه‌عليه‌) يحكي‌ قصصاً و حكايات‌ عن‌ الاسرار و الآيات‌ الالهيّة‌، و يبيّن‌ مطالب‌ عن‌ مقام‌ جلالة‌ التوحيد و عظمته‌ و عن‌ السير في‌ هذا الطريق‌، و في‌ انّه‌ الهدف‌ الوحيد من‌ خلق‌ الانسان‌، و يقيم‌ الادلّة‌ علی هذا الامر.

 و لقد حدّثتني‌ نفسي‌ آنذاك‌ فقلت‌: انّنا فعلاً في‌ شكّ و شبهة‌ لا نعلم‌ ما الامر، و اذا ما انقضي‌ العمر علی هذا المنوال‌، فلنا الويل‌ إن‌ تبيّن‌ انّ هناك‌ حقيقةً ما لم‌ نُدركها، الويل‌ لنا عندئذٍ. و لكنّنا ـ من‌ جهة‌ أخري‌ ـ لا نعلم‌ أصوابٌ ذلك‌ الامر لنتّبعه‌ أم‌ انّه‌ ليس‌ صواباً.

 و في‌ هذه‌ الاثناء خرجت‌ حيّة‌ من‌ الجدران‌ و انسابت‌ أمامنا تسير بمحَاذاة‌ جدار المسجد؛ و كانت‌ الافاعي‌ كثيرة‌ في‌ تلك‌ المناطق‌ بحيث‌ يشاهدها أغلب‌ الاهالي‌، بيد انّه‌ لم‌ يُسمع‌ انّها لدغت‌ أحداً حتّي‌ الآن‌.

 و حالما وصلت‌ الحيّة‌ أمامنا و كنتُ في‌ فزع‌ منها، أشار المرحوم‌ القاضي‌ (رحمة‌ اللَه‌ عليه‌) اليها و قال‌: مُتْ بإِذْنِ اللَهِ!

 فتيبّست‌ الحيّة‌ في‌ مكانها ميّتة‌. ثمّ عاد المرحوم‌ القاضي‌ (رضوان‌ اللَه‌ عليه‌) الی الحديث‌ الذي‌ كان‌ يدور بيننا بدون‌ أن‌ يلقي‌ اهتماماً للامر، ثمّ نهضنا و ذهبنا داخل‌ المسجد فصلّي‌ المرحوم‌ القاضي‌ ركعتين‌ في‌ وسط‌ المسجد ثمّ ذهب‌ الی غرفته‌، و كنت‌ أقوم‌ ببعض‌ أعمال‌ المسجد علی أن‌ أعود الی النجف‌ الاشرف‌ بعد إكمالها. و اثناء تلك‌ الاعمال‌ خطر في‌ خاطري‌ سؤال‌: أكان‌ هذا العمل‌ الذي‌ اجترحه‌ هذا الرجل‌ واقعيّاً أم‌ تمويهاً و خداعاً للعين‌ كالسحر الذي‌ يفعله‌ السَّحرة‌؟ من‌ الحري‌ّ أن‌ أذهب‌ فأري‌هل‌ انّ الحية‌ ميّتة‌ حقاً ام‌ انّها عادت‌ الی الحياة‌ و هربت‌.

 كان‌ هذا الخاطر يهاجمني‌ بشدة‌ حتي‌ أنهيت‌ الاعمال‌ التي‌ قرّرت‌ القيام‌ بها و خرجت‌ علی الفور من‌ المسجد نحو المكان‌ الذي‌ جلستُ فيه‌ مع‌ المرحوم‌ القاضي‌ (رضوان‌ اللَه‌ عليه‌)، فشاهدتُ الحيّة‌ متيبّسة‌ ملقاةً علی الارض‌، ثمّ ركلتُها بقدمي‌ فرأيتُ أن‌ لا حراك‌ فيها أبداً.

 عدتُ الی المسجد و أنا في‌ غاية‌ التأثّر و الخجل‌ لاصلّي‌ عدّة‌ ركعات‌ أخري‌ فلم‌ أقدر علی ذلك‌، فقد تملّكني‌ هذا التفكير: إن‌ كانت‌ هذه‌ المسائل‌ أموراً حقيقيّة‌ فلم‌ لم‌ نلتفت‌ اليها أبداً؟

 كان‌ المرحوم‌ القاضي‌ (رحمة‌ اللَه‌ عليه‌) مدّة‌ في‌ حجرته‌ مشغولاً بالعبادة‌، ثمّ خرج‌ منها و غادر المسجد متّجهاً الی النجف‌، فخرجتُ أنا الآخر و التقينا من‌ جديد عند باب‌ المسجد، فتبسم‌ ذلك‌ المرحوم‌ في‌ وجهي‌ و قال‌: حسناً، إمتحنتَ الامر أيضاً أيّها العزيز، إمتحنتَه‌ أيضاً؟

 بلي‌، لقد تحقّق‌ هذا العمل‌ بواسطة‌ اسم‌ المُميت‌ من‌ أسماء اللَه‌ تعالي‌فتمّ قبض‌ الروح‌ بواسطته‌. و النكتة‌ التي‌ تستحقّ التأمّل‌ و الملاحظة‌ هنا هي‌ انّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ حينما كان‌ يفعل‌ كلّ هذه‌ العجائب‌ و الغرائب‌ في‌ الحروب‌ و غيرها و يقوم‌ بخوارق‌ العادات‌ هذه‌ بيد الولاية‌، أكان‌ يستعين‌ فيها بملائكة‌ اللَه‌ و يستمدّ العون‌ منهم‌، أم‌ انّ القدرة‌ الالهيّة‌ كانت‌ تتجلّي‌ في‌ وجوده‌ وفي‌ روحه‌ المقدّسة‌ التي‌تعلو علی مقام‌ عزرائيل‌ و سائر الملائكة‌ الالهييّن‌ المقرّبين‌ بدون‌ ان‌ يكون‌ لهم‌ دور الوساطة‌ في‌ ذلك‌، فيجترح‌ الكرامات‌ بتلك‌ القدرة‌ و القوّة‌؟ و هو ما يتطلّب‌ بحثاً مستقلاّ ستتمّ مناقشته‌ في‌ موضعه‌ ان‌ شاء اللَه‌ تعالي‌، و نكتفي‌ هنا بهذه‌ الإشارة‌ اليه‌.

 كان‌ هذا القدر من‌ البحث‌ عائداً الی الاحتمال‌ الاوّل‌ و هو انّ لفظ‌ غيرهم‌ معطوف‌ علی الملائكة‌. امّا الاحتمال‌ الثاني‌ فهو انّ لفظ‌ غيرهم‌ كان‌ معطوفاً علی مَنْ يَشَاءُ، فيكون‌ المعني‌ آنذاك‌ انّ اللَه‌ عزّ و جل‌ يقبض‌ الروح‌ بواسطة‌ من‌ يشاء من‌ الملائكة‌ و يقبض‌ الروح‌ بدون‌ وساطة‌ الملائكة‌.

 و يمكن‌ في‌ هذه‌ الحال‌ ان‌ يكون‌ المراد بغير الملائكة‌ الوجود المقدّس‌ للَه‌ تعالي‌ نفسه‌، علی الرغم‌ من‌ انّ هذا المعني‌ يرجع‌ الی العالين‌ الذين‌ يقبض‌ اللَه‌ سبحانه‌ الارواح‌ بواسطتهم‌، لانّ العالين‌ هم‌ الافراد الفانين‌ في‌ الذات‌ الالهيّة‌ و المتحقّقين‌ بالاسماء الكليّة‌ الالهيّة‌، و عليه‌ فانّ فعلهم‌ يمكن‌ أن‌ يُعدّ عين‌ فعل‌ اللَه‌ حقّاً، و أن‌ يعبّر عن‌ قبض‌ الارواح‌ بواسطتهم‌ بأنّه‌ قبض‌ الارواح‌ بواسطة‌ اللَه‌ تعالي‌.

 الرجوع الي الفهرس

قبض‌ أرواح‌ المقرّبين‌ للعرش‌ الإلهي‌ يحصل‌ بيد الحقّ جلّ و عزّ

 يروي‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكليني‌ (ره‌) في‌ كتاب‌ الكافي‌ عن‌ عدة‌ من‌ الاصحاب‌، عن‌ أحمد بن‌ محمد بن‌ محمد بن‌ علی عن‌ آخر يصرّح‌ الراوي‌ باسمه‌، عن‌ جابر عن‌ أبي‌ جعفر الباقر عليه‌ السلام‌ انّه‌ قال‌:

 كَانَ علی بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما السَّلامُ يَقولُ: اِنَّهُ يُسَخِّي‌ نَفْسِي‌ في‌ سرعة‌ الْمَوْتِ وَ الْقَتْلِ فِينَا قَوْلُ اللَهِ (أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي‌ الاْرْضَ نَنقُصُهَا
 مِنْ أَطْرَافِهَا) وَهُوَ ذِهابُ الْعُلَمَاءِ [5]
.

 أي‌ انّ اللَه‌ سبحانه‌ يقوم‌ بنفسه‌ بقبض‌ أرواح‌ علماء الامّة‌، و هو ما يخفّف‌ الموت‌ علی حين‌ اتذكّره‌، و يجعل‌ نفسي‌ تسخو علی الموت‌ الذي‌ يحث‌ الخُطي‌ الينا.

 و يتّضح‌ من‌ هذا انّ الامام‌ قد اعتبر لفظ‌ أطراف‌ الوارد في‌ الآية‌ الشريفة‌ جمع‌ طَرْف‌ بسكون‌ الراء أو جمع‌ طَرِف‌ بكسر الراء، لانه‌ يعني‌ في‌ هاتين‌ الحالتين‌ معني‌ الجليل‌ و كريم‌ الابوين‌، و هو ما فسّره‌ الإمام‌ بالعالم‌ والمرء الجليل‌. و ما ألذّ قبض‌ الارواح‌ حين‌ يحصل‌ علی يد اللَه‌ سبحانه‌! ذلك‌ الامر الذي‌ كان‌ يجعل‌ الامام‌ كلّما تلا هذه‌ الآية‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ أو تذكّرها فانّ نفسه‌ الشريفة‌ كانت‌ تحاول‌ الانطلاق‌ من‌ حبس‌ الجسد و التوجّه‌ بلهفة‌ الی حرم‌ عزّ الخالق‌ سبحانه‌ الذي‌ يباشر بنفسه‌ أمر ادخال‌ مُخْلَصي‌ عباده‌ في‌ حرمه‌. و عليه‌ فانّ اللَه‌ سبحانه‌ يقوم‌ بقبض‌ الروح‌ بواسطة‌ العالين‌ من‌ خاصّة‌ أوليائه‌، كما يقوم‌ بذلك‌ الملك‌ المقرّب‌ للَه‌: ملك‌ الموت‌، إضافة‌ الی أتباعه‌ من‌ الملائكة‌.

