بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الثانی عشر / القسم الخامس: علی علیه السلام و الاخبار الغیبیة

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الدرس‌ الحادي‌ والسبعون‌ بعد المائة‌ إلی الثالث‌ والسبعين‌ بعد المائة‌:

علم‌ أمير المؤمنين‌ بالمنايا والبلايا والاعمار والملاحم‌ والفتن‌

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العلي‌ّ العظيم‌

 

تفسير الآيات‌ الاُولي‌ من‌ سورة‌ العلق‌

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي‌ خَلَقَ * خَلَقَ الإنسَـ'نَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاْكْرَمُ * الَّذِي‌ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنسَـ'نَ مَا لَمْ يَعْلَمْ. [1]

 جاء في‌ تفسير « الصافي‌ » نقلاً عن‌ « تفسير القمّيّ » أنّ هذه‌ السورة‌ أوّل‌ سورة‌ نزلت‌ علی النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌. إذ هبط‌ جبرئيل‌ عليه‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، فقال‌: يَا مُحَمَّدُ! اقْرَأْ. فقال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: وما أقرأ؟ قال‌: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي‌ خَلَقَ». يَعْنِي‌ خَلَقَ نُورَكَ القَدِيمَ قَبْلَ الاَشْيَاءِ. [2]

 وقال‌ سماحة‌ أُستاذنا العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ أفاض‌ الله‌ علينا من‌ بركات‌ رمسه‌ في‌ تفسيره‌: مفعول‌ اقْرَأْ محذوف‌. وقوله‌ بِاسْمِ رَبِّكَ الباء متعلّق‌ بمقدّر نحو مفتتحاً أو مبتدءاً أو باقرأ، والباء للملابسة‌. ( أي‌: اقرأ بتلقّي‌ ما يوحيه‌ إليه‌ ملك‌ الوحي‌ مبتدءاً أو مفتتحاً أو ملابساً اسم‌ ربّك‌ الذي‌ خلقك‌ ).

 وفي‌ قوله‌: رَبِّكَ الَّذِي‌ خَلَقَ إشارة‌ إلی قصر الربوبيّة‌ في‌ الله‌ عزّ اسمه‌. وهو توحيد الربوبيّة‌ المقتضية‌ لقصر العبادة‌ فيه‌. فإنّ المشركين‌ كانوا يقولون‌: إنّ الله‌ سبحانه‌ ليس‌ له‌ إلاّ الخلق‌ والإيجاد. وأمّا الربوبيّة‌، وهي‌ الملك‌ والتدبير، فلمقرّبي‌ خلقه‌ من‌ الملائكة‌ والجنّ والإنس‌، فدفعه‌ الله‌ بقوله‌: رَبِّكَ الَّذِي‌ خَلَقَ الناصّ علی أنّ الربوبيّة‌ والخلق‌ له‌ وحده‌. وقوله‌: عَلَّمَ بِالْقَلَمِ الباء للسببيّة‌. أي‌: علّم‌ القراءة‌ أو الكتابة‌ بواسطة‌ القلم‌... والكلام‌ مسوق‌ لتقوية‌ نفس‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وإزالة‌ القل‌ والاضطراب‌ عنها حيث‌ أُمر بالقراءة‌ وهو أُمّي‌ّ لا يكتب‌ ولا يقرأ، كأ نّه‌ قيل‌: اقرأ كتاب‌ ربّك‌ الذي‌ يوحيه‌ إليك‌ ولا تخف‌، والحال‌ أنّ ربّك‌ الاكرم‌ الذي‌ علّم‌ الإنسان‌ القراءة‌ بواسطة‌ القلم‌ الذي‌ يخطّ به‌. فهو قادر علی أن‌ يعلّمك‌ قراءة‌ كتابه‌ وأنت‌ أُمّي‌ّ، وقد أمرك‌ بالقراءة‌ ولو لم‌يقدرك‌ عليها لم‌يأمرك‌ بها.

 ثمّ عمّم‌ سبحانه‌ النعمة‌ فذكر تعليمه‌ للإنسان‌ ما لم‌ يعلم‌ فقال‌: عَلَّمَ الإنسَـ'نَ مَا لَمْ يَعْلَمْ. وفيه‌ مزيد من‌ تقوية‌ لقلب‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وتطييب‌ لنفسه‌... وقرأتَ الكتاب‌: إذا جمعتَ الحروف‌ والكلمات‌ بضمّ بعضها إلی بعض‌ في‌ الذهن‌ وإن‌ لم‌ تتلفّظ‌ بها. ( وإنّما يحصل‌ هذا الضمّ في‌ الذهن‌ فحسب‌ ). والمراد به‌ الامر بتلقّي‌ ما يوحيه‌ إليك‌ ملك‌ الوحي‌ من‌ القرآن‌. [3]

 وعلي‌ هذا، إنّ جميع‌ علوم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ كانت‌ بواسطة‌ ملائكة‌ الوحي‌. وقراءتها تعني‌ تثبيتها في‌ الذهن‌ والقلب‌، والعمل‌ بمقتضاها.

وعلّم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وصيَّه‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ما كان‌ يعرفه‌ من‌ العلوم‌. أي‌: علّمه‌ تلك‌ المعاني‌ النوريّة‌ والمدركات‌ القدسيّة‌ العالية‌ التي‌ أُوحيت‌ إليه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بواسطة‌ أعظم‌ مَلَك‌ من‌ ملائكة‌الله‌ تعالي‌، وهو جبرائيل‌ أو الروح‌. وذكر أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ذلك‌ في‌ آخر الخطبة‌ القاصعة‌، فقال‌:

 وَلَقَدْ قَرَنَ اللَهُ بِهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنْ لَدُنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ المَكَارِمِ وَمَحَاسِنِ أَخْلاَقِ العَالَمِ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ. وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ. يَرْفَعُ لِي‌ فِي‌ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلاَقِهِ عَلَماً وَيَأْمُرُنِي‌ بِالاقْتِدَاءِ بِهِ. وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي‌ كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ[4] فَأرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي‌. وَلَمْيَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي‌ الإسلام غَيْرَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُما. أَرَي‌ نُورَ الوَحْي‌ُ وَالرِّسَالَةِ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ.

 وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الوَحْي‌ُ عَلَيْهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ: هَذَا الشَّيْطَانُ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ. إنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَتَرَي‌ مَا أَرَي‌ إلاَّ أَ نَّكَ لَسْتَ بِنَبِي‌ٍّ وَلَكِنَّكَ وَزيرٌ، وَإنَّكَ لَعَلَي‌ خَيْرٍ. [5]

 الرجوع الي الفهرس

شدّة‌ اتّصال‌ أمير المؤمنين‌ برسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ منذ الطفولة

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ شرح‌ هذه‌ الفقرات‌: روي‌ الطبريّ في‌ تاريخه‌ بسنده‌ عن‌ المنهال‌ بن‌ عُمَر، وعن‌ عبد الله‌ بن‌ عبد الله‌، قال‌: سمعتُ عليّاً عليه‌ السلام‌ يقول‌: أَنَا عَبْدُ اللَهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ، وَأَنَا الصِّدِّيقُ الاَكْبَرُ، لاَ يَقُولُهَا بَعْدِي‌ إلاَّ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ، صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ.[6]

 وفي‌ غير رواية‌ الطبري‌ّ: أَنَا الصِّدِّيقُ الاَكْبَرُ وَالفَارُوقُ الاَوَّلُ، أَسْلَمْتُ قَبْلَ إسْلاَمِ أَبِي‌ بَكْرٍ وَصَلَّيْتُ قَبْلَ صَلاَتِهِ بِسَبْعِ سِنِينَ.[7]

 وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد هنا: كأ نّه‌ عليه‌ السلام‌ لم‌ يرتض‌ أن‌ يذكر عمر، ولا رآه‌ أهلاً للمقايسة‌ بينه‌ وبينه‌، وذلك‌ لانّ إسلام‌ عمر كان‌ متأخّراً.[8]

 وذكر قائـلاً: روي‌ الفضـل‌ بن‌ عبّـاس‌ قال‌: سـألتُ أبي‌ عن‌ ولد رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ الذكور، أيّهم‌ كان‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ له‌ أشدّ حبّاً؟ فقال‌: علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌. فقلتُ له‌: سألتك‌ عن‌ بنيه‌! فقال‌: إنّه‌ كان‌ أحبّ عليه‌ من‌ بنيه‌ جميعاً وأرأف‌، ما رأيناه‌ زايله‌ يوماً من‌ الدهر منذ كان‌ طفلاً، إلاّ أن‌ يكون‌ في‌ سفر لخديجة‌، وما رأينا أباً أبرّ بابن‌ منه‌ لعلي‌ّ، ولا ابناً أطوع‌ لابٍ من‌ علی له‌.[9]

 وروي‌ الحسين‌ بن‌ زيد بن‌ عليّ بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: سمعتُ زيداً أبي‌ يقول‌: كان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ يمضغ‌ اللحمة‌ والتمرة‌ حتّي‌ تلين‌، ويجعلهما في‌ فم‌ علی عليه‌ السلام‌ وهو صغير في‌ حجره‌. وكذلك‌ كان‌ أبي‌ علی بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ يفعل‌ بي‌. ولقد كان‌ يأخذ الشي‌ء من‌ الورك‌ وهو شديد الحرارة‌، فيبرّده‌ في‌ الهواء، أو ينفخ‌ عليه‌ حتّي‌ يبرد، ثمّ يلقمنيه‌، أفيشفق‌ علی من‌ حرارة‌ لقمة‌ ولايشفق‌ علی من‌ النار؟ لو كان‌ أخي‌ إماماً بالوصيّة‌ كما يزعم‌ هؤلاء، لكان‌ أبي‌ أفضي‌ بذلك‌ إلی ووقاني‌ من‌ حرّ جهنّم‌[10].

