بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس / القسم الخامس: ولایة الائمة، قصة زواج زید بن حارثة من بنت جحش، الولایة الذاتیة و العرضیة

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

ولاية‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ وكلام‌ الاُستاذ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ

كلام‌ الاُستاذ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ في‌ الولاية‌

 ذكر العلاّمة‌ الفقيد أُستاذنا المعظّم‌ آية‌ الله‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه في‌ رسالة‌ الولاية‌ موجزاً عن‌ مقامات‌ ودرجات‌ ولاية‌ الائمّة‌ الاثني‌ عشر للشيعة‌، الخلفاء المنصوبين‌ من‌ قبل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله ننقله‌ فيما يلي‌ نصّاً:

 ومن‌ الاخبار في‌ هذا الباب‌، ما في‌ « البحار »، عن‌ « المحاسن‌ » عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ أنـّه‌ قال‌: إنَّا مَعَاشِرَ الاْنْبِيَاءِ نُكَلِّمُ النَّاسَ علی قَدْرِ عُقُولِهِمْ .

 وهذا التعبير إنّما يحسن‌ إذا كان‌ هناك‌ من‌ الاُمور ما لا يبلغه‌ فهم‌ السامعين‌ من‌ الناس‌، وهو ظاهر . لانـّه‌ قال‌: نُكَلِّمُ، ولم‌ يقل‌: نَقُولُ أَو نُبَيِّنُ أَو نَذْكُرُ، ونحو ذلك‌ . وفي‌ هذا دلالة‌ علی أنّ المعاف‌ التي‌ بيّنها الانبياء علی هم‌ السلام‌ إنّما وقع‌ بيانها علی قدر عقول‌ أُممهم‌ وما تستوعبه‌ وتتّسع‌ له‌ أفكارهم‌، لانـّهم‌ شاءوا الميل‌ من‌ الصعب‌  إلی‌ السهل‌، لا أنـّهم‌ اقتصروا بهذا المقدار من‌ المعارف‌ الكثيرة‌ إرفاقاً بالعقول‌، اقتصاراً من‌ المجموع‌ بالبعض‌.

 وبعبارة‌ أُخري‌: فإنّ تعبير رسول‌ الله‌ ناظر  إلی‌ الكيف‌ دون‌ الكمّ، فيدلّ علی أنّ حقيقة‌ هذه‌ المعارف‌ درايةٌ وراءها ما تسير العقول‌ لإدراكه‌ في‌ المعارف‌ بالبرهان‌ والجلال‌ والخطابة‌، وقد بيّنها الانبياء علی هم‌ السلام‌ بجميع‌ طرق‌ العقول‌ من‌ البرهان‌ والجدل‌ والوعظ‌ كلّ البيان‌، وقطعوا في‌ شرحها كلّ طريق‌ ممكن‌ .

 ومن‌ هنا يعلم‌ أنّ للمعارف‌ الإلهيّة‌ مرتبة‌ فوق‌ مرتبة‌ البيان‌ اللفظي‌ّ؛ لو نزلت‌  إلی‌ مرتبة‌ البيان‌ لدفعتها العقول‌ العاديّة‌، أمّا لكونها خلاف‌ الضرورة‌ عندهم‌، أو لكونها منافية‌ للبيان‌ الذي‌ بيّنت‌ لهم‌ به‌ وقبلته‌ عقولهم‌.

 ومن‌ هنا يظهر أنّ نحو إدراك‌ هذه‌ المعارف‌ بحقائقها غير نحو إدراك‌ العقول‌. وهو الإدراك‌ الفكري‌ّ، فإنّهم‌ ذلك‌ !

 ومنها الخبر المستفيض‌ المشهور: [1] إنَّ حَدِيثَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَيَحْتَمِلُهُ إلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِي‌ٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلإيمَانِ.

 ومنها، وهو أدلّ علی المقصود من‌ سابقه‌، ما في‌ « البصائر » مسنداً عن‌ أبي‌ الصامت‌، قال‌: سمعتُ أبا عبد الله‌ عليه السلام يقول‌: إنَّ مِنْ حَدِيثِنَا مَا لاَ يَحْتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِي‌ٌّ مُرْسَلٌ وَلاَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ . قلتُ: فمن‌ يحتمله‌؟ قال‌: نَحْنُ نَحْتَمِلُهُ .

 والاخبار في‌ هذا المساق‌ أيضاً مستفيضة‌، وفي‌ بعضها: قلتُ: فمن‌ يحتمله‌، جعلت‌ فداك‌ ؟! قال‌: مَنْ شِئنَا .

 وفي‌ « البصائر » أيضاً عن‌ المفضّل‌، قال‌: قال‌ أبو جعفر عليه السلام‌:

 إنَّ حَدِيثَنَا صَعْبٌ، مُسْتَصْعَبٌ، ذَكْوَانٌ، أَجْرَدُ، وَلاَ يَحْتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلاَ نَبِي‌ٌّ مُرْسَلٌ، وَلاَ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَهُ قَلْبَهُ لِلإيمانِ .

 أمَّا الصَّعْبُ فَهُوَ الَّذِي‌ لَمْ يُرْكَبْ بَعْدُ ؛ وَأَمَّا الْمُسْتَصْعَبُ فَهُوَ الَّذِي‌ يُهْرَبُ مِنْهُ إذا رُئي‌َ، وَأَمَّا الْذَّكْوَانُ فَهُوَ ذَكَّاءُ الْمُؤْمِنِينَ ؛ وَأمَّا الاْجْرَدُ فَهُوَ الَّذِي‌ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ شَي‌ْءٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَهِ:

 «اللَهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ» فَأَحْسَنُ الْحَدِيثِ حَدِيثُنَا، وَلاَ يَحْتَمِلُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلاَئِقِ أَمْرَهُ بِكَمَالِهِ حَتَّي‌ يَحُدَّهُ لاِنـَّهُ مَنْ حَدَّ شَيْئاً فَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ؛ وَالْحَمَدُلِلهِ علی التَّوْفِيقِ ؛ وَالإنْكَارُ هُوَ الْكُفْرُ . [2]

 قوله‌: لاَ يَحْتَمِلُ،  إلی‌ قوله‌: حَتَّي‌ يَحُدَّهُ مع‌ ما في‌ صدر الحديث‌ من‌ نفي‌ الاحتمال‌، يدلّ علی أنّ حديثهم‌ علی هم‌ السلام‌ أمر ذو مراتب‌، يمكن‌ أن‌ يحتمل‌ بعض‌ مراتبه‌ بواسطة‌ التحديد، ويشهد له‌ تعبيره‌ عن‌ الحديث‌ في‌ رواية‌ أبي‌ الصامت‌ بقوله‌ عليه السلام: مِنْ حَدِيثِنَا . فيكون‌ حينئذٍ مورد هذه‌ الرواية‌ مع‌ الرواية‌ الاُولي‌: لاَ يَحْتَمِلُهُ إلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ مورداً واحداً لكونه‌ مشكّكاً ذا مراتب‌ ؛ ويكون‌ أيضاً كالتعميم‌ النبوي‌ّ السابق‌ إنَّا مَعَاشِرَ الانْبيَاءِ نُكَلِّمُ النَّاسَ علی قَدْرِ عُقُولِهِمْ .

 والعلّة‌ في‌ عدم‌ تحديد الخلائق‌ حديثهم‌ لانّ ظروفهم‌ التي‌ بها يحتملون‌ ما يحتملون‌، وهي‌ ذواتهم‌ وحدود وجودهم‌، محدود، فيصير ما يحتملونه‌ محدوداً، وهو السبب‌ في‌ عدم‌ إمكان‌ أحد احتمال‌ حديثهم‌ بكماله‌، لانـّه‌ أمر غير محدود وخارج‌ عن‌ حدود الإمكان‌، وهو مقامهم‌ من‌ الله‌ سبحانه‌ حيث‌ لا يحدّه‌ حدّ، وهو الوَلاَية‌ المُطْلَقَةَ . وسيجي‌ء إن‌ شاء الله‌ العزيز في‌ بعض‌ الفصول‌ الاخيرة‌ كلام‌ فيه‌ أبسط‌ من‌ هذا .

 ومنها أخبار أُخر تؤيّد ما مرّ، كما عن‌ « بصائر الدرجات‌ » مسنداً، عن‌ مُرازِم‌، قال‌ أبو عبد الله‌ عليه السلام: إنَّ أَمْرَنَا هُوَ الْحَقُّ ؛ وحَقُّ الْحَقِّ؛ وَهُوَ الظَّاهِرُ ؛ وَبَاطِنُ الظَّاهِرُ ؛ وَبَاطِنُ الْبَاطِنِ ؛ وَهُوَ السِّرُّ ؛ وَسِرُّ السِّرِّ ؛ وَسِرُّ الْمُسْتَسِرِّ؛ وَسِرٌّ مُقَنَّعٌ بِالسِّرِّ .

 وما في‌ بعض‌ الاخبار: إنَّ لَلْقُرْآنِ ظَهْرَاً وَبَطْنَاً، وَلِبَطْنِهِ بَطْنَاً،  إلی‌ سَبْعَةِ أَبْطُنٍ . وما في‌ خبر آخر: إنَّ ظَاهِرَهُ حُكْمٌ، وَبَاطِنَهُ عِلْمٌ .

