بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الرابع / القسم الاول: تفسیر الآیة ثم اورثنا الکتاب، معنی وراثة القرآن، منشأ معجزات الانبیاء، ام...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الرجوع إلی المجلد الثالث

الدرس‌ السادس‌ و الاربعون‌ إلی‌ الحادي‌ و الخمسين:

تفسيرالآیة: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الَّذِينَ اصْصَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا...»

 

 بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

و صلَّي‌ اللهُ علی محمّد و آله‌ الطَّاهرين‌

و لعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العليّ العظيم‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 وَالَّذِي‌` أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَـ'بِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَ مِنْهُم‌ مُّقْتَصِدٌ وَ مِنْهُم‌ سَابِقٌ بِالْخَيْرَ ' تِ بِإِذْنِ اللَهِ ذَ ' لِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ[1].

 تخاطب‌ الآية‌ الاُولي‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ مبيّنة‌ أنّ الكتاب‌ الذي‌ أُوحي‌ إليه‌ هو الحقّ، و هو القرآن‌ المجيد المصدّق‌ لجميع‌ الكتب‌ السماويّة‌ النازلة‌ من‌ الله‌ علی من‌ سبقه‌ من‌ الانبياء. و تتحدّث‌ الآية‌ الثانية‌ حول‌ انتقال‌ القرآن‌ الكريم‌ نفسه‌ إلی المصطفين‌ من‌ عباد الله‌ بعد النبيّ بوصفه‌ إرثاً.

 و علی الرغم‌ من‌ أنّ بعض‌ المفسّرين‌ قد تردّدوا في‌ تفسير معني‌ الكتاب‌ و قالوا: لعلّ فيه‌ إشارة‌ إلی جنس‌ الكتب‌ السماويّة‌ أو إلی خصوص‌ التوراة‌ و الإنجيل‌، بَيدَ أنّ هذا التردّد لاقيمة‌ له‌ من‌ وجهة‌ النظرة‌ الواقعيّة‌، لانّ اللام‌ في‌ الكتاب‌ ليست‌ للجنس‌، كما أنـّه‌ لم‌ يتقدّم‌ علی هاتين‌ الآيتين‌ ذكر التوراة‌ و الإنجيل‌ في‌ الآيات‌ التي‌ سبقتهما لتدلّ عليهما بصفتها لاماً للعهد. بيد أنـّه‌ لمّا كان‌ الكتاب‌ في‌ الآية‌ الاولي‌ هو القرآن‌ الكريم‌ الموحي‌ إلی النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ و أنّ هذ الكتاب‌ قد ذكر مباشرة‌ بعد تلك‌ الآية‌ بوصفه‌ إرثاً لمن‌ اصطفاهم‌ الله‌ من‌ عباده‌، فلابدّ أن‌ تكون‌ اللام‌ في‌ الكتاب‌ هي‌ لام‌ العهد مشيرة‌ إلی القرآن‌ المجيد نفسه‌. و مفادها ومفهومها أنّ الله‌ تعالي‌ قد أورث‌ القرآن‌ مَن‌ اجتباهم‌ من‌ عباده‌. و سبب‌ ورود التعبير القرآنيّ بصيغة‌ الماضي‌ الملحوظة‌ في‌ كلمة‌: أورثنا، هو لتحقّق‌ وقوعه‌ و تثبيته‌ في‌ القضاء الإلهي‌، كما لو أوصي‌ أحد بإعطاء ماله‌ أو كتابه‌ لابنه‌، فقال‌: يا بُنيّ أوصيت‌ بإعطائك‌ المال‌ الفلانيّ أو الكتاب‌ الفلانيّ. و يقول‌ أهل‌ الفنّ إنّ الاعمال‌ التي‌ سيتحقّق‌ وقوعها في‌ المستقبل‌ علی نحو الحتم‌ و اليقين‌ هي‌ في‌ حكم‌ الاعمال‌ المتحقّقة‌.

 الرجوع الي الفهرس

حقیقة معنی الإرث و القصد من وراثة القرآن

 و المراد من‌ إرث‌ القرآن‌، انتقال‌ القرآن‌ إلی الوارث‌ من‌ جميع‌ الجهات‌، لانّ حقيقة‌ معني‌ الإرث‌ في‌ كلّ شي‌ء هو انتقال‌ ذلك‌ الشي‌ء إلی آخر بحيث‌ يقوم‌ هذا به‌، و يأخذ علی عاتقه‌ الاضطلاع‌ بشؤونه‌. و علی سبيل‌ المثال‌، فعندما يموت‌ شخص‌ و يترك‌ مالاً موروثاً، فإنّ الوارث‌ يتصرّف‌ فيه‌ و كأنـّه‌ وارثه‌ الحقيقيّ، و ما عليه‌ إلاّ القيام‌ بما فيه‌ و مصلحة‌ المال‌ من‌ حيث‌ حفظه‌ و الاهتمام‌ به‌ و صرفه‌ في‌ محلّه‌. و تتعلّق‌ به‌ ملكيّته‌ أيضاً كما كانت‌ لصاحبه‌ من‌ قبل‌.

 و للإرث‌ في‌ الحكومة‌ و السلطنة‌ هذا المعني‌ ذاته‌، يقولون‌: فلان‌ وارث‌ أبيه‌ في‌ السلطنة‌، أو زيد أورث‌ نجله‌ حكومته‌، أو فلان‌ وارث‌ أبيه‌ في‌ العلم‌، أو فلان‌ هو وارث‌ أبيه‌ الوحيد في‌ العلوم‌ و الفنون‌ من‌ بين‌ أبنائه‌ الآخرين‌، أي‌ أنـّه‌ أخذ عن‌ أبيه‌ تلك‌ العلوم‌ و الفنون‌، و هو لها أهل‌.

و علی هذا النسق‌ يجري‌ إرث‌ القرآن‌ المجيد في‌ هذه‌ الآية‌ المباركة‌.

 أي‌: أنّ تلك‌ الحقائق‌ التي‌ عرّفها الله‌ نبيَّه‌ من‌ القرآن‌ المجيد، الظاهرة‌ منها كالاحكام‌ العامّة‌ و الخاصّة‌ و المجمل‌ و المبيّن‌، و المطلق‌ و المقيّد والناسخ‌و المنسوخ‌، و قصص‌ الانبياء و الاُمم‌ الماضية‌، و الاخلاق‌ والمعارف‌ الدينيّة‌، و التوحيد بجميع‌ مراتبه‌ و الوعظ‌ و الوعد و الوعيد والمصالح‌ و المفاسد و مراتب‌ النفس‌ و ظهورها في‌ العوالم‌ الاُخري‌ والباطنة‌ منها كالتأويل‌، و التفسير، و الكلّيّة‌، و التطبيق‌، و الجَرْي‌ والحقائق‌المنطوية‌ في‌ الآيات‌ مثل‌: حقيقة‌ عالم‌ الطبع‌، و عالم‌ البرزخ‌ والصور المثاليّة‌، و عالم‌ العقل‌ و الملائكة‌ و الروح‌ و مقاماتهم‌، و درجات‌ أهل‌ الثواب‌ و دركات‌ أهل‌ المعصيّة‌، و حقيقة‌ التوحيد الخالص‌ و إدراكه‌، و كيفيّة‌ إحاطة‌ الاسماء و الصفات‌ الإلـهيّة‌ بجميع‌ العوالم‌، و انْدِكاك‌ الاسماء و الصفات‌ في‌ الذات‌، و حقيقة‌ التجلّي‌ لجميع‌ العوالم‌، و الآيات‌ الإلـهيّة‌ الآفاقيّة‌ و الانفسيّة‌ و غيرها، فهذه‌ الحقائق‌ كلّها قد أودعها الله‌ ورثة‌ القرآن‌، بحيث‌ إنـّهم‌ يمثّلون‌ خلفاء رسول‌ الله‌ و النازلين‌ منزلته‌ في‌ تلك‌ المعاني‌ كلها، و إنـّهم‌ الامتداد الطبيعيّ للرسول‌ الاكرم‌ في‌ القيام‌ بها وحفظها، و العمل‌ علی ما فيه‌ مصالح‌ الاُمّة‌ وفقاً لمدلولها. في‌ ضوء ذلك‌ فإنّ وارث‌ القرآن‌ يمثّل‌ نسخة‌ الاصل‌ من‌ وجود رسول‌ الله‌ و سيتجلّي‌ القرآن‌ في‌ وجود الوارثين‌ واحداً تلو الآخر كنحو تجلّي‌ القرآن‌ المحكم‌ و القرآن‌ المفصّل‌ «كِتَـ'بٌ أُحْكِمَتْ ءَايَـ'تُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن‌ لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ»، [2] لانـّه‌ ينبغي‌ أن‌ تكون‌ هناك‌ نسبة‌ واقعيّة‌ بين‌ المورِّث‌ والوارث‌، فلا يورِّث‌ كلّ شي‌ء لكلّ أحد، فابن‌ الوزير أو ابن‌ العضو النيابيّ لايرث‌ الحكومة‌ و المُلك‌، و لا يرث‌ ابن‌ عامل‌ القمامة‌ فنّ الطبّ من‌ الطبيب‌، و لا يرث‌ الجاهل‌ غير الجدير علم‌ العالم‌. و يمكننا أن‌ نطلّ من‌ هذه‌ النافذة‌ لنشهد وارثي‌ القرآن‌ المجيد، فإنـّهم‌ أشبه‌ الناس‌ بالنبيّ الاكرم‌ وأقربهم‌ منه‌، بل‌ إنـّهم‌، في‌ الصفات‌ و صفاء الباطن‌ و الاستعدادات‌ لتلقّي‌ الحقائق‌ و بواطن‌ القرآن‌، ذوو صدور رحبة‌ و قلوب‌ قويّة‌ كالرسول‌ الاعظم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌.

