بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد السابع / القسم الثالث :مشاکل الولایة، ابتلاءات امیر المؤ منین علیه السلام، خطبة الرسول صلی الله...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

مشاكل‌ ومضاعفات‌ تحمّل‌ الولاية‌

 وينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ التنصيب‌ في‌ مقام‌ الإمامةوالخلافة‌ ليس‌ شأناً من‌ الشؤون‌ الظاهريّة‌ للإمام‌ بحيث‌ يبعث‌ علی الراحة‌ والسعة‌ والتمتّع‌ بمقام‌ يبتهج‌ به‌، ويحتفي‌ به‌ فرحاً مسروراً. بل‌ هو يستلزم‌ الاضطلاع‌ بالمسؤوليّة‌ والالتزام‌ حيال‌ القيام‌ بما يلزم‌، وأداء المهمّة‌ علی أحسن‌ وجه‌. فما أصعب‌ هذا الامر وأبهظه‌ وأشقّه‌! وأي‌ّ! مضاعفات‌ ستعقبه‌! ولابدّ من‌ اجتيازها كلّها بصبر واتّئاد وسكينة‌ ومن‌ جملتها السكوت‌ وعدم‌ القيام‌ بالسيف‌ عملاً بوصيّة‌ الرسول‌ الاعظم‌ عند مبادرتهم‌ لغصب‌ الحقّ، وفقدان‌ الناصر والمعين‌.

 إنّ النصب‌ في‌ مقام‌ الولاية‌ يمثّل‌ في‌ الحقيقة‌ نصباً في‌ مقام‌ الحلم‌ والتحمّل‌ والرزانة‌ في‌ جميع‌ تلك‌ الوقائع‌ والاحداث‌. ونصباً في‌ مقام‌ الصبر والحلم‌ والاناة‌ حيال‌ كافّة‌ الاحداث‌ التي‌ ستتوإلی‌ علی صاحب‌ الولاية‌ ومقام‌ الولاية‌ حتّي‌ يوم‌ القيامة‌. ويجسّد ذلك‌ النصب‌ إعلاناً عن‌ الصمود والاستقامة‌ أمام‌ الاحداث‌ التي‌ سيفتعلها الشيطان‌ والنفس‌ الامّارة‌ التي‌ يحملها ذوو التوجّهات‌ المريضة‌ من‌ الجهلة‌ الذين‌ لا علم‌ لهم‌، ويضعها أُولئك‌ حجر عثرة‌ في‌ طريق‌ الولاية‌ كلّ يوم‌ وزمان‌، وعقبة‌ تحول‌ دون‌ الوصول‌ إلی‌ ساحة‌ الحضور.

 فما أصعب‌ يوم‌ الغدير علی أمير المومنين‌! وما أشقّه‌ من‌ ميعاد! وما أثقله‌ من‌ لقاء مضنٍ مرهق‌! وما أعظمه‌ من‌ يوم‌ زاخر بالهيبة‌ والجلال‌!

 ولا يتصوّر أحد أنـّه‌ يوم‌ السرور والاغتباط‌ من‌ منظور الشؤون‌ الدنيويّة‌، بل‌ الامر علی عكس‌ ذلك‌.

 كما أنّ يوم‌ المبعث‌ النبوي‌ّ في‌ غار حَراءْ كان‌ أوّل‌ يوم‌ للنزول‌ في‌ عالم‌ الكثرة‌، والاضطلاع‌ بعمل‌ من‌ شأنه‌ الاصطدام‌ بشخصيّات‌ متحجّرة‌ من‌ أمثال‌ أبي‌ جهل‌، وأبي‌ لهب‌، وأبي‌ سفيان‌. وهو يوم‌ تحمّل‌ المصائب‌ والشدائد لتبليغ‌ رسالات‌ الله‌، والامتثال‌ للامر السماوي‌ّ القاضي‌ بتحطيم‌ أصنام‌ الجاهليّة‌، وتهذيب‌ النفوس‌ وتزكيتها؛ ومداراة‌ ومسايرة‌ عالم‌ من‌ أفكار الجهلة‌ الذي‌ يختلقون‌ أعظم‌ المصائب‌ من‌ وحي‌ جهلهم‌، ويفرضونها علی رسول‌الله‌.

 فلهذا أخذت‌ رسول‌ الله‌ الرجفة‌؛ ولمّا جاء إلی‌ بيته‌، سقط‌ علی الارض‌ من‌ شدّة‌ الهيبة‌ وعظمة‌ هذا الامر، وادّثّر في‌ زاوية‌ من‌ الغرفة‌ فنزل‌ عليه‌ جبريل‌ وهو يتلو عليه‌ قوله‌ تعإلی‌: قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ بعد قوله‌: يَـ'´أَيـُّهَا الْمُدَّثِّرْ؛ وقوله‌: قُمِ إلیلَ إِلاَّ قَلِيلاً بعد قوله‌: يَـ'´أَيـُّهَا الْمُزَّمِّلْ.

 وكان‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يعلم‌ ماذا ستجرّه‌ ولاية‌ الامر هذه‌ من‌ ويلات‌ علی أمير المؤمنين‌. من‌ ضربٍ وشتمٍ وقتلٍ وأسرٍ لابنائه‌ الطاهرين‌. وكان‌ يري‌ ذلك‌ أمامه‌ كالمرآة‌ ويوطّن‌ نفسه‌ الشريفة‌ علی جميع‌ البلاءات‌ لمرضاة‌ الودود جلّ وعزّ، ويتلقّي‌ الامر بالعمل‌ بقوله‌ تعإلی‌: بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ بالطاعة‌ والتسليم‌ متفاعلاً معه‌ بروحه‌ وقلبه‌. ويقبل‌ ذلك‌ الإمام‌ علی أيضاً بروحه‌ وقلبه‌، ويرحّب‌ به‌ بنفس‌ منشرحة‌ وصدر رحب‌؛ ويلبّي‌ دعوة‌ الحقّ؛ ويذوب‌ فيه‌ طاعة‌ وتسليماً بكل‌ وجوده‌.

 روي‌ الحافظ‌ أبو نُعَيم‌ الإصفهاني‌ّ! بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ بَرزة‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: إنَّ اللَهَ تَعَإلی‌: عَهِدَ إلی‌َّ عَهْدَاً فِي‌ علی، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ بَيِّنْهُ لِي‌!

 فَقَالَ: اسْمَعْ! فَقُلْتُ: سَمِعْتُ!

 فَقَالَ: إنَّ عَلِيَّاً رَأَيْةُ الهُدَي‌؛ وَإمَامُ أَوْلِيَائِي‌؛ وَنُورُ مَنْ أَطَاعَنِي‌؛ وَهُوَ الكَلِمَةُ الَّتِي‌ أَلْزَمْتُهَا المُتَّقِينَ؛ مَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّنِي‌؛ وَمَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَنِي‌؛ فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ! فَجَاءَ علی فَبَشَّرْتُهُ.

 فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! أَنَا عَبْدُ اللَهِ؛ وَفِي‌ قَبْضَتِهِ فَإنْ يُعَذِّبُنِي‌ فَبِذَنْبِي‌؛ وَإنْ يُتَمَّ لِي‌ الَّذي‌ بَشَّرْتَنِي‌ بِهِ؛ فَاللَهُ أَوْلَي‌ بِي‌!

 قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْلُ قَلْبَهُ! وَاجْعَلْ رَبِيعَهُ الإيمَانَ!

 فَقَالَ اللَهُ: قَدْ فَعَلْتُ بِهِ ذَلِكَ! ثُمَّ إنَّهُ رَفَعَ إلی‌َّ أَنـَّهُ سَيَخُصُّهُ مِنَ البَلاَءِ بِشَي‌ءٍ لَمْ يَخُصَّ بِهِ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِي‌.

 فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَخِي‌ وَصَاحِبِي‌!

 فَقَالَ: إنَّ هَذَا شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ؛ إنَّهُ مُبْتَلَيً وَمُبْتَلَيً بِهِ.[1]

 الرجوع الي الفهرس

البلاء الذي‌ نزل‌ بأمير المؤمنين‌ بعد رسول‌ الله‌، والفتن‌ التي‌ عاشها بعده‌

 وذكر إبراهيم‌ بن‌ محمّد بن‌ مؤيّد الحمّوئي‌ّ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ علیبن‌ أبي‌ طالب‌ قال‌: كنت‌ أمشي‌ مع‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ في‌ بعض‌ طرق‌ المدينة‌، فأتينا علی حديقة‌!

 فقلتُ: يا رسول‌ الله‌! ما أحسن‌ هذه‌ الحديقة‌!

 فقال‌: ] رسول‌ الله‌ ]: ما أحسنها؟! ولك‌ يا علی في‌ الجنّة‌ أحسن‌ منها!

 ثمّ أتينا علی حديقة‌ أُخري‌، فقلتُ: يا رسول‌ الله‌! ما أحسن‌ هذه‌ الحديقة‌!

 فقال‌ ] رسول‌ الله‌ ]: ما أحسنها! ولك‌ يا علی في‌ الجنّة‌ أحسن‌ منها! ثمّ أتينا علی حديقة‌ أُخري‌، فقلت‌: يا رسول‌ الله‌، ما أحسنها من‌ حديقة‌!

 فقال‌ رسول‌ الله‌: لك‌ في‌ الجنّة‌ أحسن‌ منها!

 قال‌: فمشينا حتّي‌ أتينا علی سبع‌ حدائق‌، وكلّما مررنا بحديقة‌ منها، كنت‌ أقول‌: يا رسول‌ الله‌! ما أحسنها! فيقول‌: لك‌ في‌ الجنّة‌ أحسن‌ منها!