 وما في‌ بعض‌ أخبار الجبر والتفويض‌، كما عن‌ « توحيد » الصدوق‌ مسنداً عن‌ مُرازم‌، عن‌ الصادق‌ عليه السلام في‌ حديث‌، قال‌: فَقُلتُ لَهَ: فأي‌ُّ شَي‌ءٍ هُوَ، أَصْلَحَكَ اللَهُ ؟! قَالَ: فَقَلَّبَ يَدَهُ مَرَّتَيْنِ أَو ثَلاثاً، ثُمَّ قَالَ علی هِ السَّلامُ: لَوْ أجَبْتُكَ فِيه‌ لَكَفَرْتَ !

 وفي‌ الابيات‌ المنسوبة‌  إلی‌ السجّاد عليه السلام قوله‌:

 وَرُبَّ جَوْهَرِ عِلْمٍ لَوْ أَبُوحُ بِهِ                     لَقِيلَ لِي‌ أَنْتَ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْوَثَنَا

 ومن‌ الروايات‌، أخبار الظهور التي‌ تفضي‌ بأنّ القائم‌ المهدي‌ّ عليه السلام بعد ظهوره‌ يبثّ أسرار الشريعة‌، فيصدّقه‌ القرآن‌ .

 وما في‌ « بصائر الدرجات‌ » مسنداً عن‌ مسعدة‌ بن‌ صدقة‌، عن‌ جعفر (الصادق‌) عليه السلام عن‌ أبيه‌ (الباقر) عليه السلام، قال‌: ذَكَرْتُ التَّقِيَّةَ يَوْمَاً عِنْدَ علی بْنِ الْحُسَيْنِ علی هِ السَّلامُ . فَقَالَ لِي‌: لَوْ عَلِمَ أَبُوذَرٍّ ما فِي‌ قَلْبِ سَلْمَانَ لَقَتَلَهُ وَقَدْ آَخَي‌ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَـ الحديث‌.

 وفي‌الخبر أنّ أبا جعفر عليه السلام حدّث‌ جابراً [3] بأحاديث‌، وقال‌: لو أذعتَها، ف علی ك‌ لعنة‌ الله‌ والملائكة‌ والناس‌ أجمعين‌ .

 وما في‌ « بصائر الدرجات‌ » أيضاً عن‌ المفضّل‌، عن‌ جابر، حديث‌ ملخّصه‌: أنـّه‌ شكي‌ ضيق‌ نفسه‌ عن‌ تحمّلها، وإخفائها بعد أبي‌ جعفر عليه السلام  إلی‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه السلام فأمره‌ أن‌ يحضر حفيرة‌ ويدلي‌ رأسه‌ فيها، ثمّ يحدّث‌ بما تحمّله‌، ثمّ يطمّها فإنّ الارض‌ تستر عليه .

 وما في‌ « بحار الانوار » عن‌ « الاختصاص‌ »، و « بصائر الدرجات‌ »، عن‌ جابر، عن‌ أبي‌ جعفر عليه السلام، في‌ حديث‌: يَا جَابِرُ، مَا سَتَرْنَا عَنْكُمْ أَكْثَرُ مِمّا أَظْهَرْنَا لَكُمْ .

 ومتفرّقات‌ الاخبار في‌ هذه‌ المعاني‌ أكثر من‌ أن‌ تحصي‌، وقد عدّوا جمعاً من‌ أصحاب‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ وأئمّة‌ أهل‌ البيت‌ سلام‌ الله‌ علی هم‌ من‌ أصحاب‌ الاسرار، كسَلْمَان‌ الفارسي‌ّ، وأوَيْسِ الْقَرَنِي‌ّ، وكُمَيْل‌ بن‌ زياد النخعي‌ّ، ومَيْثَم‌ التمّار الكُوفي‌ّ، ورُشَيْد الهَجَريّ، وجَابِرِ الْجُعْفِي‌ّ رضوان‌ الله‌ تعالی‌ علی هم‌ أجمعين‌ . [4]

 تدلّ الآية‌ الكريمة‌ التي‌ صدّرنا بها درسنا هذا، أعني‌: قوله‌ تع إلی‌: النَّبِيُّ أَوْلَي‌' بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ علی ولاية‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ علی جميع‌ المؤمنين‌، وإطلاق‌ هذه‌ الولاية‌ في‌ المجال‌ التكويني‌ّ والتشريعي‌ّ، بل‌ حقيقة‌ الولاية‌ في‌ مجال‌ التكوين‌ والحقيقة‌، وبعد ذلك‌ في‌ مجال‌ التشريع‌ والاعتبار .

 الرجوع الي الفهرس

في‌ معني‌ الولاية‌ التكوينيّة‌ والولاية‌ التشريعيّة‌

 ومعني‌ الولاية‌ التكوينيّة‌: أنّ رسول‌ الله‌ ـ حقّاً ـ هو الواسطة‌ والحجاب‌ بين‌ العبد وربّه‌ ؛ وأنّ جميع‌ الفيوضات‌ تفاض‌ من‌ الله‌ علی العباد، كالحياة‌ والعلم‌ والقدرة‌ وغيرها بواسطته‌ حيث‌ يمثّل‌ مرآة‌ الحقّ، وهو في‌ مقام‌ الولاية‌ وبدون‌ واسطة‌ .

 ومعني‌ الولاية‌ التشريعيّة‌: أنّ إرادة‌ رسول‌ الله‌ مقدّمة‌ علی كلّ إرادة‌ في‌ مقام‌ اتّخاذ القرار، والاختيار للمؤمنين‌، وتحلّ إرادته‌ بديلة‌ عن‌ إرادة‌ المؤمن‌. أي‌: أنّ المؤمن‌ إذا أراد أن‌ ينجز عملاً، ومنعه‌ رسول‌ الله‌، أو إذا لم‌يرد، وأمره‌ به‌، فيجب‌ عليه أن‌ يقدّم‌ أمر الرسول‌ ونهيه‌ علی إرادته‌ وخيرته‌. ويطبّق‌ أوامره‌، سواء في‌ الحرب‌ أو في‌ السلم‌، وسواء في‌ أخذ المال‌ أو إعطائه‌ . وسواء في‌ النكاح‌ أو الطلاق‌ أو الجلاء عن‌ الوطن‌، أو كسب‌ الرزق‌، أو سائر الشؤون‌ الحياتيّة‌ . وأنّ التعالیم‌ الدينيّة‌ والتك إلیف‌ الإلهيّة‌، كلّها تصدر عن‌ رسول‌ الله‌، وطاعتها واجبة‌ .

 الرجوع الي الفهرس

قصّة‌ زواج‌ زينب‌ من‌ موارد إعمال‌ الولاية‌ التشريعيّة‌ لرسول‌ الله‌

 ومن‌ الحقول‌ التي‌ طبّقت‌ فيها الولاية‌ التشريعيّة‌ لرسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه و آله وسلّم‌ قصّة‌ زينب‌ . فقد زوّجها رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ بأمره‌ الوَلائي‌ّ من‌ غلامه‌ ودعيّه‌ زيد بن‌ حارثة‌، وبعد أن‌ طلّقها زيد، تزوّجها رسول‌ الله‌ بأمره‌ الوَلائي‌ّ أيضاً .

 وتوضيح‌ ذلك‌: أنّ زَيْنَب‌ وهي‌ بنت‌ عمّة‌ النبي‌ّ، وأُمّها أُمَيْمَة‌ بنت‌ عبدالمطّلب‌، وكانت‌ قد تزوّجت‌ رجلاً اسمه‌ جَحْش‌ فأنجبت‌ منه‌ بنتاً تدعي‌ زَيْنَب‌، فزَيْنَبِ بِنْتُ جَحْشْ هي‌ بنت‌ أُمَيمَة‌ بنت‌ عبدالمطلّب‌، وبنت‌ عمّة‌ رسول‌ الله‌ .

 وكان‌ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ غلام‌ رسول‌ الله‌ ؛ وأعْتقه‌ النبي‌ّ، وسمّاه‌ بعد عتقه‌: ابنه‌ . وكانت‌ قضيّة‌ الابن‌ بالتبنِّي‌ معروفة‌ ومشهورة‌ ومتداولة‌ بين‌ الناس‌ آنذاك‌ .

 ومن‌ الطبيعي‌ّ فقد كانت‌ أعمال‌ رسول‌ الله‌ كلّها تنطلق‌ من‌ الحكمة‌ والمصلحة‌، وها نحن‌ نقف‌ علی قسم‌ منها .

 كان‌ العرب‌ في‌ العصر الجاهلي‌ّ يعتبرون‌ الابن‌ بالتبنّي‌، وهو الدَّعِي‌ُّ كما يعبّرون‌ عنه‌، ابناً حقيقيّاً في‌ الاحكام‌، وفي‌ جميع‌ الخصوصيّات‌ من‌ نكاح‌، وإرث‌، وسائر الاُمور، فهو كالابن‌ الحقيقي‌ّ . وإذا كانت‌ بنتاً، فهي‌ كالبنت‌ الحقيقيّة‌ .

