بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الرابع / القسم التاسع: معنی هدایة الامام، لزوم و فوائد الامام، لا تخلو الارض من حجة الله، الاشا...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

انحصار الإمامة فی آل محمد الذین هم أعلم الناس

 النقطة‌ الثانية‌: أنّ قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: لاَ تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنـَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ مأثور عن‌ رسول‌ الله‌ بواسطة‌ كثير من‌ علماء العامّة‌ و الخاصّة‌. و قد نقلناه‌ في‌ الصفحة‌ الحادية‌ و العشرين‌ من‌ الجزء الثالث‌ من‌ هذا الكتاب‌ [1] عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاريّ. و إذا ضممنا هذا القول‌ إلی قول‌ آخر رواه‌ الإمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ جدّه‌ في‌ خطبة‌ له‌، فستُستنتج‌ منهما إمامة‌ الائمّة‌ الاطهار و قيادتهم‌. و هذا القول‌ هو: وَ قَدْ سَمِعَتْ هَذِهِ الاُمَّةُ جَدِّي‌ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلاً وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إلاّ لَمْ يَزَلْ يَذْهَبُ أَمْرُهُمْ سَفَالاً حَتّي‌ يَرْجِعُوا إلی مَاتَركُوهُ. [2]

 يستفاد من‌ الجمع‌ بين‌ هذين‌ القولين‌ المأثورين‌ عن‌ رسول‌ الله‌ أنّ الائمّة‌ الطاهرين‌ عليهم‌ السلام‌ يجب‌ أن‌ يتولّوا قيادة‌ الناس‌ في‌ جميع‌ شؤونهم‌ بلا استثناء سواء كانت‌ الشؤون‌ المعاشيّة‌، و سياسة‌ المدن‌، و تدبير المنزل‌، أو كانت‌ الشؤون‌ الخاصّة‌ بالمعاد و المعارف‌ و العلوم‌ الدينيّة‌، وذلك‌ أوّلاً لانّ أعلميّتهم‌ جاءت‌ بشكل‌ مطلق‌، و هذا له‌ حكم‌ صغري‌ القضيّة‌، و لانـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ثانياً جعل‌ زعامة‌ الاعلم‌ لازمة‌ واجبة‌، و هذا له‌ حكم‌ كبراها. و محصّلة‌ ذلك‌ كلّه‌، أنّ زعامتهم‌ دائميّة‌ و مطلقة‌.

 يقول‌ مولي‌ الموحّدين‌ و أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌السلام‌ ضمن‌ الخطبة‌ 142 من‌ خطب‌ «نهج‌ البلاغة‌» أَيْنَ الَّذينَ زَعَمُوا أَنـَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي‌ الْعِلْمِ دُونَنَا كَذِباً وَ بَغْياً عَلَيْنَا، أَنْ رَفَعَنَا اللَهُ وَ وَضَعَهُمْ، وَأَعْطَانَا (من‌ نِعَمِ علومه‌ و معارفه‌) وَ حَرَمَهُمْ، وَ أَدْخَلَنَا (فِي‌ الإيمان‌ والتوحيدو درجات‌ القرب‌) وَ أَخْرَجَهُمْ. بِنَا يُسْتَعْطَي‌ الْهُدَي‌ (و بِنا تُقسم‌ الهداية‌ بين‌ أفراد البشر، فيأخذ كلٌّ نصيبه‌ منها) وَ يُسْتَجْلي‌ الْعَمي‌ (فتبصر العين‌ و يظهر نور الباطن‌ في‌ قلوب‌ الناس‌ فيمكن‌ لكلّ أحد أن‌ يمزّق‌ حجب‌ ظلمات‌ الجهل‌ و أن‌ تبصر عيونه‌ بنور البصيرة‌). إنَّ الائِمَّةَ مِنْ قُرَيش‌ غُرِسُوا في‌ هَذا الْبطْنِ مِنْ هَاشِمٍ، لاَ تَصْلُحُ علی سِوَاهُمْ، وَ لاَتَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهُمْ. (وَلا تليق‌ الإمامة‌ و القيادة‌ إِلاّ لهم‌، و لا يجوز أن‌ يكون‌ حكّام‌ الامّة‌ غيرهم‌). [3]

 و يقول‌ في‌ الخطبة‌ 145: وَاَعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتّي‌ تَعْرِفُوا الَّذِي‌ تَرَكَهُ، وَ لَنْ تَأْخُذُوا بِمِثَاقِ الْكِتَابِ حَتّي‌ تَعْرِفُوا الَّذِي‌ نَقَضَهُ، وَ لَنْ تُمَسِّكُوا بِهِ حَتّي‌ تَعْرِفُوا الَّذِي‌ نَبَذَهُ (أي‌ أَنّ أَحد شروط‌ فهم‌ كتاب‌ الله‌ و تمام‌ معرفته‌، معرفة‌ مخالفي‌ القرآن‌ و مُنكريه‌. فما لم‌ يُعرَف‌ أئمّة‌ الضلال‌ و ما لم‌ يُتبرّأ من‌ فعلهم‌ و قولهم‌، فإنّ التمسّك‌ بالقرآن‌ الكريم‌ و بحقيقة‌ أئمّة‌ الحقّ لم‌ يتحقّق‌.) فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ (و هم‌ الائمّة‌ من‌ أهل‌ البيت‌) فَإِنـَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَ مَوْتُ الْجَهْلِ، هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ وَ صَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِهِمْ لاَيُخَالِفُونَ الدِّينَ وَ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ. [4] (حيث‌ إنّ عملهم‌ بالدين‌، و تركّز معني‌ الدين‌ و روحه‌ في‌ وجدانهم‌ و نفوسهم‌ أفضل‌ شاهد صادق‌ علی حقيقتهم‌، و تطبيق‌ أسرار الدين‌ في‌ قلوبهم‌ و جوارحهم‌ أفضل‌ شاهد عمليّ ذي‌ شفاه‌ مُطبقة‌ و قلب‌ ناطق‌، علی حقيقتهم‌).

 الرجوع الي الفهرس

دعاء الإمام السجاد فی لزوم الإمام و فوائده

 و يقول‌ الإمام‌ زين‌ العابدين‌ و سيّد الساجدين‌ علی بن‌ الحسين‌ عليه‌السلام‌ في‌ دعاء يوم‌ عرفة‌، و هو الدعاء السابع‌ و الاربعون‌ من‌ أدعية‌ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌ الكاملة‌»: اللَهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي‌ كُلِّ أَوانٍ بِإمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ وَ مَنَاراً فِي‌ بِلاَدِكَ بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَ جَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إلی رِضْوَانِكَ، وَ أَفْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ وَ حَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَ أَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَمْرهِ وَ الانْتِهَاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَ أَلاّ يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَ لاَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللاّئِذِينَ وَ كَهْفُ الْمُؤمِنِينَ وَ عُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ وَ بِهَاءُ الْعَالَمِينَ.

 ذكر المرحوم‌ السيّد علی خان‌ المدنيّ الكبير موضوعات‌ نفيسة‌ في‌ شرح‌ هذا المقطع‌ من‌ الدعاء من‌ شرح‌ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌ الكاملة‌» ننقل‌ هنا ملخّصاً لها: وصف‌ الإمام‌ علی بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ الإمام‌ بأربعة‌ أوصاف‌:

 الاوّل‌: عِصْمَةُ اللاّئِذِينَ أي‌: مانع‌ لمن‌ لاذ به‌ و التجاء إليه‌ بسبب‌ هدايته‌ له‌ إلی سلوك‌ الصراط‌ المستقيم‌ عن‌ التورّط‌ في‌ أحد طرفي‌ الإفراط‌ والتفريط‌.

 الثاني‌: كَهْفُ الْمُؤمِنينَ أي‌: ملجأ جماعة‌ المؤمنين‌ الذين‌ يلجأون‌ إليه‌ عند حلول‌ الشبهات‌ و يعوّلون‌ عليه‌ في‌ الخلاص‌ من‌ الظلمات‌.

 الثالث‌: عُروَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ أي‌: منقذ من‌ تمسّك‌ به‌ واقتدي‌ بأثره‌ وانقاد لامره‌ و نهيه‌ من‌ مهاوي‌ الهلكات‌ و الوقوع‌ في‌ مساقط‌ النقمات‌.

 الرابع‌: بَهَاءُ الْعَالَمِينَ أي‌: به‌ يكون‌ انتظام‌ أمر العالم‌ و حسن‌ هيئته‌ إذ بهديه‌ و سيرته‌ يعتدل‌ ميزان‌ العدل‌ و يقوم‌ عماد الحقّ في‌ الخلق‌.