 وروي‌ أنّ بعض‌ أصحاب‌ أبي‌ جعفر محمّد بن‌ علی الباقر عليه‌ السلام‌ سأله‌ عن‌ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: إِلاَّ مَنِ ارْتَضَي‌' مِن‌ رَّسُولٍ فَإِنَّهُ و يَسْلُكُ مِن‌ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا، فقال‌ عليه‌ السلام‌: يوكّل‌ الله‌ تعالي‌ بأنبيائه‌ ملائكة‌ يحصون‌ أعمالهم‌، ويؤدّون‌ إليه‌ تبليغهم‌ الرسالة‌، ووكّل‌ بمحمّدٍ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ مَلَكاً عظيماً منذ فُصل‌ عن‌ الرضاع‌ يرشده‌ إلی الخيرات‌ ومكارم‌ الاخلاق‌، ويصدّه‌ عن‌ الشرّ ومساوي‌ الاخلاق‌، وهو الذي‌ كان‌ يناديه‌: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، يَا رَسُولَ اللَهِ، وهو شابٌّ لم‌يبلغ‌ درجة‌ الرسالة‌ بعدُ، فيظنّ أنّ ذلك‌ من‌ الحجر والارض‌، فيتأمّل‌، فلايري‌ شيئاً. [11]

 لقد تكفّل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بشؤون‌ مولي‌ الموحدّين‌ وأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ منذ ولادته‌، ووضعه‌ أبوطالب‌ وفاطمة‌بنت‌ أسـد في‌ حجر رسـول‌الله‌، وتلا هو عليه‌ السـلام‌ سـورة‌ « المؤمنون‌ »، ولم‌يتولّ النبي‌ّ شؤونه‌ الظاهريّة‌ والبدنيّة‌ فحسب‌، بل‌ تولّي‌ شؤونه‌ المعنويّة‌ والروحيّة‌ ونموّه‌ العقليّ بنحو أكمل‌ وأتمّ، وعلمّه‌ العلوم‌ الغيبيّة‌ وأطلعه‌ علی الضمائر والخواطر والحوادث‌ والوقائع‌ الماضية‌ والحاضرة‌ والقادمة‌، والواقعة‌ في‌ كلّ مكان‌. ومن‌ الواضح‌ أنّ تعليم‌ مثل‌ هذه‌ العلوم‌ ليس‌ كتعليم‌ العلوم‌ الظاهريّة‌ التي‌ يكون‌ الذهن‌ مركزها، إذ تنقل‌ الموضوعات‌ إلی الذهن‌ تدريجيّاً بواسطة‌ الذاكرة‌ والقوّة‌ المفكّرة‌ والواهمة‌ والحسّ المشترك‌، ثمّ تخزن‌ ويحافظ‌ عليها. لا، ليس‌ كذلك‌، بل‌ يتحقّق‌ تعليمها من‌ خلال‌ تصفية‌ الباطن‌ وتنوير البصيرة‌، إذ يرتفع‌ حجاب‌ الزمان‌ والمكان‌ في‌ الجملة‌ عبر تحصيل‌ التجرّد، وينظر الإنسان‌ إلی الوقائع‌ والحوادث‌ من‌ وراء هذين‌ التعيّنينِ والتقييدينِ، ويشـاهد ما كان‌ وما يكـون‌ وما هـو كائـن‌ ثابتاً وحاضراً.

 ومن‌ الطبيعيّ أنّ مقام‌ الإمام‌ أعلي‌ ممّا ذكرناه‌. فهو قد بلغ‌ مقام‌ التجرّد المطلق‌. وبالجملة‌، رُفعت‌ الحجب‌ المعنويّة‌ أيضاً من‌ أمام‌ بصيرته‌، واجتاز الحجب‌ العقليّة‌ والنفسيّة‌، وانتهت‌ أسفاره‌ الاربعة‌، فهو لايحيط‌ بعالم‌ الطبع‌ والمثال‌ فحسب‌، بل‌ يحيط‌ بعالم‌ العقل‌ والنفس‌ والموجودات‌ العقلانيّة‌. بَيدَ أنّ هذا القدر من‌ كشف‌ الحجب‌ المثاليّة‌ والبرزخيّة‌ التي‌ تستلزم‌ الاطّلاع‌ علی ضمائر العالم‌ ومغيّباته‌ موجود فيه‌. فهو حاضر في‌ كلّ مكان‌، ويراقب‌ جميع‌ الاشياء.

 الرجوع الي الفهرس

معني‌ علم‌ المنايا والبلايا والاعمار والملاحم‌ والفتن

 وكان‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قائماً علی هذه‌ الذروة‌ من‌ عَلَم‌ العِلْم‌، مستشرفاً العالَم‌ بعين‌ بصيرته‌، مخصوصاً بذلك‌ من‌ قبل‌ خاتم‌ الانبياء صلوات‌الله‌ عليه‌. ورفع‌ كثيراً من‌ خاصّته‌ وحواريّيه‌ المخلصين‌ الاحمّاء إلی هذه‌ الدرجة‌. ومن‌ هؤلاء جُوَيْرِيَة‌ بْنِ مُسهِرٍ العَبْدِي‌ّ الذي‌ مرّ ذكره‌، ومنهم‌ رُشَيْد الهَجَري‌ّ، ومِيثم‌ التَّمَّار، وحبيب‌ بن‌ مظاهر الاسدي‌ّ، وكان‌ لهؤلاء جميعهم‌ علم‌ المنايا والبلايا والاعمار والفتن‌ والملاحم‌.

 و المنايا جمع‌ مَنِيَّة‌، وهي‌ الموت‌ ومفارقة‌ الدنيا. ومن‌ كان‌ له‌ هذا العلم‌، فهو مطّلع‌ علی آجال‌ الناس‌، ويعلم‌ أين‌ ومتي‌ يموتون‌.

 و البلايا جمع‌ بَلِيَّة‌، وهي‌ المصيبة‌ والمحنة‌. ومن‌ كان‌ له‌ حظّ من‌ هذا العلم‌، فهو مطّلع‌ علی الحوادث‌ والوقائع‌ التي‌ تستدعي‌ الاختبار، وترد فيها المصائب‌ كالزلزلة‌، والطوفان‌، والغرق‌، والحرق‌، وانتشار الامراض‌ كالوباء، والطاعون‌، والحوادث‌ والمصائب‌ النازلة‌ بالناس‌.

 و الاعمار جمع‌ عَمْر، وهو الحياة‌. و العُمْر و العُمُر بمعني‌ واحد. ومن‌ كان‌ له‌ نصيب‌ من‌ هذا العلم‌، فهو مطّلع‌ علی أعمار الناس‌ وحدّها وأسباب‌ طول‌ العمر وقصره‌.

 و الملاحم‌ جمع‌ مَلْحَمَة‌، وهي‌ الموقعة‌ العظيمة‌ والقتل‌ في‌ الحرب‌. ومن‌ كان‌ عارفاً بهذا العلم‌، فهو خبير بالحوادث‌ المهمّة‌ التي‌ تجري‌ في‌ العالم‌، والحروب‌ ومواصفاتها وزمانها ومكانها، ومن‌ يقتل‌ فيها، ومن‌ يسلم‌، ونتائجها، وأسبابها بنحو تامّ، أو تبعاً لسعة‌ مدركاته‌ المثاليّة‌ وضيقها.

 و الفتن‌ جمع‌ فِتْنَة‌، وجاءت‌ بمعني‌ الاختبار، والضلال‌، والكفر، والفضيحة‌، والشدّة‌، والجنون‌، والعبرة‌، والمرض‌، والعذاب‌، والمال‌، والاولاد، واختلاف‌ الناس‌ في‌ الآراء والافكار، ووقوع‌ حوادث‌ القتل‌ بينهم‌. ومن‌ كانت‌ له‌ حصيلة‌ من‌ هذا العلم‌، فهو مطّلع‌ علی كيفيّة‌ الاختبار الإلهي‌ّ وأثره‌، وكذلك‌ هو مطّلع‌ علی كفر الناس‌ وضلالتهم‌ وفضيحتهم‌، وعلي‌ ما يعسر من‌ الاُمور، وضروب‌ المرض‌ والعذاب‌، وأسباب‌ اختلاف‌ الناس‌ في‌ صنع‌ القرار وتدبير شؤونهم‌.

 ويمكن‌ أن‌ يحصل‌ المرء علی قسم‌ من‌ هذه‌ العلوم‌، وربّما تجتمع‌ كلّها عند أحد. كما يمكن‌ أن‌ تكون‌ قليلة‌ ومجملة‌ عند البعض‌، أو توجد لديه‌ في‌ بعض‌ الاحيان‌. وقد تتهيّأ للبعض‌ بنحو تامّ وكبير وفي‌ جميع‌ الاوقات‌ والظروف‌ والاحوال‌. وكانت‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ صلوات‌ المصلّين‌ هذه‌ العلوم‌ كافّة‌ بكلّ أقسامها، وبنحو متواصل‌ في‌ الدرجة‌ العليا من‌ الاطّلاع‌ والإحاطة‌ كما يُستشفُّ ذلك‌ من‌ كلماته‌. ويُلمس‌ من‌ شرح‌ الوقائع‌ التي‌ نقلتها كتب‌ التأريخ‌ والسيرة‌ والحديث‌ في‌ أحواله‌ وسلوكه‌.

 ومن‌ ذلك‌ ما ذكره‌ الشيخ‌ المفيد في‌ « الإرشاد » عن‌ الوليدبن‌ حارث‌ وغيره‌ من‌ رجال‌ العامّة‌ أنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لمّا بلغه‌ ما صنعه‌ بُسربن‌ أرطاة‌ باليمن‌ قال‌: اللَهُمَّ إنَّ بُسْراً قَدْ بَاعَ دِينَهُ بِالدُّنْيَا، فَاسْلُبْهُ عَقْلَهُ وَلاَ تُبْقِ لَهُ مِنْ دِينِهِ مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ عَلَيْكَ رَحْمَتَكَ. أي‌: في‌ الجملة‌ لاتُبق‌ له‌ دينه‌ وخذ كلّ ما عنده‌!

 فبقي‌ بُسر حتّي‌ اختلط‌ فكان‌ يدعو بالسيف‌. فاتُّخذ له‌ سيف‌ من‌ خشب‌، فكان‌ يضرب‌ به‌ حتّي‌ يغشي‌ عليه‌. فإذا أفاق‌، قال‌: السيف‌ السيف‌. فيُدفع‌ إليه‌ فيضرب‌ به‌، فلم‌ يزل‌ ذلك‌ دأبه‌ حتّي‌ مات‌. [12]

 الرجوع الي الفهرس

إخبار الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بأمر لعنه‌

 ومن‌ ذلك‌ ما استفاض‌ عنه‌ عليه‌ السلام‌ من‌ قوله‌: إنَّكُمْ سَتُعْرضُونَ مِنْ بَعْدِي‌ علی سَبِّي‌، فَسُبُّونِي‌ فَإنْ عُرِضَ عَلَيْكُمُ البَرَاءَةُ مِنِّي‌ فَلاَ تَبَرَّؤُوا مِنِّي‌، فَإنِّي‌ وُلِدْتُ علی الإسلام. فَمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ البَرَاءَةُ مِنِّي‌ فَلْيَمْدُدْ عُنُقَهُ. ( ويقل‌: ها هو عنقي‌ فاضربـوه‌ ولا أتبرّأ من‌ علی ). فَمَنْ تَبَرَّأَ مِنِّي‌ فَلاَ دُنْيَا لَهُ وَلاَ آخِرَةَ. [13]

 وعلي‌ هذا الاساس‌ ورد في‌ رواية‌ سُفيان‌ بن‌ عُيَيْنَة‌ عن‌ طاووس‌ اليمانيّ أ نّه‌ قال‌: قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لحُجر البدري‌ّ: يَا حُجْرُ! كَيْفَ بِكَ إذَا أُوقِفْتَ علی مِنْبَرِ صَنْعَاءَ وَأُمِرْتَ بِسَبِّي‌ وَالبَرَاءَةِ مِنِّي‌؟ فقال‌ حجر: أَعُوذُ بِاللَهِ مِنْ ذَلِكَ.

 قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السـلام‌: وَاللَهِ إنَّهُ كَائِـنٌ، فَإذَا كَـانَ ذَلِكَ فَسُبَّنِي‌ وَلاَ تَتَبَرَّأْ مِنِّي‌، فَإنَّهُ مَنْ تَبَرَّأَ مِنِّي‌ فِي‌ الدُّنْيَا بَرِئْتُ مِنْهُ فِي‌ الآخِرَةِ.

 قال‌ طاووس‌ اليمانيّ: أخذ الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌ الثقفيّ حجراً وأمره‌ أن‌ يسبّ عليّاً. فصعد المنبر وقال‌: أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّ أَمِيرَكُمْ هَذَا أَمَرَنِي‌ أَنْ أَلْعَنَ عَلِيَّاً، ألاَ فَالْعَنُوهُ لَعَنَهُ اللَهُ. [14]

 ومن‌ ذلك‌ ما رواه‌ الوليد بن‌ الحارث‌ أيضاً عن‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: أَيُّهَا النَّاسُ! إنِّي‌ دَعْوُتُكُمْ إلی الحَقِّ فَتَوَلَّيْتُمْ عَنِّي‌، وَضَرَبْتُكُمْ بِالدَّرَّةِ فَأَعْيَيْتُمُونِي‌، أَمَا إنَّهُ سَيَلِيكُمْ مِنْ بَعْدِي‌ وُلاَةٌ لاَ يَرْضَوْنَ مِنْكُمْ بِهَذَا حَتَّي‌ يُعَذِّبُوكُمْ بِالسِّيَاطِ وَالحَدَيدِ. إنَّهُ مَنْ عَذَّبَ النَّاسَ فِي‌ الدُّنْيَا عَذَّبَهُ اللَهُ فِي‌ الآخِرَةِ. وَآيَةُ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيكُمْ صَاحِبُ اليَمَنِ حَتَّي‌ يَحِلَّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَيَاخُذُ العُمَّالَ وَعُمَّالَ العُمَّالِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ يُوسُفُبْنُ عُمَرَ. [15]

 قال‌ الشيخ‌ المفيد: فكان‌ الامر في‌ ذلك‌ كما قال‌. [16]

 * * *

 وورد في‌ الامثال‌ أ نّه‌ روي‌ عن‌ الإمام‌ أبي‌ عبد الله‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ أثني‌ عليه‌ رجل‌ متّهم‌ ] في‌ تشيّعه‌ وولايته‌ [، فقال‌ عليه‌ السلام‌: أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ، وَفَوْقَ مَا تَظُنُّ فِي‌ نَفْسِكَ.[17]

 وأنشد الناشي‌ قائلاً:

لَهُ فِـي‌ كُلِّ وَجْـهٍ سِـمَـةٌ تُنْبِـي‌ُ عَـنِ العَقْـدِ                       فَتَسْقَي‌ الرِّجْسَ بِالغَي‌ِّ وَتَحْظَي‌ البِرَّ بِالرُّشْدِ[18]

 وجاء في‌ كتاب‌ « المعرفة‌ والتأريخ‌ » للنسويّ أ نّه‌ قال‌: قال‌ رزين‌ الغافقي‌ّ: سمعتُ علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ يقول‌: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! سَـيُقْتَلُ مِنْكُمْ سَـبْعَةُ نَفَـرٍ بِعَذْرَاءَ، [19] فقُتل‌ حُجر ] بن‌ عدي‌ّ [ وأصحـابه‌ ] بعذراء [[20].

 الرجوع الي الفهرس

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ حُجر بن‌ عدي‌ّ

 وكان‌ حُجْـر بن‌ عـدي‌ّ الكِنْـدي‌ّ الكـوفـي‌ّ من‌ أعاظـم‌ أصحـاب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، ومن‌ أبدالهم‌، وكان‌ مشهوراً في‌ العرب‌ بكياسته‌ وزهده‌ وعبادته‌. قيل‌: كان‌ يصلّي‌ في‌ اليوم‌ والليلة‌ ألف‌ ركعة‌. وتحدّث‌ عنه‌ أصحاب‌ التراجم‌ والرجال‌ مفصّلاً. منهم‌: ابن‌ الاثير في‌ « أُسد الغابة‌ ». وفيما يأتي‌ شي‌ء من‌ سيرته‌ وخصوصيّاته‌ نقلاً عن‌ كتاب‌ « الاستيعاب‌ » لابن‌ عبدالبّر الاندلسي‌ّ:

 كان‌ حُجر بن‌ عديّ الكنديّ من‌ فضلاء الصحابة‌ وصغر سنّه‌ عن‌ كبارهم‌. وكان‌ علی كندة‌ يوم‌ صفّين‌. وكان‌ علی الميسرة‌ يوم‌ النهروان‌. ولمّا ولّي‌ معاوية‌ زياداً ] ابن‌ أبيه‌ [ العراق‌ وما وراءه‌، وأظهر من‌ الغلظة‌ وسوء السيرة‌ ما أظهر، خلعه‌ حجر ولم‌ يخلع‌ معاوية‌. وتابعه‌ جماعة‌ من‌ أصحاب‌ علی عليه‌ السلام‌ وشيعته‌. وحصبه‌ حجر يوماً في‌ تأخير الصلاة‌ هو وأصحابه‌.

 فكتب‌ فيه‌ زياد إلی معاوية‌، فأمره‌ أن‌ يبعث‌ به‌ إليه‌. فبعث‌ به‌ إليه‌ مع‌ وائل‌بن‌ حجر الحضرميّ في‌ اثني‌ عشر رجلاً كلّهم‌ في‌ الحديد. فقتل‌ معاوية‌ منهم‌ ستّة‌ واستحيا ستّة‌. وكان‌ حُجربن‌ عدي‌ّ ممّن‌ قُتل‌.

 فبلغ‌ ما صنع‌ بهم‌ زياد إلی عائشة‌ فبعثت‌ إلی معاوية‌ عبدالرحمن‌بن‌ الحارث‌بن‌ هشام‌ ] وقالت‌ له‌ [: اللَه‌ اللَه‌ فِي‌ حُجْر وَأَصْحَابِهِ. فوجده‌ عبدالرحمن‌ قد قُتل‌ هو وخمسة‌ من‌ أصحابه‌. فقال‌ عبدالرحمن‌ لمعاوية‌: أين‌ عزب‌ عنك‌ حلم‌ أبي‌ سفيان‌ في‌ حجر وأصحابه‌؟ ألا حبستهم‌ في‌ السجون‌ وعرضتهم‌ للطاعون‌؟ فقال‌ معاوية‌: حين‌ غاب‌ عنّي‌ مثلك‌ من‌ قومي‌.

 قال‌ عبد الرحمن‌: والله‌، لا تعدّ لك‌ العرب‌ حلماً بعد هذا أبداً ولارأياً. قتلتَ قوماً بعث‌ بهم‌ إليك‌ أُساري‌ من‌ المسلمين‌. قال‌ معاوية‌: فما أصنع‌؟ كتب‌ إلی فيهم‌ زياد يشدّد أمرهم‌ ويذكر أ نّهم‌ سيفتقون‌ علی فتقاً لايرقع‌.

 ثمّ قدم‌ معاوية‌ المدينة‌ فدخل‌ علی عائشة‌. فكان‌ أوّل‌ ما بدأته‌ به‌ قتل‌ حجر في‌ كلام‌ طويل‌ جري‌ بينهما. ثمّ قال‌: فدعيني‌ وحجراً حتّي‌ نلتقي‌ عند ربّنا.

 والموضع‌ الذي‌ قُتل‌ فيه‌ حُجر بن‌ عدي‌ّ ومن‌ قتل‌ معه‌ من‌ أصحابه‌ يعرف‌ بمرج‌ عذراء... فلمّا قدّم‌ للقتل‌، قال‌: دعوني‌ أُصلّي‌ ركعتين‌، فصلاّهما خفيفتين‌... ثمّ قال‌ لمن‌ حضر من‌ أهله‌: لاتطلقوا عنّي‌ حديداً، ولاتغسلوا عنّي‌ دماً فإنّي‌ مُلاقٍ معاوية‌ علی الجادّة‌.

 وقال‌ مبارك‌ بن‌ فضالة‌: سمعتُ الحسن‌ ] البصريّ [ يقول‌ وقد ذكر معاوية‌ وقتل‌ حجراً وأصحابه‌: وَيْلٌ لِمَنْ قَتَلَ حُجْراً وَأَصْحَاب‌ حُجْرٍ.

 وقال‌ أحمد: قلتُ ليحيي‌ بن‌ سليمان‌: أَبَلَغَكَ أَنَّ حُجْراً كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ؟ قَالَ: نَعَم‌، وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ.

 وروينا عن‌ سعيد المَقْبُرِيّ، قال‌: لمّا حجّ معاوية‌، جاء المدينة‌ زائراً، فاستأذن‌ علی عائشة‌، فأذنت‌ له‌. فلمّا قعد، قالت‌ له‌: يامعاوية‌! أأمنتَ أن‌ أُخبي‌ لك‌ من‌ يقتلك‌ بأخي‌ محمّد بن‌ أبي‌ بكر؟ فقال‌: بيت‌ الامان‌ دخلتُ. قالت‌: يامعاوية‌! أما خشيتَ الله‌ في‌ قتل‌ حجر وأصحابه‌؟ قال‌: إنّما قتلهم‌ من‌ شهد عليهم‌.

