بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد السادس عشر و السابع عشر / القسم الرابع: تقدم الشیعة فی العلوم المختلفة

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الشيعة‌ هم‌ السبّاقون‌ في‌ العلوم‌ القرآنيّة‌ المتنوّعة‌

 قال‌ المرحوم‌ الصدر: أوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ علم‌ تفسير القرآن‌ سعيد بن‌ جُبَيْر التابعيّ رضي‌ الله‌ عنه‌. كان‌ أعلم‌ التابعين‌ بالتفسير. كما حكاه‌ السيوطيّ في‌ « الإتقان‌ » عن‌ قتادة‌. وذكره‌ ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست» عند ذكر للكتب‌ المصنّفة‌ في‌ التفسير، ولم‌ ينقل‌ تفسيراً لاحدٍ قبله‌. وكانت‌ شهادته‌ سنة‌ أربع‌ وتسعين‌ من‌ الهجرة‌.

 وكان‌ ابن‌ جبير من‌ خلّص‌ الشيعة‌. نصّ علی ذلك‌ علماؤنا في‌ كتب‌ الرجال‌، كالعلاّمة‌ جمال‌ الدين‌ ابن‌ المطَّهر في‌ « الخلاصة‌ »، وأبي‌ عمرو الكشّيّ في‌ كتابه‌ في‌ الرجال‌. وروي‌ روايات‌ عن‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ في‌ مدحه‌ وتشيّعه‌ واستقامته‌. قال‌: وما كان‌ سبب‌ قتل‌ الحجّاج‌ له‌ إلاّ علی هذا الامر ـ يعني‌ التشيّع‌ـ قتله‌ سنة‌ 94.

 ثمّ أعلم‌ أنّ جماعة‌ من‌ التابعين‌ من‌ الشيعة‌ صنّفوا في‌ تفسير القرآن‌ بعد سعيد بن‌ جبير.

 منهم‌: السُّدِّي‌ الكبير إسماعيل‌ بن‌ عبدالرحمن‌ الكوفيّ أبو محمّد القُرَشيّ المتوفّي‌ سنة‌ سبع‌ وعشرين‌ ومائة‌. قال‌ السيوطيّ في‌ « الإتقان‌ »: أَمْثَلُ التفاسير تفسيرُ إسماعيل‌ السُّدِّي‌. روي‌ عنه‌ الائمّة‌ مثل‌ الثوريّ! وشعبة‌.

 قلتُ: وقد ذكره‌ وذكر تفسيره‌ النجاشيّ، والشيخ‌ أبو جعفر الطوسيّ في‌ فهرست‌ أسماء مصنّفي‌ الشيعة‌. وقد نصّ علی تشيّعه‌ ابن‌ قتيبة‌ في‌ كتاب‌ « المعارف‌ »، والعسقلانيّ في‌ « التقريب‌ » و « تهذيب‌ التهذيب‌ ». وكان‌ من‌ أصحاب‌ عليّ بن‌ الحسين‌ والباقر والصادق‌ عليهم‌ السلام‌.

 ومنهم‌: محمّد بن‌ السائب‌ بن‌ بِشْر الكَلْبيّ صاحب‌ التفسير المشهور. وذكره‌ ابن‌ النديم‌ عند تسمية‌ الكتب‌ المصنَّفة‌ في‌ تفسير القرآن‌. وقال‌ ابن‌ عديّ في‌ « الكامل‌ »: للكلبيّ أحاديث‌ صالحة‌، وخاصّة‌ عن‌ أبي‌ صالح‌، وهو معروف‌ بالتفسير. وليس‌ لاحد تفسير أطول‌ منه‌ ولا أشبع‌. وقال‌ السمعانيّ: محمّد بن‌ السائب‌ صاحب‌ « التفسير »، كان‌ من‌ أهل‌ الكوفة‌، قائلاً بالرجعة‌. وابنه‌ هشام‌ ذو نسب‌ عالٍ، وفي‌ التشيّع‌ غالٍ.

 قلت‌: كان‌ من‌ الشيعة‌ المخصوصين‌ بالإمام‌ زين‌ العابدين‌ وابنه‌ الباقرش‌، وكانت‌ وفاته‌ سنة‌ ستّ وأربعين‌ بعد المائة‌ من‌ الهجرة‌ المباركة‌.

 ومنهم‌: جَابِرُ بْنُ يَزِيد الجُعَفِيّ الإمام‌ في‌ التفسير، أخذه‌ عن‌ الإمام‌ الباقر، وكان‌ من‌ المنقطعين‌ إلیه‌. وصنَّف‌ تفسير القرآن‌ وغيره‌. وتوفّي‌ سنة‌ سبع‌ وعشرين‌ ومائة‌ بعد الهجرة‌. وهو غير تفسير الإمام‌ الباقر الذي‌ ذكره‌ ابن‌ النديم‌ عند تسمية‌ الكتب‌ المصنَّفة‌ في‌ التفسير.

 قال‌: كتاب‌ الباقر محمّد بن‌ عليّ بن‌ الحسين‌، رواه‌ عنه‌ أبو الجارود زيادبن‌ المنذر رئيس‌ الجاروديّة‌ الزيديّة‌.

 قلتُ: وقد رواه‌ عن‌ أبي‌ الجارود أيّام‌ استقامته‌ قبل‌ تزيّده‌ جماعة‌ من‌ ثقات‌ الشيعة‌ كأبي‌ بصير يحيي‌ بن‌ القاسم‌ الاسديّ وغيره‌.

 إنّ أوّل‌ من‌ دوّن‌ علم‌ القراءة‌ أَبَانُ بْنُ تَغْلِب‌ الربعيّ أبو سعيد. ويقال‌: أبو أُميمة‌ الكوفيّ. قال‌ النجاشيّ في‌ فهرس‌ أسماء مصنّفي‌ الشيعة‌: كان‌ أبان‌ رحمه‌ الله‌ مقدَّماً في‌ كلّ فنّ من‌ العلم‌، في‌ القرآن‌ والفقه‌ والحديث‌. ولابان‌ قراءة‌ مفردة‌ مشهورة‌ عند القرّاء. ثمّ أوصل‌ إسنده‌ عن‌ محمّد بن‌ موسي‌ بن‌ أبي‌ مريم‌ صاحب‌ اللؤلؤ عن‌ أبان‌ في‌ رواية‌ الكتاب‌.

 وقد ذكر ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ » تصنيف‌ أبان‌ في‌ القراءة‌. قال‌: وله‌ من‌ الكتب‌ « معاني‌ القرآن‌ » لطيف‌، كتاب‌ « القراءة‌ »، وكتاب‌ من‌ الاُصول‌ في‌ الرواية‌ علی مذهب‌ الشيعة‌ ـ انتهي‌.

 وبعد أبان‌، صنّف‌ حَمْزَةُ بْنُ حَبِيب‌ أحد القرّاء السبعد كتاب‌ « القراءة‌». قال‌ ابن‌ النديم‌: كتاب‌ « القراءة‌ » لحمزة‌ بن‌ حبيب‌، وهو أحد السبعة‌ من‌ أصحاب‌ الصادق‌ ـ انتهي‌. وقد ذكره‌ الشيخ‌ أبو جعفر الطوسيّ في‌ كتاب‌ « الرجال‌ » في‌ أصحاب‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أيضاً. ووجد بخطّ الشيخ‌ الشهيد محمّد بن‌ مكّيّ، عن‌ الشيخ‌ جمال‌ الدين‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ الحدّاد الحلّيّ ما صورته‌: قرأ الكسائيّ القرآن‌ علی حمزة‌، وقرأ حمزة‌ علی أبي‌ عبدالله‌ الصادق‌، وقرأ علی أبيه‌، وقرأ علی أبيه‌، وقرأ علی أبيه‌، وقرأ علی أميرالمؤمنين‌ عليّ.

 قلتُ: وحمزة‌ علی الاعمش‌ أيضاً، وعلی حمران‌ بن‌ أعين‌، وهما من‌ شيوخ‌ الشيعة‌ أيضاً. ولم‌ يعهد لاحدٍ قبل‌ أبان‌، وحمزة‌ تصنيف‌ في‌ القراءات‌، فإنّ الذهبيّ وغيره‌ ممّن‌ كتب‌ في‌ طبقات‌ القرّاء نصّوا علی أنّ أوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ القراءات‌ أبو عبيد القاسم‌ بن‌ سلاّم‌ المتوفّي‌ سنة‌ 224ه. ولاريب‌ في‌ تقدّم‌ أبان‌، لانّ الذهبيّ في‌ « الميزان‌ »، والسيوطيّ في‌ « الطبقات‌ » نصّا علی أ نّه‌ توفّي‌ سنة‌ 141، فهو مُقدَّم‌ علی أبي‌ عبيد بثلاث‌ وثمانين‌ سنة‌، وكذلك‌ حمزة‌ بن‌ حبيب‌، فإنّهم‌ نصّوا أ نّه‌ تولّد سنة‌ ثمانين‌، ومات‌ سنة‌ 156، وقيل‌: سنة‌ 154، وقيل‌: سنة‌ 158، وأنّ الاخير وَهْمٌ.

 وكيف‌ كان‌ فالشيعة‌ أوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ القراءة‌، ولا يخفي‌ هذا علی الحافظ‌ الذهبيّ، وحافظ‌ الشام‌ السيوطيّ، لكن‌ إنّما أرادا أوّل‌ مَن‌ صنّف‌ في‌ القراءات‌ من‌ أهل‌ السنّة‌، لا مطلقاً.

 وقد تقدّم‌ في‌ التصنيف‌ في‌ القراءة‌ علی أبي‌ عبيد من‌ الشيعة‌ جماعة‌ آخرون‌ غير من‌ ذكرنا، مثل‌ ابن‌ سَعْدَان‌: أبي‌ جعفر محمّد سعدان‌ الضرير. ومثل‌ أبي‌ جعفر محمّد بن‌ الحسن‌ بن‌ أبي‌ سارة‌ الرَّوَاسيّ الكوفيّ أُستاذ الكسائيّ والفرّاء، من‌ خواصّ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌، ومثل‌ زيد الشهيد، له‌ قراءة‌ جدّه‌ أميرالمؤمنين‌، رواها عنه‌ عمر بن‌ موسي‌ الرَّجهيّ.

