بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد العاشر/القسم السابع: استخلاف موسی هارون،الأصحاب الذین لم یبایعوا أمیر المومنین

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الدرس‌ الثاني‌ والاربعون‌ بعد المائة‌ إلی‌ الثامن‌ والاربعين‌ بعد المائة‌

المقامات‌ والمواطن‌ التي‌ خاطب‌ فيها النبي‌ُّ أميرَ المؤمنين‌ بحديث‌ المنزلة‌

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی‌ محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العلی‌ّ العظيم‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 وَوَ ' عَدْنَا مُوسَي‌' ثَلَـ'ثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَـ'هَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَـ'تُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَي‌' لاَخِيهِ هَـ'رُونَ اخْلُفْنِي‌ فِي‌ قَوْمِي‌ وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبيِلَ الْمُفْسِدِينَ  [1].

 جاء في‌ تفسير  « مجمع‌ البيان‌ » : المراد من‌ عدم‌ اتّباع‌ سبيل‌ المفسدين‌ هو أن‌ لاتسلك‌ طريقة‌ العاصين‌!  ولا تكن‌ عوناً للظالمين‌!  وإنّما أراد بذلك‌ إصلاح‌ قومه‌؛ وإن‌ كان‌ المخاطب‌ به‌ أخاه‌ .[2]

 الرجوع الي الفهرس

 استخلاف‌ موسي‌ أخاه‌ هارون‌ للإمامة‌

ولكن‌ قال‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ في‌ تفسير  « الميزان‌ »: وهارون‌ نبي‌ّ مرسل‌ معصوم‌ لاتصدر عنه‌ المعصية‌ ، ولا يتأتّي‌ منه‌ اتّباع‌ أهل‌ الفساد في‌ دينهم‌، وموسي‌ أعلم‌ بحال‌ أخيه‌؛ فليس‌ مراده‌ نهيه‌ عن‌ الكفر والمعصية‌؛ بل‌ أن‌ لايتّبع‌ في‌ إدارة‌ أُمور قومه‌ ما يشير إلیه‌ ويستصوبه‌ المفسدون‌ من‌ القوم‌ أيّام‌ خلافته‌ مادام‌ موسي‌ غائباً.

 والدليل‌ علی‌ هذا المعني‌ قوله‌:  وَأَصْلِحْ  فإنّه‌ يدلّ علی‌ أنّ المراد بقوله‌: وَلاَتَتَّبِعْ سَبيِلَ الْمُفْسِديِنَ  أن‌ يصلح‌ أمرهم‌ ولايسير فيهم‌ سيرة‌ هي‌ سبيل‌ المفسدين‌ التي‌ يستحسنونها ويشيرون‌ إلیه‌ بذلك‌.

 ومن‌ هنا يتأيّد أ  نّه‌ كان‌ في‌ قوم‌ موسي‌ يومئذٍ جمع‌ من‌ المفسدين‌ يفسدون‌ ويقلبون‌ علیه‌ الاُمور ويتربّصون‌ به‌ الدوائر؛ فنهي‌ موسي‌ أخاه‌ أن‌ يتّبع‌ سبيلهم‌ فيشوّشوا علیه‌ الامر ويكيدوا ويمكروا به‌ ، فيتفرّق‌ جمع‌ بني‌ إسرائيل‌ ويتشتّت‌ شملهم‌ بعد تلك‌ المحن‌ والمشاكل‌ التي‌ كابدها في‌ إحياء كلمة‌ الاتّحاد بينهم‌ .[3]

 ثمّ قال‌ صاحب‌  « مجمع‌ البيان‌ »  فيه‌: وإنّما أمر موسي‌ علیه‌ السلام‌ أخاه‌ هارون‌ بأن‌ يخلفه‌ وينوب‌ عنه‌ في‌ قومه‌ مع‌ أنّ هارون‌ كان‌ نبيّاً مرسلاً، لانّ الرئاسة‌ كانت‌ لموسي‌ علیه‌ وعلی‌ أُمّته‌. ولم‌ يكن‌ يجوز أن‌ يقول‌ هارون‌ لموسي‌ مثل‌ ذلك‌. وفي‌ هذا دلالة‌ علی‌ أنّ منزلة‌ الإمامة‌ منفصلة‌ عن‌ النبوّة‌ وغير داخلة‌ فيها.

 وإنّما اجتمع‌ الامران‌ لانبياء مخصوصين‌ ، لانّ هارون‌ لو كان‌ له‌ القيام‌ بأمر الاُمّة‌ من‌ حيث‌ كان‌ نبيّاً ، لما احتاج‌ فيه‌ إلی‌ استخلاف‌ موسي‌ إيّاه‌ وإقامته‌ مقامه‌.

 ونحن‌ نجد عين‌ هذا الاستخلاف‌ وتنصيب‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ خليفة‌ من‌ قبل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ حديث‌ المنزلة‌، لانّ قول‌ النبي‌ّ الاعظم‌:  أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ  نَّهُ لاَ نَبِي‌َّ بَعْدِي‌  الذي‌ قاله‌ في‌ مقامات‌ ومواطن‌ عديدة‌ يدلّ علی‌ أنّ مرتبة‌ أميرالمؤمنين‌ ومقامه‌ ومنزلته‌ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ هي‌ نفس‌ ما كان‌ لهارون‌ من‌ موسي‌. وتدلّ هذه‌ المنزلة‌ بنحو مطلق‌ وعامّ علی‌ أنّ جميع‌ المناصب‌ والمقامات‌ التي‌ كانت‌ لهارون‌ هي‌ لاميرالمؤمنين‌ أيضاً ، كالوصاية‌ ، والوزارة‌ ، والخلافة‌ ، والمشاركة‌ في‌ أمر التبليغ‌، والاضطلاع‌ بحمل‌ المهمّة‌ الخطيرة‌ ، ومسؤوليّة‌ حفظ‌ الدين‌ والاُمّة‌ وحراستهما.

 إنّ المنصب‌ الوحيد الذي‌ استثني‌ من‌ مناصب‌ هارون‌ هو منصب‌ النبوّة‌ إذ ليس‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ هذا المنصب‌ ، ولو لم‌تختم‌النبوّة‌ بمحمّدبن‌ عبدالله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌، لاستحقّها أميرالمؤمنين‌ بعده‌. ولكن‌ لمّا كان‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ خاتم‌ النبيّين‌ ، فلهذا لم‌يكن‌ لعلی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ منصب‌ النبوّة‌.

 لقد استقصيت‌ حديث‌ المنزلة‌:  أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ  نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌  فوجدت‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قاله‌ في‌ أربعة‌ عشر موطناً لم‌ يرتبط‌ أحدهما بالآخر علی‌ ما يبدو. وأراد النبي‌ّ في‌ هذه‌ المواطن‌ العديدة‌ أن‌ يبيّن‌ لجميع‌ الاُمّة‌ ولاية‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ الكلّيّة‌ ومنصبه‌ في‌ الخلافة‌ والإمامة‌ بعده‌، كما أراد أن‌ يبيّن‌ مقامه‌ الوزاري‌ّ في‌ جميع‌ الاُمور ، وهو لا يزال‌ علی‌ قيد الحياة‌.

 أمّا المقام‌ والموطن‌ الاوّل‌  [4] الذي‌ قال‌ فيه‌ النبي‌ّ هذا الحديث‌، فقد كان‌ عندما عزم‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ علی‌ التحرّك‌ إلی‌ غزوة‌ تبوك‌، واستخلف‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ المدينة‌ ليقوم‌ بشؤون‌ أهلها طول‌ غيبته‌.

 وروي‌ هذا الحديث‌ مختلف‌ الاشخاص‌ من‌ صحابة‌ رسول‌الله‌، منهم‌ سعدبن‌ أبي‌ وَقَّاص‌ الذي‌ قال‌ له‌ معاوية‌: لم‌ لا تسبّ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ ؟ فأجاب‌ قائلاً: سمعت‌ من‌ رسول‌ الله‌ أشياء في‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌  ، فلن‌  أسبّه‌.

 وروي‌ علماء الشيعة‌ والعامّة‌ في‌ كتب‌ التواريخ‌ والسير هذا الحديث‌ عن‌ سعد بأسناد مختلفة‌ ومضامين‌ متنوّعة‌؛ ولا نجد كتاباً في‌ أحوال‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ أو في‌ ترجمة‌ سعد إلاّ وتحدّث‌ فيه‌ صاحبه‌ عن‌ لقاء معاوية‌ سعداً، وروي‌ فيه‌ حديث‌ المنزلة‌ بشأن‌ أميرالمؤمنين‌.

 الرجوع الي الفهرس

اعتراض‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ علی‌ معاوية‌ في‌ دار الندوة‌

 وروي‌ المؤرّخ‌ الشهير والمحدّث‌ الامين‌  المسعودي‌ّ  عن‌ أبي‌ جعفر محمّدبن‌ جرير الطبري‌ّ ، عن‌ محمّد بن‌ حميد الرازي‌ّ ، عن‌ أبي‌ مجاهد، عن‌ محمّدبن‌ إسحاق‌، عن‌ أبي‌ نجيح‌ ، قال‌: لمّا حجّ معاوية‌، طاف‌ بالبيت‌ ومعه‌ سعد(بن‌ أبي‌ وقّاص‌)؛ فلمّا فرغ‌ ، انصرف‌ معاوية‌ إلی‌  دَارِ النَّدْوَةِ  [5] ، فأجلسه‌ معه‌ علی‌ سريره‌؛ ووقع‌ معاوية‌ في‌ علی‌ّ ، وشرع‌ في‌ سبّه‌.