 وعن‌ مسروق‌ بن‌ الاجدع‌ قال‌: سمعت‌ عائشة‌ تقول‌: أَمَا وَاللَهِ لَوْ عَلِمَ مُعَاوِيَةُ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِ الكُوفَةِ مَنْعَةً مَا اجْتَرَأَ علی أَنْ يَأْخُذَ حُجْرَاً وَأَصْحَابَهُ مِنْ بَيْنِهُمْ حَتَّي‌ يَقْتُلَهُمْ بِالشَّامِ، وَلَكِنَّ ابْنَ آكِلَةِ الاَكْبَادِ. ( هند آكلة‌ الاكباد زوجة‌ أبي‌سفيان‌، وأُمّ معاوية‌، أكلت‌ كبد حمزة‌ سيّد الشهداء في‌ غزوة‌ أُحد ) عَلِمَ أَ نَّهُ قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ. أَمَا وَاللَهِ إنْ كَانُوا لِجُمْجُمَةِ العَرَبِ عِزَّاً وَمَنْعَةً وَفِقْهَاً. لِلَّهِ دَرُّ لُبَيْدٍ حَيْثُ يَقُولُ:

ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي‌ أَكْنَافِهِمْ                وَبَقِيتُ فِي‌ خَلَفٍ كَجِلْدِ الاَجْرَبِ

لاَ يَنْفَعُـونَ وَلاَ يُرَجَّي‌ خَيْـرُهُمْ                              وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإنْ لَمْ يَشْغَبِ

 ( أي‌: أنّ الذين‌ ماتوا من‌ الماضين‌ كانوا كالحيوان‌ الصحيح‌ السالم‌ البدين‌ وكنتُ أُواصـل‌ حياتي‌ بفضلهم‌، ولكنّ الباقين‌ ليسـوا أصحّـاء، وليسوا أهل‌ بُدنة‌، فهم‌ كجلد البعير والثور الاجرب‌، فلاينتفع‌ بهم‌ ).

 ولمّا بلغ‌ الربيع‌ بن‌ زياد الحارثيّ من‌ بني‌ الحارث‌ بن‌ كعب‌، وكان‌ فاضلاً جليلاً، وكان‌ عاملاً لمعاوية‌ علی خراسان‌ وكان‌ الحسن‌ بن‌ أبي‌ الحسن‌ كاتبه‌؛ فلمّا بلغه‌ قتل‌ معاوية‌ حجر بن‌ عدي‌ّ، دعا الله‌ عزّ وجلّ فقال‌: اللهمّ إن‌ كان‌ للربيع‌ عندك‌ خير فاقبضه‌ إليك‌ وعجّل‌. فلم‌يبرح‌ من‌ مجلسه‌ حتّي‌ مات‌. وكان‌ قتل‌ معاوية‌ لحجربن‌ عدي‌ّ سنة‌ إحدي‌ وخمسين‌. [21]

 * * *

 الرجوع الي الفهرس

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بالحوادث‌ التي‌ ستقع‌ بعده‌

 وممّا أخبر به‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ من‌ الفتن‌ الواقعة‌ بعده‌ أ نّه‌ لمّا رأي‌ عجز الناس‌ في‌ الكوفة‌ عن‌ القيام‌ بالحقّ، قام‌ خطيباً فيهم‌ فقال‌: مَعَ أَي‌ِّ بَعْدِي‌ تُقَاتِلُونَ؟ وَأَي‌َّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ؟ أَمَا إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي‌ ذُلاَّ شَامِلاً وَسَيْفاً قَاطِعَاً وَأَثَرَةً قَبِيحَةً يَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ عَلَيْكُمْ سُنَّةً. [22]

 وقال‌ لاهل‌ الكوفة‌: أَمَ إنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ رَحِيبُ البُلْعُومِ، مُنْدَحِقُ البَطْنِ، يَأْكُلُ مَا يَجِدُ، وَيَطْلُبُ مَا لاَ يَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ. أَلاَ وَإنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي‌ وَالبَرَاءَةِ مِنِّي‌. أَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي‌، وَأَمَّا البَرَاءَةُ مِنِّي‌ فَلاَ تَتَبَرَّؤُوا مِنِّي‌، فَإنِّي‌ وُلِدْتُ علی الفِطْرَةِ، وَسَبَقْتُ إلی الإسلام وَالهِجْرَةِـ يعني‌ معاوية‌. [23]

 وذكر محمود الزمخشري‌ّ في‌ كتاب‌ « الفائق‌ » قول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أُمُوراً مُتَمَاحِلَةً رُدُحاً وَبَلاَءً مُبْلِحاً. [24]

 وقال‌ ابن‌ الاثير الجزريّ: الرَدْح‌: الثَقْل‌. يقال‌: امْرَأَةٌ رَدَاحٌ، أي‌: ثَقِيلَةُ الكَفلَ. ومنه‌ حديث‌ علی عليه‌ السلام‌: إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أُمُوراً مُتَمَاحِلَةً رُدُحَاً. المتماحلة‌ يعني‌ المتطاولة‌. ورُدُح‌ الثقيلة‌ العظيمة‌، واحدها رَدَاح‌، يعني‌ الفتن‌. ورُوي‌: إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنَاً مُرْدِحَةً. أي‌: مثقلة‌. وقيل‌: مغطّية‌ علی القلوب‌، من‌ أردحتُ البيت‌ إذا سترتُه‌.[25]

 وقال‌ ابن‌ الاثير أيضاً: المَحْل‌ بمعني‌ الدفاع‌ والجدال‌ والمكر والشدّة‌. ومنه‌ حديث‌ علی عليه‌ السلام‌: إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أُمُوراً مُتَماحِلَةً. أي‌: فتناً طويلة‌ المدّة‌. والمتماحل‌ من‌ الرجال‌: الطويل‌.[26]

 وقال‌ أيضاً: البَلْح‌: الشدّة‌ التي‌ ترهق‌ الرجل‌ فلم‌ يقدر أن‌ يتحرّك‌. ومنه‌ حديث‌ علی عليه‌ السلام‌: إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً وَبَلاَءً مُكْلِحاً مُبْلِحاً. أي‌: مُعيياً بحيث‌ يسلب‌ الرجل‌ قدرته‌[27].

 وقال‌ كذلك‌: ورد الكَلْح‌ في‌ حديث‌ عليّ عليه‌ السلام‌: إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتنَاً وَبَلاَءً مُكْلِحاً مُبْلِحاً. والكُلُوح‌: العُبُوس‌. يقال‌: كَلَحَ الرَّجُلُ وَأَكْلَحَهُ الهَمُّ [28].

 إنّ هذه‌ الكلمات‌ كلّها تشير إلی ظهور زمان‌ عَسِر عصيب‌ جدّاً. الإسلام‌ فيه‌ مضيّع‌ مغارٌ عليه‌. وأنّ التوحيد والعرفان‌ والولاية‌ والصدق‌، كلّ أُولئك‌ جريمة‌ لاتغتفر. ومن‌ الواضح‌ أنّ في‌ كلامه‌ إشارة‌ إلی الحكومة‌ الامويّة‌ التي‌ تمثّلت‌ بمعاوية‌ ويزيد ومروان‌ ونبي‌ مروان‌. وكانت‌ عصورهم‌ من‌ أشدّ العصور وأحلكها إذ ضُيّق‌ فيها علی أُولي‌ البصائر والضمائر الحيّة‌ والعواطف‌ الصادقة‌.

 * * *

 الرجوع الي الفهرس

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمواصفات‌ بني‌ العبّاس‌

 ومن‌ جملة‌ إخباره‌ عليه‌ السلام‌ خبر تحدّث‌ فيه‌ عن‌ حكومة‌ بني‌أُميّة‌ وبني‌ العبّاس‌، وأشار فيه‌ إلی بعض‌ المواصفات‌ والمعالم‌ التي‌ كان‌ عليها عدد من‌ الحكّام‌ العبّاسيّين‌ كرأفة‌ حاكمهم‌ الاوّل‌ عبدالله‌ السفّاح‌، وفتك‌ ثانيهم‌، وهو المنصور، وعظمة‌ سلطان‌ خامسهم‌، وهو هارون‌ الرشيد، ودهاء سابعهم‌ وعلمه‌، وهو المأمون‌، وشدّة‌ بغض‌ عاشرهم‌ وعدائه‌ لاهل‌ البيت‌، وهو المتوكّل‌، وذكّر بقتله‌ من‌ قبل‌ ابنه‌. وألمع‌ إلی كثرة‌ عناء خامس‌ عشرهم‌ وهو المعتمد، ذلك‌ أ نّه‌ ابتُلي‌ بمحاربة‌ صاحب‌ الزنج‌. وأشار إلی إحسان‌ سادس‌ عشرهم‌ إلی العلويّين‌، وهو المعتضد، وذكر قتل‌ الحاكم‌ الثامن‌ عشر منهم‌، وهو المقتدر، ونبّه‌ علی سيطرة‌ أولاده‌ الثلاثة‌ علی السلطة‌، وهم‌ الراضي‌، والمطيع‌، والمتّقي‌، كما هو مسطور في‌ التأريخ‌.

 قال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ مناقبه‌: ومن‌ خطبة‌ له‌ عليه‌ السلام‌: وَيْلُ هَذِهِ الاُ مَّةِ مِنْ رِجَالِهِمْ، الشَّجَرَةِ المَلْعُونَةِ الَّتِي‌ ذَكَرَهَا رَبُّكُمْ تَعَالَي‌، أَوَّلُهُمْ خَضْرَاءُ وَآخِرُهُمْ هَزْمَاءُ. ثُمَّ تَلِي‌ بَعْدَهُمْ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ رِجَالٌ: أَوَّلُهُمْ أَرْأَفُهُمْ، وَثَانِيهِمْ أَفْتَكُهُمْ، وَخَامِسُهُمْ كَبْشُهُمْ، وَسَابِعُهُمْ أَعْلَمُهُمْ، وَعَاشِرُهُمْ أَكْفَرُهُمْ يَقْتُلُهُ أَخَصُّهُمْ بِهِ، وَخَامِسُ عَشَرِهِمْ كَثِيرُ الَعَنَاءِ قَلِيلُ الغِنَاءِ، وَسَادِسُ عَشَرِهِمْ أَقْضَاهُمْ لِلذِّمَمِ وَأَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ. كَأَنِّي‌ أَرَي‌ ثَامِنُ عَشَرِهِمْ تُفْحَصُ رِجْلاَهُ فِي‌ دَمِهِ بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ جُنْدُهُ بِكَظَمِهِ، مِنْ وُلْدِهِ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ سِيَرتُهُمْ سِيرَةُ الضُّلاَّلِ. وَالثَّانِي‌ وَالعِشْرُونَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ الهَرِمُ تَطُولُ أَعْوَامُهُ وَتَوافِقُ الرَّعِيَّةَ أَيَّامُهُ. السَّادِسُ وَالعِشْرُونَ مِنْهُمْ يَشْرُدُ المُلْكُ مِنْهُ شُرُودَ المُنْفَتِقِ، وَيَعْضُدُهُ الهَزْرَةُ المُتَفَيْهِقُ، لَكَأَ نِّي‌ أَرَاهُ علی جِسْرِ الزَّوْرَاءِ قَتِيلاً. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ «وَأَنَّ اللَهَ لَيْسَ بِظَلَّـ'مٍ لِّلْعَبِيدِ». [29]