 هذا الدعاء الذي‌ يدلّ علی لزوم‌ الإمام‌ في‌ كلّ زمن‌ من‌ الازمان‌ ممّا تطابق‌ عليه‌ العقل‌ و النقل‌. أمّا العقل‌ فبيانه‌ أنّ الإنسان‌ غير مكتف‌ في‌الوجود و البقاء بذاته‌ لانّ نوعه‌ لم‌ ينحصر في‌ شخصه‌، فلا يعيش‌ في‌ الدنيا إلاّ بتمدّن‌ و اجتماع‌ و تعاون‌، و لايمكن‌ وجوده‌ بالانفراد، فافترقت‌ أعداد و اختلفت‌ أضراب‌، و انعقدت‌ ضياع‌ و بلاد، فاضطرّوا في‌ معاملاتهم‌ و مناكحاتهم‌ و جناياتهم‌ إلی قانون‌ مرجوع‌ إليه‌ بين‌ كافّة‌ الخلق‌ يحكمون‌ به‌ بالعدل‌، و إلاّ تغالبوا و تهارسوا و فسد الجميع‌ وانقطع‌ النسل‌ و اختلّ النظام‌. و لابدّ من‌ قانون‌ يعيّن‌ لهم‌ منهجاً يسلكونه‌ لانتظام‌ معاشهم‌ في‌ الدنيا، و يسنّ لهم‌ طريقاً يصلون‌ به‌ إلی الله‌. و ذلك‌ القانون‌ هو الشرع‌ الذي‌ يعيّن‌ لهم‌ منهجاً يسلكونه‌ لانتظام‌ معاشهم‌ في‌ الدنيا، و يسنّ لهم‌ طريقاً يصلون‌ به‌ إلی الله‌، و يفرض‌ عليهم‌ ما يذكّرهم‌ أمر الآخرة‌، و الرحيل‌ إلی ربّهم‌ وينذرهم‌ و ينادون‌ فيه‌ من‌ مكان‌ قريب‌، و يهديهم‌ إلی الصراط‌ المستقيم‌.

 و لابدّ أن‌ يكون‌ إنساناً، لانّ مباشرة‌ الملك‌ لتعليم‌ الإنسان‌ علی هذا الوجه‌ مستحيل‌، و درجة‌ باقي‌ الحيوانات‌ أنزل‌ من‌ هذا. فتعيّن‌ أن‌ يكون‌ إنساناً، و لابدّ من‌ تخصيصه‌ بآيات‌ من‌ الله‌ دالّة‌ علی أنّ شريعته‌ من‌ عند ربّهم‌، ليخضع‌ له‌ النوع‌، و هي‌ المعجزة‌. و كما لابدّ في‌ العناية‌ لنظام‌ العالم‌ من‌ المطر، و العناية‌ لم‌ تقصر عن‌ إرسال‌ السماء مدراراً لحاجة‌ الخلق‌، فنظام‌ العالم‌ لايستغني‌ عمّن‌ يعرّفهم‌ صلاح‌ الدنيا و الآخرة‌، نعم‌ من‌ لم‌ يهمل‌ إنبات‌ الشعر علی الحاجبين‌ للزينة‌ لا للضرورة‌، كيف‌ يهمل‌ من‌ وجوده‌ رحمة‌ للعالمين‌، و إقامته‌ علماً يهتدي‌ به‌ لسلوك‌ صراطه‌ المستقيم‌.

 فانظر إلی عنايته‌ و لطفه‌ تعالي‌ كيف‌ أعدّ لخلقه‌ بإيجاد ذلك‌ الشخص‌ مع‌ النفع‌ العاجل‌ و السلامة‌ في‌ العقبي‌ و الخير الآجل‌، فهذا هو خليفة‌ الله‌ في‌ أرضه‌، و هو الإمام‌ الذي‌ نصبه‌ علماً لعباده‌ و مناراً في‌ بلاده‌.

 فإن‌ قلت‌: هذا البيان‌ إنـّما يوجب‌ بعثة‌ النبيّ، الذي‌ هو الشارع‌ المبيّن‌ للشريعة‌ لا مطلق‌ الإمام‌. قلت‌: كما احتاج‌ المكلّفون‌ إلی نبيّ يستفيد الشريعة‌ و الحكمة‌ من‌ الوحي‌، فكذلك‌ يحتاجون‌ إلی حافظ‌ لما بلّغة‌ النبيّ الاُمّة‌ إلی الاُمّة‌ بعد فوته‌، إذ لايمكنهم‌ حفظ‌ جميع‌ أحكامه‌، و الكتاب‌ لايفي‌ بعد النبيّ بمعرفة‌ الاحكام‌ علی وجه‌ يرفع‌ الاحتياج‌ إلی الإمام‌، فإنّ فيه‌ مجملاً و مفصّلاً، و محكماً و متشابهاً، و خاصّاً و عامّاً، و ناسخاً ومنسوخاً، و علوماً باطنه‌، و دقائق‌ غامضة‌ من‌ الاحكام‌ و غيرها ممّا لايتيسّر الإحاطة‌ به‌ إلاّ لنبيّ بطريق‌ الوحي‌، أو وصيّ ذي‌ أُذُن‌ واعية‌ يعي‌ كلّ ما يسمعة‌ من‌ النبيّ، فيحفظه‌ علی وجهه‌، و الاجتهاد ممنوع‌.

 و إن‌ قلنا بصحّته‌، فإنـّما هي‌ عند الضرورة‌ و هي‌ منفية‌ من‌ جانبه‌، فلابدّ لتلك‌ الاُمور من‌ حافظ‌ عالم‌ بها علی وجهها و لايتيسّر ـ كما عرفت‌ ـ إلاّ لذي‌ نفس‌ قدسيّة‌ و حدس‌ عال‌، و بصيرة‌ منيرة‌ مصقولة‌ من‌ دنس‌ الجهل‌ و صدأ الصفات‌ الذميمة‌ لتنطبع‌ فيها العلوم‌ الإلهيّة‌، و تظهر فيها الاسرار الغيبيّة‌.

 و لذلك‌ قال‌ بعض‌ أهل‌ العرفان‌: إنّ النبوّة‌ و الرسالة‌ من‌ حيث‌ ماهيّتهما و حكمهما ما انقطعتا و ما نسختا، و إنـّما انقطع‌ مسمّي‌ النبيّ والرسول‌، و انقطع‌ نزول‌ المَلَك‌ حامل‌ الوحي‌ علی نهج‌ التمثّل‌. و علی هذا وردت‌ الاخبار عن‌ الائمّة‌ الاطهار عليهم‌ السلام‌ في‌ الفرق‌ بين‌ الرسول‌؛ والنبيّ، والمحدَّث‌.

 إنّ الرسول‌: من‌ يظهر له‌ الملك‌ فيكلّمه‌.

 و النبيّ: هو الذي‌ يري‌ في‌ منامه‌، و ربّما اجتمعت‌ النبوّة‌ و الرسالة‌ لواحد.

 و المحدّث‌: الذي‌ يسمع‌ الصوت‌ و لايري‌ الصورة‌.

 و اشتهر الخبر عن‌ النبيّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: إنّ في‌ أُمَّتي‌ مُحَدَّثينَ مُكَلَّمِينَ. و قال‌ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أيضاً: إنَّ للَهِ عِبَاداً لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ يَغبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ. و أمّا النقل‌: فهو مستفيض‌ من‌ طرق‌ العامّة‌ و الخاصّة‌ـ [5] إلی آخر ما ذكره‌ من‌ الروايات‌.

 الرجوع الي الفهرس

فی معنی هدایة الإمام

 ولايخفي‌ علی الناقد البصير والمؤمن‌ الخبير أنّ كثيراً من‌ المتكلّمين‌ أقاموا هذا اللون‌ من‌ الاستدلال‌ علی لزوم‌ الإمام‌، المبني‌ علی صيانة‌ المجتمع‌ و الحضارة‌ الإنسانيّة‌، و رعاية‌ الحقوق‌، و عدم‌ الاعتداء علی الآخرين‌، و نشوء المدينة‌ الفاضلة‌ علی أساس‌ تعاون‌ البقاء لاتنازعة‌. و أرادوا من‌ وراء هذا البرهان‌ و أمثاله‌ أن‌ يثبتوا مسألة‌ لزوم‌ الحاجة‌ إلی وجود الإمام‌، بَيدَ أنّ مقام‌ الإمام‌ أرفع‌ من‌ هذه‌ المهمّة‌، و واجبه‌ أكثر قيمة‌ منها.