 فزحف‌ سعد ثمّ قال‌: أجلستني‌ معك‌ علی‌ سريرك‌ ، ثمّ شرعتَ في‌ سبّ علی‌!  والله‌ لان‌ يكون‌ في‌ّ خصلة‌ واحدة‌ من‌ خصال‌ كانت‌ لعلی‌ّ أحبّ إلی‌ّ من‌ أن‌ يكون‌ لي‌ ما طلعت‌ علیه‌ الشمس‌.

 والله‌ لان‌ أكون‌ صهراً لرسول‌ الله‌ ، وأنّ لي‌ من‌ الولد مالعلی‌ّ أحبّ إلی‌ّ من‌ أن‌ يكون‌ لي‌ ما طلعت‌ علیه‌ الشمس‌.

 والله‌ لان‌ يكون‌ رسول‌ الله‌ قال‌ لي‌ ما قاله‌ يوم‌ خيبر:  لاَعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدَاً رَجُلاَ يُحِبُّهُ اللَهُ وَرَسُولُهُ ، وَيُحِبُّ اللَهَ وَرَسُولَهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ يِفَتْحُاللَهُ علی يَدَيْهِ.  أحبّ إلی‌ّ من‌ أن‌ يكون‌ لي‌ ما طلعت‌ علیه‌ الشمس‌.

 والله‌ لان‌ يكون‌ رسول‌ الله‌ قال‌ لي‌ ما قاله‌ في‌ غزوة‌ تبوك‌:  أَمَا تَرْضَي‌ أَنْ تَكُونَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ  نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌  أحبّ إلی‌ّ من‌ أن‌ يكون‌ لي‌ ما طلعت‌ علیه‌ الشمس‌.

 ( قال‌ سعد هذه‌ الكلمات‌ ، ونهض‌ ، وقال‌ لمعاوية‌ ): وأيم‌ الله‌ لادخلتُ لك‌ داراً ما بقيت‌!

 وقال‌ المسعودي‌ّ بعد هذه‌ الرواية‌: ووجدت‌ في‌ وجه‌ آخر من‌ الروايات‌ -وذلك‌ في‌ كتاب‌  علی‌ّ بن‌ محمّد بن‌ سليمان‌ النوفلي‌ّ  في‌ الاخبار- عن‌ ابن‌ عائشة‌ وغيره‌ ، أنّ سعداً لمّا قال‌ هذه‌ المقالة‌ لمعاوية‌ ونهض‌ ليقوم‌، ضَرَطَ له‌ معاوية‌ ، وقال‌ له‌: اقعد حتّي‌ تسمع‌ جواب‌ ما قلت‌!

 ما كنتَ عندي‌ قطّ ألام‌ منك‌ الآن‌ ،فهلاّ نصرتَه‌ ؟  ولِمَ قعدتَ عن‌ بيعته‌ ؟!  فإنّي‌ لو سمعتُ من‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ مثل‌ الذي‌ سمعتَ فيه‌، لكنتُ خادماً لعلی‌ّ ماعشت‌!

 فقال‌ سعد: والله‌ إنّي‌ لاحقّ بموضعك‌ منك‌!

 فقال‌ معاوية‌: يأبي‌ علیك‌ ذلك‌ بنو عُذْرَة‌!  وكان‌ سعد فيما يقال‌ رجلاً من‌ بني‌ عذرة‌. قال‌ النوفلي‌ّ: وفي‌ ذلك‌ يقول‌ السيّد ابن‌ محمّد الحِمْيَري‌ّ:

 سَائِلْ قُرَيْشاً بِهَا إنْ كُنْتَ ذَا عَمَةٍ                                    مَنْ كَانَ أَثْبَتَهَا فِي‌ الدِّينِ أَوْتَادَا

 مَنْ كَانَ أَقْدَمَهَا سِلْمَاً وَأَكْثَرَهَا                             عِلْمَاً وَأَطْهَرَهَا أَهْلاً وَأَوْلاَدَا

 مَنْ وَحَّدَ اللَهَ إذْ كَانَتْ مُكَذِّبَةً                               تَدْعُو مَعَ اللَهِ أَوْثَانَاً وَأَنْدَادَا

 مَنْ كَانَ يُقْدِمُ فِي‌ الهَيْجَاءِ إنْ نَكَلُوا                                  عَنْهَا وَإنْ بَخِلُوا فِي‌ أَزْمَةٍ جَادَا

 مَنْ كَانَ أَعْدَلَهَا حُكْمَاً وَأَقْسَطَهَا                          حِلْمَاً وَأَصْدَقَهَا وَعْدَاً وَإيعَادَا

 إنْ يَصْدُقُوكَ فَلَمْ يَعْدُو أَبَا حَسَنٍ                          إنْ أَنْتَ لَمْ تَلْقَ لِلاْبْرَارِ حُسَّادَا

 إنْ أَنْتَ لَمْ تَلْقَ مِنْ تَيْمٍ أَخَا صَلَفٍ                                    وَمِنْ عَدِي‌ٍّ لِحَقِّ اللَهِ جُحَّادَا

 أَوْ مِنْ بَنِي‌ عَامِرٍ أَوْ مِنْ بَني‌ أَسَدٍ                                    رَهْطِ العَبِيدِ ذَوِي‌ جَهْلٍ وَأَوْغَادَا

 أَوْ رَهْطِ سَعْدٍ وَسَعْدٌ كَانَ قَدْ عَلِمُوا                                  عَنْ مُسْتَقِيمِ صِرَاطِ اللَهِ صَدَّادَا

 قَوْمٌ تَدَاعَوا زَنِيمَاً ثُمَّ سَادَهُمُ                               لَوْلاَ خُمُولُ بَنِي‌ زُهْرٍ لَمَا سَادَا [6]

 يمدح‌ السيّد الحِمْيَري‌ّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ هذه‌ القصيدة‌، ويعرّض‌ ويذمّ الذين‌ توقّفوا عن‌ بيعته‌ ، وقعدوا عن‌ نصرته‌ .[7]

 الرجوع الي الفهرس

الذين‌ لم‌ يبايعوا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌

 ومن‌ الذين‌ لم‌ يبايعوا الإمام‌ علیه‌ السلام‌ في‌ خلافته‌ الظاهريّة‌ بعد مقتل‌ عثمان‌: سَعْد بن‌ أبي‌ وقَّاص‌. وأجمعت‌ كتب‌ التأريخ‌ والسِّيَر علی‌ أنّ سعداً لم‌يبايع‌ الامام‌.

 وورد في‌  « سفينة‌ البحار »  في‌ مادّة‌  رَبَعَ  عند ترجمة‌ رَبيع‌بن‌ خُثَيْم‌، نقلاً عن‌ تلميذ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌: وهو الفاضل‌ الخبير الميرزا عبدالله‌ الإصفهاني‌ّ الافندي‌ّ في‌ كتاب‌  « رياض‌ العلماء »  أنّ أصحاب‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ الذين‌ تخلّفوا عن‌ بيعة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ كانوا سبعة‌، وهم‌:  عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَر ، صُهَيْبُ الرُّومِي‌ّ غُلاَمُ عُمَر، مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَة‌، سَعْدُ بنُ أَبِي‌ وَقَّاص‌ ، سَعِيدُ بْنُ مَالِك‌، أُسَامَةُبْنُ زَيْدٍ  ، وسَلَمَةُ بْنُ سَلاَمَة‌ . ومن‌ التابعين‌ ثلاثة‌ هم‌ : رَبِيعُ بْنُ خُثَيم‌  ، مَسْروقُبْنُ أَجْدَع‌، وَأَسْوَدُ بْنُ زَيْدٍ .[8]

 الرجوع الي الفهرس

كان‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ من‌ المتخلفين‌ عن‌ بيعة‌ أمير المؤمنين‌

 وقال‌ المسعودي‌ّ في‌  « مروج‌ الذهب‌ » : وقعد عن‌ بيعته‌ جماعة‌ عثمانيّة‌ لم‌يروا إلاّ الخروج‌ عن‌ الامر. منهم‌  سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌، وعبدالله‌بن‌ عُمَر،  وبايع‌ يزيد ] بن‌ معاوية‌ [  بعد ذلك‌،  ( ثمّ بايع‌ )  عبدالملك‌بن‌ مروان‌؛ ومنهم‌:  قدامة‌بن‌ مظعون‌، وأَهْيَان‌ بن‌ صَيْفِي‌ ، وعبدالله‌بن‌ سَلاَم‌، والمُغِيرَة‌بن‌ شُعْبَة‌ الثَّقَفي‌ّ.  وممّن‌ اعتزل‌ من‌ الانصار:  كَعْب‌بن‌ مَالِك‌، وَحَسَّان‌بن‌ ثَابِت‌،  وكانا شاعرين‌،  وأبو سَعِيد الخُدْرِي‌ّ، ومحمّدبن‌ مُسْلَمَة‌ حليف‌ بني‌ عبد الاشهل‌،  ] ويزيدبن‌ ثابت‌ ، ورافع‌ بن‌ خُدَيْج‌، والنُّعْمان‌بن‌ بشير  [9] [ وَفَضَالَة‌ بن‌ عُبَيْد ، وَكَعْب‌ بن‌ عُجْرَة‌ ، وَمُسْلَمَة‌بن‌ خَالِد  في‌ آخرين‌ لم‌نذكرهم‌ من‌ العثمانيّة‌ من‌ الانصار وغيرهم‌ من‌ بني‌ أُميّة‌ وسواهم‌ .[10]