 يشير الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ مستهلّ خطبته‌ إلی سلاطين‌ بني‌ أُميّة‌ الذين‌ عبّر عنهم‌ القرآن‌ الكريم‌ بالشجرة‌ الملعونة‌. ولمّا كانت‌ حكومة‌ معاوية‌ ـ وهو أوّلهم‌ـ ذات‌ قدرة‌ وسيطرة‌ وعيش‌ رغيد لهم‌، لذلك‌ سمّاها الشجرة‌ الخضراء. ولمّا كانت‌ حكومة‌ آخرهم‌، وهو مروان‌ الحمار، قد أتي‌ عليها الدهر فظهر فيها التصدّع‌ والانكسار والثغرات‌، لذا أطلق‌ عليها عنوان‌ الشجرة‌ الهزماء. ثمّ ينقل‌ لنا عليه‌ السلام‌ مواصفات‌ الملوك‌ العبّاسيّين‌، كما عرضناها آنفاً، فيصل‌ إلی الثامن‌ عشر منهم‌ وهو المُقْتَدِر. فلمّا فرّ مؤنس‌ الخادم‌ من‌ عسكره‌، وأتي‌ الموصل‌، واستولي‌ عليه‌، وجمع‌ جيشاً، ورجع‌، وحارب‌ المقتدر في‌ بغداد، وهزم‌ عسكره‌، وقُتل‌ المقتدر في‌ المعركة‌، واستولي‌ علی الحكومة‌ من‌ بعده‌ ثلاثة‌ من‌ أولاده‌، لهذا ذكره‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بقوله‌: كأ نّي‌ أري‌ ثامن‌ عشرهم‌ تُفْحَصُ رِجلاه‌ في‌ دمه‌ بعد أن‌ يأخذ جنده‌ بكظمه‌ من‌ وُلده‌ ثلاثة‌ رجال‌ سيرتهم‌ سيرة‌ الضُّلاّل‌.

 والثاني‌ والعشرون‌ منهم‌ الشيخ‌ الهرم‌ تطول‌ أعوامه‌ وتوافق‌ الرعيّة‌ أيّامه‌. قال‌ المجلسيّ هنا في‌ شرح‌ هذه‌ الخطبة‌: الثاني‌ والعشرون‌ من‌ بني‌العبّاس‌ هو المُكْتَفِي‌بِاللَهِ عَبْدُاللَهِ، ادّعي‌ الخلافة‌ بعد مضي‌ّ إحدي‌ وأربعين‌ من‌ عمره‌ في‌ سنة‌ ثلاث‌ وثلاثين‌ وثلاثمائة‌. واستولي‌ أحمدبن‌ بَابَوَيْه‌ علی بغداد في‌ سنة‌ أربع‌ وثلاثين‌ وثلاثمائة‌. وأخذ المكتفي‌ وسمل‌ عينيه‌، وتوفّي‌ المكتفي‌ في‌ سنة‌ ثمان‌ وثلاثين‌ وثلاثمائة‌. وقيل‌: كانت‌ أيّام‌ خلافته‌ سنة‌ وأربعة‌ أشهر. وعلي‌ هذا يحتمل‌ أنّ يكون‌ لفظ‌ ( الثاني‌ والعشرين‌ ) من‌ خطأ المؤرّخين‌ أو رواة‌ الحديث‌ بأن‌ يكون‌ في‌ الاصل‌ الخامس‌ والعشرون‌ أو السادس‌ والعشرون‌. فالاوّل‌ هو القادربالله‌ أحمد بن‌ إسحاق‌ وقد عمّر ستّاً وثمانين‌ سنة‌. وكانت‌ مدّة‌ حكومته‌ إحدي‌ وأربعين‌ سنة‌. والثاني‌ هو القائم‌بأمرالله‌، كان‌ عمره‌ ستّاً وسبعين‌ سنة‌، وحكومته‌ أربعاً وأربعين‌ سنة‌ وثمانية‌ أشهر.

 وقال‌ المجلسيّ بعد عرض‌ الاحتمالات‌ الاُخري‌: ويحتمل‌ أن‌ يكون‌ المراد بالسادس‌ والعشرين‌ المُسْتَعْصِمِ بالله‌ فإنّه‌ قُتل‌، وشرد الملك‌ منه‌ شرود المنفتق‌ حتّي‌ ضاع‌ كلّه‌ شيئاً فشيئاً. واعتراه‌ الغبن‌ والخسران‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ بنحو واسع‌ (يَشْرُدُ المُلْكُ مِنْهُ شُرُودَ المُنْفَتِقِ وَيَعْضُدُهْ الهَزْرَةُ المُتَفَيْهِقُ). وكان‌ المستعصم‌ آخر الحكّام‌ العبّاسيّين‌. وإنّما عبّر عنه‌ الإمام‌ بالسادس‌ والعشرين‌ مع‌ كونه‌ السابع‌ والثلاثين‌ منهم‌ لكونه‌ السادس‌ والعشرين‌ من‌ عظمائهم‌ لعدم‌استقلال‌ كثير منهم‌، وكونهم‌ مغلوبين‌ للملوك‌ والاتراك‌. [30]

 الرجوع الي الفهرس

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بخراب‌ المدن‌ وغارة‌ المغول

 ومن‌ هذه‌ الخطبة‌: سَيَخْرِبُ العِرَاقُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَكْثُرُ بَيْنَهُمَا الجَرِيحُ وَالقَتِيلُ ـيَعْنِي‌ طُرْلِيكَ وَالدَّوَيْلِمَـ لَكَأَ نِّي‌ أُشَاهِدُ بِهِ دِمَاءَ ذَوَاتِ الفُرُوجِ بِدِمَاءِ أَصْحَابِ السُّرُوجِ. وَيْلٌ لاِهْلِ الزَّوْرَاءِ مِنْ بَنِي‌ قَنْطُورَةَ. [31]

 نقل‌ المجلسيّ في‌ شرحه‌ عن‌ الجزريّ ما نصّه‌: في‌ حديث‌ حُذيفة‌: يُوشِكُ بِنُو قَنْطُورَاءَ أَنْ يُخْرِجُوا أَهْلَ العِرَاقِ مِنْ عِرَاقِهِمْ ـوَيُرْوَي‌: أَهْلَ البَصْرَةِ مِنْهَاـ كَأَ نِّي‌ بِهِمْ خُنْسُ الاُنُوفِ، خُزْرُ العُيُونِ، عِرَاضُ الوُجُوهِ. [32]

 قيل‌: إنّ قَنْطُورَاءَ كانت‌ جارية‌ لإبراهيم‌ الخليل‌ عليه‌ السلام‌. ولدت‌ له‌ أولاداً منهم‌ الترك‌ والصين‌. ومنه‌ حديث‌ عمرو بن‌ العاص‌: يوشك‌ بَنُو قَنْطُورَاء أن‌ يُخرجوكم‌ من‌ أرض‌ البصرة‌. وحديث‌ أبي‌ بكرة‌: إذا كان‌ آخر الزمان‌ جاء بَنُو قَنْطُورَاء. [33]

 ومن‌ هذه‌ الخطبة‌: لَكَأَ نِّي‌ أَرَي‌ مَنْبَتَ الشِّيحِ ( نبات‌ معطّر ) علی ظَاهِرِ أَهْلِ الحِضَّةِ قَدْ وَقَعَتْ بِهِ وَقْعَتَانِ يَخْسَرُ فِيهَا الفَرِيقَانِ ـ يَعْنِي‌ وَقْعَةَ المُوصِلِ ـ حَتَّي‌ سُمِّي‌ بَابَ الاَذَانِ. وَوَيْلٌ لِلطِّينِ مِنْ مُلاَبَسَةِ الاَشْرَاكِ. وَوَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ مُخَالَطَةِ الاَتْرَاكِ. وَيْلٌ لاِ مَّةِ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ تَحْمِلْ أَهْلَهَا البُلْدَانُ، وَعَبَرَ بَنُو قَنْطُورَةَ نَهْرَ جَيْحَانَ، وَشَرَبُوا مَاءَ دِجْلَةَ، وَهَمُّوا بِقَصْدِ البَصْرَةِ وَالإيلَةِ. وَأَيْمُ اللَهِ لَتَعْرَفُنَّ بَلْدَتَكُمْ حَتَّي‌ كَأَ نِّي‌ أَنْظُرُ إلی جَامِعَهَا كَجُؤْجُؤِ سَفِينَةٍ أَوْ نَعَامَةٍ جَاثِمَةٍ.[34]

 وجاء في‌ رواية‌ « بحار الانوار »: وَأَيْمُ اللَهِ لَتَغْرِقَنَّ بَلْدَتُكُمْ ـإلي‌ آخره‌.[35]

 * * *

 وقال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ مناقبه‌: روي‌ قتادة‌ عن‌ سعيدبن‌ المسيّب‌ أ نّه‌ سئل‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ قوله‌ تعالي‌: وَإِن‌ مِّن‌ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَـ'مَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا، [36] فقال‌ عليه‌ السلام‌ في‌ خبر طويل‌ انتخبنا منه‌: تخرب‌ سمرقند وجاح‌، وخوارزم‌، وإصفهان‌، والكوفة‌ من‌ التُّرك‌. وهمدان‌، والري‌ من‌ الديلم‌. وطبريّة‌، والمدينة‌، وفارس‌ بالقحط‌ والجوع‌. ومكّة‌ من‌ الحبشة‌. والبصرة‌، وبلخ‌ من‌ الغرق‌، والسند من‌ الهند. والهند من‌ تبّت‌. وتبّت‌ من‌ الصين‌. وبذشجان‌، وصاغاني‌، وكرمان‌، وبعض‌ الشام‌ بسنابك‌ الخيل‌ والقتل‌. واليمن‌ من‌ الجراد والسلطان‌. وسجستان‌ وبعض‌ الشام‌ بالزنج‌. وشامان‌ بالطاعون‌. ومرو بالرمل‌. وهرات‌ بالحيّات‌. ونيسابور من‌ قبل‌ انقطاع‌ الخير والبركة‌. وآذربايجان‌ بسنابك‌ الخيل‌ والصواعق‌. وبُخاري‌ بالغرق‌ والجوع‌. والحلم‌ وبغداد يصير عاليها سافلها. [37]