 و في‌ ضوء ذلك‌، يقول‌ الله‌ جلّ شأنه‌: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ أَصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا...» إذ إنّ معني‌ الاصطفاء هو اختيار خالص‌ الشي‌ء وخياره‌. و قوله‌: «مِنْ عِبَادِنَا» بيانيّة‌ كما يبدو، لانّ الإضافة‌ في‌ كلمة‌ «عِبَادِنَا» للتشريف‌، و يريد أن‌ يقول‌ بأنّ هؤلاء المصطفين‌ و وارثي‌ القرآن‌ يتّصفون‌ بعبوديّتهم‌ لنا، كما في‌ قوله‌ عزّ وجلّ: وَ سَلَـ'مٌ عَلَي‌' عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَي‌'. [3]

 الرجوع الي الفهرس

تقسيم‌ العباد إلی ثلاثة‌ أقسام‌

 و أمّا قوله‌: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُم‌ مُّقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَ ' تِ بِإِذْنِ اللَهِ، فَلعلّه‌ من‌ أجل‌ تقسيم‌ العباد إلی ثلاث‌ شرائح‌، فيما إذا رجع‌ الضمير في‌ كلمة‌ «مِنهُمْ» إلی العباد، و في‌ هذه‌ الحالة‌، فإنّ الجملة‌ ستكون‌ تعليلاً للجملة‌ التي‌ سبقتها، أي‌: أنـّنا أورثنا القرآن‌ الذين‌ اصطفينا من‌ عبادنا لانّ عبادنا جميعهم‌ غير متساوين‌ بل‌ هم‌ ثلاث‌ شرائح‌، و من‌ الطبيعيّ فإنّ أفضل‌ هذه‌ الشرائح‌ و هي‌ الشريحة‌ السابقة‌ بالخيرات‌ ترث‌ القرآن‌ وستكون‌ الجنّات‌ الموعودة‌ في‌ الآيات‌ الثلاث‌ التالية‌ لها من‌ نصيبهم‌: جَنَّـ'تُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن‌ ذَهَبٍ وَ لُؤلُؤًا وَ لِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَ قَالُوا الْحَمْدُلِلَهِ الَّذِي‌´ أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبـَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي‌´ أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن‌ فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ.[4]

 و لعلّه‌ من‌ أجل‌ تقسيم‌ المصطفين‌، أي‌ أنـّنا أورثنا القرآن‌ الذين‌ اصطفيناهم‌ من‌ عبادنا، و هم‌ ثلاثة‌ أقسام‌: الاوّل‌: الذين‌ ظلموا أنفسهم‌. الثاني‌: الذين‌ سلكوا سبيل‌ العدل‌ و الإنصاف‌ و الاعتدال‌. الثالث‌: الّذين‌ أحرزوا قصب‌ السبق‌ في‌ مجال‌ الخيرات‌ و الحسنات‌، و تفوّقوا علی الجميع‌ بإذن‌ الله‌، و القرآن‌ بوصفه‌ إرثاً وصل‌ إلی هؤلاء جميعهم‌ لانـّهم‌ من‌ المصطفين‌ من‌ اختلاف‌ في‌ الدرجات‌ و المراتب‌. هذا مع‌ أنّ الوارث‌ الحقيقيّ للقرآن‌ و القائم‌ بأمره‌ هو القسم‌ الثالث‌ من‌ بين‌ هؤلاء طبعاً، و هم‌ السابقون‌. و هذا اللون‌ من‌ الإستعمال‌ شائع‌ أيضاً في‌ العرف‌ و لغة‌ المحاورة‌ فنجد أنّ شيئاً خاصّاً بشخص‌ ينسب‌ إلی جماعة‌ لها معه‌ ارتباط‌، كما يقال‌: حصل‌ الفريق‌ الفلانيّ علی الجائزة‌ الفلانيّة‌ بينما نجد الجائزة‌ من‌ نصيب‌ أحد أعضاء الفريق‌، أو يقال‌: نزل‌ القرآن‌ علی أهل‌ مكّة‌، ثمّ نزل‌ علی أهل‌ المدينة‌ بينما هو نزل‌ علی رسول‌ الله‌ خاصّة‌. و في‌ القرآن‌ المجيد استعمالات‌ كثيرة‌ من‌ هذا القبيل‌. جاء في‌ الآيتين‌ 53 و 54 من‌ سورة‌ المؤمن‌ قوله‌: وَ لَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَي‌ الْهُدَي‌' وَ أَوْرَثْنَا بَنِي‌´ إِسر ' ءِيلَ الْكِتَـ'ـبَ * هُدًي‌ وَ ذِكْرَي‌' لاِوْلِي‌ الاَلْبَابِ. في‌ حين‌ أنّ التوراة‌ لم‌ يؤتَها بنو إسرائيل‌ جميعهم‌، و بعد موسي‌ عليه‌ السلام‌ كانت‌ من‌ نصيب‌ بعضهم‌. أو أنّ المراد من‌ الكتاب‌ هنا ليس‌ التوراة‌ بعينها، بل‌ هو ذلك‌ الكتاب‌ السماويّ الموحي‌ الذي‌ نزل‌ علی موسي‌ نفسه‌ تحت‌ عنوان‌ التوراة‌، و لم‌ ينزل‌ علی بني‌ إسرائيل‌ كلّهم‌.

 بَيدَ أنّ قراءة‌ في‌ الروايات‌ المأثورة‌ سواء الواردة‌ عن‌ طريق‌ الشيعة‌ أوعن‌ طريق‌ السنّة‌، تنبئنا أنّ الاحتمال‌ الثاني‌ أقوي‌. فالله‌ تعالي‌ في‌ هذه‌ الآية‌ يقسّم‌ عباده‌ المصطفين‌ إلی ثلاثة‌ أقسام‌، و هم‌ مع‌ اختلافهم‌ فيما بينهم‌، حتّي‌ أنّ فيهم‌ من‌ يظلم‌ نفسه‌، لكنّهم‌ يتميّزون‌ عن‌ غيرهم‌ بصفاء وكلّهم‌ ورثة‌ الكتاب‌ علی نحو الإجمال‌، مع‌ أنّ حقيقة‌ الإرث‌ ترتبط‌ بالفريق‌ الثالث‌ السابق‌ بالخيرات‌.

 و الشاهد علی ذلك‌ هو أنّ تلك‌ الجنان‌ الموعودة‌ هي‌ للذين‌ ظلموا أنفسهم‌، و للمقتصدين‌ المعتدلين‌، و قد أصبحت‌ من‌ نصيبهم‌ بسبب‌ مغفرة‌ الله‌ لهم‌، و جزاءً لاعمالهم‌.

 لانّ الآيات‌ نطقت‌ بأنـّهم‌ يحمدون‌ الله‌ ربـّهم‌ و يثنون‌ عليه‌ بصفتي‌ الغفور و الشكور، و هذا المعني‌ يتناسب‌ مع‌ الذنب‌ و المغفرة‌، و العمل‌ الصالح‌ و الثواب‌، و هو ما يتعلّق‌ بالفريق‌ الاوّل‌ و الثاني‌: و أنـّهم‌ يحمدون‌ الله‌ الذي‌ أذهب‌ عنهم‌ الحزن‌ و أحلّهم‌ دار المقامة‌ و جنّة‌ الخُلد من‌ فضله‌ لايمسّهم‌ فيها نصب‌ و لا لغوب‌. و هذه‌ العبارات‌ الناطقة‌ بالحمد تصدر عن‌ ذينك‌ الفريقين‌؛ و لاتصدر عن‌ الفريق‌ الثالث‌ الذي‌ يدخل‌ أفراده‌ الجنّة‌ بغير حساب‌ متنعّمين‌ بالامن‌ و الامان‌ فِي‌ مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ. ويخاطَبون‌ بقوله‌ جلّ من‌ قائل‌: يَـ'´أَيـَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * اءرْجِعِي‌´ إلَي‌' رَبِّكِ ِرَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً.

 الرجوع الي الفهرس

ورثة‌ الكتاب‌ كلّهم‌ من‌ أبناء فاطمة‌ الزهراء ـ عليها السّلام‌

 تفيد الروايات‌ المأثورة‌ أنّ المذكورين‌ في‌ الاقسام‌ الثلاثة‌ جميعهم‌ من‌ ولد فاطمة‌ عليها السلام‌ و كلّهم‌ يدخلون‌ الجنّة‌، لكنّ أفراد القسم‌ الاوّل‌ يدخلونها بعد حساب‌ عسير بسبب‌ ظلهم‌ أنفسهم‌، و أفراد القسم‌ الثاني‌ يدخلونها بعد حساب‌ يسير، أمّا أفراد القسم‌ الثالث‌، و هم‌ ورثة‌ القرآن‌، فإنـّهم‌ يدخلونها بغير حساب‌.

 نقل‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ في‌ كتاب‌ «الكافي‌» بسنده‌ عن‌ أحمدبن‌ عمر أنـّه‌ قال‌: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضا عَلَيهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّوَجَلَّ: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» ـ الآية‌، فَقَالَ: وُلْدُ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَ السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ الإمام، وَ الْمُقْتَصِدُ الْعَارِفُ بِالإمام، وَالظّالِمُ لِنَفْسِهِ الَّذِي‌ لاَ يَعْرِفُ الإمام. [5]

 و نقل‌ الكلينيّ مثل‌ هذه‌ الرواية‌ بألفاظها نفسها (ماعدا: وُلد فاطمة‌ ـ عليها السلام‌) عن‌ سالم‌، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌. [6] و رواها ابن‌ بابويه‌ أيضاً بسنده‌ عن‌ جابر بن‌ يزيد الجعفيّ، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ ماعدا قوله‌: وُلْدُ فاطِمَةَ عليها السلام‌ لكن‌ جاء في‌ ذيلها قوله‌: جَنّـ'تُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا أي‌: الْمُقْتصِدَ وَالسَّابِقَ. [7]

 و روي‌ الطبرسيّ عن‌ عبدالعزيز، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنـّه‌ قال‌: الظّالِمُ مَنْ لاَ يَعْرِفُ حَقَّ الإمام، و الْمُقْتَصِدُ مِنّا الْعَارِفُ بِحَقِّ الإمام، وَ السّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ الإمام، وَ هَؤلاَءِ كُلُّهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ. [8]

 و نلاحظ‌ أنّ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قد فسّر الآية‌ كما فسّرها الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ و قال‌ في‌ ذيلها: كلّهم‌ مغفور لهم‌.