 وأشار ابن‌ الاثير في‌  « الكامل‌ في‌ التاريخ‌ »  طبعة‌ بيروت‌ 1385، ج‌3، ص‌191 إلی‌ أ  نّه‌ لمّا قتل‌ عثمـان‌ ، بايـع‌ جميـع‌ المهاجـرين‌ والانصـار أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌. وتخلّف‌ عن‌ البيعة‌ من‌ المهاجرين‌ سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌، وابن‌ عمر، ومن‌ الانصار ، حسّان‌ بن‌ ثابت‌ ، وكعب‌بن‌ مالك‌، ومَسلَمَة‌بن‌ مخلَّد. وأبو سعيد الخُدري‌ّ ، ومحمّدبن‌ مَسْلَمَة‌، والنعمان‌بن‌ بشير، وزيدبن‌ ثابت‌ ، ورافع‌ بن‌ خديج‌ ، وفضالة‌بن‌ عُبَيْد، وكعب‌بن‌ عُجْرَة‌، وتخلّف‌ عن‌ بيعته‌ أيضاً عبد الله‌ بن‌ سلام‌ ، وصُهَيب‌بن‌ سنان‌، وسَلَمة‌بن‌ سلامة‌بن‌ وَقْش‌ ، وأُسامة‌ بن‌ زيد ، وقدامة‌ بن‌ مظعون‌، والمغيرة‌بن‌ شعبة‌.

 ولكن‌ قال‌ ابن‌ سعد في‌ طبقاته‌ ج‌ 3 ، ص‌ 31: لمّا قتل‌ عثمان‌ وبويع‌ لعلی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ بالمدينة‌ الغد من‌ يوم‌ قتل‌ عثمان‌ ، بايعه‌ جميع‌ من‌ كان‌ في‌ المدينة‌، ومنهم‌ طلحة‌ ، والزبير ، وسعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌، وسعيدبن‌ زيدبن‌ عَمْروبن‌ نُفَيْل‌، وعمّار بن‌ ياسر ، وأُسامة‌بن‌ زيد، وسهل‌بن‌ حُنَيف‌، وأبو أيّوب‌ الانصاري‌ّ ، ومحمّد بن‌ مَسلَمة‌ ، وزيدبن‌ ثابت‌، وخزيمة‌بن‌ ثابت‌، وجميع‌ أهل‌ المدينة‌. ثمّ ذكر طلحة‌ والزبير أ  نّهما بايعا كارهين‌ غيرطائعين‌. وخرجا إلی‌ مكّة‌ وبها عائشة‌. ثمّ خرجا من‌ مكّة‌ ومعهما عائشة‌ إلی‌ البصرة‌ يطلبون‌ بدم‌ عثمان‌.

 وكان‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ أحد السابقين‌ إلی‌ الإسلام‌ ، وهو سابع‌ من‌ أسلم‌  [11]. وشهد بدراً ، وأُحداً ، والخندق‌ ، والمشاهد كلّها مع‌ رسول‌الله‌. وأبلي‌ يوم‌ أُحد بلإ عظيماً؛ وأ  نّه‌ أوّل‌ من‌ أراق‌ دماً في‌ سبيل‌ الله‌؛ وأوّل‌ من‌ رمي‌ بسهم‌ في‌ سبيل‌ الله‌. وقال‌ العامّة‌: هو من‌ سادات‌ الصحابة‌، ومن‌ العشرة‌ المبشّرة‌، وأحد الذين‌ شهد لهم‌ النبي‌ّ بالجنّة‌؛ وأحد الستّة‌ أصحاب‌ الشوري‌ الذين‌ أخبر عمر بن‌ الخطّاب‌ أنّ رسول‌ الله‌ توفّي‌، وهم‌ عنهم‌ راضٍ .[12]

 ولكنّه‌ مع‌ ذلك‌ كانت‌ له‌ رغبة‌ في‌ الخلافة‌ يوم‌ الشوري‌. ثمّ انحاز إلی‌ قومه‌ عثمان‌ علی‌ الرغم‌ من‌ احتجاجات‌ مولي‌ الموإلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ واستشهاده‌ بالنصوص‌ الكثيرة‌ الواضحة‌ المأثورة‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ حقّانيّته‌ وتعيّن‌ ولايته‌ وإمامته‌ وخلافته‌. وصوّت‌ لمصلحة‌ عثمان‌؛ ولم‌ يبايع‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بعد عثمان‌، واعتزل‌ ولم‌ينصره‌ في‌ الجمل‌ وصفيّن‌ ، والنهروان‌.

 يقول‌ المسعودي‌ّ: وكان‌  سعد ، وأُسامة‌ بن‌ زيد ، وعبدالله‌بن‌ عمر، ومحمّدبن‌ مسلمة‌  ممّن‌ قعد عن‌  علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ ] علیه‌ السلام‌ [ ، وأَبَوا أن‌ يبايعوه‌ هم‌ وغيرهم‌ ممّن‌ ذكرنا من‌ القعّاد عن‌ بيعته‌، وذلك‌ أ  نّهم‌ قالوا: إنّها فتنة‌.

 ومنهم‌ من‌ قال‌ لعلی‌ّ:  أَعْطِنَا سُيُوفَاً نُقَاتِلُ بِهَا مَعَكَ! فَإذَا ضَرَبْنَا بِهَا المُؤْمِنِينَ لَمْتَعْمَلْ فِيهِمْ ، وَبَنَتْ عَنْ أَجْسَادِهِمْ؛ وَإذَا ضَرَبْنَا بِهَا الكَافِرِينَ سَرَتْ فِي‌ أَبْدَانِهِمْ! فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ علی‌ٌّ وَقَالَ: «وَلَوْ عَلِمَ اللَهُ فِيهِمْ خَيْرًا لاَّسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ» .[13]

 إنّ قائل‌ هذا الكلام‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ هو  سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌ ، ويريد منه‌ أنّ المسلمين‌ والمؤمنين‌ قد اختلطوا ، وأنّ جنود الإمام‌، وجنود الجبهة‌ المقابلة‌ كلّهم‌ مسلمون‌. وأ  نّه‌ لايستطيع‌ أن‌ يقاتل‌ إلی‌ جانب‌ الإمام‌ مؤازراً له‌، فيقتل‌ أعداءه‌!  وزعم‌ أ  نّه‌ يقاتل‌ الكافرين‌ لاالمسلمين‌ من‌ أمثال‌ طلحة‌، والزبير ، وعائشة‌ ، وأصحاب‌ معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌، فهؤلاء جميعاً مسلمون‌، ولايصحّ قتل‌ المسلم‌!

 وذكر كبار المؤرّخين‌ أنّ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ هو الذي‌ تفوّه‌ بذلك‌ الكلام‌. ومن‌ هؤلاء المؤرّخين‌ ابن‌ سعد في‌ طبقاته‌ ، فقد روي‌ بسنده‌ عن‌ أيّوب‌بن‌ محمّد أ  نّه‌ قال‌: نُبِّئتُ أنّ سعداً كان‌ يقول‌: ما أزعم‌ أ  نّي‌ بقميصي‌ هذا أحقّ منّي‌ بالخلافة‌ قد جاهدت‌ إذ أنا أعرف‌ الجهاد.  وَلاَأَبْخَعُ نَفْسِي‌ إنْ كَانَ رَجُلٌ خَيْرَاً مِنِّي‌؛ لاَ أُقَاتِلُ حَتَّي‌ تَأْتُونِي‌ بِسَيْفٍ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ وَشَفَتَانِ فَيَقُولُ: هَذَا مُؤْمِنٌ وَهَذَا كَافِرٌ [14].

 وروي‌ ابن‌ سعد أيضاً بسنده‌ عن‌ يحيي‌ بن‌ الحُصين‌  ] أ  نّه‌ [  قال‌: سمعت‌ الحي‌ّ  ] كانوا [  يتحدّثون‌ أنّ أبي‌ قال‌  لسعد : ما يَمْنَعُك‌ من‌ القتال‌ ؟!

 قال‌  (سعد): حتّي‌ تجيئوني‌ بسيف‌ يَعْرِفُ المؤمنَ من‌ الكافر  [15].

 وقال‌ ابن‌ عبد البرّ: ورامه‌ ابنه‌ عمر بن‌ سعد أن‌ يدعو لنفسه‌ بعد قتل‌ عثمان‌، فأبي‌. وكذلك‌ رامَه‌ أيضاً ابن‌ أخيه‌  هاشم‌ بن‌ عتبة‌ ، فلمّا أبي‌ علیه‌، صار هاشم‌ إلی‌ علی‌ّ  ] بن‌ أبي‌ طالب‌ [.

