بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الله/ المجلد الثانی/ القسم السابع: تائیة ابن الفارض، عرفان الإنسان الکامل، الآیات الواردة فی نفی التثلیث

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

تائيّة‌ ابن‌ الفارض‌ المصري‌ّ في‌ حال‌ الفناء التامّ للسالك‌

 و الابيات‌ التالية‌ للعارف‌ القدير: أبي‌ حفص‌ بن‌ أبي‌ الحسن‌ بن‌ المرشد الحموي‌ّ المعروف‌ بابن‌ الفارض‌ المصري‌ّ، في‌ هذا الخصوص‌، تنعش‌قلب‌ كلّ قاري‌ وتبعث‌ النشاط‌ في‌ روحه‌ لما تحويه‌ من‌ حقائق‌ عرفانيّة‌ جليلة‌، حيث‌ يقول‌:

 وَإسْرَاءُ سِـرِّي‌ عَنْ خُصُـوصِ حَقِيقَةٍ              إلی‌َّكَـسَـيْـرِي‌ فِي‌ عُـمُـومِ الشَّـرِيعَةِ

 وَلَمْ أَلْهُ بِاللاَهُوتِ عَنْ حُكْمِ مَظْهَرِي‌                وَلَمْ أَنْـسَ بِالنَّاسُـوتِ مَظْهَرَ حِكْمَتِي‌

 فَعَنِّي‌ عَلَـي‌ النَّفْـسِ العُقُـودُ تَحَكَّمَتْ              وَمِنِّي‌ عَلَی‌ الحِـسِّ الحُـدُودُ أُقِيمَتِ [1]

 وَقَدْ جَـاءَنِـي‌ مِـنِّـي‌ رَسُـولٌ عَلَیْـهِ مَا                      عَنِتُّ عَزِيزٌ بِي‌ حَرِيـصٌ لِرَأْفَةِ [2]

 فَحُكْمِـي‌َ مِـنْ نَفْـسِـي‌ عَلَیْهَـا قَضـيَّةٌ                       وَلَـمَّـا تَـوَلَّـتْ أَمْــرَهَـا مَـا تَـوَلَّـتِ [3]

 وَمِنْ عَهْدِ عَهْدِي‌ قَبْلَ عَصْرِ عَنَاصِرِي‌               إلَـي‌ دَارِ بَـعْـثٍ قَـبْـلَ إنْـذَارِ بَعْـثَـةِ [4]

 إلَـي‌َّ رَسُـولاً كُـنْـتُ مِـنِّـي‌ مُـرْسَــلاً                      وَذَاتِـي‌بِـآيَـاتِـي‌ عَـلَـي‌َّ اسْـتَـدَلَّـتِ

 وَلَمَّا نَقَلْتُ النَّفْـسَ مِـنْ مِلْكِ أَرْضِـهَا             بِحُكْـمِ الشِّـرَي‌ مِنْهَـا إلی‌ مُلْـكِ جَنَّةِ

 وَقَدْ جَاهَدَتْ وَاسْتَشْهَدَتْ فِي‌ سَبِيلِهَا               وَفَازَتْ بِبُشْـرَي‌ بَيْعِهَـا حِـيـنَ أَوْفَتِ

 سَمَتْ بِي‌ لِجَمْعِي‌ عَنْ خُلُودِ سَـمَائِهَا               وَلَمْ أَرْضَ إخْـلاَدِي‌ لاِرْضِ خَلِيفَتِي‌ [5]

 وَلاَ فَـلَــكٌ إلاَّ وَمِــنْ نُـورِ بَـاطِـنِـي‌                      بِهِ مَلَـكٌ يُهْـدِي‌ الهُـدَي‌ بِمَـشِـيئَتِي‌ [6]

 وَلاَ قُطْـرَ إلاَّ حَـلَّ مِنْ فَيْـضِ ظَاهِرِي             ‌ بِهِ قَـطْـرَةٌ عَنْهَـا السَّـحَـائِبُ سَـحَّتِ

 وَمِنْ مَطْلَعِـي‌ النُّـورُ البَـسِـيطُ كَلَمْعَةٍ             وَمِنْ مَشْـرَعِي‌ البَحْرُ المُحِيطُ كَقَطْرَةِ [7]

 فَكُـلِّـي‌ لِـكُـلِّــي‌ طَـالِـبٌ مُـتَـوَجِّـهٌ                      وَبَعْضِـي‌ لِبَعْـضِـي‌ جَـاذِبٌ بِالاَعِنَّـةِ [8]

 وَمَنْ كَانَ فَـوْقَ التَّحْتِ وَالفَوْقُ تَحْتَهُ              إلی‌ وَجْهِـهِ الهَادِي‌ عَنَـتْ كُلُّ وِجْهَةِ [9]

 فَتَحْتُ الثَّـرَي‌ فَـوْقَ الاَثِيـرِ لِرَتْـقِ مَا             فَتَقْـتُ وَفَـتْـقُ الرَّتْـقِ ظَاهِـرُ سُـنَّتِي‌ [10]

 وَلاَ شُـبْـهَـةٌ وَالجَـمْـعُ عَـيْـنُ تَيَـقُّـنٍ                      وَلاَ جِـهَـةٌ وَالاَيْـنُ بَـيْـنَ تَـشَـتُّـتِـي‌ [11]

 وَلاَ عِـدَّةٌ وَالـعَــدُّ كَالـحَــدِّ قَـاطِــعٌ                     وَلاَ مُـدَّةٌ وَالـحَــدُّ شِــرْكُ مُـوَقِّـتِ [12]

 وَلاَ نِدَّ فِي‌ الدَّارَيْـنِ يَقْضِي‌ بِنَقْضِ مَا               بَنَيْتُ وَيَمْضِـي‌ أَمْـرُهُ حُكْـمَ إمْـرَتِي‌ [13]

 وَلاَ ضِدَّ فِي‌ الكَوْنَيْنِ وَالخَلْقُ مَا تَرَي               ‌ بِهِمْ لِلتَّسَـاوِي‌ مِـنْ تَفَـاوُتِ خِلْقَتِـي‌ [14]

 وَمِـنِّـي‌ بَـدَا لِـي‌ مَـا عَلَـي‌َّ لَـبَـسْـتُـهُ                      وَعَـنِّـي‌ البَـوَادِي‌ بِـي‌ إلَـي‌َّ أُعِيـدَتِ [15]

 وَفِي‌َّ شَـهِدْتُ السَّـاجِدِينَ لِمَظْهَـرِي‌              فَحَقَّقْـتُ أَ نِّـي‌ كُنْتُ آدَمَ سَـجْدَتِـي‌ [16]

 وَعـايَنْـتُ رُوحَـانِيَّـةَ الاَرَضِـيـنَ فِي‌                        مَـلاَئِـكِ عِلِّيِّيـنَ أَكْفَـاءَ سَـجْـدَتِـي‌[17]

 الرجوع الي الفهرس

ثمرات‌ توضيح‌ ابن‌ الفارض‌ لكيفيّة‌ رؤية‌ الله‌ وعرفان‌ الاءنسان‌ الكامل‌

 وعموماً، فإنّ هذه‌ الابيات‌ هي‌ خلاصة‌ ما نظمه‌ الشاعر وهو يخوض‌ غمار السلوك‌ إلي‌ الله‌، وهو يشرح‌ كذلك‌ بعضاً من‌ مقامات‌ العارفين‌ الفانين‌ في‌ ذات‌ الله‌ والباقين‌ ببقائه‌. وباختصار، يمكن‌ القول‌ إنّ كلّ ما كتبه‌ يمكن‌ أن‌ يلخّص‌ في‌ بيت‌ واحد له‌:

 فَلَمْ تَهْـوَنِـي‌ مَـا لَـمْ تَـكُـنْ فِي‌َّ فَـانِياً                       وَلَمْ تَفْنَ مَا لاَ تُجْتَلَي‌ [18] فيكَ صـورَتي‌ [19]

 ومن‌ جملة‌ الادعية‌ المقروءة‌ في‌ شهر رجب‌ المرجّب‌ ( والذي‌ نحن‌ فيه‌ ) دعاء رواه‌ الشيخ‌ الطوسي‌ قدّس‌ سرّه‌:

 يَا مَنْ سَمَا فِي‌ العِزِّ فَفَاتَ خَوَاطِرَ ] نَوَاظِرَ ـ خ‌ ل‌ [ الاَبْصَارِ ؛ وَدَنَا فِي‌ اللُطْفِ فَجَازَ هَوَاجِسَ الاَفْكَارِ. يَا مَنْ تَوَحَّدَ بِالمُلْكِ فَلاَ نِدَّ لَهُ فِي‌ مَلَكُوتِ سُلْطَانِهِ، وَتَفَرَّدَ بِالآلاَءِ وَالكِبْرِيَاءِ فَلاَ ضِدَّ لَهُ فِي‌ جَبَرُوتِ شَأْنِهِ.