 في‌ أوّل‌ كتاب‌ قراءة‌ زيد: هذه‌ القراءة‌ سمعتها من‌ زيد بن‌ عليّ بن‌ الحسين‌ بن‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليهم‌ السلام‌، وما رأيتُ أعلم‌ بكتاب‌ الله‌ وناسخه‌ ومنسوخه‌ ومشكله‌ وإعرابه‌ منه‌. وممّن‌ تقدّم‌ من‌ الشيعة‌ في‌ التصنيف‌ في‌ معان‌ شتّي‌ من‌ القرآن‌:

 أَبَانُ بْنُ تَغْلِب‌، صنّف‌ كتاب‌ « معاني‌ القرآن‌ ». ولم‌ أعثر علی أحدٍ صنّف‌ فيه‌ قبل‌ أبان‌.

 عبدالله‌ بن‌ عبدالرحمن‌ الاصَمّ المَسْمَعيّ البصريّ، من‌ شيوخ‌ الشيعة‌، من‌ أصحاب‌ أبي‌ عبدالله‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌. وهو أوّل‌ من‌ صنّف‌ كتاباً في‌ الناسخ‌ والمنسوخ‌. وبعد دارم‌ بن‌ قبيصة‌ بن‌ نَهْشَل‌ بن‌ مجمع‌ أبو الحسن‌ التميميّ الدارميّ، من‌ شيوخ‌ الصدر الاوّل‌ من‌ الشيعة‌. عمّر حتّي‌ أدرك‌ الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌، ومات‌ في‌ أواخر المائة‌ الثانية‌. له‌ كتاب‌ « الوجوه‌ والنظائر »، وكتاب‌ « الناسخ‌ والمنسوخ‌ ». وقد ذكرهما النجاشيّ في‌ ترجمته‌ في‌ فهرست‌ أسماء المصنّفين‌ من‌ الشيعة‌. وصنّف‌ بعدهما في‌ ذلك‌ الحسن‌ بن‌ عليّ بن‌ فَضَّال‌ صاحب‌ الإمام‌ عليّ بن‌ موسي‌ الرضا عليه‌ السلام‌، وتوفّي‌ سنة‌ أربع‌ وعشرين‌ ومائتين‌. والشيخ‌ الاعظم‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ عيسي‌ الاشعريّ القمّيّ، صاحب‌ الرضا أيضاً، وعاش‌ حتّي‌ أدرك‌ الإمام‌ أبا محمّد الحسن‌ العسكريّ.

 وأوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ نوادر القرآن‌: عليّ بن‌ الحسين‌ بن‌ فَضَّال‌، أحد شيوخ‌ الشيعة‌ في‌ المائة‌ الثالثة‌. قال‌ ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ »: وكتاب‌ الشيخ‌ عليّ بن‌ إبراهيم‌ بن‌ هاشم‌ في‌ نوادر القرآن‌، شيعيّ، كتاب‌ علی بن‌ الحسن‌ بن‌ فضّال‌ من‌ الشيعة‌، كتاب‌ أبو النصر (أبو النضر ـ ظ‌) العيّاشيّ من‌ الشيعة‌ ـ انتهي‌.

 وأوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ مُتَشَابِهِ القُرْآنِ: حمزة‌ بن‌ حبيب‌ الزيّات‌ الكوفيّ، من‌ شيعة‌ أبي‌ عبدالله‌ الصادق‌ وصاحبه‌. المتوفّي‌ سنة‌ ستّ وخمسين‌ بعد المائة‌ بحُلْوان‌.

 وأوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ مَقْطُوعِ القُرْآنِ و مَوْصُولِهِ هو الشيخ‌ حمزة‌بن‌ حبيب‌، وقد ذكره‌ محمّد بن‌ إسحاق‌ المعروف‌ بابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ ».

 وأوّل‌ من‌ وضع‌ نقط‌ المصحف‌ وأعربه‌ وحفظه‌ عن‌ التحريف‌ في‌ أكثر الكتب‌ هو أبو الاسود الدُّئَليّ، وفي‌ بعضها يحيي‌ بن‌ يَعْمُر العدوانيّ تلميذه‌، والاوّل‌ هو الاصحّ. وأيّهما كان‌ فالفضل‌ للشيعة‌، لا نّما من‌ الشيعة‌ بالاتّفاق‌.

 وأوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ مَجَازِ القُرْآنِ: الفَرَّاء يحيي‌ بن‌ زياد المتوفّي‌ سنة‌ سبع‌ ومائتين‌، والآتي‌ ذكره‌ في‌ أئمّة‌ علم‌ النحو. وقد نصّ المولي‌ عبدالله‌ الافنديّ في‌ « رياض‌ العلماء » علی أ نّه‌ من‌ الشيعة‌ الإماميّة‌. ثمّ قال‌: وما قال‌ السيوطيّ من‌ ميل‌ الفرّاء إلی‌ الاعتزال‌ لعلّه‌ مبنيّ علی خلط‌ أكثر علماء الجمهور بين‌ أُصول‌ الشيعة‌ والمعتزلة‌، وإلاّ فهو شيعيّ إماميّ ـ انتهي‌.

 وقد كتب‌ في‌ مجازات‌ القرآن‌ جماعة‌، وأحسن‌ ما صنّف‌ فيه‌ كتاب‌ « مجازات‌ القرآن‌ » للسيّد الشريف‌ الرضيّ الموسويّ أخي‌ السيّد المرتضي‌.

 وأوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ أمثال‌ القرآن‌ هو الشيخ‌ الجليل‌ محمّد بن‌ محمّد ابن‌ الجُنَيد. وقد ذكر ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ » في‌ آخر تسمية‌ الكتب‌ المؤلّفة‌ في‌ معانٍ شتّي‌ من‌ القرآن‌ ما لفظه‌ « كتاب‌ الامثال‌ » لابن‌ الجنيد ـ انتهي‌. ولم‌ أعثر علی أحدٍ صنّف‌ في‌ ذلك‌ قبله‌.

 وأوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ فضائل‌ القرآن‌: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الانصَارِيّ الصحابيّ. نصّ عليه‌ ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ ». وكأنّ الجلال‌ السيوطيّ لم‌يطّلع‌ علی تقدّم‌ أُبَيّ في‌ ذلك‌، فقال‌: أوّل‌ مَن‌ صنّف‌ في‌ فضائل‌ القرآن‌ الإمام‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الشافعيّ المتوفّي‌ سنة‌ أربع‌ ومائتين‌ ـ انتهي‌.

 ثمّ إنّ السيّد عليّ بن‌ صدر الدين‌ المدنيّ صاحب‌ « سلافة‌ العصر » قد نصّ علی تشيّع‌ أُبَيّ بن‌ كعب‌ في‌ كتاب‌ الطبقات‌ أعني‌ « الدرجات‌ الرفيعة‌ في‌ طبقات‌ الشيعة‌ ». وأكثر من‌ الدلالات‌ والشواهد علی تشيّعه‌. وقد زدت‌ أنا عليه‌ شواهد ودلالات‌ في‌ الاصل‌، « تأسيس‌ الشيعة‌ لعلوم‌ الإسلام‌ ».

 وأوّل‌ من‌ صَنّف‌ في‌ أسباع‌ القرآن[1] کتاباً وکتاباً فی حدود آی القرآن: حمزة بن حبیب الکوفیّ الزیّات، أحد السبعة من الشیعة کما تقدم النصّ علی ذاک من الشیوخ و قد ذکر کتاب« أسباع القرآن» و کتاب« حدود آی القرآن» ابن الندیم فی« الفهرست» لحمزة المذکور. و لاأعلم أحداً تقدًمه فیها.

 الرجوع الي الفهرس

 أئمّة‌ علم‌ القرآن‌ من‌ الشيعة‌

 منهم‌: عبدالله‌ بن‌ عبّاس‌، وهو أوّل‌ من‌ أملي‌ في‌ تفسير القرآن‌ من‌ الشيعة‌. وقد نصّ كلّ علمائنا علی تشيّعه‌. وترجمه‌ ترجمة‌ حسنة‌ السيّد في‌ كتابه‌ « الدرجات‌ الرفيعة‌ في‌ طبقات‌ الشيعة‌ ». مات‌ سنة‌ 67 ه في‌ الطائف‌. ولمّا حضرته‌ الوفاة‌ قال‌:

 اللَهُمَّ إنِّي‌ أَتَقَرَّبُ إلیكَ بِوَلاَئِي‌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.

 ومنهم‌: جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاريّ الصحابيّ. وهو في‌ الطبقة‌ الاُولي‌ من‌ طبقات‌ المفسِّرين‌ لابي‌ الخير. وقال‌ الفضل‌ بن‌ شاذان‌ النيسابوريّ صاحب‌ الرضا: جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاريّ رضي‌ الله‌ عنه‌ من‌ السابقين‌ الذين‌ رجعوا إلی‌ أميرالمؤمنين‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌. وقال‌ ابن‌ عقدة‌ عند ذكره‌: منقطع‌ إلی‌ أهل‌ البيت‌. مات‌ بالمدينة‌ بعد السبعين‌ من‌ الهجرة‌، وعمره‌ أربع‌ وتسعون‌ سنة‌.

 ومنهم‌: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ سَيِّدُ القُرَّاءِ، عدّوه‌ في‌ الطبقة‌ الاُولي‌ من‌ الفسِّرين‌ من‌ الصحابة‌. وهو كما عرفتَ من‌ الشيعة‌. وترجمته‌ في‌ « الدرجات‌ الرفيعة‌ في‌ طبقات‌ الشيعة‌ ».

 وبعد هؤلاء: التابعون‌:

 ومنهم‌: سعيد بن‌ جُبير أعلم‌ التابعين‌ بالتفسير ـ بشهادة‌ قتادة‌ له‌ بذلك‌ـ كما في‌ « الإتقان‌ »، وقد تقدّم‌ ذكره‌ وتشيّعه‌.

 ومنهم‌: يحيي‌ بن‌ يَعْمُر التابعيّ، أحد أعلام‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ القرآن‌. قال‌ ابن‌ خلّكان‌: هو أحد قرّاء البصرة‌، وعنه‌ أخذ عبدالله‌ بن‌ إسحاق‌ القراءة‌. وكان‌ عالماً بالقرآن‌ الكريم‌، والنحو. ولغات‌ العرب‌. وأخذ النحو عن‌ أبي‌ الاسود الدئليّ. وكان‌ شيعيّاً من‌ الشيعة‌ الاُولي‌ القائلين‌ بتفضيل‌ أهل‌ البيت‌، من‌ غير تنقيص‌ لذي‌ فضل‌ من‌ غيرهم‌ ـ انتهي‌.