 و يلاحظ‌ في‌ الروايات‌ المأثورة‌ عندنا مواضيع‌ عجيبة‌ حول‌ شخصيّة‌ الإمام‌: نحو تعلّق‌ حياة‌ البشريّة‌ به‌، ولولا وجوده‌ لساخت‌ الارض‌ بأهلها، وأنـّه‌ حبل‌ الله‌، و الاسم‌ الاعظم‌، و آية‌ الحقّ الكبري‌، و قوام‌ العوالم‌، والقيّم‌ علی الخلق‌، و قوام‌ حياة‌ القلوب‌ و طمأنينتها و لذلك‌ لو قال‌ أحد في‌ مقابل‌ البرهان‌ المشار إليه‌ إنـّه‌ لو طبّق‌ الحكماء الخبراء و العقلاء في‌ كلّ شعب‌ قانون‌ العدالة‌ علی ذلك‌ الشعب‌ وفقاً لآرائهم‌ و أساليبهم‌، و مرّنوا الاشخاص‌ علی اتّباع‌ ذلك‌ القانون‌ من‌ خلال‌ القيام‌ بتعليمهم‌ و تربيتهم‌ تربية‌ صحيحة‌، و باشروا تلقين‌ الاطفال‌ منذ طفولتهم‌ بالابتعاد عن‌ الكذب‌ والسرقة‌ و كلّ ضرب‌ من‌ ضروب‌ الخيانة‌ و الجريمة‌ كما يشاهد ذلك‌ في‌ بعض‌ البلدان‌ البعيدة‌ عن‌ معرفة‌ الله‌ التي‌ طالما تحافظ‌ علی النظم‌ و الآداب‌، فما هي‌ حاجتنا إلی الإمام‌ إذاً؟ و لو كانت‌ الفائدة‌ من‌ وجود الإمام‌ تكمن‌ في‌ المحافظة‌ علی الناس‌ من‌ الاعتداءات‌ و الانتهاكات‌، فإنـّها يمكن‌ أن‌ تتحقّق‌ بدون‌ وجوده‌ أيضاً، و قد دلّت‌ التجربة‌ علی ذلك‌. إنّ هذا اللون‌ من‌ الاستدلال‌ هنا لا يجد له‌ أرضيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الإمام من أجل ربط القلوب بالله تعالی

 بَيدَ أنّ مقام‌ الإمام‌ كما ذكرنا لاينحصر في‌ المحافظة‌ علی العدالة‌ والتوازن‌ في‌ الحقوق‌، بل‌ إنّ الإمام‌ هو حلقة‌ الوصل‌ بين‌ الخلق‌ و الخالق‌. ولمّا كان‌ الإنسان‌ قد انغمس‌ في‌ عالم‌ الماديّات‌ و نأي‌ عن‌ نسيم‌ عالم‌ القدس‌، و حرم‌ من‌ النفحات‌ الربّانيّة‌ و الاشعاعات‌ الملكوتيّة‌، وجد نفسه‌ قلقة‌ مضطربة‌، و هو سيّد هذا المقام‌ سواء كان‌ متحضّراً أو لم‌ يكن‌، و سواء عاش‌ في‌ المجتمع‌ أم‌ لم‌ يعش‌.

 و لذلك‌ لو فرضنا أنّ إنساناً يعيش‌ وحده‌ في‌ جزيرة‌ خضراء مستمتعاً بجميع‌ المواهب‌ الماديّة‌، متحرّراً من‌ كلّ علاقة‌ بأحد، نحو: علاقة‌ الزوجة‌ و الابن‌، و الاب‌ و الاُمّ، و الاُُخت‌ و الاخ‌، و الشريك‌ و الجار، و الحاكم‌ والمحكوم‌، والرئيس‌ و المرؤوس‌، فإنـّه‌ لايخلو من‌ هذا القلق‌ و الاضطراب‌ فهو معذّب‌ بالذكريات‌ المشوّشة‌، و كلّما تذكّر نقاط‌ ضعفه‌ فإنـّه‌ يقع‌ فريسة‌ للاضطراب‌ و التخبّط‌، فالنأي‌ عن‌ حريم‌ الله‌ و أمانه‌ حيث‌ ملاذه‌ الحقيقيّ ينغّص‌ عليه‌ جميع‌ النعم‌ التي‌ يرفل‌ بها في‌ تلك‌ الجزيرة‌ الخضراء، و تلوح‌ له‌ المناظر الجميلة‌ الخلاّبة‌ و كأنـّها هياكل‌ من‌ الغول‌ و الجنّ و الشيطان‌. والإنسان‌ لايشعر بالسكينة‌ والهدوّ ما لم‌ يرتبط‌ بالله‌. فسكينته‌ فقط‌ و فقط‌ بأُنسه‌ مع‌ الله‌، و قد قال‌ جلّ من‌ قائل‌: أَلاَ بِذِكْرِ اللَهِ تَطْمَنءِـنُّ الْقُلُوبُ. [6]

 و لا تستقرّ السكينة‌ و ذكر الله‌ و الهدوء في‌ القلب‌ إلاّ بتعليم‌ يمارسه‌ مربٍّ كامل‌ قد اجتاز طرق‌ الآخرة‌ جميعها و لسانه‌ ناطق‌ معبّر بقوله‌: سَلُونِي‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي‌. فهو قمين‌ للقيادة‌ لا من‌ فقد تلك‌ الصفة‌. و ينبغي‌ للإنسان‌ إمّا أن‌ يبلغ‌ هذه‌ المرحلة‌ أو يخضع‌ لتربية‌ و تعليم‌ إنسان‌ ناضج‌ واع‌، والاوّل‌ هو الإمام‌، و الثاني‌ هو المأموم‌، و ليس‌ هناك‌ فرض‌ ثالث‌. و جاء في‌ القرآن‌ الكريم‌ علی لسان‌ أهل‌ جهنّم‌ عندما يخاطبون‌ خزنتها قوله‌: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي‌´ أَصْحَـ'بِ السَّعيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لاِصْحَـ'بِ السَّعِيرِ. [7] و يستفاد من‌ هذه‌ الآية‌ أنّ ذنب‌ أصحاب‌ السعير و هم‌ أهل‌ جهنّم‌، هو الغطرسة‌ و العمل‌ بآرائهم‌ الشخصيّة‌، و عدم‌ الخضوع‌ لتربية‌ الإمام‌ مهما خيّل‌ إليهم‌ أنـّهم‌ من‌ أصحاب‌ الافكار السامية‌ المحمودة‌، إِلاّ أنّ هذا لا يكفي‌، فالإنسان‌ إمّا أن‌ يصل‌ إلی مقام‌ العقل‌ المستقلّ دون‌ الحاجة‌ إلی الاسباب‌ الخارجيّة‌، أو يكون‌ سامعاً طيّعاً لمثل‌ هذا العقل‌، و إِلاّ فإنّ مأواه‌، جهنّم‌ النفس‌ الامّارة‌ و الآراء الباطلة‌ و الخواطر الشيطانيّة‌، وستتجسّد هذه‌ الاشياء في‌ العوالم‌ الاُخري‌ علی صورة‌ نيران‌ متّقدة‌.

 الرجوع الي الفهرس

تقسیم الناس إلی ثلاثة أقسام

 و نجد القرآن‌ في‌ مكان‌ آخر يقسّم‌ الناس‌ إلی ثلاثة‌ أقسام‌: وَ كُنتُمْ أَزْوَ ' جًا ثَلَـ'ثَةً. فَاَصْحَـ'بُ الْمَيْمَنَةِ مَآ اَصْحَـ'بُ الْمَيْمَنَةِ. وَ اَصْحَ'بُ الْمَشْئَمَةِ مَآ اَصْحَـ'بُ الْمَشْئَمَةِ. وَالسَّـ'بِقُونَ السَّـ'بِقُونَ * أُولَـ'ئِكَ الْمقُرَّبُونَ. يقول‌ في‌ آخر السورة‌: فَأَمَّآ إن‌ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبينَ * فَرَوْحٌ وَ رَيْحَانٌ وَ جَنَّتُ نَعِيمٍ * وَ أَمَّآ إن‌ كَانَ مِنْ اَصْحَـ'بِ الْيَمِينِ * فَسَلـ'مٌ لَكَ مِنْ اَصْحَـ'بِ الْيَمِينِ * وَ أَمَّآ إن‌ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّـآلِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ.[8] إنّ المقرّبين‌ هنا هم‌ الائمّة‌ الاطهار عليهم‌ السلام‌ خاصّة‌، و من‌ بلغ‌ غايته‌ المنشودة‌ في‌ ظلّ تعليمهم‌ و توجيهيم‌، و قرّ قراره‌ في‌ حرم‌ الله‌، و تشرّف‌ بخطابه‌ تعالي‌: يَـ'´أَيـَّتُهَا الْنَّفْسُ الْمُطْمَنءِنَّةُ * ارْجِعِي‌´ إِلَي‌' رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً. [9] و أمّا أصحاب‌ اليمين‌ فهم‌ السائرون‌ علی طريق‌ الشريعة‌ باتّباع‌ الإمام‌، بيد أنـّهم‌ لم‌ يبلغوا الغاية‌ المنشودة‌، و لم‌ يتيسّر لهم‌ مقام‌ القرب‌. و أمّا أصحاب‌ المشئمة‌ المعبّر عنهم‌ قرآنيّاً بالمكذّبين‌ الضالين‌ فهم‌ المتغطرسون‌ المتعجرفون‌ المعاندون‌ الذين‌ نفخوا أنفسهم‌ بآرائهم‌ و أفكارهم‌ و نأوا بجانبهم‌ معرضين‌ عن‌ الإمام‌. و هذه‌ حقيقة‌ بيّنها أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ ـ لكميل‌ بن‌ زياد النخعيّ:

 قَالَ كُمَيْلُ بْنُ زِيادٍ: أَخَذَ بِيَدي‌ أَميرُالْمُؤمِنِينَ علی بْنُ أبي‌ طَالِبٍ عَلَيهِ السَّلاَمُ فَأخْرَجَني‌ إلی الْجَبّانِ فَلَمّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الْصُّعَداءَ ثُمَّ قَالَ: يَا كُمَيْلُ إنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوَعَاهَا، فَاحْفَظْ عَنِّي‌ مَا أَقُولُ لَكَ: النَّاسُ ثَلاثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبّانِيّ، وَ مُتَعَلِّمٌ علی سَبيلِ نَجَاةٍ، وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، يَميلُونَ مَع‌ كُلِّ رِيحٍ، لَمْ يَسْتَضيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَ لَمْ يَلْجَأُوا إلی رُكْنٍ وَثِيقٍ.[10]

 يلاحظ‌ هنا أنّ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ حصر الناس‌ في‌ ثلاثة‌. الاوّل‌: العالم‌ الربّانيّ و هو الإمام‌ أو المتربّي‌ علی يده‌، الذي‌ تألّقت‌ في‌ قلبه‌ الانوار الملكوتيّة‌، و اجتاز هوي‌ النفس‌ بالمرّة‌، و أخضع‌ شيطانه‌ و طوّعه‌ له‌، خبير بأسرار الكون‌، ضميره‌ متنوّر و قلبه‌ متيقّظ‌، و هو حيّ بحياة‌ الحقّ و مربٍّ للبشريّة‌، الثاني‌: الذي‌ اهتدي‌ بهدي‌ العالِم‌ الربّانيّ و وطأت‌ قدمه‌ طريق‌ السلوك‌ مستضيئاً بنوره‌، و متحرّكاً بهمّته‌. الثالث‌: بقيّة‌ الناس‌ من‌ الداني‌ والعالي‌ الذين‌ سقطوا كلّهم‌ في‌ مهابط‌ الهلاك‌ بسبب‌ اتّباع‌ هوي‌ النفس‌ فأصبحوا في‌ عداد الحيوانات‌ المحكومة‌ باللذائذ الحسيّة‌ محرومين‌ من‌ إدراك‌ عوالم‌ القرب‌ أو همّة‌ العروج‌ إلی تلك‌ المراقي‌ و المعارج‌.

 الرجوع الي الفهرس

لاتخلو الأرض من حجة لله أبداً

 إنّ الثمرة‌ التي‌ نقتطفها من‌ هذا الموضوع‌ هي‌ أنّ مهمّة‌ الإمام‌ ربط‌ قلوب‌ الناس‌ بالله‌، و إعانتهم‌ بإيصالهم‌ إلی المقامات‌ العالية‌ للقرب‌ واللقاء. و طبيعيّاً فإنّ تدبير شؤون‌ المجتمع‌ أيضاً من‌ مقدّمات‌ الوصول‌ إلی هذه‌ المرحلة‌، و ليس‌ غاية‌ من‌ الإيجاد و هدفاً من‌ التكوين‌، و لذلك‌ جاء في‌ الروايات‌ الواردة‌ أنـّه‌ لو لم‌ يكن‌ في‌ الدنيا غير شخصين‌ اثنين‌ فلابدّ أن‌ يكون‌ أحدهما إماماً.

 فقد روي‌ ثقة‌ الإسلام‌ الكلينيّ بسنده‌ عن‌ ابن‌ الطيّار أنـّه‌ قَالَ: سَمِعْتُ أبا عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ يقول‌: لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي‌ الارْضِ إِلاَّ اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ. [11]

 و روي‌ أيضاً بسندين‌ آخرين‌ أحدهما عن‌ حمزة‌ الطيّار، و الآخر عن‌ محمّد بن‌ عيسي‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنـّه‌ قال‌: لَوْ بَقِي‌ اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ علی صَاحِبِهِ. [12]

 و كذلك‌ روي‌ بسنده‌ عن‌ كرّام‌ أنـّه‌ قال‌: قال‌ أبو عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ لَوْ كَانَ النَّاسُ رَجُلَيْنِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الإمام‌؛ وَ قَالَ: إِنَّ آخِرَ مَنْ يَمُوتُ الإمام لِئَلاّ يَحْتَجَّ أَحَدٌ علی اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنـَّهُ تَرَكَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ لِلهِ عَلَيْهِ. [13]

 و روي‌ أيضاً عن‌ يونس‌ بن‌ يعقوب‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنـّه‌ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي‌ الارضِ إِلاَّ اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ. [14]

 النقطة‌ الثالثة‌: وردت‌ روايات‌ تحوم‌ حول‌ مفاد قول‌ النبيّ ـ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌: لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنهُمْ. فقد روي‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ بسنده‌ عن‌ الحسين‌ بن‌ أبي‌ العلاء، أنـّه‌ قال‌: قلت‌ لابي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌: تَكُونُ الاَرْضُ لَيْسَ فِيهَا الإمام‌؟ قَالَ: لاَ. قُلْتُ: يكونُ إمامان‌؟ قال‌: لاَ، إِلاّ وَ أَحَدُهُمَا صَامِتٌ.[15]

 و روي‌ بسنده‌ أيضاً عن‌ إسحاق‌ بن‌ عمّار، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إنَّ الاَرْضَ لاَ تَخْلُو إِلاّ وَ فِيهَا إمامٌ كَيْمَا إنْ زَادَ الْمُؤمِنوُنَ شَيئاً رَدَّهُمْ، وَ إنْ نَقَصُوا شَيئاً أَتِمَّةُ لَهُمْ. [16]

 وروي‌ بسنده‌ أيضاً عن‌ عبدالله‌ بن‌ سليمان‌ العامري‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنـّه‌ قال‌: مَا زالَتِ الاَرْضُ إِلاَّ وَ لِلهِ فِيهَا الْحُجَّةُ، يُعَرِّفُ الْحَلاَل‌ و الْحَرَامَ وَ يَدْعُو النَّاسَ إلی سَبيلِ اللَهِ. [17]

 و روي‌ بسنده‌ أيضاً عن‌ ابن‌ مسكان‌، عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ أحدهما عليهما السلام‌ قال‌: قال‌: إنَّ اللَهَ لَمْ يَدَعِ الاَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ. [18]

 و روي‌ بسنده‌ أيضاً عن‌ علی بن‌ أبي‌ حمزة‌، عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنـّه‌ قال‌: إنَّ الله‌ أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ الاَرْضَ بِغَيْرِ إمامٍ عَادِلٍ. [19]

 النقطة‌ الرابعة‌: حول‌ قوله‌: صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌: وَ لَوْ خَلَتْ لاَنساخَتَ بِأهْلِهَا. روي‌ ثقة‌ الإسلام‌ الكلينيّ بسنده‌ عن‌ علی بن‌ راشد، عن‌ أبي‌ الحسن‌ (يعني‌ علی بن‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليهم‌ السّلام‌) قَالَ: قُلْتُ لاِبي‌عبدالله‌ عليه‌ السلام‌: أَتَبْقَي‌ الاَرْضُ بِغَيْرِ إمامٍ؟ قال‌: لَوْ بَقِيَتِ الارْضُ بِغَيْرِ إمامٍ لَساخَتْ.[20]

 و كذلك‌ روي‌ بسنده‌ عن‌ محمّد بن‌ فضيل‌، عن‌ الإمام‌ الرضا عليه‌السلام‌ قال‌: قلت‌ له‌: أَتَبْقَي‌ الاَرْضُ بِغيْرِ إمامٍ؟ قالَ: لاَ. قُلْتُ: إنّا نُروي‌ عَنْ أبي‌ عَبداللَهِ عَلَيهِ السَّلاَمُ أَنـَّهَا لاَ تَبْقَي‌ بغَيرِ إمامٍ إِلاّ أَن‌ يَسْخَطَ اللَهُ تَعَالَي‌ علی أَهْلِ الاَرْضِ أَوْ علی الْعِبَادِ: فَقَالَ: لاَ، لاَ تَبْقَي‌، إذَاً لَسَاخَتْ. [21]

 و أيضاً روي‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ هراسة‌، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ قَالَ: لَوْ أَنَّ الإمام رُفِعَ مِنَ الاَرْضِ سَاعَةً لَماجَتْ بِأَهْلِهَا كَما يَمُوجُ الْبَحْرُ بِأَهْلِهِ. [22]

 و كذلك‌ روي‌ بسنده‌ عن‌ المعلّي‌ بن‌ محمّد عن‌ الوشّاء، قَالَ: سَأَلْتُ أبا الحسن‌ الرضا عليه‌ السلام‌ هل‌ تبقي‌ الارض‌ بغير إمام‌؟ قال‌: لاَ. قلتُ: إنّا نُروي‌ أنـّها لاتبقي‌ إلاّ أن‌ يسخط‌ الله‌ عزّ وجلّ علی العباد؟ قال‌: لاَ تَبقي‌ إذاً لَساخَتْ [23].