 يَا مَنْ حَارَتْ فِي‌ كِبْرِيَاءِ هَيْبَتِهِ دَقَائِقُ لَطَائِفِ الاَوْهَامِ، وَانْحَسَرَتْ دُونَ إدْرَاكِ عَظَمَتِهِ خَطَائِفُ أَبْصَارِ الاَنَامِ.

 يَا مَنْ عَنَتِ الوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ، وَخَضَعَتِ الرِّقَابُ لِعَظَمَتِهِ، وَوَجِلَتِ القُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ. [20]

 يَقُولُونَ لِي‌ صِفْهَا فَأَنْتَ بِوَصْفِهَا                      خَبِيرٌ أَجَلْ عِنْدِي‌ بِأَوْصَافِهَا عِلْمُ

 صَفَاءٌ وَلاَ مَاءٌ وَلُطْفٌ وَلاَ هَوا                                    وَنُورٌ وَلاَ نَارٌ وَرُوحٌ وَلاَ جِسْمُ

 تَقَدَّمَ كُلَّ الكَائِنَاتِ حَدِيثُهَا                           قَدِيماً وَلاَ شَكْلٌ هُنَاكَ وَلاَ رَسْمُ

 وَقَامَتْ بِهَا الاَشْيَاءُ ثَمَّ لِحِكْمَةٍ                        بِهَا احْتَجَبَتْ عَنْ كُلِّ مَنْ لاَ لَهُ فَهْمُ

 وَهَامَتْ بِهَا رُوحِي‌ بِحَيْثُ تَمَازَجَا اتِّـ               ـحَاداً وَلاَ جِرْمٌ تَخَلَّلَهُ جِرْمُ

 فَخَمْرٌ وَلاَ كَرْمٌ وَآدَمُ لِي‌ أَبٌ             وَكَرْمٌ وَلاَ خَمْرٌ وَلِي‌ أُمُّهَا أُمُّ

 وَلُطْفُ الاَوَانِي‌ فِي‌ الحَقِيقَةِ تَابِعٌ                     لِلُطْفِ المَعَانِي‌ وَالمَعَانِي‌ بِهَا تَنْمُو

 إلي‌ أن‌ قال‌ في‌ آخره‌:

 فَلاَ عَيْشَ فِي‌ الدُّنْيَا لِمَنْ عَاشَ صَاحِياً              وَمَنْ لَمْ يَمُـتْ سُـكْراً بِهَا فَاتَهُ الحَـزْمُ

 عَلَی‌ نَفْـسِـهِ فَلْيَبْـكِ مَنْ ضَـاعَ عُمْـرُه                       ُ وَلَـيْـسَ لَهُ فِـيـهَـا نَصِـيـبٌ وَلاَ سَهْمُ [21]

 الرجوع الي الفهرس

البحثان‌ التاسع‌ عشر والعشرون‌:

إنّ منطق‌ القرآن‌ هو جعل‌ أي‌ّ نوع‌ من‌ الوجود وآثار الوجود مقتصراً علی‌ الله‌

 

أَعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمَ

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحيم‌

وَصَلَّي‌ اللَهُ عَلَی‌ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ

وَلَعْنَةُ اللَهِ عَلَی‌ أعْدَائِهِمْ أجْمَعينَ مِنَ الآنَ إلی‌ قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلي‌ِّ العَظِيمِ

حول‌ آية‌: وَهُوَ الَّذِي‌ فِي‌ السَّمَآءِ إِلَـ'هٌ وَفِي‌ الاْرْضِ إِلَـ'هٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ

 قَالَ اللَهُ الحَكِيمُ فِي‌ كِتَابِهِ الكَرِيمِ:

 وَهُوَ الَّذِي‌ فِي‌ السَّمَآءِ إِلَـ'هٌ وَفِي‌ الاْرْضِ إِلَـ'هٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ.

 ( الآية‌ 84، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌ )

 ينفي‌ القرآن‌ الكريم‌ أيّ نوع‌ من‌ أنواع‌ الذات‌ والاثر الوجوديّين‌ من‌ أيّ موجود بتمام‌ أنحائه‌ وأقسامه‌ ؛ ويحصر صفة‌ الوجود الملازمة‌ للوحدة‌ والوجوب‌ وجميع‌ الآثار والاطوار الوجوديّة‌ في‌ الذات‌ المقدّسة‌ للباري‌ تعالي‌ شأنه‌ العزيز ويجعلها مقتصرة‌ علیه‌.

 وتعني‌ كلمة‌ الاءله‌ المعبود والمألوه‌ ؛ أي‌ الشي‌ء الذي‌ يُعبد والذي‌ تأله‌ إليه‌ أرواح‌ الموجودات‌ وتعشقه‌ وتسلك‌ الطريق‌ المؤدّية‌ إليه‌. بمعني‌ أ نّه‌ هو المعبود والمقصود من‌ عالم‌ الخلق‌ كلّه‌ الذي‌ بدأه‌ ويدعوه‌ إليه‌، وعلی‌ هذا يكون‌ مرجعه‌ وعوده‌ إليه‌ كذلك‌.

 إنّ عالم‌ الوجود لايملك‌ في‌ ذاته‌ مثقال‌ ذرّة‌ من‌ الكينونة‌ والوجود المستقلّ، سواء في‌ الذات‌ أم‌ في‌ الصفات‌ أو الافعال‌. ولا يمكن‌ للخلق‌ أن‌ يعني‌ إيجاد الوجود والاستقلال‌ في‌ العمل‌ والصفة‌ وذات‌ الوجود ؛ وإلاّ فسيكون‌ معني‌ هذه‌ الولادة‌، أي‌ أن‌ يُخرج‌ الله‌ شيئاً منه‌، لكنّنا نري‌ أنّ الآية‌ الشريفة‌ لَمْ يَلِدْ ترفع‌ هذه‌ الصفة‌ عنه‌ كلّيّاً.

 وذلك‌ لا نّنا نعلم‌ أنّ: مفاد الآية‌ والمراد من‌ لَمْ يَلِدْ ليس‌ بمعني‌ الولادة‌ بالمعني‌ المتعارف‌ لدينا، أي‌ أن‌ نفرض‌ والعياذ بالله‌ لله‌ بطناً، وأنّ الموجودات‌ تنمو وتترعرع‌ في‌ داخله‌ ثمّ يدفع‌ الله‌ بها إلي‌ الخارج‌ ؛ بل‌ إنّ ما هو محقّق‌ وثابت‌ ويمكن‌ اعتباره‌ برهاناً مسلّماً به‌ أنّ هذه‌ الالفاظ‌ إنّما وُضعت‌ للمعني‌ العامّ ولا تخصّ المصاديق‌ الخارجيّة‌ المتعارفة‌.

 وعلی‌ هذا، يكون‌ معني‌ الآية‌ لَمْ يَلِدْ أنّ الله‌ سبحانه‌ لم‌ يخلق‌ الموجودات‌ علی‌ نحو التولُّد والاءيلاد والاستيلاد ؛ بل‌ إنّ الموجود الذي‌ يريده‌ ويشاء له‌ أن‌ يكون‌ سيكون‌ بمجرّد تحقّق‌ إرادته‌ ومشيئته‌ القاهرة‌ في‌ الخارج‌، بحيث‌ تكون‌ معه‌ في‌ جميع‌ مراحل‌ الوجود من‌ ذات‌ الله‌ وصفته‌ واسمه‌ وفعله‌، ولا انفكاك‌ ولا انفصام‌ بينها وبين‌ ذلك‌ الموجود المخلوق‌ من‌ البداية‌ وحتّي‌ النهاية‌. ولا يمكن‌ أن‌ يكون‌ لهذا معني‌ ومفهوم‌ غير معني‌ التجلّي‌ ومفهوم‌ الظهور.

 ولا يمكن‌ أن‌ يكون‌ خلق‌ الاشياء، سواء أكانت‌ الاشياء الخارجيّة‌ المادّيّة‌ الطبيعيّة‌، أم‌ الموجودات‌ المثاليّة‌ المشكّلة‌ والمصوّرة‌ بصور غير مادّيّة‌، أم‌ الموجودات‌ العقليّة‌، وفوق‌ كلّ هذا الحجاب‌ الاعظم‌ والاقرب‌ نفسه‌، إلاّ التجلّي‌ والظهور.