 ومنهم‌: أبو صالح‌، مشهود بكنيته‌، تلميذ ابن‌ عبّاس‌ في‌ التفسير. اسمه‌ ميزان‌ البصريّ، تابعيّ شيعيّ. نصّ علی تشيّعه‌ وثقته‌ الشيخ‌ المفيد محمّدبن‌ محمّد بن‌ النعمان‌ في‌ كتاب‌ « الكَافِئَةُ فِي‌ إبْطَالِ تَوْبَةِ الخَاطِئَةِ » بعد حديث‌ عنه‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌. مات‌ أبو صالح‌ بعد المائة‌.

 ومنهم‌: طاووس‌ بن‌ كيسان‌ أبو عبدالله‌ إلیمانيّ، أخذ التفسير عن‌ ابن‌ عبّاس‌. وعدّه‌ الشيخ‌ أحمد بن‌ تيميّة‌ من‌ أعلم‌ الناس‌ بالتفسير، كما في‌ « الإتقان‌ ». ونصّ ابن‌ قتيبة‌ في‌ كتاب‌ « المعارف‌ » علی تشيّعه‌. قال‌ في‌ ص‌ 206 من‌ المطبوع‌ بمصر: الشيعة‌: الحارث‌ الاعور، وصعصعة‌بن‌ صوحان‌، والاصبغ‌ بن‌ نُباتة‌، وعطيّة‌ العوفيّ، وطاووس‌، والاعمش‌ـ انتهي‌. توفّي‌ طاووس‌ بمكّة‌ سنة‌ ستّ ومائة‌، وكان‌ منقطعاً إلی‌ علیبن‌ الحسين‌ السجّاد عليه‌ السلام‌.

 ومنهم‌: الاعمش‌ الكوفيّ: سليمان‌ بن‌ مَهْرَان‌ أبو محمّد الاسديّ، وقد تقدّم‌ نصّ ابن‌ قتيبة‌ علی تشيّعه‌، وكذلك‌ الشهرستانيّ في‌ « الملل‌ والنحل‌ »، وغيرهما. ومن‌ علمائنا الشيخ‌ الشهيد الثاني‌ زين‌ الدين‌ في‌ حاشية‌ « الخلاصة‌ »، والمحقّق‌ البهبهانيّ في‌ « التعليقة‌ »، والميرزا محمّد باقر الداماد في‌ « الرواشح‌ ».

 ومنهم‌: سعيد بن‌ المُسَيِّب‌، أخذ عن‌ أميرالمؤمنين‌ وابن‌ عبّاس‌. وكان‌ قد ربّاه‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وصحبه‌ ولم‌ يفارقه‌ وشهد معه‌ حروبه‌. ونصّ الإمام‌ الصادق‌، والإمام‌ الرضا علی تشيّعه‌، كما في‌ الجزء الثالث‌ من‌ كتاب‌ « قرب‌ الإسناد » للحِمْيَرِيّ. كان‌ إمام‌ القرّاء بالمدينة‌. وعن‌ ابن‌ المدائنيّ أ نّه‌ قال‌: لا أعلم‌ في‌ التابعين‌ أوسع‌ علماً منه‌. مات‌ بعد التسعين‌، وقد ناهز الثمانين‌.

 ومنهم‌: أبو عبدالرحمن‌ السُّلَميّ شيخ‌ قراءة‌ عاصم‌. قال‌ ابن‌ قُتَيْبة‌: كان‌ من‌ أصحاب‌ علی عليه‌ السلام‌، وكان‌ مقرئاً، ويُحمل‌ عنه‌ الفقه‌.

 قلتُ: وقرأ أبو عبدالرحمن‌ علی أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، كما في‌ « مجمع‌ البيان‌ » للطبرسيّ. وعدّه‌ البَرْقيّ في‌ كتاب‌ « الرجال‌ » في‌ خواصّ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ من‌ مُضَر. مات‌ بعد السبعين‌.

 ومنهم‌: السُّدِّيّ الكبير صاحب‌ التفسير المتقدّم‌ ذكره‌. [2]

 ومنهم‌: محمّد بن‌ السائب‌ بن‌ بِشْر الكَلْبيّ صاحب‌ التفسير الكبير المتقدّم‌ ذكره‌.

 ومنهم‌: حُمْرَان‌ بن‌ أَعْيَن‌، أخو زرارة‌ بن‌ أعين‌ الكوفيّ، مولي‌ آل‌ شيبان‌، من‌ أئمّة‌ القرآن‌، أخذ عن‌ الإمام‌ زين‌ العابدين‌ والباقر عليهما السلام‌. ومات‌ بعد المائة‌.

 ومنهم‌: أَبَانُ بْنُ تَغْلِب‌ المتقدّم‌ ذكره‌، كان‌ المقدّم‌ في‌ كلّ فنّ من‌ العلم‌. أخذ القراءة‌ عن‌ الاعمش‌، وهو من‌ أصحاب‌ الإمام‌ السجّاد علیبن‌ الحسين‌ والباقر عليهما السلام‌. مات‌ سنة‌ 141.

 ومنهم‌: عاصم‌ بن‌ بهدلَة‌، أحد السبعة‌، قرأ علی أبي‌ عبدالرحمن‌ السُّلَمِّيّ، القاري‌ علی عليّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. ولذا كانت‌ قراءة‌ عاصم‌ أحبّ القراءات‌ إلی‌ علمائنا. ونصّ علی تشيّعه‌ الشيخ‌ الجليل‌ عبدالجليل‌ الرازيّ المتوفّي‌ سنة‌ 556 ه في‌ كتابه‌ « نقض‌ الفضائح‌ »،أنّه‌ كان‌ مقتدي‌ الشيعة‌.

 مات‌ عاصم‌ سنة‌ ثمان‌ وعشرين‌ بعد المائة‌ بالكوفة‌، وقيل‌: بالسماوة‌ وهو يريد الشام‌ ودُفن‌ بها. وكان‌ لا يبصر كالاعمش‌. ونصّ علی تشيّعه‌ القاضي‌ نور الله‌ المرعشيّ في‌ كتابه‌ « مجالس‌ المؤمنين‌ ». وهو في‌ طبقات‌ الشيعة‌. وبعد هؤلاء أتباع‌ التابعين‌:

 منهم‌: أَبُو حَمْزَة‌ الثُّمَإلی: ثَابِتُ بْنُ دِينَار شيخ‌ الشيعة‌ بالكوفة‌: قال‌ ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ »: كتاب‌ تفسير أبي‌ حمزة‌ الثمإلی، وكان‌ من‌ أصحاب‌ عليّ بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌، من‌ النجباء الثقات‌. وصحب‌ أباجعفر الباقر ـ انتهي‌. ومات‌ أبو حمزة‌ سنة‌ مائة‌ وخمسين‌.

 ومنهم‌: يحيي‌ بن‌ القاسم‌ أبو بصير الاسديّ، كان‌ مُقَدَّماً في‌ الفقه‌ والتفسير، وله‌ فيه‌ مصنَّف‌ معروف‌. ذكره‌ النجاشيّ، وأوصل‌ إسناده‌ إلی‌ رواية‌ التفسير. مات‌ في‌ حياة‌ أبي‌ عبدالله‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ المتوفّي‌ سنة‌ 148 ه.

 ومنهم‌: البطائنيّ: عليّ بن‌ سالم‌ المعروف‌ بابن‌ أبي‌ حمزد أبو الحسن‌ الكوفيّ مولي‌ الانصار. له‌ كتاب‌ « تفسير القرآن‌ ». يروي‌ فيه‌ عن‌ أبي‌ عبدالله‌ الصادق‌، وأبي‌ الحسن‌ موسي‌ الكاظم‌، وأبي‌ بصير المتقدّم‌ ذكره‌. ومنهم‌: الحَصِينُّ بْنُ مُخَارق‌: أَبُو جُنَادَة‌ السَّلُوليّ. قال‌ ابن‌ النديم‌: كان‌ من‌ الشيعة‌ المتقدّمين‌، وله‌ من‌ الكتب‌ كتاب‌ « التفسير »، كتاب‌ « جامع‌ العلوم‌ » ـ انتهي‌. وذكر له‌ النجاشيّ أيضاً كتاب‌ « التفسير والقراءات‌ »، وكتاباً كبيراً.

 ومنهم‌: الكِسائيّ أحد السبعة‌. اجتمع‌ فيه‌ أُمور: كان‌ أعلم‌ الناس‌ بالنحو، وأوحدهم‌ في‌ الغريب‌ والقرآن‌. وهو من‌ أولاد الفُرس‌ من‌ سواء العراق‌. وقد ذكرتُ نسبه‌ في‌ الاصل‌ « تأسيس‌ الشيعة‌ لعلوم‌ الإسلام‌ » ومن‌ نصّ علی تشيّعه‌. مات‌ بالري‌، أو بطوس‌، وهو في‌ صحبة‌ الرشيد سنة‌ 189 ه، وقيل‌: سنة‌ 183 ه، وقيل‌: 185 ه، وقيل‌: سنة‌ 193 ه، والاوّل‌ هو الاصحّ.

 وبعد هؤلاء طبقة‌ أُخري‌. ويفصّل‌ المرحوم‌ الصدر هنا الكلام‌ في‌ ترجمتهم‌، وتصنيفهم‌ في‌ علوم‌ القرآن‌ المتنوّعة‌، وهم‌ من‌ الشيعة‌. ويذكرهم‌ واحداً تلو الآخر، من‌ ابن‌ سَعْدان‌ الضرير: أبي‌ جعفر محمّد بن‌ سعدان‌ بن‌ المبارك‌ الكوفيّ، إلی‌ النعمانيّ صاحب‌ التفسير المعروف‌، ومحمّد بن‌ العبّاس‌ بن‌ عليّ بن‌ مروان‌ المعروف‌ بابن‌ الحَجَّام‌. ثمّ يقول‌: والذين‌ صنّفوا في‌ أنواع‌ علوم‌ القرآن‌ جماعة‌ منهم‌:

 محمّد بن‌ الحسن‌ الشيبان‌ شيخ‌ الشيخ‌ المفيد. صنّف‌ « نهج‌ البيان‌ عن‌ كشف‌ معاني‌ القرآن‌ »، ونوّع‌ علوم‌ القرآن‌ إلی‌ ستّين‌ نوعاً، صنئفه‌ باسم‌ المستنصر العبّاسيّ!، وينقل‌ عنه‌ السيّد المرتضي‌ في‌ كتاب‌ « المحكم‌ والمتشابه‌ ».

