بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الرابع عشر / القسم الاول: تفسیر آیة الدین، الاحادیث النبوی فی الامر بالکتابة، الرد علی منع عمر ...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الرجوع إلی المجلد الثالث عشر

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

  للّه‌ الحمد وله‌ المنّة‌ أن‌ انتهي‌ تدوين‌ الجزء الثالث‌ عشر من‌ كتاب‌ « معرفة‌ الإمام‌» في‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌، وذلك‌ في‌ اليوم‌ الخامس‌ والعشرين‌ من‌ شهر رمضان‌ المبارك‌ سنة‌ عشر وأربعمائة‌ وألف‌ من‌ الهجرة‌. وكان‌ يدور حول‌ حديث‌ الثقلين‌ فقط‌، إذ تناولنا فيه‌ الحديث‌ المذكور وأثبتنا ـ من‌ حيث‌ السند، تواتره‌، ومن‌ حيث‌ الدلالة‌ـ وضوحه‌ في‌ عصمة‌ الائمّة‌ الطاهرين‌ صلوات‌ الله‌ وسلامه‌ عليهم‌ وكونهم‌ عدل‌ القرآن‌ الكريم‌ وحجّيّة‌ كلامهم‌ حتّي‌ قيام‌ الساعة‌. من‌ هذا المنطلق‌ كان‌ علی أن‌ أستمدّ العون‌ من‌ الله‌ تعالي‌ في‌ البدء بالجزء الرابع‌ عشر فوراً فأتحدّث‌ محقّقاً في‌ سائر المباحث‌ المرتبطة‌ بالإمامة‌ التي‌ ورد شرحها موجزاً في‌ مقدّمة‌ الجزء الثالث‌ عشر.

 بَيدَ أ نّه‌ لمّا صدر كتاب‌ « وظيفة‌ فرد مسلمان‌ در إحياي‌ حكومت‌ اسلام‌» (=وظيفة‌ الفرد المسلم‌ في‌ إحياء حكومة‌ الإسلام‌ ) المشتمل‌ علی بعض‌ الموضوعات‌ التي‌ جري‌ التباحث‌ بشأنها مع‌ أصدقائنا المخلصين‌ وأخلاّئنا الروحيّين‌ في‌ البلدة‌ الطيّبة‌ المقدّسة‌ للمشهد الرضوي‌ّ علی شاهدها آلاف‌ التحيّة‌ والإكرام‌، وذلك‌ في‌ شهر شوّال‌ المكرّم‌ سنة‌ 1410 ه، وأُشير فيه‌ إلی أنّ هذه‌ المباحث‌ ستتواصل‌؛ وأنّ الكتاب‌ المذكور ينبغي‌ أن‌ يشكّل‌ الجزء الاوّل‌ ومرحلة‌ تمهيديّة‌ لاجزاء تتلوه‌ في‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌؛ لهذا شرعتُ في‌ بحثٍ تحت‌ عنوان‌ « ولايت‌ فقيه‌ در حكومت‌ اسلام‌ » ( = ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام‌ ) كنت‌ أُلقي‌ دروسه‌ علی بعض‌ الإخوة‌ الاكارم‌ وطلاّب‌ العلوم‌ الدينيّة‌ في‌ هذه‌ المدينة‌ المقدّسة‌ بعد شهر رمضان‌ المبارك‌ سنة‌ 1411ه تتميماً للمباحث‌ السابقة‌ من‌ جهة‌، وعرضاً لمباحث‌ ترتبط‌ بحكومة‌ الإمام‌ وولاية‌ الفقيه‌ من‌ جهة‌ أُخري‌، وهذا نفسه‌ أحد الموضوعات‌ الموعود بها قرّاؤنا في‌ الجزء الرابع‌ عشر. وهو وسط‌ بين‌ الإيجاز الذي‌ قد لايفي‌ بالغرض‌، والإسهاب‌ الذي‌ قد يتداخل‌ فيه‌ الموضوع‌. وعُرض‌ في‌ثماني‌ وأربعين‌ جلسة‌ تامّة‌ امتدّت‌ ثلاثة‌ أشهر. والحمد للّه‌ إذ توفّرنا علی دراسة‌ الموضوعات‌ المعهودة‌ بصورة‌ وافية‌. ثمّ دُوِّنت‌ وأُعدّت‌ للطّبع‌ في‌ أربعة‌ أجزاء.

 وبدأتُ تأليف‌ كتاب‌ « الروح‌ المجرّد » في‌ رجب‌ المرجّب‌ سنة‌ ألف‌ وأربعمائة‌ واثنتي‌ عشرة‌: في‌ ذكري‌ السيّد هاشم‌ الحدّاد قدّس‌ سرّه‌. واستغرق‌ تأليفه‌ ثلاثة‌ أشهر. ولمّا كان‌ سماحة‌ السيّد المذكور رضي‌الله‌ عنه‌ من‌ أقدم‌ تلاميذ آية‌ الحقّ والعرفان‌، وسند الحكمة‌ والإيقان‌ المرحوم‌ آية‌الله‌ السيّد الميرزا علی القاضي‌ قُدّس‌ سرّه‌ وأسبقهم‌ وأفضلهم‌، وكان‌ من‌ أساتذتي‌ المكرّمين‌ في‌ الاخلاق‌ والعرفان‌، لذا يصدر هذا الكتاب‌ تحت‌ الرقم‌ ( 4 ) من‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌، ويدور حول‌ الاخلاق‌ والفلسفة‌ والعرفان‌. كما تصدر دورة‌ من‌ كتاب‌ « ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام‌ » تحت‌ الرقم‌ ( 6 ) المشتمل‌ علی مباحث‌ علميّة‌ ومسائل‌ فقهيّة‌.

 وإنّي‌ أشكر الله‌ تعالي‌ إذ وفّقني‌ لان‌ أمسك‌ قلمي‌ في‌ هذا الامد غير البعيد من‌ أجل‌ تدوين‌ هذه‌ الموضوعات‌. وها قد قدّر لي‌ أن‌ أبدأ بالجزء الرابع‌ عشر من‌ كتاب‌ « معرفة‌ الإمام‌ » تحت‌ التسلسل‌ ( 2 ) من‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌ في‌ هذا اليوم‌ الاغرّ الميمون‌ الذي‌ يصادف‌ عيد الغدير السعيد سنة‌ 1412 ه. وَمَا تَوْفِيقِي‌ إِلاَّ بِاللَهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي‌ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَه‌. الحَمْدُ لِلَّهِ الذَّي‌ جَعَلَنَا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِوِلاَيَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.

 هست‌ بي‌ شبهه‌ خطا چون‌ بر بُتان‌ نام‌ خدا              بر كسي‌ غير از تو اطلاق‌ أمير المؤمنين‌ [1]

 السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدَ الوَصِيِّينَ، وَإمَامَ المُوَحِّدِينَ، وَيَعْسُوبَ المُؤمِنِينَ، وَقَائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 مدينة‌ مشهد المقدّسة‌، قبل‌ الظهر بساعتين‌

 في‌ يوم‌ 18 ذي‌الحجّة‌ الحرام‌، سنة‌ 1412 ه

 عبده‌ الفقير: السيّد محمّد الحسين‌ الحسينيّ الطهراني‌ّ

 الرجوع الي الفهرس

 

الدرس‌ السادس‌ والتسعون‌ بعد المائة‌ إلی المائتين‌:

أمر القرآن‌ الكريم‌ والنبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بالكتابة‌ وإعداد الكتّاب‌

 

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِي‌ِّ العَظِيمِ

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن‌ يُؤْتِيَهُ اللَهُ الْكِتَـ'بَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي‌ مِن‌ دُونِ اللَهِ وَلَـ'كِن‌ كُونُوا رَبَّـ'نِيِّــنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَـ'بَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ. [2]

 الرجوع الي الفهرس

أهمّيّة‌ التدريس‌ والكتابة‌

 التدريس‌ هو التعليم‌ بنحو خاصّ يتقارن‌ به‌ مع‌ الكتابة‌. وهو أخصّ من‌ مطلق‌ التعليم‌ علی ما أفاده‌ سماحة‌ أُستاذنا الاكرم‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ، إذ قال‌: وَالدِّرَاسَةُ أَخَصُّ مِنَ التَّعْلِيمِ، فَإنَّهُ يُسْتَعْمَلُ غَالِباً فِيمَا يُتَعَلَّمُ عَنِ الكِتَابِ بِقَراءَتِهِ. [3]

 أصل‌ الكتاب‌ ما تحقّق‌ بالكتابة‌، وتدريس‌ الكتاب‌ ما كان‌ مقروناً بكتابته‌ وتعليمه‌ مكتوباً. فللكتابة‌ إذن‌ دور مهمّ ومؤثّر في‌ التدريس‌ والتعليم‌.

 يقول‌ الله‌ تعالـي‌ في‌ هذه‌ الآية‌ المبـاركة‌: إنّ مهمّة‌ الانبيـاء الذين‌ آتاهم‌ الله‌ الكتاب‌ والحكم‌ والنبوّة‌ أن‌ يعلّموا الناس‌ قراءة‌ الكتاب‌ والاحكام‌ وتعليمهما وتدريسهما عبر إعداد الاساتذة‌ والمربّين‌ الإلهيّين‌ الذين‌ تمرّسوا علی كتابهم‌ وزاولوا تدريسه‌ وتعليمه‌.

 إنّ العلماء الربّانيّين‌ الذين‌ تلقّوا الدروس‌ التربويّة‌ والتعليميّة‌ من‌ الانبياء العظام‌ بواسطة‌ تدوين‌ الكتب‌ السماويّة‌ ومساهمتهم‌ الدائمة‌ في‌ تعليمها وتدريسها يقودون‌ الناس‌ نحو طريق‌ السعادة‌. فالسبيل‌ الوحيد لهداية‌ الناس‌ عن‌ طريق‌ الانبياء هم‌ العلماء الذين‌ يكونون‌ في‌ الوسط‌، وعملهم‌ يتمثّل‌ في‌ تنـوير أذهان‌ الناس‌ عامّتهـم‌ بحقائق‌ الدين‌ من‌ خـلال‌ كتابة‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ ودراستها. وتتحقّق‌ هذه‌ المهمّة‌ بواسطة‌ تدريس‌ الكتاب‌ وتعليمه‌ الذي‌ يستلزم‌ الكتابة‌.

 ونلاحظ‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ كثرة‌ استعمال‌ اسم‌ الكتاب‌، والكتب‌، والمفردات‌ المشتقّة‌ من‌ مادّة‌ الكتابة‌. وكأنّ عنوان‌ الكتابة‌ بخاصّة‌ مؤثّر في‌ إيصال‌ التعليمات‌ وتفهيمها مضافاً إلی تدريس‌ العلوم‌ ودراستها.

 وقد عدّ القرآن‌ الكتابة‌ من‌ اللوازم‌ المهمّة‌ في‌ بعض‌ الاحكام‌، بل‌ أمر بها. ونقرأ في‌ الآيتين‌ 282 و283 من‌ سورة‌ البقرة‌ استعمال‌ الكتابة‌ في‌ عشرة‌ مواضع‌ منهما.

 يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا إِذَا تَدَايَنتُم‌ بِدَيْنٍ إِلَي‌'´ أَجَلٍ مُّسَمًّي‌ فَاكْتُبُوهُ 1 وَلْيَكْتُب‌ بَّيْنَكُم‌ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ 2 وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن‌ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَهُ فَلْيَكْتُبْ 3 وَلْيُمْلِلِ الَّذِي‌ عَلَيْهِ 4 الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَهَ رَبَّهُ و 5 وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْـًا 6 فَإِن‌ كَانَ الَّذِي‌ عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا 7 أَوْ ضَعِيفًا 8 أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن‌ يُمِلَّ 9 فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ و بِالْعَدْلِ 10 وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ 11 مِن‌ رِّجَالِكُمْ 12 فَإن‌ لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ 13 مِمَّن‌ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَآءِ 14 أَن‌ تَضِلَّ إِحْدَب'هُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَب'هُمَا الاُخْرَي‌' وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُوا 15 وَلاَ تَسْـَمُو´ا أَن‌ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا 16 أَوْ كَبِيرًا 17 إِلَي‌'´ أَجَلِهِ ذَ ' لِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَـ'دَةِ وَأَدْنَي‌'´ أَلاَّ تَرْتَابُو´ا إِلآ أَن‌ تَكُونَ تِجَـ'رَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا 18 وَأَشْهِدُو´ا إِذَا تَبَايَعْتُمْ 19 وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ 20 وَلاَ شَهِيدٌ 21 وَإِن‌ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ و فُسُوقٌ 22 وَاتَّقُوا اللَهَ 23 وَيُعَلِّمُكُمُ اللَهُ وَاللَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

 وَإِن‌ كُنتُمْ عَلَي‌' سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَـ'نٌ 24 مَّقْبُوضَةٌ 25 فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم‌ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي‌ اؤْتُمِنَ أَمَـ'نَتَهُ و 26 وَلْيَتَّقِ اللَهِ رَبَّهُ و 27 وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَـ'دَةَ 28 وَمَن‌ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ و´ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ و 29 وَاللَهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.

 الرجوع الي الفهرس

تفسير آية‌ الدَّين‌ والتجارة‌ من‌ سورة‌ البقرة‌

 1 ـ إذا داين‌ بعضكم‌ بعضاً إلی مدّة‌ معيّنة‌، فعليكم‌ أن‌ تكتبوا تلك‌ المدّة‌.

 2 ـ ويجب‌ أن‌ يكتب‌ بينكم‌ كاتب‌ بالسويّة‌ لا يزيد ولا ينقص‌.

 3 ـ ولا يمتنع‌ أحد من‌ الكتّاب‌ فيضنّ بهذه‌ الموهبة‌ التي‌ علّمه‌ الله‌ إيّاها، فعليه‌ أن‌ يكتب‌.

 4 ـ وعلي‌ المدين‌ أن‌ يُملي‌ مقدار الدَّين‌ علی الكاتب‌، والكاتب‌ يكتب‌ من‌ قبله‌ علی مسؤوليّته‌.

 5 ـ وينبغي‌ أن‌ يتحلّي‌ المملي‌ أو الكاتب‌ أو منظّم‌ السند بالتقوي‌.

 6 ـ ولا ينقص‌ من‌ الدَّين‌ المقرّر والمعهود شيئاً.

 7 ـ وإذا كان‌ المدين‌ ( الذي‌ عليه‌ أن‌ يسدّد الدَّين‌ في‌ رأس‌ المدّة‌ المعيّنة‌ ) سفيهاً ( ناقص‌ العقل‌ مبذّراً ).

 8 ـ أو ضعيفاً ( صبيّاً أو شيخاً مختلاّ ).

 9 ـ أو غير مستطيع‌ للإملال‌ بنفسه‌ ( لخرس‌ أو جهل‌ باللغة‌ ).

 10 ـ فحينئذٍ علی من‌ يلي‌ أمره‌ ويقوم‌ مقامه‌ أن‌ يُملي‌ هو بنفسه‌.

 11 ـ واطلبوا أن‌ يشهد علی الدَّين‌ شاهدان‌.

 12 ـ من‌ رجال‌ المسلمين‌!

 13 ـ فإن‌ لم‌ يكن‌ الشاهدان‌ رجلين‌ فرجل‌ وامرأتان‌.

 14 ـ من‌ الشهداء الذين‌ ترضونهم‌ وتعلمون‌ بعدالتهم‌.

 15 ـ ( امرأتان‌ بدل‌ رجل‌ واحد ) لاجل‌ أنّ إحداهما إن‌ ضلّت‌ الشهادة‌ بأن‌ نسيتها ذكّرتها الاُخري‌. ولا يمتنع‌ الشهداء إذا ما دُعوا إلی الشهادة‌.

 16 ـ ولا تملّوا من‌ كثرة‌ مديناتكم‌ أن‌ تكتبوا الدَّين‌ أو الحقّ والكتاب‌ سواء كان‌ صغيراً.

 17 ـ أم‌ كبيراً.

 18 ـ إذ إنّ ( لكتابة‌ السند وتنظيمه‌ ثلاث‌ فوائد مهمّة‌: ) أكثر قسطاً عند الله‌، وأثبت‌ للشهادة‌ وأعون‌ علی إقامتها، وأقرب‌ في‌ أن‌ لاتشكّوا في‌ جنس‌ الدَّين‌ وقدره‌ وأجله‌ أو الشهود ونحو ذلك‌، إلاّ أن‌ تتبايعوا يداً بِيَد فلابأس‌ أن‌ لاتكتبوا.

 19 ـ وأشهدوا إذا تبايعتم‌.

 20 ـ ولا ينبغي‌ للكاتب‌.

 21 ـ والشاهد.

 22 ـ أن‌ يضارّا ( بواسطة‌ ترك‌ الإجابة‌ والتحريف‌ والتغيير في‌ الكتابة‌ والشهادة‌ )، ( أو النهي‌ عن‌ الضرار بهما مثل‌ أن‌ يعجلا عن‌ مهمّ ويكلّف‌ الخروج‌ عمّا حدّ لهما). ومضارّة‌ الكاتب‌ والشاهد خطأ وانحراف‌.

 23 ـ أنتم‌ تفعلونه‌. فاتّقوا الله‌ في‌ جميع‌ هذه‌ المسائل‌ وكونوا في‌ كلاه‌. والله‌ بكلّ شي‌ء عليم‌.

 24 ـ وإذا كنتم‌ مسافرين‌ ولم‌ تجدوا كاتباً فعليكم‌ رهان‌.

 25 ـ مقبوضة‌.

 26 ـ تصل‌ إليكم‌! وإذا أمن‌ بعضُ الدائنين‌ بعضَ المديونين‌ ( واستغني‌ بأمانته‌ عن‌ الارتهان‌ ) فعلي‌ الشخص‌ المديون‌ الامين‌ الذي‌ تنازل‌ عن‌ الرهان‌ لائتمانه‌ أن‌ يسدّد الدَّين‌ الذي‌ هو أمانة‌ عنده‌ لدائنه‌ في‌ المدّة‌ المقرّرة‌، ويوفّيه‌ حقّه‌.

 27 ـ وليتّق‌ الله‌ ربّه‌ ( ولا يخن‌ في‌ أدائه‌ في‌ الوقت‌ المعيّن‌، وفي‌ مقداره‌ ).

 28 ـ ويحرم‌ عليكم‌ أيّها المسلمون‌ أن‌ تكتموا الشهادة‌ ( وتخفوها عند أدائها وتمتنعوا من‌ إظهارها والتحدّث‌ بها ).

 29 ـ إذ إنّ من‌ كتم‌ الشهادة‌ وامتنع‌ من‌ إبرازها عند الحاجة‌ فإنّ قلبه‌ آثم‌؛ والله‌ بما تعملون‌ عليم‌.

 والتفسير المجمل‌ لهذه‌ الآيات‌ المباركة‌ ـكما يلاحظ‌ـ مقتطف‌ من‌ تفسير القاضي‌ البيضاوي‌ّ. [4]

 وتعدّ الآية‌ الاُولي‌ أطول‌ آية‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌. وتشغل‌ صفحة‌ تامّة‌ من‌ المصاحف‌ المطبوعة‌ طباعة‌ حديثة‌ بلا خطأ، والمتّصفة‌ بعدّة‌ مزايا.

 وتبيّن‌ هذه‌ الآية‌ ثلاثة‌ وعشرين‌ حكماً من‌ الاحكام‌ المرتبطة‌ بمسائل‌ التجارة‌، وكيفيّة‌ الاستقراض‌ والمعاملات‌ المعلومة‌ الاجل‌، وأحكام‌ الشهادة‌، وشروط‌ الشاهد، ولزوم‌ البيع‌ بالرهن‌ عند عدم‌ إمكان‌ تنظيم‌ السند والكتابة‌. وهذا هو ما أورده‌ الحقير مرقّماً. أمّا الآية‌ الثانية‌ فإنّها تبيّن‌ ستّة‌ أحكام‌ من‌ أحكام‌ تلك‌ المسائل‌، فيكون‌ مجموعها تسعة‌ وعشرين‌ حكماً.

 الرجوع الي الفهرس

الاستشهاد بالآيات‌ القرآنيّة‌ علی وجوب‌ الكتابة‌

 ونلاحظ‌ أنّ هذه‌ الآيات‌ ذكرت‌ الكتابة‌ وكيفيّة‌ تنظيم‌ السند ولزوم‌ ذلك‌ وأهمّيّته‌ في‌ المعاملات‌، وأكّدت‌ أنّ الكتابة‌ ضروريّة‌ جدّاً لإحكام‌ المعاملات‌ والمبادلات‌ المعيّنة‌ الاجل‌ ورصانتها وصحّتها.

 ويمكن‌ أن‌ تدلّنا هذه‌ الآيات‌ علی ضرورة‌ تأسيس‌ مديريّة‌ عامّة‌ للسندات‌ وتسجيل‌ السندات‌ والاملاك‌ الجزئيّة‌. وبصورة‌ عامّة‌ نشاهد أنّ أُصول‌ المعاملات‌ المعتمدة‌ علی الاسناد والوثائق‌، والتنظيم‌، والكتابة‌، والتوقيع‌، والتوشيح‌ من‌ السلطات‌ الرسميّة‌ العليا مأخوذة‌ من‌ هاتين‌ الآيتين‌. وإذا ضممنا إليهما بعض‌ الآيات‌ الاُخري‌، فإنّنا نستطيع‌ أن‌ نعرض‌ جميع‌ سياسات‌ المدن‌ والقوانين‌ الاجتماعيّة‌ بصورة‌ مدوّنة‌ واسعة‌ مفصّلة‌. وقد اضطلع‌ فقهاء الشيعة‌ العظام‌ بهذه‌ المهمّة‌، وأدّوا ما عليهم‌ بإحسانٍ حقّاً، شَكَرَ اللَهُ مَسَاعِيَهُمُ الجَمِيلَةَ وَمَبَانِيَهُمُ المُنِيفَة‌.

 بَيدَ أنّ كلامنا الآن‌ لا يحوم‌ حول‌ هذا الموضوع‌، وإنّما ذكرنا الآيتَين‌ المتقدّمتين‌ للاستشهاد فحسب‌ حتّي‌ تستبين‌ أهمّيّة‌ الكتابة‌ التي‌ هي‌ مدار بحثنا من‌ منظور إسلامي‌؛ ويتّضح‌ اهتمام‌ القرآن‌ الكريم‌ والنبي‌ّ العظيم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ بها وأمرهما بمزاولتها وتأكيدهما لزومها وضرورتها في‌ مواضع‌ عديدة‌ إلی درجة‌ أ نّنا يمكن‌ أن‌ نعدّ الكتابة‌ قاعدة‌ من‌ القواعد التي‌ تقوم‌ عليها المسائل‌ الدينيّة‌. ولولا الكتابة‌ لما أمكن‌ إنجاز كثير من‌ تلك‌ المسائل‌.