 و يمكن‌ من‌ هذا استنتاج‌ مطلب‌ مهمّ، و هو ان‌ الافراد المؤمنين‌ يمتلكون‌ درجات‌ متباينة‌، فضعيفو الإيمان‌ يقوم‌ بقبض‌ أرواحهم‌ ملك‌ من‌ الملائكة‌ الاضعف‌ الذين‌ يمكنهم‌ التغلّب‌ علی ذلك‌ المؤمن‌ عند نزع‌ الروح‌ فقط‌ فيقبضون‌ روحه‌، أمّا الافراد الاقوي‌ إيماناً و الارسخ‌ عقيدة‌، فانّ اولئك‌ الملائكة‌ الضعفاء لا قدرة‌ لهم‌ علی قبض‌ أرواحهم‌، فيستلزم‌ ذلك‌ ملائكة‌ أقوي‌ ليمكنهم‌ الغلبة‌ علی أرواحهم‌ و قبضها.

 و هكذا فانّ لكل‌ مجموعة‌ من‌ المؤمنين‌ ملائكة‌ تتناسب‌ قوّتهم‌ مع‌ قوّة‌ ايمان‌ المؤمنين‌ و سمّو أرواحهم‌ ليمكنهم‌ الغلبة‌ و الحكومة‌ عليها، حتّي‌ يصل‌ إيمان‌ المؤمن‌ الی الحدّ الذي‌ يفوق‌ قدرة‌ الملائكة‌ التابعين‌ فيتولّي‌ عزرائيل‌ ـ و هو من‌ الملائكة‌ المقرّبين‌ ـ قبض‌ روحه‌ بلا واسطة‌ من‌ الملائكة‌ التابعين‌. أمّا تلك‌ الدرجة‌ التي‌ يصل‌ اليها المؤمنون‌ الذين‌ نالوا مقام‌ المُخْلَصين‌ فانّ قبض‌ أرواحهم‌ يتمّ علی يد الذات‌ القدسيّة‌ للخالق‌ عزّ و جلّ نفسه‌. و علينا أن‌ نري‌ لماذا يختلف‌ قبض‌ الارواح‌ الحاصل‌ للافراد، و لماذا يختلف‌ قبض‌ روح‌ المؤمنين‌ عن‌ الكفّار، و قبض‌ روح‌ المحسنين‌ عن‌المسيئين‌ الخاطئين‌.

 لماذا يحصل‌ قبض‌ روح‌ المؤمن‌ في‌ هيئة‌ جميلة‌ و يحصل‌ نفسه‌ للكافر في‌ هيئة‌ قبيحة‌ منكرة‌؟

 لماذا يظهر قبض‌ الروح‌ لذوي‌ النفوس‌ الزكيّة‌ في‌ هيئة‌ معيّنة‌، وللانبياء في‌ هيئة‌ أرقي‌ و أسمي‌، و اجمالاً لماذا يظهر لانواع‌ الناس‌ و أصنافهم‌ بأشكال‌ و هيئات‌ مختلفة‌؟

 الرجوع الي الفهرس

تجلّي‌ ملك‌ الموت‌ لإبراهيم‌ الخليل‌ عليه‌ السلام‌ في‌ هيئة‌ مُنكرة‌

 روي‌ في‌ كتاب‌ (جامع‌ الاخبار) انّ ابراهيم‌ الخليل‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ لملك‌ الموت‌: هل‌ تستطيع‌ أن‌ تريني‌ صورتك‌ التي‌ تقبض‌ بها روح‌ الفاجر؟ قال‌: لا تُطيق‌ ذلك‌. قال‌: بلي‌. قال‌: فأعرض‌ عنّي‌؛ فأعرض‌ عنه‌ ثمّ التفتَ فإذا هو برجل‌ أسود قائم‌ الشعر مُنتن‌ الريح‌ أسود الثياب‌ يخرج‌ من‌ فمه‌ و مناخره‌ لهب‌ النار و الدخان‌، فغشي‌ علی ابراهيم‌ ثمّ أفاق‌ فقال‌: لو لم‌ يَلْقَ الفاجر عند موته‌ الاّ صورة‌ وجهك‌ كان‌ حسبه[6]‌.

 انّ عزرائيل‌ الذي‌ يمكنه‌ أن‌ يظهر لروح‌ الفاجر في‌ هيئة‌ سقط‌ ابراهيم‌ الخليل‌ من‌ هولها مغشيّاً عليه‌، يمكنه‌ أيضاً ان‌ يظهر عند قبضه‌ روح‌ المؤمن‌ الطاهر القلب‌ السليم‌ الطويّة‌ في‌ هيئة‌ من‌ الجمال‌ و الروعة‌ بحيث‌ يفقد المحتضر القدرة‌ علی تحمّلها فيُسلم‌ الروح‌ في‌ شدّة‌ انجذابه‌ لها و في‌ استغراقه‌ باللذة‌ لمرآها.

 لقد عجزت‌ النساء المصريّات‌ عن‌ تحمّل‌ مشاهدة‌ جمال‌ يوسف‌ عليه‌ السلام‌ فولهن‌ به‌ حين‌ مرّ بهنّ و قطعن‌ أيديهنّ بدل‌ الاترنج‌ و قلنَ حاش‌ للَه‌ ما هذا بشرا

 فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَ قُلْنَ حَ'شَ لِلَّهِ مَا هَـ'ذَا بَشَراً إنْ هذَا إلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ [7].

 و لذلك‌ فليس‌ بمستبعد أن‌ نقول‌ انّ عزرائيل‌ يتجلّي‌ في‌ قبضه‌ الارواح‌ الطيّبة‌ بدرجة‌ من‌ الجمال‌ الذي‌ يستهوي‌ الافئدة‌، و العطر الذي‌ يأخذ بمجامع‌ القلوب‌ فلا يترك‌ للمؤمن‌ طاقة‌ علی التحمّل‌، فيحلّق‌ طائر روحه‌ في‌ لحظة‌ من‌ اللحظات‌ الی الاعالي‌.

 الرجوع الي الفهرس

ملك‌ الموت‌ كالمرآة‌ التي‌ يري‌ المحتضر فيها نفسه‌

 انّ ملك‌ الموت‌ و أعوانه‌ من‌ الملائكة‌ الآخرين‌ لا يمتلكون‌ ماهيّات‌ مختلفة‌ ليمكنهم‌ اظهار وجودهم‌ في‌ قالب‌ أحدها متي‌ عنَّ لهم‌ ذلك‌، بل‌ انّهم‌ ـ باعتبارهم‌ موجودات‌ ملكوتيّة‌ و مجرّدة‌ ـ يكونون‌ كالمرآة‌ الصافية‌ المضيئة‌ لا تُظهر نفسها بل‌ هي‌ مظهرة‌ لغيرها، لذا فانّهم‌ حين‌ يصبحون‌ مقابل‌ روح‌ اي‌ّ شخص‌ محتضر فانّ انعكاس‌ كمالات‌ تلك‌ الروح‌ أو قبائحها ستظهر في‌ تلك‌ المرآة‌، و هكذا فانّ الشخص‌ سيري‌ حال‌ نزعه‌ صورته‌ الملكوتيّة‌ و صفاته‌ و أخلاقه‌ حسنةً كانت‌ أو سيّئة‌ في‌ صورة‌ الملائكة‌ وجمالهم‌، فهو يري‌ في‌ الحقيقة‌ فيهم‌ حُسن‌ نفسه‌ الناطقة‌ و جمالها أو قبحها و مساوءها. و باعتبار اختلاف‌ الافراد الطيّبين‌ من‌ المؤمنين‌ في‌ الصفات‌ و الكمالات‌، حيث‌ يغلب‌ علی بعضهم‌ حال‌ العبادة‌، و علی البعض‌ حال‌ السخاء و الكرم‌، و علی البعض‌ العلم‌ و المعرفة‌، و في‌ البعض‌ الإيثار والشجاعة‌، و في‌ البعض‌ العطف‌ و الرحمة‌ و المودّة‌، و في‌ البعض‌ الآخر الصلابة‌ و الحميّة‌؛ لذا يتباين‌ جمالهم‌ الملكوي‌ و يظهر بأشكال‌ جميلة‌ مختلفة‌، و تظهر أحياناً الصورة‌ الملكية‌ بشكل‌ جذّاب‌ يسلب‌ الالباب‌ حين‌ يكون‌ حبّ اللَه‌ شديداً و طاغياً لديهم‌. و بناءً علی هذه‌ النظرة‌ فانّ تشكّل‌ و تصوّر ملائكة‌ قبض‌ الارواح‌ سيتباين‌ لهؤلاء، و في‌ نفس‌ الوقت‌ الذي‌ يتميّز هؤلاء الملائكة‌ بالجمال‌، فانّهم‌ سيجلّون‌ لهؤلاء المؤمنين‌ من‌ جهة‌ الكيفيّة‌ و جمال‌ الهيئة‌ بأشكال‌ وصور مختلفة‌.