 والشيخ‌ المفيد: محمّد بن‌ محمّد بن‌ النعمان‌ المعروف‌ في‌ عصره‌ بابن‌ المُعَلِّم‌. كان‌ شيخ‌ الشيعة‌، صاحب‌ كرسيّ. له‌ كتب‌ مذكورة‌ في‌ فهرست‌ مصنّفاته‌، منها: كتاب‌ « البيان‌ في‌ أنواع‌ علوم‌ القرآن‌ ». مات‌ في‌ المحرّم‌ سنة‌ تسع‌ وأربعمائة‌. ذكره‌ الخطيب‌ في‌ « تاريخ‌ بغداد ».

 و محمّد بن‌ أحمد بن‌ إبراهيم‌ بن‌ سليم‌ أبي‌ الفَضل‌ الصَّوليّ الجُعْفيّ الكوفيّ المعروف‌ بالصابونيّ، صاحب‌ « الفَاخِرُ في‌ اللُّغَة‌ ». له‌ كتاب‌ تفسير عنوانه‌ « معاني‌ تفسير القرآن‌ وتسمية‌ أصناف‌ كلامه‌ المجيد ». من‌ شيوخ‌ أصحابنا. سكن‌ بمصر ومات‌ فيها سنة‌ ثلاثمائة‌.

 إنّ أوّل‌ تفسير جمع‌ فيه‌ كلّ علوم‌ القرآن‌ هو كتاب‌ « الرغيب‌ في‌ علوم‌ القرآن‌ » لابي‌ عبدالله‌ محمّد بن‌ عمر الواقديّ. ذكره‌ ابن‌ النديم‌ في‌ كتابه‌ « الفهرست‌ » ونصّ علی تشيّعه‌.[3]

 ثمّ كتاب‌ « التبيان‌ الجامع‌ لكلّ علوم‌ القرآن‌ » في‌ عشرة‌ مجلّدات‌ كبار لشيخ‌ الطائفة‌ أبي‌ جعفر محمّد بن‌ الحسن‌ بن‌ عليّ الطوسيّ شيخ‌ الشيعة‌. كانت‌ ولادته‌ سنة‌ 385 ه. وتوفّي‌ في‌ الغريّ سنة‌ 460 ه. ذكر في‌ أوّله‌ أ نّه‌ أوّل‌ من‌ جمع‌ ذلك‌.

 وكتاب‌ « حقائق‌ التنزيل‌ ودقائق‌ التأويل‌ »، وهو في‌ كبر « تفسير التبيان‌ » للسيّد الشريف‌ الرضيّ، أخو المرتضي‌. كشف‌ فيه‌ عن‌ غرائب‌ القرآن‌ وعجائبه‌ وخفاياه‌ وغوامضه‌، وأبان‌ غوامض‌ أسراره‌، ودقائق‌ أخباره‌. وتكلّم‌ في‌ تحقيق‌ حقائقه‌، وتدقيق‌ تأويله‌، بما لم‌ يسبقه‌ أحدٌ إلیه‌، ولاحامَ فكر أحد عليه‌، لكنّه‌ ليس‌ بجامع‌ لكلّ علوم‌ القرآن‌.

 وله‌ كتاب‌ « المُتَشابِهُ فِي‌ القُرآنِ »، وكتاب‌ « مَجَازات‌ القرآن‌ ». هذا ولم‌يزد عمره‌ علی سبع‌ وأربعين‌ سنة‌، مات‌ سنة‌ 406 ه.

 و « رَوْضُ الجِنَانِ وَرَوحُ الجَنَانِ فِي‌ تَفْسِيرِ القُرْآنِ » في‌ عشرين‌ جزءاً للشيخ‌ الإمام‌ القدوة‌ أبي‌ الفتوح‌ الرازيّ الحسين‌ بن‌ عليّ بن‌ محمّد بن‌ أحمد الخزاعيّ الرازيّ النيسابوريّ. مات‌ بعد القرن‌ الخامس‌. وتفسيره‌ الجامع‌ متأخّر علی جامع‌ الشيخ‌ الطوسيّ التفسيريّ.

 وكتاب‌ « مجمع‌ البيان‌ في‌ علوم‌ القرآن‌ » في‌ عشرة‌ اجزاء للشيخ‌ أمين‌ الدين‌ أبي‌ عليّ الفضل‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ الفضل‌ الطبرسيّ، المتوفّي‌ سنة‌ أربعين‌ وخمسمائة‌، جامع‌ لكلّ ذلك‌، لكنّه‌ صرّح‌ في‌ أوّله‌ أ نّه‌ عيال‌ فيه‌ علی تبيان‌ الشيخ‌ الطوسيّ قدّس‌ سرّه‌.

 و « خلاصة‌ التفاسير » في‌ عشرين‌ مجلّداً، للشيخ‌ قطب‌ الدين‌ الراونديّ، وهو مشحون‌ بالحقائق‌ والدقائق‌، من‌ أحسن‌ التفاسير المتأخّرة‌، عن‌ الشيخ‌ أبي‌ جعفر الطوسيّ. [4]

 الرجوع الي الفهرس

 تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الحديث‌

 كان‌ ما قيل‌ عن‌ تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ جميع‌ علوم‌ القرآن‌ من‌ تفسير وغيره‌. وأمّا تقدّمهم‌ في‌ علوم‌ الحديث‌ والرواية‌، فإنّه‌ ذكر أوّل‌ الجامعين‌ للحديث‌ واحداً تلو الآخر، ومَن‌ بوّب‌ منهم‌ أبوابه‌، وجمع‌ الروايات‌ في‌ عناوين‌ مستقلّة‌. وذكر المبتكرين‌ والمدوّنين‌ للآثار من‌ كبار الصحابة‌ والتابعين‌ وتابعي‌ التابعين‌، حتّي‌ بلغ‌ جميع‌ المدوّنين‌ في‌ القرن‌ الثاني‌، وأحصي‌ المدوِّنين‌ في‌ القرن‌ الثالث‌. ثمّ ذكر بعض‌ المتأخّرين‌ عنهم‌ من‌ أئمّة‌ علم‌ الحديث‌ وأرباب‌ الجوامع‌ الكبار التي‌ إلیها إلیوم‌ مرجع‌ الشيعة‌ في‌ أحكام‌ الشريعة‌، وقال‌:

 فاعلم‌ أنّ المحمَّدِين‌ الثلاثة‌ الاوائل‌ هم‌ أرباب‌ الجوامع‌ الاربعة‌، وهم‌:

 1 ـ أبو جعفر محمّد بن‌ يعقوب‌ الكُلَينيّ صاحب‌ « الكافي‌ » المتوفّي‌ سنة‌ ثمان‌ وعشرين‌ وثلاثمائة‌. أخرج‌ فيه‌ ( 16099 ) حديثاً بأسنادها.

 2 ـ محمّد بن‌ عليّ! بن‌ الحسين‌ بن‌ موسي‌ بن‌ بابويه‌ القميّ المتوفّي‌ سنة‌ 381 ه. وهو المعروف‌ بأبي‌ جعفر الصدوق‌. ألّف‌ أربعمائة‌ كتاب‌ في‌ علم‌ الحديث‌، أجلّها كتاب‌ « مَن‌ لا يحضره‌ الفقيه‌ ». وأحاديثه‌ ( 9044) حديثاً في‌ الاحكام‌ والسنن‌.

 3 ـ محمّد بن‌ الحسن‌ الطوسيّ شيخ‌ الطائفة‌ صاحب‌ كتاب‌ « تهذيب‌ الاحكام‌ »، بوّبه‌ علی ثلاثمائة‌ وثلاثة‌ وتسعين‌ باباً، وأخرج‌ فيه‌ (13590) حديثاً. وكتابه‌ الآخر هو « الاستبصار »، وأبوابه‌ تسعمائة‌ وعشرون‌ باباً، أخرج‌ فيه‌ ( 5511 ) حديثاً. وهذه‌ هي‌ الكتب‌ الاربعة‌ التي‌ عليها المعوّل‌، وإلیها المرجع‌ للشيعة‌.

 ثمّ المحمَّدِين‌ الثلاثة‌ الاواخر، أرباب‌ الجوامع‌ الكبار، وهم‌:

 1 ـ محمّد الباقر بن‌ محمّد التقيّ المعروف‌ بالمجلسيّ، مؤلِّف‌ « بحار الانوار في‌ الاحاديث‌ المرويّة‌ عن‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ والائمّة‌ من‌ آله‌ الاطهار » في‌ ستّة‌ وعشرين‌ مجلّداً ضخماً، وعليه‌ تدور رحي‌ الشيعة‌، لا نّه‌ لا أجمع‌ منه‌ في‌ جوامع‌ الحديث‌. وقد أفرد العلاّمة‌ النوريّ كتاباً في‌ أحوال‌ هذا العلاّمة‌ سمّاه‌ « الفَيض‌ القُدسيّ في‌ أحوال‌ المجلسيّ » وقد طبع‌ مع‌ « البحار » بإيران‌.

 2 ـ محمّد بن‌ مرتضي‌ بن‌ محمود المدعوّ بمحسن‌ الكاشانيّ الشيخ‌ المحدِّث‌ العلاّمة‌ المتبحّر في‌ المعقول‌ والمنقول‌، الملقّب‌ بالفيض‌. له‌ « الوافي‌ في‌ علم‌ الحديث‌ » في‌ أربعة‌ عشر جزءاً، كلّ جزء كتاب‌ علی حدة‌. يجمع‌ الاحاديث‌ المذكورة‌ في‌ الكتب‌ الاربعة‌، في‌ الاُصول‌ والفروع‌ والسنن‌ والاحكام‌. وله‌ نحو مائتي‌ مصنَّف‌ في‌ فنون‌ العلم‌. عمّر أربعاً وثمانين‌ سنة‌، وتوفّي‌ سنة‌ 1091 ه.

3 ـ محمّد بن‌ الحسن‌ الحرّ الشاميّ العامليّ المَشْغَريّ شيخ‌ الشيوخ‌ في‌ الحديث‌ صاحب‌ « تفصيل‌ وسائل‌ الشيعة‌ إلی‌ تحصيل‌ أحاديث‌ الشريعة‌ » [5] علی ترتيب‌ كتب‌ الفقه‌، من‌ أنفع‌ الجوامع‌ في‌ الحديث‌، أخرجه‌ من‌ ثمانين‌ كتاباً من‌ الجوامع‌ كانت‌ عنده‌، وسبعين‌ نقل‌ عنها بالواسطة‌. وقد طُبع‌ مراراً بإيران‌، وعليه‌ تدور رحي‌ الشيعة‌ إلیوم‌. ولد في‌ رجب‌ سنة‌ 1033 ه، وتوفّي‌ بطوس‌ من‌ بلاد خراسان‌ في‌ سنة‌ 1104 ه.