 يقول‌ المؤرّخ‌ أبو بكر أحمد بن‌ علی بن‌ ثابت‌ المعروف‌ بالخطيب‌ البغدادي‌ّ: في‌ وصف‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ الكتابَ أ نّه‌ قيد العلم‌ دليل‌ علی إباحته‌ رسمه‌ في‌ الكتب‌ لمن‌ خشي‌ علی نفسه‌ دخول‌ الوهم‌ في‌ حفظه‌، وحصول‌ العجز عن‌ إتقانه‌ وضبطه‌. وقد أدّب‌ الله‌ سبحانه‌ عباده‌ بمثل‌ ذلك‌ في‌ الدَّين‌ فقال‌ عزّ وجلّ: وَلاَ تَسْـَمُو´ا أَن‌ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَي‌'´ أَجَلِهِ ذَ ' لِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَـ'دَةِ وَأَدْنَي‌'´ أَلاَّ تَرْتَابُوا. [5]

 فلمّا أمر الله‌ تعالي‌ بكتابة‌ الدَّين‌ حفظاً له‌، واحتياطاً عليه‌، وإشفاقاً من‌ دخول‌ الريب‌ فيه‌، كان‌ العلم‌ الذي‌ حِفْظُهُ أصعب‌ من‌ حِفْظِ الدَّين‌ أحري‌ أن‌ تباح‌ كتابته‌ خوفاً من‌ دخول‌ الريب‌ والشكّ فيه‌. بل‌ كتاب‌ العلم‌ في‌ هذا الزمان‌ مع‌ طول‌ الإسناد، واختلاف‌ أسباب‌ الرواية‌ أكثر حاجة‌ للحفظ‌.

 ألا تري‌ أنّ الله‌ عزّ وجلّ جعل‌ كتب‌ الشهادة‌ فيما يتعاطاه‌ الناس‌ من‌ الحقوق‌ بينهم‌ عوناً عند الجحود، وتذكرةً عند النسيان‌؟! وجعل‌ في‌ عدمها عند المموّهين‌ بها أوكد الحجج‌ ببطلان‌ ما ادّعوه‌ فيها؟!

 فمن‌ ذلك‌ أنّ المشركين‌ لمّا ادّعوا بهتاً اتّخاذ الله‌ سبحانه‌ بناتٍ من‌ الملائكة‌ أمر الله‌ نبيّنا صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أن‌ يقول‌ لهم‌: فَأْتُوا بِكِتَـ'بِكُمْ إِن‌ كُنتُمْ صَـ'دِقِينَ. [6] ولمّا قالت‌ اليهود: مَآ أَنزَلَ اللَهُ عَلَي‌' بَشَرٍ مِّن‌ شَي‌ْءٍ، [7] وقد استفاض‌ عنهم‌ قبل‌ ذلك‌ للإيمان‌ بالتوراة‌، قال‌ الله‌ تعالي‌ لنبيّنا صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: قل‌ لهم‌: مَنْ أَنزَلَ الْكِتَـ'بَ الَّذِي‌ جَآءَ بِهِ مُوسَي‌' نُورًا وَهُدًي‌ لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ و قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا. فلم‌ يأتوا علی ذلك‌ ببرهان‌؛ فأطلع‌ الله‌ علی عجزهم‌ عن‌ ذلك‌ بقوله‌ تعالي‌: قُلِ اللَهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي‌ خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ. وقال‌ تعالي‌ رادّاً علی متّخذي‌ الاصنام‌ آلهةً من‌ دونه‌: أَرُونِي‌ مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الاْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ ائْتُونِي‌ بِكِتَـ'بٍ مِّن‌ قَبْلِ هَـ'ذَآ أَوْ أَثَـ'رَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن‌ كُنتُمْ صَـ'دِقِينَ. [8] والاَثارة‌ والاَثرة‌ راجعان‌ في‌ المعني‌ إلی شي‌ء واحد، وهو ما أُثر من‌ كتب‌ الاوّلين‌.

 وكذلك‌ سبيل‌ من‌ ادّعي‌ علماً أو حقّاً من‌ حقوق‌ الاملاك‌ أن‌ يقيم‌ دون‌ الإقرار برهاناً، إمّا شهادة‌ ذوي‌ عدل‌، أو كتاباً غير مموّه‌، وإلاّ فلاسبيل‌ إلی تصديقه‌.

 والكتاب‌ شاهد عند التنازع‌ كما أخبرنا الحسن‌ بن‌ أبي‌ بكر، أخبرنا أبو سهل‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ عبد الله‌ بن‌ زياد القطّان‌، حدّثنا إسماعيل‌بن‌ إسحاق‌، حدّثنا عبد الله‌ بن‌ مسلمة‌، حدّثنا سليمان‌ بن‌ بلال‌ عن‌ عتبة‌بن‌ مسلم‌، عن‌ نافع‌ بن‌ جبير أنّ مروان‌ بن‌ الحكم‌ خطب‌ الناس‌ فذكر مكّة‌ وأهلها وحرمتها؛ فناداه‌ رافع‌ بن‌ خديج‌، فقال‌: ما لي‌ أسمعك‌ ذكرت‌ مكّة‌ وأهلها وحرمتها، ولم‌ تذكر المدينة‌ وأهلها وحرمتها؛ وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا. [9] وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي‌ أَدِيمٍ خَوْلاَنِيٍّ إنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ!

 قال‌ نافع‌: فسكت‌ مروان‌؛ ثمّ قال‌: قد سمعتُ بعض‌ ذلك‌.

 الرجوع الي الفهرس

الكتابة‌ في‌ عهد رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌

 ولو لم‌ يكن‌ في‌ هذا الباب‌ إلاّ وقوع‌ العلم‌ بما كان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ يكتبه‌ من‌ عهود السعاة‌ علی الصدقات‌، وكتابه‌ لعمرو بن‌ حزم‌، لمّا بعثه‌ إلی اليمن‌ لكفي‌، إذ فيه‌ الاُسوة‌، وبه‌ القدوة‌.[10]

 قال‌ محمّد عجّاج‌ الخطيب‌: وكان‌ إلی جانب‌ هذه‌ المساجد كتاتيب‌ [11] يتعلّم‌ فيها الصبيان‌ الكتابة‌ والقراءة‌ إلی جانب‌ القرآن‌ الكريم‌. ولايفوتنا أن‌ نذكر أثر غزوة‌ بدر في‌ تعليم‌ صبيان‌ المدينة‌ حينما أذن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ لاسري‌ بدر بأن‌ يفدي‌ كلّ كاتب‌ منهم‌ نفسه‌ بتعليم‌ عشرة‌ من‌ صبيان‌ المدينة‌ الكتابة‌ والقراءة‌. [12] ولم‌ يقتصر تعليم‌ الكتابة‌ والقراءة‌ علی الذكور بل‌ كانت‌ الإناث‌ يتعلّمن‌ هذا في‌ بيوتهنّ. فقد روي‌ أبوبكربن‌ سليمان‌ بن‌ أبي‌ حَثْمَة‌ عن‌ الشفاء ابنة‌ عبد الله‌ أ نّها قالت‌: دَخَلَ عَلَی رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَ حَفْصَةَ فَقَالَ لِي‌: أَلاَ تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الكِتَابَةِ؟![13]

 وقال‌ محمّد عجّاج‌ الخطيب‌ أيضاً في‌ باب‌ حثّ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وتحريضه‌ وتأكيده‌: ولم‌ يقتصر حضّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ لاصحابه‌ علی طلب‌ العلم‌ الشرعيّ من‌ خلال‌ القرآن‌ والسنّة‌ الطاهرة‌، بل‌ دعاهم‌ إلی كلّ علم‌ يفيد المسلمين‌ حتّي‌ أ نّه‌ أوّل‌ ما قَدِم‌ المدينة‌، وسمع‌ من‌ زيدبن‌ ثابت‌ بضع‌ عشرة‌ سورة‌ من‌ القرآن‌، وهو صغير السنّ أعجب‌ به‌، وأمره‌ أن‌ يتعلّم‌ لغة‌ اليهود. فقال‌:

 يَا زَيْدُ تَعَلَّمْ لِي‌ كِتَابَ يَهُودَ؛ فَإنِّي‌ وَاللَهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَی كِتَابِي‌. وفي‌ رواية‌: إنِّي‌ أَكْتُبُ إلَی قوْمٍ فَأَخَافُ أَنْ يَزِيدُوا عَلَی أَوْ يَنْقُصُوا؛ فَتَعَلَّمِ السُّرْيَانِيَّةَ، قَالَ زَيْدٌ: فَتَعَلَّمْتُهَا فِي‌ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً. [14]

 الرجوع الي الفهرس

أحاديث‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ الامر بالكتابة‌

 ذكر الخطيب‌ البغداديّ تسعة‌ أحاديث‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أ نّه‌ أمر الذي‌ شكا إليه‌ سوء الحفظ‌ أن‌ يستعين‌ بالخطّ:

 الاوّل‌: بسنده‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌، قال‌: كان‌ رجل‌ يشهد حديث‌ النبيّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، فلا يحفظه‌ فيسألني‌، فأُحدّثه‌، فشكا قلّة‌ حفظه‌ إلی رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، فقال‌ له‌ النبيّ: اسْتَعِنْ عَلَی حِفْظِكَ بِيَمِينِكَ ـ يعني‌: الكتابَ.

 الثاني‌: بسنده‌ عنه‌ أيضاً، قال‌: إنّ رجلاً شكا حفظه‌ إلی رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، فقال‌: اسْتَعِنْ عَلَی حِفْظِكَ بِيَمِينِكَ ـ يعني‌: اكْتُبْ.

 الثالث‌: بسنده‌ عنه‌ أيضاً، قال‌: إنّ رجلاً قال‌: يا رسول‌ الله‌ إنّي‌ لاأحفظ‌ شيئاً. قال‌: اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ عَلَی حِفْظِكَ ـ يعني‌: الكِتَابَ.

 الرابع‌: بسنده‌ عنه‌، قال‌: إنّ رجلاً شكا إلی رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قلّة‌ الحفظ‌، فقال‌ عَلَيْكَ يعني‌: الكِتَابَ.

 الخامس‌: بسنده‌ عنه‌ أيضاً، قال‌: إنّ رجلاً من‌ الانصار قال‌: يا رَسُولَ اللَهِ! إنِّي‌ أَسْمَعُ مِنْكَ أَحَادِيثَ وَأَخَافُ أَنْ تَفَلَّتَ مِنِّي‌. قَالَ اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ!

 السادس‌: بسنده‌ عنه‌ أيضاً، قال‌: جاء رجل‌، فقال‌: يَا رَسُولَ اللَهِ! إنِّي‌ أَسْمَعُ مِنْكَ حِدِيثاً كَثيراً فَأُحِبُّ أَنْ أَحْفَظَهُ فَلاَ أَنْسَاهُ. فَقَالَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ!

 السابع‌: بسنده‌ عنه‌، قال‌: إنَّ رَجُلاً مِنَ الاَنْصَارِ كَانَ يَسْمَعُ مِنَ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَشْيَاءَ تُعْجِبُهُ، كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَی حِفْظِهِ؛ فَقَالَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ!

 الثامن‌: بسنده‌ عنه‌، قال‌: إنَّ رَجُلاً شَكَا إلَی النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سُوءَ الحِفْظِ، فَقَالَ: اسْتَعِنْ عَلَی حِفْظِكَ بِيَمِينِكَ.

 التاسع‌: بسنده‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌ أ نّه‌ قال‌: شَكَا رَجُلٌ إلَی النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سُوءَ الحِفْظِ، فَقَالَ. اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ!

 وكذلك‌ روي‌ الخطيب‌ البغداديّ بإسناده‌ المتّصل‌ ستّة‌ أحاديث‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أ نّه‌ قال‌: قيّدوا العِلمَ بالكتابة‌.

 الاوّل‌: عن‌ عبد الله‌ بن‌ عمرو بن‌ العاص‌ قال‌: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَه! أُقَيِّدُ العِلْمَ؟! قَالَ: نَعَمْ!