 * * *

 الرجوع الي الفهرس

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمواصفات‌ مدينة‌ الزوراء

 ومن‌ جملة‌ إخبار أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالمغيّبات‌ والملاحم‌ ما ذُكر في‌ خطبته‌ اللؤلؤيّة‌. وهذه‌ الخطبة‌ من‌ خطبه‌ المهمّة‌ سلام‌ الله‌ عليه‌. نقلها الشيخ‌ الاجلّ علی بن‌ محمّد بن‌ علی الخزّاز الرازيّ القمّيّ في‌ كتاب‌ « كفاية‌ الاثر في‌ النصوص‌ علی الائمّة‌ الاثني‌ عشر » [38] بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ علي‌ّبن‌ حسـن‌بن‌ منـدة‌، عن‌ محمّد بن‌ الحسـين‌ الكوفـيّ المعـروف‌ بأبي‌ الحكم‌، عن‌ إسماعيل‌بن‌ موسي‌ بن‌ إبراهيم‌، عن‌ سليمان‌بن‌ حبيب‌، عن‌ شريك‌، عن‌ حكيم‌بن‌ جبير، عن‌ إبراهيم‌ النخعيّ، عن‌ علقمة‌بن‌ قيس‌، قال‌: خطب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ علی منبر الكوفة‌، خطبته‌ اللؤلؤيّة‌ فقال‌ فيما قال‌ في‌ آخرها: أَلاَ وَإنِّي‌ ظَاعِنٌ عَنْ قَرِيبٍ وَمُنْطَلِقٌ إلی المَغيبِ، فَارتَقِبُوا الفِتْنَةَ الاَمَوِيَّةَ وَالمَمْلَكَةَ الكِسْرَوِيَّةَ، وَإمَاتَةَ مَا أَحْيَاهُ اللَهُ، وَإحْيَاءَ مَا أَمَاتَهُ اللَهُ، وَاتَّخِذُوا صَوَامِعَكُمْ بُيُوتَكُمْ، وَعَضُّوا علی مِثْلِ جَمْرِ الغَضَا، وَاذْكُرُوا اللَهَ كَثِيراً فَذِكْرُهُ أَكْبَرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.

 ثُمَّ قَالَ: وَتُبْنَي‌ مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ بَيْنَ دِجْلَةَ وَدُجَيْلٍ وَالفُرَاتِ. فَلَوْ رَأَيْتُمُوهَا مُشَيَّدَةً بِالجَصِّ وَالآجُرِّ، مُزَخْرَفَةً بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَاللاَّزِوَرْدِ المُسْتَسْقَي‌ وَالمَرْمَرِ وَالرُّخَامِ [39] وَأَبْوَابِ العَاجِ وَالاَبْنُوسِ وَالخِيمِ وَالقُبَابِ وَالسِّتَاراتِ وَقَدْ عُلِيَتْ بِالسَّاجِ وَالعَرْعَرِ وَالصَّنَوْبَرِ وَالشَّبِّ وَشُيِّدَتْ بِالقُصُورِ، وَتَوَالَتْ عَلَيْهَا مُلْكُ بَنِي‌ شَيْصَبَانَ: أَرْبَعَةٌ وَعِشْرونَ مَلِكاً علی عَدَدِ سِنِي‌ المُلْكِ «كد»، فِيهُمُ السَّفَّاحُ وَالمِقْلاَصُ وَالجَمُوعُ وَالخَدُوعُ وَالمُظَفَّرُ وَالمُؤَنَّثُ وَالنَّظَّارُ وَالكَبْشُ وَالمُتَهَوِّرُ وَالعَشَّارُ وَالمُضْطَلِمُ وَالمُسْتَصْعَبُ وَالعَلاَّمُ وَالرَّهْبَانِيُّ وَالخَلِيعُ وَالسَّيَّارُ وَالمُتْرَفُ وَالكَدِيدُ وَالاَكْتَبُ وَالمُتْرَفُ وَالاَكْلَبُ وَالوَثِيمُ وَالظَّلاَّمُ وَالعَيْنُوقُ. ( وهم‌ بالترتيب‌: السفّاح‌، والمنصور، والمهدي‌، والهادي‌، والرشيد، والامين‌ محمّدبن‌ زبيدة‌، والمأمون‌، والمعتصم‌، والواثق‌، والمنتصر، والمستعين‌، والمعتزّ، والمعتمد، والمعتضد، والمتَّقي‌، والمقتدر، والقاهر، والراضي‌، والمكتفي‌، والمطيع‌. )

 وَتُعْمَلُ القُبَّةُ الغَبْرَاءُ ذَاتُ الفَلاَةِ الحَمْرَاءِ، وَفِي‌ عَقِبَهَا قَائِمُ الحَقِّ يَسْفَرُ عَنْ وَجْهِهِ بَيْنَ الاَقَالِيم‌ كَالقَمَرِ المُضِي‌ءِ بَيْنَ الكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ. أَلاَ وَإنَّ لِخُرُوجِهِ عَلاَمَاتٍ عَشَرَةً: أَوَّلُهَا طُلُوعُ الكَوْكَبِ ذِي‌ الذَّنَبِ وَيُقَارِبُ مِنَ الحَادِي‌، وَيَقَعُ فِيهِ هَرْجٌ وَمَرْجٌ وَشَغَبٌ، وَتِلْكَ عَلاَمَاتُ الخِصْبِ، وَمِنَ العَلاَمَةِ إلی العَلاَمَةِ عَجَبٌ. فَإذَا انْقَضَتِ العَلاَمَاتُ العَشْرُ إذْ ذَاكَ يَظْهَرُ بِنَا القَمَرُ. وَتَمَّتْ كَلِمَةُ الإخْلاَصِ لِلَّهِ علی التَّوْحِيدِ. [40]

 قال‌ المجلسيّ في‌ شرح‌ هذا الخبر: الشَّيْصَبَانُ اسم‌ الشيطان‌. وبنو العبّاس‌ هم‌ أشراك‌ الشيطان‌. وإنّما عدّهم‌ أربعة‌ وعشرين‌ مع‌ كونهم‌ سبعة‌ وثلاثين‌ لعدم‌ الاعتناء بمن‌ قلّ زمان‌ ملكه‌ وضعف‌ سلطانه‌ منهم‌. [41]

 وقال‌ علی بن‌ محمّد الخزّاز الرازيّ الذي‌ نقل‌ الرواية‌ في‌ كتابه‌ إلی هذا الموضع‌: فقام‌ إليه‌ رجل‌ يقال‌ له‌: عامر بن‌ كثير، فقال‌: يا أميرالمؤمنين‌! لقد أخبرتنا عن‌ أئمّة‌ الكفر وخلفاء الباطل‌، فأخبرنا عن‌ أئمّة‌ الحقّ وألسنة‌ الصدق‌ بعدك‌.

 قال‌: نعم‌، إنّه‌ لعهد عهده‌ إليّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أنّ هذا الامر يملكه‌ اثنا عشر إماماً، تسعة‌ من‌ صلب‌ الحسين‌. ولقد قال‌ لي‌ رسول‌الله‌: لمّا عُرج‌ بي‌ إلی السماء، نظرت‌ إلی ساق‌ العرش‌ فإذا فيه‌ مكتوب‌: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَهِ، أَيَّدْتُهُ بِعَلِي‌ٍّ، وَنَصَرْتُهُ بِعَلِي‌. ورأيت‌ اثني‌ عشـر نـوراً، فقلتُ: يا ربّ! أنـوار من‌ هـذه‌؟ فنوديتُ: يامحمّد! هذه‌ أنوار الائمّة‌ من‌ ذرّيّتك‌.

 ] قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ [: قلتُ: يا رسول‌ الله‌! أفلاتسمّيهم‌ لي‌؟! قال‌: نعم‌، أنتَ الإمام‌ والخليفة‌ بعدي‌، تقضي‌ دَيني‌ وتنجز عِداتي‌. وبعدك‌ ابناك‌ الحسن‌ والحسين‌. بعد الحسين‌ ابنه‌ علی زين‌العابدين‌، وبعده‌ ابنه‌ محمّد يدعي‌ بالباقر. وبعد محمّد ابنه‌ جعفر يدعي‌ بالصادق‌، وبعد جعفر ابنه‌ موسي‌ يدعي‌ بالكاظم‌، وبعد موسي‌ ابنه‌ علی يُدعي‌ بالرضا، وبعد علی ابنه‌ محمّد يُدعي‌ بالزكي‌ّ، وبعد محمّد ابنه‌ علی يدعي‌ بالنقي‌ّ، وبعد علی ابنه‌ الحسن‌ يدعي‌ بالامين‌، والقائم‌ من‌ ولد الحسن‌ سميّي‌ وأشبه‌ الناس‌ بي‌، يَمْلاَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً ـ الحديث‌. [42]

 الرجوع الي الفهرس

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ بعض‌ أصحابه‌

 ومن‌ ذلك‌، قال‌ ابن‌ شهرآشوب‌: قال‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الخطبة‌ القصّيّة‌: العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ بَيْنَ جُمَادَي‌ وَرَجَبٍ. وقوله‌ عليه‌ السلام‌: وَأَي‌َّ عَجَبٍ أَعْجَبُ مِنْ أَمْوَاتٍ يَضْرِبُونَ هَامَاتِ الاَحْيَاءِ. [43]

 لقد أخبر الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ ثلّة‌ من‌ أصحابه‌، منهم‌: حُجربن‌ عَدي‌ّ، ورُشَيْد الهَجَريّ، وكُمَيْل‌ بن‌ زياد ] النَّخَعي‌ّ [، وميثَم‌ التَّمَّار ومحمّدبن‌ أكْتَم‌، وخالد بن‌ مسعود، وحبيب‌ بن‌ مَظاهر، وجُوَيْرِيَة‌ ابن‌مُسْهِر، وعمرو بن‌ الحَمِق‌، وقنبر، ومُذَرَّع‌، [44] وغيرهم‌. ووصف‌ قاتليهم‌ وكيفيّة‌ قتلهم‌.[45]

 وقال‌ الشيخ‌ المفيد في‌ « الإرشاد »: ومن‌ ذلك‌ ما رواه‌ عبدالعزيزبن‌ صهيب‌، عن‌ أبي‌ العالية‌ قال‌: حدّثني‌ مُزَرَّع‌بن‌ عبدالله‌، قال‌: سمعتُ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ يقول‌: أَمْ وَاللَهِ لَيُقْبِلَنَّ جَيْشٌ حَتَّي‌ إذَا كَانَ بِالبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ.

 ] قال‌ أبو العالية‌: [ فقلتُ له‌: إنّك‌ لتحدّثني‌ بالغيب‌؟ قال‌: احْفَظْ مَا أَقُولُ لَكَ؛ وَاللَهِ لَيَكُونَنَّ مَا أَخْبَرَنِي‌ بِهِ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلَيُؤْخَذَنَّ رَجُلٌ فَلَيَقْتُلَنَّ وَليُصلَبَنَّ بَيْنَ شُرْفَتَيْنِ مِنْ شُرَفِ هَذَا المَسْجِدِ.