 فَلَمَّا خَلاَ لَهُ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي‌ وَأَجْهَشَ بَاكِياً! فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا يُبْكِيكَ؟

 قَالَ: ضَغَائِنُ فِي‌ صُدُورِ أَقْوَامٍ لاَيُبْدُنَهَا لَكَ إلاَّ بَعْدِي‌!

 فَقُلْتُ: فِي‌ سَلاَمَةٍ مِنْ دِينِي‌؟! قَالَ: فِي‌ سَلاَمَةٍ مِنْ دِينِكَ. [2]

 وروي‌ موفّق‌ بن‌ أحمد أيضاً عن‌ أبي‌ سعيد الخدريّ قال‌: أخبر رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ ] وآله‌ ] وسلّم‌ عليّاً بما يلقي‌ إلیه‌ من‌ أعدائه‌ من‌ المقاتلة‌: فَبَكَي‌ علی وَقَالَ: أَسْأَلُكَ يَا رَسُولَ اللَهِ بِحَقِّ قَرَابَتِي‌ وَبِحَقِّ صُحْبَتِي‌ أَنْ تَدْعُو اللَهَ أَنْ يَقْبِضَنِي‌ إلیهِ! فَقَالَ: يَا علی! أَنَا أَدْعُو اللَهَ لَكَ لاِجَلٍ مُؤَجَّلٍ! فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! علی مَا أُقَاتِلُ الْقَوْمَ؟! قَالَ علی الإحْدَاثِ فِي‌ الدِّينِ. [3]

 وأخرج‌ موفّق‌ بن‌ أحمد الخوارزميّ بسنده‌ عن‌ أبي‌ ليلي‌، عن‌ أبيه‌، قال‌: أعطي‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ ] وسلّم‌ الراية‌ يوم‌ خيبر إلی‌ علی، ففتح‌ الله‌ عليه‌؛ وفي‌ يوم‌ غدير خُمّ أعلم‌ الناس‌ أنـّه‌ مولي‌ كلّ مؤمن‌ ومؤمنة‌، وقال‌ له‌: أنت‌ منّي‌ وأنا منك‌؛ وأنت‌ تقاتل‌ علی تأويل‌ القرآن‌ كما قاتلت‌ علی تنزيله‌! وقال‌ له‌: أنت‌ منّي‌ بمنزلة‌ هارون‌ من‌ موسي‌ إلاّ أنـّه‌ لانبي‌ّ بعدي‌. وقال‌ له‌: أنا سلم‌ لمن‌ سالمك‌، وحرب‌ لمن‌ حاربك‌؛ وأنت‌ العروة‌ الوثقي‌! وأنت‌ تبيِّن‌ ما اشتبه‌ عليهم‌ من‌ بعدي‌! وأنت‌ ولي‌ّ كلّ مؤمن‌ ومؤمنة‌ بعدي‌! وأنت‌ الذي‌ أنزل‌ الله‌ فيك‌:

 وَأَذَانٌ مِنَ اللَهِ وَرَسُولِهِ إلی‌ النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الاْكْبَرِ. [4]

 وأنت‌ الآخذ بسنّتي‌! والذابُّ عن‌ ملّتي‌! وأنا وأنت‌ أوّل‌ من‌ تنشقّ الارض‌ عنه‌؛ وأنت‌ معي‌ تدخل‌ الجنّة‌؛ والحسن‌ والحسين‌ وفاطمة‌ معنا، إنّ الله‌ أوحي‌ إلی‌َّ أن‌ أُبيّن‌ فضلك‌؛ فقلت‌ للناس‌ وبلّغتهم‌ ما أمرني‌ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ بتبليغه‌!

 ثمّ قال‌: اتَّقِ الضَّغائِنَ الَّتِي‌ كَانَتْ فِي‌ صُدُورِ قَوْمٍ لاَ تُظْهِرُهَا إلاَّ بَعْدَ مَوْتِي‌؛ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ وَبَكَي‌.

 ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي‌ جَبْرَائِيلُ أَنـَّهُمْ يَظْلِمُونَكَ بَعْدِي‌، وَأَنَّ ذَلِكَ الظُّلْمَ لاَيَزُولُ بِالكُلِّيَّةِ عَنْ عِتْرَتِنَا حَتَّي‌ إذَا قَامَ قَائِمُهُمْ، وَعَلَتْ كَلِمَتُهُمْ، وَاجْتَمَعَتِ الاُمَّةُ علی مَوَدَّتِهِمْ، وَالشَّانِي‌ لَهُمْ قَلِيلاً، وَالكَارِهُ لَهُمْ ذَلِيلاً، وَالمَادِحُ لَهُمْ كَثِيراً.

 وذلك‌ حين‌ تغيّر البلاد؛ وضعف‌ العباد، حين‌ إلیأس‌ من‌ الفرج‌، فعند ذلك‌ يظهر القائم‌ مع‌ أصحابه‌؛ فبهم‌ يظهر الله‌ الحقّ؛ ويخمد الباطل‌ بأسيافهم‌؛ ويتبعهم‌ الناس‌ راغباً إلیهم‌ وخائفاً منهم‌! أبشروا بالفرج‌ فإنّ وعد الله‌ حقّ لايخلف‌؛ وقضاءه‌ لا يردّ؛ وهو الحكيم‌ الخبير؛ وانّ فتح‌ الله‌ قريب‌.

 اللَهُمَّ إنَّهُمْ أَهْلِي‌ فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً؛ اللَّهُمَّ اكْلاَهُمْ وَارْعَهُمْ وَكُنْ لَهُمْ وَانْصُرْهُمْ وَأَعِزَّهُمْ وَلاَ تُذِلَّهُمْ، واخْلُفْنِي‌ فِيهِمْ إِنَّكَ علی مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ. [5]

 وقال‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ ] عليه‌ السلام‌ ]:

 كُلُّ حِقْدٍ حَقَدَتْهُ قُرَيْشٌ علی رَسُولِاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ ] وَسَلَّمَ أَظْهَرَتْهُ فِي‌َّ، وَسَتُظْهِرْهُ فِي‌ وُلْدِي‌ مِنْ بَعْدِي‌، مَا لِي‌ وَلِقُرَيْشٍ! إنَّمَا وَتَرْتُهُمْ بِأمْرِ اللَهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ، أفَهَذَا جَزَاءُ مَنْ أطَاعَ اللَهَ وَرَسُولَهُ إنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ؟! [6] «وَمَا نَقَمَوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن‌ يُؤْمِنُوا بِاللَهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ».[7]

 اللَهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِوِلاَيَةِ علی بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ أَميرِالمُؤْمِنِينَ عَلَيهِ السَّلاَمِ.

 الرجوع الي الفهرس

الدرس‌ الرابع‌ والتسعون‌ إلی‌ السابع‌ والتسعين‌:

خطبة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ غدير خمّ

 

 بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العلی العظيم‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 يَـ'´أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ و وَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَاللَهُ لاَ يَهْدِي‌ الْقَوْمَ الْكَـ'فِرِينَ. [8]

 نقل‌ موفّق‌ بن‌ أحمد خطيب‌ خوارزم‌ الابيات‌ التالیة‌ عن‌ الصاحب‌بن‌ عبّاد:

 حُبُّ النَّبِي‌ِّ وَأَهْلِ البَيْتِ مُعْتَمَدِي             ‌ إذَا الخُطُوبُ أَسَاءَتْ رَأْيَها فِينَا

 أَيَا بْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَهِ أَفْضَلَ مَنْ             سَادَ الاَنَامَ وَسَاسَ الهَاشِمِيِّينَا

 يَا قُدْوَةَ الدِّينِ يَا فَرْدَ الزَّمَانِ أصِخْ           لِمَدْحِ مَوْليً يَرَي‌ تَفْصِيلَكُمْ دِينَا

 هَلْ مِثْلُ سَبْقِكَ في‌ الإسلام لَوْ عَرَفُوا               وَهَذِهِ الخَصْلَةُ الغَرَّاءُ تُلْفِينَا

 هَلْ مِثْلُ عِلْمِكَ إنْ زَلُّوا وإن‌ وَهَنُوا               وَقَدْ هَدَيْتَ كَمَا أَصْبَحْتَ تَهْدِينَا

 هَلْ مِثْلُ جَمْعِكَ لِلقُرْآنِ تَعْرِفُهُ                لَفْظَاً وَمَعْنيً وَتَأوِيلاً وَتَبْيِينَا

 هَلْ مِثْلُ حَالِكَ عِنْدَ الطَّيْرِ تُحْضِرُهُ                        بِدَعْوَةٍ نِلْتَهَا دونَ المُصَلِّينَا

 هَلْ مِثْلُ بِذَلِكَ لِلْعَانِي‌ الاَسِيرَ وَللـ            ـطِّفْلِ الصَّغِيرِ وَقَدْ أَعْطَيْتَ مِسْكِينَا

 هَلْ مِثْلُ صَبْرِكَ إذخَانُوا وَإذْ خَتَرُوا[9]         حَتَّي‌ جَرَي‌ مَا جَرَي‌ فِي‌ يَوْمِ صِفِّينَا

 هَلْ مِثْلُ فَتْوَاكَ إذْ قَالُوا مُجَاهَرَةً             لَوْلاَ علی هَلَكْنَا فِي‌ فَتَاوِينَا

 يَا رَبِّ سَهِّلْ زِيَارَاتِي‌ مَشَاهِدَهُمْ              فَإنَّ رُوحِي‌َ تَهْوَي‌ ذَلِكَ الطِّينَا

 يَا رَبِّ صَيِّرْ حَيَاتِي‌ فِي‌ مَحَبَّتِهِمْ               وَمَحْشَرِي‌ مَعَهُمْ آمِينَ آمِينَا [10]

 الرجوع الي الفهرس

نزول‌ جبرئيل‌ في‌ غدير خمّ وتوقّف‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌

 خرج‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ من‌ مكّة‌ ومعه‌ جميع‌ حجّاج‌ بيت‌ الله‌ الحرام‌، وذلك‌ في‌ إلیوم‌ الرابع‌ عشر، متوجّهاً إلی‌ المدينة‌. وذكر المؤرّخون‌ أنّ حجّاج‌ المدينة‌ الذين‌ كانوا معه‌، مائة‌ وعشرون‌ ألفاً، أو مائة‌ وأربعة‌ وعشرون‌ ألفاً؛ ذلك‌ لانّ هذا الحجّ جاء بعد إعلان‌ مسبق‌ عنه‌، حتّي‌ أنّ النبي‌ّ أخبر أهل‌ القري‌ والاطراف‌ أنـّه‌ عازم‌ علی الحجّ، فمن‌ تمكّن‌ فليلتحق‌ به‌. فلهذا حجّ أهل‌ المدينة‌ كلّهم‌ بما فيهم‌ نساؤهم‌، ولم‌ يتخلّف‌ إلاّ العجزة‌ والمرضي‌، وخلت‌ المدينة‌ من‌ أهلها.