 الثاني‌: عنه‌ أنّه‌ قال‌: يَا رَسُولَ اللَهِ أُقَيِّدُ العِلْمَ؟! قَالَ: نَعَمْ! قُلْتُ: وَمَا تَقِييدُهُ؟! قَالَ: الكِتَابُ.

 الثالث‌: وعنه‌ أيضاً أنّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: قَيِّدُوا العِلْمَ! قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! وَمَا تَقِييدُهُ؟! قَالَ: الكِتَابُ!

 الرابع‌: عن‌ عمرو بن‌ شُعيب‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ أ نّه‌ قال‌ لرسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: أُقَيِّدُ العِلْمَ؟! قَالَ: نَعَمْ ـ يَعْنِي‌: كِتَابَهُ!

 الخامس‌: عن‌ عمرو بن‌ شُعَيب‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: قَيِّدُوا العِلْمَ بِالكِتَابِ!

 السادس‌: عن‌ أنس‌ نسبه‌ بعضهم‌ ابن‌ مالك‌ قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: قَيِّدُوا العِلْمَ بِالكِتَابِ! [15]

 وروي‌ الخطيب‌ بثلاثة‌ أسناد متّصلة‌ عن‌ رافع‌ بن‌ خديج‌، وفي‌ بعضها: قال‌: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَهِ! إنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ أَفَنَكْتُبُهَا؟! قَالَ: اكْتُبُوا وَلاَ حَرَجَ!

 وفي‌ بعضها: مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَهِ صلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ فَقَالَ: مَا تَحَدَّثُونَ؟! قُلْنَا: نَتَحَدَّثُ عَنْكَ يَا رَسُولَ اللَهِ! قَالَ: تَحَدَّثُوا وَلْيَتَبَوَّأْ مَنْ كَذَبَ عَلَی مَقْعَداً مِنْ جَهَنَّمَ!

 قال‌ رافع‌: ومضي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ لحاجته‌، ونكّس‌ القوم‌ رؤوسهم‌، وأمسكوا عن‌ الحديث‌، وهمّهم‌ ما سمعوا من‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌.

 فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟! أَلاَ تَحَدَّثُونَ؟! قَالُوا: الَّذِي‌ سَمِعْنَا مِنْكَ يَارَسُولَ اللَهِ!

 قَالَ: إنِّي‌ لَمْ أَرِدْ ذَلِكَ؛ إنَّمَا أَرَدْتُ مَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا.

 قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ إنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ فَنَكْتُبُهَا؟! قَالَ: اكْتُبُوا وَلاَ حَرَجَ! [16]

 وروي‌ الخطيب‌ أيضاً بخمسة‌ وعشرين‌ سنداً متّصلاً عن‌ عمروبن‌ شُعيْب‌. عن‌ أبيه‌ شعيب‌، عن‌ جدّه‌ عبد الله‌ بن‌ عمرو بن‌ العاص‌ قال‌: قلنا: يارسول‌الله‌! إنّا نسمع‌ منك‌ أشياء لا نحفظها، أفنكتبها؟! قال‌: بلي‌!

 وهذه‌ الاحاديث‌ وإن‌ كانت‌ كثيرة‌ بَيْدَ أ نّها متقاربة‌ المفاد والمضمون‌، ويشترك‌ كلّها في‌ إذن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بكتابة‌ أحاديثه‌. ورد بعضها بهذا اللفظ‌: يَا رَسُولَ اللَهِ! إنِّي‌ أَسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ أَخَافُ أَنْ أَنْسَاهَا، فَتَأْذَنُ لِي‌ أَنْ أَكْتُبَهَا؟! قَالَ: نَعَمْ!

 وجاء في‌ كثير منها مفاد اللفظ‌ الآتي‌ ومضمونه‌: يَا رَسُولَ اللَهِ! أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ! قُلْتُ: فُِي‌ الرِّضَا وَالغَضَبِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إنِّي‌ لاَأَقُولُ فِي‌ الغَضَبِ وَالرِّضَا إلاَّ الحَقُّ ـ إنَّهُ لاَ يَنْبَغِي‌ لِي‌ أَنْ أَقُولَ إلاَّ حَقَّاً.

 ونقرأ في‌ قسم‌ منها: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: مَنْ قَالَ عَلَی مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. [17] قَالَ: فَمَكَثْنَا قَرِيباً مِنْ شَهْرِ لاَ نُحَدِّثُ بِشَي‌ءٍ. فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، كَأَنَّ عَلَی رُؤُوسِنَا الطَّيْرَ، فَقَالَ: مَا لكم‌ لا تحدَّثون‌؟!

 فَقُلْنَا: سَمِعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَهِ تَقُولُ: مَنْ تَقَوَّلَ عَلَی مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ!

 قَالَ: فَقَالَ: تَحَدَّثُوا وَلاَ حَرَجَ!

 قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! إنَّكَ تُحَدِّثُنَا فَلاَ نَأْمَنْ أَنْ نَضَعَ شَيْئاً عَلَی غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَفَأَكْتُبُ عَنْكَ؟!

 قَالَ: نَعَمْ فَاكْتُبْ عَنِّي‌؟ قَالَ: قُلْتُ: فِي‌ الرِّضَا وَالسَّخَطِ؟! قَالَ: فِي‌ الرِّضَا وَالسَّخَطِ.

 ونجد في‌ بعض‌ طرق‌ الحديث‌ أنّ المُعَافَا بن‌ زكريّا قال‌ في‌ ذيل‌ الحديث‌: وفي‌ هذا الخبر دلالة‌ واضحة‌ علی أ نّه‌ من‌ الصواب‌ ضبط‌ العلم‌، وتقييد الحكمة‌ بالكتاب‌ ليرجع‌ إليه‌ الناس‌ فيذكر ما نسيه‌، ويستدرك‌ ما عزب‌ عنه‌، وعلي‌ فساد قول‌ من‌ ذهب‌ إلی كراهية‌ ذلك‌.

 وقد جاء في‌ الاثر أنّ سليمان‌ بن‌ داود عليهما السلام‌ قال‌ لبعض‌ من‌ أسره‌ من‌ الشياطين‌: مَا الكَلاَمُ؟! قَالَ: رِيحٌ. قَالَ: فَمَا تَقْيِيدُهُ؟! قَالَ: الكِتَابُ!

 ووردت‌ بعض‌ الاحاديث‌ بهذا اللفظ‌: قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَي‌ءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أُرِيدُ حِفْظَهُ. فَنَهتْنِي‌ قُرِيْشٌ، فَقَالُوا: إنَّكَ تَكْتُبُ كُلَّ شَي‌ءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرَسُولُاللَهِ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي‌ الغَضَبِ وَالرِّضَا. [18] فَأَمْسَكْتُ عَنِ الكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقَالَ: اكْتُبْ فَوَالَّذِي‌ نَفْسِي‌ بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنِّي‌ إلاَّ حَقٌّ.

 ونقرأ في‌ بعضها ما نصّه‌: فَأَسْتَعِينُ بِيَدِي‌ مَعَ قَلْبِي‌؟ قَالَ: نَعَمْ! وفي‌ بعض‌ آخر: شبِّكوهَا بِالكَتْبِ! [19]

 ونقل‌ الخطيب‌ ستّة‌ أحاديث‌ بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌ أ نّه‌ قال‌: لم‌ يكن‌ أحد من‌ أصحاب‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أكثر حديثاً منّي‌ إلاّ عبد الله‌ بن‌ عمرو فإنّه‌ كتب‌ ولم‌ أكتب‌. وألفاظ‌ الجميع‌ متقاربة‌. وورد بعضها باللفظ‌ الآتي‌:

 مَا كَانَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنِّي‌ إلاَّ عَبْدُاللَهِ بنُ عَمْرٍو، فَإنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ بِيَدِهِ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنْ يَكْتُبَ عَنْهُ مَا سَمِعَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ، فَكَانَ يَكْتُبُ بِيَدِهِ وَيَعِي‌ قَلْبُهُ، وَإنَّمَا كُنْتُ أَعِي‌ بِقَلْبِي‌. [20]

 الرجوع الي الفهرس

كتابة‌ عبد الله‌ بن‌ عمرو للصحيفة‌ الصادقة‌ في‌ عصر رسول‌ الله‌

 وذكر الخطيب‌ خمسة‌ أحاديث‌ بإسناده‌ المتّصل‌ أنّ الصادقة‌ صحيفة‌ كتبها عبد الله‌ بن‌ عمرو من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌.

 وجاء بعضها باللفظ‌ الآتي‌: الصَّادِقَةُ صَحِيفَةٌ كَتَبْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

 ونقرأ في‌ بعضها الآخر ما نصّه‌: قال‌ مجاهد أَتَيْتُ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عَمْرٍو فَتَنَاوَلْتُ صَحِيفَةً مِنْ تَحْتِ مَفْرَشِهِ، فَمَنَعَنِي‌. قُلْتُ: مَا كُنْتَ تَمْنَعَنِي‌ شَيْئاً! قَالَ: هَذِهِ الصَّادِقَةُ. هَذِهِ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لَيْسَ بَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ أَحَدٌ. إذَا سَلُمَتْ لِي‌ هَذِهِ وَكِتَابُ اللَهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَي‌ وَالوَهْطُ فَمَا أُبَالِي‌ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا!

 وفسّر الوهط‌ في‌ بعضها بقوله‌: وَأَمَّا الوَهْطَةُ فَأَرْضٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَمْرُو بْنُ العَاصِ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا.

 ونلاحظ‌ أنّ بعضها ورد باللفظ‌ الآتي‌: قال‌ أبو راشد الحبراني‌ّ: أتيتُ عبدالله‌بن‌ عمرو بن‌ العاص‌ فقلتُ: حدّثنا ما سمعتَ من‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: فألقي‌ إلی صحيفة‌، فقال‌: هذا ما كتب‌ لي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، قال‌: فنظرتُ، فإذا فيها:

 إنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! عَلِّمْنِي‌ مَا أَقُولُ إذَا أَصْبَحْتُ وَإذَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ: يَا بَا بَكْرٍ! قُلِ: اللَهُمَّ فَاطِرِ السَّمَاواتِ وَالاَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ، رَبَّ كُلِّ شَي‌ءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي‌، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَن‌ اقْتَرِفَ عَلَی نَفْسِي‌ سُوءاً، أَوْ أَجُرَّهُ إلَی مُسْلِمٍ. [21]

 ونقل‌ الخطيب‌ أيضاً حديثاً في‌ تأكيد أمر الكتابة‌ في‌ عصر رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌. وفيه‌ أنّ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أمر أصحابه‌ أن‌ يكتبوا لابي‌ شاة‌ خطبته‌ التي‌ سمعها منه‌. وأورد الخطيب‌ هذا الموضوع‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌ أنّه‌ قال‌:

 لَمَّا فَتَحَ اللَهُ تَعَالَي‌ عَلَی رَسُولِهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ مَكَّةَ قَامَ فِي‌ النَّاسِ فَحَمِدَ اللَهَ، وَأَثْنَي‌ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي‌ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ؛ وَإنَّهَا لَمْ تُحَلَّ لاِحَدٍ كَانَ قَبْلِي‌، وَإنَّمَا أُحِلَّتْ لِي‌ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ؛ وَإنَّهَا لَنْ تُحَلَّ لاِحَدٍ بَعْدِي‌، فَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُخْتَلَي‌ شَوْكُهَا، وَلاَ تُحَلُّ سَاقِطَتُهَا إلاَّ لِمُنْشِدٍ! وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إمَّا أَنْ يُفْدِيَ وَإمَّا أَنْ يَقْتُلَ.

 فَقَالَ العَبَّاسُ: إلاَّ الإذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَهِ؛ فَإنَّا نَجْعَلُهُ فِي‌ قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ: إلاَّ الإذْخِرَ. فَقَامَ أَبُو شَاةٍ ـرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِـ فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي‌ يَا رَسُولَ اللَهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [: اكْتُبُوا لاِبِي‌ شَاةٍ!