 وكان‌ سعد ممّن‌ قعد ولزم‌ بيته‌ في‌ الفتنة‌  ] في‌ ثورة‌ المصريّين‌ وقتل‌ عثمان‌ [. وأمر أهله‌ أن‌ لا يخبروه‌ من‌ أخبار الناس‌ بشي‌ء، حتّي‌ تجتمع‌ الاُّمّة‌ علی‌ إمام‌.

 فطمع‌ معاوية‌ فيه‌ ، وفي‌ عبد الله‌ بن‌ عمر ، ومحمّدبن‌ مسلمة‌. فكتب‌ إلیهم‌ يدعوهم‌ إلی‌ عونه‌ علی‌ الطلب‌ بدم‌ عثمان‌. ويقول‌ لهم‌: إنّ قاتله‌ وخاذله‌ سواء.  ( وإنّهم‌ لمّا لم‌ ينصروا عثمان‌ ، فهم‌ بحكم‌ قاتليه‌. وكفّارة‌ جرمهم‌ -بزعمه‌- أن‌ ينهضوا لنصرته‌  ( معاوية‌ )  علی‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ ).

 وفي‌ نثر ونظم‌ كتب‌  ] معاوية‌ [  به‌ إلیهم‌ ، و ] قد [  تركتُ ذكره‌. فأجابه‌ كلّ واحد منهم‌ بردّ علیه‌ ما جاء به‌ من‌ ذلك‌ وينكر مقالته‌، ويعرّفه‌ بأ  نّه‌ ليس‌بأهل‌ لما يطلبه‌؛ وأنّ في‌ جواب‌ سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌ قال‌:

 مُعَاوِي‌َ دَاؤُكَ الدَّاءُ العَيَاءُ                                     وَلَيْسَ لِمَا تَجي‌ءُ بِهِ دَوَاءُ

 أَيَدْعُونِي‌ أَبُو حَسَنٍ علی‌ٌّ                                    فَلَمْ أَرْدُدْ علیهِ مَا يَشَاءُ

 وَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِي‌ سَيْفَاً بَصِيراً                             تَمِيزُ بِهِ العَدَاوَةُ وَالوَلاَءُ

 فَإنَّ الشَرَّ أَصْغَرَهُ كَبِيرٌ                            وَإنَّ الظَّهْرَ تُثْقِلُهُ الدِّمَاءُ

 أَتَطْمَعُ فِي‌ الَّذي‌ أَعْيَا علیاً                                  علی‌ مَا قَدْ طَمِعْتَ بِهِ العَفَاءُ

 لَيَوْمٌ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْكَ حَيَّاً                           وَمَيْتَاً أَنْتَ لِلْمَرْءِ الفِدَاءُ

 فَأَمَّا أَمْرُ عُثْمَانٍ فَدَعْهُ                            فَإنَّ الرَّأْي‌َ أَذْهَبَهُ البَلاَءُ [16]

 وقال‌ ابن‌ عبد البرّ أيضاً: قال‌  أبو عمر: سُئِلَ علی‌ٌّ رَضِي‌َ اللَهُ عَنْهُ عَنِ الَّذِينَ قَعَدُوا عَنْ بَيْعَتِهِ وَنُصْرَتِهِ وَالقِيَامِ مَعَهُ. فَقَالَ: أُولَئِكَ قَوْمٌ خَذَلُوا الحَقَّ وَلَمْيَنْصُرُوا البَاطِلَ  [17].

 وقال‌ أيضاً: بويع‌ لعلی‌ّ علیه‌ السلام‌ بالخلافة‌ يوم‌ قتل‌ عثمان‌ ؛ واجتمع‌ علی‌ بيعته‌ المهاجرون‌ والانصار؛ وتخلّف‌ عن‌ بيعته‌ منهم‌ نفر.

 فلم‌يَهِجْهُم‌، ولم‌ يكرههم‌ ، وسئل‌ عنهم‌ ، فقال‌:

 أُولَئِكَ قَوْمٌ قَعَدُوا عَنِ الحَقِّ؛ وَلَمْ يَقُومُوا مَعَ البَاطِلِ  [18].

 وقال‌ المامقاني‌ّ: قال‌ الكَشِّي‌ّ: وجدت‌ في‌ كتاب‌ أبي‌ عبدالله‌ الشاذاني‌ّ أ  نّه‌ كان‌ يقول‌: حدّثني‌ جعفر بن‌ محمّد المدائني‌ّ، عن‌ موسي‌بن‌ قاسم‌ العِجلي‌ّ، عن‌ صفوان‌، عن‌ عبد الرحمن‌ بن‌ الحجّاج‌ ، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ جعفر الصادق‌ علیه‌ السلام‌، عن‌ آبائه‌ ، قال‌:

 كَتَبَ علی‌ٌّ علیهِ السَّلاَمُ إلی‌ وَإلی‌ المَدِينَةِ: لاَتُعْطِيَنَّ سَعْداً وَلاَابْنَ عُمَرَ مِنَ الفَي‌ْءِ شَيْئَاً! فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَإنِّي‌ قَدْ عَذَرْتُهُ فِي‌ إلیميِنِ الَّتِي‌ كَانَتْ علیهِ  [19].

 الرجوع الي الفهرس

عذر سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ عن‌ عدم‌ بيعته‌ أمير المؤمنين‌ مرفوض‌

 أجل‌ ، هذا موقف‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ ، إذ أدّي‌ به‌ إلی‌ الانعزال‌ وسوء الفهم‌ مع‌ سوابقه‌ المشرقة‌ في‌ الإسلام‌. ومُني‌َ بالعجب‌ والغرور نتيجة‌ للمكانة‌ التي‌ جعلها له‌ عامّة‌ الناس‌ علی‌ أساس‌ كلام‌ رسول‌الله‌:  اللَهُمَّ سَدِّدْرَمْيَتَهُ، وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ [20]ووجد نفسه‌ في‌ مقام‌ تعذّر معه‌ التنازل‌ لامير المؤمنين‌، والانضواء تحت‌ رايته‌. وتحوّل‌ من‌ التهوّر والشجاعة‌ النفسانيّة‌ إلی‌ الجبن‌ والوضاعة‌ ، وأسكن‌ نفسه‌ وأخلي‌ وِفاضه‌ بشبهة‌ واهية‌ تتمثّل‌ في‌ أنّ المؤمنين‌ لايقتتلون‌ وأ  نّه‌ ليس‌ عنده‌ سيف‌ يميّز المؤمن‌ عن‌ الكافر.

 لقد كان‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ خليفة‌ واجب‌ الإطاعة‌ وفقاً لبيعة‌ المسلمين‌ إيّاه‌، مضافاً إلی‌ النصوص‌ النبويّة‌ المأثورة‌ الدالّة‌ علی‌ خلافته‌ الحقّة‌ وولايته‌ وإمارته‌ الإلهيّة‌، والجاعلة‌ أوامره‌ كأوامر الله‌ ورسوله‌، والقاضية‌ بوجوب‌ طاعة‌ أوامره‌ وأحكامه‌ في‌ الحرب‌ والسلم‌، في‌ ضوء قوله‌ تعإلی‌: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي‌ الاْمْرِ مِنكُمْ . [21]وكان‌ علی‌ الإمام‌ بحكم‌ القرآن‌ الكريم‌ أن‌ يعاقب‌ كلّ مسلم‌ معتد باغ‌ لايبايع‌ ولايقرّ بالولاية‌، وينوي‌ إراقة‌ الدماء والفساد في‌ الارض‌، وإن‌ كان‌ مسلماً، أو كان‌ عدد البغاة‌ بالآلاف‌.

 ألم‌ يقرأ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ هذه‌ الآية‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌، ليعلم‌ أنّ سيف‌ علی‌ّ هو سيف‌ الحقّ، وهو الفارق‌ بين‌ الحقّ والباطل‌ والمؤمن‌ والكافر ؟

 وَإِن‌ طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَ ' هُمَا علی‌ الاْخْرَي‌' فَقَـ'تِلُوا الَّتِي‌ تَبْغِي‌ حَتَّي‌' تَفِي‌´ءَ إلی‌'´ أَمْرِ اللَهِ فَإِنْ فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو´ا إِنَّ اللَهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  [22].

 في‌ ضوء هذه‌ الآية‌ ، يحقّ لامير المؤمنين‌ أن‌ يقاتل‌ البغاة‌ المتمرّدين‌ الذين‌ لايستسلمون‌ للحقّ ولايتّبعونه‌ كمعاوية‌، وأصحاب‌ الجمل‌، والنهروان‌، بعد الخطب‌ والرسائل‌ وإتمام‌ الحجج‌. ويقف‌ بوجه‌ الفساد، وينقذ الحكومة‌ المركزيّة‌ من‌ التفرقة‌ ، ويقمع‌ المعتدين‌ وأتباعهم‌، ويقرّ حكومة‌ واحدة‌ للاُمّة‌ الإسلاميّة‌ في‌ أرجاء الوطن‌ الإسلامي‌ّ، كما كان‌ ذلك‌ في‌ عهد النبي‌ّ.