 و روي‌ ابن‌ بابويه‌ بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنـَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مَنْهُم‌ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُم‌ سَابِقٌ بِالْخَيْرَ ' تِ بِإِذْنِ اللَهِ». فقال‌: الظّالِمُ يَحُومُ حَوْمَ نَفْسِهِ، وَالْمُقْتَصِدُ يَحُومُ حَوْمَ قَلْبِهِ[9] (أي‌ انّه‌ يراقب‌ قلبه‌ لئلاّ بقدر منه‌ معصية‌ أو تفوته‌ طاعة‌، و لئلاّ يعتريه‌ صدأ؛ فيحفظ‌ قلبه‌ دوماً طاهراً بنور الطاعة‌)، وَالسّابِقُ يَحُومُ حَوْمَ رَبـِّهِ عَزَّوَجَلَّ (أي‌ انّه‌ تخطّي‌ قلبه‌، فهو لايجد وجوداً و قلباً في‌ داخله‌ ليكون‌ في‌ صدد تنزيهه‌ و تطهيره‌، فهو ناظرٌ دوماً إلی جمال‌ الحق‌ و تجلّياته‌. مضمحلاًّ في‌ شعاع‌ صفاته‌ و أسمائه‌، و فانياً في‌ ذاته‌ المقدّسة‌).

 لكنّ العلاّمة‌ الطباطبائيّ نقل‌ ذلك‌ عن‌ «معاني‌ الاخبار» للصدوق‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ علی النحو التالي‌: اَلْظَالِمُ يَحُومُ حَوْمَ نَفْسِهِ، وَالْمُقْتَصِدُ يَحُومُ حَوْمَ قَلْبِهِ، وَالسّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ يَحُومُ حَوْمَ رَبـِّهِ. [10] و القصد واحد في‌ كلتا الحالتين‌.

 الرجوع الي الفهرس

تفسیر الإمام محمد الباقر علیه السّلام لآیه «ثُمَّ أَورثنَا الکِتَابَ»

 و روي‌ محمّد بن‌ العبّاس‌ بن‌ ماهيار، و هو من‌ الموثّقين‌، في‌ تفسيره‌ عن‌ إبي‌ إسحاق‌ السبيعيّ أنـّه‌ قال‌: خَرَجْتُ حاجّاً فَلَقيتُ مُحَمَّدَ بْنَ علی عَلَيْهما السَّلاَمُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَـ'ذِهِ الآيَةِ: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بِ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» فَقَالَ: ما يَقُولُ فيها قَوْمُكَ يا أَبَا إسْحَاقَ ـ يَعْنِي‌ أَهْلَ الْكُوفَةِ ـ؟ قالَ: قُلْتُ: يَقُولُونَ انـَّها لَهُمْ، قَالَ: فَما يُخَوِّفُهُمْ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: فَما تَقُولُ أَنْتَ جُعِلْتُ فِداكَ؟ قَالَ: هِي‌َ لَنا خَاصَّةً يَا أَبا إسْحَاقَ أَمّا السّابِقُونَ بِالْخَيْرَاتِ فَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهُمُ السَّلاَمُ وَالإمام مِنّا، وَالْمُقْتَصِدُ فَصَائِمٌ بِالنَّهَارِ وَ قَائِمٌ بِالَّلَيْلِ، وَالظّالِمُ لِنَفْسِهِ فَفِيهِ ما فِي‌ النّاسِ وَ هُوَ مَغْفُورٌ لَهُ: يَا أَبا إسْحَاقَ بِنَا يَفُكُّ اللَهُ رِقَابَكُمْ وَ يَحُلُّ رِبَاقَ الذُّلِّ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَ بِنَا يَغْفِرُ اللهُ ذُنُوبَكُمْ، وَ بِنَا يَفْتَحُ وَ بِنَا يَخْتِمْ، وَ نَحْنُ كَهْفُكُمْ كَكَهْفِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَ نَحْنُ سَفِينَتُكُمْ كَسَفِينَةِ نُوحٍ، وَ نَحْنُ بَابُ حِطِّتِكُمْ كَبابِ حِطَّةِ بَني‌ إسْرَائِيلَ. [11] و روي‌ ابن‌ بابويه‌، الشيخ‌ الصدوق‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثماليّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ أنـّه‌ قال‌: كُنْتُ جالِساً فِي‌ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَعَ أَبِي‌ جَعْفَرٍ عليه‌ السلام‌ إذْ أَتاهُ رَجُلانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقَالا لَهُ: يَابْنَ رَسُولِ اللَهِ إِنَّا نُريدُ أَن‌ نَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ؟ فَقَالَ لَهُما: سَلاَ عَمَّا شِئتُما قَالا: أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَ مِنْهُم‌ مُّقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَ ' تِ بِإِذْنِ اللَهِ ذَ ' لِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ» ـ إلی آخِرِ الآيَتَيْنِ ـ قَالَ: نَزَلَتْ فِينا أَهْلَ الْبَيْتِ. قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ: فَقُلْتُ: بِأَبي‌ أَنْتَ وَ أُمّي‌، فَمَنِ الظّالِمُ لِنَفْسِهِ مِنكُمْ؟ قَالَ: مَنِ اسْتَوَتْ حَسَناتُهُ وَ سَيِّئاتُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَهُوَ الظّالِمُ لِنَفْسِهِ، فَقُلْتُ: مَنِ الْمُقْتَصِدُ مِنكُمْ؟ قَالَ: الْعَابِدُ لِلَهِ فِي‌ الْحَالَيْنِ [12] حَتّي‌ يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ. قُلْتُ: فَمَنِ السّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ؟ قَالَ: مَنْ دَعا وَاللَهِ إلی سَبيلِ رَبـِّهِ وَ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَي‌ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُضِلِّيِنَ عَضُداً وَ لا لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً، وَ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ الْفَاسِقِينَ إلاّ مَنْ خَافَ علی نَفْسِهِ وَ دِينِهِ وَ لَمْ يَجِدُ أَعْوَاناً. [13]

 و حدّث‌ صاحب‌ كتاب‌ «ثاقب‌ المناقب‌» عن‌ أبي‌ هاشم‌ الجعفريّ، قال‌: كنت‌ عند أبي‌ محمّد الحسن‌ العسكريّ عليه‌ السلام‌ فسألته‌ عن‌ قول‌ الله‌ تعالي‌: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَ مِنْهُم‌ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَ ' تِ بِإِذْنِ اللَهِ» قال‌ عليه‌ السّلام‌: كُلُّهُمْ مِنْ آلِمُحَمَّدٍ، اَلظَّالِمُ لِنَفْسِهِ الَّذِي‌ لاَ يَقِرُّ بِالإمام، و الْمُقْتَصِدُ الْعَارِفُ بِالإمام، وَالسّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ بِاذن‌ اللَهِ الإمام. قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَاي‌َ وَ جَعَلْتُ اُفَكِّرُ فِي‌ نَفْسِي‌ مَا أَعْطَي‌ اللَهُ آلَ مُحَمَّدٍ، فَنَظَرَ إلَيَّ وَ قَالَ: الاَمْرُ أَعْظَمُ مِمّا حَدَّثَتَكَ بِهِ نَفْسُكَ مِنْ عِظَمِ شَأنِ آلِ مُحَمَّدٍ، فَاحْمِدِ اللَهَ فَقَدْ جَعَلَكَ مُسْتَمْسِكَاً بِحَبْلِهِمْ تُدْعَي‌' يَومَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ إذَا دُعِي‌َ كُلُّ اُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ، فَأَبْشِرْ يَا أَبَا هَاشِمٍ وَ إنَّكَ علی خَيْرٍ. [14]

 الرجوع الي الفهرس

الإمام هو الوارث لعلوم القرآن کلها

 و روي‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ بسنده‌ عن‌ أحمد بن‌ حمّاد، عن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ الإمام‌ أبي‌ الحسن‌ الاوّل‌ (موسي‌ بن‌ جعفر) عليهما السلام‌. قال‌: قلتُ له‌: جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِي‌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَرِثَ النَّبِيِّينَ كُلّهم‌؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: مِن‌ لَدُن‌ آدَمَ حتّي‌ انتهي‌ إلی نفسه‌؟ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَمُحَمَّدُ ـ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أعْلَمُ مِنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ عِيسَي‌ بْنَ مَرَْيَم‌ كَانَ يُحْيِي‌ الْمَوْتَي‌ بِإذْنِ اللَهِ، قَالَ: صَدَقْت‌ وَ سَلَيمان‌ بن‌ داود كَانَ يَفْهَمُ مَنْطِق‌ الطَّيْرِ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقْدَرُ علی هَذِهِ الْمَنَازِلِ. قَالَ: فَقَالَ إِنَّ سُلَيمَانَ بْنَ دَاود. قَالَ لِلْهُدْهُدِ حِينَ فَقَدَهُ وَ شَكَ فِي‌ أَمْرِهِ فَقَالَ: مَا لِيَ لاَ أَرَي‌ الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ. [15] حين‌ فقده‌ فغضب‌ عليه‌ فقال‌: لاَعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لاَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي‌ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ. و إنـّما غضب‌ لانـّه‌ كان‌ يدُلّه‌ علی الماء فهذا و هو طائر قد أُعطي‌ ما لم‌ يُعْطَ سليمان‌، و قد كانت‌ الريح‌ و النمل‌ و الإنس‌ و الجنّ والشّياطين‌ ] و [ المردة‌ له‌ طائعين‌ و لم‌ يكن‌ يعرف‌ الماء تحت‌ الهواء. و كان‌ الطير يعرفه‌، [16] و أنّ اللهَ ـ يقُولُ فِي‌ كتابه‌: وَ لَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الاْرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَي‌» و قد ورثنا نحن‌ هذا القرآن‌ الذي‌ فيه‌ ما تُسيّر به‌ الجبالُ و تُقطّع‌ به‌ البلدانُ و تُحيي‌ به‌ الموتي‌. و نحن‌ نعرف‌ الماء تحت‌ الهواء (فلا نحتاج‌ إلی الهدهد و علمه‌). و أنّ في‌ كتاب‌ الله‌ لآيات‌ ما يُراد بها أمر إلاّ أن‌ يأذن‌ الله‌ به‌ مع‌ ما قد يأذن‌ الله‌ ممّا كتبه‌ الماضون‌، جعله‌ الله‌ لنا في‌ أُمّ الكتاب‌. إنّ الله‌ يقول‌: «وَ مَا مِنْ غـ'ئِبَةٍ فِي‌ السَّمَآءِ وَ الاْرْضِ إِلاَّ فِي‌ كِتَـ'بٍ مُّبِينٍ». ثمّ قال‌: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» فنحن‌ الذين‌ اصطفانا الله‌ عزّوجلّ و أورثنا هذا الذي‌ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَي‌ءٍ. [17]