 يقول‌ راوي‌ هذا الحديث‌ أبو بكر أحمد بن‌ محمّد بن‌ غالب‌ الفقيه‌ الخوارزمي‌ّ: قلتُ للاوزاعيّ: ما قوله‌: اكْتُبُوا لِي‌ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قال‌: هذه‌ الخطبة‌ التي‌ سمعها من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌.[22]

 الرجوع الي الفهرس

تعمّد الخطيب‌ عدم‌ نقل‌ أخبار حؤول‌ عمر دون‌ كتابة‌ رسول‌ الله‌

 هذه‌ معلومات‌ ذكرها الخطيب‌ البغداديّ في‌ كتاب‌ « تقييد العلم‌ » لإثبات‌ الكَتابة‌ وأهمّيّتها، وأمر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بهذا العمل‌ الخطير. ولا نجد ذكراً لصحيفة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ كما هو ملحوظ‌، بل‌ لانجد ذكراً للاستشهاد بكتابة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ حين‌ طلب‌ قلماً وقرطاساً ليكتب‌ لاُمّته‌ ما لا تضلّ بعده‌ أبداً.

 وهذا الموضوع‌ بلغ‌ من‌ العجب‌ درجة‌ أ نّه‌ أثار استغراب‌ يوسف‌ العُشّ الذي‌ صدّر الكتاب‌ المذكور وحقّقه‌ وعلّق‌ عليه‌. فلم‌ يتمالك‌ نفسه‌ حتّي‌ قال‌ في‌ الهامش‌: من‌ العجب‌ أن‌ يكون‌ سها عن‌ بال‌ الخطيب‌ الاستشهاد بالكتاب‌ الذي‌ أراد الرسول‌ أن‌ يكتبه‌ حين‌ وفاته‌ وخبره‌ في‌ « صحيح‌ البخاريّ » ج‌1، ص‌ 41، طبعة‌ ليدن‌، و « صحيح‌ مسلم‌ » مع‌ شرح‌ النووي‌ّ، ج‌2، ص‌42، و « تاريخ‌ الطبريّ » ج‌1، ص‌ 186 و187، و « أُسد الغابة‌ » ج‌3، ص‌305، وشرح‌ الحديث‌ في‌ « إرشاد الساري‌ » ج‌ 1، ص‌169، و « فتح‌ الباري‌ » ج‌ 1، ص‌ 185 إلی 187، و « عمدة‌ القاري‌ » ج‌ 1، ص‌575، و « شرح‌ مسلم‌ » للنووي‌ّ، ج‌ 2، ص‌ . [23] 43

 الرجوع الي الفهرس

حظر عمر الكتابة‌ ينطلق‌ من‌ أغراض‌ سياسيّة‌

 وأقول‌: لم‌ يَسْهُ الخطيب‌، بل‌ تساهي‌. وهذا السهو المقصود ملموس‌ عند علماء العامّة‌ غالباً، إذ يرتكبون‌ مثل‌ هذه‌ الاخطاء المتعمَّدَة‌ كثيراً فيحذفون‌ أو يحرّفون‌ أو يغيّرون‌ أو يبترون‌ أو يُعرضون‌ عن‌ ذكر الحديث‌ مباشرة‌. وهذه‌ كلّها شواهد ساطعة‌ وأدلّة‌ واضحة‌ علی بطلان‌ آرائهم‌ ومذاهبهم‌ التي‌ أقاموها علی أساس‌ تخويف‌ الناس‌ وترهيبهم‌ وخنق‌ صوت‌ الحقّ والإجهاز عليه‌. وكما قال‌ سلطانهم‌ علناً والقوم‌ حاضرون‌: إنّه‌ ليهجر؛ حسبنا كتاب‌ الله‌، مشيراً إلی الرسول‌ الاعظم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، فإنّهم‌ صدفوا من‌ ذلك‌ المنطلق‌ عن‌ أحاديث‌ أهل‌ البيت‌ النبوي‌ّ الكريم‌ التي‌ كانت‌ مدوّنة‌ ومتميّزة‌ يومئذٍ، إذ إنّ تلك‌ الاحاديث‌ كلّها كانت‌ موجودة‌ ومحفوظة‌ ومدوّنة‌ عند مصدر الولاية‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، غاية‌ الامر أنّ العامّة‌ المخالف‌ نهجهم‌ لنهج‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ لم‌ يجدوا بُدّاً من‌ الإعراض‌ عنها، بل‌ عدّها منبوذة‌ محظورة‌ تمشّياً مع‌ الظروف‌ السياسيّة‌ المفروضة‌، لانّ هذه‌ الاحاديث‌ التي‌ تفسّر الآيات‌ القرآنيّة‌ والاحاديث‌ النبويّة‌ لمصلحة‌ صاحب‌ الولاية‌ ومنزلته‌ تتعارض‌ مع‌ حكومتهم‌ الغاصبة‌. ولا جرم‌ أنّهم‌ يهجرون‌ أهل‌ البيت‌ وأحاديثهم‌ وكتبهم‌ رغبة‌ في‌ التحكّم‌ والتسلّط‌، وإلاّ اجتمع‌ الضدّان‌ والنقيضان‌.

 وفي‌ ضوء ذلك‌ قال‌ عمر: حَسْبُنَا كِتَابُ اللَهِ، وافتعل‌ تلك‌ الضجّة‌ والجلبة‌ بحضور رسول‌ الله‌ في‌ ذلك‌ المجلس‌ الذي‌ تمثّلت‌ فيه‌ الرَّزِيَّة‌ كُلّ الرَّزِيَّة‌. وكثر اللَّغْط‌ وامتنع‌ النبيّ من‌ الكتابة‌ حتّي‌ التحق‌ بالرفيق‌ الاعلي‌.

 هب‌ أنّ ما أراد أن‌ يكتبه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ لا يرتبط‌ بوصاية‌ مولي‌ الموالي‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، بَيدَ أ نّه‌ مهما كان‌ موضوع‌ الكتابة‌، فإنّه‌ أراد أن‌ يكتب‌ ما يضمن‌ عدم‌ ضلال‌ الاُمّة‌ إلی الابد.

 وليس‌ من‌ أحد يقول‌ لهؤلاء الاتباع‌ الذين‌ هم‌ أشبه‌ بالحاضنة‌ التي‌ تدّعي‌ أ نّها أشفق‌ من‌ الاُمّ الرؤوم‌: إنّ كتاب‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ـ مهما كان‌ ـ ضمان‌ منه‌ لسعادة‌ الاُمّة‌ وعدم‌ ضلالها أبد الآبدين‌، فما هو المسوّغ‌ العقليّ والوجدانيّ والشرعيّ لعمر حتّي‌ يحرم‌ الاُمّة‌ من‌ هذا الفيض‌ إلی قيام‌ الساعة‌؟!

 إنّها قضيّة‌ مالك‌ بن‌ نويرة‌ نفسها، إذ إنّه‌ لمّا امتنع‌ من‌ دفع‌ الزكاة‌ إلی أبي‌بكر، وقال‌ بوجوب‌ دفعها إلی الخليفة‌ والوليّ الحقّ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌، اتّهمه‌ خالد بن‌ الوليد بالارتداد وقتله‌ بشكل‌ مروّع‌، وقَبِل‌ أبوبكر عذر خالد، لا نّه‌ لو بلغ‌ الناسَ أنّ مالك‌ بن‌ نويرة‌ لم‌ يرتدّ، وأنّه‌ ما برح‌ علی إسلامه‌، وأ نّه‌ أراد دفع‌ زكاته‌ وزكاة‌ قومه‌ إلی صاحبها الحقيقي‌ّ؛ ولو اقتصّ أبو بكر من‌ خالد بن‌ الوليد لِقَتْلِهِ امرءاً مسلماً، فَقَتَلَهُ به‌، لانتشر الخبر في‌ طرفة‌ عين‌ وانتفض‌ الناس‌ لمناهضة‌ أبي‌ بكر تبعاً لمالك‌، وحينئذٍ لايعلم‌ أحد ماذا سيحدث‌، ولما قرّ للجهاز الحاكم‌ قرار. وهذا يعني‌ اجتماع‌ الضدّين‌ والنقيضين‌. لهذا أتوا برأسه‌ سريعاً لئلاّ يذاع‌ الخبر. وَإلاَّ اتَّسَعَ الخَرْقُ عَلَی الرَّاقِع‌. ( حينئذٍ لا يُرْقَع‌ الخرقُ، بل‌ يتّسع‌ ويتّسع‌ حتّي‌ لايدع‌ للجهاز الحاكم‌ إلاّ الامتهان‌ والخزي‌ والذلّ ).

 كان‌ ذلك‌ سرّاً أفضاه‌ خالد في‌ أُذن‌ أبي‌ بكر فاستصوبه‌ وبرّأه‌. ولمّا أخبر أبو بكر عمر الذي‌ كان‌ من‌ المعارضين‌ لخالد في‌ تلك‌ القضيّة‌، قبل‌ كلامه‌ ولم‌ يصرّ علی الاقتصاص‌ من‌ خالد. وتصافي‌ القوم‌ وجلسوا علی مائدة‌ شهيّة‌ وهم‌ يقضمون‌ ما عليها.

 الرجوع الي الفهرس

حظر عمر تدوين‌ الحديث‌ النبوي‌ّ

 إنّ قول‌ عمر: حسـبنا كتابُ الله‌، يجانب‌ العقل‌ والمنطق‌ إلی درجة‌ أنّ العامّة‌ أنفسهم‌ طأطأوا رؤوسهم‌ خجلاً في‌ تفسيره‌، لكنّ عمر نفسه‌ حال‌ دون‌ عزم‌ رسول‌ الله‌ علی الكتابة‌، ومنع‌ جلب‌ الكتف‌ والدواة‌ وذلك‌ من‌ أجل‌ تقويض‌ أركان‌ الولاية‌ وهو يعلم‌ جيّداً أنّ كلامه‌ خطأ محض‌، وأنّ القرآن‌ لايكتمل‌ إلاّ بسنّة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌.

 ثمّ حظر بيان‌ الحديث‌ والسيرة‌ النبويّة‌ أيّام‌ حكومته‌ بأشدّ الإجراءات‌. ولم‌ يمنع‌ تدوين‌ الحديث‌ فحسب‌، بل‌ منع‌ بيانه‌ شفويّاً أيضاً بأعنف‌ أُسلوب‌. ولِمَ ذَاك‌؟ لكي‌ لا يتكلّم‌ الناس‌ بالاحاديث‌ النبويّة‌ المأثورة‌ في‌ وصاية‌ أمير المؤمنين‌ وإمامته‌ وإمارته‌ وخلافته‌ بلافصل‌. وهذه‌ الاحاديث‌ تمثّل‌ بياناً يتعارض‌ مع‌ نهج‌ الحكومة‌ الغاصبة‌. وكيف‌ يترك‌ الناس‌ أحراراً في‌ تدوينها، وهو الذي‌ هجم‌ علی بيت‌ فاطمة‌ واقتاد أميرالمؤمنين‌ إلی المسجد من‌ أجل‌ البيعة‌؟

 قال‌ الشيخ‌ محمود أبو ريّة‌ بعد ردّ الحديث‌ الآتي‌ المرويّ عن‌ طرق‌ العامّة‌: أَلاَ وَإنِّي‌ قَدْ أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ: وإذا كان‌ الامر كذلك، فَلِمَ لَمْيَعنِ النبي‌ّ بكتابة‌ هذا المثل‌ في‌ حياته‌، عندما تلقّاه‌ عن‌ ربّه‌، كما عني‌ بكتابة‌ القرآن‌؟

 وواصـل‌ كـلامه‌ إلی أن‌ قـال‌: هل‌ يصـحّ أن‌ يـدع‌ النـبـي‌ّ نصـف‌ ما أوحاه‌الله‌ إليه‌ يغدو بين‌ الاذهان‌ بغير قيدٍ، يُمسكه‌ هذا، وينساه‌ ذاك‌، ويتزيّد فيه‌ ذلك‌ ممّا يصيب‌ غير المدوّن‌ في‌ كتابٍ محفوظ‌؟ وهل‌ يكون‌ الرسول‌ بعلمه‌ هذا قد بلّغ‌ الرسالة‌ علی وجهها، وأدّي‌ الامانة‌ كاملة‌ إلی أهلها؟!