 وخطب‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ عدّة‌ مرّات‌ موصياً بأهل‌ البيت‌ ولزوم‌ الرجوع‌ إلی‌ الكتاب‌ والعترة‌. وبذل‌ قصاري‌ جهده‌ لتمهيد الارضيّة‌ للإعلان‌ العامّ عن‌ ولاية‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. وما إن‌ حلّت‌ قافلته‌ غدير خُمّ قرب‌ الجُحفة‌ [11]، حيث‌ مفترق‌ الطريق‌ التي‌ تؤدّي‌ إلی‌ المدينة‌ ومصر والشام‌، هبط‌ عليه‌ الامين‌ جبرئيل‌ مرّة‌ أُخري‌ بهذه‌ الآية‌: يَـ'´أَيـُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ وَإن‌ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ و وَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَاللَهُ لاَ يَهْدِي‌ الْقَوْمَ الْكَـ'فِرِينَ. [12]

 وأجمع‌ المؤرّخون‌ أنّ هذه‌ الآية‌ نزلت‌ في‌ غدير خمّ في‌ إلیوم‌ الثامن‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌، مع‌ أنـّهم‌ اختلفوا في‌ إلیوم‌ هل‌ كان‌ الاحد أو الخميس‌. وفي‌ ضوء ما ذكرناه‌ في‌ المباحث‌ المتقدّمة‌، فإنّ إلیوم‌ لابدّ من‌ أن‌ يكون‌ يوم‌ الاحد. [13]

 وهنا يأمر جبرئيل‌ رسول‌ الله‌ أن‌ يتوقّف‌، ويعرّف‌ عليّاً سيّداً وموليً وإماماً للخلق‌. ويبلّغ‌ الناس‌ ما بلّغه‌ الله‌ به‌ عن‌ ولاية‌ علی عليه‌ السلام‌. وأنّ عليّاً هو الولي‌ّ والمولي‌ لجميع‌ الناس‌، وطاعته‌ واجبة‌ عليهم‌ جميعاً.

 وفي‌ تلك‌ اللحظات‌ حيث‌ وصل‌ المتقدّمون‌ في‌ القافلة‌ منطقة‌ الجُحفة‌، والمتأخّرون‌ لم‌ يلحقوا برسول‌ الله‌، توقّف‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ الغدير، وأمر أن‌ يرجع‌ المتقدّمون‌ الذين‌ كانوا قد وصلوا إلی‌ الجحفة‌، وانتظر المتأخّرين‌ ريثما يلتحقون‌. وهكذا وقف‌ الجميع‌. وكانت‌ هناك‌ خمس‌ شجرات‌ كبيرة‌ متّصلة‌ بعضها مع‌ بعض‌ وهي‌ من‌ جنس‌ السَمُر، [14] فأمر بكنس‌ ما تحتها وتنظيفه‌. وكذلك‌ أمر أن‌ لاينزل‌ ويجلس‌ تحتها أحد.

 ولمّا التحق‌ جميع‌ الحجّاج‌ بنبيّهم‌ واجتمعوا معه‌. وتمّ تنظيف‌ ذلك‌ المكان‌. جاء النبي‌ّ الاعظم‌ فاستظلّ بالاشجار وكانت‌ صلاة‌ الظهر قد حان‌ وقتها. وأمر فجاء الناس‌ كلّهم‌ وصلّوا معه‌ صلاة‌ الظهر، وكان‌ ذلك‌ إلیوم‌ حارّاً جدّاً بحيث‌ يضع‌ الإنسان‌ بعض‌ ردائه‌ علی رأسه‌ وبعضه‌ تحت‌ قدميه‌ من‌ شدّة‌ الرمضاء.

 وظُلّل‌ لرسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بثوب‌ علی شجرة‌ سمرة‌ من‌ الشمس‌، وصُنع‌ له‌ منبر من‌ أقتاب‌ الإبل‌.

 فلمّا انصرف‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ من‌ صلاته‌، قام‌ علی ذلك‌ المنبر خطيباً وسط‌ القوم‌، ورفع‌ صوته‌ بحيث‌ يسمه‌ جميع‌ الناس‌، فقال‌:

 اَلحَمْدُ لِلَّهِ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنُؤْمِنُ بِهِ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، الَّذِي‌ لاَ هَادِي‌َ لِمَنْ ضَلَّ، وَلاَمُضِلَّ لِمَنْ هَدَي‌. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ؛ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ نَبَّأَنِي‌َ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ أَنـَّهُ لَمْ يَعْمُرْ نَبِي‌ٌّ إلاَّ مِثْلَ نِصْفُ عُمْرِ الَّذِي‌ قَبْلَهُ! [15] وَإنِّي‌ أُوشِكُ أَنْ أُدْعَي‌ فَأجَبْتُ! وَإنِّي‌ مَسْؤُولٌ، وَأَنْتُمْ مَسْؤُولُونَ: فَمَاذَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟!

 قَالُوا: نَشْهَدُ أَنـَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ وَجَهَدْتَ! فَجَزاكَ اللَهُ خَيْراً!

 قَالَ: أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَهُ؛ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ وَأَنَّ جَنَّتَهُ حَقٌّ؛ وَنَارَهُ حَقٌّ؛ وأنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا؛ وَأَنَّ اللَهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي‌ القُبُورِ؟!

 قَالُوا: بَلَي‌! نَشْهَدُ بِذَلِكَ! قَالَ: اللَهُمَّ اشْهَدْ!

 ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! أَلاَ تَسْمَعُونَ؟!

 قَالُوا: نَعَمْ!

 قَالَ: فَإنِّي‌ فَرَطُ علی الحَوْضِ؛ وَأَنْتُمْ وَارِدُونَ علی الحَوْضَ! وَإنَّ عَرْضَهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَبُصْرَي‌؛ فِيهِ أَقْدَاحٌ عَدَدَ النُّجُومِ مِنْ فِضَّةٍ. فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخلُفُونِي‌ فِي‌ الثَّقَلَيْنِ؟!

 فَنَادَي‌ مُنَادٍ: وَمَا الثَّقَلاَنِ يَا رَسُولَ اللَهِ؟!

 قَالَ: الثَّقَلُ الاَكْبَرُ كِتَابُ اللَهِ؛ طَرَفَ بِيَدِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَطَرَفَ بِأيْدِيكُمْ؛ فَتَمَسَّكُوا بِهِ لاَ تَضِلُّوا! وَالآخَرُ الاصْغَرُ عِتْرَتِي‌؛ وَإنَّ اللَّطِيفَ الخَبِيرَ نَبَّأَنِي‌ أَنـَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الحَوْضَ! فَسَألْتُ ذَلِكَ لَهُمَا رَبِّي‌، فَلاَ تَقَدَّمُوهُمَا فَتَهْلِكُوا؛ وَلاَ تَقْصُرُوا عَنْهُمَا فَتَهْلِكُوا!

 ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ علی فَرَفَعَهَا حَتَّي‌ رُئِي‌َ بَيَاضُ آبَاطِهِمَا وَعَرَفَهُ القَوْمُ أَجْمَعُونَ.

 فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟!

 قَالُوا: اللَهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ!

 قَالَ: إنَّ اللَهَ مَوْلاَي‌َ؛ وَأَنَا مَوْلَي‌ المُؤمِنِينَ؛ وَأَنَا أَوْلَي‌ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ! فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. يَقُولُهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ؛ وَفِي‌ لَفْظِ أَحْمَدَ إمَامِ الحَنَابِلَةِ: أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. [16]

 ثُمَّ قَالَ: اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ! وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ! وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ! وأَبْغِضْ مَنْ أَبْغَضَهُ! وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ! وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ! وَأدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ! أَلاَ فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ!

 ثُمَّ لَمْ يَتَفَرَّقُوا حَتَّي‌ نَزَلَ أَمِينُ وَحْيِ اللَهِ بِقَوْلِهِ:

 «إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا». [17]

 فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: اللَهُ أَكْبَرُ علی إكْمَالِ الدِّينِ وَإتْمَامِ النِّعْمَةِ وَرِضَا الرَّبِّ بِرِسَالَتِي‌ وَالْوَلاَيَةِ لِعَليٍّ مِنْ بَعْدِي‌.

 ثُمَّ طَفِقَ القَوْمُ يُهَنِّنئُونَ أَميِرَ المُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللَهِ عَلَيهِ. وَمِمَّنْ هَنَّأهُ فِي‌ مُقَدَّمِ الصَّحَابَةِ: الشَّيْخَانِ: أَبُوبَكْرٍ وَعُمَرُ؛ كُلٌّ يَقُولُ: بَخٍّ بَخٍّ لَكَ يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ!

 وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَجَبَتْ فِي‌ أَعْنَاقِ الْقَوْمِ. فَقَالَ حَسَّانٌ: إئْذَنْ لِي‌ يَارَسُولَ اللَهِ أَنْ أَقُولَ فِي‌ علی أَبْيَاتَاً تَسْمَعُهُنَّ! فَقَالَ: قُلِ علی بَرَكَةِ اللَهِ!

 فَقَامَ حَسَّانٌ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَشِيخَةِ قُرَيْشٍ أَتْبَعُهَا قَوْلِي‌ بِشَهَادَةٍ مِنْ رَسُولِاللَهِ فِي‌ الوَلاَيَةِ مَاضِيَةٍ. ثُمَّ قَالَ:

 يُنَادِيهِمُ يَوْمَ الْغَدِيرِ نَبِيُّهُمْ                        بِخُمٍّ فَأَسْمِعْ بِالرَّسُولِ مُنَادِيَا [18]

 وَقَدْ جَاءَهُ جِبْريلُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ                  بِأَنـَّكَ مَعْصُومٌ فَلاَ تَكُ وَانِبَا

 وبَلِّغْهُمْ مَا أنْزَلَ اللَهُ رَبُّهُمْ إلیكَ                وَلاَ تَخْشَ هُنَاكَ الاْعَادِيا

 فَقَامَ بِهِ إِذْ ذَاكَ رَافِعُ كَفَّهِ                        بِكَفِّ علی مُعْلِنَ الصَّوْتِ عَإلیا

 فَقَالَ: فَمَنْ مَوْلاَكُم‌ وَوَليُّكُمْ                     فَقَالُوا وَلَمْ يُبْدُوا هُنَاكَ تَعَامِيَا

 إلَهُكَ مَوْلاَنَا وَأَنْتَ وَلِيُّنَا                وَلَنْ تَجِدَنْ فِينَا لَكَ إلیومَ عَاصِيَا

 فَقَالَ لَهُ: قُمْ يَا علی فَإنَّنِي                     ‌ رَضِيتُكَ مِنْ بَعْدِي‌ إمَاماً وَهَادِيَا

 فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ                     فَكُونُوا لَهُ أنْصَارَ صِدْقٍ مَوَإلیا

 هُنَاكَ دَعَا اللَهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ                       وَكُنْ لِلَّذِي‌ عَادَي‌ عَلِيَّاً مُعَادِيَا

 فَيَا رَبِّ انْصُرْ نَاصِرِيهِ لِنَصْرِهِمْ                 إمَامَ هُدَيً كَالبَدْرِ يْجُلُو الدَّيَاجِيَا [19]

 ولمّا أنشد حسّان‌ هذه‌ الابيات‌، قال‌ له‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: يَا حَسَّانُ لاَ تَزَالُ مُؤَيَّداً بِرُوحِ القُدُسِ مَا نَصَرْتَنَا بِلِسَانِكَ. [20]

 الرجوع الي الفهرس

خطبة‌ أُخري‌ لرسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ غدير خمّ

 يقول‌ الكاتب‌ العبّاسي‌ّ أحمد بن‌ أبي‌ يعقوب‌ بن‌ واضح‌ المعروف‌ بإلیعقوبي‌ّ: توجّه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ من‌ مكّة‌ إلی‌ المدينة‌ ليلاً، ووصل‌ مكاناً قرب‌ الجُحفة‌ يقال‌ له‌: غدير خُمّ لثماني‌ عشرة‌ ليلة‌ خلت‌ من‌ شهر ذي‌ الحجّة‌: وَقَامَ خَطِيبَاً وَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ فَقَالَ: أَلَسْتُ أَوْلَي‌ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ؟ قَالُوا: بَلَي‌ يَا رَسُولَ اللَهِ. قَالَ: فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ، اللَهُمَّ وَآلِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ. ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إنِّي‌ فَرْطُكُمْ وَأَنْتُمْ وَارِدِي‌َّ علی الحَوْضِ؛ وَإنِّي‌ سَائِلُكُمْ حِينَ تَرِدُونَ علی عَنِ الثَّقَلَيْنِ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي‌ فِيهِمَا. وَقَالُوا: وَمَا الثَّقَلاَنِ يَا رَسُولَ اللَهِ؟! قَالَ: الثَّقَلُ الاَكْبَرُ كِتَابُ اللَهِ سَبَبٌ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَهِ وَطَرَف‌ بِأيْدِيكُمْ، فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ وَلاَ تُضِلُّوا وَلاَ تُبَدِّلُوا؛ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلُ بَيْتِي‌. [21]

 ونقل‌ الطبري‌ّ في‌ كتاب‌ « الولاية‌ » عن‌ زيد بن‌ أرقم‌ أنّ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌ في‌ آخر الخطبة‌: معاشر الناس‌! قولوا: أعطيناك‌ علی ذلك‌ ] أي‌ علی ولاية‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ [ عهداً عن‌ أنفسنا؛ وميثاقاً بألسنتنا؛ وصفقة‌ بأيدينا؛ نؤدّيه‌ إلی‌ أولادنا وأهإلینا؛ لانبغي‌ بذلك‌ بدلاً؛ وأنت‌ شهيدٌ علينا! وكفي‌ بالله‌ شهيداً.

 ] أيّها الناس‌ [ قولوا ما قلت‌ لكم‌؛ وسلّموا علی عليٍّ بإمْرَةِ المُوْمِنِينَ! وقولوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ هَدَب'نَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي‌ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَهُ. [22]فإنّ الله‌ يعلم‌ كلّ صوت‌ وخائنة‌ كلّ نفس‌؛

 فَمَنْ نَكَثَ فَإِنـَّمَا يَنْكُثُ علی نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَي‌ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَهُ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا.[23] قولوا ما يرضي‌ الله‌ عنكم‌ فَـ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ. [24]

 قال‌ زيد بن‌ أرقم‌: فعند ذلك‌ بادر الناس‌ بقولهم‌: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا علی أَمْرِ اللَهِ وَرَسُولِهِ بِقُلُوبِنَا. [25]

تهنئة‌ الصحابة‌ وزوجات‌ النبي‌ّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌

 ثمّ جلس‌ رسول‌ الله‌ في‌ خيمة‌ تخصّه‌؛ وأمر أميرالمؤمنين‌ أن‌ يجلس‌ في‌ خيمة‌ أُخري‌؛ وأمر طبقات‌ الناس‌ أن‌ يذهبوا إلی‌ خيمته‌ ويهنّئوه‌.

 ولمّا فرغ‌ الناس‌ من‌ تهنئة‌ أميرالمؤمنين‌، أمر رسول‌ الله‌ أُمّهات‌ المؤمنين‌ بأن‌ يسرن‌ إلیه‌ ويهنّئنّه‌ ففعلن‌.

 وممّن‌ هنّأه‌ من‌ الصحابة‌ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فقال‌: هَنِيئَاً لَكَ يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ! أصْبَحْتَ مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ. [26]

 وتقدّم‌ الناس‌ إلی‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ وبايعوه‌ أميراًللمؤمنين‌، وهنّأوه‌ بقولهم‌: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَميِرَالمُؤْمِنِينَ؛ ومدّوا أيديهم‌ بحيث‌ كانت‌ أيمانهم‌ تصافق‌ يمينه‌.

 وجاء في‌ كتاب‌ « مناقب‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ » للخليلي‌ّ الطبري‌ّ: وكان‌ أوّل‌ من‌ بايع‌ وصافق‌: أبوبكر، وعمر، وطلحة‌، والزبير؛ ثمّ باقي‌ المهاجرين‌ والناس‌ علی طبقاتهم‌ ومقدار منازلهم‌ إلی‌ أن‌ صُلّيت‌ الظهر والعصر في‌ وقت‌ واحد. والمغرب‌ والعشاء في‌ وقت‌ واحد. ولم‌يزالوا يتواصلون‌ البيعة‌ والمصافقة‌ ثلاثاً.

 ورسول‌ الله‌ كلّما بايعه‌ فوج‌ بعد فوج‌ يقول‌: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ فَضَّلَنَا علی جَمِيعِ العَالَمِينَ. و ] من‌ هنا [ صارت‌ المصافقة‌ والمصافحة‌ سنّة‌ ورسماً؛ واستعملها من‌ ليس‌ له‌ حقُّ فيها. [27]

 يقول‌ أبو سعيد الخُدري‌ّ: والله‌ لم‌ نترك‌ الغدير بعد حتّي‌ نزلت‌ الآية‌: إلیوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشُونِ إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا. [28]

الحديث‌ المروي‌ عن‌ علماء العامّة‌ في‌ كتاب‌ «النشر والطي‌ّ»

 وذكر المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ الفصل‌ الخاصّ بالروايات‌ المأثورة‌ في‌ الغدير عن‌ مناوئي‌ الشيعة‌ من‌ الموثوقين‌ الذين‌ يعوّل‌ عليهم‌ مواضيع‌ ملحقة‌ بخطبة‌ الغدير عن‌ كتاب‌ « النَّشْر والطَّي‌ّ » وقال‌: صاحب‌ هذا الكتاب‌ جعل‌ كتابه‌ حجّة‌ ظاهرة‌ علی ولاية‌ علی باتّفاق‌ العدوّ والولي‌ّ. وحمل‌ به‌ نسخة‌ إلی‌ الملك‌ شاه‌ مازندران‌ رستم‌ بن‌ علی لمّا حضر بالري‌ هديّة‌ له‌.