 الرجوع الي الفهرس

علوم الأنبیاء جمیعهم عند الإمام

 و نقل‌ في‌ «الكافي‌» بإسناده‌ عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌ السّلام‌ أنـّه‌ قال‌: يَمُصُّونَ الثِّمادَ [18] وَ يَدْعُونَ النَّهْرَ الْعَظِيمَ. قِيلَ: وَ مَا النَّهْرُ الْعَظِيمُ؟ قَالَ: رَسُولُ اللهِ ـ صلّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ وَالْعِلْمُ الَّذِي‌ أَعْطاهُ اللَهُ. إنَّ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ جَمَعَ لِمُحَمَّدٍ سُنَنَ النَّبِيِّينَ مِنْ آدَمَ وَ هَلُمَّ جَرَّاً إلی مُحَمَّدٍ. قِيلَ لَهُ: وَ مَا تِلْكَ السُّنَنُ؟ قَالَ: عِلْمُ النَّبِيّينَ بِأَسْرِهِ، وَ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَيَّرَ ذَلِكَ كُلَّهُ عِنْدَ أَميرِ الْمُؤمِنِينَ. [19]

 و نقلت‌ هذه‌ الرواية‌ نفسها في‌ «بصائر الدرجات‌» عن‌ علی بن‌ نعمان‌. [20] و جاء في‌ «الكافي‌» أيضاً بسنده‌ عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌السلام‌ أنـّه‌ قال‌: كانَ جَمِيعُ الانْبيَاءِ مِائةَ أَلْفِ نَبيٍّ وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبيٍّ مِنهُمْ خَمْسَةٌ اُولُو الْعَزْمِ: [21] نُوحٌ وَ إبرَاهِيمُ وَ مُوسَي‌ وَ عِيسَي‌ وَ مُحَمَّدٌ صَلَّي‌ الله‌ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ، وَ إِنَّ علی بْنَ أَبي‌ طَالِبٍ كَانَ هِبَةَ اللهِ لِمُحَمَّدٍ وَ وَرِثَ عِلْمَ الاَوصِيَاءِ وَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ. أَمَا إِنَّ مُحَمَّداً وَرِثَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الانْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ.[22]

 و جاء في‌ «الكافي‌» و «بصائر الدرجات‌» بإسنادهما عن‌ ضُرَيس‌ الكناني‌ أنـّه‌قال‌: كنت‌ عند أبي‌ عبد الله‌ (الصادق‌) عليه‌ السلام‌ و عنده‌ أبو بصير. فقال‌ أبوعبد الله‌ عليه‌ السلام‌ إنّ داودَ وَرِثَ عِلْمَ الانبياءِ، و إِنَّ سُلَيمانَ ورث‌ داود، و إنّا ورثنا محمّداً صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ و إنّ عندنا صحف‌ إبراهيم‌ و ألواح‌ موسي‌ عليهما السلام‌. فقال‌ أبو بصير: إنّ هذا لهو [23] العلم‌! فقال‌: يا أبا بصير ليس‌ هذا هو العلم‌. إنـّما العلمَ ما يحدث‌ بالليل‌ و النهار، يوماً بيوم‌ و ساعة‌ بساعة‌.[24] (لكنّ تلك‌ الصحف‌ و الالواح‌ حقيقة‌ أُخري‌ استقرّت‌ في‌ وجودنا بنحو كلّيّ و هي‌ لاتقبل‌ الحدوث‌ و التغيير، و قد انسابت‌ هذه‌ العلوم‌ اليوميّة‌ من‌ ذلك‌ المنبع‌)». و جاء مثل‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «بصائر الدرجات‌» عن‌ أيّوب‌ بن‌ نوح‌ ومحمّد بن‌ عيسي‌، عن‌ صفوان‌. [25] و في‌ «الكافي‌» عن‌ ابن‌ مُسكان‌، عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: قال‌ لي‌: يا أَبَا مُحَمَّدٍ إنَّ اللَهَ عَزَّوَجَلَّ لَمْ يُعْطِ الاَنْبِياءَ شَيئاً إِلاّ وَ قَدْ أَعْطَاهُ مُحَمَّداً جَمِيعَ ما أَعْطَي‌ الاَنْبِياءَ، وَ عِنْدَنَا الصُّحُفُ الَّتِي‌ قَالَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ: «صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَ مُوسَي‌». قُلْتُ: جُعِلْتُ فِداكَ هِي‌َ الاَلْوَاحُ؟ قَالَ: نَعَمْ.[26]

 و في‌ «الكافي‌» عن‌ هارون‌ بن‌ الجهم‌ أنـّه‌ روي‌ عن‌ رجل‌ من‌ أصحاب‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لم‌ يحفظ‌ اسمه‌ قال‌: سمعتُ الصادق‌ عليه‌السلام‌ يقول‌: إِنَّ عِيسي‌ ابْنَ مَرْيَمَ اُعْطِي‌َ حَرْفَيْنِ كَانَ يَعْمَلُ بِهِما، [27] وَأُعْطِي‌َ مُوْسَي‌ أَرْبَعَةَ أَحْرُفٍ، وَ أُعْطِيَ إبْراهِيمُ ثَمانِيَةَ أَحْرُفٍ، وَ أُعْطِيَ نُوحٌ خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفاً، وَ أُعْطِي‌َ آدَمُ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ حَرْفاً، وَ إنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي‌ جَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَ سَلَّمَ وَ إِنَّ اسْمَ اللَهِ الاَعْظَمَ ثَلاَثَةٌ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً، أَعْطَي‌ مُحَمَّداً اثْنَيْن‌ وَ سَبْعِينَ حَرْفاً وَ حُجِبَ عَنْهُ حَرْفٌ واحِدٌ. [28]

 و روي‌ في‌ «بصائر الدرجات‌» بسنده‌ عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثماليّ، عن‌ الإمام‌ السجّاد علی بن‌ الحسين‌ عليهما السلام‌ أنـّه‌ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: الاْئِمَةُ يُحْيُونَ الْمَوْتَي‌' وَ يُبْرِؤُنَ الاْكْمَهَ وَ الاْبْرَصَ وَ يَمْشُونَ علی الْمَاءِ؟ قَالَ: مَا أعْطَي‌ اللَهُ نَبِيّاً شَيئاً قَطُّ إِلاَّ وَ قَدْ أَعْطَاهُ مُحَمَّداً صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَ أَعْطَاهُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ ـ الخبر.[29]

 و فيه‌ بسنده‌ عن‌ جابر، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ أنـّه‌ قال‌: أعْطَي‌ اللَهُ مُحَمَّداً صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا أَعْطَي‌ آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الاْوْصِياءِ كُلِّهِمْ، يا جابِرُ! هَلْ تَعْرِفُونَ (يَعْرِفُونَ ـ خ‌ ل‌) ذَلِكَ؟ [30]

 و جاء في‌ كتاب‌ «الاختصاص‌» للشيخ‌ المفيد عن‌ عبد الله‌ بن‌ بُكَيْر الهجريّ، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ ] أنـّه‌ [ قال‌: إنَّ علی بْنَ أَبي‌ طَالِب‌ كانَ هِبَةِ اللَهِ لِمُحَمَّد ـ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَرِثَ عِلْمَ الاْوْصِياءِ وَ عِلْمَ ما كانَ قَبْلَهُ، أَما إنَّ مُحَمَّداً وَرِثَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الاْنْبِياءِ وَ الْمُرْسَلِينَ.[31]