 و بناءً علی هذا القياس‌ فانّ الخبيثين‌ من‌ الكافرين‌ و المنافقين‌ يتفاوتون‌ في‌ الصفات‌ و الملكات‌، فيغلب‌ علی بعضهم‌ حال‌ الانكار والجحود، و علی البعض‌ حال‌ العناد و القتال‌، و علی البعض‌ حال‌ البخل‌ و الإمساك‌، و علی البعض‌ التحجّر و الخشونة‌، و علی البعض‌ الجمود و الاستكبار، كما يغلب‌ علی البعض‌ الآخر التفرعن‌ و الاستبداد؛ لذا فانّ أنفسهم‌ الملكوتيّة‌ متباينة‌ هي‌ الاخري‌ و مختلفة‌ في‌ أشكال‌ القبح‌ و الفظاعة‌، تصل‌ في‌ بشاعتها و قبحها الی حدّ كبير عند البعض‌ الذي‌ يزداد لديهم‌العناد و الاستكبار علی اللَه‌. و بناءً علی ذلك‌ فان‌ تشكّل‌ ملائكة‌ قبض‌الارواح‌ و تصوّرهم‌ لهؤلاء سيكون‌ متفاوتاً هو الآخر، فهو مع‌ شمول‌ قبحه‌ و بشاعته‌ لجميع‌ هؤلاء، يظهر لهم‌ في‌ كيفيّة‌ قبحه‌ و تجلّي‌ شناعته‌ بأشكال‌ و صور مختلفة‌.

 و العلّة‌ في‌ جميع‌ هذه‌ الاختلافات‌ انّ ملك‌ الموت‌ و أعوانه‌ من‌ الملائكة‌ يُظهرون‌ للإنسان‌ باطنه‌ و ملكوته‌ عند قبضهم‌ روحه‌، لذا فانّ كلّ ملكة‌ و صفة‌ أي‌ّ شخص‌ ستتجلّي‌ فيهم‌، و ذلك‌ التجلّي‌ سيؤثر علی حواس‌ المحتضر فيشاهد وجودهم‌ في‌ المرآة‌ العاكسة‌، و في‌ الحقيقة‌ فانّه‌ سيُشاهد نفسه‌ و ملكوته‌ فيهم‌.

 و بالطبع‌ فانّ هذه‌ الصورة‌ الملكوتيّة‌ موجودة‌ في‌ الانسان‌، موجودة‌ في‌ باطن‌ الانسان‌ في‌ نفس‌ هذه‌ الدنيا الفانية‌، بيد انّها تتغيّر بواسطة‌ الاعمال‌ الحسنة‌ او الاعمال‌ السيّئة‌، و بواسطة‌ الإيمان‌ أو الكفر، و يمكن‌ لها أن‌ تتغيّر من‌ صورة‌ الی أخري‌، اذّ ان‌ التغيّر الحاصل‌ ينحصر في‌ هذه‌ الدنيا التي‌ تمثّل‌ دار العمل‌ لا دار الحساب‌ و الجزاء.

 أمّا عند الموت‌ فانّ هذ التغيير سيتوقّف‌، و سيكون‌ حاصل‌ التغيّر والتبدّل‌ لهذه‌ الصور الملكوتيّة‌ حال‌ الحياة‌ هو حصول‌ الصورة‌ الملكوتيّة‌ الثابتة‌ التي‌ لا تتغيّر عند الموت‌.

 و قد أبان‌ المُلاّ الرومي‌ هذه‌ الحقيقة‌ في‌ المجلّد الثالث‌ من‌ كتابه‌ «مثنوي‌»، ص‌ 288 و 289، طبع‌ ميرخاني‌ في‌ قوله‌:

 مرگ‌ هر يك‌ اي‌ پسر همرنگ‌ اوست‌             آينة‌ صافي‌ يقين‌ همرنگ‌ اوست‌

 پيش‌ تُرك‌ آئينه‌ را خوش‌ رنگي‌ است                        ‌ پيش‌ زنگي‌ آينه‌ هم‌ زنگي‌ است‌

 اي‌ كه‌ مي‌ترسي‌ ز مرگ‌ اندر مزار                آن‌ ز خود ترساني‌ ايجان‌، هوشدار

 اي‌ كه‌ مي‌ترسي‌ ز مرگ‌ اندر مزار                آن‌ ز خود ترساني‌ ايجان‌، هوشدار

 زشت‌ روي‌ تست‌ ني‌ رخسار مرگ              ‌ جان‌ تو همچون‌ درخت‌ و مرگ‌ برگ‌

 از تو رُستست‌ ار نكويست‌ ار بدست                        ‌ ناخوش‌ و خوش‌ هم‌ ضميرت‌ از خوداست‌ [8]

 الرجوع الي الفهرس

المَلَك‌ و الشيطان‌ لا يغيّران‌ شكلهما في‌ ذاتهما و جوهرهما

و ينبغي‌ معرفة‌ أنّ الملائكة‌ هم‌ موجودات‌ خاصّة‌ مقابل‌ الشيطان‌ والانسان‌ و الحيوان‌ و سائر الموجودات‌ الاخري‌، فهم‌ عاجزون‌ عن‌ تغيير ماهيّاتهم‌ الی ماهيّات‌ أخري‌، كما انّهم‌ لا يرتدون‌ أبداً لباس‌ المادّة‌.

 و كلّ ما يمكن‌ فعله‌ للشيطان‌ و للملائكة‌ هو أن‌ يؤثّروا فقط‌ علی أحاسيس‌ الإنسان‌ تأثيراً حسناً أو سيّئاً، فيراهم‌ الإنسان‌ لذلك‌ في‌ أحاسيسه‌ بصور و أشكال‌ مختلفة‌، دون‌ أن‌ يتمكّنوا في‌ حقيقة‌ الامر و متنه‌ من‌ الظهور في‌ صور و أشكال‌ مختلفة‌، و من‌ الوجود بماهيّات‌ متباينة‌ من‌ الإنسان‌ و الحيوان‌.

 و هذه‌ الفرضيّة‌ (فرضيّة‌ قابليّة‌ التبدّل‌ الی ماهيّات‌ أخري‌) تخالف‌
 البراهين‌ الفلسفيّة‌ و الآيات‌ و الروايات‌.

 و قد تفضّل‌ العلاّمة‌ الجليل‌ و الاستاد الكامل‌ في‌ كتاب‌ تفسير الميزان‌ ضمن‌ البحث‌ في‌ سورة‌ الاعراف‌ عن‌ خلقة‌ الشيطان‌ بالقول‌:

 و الذي‌ ذكره‌ بعضهم‌: انّ أهل‌ العلم‌ أجمعوا علی انّ ابليس‌ و ذريّته‌ من‌ الجنّ، و ان‌ الجنّ أجسام‌ لطيفة‌ هوائية‌ تتشكّل‌ بأشكال‌ مختلفة‌ حتي‌الكلب‌ و الخنزير، و انّ الملائكة‌ أجسام‌ لطيفة‌ تتشكّل‌ بأشكال‌ مختلفة‌ الاّ الكلب‌ و الخنزير ـ و كأنّهم‌ يريدون‌ بذلك‌ تغيّرهم‌ في‌ ذواتهم‌ ـ لا دليل‌ عليه‌ من‌ نقلٍ ثابت‌ أو عقل‌، و امّا ما ادّعي‌ من‌ الإجماع‌ و مآله‌ الی الاتّفاق‌ في‌ الفهم‌ فلا حجيّة‌ لمحصله‌ فضلاً عن‌ منقوله‌، و المأخذ في‌ ذلك‌ من‌ الكتاب‌ و السنة‌ ما عرفت‌[9]. علی انّ الطيّبين‌ لا يحسّون‌ أبداً بالنزع‌ حين‌ يقبض‌ ملك‌ الموت‌ أرواحهم‌، بل‌ انّهم‌ يُفرغون‌ القوالب‌ التي‌ كانوا يشغلونها حال‌ رؤيتهم‌ الطلعة‌ الوسيمة‌ لعزرائيل‌ و سيماءه‌ الجذّاب‌ الطافح‌ بالعظمة‌، فيرون‌ أنفسهم‌ فجأة‌ في‌ جنان‌ النعيم‌.

 افرضوا انّكم‌ كنتم‌ تركبون‌ سيّارة‌ تعبر بكم‌ في‌ الشوارع‌، و كنتم‌ تشاهدون‌ في‌ كلّ شارع‌ منظراً مُنفراً، ثمّ انفتحت‌ فجأة‌ بوّابة‌ ما و دخلت‌ هذه‌ السيّارة‌ فيها فرأيتم‌ ـ و يا للعجب‌ ـ روضةً تأخذ بالقلوب‌ و الابصار، فيها أُناس‌ يفيضون‌ مودّة‌ و أنساً، و انّكم‌ عجبتم‌ من‌ لذّة‌ أطعمتها و صفاء مائها و برودته‌، و أخذ بأسماعكم‌ أصواتها و نغماتها المحبّبة‌ الی النفوس‌ والمُنعشة‌ للافئدة‌، بحيث‌ انّكم‌ لم‌ تحسّوا فيها أبداً بما يكدّر خواطركم‌، بل‌ انّكم‌ لم‌ تحسّوا و لم‌ تدركوا ورودكم‌ فيها و كيفيّة‌ انتقالكم‌ لها، بل‌ وجدتم‌ أنفسكم‌ وسط‌ روضتها في‌ منتهي‌ اليُسر و البساطة‌. تلك‌ هي‌ كيفيّة‌ قبض‌ أرواح‌ المؤمنين‌ الطيّبين‌.

 امّا كيفيّة‌ قبض‌ أرواح‌ أولياء اللَه‌ بيد اللَه‌ نفسه‌ بواسطة‌ نفوس‌ العالين‌ من‌ المخلَصين‌ فهو أمر يخرج‌ عن‌ البيان‌ هنا. و قد علمتم‌ انّ الامام‌ زين‌ العابدين‌ قال‌ في‌ رواية‌ الكافي‌ تلك‌:

 انّه‌ يسخّي‌ نفسي‌ في‌ سرعة‌ الموت‌ و القتل‌ فينا قول‌ اللَه‌ (أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأتِي‌ الاْرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أطْرَافِهَا) و هو ذهاب‌ العلماء.