 إنّ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ مدان‌ في‌ احتجاجه‌ بحكم‌ هذه‌ الآية‌ . وليس‌  من‌ حقّه‌ أن‌ ينسب‌ إلی‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ القتال‌ خبط‌ عشواء بلامراعاة‌ للإيمان‌ والكفر. وفي‌ ضوء هذه‌ الآية‌ القرآنيّة‌ ، يجب‌ قتل‌ المسلم‌ المعتدي‌ الذي‌ لايستسلم‌ للحقّ. وأنّ قيمة‌ الإنسان‌ بشرف‌ تسليمه‌ واتّباعه‌ الحقّ، لابإسلامه‌ الظاهري‌ّ. وللكافر المستعدّ لاتّباع‌ الحقّ ميزة‌ علی‌ المسلم‌ الذي‌ ليس‌ كذلك‌. ويسمّي‌ الإسلام‌ إسلاماً بسبب‌ التسليم‌ للحقّ والابتعاد عن‌ الباطل‌.

 إنّ  سعداً  الذي‌ كان‌ أحد السابقين‌ إلی‌ الإسلام‌ ، وأحد المهاجرين‌، وكاتب‌ النبي‌ّ الذي‌ كتب‌ كتابه‌ إلی‌ يهود خيبر [23]  ، والذي‌ كان‌ أكبر من‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ سنّاً  [24]، وأحد أعضاء الشوري‌ ، لاينبغي‌ له‌ أن‌ يغتّر ويقول‌: أنا كذا وكذا، ولا يحضر في‌ جيش‌ علی‌ّ. وهذا ليس‌ احتياطاً، بل‌ هو خدعة‌ نفسانيّة‌ تظهر علی‌ شكل‌ انعزال‌؛ وهو مكيدة‌ شيطانيّة‌ تظهر بطابع‌ التنسّك‌، والتظاهر بالصلاح‌، والمبيت‌ في‌ مسجد.

 وذلك‌ سعد الذي‌ كان‌ يعرف‌ علیاً جيّداً ،  وكان‌ مطّلعاً علی‌ سوابقه‌. وروي‌ بعض‌ الاحاديث‌ في‌ مدحه‌ وفضله‌. فلا يحقّ له‌ أن‌ يقف‌ بوجهه‌. أ  نّه‌ علی‌ خطأ.جواب‌ أمير المؤمنين‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ حول‌ شهادة‌ الإمام‌ الحسين‌

 روي‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ عن‌  « الامإلی‌ »  للصدوق‌ بسنده‌ عن‌ الاصبغ‌بن‌ نباته‌، قال‌:

 بَيْنَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: سَلُونِي‌ قَبْلَ أَن‌ تَفْقِدُونِي‌! فَوَ  اللَهِ لاَ تَسْأَلُونِي‌ عَنْ شَي‌ءٍ مَضَي‌ وَلاَ عَنْ شَي‌ءٍ يَكُونُ إلاَّ نَبَّأْتُكُمْ بِهِ.

 فَقَامَ إلیهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي‌ وَقَّاصٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! أَخْبِرْنِي‌ كَمْ فِي‌ رَأْسِي‌ وَلِحْيَتِي‌ مِنْ شَعْرَةٍ؟!

 فَقَالَ لَهُ: أَمَا وَاللَهِ لَقَدْ سَأَلْتَنِي‌ عَنْ مَسْأَلَةٍ حَدَّثَنِي‌ خَلِيلِي‌ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَ  نَكَ سَتَسْأَلُنِي‌ عَنْهَا! وَمَا فِي‌ رَأْسِكَ وَلِحْيَتِكَ مِنْ شَعْرَةٍ إلاَّ وَفِي‌ أَصْلِهَا شَيْطاَنٌ جاَلِسٌ! فَإنَّ فِي‌ بَيْتِكَ لَسَخْلاَ[25] يَقْتُلُ الحُسَيْنَ ابْنِي‌! وَعُمَرُ بْنُ سَعْدٍ يَوْمَئذٍ يَدْرُجُ بَيْنَ يَدَيْهِ  [26].

 أجل‌ ، أعرض‌ سعد عن‌ بيعة‌ الإمام‌ ونصرته‌ والانضواء تحت‌ رايته‌، ومُني‌ بطمع‌ معاوية‌. وامتنع‌ عبد الله‌ بن‌ عمر المتنسّك‌ المتعنّت‌ ذو الاُفق‌ الضيّق‌ من‌ بيعة‌ الإمام‌. وبايع‌ يزيد بن‌ معاوية‌ ، وعبدالملك‌بن‌ مروان‌.

 هر كه‌ گريزد ز خراجات‌ شاه‌                                    باركـش‌ غول‌ بيابان‌ شـود [27]

 وكان‌  معاوية‌  بن‌ أبي‌ سفيان‌ يتوقّعه‌ أن‌ يسبّ علیاً ، فيؤاخذ علی‌ ذلك‌.

 وكيف‌ يسبّ سعد علیاً مع‌ سوابقه‌ ومعرفته‌ بسوابق‌ رفيقه‌ صاحب‌ الولاية‌، والحائز علی‌ العلم‌ والفقه‌ والقرآن‌ والقضاء: أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ ذي‌ السوابق‌ عديمة‌ المثيل‌. ومع‌ معرفته‌ بسوابق‌ معاوية‌ المشرك‌ وأبيه‌ أبي‌ سفيان‌ -رأس‌ الفساد ومجيّش‌ الجيوش‌ علی‌ الإسلام‌، ومنبع‌ الخيانة‌ والجناية‌، وعفريت‌ النفاق‌ والازدواجيّة‌- إذ أسلما في‌ فتح‌ مكّة‌ في‌ السنة‌ الثامنة‌ من‌ الهجرة‌ مكرهين‌ مضطرّين‌ ؟!

 فلهذا كان‌ سعد يعيش‌ في‌ قصره‌ بالعقيق‌ علی‌ بعد عشرة‌ أميال‌ عن‌ المدينة‌ مستعلیاً يرقب‌ الاوضاع‌ مع‌ ما واجه‌ به‌ معاوية‌ من‌ موقف‌ حادّ، ومع‌ سكوته‌ عن‌ جواب‌ معاوية‌ المكّار الغدّار ، ومشاهدة‌ الثورة‌ وتشويش‌ الاوضاع‌ بعد استشهاد الإمام‌ المظلوم‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ الذي‌ لم‌يترك‌ شيئاً بعد استشهاده‌  [28]، ومع‌ استبانة‌ مظلوميّته‌ وصيحاته‌ وخطبه‌ التي‌ ظلّت‌ بلاجواب‌.

 ولمّا رأي‌ معاوية‌ أ  نّه‌ لا يستطيع‌ أخذ البيعة‌ لابنه‌ يزيد مع‌ وجود سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌، ومكانته‌ عند الناس‌ ، لهذا قتله‌ بالسم‌ مع‌ سبط‌ رسول‌الله‌ الحسن‌ المجتبي‌ علیه‌ السلام‌.

 ذكر  أبو الفرج‌ الإصفهاني‌ّ  بسنده‌ المتّصل‌ أنّ معاوية‌ لمّا أراد البيعة‌ لابنه‌ يزيد، وضع‌ سمّاً في‌ طعام‌ خفية‌ ، وأطعمه‌ الإمام‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌ وسعداً، فماتا منه‌ وبين‌ موتهما أيّام‌  [29].

 وروي‌ بسنده‌ الآخر أيضاً أ  نّه‌ لمّا فرغ‌ الإمام‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌ من‌ خطبته‌، انصرف‌ إلی‌ المدينة‌ فأقام‌ بها وأراد معاوية‌ البيعة‌ لابنه‌ يزيد فلم‌يكن‌ شي‌ء أثقل‌ من‌ أمر الحسن‌ بن‌ علی‌ّ وسعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌، فدسّ إلیهما سمّاً، فماتا منه‌  [30].

 الرجوع الي الفهرس

حديث‌ ابن‌ أبي‌ وقّاص‌ في‌ فضائل‌ أمير المؤمنين‌ أواخر أيّام‌ عمر

 وكان‌  سعد  في‌ الايّام‌ الاخيرة‌ من‌ حياته‌ ينقل‌ فضائل‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ ويحدّث‌ بميزاته‌ التي‌ اختصّ بها ، وكان‌ قد سمعها  من‌  رسول‌  الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌. ولكن‌ ما جدوي‌ ذلك‌ وقد سبق‌ السيف‌ العَذَل‌ إذ فُلقت‌ هامة‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ في‌ محراب‌ العبادة‌ ، وأنشب‌ معاوية‌ مخالبه‌ الدمويّة‌ في‌ أقصي‌ أرجاء البلاد ، وأُبيحت‌ مكّة‌ قتلاً وسلباً إذ أغار علیها بُسْربن‌ أرْطَاة‌، وذبح‌ هذا المتوحّش‌ وَلَدَي‌ عبيدالله‌بن‌ العبّاس‌. وعُدّ سبّ علی‌ّ ولعنه‌ وشتمه‌ علی‌ المنابر من‌ الواجبات‌ في‌ خطبة‌ الجمعة‌ والعيدين‌ في‌ أنحاء العالم‌ الإسلامي‌ّ. وما هو تأثير عدّ ابن‌ أبي‌ وقّاص‌ مناقب‌ علی‌ّ لابنائه‌ وبنته‌  [31]، أو لرجلين‌ عراقيّين‌  [32] ؟

 لقد تركتَ علیاً وحده‌ عندما كانت‌ السلطة‌ ليست‌ بيد معاوية‌!  وخذلته‌ ولم‌تنصره‌!  وجعلته‌ يواجه‌ جمّاً غفيراً من‌ المناوئين‌ والاعداء وطلاّب‌ الدنيا!  والآن‌ إذ بلغ‌ السيل‌ الزُّبي‌ وتفرّق‌ عنه‌ جيشه‌، وخذله‌ أصحابه‌، وأرغموا وصيّه‌ الحسن‌ المجتبي‌ علی‌ بيعة‌ طاغي‌ زمانه‌ بعدما تركوه‌ وحده‌ بلاناصر ولامعين‌، أنت‌ جالس‌ في‌ قصرك‌ بالعقيق‌ تحدّث‌ بمناقب‌ علی‌ّ!  ما جدوي‌ ذلك‌ ؟  حدّث‌ وتكلّم‌ بها ، لكن‌ ما نفعها وفائدتها ؟  واجلس‌ في‌ بيتك‌ واعبد، لكن‌ أي‌ّ عبادة‌ هي‌ ؟!