 وروي‌ في‌ ذلك‌ الكتاب‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ عطيّة‌ السعدي‌ّ قال‌: سألت‌ حُذَيفة‌ بن‌ إلیمان‌ عن‌ الغدير؛ فقال‌: إنّ الله‌ أنزل‌ علی نبيّه‌ ( في‌المدينة‌) أوّلاً قوله‌:

 النَّبِيُّ أَوْلَي‌' بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ و´ أُمَّهَـ'تُهُمْ وَأُولُوا الاْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَي‌ بِبَعْضٍ فِي‌ كِتَـ'بِ اللَهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ. [29]

 فقالوا: يا رسول‌ الله‌، ما هذه‌ الولاية‌ التي‌ أنتم‌ بها أحقّ منّا بأنفسنا؟!

 فقال‌ رسول‌ الله‌: اَلسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحْبَبْتُمْ وَكَرِهْتُمْ.

 فقالوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا؛ فَأنزل‌ الله‌ هذه‌ الآية‌: وَاذْكُروا نِعْمَةَ اللَهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَـ'قَهُ الَّذِي‌ وَاثَقَكُم‌ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَهَ إنَّ اللَهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. [30]

 يقول‌ حذيفة‌: فخرجنا من‌ المدينة‌ مع‌ رسول‌ الله‌ في‌ حجّة‌ الوداع‌. وعندما وصلنا إلی‌ مكّة‌، نزل‌ جبرئيل‌ وقال‌: يا محمّد! إنّ ربّك‌ يقرءك‌ السلام‌؛ ويقول‌: إنصب‌ عليّاً علماً للناس‌! فبكي‌ النبي‌ّ، حتّي‌ اخضلّت‌ لحيته‌؛ وقال‌: يا جبرئيل‌! إنّ قومي‌ حديثو عهد بالجاهليّة‌. ضربتهم‌ علی الدين‌ طوعاً وكرهاً حتّي‌ انقادوا لي‌؛ فكيف‌ إذا حملت‌ علی رقابهم‌ غيري‌؟ فصعد جبريئل‌.

 ونقل‌ صاحب‌ كتاب‌ « النَّشر والطَّي‌ّ » هنا قصّة‌ مجي‌ء أميرالمؤمنين‌ من‌ إلیمن‌ إلی‌ مكّة‌؛ وقصّة‌ التصدّق‌ بالخاتم‌ ونزول‌ الآية‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ... بنحو مفصّل‌ إلی‌ أن‌ بلغ‌ قول‌ رسول‌ الله‌ في‌ مني‌، وقد نقله‌ عن‌ شخص‌ آخر غيرحُذَيفة‌، وفيه‌ أنّ رسول‌ الله‌ قال‌ في‌ حجّة‌ الوداع‌ بمني‌:

 يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إنِّي‌ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ إن‌ أَخَذْتُمْ بِهِمَا لَنْتَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌؛ وَإَنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِي‌ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ أَنـَّهُمَا لَنْيَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الحَوْضَ كَأَصْبَعَي‌َّ هَاتَيْنِ ـوَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِـ أَلاَ فَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمَا فَقَدْ نَجَا؛ وَمَن‌ خَالَفَهُمَا فَقَدْ هَلَكَ. أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَيُّهَا النَّاسُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: اللَهُمَّ اشْهَدْ!

 ثمّ قال‌ صاحب‌ كتاب‌ « النَّشر والطَّي‌ّ »: فلمّا كان‌ في‌ آخر يوم‌ من‌ أيّام‌ التشريق‌ ( إلیوم‌ الثالث‌ عشر من‌ ذي‌ الحجّة‌ ) أنزل‌ الله‌ عليه‌: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَهِ وَالْفَتْحُ. فقال‌ رسول‌ الله‌::نُعِيَتْ إلی‌ّ نفَسي‌. فجاء إلی‌ مسجد الخيف‌ فدخله‌ ونادي‌: الصَّلاَةَ جَامِعَةً. فاجتمع‌ الناس‌؛ فحمد الله‌ وأثني‌ عليه‌، وذكر خطبته‌؛ ثمّ قال‌ فيها:

 أَيُّهَا النَّاسُ! إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: اَلثَّقَلُ الاَكْبَرُ كِتَابُ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ طَرَفٌ بِيَدِ اللَهِ؛ وَطَرَفٌ بِأَيدِيكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ؛ وَالثَّقَلُ الاَصْغَرُ عِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌ فَإنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِي‌ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ أَنـَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الحَوْضَ كَأَصْبَعَي‌َّ هَاتَيْنِ ـ وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ ـ وَلاَ أَقُولُ كَهَاتَيْنِ ـ وَجَمَع‌ بَينَ سَبَّابَتِهِ والوُسْطَي‌ـ فَتَفْضُلَ هَذِهِ علی هَذِهِ.

 قال‌ مصنّف‌ كتاب‌ « النَّشر والطَّي‌ّ » ] وبعد أن‌ استمع‌ جماعة‌ إلی‌ هذه‌ الخطبة‌ [: فاجتمع‌ قومٌ وقالوا: يريد محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أن‌ يجعل‌ الإمامة‌ في‌ أهل‌ بيته‌، وخرج‌ منهم‌ أربعة‌ ] من‌ مني‌ [؛ ودخلوا إلی‌ مكّة‌؛ ودخلوا الكعبة‌؛ وكتبوا فيما بينهم‌ عهداً إن‌ مات‌ مُحَمَّد أو قتل‌؛ لايرد هذا الامر في‌ أهل‌ بيته‌؛ فأنزل‌ الله‌:

 أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرَمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَب'هُم‌ بَلَي‌ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ.[31]

 وهنا قال‌ المجلسي‌ّ الكلام‌ التإلی‌ بوصفه‌ جملة‌ اعتراضيّة‌: « انظر هذا التدريج‌ من‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌؛ والتلطّف‌ من‌ الله‌ في‌ نصّه‌ علی مولانا أميرالمؤمنين‌ صلوات‌ الله‌ عليه‌؛ فأوّل‌ أمره‌ بالمدينة‌، قال‌ سبحانه‌: وَأُولُوا الاْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَي‌ بِبَعْضٍ فِي‌ كِتَابِ اللَهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ؛ فنصّ علی أنّ الاقرب‌ إلی‌ النبي‌ّ أولي‌ به‌ من‌ المؤمنين‌ والمهاجرين‌. فعزل‌ جلّ جلاله‌ عن‌ هذه‌ الولاية‌ المؤمنين‌ والمهاجرين‌، وخصّ بها أُولي‌ الارحام‌ من‌ سيّد المرسلين‌.

 ثمّ انظر كيف‌ نزل‌ جبرئيل‌ بعد خروجه‌ إلی‌ مكّة‌ بالتعيين‌ علی علی؛ فلمّا راجع‌ النبي‌ّ وأشفق‌ علی قومه‌ من‌ حسدهم‌ لعلی عليه‌ السلام‌؛ كيف‌ عاد الله‌ جلّ جلاله‌ فأنزل‌: إِنـَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ؛ وكشف‌ عن‌ علی بذلك‌ الوصف‌!

 ثمّ انظر كيف‌ مال‌ النبي‌ّ إلی‌ التوطئة‌ بذكر أهل‌ بيته‌ بمني‌؛ ثمّ عاد ذكرهم‌ في‌ مسجد الخيف‌.

 ثمّ ذكر صاحب‌ كتاب‌ « النَّشر والطَّي‌ّ » توجّه‌ رسول‌ الله‌ من‌ مكّة‌ إلی‌ المدينة‌؛ ورجع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ للّه‌ سبحانه‌ وتعإلی‌ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛ وتكرّر من‌ الله‌ ] الوحي‌ [ إلی‌ رسول‌ الله‌ في‌ ولاية‌ علی. قال‌ حذيفة‌: وأذن‌ النبي‌ّ بالرحيل‌ نحو المدينة‌؛ فارتحلنا. فنزل‌ جبرئيل‌ بضَجْنان‌؛ وأمر رسول‌ الله‌ بالإعلان‌ عن‌ ولاية‌ علی؛ وخرج‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ حتّي‌ نزل‌ الجُحْفَة‌؛ فلمّا نزل‌ القوم‌ وأخذوا منازلهم‌ ]بأمر رسول‌ الله‌، ألقي‌ تلك‌ الخطبة‌ الرائعة‌ الغرّاء حول‌ الولاية‌[.

 ويبيّن‌ الخطبة‌ هنا مفصّلاً؛ ويذكر في‌ ذيلها عهد الناس‌ وبيعتهم‌. [32]

الحديث‌ المروي‌ّ في‌ كتاب‌ «الاحتجاج‌» حول‌ إكمال‌ الدين‌ بالحجّ والولاية‌

 ويروي‌ الشيخ‌ الاجلّ أبُو مَنْصُور أحْمد بن‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ الطبرسي‌ّ [33] في‌ كتاب‌ «الاحتجاج‌» بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ عَلْقَمَة‌بن‌ محمّد الحَْضْرَمي‌ّ عن‌ الإمام محمّد الباقر عليه‌ السلام‌: أنّ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ حجّ من‌ المدينة‌؛ وقد بلّغ‌ جميع‌ الشرائع‌ قومه‌ غيرالحجّ والولاية‌. فأتاه‌ جبرئيل‌ فقال‌ له‌: يا مُحَمَّد، إنّ الله‌ جَلَّ اسْمُه‌ يُقرؤك‌ السلام‌؛ ويقول‌ لك‌: إنّي‌ لم‌ أقبض‌ نبيّاً من‌ أنبيائي‌ إلاّ بعد إكمال‌ ديني‌ وتأكيد حجّتي‌.

 وقد بقي‌ عليك‌ من‌ ذاك‌ فريضتان‌ ممّا تحتاج‌ أن‌ تبلّغهما قومك‌: فريضة‌ الحجّ، وفريضة‌ الولاية‌ والخلافة‌ من‌ بعدك‌. فإنّي‌ لم‌ أُخل‌ أرضي‌ من‌ حجّة‌ ولن‌أُخليها أبداً.