 قال‌ أبو العالية‌: قلتُ له‌: إنّك‌ لتحدّثني‌ بالغيب‌؟ قال‌ مزرّع‌: حَدَّثَنِي‌ الثِّقَةُ المَأْمُونُ عَلِي‌ُّبْنُ أَبي‌ طَالِبٍ.

 قال‌ أبو العالية‌: فَمَا أَتَتْ عَلَيْنَا جُمُعَةٌ حَتَّي‌ أُخِذَ مُزَرَّعٌ فَقُتِلَ وَصُلِبَ بَيْنَ الشُّرْفَتَيْنِ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ حَدَّثَنِي‌ بِثَالِثَةٍ فَنَسِيتُهَا. [46]

 روي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ هذا الحديث‌ في‌ مناقبه‌. [47] ورواه‌ المجلسيّ في‌ « بحار الانوار » عن‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » لابن‌ أبي‌ الحديد، عن‌ أبي‌ داود الطيالسي‌ّ، عن‌ سليمان‌ بن‌ زريق‌، عن‌ عبد العزيز بن‌ صهيب‌، عن‌ أبي‌ العالية‌، عن‌ مزرّع‌. وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ آخره‌: أقول‌: حديث‌ الخسف‌ بالجيش‌ قد خرّجه‌ البخاريّ، ومسلم‌ في‌ الصحيحين‌ عن‌ أُمِّ سَلِمَة‌ رضي‌الله‌ عنها قالت‌: سمعت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ يقول‌: يَعُوذُ قَوْمٌ بِالبَيْتِ حَتَّي‌ إذَا كَانُوا بِالبَيْداءِ خُسِفَ بِهِمْ.

 قالت‌ أُمّ سلمة‌: فقلتُ: يا رسول‌ الله‌ لعلّ فيهم‌ المكره‌ أو الكاره‌. فقال‌: يخسف‌ بهم‌. ولكن‌ قال‌: يحشرون‌ ـأو قال‌: يبعثون‌ـ علی نيّاتهم‌ يوم‌ القيامة‌.

 قال‌ الراويّ: فسئل‌ أبو جعفر محمّد بن‌ علی، أهي‌ بيداء من‌ الارض‌؟ فقال‌: كَلاَّ؛ واللَهِ إنَّهَا بَيْدَاءُ المَدِينَةِ. أخرج‌ البخاريّ بعضه‌، وأخرج‌ مسلم‌ الباقي‌.[48]

 * * *

 الرجوع الي الفهرس

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ باستشهاد عمرو بن‌ الحَمِق‌ الخزاعي‌ّ

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ ذيل‌ الخطبة‌: فَقُمْتُ بِالاَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَتَطلَّعْتُ حِينَ تَقَبَّعُوا. [49] ضمن‌ فصل‌ في‌ الاخبار الواردة‌ في‌ معرفة‌ الإمام‌ علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ بالاُمور الغيبيّة‌: روي‌ محمّدبن‌ علی الصوّاف‌ عن‌ الحسين‌بن‌ سفيان‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ شَمير بن‌ سَدير الازدي‌ّ. قال‌: قال‌ علی عليه‌ السـلام‌ لعَمْرِو بْنِ الحَمِقِ الخُـزاعِي‌ِّ: أين‌ نـزلتَ ياعمرو؟ قال‌: في‌ قومي‌. قال‌: لا تنزلنّ فيهم‌. قال‌: أفأنزل‌ في‌ بني‌كنانة‌ جيراننا؟ قال‌: لا. قال‌: أفأنزل‌ في‌ ثقيف‌؟

 قال‌ ] أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ [: فَمَا تَصْنَعُ بِالمَعَرَّةِ وَالمَجَرَّةِ؟ قال‌: وما هما؟ قال‌: عنقان‌ من‌ نار، يخرجان‌ من‌ ظهر الكوفة‌. يأتي‌ أحدهما علی تميم‌ وبكر بن‌ وائل‌. فقلّما يفلت‌ منه‌ أحد. ويأتي‌ العنق‌ الآخر، فيأخذ علی الجانب‌ الآخر من‌ الكوفة‌، فقلّ من‌ يصيب‌ منهم‌، إنّما يدخل‌ الدار، فيحرق‌ البيت‌ والبيتين‌.

 قال‌ عمرو: فأين‌ أنزل‌؟ قال‌: أنزل‌ في‌ بني‌ عمرو بن‌ عامر، من‌ الازد.

 فقال‌ قوم‌ حضروا هذا الكلام‌: مَا نَرَاهُ إلاَّ كَاهِنَاً يَتَحَدَّثُ بِحَدِيثِ الكَهَنَةِ.

 ] فالتفت‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلی عمرو [ فقال‌: يَا عَمْرُو! وإنَّكَ لَمَقْتُولُ بَعْدِي‌، وَإنَّ رَأْسَكَ لَمَنْقُولٌ، وَهُوَ أَوَّلُ رَأْسٍ يُنْقَلُ فِي‌ الإسلام. وَالوَيْلُ لِقَاتِلِكَ! أَمَا إنَّكَ لاَ تَنْزِلُ بِقَوْمٍ إلاَّ أَسْلَمُوكَ بِرُمَّتِكَ، إلاَّ هَذَا الحَي‌ُّ مِنْ بَنِي‌ عَمْرو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الاَزْدِ فَإنَّهُمْ لَنْيُسْلِمُوكَ وَلَنْ يَخْذُلُوكَ.

 قال‌ ] راوي‌ الرواية‌ شمير بن‌ سَدير [: فوالله‌ ما مضت‌ الايّام‌ حتّي‌ تنقّل‌ عمروبن‌ الحمق‌ في‌ أيّام‌ معاوية‌ في‌ بعض‌ أحياء العرب‌ خائفاً مذعوراً حتّي‌ نزل‌ في‌ قومه‌ من‌ بني‌ خزاعة‌ فأسلموه‌، فقُتل‌، وحُمل‌ رأسه‌ من‌ العراق‌ إلی معاوية‌ بالشام‌، وهو أوّل‌ رأس‌ حُمل‌ في‌ الإسلام‌ من‌ بلد إلی بلد. [50]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآيات‌ 1 إلی 5، من‌ السورة‌ 96: العلق‌.

[2] ـ تفسير «الصافي‌»، ص‌ 569، الطبعة‌ الحجريّة‌، وفي‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌: ج‌ 4، ص‌ 348.

[3] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 20، ص‌ 460 و 461.

[4] ـ حِراء بكسـر الحـاء جبل‌ من‌ جبال‌ النور قـرب‌ مكّة‌ المكرّمة‌. وفيه‌ غـار كان‌ رسول‌الله‌ يقضي‌ أوقات‌ عزلته‌ وخلـوته‌ فيه‌ قبل‌ بعثته‌. تشـرّفت‌ مرّة‌ بزيـارة‌ هذا الغـار، فوجدته‌ غاراً عجيباً حقّاً من‌ حيث‌ الموقع‌ والاختيار، لا نّه‌ وإن‌ كان‌ صغيراً لايكفي‌ إلاّ لاثنين‌ يصلّيان‌ فيه‌، وكان‌ سقفه‌ واطئاً، بَيدَ أ نّه‌ يقع‌ في‌ قمّة‌ أحد الجبال‌ المتّصلة‌ بعضها ببعض‌. وطريقه‌ وعر جدّاً. وتقدّر المسافة‌ بين‌ سفح‌ الجبل‌ والقمّة‌ التي‌ يقع‌ فيها الغار ساعة‌ تقريباً. وإنّ القسم‌ الثالث‌ من‌ أعلاه‌ المتّصل‌ بالغار وعر جدّاً. فلا له‌ جادّة‌ ولا طريق‌ جبلي‌ّ. وما علی المرء إلاّ أن‌ يسير علی أحجار زلقة‌ حتّي‌ يصل‌ إليه‌. وما لم‌ يذهب‌ الإنسان‌ ويراه‌ بعينه‌، فلايمكنه‌ أن‌ يدرك‌ عظمة‌ رسول‌ الله‌ وجلالة‌ مقامه‌ وأمره‌ إذ كان‌ يترك‌ الكعبة‌ والمسجد الحرام‌ ليبتعد عن‌ المجتمع‌ المكّي‌ّ المسموم‌ يومئذٍ، فيقطع‌ فرسخاً واحداً عن‌ مكّة‌، فيأتيه‌ ليناجي‌ ربّه‌ الليالي‌ والايّام‌ وحده‌.

[5] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 392 و 393، الخطبة‌ 190، القسم‌ الخامس‌ منها، طبعة‌ مصر وتعليق‌ عبده‌.

[6] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 13، ص‌ 200، طبعة‌ مصر، دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌.

[7] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 13، ص‌ 200، طبعة‌ مصر، دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌.

[8] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 13، ص‌ 200، طبعة‌ مصر، دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌.

[9] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 13، ص‌ 200، طبعة‌ مصر، دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌.

[10] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 13، ص‌ 200.

[11] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 13، ص‌ 207.

[12] ـ «الإرشاد» ص‌ 177، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ ورواه‌ المجلسيّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 582، طبعة‌ الكمباني‌ّ، عن‌ «الخرائج‌» للراوندي‌ّ.

[13] ـ «الإرشاد» ص‌ 177 و 178.

[14] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 326، الطبعة‌ الحجريّة‌. الملحوظ‌ هنا أنّ حجراً ذكر سبّ الإمام‌ علی سبيل‌ التورية‌، والضمير في‌ قوله‌: ألاَ فَالْعَنُوهُ يعود إلی «أميركم‌» لا إلی الإمام‌. وأنّ صبّ العبارة‌ في‌ قالب‌ هذه‌ الالفاظ‌، وذكر السبّ بهذا الشكل‌ كانا من‌ أجل‌ هذا الغرض‌.

[15] ـ «الإرشاد» ص‌ 178.

[16] ـ «الإرشاد» ص‌ 178.

[17] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 426.

[18] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 427.

[19] ـ جاء في‌ «معجم‌ البلدان‌» أنّ عذراء قرية‌ معروفة‌ بغوطة‌ دمشق‌ من‌ إقليم‌ خولان‌. وبها منارة‌. وبها قُتل‌ حُجـر بن‌ عـدي‌ّ الكنـدي‌ّ، وبها قبـره‌. وقيل‌: إنّ حجـراً هـو الذي‌ فتحهاـانتهي‌. وغوطة‌ موضع‌ بالشام‌ به‌ مياه‌ وأشجار كثيرة‌. ويقال‌ لها غوطة‌ دمشق‌. وقال‌ الفيروزآبادي‌ّ: عذراء موضع‌ بالشام‌ علی بريد (أربعة‌ فراسخ‌) من‌ دمشق‌ أو قرية‌ بالشام‌.

[20] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 429.