 ورحم‌ الله‌ آية‌ الله‌ السيّد محمود الشاهرودي‌ّ وتغمّده‌ برضوانه‌، كان‌ أحد أساتذتي‌ّ في‌ الفقه‌ بالنجف‌ الاشرف‌ ، وسمعته‌ يقول‌ أثناء الدرس‌ علی‌ المنبر: ثلاثة‌ يصيرون‌ من‌ أهل‌ التنسّك‌ الجافّ والعبادات‌ الشكليّة‌ الفاقدة‌ لمعناها، وهم‌: 1-طالب‌ العلوم‌ الدينيّة‌ الكسول‌. 2-التاجر المفلس‌. 3-الحاكم‌ المعزول‌.

 وكان‌  عبد الله‌ بن‌ عمر  أيضاً يتحسّر ويتأوّه‌ في‌ آخر عمره‌ علی‌ عدم‌نصرته‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ قتاله‌  الفِئَة‌ البَاغِيَة‌ ( معاوية‌ ومن‌ كان‌ معه‌ ).

 قال‌ ابن‌ عبد البرّ: روي‌ بطرق‌ مختلفة‌ عن‌ حبيب‌ بن‌ أبي‌ ثابت‌، عن‌ ابن‌ عمر  أَ  نَّهُ قَالَ: مَا آسَي‌ علی‌ شَي‌ءٍ إلاَّ أَ  نِّي‌ لَمْ أُقَاتِلْ مَعَ علی‌ٍّ الفِئَةَ البَاغِيَةَ[33].

 وروي‌  الدارقطني‌ّ  أيضاً في‌  « المؤَتَلَف‌ والمختَلَف‌ »  بسنده‌ عن‌ ابن‌ عمر قال‌:

 مَا آسَي‌ علی‌ شَي‌ءٍ إلاَّ علی‌ أَلاَّ أَكُونَ قَاتَلْتَ الفِئَةَ البَاغِيَةَ علی‌ صَوْمِ الهَوَاجِرِ  [34].

 وروي‌ بسند آخر عنه‌ أيضاً ، قال‌:  مَا أَجِدُنِي‌ آسَي‌ علی‌ شَي‌ءٍ فَاتَنِي‌ مِنَ الدُّنْيَا إلاَّ أَ  نِّي‌ لَمْ أُقَاتِلِ الفِئَةَ البَاغِيَةَ مَعَ علی‌ٍّ  [35].

 وروي‌ بسند آخر عنه‌ عند موته‌ أ  نّه‌ قال‌:  مَا أَجِدُ في‌ نَفْسِي‌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَيْئَاً، إلاَّ أَ  نِّي‌ لَمْ أُقَاتِلِ الفِئَةَ البَاغِيَةَ مَعَ علی‌ِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ[36] .

 ونقل‌ بسند آخر أيضاً قوله‌:  مَا آسَي‌ علی‌ شَي‌ءٍ إلاَّ تَرْكِي‌ قِتَالَ الفِئَةِ البَاغِيَةِ مَعَ علی‌ٍّ  [37].

 ومضمون‌ هذه‌ الروايات‌ ومفادها أ  نّه‌ لم‌ يأسف‌ ويأسَ علی‌ شي‌ء فاته‌ من‌ الدنيا إلاّ قتال‌ الفئة‌ الباغية‌ مع‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌. بَيْدَ أنّ هذا الرجل‌ يجلس‌ تحت‌ منبر الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌ الثقفي‌ّ ليسمع‌ خطبته‌ ويبايع‌ عبدالملك‌بن‌ مروان‌. ثمّ يقتل‌ علی‌ يد الحجّاج‌  [38].

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 142، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[2] - «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 2، ص‌ 473، طبعة‌ صيدا.

[3] - تفسير «الميزان‌» ج‌ ص‌ 247 و 248.

[4] - ليس‌ ترتيب‌ هذه‌ المقامات‌ من‌ حيث‌ الزمن‌، بل‌ من‌ حيث‌ الاءحصاء والتعداد.

[5] - كانت‌ دار الندوة‌ تمثّل‌ مجلس‌ الشوري‌ لعرب‌ الجاهليّة‌. إذ كان‌ رؤساؤهم‌ يجتمعون‌ فيها للتشاور واتّخاذ القرار في‌ الشؤون‌ المهمّة‌.

[6] - «مروج‌ الذهب‌» ج‌ ص‌ 23 و 24، طبعة‌ مطبعة‌ السعادة‌ سنة‌ 1367. ومن‌ طبعة‌ مطبعة‌ دار الاندلس‌، ص‌ 14 و 15. وهذه‌ القصيدة‌ في‌ ديوان‌ السيّد إسماعيل‌ الحميري‌ّ، من‌ ص‌ 160 إلي‌ ص‌ 162، تحت‌ الرقم‌ 45. روي‌ ذلك‌ أوّلاً عن‌ «مروج‌ الذهب‌» ج‌ ص‌ 24. وثانياً: ذكر البيت‌ الاوّل‌، والثاني‌، والخامس‌، والثالث‌، والسابع‌ عن‌ «أعيان‌ الشيعة‌» ج‌ 12، ص‌ 239، ونقل‌ بيتاً آخر -وهو الذي‌ جعله‌ البيت‌ السادس‌ في‌ الديوان‌- عن‌ ص‌ 136 من‌ «أعيان‌ الشيعة‌»، والبيت‌ هو:

 إذَا أَتَي‌ مَعْشَرَاً يَوْمَاً أَنَامَهَم‌ إنَامَةَ الرِّيحِ فِي‌ تَدْمِيرِهَا عَادَا

 أي‌ إذا جاء أبو الحسن‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ لقتال‌ جماعة‌ المشركين‌ في‌ يوم‌ من‌ الايّام‌، فإنّه‌ ينيمهم‌ علي‌ الارض‌ كما أنامت‌ الريح‌ قوم‌ عاد.

 إذن‌، جاءت‌ هذه‌ القصيدة‌ في‌ ديوان‌ الحميري‌ّ ذات‌ أحد عشر بيتاً. وروي‌ في‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1133 الابيات‌ السبعة‌ الاُولي‌ عن‌ الحميري‌ّ.

[7] - يقصد الحميري‌ّ من‌ «تيم‌ أخا صَلَف‌» طلحة‌ بن‌ عبيد الله‌ الذي‌ نكث‌ بيعة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وتحرّك‌ لحربه‌ في‌ واقعة‌ الجمل‌. وكذلك‌ تيم‌ اسم‌ قبيلة‌ عائشة‌. والمراد من‌ عدي‌ّ الجاحد حقّ الله‌ عبد الله‌ بن‌ عمر، وهو من‌ قبيلة‌ عدي‌، ومن‌ المتخلّفين‌ عن‌ موكب‌ المبايعين‌؛ والقصد من‌ بني‌ أسَدْ الزبير بن‌ العوّام‌ الذي‌ نكث‌ البيعة‌ أيضاً ودخل‌ في‌ قضيّة‌ الجمل‌؛ إذ إنّ الزبير من‌ بني‌ أسَدْ بن‌ العُزَّي‌ بن‌ قُصي‌ّ بن‌ كلاب‌ بن‌ مرّة‌بن‌ كعب‌بن‌ لؤي‌. وكذلك‌ كان‌ ولده‌ عبدالله‌ قد أدّي‌ دوراً كبيراً في‌ تأريث‌ نار الحرب‌. والمراد من‌ رهط‌ سعد، سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌. واسم‌ أبي‌ وقّاص‌ مالك‌ بن‌ أهيب‌ بن‌ عبدمناف‌ بن‌ زهرة‌. والمقصود من‌ بني‌ زهر بنو زهرة‌، قبيلة‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌. وكان‌ قد جاء في‌ كلام‌ معاوية‌ وهو يخاطب‌ سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌: يأبي‌ عليك‌ ذلك‌ (الخلافة‌) بنو عذرة‌. وقال‌ معاوية‌ هذا الكلام‌ لسعد وهو يسخر منه‌ ويضرط‌ له‌. وفيه‌ كناية‌ عن‌ القدح‌ في‌ نسبه‌؛ ذلك‌ أ نّه‌ أراد أن‌ يشعره‌ أ نّه‌ ليس‌من‌ قريش‌! وينبغي‌ أن‌ يكون‌ الخليفة‌ من‌ قريش‌! ونسبه‌ يرجع‌ إلي‌ بني‌ عذرة‌.