 إنّ الله‌ واحد وأحد قُلْ هُوَ اللَهَ أَحَد. وفي‌ هذه‌ الحال‌، تكون‌ الاشياء والخلائق‌ من‌ الملائكة‌ المقرّبين‌ والارواح‌ الملكوتيّة‌ والنفوس‌ الاءنسانيّة‌ والاجنّة‌ ونفوس‌ النباتات‌ والجماد، وبصورة‌ كلّيّة‌ كلّ عالم‌ الخلق‌، يعني‌ الظهور والتجلّي‌ في‌ القوالب‌ المادّيّة‌ والروحانيّة‌ المختلفة‌ ؛ فالعالم‌ كلّه‌ هو مرآة‌ وآية‌. فإذا تجلّي‌ سبحانه‌ « و هو المبدأ الاوّل‌ » فيها، فإنّه‌ سينعكس‌ من‌ خلالها كلاّ حسب‌ سعته‌ وقابليّته‌.

 وعلی‌ هذا، فإذا افترضنا وجود أي‌ّ أثر في‌ أي‌ّ موجود من‌ الموجودات‌ منفصلاً عن‌ وجود الحقّ تعالي‌ وأثره‌ وفعله‌ ووصفه‌، فإنّنا بذلك‌ سنعتبر الله‌ الوالد، وذلك‌ الموجود مولوده‌ وبنفس‌ المقدار، في‌ حين‌ تنفي‌ الآية‌ الشريفة‌ لَمْ يَلِدْ ذلك‌ تماماً.

 وقد قال‌ الله‌ سبحانه‌ في‌ الآيات‌ الثلاث‌ التي‌ تسبق‌ هذه‌ الآية‌ موضوعة‌ البحث‌:

 قُلْ إِن‌ كَانَ لِلرَّحْمَـ'نِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَـ'بِدِينَ.

 ثمّ يقول‌:

 سُبْحَـ'نَ رَبِّ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ.

 وقال‌ سبحانه‌ بعد ذلك‌:

 فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّي‌' يُلَـ'قُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي‌ يُوعَدُونَ.

 ثمّ يقول‌ تعالي‌ بعد تلك‌ الآية‌:

 وَتَبَارَكَ الَّذِي‌ لَهُ و مُلْكُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ و عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

 وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن‌ دُونِهِ الشَّفَـ'عَةَ إِلاَّ مَن‌ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.

 فكما لاحظنا في‌ الآيات‌ الشريفة‌ المذكورة‌ أ نّها تعتبر أصل‌ الوجود والصفات‌ وآثار الوجود سواء من‌ الناحية‌ التكوينيّة‌ أم‌ التشريعيّة‌ مختصّة‌ بالله‌ جلّ وعلا ؛ وتعدّ عالم‌ الكون‌ والوجود كلّه‌ فيضاً لوجوده‌ المقدّس‌.

 وعلی‌ هذا الاساس‌ فإنّ أيّة‌ فكرة‌ أو فلسفة‌ أو مذهب‌ أو مدرسة‌ تحمل‌ في‌ طيّاتها معني‌ يستشفّ منه‌ اعتقاد يُشرك‌ غير الله‌ في‌ الاُمور أو المسائل‌ الاءلهيّة‌ فهو مرفوض‌ ؛ سواء في‌ مذهب‌ التثليث‌، أم‌ مذهب‌ الثنويّة‌، أو جميع‌ أنواع‌ وأقسام‌ الشرك‌ في‌ الخلقة‌ والعبادة‌ ( الشرك‌ في‌ الذات‌ والصفات‌ والافعال‌ ) والطاعة‌ والعبوديّة‌ والتضرّع‌ والخضوع‌، فإنّ كلّ ذلك‌ مرفوض‌ ومنبوذ، وهو مدان‌ من‌ منظار هذا الكتاب‌ المُنزل‌، القرآن‌ الكريم‌.

 وفي‌ معرض‌ ردّه‌ علی‌ العقيدة‌ المسيحيّة‌ القائلة‌ بوجود ثلاثة‌ مبادي‌ قديمة‌ أو أُصول‌ وهي‌ الاقانيم‌ الثلاثة‌، يقول‌ القرآن‌ الكريم‌ في‌ سورة‌ المائدة‌ بعد رفضه‌ لمعتقدات‌ اليهود والنصاري‌ وعدم‌ اتّباعهم‌ تعاليم‌ التوراة‌ والاءنجيل‌ وانقيادهم‌ وراء الاهواء والوساوس‌ النفسانيّة‌:

 لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُو´ا إِنَّ اللَهَ ثَالِثُ ثَلَـ'ثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـ'هٍ إِلاَّ´ إِلَـ'هٌ وَ حِدٌ وَإِن‌ لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

 أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَي‌ اللَهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ و وَاللَهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.

 مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن‌ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ و صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الاْيَـ'تِ ثُمَّ انظُرْ أَ نَّي‌' يُؤْفَكُونَ.

 قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن‌ دُونِ اللَهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللَهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

 قُلْ يَـ'´أَهْلَ الْكِتَـ'بِ لاَ تَغْلُوا فِي‌ دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُو´ا أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن‌ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن‌ سَوَآءِ السَّبِيلِ.

 لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن‌ بَنِي‌´ إِسْرَ ءِيلَ عَلَی‌' لِسَانِ دَاوُ و دَ وَعِيسَي‌ ابْنِ مَرْيَمَ ذَ لِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ.

 كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن‌ مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ. [22]

 الرجوع الي الفهرس

تفسير العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ للآيات‌ الواردة‌ في‌ نفي‌ التثليث‌

 قال‌ سماحة‌ آية‌ الله‌ العلاّمة‌ وأُستاذنا العزيز الطباطبائي‌ّ تغمّده‌ الله‌ برضوانه‌ وبحبوحة‌ جنانه‌ ورحمته‌ في‌ تفسير الآية‌ الشريفة‌:

 لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُو´ا إِنَّ اللَهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ:

 وهذا كالبيان‌ لكون‌ النصاري‌ لم‌ تنفعهم‌ النصرانيّة‌ والانتساب‌ إلي‌ المسيح‌ علیه‌ السلام‌ عن‌ تعلّق‌ الكفر بهم‌ إذ أشركوا بالله‌ ولم‌ يؤمنوا به‌ حقّ إيمانه‌ حيث‌ قالوا: إنّ الله‌ هو المسيح‌ ابن‌ مريم‌.

 والنصاري‌ وإن‌ اختلفوا في‌ كيفيّة‌ اشتمال‌ المسيح‌ ابن‌ مريم‌ علی‌ جوهرة‌ الاُلوهيّة‌ بين‌ قائل‌ باشتقاق‌ أُقنوم‌ المسيح‌ وهو العلم‌ من‌ أُقنوم‌ الربّ تعالي‌ وهو الحياة‌، وذلك‌ الاُبوّة‌ والبنوّة‌، وقائل‌ بأ نّه‌ تعالي‌ صار هو المسيح‌ علی‌ نحو الانقلاب‌، وقائل‌ بأ نّه‌ حلّ فيه‌ كما تقدّم‌ بيان‌ ذلك‌ تفصيلاً في‌ الكلام‌ علی‌ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ علیهما السلام‌ في‌ تفسير سورة‌ آل‌ عمران‌ في‌ الجزء الثالث‌ من‌ الكتاب‌.

 لكنّ الاقوال‌ الثلاثة‌ جميعاً تقبل‌ الانطباق‌ علی‌ هذه‌ الكلمة‌: إِنَّ اللَهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، فالظاهر أنّ المراد بالذين‌ تفوّهوا بهذه‌ الكلمة‌ جميع‌ النصاري‌ الغالين‌ في‌ المسيح‌ علیه‌ السلام‌ لا خصوص‌ القائلين‌ منهم‌ بالانقلاب‌.

 وتوصيف‌ المسيح‌ بابن‌ مريم‌ لايخلو من‌ دلالة‌ أو إشعار بسبب‌ كفرهم‌ وهو نسبة‌ الاُلوهيّة‌ إلي‌ إنسان‌ ابن‌ إنسان‌ مخلوقين‌ من‌ تراب‌، وَأَيْنَ التُّرَابُ وَرَبُّ الاَرْبَابِ ؟

 وقال‌ في‌ تفسير الآية‌ الشريفة‌: وَقَالَ الْمَسِيحُ يَـ'بَنِي‌´ إِسْرَ ءِيلَ اعْبُدُوا اللَهَ رَبِّي‌ وَرَبَّكُمْ إلي‌ آخر الآية‌:

 احتجاج‌ علی‌ كفرهم‌ وبطلان‌ قولهم‌ بقول‌ المسيح‌ علیه‌ السلام‌ نفسه‌ ؛ فإنّ قوله‌: اعْبُدُوا اللَهَ رَبِّي‌ وَرَبَّكُمْ، يدلّ علی‌ أ نّه‌ عبد مربوب‌ مثلهم‌، وقوله‌: إِنَّهُ و مَن‌ يُشْرِكْ بِاللَهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ، يدلّ علی‌ أنّ من‌ يجعل‌ للّه‌ شريكاً في‌ أُلوهيّته‌ فهو مشرك‌ كافر مُحرّم‌ علیه‌ الجنّة‌.