 به‌ تيغم‌ گر كشد دستش‌ نگيرم‌                  و گر تيرم‌ زند منّت‌ پذيرم‌

 كمان‌ ابروي‌ ما را گو مزن‌ تير                       كه‌ پيش‌ دست‌ و بازويت‌ بميرم‌ [10]

 الرجوع الي الفهرس

وعد أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالحضور عند جنازة‌ المحتضر

 ولقد وعد أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالحضور عند جسد المحتضر، و لقد بعث‌ بوعده‌ هذا الشوق‌ في‌ القلوب‌ للموت‌ من‌ أجل‌ التمتّع‌ بمشاهدة‌ صورته‌ الملكوتيّة‌ عليه‌ السلام‌، و لقد جعل‌ لطفه‌ و مودّته‌ و رحمته‌ التي‌ يفيضها علی المؤمنين‌ أرواحَهم‌ طافحة‌ بالعشق‌ و الشوق‌ للقُياه‌، و جعلهم‌ يعيشون‌ في‌ ذكراه‌ دوماً.

 دوش‌ بيماري‌ چشم‌ تو ببرد از دستم‌                       ليكن‌ از لطف‌ لبت‌ صورت‌ جان‌ مي‌بستم‌

 عشق‌ من‌ با خط‌ مشكين‌ تو امروزي‌ نيست‌              ديرگاهيست‌ كزين‌ جام‌ هلالي‌ مستم‌

 از ثبات‌ خودم‌ اين‌ نكته‌ خوش‌ آمد كه‌ بجور                 در سر كوي‌ تو از پاي‌ طلب‌ ننشستم‌ [11]

 فاذا كان‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ و هو من‌ العالين‌ و من‌ المخلَصين‌، بل‌ من‌ أعلي‌ هذه‌ الطائفة‌ و الجماعة‌ درجة‌ و أرفعه‌ مقاماً، يريد قبض‌ الروح‌ بنفسه‌ و بيده‌ يد اللَه‌، فما الذي‌ سيفعله‌ يا تري‌؟

 و بالطبع‌ فانّ قبض‌ الروح‌ يحصل‌ علی يده‌ الشريفة‌ للافراد الذين‌ رقوا الی أعلي‌ درجات‌ الإيمان‌ فخرج‌ أمر قبض‌ أرواحهم‌ من‌ عُهدة‌ ملك‌ اللَه‌ المقرّب‌: ملك‌ الموت‌.

 در وفاي‌ عشق‌ تو مشهور خوبانم‌ چو شمع‌              شب‌نشين‌ كوي‌ سربازان‌ و رندانم‌ چو شمع‌

 بي‌جمال‌ عالم‌آراي‌ تو روزم‌ چون‌ شب‌ است‌                          بي‌كمال‌ عشق‌ تو در عين‌ نقصانم‌ چو شمع‌

 رشتة‌ عمرم‌ به‌ مقراض‌ غمت‌ ببريده‌ شد                   همچنان‌ در آتش‌ مهر تو خندانم‌ چو شمع‌

 همچو صبحم‌ يك‌ نفس‌ باقيست‌ بي‌ديدار تو              چهره‌ بنما دلبرا تا جان‌ برافشانم‌ چو شمع‌ [12]

 جعلنا اللَه‌ و إيّاكم‌ من‌ الفائزين‌ بذلك‌ المقام‌ المحمود، و المنزلة‌ الرفيعة‌ بمحمّد و آله‌ الطاهرين‌ و صلّي‌ اللَه‌ علی محمّد و آله‌ أجمعين‌.

 الرجوع الي الفهرس

 

 

المجلس‌ السابع‌:

 في‌ انّ قبض‌ الروح‌ و مشاهدات‌ حال‌ النزع‌ تحدث‌ بالباطن‌

 

بسم‌ اللَه‌ الرّحمن‌ الرّحيم‌

و الحمد لله‌ ربّ العالمين‌ و لا حول‌ و لا قوة‌ إلاّ بالله‌ العلي‌ّ العظيم‌

و صلّي‌ الله‌ علی محمد و ءاله‌ الطاهرين‌

و لعنة‌ الله‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ الی يوم‌ الدين‌

(أُلقيت‌ هذه‌ المطالب‌ في‌ اليوم‌ السابع‌ من‌ شهر رمضان‌ المبارك‌)

 قال‌ اللَه‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 فَلَوْلآ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ  ¥ وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ  ¥ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَـ'كِن‌ لاَّ تُبْصِرُونَ  ¥ فَلَوْلآ إِن‌ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ  ¥ تَرْجِعُونَهَا إِن‌ كُنتُمْ صَـ'دِقِينَ   ¥فَأمَّا إِن‌ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ  ¥ فَرَوْحٌ وَ رَيْحَانٌ وَ جَنَّتُ نَعِيمٍ  ¥وَ أَمَّا إِن‌ كَانَ مِنْ أَصْحَـ'بِ الْيَمِينِ  ¥ فَسَلَ'مٌ لَكَ مِنْ أَصْحَـ'بِ الْيَمِينِ  ¥ وَ أَمَّا إِن‌ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّآلِّينَ  ¥ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ  ¥ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ  ¥ اِنَّ هَـ'ذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ  ¥ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبّـِكَ الْعَظِيمِ[13]. انّ ملك‌ الموت‌ الذي‌ يقوم‌ بقبض‌ روح‌ الإنسان‌ لا يقترب‌ منه‌ في‌ عالم‌ الطبع‌ و المادّة‌، الذي‌ ندعوه‌ بعالم‌ الخارج‌، لانّ ملك‌ الموت‌ موجود غير مادي‌ّ، بل‌ هو ملك‌، و أفراد الملائكة‌ غير ماديّين‌ بل‌ هم‌ موجودات‌ مجرّدة‌، لذا فانّ قُربهم‌ و بُعدهم‌ ليس‌ قرباً و بعداً مكانيّاً، كما انّ ملك‌ الموت‌ لا يأتي‌ الی الانسان‌ من‌ عالم‌ المادّة‌ لقبض‌ روحه‌، بل‌انه‌يقبض‌ روحه‌ من‌ ملكوت‌ الإنسان‌، و نفس‌ الانسان‌ تنتمي‌ الی عالم‌ الملكوت‌، والملائكة‌ جميعاً من‌ عالم‌ الملكوت‌، و ملك‌ الموت‌ نفسه‌ من‌ عالم‌ الملكوت‌ أيضاً، و ليس‌ هناك‌ في‌ عالم‌ الملكوت‌ حجاب‌ و لا ساتر مادي‌ّ، لان‌ حجاب‌ المادّة‌ أمر يختصّ بعالم‌ الطبع‌ و المادّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الزمان‌ و المكان‌ هما علّة‌ حجاب‌ الموجودات‌ المادية‌

 انّ الموجودات‌ في‌ عالم‌ المادّة‌ ـ حيث‌ تقتضي‌ الحاجة‌ الی الزمان‌ والمكان‌ ـ تستتر و تتخفّي‌ عن‌ بعضها بحاجب‌ الزمان‌ و المكان‌.

 فنحن‌ لا نملك‌ خبراً عن‌ أمسنا، كما لا نملك‌ خبراً عن‌ غدنا، لانّ حجاب‌ الزمان‌ قد أوجد بيننا و بينها فاصلاً؛ و كذلك‌ فانّنا لا نعلم‌ عمّا هناك‌ خلف‌ حائط‌ المسجد، لانّ حجاب‌ المكان‌ يفصل‌ بيننا و بينه‌.

 و هكذا فانّ خفايا الموجودات‌ بعضها عن‌ البعض‌ الآخر أمر مختصّ بالموجودات‌ الماديّة‌، امّا في‌ الموجودات‌ الروحانيّة‌ و الملكوتيّة‌ فانّ حجاب‌ المادّة‌ أمر غير معقول‌.

 لذا فانّ ملك‌ الموت‌ الذي‌ يقبض‌ روح‌ الانسان‌ و نفسه‌، يتماثل‌ في‌ كيفيّة‌ وجوده‌ مع‌ كيفيّة‌ وجود النفس‌ و الروح‌، و كلاهما ملكوتي‌ّ، و لهذا فانّ قبض‌ الروح‌ يحصل‌ من‌ باطن‌ الانسان‌.

 علی انّ قبض‌ الروح‌ لا يحصل‌ في‌ الخارج‌ لتكون‌ رؤيته‌ و إدراكه‌ أمراً ممكناً بواسطة‌ الحواسّ الظاهريّة‌ التي‌ تربطنا بعالم‌ الطبع‌ و المادّة‌، والانسان‌ نفسه‌ لا يدرك‌ بحواسّه‌ الظاهريّة‌ كيفيّة‌ قبض‌ روحه‌، كما انّ الافراد الذين‌ يُحيطون‌ بالشخص‌ المحتضر لا يشعرون‌ بمجي‌ء ملك‌ الموت‌ و قبض‌ روح‌ ذلك‌ المحتضر.

 يقول‌ اللَه‌ تبارك‌ و تعالي‌:

 أَفَبِهَـ'ذَا الْحَدِيثِ أَنتُمْ مُدْهِنُونَ  ¥ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [14].

 أتدهنون‌ و تخادعون‌ في‌ كلام‌ اللَه‌ و قرآنه‌ الكريم‌ في‌ الكتاب‌ المسطور، و تتعاملون‌ معه‌ بهذا الإهمال‌ و التساهل‌، فتجعلون‌ رزقكم‌ المعنوي‌ تكذيبه‌، بدلاً من‌ أن‌ تروون‌ عطشكم‌ و تصلحون‌ جميع‌ ثغرات‌ ونواقص‌ وجودكم‌ بالماء المعين‌ لمعارفه‌ في‌ هذه‌ المائدة‌ المبسوطة‌ للمعنويّات‌ و الحقائق‌، فانّكم‌ تواجهونه‌ بالتكذيب‌ و تحاولون‌ الارتداء بكأسكم‌ المترعة‌ بشراب‌ الغرور و الحيرة‌ و الضلالة‌.