[8] - «سفينة‌ البحار» ج‌ 1، ص‌ 506. ولا يخفي‌ أنّ المرحوم‌ الميرزا عبد الله‌ أفندي‌ نقل‌ المطلب‌ المذكور في‌ «رياض‌ العلماء» عن‌ المرحوم‌ السيّد مرتضي‌ بن‌ الداعي‌ صاحب‌ كتاب‌ «تبصرة‌ العوامّ»، وهو أحد علماء الشيعة‌ الكبار. وتقصّينا في‌ المصادر المعيّنة‌ كـ «الاءصابة‌» و«الاستيعاب‌»، و«وفيّات‌ الاعيان‌» فلم‌ نجد صحابيّاً باسم‌ سعيدبن‌ مالك‌. إلاّ في‌ «تنقيح‌ المقال‌» إذ قال‌ المامقاني‌ّ في‌ ج‌ 2، ص‌ 10: إنّ اسم‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ سعد أو سعيدبن‌ مالك‌. وذكرت‌ سائر الكتب‌ أنّ اسم‌ أبي‌ سعيد هو سعد بن‌ مالك‌. وحينئذٍ لعلّ المراد من‌ سعيدبن‌ مالك‌ في‌ عبارة‌ «رياض‌ العلماء» هو أبو سعيد الخدري‌ّ. كما نصّ صاحب‌ «مروج‌ الذهب‌» علي‌ أنّ أبا سعيد الخدري‌ّ كان‌ أحد المتخلّفين‌ عن‌ البيعة‌. وعدّه‌ صاحب‌ «تنقيح‌ المقال‌» نقلاً عن‌ الشيخ‌ في‌ رجاله‌ من‌ أصحاب‌ النبي‌ّ تارة‌، ومن‌ أصحاب‌ أميرالمؤمنين‌ تارة‌ أُخري‌. وذهب‌ الشيخ‌ الكشّي‌ّ إلي‌ أ نّه‌ من‌ السابقين‌ الاوّلين‌ الذين‌ رجعوا إلي‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. وفي‌ حديث‌ الفضل‌ بن‌ شاذان‌ عدّه‌ الاءمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌ من‌ الذين‌ كانوا يعملون‌ علي‌ منهاج‌ النبي‌ّ ولم‌ يغيّروا ولم‌ يبدّلوا. ونقل‌ العلاّمة‌ عن‌ البرقي‌ّ أ نّه‌ كان‌ من‌ أصفياء أصحاب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. وقال‌ الاءمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: كان‌ من‌ أصحاب‌ رسول‌الله‌ وكان‌ مستقيماً- إلي‌ آخر الكلام‌.

[9] - ما بين‌ الهلالين‌ في‌ النسخة‌ البدل‌.

[10] - «مروج‌ الذهب‌» ج‌ 2، ص‌ 361 و 362، طبعة‌ مطبعة‌ السعادة‌.

[11] - «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 607.

[12] - «تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 2، ص‌ 12.

[13] - «مروج‌ الذهب‌» ج‌ 3 ص‌ 24 و 25. وهذه‌ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌.

[14]- «الطبقات‌ الكبري‌» لابن‌ سعد، ج‌ 3، ص‌ 143.

[15] - «الطبقات‌ الكبري‌» لابن‌ سعد، ج‌ 3، ص‌ 144.

[16] - «الاستيعاب‌» ج‌ 2،ص‌ 609 و 610.

[17] - «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 610.

[18] - نفسه‌ ج‌ 3، ص‌ 1120.

[19] - «تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 2، ص‌ 11، 12.

[20] - «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 608. ورواه‌ في‌ ص‌ 607 بقوله‌: اللهمّ سدّد سهمه‌، وأجب‌ دعوته‌.

[21] - الآية‌ 59، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[22] - الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 49: الحجرات‌.

[23] - نقل‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 4، ص‌ 90، طبعة‌ الكمباني‌ّ، عن‌ كتاب‌ «الاختصاص‌» للشيخ‌ المفيد، عن‌ ابن‌ عبّاس‌، قال‌: لمّا بُعث‌ محمّد صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ أمر أن‌ يكتب‌ إلي‌ أهل‌ الكتاب‌ يعني‌ اليهود والنصاري‌ كتاباً. وكان‌ كاتبه‌ يومئذ سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌، فكتب‌ إلي‌ يهود خيبر: بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌ من‌ محمّدبن‌ عبدالله‌ الاُمّي‌ّ رسول‌الله‌ إلي‌ يهود خيبر: أمّا بعد؛ فإنّ الارض‌ للّه‌ يورثها من‌ يشاء من‌ عباده‌ والعاقبة‌ للمتّقين‌ ولاحول‌ ولاقوّة‌ إلاّ بالله‌ العلي‌ّ العظيم‌ - الحديث‌.

[24] - روي‌ في‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 607 عن‌ الواقدي‌ّ، عن‌ سلمة‌، عن‌ عائشة‌ بنت‌ سعد، عن‌ سعد، قال‌: أسلمت‌ وأنا ابنُ تسع‌ عشرة‌ سنة‌. فإذا كان‌ إسلامه‌ في‌ أوّل‌ البعثة‌ إذ كان‌ عمر أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عشر سنوات‌، فهو يكبر الاءمام‌ بتسع‌ سنين‌. وروي‌ ابن‌ سعد في‌ طبقاته‌، ج‌ 3، ص‌ 148 و 149 عن‌ عائشة‌ بنت‌ سعد قالت‌: مات‌ أبي‌ في‌ قصره‌ بالعقيق‌ علي‌ عشرة‌ أميال‌ من‌ المدينة‌، فحمل‌ إلي‌ المدينة‌ علي‌ رقاب‌ الرجال‌. وصلّي‌ عليه‌ مروان‌بن‌ الحكم‌ وهو يومئذ والي‌ المدينة‌. وذلك‌ في‌ سنة‌ 55 ه وكان‌ يوم‌ مات‌ ابن‌ بضع‌ وسبعين‌ سنة‌. وفي‌ ضوء الرواية‌ السابقة‌ إذا كان‌ عمره‌ في‌ أوّل‌ البعثة‌ تسع‌ عشرة‌ سنة‌، فقد بلغ‌ السابعة‌ والثمانين‌ يوم‌ موته‌. وذكر في‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 610، عن‌ أبي‌ زُرعة‌، عن‌ أحمدبن‌ حنبل‌ أنّ سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌ مات‌ أيّام‌ معاوية‌ وهو ابن‌ ثلاث‌ وثمانين‌ سنة‌.

[25] - جاء في‌ «أقرب‌ الموارد» السُّخَّل‌ والسُخَّال‌ الضعفاء من‌ الرجال‌ الارذال‌. يقال‌: رجالٌ سُخَّل‌ وسُخَّال‌. قال‌ خالد: واحدهم‌ سَخْل‌. والسُّخْلُ أيضاً ما لم‌ يَتم‌ من‌ كلّ شي‌ء. أمّا ولد الشاة‌ فهو سَخْلَة‌ ] كيف‌ [ ما كان‌. وجمعه‌ سَخْل‌ وسِخال‌ وسُخْلان‌.

[26] - «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 635، طبعة‌ الكمباني‌ّ. ومضافاً إلي‌ ابن‌ بابويه‌، فإنّ ابن‌ قولويه‌ ذكرها أيضاً في‌ «كامل‌ الزيارات‌» ص‌ 74 وفيها اسم‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌، لكنّ الشيخ‌ المفيد ذكرها في‌ «الاءرشاد» بلفظ‌: قام‌ إليه‌ رجل‌. وفيما يأتي‌ كلامه‌:... خطب‌ علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ فقال‌ في‌ خطبته‌: سلوني‌ قبل‌ أن‌ تفقدوني‌! فو الله‌ لا تسألوني‌ عن‌ فئة‌ تضلّ مائةً وتهدي‌ مائة‌ إلاّ نبّأتكم‌ بناعقها وسائقها إلي‌ يوم‌ القيامة‌. فقام‌ إليه‌ رجل‌ فقال‌: أخبرني‌ كم‌ في‌ رأسي‌ ولحيتي‌ من‌ طاقة‌ شعر ؟ فقال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: والله‌ لقد حدّثني‌ خليلي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بما سألت‌ عنه‌ وإنّ علي‌ كلّ طاقة‌ شعر في‌ رأسك‌ مَلَكاً يلعنك‌ وعلي‌ كلّ طاقة‌ شعر من‌ لحيتك‌ شيطان‌ يستفزّك‌ وإنّ في‌ بيتك‌ لسخلاً يقتل‌ ابن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ وآية‌ ذلك‌ مصداق‌ ما أخبرتك‌ به‌ ولولا أنّ الذي‌ سألت‌ عنه‌ يعسر برهانه‌ لاخبرتك‌ به‌ ولكن‌ آية‌ ذلك‌ ما نبأت‌ به‌ من‌ لعنتك‌ وسخلك‌ الملعون‌. وكان‌ ابنه‌ في‌ ذلك‌ الوقت‌ صبيّاً صغيراً يحبو. فلمّا كان‌ من‌ أمر الحسين‌ عليه‌ السلام‌ ما كان‌، تولّي‌ قتله‌ وكان‌ الامر كما قال‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. «الاءرشاد» ص‌ 182 و 183، الطبعة‌ الحجريّة‌. ونقل‌ ابن‌ شهرآشوب‌ هذه‌ القضيّة‌ برمّتها في‌ مناقبه‌ ج‌ 1، ص‌ 427 عن‌ فضيل‌بن‌ الزبير، عن‌ أبي‌ الحكيم‌، عن‌ مشايخه‌.