 وفي‌ قوله‌ تعالي‌ حكاية‌ عنه‌ علیه‌ السلام‌: فَقَدْ حَرَّمَ اللَهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَي'هُ النَّارُ وَمَا لِلظَّـ'لِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ، عناية‌ بإبطال‌ ما ينسبونه‌ إلي‌ المسيح‌ من‌ حديث‌ التفدية‌، وباختياره‌ علیه‌ السلام‌ الصلب‌ فدي‌ بنفسه‌ عنهم‌ فهم‌ مغفور لهم‌ مرفوع‌ عنهم‌ التكاليف‌ الاءلهيّة‌ ومصيرهم‌ إلي‌ الجنّة‌، ولا يمسّون‌ ناراً كما تقدّم‌ نقل‌ ذلك‌ عنهم‌ في‌ تفسير سورة‌ آل‌ عمران‌ في‌ قصة‌ عيسي‌ علیه‌ السلام‌، فقصّة‌ التفدية‌ والصلب‌ إنّما سيقت‌ لهذا الغرض‌.

 وما تحكيه‌ الآية‌ من‌ قوله‌ علیه‌ السلام‌ موجود في‌ متفرّقات‌ الابواب‌ من‌ الاناجيل‌ كالامر بالتوحيد [23]، وإبطال‌ عبادة‌ المشرك[24]‌ والحكم‌ بخلود الظالمين‌ في‌ النار.[25]

 وفي‌ تفسير الآية‌ الشريفة‌ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُو´ا إِنَّ اللَهَ ثَالِثُ ثَلَـ'ثَةٍ، قال‌:

 أي‌ أحد الثلاثة‌: الاب‌ والابن‌ والروح‌، أي‌ هو ينطبق‌ علی‌ كلّ واحد من‌ الثلاثة‌، وهذا لازم‌ قولهم‌: إنّ الاب‌ إله‌ و الابن‌ إله‌ و الروح‌ إله‌، وهو ثلاثة‌، وهو واحد يضاهئون‌ بذلك‌ نظير قولنا: إنّ زيد بن‌ عمرو إنسان‌، فهناك‌ أُمور ثلاثة‌ هي‌: زيد و ابن‌ عمرو والاءنسان‌، وهناك‌ أمر واحد وهو المنعوت‌ بهذه‌ النعوت‌، وقد غفلوا عن‌ أنّ هذه‌ الكثرة‌ إن‌ كانت‌ حقيقيّة‌ غير اعتباريّة‌ أوجبت‌ الكثرة‌ في‌ المنعوت‌ حقيقة‌، وأنّ المنعوت‌ إن‌ كان‌ واحداً حقيقة‌ أوجب‌ ذلك‌ أن‌ تكون‌ الكثرة‌ اعتباريّة‌ غير حقيقيّة‌، فالجمع‌ بين‌ هذه‌ الكثرة‌ العدديّة‌ والوحدة‌ العدديّة‌ في‌ زيد المنعوت‌ بحسب‌ الحقيقة‌ ممّا يستنكف‌ العقل‌ عن‌ تعقّله‌، ولذا ربّما ذكر بعض‌ الدعاة‌ من‌ النصاري‌ أنّ مسألة‌ التثليث‌ من‌ المسائل‌ المأثورة‌ من‌ مذاهب‌ الاسلاف‌ التي‌ لا تقبل‌ الحلّ بحسب‌ الموازين‌ العلميّة‌، ولم‌ يتنبّه‌ أنّ علیه‌ أن‌ يطالب‌ الدليل‌ علی‌ كلّ دعوي‌ يقرع‌ سمعه‌ سواء من‌ دعاوي‌ الاسلاف‌ أم‌ من‌ دعاوي‌ الاخلاف‌.

 وفي‌ تفسير الآية‌ وَمَا مِنْ إِلَـ'هٍ إِلاَّ´ إِلَـ'هٌ وَ حِدٌ إلي‌ آخر الآية‌، قال‌:

 ردّ منه‌ تعالي‌ لقولهم‌ إِنَّ اللَهَ ثَالِثُ ثَلَـ'ثَةٍ، بأنّ الله‌ سبحانه‌ لا يقبل‌ بذاته‌ المتعالية‌ الكثرة‌ بوجه‌ من‌ الوجوه‌، فهو تعالي‌ في‌ ذاته‌ واحد، وإذا اتّصف‌ بصفاته‌ الكريمة‌ وأسمائه‌ الحسني‌ لم‌ يزد ذلك‌ علی‌ ذاته‌ الواحدة‌ شيئاً، ولا الصفة‌ إذا أُضيفت‌ إلي‌ الصفة‌ أورث‌ ذلك‌ كثرة‌ وتعدداً، فهو تعالي‌ أَحَدِي‌ُّ الذَّاتِ لا ينقسم‌ لا في‌ خارج‌ ولا في‌ وهم‌ ولا في‌ عقل‌.

 فليس‌ الله‌ سبحانه‌ بحيث‌ يتجزّأ في‌ ذاته‌ إلي‌ شي‌ء وشي‌ء قطّ، ولا أنّ ذاته‌ بحيث‌ يجوز أن‌ يضاف‌ إليه‌ شي‌ء فيصير اثنين‌ أو أكثر، كيف‌ ؟ وهو تعالي‌ مع‌ هذا الشي‌ء الذي‌ يراد إضافته‌ إليه‌ تعالي‌ في‌ وهم‌ أو فرض‌ أو خارج‌.

 فهو تعالي‌ واحد في‌ ذاته‌ لكن‌ لا بالوحدة‌ العدديّة‌ التي‌ لسائر الاشياء المتكوّن‌ منها الكثرات‌، ولا منعوت‌ بكثرة‌ في‌ ذات‌ أو اسم‌، أو صفة‌، كيف‌ ؟ وهذه‌ الوحدة‌ العدديّة‌ والكثرة‌ المتأ لّفة‌ منها كلتاهما من‌ آثار صنعه‌، وإيجاده‌ فكيف‌ يتّصف‌ بما هو من‌ صنعه‌ ؟

 وفي‌ قوله‌ تعالي‌ وَمَا مِنْ إِلَـ'هٍ إِلاَّ´ إِلَـ'هٌ وَ حِدٌ من‌ التأكيد في‌ إثبات‌ التوحيد ما ليس‌ في‌ غيره‌ حيث‌ سيق‌ الكلام‌ بنحو النفي‌ والاستثناء، ثمّ أُدخل‌ « مِنْ » علی‌ النفي‌ لاءفادة‌ تأكيد الاستغراق‌، ثمّ جي‌ء بالمستثني‌ وهو قوله‌ إلَهٌ وَاحِدٌ بالتنكير المفيد للتنويع‌ ولو أُورد معرفة‌ كقولنا إلاَّ الاءلَهُ الوَاحِدُ، «إِلَـ'هٌ وَ حِدٌ» لم‌ يفد ما يرام‌ من‌ حقيقة‌ التوحيد.

 فالمعني‌: ليس‌ في‌ الوجود شي‌ء من‌ جنس‌ الاءله‌ أصلاً إلاّ إله‌ واحد نوعاً من‌ الوحدة‌ لا يقبل‌ التعدّد أصلاً لا تعدّد الذات‌ ولا تعدّد الصفات‌، لا خارجاً ولا فرضاً، ولو قيل‌: وَمَا مِنْ إلَهٍ إلاَّ اللَهُ الوَاحِدُ، لم‌ يدفع‌ به‌ قول‌ النصاري‌ إِنَّ اللَهَ ثَالِثُ ثَلَـ'ثَةٍ، فإنّهم‌ لا ينكرون‌ الوحدة‌ فيه‌ تعالي‌، وإنّما يقولون‌: إنّه‌ ذات‌ واحدة‌ لها تعيّن‌ بصفاتها الثلاث‌، وهي‌ واحدة‌ في‌ عين‌ أ نّها كثيرة‌ حقيقة‌.

 ولا يندفع‌ ما احتملوه‌ من‌ المعني‌ إلاّ بإثبات‌ وحدة‌ لا تتأ لّف‌ منه‌ كثرة‌ أصلاً، وهو الذي‌ يتوخّاه‌ القرآن‌ الكريم‌ بقوله‌ وَمَا مِنْ إِلَـ'هٍ إِلاَّ´ إِلَـ'هٌ وَ حِدٌ.

 وهذا من‌ لطائف‌ المعاني‌ التي‌ يلوح‌ إليها الكتاب‌ الاءلهي‌ّ في‌ حقيقة‌ معني‌ التوحيد، وسنغور في‌ البحث‌ المستوفي‌ عنه‌ في‌ بحث‌ قرآني‌ّ خاصّ ثمّ في‌ بحث‌ عقلي‌ّ وآخر نقلي‌ّ إيفاء لحقّه‌.