 وأين‌ كان‌ هذا الحديث‌ عندما قال‌ النبيّ في‌ مرضه‌ الاخير الذي‌ انقلب‌ بعده‌ إلی ربّه‌، وبعد أن‌ نزلت‌ الآية‌: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَـ'مَ دِينًا» [24]: إنِّي‌ وَاللَهِ مَا تَمَسَّكُوا عَلَی بِشَي‌ءٍ إنِّي‌ لَمْ أُحِلَّ إلاَّ مَا أَحَلَّ القُرْآنُ، وَلَمْ أُحَرِّمْ إلاَّ مَا حَرَّمَ القُرْآنُ؟! [25] ثمّ أين‌ كان‌ هذا الحديث‌ عندما قال‌ أبو بكر للناس‌: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَهِ فَاسْتَحِلُّوا حَلاَلَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ؟! وعندما قال‌ عمر، عندما طلب‌ النبيّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وهو يحتضر أن‌ يكتب‌ للناس‌ كتاباً لن‌ يضلّوا بعده‌: حَسْبُنَا كِتَابُ اللَهِ؟!

 وقال‌ أبو ريّة‌: فإنّا نجد هؤلاء الصحابة‌ لم‌ يقف‌ بهم‌ الامر عند ذلك‌ (الكتابة‌ )، وإنّما كانوا يرغبون‌ عن‌ رواية‌ الحديث‌ وينهون‌ عنها، وأنّهم‌ كانوا يتشدّدون‌ في‌ قبول‌ الاخبار تشديداً قويّاً.

 روي‌ الذهبي‌ّ في‌ « تذكرة‌ الحفّاظ‌ » قال‌: من‌ مراسيل‌ ابن‌ أبي‌مليكة‌[26] أنّ أبا بكر جمع‌ الناس‌ بعد وفاة‌ نبيّهم‌ فقال‌: إنَّكُمْ تُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَهِ أَحَادِيثَ تَخْتَلِفُونَ فِيهَا، وَالنَّاسُ بَعْدَكُمْ أَشَدُّ اخْتِلاَفاً؟ فَلاَتُحَدِّثُوا عَنْ رَسُولِ اللَهِ شَيْئاً. فَمَنْ سَأَلَكُمْ فَقُولُوا: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَهِ، فَاسْتَحِلُّوا حَلاَلَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ!

 وروي‌ ابن‌ عساكر عن‌ محمّد بن‌ إسحاق‌ قال‌: أخبرني‌ صالح‌بن‌ إبراهيم‌بن‌ عبد الرحمن‌ بن‌ عوف‌ قال‌: ما مات‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ حتّي‌ بعث‌ إلی أصحاب‌ رسول‌ الله‌ فجمعهم‌ من‌ الآفاق‌: عبد الله‌ بن‌ حُذَيفة‌، وأباالدرداء، وأبا ذرّ، وعقبة‌ بن‌ عامر، فقال‌: ما هذه‌ الاحاديث‌ التي‌ أفشيتم‌ عن‌ رسول‌الله‌ في‌ الآفاق‌؟! قالوا: تنهانا؟ قال‌: لا، أقيموا عندي‌؛ لاوالله‌ لاتفارقوني‌ ما عشتُ فنحن‌ أعلم‌، نأخذ منكم‌، ونردّ عليكم‌! فما فارقوه‌ حتّي‌ مات‌. [27]

 وروي‌ الذهبيّ في‌ « تذكرة‌ الحفّاظ‌ » عن‌ شعبة‌، عن‌ سعيد بن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌ أنّ عمر حبس‌ ابن‌ مسعود، وأبا الدرداء، وأبا مسعود الانصاريّ فقال‌: قد أكثرتم‌ الحديث‌ عن‌ رسول‌ الله‌، [28] وكان‌ قد حبسهم‌ في‌ المدينة‌. ثمّ أطلقهم‌ عثمان‌. [29]

 وروي‌ ابن‌ سعد، وابن‌ عساكر عن‌ محمود بن‌ لبيد ـواللفظ‌ لابن‌ سعدـ قال‌: سمعتُ عثمان‌ بن‌ عفّان‌ علی المنبر يقول‌: لا يحلّ لاحد يروي‌ حديثاً لم‌يسمع‌ به‌ في‌ عهد أبي‌ بكر ولا في‌ عهد عمر، فإنّه‌ لم‌يمنعني‌ أن‌ أُحدّث‌ عن‌ رسول‌ الله‌ أن‌ لا أكون‌ من‌ أوعي‌ أصحابه‌، إلاّ إنّي‌ سمعته‌ يقول‌: مَنْ قَالَ عَلَی مَا لَمْ أَقُلْ فَقَدْ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.

 وفي‌ كتاب‌ « جامع‌ بيان‌ العلم‌ وفضله‌ » [30] لحافظ‌ المغرب‌ ابن‌ عبدالبرّ عن‌ الشعبي‌ّ، عن‌ قرظة‌ بن‌ كعب‌ قال‌: خَرَجْنَا نُرِيدُ العِرَاقَ فَمَشَي‌ مَعَنَا عُمَرُ إلَی صِرَارٍ. [31] ثُمَّ قَالَ لَنَا: أَتَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ؟! قُلْنَا: أَرَدْتَ أَنْ تُشَيِّعَنَا وَتُكْرِمَنَا! قَالَ: إنَّ مَعَ ذَلِكَ لَحَاجَةً خَرَجْتُ لَهَا: إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ بَلْدَةً لاِهْلِهَا دَوِي‌ٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَلاَ تَصُدُّوهُمْ بِالاَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَهِ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ! قَالَ قَرَظَةُ: فَمَا حَدَّثْتُ بَعْدَهُ حَدِيثاً عَنْ رَسُولِ اللَهِ.

 وفي‌ رواية‌ أُخري‌: إنَّكُمْ تَأْتُونَ أَهْلَ قَرْيَةٍ لَهَا دَوِيٌّ بِالقُرْآنِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَلاَتَصُدُّوهُمْ بِالاَحَادِيثِ لِتَشْغَلُوهُمْ. جَوِّدُوا [32] القُرْآنَ وَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَهِ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ! [33]

 فَلَمَّا قَدِمَ قَرَظَةُ قَالُوا: حَدِّثْنَا! فَقَالَ: نَهَانَا عُمَرُ. [34]

 وَفِي‌ «الاُمِّ» لِلشَّافِعِيِّ رِوَايَةُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ: فَلَمَّا قَدِمَ قَرَظَةُ، قَالُوا: حَدِّثْنَا! قَالَ: نَهَانَا عُمَرُ!

 وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَهِ إلاَّ فِيمَا يُعْمَلُ بِهِ. [35]

 وقد ذكرنا في‌ الجزء الثاني‌ عشر من‌ كتابنا هذا « معرفة‌ الإمام‌ » الدروس‌ 174 إلی 176 قصّة‌ صُبَيْغِ بْنِ عَسَلٍ التَّمِيمِي‌ّ وجلده‌ مائتي‌ جلدة‌، وإدماء بدنه‌ لسؤاله‌ عمر عن‌ معني‌ الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا، نقلاً عن‌ السيوطي‌ّ، وابن‌ كثير عن‌ البزّاز والدارقطني‌ّ في‌ « الإفراد »، وابن‌ مردويه‌، وابن‌ عساكر، وعن‌ « سنن‌ الدارمي‌ّ»، و « سيرة‌ عمر » لابن‌ الجوزيّ، وعن‌ « كنز العمّال‌ »، وعن‌ نصر المقدسي‌ّ، والإصفهانيّ، وابن‌ الانباريّ، والالكانيّ، وعن‌ « فتح‌ الباري‌ »، و « الفتوحات‌ المكّيّة‌ ».

 لقد حظر عمر أربعة‌ أشياء:

 1 ـ السؤال‌ عن‌ مشكل‌ القرآن‌.

 2 ـ السؤال‌ عن‌ الاحكام‌ والتكاليف‌ التي‌ لم‌ تقع‌.

 3 ـ بيان‌ أحاديث‌ رسول‌ الله‌.

 4 ـ تدوين‌ الحديث‌.

 وكان‌ يجلد صحابة‌ رسول‌ الله‌ المعروفين‌ ويحبسهم‌ عملاً بما قرّره‌.

 قال‌ العلاّمة‌ الامينيّ: ولمّا بعث‌ عمر أبا موسي‌ ] الاشعريّ [ إلی العراق‌ قال‌ له‌: إنّك‌ تأتي‌ قوماً لهم‌ في‌ مساجدهم‌ دويّ بالقرآن‌ كدويّ النحل‌ فدعهم‌ علی ما هم‌ عليه‌ ولا تشغلهم‌ بالاحاديث‌ وأنا شريكك‌ في‌ ذلك‌. ذكره‌ ابن‌ كثير في‌ تاريخه‌، ج‌ 8، ص‌ 107، فقال‌: هذا معروف‌ عن‌ عمر.

 وأخرج‌ الطبرانيّ عن‌ إبراهيم‌ بن‌ عبد الرحمن‌ أنّ عمر حبس‌ ثلاثة‌: ابن‌ مسعود، وأبا الدرداء، وأبا مسعود الانصاريّ، فقال‌: قد أكثرتم‌ الحديث‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ حبسهم‌ بالمدينة‌ حتّي‌ قُتل‌. [36]

 وفي‌ لفظ‌ الحاكم‌ في‌ « المستدرك‌ » ج‌ 1، ص‌ 110: إنّ عمر بن‌ الخطّاب‌ قال‌ لابن‌ مسعود ولابي‌ الدرداء ولابي‌ ذرّ: ما هذا الحديث‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌؟! وأحسبه‌ حبسهم‌ بالمدينة‌ حتّي‌ أُصيب‌.

 وفي‌ لفظ‌ جمال‌ الدين‌ الحنفيّ: إنّ عمر حبس‌ ابن‌ مسعود، وأبا الدرداء، وأبا ذرّ حتّي‌ أُصيب‌. وقال‌: مَا هَذَا الحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ؟ قال‌: أحسبه‌ حبسهم‌ حتّي‌ أُصيب‌. وكذلك‌ فعل‌ بأبي‌ موسي‌ الاشعريّ مع‌ عدله‌ عنده‌. (« المعتصر » ج‌ 1، ص‌ 459 ).

 وقال‌ عمر لابي‌ هريرة‌: لتتركنّ الحديث‌ عن‌ رسول‌ الله‌ أو لالحقنّك‌ بأرض‌ دَوْس‌؟! [37] وقال‌ لكعب‌ الاحبار: لتتركنّ الحديث‌ عن‌ الاوّل‌، أو لالحقنّك‌ بأرض‌ القِرَدَة‌؟! (« تاريخ‌ ابن‌ كثير » ج‌ 8، ص‌ 106).

 وأخرج‌ الذهبيّ في‌ « التذكرة‌ » ج‌ 1، ص‌ 7، عن‌ أبي‌ سلمة‌ قال‌: قلتُ لابي‌ هريرة‌: أكنتَ تُحدّث‌ في‌ زمان‌ عمر هكذا؟! فقال‌: لو كنت‌ أُحدِّث‌ في‌ زمان‌ عمر مثل‌ ما أُحدِّثكم‌ لضربني‌ بمخفقته‌.