 فَلَوْلآ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ  ¥ وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ  ¥ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ  ¥ فَلَوْلاَ إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ  ¥ تَرْجِعُونَهَا إِن‌ كُنتُمْ صَادِقِينَ. ان‌ كنتم‌ لا تصدّقون‌ باللَه‌، و لا تقيمون‌ لكلامه‌ (القرآن‌ الكريم‌) وزناً، و إن‌ كنتم‌ تنكرون‌ البعث‌ و المعاد و الثواب‌ و العقاب‌، و تسخرون‌ بالجنّة‌ والرضوان‌، و تهزءون‌ بالجحيم‌ و الغضب‌، فلم‌ لا ترجعون‌ أرواحكم‌ حين‌ تبلغ‌ الحلقوم‌ في‌ نزعها، و أنتم‌ تنظرون‌ بأمّ أعينكم‌ و لا تعلمون‌ أننا اُقرب‌ الی نفس‌ ذلك‌ المحتضر منه‌؟

 إن‌ كنتم‌ لا ترون‌ أنفسكم‌ تحت‌ سيطرة‌ عالم‌ الغيب‌ و حكومة‌ اللَه‌ سبحانه‌ تعالي‌ و الجزاء و لا ترون‌ أنفسكم‌ مجزيّين‌ بالقانون‌ العام‌ والناموس‌ الالهي‌ّ، و تتخيّلون‌ انّ القدرة‌ جميعاً منحصرة‌ في‌ عالم‌ المادّة‌ والطبع‌ هذا فتبحثون‌ عنها فيه‌، فلم‌ لا ترجعون‌ روحكم‌ في‌ تلك‌ اللحظات‌ الحاسمة‌ الحسّاسة‌ و تمنعونها من‌ الارتحال‌؟

 أرجعوها إن‌ كنتم‌ صادقين‌، و علی عقيدتكم‌ و نهجكم‌ مصرّين‌ ثابتين‌!

 بلي‌، نحن‌ آنذاك‌ أقرب‌ اليه‌ منه‌، كما انّ ملك‌ الموت‌ و الملائكة‌ الذين‌ يفعلون‌ ما يؤمرون‌ هم‌ عباد ينتمون‌ الی عالم‌ الامر لا يراهم‌ الناس‌ بأبصارهم‌ العاديّة‌ الدنيويّة‌.

 ملائكة‌ اللَه‌ ينتمون‌ الی عالم‌ الامر:

 بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [15].

 الامر في‌ مقابل‌ الخَلْق‌، اي‌ أنّ أولئك‌ الملائكة‌ أعلي‌ و أسمي‌ من‌ عالم‌ المادّة‌ و الطبع‌، و هم‌ موجودات‌ ملكوتيّة‌ يعملون‌ في‌ عالم‌ أمر اللَه‌ بأمر اللَه‌.

 و علی هذا فانّ ملك‌ الموت‌ و أعوانه‌ و مساعديه‌ ينتمون‌ هم‌ أيضاً الی عالم‌ الامر، كما انّ فعلهم‌ الذي‌ هو قبض‌ الروح‌ من‌ عالم‌ الامر و الباطن‌.

 طبقات‌ الناس‌ الثلاث‌: المقرّبون‌، أصحاب‌ اليمين‌، و المكذّبون‌.

 الرجوع الي الفهرس

اختلاف‌ كيفيّة‌ قبض‌ أرواح‌ المقرّبين‌ و أصحاب‌ اليمين‌ و المكذّبين‌

 ينقسم‌ الناس‌ آنذاك‌ الی ثلاث‌ مجموعات‌: الاُولي‌ مجموعة‌ المقرّبين‌
 الذين‌ عبروا الدنيا و الآخرة‌ و وصلوا الی مقام‌ قُرب‌ اللَه‌، و استقرّوا في‌ حرم‌ الامن‌ و الامان‌ الالهي‌ّ. و هؤلاء مكانهم‌ في‌ جنّة‌ النعيم‌، و طعامهم‌ الرّوح‌ و الريحان‌، تهبّ عليهم‌ النسائم‌ المنعشة‌ من‌ جهة‌ حرم‌ اللَه‌، و يعطِّر مشامهم‌ عبقُ حرم‌ الانس‌ و لقاء المعبود، فيجعلهم‌ ينتشون‌ بتلك‌ الجذبات‌ الالهيّة‌. الثانية‌: أصحاب‌ اليمين‌ الذين‌ لم‌ يتمكّنوا من‌ الفوز بتلك‌ الذروة‌ السامية‌ من‌ مدارج‌ القُرب‌ و معارجه‌ كما فعل‌ المقرّبون‌، بيد انّهم‌ كانوا محسنين‌ صالحي‌ الاعمال‌ عجز عالم‌ الغرور من‌ ابتلاعهم‌ في‌ الفم‌ الفاغر لضلالته‌ و ضياعه‌. و قد دُعي‌ هؤلاء بأصحاب‌ اليمين‌ كناية‌ عن‌ السعادة‌ والنجاة‌ لانّهم‌ قضوا أعمارهم‌ في‌ الدنيا بصدق‌ و أمانة‌، و لم‌ يلوّثوا قلوبهم‌ بصدأ الشرك‌، بل‌ سلكوا في‌ الدنيا وفق‌ ادراكاتهم‌ العقليّة‌ و الفطريّة‌ والشرعيّة‌، و لزموا صفاءهم‌ و حبّهم‌ للَه‌ و هجروا عالم‌ الغرور. لذا فقد وردوا في‌ اسم‌ سلام‌ ربّهم‌، فسلامٌ عليك‌ ايّها النبي‌ّ منهم‌، من‌ أصحاب‌ اليمين‌.

 و الطائفة‌ الثالثة‌: هم‌ أصحاب‌ الشمال‌ المعبّر عنهم‌ هنا بالمكذّبين‌ الضالّين‌، و هؤلاء هم‌ الذين‌ سكروا بعالم‌ الغرور و قضوا عمرهم‌ في‌ الاستكبار و التفاخر، فبعدوا عن‌ المعنويّات‌ و الحقائق‌، و شُغلوا بتكذيب‌ الانبياء و أولياء اللَه‌، و بإنكار المبدأ و المعاد، و تخيّلوا أنّ عالم‌ الوجود انّما خُلق‌ عبثاً.

 و هؤلاء طعامهم‌ يوم‌ القيامة‌ نُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ، و النُزُل‌ هو الطعام‌ الذي‌ يُعدّ للضيف‌، امّا الحميم‌ فهو المعادن‌ المصهورة‌، ثمّ انّهم‌ يردون‌ النار المسجورة‌ فيصْلَوْنَها خالدين‌. و هذه‌ المطالب‌ حقيقة‌ ارتقت‌ الی أعلي‌ درجات‌ اليقين‌ الذي‌ لا يمكن‌ إنكاره‌ أبداً بل‌ هي‌ في‌ مرحلة‌ الشهود و الحسّ.

 إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.

 سبِّحه‌ و نزّهه‌ عن‌ كل‌ ما يخالف‌ مقتضي‌ مقام‌ عدله‌ و رحمته‌ و جماله‌ و جلاله‌، و عن‌ كل‌ نقص‌ و عيب‌ و جهل‌ و عن‌ آثار كل‌ ما يدعيه‌ هؤلاء المكذّبون‌ الضالّون‌.

 و يُستفاد من‌ هذه‌ الآيات‌ التي‌ تبيّن‌ بالتفصيل‌ طبقات‌ الناس‌ حال‌ النزع‌ و الاحتضار انّ اللَه‌ سبحانه‌ أقرب‌ في‌ كلّ حال‌ الی الانسان‌ من‌ الانسان‌ نفسه‌، سواء كان‌ الانسان‌ من‌ المقرّبين‌، أم‌ من‌ الصالحين‌، أم‌ من‌ الاشقياء.

 و لانّ نزع‌ الروح‌ و قبضها يتمّ بيد اللَه‌ سبحانه‌ أو بيد ملائكة‌ الموت‌ الذين‌ ينزعونها بأمر اللَه‌ تعالي‌، فأنّ هؤلاء الملائكة‌ هم‌ أيضاً أقرب‌ الی الإنسان‌ من‌ نفسه‌، كما انّ قبض‌ الارواح‌ يحصل‌ في‌ الباطن‌:

 وَلَوْ تَرَي‌ إذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ[16].

 و المراد من‌ المكان‌ القريب‌ في‌ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ هو باطن‌ الانسان‌ الذي‌ تحتلّه‌ الملائكة‌ لتقوم‌ منه‌ بسلب‌ حقيقة‌ الإنسان‌ أي‌ نفسه‌.

 فهذا الباطن‌ قريب‌ الی الشخص‌ المحتضر الی الحدّ الذي‌ هو أقرب‌ اليه‌ من‌ أعضاء بدنه‌، بل‌ من‌ حواسّه‌ كالباصرة‌ و السامعة‌ و اللامسة‌، و هو أمر يتّضح‌ بقليل‌ من‌ الإمعان‌. و علی سبيل‌ الفرض‌ و المثال‌، فهل‌ لرفيقكم‌ الذي‌ يجلس‌ الی جواركم‌ علمٌ بالافكار و النوايا التي‌ تدور في‌ خلدكم‌ و بالكم‌؟ أيمكنه‌ الاطّلاع‌ علی باطنكم‌ بدون‌ أن‌ تظهرونه‌ له‌ و تُطلعونه‌ عليه‌؟

 فرضوا الآن‌ في‌ أذهانكم‌ أنّ الكعبة‌ موجودة‌ هنا، و انّكم‌ تغتسلون‌ وتنشغلون‌ بالطواف‌، ثمّ تأتون‌ الی مقام‌ ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ بعد الطواف‌ لسبعة‌ أشواط‌ فتصلّون‌ صلاة‌ الطواف‌ فيه‌، ثمّ تجلسون‌ جانباً تتطلّعون‌ الی الكعبة‌، لانّ النظر الی الكعبة‌ أمر يستحقّ الثواب‌.

 و بعد أن‌ قُمتم‌ بهذه‌ الاعمال‌ في‌ ذهنكم‌ بدون‌ أن‌ تبدر من‌ أيديكم‌ أو أرجلكم‌ حركة‌، و بدون‌ أن‌ يتحرّك‌ بدنكم‌ عن‌ موضعه‌ أدني‌ حركة‌، و حتّي‌بدون‌ الإستعانة‌ بقوّة‌ أعينكم‌ و آذانكم‌ في‌ مشاهدة‌ هذه‌ المناظر و في‌ سماع‌ أصوات‌ الزحام‌ و ضجيج‌ الناس‌ و صخبهم‌ في‌ أطراف‌ الكعبة‌، ثمّ تسألون‌ من‌ رفيقكم‌ الجالس‌ الی جنبكم‌: أيّها السيّد، ما الذي‌ فعلتُه‌؟

 فسيُجيب‌: لم‌ تفعل‌ شيئاً.