 فإنّ الله‌ جَلَّ ثَناؤُه‌ يأمرك‌ أن‌ تبلّغ‌ قومك‌ الحجّ؛ وتحجّ. ويحجّ معك‌ من‌ استطاع‌ إلیه‌ سبيلاً من‌ أهل‌ الحضر، والاطراف‌، والاعراب‌. وتعلّمهم‌ من‌ معالم‌ حجّهم‌؛ مثل‌ ما علّمتهم‌ من‌ صلاتهم‌ وزكاتهم‌ وصيامهم‌! وتوقفهم‌ من‌ ذلك‌ علی مثال‌ الذي‌ أوقفتهم‌ عليه‌ من‌ جميع‌ ما بلّغتهم‌ من‌ الشرائع‌!

 فخرج‌ رسول‌ الله‌ من‌ المدينة‌ لاداء مناسك‌ الحجّ؛ وخرج‌ معه‌ أهل‌ المدينة‌. وبلغ‌ من‌ حجّ مع‌ رسول‌ الله‌ سبعين‌ ألف‌ إنسان‌ أو يزيدون‌ علی نحو عدد أصحاب‌ موسي‌ السبعين‌ ألف‌ الذين‌ أخذ عليهم‌ بيعة‌ هارون‌ فنكثوا واتّبعوا العجل‌ والسامري‌ّ.

 وكذلك‌ أخذ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ البيعة‌ لعلی بالولاية‌ والخلافة‌ علی عدد أصحاب‌ موسي‌، فنكثوا واتّبعوا العِجْلَ والسَّامرِي‌ّ سُنَّةً بِسُنَّةٍ وَمِثْلاً بِمِثْلٍ. واتّصلت‌ تلبية‌ أهل‌ المدينة‌ الذين‌ وفدوا إلی‌ الحجّ ما بين‌ مكّة‌ والمدينة‌.

 ونادي‌ منادي‌ رسول‌ الله‌ في‌ المدينة‌ أن‌ يا أيُّهَا النَّاس‌! إنّ رسول‌الله‌ يريد الحجّ، ويريد في‌ سفره‌ هذا أن‌ يطلعكم‌ علی ما لم‌ يطلعكم‌ عليه‌ من‌ قبل‌! ويعلّمكم‌ شرائع‌ الحجّ ويوقفكم‌ عليها في‌ ضوء النهج‌ الذي‌ علّمكم‌ سائر شرائع‌ الدين‌ من‌ خلاله‌!

 ولمّا وقف‌ رسول‌ الله‌ في‌ الموقف‌؛ أتاه‌ جبرئيل‌ عن‌ الله‌ عزّ وجلّ فقال‌: يا محمّد! إنّ الله‌ يقرؤك‌ السلام‌؛ ويقول‌ لك‌: إنّه‌ قد دنا أجلك‌ ومدّتك‌؛ وأنا مستقدمك‌ علی ما لابدّ منه‌، ولا عنه‌ محيص‌!

 فاعهد عهدك‌! وقدّم‌ وصيّتك‌؛ واعمد إلی‌ ما عندك‌ من‌ العلم‌ وميراث‌ علوم‌ الانبياء من‌ قبلك‌ والسلاح‌ والتابوت‌ ( صندوق‌ العهد )، وجميع‌ ما عندك‌ من‌ آيات‌ الانبياء فسلّمه‌ إلی‌ وصيّك‌ وخليفتك‌ من‌ بعدك‌؛ حجّتي‌ البالغة‌ علی خلقي‌ علی بن‌ أبي‌ طالبٍ عليه‌ السلام‌. فأقمه‌ للناس‌ علماً! وجدّد عهده‌ وميثاقه‌ وبيعته‌!

 وذكّر الناس‌ ما أخذت‌ عليهم‌ من‌ بيعتي‌ وميثاقي‌ الذي‌ واثقتهم‌؛ وعهدي‌ الذي‌ عهدت‌ إلیهم‌: من‌ ولاية‌ وليّي‌ ومولاهم‌، ومولي‌ كلّ مؤمن‌ ومؤمنة‌ علی بْنِ أبي‌ طالبٍ عليه‌ السلام‌.

 فَإنّي‌ لم‌ أقبض‌ نبيّاً من‌ الانبياء، إلاّ من‌ بعد إكمال‌ ديني‌، وحجّتي‌، وإتمام‌ نعمتي‌ باتّباع‌ وليّي‌ وطاعته‌. وذلك‌ أنـّي‌ لا أترك‌ أرضي‌ بغير ولي‌ّ وقيّم‌، ليكون‌ حجّة‌ لي‌ علی خلقي‌.

 فَإلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيَناً بِوَلاَيَةِ وَلِيِّي‌؛ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ علی عَبْدِي‌؛ وَوَصِيي‌ِّ نَبِي‌ِّ؛ وَالخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَحُجَّتِي‌َ البَالِغَةِ علی خَلْقِي‌؛ مَقْرُونٌ طَاعَتُهُ بِطَاعَتِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّي‌، وَمَقْرُونٌ طَاعَتُهُ مَعَ طَاعَةِ مُحَمَّدٍ بِطَاعَتِي‌؛ مَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَنِي‌؛ وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَانِي‌؛ جَعَلْتُهُ عَلَماً بَيْنِي‌ وَبَيْنَ خَلْقِي‌؛ مَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِنَاً؛ وَمَنْ أَنْكَرَهُ كَانَ كَافِراً؛ وَمَنْ أَشْرَكَ بَيْعَتَهُ كَانَ مُشْرِكَاً؛ وَمَنْ لَقِيَنِي‌ بِوَلاَيَتِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَنِي‌ بِعَدَوَاتِهِ دَخَلَ النَّارَ.

 فَأَقِمْ يَا مُحَمَّدُ عَلِيّاً؛ وَخُذْ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ؛ وَجَدِّدْ عَهْدِي‌ وَمِيثَاقِي‌ لَهُمُ الَّذِي‌ وَاثَقَهُمْ عَلَيْهِ؛ فَإنِّي‌ قَابِضُكَ إلی‌َّ وَمُسْتَقْدِمُكَ علی!

 فخشي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ من‌ قومه‌ وأهل‌ النفاق‌ والشقاق‌ أن‌ يتفرّقوا؛ ويرجعوا إلی‌ الجاهليّة‌؛ لما عرف‌ من‌ عداوتهم‌؛ ولما تنطوي‌ عليه‌ أنفسهم‌ لعلی من‌ العداوة‌ والبغضاء.

 وسأل‌ جبرئيل‌ أن‌ يسأل‌ ربّه‌ العصمة‌ من‌ الناس‌. وانتظر أن‌ يأتيه‌ جبرئيل‌ بالعصمة‌ من‌ الناس‌ عن‌ الله‌ جلّ اسمه‌.

 فأخّر ذلك‌ إلی‌ أن‌ بلغ‌ مَسْجِدَ الخَيْفِ؛ فأتاه‌ جبرئيل‌ فأمره‌ بأن‌ يعهد عهده‌ ويقيم‌ عليّاً علماً للناس‌ يهتدون‌ به‌؛ ولم‌ يأته‌ بالعصمة‌ من‌ الله‌ بالذي‌ أراد حتّي‌ بلغ‌ كُرَاعَ الغَمِيمِ [34] بين‌ مكّة‌ والمدينة‌؛ فأتاه‌ جبرئيل‌ وأمره‌ بالذي‌ أتاه‌ فيه‌ من‌ قبل‌ الله‌ ولم‌ يأته‌ بالعصمة‌.

 فقال‌ رسول‌ الله‌: يا جبرئيل‌ إنّي‌ أخشي‌ قومي‌ أن‌ يكذَّبوني‌؛ ولايقبلوا قولي‌ في‌ علی ـ وقد علمنا أنـّه‌ كان‌ قد طلب‌ من‌ جبرئيل‌ نزول‌ آية‌ العصمة‌، وأخّر جبرئيل‌ ذلك‌ـ فرحل‌ النبي‌ّ، فلمّا بلغ‌ غدير خمّ قبل‌ الجحفة‌ بثلاثة‌ أميال‌؛ أتاه‌ جبرئيل‌ علی خمس‌ ساعات‌ مضت‌ من‌ النهار بالزجر والانتهار والعصمة‌ من‌ الناس‌، فقال‌: يا مُحَمَّدُ! إنّ الله‌ عزّ وجلّ يقرؤك‌ السلام‌، ويقول‌ لك‌: يَـ'´أَيـُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ وَإِنْ لَمْتَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ و وَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

 وكان‌ أوائلهم‌ قريبين‌ من‌ الجُحفة‌؛ فأمر النبي‌ّ بأن‌ يُردّ من‌ تقدّم‌ منهم‌؛ ويُحبس‌ من‌ تأخّر عنهم‌ في‌ ذلك‌ المكان‌ ليقيم‌ عليّاً علماً للناس‌، وقد عصمه‌ الله‌ من‌ الناس‌.

 ونادي‌ منادٍ من‌ قبل‌ رسول‌ الله‌: الصَّلاَةَ جَامِعَةً. وتنحّي‌ عن‌ يمين‌ الطريق‌ إلی‌ المكان‌ الذي‌ بنوا فيه‌ مسجد الغدير فيما بعد. وأمر النبي‌ّ أن‌ يكنس‌ ما تحت‌ الاشجار، وينصب‌ له‌ منبراً من‌ الحجارة‌؛ وصعد المنبر وبدأ بإلقاء خطبته‌.