 الرجوع الي الفهرس

معجزات الأنبیاء و الأئمة إثر کمال نفوسهم

الإمام وارث جمیع کمالات و فضائل الأنبیاء

 إنّ ما يستفاد من‌ هذه‌ المجموعة‌ الروائيّة‌ هو أنّ جميع‌ الكمالات‌ الروحيّة‌ و العلميّة‌ الّتي‌ كان‌ يتّصف‌ بها الانبياء الماضون‌ قد ورثها نبيّنا محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ عنهم‌، و ورثها علی أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌ عنه‌، ثمّ بعد ذلك‌ ورثها أئمّة‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌. و لاينحصر هذا الإرث‌ في‌ الوحي‌ و العلوم‌ الإلـهيّة‌ الخاصّة‌ بشرائعهم‌ فسحب‌، بل‌ و في‌ كافّة‌ الحالات‌ و الصفات‌ الروحيّة‌ و كيفيّة‌ الاتّصال‌ بالمبدأ الاعلي‌ من‌ حيث‌ الاسم‌ الخاصّ الذي‌ كانوا يستأثرون‌ به‌ بل‌ و إنّ جميع‌ المعجزات‌ و الكرامات‌ التي‌ كانت‌ تصدر عنهم‌ بإذن‌ الله‌، كانت‌ كلّها موجودة‌ و منطوية‌ في‌ نفس‌ النبيّ المباركة‌. و لمّا كانت‌ معجزات‌ الانبياء صادرة‌ عنهم‌ بسبب‌ قدراتهم‌ الروحيّة‌ و صفاء قلوبهم‌ حيث‌ تجلّي‌ أمر الله‌ فيهم‌ و ظهرت‌ المعجزات‌ مشعّة‌ من‌ نافذة‌ نفوسهم‌ الطاهرة‌ بإذن‌ الله‌، و لمّا كانت‌ نفوسهم‌ متفاوتة‌، فإنّ هذه‌ التجلّيّات‌ متفاوتة‌ أيضاً، و صدرت‌ عن‌ كلّ نبيّ معجزة‌ خاصّة‌. و لم‌ تكن‌ علومهم‌ الإلـهيّة‌ أيضاً علی نمط‌ و سبيلٍ واحد، فكلّ واحد منهم‌ قد تشرّف‌ بالدخول‌ إلی الحرم‌ الإلهيّ ـ من‌ حيث‌ درك‌ مقام‌ التوحيد والعظمة‌ الإلـهيّة‌ ـ بجانب‌ خاصّ و اسم‌ مخصوص‌ و أصبح‌ من‌ المخلَصين‌. و أنّ ألقاباً نحو: روح‌ الله‌، أو كليم‌ الله‌، أو خليل‌ الله‌، أو نَجِيّ الله‌، أو صفّي‌ الله‌، و أمثالها ليست‌ ألقاباً شكليّة‌ و اعتباريّة‌، بل‌ هي‌ تنبي‌ عن‌ نوع‌ خاص‌ من‌ الملكات‌، و طبيعة‌ مخصوصة‌ من‌ النفوس‌، إذ إنّ النفحات‌ الإلـهيّة‌ في‌ كلّ واحد منهم‌ ليست‌ علی منوال‌ واحد، بل‌ إنّ كلاًّ منهم‌ سار من‌ طريق‌ خاصّ و نمط‌ مخصوص‌ متّصفاً بصفاء الباطن‌ في‌ اسم‌ من‌ الاسماء الإلـهيّة‌، فظهرت‌ حقيقة‌ ذلك‌ الاسم‌ فيهم‌. و كانوا يقومون‌ بالمعجزات‌ والاعمال‌ الخارقة‌ للعادة‌ بواسطة‌ ذلك‌ الاسم‌. و كانت‌ العلوم‌ الربّانيّة‌ تنساب‌ علی قلوبهم‌ من‌ نافذة‌ ذلك‌ الاسم‌، من‌ عالَم‌ العلم‌ الإلـهيّ الكلّيّ بواسطة‌ جبريل‌ الامين‌.

 أمّا الوجود المقدّس‌ الخاتم‌ الانبياء والمرسلين‌ الجامع‌ لظهورات‌ الاسماء الإلـهية‌ كلّها، فله‌ نفس‌ واسعة‌ و قلب‌ فسيح‌، و عنده‌ الاسم‌ الاعظم‌ و مقام‌ الفناء في‌ اسم‌ الاحد و الذات‌ الإلـهيّة‌ المقدّسة‌. و لقب‌ خاتم‌ النّبيّين‌ ليس‌ لقباً شكليّاً و اعتباريّاً، بل‌ هو يعبّر عن‌ تلك‌ الروح‌ الكبيرة‌ و الاستعداد علی السير في‌ جميع‌ الاسماء و الصفات‌، و تجلّي‌ الاسم‌ الاعظم‌، و تلقّي‌ آخر مرتبة‌ من‌ مراتب‌ التوحيد و الفناء في‌ الذات‌ الاحديّة‌ و اندكاك‌ جميع‌ العوالم‌ و انطوائها في‌ نفسه‌ المباركة‌ بل‌ اندكاك‌ و انطواء جميع‌ علوم‌ الانبياء السابقين‌ و مواهبهم‌ مع‌ كمالاته‌ الروحيّة‌ و العلميّة‌ و التي‌ تدلّ كلّها علی معني‌ خاتم‌ النبّين‌ فالانبياء أجمع‌ مقدّمة‌ الجيش‌ له‌، و كلّ منهم‌ وجد طريقة‌ إلی الله‌ من‌ زاوية‌ خاصّة‌ و طريق‌ مخصوص‌، و أصبح‌ له‌ كمال‌ مخصوص‌. بَيدَ أنّ النفس‌ الواسعة‌ لنبيّنا العظيم‌ تشرّفت‌ بذلك‌ المقام‌ المنيع‌ و تجلّت‌ فيها كافّة‌ الاسماء الإلـهيّة‌ من‌ جميع‌ الزوايا و الطرق‌. فهو ـ إذَن‌ ـ و ارث‌ الانبياء جميعهم‌، و جمعيهم‌ تحت‌ نفوذه‌ و طوع‌ إرادته‌ متمسّكين‌ بشرف‌ الخدمة‌ و الاستشفاع‌.

 «ما عند الابرار جميعهم‌ عندك‌ أفضل‌ منه‌ أضعافاً مضاعفة‌».

 فعند سيّد الكائنات‌ علوم‌ الانبياء و الاوصياء جميعهم‌، و عنده‌ معجزاتهم‌ كلّها، و أكثر من‌ ذلك‌، سيدفع‌ إليه‌ فقط‌ لواء الحمد يوم‌ القيامة‌ فهو إمام‌ الحامدين‌ لله‌ كما يليق‌ بمقام‌ حمده‌.

 الرجوع الي الفهرس

أمیر المؤمنین علیه السّلام هو الجامع لجمیع کمالات الأنبیاء

 و قد انتقلت‌ جميع‌ تلك‌ المراتب‌ و الدرجات‌ و الكمالات‌ و الفضائل‌ و الميزات‌ و العلوم‌ و المعجزات‌ و الاسماء الإلـهيّة‌ الكلّيّة‌، و الاسم‌ الاعظم‌ إلی خليفته‌ و وصيّة‌ و مرآة‌ ظهوره‌ التامّ، أعني‌ الوجود المبارك‌ لاميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ و سيتحوّل‌ لواء الحمد يوم‌ القيامه‌ من‌ يد النبيّ إلی يد أميرالمؤمنين‌.

 إنّ مقام‌ الوراثة‌ هذا هو في‌ كتاب‌ التكوين‌ و كتاب‌ التشريع‌، إذ إنّ علم‌ ما كان‌ و ما يكون‌ إلی يوم‌ القيامة‌ و ما هو كائن‌ مشهود في‌ ذهنه‌، وقدرة‌ الله‌ و عظمة‌ الاسماء الإلـهيّة‌ متجلّيّة‌ في‌ نفس‌ الوصيّ الصافية‌ و ضميره‌ المتلالا. ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا.[32] و علی هذا الاساس‌ اعتبر القرآن‌ عليّاً عليه‌ السلام‌ نفس‌ النبيّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ آية‌ المباهلة‌. و كذلك‌ وردت‌ بهذا الشأن‌ أحاديث‌ كثيرة‌ عن‌ طريق‌ الشيعة‌ و السنّة‌، و شرط‌ الاتّحاد بين‌ النفسين‌ الاتّحاد في‌ الكمالات‌ و المعارف‌. و مضافاً إلی ذلك‌ فقد جاءت‌ أحاديث‌ جمّة‌ عن‌ طريق‌ الفريقين‌ مأثورة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ شبّهت‌ أميرالمؤمنين‌ بآدم‌، و نوح‌، و إبراهيم‌، و موسي‌، و عيسي‌، و يحيي‌ و يوسف‌. و لايتمّ التشبيه‌ إِلاّ بتحقّق‌ صفة‌ المُشَبَّه‌ به‌ في‌ المُشَبَّه‌، بل‌ إنّ كثيراً منها لم‌ ينصّ علی التشبيه‌ بل‌ نصّ علی المثليّة‌ و المساواة‌. و نذكر فيمايلي‌ بعض‌ الاحاديث‌ المرويّة‌ عن‌ طريق‌ العامّة‌ فقط‌:

 روي‌ محمّد بن‌ طلحة‌ الشافعيّ [33] بسنده‌ عن‌ البيهقيّ، و كذلك‌ روي‌ إبن‌الصبّاغ‌ المالكيّ، [34] في‌ كتاب‌ صنّفه‌ في‌ فضائل‌ الصحابة‌، بسنده‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ أنّه‌ قال‌: مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إلی آدَمَ فِي‌ عِلْمِهِ، وَ إلی نُوحٍ فِي‌ تَقواهُ، وَ إلی إبْراهِيمَ فِي‌ حِلْمِهِ، وَ إلی مُوسَي‌ فِي‌ هَيْبَتِهِ، وَإِلَي‌ عِيسَي‌ فِي‌ عِبَادَتِهِ، فَلْيَنْظُرْ إلِيَ علی بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ.

 و قال‌ الفخر الرازيّ عند تفسيره‌ آية‌ المباهلة‌: إنّ هذه‌ الآية‌ دلّت‌ علی أنّ نفس‌ علی هي‌ نفس‌ محمّد. و لما دلّ الإجماع‌ علی أنّ محمّداً صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ كان‌ أفضل‌ من‌ سائر الانبياء عليهم‌ السلام‌ فيلزم‌ أن‌ يكون‌ علی أفضل‌ من‌ سائر الانبياء باستثناء رسول‌ الله‌. ثمّ قال‌: و يؤيّد الاستدلال‌ بهذه‌ الآية‌ الحديث‌ المقبول‌ عند الموافق‌ و المخالف‌، و هو قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌. مَنْ أَرادَ أَنْ يَرَي‌ آدَمَ فِي‌ عِلْمِهِ، وَ نُوحاً فِي‌ طاعَتِهِ، وَ إبْرَاهِيمَ فِي‌ خُلَّتِهِ، وَ مُوسَي‌ فِي‌ هَيْبَتِهِ، وَ عِيسَي‌ فِي‌ صِفْوَتِهِ، فَلْيَنْظُرْ إلی عَلِيِّبْنِ أَبِي‌طَالِبٍ.