 وقد ألّف‌ الشيخ‌ العلاّمة‌ ثقة‌ الإسلام‌ الحسين‌ بن‌ العلاّمة‌ النوريّ مافات‌ من‌ صاحب‌ « الوسائل‌ »، وجمعه‌ علی أبواب‌ « الوسائل‌ »، وسمّاه‌ « مستدرك‌ الوسائل‌ ومستنبط‌ المسائل‌ » وهو نحو كتاب‌ « الوسائل‌ ». فكان‌ أعظم‌ مصنَّف‌ في‌ أحاديث‌ المذهب‌، وفرغ‌ منه‌ سنة‌ 1319 ه. وتوفّي‌ في‌ الغريّ، ثامن‌ وعشرين‌ جُمادي‌ الآخرة‌، سنة‌ عشرين‌ وثلاثمائة‌ بعد الالف‌.

 وهناك‌ جوامع‌ كبار الاعلام‌ المحدِّثين‌ الاخيار، منها: « العوالم‌ » وهو مائة‌ مجلّد في‌ الحديث‌ للشيخ‌ المحدِّث‌ المتبحّر البارع‌ المولي‌ عبدالله‌ بن‌ نور الله‌ البحرانيّ المعاصر للعلاّمة‌ المجلسيّ صاحب‌ « البحار ».

 ومنها: كتاب‌ « شرح‌ الاستبصار في‌ أحاديث‌ الائمّة‌ الاطهار » في‌ عدّة‌ مجلّدات‌ كبار، نحو « البحار » للشيخ‌ المحقّق‌ قاسم‌ بن‌ محمّد بن‌ جواد المعروف‌ بابن‌ الونديّ، و بالفقيه‌ الكاظميّ المعاصر للشيخ‌ محمّدبن‌ الحسن‌ الحرّ صاحب‌ « الوسائل‌ ». كان‌ ممّن‌ تخرّج‌ علی جدّنا العلاّمة‌ السيّد نور الدين‌ أخي‌ السيّد محمّد صاحب‌ « المدارك‌ ».

 ومنها: « جامع‌ الاخبار في‌ إيضاح‌ الاستبصار »، وهو جامع‌ كبير يشتمل‌ علی مجلّدات‌ كثيرة‌ للشيخ‌ العلاّمة‌ الفقيه‌: عبداللطيف‌ بن‌ علیبن‌ أحمدبن‌ أبي‌ جامع‌ الحارثيّ الهَمْدَانيّ الشاميّ العامليّ. تَخرّج‌ علی الشيخ‌ المحقّق‌ المؤسّس‌ المتقن‌ الحسن‌ أبي‌ منصور بن‌ الشهيد الشيخ‌ زين‌الدين‌ العامليّ صاحب‌ « المعالم‌ »، و « المنتقي‌ » من‌ علماء المائة‌ العاشرة‌.

 ومنها: الجامع‌ الكبير المسّمي‌ بـ « الشفا في‌ حديث‌ آل‌ المصطفي‌ »، يشتمل‌ علی مجلّدات‌ عديدة‌ للشيخ‌ المتضلّع‌ في‌ الحديث‌ محمّد الرضابن‌ الشيخ‌ الفقيه‌ عبداللطيف‌ التبريزيّ. فرغ‌ منه‌ سنة‌ 1158 ه.

 ومنها: « جامع‌ الاحكام‌ » في‌ خمسة‌ وعشرين‌ مجلّداً كبيراً للسيّد العلاّمة‌: عبدالله‌ بن‌ السيّد محمّد الرضا الشُّبَّريّ الكاظميّ. كان‌ شيخ‌ الشيعة‌ في‌ عصره‌، وواحد المصنِّفين‌ في‌ دهره‌. لم‌ يكن‌ أكثر منه‌ تإلیفاً في‌ المتأخّرين‌ عن‌ العلاّمة‌ المجلسيّ. مات‌ سنة‌ 1242 ه في‌ بلدة‌ الكاظميّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الدراية‌

 فأوّل‌ من‌ تصدّي‌ لعلم‌ دراية‌ الحديث‌ وتنويعه‌ إلی‌ الانواع‌ المعروفة‌ ـ والتقدّم‌ فيه‌ للشيعة‌ أيضاً ـ هو أبو عبدالله‌ الحاكم‌ النيسابوريّ المشهور، المتوفّي‌ سنة‌ خمس‌ وأربعمائة‌. صنّف‌ فيه‌ كتاباً سمّاه‌ « معرفة‌ علوم‌ الحديث‌ » في‌ خمسة‌ أجزاء. ونوّع‌ فيه‌ الحديث‌ إلی‌ خمسين‌ نوعاً. وقد نصّ علی تقدّمه‌ في‌ ذلك‌ صاحب‌ « كشف‌ الظنون‌ »، قال‌: أوّل‌ مَن‌ تصدّي‌ له‌ الحاكم‌، وتبعه‌ في‌ ذلك‌ ابن‌ الصلاح‌.

 وصنّف‌ بعد الحاكم‌ في‌ علم‌ دراية‌ الحديث‌ جماعة‌ من‌ شيوخ‌ علم‌ الحديث‌ من‌ الشيعة‌، كالسيّد جمال‌ الدين‌ أحمد بن‌ طاووس‌، أبو الفضائل‌. وهو واضح‌ الاصطلاح‌ الجديد للإماميّة‌ في‌ تقسيم‌ أصل‌ الحديث‌ إلی‌ الاقسام‌ الاربعة‌: الصحيح‌ والحسن‌ والموثّق‌، والضعيف‌.

 الرجوع الي الفهرس

  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الرجال‌

 وأوّل‌ من‌ دوّن‌ علم‌ رجال‌ الحديث‌ وأحوال‌ الرواة‌:

 أبو عبدالله‌ محمّد بن‌ خالد البَرْقيّ القمّيّ. كان‌ من‌ أصحاب‌ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر الكاظم‌ عليه‌ السلام‌، كما في‌ كتاب‌ « الرجال‌ » للشيخ‌ أبي‌ جعفر الطوسيّ. وذكر تصنيفه‌ في‌ الرجال‌ الرواة‌ أبو الفرج‌: ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ » في‌ أوّل‌ الفنّ الخامس‌، في‌ أخبار فقهاء الشيعة‌ من‌ المقالة‌ السادسة‌.

 قال‌: وله‌ من‌ الكتب‌ كتاب‌ « العويص‌ »، كتاب‌ « التبصرة‌ »، كتاب‌ « الرجال‌ ». فيه‌ ذكر من‌ روي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ـ انتهي‌.

 ثمّ صنّف‌ بعده‌ أبو محمّد: عبدالله‌ بن‌ جَبَلة‌ بن‌ حَيَّان‌ بن‌ أَبْحُرِ الكنانيّ. صنّف‌ كتاب‌ « الرجال‌ ». ومات‌ سند تسع‌ عشرة‌ ومائتين‌ عن‌ عمر طويل‌.

 وقال‌ السيوطيّ في‌ كتاب‌ « الاوائل‌ »: أوّل‌ من‌ تكلّم‌ في‌ الرجال‌ شُعْبة، وهو متأخّر عن‌ ابن‌ جَبَلة‌. فإنّ شعبة‌ مات‌ سنة‌ ( 260 ). [6] بل‌ تقدّمه‌ منّا بعد ابن‌ جبلة‌ أبو جعفر إلیقْطِينِيّ صاحب‌ الإمام‌ الجواد محمّد بن‌ عليّ الرضا، فإنّه‌ صنّف‌ كتاب‌ « الرجال‌ » كما في‌ فهرست‌ النجاشيّ، وفهرست‌ ابن‌ النديم‌. وكذلك‌ الشيخ‌ محمّد بن‌ خالد البرقيّ. كان‌ من‌ أصحاب‌ الإمام‌ موسي‌بن‌ جعفر، والرضا. وبقي‌ حتّي‌ أدرك‌ الإمام‌ أبا جعفر محمّدبن‌ الرضا عليه‌ السلام‌، وكتابه‌ موجود بأيدينا. فيه‌ ذكر من‌ روي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، ومن‌ بعده‌. وفيه‌ الجرح‌ والتعديل‌ كسائر الكتب‌ المذكورة‌. [7]

 الرجوع الي الفهرس

  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الفقه‌

 تحدّث‌ آية‌ الله‌ السيّد حسن‌ الصدر بعد هذا البحث‌ عن‌ أوّل‌ مَن‌ صنّف‌ في‌ طبقات‌ الرواة‌، وذكر أنّ أوّل‌ مصنّف‌ كان‌ شيعيّاً، وهو أبو عبدالله‌ محمّد بن‌ عمر الواقديّ. ثمّ فتح‌ فصلاً في‌ تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الفقه‌، وعدّ علی بن‌ أبي‌ رافع‌ غلام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أوّل‌ مصنّف‌ فيه‌، وأضاف‌ أنّ النجاشيّ قال‌ بعد وصف‌ هذا التدوين‌: وكانوا ( الشيعة‌ ) يعظّمون‌ هذا الكتاب‌ ( كتاب‌ ابن‌ أبي‌ رافع‌ ).

 ثمّ قال‌: فهو ( عليّ بن‌ أبي‌ رافع‌ ) أوّل‌ مَن‌ صنّف‌ فيه‌ ( في‌ الفقه‌ ) من‌ الشيعة‌. وذكر الجلال‌ السيوطيّ أنّ أوّل‌ من‌ صنّف‌ ـيعني‌ من‌ أهل‌ السنّة‌ـ في‌ الفقه‌ الإمام‌ أبو حنيفة‌، لانّ تصنيف‌ عليّ بن‌ أبي‌ رافع‌ في‌ ذلك‌ أيّام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قبل‌ تولّد الإمام‌ أبي‌ حنيفة‌ بزمان‌ طويل‌.