 ولذلك‌ فإنّهم‌ عندما كانوا يزوّجونه‌، فقد كانوا يعتبرون‌ زوجته‌ زوجة‌ حقيقيّة‌ تشملها أحكام‌ المحارم‌ . وإذا ماطلّق‌ الدعي‌ّ زوجته‌، فإنّهم‌ كانوا لايتزوّجونها، وذلك‌ لانـّهم‌ كانوا يعتقدون‌ أنـّها زوجة‌ ابنهم‌، وأنـّها كنّتهم‌، ولها حرمة‌ مؤبّدة‌ .

 ومن‌ جهة‌ أُخري‌، كانت‌ الحياة‌ الارستقراطيّة‌ شائعة‌ بين‌ العرب‌؛ فكانت‌ المرأة‌ ذات‌ النفوذ والشخصيّة‌ فيهم‌ تأبي‌ الزواج‌ من‌ عبد مُعتق‌ ليس‌ له‌ شأن‌ من‌ حيث‌ الحسب‌ والنسب‌ .

 وكان‌ كبار العرب‌ يزوّجون‌ بناتهم‌ لاشخاص‌ معروفين‌، من‌ أهل‌ البيوتات‌ ومن‌ ذوي‌ القبائل‌ والعشائر وممّن‌ لهم‌ مكانة‌ ومنزلة‌ في‌ المجتمع‌، ويرون‌ تزويجهُنّ للفقراء، والعبيد المعتقين‌ أكبر عار علی هم‌ . وكانوا يؤثرون‌ الموت‌ أو تطليق‌ بناتهم‌ علی مثل‌ هذا الزواج‌ .

 وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ مكلّفاً من‌ ربّه‌ أن‌ ينسف‌ هذه‌ الاحكام‌ الجاهليّة‌ نسفاً .

 أوّلاً: أن‌ يعلن‌ للناس‌ أنّ شرف‌ المؤمن‌ بالإيمان‌ والتقوي‌ ؛ لابالمال‌ والحَسَب‌ والنَّسَب‌ ؛ ولذلك‌ فكلّ مسلم‌ فقير، حتي‌ لو كان‌ عبداً معتقاً، له‌ الحقّ أن‌ يتزوّج‌ من‌ بنات‌ المتنفّذين‌ والوجهاء ؛ وكذلك‌ يمكن‌ لبنات‌ المتنفّذين‌ والوجهاء الزواج‌ من‌ المؤمنين‌ الفقراء .

 فالتكافؤ في‌ الزواج‌ واختيار الزوج‌ والزوجة‌ هو الإيمان‌ والتقوي‌، لاالتكافؤ في‌ المال‌ والاعتبار والعشيرة‌ والقوم‌ والقبيلة‌ .

 وثانياً: أن‌ يعلن‌ للناس‌ أنّ الابن‌ بالتبنّي‌ ليس‌ ابناً حقيقيّاً، وأنّ التبنّي‌ لايترتب‌ عليه أي‌ّ أثر من‌ آثار النسب‌ ؛ فالدعي‌ّ ليس‌ ابناً ؛ والدعيّة‌ ليست‌ بنتاً. وأنّ الدعي‌ّ لا يرث‌ ولا يورث‌ ؛ وهو ليس‌ محرماً ؛ والبنت‌ الدعيّة‌ ليست‌ محرماً ؛ والابن‌ الدعي‌ّ ليس‌ محرماً بالنسبة‌  إلی‌ زوجة‌ الإنسان‌؛ وزوجته‌ لاتعتبر كنّة‌ للإنسان‌، ولا تكون‌ محرماً بالنسبة‌  إلیه‌ ؛ فأن‌ طلّق‌ الابن‌ الدعي‌ّ زوجته‌، فللإنسان‌ أن‌ يتزوّجها بعده‌ ؛ لانـّها امرأة‌ أجنبيّة‌ بكلّ ما للكلمة‌ من‌ معني‌، وهي‌ ليست‌ من‌ المحارم‌ . قال‌ تع إلی‌: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَ ' لِكُمْ قَوْلُكُم‌ بِأفْوَ ' هِكُمْ وَاللَهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي‌ السَّبِيلَ. [5]

 وكان‌ رسول‌ الله‌ يريد تطبيق‌ هذه‌ الاحكام‌، بَيدَ أنـّه‌ كان‌ يخشي‌ الناس‌، ويخشي‌ ممّن‌ كانوا حديثي‌ عهد بالإسلام‌، فربّما كانوا سيستوحشون‌، ولا يتنازلون‌ للرسالة‌، وربّما يرتدّون‌ عن‌ الدين‌ وهم‌ يقولون‌: جاء محمّد بشريعة‌ تحلّل‌ نكاح‌ المحارم‌ كشريعة‌ المجوس‌، والعياذ بالله‌ .

 فخشيته‌ الناس‌ كانت‌ لله‌ وبدافع‌ الحرص‌ علی الدين‌، بَيدَ أنّ الله‌ أمره‌ أن‌ لايخشي‌ الناس‌ ! وأن‌ يخشاه‌، وينفّذ هذا الامر .

 كأمْرِهِ له‌ في‌ بيعة‌ الغدير: بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ  إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ وَإِن‌ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ و وَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ . [6]

 وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ عند نزول‌ الاحكام‌ العسيرة‌ علی الذين‌ لا قبل‌ لهم‌ بها في‌ بادي‌ الامر، يطبّقها في‌ البداية‌ علی نفسه‌ وعشيرته‌ الاقربين‌، ليعلم‌ الناس‌ أنّ رسول‌ الله‌ بنفسه‌ المقدّسة‌ يجري‌ عليه هذا الحكم‌، وأنـّه‌ يطبّقه‌ علی نفسه‌ ؛ فتزول‌ بذلك‌ كلّ وحشة‌ وقلق‌، أو تخفّ وطأتهما .

 و علی سبيل‌ المثال‌، فعندما أراد أن‌ يضع‌ الربا، ويحكم‌ بحرمته‌، ويفسخ‌ الاموال‌ الربويّة‌ التي‌ كان‌ يأخذها الناس‌ بعضهم‌ من‌ بعض‌ في‌ الجاهليّة‌، ولا يضع‌ لها اعتباراً، فقد بدأ بربا عمّة‌ العبّاس‌ . وطبّق‌ عليه هذا الحكم‌، فأسقط‌ جميع‌ الاموال‌ الربويّة‌ التي‌ كان‌ قد أقرضها للناس‌، كما جاء ذلك‌ في‌ خطبة‌ حجَّة‌ الوداع‌ التي‌ ألقاها في‌ عرفات‌ فقا جاء: وَوَضَعَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةَ وَأَوَّلُ رِباً وَضَعَهُ رِبا عَمِّهِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ. [7]

 وعندما أراد أن‌ يضع‌ دماء المشركين‌ وغير المسلمين‌، فقد بدأ بدم‌ ابن‌ عمّه‌: رَبيعَة‌ بن‌ الحارث‌ بن‌ عبد المطّلب‌ الذي‌ أُريق‌ أيّام‌ الشرك‌ في‌ الجاهليّة‌، حيث‌ قتله‌ هُذَيْل‌ . كما جاء في‌ خطبته‌، حيث‌ ورد:

 وَوَضَعَ الدِّماءَ فِي‌ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلُ دَمٍ وَضَعَهُ دَمُ ابْنِ عَمِّهِ رَبِيعَةَبْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَتَلَهُ هُذَيْلٌ .

 فَقَالَ: أَوَّلُ دَمٍ أَبْدَأُ بِهِ مِنْ دِمَآءِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ فَلاَ يُطَالَبُ بِهِ فِي‌ الإسْلاَمِ. [8] وقال‌ في‌ الخطبة‌: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ علی كُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي‌ شَهْرِكُمْ هَذَا [9] فِي‌ بَلَدِكُمْ هَذَا . ألاَكُلُّ شَي‌ْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي‌ مَوْضُوعٌ ؛ وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ؛ وَأَوَّلُ رِبا أضَعُ رِبا الْعَبَّاسِبْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ.

 وعندما أراد النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ أن‌ يطبّق‌ الامر الاوّل‌، وهو التزاوج‌ بين‌ الاشراف‌ والضعفاء، فإنّه‌ أراد أن‌ يطبّقه‌ علی عشيرته‌ الاقربين‌، فذهب‌ عند زَيْنَب‌ بنت‌ جَحْش‌ (بنت‌ عمّته‌) وخطبها لزَيد بن‌حَارِثَةِ غلامه‌ ودعيّه‌، فعزّ علی زينب‌ هذا الامر كما جاء في‌ تفسير « الدرّ المنثور »:

 أخرج‌ ابن‌ جرير عن‌ ابن‌ عبّاس‌، قال‌: خَطَبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَاسْتَنْكَفَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ: أَنا خيْرٌ مِنْهُ حَسَباً، وَكَانَتْ امْرَأَةً فِيها حِدَّةٌ، فَأَنْزَلَ اللَهُ تَعَ إلی‌:

 وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَي‌ اللَهُ وَرَسُولُهُ و ´ أَمْرًا أَن‌ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَهَ وَرَسُولَهُ ُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـ'لاً مُّبِينًا.[10]

 وفي‌ ضوء الامر الوَلائي‌ّ لرسول‌ الله‌، قبلت‌ زينب‌ بالزواج‌ من‌ زيد، وأصبحت‌ زوجة‌ له‌ ؛ غير أنّ هذا الزواج‌ لم‌ يكن‌ مقروناً بالهدوء والسكينة‌، إذ كانت‌ زينب‌ تري‌ في‌ نفسها الشرف‌ والعظمة‌، وتري‌ زوجها غلاماً معتوقاً لابن‌ خالها: مُحَمَّد رَسُول‌ اللهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .

 وضاق‌ زيد ذرعاً لفقدان‌ الانسجام‌ النفسي‌ّ مع‌ زوجته‌، وجاء  إلی‌ رسول‌الله‌ مِراراً، وطلب‌ منه‌ أن‌ يطلّق‌ زينب‌، فلم‌ يسمح‌ له‌ النبي‌ّ بذلك‌ وكان‌ يقول‌ له‌: أمسك‌ علی ك‌ زوجك‌، ولا تطلّقها .

 وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي‌´ أَنْعَمَ اللَهُ علی هِ وَأَنْعَمْتَ علی هِ أَمْسِكْ علی كَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَهَ. [11]

  إلی‌ أن‌ تفاقم‌ الوضع‌ وتأزّمت‌ الحياة‌ حتّي‌ بلغ‌ الامر درجة‌ نفد معها صبر زيد، وشعر بالتعب‌، فجاء  إلی‌ رسول‌ الله‌ وقال‌ له‌: لا طاقة‌ لي‌ علی العيش‌ مع‌ زينب‌، فأْذَنْ لي‌ بطلاقها، فأذِن‌ له‌ النبي‌ّ، وطلّقها.

 وهنا كلّف‌ النبي‌ّ أن‌ يطبّق‌ الحكم‌ الثاني‌، وهو إلغاء الآثار المترتبّة‌ علی التبنّي‌ ؛ فبدأ بنفسه‌ في‌ المرحلة‌ الاُولي‌ إذ أُمِر بزواج‌ زينب‌، امرأة‌ دعيّه‌ التي‌ هي‌ في‌ حكم‌ كنّته‌ ؛ ليتّضح‌ للناس‌ عمليّاً أنّ زوجة‌ الدعي‌ ليست‌ كنّة‌، وأنّ زواجها ليس‌ فيه‌ إشكال‌ . بَيدَ أنّ النبي‌ّ كان‌ يخشي‌ الناس‌، لانّ الامر جديد علی هم‌، فإذا تزوّج‌ زينب‌، فإنّ الناس‌ سيقولون‌: تزوّج‌ كنّته‌، فيرتدّوا عن‌ الدين‌، ولعلّ الامر ينقلب‌ علی الإسلام‌ في‌ تلك‌ الظروف‌ .

 جاءت‌ هذه‌ الآية‌ لتخاطبه‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله قائلة‌: أتخشي‌ الناس‌! لاتخش‌! طبّق‌ أمر الله‌، والله‌ أحقّ أن‌ تخشاه‌ ! إنّك‌ تخفي‌ في‌ نفسك‌ ما الله‌ مبديه‌: وَتُخْفِي‌ فِي‌ نَفْسِكَ مَا اللَهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَي‌ النَّاسَ وَاللَهُ أَحَقُّ أَن‌ تَخْشَـ'هُ. (تتمّة‌ الآية‌)

 تزوّج‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ زينب‌ بأمر الله‌ مع‌ خشيته‌ الناس‌، وذلك‌ رفعاً لهذه‌ البدعة‌ الجاهليّة‌ ؛ وقد سدّده‌ الله‌ وأعانه‌ ؛ واستبان‌ ضعف‌ المؤاخذة‌ التي‌ طرحها الناس‌ ؛ وقد نُفّذ هذا الحكم‌ بحمد الله‌، ولم‌تعد آثار الابن‌ الحقيقي‌ّ مترتّبة‌ علی الابن‌ بالتبنّي‌ (الدعي‌) .

 فَلَمَّا قَضَي‌' زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَـ'كَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ علی الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي‌ أَزْوَ ' جِ أَدْعِيَآنءِهِمْ إذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَهِ مَفْعُولاً . (بقيّة‌ الآية‌ 37).

 جاء قضاء الوَطَر ـ الذي‌ يعني‌ الاستمتاع‌ والدخول‌ ـ مرّتين‌ في‌ هذه‌ الآية‌ لتفهمنا علی أنّ الزواج‌ من‌ امرأة‌ الدعي‌ حتّي‌ بعد المضاجعة‌ والمواقعة‌ صحيح‌ لاغبار عليه ؛ وأنّ هذا الحكم‌ لا يقتصر علی عدم‌ المواقعة‌ فقط‌ .

 هذه‌ هي‌ حقيقة‌ قصّة‌ زينب‌، وقد تبيّن‌ الامر الولائي‌ّ لرسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه و آله وسلّم‌ وفقاً للآية‌ القرآنيّة‌ الشريفة‌ والتفاسير الشيعيّة‌؛ بَيدَ أنّ كثيراً من‌ تفاسير أهل‌ السنّة‌ نقل‌ القصّة‌ بصورة‌ غير مستحسنة‌.

 الرجوع الي الفهرس

قصّة‌ زينب‌ في‌ نظر تفاسير العامّة‌ والمستشرقين‌

 ولمّا استند المستشرقون‌ علی تواريخ‌ أهل‌ السنّة‌ وتفاسيرهم‌ لمعرفة‌ الإسلام‌؛ فلهذا صاروا ينظرون‌  إلی‌ الإسلام‌ من‌ منظار سنّي‌ّ، وبالت إلی‌ استشكلت‌ الاُمور علی هم‌ .

 يقول‌ غوستاف‌ لوبون‌ الفرنسي‌ّ في‌ كتاب‌ « تاريخ‌ الحضارة‌ الإسلاميّة‌ والعربيّة‌ »:

 « بلغ‌ حبّ النبي‌ّ للمرأة‌ درجة‌ أنـّه‌ وقعت‌ عينه‌ ذات‌ يوم‌ علی زوجة‌ دعيّه‌ زيد صدفة‌، وكانت‌ عارية‌ ؛ فرغب‌ فيها . وعندما علم‌ زيد ذلك‌، طلّقها، فتزوّجها النبي‌ّ . وكان‌ لهذا الخبر صدي‌ سيّي‌ بين‌ الناس‌، فاعترض‌ بعضهم‌ علی ذلك‌ ؛ إلاّ أنّ جَبرَئيلَ الذي‌ كان‌ ينزل‌ علی النبي‌ّ كلّ يوم‌، أتي‌ بالوحي‌ من‌ عند الله‌ علی أنّ هذا العمل‌ الذي‌ قام‌ به‌ النبي‌ّ لم‌يخلو من‌ المصلحة‌؛ فسكت‌ الناس‌ بعد ذلك‌ . » [12]

 واستبان‌ ممّا قدّمناه‌ أنّ صورة‌ هذه‌ القضيّة‌ كانت‌ بشكل‌ آخر تماماً؛ و علی عكس‌ هذه‌ النظريّة‌ وفي‌ الجهة‌ المقابلة‌ لها تماماً .

 يقول‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ: إعتذر جمع‌ من‌ المفسّرين‌ عن‌ عمل‌ رسول‌الله‌ بأنـّها حالة‌ جبلّيّة‌ لايكاد يسلم‌ منها البشر، فإنّ فيه‌:

 أوّلاً: منع‌ أن‌ يكون‌ بحيث‌ لا يقوي‌ عليه التربية‌ الإلهيّة‌ .

 ثانياً: أنـّه‌ لا معني‌ حينئذٍ للعتاب‌ علی كتمانه‌ وإخفائه‌ في‌ نفسه‌، فلامجوّز في‌ الإسلام‌ لذكر حلائل‌ الناس‌ والتشبّب‌ بهنّ . [13]

 ويلاحظ‌ في‌ تواريخ‌ أهل‌ السنّة‌ وتفاسيرهم‌ مثل‌ هذه‌ الطعون‌ والتهم‌ الرخيصه‌ المشينة‌ منسوبة‌  إلی‌ رسول‌ الله‌ . بينما تخلو منها تواريخ‌ الشيعة‌ وتفاسيرهم‌ بشكل‌ عامّ . ولعلّ السبب‌ في‌ ما يلاحظ‌ عند العامّة‌ هو أنـّهم‌ أرادوا ـوفقاً لآرائهم‌ـ أن‌ يهبطوا بمقام‌ رسول‌ الله‌ عن‌ القدسيّة‌ والطهارة‌ والعصمة‌، ويطابقوا ما عندهم‌ في‌ رسول‌ الله‌ مع‌ الاحاديث‌ المجعولة‌ في‌ مدح‌ الشيخين‌ التي‌ ترفع‌ مقامهما ومنزلتهما  إلی‌ أبعد مدي‌ ممكن‌ ؛ وحينئذٍ لايكون‌ هناك‌ فرق‌ بين‌ رسول‌ الله‌ وبينهما . ولو كان‌ موجوداً، فهو قليل‌؛ وهذه‌ أكبر خيانة‌ للتأريخ‌، وأكبر تجنّ علی الحقيقة‌ إذ يُتّهم‌ النبي‌ّ بأمر غيرصحيح‌ إعلاءً لشخص‌ آخر .