 هذه‌ الخطبة‌ مفصّلة‌ للغاية‌. وبعد أن‌ حمد الله‌ سبحانه‌ وتعإلی‌ وأثني‌ عليه‌، تحدّث‌ بنحو شافٍ ووافٍ، فدلّ علی حقيقة‌ الدين‌ وروح‌ الإيمان‌؛ واستشهد بآيات‌ القرآن‌ دليلاً علی كلامه‌. وتكلّم‌ بالتفصيل‌ عن‌ الولاية‌ وروح‌ الإمامة‌؛ وعدم‌ انفصالها عن‌ القرآن‌ الكريم‌. وخاطب‌ الناس‌ بقوله‌: مَعَاشِرَ النَّاس‌ في‌ أربعة‌ وخمسين‌ موضعاً، وبقوله‌: أيُّهَا النَّاسُ في‌ موضع‌ واحد؛ وأخذ منهم‌ إقرارهم‌ واعترافهم‌؛ وحاجّهم‌، بحيث‌ أقرّ له‌ الجميع‌ واعترفوا.

 وقد أحجمنا هنا عن‌ ذكر خصوصيّات‌ تلك‌ الخطبة‌ مراعاة‌ للإيجاز؛ وللراغبين‌ أن‌ يرجعوا إلی‌ كتاب‌ «الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ، طبعة‌ النجف‌ ج‌1، من‌ ص‌66 إلی‌ 84؛ أو إلی‌ «بحار الانوار» طبعة‌ الكمباني‌ ج‌9، من‌ ص‌224 إلی‌ 228.

 يقول‌ المجلسي‌ّ بعد نقل‌ هذه‌ الخطبة‌: جاء في‌ كتاب‌ «كَشْف‌ إلیقين‌» عن‌ أحمدبن‌ محمّد الطبري‌ّ من‌ علماء المخالفين‌ أنـّه‌ روي‌ هذا الخبر كلّه‌ في‌ كتابه‌ عن‌ مُحَمَّد بن‌ أبي‌ بَكْر بن‌ عَبْد الرحمن‌، عن‌ الحسن‌بن‌ علیبن‌ أبي‌ محمّد الدينوري‌ّ، عن‌ محمّد بن‌ موسي‌ الهمداني‌ّ.

 وروي‌ أكثر هذه‌ الخطبة‌ ممّا يتعلّق‌ بالنصّ والفضائل‌ مؤلّف‌ كتاب‌ «الصِّرَاط‌ الْمُسْتَقِيم‌» عن‌ محمّد بن‌ جرير الطبري‌ّ في‌ كتاب‌ «الوَلاَية‌» بإسناده‌ إلی‌ زيد بن‌ أرقم‌؛ وروي‌ هذه‌ الخطبة‌ كلّها الشَّيْخ‌ علیبن‌ يُوسُف‌بن‌ المُطَهَّر الحِلِّي‌ّ، عن‌ زيد بن‌ أرقم‌. [35]

 وذكر صاحب‌ « الاحتجاج‌ » أيضاً عن‌ الإمام الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ لمّا فرغ‌ من‌ هذه‌ الخطبة‌، رأي‌ الناس‌ رجلاً جميلاً بهيّاً طيّب‌ الريح‌، فقال‌: تالله‌ ما رأيت‌ كإلیوم‌ قطّ، ما أشدّ ما يؤكّد لابن‌ عمّه‌، وإنّه‌ لعقد له‌ عقداً لا يحلّه‌ إلاّ كافر بالله‌ العظيم‌ وبرسوله‌ الكريم‌؛ ويلٌ طويل‌ لمن‌ حلّ عقده‌.

 قال‌ والتفت‌ عُمَر بن‌ الخطّاب‌ ] إلی‌ النبي‌ّ الاكرم‌ [ حين‌ سمع‌ كلامه‌ فأعجبته‌ هيئته‌، ثمّ التفت‌ إلی‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وقال‌: أما سمعت‌ ما قال‌ هذا الرجل‌ قال‌ كذا وكذا؟!

 فقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: يا عمر! أتدري‌ مَن‌ ذلك‌ الرجل‌؟! قال‌ ] عمر [: لا! فقال‌ النبي‌ّ: ذلك‌ الروح‌ الامين‌ جبرئيل‌. فإيّاك‌ أن‌ تحلّ ] العقد مع‌ علی! [ فإنّك‌ إن‌ فعلت‌، فالله‌ ورسوله‌ وملائكته‌ والمؤمنون‌ منك‌ براء. [36]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 66 و 67؛ طبعة‌ مطبعة‌ السعادة‌ ـ مصر؛ و«ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 45، من‌ طبعة‌ إسلامبول‌ سنة‌ 1301 ه ص‌ 134؛ و«فرائد السمطين‌» باب‌ 30، ج‌ 1، ص‌ 151.

[2] ـ «فرائد السمطين‌» باب‌ 30، ج‌ 1، ص‌ 152 و 153. الطبعة‌ الاُولي‌، طبعة‌ مؤسّسة‌ المحمودي‌ّـ بيروت‌؛ و «مناقب‌ الخوارزمي‌ّ» طبعة‌ النجف‌، ص‌ 26؛ و«ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 45، ص‌ 134.

[3] ـ «مناقب‌ الخوارزمي‌ّ» ص‌ 109؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 45، ص‌ 134. طبعة‌ إسلامبول‌.

[4] ـ قسم‌ من‌ الا´ية‌ 3، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.

[5] ـ «مناقب‌ الخوارزميّ» الفصل‌ 5، ص‌ 23 إلي‌ 25؛ و«ينابيع‌ المودّة‌» الباب‌ 45، ص‌ 134 و 135.

[6] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» الباب‌ 45، ص‌ 135.

[7] ـ الا´ية‌ 8، من‌ السورة‌ 86: البروج‌.

[8] ـ الا´ية‌ 67، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[9] ـ خَتَر فلاناً: غَدَرَ به‌ أقبح‌ الغدر، فهو خاتِر و ختّار.(م‌)

[10] ـ «مناقب‌ الخوارزمي‌ّ» طبعة‌ النجف‌، الفصل‌ السابع‌، ص‌ 55 و 56.

[11] ـ الجُحْفَة‌: قرية‌ كبيرة‌ ذات‌ منبر علي‌ طريق‌ مكّة‌ علي‌ أربع‌ مراحل‌. (كانت‌ تقام‌ فيها صلاة‌ الجمعة‌ والخطبة‌). وكان‌ اسمها مَهْيَعَة‌، وسمّيت‌ الجحفة‌ لاَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَها. وبينها وبين‌ البحر ستّة‌ أميال‌. («مراصد الاطّلاع‌» ج‌ 1، ص‌ 315 ) و الغَدِير ما غودر من‌ ماء المطر في‌ مستنقع‌ صغير أو كبير، غير أنـّه‌ لا يبقي‌ في‌القيظ‌. و خُمّ قيل‌: رَجُل‌، وقيل‌: غَيْضَة‌، وقيل‌ موضع‌ تصبّ فيه‌ عين‌. وقيل‌: بئر قريب‌ من‌ الميثب‌ حفرها مُرَّةُ بن‌ كَعْب‌. نسب‌ إلي‌ ذلك‌ غدير خُمّ. وهو بين‌ مكّة‌ والمدينة‌. وقيل‌: علي‌ ثلاثة‌ أميال‌ من‌ الجحفة‌. وقيل‌ علي‌ ميل‌. وهناك‌ مسجد للنبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌. («مراصد الاطّلاع‌» ج‌ 1، 482).

[12] ـ الا´ية‌ 67، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[13] ـ «حبيب‌ السِّيَر» ج‌ 1، الجزء الثالث‌، ص‌ 410.

[14] ـ السَمُر شجرة‌ من‌ العَضَاة‌، وليس‌ في‌ العضاه‌ أجود خشباً منه‌. الواحدة‌ سَمُرَة‌ ومعهاسَمُرَات‌.

[15] ـ قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: إنَّهُ لَمْ يَعْمَرْ نَبِي‌ٌّ إلاَّ مِثْلَ نِصْفِ عُمْرِ الَّذِي‌ قَبْلَهُ رواه‌ العامّة‌ في‌ كتبهم‌. ولم‌ أجده‌ في‌ كتب‌ الشيعة‌. وعلي‌ أي‌ّ تقدير لابدّ من‌ معرفة‌ هذا النسق‌ من‌ التعبير. لانـّنا نعلم‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ عمّر ثلاثاً وستّين‌ سنة‌. والنبي‌ّ الذي‌ سبقه‌، وهو عيسي‌ ابن‌ مريم‌ علي‌ نبيّنا وآله‌ وعليه‌ السلام‌ عمّر أربعين‌ سنة‌. فعلي‌ هذا لايمكننا أن‌ نعتبر عمر النبي‌ّ ( 63 سنة‌) نصف‌ عمر عيسي‌؛ وينبغي‌ أن‌ نقول‌: لعلّ المراد مدّة‌ نبوّته‌ ( 23 سنة‌). وبعد نقص‌ 3 سنوات‌ حيث‌ كانت‌ الدعوة‌ سرّيّة‌، ولم‌ يكن‌ هناك‌ أمر بالتبليغ‌ العلني‌ّ، تبقي‌ ( 20 ) سنة‌ وهي‌ المدّة‌ التي‌ اعتبرها الكثيرون‌ مدّة‌ رسالته‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، وهي‌ نصف‌ المدّة‌ التي‌ عاشتها رسالة‌ السيّد المسيح‌، ذلك‌ لانّ نبوّته‌ بدأت‌ منذ ميلاده‌ وهو لم‌يزل‌ في‌ المهد كما جاء ذلك‌ في‌ الا´يتين‌ الكريمتين‌ 29 و 30 من‌ السورة‌ 19: مريم‌: فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلّـِمَ مَنْ كَانَ فِي‌ الْمَهْدِ صَبِيَّـًا * قَالَ إِنِّي‌ عَبْدُاللَهِ ءَاتَانِيَ الْكِتَـ'بِ وَجَعَلْنِي‌ نَبِيّـًا.