 وأخرج‌ أبو عمر عن‌ أبي‌ هريرة‌ قال‌: لقد حدّثتكم‌ بأحاديث‌ لو حدَّثْتُ بها زمن‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ لضربني‌ عمر بالدرّة‌. (« جامع‌ بيان‌ العلم‌ » ج‌2، ص‌121 ).

 وفي‌ لفظ‌ الزهريّ: أفكنتُ محدّثكم‌ بهذه‌ الاحاديث‌ وعمر حي‌ّ؟ أما والله‌ إذاً لايقنتُ أنّ المخفقة‌ ستباشر ظهري‌. وفي‌ لفظ‌ ابن‌ وهب‌: إنّي‌ لاُحدِّث‌ أحاديث‌ لو تكلّمتُ بها في‌ زمان‌ عمر أو عند عمر لَشَجَّ رأسي‌. (« تاريخ‌ ابن‌ كثير » ج‌ 8، ص‌ 107 ). فمن‌ جرّاء هذا الحادث‌ قال‌ الشعبي‌ّ: قعدتُ مع‌ ابن‌ عمر سنتين‌ أو سنة‌ ونصفاً فما سمعتُ يحدّث‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ إلاّ حديثاً. [38]

 وقال‌ السائب‌ بن‌ يزيد: صحبتُ سعد بن‌ مالك‌ من‌ المدينة‌ إلی مكّة‌ فما سمعته‌ يحدِّث‌ بحديث‌ واحدٍ. (« سنن‌ ابن‌ ماجه‌ » ج‌ 1، ص‌16).

 وقال‌ أبو هريرة‌: ما كنّا نستطيع‌ أن‌ نقول‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ حتّي‌ قُبض‌ عمر (« تاريخ‌ ابن‌ كثير » ج‌ 8، ص‌107 ).

 الرجوع الي الفهرس

ردّ العلاّمة‌ الاميني‌ّ علی عمر في‌ حظر تدوين‌ الحديث‌

 قال‌ الامينيّ: هل‌ خفي‌ علی الخليفة‌ أنّ ظاهر الكتاب‌ لا يُغني‌ الاُمّة‌ عن‌ السُّنَّة‌، وهي‌ لا تفارقه‌ حتّي‌ يردا علی النبيّ الحوض‌، وحاجة‌ الاُمّة‌ إلی السُّنَّةَ لاتقصر عن‌ حاجتها إلی ظاهر الكتاب‌؟

 وَالكِتَابُ كَمَا قَالَ الاَوْزَاعِيُّ وَمَكْحُولٌ أَحْوَجُ إلَی السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إلَی الكِتَابِ. (« جامع‌ بيان‌ العلم‌ وفضله‌ » ج‌ 2، ص‌ 191 ).

 أو رأي‌ هناك‌ أُناساً لعبوا بها بوضع‌ أحاديث‌ علی النبي‌ّ الاقدس‌ ـوحقّاً رأي‌ـ فهمّ قطع‌ جراثيم‌ التقوّل‌ عليه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، وتقصير تلكم‌ الايدي‌ الاثيمة‌ عن‌ السُّنّة‌ الشريفة‌؟ فإن‌ كان‌ هذا أو ذاك‌، فما ذنب‌ مثل‌ أبي‌ ذرّ المنوَّه‌ بصدقه‌ بقول‌ النبي‌ّ الاعظم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ، وَلاَ أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ عَلَی رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي‌ ذَرٍّ؟[39] أو مثل‌ عبدالله‌بن‌ مسعود صاحب‌ سرّ رسول‌ الله‌، وأفضل‌ من‌ قرأ القرآن‌، وأحلَّ حلاله‌، وحرّم‌ حرامه‌، الفقيه‌ في‌ الدين‌، العالم‌ بالسُّنَّة‌؟ [40] أو مثل‌ أبي‌ الدرداء عُوَيْمِر كبير الصحابة‌، صاحب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌؟ [41] فلماذا حبسهم‌ حتّي‌ أُصيب‌؟ ولماذا هتك‌ أُولئك‌ العظماء في‌ الملا الديني‌ّ وصغّرهم‌ في‌ أعين‌ الناس‌؟ وهل‌ كان‌ أبو هريرة‌ وأبو موسي‌ الاشعريّ من‌ أُولئك‌ الوضّاعين‌ حتّي‌ استحقّا بذلك‌ التعزير والنهر والحبس‌ والوعيد؟! أنا لاأدري‌!

 نعم‌، هذه‌ الآراء كلّها أحداث‌ السياسة‌ الوقتيّة‌ سدّت‌ علی الاُمّة‌ أبواب‌ العلم‌، وأوقعتها في‌ هوّة‌ الجهل‌ ومعترك‌ الاهواء وإن‌ لم‌ يقصدها الخليفة‌، لكنّه‌ تترّسَ بها يوم‌ ذاك‌، وكافح‌ عن‌ نفسه‌ اقتحام‌ المعضلات، ونجا بها عن‌ عويصات‌ المسائل‌.

 م‌ ـ وبعد نهي‌ الاُمّة‌ المسلمة‌ عن‌ علم‌ القرآن‌، وإبعادها عمّا في‌ كتابها من‌ المعاني‌ الفخمة‌ والدروس‌ العالية‌ من‌ ناحية‌ العلم‌ والادب‌ والدين‌ والاجتماع‌ والسياسة‌ والاخلاق‌ والتأريخ‌، وسدّ باب‌ التعلّم‌ والاخذ بالاحكام‌ والطقوس‌ ما لم‌ يتحقّق‌ ويقع‌ موضوعها، والتجافي‌ عن‌ التهيّؤ بدين‌ الله‌ قبل‌ وقوع‌ الواقعة‌، ومنعها عن‌ معالم‌ السُّنَّة‌ الشريفة‌، والحجز عن‌ نشرها في‌ الملا. فبأيّ علم‌ ناجع‌، وبأيّ حُكم‌ وحِكَم‌ تترفّع‌ وتتقدّم‌ الاُمَّة‌ المسكينة‌ علی الاُمم‌؟ وبأيّ كتاب‌ وبأيّة‌ سُنَّةٍ تتأتّي‌ لها سيادة‌ العالم‌ التي‌ أسّسها لها صاحب‌ الرسالة‌ الخاتمة‌؟ فسيرة‌ الخليفة‌ هذه‌ ضربة‌ قاضية‌ علی الإسلام‌ وعلي‌ أُمّته‌ وتعاليمها وشرفها وتقدّمها وتعاليها عَلِمَ بها هو أو لم‌ يعلم‌، ومن‌ ولائد تلك‌ السيرة‌ الممقوتة‌ حديث‌ كتابة‌ السُّنن‌، ألا وهو:

93

حديث‌ كتابة‌ السُّنن‌

 عن‌ عروة‌ أنّ عمر بن‌ الخطّاب‌ أراد أن‌ يكتب‌ السُّنن‌ فاستفتي‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ ذلك‌، فأشاروا عليه‌ أن‌ يكتبها، فطفق‌ عمر يستخير الله‌ فيها شهراً ثمّ أصبح‌ يوماً وقد عزم‌ الله‌ له‌ فقال‌: إنّي‌ كنتُ أُريد أن‌ أكتب‌ السُّنن‌ وإنّي‌ ذكرتُ قوماً كانوا قبلكم‌ كتبوا كتاباً فأكبّوا عليها وتركوا كتاب‌ الله‌، وإنّي‌ والله‌ لا أشوب‌ كتاب‌ الله‌ بشي‌ء أبداً. [42]

 وقد اقتفي‌ أثر الخليفة‌ جمع‌ وذهبوا إلی المنع‌ عن‌ كتابة‌ السُّنَن‌ خلافاً للسُّنَّةِ الثابتة‌ عن‌ الصادع‌ الكريم‌. [43]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ يقول‌: «يا علی! لقد ضلّ حقّاً من‌ سمّي‌ غيرك‌ أمير المؤمنين‌ كما ضلّ من‌ سمّي‌ الوَثَنَ إلهاً!».

[2] ـ «الآية‌ 79، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[3] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 3، ص‌ 304.

[4] ـ «تفسير البيضاوي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 187 إلی 190، الطبعة‌ القديمة‌ ذات‌ الجزءين‌، دار الطباعة‌ العامرة‌ بمصر.

[5] ـ الآية‌ 282، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[6] ـ الآية‌ 157، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌.

[7] ـ الآية‌ 91، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌. وتمام‌ الآية‌: وَمَا قَدَرُوا اللَهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَآ أَنزَلَ اللَهُ عَلَي‌' بَشَرٍ مِّن‌ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَـ'بَ الَّذِي‌ جَآءَ بِهِ مُوسَي‌' نُورًا وَهُدًي‌ لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ و قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم‌ مَّا لَمْ تَعْلَمُو´ا أَنتُمْ وَلآ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ اللَهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي‌ خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ.

[8] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 46: الاحقاف‌.

[9] ـ قال‌ الفيروزآباديّ في‌ «القاموس‌» ج‌ 1، ص‌ 129: وحرّم‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ما بين‌ لاَبَتَي‌ المدينة‌، وهما حرّتان‌ تكتنفانها. أقول‌: والحَرَّة‌: الارض‌ ذات‌ حجارة‌ نَخِرَةٍ سُود كأ نّها أُحرقت‌ بالنار. ج‌ حَرَّات‌ وحَرَا وأَحَرُّون‌ وحَرُّون‌.

[10] ـ كتاب‌ «تقييد العلم‌ » للخطيب‌ البغداديّ المولود سنة‌ 392 ه والمتوفّي‌ سنة‌ 463، صاحب‌ الكتاب‌ الشهير «تاريخ‌ بغداد» ص‌ 70 إلی 72.

[11] ـ كُتَّاب‌ جمع‌ كاتب‌. وموضع‌ التعليم‌ أيضاً وجمعه‌ كتاتيب‌.

[12] ـ «طبقات‌ ابن‌ سعد» القسم‌ الاوّل‌، ج‌ 2، ص‌ 14.

[13] ـ «سنن‌ أبي‌ داود» ج‌ 2، ص‌ 337. والنملة‌ هي‌ قروح‌ تخرج‌ في‌ الجنب‌، وفي‌ الحديث‌ عن‌ أنس‌ قال‌: رخّص‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ الرُّقيَة‌ من‌ العَيْن‌ والحُمَّة‌ والنَّملة‌. يقال‌ للحسد: عَيْن‌. والحُمَّة‌ ـ بضمّ الحاء وفتح‌ الميم‌ـ هي‌ السمّ. أي‌: أذِنَ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ بكتابة‌ الدعاء في‌ هذه‌ الحالات‌ وشدّه‌ علی المريض‌ ليُرفع‌ به‌ الالم‌. هذا الحديث‌ في‌ «صحيح‌ مسلم‌» ص‌ 1725، الحديث‌ 58 من‌ الجزء الرابع‌. (كتاب‌ «السُّنَّة‌ قبل‌ التدوين‌»، ص‌ 299 و 300 ).

[14] ـ كتاب‌ «السُّنَّة‌ قبل‌ التدوين‌» ص‌ 39.

[15] ـ «تقييد العلم‌» ص‌ 68 إلی 70.

[16] ـ «تقييد العلم‌» ص‌ 72 و 73.