 وقال‌ في‌ تفسيره‌ للآية‌ الشريفة‌: وَإِن‌ لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: تهديد لهم‌ بالعذاب‌ الاليم‌ الاُخروي‌ّ الذي‌ هو ظاهر الآية‌ الكريمة‌.

 ولمّا كان‌ القول‌ بالتثليث‌ الذي‌ تتضمّنه‌ كلمة‌ إِنَّ اللَهَ ثَالِثُ ثَلَـ'ثَةٍ ليس‌ في‌ وسع‌ عقول‌ عامّة‌ الناس‌ أن‌ تتعقّله‌ فأغلب‌ النصاري‌ يتلقّونه‌ قولاً مذهبيّاً مسلّماً بلفظه‌ من‌ غير أن‌ يعقلوا معناه‌، ولا أن‌ يطمعوا في‌ تعقّله‌ كما ليس‌ في‌ وسع‌ العقل‌ السليم‌ أن‌ يعقله‌ عقلاً صحيحاً، وإنّما يتعقّل‌ كتعقّل‌ الفروض‌ المحالة‌ كالاءنسان‌ اللا إنسان‌، والعدد الذي‌ ليس‌ بواحد ولا كثير ولا زوج‌ ولا فرد فلذلك‌ تتسلّمه‌ العامّة‌ تسلّماً من‌ غير بحث‌ عن‌ معناه‌، وإنّما يعتقدون‌ في‌ النبوّة‌ والاُبوّة‌ شبه‌ معني‌ التشريف‌، فهؤلاء في‌ الحقيقة‌ ليسوا من‌ أهل‌ التثليث‌ وإنّما يمضغون‌ الكلمة‌ مضغاً وينتمون‌ إليها انتماء بخلاف‌ غير العامّة‌ منهم‌، وهم‌ الذين‌ ينسب‌ الله‌ سبحانه‌ إليهم‌ اختلاف‌ المذاهب‌ ويقرّر أنّ ذلك‌ ببغيهم‌، كما قال‌ الله‌ تعالي‌:

 أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ إلي‌ أن‌ قال‌ وَمَا تَفَرَّقُو´ا إِلاَّ مِن‌ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن‌ رَّبِّكَ إِلَي‌'´ أَجَلٍ مُّسَمًّي‌ لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ. [26]

 فالكفر الحقيقي‌ّ الذي‌ لاينتهي‌ إلي‌ استضعاف‌ ـ وهو الذي‌ فيه‌ إنكار التوحيد والتكذيب‌ بآيات‌ الله‌ إنّما يتمّ في‌ بعضهم‌ دون‌ كلّهم‌، وإنّما أوعد الله‌ الذين‌ كفروا وكذّبوا بآيات‌ الله‌ بالخلود بالنار، قال‌: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَآ أُولَـئكَ أَصْحَـ'بُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـ'لِدُونَ. [27] إلي‌ غير ذلك‌ من‌ الآيات‌، وقد مرّ الكلام‌ في‌ ذلك‌ في‌ تفسير قوله‌ تعالي‌: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ. [28]

 ولعلّ هذا هو السرّ في‌ التبعيض‌ الظاهر من‌ قوله‌: لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ.

 أو أنّ المراد به‌ أنّ من‌ النصاري‌ من‌ لا يقول‌ بالتثليث‌، ولا يعتقد في‌ المسيح‌ إلاّ أ نّه‌ عبد الله‌ ورسوله‌ كما كان‌ علی‌ ذلك‌ مسيحيّو الحبشة‌ وغيرها علی‌ ما ضبطه‌ التأريخ‌، فالمعني‌: لئن‌ لم‌ ينته‌ النصاري‌ عمّا يقولون‌ ( نسبة‌ قول‌ الجماعة‌ إلي‌ جميعهم‌ ) ليمسّنّ الذين‌ كفروا منهم‌ ـ وهم‌ القائلون‌ بالتثليث‌ منهم‌ عذاب‌ أليم‌.

 وفي‌ معرض‌ تفسيره‌ للآية‌ الشريفة‌: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن‌ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ و صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ:

 ردّ لقولهم‌: إِنَّ اللَهَ ثَالِثُ ثَلَـ'ثَةٍ، أو لقولهم‌ هذا وقولهم‌ المحكي‌ّ في‌ الآية‌ السابقة‌: إِنَّ اللَهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، جميعاً ومحصّله‌ اشتمال‌ المسيح‌ علی‌ جوهرة‌ الاُلوهيّة‌ بأنّ المسيح‌ لا يفارق‌ سائر رسل‌ الله‌ الذين‌ توفّاهم‌ الله‌ من‌ قبله‌ كانوا بشراً مرسلين‌ من‌ غير أن‌ يكونوا أرباباً من‌ دون‌ الله‌ سبحانه‌.

 وكذلك‌ أُمّه‌ مريم‌ كانت‌ صدّيقة‌ تصدّق‌ بآيات‌ الله‌ تعالي‌، وهي‌ بشر، وقد كان‌ هو وأُمّه‌ جميعاً يأكلان‌ الطعام‌ وأكل‌ الطعام‌ مع‌ ما يتعقّبه‌ مبني‌ علی‌ أساس‌ الحاجة‌ التي‌ هو أوّل‌ أمارة‌ من‌ أمارات‌ الاءمكان‌ والمصنوعيّة‌.

 فقد كان‌ المسيح‌ علیه‌ السلام‌ ممكناً متولّداً من‌ ممكن‌ وعبداً ورسولاً مخلوقاً من‌ أُمّه‌، كانا يعبدان‌ الله‌ ويجريان‌ في‌ سبيل‌ الحاجة‌ والافتقار من‌ دون‌ أن‌ يكون‌ ربّاً.

 وما بِيَدِ القوم‌ من‌ كتب‌ الاءنجيل‌ معترفة‌ بذلك‌ تصرّح‌ بكون‌ مريم‌ فتاة‌ كانت‌ تؤمن‌ بالله‌ وتعبده‌ وتصرّح‌ بأنّ عيسي‌ تولّد منها كالاءنسان‌ من‌ الاءنسان‌ وتصرّح‌ بأنّ عيسي‌ كان‌ رسولاً من‌ الله‌ إلي‌ الناس‌ كسائر الرسل‌، وتصرّح‌ بأنّ عيسي‌ وأُمّه‌ مريم‌ كانا يأكلان‌ الطعام‌.

 فهذه‌ أُمور صرّحت‌ بها الاناجيل‌ وهي‌ حجج‌ علی‌ كونه‌ علیه‌ السلام‌ عبداً رسولاً. ويمكن‌ أن‌ تكون‌ الآية‌ مسوقة‌ لنفي‌ أُلوهيّة‌ المسيح‌ وأُمّه‌ كليهما علی‌ ما يظهر من‌ قوله‌ تعالي‌: ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي‌ وَأُمِّيَ إِلَـ'هَيْنِ مِن‌ دُونِ اللَهِ، [29] أ نّه‌ كان‌ هناك‌ من‌ يقول‌ لاُلوهيّتها كالمسيح‌ أو أنّ المراد به‌ اتّخاذها إلهاً، كما يُنسب‌ إلي‌ أهل‌ الكتاب‌ أ نّهم‌ اتّخذوا أحبارهم‌ ورهبانهم‌ أرباباً من‌ دون‌ الله‌ وذلك‌ بالخضوع‌ لها ولهم‌ بما لا يخضع‌ لبشر بمثله‌.

 وكيف‌ كان‌ فالآية‌ علی‌ هذا التقدير تنفي‌ عن‌ المسيح‌ وأُمّه‌ معاً الاُلوهيّة‌ بأنّ المسيح‌ كان‌ رسولاً كسائر الرسل‌ وأُمّه‌ كانت‌ صدّيقة‌ وهما معاً كانا يأكلان‌ الطعام‌ وذلك‌ كلّه‌ ينافي‌ الاُلوهيّة‌.

 وفي‌ قوله‌ تعالي‌: قَدْ خَلَتْ مِن‌ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، حيث‌ وصف‌ الرسل‌ بالخلوّ من‌ قبله‌ وهو الموت‌ تأكيد للحجّة‌ لكونه‌ بشراً يجوز علیه‌ الموت‌ والحياة‌ كما جاز علی‌ الرسل‌ من‌ قبله‌.

 

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ إشارة‌ إلي‌ الآية‌ الشريفة‌ 172، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن‌ بَنِي‌´ ءَادَمَ مِن‌ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَی‌'´ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَي‌' شَهِدْنَآ أَن‌ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـ'ذَا غَـ'فِلِينَ.