[21] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ 1، ص‌ 329 إلی 332، رقم‌ التسلسل‌ 487. تشرّف‌ حُجربن‌ عدي‌ّبن‌ ربيعة‌بن‌ معاوية‌ الاكرمين‌ بالحضور عند رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، ومعه‌ أخوه‌ هاني‌بن‌ عدي‌ّ. شهد فتح‌ القادسيّة‌، وهو الذي‌ فتح‌ مرج‌ عذراء، وبها استشهد. وكان‌ رجلاً عظيماً ومستجاب‌ الدعوة‌، ومن‌ خاصّة‌ أصحاب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. جاءت‌ ترجمته‌ في‌ «الطبقات‌ الكبري‌» لابن‌ سعد، ج‌ 6، ص‌ 217 إلی 220، طبعة‌ بيروت‌، مفصّلاً؛ وفي‌ «أُسد الغابة‌» لابن‌الاثير الجزريّ، ج‌ 1، ص‌ 385 و 386؛ وفي‌ «الإصابة‌» لابن‌حجر العسقلاني‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 313 و 314، رقم‌ 1629، مفصّلاً.

[22] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهر آشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 429، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[23] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 429، الطبعة‌ الحجريّة‌، ورواها المجلسيّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 419، طبعة‌ الكمباني‌ّ، عن‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد؛ وذكر ابن‌ أبي‌ الحديد هذه‌ الخطبة‌ في‌ شرحه‌، طبعة‌ مصر، دار الإحياء، ج‌ 4، ص‌ 54 إلی 128، وتطرّق‌ في‌ شرحه‌ إلی سبّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ منذ زمن‌ معاوية‌ إلی زمن‌ عمر بن‌ عبد العزيز، ï ïوتناول‌ذلك‌ مفصّلاً، وذكر الاشخاص‌ الذين‌ كانوا يسبّون‌، كما ذكر المنحرفين‌ عن‌ الإمام‌ والمعاندين‌ له‌، والروايات‌ الموضوعة‌ في‌ ذمّه‌. وشرحه‌ يحتوي‌ علی تحقيقات‌ تأريخيّة‌.

[24] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 429، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[25] ـ «النهاية‌ في‌ غريب‌ الحديث‌ والاثر» ج‌ 2، ص‌ 213، باب‌ الراء مع‌ الدال‌، كلمة‌ رَدَحَ.

[26] ـ «النهاية‌ في‌ غريب‌ الحديث‌ والاثر» ج‌ 4، ص‌ 304، باب‌ الميم‌ مع‌ الحاء، كلمة‌ مَحَلَ.

[27] ـ «النهاية‌» لابن‌ الاثير، ج‌ 1، ص‌ 151، باب‌ الباء مع‌ اللام‌، كلمة‌ بَلَحَ.

[28] ـ «النهاية‌» لابن‌ الاثير، ج‌ 4، ص‌ 194، باب‌ الكاف‌ مع‌ اللام‌، كلمة‌ كَلَحَ.

 وكلامه‌ هذا عليه‌ السلام‌ ككلامه‌ الذي‌ رواه‌ النعمانيّ في‌ كتاب‌ «الغيبة‌» عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ صعد المنبر بالكوفة‌ فقال‌: وَإنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً مُظْلِمَةً عَمْياءَ مُنْكَسِفَةً لاَ يَنْجُو مِنْهَا إلاَّ النُّومَةُ. قِيلَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! مَا النَّوَمَةُ؟ قَالَ: الَّذِي‌ يَعْرِفُ النَّاسَ وَلاَيَعْرِفُونَهُـ الخبر («غيبة‌ النعماني‌ّ» ص‌ 141، طبعة‌ مكتبة‌ الصدوق‌. قال‌ ابن‌الاثير في‌ «النهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 131، مادّة‌ نوم‌: وفي‌ حديث‌ علی عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ ذكر آخر الزمان‌ والفتن‌، ثمّ قال‌: خير أهل‌ ذلك‌ الزمان‌ كلّ مؤمن‌ نُومة‌ بوزن‌ الهُمَزَة‌ الخامل‌ الذكر الذي‌ لا يؤبه‌ له‌. وقيل‌: الغامض‌ في‌ الناس‌ الذي‌ لا يعرف‌ الشرّ وأهله‌. وقيل‌: النُّوَمَة‌ بالتحريك‌ الكثير النوم‌. وأمّا الخامل‌ الذي‌ لا يؤبه‌ له‌، فهو بالتسكين‌. ومن‌ الاوّل‌ حديث‌ ابن‌عبّاس‌ أ نّه‌ قال‌ لعلي‌ّ عليه‌ السلام‌: مَا النُّوَمَة‌؟ قال‌: الذي‌ يسكت‌ في‌ الفتنة‌، فلايبدو منه‌ شي‌ء.

[29] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 431، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ والآية‌ المذكورة‌ في‌ آخر الخطبة‌ هي‌ الآية‌ 10، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

[30] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 587 و 588، طبعة‌ الكمبانيّ. وورد في‌ نسخة‌ المجلسي‌ّ: يشرد الملك‌ منه‌ شرود النَّقْنِقِ. وقال‌ في‌ شرحه‌: قال‌ الفيروزآبادي‌ّ: النَّقْنِقُ كزِبرج‌ الظليم‌ أو النافر أو الخفيف‌.

[31] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 431؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 588.

[32] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 588؛ و«النهاية‌» لابن‌ الاثير الجزريّ، ج‌ 4، ص‌ 133.

[33] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 588؛ و«النهاية‌» لابن‌ الاثير الجزريّ، ج‌ 4، ص‌ 133.

[34] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 431، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 587، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[35] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 587.

[36] ـ الآية‌ 58، من‌ السورة‌ 17: الإسراء.

[37] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 431، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 588، طبعة‌ الكمباني‌ّ. وقال‌ في‌ شرح‌ هذه‌ العبارات‌: قال‌ الفيروزآبادي‌ّ: نَجْدُ الجاح‌ موضع‌ باليمن‌. و روضة‌ خاخ‌ بين‌ مكّة‌ والمدينة‌. وقال‌: صغانيان‌ كورة‌ عظيمة‌ بما وراء النهر. وصاغاني‌ معرّب‌ جغانيان‌. وبعض‌ ألفاظه‌ لم‌يتبيّن‌ معناها.

[38] ـ قال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ «معالم‌ العلماء»، ص‌ 63، رقم‌ 466: علي‌ّبن‌ محمّدبن‌ علی الخزّاز الرازي‌ّ، ويقال‌ له‌ القمّيّ. له‌ كتب‌ في‌ الكلام‌ وفي‌ الفقه‌. من‌ كتبه‌: «الاحكام‌ الشرعيّة‌ علی مذهب‌ الإماميّة‌»، «الإيضاح‌ في‌ الاعتقاد»، «الكفاية‌ في‌ النصوص‌». وقال‌ شيخنا العلاّمة‌ الآغا بزرگ‌ الطهرانيّ في‌ «الذريعة‌» ج‌ 18، ص‌ 86 و 87 تحت‌ الرقم‌ 806: «كفاية‌ الاثر في‌ النصّ علی الائمّة‌ الاثني‌ عشر» للشيخ‌ الاقدم‌ علي‌ّبن‌ محمّدبن‌ علی الخزّاز الرازي‌ّ. ويقال‌ له‌: القمّيّ. الراوي‌ عن‌ الشيخ‌ الصدوق‌، وأبي‌ المفضّل‌ محمّدبن‌ عبدالله‌ الشيباني‌ّ، والقاضي‌ أبي‌ الفرج‌ معافا بن‌ زكريا، وأبي‌ عبدالله‌ الحسين‌بن‌ سعيد الخزاعي‌ّ، وعلي‌ّبن‌ الحسين‌بن‌ علي‌ّبن‌ مندة‌، وأحمد بن‌ محمّد بن‌ عيّاش‌ الجوهريّ صاحب‌ كتاب‌ «مقتضب‌ الاثر». ذكر ابن‌ شهرآشوب‌ هذا الكتاب‌ في‌ «معالم‌ العلماء» معبّراً عنه‌ بالكفاية‌ في‌ النصّ. وقد نقل‌ عنه‌ المولي‌ محمّد باقر المجلسيّ في‌ «بحار الانوار» فتوهّم‌ أ نّه‌ للصدوق‌ أو للمفيد. فلا وَجْهَ لَهُ.

[39] ـ قال‌ في‌ «شرح‌ القاموس‌»: رُخام‌ كغُراب‌ حجر أبيض‌ رخو سهل‌. وما كان‌ منه‌ خمريّاً أو أصفر أو زرزوريّاً، فمن‌ أصناف‌ الحجارة‌.

[40] ـ «كفاية‌ الاثر في‌ النصوص‌ علی الائمّة‌ الاثني‌ عشر» في‌ مجموعة‌ مطبوعة‌ في‌ جزء واحد مجلّد يضمّ «الاربعون‌» للمجلسيّ، و«الخرائج‌ والجرايح‌» للراونديّ، ص‌ 315 و 316. ومن‌ الطبيعيّ أنّ لهذه‌ الرواية‌ تتمّة‌ لكنّنا ذكرنا منها هنا مقدار الحاجة‌ ممّا يتعلّق‌ بإخباره‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ الملوك‌ العبّاسيّين‌. وهذا المقدار نفسه‌ ذكره‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ مناقبه‌ ج‌ 1، ص‌ 429، والمجلسيّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 589، طبعة‌ الكمبانيّ، عن‌ «كفاية‌ الاثر».

[41] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 590.

[42] ـ «كفاية‌ الاثر» ص‌ 316.

[43] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 430، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[44] ـ جاء في‌ النسخة‌ البدل‌: مزرّع‌.

[45] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 428.

[46] ـ «الإرشـاد» ص‌ 180 و 181، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«شـرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 2، ص‌ 294 و 295، طبعة‌ مصر، دار الإحياء، وتحقيق‌ محمّد أبو الفضل‌ إبراهيم‌.

[47] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 428، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[48] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 594، طبعة‌ الكمبانيّ، وفي‌ الطبعة‌ الحديثة‌: ج‌ 41، ص‌ 346 و 347؛ و«شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 2، ص‌ 294 و 295، طبعة‌ دار الإحياء، وتحقيق‌ محمّد أبو الفضل‌ إبراهيم‌

[49]. ـ الخطبة‌ 37، من‌ «نهج‌ البلاغة‌».

[50] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 289 و 190، طبعة‌ مصر، دار الإحياء، وتحقيق‌ محمّد أبوالفضل‌ إبراهيم‌؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592 و 593، طبعة‌ الكمبانيّ؛ والطبعة‌ الحديثة‌: ج‌ 41، ص‌ 342، عن‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com