[17] ـ يُستشفُّ من‌ كلام‌ رسول‌ الله‌ لعبد الله‌ بن‌ عمرو بن‌ العاص‌: مَنْ قَالَ علی مَا لَمْأَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ أنّ عبد الله‌ نفسه‌ كان‌ ممّن‌ نهج‌ سبيل‌ الكذب‌ والافتراء ونسبة‌ أُمور باطلة‌ إلی النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌. وكما سنري‌ لاحقاً فإنّه‌ استنقذ زاملتين‌ من‌ كتب‌ أهل‌ الكتاب‌ في‌ معركة‌ اليرموك‌، ثمّ أخذ منهما أحاديث‌ ونسبها إلی رسول‌ الله‌. وعلي‌ هذا فلاحجّيّة‌ للصحيفة‌ الصادقة‌ التي‌ كتبها نقلاً عن‌ الزاملتين‌، وإسناداً إليها ولاقيمة‌ للموضوعات‌ المأخوذة‌ منها، والمذكورة‌ في‌ كتب‌ العامّة‌.

[18] ـ المقصود من‌ قريش‌ هنا أبو بكر وعمر وعصابتهما وأنصارهما خاصّة‌، للقرائن‌ الآتية‌: 1 ـ أ نّي‌ نقل‌ حديث‌ باسم‌ قريش‌ وفيه‌ مخالفة‌ لرسول‌ الله‌، فإنّ الاصابع‌ تشير إليهما وأعوانهما. 2 ـ «تفيد سائر الاحاديث‌ أ نّهما خطّآ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ الشؤون‌ الدنيويّة‌ والعياذ بالله‌ وأبرزا أنفسهما كصاحبَي‌ رأي‌ في‌ مقابل‌ رأيه‌. ورأينا سابقاً أيضاً أنّ عمر حين‌ نوّه‌ بأنّ قريشاً لا تنقاد لعلي‌ّ، إنّما كان‌ يعني‌ بذلك‌ نفسه‌. 3 ـ قرائن‌ أُخري‌ مختلفة‌ أيضاً.

[19] ـ «تقييد العلم‌» ص‌ 74 إلی 82.

[20] ـ «تقييد العلم‌» ص‌ 82 إلی 84.

 وهذا زعمٌ زعمه‌ أبو هريرة‌ والشواهد والادلّة‌ علی كذبه‌ كثيرة‌. لقد صدف‌ أبو هريرة‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ ولحق‌ بمعاوية‌ وأصبح‌ من‌ بطانته‌ وأُمراء حكومته‌. وكانت‌ له‌ يد طولي‌ في‌ وضع‌ الاحاديث‌ الكاذبة‌. والحقّ أنّ العالم‌ المصريّ السُّنِّي‌ّ الشيخ‌ محمود أبو ريّة‌ قد أجمل‌ في‌ كتاب‌ «أضواء علی السُّنّة‌ المحمّديّة‌»، وكتاب‌ «أبو هُريرة‌ شيخ‌ المضيرة‌». وكذلك‌ العالم‌ اللبنانيّ الشيعيّ السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ العامليّ في‌ كتاب‌ «أبو هريرة‌» وكتاب‌ «النصّ والاجتهاد»، وأتيا علی الموضوع‌ من‌ كلّ جوانبه‌ ووفّياه‌ حقّه‌ وناقشاه‌ مناقشة‌ تامّة‌ جزاهما الله‌ عن‌ الإسلام‌ والولاية‌ والحقّ والحقيقة‌ خير الجزاء.

[21] ـ «تقييد العلم‌» ص‌ 84 و 85.

 قال‌ سماحة‌ أُستاذنا الاعظم‌ آية‌ الله‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ قدّس‌ الله‌ نفسه‌ ذات‌ يومٍ: يتحصّل‌ من‌ تعامل‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ مع‌ مختلف‌ الاشخاص‌ وكلامه‌ معهم‌ أ نّه‌ كان‌ يخبر عن‌ مستقبلهم‌ مجملاً من‌ خلال‌ كلماته‌ القصيرة‌ الموجزة‌. ويُنبي‌ عن‌ إيمانهم‌ أو كفرهم‌ أو ارتدادهم‌ أو ثباتهم‌ واستقامة‌ دينهم‌. من‌ هنا فالمستفاد من‌ تعليمه‌ أبا بكر الدعاء أنّ أبا بكر سيُمني‌ بشرّ نفسه‌، وشرّ الشيطان‌ وشركه‌، وأعماله‌ السيّئة‌ القبيحة‌، ومن‌ ثمّ يجرّ ذلك‌ إلی المسلمين‌. وقد اعترف‌ أبو بكر نفسه‌ بهذه‌ الحقيقة‌ علی المنبر في‌ أوّل‌ خطبة‌ خطبها بعد وفاة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، إذ قال‌: إنّ لي‌ شيطاناً يَعْتَريني‌ فإذا زِغتُ فقوّموني‌.

[22] ـ «تقييد العلم‌» ص‌ 86. وقال‌ يوسف‌ العشّ في‌ الهامش‌: ما يشابهه‌ من‌ يحيي‌بن‌ أبي‌ كثير في‌ البخاريّ ج‌ 1، ص‌ 40 و 41، ك‌ 3 ب‌ 36، وشرحه‌ في‌ «إرشاد الساري‌» ج‌ 1، ص‌ 168؛ و«عمدة‌ القاري‌» ج‌ 1، ص‌ 567؛ و«فتح‌ الباري‌» ج‌ 1، ص‌ 184؛ ومثله‌ باختصار من‌ الوليد بن‌ مسلم‌ في‌ «صحيح‌ الترمذي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 110، وعنه‌ في‌ «أُسد الغابة‌» ج‌ 2، ص‌ 384؛ و«تيسير الوصول‌» ج‌ 3، ص‌ 176؛ ومثله‌ بتقارب‌ اللفظ‌ من‌ الوليد بن‌ مسلم‌ في‌ «المحدّث‌ الفاصل‌» ج‌ 4، ص‌ 21؛ وباختصار من‌ الاوزاعي‌ّ في‌ «جامع‌ بيان‌ العلم‌» ج‌ 1، ص‌ 70؛ ودون‌ سند في‌ «معالم‌ السنن‌» ج‌ 4، ص‌ 184؛ و«الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 717؛ و«مقدّمة‌ ابن‌ الصلاح‌» ص‌ 17.

[23] ـ «تقييد العلم‌» ص‌ 86.

[24] ـ الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[25] ـ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» ج‌ 4، ص‌ 332.

[26] ـ «تذكرة‌ الحفّاظ‌» ج‌ 1، ص‌ 3. وابن‌ أبي‌ مليكة‌ هو عبد الله‌ بن‌ عبيد الله‌ بن‌ أبي‌ مليكة‌ القرشيّ التميميّ المكّيّ. قاضي‌ مكّة‌ في‌ زمن‌ ابن‌ الزبير. كان‌ إماماً فقيهاً فصيحاً مفوّهاً. اتّفقوا علی توثيقه‌. وممّن‌ روي‌ عنه‌ الليث‌ بن‌ سعد، توفّي‌ سنة‌ 117 ه؛ وص‌ 63 من‌ كتاب‌ «التشريع‌ الإسلاميّ» للشيخ‌ محمّد الخضري‌ّ.

[27] ـ أخرجه‌ ابن‌ عساكر، ومحمّد بن‌ إسحاق‌.

[28] ـ «تاريخ‌ التشريع‌ الإسلاميّ» ج‌ 1، ص‌ 7 و 123، من‌ كتاب‌ «تمهيد لتاريخ‌ الفلسفة‌ الإسلاميّة‌» للشيخ‌ مصطفي‌ عبد الرزّاق‌، ص‌ 161.

[29] ـ قال‌ أبو بكر بن‌ العربي‌ّ في‌ «العواصم‌ من‌ القواصم‌» وهو يدافع‌ عن‌ عثمان‌ فيما نسبوه‌ إليه‌ من‌ المظالم‌ والمناكير ما نصّه‌: ومن‌ العجيب‌ أن‌ يؤخذ عليه‌ في‌ أمرٍ فَعَلَه‌ عمر! فقدروي‌ أنّ عمر بن‌ الخطّاب‌ سجن‌ ابن‌ مسعود في‌ نفرٍ من‌ الصحابة‌ سنة‌ بالمدينة‌ حتّي‌ قُتل‌ فأطلقهم‌ عثمان‌، وكان‌ سجنهم‌ لانّ القوم‌ أكثروا الحديث‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌. (ص‌ 75 و 76)

[30] ـ ج‌ 2، ص‌ 120.

[31] ـ صِرار بالكسر موضع‌ قرب‌ المدينة‌، وفي‌ رواية‌: خرجنا فَشَيَّعَنا.

[32] ـ جاء في‌ تعبير العلاّمة‌ الامينيّ في‌ «الغدير»، ج‌ 6، ص‌ 294: جرّدوا القرآن‌. أي‌: علّموه‌ بلا تفسير.

[33] ـ ورد في‌ «شرح‌ ابن‌ أبي‌ الحديد» ج‌ 3، ص‌ 102؛ وفي‌ كتاب‌ «السُّنّة‌ قبل‌ التدوين‌» ص‌ 100.

[34] ـ هذه‌ الزيادة‌ من‌ «تذكرة‌ الحفّاظ‌» للذهبيّ. وصحّحه‌ الحاكم‌ في‌ «المستدرك‌»، ج‌ 1، ص‌ 102 (التعليقة‌)؛ «سنن‌ الدارمي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 85؛ و«سنن‌ ابن‌ ماجة‌» ج‌ 1، ص‌ 16؛ و«المستدرك‌» للحاكم‌، ج‌ 1، ص‌ 102؛ و«جامع‌ بيان‌ العلم‌» ج‌ 2، ص‌ 120؛ و«تذكرة‌ الحفّاظ‌» ج‌ 1، ص‌ 3، بنـاءً علی ما نقله‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌ «الغدير» ج‌ 6، ص‌ 294؛ ï ïوذكره‌ في‌ «السنّة‌ قبل‌ التدوين‌»، ص‌ 97.

[35] ـ «أضواء علی السنّة‌ المحمّديّة‌» ص‌ 52 إلی 55، الطبعة‌ الثالثة‌، دار المعارف‌ بمصر. وذكر العلاّمة‌ الامينيّ خبر قرظة‌ بن‌ كعب‌ كلّه‌ في‌ «الغدير» ج‌ 6، ص‌ 294، باب‌ نوادر الاثر في‌ علم‌ عمر.

 وفيما يعمل‌ به‌: السنّة‌ العمليّة‌ («البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 8، ص‌ 107 ).

[36] ـ «تذكرة‌ الحفّاظ‌» ج‌ 1، ص‌ 7؛ «مجمع‌ الزوائد» ج‌ 1، ص‌ 149، وصحّحه‌ محشّي‌ الكتاب‌ فقال‌: هذا صحيح‌ عن‌ عمر من‌ وجوه‌ كثيرة‌. وكان‌ عمر شديداً في‌ الحديث‌.

[37] ـ أخرجه‌ ابن‌ عساكر كما في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 5، ص‌ 239؛ وأخرجه‌ أبو زرعة‌ كما في‌ «تاريخ‌ ابن‌ كثير» ج‌ 8، ص‌ 106.

[38] ـ «سنن‌ الدارمي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 84؛ و«سنن‌ ابن‌ ماجة‌» ج‌ 1، ص‌ 15.

[39] ـ «مستدرك‌ الحاكم‌» ج‌ 3، ص‌ 342 و 344.

[40] ـ «مستدرك‌ الحاكم‌» ج‌ 3، ص‌ 312 و 315.

[41] ـ «مستدرك‌ الحاكم‌» ج‌ 3، ص‌ 337.

[42] ـ «طبقات‌ ابن‌ سعد» ج‌ 3، ص‌ 206؛ و«مختصر جامع‌ بيان‌ العلم‌» ص‌ 33.

[43] ـ راجع‌ «سنن‌ الدارمي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 125؛ و«مستدرك‌ الحاكم‌» ج‌ 1، ص‌ 104 إلی 106، و«مختصر جامع‌ بيان‌ العلم‌» ص‌ 36 و 37.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com