 و ستقولون‌: لقد قمتُ بالطواف‌ و الصلاة‌ و التفرّج‌ مدّةً علی بيت‌ اللَه‌ بقوي‌ التصوّر و عالم‌ الخيال‌ الموجود لدي‌ّ.

 فيردّ عليكم‌: لا علم‌ لي‌ بباطنكم‌؛ انّ عيني‌ تري‌ بدنكم‌ الذي‌ لم‌ يتحرّك‌ و لم‌ يفعل‌ شيئاً.

 و هكذا الامر في‌ حال‌ الإحتضار حين‌ يقبض‌ ملك‌ الموت‌ الروح‌، لانّ عمليّة‌ قبض‌ الروح‌ هي‌ من‌ هذا القبيل‌.

 افرضوا انّكم‌ كنتم‌ نائمين‌، و قد رأيتم‌ أحلاماً مرعبة‌ مُخيفة‌ سيبقي‌أثرها ظاهراً في‌ انفسكم‌ لعدّة‌ أيّام‌، او انّكم‌ شاهدتم‌ أحلاماً سعيدة‌ مُفرحة‌ ستظهر آثارها علی انفسكم‌ لمدّة‌. (فهذه‌ الاحلام‌ عجيبة‌ الی الحدّ الذي‌ يمكن‌ أن‌ يؤثّر بعضها فيكم‌ طوال‌ عمركم‌.)

 بيد انّكم‌ سألتم‌ عند استيقاظكم‌ من‌ رفيقكم‌ الذي‌ يجلس‌ يقظاً الی جنب‌ فراشكم‌: ما الذي‌ رأيتُ في‌ النوم‌؟

 فانّه‌ سيجيبُ: لا أعلم‌!

 فتقولون‌: لقد رأيتُ في‌ النوم‌ كذا و كذا، فكيف‌ لم‌ تعلم‌ بذلك‌؟ فيجيب‌: لستُ عالماً بالسرّ و الخفيّات‌ لاطّلع‌ علی باطنكم‌ و الحلم‌ الذي‌ ترونه‌.

 الرجوع الي الفهرس

المشاهدات‌ في‌ حال‌ الاحتضار تحصل‌ بالعين‌ الملكوتيّة‌

 انّ عالم‌ الموت‌ و حالات‌ الإحتضار و مشاهدات‌ المحتضر من‌ هذا القبيل‌، كما انّ المسرّات‌ و المخاوف‌ التي‌ تتملّك‌ الانسان‌ عند النزع‌ لا يطّلع‌ عليها شخص‌ آخر، فمخاوف‌ المحتضر و ما يوسّع‌ عليه‌ من‌ أمره‌ و سائر صور إراكاته‌ هي‌ من‌ هذا القبيل‌ أيضاً.

 و كذلك‌ فانّ رؤية‌ ملك‌ الموت‌ و انفتاح‌ أبواب‌ الجنّة‌ أو أبواب‌ الجحيم‌، و سكرات‌ الموت‌ و سائر الحالات‌ المشهودة‌ للانسان‌ عند الموت‌ كلّها أمور روحيّة‌ و ليست‌ جسميّة‌.

 يسقط‌ جسم‌ الإنسان‌ الی الارض‌ عند موته‌ في‌ حين‌ تتحرك‌ الروح‌ الی محلّها الذي‌ ينبغي‌ عليها الذهاب‌ اليه‌، كما انّ ملك‌ الموت‌ الذي‌ يُباشر إخراج‌ الروح‌ ليصحبها معه‌ لا شأن‌ له‌ بالجسد، فتلك‌ هي‌ وظيفة‌ عائلة‌ الميّت‌ و أوصيائه‌ و مشيّعيه‌ في‌ أن‌ يأخذوا الجنازة‌ فيدفنوها حسب‌ المراسم‌ والاحكام‌ الشرعيّة‌.

 وَ قَالُوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي‌ الاْرْضِ أَءِنَّا لَفِي‌ خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم‌ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ كَـ'فِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي‌ وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ الی رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ[17].

 انّ مُنكري‌ المعاد هؤلاء يقولون‌ في‌ مقام‌ الاعتراض‌: انّنا حين‌ يصادفنا الموت‌ فنفني‌ و نتلاشي‌ في‌ أعماق‌ الارض‌ و نصبح‌ تراباً و رماداً، و حين‌ تتناثر جميع‌ ذرّات‌ وجودنا في‌ كلّ صوب‌ و حدب‌؛ أفنعود للحياة‌ من‌ جديد فنرتدي‌ رداء الوجود في‌ هيكل‌ و خلقٍ جديد؟!! بلي‌، ان‌ هؤلاء يُنكرون‌ لقاء ربّهم‌، و يكفرون‌ بالسير الروحي‌ و لقاء الحضرة‌ الاحديّة‌. فقل‌ لهم‌ ايّها النبي‌ّ: انّ ملك‌ الموت‌ يتوفّاكم‌ و يأخذكم‌، بيد انّ ما يتحرّك‌ عند الموت‌ و يذهب‌ هو أنتم‌، و هو حقيقتكم‌ و نفسكم‌.

 فليتفرّق‌ و يتفتّت‌ جسمكم‌ و يفني‌ تحت‌ الارض‌، فليس‌ هو الذي‌ يحدّد و يعيّن‌ نفسكم‌، فلم‌ يكن‌ ذلكم‌ الاّ رداءكم‌ الذي‌ إن‌ خُلع‌ من‌ بدنكم‌ لم‌ يتغيّر بانخلاعه‌ وجودكم‌.

 إنّ ملك‌ الموت‌ ذلك‌ الذي‌ يُسيطر عليكم‌ و الذي‌ وكّله‌ اللَه‌ بمراقبة‌ نفسكم‌، هو الذي‌ سيأخذكم‌ من‌ عالم‌ الطبع‌ و المادّة‌ الی عالم‌ البرزخ‌، و هو الذي‌ يترك‌ الجسد ليجري‌ له‌ ما سيجري‌ من‌ الاحكام‌، و هكذا فانّ ورود الانسان‌ في‌ عالم‌ البرزخ‌ يمثّل‌ ورود نفس‌ الانسان‌ بصورتها البرزخيّة‌ و المثاليّة‌.

 لقد عاشت‌ نفس‌ الانسان‌ في‌ الدنيا مدّةً ما أنست‌ فيها بعالم‌ الطبع‌ و باللذات‌ الماديّة‌، فما رأته‌ بعينيها انعطف‌ قلبها اليه‌، و ما سمعته‌ بأذنيها و التذّت‌ به‌ انعطف‌ قلبها نحوه‌، و هكذا ارتبطت‌ النفس‌ مع‌ عالم‌ الطبع‌ و المادّة‌ بواسطة‌ الحواس‌ الخمسة‌، و تمتّعت‌ بمتعها و ملاذها المادّية‌ عن‌ طريق‌ نوافذ الإدراك‌ و سبله‌ هذه‌.

 ز دست‌ ديده‌ و دل‌ هر دو فرياد                    كه‌ هر چه‌ ديده‌ بيند دل‌ كند ياد [18]

 القلب‌ هو تلك‌ النفس‌ التي‌ كانت‌ في‌ الدنيا، و التي‌ ألفتـها ببريقها وزخرفها و اكتسبت‌ عادات‌ الناس‌ و آدابهم‌ و تقاليدهم‌ و تعاملت‌ بها مدّة‌، و التي‌ التذّت‌ بصور الدنيا و مناظرها فزاد تعلّقها بها يوماً بعد آخر.

 و ها هي‌ الآن‌ تريد مغادرة‌ الدنيا و الورود في‌ عالم‌ لا تألفه‌ و لا تعلم‌ عنه‌ شيئاً عالم‌ لا يشبه‌ عالم‌ الدنيا بأي‌ّ وجه‌ من‌ الوجوه‌.

 ولو كانت‌ النفس‌ قد أعدّت‌ في‌ هذه‌ الدنيا أسباب‌ ألفتها و معرفتها بذلك‌ العالم‌، ولو كانت‌ أعدّت‌ زاد رحيلها و اكتسبت‌ معرفتها و ألفتها بباطنها، لتمكّنت‌ من‌ التحرك‌ بسهولة‌ و يُسر.

 امّا لو كانت‌ لم‌ تعدّ مستلزمات‌ الالفة‌ و المعرفة‌ بذلك‌ العالم‌، ثم‌ انقضي‌ عمرها فسيقت‌ غريبة‌ ترتحل‌ من‌ موطنها الی ديار الغُربة‌، فانّ الموت‌ سيكون‌ آنذاك‌ قاسياً عليها شديد الوط‌ء؛ فهي‌ غريبة‌ من‌ جهة‌، عاجزة‌ عن‌ معرفة‌ السبيل‌ للتعرّف‌ علی ذلك‌ العالم‌ و الالفة‌ به‌ من‌ جهة‌ اخري‌، لانها تفتقد المتاع‌ الذي‌ يمكنها عرضه‌ هناك‌ في‌ سوق‌ البيع‌ والشراء، فالمتاع‌ الذي‌ يشترونه‌ هناك‌ من‌ الانسان‌ فيكرمون‌ وجوده‌ لاجله‌، هو غير المتاع‌ الذي‌ يمتلك‌ قيمةً ما في‌ هذه‌ الدنيا و الذي‌ يتهافت‌ عليه‌ الجميع‌ في‌ عالم‌ المادّة‌ و الغرور.

 الرجوع الي الفهرس

الدنيا و الاخرة‌ عالَمان‌ مختلفان‌ موضوعاً

 في‌ هذه‌ الدنيا تمتلك‌ النقود قيمة‌، و يمتلك‌ الذهب‌ و الفضة‌ قيمة‌، والجاه‌ و المنزلة‌ قيمة‌، و القدرة‌ و الاعتبارات‌ الاخري‌ قيمة‌ و وزناً، كما تمتلك‌ كثرة‌ الاقرباء و الاولاد و الاصدقاء و الاعوان‌ القيمة‌ و الوزن‌ والاعتبار. بيد انّ هذه‌ الامور لا قيمة‌ لها هناك‌ أبداً، و اذا ما كانت‌ علاقة‌ الانسان‌ برحمه‌ علاقة‌ غير الهيّة‌ فانّها ستنفصم‌ هناك‌ و تنقطع‌، لانّ القرابة‌ والرحم‌ قائمة‌ هناك‌ علی أساس‌ التقوي‌ و الفضيلة‌.