 النقطة‌ الخامسة‌: قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌ ـ: وَ أَنـَّكَ لاَ تُخْلِي‌ الاَرْضَ مِنْ حُجَّةٍ لَكَ علی خَلْقِكَ ظَاهِرٍ لَيْسَ بِالْمُطَاعِ أَوْ خَائِفٍ مَغْمُورٍ. إلی أَن‌ يُقول‌: أُولَئِكَ الاَقَلُّونَ عَدَداً الاَعْظَمُونَ قَدْراً عِنْدَ اللهِ.

 الرجوع الي الفهرس

کلام أمیر المؤمنین علیه السّلام لکمیل بن زیاد حول الحجج الإلهیة

 يقول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ ذيل‌ ذلك‌ الكلام‌ الذي‌ قاله‌ لكميل‌ عند خروجهما إلی المقبرة‌ في‌ الصحراء بعد أن‌ بيّن‌ له‌ الاقسام‌ الاربعة‌ من‌ العلماء الذين‌ هم‌ طلاّب‌ الدنيا و ضعفاء الرأي‌ و بعد أن‌ تمنّي‌ أنـّه‌ لو يجد أحداً يعلمّه‌ العلوم‌ المودعة‌ في‌ صدره‌، و ذكر أنّ الدنيا خلت‌ من‌ العلم‌: اللَهُمَّ بَلَي‌ لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلله‌ بِحُجَّةٍ إمّا ظَاهِراً مَشْهُوراً أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً لِئلاّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَ بَيِّنَاتُهُ، وَ كَمْ ذَا؟ وَ أَيْنَ أُولَئِكَ؟ أُولَئِكَ وَاللهِ الاَقَلُّونَ عَدَداً وَ الاَعْظَمُونَ قَدْراً. يَحْفَظُ اللهُ بِهِمُ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ حَتّي‌ يُودِعُوها نُظَراءَهُمْ وَ يَزْرَعُوهَا فِي‌ قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ. هَجَمَ بِهِمْ الْعِلْمُ علی حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَ بَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرِفُونَ، وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَّةٌ بِالْمَحَلِّ الاَعْلَي‌. أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي‌ أَرْضِهِ وَالدُّعَاةُ إلی دِينِهِ. آه‌ آه‌ شَوْقَاً إلی رُؤيَتِهِمْ؛ انْصَرِفْ إذَا شِئتَ.[24]

 و روي‌ الكلينيّ بسنده‌ عن‌ أبي‌ إسحاق‌، عن‌ شخص‌ يوثّقه‌ من‌ أصحاب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: قال‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: اللَهُمَّ إنـَّكَ لاَ تُخْلِي‌ أَرْضَكَ مِنْ حُجَّةٍ لَكَ علی خَلْقِكَ. [25]

 و كذلك‌ روي‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثماليّ، عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌ السلام‌ قال‌: قال‌: وَاللَهِ مَا تَرَكَ اللهُ أَرْضَاً مُنْذُ قَبَضَ آدَمَ عليه‌ السلام‌ إِلاّ وَ فِيهَا إمَامٌ يُهْتَدَي‌ بِهِ إلی اللَهِ وَ هُوَ حُجَّتُهُ علی عِبَادِهِ وَ لاَ تَبْقَي‌ الاَرْضُ بِغَيْرِ إمامٍ حُجَّةٍ لِلهِ علی عِبَادِهِ.[26]

 و نقل‌ أيضاً أربع‌ روايات‌ بأسناد مختلفة‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌، و الإمام‌ الكاظم‌، والإمام‌ الرضا عليهم‌ السلام‌ تقول‌ بأنّ حجّة‌ الله‌ علی العباد لاتتمّ بغير الإمام‌. [27]

 يقول‌ المرحوم‌ السيّد علی خان‌ في‌ «شرح‌ الصحيفة‌» حول‌ الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ طرق‌ العامّة‌ بشأن‌ لزوم‌ الإمام‌: أمّا من‌ طرق‌ العامّة‌ فمنه‌ الحديث‌ المشهور المتّفق‌ علی روايته‌ عن‌ النبيّ: مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً. و أخرج‌ الحاكم‌ بهذا المضمون‌ و صحّحه‌ عن‌ إبن‌ عمر، عن‌ رسول‌ الله‌ ـ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ إمامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً. و أخرج‌ ابن‌ مردويه‌ عن‌ علی عليه‌ السلام‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ ـ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ قول‌ الله‌ تعالي‌: «يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ» قال‌: يُدعي‌ كُلُّ قَوْمٍ بِإمامِ زَمانِهِمْ وَ كِتابِ رَبِّهِمْ وَ سُنَّةَ نَبِيِّهِمْ. وأخرج‌ ابن‌ عساكر عن‌ خالد بن‌ صفوان‌ أنـّه‌ قال‌: لَمْ تَخْلُ الاَرضُ مِنْ قَائِمٍ لِلهِ بِحُجَّتِهِ فِي‌ عِبَادِهِ ـ انتهي‌.

 الرجوع الي الفهرس

الإشارة إلی ظهور قائم آل محمد علیهم السّلام

 النقطة‌ السادسة‌: أشار الرسول‌ الاعظم‌ في‌ هذا الحديث‌ إلی ظهور قائم‌ آل‌ محمّد، الحجّة‌ بن‌ الحسن‌ العسكري‌ عجّل‌ الله‌ تعالي‌ فرجه‌ الشريف‌ فقال‌: وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الدُّنْيَا إِلاّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ـ عَزَّوَجَلَّ ـ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتّي‌ يَخْرُجُ قَائِمُنَا فَيَمْلاَ الارْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمَاً وَ جَوراً. و هذه‌ المسألة‌ لاتخصّ مذهب‌ الشيعة‌ بل‌ هي‌ مسألة‌ عامّة‌ و من‌ الاُصول‌ الإسلاميّة‌ المقطوع‌ بها. و وفقاً لمفاد هذا الحديث‌، فقد وردت‌ أحاديث‌ كثيرة‌ عن‌ كبار علماء العامّة‌ بأسنادهم‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ حول‌ ظهور الإمام‌ المهدي‌ أرواحنا فداه‌ و سنتعرّض‌ لها بالتفصيل‌ في‌ بحوثنا القادمة‌، إن‌ شاء الله‌.

 و من‌ أحاديث‌ القسم‌ الثاني‌ من‌ الطبقة‌ الثامنة‌ في‌ تفسير الآية‌: إِنـَّمَ آ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ. حديث‌ رواه‌ الشيخ‌ الصدوق‌ بسنده‌ عن‌ موسي‌ بن‌ مسلم‌، عن‌ مسعدة‌، قال‌: كنت‌ عند الصادق‌ عليه‌ السلام‌ إذ أتاه‌ شيخ‌ كبير قد انحني‌ متّكئاً علی عصاه‌، فسلّم‌، فردّ عليه‌ أبو عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ الجواب‌. ثمّ قال‌: يابن‌ رسول‌ الله‌، ناولني‌ يدك‌ لاقبّلها، فأعطاه‌ يده‌ فقبّلها ثمّ بكي‌، ثمّ قال‌ له‌ أبو عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ ما يبكيك‌ يا شيخ‌؟ فقال‌: جعلت‌ فداك‌، أقمتُ علی قائمكم‌ منذ مائة‌ سنة‌، أقول‌: هذا الشهر، و هذه‌ السنة‌، و قد كبر سنّي‌ ورقّ جلدي‌ و دقّ عظمي‌ واقترب‌ أجلي‌ و لا أري‌ فيكم‌ ما أُحبّ. أراكم‌ مقتولين‌ مشرّدين‌، و أري‌ أعداءكم‌ يطيرون‌، و كيف‌ لا أبكي‌؟

 فدمعت‌ عينا أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ ثمّ قال‌: يا شيخ‌، إن‌ أبقاك‌ الله‌ حتّي‌ تري‌ قائمنا، كنت‌ في‌ السنام‌ الاعلي‌. و إن‌ حلّت‌ بك‌ المنيّة‌، جئت‌ يوم‌ القيامة‌ مع‌ ثَقَل‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ و نحن‌ ثَقَله‌. [28] فقال‌ ] محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ [: إنِّي‌ مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللهِ وَ عِتْرَتي‌ أَهْلَ بَيتي‌. فقال‌ الشيخ‌: لا أُبالي‌ بعدما سمعتُ هذا الخبر.