[27] - يقول‌: «من‌ فرّ من‌ ضرائب‌ الملك‌، فإنّ غول‌ الصحراء يجعل‌ منه‌ حمّالاً».

[28] - جاء في‌ «مقاتل‌ الطالبيّين‌» ج‌ 1، ص‌ 51 و 52 طبعة‌ دار المعرفة‌ بلبنان‌، ضمن‌ خطبة‌ الاءمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عليه‌ السلام‌ بعد استشهاد أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: وما خلف‌ صفراء ولا بيضاء إلاّ سبعمائة‌ درهم‌ بقيت‌ من‌ عطائه‌ أراد أن‌ يبتاع‌ بها خادماً لاهله‌. وورد هذا المطلب‌ أيضاً في‌ «الطبقات‌» لابن‌ سعد، ج‌ 3، ص‌ 38؛ وكذلك‌ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 15، ص‌ 172.

[29] - «مقاتل‌ الطالبيّن‌» ج‌ 1، ص‌ 50.

[30] - «مقاتل‌ الطالبيّين‌» ج‌ 1، ص‌ 73. وقال‌ في‌ سند آخر أيضاً: توفّي‌ الحسن‌بن‌ علي‌ّ وسعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌ في‌ أيّام‌ بعدما مضي‌ من‌ إمارة‌ معاوية‌ عشر سنين‌ وكانوا يرون‌ أ نّه‌ سقاهما سمّاً. وورد ذلك‌ في‌ تعليقة‌ لابن‌ أبي‌ الحديد.

[31] - عامر، ومصعب‌، وإبراهيم‌، وعمر. وبنته‌ عائشة‌ كانت‌ من‌ الرواة‌.

[32] - وردت‌ رواية‌ بسند متّصل‌ عن‌ الحارث‌ بن‌ ثعلبة‌ في‌ «الامالي‌» للمفيد، ص‌ 55 إلي‌ 58، في‌ المجلس‌ السابع‌، طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌. وملخّصها: قدم‌ رجلان‌ يريدان‌ مكّة‌ والمدينة‌ في‌ الهلال‌ أو قبل‌ الهلال‌، فوجدا الناس‌ ناهضين‌ إلي‌ الحجّ. قالا: فخرجنا معهم‌ فإذا نحن‌ بركب‌ فيهم‌ رجل‌ كأ نّه‌ أميرهم‌. فانتبذ منهم‌ فقال‌ ] لنا [: كونا عراقيّين‌؟! قلنا: نحن‌ عراقيّان‌! قال‌: كونا كوفيّين‌؟! قلنا: نحن‌ كوفيّان‌! قال‌: ممّن‌ أنتما؟ قلنا: من‌ بني‌ كنانة‌. قال‌: من‌ أي‌ّ كنانة‌؟ قلنا: من‌ بني‌ مالك‌ بن‌ كنانة‌. قال‌: رحب‌ علي‌ رحب‌ وقرب‌ علي‌ قرب‌! أُنشد كما بكلّ كتاب‌ منزل‌ ونبي‌ّ مرسل‌، أسمعتما علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ يسبُّني‌ أو يقول‌: إنّه‌ معادي‌ أو مقاتلي‌؟! قلنا: من‌ أنتَ؟ قال‌: أنا سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌. قلنا: لا. قال‌: أسمعتماه‌ يضنّ باسمي‌ ] ويذكرني‌ بسوء [ ؟ قالا: ] قلنا [: لا. قال‌: الله‌ أكبر؛ الله‌ أكبر قد ضللت‌ إذاً... بعد أربع‌ سمعتهنّ من‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ فيه‌ لان‌ تكون‌ لي‌ واحدة‌ منهنّ أحبّ إلي‌ّ من‌ الدنيا وما فيها أُعمرّ فيها عمر نوح‌. ثمّ ذكر سعد هذه‌ الاربع‌ ومنها: أما ترضي‌ أن‌ تكون‌ منّي‌ بمنزلة‌ هارون‌ من‌ موسي‌ إلاّ أ نّه‌ لا نبي‌ّ بعدي‌ - الحديث‌. (وورد هذا الحديث‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 435، طبعة‌ الكمباني‌ّ، ومن‌ الطبعة‌ الحديثة‌ ج‌ 40، ص‌ 39 إلي‌ 41؛ كذلك‌ ورد في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 129، الحديث‌ 12 ).

[33] - «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1117.

[34] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ ص‌ 953.

[35] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ ص‌ 953.

[36] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ ص‌ 953.

[37] - «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 953. ووردت‌ في‌ «تاريخ‌ دمشق‌»، الجزء الخاصّ بترجمة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، الجزء الثالث‌ في‌ التعليقة‌ ص‌ 173 و 174 روايات‌ كثيرة‌ عن‌ مصادر مختلفة‌ في‌ تأسّف‌ عبد الله‌ بن‌ عمر علي‌ قعوده‌ عن‌ القتال‌ وعدم‌ نصرة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.

[38] - ذكر في‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 3 ص‌ 952 و 953 قائلاً: قال‌ أبو عمر: مات‌ عبدالله‌بن‌ عمر بمكّة‌ سنة‌ 73. وكان‌ الحجّاج‌ قد أمر رجلاً فسمّ زُجَّ رمحه‌ وزحمه‌ في‌ الطريق‌، ووضع‌ الزجّ في‌ ظهر قدمه‌. وذلك‌ أنّ الحجّاج‌ خطب‌ يوماً وأخّر الصلاة‌ فقال‌ ابن‌ عمر: إنّ الشمس‌ لاتنتظرك‌! فقال‌ له‌ الحجّاج‌: لقد هممتُ أن‌ أضرب‌ الذي‌ فيه‌ عيناك‌! قال‌: إن‌ تفعل‌ فإنّك‌ سفيه‌ مسلّط‌! وقيل‌: إنّه‌ أخفي‌ قوله‌ ذلك‌ عن‌ الحجّاج‌ ولم‌ يسمعه‌. وكان‌ يتقدّم‌ في‌ المواقف‌ بعرفة‌ وغيرها إلي‌ المواضع‌ التي‌ كان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ وقف‌ بها. فكان‌ ذلك‌ يعزّ علي‌ الحجّاج‌، فأمر الحجّاج‌ رجلاً معه‌ حَربة‌ يقال‌: إنّها كانت‌ مسمومة‌. فلمّا دفع‌ الناس‌ من‌ عرفة‌، لصق‌ به‌ ذلك‌ الرجل‌ فأمَرَّ الحربة‌ علي‌ قدمه‌ وهي‌ في‌ غرز راحلته‌ فمرض‌ منها أيّاماً. فدخل‌ عليه‌ الحجّاج‌ يعوده‌، فقال‌ له‌: من‌ فعل‌ بك‌ يا أبا عبدالرحمن‌؟ فقال‌: وما تصنع‌ به‌؟! قال‌: قتلني‌ الله‌ إن‌ لم‌ أقتله‌! قال‌: ما أراك‌ فاعلاً! أنتَ الذي‌ أمرت‌ الذي‌ نخسني‌ بالحربة‌. فقال‌: لاتفعل‌ يا أبا عبدالرحمن‌! وخرج‌ عنه‌. ونقل‌ في‌ «سفينة‌ البحار» في‌ مادّة‌ عَبَدَ عن‌ «گلزار قدس‌» (= روضة‌ القدس‌) للمحقّق‌ الكاشاني‌ّ قال‌: لمّا دخل‌ الحجّاج‌ مكّة‌ وصلب‌ ابن‌ الزبير، راح‌ عبدالله‌بن‌ عمر إليه‌، وقال‌: مدّ يدك‌ لاُبايعك‌ لعبدالملك‌. قال‌ رسول‌الله‌: من‌ مات‌ ولم‌ يعرف‌ إمام‌ زمانه‌ مات‌ ميتة‌ جاهليّة‌. فأخرج‌ الحجّاج‌ رجله‌ وقال‌: خذ رجلي‌ فإنّ يدي‌ مشغولة‌. فقال‌ ابن‌ عمر: أتستهزي‌ مني‌ّ؟ قال‌ الحجّاج‌: يا أحمق‌ بني‌ عَدي‌ّ! ما بايعتَ عليّاً وتقول‌ اليوم‌: من‌ مات‌ ولم‌ يعرف‌ إمام‌ زمانه‌ مات‌ ميتة‌ جاهليّة‌! أَوَ ما كان‌ علي‌ّ إمام‌ زمانك‌؟ والله‌ ما جئتَ إلي‌ّ لقول‌ رسـول‌ الله‌! بل‌ جئت‌ مخافة‌ تلك‌ الشجرة‌ التي‌ صلب‌ عليهاابن‌ الزبير.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com