 ولو قال‌ أحد: إنَّ الشيعة‌ قد انتهجوا في‌ مدح‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ وتمجيده‌ كما فعل‌ السنّة‌ في‌ اختلاق‌ الروايات‌ لمدح‌ الشيخين‌ وعثمان‌. فإنّنا نجيب‌ قائلين‌: هذا كلام‌ خاطي‌، لانّ مق إلید الاُمور والحكومة‌ السياسيّة‌ كانت‌ بِيَدِ أنصار الخلفاء ومؤازريهم‌ بعد رسول‌ الله‌ ؛ وكان‌ أنصار علی ‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ بين‌ منبوذ، وطريد، وحبيس‌، ومضروب‌، ومقتول‌ .

 ولم‌يكن‌ هذا الامر في‌ يوم‌ أو يومين‌ بل‌ استمرّ حتّي‌ عصر رفع‌ التقيّة‌ أيّام‌ الصفويّين‌ وذلك‌ بفتوي‌ العالم‌ الكبير والشيخ‌ الجليل‌: الشيخ‌ عبدالع إلی‌ الميسي‌ّ الكَرَكي‌ّ العاملي‌ّ، المعروف‌ بالمحقّق‌ الكركي‌ّ والمحقّق‌ الثاني‌.

 فالسلطة‌ والحكومة‌ وبيت‌ المال‌ والتبليغ‌ والإعلام‌ كلّها كانت‌ بأيدي‌ المعارضين‌ من‌ جميع‌ الجهات‌، فأنـّي‌ للشيعة‌ أن‌ يختلقوا رواية‌ أو حديثاً؟ ومتي‌ أستطاعوا ذلك‌؟ إنّهم‌ لم‌ يستطيعوا أن‌ ينقلوا الروايات‌ المأثورة‌ في‌ فضائل‌ أئمّتهم‌ ومناقبهم‌ للآخرين‌ وجهاً لوجه‌، والشواهد التأريخيّة‌ علی ذلك‌ جمّة‌، فكيف‌ يتسنّي‌ لهم‌ أن‌ يزيدوا علی المرويّات‌ في‌ فضائل‌ الائمّة‌ روايات‌ يختلقونها ويبثّونها بين‌ الناس‌ ؟ وقد سُئل‌ الشافعي‌ّ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه السلام وهو من‌ كبار المخالفين‌ وأئمّتهم‌، فقال‌: مَا أَقُولُ فِي‌ رَجُلٍ أسَرَّ أَوْلِيَاؤُهُ مَناقِبَهُ تَقِيَّةً وَكَتَمَها أَعْداؤهُ حَنَقاً وَعَدَاوةً وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ شَاعَ مِنْهُ مَامَلاَتِ الْخَافِقَيْنِ .

 وقد أخذ السيّد تاج‌ الدين‌ العاملي‌ّ هذا المفاد من‌ الشافعي‌ّ، فنظم‌ قائلاً:

 لَقَدْ كَتَمَتْ آثارَ آلِ مُحَمَّدٍ              مُحِبُّوهُمْ خَوْفاً وَأَعْدَاؤهُمْ بُغْضا

 فَأبْرِزَ مِنْ بَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ نَبْذَةٌ                    بِهَا مَلاَاللَهُالسَّمَاوَاتِ وَالاْرْضا [14]

 وهذا كلام‌ جدير بالدقّة‌ والتمعّن‌ . والسلام‌ علی نا و علی عباد الله‌ الصالحين‌.

 الرجوع الي الفهرس

  

الدرس‌ الثامن‌ والستّون‌  إلی‌ الحادي‌ والسبعين‌:

 الولاية‌ عين‌ التوحيد، وضروريّة‌ لقوام‌ العالم‌ ونظامه‌

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌  إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ ال علی ‌ّ العظيم‌

 الآيات‌ الدالّة‌ علی انحصار الولاية‌ علی الله‌ عزّ وجلّ

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 إِنَّ وَلِـِّيَ اللَهُ الَّذِي‌ نَزَّلَ الْكِتـ'بَ وَهُوَ يَتَوَلَّي‌ الصَّـ'لِحينَ . [15]

 لدينا آيات‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ تقصر الولاية‌ علی الله‌ ؛ وتجعلها له‌ بصورة‌ تامّة‌ وبدون‌ أي‌ّ استثناء، كالآيات‌ الت إلیة‌:

 قُلْ أَغَيْرَ اللَهِ أَتَّخِذُ وَلِيّـًا فَاطِرِ السَّمَـ'وَ'تِ وَالاْرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَيُطْعَمُ قُلْ إِنِّي‌´ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. [16]

 ونري‌ في‌ هذه‌ الآية‌ أنّ الولاية‌ ملازمة‌ لخلق‌ السماوات‌ والارض‌. وأنّ واجب‌ الوجود هو الحقّ بذاته‌ ؛ يطعم‌ الناس‌ ويرزق‌ العالم‌ ؛ وهو لايُطعَم‌ ولا يُرزَق‌ ؛ فالولاية‌ منحصرة‌ به‌ مقصورة‌ عليه .

 أَمِ اتَّخَذُوا مِن‌ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللَهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمُؤْتَي‌' وَهُوَ علی ‌' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . [17]

 وَهُوَ الَّذِي‌ يُنَّزِّلُ الْغَيْثَ مِن‌ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ و وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ. [18]

 وَمَا لَكُم‌ مِّن‌ دُونِ اللَهِ مِن‌ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ . [19]

 ونلحظ‌ في‌ هذه‌ الآيات‌ كلّها وآيات‌ أُخري‌ غيرها أنّ الولاية‌ من‌ الصفات‌ المختصّة‌ بالباري‌ عزّ وجلّ، وأنّ الولي‌ّ من‌ أسمائه‌ المختصّة‌ به‌ .

 ونلحظ‌ من‌ جهة‌ أُخري‌ وجود آيات‌ تنسب‌ الولاية‌  إلی‌ غير الله‌، نحو قوله‌:

 وَإِن‌ تَظَـ'هَرَا علی هِ فَإِنَّ اللَهَ هُوَ مَوْلَي'هُ وَجِبْرِيلُ وَصَـ'لِحُ الْمُؤمِنِينَ وَالْمَلَنءِ'´كَةُ بَعْدَ ذَ ' لِكَ ظَهِيرٌ . [20]

 حيث‌ نري‌ أنّ هذه‌ الآية‌ المباركة‌ قد ألحقت‌ جبريل‌ وأميرالمؤمنين‌ علی هما السلام‌ بالله‌، وجعلتهما وليّين‌ لرسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌.

 إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ . [21]

 نري‌ أنّ هـذه‌ الآية‌ قد حـدّدت‌ ولاية‌ رسـول‌ الله‌، وولاية‌ أميرالمؤمنين‌ عليه السلام الذي‌ تصدّق‌ بخاتمه‌ راكعاً، مضافاً  إلی‌ ما نلحظه‌ من‌ ولاية‌ الله‌ فيها أيضاً .

 إنّ جوابنا لحلّ هذه‌ المسألة‌ وعلاج‌ هذا الخلاف‌ الذي‌ يبدو خلافاً في‌ ظاهره‌ هو نفس‌ الجواب‌ الذي‌ قدّمناه‌ في‌ مجالات‌ متعدّدة‌ ؛ وهو: أنّ صفات‌ الله‌ هي‌ صفات‌ لله‌ بالاصالة‌، ولغيره‌ بالتبعيّة‌ . فالله‌ نور والآخرون‌ شعاع‌ من‌ هذا النور: والله‌ نور وما عداه‌ ظلّ .

 فلا تناقض‌ عندئذٍ، لانّ ولاية‌ رسول‌ الله‌ وأمير المؤمنين‌ هي‌ من‌ ولاية‌ الله‌ وبها .

 ومثل‌ هذه‌ المسألة‌ كثير في‌ القرآن‌ الكريم‌ . ومن‌ ذلك‌ قوله‌ جلّ اسمه‌:

 أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَهِ جَمِيعًا . [22]

 وقوله‌: مَن‌ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا . [23] بينما يقول‌ في‌ موضع‌ آخر: وَلِلَهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـ'كِنَّ الْمُنَـ'فِقِينَ لاَيَعْلَمُونَ. [24]

 عزّة‌ الله‌ هي‌ لله‌ ولذاته‌ ؛ وعزّة‌ رسول‌ الله‌ والمؤمنين‌ هي‌ من‌ الله‌، وعرضيّة‌ بالنسبة‌  إلیهم‌ . كذلك‌ الولاية‌ فهي‌ لله‌ ذاتيّة‌، ولغيره‌ عرضيّة‌ . كوجه‌ صاحب‌ الصورة‌، فهو له‌ ذاتي‌ّ، وللمرآة‌ التي‌ ينظر فيها عرضي‌ّ .

 وليس‌ لاحد أن‌ يسلب‌ شكله‌ وصورته‌ من‌ نفسه‌ ؛ بَيدَ أنـّه‌ يستطيع‌ أن‌ ينظر في‌ المرآة‌ فينعكس‌ فيها وجهه‌، ويستطيع‌ أن‌ يرفع‌ وجهه‌ عن‌ المرآة‌؛ فلا يُرَي‌ فيها حينئذٍ وجه‌ ملحوظ‌ .