 ثمّ عقد بحثاً في‌ مشاهير الفقهاء من‌ الشيعة‌ في‌ الصدر الاوّل‌. وذكر أسماؤهم‌ حسب‌ ما أوردها الشيخ‌ أبو عمرو الكشّيّ في‌ كتابه‌ المعروف‌ ب « رجال‌ الكشّيّ »، وكان‌ معاصراً لابي‌ جعفر الكلينيّ من‌ علماء المائة‌ الثالثة‌. وقال‌ ما نصّه‌:

 تسمية‌ الفقهاء من‌ أصحاب‌ أبي‌ جعفر وأبي‌ عبدالله‌ عليهما السلام‌:

 أجمعع‌ العصابة‌ ( جماعة‌ من‌ أركان‌ الشيعة‌ كلامهم‌ حجّة‌ علی غيرهم‌ ) علی تصديق‌ هؤلاء الاوّلين‌ من‌ أصحاب‌ أبي‌ جعفر وأبي‌ عبدالله‌ عليهما السلام‌ وانقادوا لهم‌ بالفقه‌، فقالوا: أفقه‌ الاوّلين‌ ستّة‌: زُرَارة‌ [8]، ومَعروف‌ ابن‌ خَرَّبُوذ، وبُرَيْد، وأبُو بَصير الاسديّ، والفُضَيْل‌ بن‌ يَسَار، ومحمّد بن‌ مُسْلِم‌ الطائفيّ.

 قالوا: أفقه‌ الستّة‌ زرارة‌. قال‌ بعضهم‌: مكان‌ أبي‌ بصير الاسديّ أبو بصير المراديّ، وهو ليس‌ بن‌ البختريّ.

 ثمّ قال‌: تسمية‌ الفقهاء من‌ أصحاب‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌:

 أجمعت‌ العصابة‌ علی تصحيح‌ ما يصحّ عن‌ هؤلاء وتصديقهم‌ لما يقولون‌، وأقرّوا لهم‌ بالفقه‌ من‌ دون‌ أولئك‌ الستّة‌ الذين‌ عددناهم‌ وسميّناهم‌، وهم‌ ستّة‌ نفر:

 جَمِيل‌ بن‌ دُرَّاج‌، وعبدالله‌ بن‌ مُسْكَان‌، وعبدالله‌ بن‌ بُكَيْر، وحَمَّاد ابن‌ عيسي‌، وحَمَّاد بن‌ عثمان‌، وأبَان‌ بن‌ عثمان‌.

 قالوا: وزعم‌ أبو إسحاق‌ الفقيه‌، وهو ثعلبة‌ بن‌ ميمون‌، أنّ أفقه‌ هؤلاء جميل‌ بن‌ دُرّاج‌. وهم‌ أحدث‌ أصحاب‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌.

 ثمّ قال‌ الكشّيّ: تسمية‌ الفقهاء من‌ أصحاب‌ أبي‌ إبراهيم‌ وأبي‌ الحسن‌ عليهما السلام‌:

 أجمع‌ أصحابنا علی تصحيح‌ ما يصحّ عن‌ هؤلاء وتصديقهم‌ والإقرار لهم‌ بالفقه‌ والعلم‌. وهم‌ ستّة‌ نفر آخرون‌. دون‌ الستّة‌ النفر الذين‌ ذكرناهم‌ في‌ أصحاب‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌، منهم‌:

 يونس‌ بن‌ عبدالرحمن‌، وصَفْوَان‌ بن‌ يحيي‌ بَيَّاع‌ السابِريّ، ومحمّد ابن‌ أبي‌ عُمَيْر، وعبدالله‌ بن‌ المُغِيرَة‌، والحسن‌ بن‌ محبوب‌، وأحمدبن‌ محمّد بن‌ أبي‌ نَصْر، وقال‌ بعضهم‌ مكان‌ الحسن‌ بن‌ محبوب‌، الحسن‌ بن‌ علی بن‌ فضّال‌، وفُضَالَة‌ بن‌ أيُّوب‌، وقال‌ بعضهم‌ مكان‌ فُضَالَة‌، عثمان‌بن‌ عيسي‌.

 وأفقه‌ هؤلاء يونس‌ بن‌ عبدالرحمن‌ وصفوان‌ بن‌ يحيي‌ ـ انتهي‌ كلام‌ الكشّيّ.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ في‌ «أقرب‌ الموارد»: السُّبْع‌ بالضمّ: جزء من‌ سبعد، ج‌ أسباع‌. ومنه‌ أسباع‌ القرآن‌، وهي‌ مُحَدثة‌.

[2] ـ قال‌ أحمد أمين‌ بك‌ في‌ كتاب‌ «فجر الإسلام‌» ص‌ 275: فاشتغل‌ بعض‌ علمائهم‌ (الشيعة‌» بعلم‌ الحديث‌، وسمعوا الثقات‌ وحفظوا الاسانيد أحاديث‌ تتفّق‌ ومذهبهم‌. وأضلّوا بهذه‌ الاحاديث‌ كثيراً من‌ العلماء لانخداعهم‌ بالاءسناد. بل‌ كان‌ منهم‌ مَن‌ سُمِّي‌ بالسُّدِّيّ. ومنهم‌ مَن‌ سُمِّي‌ بابن‌ قُتَيبة‌. فكانوا يروون‌ عن‌ السُّدِّيّ، وابن‌ قتيبة‌، فيظنّ أهل‌ السُّنَّة‌ أ نّهما المحدّثان‌ الشهيران‌، مع‌ أنّ كلاّ من‌ السُّدِّيّ، وابن‌ قتيبة‌ الذي‌ ينقل‌ عنه‌ الشيعد إنّما هو رافضيّ غالٍ. وقد ميّزوا بينهما بالسُّدِّيّ الكبير، والسُّدِّيّ الصغير. والاوّل‌ ثقة‌، والثاني‌ شيعيّ وضّاع‌، وكذلك‌ ابن‌ قُتيبة‌ الشيعيّ غير عبدالله‌ بن‌ مسلم‌ بن‌ قتيبة‌. بل‌ وضعوا الكتب‌ وحشّوها بتعإلیمهم‌ ونسبوها لائمّة‌ أهل‌ السنّة‌، ككتاب‌ «سرّ العارفين‌» الذي‌ نسبوه‌ للغزإلی. ومن‌ هذا القبيل‌ ما نراه‌ مبثوثاً في‌ الكتب‌ من‌ إسناد كلّ فضل‌ وكلّ علم‌ إلی‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ إمّا مباشرة‌، وإمّا بواسطة‌ ذرّيّته‌. (إلی‌ آخر كلامه‌ هنا).

 لقد أخطأ أحمد أمين‌ هنا أيضاً. أوّلاً: أين‌ لوحظ‌ أنّ علماء الشيعة‌ احتاجوا إلی‌ موضوع‌ يتحقّق‌ إثباته‌ بواسطة‌ الطرق‌ الروائيّة‌ للعامّة‌؟ ونحن‌ قد رأينا أنّ معظم‌ الرواة‌ في‌ كتب‌ العامّة‌ هم‌ من‌ الشيعد. ثانياً: كلامنا يحوم‌ حول‌ السُّدِّيّ الكبير وهو شيعيّ، أمّا السُّدِّيّ الصغير فلا كلام‌ لنا حوله‌. ثالثاً: مطالب‌ الشيعة‌ مأخوذة‌ من‌ ابن‌ قتيبة‌ العالم‌ المحدِّث‌ المعروف‌ صاحب‌ كتاب‌ «المعارف‌»، وكتاب‌ «الإمامة‌ والسياسة‌»، وغيرهما. ومعظم‌ المطالب‌ التي‌ يذكرونها ينقلونها من‌ كتاب‌ «الإمامة‌ والسياسة‌» المذكور فيه‌ ما يدين‌ العامّة‌ من‌ الوثائق‌ البيِّنة‌ التي‌ تثبت‌ إجرامهم‌. ولا ريب‌ في‌ نسبته‌ إلی‌ محمّد بن‌ مسلم‌ ابن‌ قتيبة‌ الدينوريّ أبداً. وعنوان‌ كتاب‌ الغزإلی «سرّ العالَمين‌»، لا «سرّ العارفين‌». ويبدو أنّ الدكتور أحمد أمين‌ لم‌ ير غلاف‌ الكتاب‌، ويحكم‌ علی‌ ما فيه‌! وكان‌ قد اعترف‌ في‌ النجف‌ بأنّ كتب‌ الشيعد غير موجودة‌ عنده‌. واستبان‌ هنا أنّ كتب‌ العامّة‌ غير موجودة‌ عنده‌ أيضاً! ثمّ أرخي‌ العنان‌ لقلمه‌ ـ كمؤرِّخ‌ ـ ووطأت‌ قدمه‌ هذا المضمار. وأنا أقتني‌ في‌ مكتبتي‌.ربع‌ طبقات‌ مختلفة‌ من‌ هذا الكتاب‌ وطالعته‌ مراراً. وتحدّثت‌ عن‌ صحّة‌ انتسابه‌ إلی‌ الغزإلی حديثاً وافياً في‌ الجزء الثامن‌ من‌ كتابنا هذا، الدرس‌ 118 إلی‌ 120.

[3] ـ قال‌ أبو الفرج‌ محمّد بن‌ أبي‌ يعقوب‌ إسحاق‌ المعروف‌ بابن‌ النديم‌ في‌ كتابه‌ المذكور، ص‌ 111، طبعة‌ جامعة‌ طهران‌: أخبار الوَاقِدِيّ. أبو عبدالله‌ محمّد بن‌ عمر الواقديّ مولي‌ الاسلميّين‌ بني‌ سهم‌ بن‌ أسلم‌ كان‌ يشتّع‌، حسن‌ المذهب‌، يلزم‌ التقيّة‌. وهو الذي‌ روي‌ أنّ علیاً علیه‌ السلام‌ كان‌ من‌ معجزات‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ كالعصا لموسي‌ علی‌ نبيّنا وعلیه‌ السلام‌ وإحياء الموتي‌ لعيسي‌ ابن‌ مريم‌ علیه‌ السلام‌، وغير ذلك‌ من‌ الاخبار... إلی‌ آخر ترجمته‌.