 ثمّ قال‌: فالحديث‌ دلّ علی أنـّه‌ اجتمع‌ فيه‌ ما كان‌ متفرّقاً فيهم‌. وذلك‌ يدلّ علی أنّ عليّاً أفضل‌ من‌ جميع‌ الانبياء. و أمّا الشيعة‌ فقد كانوا قديماً و حديثاً يستدلّون‌ بهذه‌ الآية‌ علی أنّ عليّاً رضي‌ الله‌ عنه‌ أفضل‌ من‌ سائر الصحابة‌، لانّ الآية‌ لما دلّت‌ علی أنّ نفس‌ علی رضي‌ الله‌ عنه‌ مثل‌ نفس‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ إلاّ فيما خصّه‌ الدليل‌، و كانت‌ نفس‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ أفضل‌ من‌ الصحابة‌، فوجب‌ أن‌ تكون‌ نفس‌ علی أفضل‌ من‌ سائر الصحابة‌. [35]

 و روي‌ الشيخ‌ سليمان‌ القندوزيّ الحنفيّ عن‌ أبي‌ الحمراء، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أنـّه‌ قال‌: مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إلی آدَمَ فِي‌ عِلْمِهِ، وَ إلی نُوحٍ فِي‌ عَزْمِهِ، وَ إلی إبْرَاهِيمَ فِي‌ حِلْمِهِ، وَ إلی مُوسَي‌ فِي‌ بَطْشِهِ، وَإِلَي‌ عِيسَي‌ فِي‌ زُهْدِهِ، فَلْيَنْظُرْ إلی علی بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ. أَخرجه‌ أبوالخير الحاكميّ. [36]

 و روي‌ ابن‌ عبّاس‌ أيضاً عن‌ رسول‌ الله‌ أنـّه‌ قال‌: مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إلی آدَمَ فِي‌ عِلْمِهِ، وَ إلی نُوحٍ فِي‌ حُكْمِهِ، وَ إلی إبْرَاهِيمَ فِي‌ حِلْمِهِ، وَ إلی مُوسَي‌ فِي‌ هَيْبَتِهِ، وَ إلی عِيسَي‌ فِي‌ زُهْدِهِ، فَلْيَنْظُرْ إلی علی بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ. أخرجه‌ الملاّ في‌ سيرته‌.[37]

 و روي‌ محبّ الدين‌ عن‌ أبي‌ الحمراء أنـّه‌ قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَ سَلَّمَ: مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إلی آدَمَ فِي‌ عِلْمِهِ، وَ إلی نُوحٍ فِي‌ فَهْمِهِ، وَ إلی إبْرَاهِيمَ فِي‌ حِلْمِهِ، وَ إلی يَحْيَي‌ بْنِ زَكَرِيّا فِي‌ زُهْدِهِ، وَ إلی مُوسَي‌ فِي‌ بَطْشِهِ، فَلْيَنْظُرْ إلی علی بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ. أخرجه‌ أبو الخير الحاكميّ. [38] و ورد في‌ هامش‌ ص‌ 212 من‌ «المناقب‌» لابن‌ المغازليّ: أخرجه‌ أخطب‌ خوارزم‌ في‌ مناقبه‌، ص‌ 49، و ص‌ 245، و المحبّ الطبريّ في‌ «الرياض‌ النضرة‌» ج‌ 2 ص‌ 217، و رواه‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2 ص‌ 229، و قال‌: رواه‌ أحمد بن‌ حنبل‌ في‌ المسند، و رواه‌ البيهقي‌ في‌ صحيحه‌.

 و كذلك‌ روي‌ محب‌ الدين‌ الطّبري‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أنـّه‌ قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إلی إبْرَاهِيمَ فِي‌ حِلْمِهِ وَ إلی نُوحٍ فِي‌ حُكْمِهِ، وَ إلی يُوسُفَ فِي‌ جَمَالِهِ، فَلْيَنْظُرْ إلی علی بْنِ أَبي‌ طَالِبٍ. أخرجه‌ الملاّ (علي‌ تقي‌) في‌ سيرته‌.[39]

 و روي‌ ابن‌ المغازليّ أيضاً بسنده‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌ أنـّه‌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ: مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إلی عِلْمِ آدَمَ، وَفْقِهِ نُوحٍ، فَلْيَنْظُرْ إلی عَلِيِّبْنِ أَبِي‌طَالِبٍ[40]

 و روي‌ الكنجيّ الشافعيّ بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أنـّه‌ قال‌: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي‌ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَقْبَلَ علی بَصُرَ بِهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَ سَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَرادَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْظُرَ إلی آدَمَ فِي‌ عِلْمِهِ، وَ إلی نُوحٍ فِي‌ حِكْمَتِهِ، وَ إلی إبْرَاهِيمَ فِي‌ حِلْمِهِ، فَلْيَنْظُرْ إلی عَلِيِّبْنِ أَبي‌طَالِبٍ.

 ثمّ قال‌: تشبيهه‌ لعليّ بآدم‌ في‌ علمه‌ لانّ الله‌ علّم‌ آدم‌ صفة‌ كلّ شي‌ء كما قال‌ عزّ وجلّ: وَ عَلَّمَ آدَمَ الاْسْمَآءَ كُلَّهَا. [41] فما شي‌ء و لاحادثة‌ و لاواقعة‌ إِلاّ و عند علی علم‌، و له‌ في‌ استنباط‌ معناها فهم‌.

 و شبّهه‌ بنوح‌ في‌ حكمته‌، أو في‌ رواية‌ أخري‌ في‌ حكمه‌، و كأنـّه‌ أصحّ، لانّ عليّاً عليه‌ السلام‌ كان‌ شديداً علی الكافرين‌ رؤوفاً بالمؤمنين‌ كماوصفه‌ الله‌ تعالي‌ في‌ القرآن‌ بقوله‌: وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ علی الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ. [42] و أخبر الله‌ عزّ وجلّ عن‌ شدّة‌ نوح‌ عليه‌ السلام‌ علی الكافرين‌ بقوله‌: رَّبِّ لاَ تَذَرْ علی الاْرْضِ مِنَ الْكَـ'فِرِينَ دَيَّارًا. [43]

 و شبّهه‌ في‌ الحلم‌ بإبراهيم‌ عليه‌ السلام‌ خليل‌ الرحمن‌ كما وصفه‌ الله‌ عزّ وجلّ بقوله‌: إِنَّ إبْر ' هِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ. [44] فكان‌ متخلّقاً بأخلاق‌ الانبياء متّصفاً بصفات‌ الاوصياء. [45]

 و قال‌ القندوزيّ الحنفيّ: و في‌ «المناقب‌» عن‌ الحسن‌ بن‌ علی بن‌ محمّد بن‌ جعفر الصادق‌ بن‌ محمّد الباقر، عن‌ آبائه‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليّبن‌ أبي‌طالب‌ عليهم‌ السلام‌ قال‌: إِنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَيَّ وَ أَنَا مُقْبِلٌ وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ وَ قَالَ لِي‌: أَمَا إِنَّ فِيكَ شِبْهاً مِنْ عِيسَي‌ ابْنِ مَرْيَمَ، وَ لَوْ لاَ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولَ فِيكَ طَوائِفُ مِنْ أُمَّتِي‌ ما قَالَتِ النَّصاري‌ فِي‌ عِيسَي‌ ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ مَقالاً لاَ تَمُرُّ بِمَلا مِنَ النّاسِ إِلاّ أَخَذُوا التُّرابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَبْغُونَ فِيهِ الْبَرْكَةَ وَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: لَمْ يَرْضَ مُحَمَّدٌ إِلاّ أَنْ يَجْعَلَ ابْنَ عَمِّهِ مَثَلاً لِعِيسَي‌ ابْنِ مَرْيَمَ، فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَي‌: «وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَ قَالُو´ا ءَأَ ' لِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ (أي‌ْ عَلِيٌّ) إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَ جَعَلْنَـ'اهُ مَثَلاً لِبَنِي‌´ إسْرَآءِيلَ».[46] ثمّ قال‌ القندوزيّ: و جاء أيضاً عن‌ سلمان‌ نحو هذه‌ الرواية‌، و بطريق‌ آخر عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ نحوها. و يطابقها قول‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ دعائه‌: اللَهُمَّ قَدْ أَجَبْنَا داعِيَكَ الْمُنْذِرَ النَّذِيرَ مُحَمَّداً صَلَّيْتَ عَلَيْهِ عَبْدَكَ وَ رَسُولَكَ الَّذِي‌ دَعا النّاسَ إلی وِلاَيَةِ علی يَوْمَ الْغَدِيرِ الَّذِي‌ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَ جَعَلْتَهُ مَثَلاً لِبَنِي‌ إِسرَائِيلَ.[47]

 و قال‌ أيضاً: أخرج‌ أحمد بن‌ حنبل‌، و البزّار، و أبويعلي‌، و الحاكم‌ عن‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ أنـّه‌ قال‌: دَعَانِي‌ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ فِيكَ مَثَلاً فِي‌ عِيسَي‌ أَبْغَضَتْهُ الْيَهُودُ حَتَّي‌ بَهَتُوا أُمَّهُ، وَ أَحَبَّتْهُ النَّصَارَي‌' حَتَّي‌ نَزَّلُوهُ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِي‌ لَيْسَ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ علی ] عَلَيهِالسَّلاَمُ [: وَ إنـَّهُ لَيَهْلِكُ فِي‌َّ اثْنَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يُقَرِّضُنِي‌ بِمَا لَيْسَ فِي‌َّ، وَ مُبْغِضٌ يَحْمِلُهُ شَنَآنِي‌ علی أَنْ يَبْهَتَهِي‌. [48]

 و ذكر أحمد في‌ «المسند» نحوها عن‌ علی أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌ مرفوعاً. [49]

 و الاخبار، التي‌ تدلّ علی أنّ أميرالمؤمنين‌ قد دخل‌ حرم‌ الله‌ وأصبحت‌ روحه‌ مندكّة‌ في‌ الانوار الإلـهيّة‌، و أنـّه‌ فني‌ في‌ ذات‌ الله‌، كثيرة‌ وطبيعيّ أنّ من‌ كانت‌ له‌ هذه‌ الصفّة‌، فإنّ أنوار تجلّيّات‌ الذات‌ تتجلّي‌ في‌ وجوده‌ فيكون‌ يد الله‌، و قدرة‌ الله‌، و عين‌ الله‌، و سمعُ الله‌، و تصدر عنه‌ المعجزات‌. و كلّما كان‌ اندكاكه‌ في‌ الذات‌ المقدّسة‌ أكثر، تلالات‌ صفات‌الله‌، التي‌ هي‌ لازمة‌ للذات‌ في‌ مرآة‌ وجوده‌ أكثر فأكثر.