 الرجوع الي الفهرس

الولاية‌ لله‌ ذاتيّة‌ ولغيره‌ عَرَضيّة‌

 إنّ وَلاية‌ الله‌ من‌ الصفات‌ والاسماء من‌ لوازم‌ ذاته‌ ؛ وهي‌ ولاية‌ بالاصالة‌ والحقيقة‌ ؛ بَيدَ أنّ الولاية‌ الإلهيّة‌ الكلّيّة‌ والعامّة‌ والمطلقة‌ لرسول‌الله‌ والائمّة‌ الطاهرين‌ سلام‌ الله‌ علی هم‌ تَبَعيّة‌ وَعَرَضيّة‌ ؛ ومرآتيّة‌ وآيتيّة‌، وهي‌ من‌ الله‌، وقد تجلّت‌ في‌ هذه‌ المرايا المتلالاة‌ والآيات‌ المتألّقة‌.

 وما لم‌ تكن‌ الولاية‌ موجودة‌، فلن‌ يتحقّق‌ العالم‌ ولن‌ يقرّ له‌ قرار، ولن‌ يكون‌ له‌ وجود وثبات‌، بل‌ هو معدوم‌ فان‌ .

 ذلك‌ لانّ نزول‌ نور الهويّة‌ الإلهيّة‌ في‌ اسم‌ الله‌ وسائر صفات‌ الجمال‌ والجلال‌ يتحقّق‌ بواسطة‌ انعكاس‌ نور الذات‌ والمرايا المختلفة‌ ؛ لكي‌ تتحقّق‌ الكثرة‌ في‌ عالم‌ الإمكان‌ وتتّصل‌ الموجودات‌ بعضها ببعض‌، ويرتبط‌ الحادث‌ بالقديم‌ ؛ وهذا الامر محال‌ بغير الولاية‌ .

 كما أنّ الخلق‌ والمخلوقيّة‌ بدون‌ صفة‌ الخلاّقيّة‌ واسم‌ الله‌ الخلاّق‌ محال‌، وكذلك‌ المرزوق‌ والمطعوم‌ بدون‌ صفة‌ الرازقيّة‌ والطاعميّة‌ لله‌ محال‌؛ والمعلوم‌ بدون‌ العلم‌ ؛ والرحمة‌ بدون‌ الرحمن‌ والرحيم‌ محال‌؛ وكذلك‌ إيجاد الموجودات‌ وتربيتها فإنّه‌ محال‌ بدون‌ ولاية‌ ؛ لانّ الإيجاد والإحياء والإماتة‌ والتربية‌ كلّها في‌ ظلّ الاسم‌ وصفة‌ الولي‌ّ والولاية‌؛ ولاإمكان‌ لتحقّقها بدون‌ ذلك‌ .

 الولاية‌ قائمة‌ في‌ كلّ كائن‌ وموجود وفقاً لسعة‌ هويّته‌ الوجوديّة‌ وضيقها، لانّ الولاية‌ هي‌ عبارة‌ عن‌ عدم‌ وجود حجاب‌ ومسافة‌ بين‌ الخلق‌ والخالق‌؛ وإذا ما وجد الحجاب‌ والمسافة‌، فالخلقة‌ ممتنعة‌ .

 فكلّ موجود هو مع‌ الولاية‌ ولها اعتباراً من‌ التبنة‌  إلی‌ الجبال‌ الراسيات‌؛ ومن‌ الذرّة‌  إلی‌ الشمس‌ ومنظومتها ؛ أي‌: علی ارتباط‌ بحت‌ بالله‌ القادر، والموجِد، والعالم‌، والرازق‌ .

 غاية‌ الامر، أنّ الموجودات‌ الضعيفة‌ هي‌ تحت‌ ولاية‌ الموجودات‌ القويّة‌؛ وهذه‌ أيضاً تحت‌ ولاية‌ الموجودات‌ التي‌ هي‌ أقوي‌ ؛  إلی‌ أن‌ تصل‌  إلی‌ نقطة‌، توجِد فيها الولاية‌ الإلهيّة‌ الكلّيّة‌ والمطلقة‌ والعامّة‌ جميع‌ الموجودات‌ تحت‌ هذه‌ الصفة‌ والاسم‌، وترزقها ؛ وتميتها وتحييها؛ وتفيض‌ علی ها بالعلم‌، والسمع‌، والبصر، والقدرة‌ .

 وما يلزم‌ خلقة‌ كافّة‌ الموجودات‌ الكثيرة‌ علی اختلاف‌ درجاتها في‌ الوجود هو الارتباط‌ بالولاية‌ الكلّيّة‌ ذات‌ السعة‌ والإحاطة‌ الاكثر، والقدرة‌ والتناهي‌ الاوسع‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ .

 وهي‌ التي‌ يقال‌ لها أوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ، وهي‌ الحجاب‌ الاقرب‌ والمرآة‌ التامّة‌ للذات‌، وصفات‌ الجمال‌ والجلال‌ لله‌ جلّ وعلا . ومنها ينطلق‌ عالم‌ الكثرة‌ من‌ المُلك‌ والملكوت‌، والعقول‌، والنفوس‌، وعالم‌ الطبع‌ ؛ وبواسطة‌ اتّساع‌ الولاية‌ في‌ شبكات‌ عالم‌ الإمكان‌ المختلفة‌ تتقمّص‌ الموجودات‌ لباس‌ الوجود تدريجاً، من‌ الا علی  إلی‌ الاسفل‌، ومن‌ القوي‌ّ  إلی‌ الضعيف‌، ومن‌ الوسيع‌  إلی‌ الماهيّة‌ الضيّقة‌ .

 وأنّ أوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ التي‌ مرآتها أوسع‌ من‌ الموجودات‌ كلّها، يمكنها أن‌ تعبّر عن‌ الذات‌ والصفات‌ بدون‌ نقص‌ وبخس‌، وهي‌ الولاية‌ المطلقة‌ والكلّيّة‌ ؛ لانـّها ـ وفقاً للافتراض‌ ـ الحجاب‌ الاقرب‌، وأقرب‌ موجود  إلی‌ ساحة‌ الكبرياء المقدّسة‌ من‌ حيث‌ القرب‌ .

 وفرقها عن‌ ذات‌ الباري‌ تعالی‌ هو أنـّها عَرَضِيّة‌ ومجازيّة‌، والذات‌ المقدّسة‌ ذاتيّة‌ وحقيقيّة‌، وذلك‌ لعدم‌ وجود أي‌ّ مؤثّر في‌ عالم‌ الوجود غيرالذات‌ الإلهيّة‌ . فالفرق‌ بين‌ أوَّلِ مَا خَلَقَ، وبين‌ الموجودات‌ الاُخري‌ هو أنّ سعة‌ ذلك‌ أكثر، لا أنّ له‌ وجوداً من‌ ذاته‌ ؛ لا، ليس‌ الامر كذلك‌ .

 إنّ الكائنات‌ والموجودات‌ جميعها اعتباراً من‌ أوَّلِ ما خَلَقَ  إلی‌ آخر درجة‌ في‌ الماهيّات‌ الإمكانيّة‌ الضعيفة‌ والوضعيّة‌، كلّها فقيرة‌ ومحتاجة‌  إلی‌ الله‌؛ بل‌ هي‌ عين‌ الفقر والحاجة‌ . والروح‌ الامين‌ وسائر الملائكة‌ المقرّبين‌ كلّهم‌ علی هذه‌ الشاكلة‌ أيضاً . ولا يستثني‌ من‌ هذه‌ القاعدة‌ شي‌ء في‌ عالم‌ الإمكان‌ . وكلّ شي‌ء في‌ العالم‌ هو ممكن‌ الوجود غير ذات‌ واجب‌ الوجود.

 إنّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَهُ، في‌ الوقت‌ الذي‌ يتفوّق‌ علی الكائنات‌ والموجودات‌ جميعها إنشآءً وإعداداً وقدرة‌، إلاّ أنـّه‌ يظلّ مرآة‌ . غير أنـّها مرآة‌ أوسع‌ وأتمّ وأدلّ . ولن‌ تنفصل‌ عنها صفة‌ الآيتيّة‌ والمرآتيّة‌ أبداً.

 إذَنْ، الولاية‌ الإلهيّة‌ الكلّيّة‌ هي‌ ولاية‌ الله‌ عينها . فالاصل‌ واحد، إلاّ أنّ لها أصالة‌ في‌ الله‌، و تبعيّة‌ في‌ الوَلِي‌ّ . الله‌ يدلّ علی نفسه‌ ؛ والولي‌ّ يدلّ علی الله‌ .

 ومعاذ الله‌ أن‌ يخال‌ أحد أنّ الولاية‌ تتمّ بإعطاء الله‌ والاستقلال‌ في‌ وجود وَلي‌ّ الله‌، فهذا الكلام‌ خاطي‌ وهو الشرك‌ عينه‌ .