 وتحدّث‌ الدكتور مارسدن‌ جونس‌ في‌ مقدّمته‌ علی‌ كتاب‌ «المغازي‌» للواقديّ، في‌ الجزء الاوّل‌، عن‌ تشيّع‌ الواقديّ في‌ سياق‌ ترجمته‌ له‌ في‌ ص‌ 16 إلی‌ 18، فقال‌: لعلّ وجود كتابين‌ للواقديّ، أحدهما في‌ مولد الحسن‌ والحسين‌ ومقتل‌ الحسين‌، والآخر في‌ مقتل‌ الحسين‌ خاصّة‌ يوهم‌ أ نّه‌ كان‌ شيعيّاً، كما ذكر ابن‌ النديم‌ منفرداً بهذا الرأي‌ دون‌ غيره‌. وينقل‌ جونس‌ هنا لفظ‌ ابن‌ النديم‌ الذي‌ أوردناه‌ آنفاً، ثمّ يقول‌: وقد نقل‌ صاحب‌ «أعيان‌ الشيعد» هذا القول‌ عن‌ ابن‌ النديم‌، مستدّلاً به‌ علی‌ تشيّعه‌. ومن‌ ثمّ ترجم‌ له‌. 1

 وكذلك‌ ذكره‌ آغا بزرك‌ الطهرانيّ 2 حين‌ تحدّث‌ عن‌ تأريخ‌ الواقديّ. علی‌ أ نّه‌ ممّا يثير الدهشة‌ أنّ الطوسيّ ـ وهو معاصر لابن‌ النديم‌ ـ لم‌ يذكر الواقديّ في‌ كتابه‌ «الفهرست‌» ولم‌يذكر كتاباً من‌ كتبه‌، وخاصّة‌ تلك‌ التي‌ تتعلّق‌ بمولد الحسن‌ والحسين‌ ومقتل‌ الحسين‌، علی‌ أهمّيّة‌ هذا الامر الذي‌ شغل‌ جميع‌ علماء الشيعد ومؤرّخيهم‌ وجامعي‌ أخبارهم‌. ولو سلّمنا لابن‌ النديم‌ أنّ الواقديّ كان‌ يلزم‌ التقيّة‌، فإنّ تشيّعه‌ كان‌ لابدّ أن‌ يظهر علی‌ نحو مّا عند الحديث‌ عن‌ علی أو في‌ الرواية‌ عنه‌، ولكن‌ شيئاً من‌ ذلك‌ لم‌ يحدث‌. بل‌ علی‌ النقيض‌ من‌ ذلك‌ نري‌ الواقديّ يذكر أحاديث‌ قد تحطّ من‌ قدر علی، أو توهن‌ من‌ شأنه‌ علی‌ أقلّ ما يقال‌. فحين‌ يصف‌ رجوع‌ النبيّ إلی‌ المدينة‌ من‌ أُحُد، يذكر أنّ فاطمة‌ مسحت‌ الدم‌ عن‌ وجه‌ النبيّ، وذهب‌ علی إلی‌ المهراس‌ ليأتي‌ بمائ، وقبل‌ أن‌ يمشي‌ ترك‌ سيفه‌ وقال‌ لفاطمة‌: أَمْسِكِي‌ هَذَا السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيم‌! ولمّا أبصر النبيّ سيف‌ علی مختضباً قال‌: إنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ القِتال‌، فقد أحسن‌ عاصم‌ بن‌ ثابت‌، والحارث‌ بنا لصمّة‌، وسَهل‌ بن‌ حُنَيف‌، وسيفُ أبي‌ دُجانة‌ غير مذموم‌. 3

 وحين‌ نقرأ عدد القتلي‌ من‌ قريش‌ يوم‌ بدر عند ابن‌ إسحاق‌ مثلاً نري‌ أنّ علیاً قد قتل‌ طعيمة‌ بن‌ عديّ، 4 ولكنّ الواقديّ يذكر أنّ الذي‌ قتله‌ هو حمزة‌ وليس‌ علیاً. 5

 ونري‌ الواقديّ أيضاً حين‌ يذكر قتل‌ صؤاب‌ يوم‌ أُحُد، واختلاف‌ الاقوال‌ فيمن‌ قتله‌، يقول‌: فاختلف‌ في‌ قتله‌، فقائل‌ قال‌: سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌، وقائل‌: علی، وقائل‌: قزمان‌، وكان‌ أثبتهم‌ عندنا قزمان‌. 6

 وأهمّ من‌ كلّ ذلك‌ ما ينقله‌ الشيعة‌ أنفسهم‌، كابن‌ أبي‌ الحديد مثلاً في‌ كتابه‌ حين‌ ينقل‌ فقرة‌ طويلة‌ عن‌ الواقديّ، ثمّ يورد فيها رواية‌ أُخري‌ مختلفة‌ الاُولي‌، ويبدأها بقوله‌: وفي‌ رواية‌ الشيعة‌، 7 ممّا يدلّ دلالة‌ قاطعة‌ علی‌ أنّ ابن‌ أبي‌ الحديد لم‌ يعتبر الواقديّ مصدراً شيعيّاً، أو يمثّل‌ رأي‌ الشيعة‌ علی‌ الاقلّ.

 ومن‌ الطريف‌ أن‌ يلاحظ‌ أنّ ابن‌ إسحاق‌ يُتَّهم‌ هو الآخر بميوله‌ الشيعيّة‌ والقدريّة‌. 8 ويبدو لنا أنّ السبب‌ في‌ اتّهام‌ الواقديّ وابن‌ إسحاق‌ بالتشيّع‌ لا يرجع‌ إلی‌ عقيدتهما الشخصيّة‌، وإنّما يرجع‌ إلی‌ ما ورد في‌ كتابيهما من‌ الاقوال‌ والآراء الشيعيّة‌ التي‌ يعرضانها، وليس‌ ذلك‌ عن‌ عقيدة‌ صحيحة‌ فيها، ممّا تقتضيه‌ طبيعة‌ التإلیف‌ في‌ مثل‌ هذه‌ الموضوعات‌ ـ انتهي‌ موضع‌ الحاجة‌ من‌ كلام‌ مارسون‌ جونس‌.

 ونحن‌ ذكرنا في‌ ج‌ 13 من‌ كتابنا هذا «معرفة‌ الإمام‌» الدرس‌ 181 إلی‌ 185، أنّ البعض‌ يري‌ أنّ تشيّع‌ الواقديّ يعود إلی‌ ذكره‌ اسمَ عثمان‌ وعمر، أو عمر، أو عثمان‌ في‌ زمرة‌ الفارّين‌ يوم‌ أُحُد. وتعرّض‌ الدكتور مارسدن‌ جونس‌ أيضاً لهذا الموضوع‌ في‌ ص‌ 18 من‌ مقدّمة‌ كتاب‌ «المغازي‌»، وقال‌: وهذا لا ينهض‌ دليلاً علی‌ تشيّعه‌. أجل‌، إنّ محصّلة‌ الكلام‌ هو أ نّنا لا يمكن‌ أن‌ نحكم‌ بتشيّع‌ الواقديّ بمجرّد ذكر هذه‌ المواضع‌. ولعلّ هذا هو الذي‌ حدا السيّد عبدالحسين‌ شرف‌ الدين‌ ألاّ يذكره‌ في‌ كتاب‌ «المراجعات‌» مع‌ المائة‌ الذين‌ أوردهم‌ من‌ عظماء مؤلّفي‌ الشيعة‌.

 1 ـ «أعيان‌ الشيعة‌» ج‌ 46، ص‌ 171.

 2 ـ «الذريعة‌ إلی‌ تصانيف‌ الشيعة‌» ج‌ 3، ص‌ 293.

 3 ـ «المغازيّ» ج‌ 1، ص‌ 249.

 4 ـ «السيرة‌ النبويّة‌» ج‌ 2، ص‌ 366.

 5 ـ «المغازي‌» ج‌ 1، ص‌ 148.

 6 ـ «المغازي‌» ج‌ 1، ص‌ 228.

 7 ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 3، ص‌ 339.

 8 ـ «معجم‌ الاُدباء» ج‌ 18، ص‌ 7.

[4] ـ «الشيعة‌ وفنون‌ الإسلام‌» لآية‌ الله‌ السيّد حسن‌ الصدر، من‌ ص‌ 49: الصحيفة‌ الاُولي‌ في‌ أوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ علم‌ تفسير القرآن‌، إلی‌ ص‌ 65، بإيجاز في‌ اختيار المطالب‌.

[5] ـ عنوان‌ الكتاب‌: «تفصيل‌ وسائل‌ الشيعة‌ إلی‌ تحصيل‌ مسائل‌ الشريعة‌».

[6] ـ لقد سها كِلا الباحَثين‌ اللذين‌ كانا من‌ أساطين‌ العلم‌ والتشيّع‌: السيّد عبدالحسين‌ شرف‌ الدين‌ العامليّ، والسيّد حسن‌ الصدر في‌ شُعبة‌ بن‌ الحجّاج‌ علی‌ سبيل‌ القضيّة‌ المنفصلة‌ مانعة‌ الخلوّ ـ وَالجَوَادُ قَدْ يَكْبُو ـ فلابدّ من‌ رفع‌ هذا السهو. أمّا المرحوم‌ آية‌ الله‌ شرف‌ الدين‌ فقد ذكر في‌ كتابه‌ النفيس‌ القيِّم‌ «المراجعات‌» ص‌ 68، تحت‌ الرقم‌ 41 الطبعة‌ الاُولي‌، (شُعبة‌ بن‌ الحجّاج‌) أبا الورد العَتَكيّ الواسطيّ الساكن‌ بالبصرة‌، المكنّي‌ بأبي‌ بسطام‌، في‌ رجال‌ الشيعة‌، وقال‌: وعدّه‌ من‌ رجال‌ الشيعة‌ جماعة‌ من‌ جهابذة‌ أهل‌ السنّة‌ كابن‌ قتيبة‌ في‌ معارفه‌، والشهرستانيّ في‌ «الملل‌ والنحل‌». إلی‌ أن‌ قال‌: وحديثه‌ ثابت‌ في‌ صحيحَي‌ البخاريّ ومسلم‌ عن‌ كلٍّ من‌ أبي‌ إسحاق‌ السبيعيّ، وإسماعيل‌ بن‌ أبي‌ خالد، ومنصور، والاعمش‌، وغير واحد. وقال‌: كان‌ مَوْلده‌ سنة‌ ثلاث‌ وثمانين‌، ومات‌ سنة‌ ستّين‌ ومائة‌ رحمه‌ الله‌ ـ انتهي‌ موضع‌ الحاجة‌ من‌ كلامه‌.

 أقول‌: لانقاش‌ في‌ سنة‌ وفاته‌، 160 ه، لا نّه‌ من‌ رواة‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ المتوفّي‌ سنة‌ 148 ه. كما هو ملحوظ‌ من‌ عصر الذين‌ روي‌ عنهم‌ كأبي‌ إسحاق‌ والمنصور والاعمش‌ وإسماعيل‌ بن‌ خالد، وذكر أصحاب‌ كتب‌ الرجال‌ أنّ وفاته‌ كانت‌ في‌ سنة‌ 160 ه.