 الرجوع الي الفهرس

فی أمیر المؤمنین سبع خصال لم تکن فی أحد سواه

 و أخرج‌ أبونعيم‌ الاصفهانيّ بسلسلة‌ سنده‌ عن‌ يحيي‌ بن‌ سعيد الانصاريّ، عن‌ سعيد بن‌ المسيّب‌، عن‌ أبي‌ سعيد الخدريّ أنـّه‌ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِه‌ [ وَسَلَّمَ لعلي‌ٍّ ـ و ضرب‌ ببَيْنَ كِتْفَيْةِ ـ: يَاعَلِيُّ! لَكَ سَبْعُ خِصَالٍ لاَ يُحَاجُّكَ فِيهِنَّ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ أَنْتَ أَوَّلُ الْمُؤمِنِينَ بِاللَهِ إيمَاناً، وَ أوفَاهُمْ بِعهْدِ اللهِ، وَ أَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ، وَ أَرَأَفُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ، وَ أَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَ أَعْلَمُهُمْ بِالْقَضِيَّةِ، وَ أَعْظَمُهُمْ مَزِيَّةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ. [50]

 و وأضح‌ أنّ رسول‌ الله‌ قال‌ لعليّ بنحو مطلق‌ إنّ هذه‌ الصفات‌ التي‌ فيك‌ لايساويك‌ فيها أحد يوم‌ القيامة‌. أي‌: أنّ جميع‌ الانبياء و المرسلين‌ لايساوونك‌ فيها، و أنّ الدرجة‌ التي‌ ارتقيت‌ إليها في‌ هذه‌ الصفات‌ السبع‌ لم‌ يرتقوا إليها.

 و أخرج‌ أبونعيم‌ أيضاً بسنده‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌ أنـّه‌ قال‌: بَعَثَنِي‌ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ إِلاي‌ بَرْزَةَ الاْسْلَمِي‌ِّ فَقَالَ لَهُ ـ وَ أَنَا أَسْمَعُ: يَا أبَابَرْزَةَ! إنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ عَهِدَ إلَيَّ عَهْداً فِي‌ علی بْنِ أَبي‌ طَالِبٍ فَقَالَ: إنـَّهُ رَايَةُ الْهُدَي‌، وَ مَنارُ الإيمَانِ، و إمامُ أَوليائي‌، و نُورُ جَمِيع‌ مَنْ أَطَاعني‌. يَا أَبابَرْزَةَ! علی بْنُ أَبي‌ طَالِبٍ أَمِينِي‌ غَداً فِي‌ الْقِيَامَةِ وَ صَاحِبُ رَايَتي‌ فِي‌الْقِيَامَةِ علی مَفَاتِيحِ خَزائِنِ رَحْمَةِ رَبّي‌. [51]

 و وأضح‌ أنّ رسول‌ الله‌ لمّا كان‌ أفضل‌ الانبياء جميعهم‌، و ليس‌ فيهم‌ من‌ هو علی مفاتيح‌ خزائن‌ رحمة‌ الله‌ إِلاّ أمينه‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌، فإنّ حصر هذا المقام‌ به‌ يدلّ علی أنّ له‌ منزلة‌ خاصّ´ هي‌ ليست‌ لاحد من‌ الانبياء. و ذكر الحموينيّ في‌ «فرائد السمطين‌»، و أبونعيم‌ بإسناده‌ رواية‌ نقلاها عن‌ إسحاق‌ بن‌ كعب‌ بن‌ عُجْرة‌ أنـّه‌ روي‌ عن‌ أبيه‌ قال‌: قَالَ رَسُولَ اللَهُ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: لاَ تَسُبُّوا عَلِيّاً فَإنـَّهُ مَمْسُوسٌ فِي‌ ذاتِ اللَهِ ـ تَعَالَي‌. [52]

 و أخرج‌ أبو نعيم‌ أيضاً بسنده‌ عن‌ سليمان‌، و هو ابن‌ محمّد بن‌ كعب‌بن‌ عُجْرة‌، عن‌ عمّته‌ زينب‌ بنت‌ كعب‌ بن‌ عجرة‌، و كانت‌ زوجة‌ أبي‌ سعيد الخدريّ، عن‌ أبي‌ سعيد الخُدريّ أنـّه‌ قال‌: شَكَي‌ النَّاسُ عَلِيّاً: فَقَامَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ خَطِيباً، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! لاَت‌تَشْكُوا عَلِيّاً فَوَاللَهِ إ،نـَّهُ لاَخْشَنُ فِي‌ ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. [53]

 و نقل‌ القندوزيّ الشافعيّ أيضاً نحوه‌ عن‌ رسول‌ الله‌، ثمّ قال‌: أخرج‌ أحمد بن‌ حنبل‌ هذا الحديث‌.[54]

 و أيضاً عن‌ كعب‌ بن‌ عجرة‌ مرفوعاً أنّ رسول‌ الله‌ قال‌: إِنَّ عَلِيّاً مَخْشُونٌ فِي‌ ذَاتِ اللهِ عزَّ وَجَلَّ. ثمّ يقول‌: أخرجه‌ أبو عمر. [55]

 و علی هذا الاساس‌ كانت‌ تصدر معجزات‌ الانبياء و المرسلين‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌. و قال‌ الإمام‌ الفخر الرازيّ في‌ تفسير الآية‌ الشريفة‌: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَـ'بَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ ءَايَـ'تِنَا عَجَبًا». [56] و لِهَـذَا قَالَ عَلِيُّبْنُ أَبي‌طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: وَاللَهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَرٍ بِقُوَّةٍ جَسَدَانِيَّةٍ وَلَكِنْ بِقُوَّةٍ رَبَّانِيَّةٍ. وَ ذَلِكَ لاِنَّ عَلِيّاً كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ فِي‌ ذَلِكَ الْوَقْتِ انْقَطَعَ نَظَرُهُ عَنْ عَالَمِ الاْجْسَادِ وَأَشْرَقَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَنْوَارِ عَالَمِ الْكِبْرِيَاءِ فَتَقْوي‌ رُوحُهُ وَ تَشَبَّهَ بِجَوَاهِرِ الاْرْوَاحِ الْمَلَكِيَّةِ وَ تَلاْلاَتْ فِيهِ أَضْواءُ عَالَمِ الْقُدْسِ وَالْعَظَمَةِ فَلاَ جَرَمَ حَصَلَ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ مَا قَدَرَ بِهَا علی مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. [57] علماً أنّ أربعة‌ وأربعين‌ شخصاً لم‌ يستطيعوا أن‌ يرفعوه‌ عن‌ الارض‌، فقلعه‌ الإمام‌ بضربة‌ واحدة‌ و رماه‌ فصار جسراً لعبور الجيش‌ إلی داخل‌ قلعة‌ خيبر.

 الرجوع الي الفهرس

مجیء أمیرالمؤمنین علیه السّلام للمدائن فی وفاة سلمان

 و روي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ حبيب‌ بن‌ حسن‌ العَتَكيّ، عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاريّ قال‌: صلّي‌ بنا أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ صلاة‌ الصبح‌ ثمّ أقبل‌ علينا، فقال‌: معاشر النّاس‌، أعظم‌ الله‌ أجركم‌ في‌ أخيكم‌ سلمان‌ فقالوا في‌ ذلك‌. فلبس‌ عمامة‌ رسول‌ الله‌ و دراعته‌ و أخذ قضيبه‌ و سيفه‌ وركب‌ علی العضباء (الناقة‌ التي‌ ورثها عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌) و قال‌ لقنبر: عدّ عشراً. قال‌: ففعلت‌، فإذا نحن‌ علی باب‌ سلمان‌ (في‌ المدائن‌) قال‌ زاذان‌: فلمّا أدرك‌ سلمان‌ الوفاة‌، فقلت‌ له‌: من‌ المغسِّل‌ لك‌؟ قال‌: من‌ غسّل‌ رسول‌ الله‌. فقلتُ: إنّك‌ بالمدائن‌ و هو بالمدينة‌! فقال‌: يازاذان‌ إذا شددت‌ لحيتي‌، تسمع‌ الوجبة‌، فلمّا شددت‌ لحيته‌ سمعت‌الوجبة‌ و أدركت‌ الباب‌، فإذا أنا بأميرالمؤمنين‌. فقال‌: يازاذان‌ قضي‌ ] العبد الصالح‌ [ أبو عبدالله‌ سلمان‌؟ قلت‌: نعم‌ يا سيّدي‌، فدخل‌ وكشف‌ الرداء، عن‌ وجهه‌، فتبسّم‌ سلمان‌ إلی أميرالمومنين‌. فقال‌ له‌: مرحباً يا أبا عبدالله‌، إذا لقيت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ و سلّم‌ ـ فقل‌ له‌ ما مرّ علی أخيك‌ من‌ قومك‌، ثمّ أخذ في‌ تجهيزه‌. فلمّا صلّي‌ عليه‌ كنّا نسمع‌ من‌ أميرالمؤمنين‌ تكبيراً شديداً، و كنت‌ رأيت‌ معه‌ رجلين‌. فقال‌: أحدهما جعفر أخي‌، و الآخر الخضر عليه‌ السلام‌ و مع‌ كلّ واحد منهما سبعون‌ صفّاً من‌ الملائكةِ، في‌ كلّ صفّ ألف‌ مَلَك‌ (وضع‌ سلمان‌ في‌ ملحودته‌ و أهال‌ عليه‌ التراب‌، ثمّ رجع‌ إلی المدينة‌ و لم‌ ينشقّ الفجر بعد). و في‌ ذلك‌ يقول‌ أبوالفضل‌التميميّ:

سَمِعْتَ مِنّي‌ يَسيراً مِنْ عَجَائِبِهِ             وَ كُلُّ أَمْرِ علی لَمْ يَزَلْ عَجَبا

 أَدَرَيْتَ فِي‌ لَيْلَةٍ سَارَ الْوَصِي‌ُّ إلي                        ‌ أَرْضِ الْمَدَائِنِ لَمّا أَنْ لها طَلَبا

 فَأَلْحَدَ الطُّهْرَ سَلْمَاناً وَ عَادَ إلي‌               عِرَاصِ [58] يَثْرِبَ وَالإصْبَاحُ مَا قَرُبَا

 كَآصِفٍ [59] قَبْلَ رَدِّ الطَّرْفِ مِنْ سَبَأٍ                       بِعَرْشِ بَلْقَيْسَ وَافَي‌ يَخْرُقُ الْحُجُبا

 فِي‌ آصِفٍ لَمْ تَقُلْ ءَاَنْتَ بَلَي                   ‌ أَنَا بِحَيْدَرِ غَالٍ أُورِدُ الْكَذِبا؟

 إنْ كَانَ أَحْمَدُ خَيْرَ الْمُرْسَلِينَ فَذَا             خَيْرُ الْوَصِيِّينَ أَوْ كُلُّ الْحَدِيثِ هَبا [60]

 وَ قُلْتَ مَا قُلْتَ مِنْ قَوْلِ الْغُلاَةِ فَمَا                       ذَنْبُ الْغُلاَةِ إِذَا قَالُوا الَّذِي‌ وَجَبا [61]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآيتان‌ 31 و 32، من‌ السورة‌ 35: فاطر.