 ثمّ قال‌: يا شيخ‌، اعلم‌ أنّ قائمنا يخرج‌ من‌ صُلب‌ الحسن‌ العسكري‌، و الحسن‌ يخرج‌ من‌ صلب‌ علی، و علی يخرج‌ من‌ صلب‌ محمّد، و محمّد يخرج‌ من‌ صلب‌ علی، و علی يخرج‌ من‌ صلب‌ موسي‌ ابني‌ هذا، و أشار إلی ابنه‌ موسي‌، و هذا خرج‌ من‌ صلبي‌. نحن‌ اثنا عشر كلّنا معصومون‌ مطهّرون‌. فقال‌ الشيخ‌: يا سيّدي‌، بعضكم‌ أفضل‌ من‌ بعض‌؟ فقال‌: لا، نحن‌ في‌ الفضل‌ سواء، ولكن‌ بعضنا أعلم‌ من‌ بعض‌. ثمّ قال‌: يَا شَيْخُ وَاللَهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتّي‌ يَخْرُجُ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ إِلاّ أَنَّ الشِّيْعَةَ يَقَعُونَ فِي‌ فِتْنَةٍ وَ حَيْرَةٍ فِي‌ غَيْبَتِهِ. هُنَاكَ يُثَبِّتُ اللَهُ علی هَذَا الْمُخْلَصِينَ. اللَهُمَّ أَعِنْهُمْ علی ذَلِكَ. [29]

 وروي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ أيضاً بإسناده‌ عن‌ عبدالغفّار بن‌ القاسم‌ أبي‌ مريم‌، عن‌ أبي‌ هريرة‌، قال‌: دخلت‌ علی رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ و قد نزلت‌ هذه‌ الآية‌: «إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ».فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ قَالَ: أَنَا الْمُنْذِرُ، أَتَعْرِفُونَ الْهَادِي‌؟ قُلْنَا: لاَ، يَا رسُولُ اللهِ. قَالَ: هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ، فَطُوِّلَتِ الاَعْنَاقُ إذْ خَرَجَ عَلَيْنَا علی عَلَيهِ السَّلاَمُ مِنْ بَعْضِ الْحُجَرِ وَ بِيَدِهِ نَعْلُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْنَا: أَلاَ إنَّ هذ الْمُبَلِّغُ عَنِّي‌ وَالإمام بَعْدِي‌ وَ زَوْجُ ابْنَتي‌ وَ أَبُو سِبْطَيَّ فَفَخْراً. نَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ أَذْهَبَ اللَهُ عَنَّا الرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً مِنَ الدَّنَسِ، تُقَاتِلُ بَعْدِي‌ علی التَّأوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ علی التَّنْزِيلِ، هُوَ الإمام أَبُو الاَئِمَّةِ الزُّهُّدِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَهِ كَمِ الاَئِمَّةُ بَعْدَكَ؟ قَالَ: اثْنَا عَشَرَ، عَدَدَ نُقَباءِ بَنِي‌ إسْرَائِيلَ، وَ مِنّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُمَّةِ يَمْلاَ اللَهُ الاَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً كَما مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً، لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْهُمْ إِلاّ سَاخَتْ بِأَهْلِهَا. [30]

 الرجوع الي الفهرس

بیان العلامة المجلسی فی الروایات المفسّرة للآیة «إنّما أنت منذر و...»

 قال‌ العلاّمة‌ المجلسيّ موضّحاً القصد من‌ الروايات‌ الواردة‌ في‌ تفسير الآية‌ «إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» و ذلك‌ بعد نقله‌ روايات‌ كثيرة‌ في‌ هذا المجال‌: قال‌ السيّد ] ابن‌ طاووس‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ [ في‌ كتاب‌ «سعد السُّعود»: إنـّه‌ روي‌ الشيخ‌ محمّد بن‌ عبّاس‌ بن‌ مروان‌ في‌ تفسير كون‌ الهادي‌ عليّاً في‌ قوله‌ تعالي‌: «و لكلّ قوم‌ هاد» بخمسين‌ طريقاً. ثمّ قال‌ المجلسيّ بعد شيّ من‌ شرح‌ هذه‌ الآية‌: ] الإحتمال‌ [ الثالث‌ ] هو أنّ [ المنذر النبيّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ و الهادي‌ علی. قال‌ ابن‌ عبّاس‌: وضع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يده‌ علی صدره‌. فقال‌: أَنَا الْمُنْذرُ. و أومأ إلی منكب‌ علی و قال‌: أنْتَ الْهَادي‌، يَا علی بِكَ يَهْتَدِي‌ الْمُهْتَدُونَ بَعْدِي‌. وَ لا يخفي‌ دلالة‌ الآية‌ بعد ورود تلك‌ الاخبار علی أنـّه‌ لا يخلو كلّ زمانٍ من‌ إمام‌ هادٍ.

 إنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ هو الهادي‌ و الخليفة‌ و الإمام‌ بعد النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لا غير بوجوه‌ شتّي‌:

 الاوّل‌: مقابلته‌ للنبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بأنـّه‌ منذر، و علی هاد. و لا يريب‌ عاقل‌ عارف‌ بأساليب‌ الكلام‌ أنّ هذا يدلّ علی كونه‌ قائماً بما كان‌ يقوم‌ به‌، بل‌ و أكثر لانـّه‌ نسب‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ محض‌ الإنذار إلی نفسه‌ و الهداية‌ التي‌ أقوي‌ منه‌ إليه‌ ] أي‌ إلی علی عليه‌ السلام‌ [.

 الثاني‌: الحصر المستفاد من‌ قوله‌: أنْتَ الْهَادي‌: إذ تعريف‌ الخبر باللاّم‌ يدلّ عي‌ الحصر. و كذا في‌ قول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أَنَا الْهَادي‌ إلی مَا جَاءَ بِهِ. وَ كذا في‌ قول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: وَالْهَادِي‌ علی. فإنّ تعريف‌ المبتدأ باللاّم‌ أيضاً يدلّ عليه‌.

 الثالث‌: تقديم‌ الظرف‌ في‌ قول‌ رسول‌ الله‌: بِكَ يَهْتَدِي‌ الْمُهْتَدُونَ الدالّ علی الحصر أيضاً. و كذا أمثاله‌ من‌ الالفاظ‌ السابقة‌. و بهذه‌ الاخبار يظهر أنّ حديث‌ أصْحَابي‌ كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمِ اهْتَدَيْتُمْ من‌ مفترياتهم‌ ] أي‌ العامّة‌ علی رسول‌ الله‌ [، كما اعترف‌ كبارهم‌ بكونه‌ موضوعاً، ] منهم‌ [: شارح‌ «الشفاء» و رواته‌، و كذا ابن‌ حزم‌، و الحافظ‌ زين‌الدين‌ العراقيّ، و سيأتي‌ القول‌ في‌ ذلك‌ إن‌ شاء الله‌ تعالي‌. [31]

 و قد ناقش‌ العلاّمة‌ ميرحامد حسين‌ الهنديّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌الجزء الثاني‌ من‌ المجلّد الثاني‌ عشر من‌ كتابه‌: «عبقات‌ الانوار» هذا الحديث‌ بالتفصيل‌، و برهن‌ علی أنـّه‌ منحول‌ موضوع‌ لاسباب‌ عديدة‌. [32]

 إنّ بحثنا في‌ هذا القسم‌ من‌ الكتاب‌ كان‌ يحوم‌ فقط‌ حول‌ تفسير الآية‌: «إِنـَّمَ آ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» و إثبات‌ إمامة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ ضوئها. و لذلك‌ اكتفينا بالروايات‌ المأثورة‌ في‌ هذا الموضوع‌، و إِلاّ فإنّ الروايات‌ الدالّة‌ علی إمامته‌، بمضامين‌ متنوّعة‌، و التي‌ بيّنها رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ و هي‌ مدّونه‌ في‌ كتب‌ الشيعة‌ و السنّة‌، تفوق‌ الإحصاء. و قد ألمحنا إلی بعضها في‌ تضاعيف‌ هذه‌ البحوث‌، و سنلمّح‌ إليها في‌ بحوثنا القادمة‌.