 أمّا في‌ تشيّعه‌، فلنا نقاش‌ بل‌ ردّ صريح‌ علی‌ ذلك‌. أوّلاً: قال‌ المرحوم‌ آية‌ الله‌ السيّد حسن‌ الصدر في‌ كتاب‌ «تأسيس‌ الشيعة‌ لعلوم‌ الإسلام‌» ص‌ 233: أوّل‌ من‌ أسّس‌ علم‌ الرجال‌ أبو محمّد عبدالله‌ بن‌ جَبَلَة‌ بن‌ حيّان‌ بن‌ أبحر الكنانيّ، وهو شيعيّ، صنّف‌ كتاب‌ «الرجال‌» كما في‌ فهرس‌ أسماء المصنّفين‌ من‌ الشيعة‌ للنجاشيّ. وهو متقدِّم‌ علی‌ شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌ الذي‌ عدّه‌ السيوطيّ في‌ كتاب‌ «الاوائل‌» أوّل‌ من‌ تكلّم‌ في‌ الرجال‌. ولعلّ مراد السيوطيّ من‌ ذلك‌ أ نّه‌ أوّل‌ عالم‌ من‌ علماء السنّة‌، لا الشيعة‌. وإلاّ لا يخفي‌ علی‌ مثل‌ الجلال‌ كتاب‌ «الرجال‌» لعبدالله‌ بن‌ جبلة‌ المشهور... إلی‌ آخر ما قاله‌ المرحوم‌ الصدر. ويتّضِح‌ من‌ هذا جيّداً أنّ المرحوم‌ الصدر كان‌ يعدّ شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌ من‌ العامّة‌، مع‌ أنّ أصل‌ تصنيف‌ كتاب‌ «تأسيس‌ الشيعة‌» من‌ أجل‌ الكشف‌ عن‌ علماء الشيعة‌ وإظهارهم‌، وفرزهم‌ عن‌ غيرهم‌.

 ثانياً: تذكر جميع‌ كتب‌ التراجم‌ والرجال‌ والكتب‌ الفقهيّة‌ أنّ شعبة‌ سنّيّ عامّيّ وفتاواه‌ مشهورة‌ في‌ مقابل‌ فتاوي‌ الشيعة‌. وذهب‌ آية‌ الله‌ المامقانيّ في‌ «تنقيح‌ المقال‌»، ج‌ 2، ص‌ 85، إلی‌ أ نّه‌ من‌ العامّة‌، وقال‌: شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌ بن‌ الورد العتكيّ الواسطيّ لم‌ أقف‌ فيه‌ إلاّ علی‌ عدّ الشيخ‌ رحمه‌ الله‌ إيّاه‌ من‌ أصحاب‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، وقوله‌: أَسْنَدَ عَنْهُ. نعم‌، نقل‌ المولي‌ الوحيد رحمه‌ الله‌ عن‌ الحافظ‌ أبي‌ نُعَيم‌ أ نّه‌ قال‌: حَدَّثَ عن‌ جعفر علیه‌ السلام‌ يعني‌ الصَّادق‌ علیه‌ السلام‌ من‌ الائمّة‌ الاعْلامِ شُعْبَة‌ بن‌ الحجّاج‌ ـ انتهي‌. ومَن‌ تتبّع‌ نقل‌ فتاواه‌ في‌ كتبهم‌ الفقهيّة‌ المعدّة‌ لنقل‌ الخلاف‌ لعلّه‌ لا يستريب‌ بذلك‌. بل‌ نقل‌ السيّد المرتضي‌ رحمه‌ الله‌ في‌ «الشافي‌» عن‌ جمع‌ هو أحدهم‌ أمراً غريباً حيث‌ قال‌: عبّاد بن‌ صُهَيب‌، وشُعبة‌ بن‌ الحجّاج‌، ومهدي‌ بن‌ هلال‌، وغيرهم‌ رووا عن‌ جعفر بن‌ محمّد علیهما السلام‌ أنَّهُ كَان‌ يَتَولَّي‌ الشَّيْخَيْنِ وَأَ نَّهُ رَوَي‌ عن‌ أبيه‌ محمّد بن‌ علی علیهما السلام‌، وعن‌ علی بن‌ الحسين‌ علیهما السلام‌ مثل‌ ذلك‌.

 فكَون‌ الرجل‌ من‌ علماء العامّة‌ وأهل‌ الفتوي‌ منهم‌ من‌ البديهيّات‌. وذلك‌ كاف‌ في‌ ضعفه‌. وروي‌ أبو الفرج‌ في‌ «مقاتل‌ الطّالبيّين‌» عن‌ يحيي‌ بن‌ علی والجوهريّ والعتكيّ من‌ رجالهم‌ أنّ شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌ تبّري‌، وكان‌ يفتي‌ بالخروج‌ مع‌ إبراهيم‌ بن‌ عبدالله‌ بن‌ الحسن‌. وروي‌ عن‌ رجاله‌ في‌ موضع‌ آخر أ نّه‌ خرج‌ مع‌ إبراهيم‌ من‌ أصحاب‌ الحديث‌ شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌ وهشيم‌ بن‌ بشير وعبّاد بن‌ العوّام‌ ويزيد بن‌ هارون‌ وغيرهم‌ ـ إلی‌ آخر ما ذكره‌ المامقانيّ في‌ هذا المقام‌.

 تبيّن‌ ممّا ذكرنا أنّ نسبة‌ التشيّع‌ إلی‌ شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌ لعلّها تعود إلی‌ خروجه‌ مع‌ إبراهيم‌ بن‌ عبدالله‌. ومن‌ المعلوم‌ أنّ مجرّد الخروج‌ لا يقوم‌ دليلاً علی‌ ذلك‌. وأبو حنيفة‌ أيضاً قد أفتي‌ بلزوم‌ الخروج‌. وروايته‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ لا تنهض‌ دليلاً علی‌ ذلك‌ أيضاً، لانّ كثيراً من‌ أعلام‌ العامّة‌ قد رووا عنه‌ علیه‌ السلام‌.

 بَيدَ أنّ السيّد شرف‌ الدين‌ قد أصاب‌ في‌ تأريخ‌ وفاة‌ شعبة‌، وهو سنة‌ 160 ه. أمّا المرحوم‌ السيّد حسن‌ الصدر فقد سها إذ ذكر أ نّه‌ توفّي‌ سنة‌ 260 ه. وسها أيضاً إذ عدّ ابن‌ جبلة‌ الشيعيّ أوّل‌ مصنّف‌ في‌ علم‌ الرجال‌، ورأي‌ أ نّه‌ مُقَدزم‌ علی‌ شعبة‌ بن‌ الحجّاج‌، الذي‌ نقل‌ أ نّه‌ توفّي‌ سنة‌ 260 ه، وقال‌: وأنت‌ خبير بأنّ شعبة‌ مات‌ سنة‌ ستّين‌ ومائتين‌، فعبدالله‌ متقدّم‌ علیه‌. ثمّ قال‌: والسيوطيّ إنّما ضبط‌ الاوّل‌ من‌ علماء السنّة‌، لا الشيعة‌، وإلاّ لا يخفي‌ علی‌ مثل‌ الجلال‌ كتاب‌ «الرجال‌» لعبدالله‌ بن‌ جبلة‌ المشهور.

 أقول‌: يعود سهو آية‌ الله‌ الصدر في‌ كتاب‌ «تأسيس‌ الشيعة‌» إلی‌ أ نّه‌ عدّ وفاد شعبة‌ في‌ سنة‌ 260 ه خطأ، في‌ حين‌ أ نّها كانت‌ في‌ سنة‌ 160 ه. وهنا ـ حيث‌ ذكرنا مطلبه‌ نقلاً عن‌ كتاب‌ «الشيعة‌ وفنون‌ الإسلام‌» ص‌ 76 و 77 ـ سار علی‌ نفس‌ النهج‌ وضبط‌ وفاته‌ سنة‌ 260 ه. وهذا سهو آخر أيضاً.

 أجل‌، لقد وهم‌ المرحوم‌ السيّد شرف‌ الدين‌ إذ ظنّ شعبة‌ شيعيّاً لكنّه‌ أصاب‌ في‌ سنة‌ وفاته‌، وهي‌ سنة‌ 160 ه. وعلی‌ عكسه‌ المرحوم‌ السيّد حسن‌ الصدر فقد أصاب‌ في‌ عدّه‌ شعبة‌ سنّيّاً، لكنّه‌ وهم‌ في‌ سنة‌ وفاته‌، حيث‌ ذكر في‌ كتاب‌ «تأسيس‌ الشيعة‌ لعلوم‌ الإسلام‌» وكتاب‌ «الشيعة‌ وفنون‌ الإسلام‌» معاً أ نّه‌ توفّي‌ سنة‌ 260 ه.

[7] ـ «الشيعة‌ وفنون‌ الإسلام‌» ص‌ 65 إلی‌ 78.

[8] ـ قال‌ أحمد أمين‌ بك‌ المصريّ في‌ كتاب‌ «ضحي‌ الإسلام‌» ص‌ 265: ومن‌ أكبر رجال‌ الشيعة‌ زُرارة‌ بن‌ أَعْيَن‌. قال‌ ابن‌ النديم‌: إنّه‌ أكبر رجال‌ الشيعة‌ فقهاً وحديثاً ومعرفة‌ بالكلام‌ والتشيّع‌. أبوه‌ أعين‌ كان‌ عبداً روميّاً لرجل‌ من‌ نبيّ شيبان‌ تعلّم‌ القرآن‌ ثمّ أعتقه‌؛ وجدّه‌ سنبس‌ كان‌ راهباً في‌ بلاد الروم‌. 1 صحب‌ زرارة‌ هذا أبا جعفر محمّداً الباقر وابنه‌ جعفراً الصادق‌ علیهما السلام‌، ومات‌ سنة‌ 150 ه، وله‌ آراء كثيرة‌ منثورة‌ في‌ كتب‌ الكلام‌. 2

 1 ـ «الفهرست‌» لابن‌ النديم‌، ص‌ 220.

 2 ـ انظرها في‌ «مقالات‌ الإسلامييّن‌» للاشعريّ؛ و«أُصول‌ الدين‌» للبغداديّ.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com