[2] ـ إشارة‌ إلي‌ الآية‌ الشريفة‌ 128، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌: لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَیْكُم‌ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ. والتي‌ مفادها، بلسان‌ تلك‌ الحقيقة‌ المحمّديّة‌ التي‌ أنا ترجمانها،: لقد ظهر بالفعل‌ من‌ صورتي‌ التفصيليّة‌ هذه‌ التي‌ تمثّل‌ العالم‌، جزء وحصّة‌ علی‌ صورة‌ رسول‌ كامل‌ ومكمّل‌ وإنسان‌ كلّي‌ّ وحقيقي‌ّ، وما ذلك‌ إلاّ ظهور الصورة‌ العنصريّة‌ المحمّديّة‌ في‌ سائر هذه‌ الاجزاء التفصيليّة‌ لي‌ والتي‌ تمثّل‌ أفراد البشر.

[3] ـ ولمّا جاء دور اكتمال‌ أجزاء صورتي‌ العنصريّة‌ الإنسانيّة‌ الإجماليّة‌، لم‌ تتّخذ نفسي‌ اللجاجة‌ والعناد سبيلاً بدلاً من‌ الطاعة‌، ولم‌ تسلك‌ طريق‌ التمرّد والتجرّأ، وتحقّق‌ مصداق‌ الحديث‌ القائل‌ أَسْلَمَ شَيْطَانِي‌ عَلَی‌ يَدَي‌َّ، إشارة‌ إلي‌ الحديث‌ الوارد عن‌ الرسول‌ الكريم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ الوارد في‌ موضعين‌ في‌ كتاب‌ «مشارق‌ الدراري‌ّ» بهذا اللفظ‌، في‌ ص‌ 378 و 499.

[4] ـ هذا البيت‌ والبيت‌ الذي‌ يليه‌ يشيران‌ إلي‌ كلام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌

                 كُنْتُ نَبِيَّاً وَآدَمُ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ. وهذا المعني‌ شاهد علی‌ كلام‌ رسول‌ الله‌ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ! وأشار إلي‌ السبّابة‌ والوسطي‌.

[5] ـ وخلّدتها في‌ سماء جنّة‌ آدم‌ المتّصف‌ بالخلود؛ ولهذا فقد صارت‌ أفضل‌ من‌ تلك‌ الجنّة‌ وسمت‌ بي‌ من‌ التعيّنات‌ إلي‌ الإطلاق‌، ومن‌ التركيب‌ إلي‌ التجرّد، ومن‌ الوحدة‌ إلي‌ الكثرة‌؛ وتحقّق‌ معراجي‌ نحو علیاء الذات‌ والفناء المطلق‌.

 وتشير الابيات‌ الثلاثة‌ ( 8 و 9 و 10 ) بمجموعها إلي‌ حكم‌ البيعة‌ إِنَّ اللَهَ اشْتَرَي‌' مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَ لَهُم‌ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ. (الآية‌ 111، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌).

 وتنفيذاً لحكم‌ الآية‌ المذكورة‌ « يُقَـ'تِلُونَ فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ فقد أعطت‌ نفسي‌ الجهاد حقّه‌. وأدّت‌ واجبها في‌ الجهاد الاكبر مع‌ الهوي‌ والشيطان‌ بمقتضي‌ فَيَقْتُلُونَ. وأوفت‌ بعهدها في‌ طريق‌ تحقّق‌ مستلزمات‌ وموجبات‌ السير والسلوك‌ بالانقطاع‌ عن‌ المألوفات‌، وفناء الذات‌، وفناء جميع‌ الصفات‌ باستيفائها حقّ الشهادة‌ بشرط‌ السعادة‌ والشرف‌ وذلك‌ بمقتضي‌ وَيُقْتَلُونَ.

 وخُتمت‌ بختام‌ وَعْدًا عَلَیْهِ حَقًّا فِي‌ التَّوْرَب'ةِ وَالإنجِيلِ وَالْقُرْءَانِ. ودخلت‌ في‌ ظلّ وَمَنْ أَوْفَي‌' بِعَهْدِهِ مِنَ اللَهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي‌ بَايَعْتُم‌ بِهِ وَذَ لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. (الآية‌ 111، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌).

 وعلی‌ هذا الاساس‌، فقد تجاوزت‌ مقام‌ الخطاب‌ إلي‌ آدم‌: وَقُلْنَا يَـ'´ـَادَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (صـدر الآية‌ 35، من‌ السـورة‌ 2: البقرة‌) وفـازت‌ بالدوام‌ والخلود في‌ مَادَامَتِ السَّمَـ'وَ تُ وَالاْرْضُ (الآية‌ 108، من‌ السورة‌ 11: هود): وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي‌ الْجَنَّةِ خَـ'لِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَـ'وَ تُ وَالاْرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ.

 وقد اتّخذ (الله‌) آدم‌ خليفة‌ له‌ لجهتين‌: الاُولي‌، لقوله‌ تعالي‌: إِنِّي‌ جَاعِلٌ فِي‌ الاْرْضِ خَلِيفَةً (قسم‌ من‌ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌). والثانية‌، علی‌ لسان‌ النبي‌ّ محمّد صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌، منشد أشعاره‌ وترجمانه‌، وبتقرير منه‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌، بأنّ آدم‌، في‌ حالتَي‌ الدعوة‌ والخلافة‌، نائبه‌ وخليفته‌، والانبياء والرسل‌ جميعاً هم‌ خلفاء هذه‌ الحقيقة‌ ونوّابها.

[6] ـ وعلی‌ هذا فليس‌ هناك‌ من‌ فلك‌ إلاّ وهو ظاهر ومعيّن‌ بصورة‌ مَلَك‌ من‌ النور الباطن‌ والتجلّي‌ من‌ ذاتي‌ بحكم‌ أَوْحَي‌' فِي‌ كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا، (قسم‌ من‌ الآية‌ 12، من‌ السورة‌ 41: فصّلت‌)، حيث‌ يقوم‌ ذلك‌ الملك‌ بالإشراف‌ هناك‌ علی‌ دقائق‌ وحقائق‌ كلّ عمل‌ مأمور بأدائه‌ أي‌ّ ملك‌ في‌ أي‌ّ فلك‌، ويقتصر منتهي‌ علم‌ ذلك‌ الملك‌ وغاية‌ معرفته‌ في‌ إطار إدراكه‌ لذلك‌ الفلك‌، وينعم‌ علی‌ كلّ منهم‌ بالهداية‌، ويدعوهم‌ إلي‌ غاية‌ كماله‌.

 وقد تحدّث‌ ابن‌ عبّاس‌ عن‌ حقيقة‌ هذا السرّ المكنون‌ واللغز المدفون‌ بقوله‌:

 حَتَّي‌ إنَّ فِي‌ كُلِّ سَمَاءٍ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلِي‌.

 وعلی‌ هذا فإنّ حاصل‌ معني‌ هذا البيت‌ يكون‌: مع‌ وجود صورة‌ جزئيّة‌ لي‌ في‌ كلّ فلك‌ تستمدّ وجودها من‌ نوري‌ الباطن‌، وهي‌ علی‌ صورة‌ ملك‌ في‌ ذلك‌ الفلك‌، حيث‌ إنّ سكّانه‌ من‌ الملائكة‌، وهي‌ مسؤولة‌ عن‌ حقائق‌ ودقائق‌ كلّ منهم‌، فكيف‌ بي‌ أن‌ أخضع‌ وأنا علی‌ هذه‌ الصورة‌ والصفة‌ الكلّيّة‌ التي‌ لي‌ تحت‌ حكم‌ سماء الجنّة‌ ؟!

[7] ـ أي‌ أنّ كلّ النور البسيط‌ والذي‌ يشكّل‌ الشمس‌، والمشعّ علی‌ العالم‌، والحياة‌، والبقاء، والنشوء، والنماء، إنّما هو وهج‌ من‌ محلّ طلوعي‌ وظهوري‌ وشعلة‌ منه‌، أي‌ حضرة‌ عالم‌ الوجود، حيث‌ إنّ كلّ الانوار هي‌ من‌ آثاره‌، ويستند إليه‌ حكم‌ مبدئيّة‌ وظهور وإظهار وحياة‌ وتقوية‌ كلّ العالم‌؛ وما هذا البحر المحيط‌ بالمعمورة‌ إلاّ كقطرة‌ من‌ مشرب‌ بحر علمي‌ المحيط‌ اللامحدود وغير المتناهي‌.