 لا فائدة‌ من‌ المال‌ هناك‌، و لا فائدة‌ من‌ الاعوان‌ و الانصار؛ هناك‌ حيث‌ لا قيمة‌ لحيثيّة‌ الانسان‌ و شخصيّته‌ الدنيويّة‌، و لا لحكمه‌ و سلطانه‌، ولو تمكّن‌ أحد أن‌ يأخذ من‌ الدنيا شيئاً من‌ هذه‌ الامور، فانّه‌ سيصبح‌ هناك‌ شيئاً تافهاً لا قيمة‌ له‌، شيئاً كاسداً لا يرغب‌ فيه‌ أحد، لانّ تلك‌ السوق‌ غير هذه‌ السوق‌، و ذلك‌ الدكّان‌ غير هذا الدكّان‌. افرضوا الآن‌ انّكم‌ في‌ فصل‌ الصيف‌ حيث‌ الجوّ حارّ و لاهب‌، و انّكم‌ تمتلكون‌ قدراً من‌ الثلج‌ هو كلّ رأس‌ مالكم‌ و ثروتكم‌؛ فستكون‌ ثروتكم‌ هذه‌ ذات‌ قيمة‌ في‌ الوضع‌ الحالي‌ الفعلي‌، لكنّها بالتأكيد ستفقد قيمتها في‌ فصل‌ الشتاء القارس‌.

 كما انّ الشخص‌ الماهر في‌ فنّ النجارة‌، المتبحّر في‌ النقش‌ البارز والحفر علی الخشب‌، و في‌ زخرفة‌ الاطباق‌ و الاشياء و نقشها باللون‌ اللازوردي‌، و الخبير بدقائق‌ هذا الفنّ و أسراره‌ الذي‌ يمتلك‌ فنّه‌ و مهارته‌ قدراً و قيمة‌ و اعتباراً من‌ كلّ الوجوه‌؛ لو جاء يوماً الی مكان‌ يحتاجون‌ فيه‌ الی حدّاد و يستخدمونه‌ بأجور استثنائية‌، فانّ هذا النجّار مهما قال‌ لهم‌ انّه‌ خبير بفنّه‌، و انّه‌ كان‌ معزّزاً مكرّماً في‌ مكانه‌ السابق‌، و أنّ عليهم‌ استخدامه‌ في‌ هذا العمل‌، و مهما وعدهم‌ بأنّه‌ سيقدّم‌ لهم‌ جميع‌ أنواع‌ فنون‌ صنعة‌ النجارة‌ و دقائقها علی أفضل‌ وجه‌، و انّه‌ سيقنع‌ منهم‌ بمرتّب‌ بسيط‌؛ فانّهم‌ سيقولون‌ في‌ جوابه‌: نحنُ لا نحتاج‌ نجّاراً! و مهما امتدحت‌ حرفتك‌ و فنّك‌ فانهما لا يفيداننا بشي‌ء. نحن‌ نحتاجُ حدّاداً، فإن‌ كان‌ لك‌ خبرة‌ في‌ فنّ الحدّادة‌ فأهلاً بك‌؛ و الاّ فانّ وجودك‌ هنا سيكون‌ مدعاةً للمشاكل‌ و التأخير.

 و هكذا الامر لو جاء الطبيب‌ الاستاذ في‌ فنّ الطبابة‌ الی مدرسة‌ الفلسفة‌ فأراد أن‌ يشغل‌ عنوان‌ فيلسوف‌ و حكيم‌، فيقول‌: انني‌ امرؤٌ عالم‌، بذلتُ أتعاباً جمّة‌، و كان‌ لي‌ مطالعات‌ و دراسة‌ للكتب‌؛ و سيردّون‌ عليه‌: انّ كلامك‌ صحيح‌ بأجمعه‌، بيدَ انّ هذه‌ مدرسة‌ للفلسفة‌، و نحن‌ نحتاج‌ حكيماً و فيلسوفاً. لقد بذلتَ جهوداً في‌ فنّ الطبّ و تحمّلت‌ المحن‌ و المتاعب‌ من‌ أجله‌، حتي‌ صرتَ تعرف‌ جميع‌ عروق‌ البدن‌ و محل‌ وجودها، و صرتَ استاذاً ماهراً في‌ العمليّات‌ الجراحيّة‌، لكننا لا نحتاج‌ طبيباً أو جرّاحاً. انّك‌ تجهل‌ علم‌ الحكمة‌ و معرفة‌ حقائق‌ الاشياء، فلا مكان‌ لك‌ هنا! انّ الاعتبارات‌ و الموازين‌ التي‌ يمتلكها الناس‌ في‌ الدنيا و يقيمون‌ علی أساسها حياتهم‌ الماديّة‌، من‌ المال‌ و الولد و العشيرة‌ و التجارة‌ و الصناعة‌ و الحكومة‌ و أمثالها، أمور تدور بأجمعها حول‌ محور الحياة‌ الدنيويّة‌. و حين‌ يتبدّل‌ العالمّ و تتبدّل‌ الحياة‌، فانّ من‌ غير المعقول‌ انّ ما كان‌ يتصدّر مستلزمات‌ الحياة‌ و خصائصها سينفع‌ هناك‌ أيضاً في‌ تلك‌ الحياة‌ الاخري‌ مع‌ وجود التغيير في‌ الموضوع‌ و التبدّل‌ في‌ الاحكام‌ والقوانين‌ و النواميس‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ توحيد الصدوق‌، كتاب‌ التوحيد، باب‌ الردّ علی الثنويّة‌ و الزنادقة‌، طبع‌ الحيدري‌، سنة‌ 1387، ص‌ 268 و ص‌ 269.

[2] ـ الآية‌ 49، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[3] ـ اورد الشيخ‌ الصدوق‌ قصّة‌ إحياء الاسد و افتراسه‌ حاجب‌ المأمون‌ في‌ كتاب‌ «عيون‌ أخبار الرضا»، الطبعة‌ الحجريّة‌، الباب‌ الاربعين‌، ص‌ 344 و 345. و رواها الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ في‌ كتاب‌ «اثبات‌ الهداة‌ بالنصوص‌ و المعجزات‌» المطبعة‌ العلمية‌ قم‌، في‌ الباب‌ الخامس‌ و العشرين‌ في‌ معجزات‌ الامام‌ الرضا عليه‌ السلام‌، المجلّد السادس‌، ص‌ 55 عن‌ كتاب‌ العيون‌. امّا أصل‌ الرواية‌ في‌ كتاب‌ العيون‌ فكانت‌ ان‌ المرحوم‌ الصدوق‌ يروي‌ عن‌ أبي‌ الحسن‌ بن‌ القاسم‌ المفسّر، عن‌ يوسف‌ بن‌ محمّد بن‌ زياد و علی بن‌ محمّد بن‌ سيّار، عن‌ أبويهما، عن‌ الإمام‌ الحسن‌ بن‌ علی العسكري‌، عن‌ أبيه‌ علی بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌ محمّد بن‌ علی الجواد عليهم‌ السلام‌؛... ثمّ يذكر الامام‌ الرواية‌ مفصّلاً حتي‌ يصل‌ الی انّ حاجب‌ المأمون‌ الذي‌ كان‌ مأموراً بالحطّ من‌ قدر الامام‌ في‌ المجلس‌ انبري‌ للامام‌ فقال‌ له‌: يابن‌ موسي‌ لقد عدوتَ طورك‌ و تجاوزتَ قدرك‌ أن‌ بعث‌ اللَه‌ بمطرٍ مقدّر وقته‌ لا يتقدّم‌ و لا يتأخّر جعلتَه‌ آيةً تستطيلُ بها، و صولة‌ تصول‌ بها، كأنّك‌ جئت‌ بمثل‌ آية‌ الخليل‌ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ لمّا أخذ رؤس‌ الطير بيده‌ و دعا أعضاءها التي‌ كان‌ فرّقها علی الجبال‌، فأتينه‌ سعياً و تركّبن‌ علی الرؤس‌ و خفقن‌ و طرنَ بإذن‌ اللَه‌ تعالي‌، فإن‌ كنت‌ صادقاً فيما توهم‌ فأحيي‌ هذين‌ و سلّطهما علی فإنّ ذلك‌ يكون‌ حينئذٍ آية‌ معجزة‌... و كان‌ الحاجب‌ أشار الی أسدين‌ مُصوّرين‌ علی مسند المأمون‌ الذي‌ كان‌ مستنداً عليه‌، و كانا متقابلين‌ علی المسند، فغضب‌ علی بن‌ موسي‌ عليه‌ السلام‌ و صاح‌ بالصورتين‌: دونكما الفاجر فافترساهُ و لا تُبقياله‌عيناً و لا أثراً! فوثبت‌ الصورتان‌ و قد عادتا أسديّن‌ فتناولا الحاجب‌ و رضّاه‌ و هشّماه‌ و أكلاه‌ و لحسا ادمه‌، و القوم‌ ينظرون‌ متحيّرين‌ ممّا يبصرون‌. فلمّا فرغا منه‌ أقبلا علی الرضاعليه‌السلام‌ و قالا: يا ولي‌ّ اللَه‌ في‌ أرضه‌ ماذا تأمرنا نفعل‌ بهذا؟ أنفعل‌ به‌ ما فعلنا بهذا؟ يُشيران‌ الی المأمون‌، فغشي‌ علی المأمون‌ ممّا سمع‌ منهما، فقال‌ الرضا عليه‌السلام‌: قفا! فوقفا، ثمّ قال‌ الرضا عليه‌ السلام‌: عودا الی مقرّكما كما كنتما، فصارا الی المسند و صارا صورتين‌ كما كانتا...