[16] ـ يقول‌ ابن‌ كثير الدمشقي‌ّ في‌ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 209: أخرج‌ النسائي‌ّ في‌ سننه‌ عن‌ محمّد بن‌ مُثَنّي‌، عن‌ يحيي‌ بن‌ حمّاد، عن‌ أبي‌ معاوية‌، عن‌ الاعمش‌، عن‌ حبيب‌بن‌ أبي‌ ثابت‌، عن‌ أبي‌ الطفيل‌، عن‌ زيد بن‌ أرقم‌، قال‌: لَمّا رجع‌ رسول‌ الله‌ من‌ حجّة‌ الوَداع‌ ونزل‌ غدير خمّ أمر بِدَوحاتٍ فَقُمِمْنَ ثمّ قال‌: كَأَنـِّي‌ قد دُعِيتُ فَأجبتُ إنِّي‌ قد تركت‌ فيكم‌ الثَّقلَين‌: كِتابَ الله‌ وَعترتي‌ أهل‌ بَيتي‌؛ فانظروا كيف‌ تَخْلُفوني‌ فيهما فَإنَّهما لن‌يفترقا حتّي‌ يردا عَلَي‌َّ الحوضَ. ثمّ قال‌: الله‌ مولاي‌ وأنا ولي‌ُّ كُلِّ مؤمن‌. ثمّ أخذ بِيَدِ عَلِي‌ٍّ فقال‌: مَن‌ كنتُ مولاه‌ فهذا وليّه‌، اللَهُمَّ وال‌ من‌ والاه‌؛ وعاد من‌ عاداه‌. فقلت‌ لزيد: سمعت‌ من‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌؟ فقال‌: ما كان‌ في‌ الدَّوحات‌ أحد إلاّ رآه‌ بعينيه‌ وسمعه‌ بأُذُنَيْه‌. تفرّد النسائي‌ّ بهذا الرواية‌ من‌ هذا الوجه‌. وقال‌ شيخنا أبو عبدالله‌ الذهبي‌ّ: هذا حديث‌ صحيح‌.

[17] ـ الا´ية‌ 3، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[18] ـ الغدير، ج‌ 1، ص‌ 10 و 11؛ الطبعة‌ الثالثة‌، مطبعة‌ الحيدري‌ بطهران‌؛ و«حبيب‌ السير» ج‌ 1، ص‌ 410 و 411 الجزء الثالث‌؛ و «روضة‌ الصفا» ج‌ 3، حجّة‌ الوداع‌. وأخرج‌ ابن‌ كثير هذا الحديث‌ مختصراً عن‌ البَرَاء بن‌ عازب‌ بلفظة‌: من‌ كنت‌ مولاه‌ فعلي‌ٌّ مولاه‌، وتهنئة‌ عمربن‌ الخطّاب‌ بقوله‌: هنيئاً لك‌ أصبحت‌ وأمْسيتَ، وذلك‌ في‌ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 209 و 210.

 وذكره‌ ابن‌ المغازلي‌ّ في‌ مناقبه‌ مفصّلاً، من‌ ص‌ 16 إلي‌ 18. وكذلك‌ ذكر صاحب‌ «الصواعق‌ المحرقة‌»، ص‌ 25، وصاحب‌ «فرائد السمطين‌»، ج‌ 1، في‌ السمط‌ الاوّل‌ من‌ الباب‌ التاسع‌، ص‌ 64 و 65، ذكرا الحديثين‌ تحت‌ الرقم‌ 30 و 31؛ ونقله‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 199 و 200 عن‌ «تفسير علي‌ّ بن‌ إبراهيم‌»، وذكره‌ في‌ ص‌ 201 وص‌ 202 عن‌ «الخصال‌» للصدوق‌، وفي‌ ص‌ 202 عن‌ «الامالي‌» للشيخ‌.

[19] ـ «الغدير» ج‌ 2، ص‌ 39: عن‌ المحقّق‌ الفيض‌ الكاشاني‌ّ في‌ «علم‌ اليقين‌»؛ وعن‌«كتاب‌ سليم‌ بن‌ قيس‌ الهلالي‌ّ». وكذلك‌ جاء قريباً من‌ هذا المضمون‌ في‌ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 214 إلي‌ 216 عن‌ أبي‌ جعفر محمّد بن‌ جرير الطبري‌ّ في‌ كتاب‌ «الولاية‌» في‌ طرق‌ حديث‌ الغدير.

 وجاء أيضاً في‌ «إعلام‌ الوري‌ بأعلام‌ الهدي‌» للشيخ‌ الطبرسي‌ّ من‌ ص‌ 138 إلي‌ 140؛ وفي‌ «فرائد السمطين‌»، ج‌ 1 ص‌ 74 و 75؛ و«غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاوّل‌، ص‌ 87، الحديث‌ 71 و 72 عن‌ الحمّوئي‌ّ؛ و«روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌، ج‌ 2، واقعة‌ الغدير في‌ تتّمة‌ قصّة‌ حجّة‌ الوداع‌؛ و«حبيب‌ السير» طبعة‌ حيدري‌، ج‌ 1، ص‌ 411؛ و«كتاب‌ سُلَيم‌ بن‌ قَيْس‌ الهلالي‌ّ» ص‌ 228 و 229؛ والمجلسي‌ّ في‌ «بحارالانوار» طبعة‌ كمباني‌، ج‌ 9، ص‌ 222، عن‌ «كتاب‌ سليم‌ بن‌ قيس‌»؛ و «مجالس‌ المؤمنين‌»، المجلس‌ الاوّل‌، ص‌ 21.

[20] ـ «تفسير أبي‌ الفتوح‌ الرازي‌ّ» طبعة‌ مظفّري‌، ج‌ 2، ص‌ 193.

[21] ـ «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 112، طبعة‌ بيروت‌، سنة‌ 1379 ه.

[22] ـ الا´ية‌ 43، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[23] ـ الا´ية‌ 10، من‌ السورة‌ 48: الفتح‌.

[24] ـ الا´ية‌ 7، من‌ السورة‌ 39: الزُمر.

[25] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 270، عن‌ محمّد بن‌ جرير الطبري‌ّ في‌ كتاب‌ «الوَلاَية‌». وعن‌ أحمدبن‌ محمّد الطبري‌ّ الخليلي‌ّ في‌ كتاب‌ «مناقب‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌» تأليف‌ سنة‌ 411 في‌ القاهرة‌.

[26] ـ «روضة‌ الصفا» الطبعة‌ الحجريّة‌، الجزء الثاني‌، واقعة‌ حجّة‌ الوداع‌؛ و«حبيب‌ السير» ج‌ 1، الجزء الثالث‌، ص‌ 411؛ و«الغدير» ج‌ 1، ص‌ 271 عن‌ مولوي‌ ولي‌ّ الله‌ لِكَهْنوي‌ في‌ كتاب‌ «مرآة‌ المؤمنين‌».

[27] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 270 و 271؛ ونقل‌ هذا الموضوع‌ أيضاً عن‌ كتاب‌ «النشر والطي‌ّ». وجاء ذيل‌ الرواية‌ الواردة‌، في‌ «الاحتجاج‌» ج‌ 1، ص‌ 84.

[28] ـ «تفسير أبي‌ الفتوح‌» طبعة‌ مظفّري‌، ج‌ 2، ص‌ 193 و 194.

[29] ـ قسم‌ من‌ الا´ية‌ 6، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

[30] ـ الا´ية‌ 7، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[31] ـ الا´ية‌ 79 و 80، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[32] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 203 إلي‌ 205. طبعة‌ الكمباني‌.

[33] ـ الطَبَرسي‌ّ (بفتح‌ الطاء والباء): أبو منصور أحمد بن‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ صاحب‌ كتاب‌ «الاحتجاج‌» من‌ أهل‌ ساري‌، إحدي‌ مدن‌ مازندران‌، كما أنّ تلميذه‌ محمّدبن‌ علي‌ّبن‌ شهرآشوب‌ السَّرَوي‌ّ المازندراني‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ 588 ه منسوب‌ إلي‌ ساري‌؛ كان‌ يعيش‌ في‌ أواسط‌ القرن‌ السادس‌ الهجري‌ّ. وكان‌ معاصراً لابي‌ الفتوح‌ الرازي‌ّ، والفضل‌ بن‌ الحسن‌ الطَبْرِسي‌ّ (بفتح‌ الطاء وسكون‌ الباء وكسر الراء) صاحب‌ «مجمع‌ البيان‌» ولقبه‌ تعريب‌ لـ (تفرشي‌ّ). ويروي‌ صاحبنا عن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ بواسطتين‌، وعن‌ الشيخ‌ الصدوق‌ بعدد من‌ الوسائط‌. وينقل‌ الشهيد الاوّل‌ في‌ «غاية‌ المراد» فتاوا ه‌ وأقواله‌ كثيراً. كتابه‌: « الاحتجاج‌ علي‌ أهل‌ اللجاج‌ » كتاب‌ جليل‌ معروف‌ ومعتمد عليه‌ كثيراً.

[34] ـ يقول‌ صاحب‌ «مراصد الاطّلاع‌» ج‌ 3، ص‌ 1153: كُرَاعُ الغَميم‌ موضع‌ بالحجاز بين‌ مكّة‌ والمدينة‌ أمام‌ عَسْفَان‌ بثمانية‌ أميال‌. وهذا الكراع‌ جبل‌ أسود في‌ طرف‌ الحَرَّة‌ يمتدّ إليه‌.

[35] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 228. طبعة‌ الكمباني‌.

[36] ـ «الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 84؛ طبعة‌ النجف‌ الاشرف‌؛ و «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 228 طبعة‌ الكمباني‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com