[2] ـ الآية‌ 1، من‌ السورة‌ 11: هود.

[3] ـ الآية‌ 59، من‌ السورة‌ 27: النمل‌.

[4] ـ الآيات‌ 33 إلی 35، من‌ السورة‌ 35: فاطر.

[5] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 351، الحديث‌ الرابع‌، و تفسير «الميزان‌» ج‌ 17، ص‌ 49؛ و«بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 44 عن‌ «بصائر الدرجات‌».

[6] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 351، الحديث‌ الاوّل‌؛ و «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 44 عن‌ «بصائر الدرجات‌»، و ص‌ 45 عن‌ «تفسير عليّ بن‌ إبراهيم‌».

[7] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 351، الحديث‌ الثامن‌.

[8] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 353، الحديث‌ السادس‌ عشر: و قال‌ في‌ تفسير «الدرّ المنثور» ج‌ 5، ص‌ 251 في‌ ذيل‌ الآية‌ الشريفة‌: و أخرج‌ الطيالسيّ، و أحمد، و عبدبن‌ حميد والترمذيّ و حسّنه‌، و ابن‌ جرير، و ابن‌ المنذر، و ابن‌ أبي‌ حاتم‌، و ابن‌ مردويه‌، و البيهقيّ، عن‌ أبي‌ سعيد الخدريّ رضي‌ الله‌ عنه‌ عن‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و سلّم‌ ـ أنـّه‌ قال‌ في‌ هذه‌ الآية‌: «ثُمَّ أَوْرَثنَا الَكتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنهُمْ سَابِقُ بِالْخَيْرَ'تِ» قال‌: هؤلاء كلّهم‌ بمنزلة‌ واحدة‌ و كلّهم‌ في‌ الجنّة‌.

[9] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 351، الحديث‌ الثامن‌.

[10] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 17، ص‌ 50؛ و «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 43 عن‌ «معاني‌ الاخبار»

[11] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 352، الحديث‌ الحادي‌ عشر، و «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 44 عن‌ كتاب‌ «سعد السعود» لابن‌ طاووس‌، عن‌ كتاب‌ «تفسير محمّد بن‌ عبّاس‌ بن‌ مروان‌». و قال‌ في‌ تفسير «الدرّ المنثور» ج‌ 5، ص‌ 251: و أخرج‌ الفريابيّ، و أحمد، و عبيد بن‌ حميد، و ابن‌ جرير، و ابن‌ المنذر، و ابن‌ أبي‌ حاتم‌، و الطبرانيّ، و الحاكم‌، و ابن‌ مردوية‌، و البيهقيّ، عن‌ أبي‌ الدرداء: سمعتُ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يقول‌: قال‌ الله‌ ـ تعالي‌: «ثُمّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَ مِنهُم‌ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَ'تِ بِإِذْنِ اللَهِ» فأمّا الذين‌ سبقوا فاولئك‌ يدخلون‌ الجنّة‌ بغير حساب‌، و أمّا الذين‌ اقتصدوا فأُولئك‌ الذين‌ يحاسبون‌ حساباً يسيراً، و أمّا الذين‌ ظلموا أنفسهم‌ فاولئك‌ يحبسون‌ في‌ طوال‌ المحشر ثمّ هم‌ الذين‌ تلقّاهم‌ الله‌ برحمة‌، فهم‌ الذين‌ يقولون‌: «الْحَمْدُ لِلَهِ الَّذِي‌ أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إنَّ رَبـَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي‌ أَحَلَّنَا دَارَ الْمَقَامِة‌ مِن‌ فَضْلِهِ لاَ يَمَسَّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَ لاَ يَمَسَّنَا فِيهَا لُغُوبٌ»

[12] ـ أي‌ في‌ الشدّة‌ و الرخاء، و في‌ الضّيق‌ و السعة‌.

[13] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 352، الحديث‌ التاسع‌؛ و «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 44 عن‌ «معاني‌ الاخبار».

[14] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 353، الحديث‌ الثامن‌ عشر؛ و «بحار الانوار» ج‌ 7، ص‌ 44 عن‌ «كشف‌ الغمّة‌».

[15] ـ لانـّه‌ كان‌ يدلّ سليمان‌ علی الماء بما يمتلكه‌ من‌ بصرٍ حادّ.

[16] ـ و عليه‌ فإنّ سليمان‌ كان‌ ناقصاً في‌ علومه‌.

[17] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 351، الحديث‌ الرابع‌، و «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 226 و الطبعة‌ الحروفيّة‌ ج‌ 26، ص‌ 161 عن‌ «الكافي‌».

[18] ـ الثِّماد جمع‌ الثمد و هو الماء القليل‌ الذي‌ لا مادّ له‌ و الذي‌ يتجمّع‌ علی الارض‌ أحياناً ثمّ يجفّ.

[19] ـ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 226.

[20] ـ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 226.

[21] ـ أي‌ أصحاب‌ كتاب‌ و شريعة‌.

[22] ـ «بحار الانوار»، ج‌ 6، ص‌ 226.

[23] ـ أي‌ انّ المقصود بصحف‌ إبراهيم‌ و موسي‌ لهو العلم‌ الذي‌ تبيّنونه‌ للناس‌.

[24] ـ «أصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 175؛ و «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 226 و الطبعة‌ الحروفية‌ ج‌ 26، ص‌ 187.

[25] ـ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 226.

[26] ـ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 226.

[27] ـ أي‌ أنـّه‌ أُعطي‌ حرفين‌ كان‌ يجترح‌ بهما المعجزات‌، من‌ إحياء الموتي‌ و شفاء الاعمي‌ و الاكمه‌ و الابرص‌، و إخبار الناس‌ عن‌ الغيب‌، كإخبارهم‌ عمّا كانوا يأكلون‌ أو عمّا يدّخرون‌ في‌ بيوتهم‌.

[28] ـ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 227.

[29] ـ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 227 طبعة‌ الكمباني‌.

[30] ـ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 229 طبعة‌ الكمباني‌.

[31] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 229 طبعة‌ الكمباني‌

[32] ـ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَ أَبْنَآءَكُمْ وَ نِسَآءَنَا وَ نِسَآءَكُمْ وَ أَنـفُسَنَا وَ أَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ. (الآية‌ 61، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌).

[33] ـ «مطالب‌ السُؤل‌» ص‌ 22.

[34] ـ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 121.

[35] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» آية‌ المباهلة‌، ج‌ 8، ص‌ 86.

[36] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 214

[37] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 214.

[38] ـ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 93.

[39] ـ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 94.

[40] ـ «مناقب‌ ابن‌ المغازليّ» ص‌ 212

[41] ـ الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[42] ـ الآية‌ 29، من‌ السورة‌ 48: الفتح‌.

[43] ـ الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 71: نوح‌.

[44] ـ الآية‌ 75، من‌ السورة‌ 11: هود.

[45] ـ «كفاية‌ الطّالب‌»، ص‌ 121 و 122

[46] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» طبع‌ إسلامبول‌ ص‌ 131، و نقل‌ ذلك‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 436 عن‌ «فضائل‌» ابن‌ شاذان‌، و نقل‌ كتاب‌ الفضائل‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌، عن‌ رسول‌ الله‌، صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ ـ في‌ يوم‌ خيبر باختلاف‌ يسير في‌ اللفظ‌. و الآيات‌ 57 إلی 59، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[47] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 131.

[48] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 283.

[49] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 214

[50] ـ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 66.

[51] ـ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 66 و 68

[52] ـ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 66 و 68.

[53] ـ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 66 و 68.

[54] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 216.

[55] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 216.

[56] ـ الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[57] ـ «التفسير الكبير» للفخر الرازيّ ج‌ 21، ص‌ 91

[58] ـ العرصة‌ ساحة‌ الدار، و يقال‌ لكلّ بقعة‌ ليس‌ فيها بناء: عرصة‌. و جمعها عراص‌ وأعراص‌ و عَرَصَات‌.

[59] ـ وصيّ سليمان‌ بن‌ داود عليهما السلام‌.

[60] ـ إن‌ أمكن‌ لآصف‌ بن‌ برخيا ـ و هو وصيّ سليمان‌ ـ أن‌ يُحضر عرش‌ بلقيس‌ من‌ مدينة‌ سبأ قبل‌ ارتداد الطرف‌، فأحمد خاتم‌ الانبياء و المرسلين‌ و وصيّة‌ خير الوصيّين‌، فكيف‌ لا يمكنه‌ أن‌ يأتي‌ من‌ المدينة‌ إلی المدائن‌ ثمّ يعود في‌ ليلة‌ واحدة‌؟! عليك‌ أمّا أنْ تُنْكر ذلك‌ كلّه‌ و تقول‌ إنّ جميع‌ مطالب‌ القرآن‌ و إحضار عرش‌ بلقيس‌ من‌ سبأ كان‌ جزافاً من‌ القول‌؛ أو أن‌ تؤمن‌ به‌ كلّه‌.

[61] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1، ص‌ 448 و 449.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com