[4] ـ قصّة‌ إحياء أسد منقوش‌ علی سترٍ علی يد الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليه‌ السلام‌

روي‌ ابن‌شهرآشوب‌ في‌ كتاب‌ «المناقب‌» ضمن‌ أحوال‌موسي‌بن‌جعفرعليهماالسلام‌ (ج‌ 2، ص‌ 364 و 365 )، الطبعة‌ الحجريّة‌، عن‌ علی بن‌ يقطين‌ قال‌:

 استدعي‌ الرشيد رجلاً يُبطل‌ به‌ أمر أبي‌ الحسن‌  ]الكاظم‌  [ و يُخجله‌ في‌ المجلس‌، فانتُدب‌ له‌ رجلٌ معزّم‌، فلمّا أُحضرت‌ المائدة‌ عمل‌ ناموساً علی الخبز، فكان‌ كلّما رام‌ خادم‌ أبي‌ الحسن‌ تناول‌ رغيف‌ من‌ الخبز طار من‌ بين‌ يديه‌، و استقر هارون‌ الفرح‌ و الضحك‌ لذلك‌، فلم‌ يلبث‌ أبوالحسن‌ أن‌ رفع‌ رأسه‌ الی أسد مُصوَّر علی بعض‌ الستور فقال‌ له‌: يا أسدَ اللَه‌ خُذْ عدوَّ اللَه‌؛ قال‌: فوثبت‌ تلك‌ الصورة‌ كأعظم‌ ما يكون‌ من‌ السباع‌ فافترس‌ ذلك‌ المعزّم‌، فخرّ هارون‌ و ندماؤه‌ علی وجوههم‌ مغشيّاً عليهم‌ و طارت‌ عقولهم‌ خوفاً من‌ هول‌ ما رأوه‌، فلمّا أفاقوا من‌ ذلك‌ بعد حين‌ قال‌ هارون‌ لابي‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌: أسألك‌ بحقي‌ عليك‌ لمّا سألتَ الصورة‌ أن‌ تردّ الرجل‌. فقال‌: إن‌ كانت‌ عصا موسي‌ ردّت‌ ما ابتلعته‌ من‌ حبال‌ القوم‌ و عصيّهم‌ فاّن‌ هذه‌ الصورة‌ تردّ ما ابتلعته‌ من‌ هذا الرجل‌.

 و يقول‌ المحدّث‌ القمي‌ّ في‌ «منتهي‌ الآمال‌» طبع‌ الاسلامية‌، سنة‌ 1371، ج‌ 2، ص‌ 126 بعد روايته‌ لهذه‌ القصّة‌ عن‌ ابن‌ شهر آشوب‌ ما ترجمته‌: روي‌ بعض‌ الفضلاء ـ و لعلّه‌ السيّد الاجلّ السيد حسين‌ المفتي‌ ـ هذا الحديث‌ عن‌ الشيخ‌ البهائي‌ بهذا الطريق‌، قال‌: حدّثني‌ ليلة‌ الجمعة‌ السابع‌ من‌ جمادي‌ الآخرة‌ سنة‌ 1003 مقابل‌ ضريحي‌ْ الإماميْن‌ المعصومين‌ موسي‌ بن‌ جعفر و أبي‌جعفر الجواد عليهما السلام‌، عن‌ أبيه‌ الشيخ‌ حسين‌، عن‌ مشايخه‌، ثمّ يذكر مشايخه‌ الی الشيخ‌ الصدوق‌، عن‌ ابن‌ الوليد، عن‌ الصفّار، عن‌ سعد بن‌ عبداللَه‌ عن‌ أحمد بن‌ محمد بن‌ عيسي‌، عن‌ حسن‌ بن‌ علی بن‌ يقطين‌، عن‌ أخيه‌ حسين‌ عن‌ ابيه‌ علی بن‌ يقطين‌... و ذكر رجال‌ هذا السند و جميعهم‌ من‌ الثقاة‌ و شيوخ‌ الطائفة‌، ثمّ ذكر الحديث‌ كما ورد بلا اختلاف‌، اذّ انّه‌ لم‌ يرد فيه‌ ذكر الخادم‌ بل‌ ورد فيه‌ (كلّما رام‌ الامام‌ تناول‌ رغيف‌ من‌ الخبز)، و كذلك‌ في‌ انّ الاسد المصوّر كان‌ علی بعض‌ ساحات‌ المنزل‌ لا علی بعض‌ الستور، و توافقا في‌ باقي‌ الرواية‌.

 ثمّ قال‌ بعد هذه‌ الرواية‌ انّ الشيخ‌ البهائي‌ ادام‌ اللَه‌ أيّامه‌ أنشدني‌ ثلاثة‌ أبيات‌ قالها في‌ مدح‌ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر و الامام‌ محمّد الجواد عليهما السلام‌، و هي‌:

 ألاَ يَا قَاصِدَ الزَّوْرَاءِ عَرِّجْ                         علی الْغَرْبِي‌ِّ مِنْ تِلكَ الْمَغَاني‌

 وَ نَعْلَيْكَ اخْلَعَنْ وَاسْجُدْ خُضُوعاً                  إذَا لاَحَتْ لَدَيْكَ الْقُبَّتَانِ

 فَتَحْتهما لَعَمْرُكَ نَارُ مُوسَي‌                        وَ نُورُ مُحمّدٍ مُتَقَارِنَانِ

 الرجوع الي الفهرس

[5] ـ الكافي‌، كتاب‌ فضل‌ العلم‌، باب‌ فقد العلماء الطبع‌ الحيدري‌، سنة‌ 1381، المجلّد الاوّل‌ للاصول‌، ص‌ 38، و الآية‌ المذكورة‌ فيه‌ هي‌ الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 13: الرعد.

[6] ـ جامع‌ الاخبار، ص‌ 170؛ و بحار الانوار، ج‌ 6، ص‌ 143، طبعة‌ الآخوندي‌.

[7] ـ الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌.

[8] ـ يقول‌: انّ موت‌ كلّ امري‌ يُماثله‌، كما انّ المرآة‌ الصافية‌ تُظهر كلّ امري‌ بلونه‌ الذي‌ هو عليه‌.

 فالمرآة‌ مقابل‌ التركي‌ّ لها لون‌ جميل‌، الاّ انّها مقابل‌ الزنجي‌ّ تظهر سوداء زنجيّة‌

 فيامَنْ تخاف‌ من‌ الموت‌ و تفرّ منه‌، احذر و تيقّظ‌ فانّك‌ إنّما من‌ نفسك‌ تخاف‌!

 انّ وجهك‌ هو القبيح‌ لا سحنة‌ الموت‌؛ لكأنّ روحك‌ شجرة‌ و الموت‌ أوراقها.

 فإن‌ كانت‌ الاوراق‌ حسنةً أو سيّئة‌ فهي‌ قد نمت‌ منك‌؛ أو كانت‌ سليمة‌ أو مريضة‌ فهي‌ ضميرك‌ و خيالاتك‌.

[9] ـ تفسير الميزان‌، المجلّد الثامن‌، ص‌ 61.

[10] ـ يقول‌: لو جاء يقتلني‌ بسيفه‌ فلن‌ أُمسك‌ بيده‌، و لو رماني‌ بسهامه‌ فسأكون‌ ممتنّاً له‌.

 فقل‌ لحبيبنا الذي‌ حواجبه‌ بالقوس‌ أشبه‌: لاترمنا بسهامك‌ لاننا سنتهاوي‌ ضحايا بين‌ أذرعه‌. ‌

[11] ـ يقول‌: عيل‌ صبري‌ ليلة‌ البارحة‌ من‌ عينيك‌ الناعستين‌، بيد انّك‌ أنعشتني‌ بشفاهك‌ الساحرة‌ اللطيفة‌.

 و لم‌ يكن‌ ولهي‌ بطلعة‌ الحبيب‌ و ليد اليوم‌ أو البارحة‌، فلقد مرّ دهرٌ طويل‌ منذ أن‌ ثملتُ بهذه‌ الكأس‌ الهلاليّة‌.

 أعجبني‌ من‌ ثباتي‌ في‌ العشق‌ انّني‌ لم‌ أكفّ عن‌ الطلب‌ و النشدان‌ مع‌ جورك‌ و جفائك‌، في‌ طريق‌ الوصول‌ الی دربك‌.

[12] ـ (ديوان‌ حافظ‌)، تنظيم‌ الدكتور خليل‌ خطيب‌ رهبر، الغزل‌ 294، ص‌ 397.

 يقول‌:

 شُهرتُ في‌ وفائي‌ لودِّك‌ بين‌ أحبابي‌ و صرتُ كالشمعِ ساهراً غير هيّابِ

 في‌ مصافِ مَنْ قدّموا الرؤوسَ للعشقِ قرابينَ في‌ المحرابِ

 استحالَ في‌ فراقك‌ صُبحي‌ ظلاما و ليلاً أيا زينة‌ العالمِ و ذُبتُ لولا كمال‌ حبِّكَ كالشمع‌ خرّ صَريعاً بلا راحمِ

 تملّكني‌ بحبك‌ غَمّي‌ و همّي‌ فَقَطّعَ حبلَ عُمري‌ بمقراضِهِ

 بيدَ أنّي‌ في‌ نار حُبّك‌ ضاحك‌ باسمٌ كالشمعِ مُخْفٍ لما بِهِ

 يا مَنْ له‌ طلعةٌ كالصبح‌ مُشرقةٌ لم‌ يَبْقَ لي‌ في‌ فراقك‌ أنفاسٌ أُردّدُها

 فاسفرْ بها يا خاطف‌ القلب‌ رائعةً لاُسلمَ ـ كالشمع‌ ـ روحاً حان‌ موعدُها

[13] ـ الآية‌ 83 ـ 96، من‌ السورة‌ 56: الواقعة‌.

[14] ـ الآية‌ 81 ـ 82، من‌ السورة‌ 56: الواقعة‌.

[15] ـ ذيل‌ الآية‌ 26 و صدر الآية‌ 27، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[16] ـ الآية‌ 51، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[17] ـ الآية‌ 10 و 11، من‌ السورة‌ 32: السجدة‌.

[18] ـ يقول‌: الويل‌ ممّا تفعل‌ العين‌ و القلب‌، فكلّما بصرت‌ به‌ العين‌ كان‌ القلب‌ في‌ ذكراه‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com