[8] ـ فالجميع‌ هو ظاهر صورتي‌ الإجماليّة‌ والتفصيليّة‌ هذه‌، وصولاً إلي‌ جميع‌ القوي‌ وأجزاء تلك‌ القوي‌ وكلّيّاتها وجزئيّاتها وأعراضها وجواهرها وأجسامها وأسمائها وأوصافها التي‌ هي‌ كلّها طالبة‌ ومتوجّهة‌ لكلّ باطني‌ّ والذي‌ هو مقام‌ أحديّة‌ الجمع‌ لذاتي‌. ففي‌ الاحديّة‌ الكلّ يشمل‌ الكلّ وتزول‌ عندها المغايرة‌ والغيريّة‌. وهذا الظاهر موصوف‌ بهذه‌ الصفة‌ كذلك‌؛ فكلّ شأن‌ من‌ شؤوني‌ وكلّ اسم‌ من‌ أسمائي‌ الباطنة‌ يمسك‌ بزمام‌ كلّ جزء من‌ أجزاء صورتي‌ الظاهرة‌ هذه‌، وكلّ قوّة‌ من‌ قواها، جاذبة‌ إيّاها إلي‌ ذلك‌ المقام‌ الباطن‌ حتّي‌ يصهره‌ في‌ كلّيّته‌.

فهو يبيّن‌ في‌ هذين‌ البيتين‌ الاخيرين‌ نوعيّة‌ الإحاطة‌ الذاتيّة‌ والحكميّة‌؛ فالبيت‌ الاوّل‌ يشير إلي‌ الإحاطة‌ الذاتيّة‌، في‌ حين‌ يشير البيت‌ الثاني‌ إلي‌ الإحاطة‌ الحكميّة‌.

[9] ـ يشير هذا البيت‌ إلي‌ معني‌ الإحاطة‌ المذكورة‌ في‌ الآية‌ الشريفة‌ وَاللَهُ مِن‌ وَرَآنءِهِم‌ مُّحِيطٌ (الآية‌ 20، من‌ السورة‌ 85: البروج‌). وكذلك‌ يوضّح‌ هذا البيت‌ معني‌ ومفاد العبارة‌ لَوْ دَلَّيْتُمْ بِحَبْلٍ لَهَبَطَ عَلَی‌ اللَهِ، ورد هذا الحديث‌ في‌ ص‌ 31 من‌ هذه‌ السلسلة‌ من‌ «الكلمات‌ المكنونة‌» للملاّ محسن‌ الفيض‌ الكاشاني‌ّ.

 وذلك‌ لانّ مرتبة‌ المحاط‌ تحت‌ المحيط‌ وأنزل‌ منه‌. وأنّ كمال‌ كلّ موجود نازل‌ يكمن‌ في‌ ترقّيه‌ حتّي‌ يصل‌ إلي‌ مرتبة‌ عالية‌ وأنّ هداية‌ النازل‌ وقيادته‌ إلي‌ مرتبة‌ عالية‌ وإدراك‌ تلك‌ المرتبة‌ لا يتيسّر إلاّ بمعونة‌ صاحب‌ المرتبة‌ العالية‌ ذاك‌؛ وعلی‌ هذا فمن‌ كان‌ سمو مرتبته‌ وإحاطته‌ علی‌ هذه‌ الصورة‌ وهو أن‌ يكون‌ سامياً علی‌ كلّ تحتي‌ّ وكان‌ كلّ فوقي‌ّ تحته‌، فيلزم‌ أن‌ يكون‌ كلّ محاط‌ له‌ خاضعاً وخاشعاً له‌ بجميع‌ جهاته‌.

 وهذا هو مفاد الآية‌ الشريفة‌: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ. (صدر الآية‌ 111، من‌ السورة‌ 20: طه‌).

[10] ـ وبناء علی‌ هذا، فإنّ ما تحت‌ الثري‌ والكرة‌ الارضيّة‌ هو في‌ الاعلی‌ وفوق‌ كرة‌ الاثير، وذلك‌ بسبب‌ رتق‌ وسدّ ما فتقته‌ وفتحته‌؛ أي‌ قبض‌ ما بسطتُ. وأنّ فتح‌ الاشياء المسدودة‌ والمقفلة‌ هو ظاهر سنّتي‌ ودأبي‌ وديدني‌.

 وذلك‌ لانّ جميع‌ عالم‌ المادّة‌ والطبيعة‌ الذي‌ يسمّونه‌ بعالم‌ الكون‌ والفساد، حسبما تفيد به‌ الآية‌ الشريفة‌ أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُو´ا أَنَّ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَـ'هُمَا، (صدر الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 21: الانبياء)، كانتا منضمّتين‌ ومتّصلتين‌ عند بدء خلقتهما علی‌ هيئة‌ حقيقة‌ واحدة‌ يسمّونها بالعنصر. ثمّ شكّل‌ الله‌ تعالي‌ من‌ هذه‌ المادّة‌ البسيطة‌ كلّ هذه‌ الصور والاشكال‌ والكيفيّات‌، وشقّ منها الدخان‌ والنار والتراب‌ وغير ذلك‌ وفصلها عن‌ بعضها، وألبس‌ كلّ واحد منها طبيعته‌ الخاصّة‌ به‌.

 وعلی‌ هذا، يكون‌ حاصل‌ كلام‌ ابن‌ الفارض‌ هو: لمّا كانت‌ تلك‌ الاجرام‌ المتكاثفة‌ لم‌ تزل‌ في‌ مرحلة‌ الرتق‌ والالتحام‌، كانت‌ عبارة‌ عن‌ كلاّ واحداً فوق‌ فلك‌ الاثير وتحت‌ الكرة‌ الارضيّة‌؛ فلم‌ يكن‌ هناك‌ للفوقيّة‌ والتحتيّة‌ معني‌ ولا وجود.

 ولقد كان‌ هذا الفتق‌ والبسط‌ والتمييز لذلك‌ الموجود المقبوض‌ المجتمع‌ غير المتميّز بناء علی‌ حكمتي‌، حتّي‌ يتمّ حصول‌ التمييز والفصل‌ بين‌ أصحاب‌ القبض‌؛ ويحصل‌ كمال‌ التفصيل‌، الذي‌ هو تحقيق‌ المطلوب‌، والقصد الاوّل‌ الذي‌ هو كمال‌ الاسماء المتوقّف‌ علیه‌. فالتعيّن‌ وتمييز الجهات‌ من‌ فوق‌ ومن‌ تحت‌ إنّما هما نتيجة‌ لفتقي‌ له‌ (أي‌ للعنصر الاعظم‌). ولا جرم‌ أنّ الجميع‌، من‌ فوق‌ ومن‌ تحت‌، يخضع‌ لحكمي‌، وكلُّ خاضع‌ وخاشع‌ لي‌، علی‌ مبدأ و أساس‌ خضوع‌ وخشوع‌ كلّ جزء لكلّه‌ وكلّ فرع‌ لاصله‌.

[11] ـ أي‌ لا وجود للشبهة‌ في‌ أي‌ّ جزء من‌ أجزاء صورتي‌ الإجماليّة‌ والتي‌ هي‌ عنصري‌ أنا، أو في‌ الكلّيّة‌ ونفي‌ الغيريّة‌ وكمال‌ الجمعيّة‌ لمرتبة‌ أحديّة‌ جمعي‌، لانّ التأمّل‌ في‌ هذه‌ المرتبة‌ يبعث‌ علی‌ اليقين‌، بل‌ إنّ حقيقة‌ مرتبة‌ الجمع‌ هذه‌ الخاصّة‌ بي‌ هي‌ عين‌ اليقين‌ والمزيلة‌ لجميع‌ الشبهات‌، فلا جهة‌ مبيَّنة‌ ولا بعد معيّن‌ بالنسبة‌ إلي‌ حقيقتي‌ ومرتبتي‌، حيث‌ إنّ الفوق‌ والتحت‌ والقرب‌ والبعد هم‌ سواء من‌ منظار الجمع‌، وأمّا كلمة‌ أين‌ المعيِّنة‌ والمحدِّدة‌ للجهة‌ المكانيّة‌ إنّما هي‌ لاقتضاء الفصل‌ ولزوم‌ التفريق‌؛ وعلی‌ هذا، فلا محلّ للفظة‌ (مكان‌) في‌ مرتبة‌ جمعيّتي‌.

[12] ـ أي‌ لا وجود للعدد عندي‌ ذلك‌ أنّ العدّ قاطع‌ ومميّز كما أنّ الحدّ كذلك‌ بين‌ المحدود وغيره‌. وعلیه‌ وبالمقارنة‌ مع‌ هذا، فإنّ أعداد اثنين‌ وثلاثة‌ وأربعة‌ هي‌ كالعدد (واحد) وذلك‌ في‌ مقام‌ حقيقة‌ جمعيّتي‌، وبحكم‌ سريان‌ الوحدة‌ الحقيقيّة‌ لذلك‌ وجمعيّته‌ من‌ مقام‌ أحديّة‌ جمعي‌، وشمول‌ كلّ واحد علی‌ الكلّ من‌ المقام‌ المذكور؛ ولا جرم‌ أنّ حكم‌ القطع‌ والفصل‌ والهجر والوصل‌ التي‌ هي‌ في‌ رتبة‌ الاعداد والمعدودات‌ لا يرقي‌ إلي‌ّ؛ ولا يشملني‌ في‌ مقامي‌ وحالي‌ هذين‌ حكم‌ الزمان‌ والوقت‌ واللذان‌ يُستدلاّن‌ علیهما بكلمة‌ متي‌.