 ميان‌ ماه‌ من‌ تا ماه‌ گردون‌                         تفاوت‌ از زمين‌ تا آسمان‌ است‌

 دانة‌ فلفل‌ سياه‌ و خالِ مهرويان‌ سياه‌                       هر دو جان‌ سوزند امّا اين‌ كجا و آن‌ كجا؟

 شكَر مازندران‌ و شكَر هندوستان‌                هر دو شيرينند امّا اين‌ كجا و آن‌ كجا؟ [25]

 ومن‌ هذا المنطلق‌ ما جاء في‌ الرسالة‌ 28 من‌ رسائل‌ الإمام‌ أميرالمؤمنين‌ علی ‌ّ عليه السلام في‌ « نهج‌ البلاغة‌ »، وهي‌ رسالته‌ التي‌ كتبها  إلی‌ معاوية‌، يقول‌ فيها: فَإنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا وَالنَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا .[26]

 يقول‌ المجلسي‌ّ رحمة‌ الله‌ عليه في‌ الجزء الثامن‌ من‌ « بحار الانوار »، ص‌536، طبع‌ كمباني‌: هذا كلام‌ مشتمل‌ علی أسرار عجيبة‌ من‌ غرايب‌ شأنهم‌ التي‌ تعجز عنها العقول‌ . ولنتكلّم‌ علی ما يمكننا إظهاره‌ والخوض‌ فيه‌، فنقول‌: صَنِيعَةُ الْمَلِكِ مَنْ يَصْطَنِعُهُ وَيَرْفَعُ قَدْرَهُ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالی‌: «وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي‌» أي‌: اخْتَرْتُكَ وَأَخْذْتُكَ صَنيعِتي‌ لِتَتَصَرَّفَ عَنْ إرَادَتِي‌ وَمَحَبَّتِي‌ .

 فالمعني‌ أنـّه‌ ليس‌ لاحد من‌ البشر علی نا نعمة‌، بل‌ الله‌ تعالی‌ أنعم‌ علی نا، فليس‌ بيننا وبينه‌ واسطة‌، والناس‌ بأسرهم‌ صنايعنا، فنحن‌ الوسائط‌ بينهم‌ وبين‌ الله‌ سبحانه‌ .

 ويقول‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ شرح‌ « نهج‌ البلاغة‌ » المطبوع‌ في‌ عشرين‌ جزءاً، وذلك‌ في‌ ج‌ 15 ص‌ 194: « هذا كلام‌ عظيم‌، عال‌ علی الكلام‌، ومعناه‌ عال‌ علی المعاني‌ ؛ وَصَنِيعَةُ الْمَلِكِ مَنْ يَصْطَنِعُهُ وَيَرْفَعُ قَدْرَهُ. يقول‌ الإمام‌: ليس‌ لاحد من‌ البشر علی نا نعمة‌، بل‌ الله‌ تعالی‌ هو الذي‌ أنعم‌ علی نا، فليس‌ بيننا وبينه‌ واسطة‌، والناس‌ بأسرهم‌ صنائعنا، فنحن‌ الواسطة‌ بينهم‌ وبين‌ الله‌ تعالی‌ . وهذا مقام‌ جليل‌ ظاهره‌ ما سمعت‌، وباطنه‌ أنـّهم‌ عبيدالله‌ وأنّ الناس‌ عبيدهم‌ ـ انتهي‌ » .

 ويقول‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌ في‌ هامش‌ ص‌ 32: آلُ النَّبِي‌ِّ أُسَرَاءُ إحْسَانِاللهِ علی هِمْ وَالنَّاسُ أُسَرَاءُ فَضْلِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ .

 الرجوع الي الفهرس

ولاية‌ ولي‌ّ الله‌ كالصورة‌ الظاهرة‌ في‌ المرآة‌

 إنّ الولاية‌ الإلهيّة‌ الكلّيّة‌ هي‌ ولاية‌ من‌ منظار صفة‌ الله‌ واسمه‌ ؛ بَيدَ أنـّا إذا تغاضينا قليلاً، فلا يعني‌ ذلك‌ عدم‌ وجود الولاية‌ ؛ بل‌ يعني‌ العدم‌ المحض‌، والصفر، والمعدوم‌، والفناء .

 وكما أنّ للولاية‌ الكلّيّة‌ والمطلقة‌ الاثر التامّ في‌ التكوين‌ والإيجاد، فإنّ لها كذلك‌ تمام‌ الاثر في‌ مجال‌ الصعود والوصول‌ . أي‌: لايبلغ‌ أحد درجة‌ المعرفة‌ والقرب‌ من‌ ذات‌ الحقّ المقدّسة‌ إلاّ عبر هذه‌ المرآة‌، وهذه‌ الآية‌ الكبري‌ . لانّ المرآة‌ علی سبيل‌ الفرض‌ كبيرة‌ ؛ ولمّا كان‌ جمال‌ المحبوب‌ ومعرفة‌ المعبود، بلا مرآة‌ وحجاب‌ متعذّرين‌ علی السالك‌ في‌ الوهلة‌ الاُولي‌ ؛ ونور الذات‌ وتشعشعها يعمي‌ بصر كلّ راءٍ، ويقوده‌  إلی‌ حضيض‌ الضلال‌، لذلك‌ فإنّ الوصول‌  إلی‌ هذه‌ المرآة‌ وشرطيّتها للسير في‌ مراحل‌ المعرفة‌ من‌ ألزم‌ اللوازم‌ . وكلنّا نعلم‌ أنـّه‌ لا يمكن‌ النظر  إلی‌ الشمس‌، ولكن‌ يمكن‌ النظر  إلیها في‌ المرآة‌ .

 الرجوع الي الفهرس

أشعار الشبستري‌ّ في‌ لزوم‌ وساطة‌ ولاية‌ ولي‌ّ الله‌ لبلوغ‌ التوحيد

 وما أروع‌ قول‌ العارف‌ المعروف‌: الشيخ‌ محمّد الشبستري‌ّ في‌ بيان‌ هذه‌ الحقيقة‌ وتوضيحها:

 نگنجد نور ذات‌ اندر مَظاهر                         كه‌ سُبْحاتِ جَلالش‌ هست‌ قاهر

 در آن‌ موضع‌ كه‌ نور حقّ دليل‌ است‌             چه‌ جاي‌ گفتگوي‌ جبرئيل‌ است‌؟

 بود نور خرد در ذات‌ أنور                 بسان‌ چشم‌ سَر در چشمة‌ خُورْ [27]

 چه‌ نسبت‌ خاك‌ را با عالم‌ پاك‌                    كه‌ اِدراكست‌ عجز از درك‌ ادراك‌

 در اين‌ مشهد كه‌ أنوار تجلّي‌ است‌              سخن‌ دارم‌ ولي‌ ناگفتن‌ أولي‌ است‌

 اگر خواهي‌ كه‌ بيني‌ چشمة‌ خُور                ترا حاجت‌ فتد با چشم‌ ديگُر

 چو چشم‌ سر ندارد طاقت‌ و تاب‌                 توان‌ خورشيد تابان‌ ديد در آب‌

 ازو چون‌ روشني‌ كمتر نمايد                       در اِدراك‌ تو ح إلی‌ مي‌فزايد

 عدم‌ آئينة‌ هستي‌ است‌ مطلق‌                  كزو پيداست‌ عكس‌ تابش‌ حقّ

 عدم‌ چون‌ گشت‌ هستي‌ را مقابل‌              در او عكسي‌ شد اندر حال‌ حاصل‌ [28]

 شد آن‌ وحدت‌ ازين‌ كثرت‌ پديدار                  يكي‌ را چون‌ شمردي‌ گشت‌ بسيار

 عدد گر چه‌ يكي‌ دارد بَدايت‌                        وليكن‌ نبودش‌ هرگز نهايت‌

 عدم‌ در ذات‌ خود چون‌ بود صافي                ‌ وزو با ظاهر آمد گنج‌ مخفي‌

 حديث‌ كُنْتُ كَنْزاً را فرو خوان‌                       كه‌ تا پيدا ببيني‌ گنج‌ پنهان‌

 عدم‌ آئينه‌، عالم‌ عكس‌، و انسان‌                چو چشم‌ عكسْ در وي‌ شخص‌ پنهان‌

 تو چشم‌ عكسي‌ و او نور ديده‌ است‌                       بديده‌ ديده‌ را ديده‌ كه‌ ديده‌ است‌ ؟

 جهان‌ انسان‌ شد و انسان‌ جهاني‌              ازين‌ پاكيزة‌تر نبود بياني‌ [29]

 چو نيكو بنگري‌ در اصل‌ اين‌ كار                    هم‌ او بيننده‌، هم‌ ديده‌ است‌، و ديدار

 حديث‌ قدسي‌ اين‌ معني‌ بيان‌ كرد               فَبِي‌ يَسْمَع‌ و بِي‌ يُبْصِرْ عَيان‌ كرد [30]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ هذه‌ الاحاديث‌ كثيرة‌ ؛ وجاءت‌ بتعابير متنوّعة‌ بلغت‌ حدّ الاستفاضة‌ . ذكرها المجلسي‌ّ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ «بحار الانوار» طبع‌ كمباني‌ من‌ ص‌ 117 إلي‌ ص‌ 126 تحت‌ عنوان‌: «باب‌ إنّ حديثهم‌ عليهم‌ السلام‌ صعب‌ مستصعب‌ وإنّ كلامهم‌ ذو وجوه‌ كثيرة‌ ، وفضل‌ التدبّر في‌ أخبارهم‌ والتسليم‌ لهم‌ ، والنهي‌ عن‌ ردّ أخبارهم‌» .