 يقول‌ شاعر أهل‌ البيت‌ السيّد إسماعيل‌ الحِمْيَريّ:

 هُمَا أَخَوَانِ ذَا هَادٍ إلی ذَا                                   وَ ذَا فِينَا لاِمَّتِهِ نَذِيرُ

 فَأَحْمَدُ مُنْذِرٌ وَ أَخْوُهُ هَادٍ                                 دَلِيلٌ لاَيُضِلُّ وَ لاَ يَحيرُ

 كَسَابِقِ حَلْبَةٍ وَ لَهُ مَظَلٌّ                         أَمَامَ الْخَيْلِ حَيْثُ يَرَي‌ الْبَصِيرُ [33]

 و يقول‌ أيضاً:

 يَا أَحْمَدُ الْخَيْرُ الَّذِي‌ إِنـَّمَا                         كَانَ عَلَيْنَا رَحْمَةً تُنْشَرُ

 حَمْزَةُ وَالطَّيَّارُ فِي‌ جَنَّةٍ                          فَحَيْثُ مَا شَاءَ دَعَا جَعْفَرُ

 مِنْهُمْ وَ هَادِينَا الَّذِي‌ نَحْنُ مِنْ                  بَعْدِ عَمَانَا فِيهِ نَسْتَبْصِرُ

 لَمّا دَجَا الدّينُ وَ رَقَّ الْهُدي‌                 وَ جَارَ أَهْلُ الاَرْضِ وَاسْتَكْبَرُوا

 ذَاكَ علی بْنُ أَبي‌ طَالِبٍ                 ذَاكَ الَّذِي‌ دَانَتْ لَهُ خَيْبَرُ [34]

 و يقول‌:

 مَنْ كَانَ فِي‌ الدِّينِ نُوراً يُسْتَضَاءُ بِهِ              وَ كَانَ مِنْ جَهْلِهَا بِالْعِلْمِ شَافِيها

 كَانَ النَّبِيُّ بِوَحْي‌ اللَهِ مُنْذِرَهَا                 وَ كَانَ ذَا بَعْدَهُ لاَشَكَّ هَادِيهَا [35]

 الرجوع الي الفهرس

القصیدة اللامیّة لابن أبی الحدید فی المقامات العالیة لأمیرالمؤمنین علی أنّه هو المراد بالهادی

 و يقول‌ ابن‌ أبي‌ الحديد المعتزليّ في‌ القصيدة‌ السابعة‌ من‌ علويّاته‌ السبع‌ متطرّقاً إلی الاوصاف‌ العجيبة‌ و المقامات‌ العالية‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌:

 الصَّبْرُ إِلاّ فِي‌ فِرَاقِكَ يُحْمَلُ                    وَالصَّعْبُ إِلاّ عَنْ مَلاَلِكَ يُسْهَلُ

 يَا ظَالِماً حَكَّمْتُهُ فِي‌ مُهْجَتِي‌                  حَتَّامَ فِي‌ شَرْعِ الْهَوي‌ لاَ تَعْدِلُ

 أَنْفَقْتُ عُمْرِي‌ فِي‌ هَوَاكَ تَكَرُّماً                وَ تَضِنُ بِالنَّزْرِ الْقَلِيلِ وَ تَبْخَلُ

 إِنْ تَرْمِ قَلْبِي‌ تَصْمِ نَفْسَكَ إنـَّهُ                لَكَ مَوْطِنٌ تَأوي‌ إِلَيْهِ وَ مَنْزِلُ

 أَتَظُنُّ أَنـِّي‌ بِالإساءَةِ مُقْلِعٌ                      كَيْفَ الدَّوَاءُ وَ قَدْ أُصِيبَ الْمَقْتَلُ

 أَعْرِض‌ وَ صُدَّ وَجُرْ فَحُبُّكَ ثَابِتٌ                             بِتَنَقُّلِ الاَحْوَالِ لاَ يَتَنَقَّلُ

 وَاللَهِ لاَ أسْلُوكَ حَتَّي‌ أَنْطَوي‌                      تَحْتَ التُّرابِ وَ يَحْتَويني‌ الْجَنْدَلُ

 مَنْ لي‌ بَأَهيَفَ قَدْ أَقَامَ قِيَامَتي‌                           خَدٌّ لَهُ قَانٍ وَ طَرْفٌ أَكْحَلُ

 إلی أن‌ يقول‌:

 وَ لاَهْتِكَنَّ علی الْهَوي‌ سِتْرَ الْحَيَا                        إِنَّ الْفَضِيحَةَ فِي‌ الْمَحَبَّةِ أَجْمَلُ

 يَصْفَرُّ وَجْهِي‌ حِينَ أَنْظُرُ وَجْهَهُ                خَوْفاً فَيُدْرِكُهُ الْحَياءُ وَ يَخْجَلُ

 و حتّي‌ يصل‌ إلی قوله‌:

 لاَ تُنْكِرُوا فَيْضَ الدُّموعِ فَإِنـَّهَا                   نَفْسِي‌ يُصَعِّدُهَا الْغَرَامُ الْمَشْعَلُ

 هِيَ مُهْجَتِي‌ تَحَلَّلُ بِالْبُكَاءِ                      أَسَفاً وَ طَوْراً بِالزَّفيرِ تَحَلَّلُ

 إلی أن‌ يقول‌:

 يَا رَاكِباً تَهْوي‌ بِهِ شَدَنِيَّةٌ[36]                       حَرْفٌ كَمَا تَهْوي‌ حَصَاةٌ مِنْ عَلُ

 هَوْ جَاءُ تَقْطَعُ جَوْزَ تَيَّارِ الْفَلاَ                     حَتِّي‌ تبُوصَ [37] علی يَدَيْهَا الاَرْجُلُ

 عُجْ بِالْغَرِيِّ علی ضَريحٍ حَوْلَهُ                  نَادٍ لاِمْلاَكِ السَّمَاءِ وَ مَحْفِلُ

 فَمُسَبِّحٌ وَ مُقَدِّسٌ وَ مُمَجِدٌ                      وَ مُعَظِّمٌ وَ مُكَبِّرٌ وَ مُهَلِّلُ

 وَالْثِمْ ثَراهُ الْمِسْكَ طيباً وَاسْتَلِمْ                         عيدانَهُ قُبُلاً فَهُنَّ الْمَنْدَلُ

 وانْظُر إلی الدَعَواتِ تَصْعَدُ عِنْدَهُ               وَ جُنُودِ وَحي‌ اللَهِ كَيْفَ تَنَزَّلُ

 وَالنُّورُ يَلْمَعُ وَالنَّواظِرُ شُخَّصٌ                  وَالُّلسْنُ خُرْسٌ وَالْبَصَائِرُ ذُهَّلُ

 وَاغْضُضْ وَ غُضَّ فَثَمَّ سِرٌّ أَعْجَمُ             دَقَّتْ مَعانِيهِ وَ أَمرٌ مُشْكِلُ

 وَ قُلِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَي‌ الْوَري‌                      نَصّاً بِهِ نَطَقَ الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ

 وَ خِلاَفَةً مَا إنْ لَهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ                   مَنْصُوصَةً عَنْ جِيد مَجْدِكَ مَعْدِلُ

 و إلی يقول‌:

 عَجَباً لِهَدي‌ِ الاَرْضِ يُضْمِرُ تُرْبُها                أَطْوَادَ مَجْدِكَ كَيْفَ لاَ تَتَزَلْزَلُ

 عَجَباً لاِمْلاَكِ السَّمَاءِ يَفُوتُهَا                     نَظَراً لِوَجْهِكَ كَيْفَ لاَتَتَهِيَّلُ

 يَا أَيـُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ فَمُهْتَدٍ                      فِي‌ حُبِّهِ وَ غُواةُ قَوْمٍ جُهَّلُ

 يَا أَيُّهَا النَّارُ التي‌ شَبَّ السَّنا                    مِنْها لِمُوسَي‌ وَالظَّلاَمُ مُجَلَّلُ

 يَا فُلكَ نُوحٍ حَيْثُ كُلُّ بَسيَطةٍ                   بَحْرٌ يَمورُ وَ كُلُّ بَحرٍ جَدْوَلُ

 يَا وَارِثَ التَّوراةِ وَ الإنْجِيلِ وَ                     الْقُرآنِ وَالْحِكَمِ التي‌ لاَ تُعْقَلُ

 لَوْلاَكَ مَا خُلِقَ الزَّمَانُ وَ لاَدَجَي               ‌ غِبَّ ابْتِلاَجِ الْفَجْرِ لَيْلٌ أَلْيلُ

 إلی أن‌ يقول‌:

 إنْ كَانَ دينُ مُحَمَّدٍ فِيهِ الْهُديَ                 حَقّاً فَحُبُّكَ بَابُهُ وَالْمَدْخَلُ

 و يقول‌:

 صَلَّي‌ عَلَيْكَ اللَهُ مِنْ مُتَسرْبِلٍ                             قُمُصاً بِهِنَّ سِواكَ لاَيَتَسَرْبَلُ

 وَ جَزاكَ خَيْراً عَنْ نَبِيِّكَ إنـَّهُ                                       أَلْفَاكَ نَاصِرَهُ الَّذِي‌ لاَيَخْذلُ

 سَمْعاً أَميرَالْمُؤمِنِينَ قَصَائِداً                               يَعْنُو لَهَا بُشْرٌ وَ يَخْضَعُ جَرْوَلُ [38]

 اَلدُّرُّ مِنْ أَلْفَاظِهَا لَكِنَّهُ                                             دُرٌّ لَهُ ابنُ الْحَدِيدِ يُفَصِّلُ

 هِيَ دُونَ مَدْحِ اللهِ فِيكَ وَ فَوْقَ مَا                       مُدِحَ الْوَري‌ وَ عَلاَكَ مِنْهَا أَكْمَلُ [39]

 نلحظ‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ هذه‌ القصيدة‌ يسلك‌ سلوك‌ الشاعر الغزليّ الذي‌ استحوذ عليه‌ العشق‌ فجعل‌ المعشوق‌ قبلته‌ فاكتوي‌ بنار هجرانه‌. و رأي‌ حبيبه‌ غير مبال‌ و لامكترث‌ بعشقه‌ المتّقد مع‌ جفوةٍ و قسوةً إلی الحدّ الذي‌ لايسمح‌ به‌ للعاشق‌ المسكين‌ أن‌ يدخل‌ في‌ رحابه‌ المنيعة‌، بل‌ و يضنّ عليه‌ حتّي‌ بكلمة‌ واحدة‌ و نظرة‌ واحدة‌ تضمّد جراحه‌ كالبلسم‌، فطفق‌ يتحدّث‌ مع‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ وحي‌ الشكوي‌ والعتاب‌.

 و يقول‌ الشاعر المصريّ العارف‌ المشهور ابن‌ الفارض‌ أيضاً و هو في‌ مقام‌ المناجاة‌، يناجي‌ ربّه‌ في‌ هذين‌ البيتين‌ الذين‌ أنشدهما عاتباً و شاكراً في‌ آن‌ واحد:

 ذَهَبَ الْعُمْرُ ضِياعاً و انْقَضي‌                   بَاطِلاً إذْ لَمْ أَفُزْ مِنْكُمْ بِشيْ

 غَيْرَ مَا أُوليتُ مِنْ عَقْدِ وَلاَ                       عِتْرَةِ الْمَبْعُوثِ مِنْ آلِ قُصَيْ [40]

 اللَهُمّ إجعلنا من‌ رفقاء محمّد وآله‌ الطاهرين‌ عليهم‌ السّلام‌ واخلف‌ علی عقبنا في‌ الغابرين‌ و ارحمنا برحمتك‌ يا أرحم‌ الراحمين‌. هذه‌ بضاعة‌ مزجاة‌ إلی باب‌ مدينة‌ العلم‌ و منار الانام‌ و غاية‌ الهدي‌ أميرالمؤمنين‌ عليّبن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ و قد وفّقني‌ الله‌ أن‌ أُلقيها علی الناس‌ في‌ المسجد كمواعظ‌ و محاضرات‌ تربويّة‌، و ذلك‌ في‌ شهر رمضان‌ المبارك‌ سنة‌ ألف‌ وثلاثمائة‌ و خمس‌ و تسعين‌ من‌ الهجرة‌. و وفّقني‌ الله‌ أيضاً أن‌ أدوّنها في‌ ذلك‌ الشهر الشريف‌.

 غرض‌ نقشي‌ است‌ كز ما باز ماند               كه‌ هستي‌ را نمي‌بينم‌ بقائي‌

 مگر صاحبدلي‌ از روي‌ رحمت‌                       كند در حقّ درويشان‌ دعائي[41]

 يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إنَّ اللَه‌ َ يَجْزِي‌ الْمُتَصَدِّقِينَ.

 وَ أَنَا العبد الراجي‌ السيّد محمّد الحسين‌ الحُسيني‌ الطِّهْراني‌

 الرجوع الي الفهرس

إلی المجلد الخامس

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الاءشارة‌ إلی الطبعة‌ الفارسيّة‌ للكتاب‌

[2] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 482، الباب‌ التسعون‌. و ذكره‌ في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 298 تحت‌ عنوان‌ الحديث‌ السادس‌ و العشرين‌ ضمن‌ خطبة‌ للإمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌ عند بيعته‌ معاوية‌. و نقل‌ موجزاً لهذه‌ الخطبة‌ بسند آخر في‌ ص‌ 298 و 299 تحت‌ عنوان‌ الحديث‌ السابع‌ والعشرين‌، و ذكر القول‌ نفسه‌ حول‌ ولاية‌ الاُمّة‌ في‌ السطر الخامس‌ عشر من‌ الصفحة‌

[3] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الجزء الاوّل‌، ص‌ 262.

[4] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخبطة‌ 145، الجزء الاوّل‌ ص‌ 267؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 446.

[5] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للسيّد علی خان‌، ص‌ 500

[6] ـ الآية‌ 28، من‌ السورة‌ 13: الرعد.

[7] ـ الآيتان‌ 10 و 11، من‌ السورة‌ 67: الملك‌.

[8] ـ آلآيات‌ 7 إلی 11 و 88 إلی 94، من‌ السورة‌ 56: الواقعة‌

[9] ـ الآيتان‌ 27 و 28، من‌ السورة‌ 89: الفجر.

[10] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 171

[11] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 179.

[12] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 179.

[13] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 180.

[14] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 180.

[15] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 178.

[16] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 178.

[17] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 178.

[18] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 178.

[19] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 178

[20] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 179.

[21] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 179.

[22] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 179.

[23] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1 كتاب‌ الحجّة‌ ص‌ 179.

[24] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 173.

[25] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 178.

[26] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 179.

[27] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 177

[28] ـ المُراد بالثقل‌ الشي‌ء المهم‌ الجليل‌ الذي‌ تتعلّق‌ به‌ شخصيّة‌ المرء.

[29] ـ «تفسير البرهان‌» ج‌ 1، ص‌ 517.

[30] ـ «كفاية‌ الاثر» ص‌ 87 ـ 89؛ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 236 الحديث‌ الثاني‌ عشر؛ و «بحار الانوار» ج‌ 36، ص‌ 315 و 316

[31] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 76 و 77.

[32] ـ «عبقات‌ الانوار» المجلّد الثاني‌ عشر، الجزء الثاني‌، القسم‌ الاوّل‌، و الثاني‌ والثالث‌، طبع‌ اصفهان‌، مؤسّسة‌ نشر الكتب‌ المخطوطة‌ في‌ اصفهان‌.

[33] ـ «مناقب‌» ابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 1، ص‌ 568، و «ديوان‌ الحميريّ» ص‌ 200

[34] ـ «ديوان‌ الحميريّ» ص‌ 206. و جاء البيت‌ الثالث‌، و الرابع‌ في‌ «مناقب‌» ابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 1، ص‌ 569. و ذكر ابن‌ شهرآشوب‌ كلمة‌ «علي‌ٌّ» بدل‌ كلمة‌ «مِنْهُمْ».

[35] ـ «مناقب‌» ابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 1، ص‌ 568.

[36] ـ شَدَن‌: موضع‌ باليمن‌، و الاءبل‌ الشدنيّة‌ منسوبة‌ إليه‌. (م‌)

[37] ـ البَوْص‌: السَّبْقُ والتقدّم‌. أي‌ أن‌ أرجلها ستتقدّم‌ علی أيديها من‌ العجلة‌. (م‌)

[38] ـ الجَرْوَل‌: اسم‌ لبعض‌ السِّباع‌. (م‌)

[39] ـ طبعت‌ هذه‌ القصيدة‌ مع‌ قصائد أُخري‌ لاءبن‌ أبي‌ الحديد معروفة‌ بالعلويّات‌ السبع‌ وذلك‌ ضمن‌ كتاب‌ «المعلّقات‌ السبع‌».

[40] ـ «ديوان‌ ابن‌ الفارض‌» ص‌ 25 ضمن‌ يائيّته‌: سَائِقُ الاَظعانِ يَطوِي‌ البيدَ طي‌.

[41] ـ إنّ الهدف‌ نقش‌ و أثر يظلّ منّا، إذ إنّي‌ لا أري‌ بقاءً و ديمومةً لهذا الوجود. و لعلّ رجلاً عارفاً يشفق‌ بنا من‌ وحي‌ الرحمة‌ و العطف‌ فيدعو لنا نحن‌ الدراويش‌.

إلی المجلد الخامس

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com