 لانّ متي‌ والزمان‌ هما في‌ مقامي‌ بمثابة‌ شرك‌ في‌ حقّ من‌ يُعيّن‌ الوقت‌ ويحدّده‌. ونسبة‌ الزمان‌ إلي‌ّ تفصلني‌ عمّا هو قبل‌ وبعد.

[13] ـ أي‌ لا مثيل‌ ولا نظير لي‌ في‌ العالمينِ (الدنيا والآخرة‌) يقوي‌ علی‌ هدم‌ ما بنيت‌؛ أو تنفيذ أمر لي‌ بإذنه‌.

 وإذا كان‌ هناك‌ شريك‌ لي‌ في‌ الجوهر والحكم‌ والمرتبة‌ يوافقني‌ علی‌ أحكام‌ الإيجاد أو يخالفني‌ فيها فذلك‌ يوجد الافتقار، فيكون‌ وجود أكثر من‌ واحد غير ممكن‌، وأنّ الغني‌ الحقيقي‌ّ هو من‌ موجبات‌ ذاته‌؛ فأ نّي‌ للافتقار أن‌ يجد طريقه‌ إليه‌ ؟

[14] ـ أي‌ لا ضدّ ولا معاند لي‌ في‌ العالمينِ، الظاهر والباطن‌، ولا تجد تفاوت‌ في‌ الخلقة‌ بين‌ المخلوقات‌! مَا تَرَي‌' فِي‌ خَلْقِ الرَّحْمَـ'نِ مِن‌ تَفَـ'وُتٍ، أي‌ أ نّه‌ مبدئيّاً، لا فرق‌ بين‌ الموجودات‌ في‌ إيجادها ومنحها الوجود.

                 فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَي‌' مِن‌ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ، (الآيتان‌ 3 و 4، من‌ السورة‌ 67: الملك‌).

[15] ـ وبان‌ منّي‌ ومن‌ مقام‌ جمعيّتي‌ ما وضعتُ عَلَی‌ّ، وألبستُ وجودي‌ ما خلعتُ عَلي‌ّ من‌ خلعة‌ ورجعتْ إلي‌ّ بدايات‌ جميع‌ الاُمور فكنتُ غاية‌ الامر ومنتهاه‌ وآخره‌.

 وظهر عَلَی‌ّ كلّ مظهر وصورة‌ ممّا ألبسته‌ علی‌ باطني‌، وظهرتُ بتلك‌ الصور في‌ مظاهر المثال‌ والحسّ، أي‌ أنّ الصور والمظاهر الحسّيّة‌ هي‌ منّي‌ كذلك‌، ولا يمكن‌ للمظهر أن‌ يكون‌ إلاّ الظاهر. وعاد إلي‌ّ كلّ ما هو ابتدائي‌؛ فكنتُ هُوَ الاْوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظَّـ'هِرُ وَالْبَاطِنُ (صدر الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 57:الحديد) و مِنْهُ بَدَأَ وَإلیْهِ يَعُودُ (مقتبس‌ من‌ الآية‌ 29، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ).

[16] ـ وشاهدتُ في‌ ذاتي‌ سجود الملائكة‌ لآدم‌ (و هو عنوان‌ مظهري‌ وصورتي‌ الكلّيّة‌) وخضوعهم‌ وخشوعهم‌ له‌ بمقتضي‌ الآية‌: اسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا (الآية‌ 34، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌).

 فعلمتُ علم‌ اليقين‌ أ نّني‌ أنا آدم‌، وأنّ سجودهم‌ إنّما كان‌ لي‌ أنا، والساجدون‌ أيضاً هم‌ أنا.

 وسجدتُ سجدة‌ صوريّة‌ لصوري‌ الكلّيّة‌ وجمعيّتي‌ وذلك‌ علی‌ أساس‌ بعض‌ من‌ صور صفاتي‌ وجزئيّتي‌، من‌ حيث‌ إنّ المظاهر هي‌ عين‌ الظاهر في‌ شهود وجودي‌ الاتمّ والاكمل‌ ذاك‌.

[17] ـ وشاهدتُ عياناً ملائكة‌ الارض‌ الروحانيّين‌ والقوي‌ السفليّة‌ في‌ عين‌ الروحانيّة‌، ونظرت‌ من‌ علی‌ العرش‌ والكرسي‌ّ أنّ ملائكة‌ السماوات‌ وأعلی‌ علّيّين‌ قد تساووا كلّهم‌ معي‌ في‌ الرتبة‌ والمقام‌، من‌ حيث‌ إنّ الصور والمظاهر ليست‌ إلاّ ذاتاً واحدة‌؛ وهم‌ جميعاً متساوون‌ وأكفّاء علی‌ أساس‌ المظهريّة‌.

 «ديوان‌ ابن‌ الفارض‌ المصري‌ّ»، ص‌ 119 إلي‌ 121، من‌ التائيّة‌ الكبري‌، 23 بيتاً (من‌ البيت‌ رقم‌ 455 إلي‌ البيت‌ 477 )، الطبعة‌ الاُولي‌، دار العلم‌ للجميع‌؛ ومجموع‌ أبيات‌ التائيّة‌ المذكورة‌ في‌ هذه‌ الطبعة‌ هو 768 بيتاً. والطبعة‌ الثانية‌، دار صادر ـ بيروت‌، ص‌ 89 و 90، (من‌ البيت‌ رقم‌ 455 إلي‌ 476 ) ومجموع‌ أبيات‌ هذه‌ الطبعة‌ هو 761.

 والجدير بالذكر أنّ شرح‌ أبيات‌ ابن‌ الفارض‌ هذه‌ بالعربيّة‌ والفارسيّة‌ قد وردت‌ في‌ كتاب‌ «منتهي‌ المدارك‌» لسعيد الدين‌ الفرغاني‌ّ، المطبوع‌ في‌ مصر، سنة‌ 1293 ه، بتصحيح‌ محمّد شكري‌ أوفي‌. ووردت‌ هذه‌ الابيات‌ في‌ ج‌ 2، ص‌ 29 إلي‌ 43 منه‌، من‌ رقم‌ 451 إلي‌ 474.

 وقد ورد شرح‌ هذه‌ الابيات‌ بالفارسيّة‌ في‌ كتاب‌ «مشارق‌ الدراري‌ّ» المطبوع‌ سنة‌ 1398 ه من‌ قبل‌ منشورات‌ «انجمن‌ فلسفه‌ وعرفان‌ اسلامي‌» (مجمع‌ الفلسفة‌ والعرفان‌ الإسلامي‌). وقد تضمّنت‌ الصفحات‌ من‌ 374 إلي‌ 393 شرح‌ هذه‌ الابيات‌.

[18] ـ جاء في‌ «أقرب‌ الموارد»: اجْتَلَي‌ الشَّي‌ءَ اجْتلاَءً: نَظَرَ إلیْهِ.

[19] ـ البيت‌ 99، من‌ نظم‌ السلوك‌.

[20] ـ «مصباح‌ المتهجّد» ص‌ 558، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[21] ـ «ديوان‌ ابن‌ الفارض‌» القصيدة‌ الميميّة‌، في‌ الطبعة‌ الاُولي‌: ص‌ 43 و 44؛ وفي‌ الطبعة‌ الثانية‌: ص‌ 142 و 143.

[22] ـ الآيات‌ 73 إلي‌ 79، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[23] ـ «إنجيل‌ مرقس‌» الإصحاح‌ 12: 29، (التعلیقة‌).

[24] ـ «إنجيل‌ متّي‌» الإصحاح‌ 6: 24، (التعلیقة‌).

[25] ـ «إنجيل‌ متّي‌» الإصحاح‌ 13: 50، 25: 31 إلي‌ 47، (التعلیقة‌).

[26] ـ الآيتان‌ 13 و 14، من‌ السورة‌ 42: الشوري‌:

 شَرَعَ لَكُم‌ مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّي‌' بِهِ نُوحًا وَالَّذِي‌´ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَ هِيمَ وَمُوسَي‌' وَعِيسَي‌'´ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَی‌ الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَهُ يَجْتَبِي‌´ إِلَيْهِ مَن‌ يَشَآءُ وَيَهْدِي‌´ إِلَيْهِ مَن‌ يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُو´ا إِلاَّ مِن‌ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيَـا بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن‌ رَّبِّكَ إِلَي‌'´ أَجَلٍ مُّسَمًّي‌ لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَـ'بَ مِن‌ بَعْدِهِمْ لَفِي‌ شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ.

[27] ـ الآية‌ 39، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[28] ـ الآية‌ 98، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[29] ـ قسم‌ من‌ الآية‌ 116، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com