[2] ـ الصَعْبْ هو الحيوان‌ الشموس‌ الذي‌ لا يركب‌ ؛ في‌ مقابل‌ الذَلُول‌ وهو الحيوان‌ الذي‌ يسهل‌ انقياده‌ ، والمُسْتَصْعَب‌ هو الحيوان‌ الذي‌ يفرّ منه‌ الإنسان‌ خوفاً من‌ حدّته‌ وخشية‌ من‌ ضرره‌. وقد شبّه‌ الإمام‌ حديثهم‌ هنا بهذا الحيوان‌ ، أي‌ : لا قبل‌ لكلّ أحد بالاقتراب‌ من‌ أسرار آل‌محمّد ؛ والذكوان‌ من‌ ذَكَتْ تَذْكُو النَّارُ : اشتدَّ لَهِيبُها . وكما ذكر المجلسي‌ّ حديثاً مماثلاً له‌ جاء فيه‌ : ذَكّاء المؤمنين‌ ، أي‌ : هو متّقد ويهيّج‌ الناس‌ علي‌ الدوام‌ . والاَجْرَد : هو الذي‌ ليس‌ في‌ جسمه‌ شعر ؛ فهو نظيف‌ ووسيم‌ للغاية‌ . ويؤتي‌ بهذه‌ الكلمة‌ تعبيراً عن‌ النضارة‌ ï ïوالحسن‌ من‌ باب‌ الاستعارة‌ . 

[3] ـ هو جابر بن‌ يزيد الجُعفي‌ّ من‌ أعاظم‌ أصحابه‌ عليه‌ السلام‌ ، لا جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاري‌ّ. 

[4] ـ رسالة‌ «الولاية‌» للعلاّمة‌ الفقيد آية‌ الله‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ ، وهي‌ من‌ مخطوطاتي‌ ، ص‌ 3 إلي‌ 6 . 

[5] ـ الآية‌ 4 ، من‌ السورة‌ 33 : الاحزاب‌ . 

[6] ـ الآية‌ 67 ، من‌ السورة‌ 5 : المائدة‌ . 

[7] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3 ، ص‌ 298 . 

[8] ـ نفس‌ المصدر . 

[9] ـ اليوم‌ الحرام‌ هو يوم‌ عرفة‌ ، وهو محترم‌ للغاية‌ ، والشهر الحرام‌ هو شهر ذي‌ الحجّة‌ وهو شهر محترم‌ ، والبلد الحرام‌ مكّة‌ ، كانت‌ لها حرمتها ، ولا يمكن‌ الدخول‌ فيها بدون‌ إحرام‌. 

[10] ـ الآية‌ 36 ، من‌ السورة‌ 33 : الاحزاب‌ . 

[11] ـ النصف‌ الاوّل‌ من‌ الآية‌ 37 ، من‌ السورة‌ 33 : الاحزاب‌ . 

[12] ـ «تاريخ‌ الحضارة‌» ص‌ 121 ، 122 ، ضمن‌ الفصل‌ الرابع‌ . 

[13] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 16 ، ص‌ 343 . 

[14] ـ «الكني‌ والالقاب‌» ترجمة‌ الشافعي‌ّ ج‌ 2 ، ص‌ 316 ، طبع‌ صيدا . 

[15] ـ الآية‌ 196 ، من‌ السورة‌ 7 : الاعراف‌ . 

[16] ـ الآية‌ 14 ، من‌ السورة‌ 6 : الانعام‌ . 

[17] ـ الاية‌ 9 ، من‌ السورة‌ 42 : الشوري‌ . 

[18] ـ الآية‌ 28 ، من‌ السورة‌ 42 : الشوري‌ . 

[19] ـ الآية‌ 107 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ ؛ والآية‌ 22 ، من‌ السورة‌ 29 : العنكبوت‌ ؛ والآية‌ 31 ، من‌ السورة‌ 42 : الشوري‌ . 

[20] ـ الآية‌ 4 ، من‌ السورة‌ 66 : التحريم‌ . 

[21] ـ الآية‌ 55 ، من‌ السورة‌ 5 : المائدة‌ . 

[22] ـ الآية‌ 139 ، من‌ السورة‌ 4 : النساء . 

[23] ـ الآية‌ 10 ، من‌ السورة‌ 35 : فاطر . 

[24] ـ الآية‌ 8 ، من‌ السورة‌ 63 : المنافقون‌ . 

[25] ـ التعريب‌ :«إنّ بين‌ قمري‌ معشوقي‌ وبين‌ القمر في‌ السماء فرقاً كفرق‌ الارض‌ إلي‌ السماء.

 إنّ حبّة‌ الفلفل‌ سوداء والخال‌ في‌ وجه‌ المحبوب‌ الوسيم‌ أسود وكلاهما يحرق‌ الروح‌، لكن‌ شتّان‌ بينهما .

 سكّر مازندران‌ حلو وسكّر الهند حلو ، ولكن‌ شتّان‌ بينهما» . 

[26] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2 ، طبعة‌ عبدة‌ ص‌ 32 ، و«الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ ، طبعة‌ النجف‌ ج‌ 2 ص‌ 260 . 

[27] ـ وتعريبها : إنّ نور الذات‌ الإلهيّة‌ لا تستوعبه‌ المظاهر ، وذلك‌ لانّ سبحاتها وأنوارها وعظمة‌ جلالها كلّها قاهرة‌ .

 عندما يكون‌ نور الحقّ دليلاً ، فما هو تأثير كلام‌ جبرئيل‌ ؟ ïإنّ نور العقل‌ في‌الذات‌ الإلهيّة‌ النيّرة‌ كعين‌ الإنسان‌ في‌ عين‌ الشمس‌. 

[28] ـ وتعريبها : شتّان‌ بين‌ التراب‌ وبين‌ عالم‌ الطهر والنقاء إذ إنّ غاية‌ إدراك‌ الإنسان‌ هو العجز عن‌ إدراكه‌.

 عندي‌ كلام‌ في‌ هذا المشهد الذي‌ تتجلّي‌ فيه‌ الانوار ولكن‌ من‌ الافضل‌ أن‌ لا أبوح‌ به‌.

 إذا أردت‌ أن‌ تنظر إلي‌ عين‌ الشمس‌ (النور الإلهي‌ّ) فإنّك‌ تحتاج‌ إلي‌ عين‌ أُخري‌ تنظر بها.

 وذلك‌ لانّ هذه‌ العين‌ لا طاقة‌ لها علي‌ النظر ، لكنّها تستطيع‌ أن‌ تري‌ الشمس‌ المشرقة‌ في‌ الماء .

 وهذه‌ الشمس‌ المنعكسة‌ في‌ الماء لمّا كان‌ نورها أقل‌ ، فهي‌ تضاعف‌ من‌ إدراكك‌ وبصيرتك‌. ïإنّ العدم‌ هو مرآة‌ الوجود المطلق‌ ، ومنه‌ تشعّ أنوار الحقّ المتألّقة‌ . عندما يكون‌ العدم‌ في‌ مقابل‌ الوجود ، تتجلّي‌ فيه‌ صورة‌ آناً . 

[29] ـ وتعريبها : تظهر الوحدة‌ من‌ هذه‌ الكثرة‌ ، وإذا عددت‌ واحداً ، فإنّ الواحد يتعدّد .

 إنّ العدد وإن‌ كان‌ في‌ البداية‌ واحداً ، بَيدَ أنـّه‌ ليس‌ له‌ نهاية‌ مطلقاً .

 ولمّا كان‌ العدم‌ بذاته‌ نقيّاً صافياً ، فقد ظهر منه‌ الكنز المخفي‌ .

 اقرأ الحديث‌ القدسي‌ّ : كنتُ كنزاً ... لتري‌ الكنز المخفي‌ واضحاً أمام‌ عينيك‌ .

 العدم‌ (الذات‌ الاحديّة‌ ـ م‌.) كالمرآة‌ ، والعالم‌ صورة‌ قد انعكست‌ في‌ تلك‌ المرآة‌، والإنسان‌ كإنسان‌ عين‌ ذلك‌ العالم‌ وقد اختفت‌ فيها كلّ الصور . (فصار الإنسان‌ محوراً للعالم‌ الكبير، ومِن‌ ثَمَّ مرآةً للذات‌ الاحديّة‌ ـ م‌) .

 أنت‌ أيّها الإنسان‌ عين‌ العالم‌ وهو ] الله‌ [ نور الباصرة‌ ، ومن‌ يستطيع‌ أن‌ يري‌ عينه‌ ï ïبواسطة‌ عينه‌ نفسها ؟

 لقد جمع‌ العالم‌ في‌ وجود الإنسان‌ وأصبح‌ الإنسان‌ عالميّاً ، ولن‌ يكون‌ هناك‌ كلام‌ أفضل‌ وأنقي‌ من‌ هذا الكلام‌ . 

[30] ـ «گلشن‌ راز» منشورات‌ مكتبة‌ أحمدي‌ في‌ شيراز سنة‌ 1954 م‌،من‌ ص‌ 12 إلي‌ص‌ 14 .

 وتعريبها : عندما تنظر جيّداً في‌ أصل‌ خلق‌ العالم‌ ، تري‌ أنّ الله‌ هو البصير ، وهو البصر، وهو البصيرة‌.

 قد بيّن‌ الحديث‌ القدسي‌ّ هذا المعني‌ ووضّحه‌ بقوله‌ : بي‌ يسمع‌ ، وبي‌ يبصر .

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com